فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 04:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-16-2007, 05:39 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان

    مزيد من التأملات في المسألة الأخلاقية: ملف الفساد وأزمة النخبة الإسلامية في السودان
    د. عبدالوهاب الافندي
    تصاعد الجدل في الأوساط السودانية مجدداً حول الفساد المدعوم رسمياً عقب قيام ثلاث صحف سودانية في أواخرالشهر الماضي بنشر تفاصيل حسابات مصرفية أجنبية قالت انها لثلاثة قياديين في الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحليف الرئيسي لحزب المؤتمر الوطني في حكومة الوحدة الوطنية التي تتولي الأمور حالياً في البلاد. ولا شك أن نشر هذه الوثائق التي كشفت عن أن هذه الحسابات احتوت علي عشرات الملايين من الدولارات لم يكن خبطة صحافية تحققت بجهد الصحف المذكورة، خاصة وأنها نشرت بالتزامن. والمؤكد أن جهات رسمية، وتحديداً أمنية، هي التي زودت الصحف بهذه المعلومات التي تكشف بدورها عن تعاون أمني مع السلطات الكينية التي يبدو أن لها بدورها حسابات تود تصفيتها مع أصحاب هذه الحسابات.
    وبخلاف ما حدث في نهاية السبعينات حين تسربت أخبار عن أن قائد الجيش في جنوب السودان وقتها وزعيم التمرد السابق الجنرال جوزيف لاغو أودع مليوني دولار غير معروفة المصدر في حساب خاص في الخارج، فإن القوي السياسية في الجنوب لم تطالب بتحقيق في الأمر، ولم توجه الاتهام لمن وردت أسماؤهم في التقرير بالفساد والثراء الحرام، مما يشير إلي أن ما أتاه القوم كان يتم بموافقة وتواطؤ كامل من أعلي المستويات في الحركة الشعبية وحكومة الجنوب. الحركة الشعبية قالت إن الوثائق مزورة واتهمت الحكومة بالابتزاز، مطالبة بتحقيق شامل في الفساد بالبلاد تتولاه رئاسة الجمهورية. ويبدو أن المقصود من هذا المطلب هو نفس المقصود من نشر البيانات عن الحسابات المفترض فيها السرية، ألا وهو ابتزاز وإسكات الطرف الآخر. فقيادات الحركة الشعبية تعرف أن ما تتهم به الحركة الشعبية من فساد لا يبلغ معشار ما يتهم به شريكها في الحكم، وعليه فإن الأمر يشبه بالدعوة إلي التستر المتبادل في شكل تهديد بالفضح المتبادل.
    الحديث عن كشف الفساد والمفسدين وفتح ملفات التحقيق يكون ذا مغزي في الحال التي يكون فيها الفساد حالات معزولة، يكون الهدف الأول والأخير منها الإثراء الشخصي. ولكن الأمر يختلف حين يكون الفساد المزعوم جزءاً من بنية النظام أو سياسة حزبية. وفي حال كل من الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، فإن حالات الفساد المتفشي ليست من هذا النوع الهامشي، وإن كان هذا الفساد بدوره يزدهر في ظل الفساد المنهجي المدعوم رسمياً. أما الفساد الذي يستحق الاهتمام، والمتمثل في قبض العمولات وتوجيه العطاءات والعقود والوظائف للمحسوبين والمقربين، فلا يعتبر في عرف القائمين فساداً، بل واجباً وطنياً وحزبياً، وجهاداً في سبيل القضية، حتي حين يستفيد الفرد ويثري شخصياً من أداء هذا الواجب، لأن هذا من الابتلاءات كما تقول النكتة الدارجة.
    بالنسبة للحليفين الحاكمين فإن مثل هذه الابتلاءات أصبحت ضرورة أملتها الخيارات التي اتخذت في السابق، خاصة المتعلقة بالحرب. قيادة وتنظيم حركة تمرد مسلحة ليس بالأمر اليسير، خاصة وأن مثل هذه الحركة تواجه القيام بواجبات الدولة (من إعداد وتسليح الجيوش والإدارة والعلاقات الدولية والخدمات) دون أن تكون لها موارد الدولة أو مشروعيتها. وإذا كان هناك اعتقاد شائع تنقصه الدقة بأن حرب الجنوب كانت تكلف الحكومة مليون دولار في اليوم، فإن الحركة الشعبية كانت بالقطع تحتاج إلي عشرات الملايين من الدولارات لإدارة حربها التي استطالت عقدين من الزمان، بدون أن تكون لها موارد سوي ما تجود به الدول الحليفة أو يأتي من أنشطة اقتصادية معظمها غير مشروعة. ومن هنا كان لا بد من إقامة بنية تشرف علي النشاط الاقتصادي المطلوب لدعم العمل السياسي، وهي بنية لا بد أن تعتمد السرية والتخفي، كما أن العاملين عليها في هذه الحال ينالهم نصيبهم من الفوائد الشخصية.
    ومن الممكن أن يقال ان المؤتمر الوطني لم يكن في حاجة إلي الالتجاء إلي مثل هذه الأساليب، لأن وجوده في قيادة الدولة يكفيه مؤونة هذا الأمر. فالدولة هي التي تمول الحرب من مواردها، والدولة أيضاً توفر الوظائف لكوادر الحزب. ولكن الحزب اختار عامداً أن يحتفظ بما يمكن أن يقال انه دولة موازية، تتمثل في قوات الدفاع الشعبي، وبعض الأجهزة الأمنية السرية، وبعض المؤسسات شبه السرية ذات الطابع المزدوج (تجمع بين الطابع السياسي من جهة، والطابع التجاري أو الخيري أو حتي الدبلوماسي من جهة أخري). ويعتبر الحزب أن مثل هذه الهيئات والمؤسسات والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها هي عمق استراتيجي ، تساعد الحزب علي تشديد قبضته علي الدولة، وعلي استقطاب الدعم السياسي، وفي أسوأ الظروف صمام أمان وخط دفاع أخير إذا تعرضت قبضة الحزب علي الدولة إلي تهديد ما.
    قيادات المؤتمر الوطني لديهم إيمان بالمعجزات السياسية التي يمكن أن يصنعها المال يتفوق أحياناً علي إيمانهم بالمعجزات السماوية. ولهم في تهافت قيادات حزبية كثيرة وقبائل من الطبقة المثقفة علي موائدهم السلطانية ما يعزز عندهم هذه العقيدة. ولكن هذه العقيدة القارونية أقرب إلي الخرافة منها إلي الحقيقة، إذا لوصدقت لكانت الولايات المتحدة لا تواجه معارضاً واحداً في العراق بعد أن أنفقت هناك في ثلاث سنوات أضعاف كل ما أنفقه حكام السودان منذ أيام بعانخي إلي اليوم. ويزيد المسألة تعقيداً أن القوم ينفقون المال علي أنفسهم وعلي من أذعن لهم، ويسرفون في ذلك، مما يجعل المال سبباً للنقمة عليهم لا العكس. ولو اتبعوا سنة العمرين في إيثار الغير علي النفس لربما كان الأمر مختلفاً.
    هناك سؤال أعمق يتعلق بأخلاقيات التعامل مع المال العام والعلاقة بين المال والسياسة، وهي معضلة تواجه حتي الديمقراطيات الراسخة مثل بريطانيا التي تواجه هذه الأيام فضيحة تتعلق بتمويل الأحزاب. حكومة العمال الحالية جاءت إلي السلطة في عام 1997 بتعهدات مغلظة بالتمسك بنظافة اليد في الحكم بعد فضائح متتابعة واجهها حزب المحافظين تتعلق بالعلاقة غير البريئة بين الحزب وبعض أصحاب المصالح المالية. ولكن حزب العمال وجد نفسه مضطراً بدوره لممالأة أصحاب المال، بدءاً من امبراطور الإعلام روبرت ميردوخ، ومروراً بمن هم أقل جاهاً وثراءً ممن وضعت تبرعاتهم السخية الحزب وزعيمه اليوم في قفص الاتهام بدعوي توزيع مقاعد مجلس اللوردات وغير ذلك من الألقاب الشرفية علي هؤلاء المتبرعين مقابل ما يجودون به للحزب.
    هذا بدوره يقود إلي سؤال آخر أعمق حول علاقة السياسة بالأخلاق، وهو سؤال طرح منذ أيام ابن خلدون مروراً بنيكولو ماكيافيلي وتوماس هوبز، وكان موقف هؤلاء أن السياسة عالم له منطقه الخاص به الذي لا يمكن إخضاعه لمعايير الدين أو الأخلاق. وقد تطور هذا الموقف في الممارسة الديمقراطية الحديثة والعلوم الاجتماعية المرتبطة بها إلي حل وسط، يعترف بأن السياسة هي ميدان صراع المصالح وتوازن القوي، ولكنها يجب أن تكون محكومة بحد أدني من القيم تتم صياغتها في شكل دساتير أو قوانين أو مواثيق دولية لحفظ حقوق الفرد أو التعايش بين الدول والجماعات. هذا مع وجود فجوة في كل المجتمعات بين القيم المعلنة والتطبيقات المتبعة علي أرض الواقع، تصغر في المجتمعات المستقرة التي يسودها الرخاء، وتكبر في المجتمعات التي تفتقد الاستقرار والتوافق بين قطاعاتها.
    الانهيار المتكرر للديمقراطية في السودان جاء تحديداً من هذه الفجوة، خاصة فيما يتعلق بتقاذف تهم الفساد، خاصة فيما يتعلق بتوزيع المناصب بدءاً من رئاسة الدولة فما دونها علي المحاسيب وأفراد أسر الزعماء بدون مراعاة لأبسط قواعد الكفاءة مما نال من شرعية الحكم. ولكن الفساد المنهجي بلغ حداً غير مسبوق في العهد الحالي، وأصبح جزءاً من التركيبة البنيوية لعمل السلطة. ويعود استمرار وتفشي الفساد إلي أن شريكي الحكم غير ملتزمين بالديمقراطية كمنهج، ويعتمدان خطة شبه عسكرية للعمل السياسي تعتمد علي المناورة ونصب الكمائن، والتعامل مع الدولة (سواءً في الشمال أو في الجنوب) لا كمسؤولية ووديعة تجب إدارتها بإحسان قبل إعادتها إلي أصحابها، وإنما كغنيمة يراد الاستئثار بها إلي الأبد.
    هذا الوضع يخلق تحديات من نوع خاص أمام مهمة استعادة الديمقراطية والشفافية في السودان، لأن التصدي لهذا الواجب سيعتبر عملاً عدائياً من أطراف السلطة، رغم الشعارات المضمنة في الدستور واتفاقية السلام. وفي ظل ما ذكرناه من ضلوع أطراف المعارضة في أشكال متنوعة من التواطؤ مع الفساد والمفسدين في داخل السودان وخارجه، وفي الحكم وخارجه، فإن التحدي يزداد صعوبة بسبب ضعف طرح المعارضة وعجزها عن طرح أنموذج مغاير في ممارستها وخطابها.
    المأساة في كل هذا هي ربط الفساد بالأجندة الإسلامية لدي الرأي العام، وهي قناعة يعززها سكوت الإسلاميين عن الفساد وغيابهم عن ساحة المواجهة معه، مع ولوغ الكثيرين من المحسوبين علي التيار الإسلامي في أوحاله بحيث لم يتنزه عن ذلك إلا من عصم ربك أو من حرم وهو راغب. ولا يعتبر لب المشكلة هنا ما أشار إليه د. التجاني عبدالقادر من تحالف مريب بين قيادات الإسلاميين ورجال المال والأعمال، إذ لو كان الأمر كذلك لما اختلفت القضية عن ما يحدث في كل البلدان الرأسمالية من تحالف بين الأحزاب المحافظة والمصالح المالية، أو ما كان معهوداً في السودان من تحالف القطاع التجاري مع الحزب الاتحادي الديمقراطي. فمثل هذا التحالفات لا غبار عليها ما دامت شفافة، وما دام أصحاب المال يكسبونه من الحلال ولا يستخدمونه لإفساد النظام والإضرار بمنافسيهم.
    ولكن الأمر هنا تجاوز ذلك إلي أن الدولة أصبحت تصنع طبقة جديدة من الرأسماليين صناعة، وهي طبقة أثرت عن طريق الدولة بترتيبات لم تكن شفافة ولا عادلة، ومن شأن تعميمها أن يدمر أسس الحياة الاقتصادية السليمة. فحتي في النظم الرأسمالية التي تعتمد الاقتصاد الحر، بل تحديداً في هذه الدول، فإن الشفافية والمنافسة الحرة، وعدم تدخل الدولة مباشرة لمصلحة طرف ضد آخر هي من أهم دعائم النظام الاقتصادي.
    إذن هناك في تصرف القطاع الأوسع من النخبة الإسلامية ما هو أكبر أثراً وأشد خطراً من مجرد تبني النهج الرأسمالي، لأن تبني النهج الرأسمالي يعني خروج الدولة من السوق، لا أن تصبح بابه الأوحد. هناك تواطؤ في نهج ليس الافتتان بالرأسمالية أكبر آثامه. ولا شك أن سكوت الإسلاميين عن هذه القضية، بل وتواطؤهم وانتفاعهم منها، يشكل خيانة لقيم الإسلام ومنهجه، ويدخل في باب الصد عن سبيل الله، لكونهم قدموا أنفسهم للعالم علي أنهم دعاة النهج الإسلامي والأمناء عليه. وهذا يعني أن تصرفاتهم تنعكس بالضرورة علي كل من ينادي بتطبيق المنهج الإسلامي، حيث سيقال له: لم تقولون ما لا تفعلون؟
    وهذا حديث يطول، ولنا إليه عودة إن شاء الله.
    9القدس العربيى 15/1/2007

                  

01-16-2007, 06:18 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    الراى العام

    الاثنين15يناير2007

    رداً على دكتور التيجاني عبدالقادر

    العسكريون الإسلاميون أجراء أم شركاء في سلطة الانقاذ؟.. (2)

    بقلم : د. امين حسن عمر

    ذكرنا آنفاً أنه لا يسع أحد أن ينفي التفاوت في الرؤية بين العسكريين والمدنيين رغم الاتفاق التام حول مقاصد التحرك الذي تم في صبيحة الثلاثين من يونيو . وما يستشف من تلميحات الدكتور التجاني ان ذلك التفاوت قاد إلى سعي متصل من المجموعة المدنية إلى محاولة دحرجة العسكريين تدريجياً خارج السلطة بينما يتمترس القادة العسكريون في مواقعهم في السلطة. ولاشك أن هذه الصورة تحول الخلاف في التقديرات والرؤى إلى صراع عارٍ حول السلطة والرئاسة . وبينما لا يسع أحد أن ينفي تماماً أن الصراع على السلطة كان أحد أسباب النزاع إلا ان كل الوقائع والدلائل تشير إلى أن أسباباً أخرى أكثر أهمية كانت حاضرة في كل مرحلة من مراحل النزاع ، ثم إن النزاع لم يعد بين مجموعة العسكريين والمدنيين بل بين فريق وفريق ورؤية ورؤية أخرى وهذا الفرز لم يأخذ وضعه النهائي إلا في المراحل المتأخرة من المنازعة بين الطرفين .

    وقد وضع الدكتور التجاني افتراضاً ثم بنى سائر الاستنتاجات بصورة كلية وقطعية على هذا الافتراض . والافتراض هو أن الدكتور الترابي الطامح في نيل الترشيح للرئاسة قد انتقل بالتفاوت في وجهات النظر من مرحلة الخلاف إلى مرحلة النزاع وذلك بقيامه بخطوة دحرجة الأستاذ علي عثمان محمد طه من موقع نائب الأمين العام لعدم مسايرته لخطة دكتور الترابي في ازاحة العسكريين خارج السلطة . وهذا التصوير فيه كثير من المبالغة التي تصور الأمر في أجواء بلاط ميكافيلي وفيه قلة انصاف للطرفين .

    ولكي أبرهن أن الأمر لم يكن تماماً على الوجه الذي أشار إلية دكتور التجاني لابد من الإشارة إلى وقائع عديدة . أولها أن التفاوت في وجهات النظر بين الدكتور الترابي ونائبه علي عثمان محمد طه لم يكن وليد الإنقاذ بل سبق الإنقاذ وبرز ابان حكومة الوفاق الوطني على عهد الأحزاب . وقد كان الأستاذ علي عثمان ضد المشاركة مع الأحزاب بسبب غموض التزامها تجاه قضية الشريعة، وضعفها إزاء ضغوطات الحركة الشعبية والضغوطات الخارجية، وكانت مجموعة مقدرة تؤيد هذا الرأي واغلبهم من الشباب و العسكريين الذين كانوا من بعد الأداة الرئيسة للتحول لنظام الإنقاذ . ولكن التفاوت في الرأي بين الأستاذ علي عثمان والدكتور الترابي لم يكن يظهر للعيان:

    أولاً: لتأدب علي عثمان المفرط في التعبير عن آرائه فلا يبدو كالمعترض وان بدا كالمخالف .

    ثانياً :لان ثقة الدكتور الترابي في مقدرات علي عثمان وفي ولائه كانت اكبر من أن تهزها الخلافات في التقديرات .

    وظلت هذه الثقة ممتدة حتى بلوغ النزاع مرحلته العليا . وأذكر أن الدكتور الترابي في لحظة من لحظات الشفافية التامة (وقلما تتوافر الشفافية التامة لدى السياسيين رغم حديثٍ كثير حولها ) ذكر لي أن عشر سنوات من الحكم العسكري تكفي وأن تغييراً في شكل القيادة السياسية لابد منه . وأن التغيير يقتضي تحريكاً يصبح الرئيس به قائداً للحزب السياسي ويكون علي عثمان هو الوجه المدني لحكم الإنقاذ . ولم أعتقد يومئذ أن الدافع لهذا النوع من التفكير هو الرغبة في دحرجة البشير خارج السلطة . ولا أزال أعتقد أن نظرية دحرجة العسكريين خارج السلطة لتولي الدكتور الترابي الرئاسة نظرية خاطئة . فلم يكن الدكتور الترابي يسعى للمنصب واعتقد أنه بذكائه السياسي يعلم أن تسلمه للمنصب سيجعل الأمر صعباً عليه وعلى الإنقاذ على حدٍ سواء . وقد كان ذلك هو تقدير غالبية قيادة وقاعدة الحركة الاسلامية . ولكن الدكتور الترابي كان يريد نظاماً مدنياً واجهته مدنية يشارك فيه العسكريون بمناصب محدودة بعد تخليهم عن الزي العسكري والعصبية العسكرية، وأن يكون للبشير دوره في رئاسة الحزب وان يكون ذلك كله تحت حراسة الحركة الإسلامية . ويمكن لمن لا يثق بدوافع الدكتور الترابي أن يفسر ذلك بمحاولة الترابي وضع جميع مقاليد الأمور تحت يده باسم الحركة الإسلامية . وربما كان ذلك شعور جميع الذين خالفوه الرأي وقد كانت نقطة الخلاف الرئيسة هي أنهم يرون أن الدكتور الترابي يريد أن يكون السلطة فوق السلطة والرئيس فوق الرئيس . وقد نقلت له هذه الرؤية في حوار في منزله بالمنشية وبحضور الأخ يس عمر الأمام وكنت يوم ذاك أعاني من مرارات حمى الملاريا ، نقلت له أن الذي يغضب الرئيس ظهور الدكتور بمظهر السلطة فوق الحكومة فقال لي إن الحركة الإسلامية بالفعل هي فوق الحكومة فهي التي جاءت بالحكومة . قلت له إن ذلك كان صحيحاً قبل الانتخابات أما بعد الانتخابات فإن الرئيس لم يشترط على الناخبين أنه سيعمل فيهم برأي الحركة الإسلامية، وقلت ان الانصياع لأوامر الحركة الإسلامية المتمثلة في أوامر أمينها العام.. قال رئاسة الحركة الإسلامية رئاسة مؤسسة فوق الفرد فما المشكلة؟ قلت له إن العلماء والساسة جميعاً لم يقولوا بإمام فوق الامام ورئيس فوق الرئيس، قال لي حينها لقد أرسلناك إلى أمريكا لدراسة العلوم السياسية ثم ها أنت تتحدث بفقه الماوردي . وأضاف شيئاً يدل على عدم سعادته بالحوار (لابد أن الملاريا طلعت في الرأس فالأفضل لك أن تنشد بعض الراحة) .

    لاشك عندي ان الدكتور الترابي كان راغباً في وضع زمام الأمور بيده لان ذلك وحده في تصوره يضمن ولاية الحركة الإسلامية على مشروع الإنقاذ . وأن المشروع لن ينحرف فجأة او تدريجياً عن مساره المرسوم . وليس صحيحاً أنه سعى لترشيح نفسه نائباً للرئيس ليكون ذلك خطوة باتجاه الرئاسة بعد اكمال البشير لدورته . وصحيح انه ذكر أن البعض رشحه قال ذلك عرضاً للرئيس وربما ليبدو متنازلا عن الموقع حتى يضمن موافقة الرئيس على ترشيح علي الحاج نائباً للرئيس . والدكتور الترابي كان يصرح دائماً أن تقديم شخص من دارفور لمنصب رفيع يضمن ولاء دارفور للحركة الإسلامية . وكان يكرر دائماً أن بدارفور قوة بشرية كبرى وان كل حركة سياسية بحاجة إلى أن تكسب تلك القوة البشرية . وأن المهدي أصاب حين استعان بأهل دارفور وان دارفور حاضرة اليوم في الخرطوم وفي شرق السودان كما هي حاضرة في غرب السودان ولكن خصوم الترابي لم يروا في تقديم علي الحاج إلاّ تقديماً للرجل الموالي للترابي الذي لم يجهد نفسه أبداً في إظهار أي ولاء لغير الترابي ولو كان ذلك الرئيس الذي كان يعمل وزيراً تحت إمرته . وقد حدثني الرئيس في لحظة ضيق أيام مفاوضات ابوجا أنه أي - علي الحاج - الذي يأخذ معه الهاتف الفضائي التابع للرئيس لا يكلف نفسه بمهاتفة الرئيس مرة واحدة . وانه يتلقى أخبار المفاوضات من مكتب د. الترابي . ما من شك أن الدكتور الترابي كان يعلم جيداً أن قبول الرئيس بالدكتور علي الحاج نائباً له كان أمراً مستبعداً . وكانت خطة الترابي هي وضع الرئيس أمام خيار التحفظ على ترشيح الترابي ثم التحفظ على ترشيح علي الحاج وقد رأى أن ذلك قد يشق عليه . والذي يدرك شخصية الرئيس يعلم ان هذا التكتيك كان ليجدي مع الرئيس البشير لولا أن مشقة التعايش مع علي الحاج كانت اكبر من كل حرج في التحفظ على الترابي ثم التحفظ على مرشحه . ولا اعتقد ان الدكتور الترابي كان يرغب حقيقة في منصب نائب الرئيس . وقد ذكر لي ذلك عندما اخبرني أن بعض إخوانكم رشحوه لنيابة الرئيس وان ذلك لن يكون . واعتقد أنه من قبيل الاستهانة بذكاء عقل كبير مثل عقل دكتور الترابي أن يقال انه كان يتوقع أن يقبل الرئيس وأن يعينه نائباً له فالأمر لا يعدو إذاً محاولة المضي شوطاً آخر باتجاه مؤسسة الرئاسة بشخص ولاؤه الأول للدكتور الترابي لا لشخص آخر أو ربما لقناعة راسخة لدى الدكتور الترابي ان تمثيل دارفور في رئاسة الجمهورية سوف يعزز كسب الحركة الإسلامية في تلك المنطقة، وأياً كان التفسير الذي يذهب إليه محسنو الظن أو مسيئوه بالدكتور الترابي فإن الأمر الراجح لدي أن المسألة لم تكن مسألة صراع على منصب الرئاسة لا ولا منصب نائب الرئيس.

    نواصل



                  

01-22-2007, 12:10 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    الدكتور عبد الوهـــــاب الأفندي لـ ( الرأي العام ):

    الاسلاميون

    حكموا بلا خطة ... ويفكرون (حسب الظروف ) !

    حوار: سلمى التيجاني

    الدكتور عبد الوهاب الأفندي المفكر الإسلامي والأستاذ بجامعة ويستمينستر بلندن ومنذ أن أصدر كتابه ( الثورة والإصلاح السياسي ) يبدو وكأنه قد قرر أن يقول كل شئ ويمارس النقد الذاتي للحركة الإسلامية وتجربتها في الحكم وبالصوت العالي ... بدأ مؤخرا الحديث عن خطط الإسلاميين للحكم بعد إنقلاب يونيو 89 و اكتشف مؤخرا كذلك عدم وجود خطة محددة وواضحة ومتفق عليها أو قد تكون موجودة لكنها مكتوبة بالحبر السري ... نناقشه في هذه الأفكار ... وتداعياته تكشف الكثير :


    --------------------------------------------------------------------------------

    + دكتور عبد الوهاب متى اكتشفت أن الحركة الإسلامية لا تملك خطة لحكم السودان ؟

    - أنا حقيقة قلت إنه لا توجد لدى الإسلاميين خارطة طريق أو خطة عامة معلنة ومعلومة لأنني سألت عنها ... نعرف في نهاية الأمر أنه لا بد من العودة للديمقراطية ولا بد من الإستعداد لذلك ... كنا نريد معرفة الخطوات التي ستتخذ لأنهم برروا الإنقلاب بمذكرة الجيش الشهيرة في فبراير 1989 والمعارضة كانت مسلحة وتملي بقوة السلاح على الناس ... في ذلك الوقت قيل إن الأغلبية مسلمة في السودان وسيختارون التوجه الإسلامي وأن الديمقراطية والإسلام في تصالح . كنا ننتظر الخطوات التي ستعمل لتحقيق هذا الغرض ولم أجد إجابات إما تهرباً من الإجابة أو إعطاء كلام نظري ليس له محتوى عملي ... فإذا كانت هناك خطة غير معلنة فهي مثلها مثل عدم وجود الخطة لأنها كاللغة التي لا يفهمها إلا شخص واحد

    + إذن أنت تتحدث عن خطة موجودة لكن لا يعلمها إلا قلة

    - قد تكون موجودة لكنهم الآن مختلفون ... الخطة تقول إن مجلس قيادة الثورة يستقيل ولم يحدد الوقت ثم يستلم الترابي الحكم لكن المؤتمر الوطني ينفي ذلك ... خطة مثل هذه مثل عدمها .. إذا اختلف الشخصان كيف نحدد..؟

    + وماذا يقول المؤتمر الوطني عن خطته ؟

    - حسب معرفتي أن المؤتمر الشعبي هو الذي يقول بوجود خطة لكن المؤتمر الوطني لم يتحدث عنها كثيرا

    + يعني ذلك أن المؤتمر الوطني يحكم بخطة ليست بيده؟

    - الآن هم متهمون من الشعبي بخروجهم عن الخطة وتصرفهم كما يحلو لهم وقد تكون لديهم خطة لكنها غير واضحة حتى داخل المؤتمر الوطني ... ثانياً: هم الآن دخلوا في إتفاقات ملزمة وتجُبُ ما قبلها وألغت خطتهم إن وُجدت ... والخطة الآن حسب إتفاقية السلام التي تعيد الأمر للشعب في انتخابات .

    من وجهة النظر العامة أن يعود الأمر للشعب لكن من وجهة نظر الإسلاميين - إذا كان المؤتمر الوطني يمثل الإسلاميين - وجاءت الإنتخابات بشخص آخر ما هي خطتهم ... وما هي خطتهم لكسب الإنتخابات ... يحتاجون لتحالفات ولعمل ... إذا فشلوا في الإنتخابات هل سيصبحون معارضة ... الإتفاقيات لم تتحدث عن ضمانات إذا أصبحوا في المعارضة . المؤتمر الوطني الآن يحكم في العاصمة والولايات ولديه شركات ومؤسسات مال ولديه سلطة وإذا سقط سيفقد السلطة والمناصب ومن يأتي بعده قد يقوم بتطهير في مؤسسات الدولة فهل هم مستعدون لذلك وإذا وُوجهوا بالسقوط هل سيقومون بإنقلاب آخر ؟

    + أتميل لتوقع الخسارة في الإنتخابات ؟

    - أتوقع خسارتهم لأسباب واضحة ... إذا لحظتي موقف الشارع تجاههم ليس مشجعا ... أنت انفردت بالسلطة استأثرت بالمال والمناصب وكسبت عداء الآخرين ... أي تنظيم يحتفظ بالسلطة لسنوات كثيرة الشارع سيمله حتى هنا في أوروبا ...الحكومة ارتكبت ظلامات في حق الناس وتعجرفت وسيتم دفع ذلك في صندوق الإقتراع فهم لم يعملوا لمواجهة استحقاقات الديمقراطية وتصرفوا بطريقة تضر بوضعهم الإنتخابي . حتى في أوساط الإسلاميين هناك شعور بعدم الرضا وهو وضع لن يؤدي لإعادة انتخابك مرة أخرى ... يحتاجون الآن لمراجعة وضعهم والقيام بمصالحات مع بعض الجهات التي لديها مشاكل معهم

    + من تقصد بهذه الجهات ؟

    - للصف الإسلامي نفسه... هناك من الإسلاميين من يقف في المنتصف ليس هنا أو هناك ... حزبا الأمة والإتحادي والمواطنون الذين تعرضوا لمضايقات ومشاكل اقتصادية بسبب سياسات الدولة والخطاب الحكومي ينكر وجودها أو التسبب فيها ... يحتاجون الإعتراف بها وشئ من الحساسية لمعاناة المواطنين وعمل سياسي وعلم بنبض الشارع فالواضح من خطاب الحكومة أنها لا صلة لها بالشارع .

    + لنفترض خسارة المؤتمر الوطني للإنتخابات القادمة ما هي توقعاتك للأوضاع حينها ؟

    - هذا حساب لم يحسبوه يعتقدون أنهم قاموا بترتيب حالهم وهذا جزء من خداع النفس ... سيستخدمون المال وتكتيكات أخرى ... لكن لو تخيلوا الخسارة لأعدوا خطة للإصلاح .

    قد يفكروا في إفشال الإنتخابات أو عمل إضطرابات أو أي شئ آخر لكنهم لن يرحبوا بخسارتهم وهذا من أخطر الأشياء التي أتوقعها ... كان عليهم الحصول من القوى السياسية الأخرى على ضمانات بعدم الملاحقة يتم تضمينها في إتفاقات مكتوبة كما حدث في جنوب أفريقيا فقد اتفقوا على العفو وعلى نسيان ما مضى مقابل أن يعترف كل من ارتكب خطأ أمام لجنة للمصالحة ومن لا يعترف يحاكم...

    + وما هو الأسوأ ؟

    - لا أتخيل جهة تسيطر على 70% من السلطة إذا وجدت نفسها في موضع خسارة ولديها مسلحون وتسيطر على الجيش والأمن أن تقول مع السلامة وتذهب إلى بيتها ... لا أعتقد أن هذا سيحدث.

    + ربما انشغل المؤتمر الوطني بمشكلات البلاد الكثيرة ولم يستعد بوضع خطة للإنتخابات.

    - لا، هم يستعدون ولكن على طريقتهم ... منذ دخولهم للحكم لديهم طريقة للعمل السياسي تعتمد على نظام الصفقات إما شخصية أو جماعية أو قبلية أو حزبية ويعتقدون أنهم بذلك يضمنون ولاء قطاع كبير من الرأي العام السوداني وأنهم هم الحكومة في الولايات ولديهم أوراق كثيرة وزعماء القبائل لا خيار لهم غير ذلك لكن الولاء لحكومة شئ والولاء لحزب شئ آخر ... أغلب هؤلاء ولاؤهم يكون لحزب الأمة والإتحادي لكنهم لا يريدون تضييع مصالحهم فقط . وأنا لا أثق في كل هذه الصفقات ... هذه الشخصيات التي انضمت للحكومة خسرت بتأييدها للحكومة، مثلا مبارك الفاضل خسر ... والحكومة لم تعطهم نفوذاً كافياً للإحتفاظ بالولاء التقليدي الذي كانوا يجدونه وفي النهاية أُبعدوا من الحكومة فهم بذلك خسروا مرتين .... والأحزاب الصغيرة التي انضمت للحكومة اصبحت لا هنا ولا هناك ... لذلك أقول إن الولاءات التي تجمعها الحكومة حولها ليست مضمونة في حالة السيولة التي يمر بها السودان الآن .

    + هل السودان موعود بخارطة سياسية جديدة بعد الإنتخابات ؟

    - من الواضح أن الولاءات الجهوية هي العامل الأهم ... التمزق السياسي والضربات التي وُجهت للأحزاب الكبيرة أدت لان يكون لكل جهة ولاء لجهتها ... دارفور مثلا حتى الأحزاب الكبيرة لن تكسب مثل الماضي ستكون هناك منظمات إقليمية في الشرق والغرب والشمال والجزيرة والجنوب كلها ستتجه للإقليمية وستنشأ تحالفات ولن يكون هناك كسب مطلق ... الحركة الشعبية إن استمرت في وحدتها مع المؤتمر الوطني لن تتحالف معه في الإنتخابات وقرنق عبَر عن ذلك وقال إنهم سيدخلون في تحالفات حتى يتمكنوا من حكم الجنوب ... الحكومة حاولت انتزاع تعهد من الحركة الشعبية بالتحالف في الإنتخابات لكن الحركة تركت خياراتها مفتوحة ... فالحركة الشعبية تضمن أكثر من المؤتمر الوطني الحصول على مقاعد كثيرة في الجنوب وبالمقابل لن يحصل المؤتمر الوطني في الشرق والغرب على أغلبية ونسبة الـ«52%» التي يتمتع بها الآن لن يحصل عليها ربما يتحصل على 30% أو 35% وربما أقل من ذلك ولن تحصل الحركة الشعبية على أكثر من 20% والباقي يتوزع بين الأحزاب .

    كل الأحزاب ستتحالف ضد المؤتمر الوطني لأنها تشعر الآن بأن المؤتمر استأثر بكل شئ وأنها تريد استرداد حقها ...كل ذلك إذا قامت إنتخابات وكانت نزيهة.

    * ولماذا لا تقوم الإنتخابات ؟

    - قد تؤجل وقد تحدث اضطرابات أو مشاكل أو قد يتفق طرفا الحكم على عدم قيام انتخابات.

    * أتريد أن تقول إن الإسلاميين وضعوا أنفسهم في هذا الموقف الحرج لعدم إمتلاكهم لخطة يحكمون بها وبالتالي يأتون بها لصناديق الإقتراع ؟

    - كانت لديهم ملامح عامة لكن كل شئ يتم التفكير فيه حسب الظروف ... مثلا موضوع شكل الحكم بعد الإنقلاب ... هل تستمر حكومة عسكرية أم يحكم حزب واحد؟...

    الخطة الأولى حاول تنفيذها الترابي عندما كان في السجن فعرض على الميرغني والصادق المهدي توحيد الأحزاب الثلاثة وتوليها للسلطة مع ابتعاد زعمائها الثلاثة عنها، لكن المهدي والميرغني توقعا أن يستأثر الترابي بكل شئ لوجود كوادر مؤهلة معه فرفضوا العرض ...ثم جاء التفكير في المؤتمر الوطني في صورته الأولى فقد كان لا هو حزب ولا هو لا حزب يشبه اللجان الثورية ... كانوا يفكرون وهم ماشين وهذا التفكير كان مغلقاً على دائرة صغيرة وكان لديهم دوائر خاصة ( يضحك ) أفترض ذلك لكن معظم أعضاء التنظيم لا علم لهم بهذا الحوار ...

    مثلا أقول لك هذه الحادثة : كنت في لندن في السفارة السودانية وجاءنا العميد عثمان حسن أحمد مسئول القطاع السياسي وجاءنا خبر أن مؤتمرا سينعقد بالخرطوم لمناقشة شكل النظام السياسي فسألته عن ذلك فاستغرب وقال إنه المسئول وإنه لم يعط أمرا بهذا وشكك في صحته ... واتضح أن المؤتمر تم الترتيب له من وراء مسئول القطاع السياسي فكما قلت لك بعض المسئولين كانوا لا يعرفون ما يجري فما بالك بأمثالنا ... هناك حلقة معينة تحدد في هذه الأمور وأحيانا لا تشاور المسئولين .

    + دعنا نتحدث عن الجنوب ... هل أيضا لم تكن توجد خطة لحل مشكلة الجنوب ؟

    - سبع سنين أحاول معرفة الخطة لحل مشكلة الجنوب ... كان الحديث عاماً عن التمسك بالوحدة وأن تحريك الأسلمة في الجنوب هو جزء من الحل لكن لم تكن لدينا خطة طويلة المدى وأنا كنت في الوفد المفاوض تفاجأت بالدكتور علي الحاج وهو المتحدث باسم الوفد في أبوجا الثانية وهو يقول لنا إننا لم نأت هنا لتوقيع إتفاق مع قرنق عندها احتج الدكتور حسين أبو صالح وقال له لماذا لم تخبرونا بذلك وعندما وافق علي الحاج على بعض القضايا في المفاوضات واجهته الحكومة بإنتقادات شديدة .

    + الدكتور أبو صالح لم يكن عضواً بالحركة الإسلامية لكن أنتم هل كنتم خاليي الذهن ؟

    - الحكومة كان لديها فهم محدد لكننا لم نكن نعرفه ... بعد سبع سنوات أخبرني أحدهم بعدم وجود خطة لحل مشكلة الجنوب ... الجيش لديه خطة ومكتب الجنوب لديه واحدة وكذلك منظمة الدعوة وهيئة الإغاثة الإسلامية وكل يعمل لوحده بسياسة منفصلة بدليل أن الحكومة وقعت إتفاقاً مع رياك مشار وعندما انشق عنه فاولينو ماتيب توقع مشار أن تقف معه الحكومة لكن اتضح أن للجيش خطة منفصلة فقام بضم فاولينو وقواته له.

    يوجد اضطراب وعدم تناسق في المواقف ولا توجد هيئة تنسق بين كل الأطراف .

    + وجاء اتفاق السلام بالجنوب بلا خطة واضحة من الإسلاميين ؟

    - نعم ... جاء من غير خطة ... علي عثمان وعلي الحاج طرحا على قرنق مشاركة السلطة وتقاسمها منذ أبوجا الثانية لكن الحركة الشعبية رفضت بحجة تحالفها مع القوى الشمالية الأخرى ثم إن الحكومة حينها كانت معزولة بالداخل و محاصرة دولياً وبذلك ستخسر الحركة الشعبية الدعم الدولي ... وحتى الأسس التي تريد الحكومة الإتفاق عليها مع الحركة لم تكن معروفة في حين طرح قرنق أسسه وهي تشبه ما تم الإتفاق عليه في نيفاشا بأن تنفرد الحركة الشعبية مدنيا وعسكريا بحكم الجنوب ويحكم المؤتمر الوطني في الشمال وتطبق الكونفيدرالية ويقسم السودان إلى خمسة أقاليم الشمال والجنوب والشرق ودارفور والوسط الذي يضم الجزيرة وكردفان والخرطوم ... وتتكون حكومة ضعيفة من رئيس وزراء تتناوب في توليه الأقاليم الخمسة ورئيس جمهورية شرفي ... وهو طرح لتقسيم السودان رفضت الحكومة العرض في ذلك الوقت لكن الإتفاق جاء قريبا منه.

    + الوضع في دارفور يختلف عن الجنوب فالحكومة ورثت مشكلة الجنوب من حكومات سابقة لكن مشكلة دارفور تفجرت وهي موجودة وبالتالي تختلف معالجتها للأزمة عن الجنوب ... هل يمكن أن نلاحظ هذا الإختلاف في خطة الحكومة لمعالجة مشكلة دارفور ؟

    - دارفور لم تكن بها مشكلة ... المشكلة صُنِعت في دارفور ... في التحضير لإنتخابات 86 كان علي الحاج يقول إن 50% وربما أكثر من مقاعد دارفور ستذهب للجبهة الإسلامية التخبط هو الذي أدى لوجود مشكلة في دارفور وكتبت عن عبقرية الحكومة في صنع الأزمات لكنني لم أتخيل وجود مشكلة بهذا الحجم والكارثية ... كانت توجد مشاكل قديمة لكن من أول إنجازات الحكومة أنها حسَنت الأوضاع في دارفور وعقدت مؤتمراً للمصالحات وقام الدكتور الطيب إبراهيم محمد خير بحملة ضد قطاع الطرق وتحقق أمن بمستوى معقول هناك لكن بعد ذلك حدثت تطورات أخرى بسبب الصراعات الداخلية وضيق الأفق . استراتيجية الحكومة في دارفور هي السيطرة بالقوة ... ولا يدخلون في محاولات تفاهم مع أية جهة ... والسبب الوحيد في عدم وجود مشاكل بالولايات الأخرى هو عدم وجود قوى إجتماعية متبلورة مثل ما يوجد في الجنوب والغرب والشرق ... لكن وفقا لسياسة الحكومة كان يجب وجود مشاكل في كل السودان لكنهم في دارفور ارتكبوا مشاكل أكبر .

    * طريقة إدارة الأزمة مع المجتمع الدولي ووجود رؤية واضحة أكان سيقلل من درجات تفاقم الأزمة ؟

    - من المؤسف هناك خلط بين الشعارات والسياسة ... الحكومة تفتكر أن المجتمع الدولي هو أمريكا وأن أمريكا تتآمر عليها ... هناك فرق بين أن تقول هذه الشعارات للرأي العام وأن تصدقها ... أمريكا دعمت نيفاشا وضغطت على قرنق ونصحتهم بإخلاص في التعامل مع دارفور بحكمة وسرعة لأن لديها مصلحة في استمرار ونجاح نيفاشا لأنهم ساهموا فيها خاصة وأنهم كانوا مقبلين على انتخابات ويريدون تقديم السلام في دارفور كإنجاز ... لم تكن هناك مؤامرة ومما يؤسف له أن للحركة الإسلامية كوادر واعية ومستنيرة لكن الخطاب مشكلة في حد ذاته و ساذج من يخلط بين التعبوي والتحليلي ولا توجد قدرة لفهم سبب ما حدث للمجتمع الدولي تجاه دارفور وعدم فهم للآليات التي تحرك السياسة في الدول الكبرى ... فالتعامل كان مستواه متدنياً لا يليق بحركة بمستوى الحركة الإسلامية ولا يتناسب وإدارة شئون الدولة .

    * قضية حفظ الأمن والقوات الدولية إفراز آخر إحتاج لإدارة ولخطة..

    - الحكومة حكّمت صوت العقل وقبلت بطرح الأُمم المتحدة ... السباق كان بين الحل الثالث والرابع ... الثالث طرحته الأمم المتحدة وهو مزيج بين مقترح السودان بالتمسك بالقوات الدولية وبين طرح القوى الكبرى التي تريدها قوات أممية ... الآن تسمى هجيناً وفي نهاية الأمر هي إعطاء دور للأمم المتحدة ودعم لعملية السلام وتحويلها لأُممية ... الحل الرابع هدد به بلير وبوش وقالا إذا لم تقبل الحكومة بالثالث سيتم حظر طيران في دارفور ويتم عمليا فصل دارفور عن السودان كما حدث في كردستان العراق . وبالنسبة لي فلن يكون هناك حل ما لم يتم الإتفاق على حل سياسي يُدخل كل قوى دارفور في السلام وبعد ذلك تصبح مظلة حفظ السلام لمساعدة الفرقاء على الإستمرار في عملية السلام كما حدث في الجنوب ... فالقبول بالقوات خطوة عاقلة وتستحق الترحيب وإن جاءت متأخرة .

    + لكنها أدخلت الحكومة في ورطة إذ كيف تبرر قبولها بهذه القوات بعد طول رفض ؟

    - رفضها للقوات هو الذي يحتاج لتبرير ... الحكومة كانت قادرة على حل المشكلة إذا سارعت بإتفاق مع الفصائل الأخرى وتتولى كل القوى السودانية مهمة حفظ الأمن والسلام ... فوجود جهة أجنبية هي إعلان لفشل السودانيين ومؤسف أن نكون محتاجين «لحجّاز»..!!
                  

01-23-2007, 05:02 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    الضوء

    رمية على حوارات النخب الإسلامية

    فرق كبير بين مشروع الحركة الإسلامية ومشروع الترابي

    على الرئيس أن يفكر جيداً في رجال المرحلة الجديدة

    يجب على الحركة الإسلامية أن تقرأ أحداث الصومال جيداً


    ئالراى العام
    22/1/2007
    بقلم علي اسماعيل العتباني

    Email : [email protected]



    ... انشغلت النخب الاسلامية في الاسابيع الماضية في متابعة الحوار الجاد الذي ابتدره الأخ الدكتور التجاني عبدالقادر.. واهتم الناس بهذا الحوار لأسباب موضوعية منها أن د. التجاني يعد من أهم قيادات الحركة الاسلامية التي برزت في السبعينات، حيث أصبح مسؤولاً عن الحركة الاسلامية بجامعة الخرطوم.. ثم عن الحركة الاسلامية بالمملكة المتحدة.. ثم كان رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم وكان من قيادات مجلس الشورى.. وكثيرون لا يعرفون ان للتجاني قدماً راسخاً في فهم تاريخ الحركة الاسلامية وخياراتها. وهو الذي جعل أطروحته للدكتوراة في معهد الدراسات الشرقية والافريقية في لندن تدور حول الحركة الاسلامية، ثم انه كان من القيادات التي يُعوّل عليها.

    وبما ان الله سبحانه وتعالى أبى إلا ان يكون كتابه كاملاً، فإن كل صاحب قول يؤخذ من قوله ويُرد.. وأن الحقائق ستوجد مبثوثة في ثنايا الحوار ابتداء من المقالات التي برزت قبل ذلك أو تلك التي ستأتي بعد هذا.. والمطلوب من هذه المقالات إحداث نوع من الحراك سواء على مستوى الذاكرة أو العقول.. كما ان الحوار سيبدد غواشي النسيان.. وفوق ذلك فإن مبدأ الجرح والتعديل والتسديد يؤدي الى بروز الحقائق والعبر. ولذلك يجب ان لا نخاف من الحوار.. فالحوار كما قلنا مراراً كلمة مباركة وقرآنية وردت أكثر من مرة في القرآن الكريم. وتذكرنا السيرة بأن النبي صلوات الله وسلامه عليه حاور امرأة وأظهر الله سبحانه وتعالى الحق على لسانها. (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) «المجادلة - آية 1».

    وطالما ان الأمر كذلك، رأينا أن نسدد رمياً في هذا الحوار ولا تغشانا مظنة أن كلامنا هو الحق كل الحق كما أنه من المؤكد لن يحمل الباطل كله.

    ونبدأ بالسؤال.. هل الاستراتيجيات سواء أكانت تلك التي سميت بالتمكين أو ما بعد التمكين.. ووصول الحركة الاسلامية الى السلطة.. يمكن ان نطلق عليها أنه منهج الحركة الاسلامية أم منهج الدكتور الترابي.. وهل يمكن ان يطلق على الإنقاذ مشروع الحركة الاسلامية أم مشروع د. الترابي.

    وفرق كبير بين مشروع الحركة الاسلامية الذي هو ملك لكل إبداعات وإسهامات الحركة الاسلامية النابع من مجلس شوراها، وبين مشروع الدكتور الترابي الذي يظل مشروعاً لشخص واحد مهما كانت قدراته وذكاؤه وعبقريته.

    وبهذا فإن هذا القلم يفترض أنه منذ العام 1989م ووصول الحركة الاسلامية للسلطة أصبح هناك مشروع للترابي وليس مشروعاً للحركة الاسلامية.. وأن ذلك جاء نتيجة لحيثيات كثيرة.. وهي تتماهى مع التمويه الذي صاحب الحركة الانقلابية.

    *********

    سؤال جوهري

    وهنا نطرح سؤالاً جوهرياً: هل كانت هناك ضرورة الى أن يذهب الدكتور الترابي الى «الحبس» الاختياري الملتبس تلك المدة الطويلة.. وهل كانت هناك ضرورة للتمويه؟.. والتمويه على مَنْ؟.. على العالم الخارجي ام على قادة المشروع الاسلامي.. أم على مَنْ؟.. ونتابع لنقول إنه بعد خروج الترابي من محبسه الاختياري برز أول منشور أو ورقة داخلية صاغها الدكتور الترابي بنفسه بعنوان «نحو حركة إسلامية».. وفي هذه الورقة أو المشروع سلب الدكتور الحركة الاسلامية أهم مشروع لها وهو «السلطة».

    وجعلها مجرد جمعية روحية وخيرية، وسجنها في ما هو دون السياسة.. بحيث جعل همها ينحصر في المرأة والشباب والعمل الخيري والاتحادات الطلابية.. ثم وفي هذا الظرف الحرج تم توزيع المصاحف على أهم قيادات الحركة الاسلامية بحجة إفساح المجال أمام الشباب.. ولكن إفساح المجال للشباب صاحبه كذلك انتقاء غير عادل وبلا مؤشرات موضوعية.. حيث تم تصعيد بعض الشباب على حساب البعض.. ثم تجنب قيادات مثل الدكتور الطيب زين العابدين والدكتور التجاني عبدالقادر وغيرهم كثيرون.. بل أن شخصاً كداؤود بولاد فقد السيطرة على نفسه وذهب لينضم الى معسكر قرنق. وفي هذه الفترة ظهرت أشياء غريبة وعجيبة كانت تحجب وكانت تحتاج الى مراجعات.

    فمع التمويه الذي لا يشبه الحركة الاسلامية طُلب من بعض القيادات أن لا يأتوا الى السودان بحجة أن الأمور لم تستقر بعد كالأخ المرحوم أحمد عثمان مكي وعثمان خالد مضوي وعلي الحاج.

    بل ان التمويه والخداع ببناء حقائق غير سياسية زائفة لم يقف فقط على الحبس الاختياري للدكتور الترابي لنفسه في السجن ومعه بعض القيادات والإيعاز الى بعض القيادات أن لا تأتي من الخارج وتوزيع المصاحف على بعض القيادات الأخرى..

    بل ان ذلك تم أيضاً حتى داخل مؤسسات الحركة الاسلامية، حيث تم حل الحركة الاسلامية في ملابسات غريبة.. فمجلس الشورى المنتخب للحركة لم يجتمع.. وإنما وزعت الدعوات على ثلاثة منازل متفرقة ولمجموعات مختلفة وتم اخبارهم بأن الحركة الاسلامية انتهي دورها وأنه لابد من بناء حركة اسلامية جديدة.. يكون «60%» من أعضائها من الخارج و«40%» من الأصلاء.. وان هذه الخطوة مهمة لأن العسكريين الاسلاميين قد جاءوا أو برزوا ولابد ان يدخلوا مجلس الشورى الجديد.. علماً بأنهم بعد تكوين مجلس الشورى الجديد لم يكونوا طرفاً فيه باستثناء بعض العسكريين المختارين بعناية شديدة، ولم تكن لهم نسبة مقدرة توازي جهدهم وشراكتهم في صنع الواقع الجديد أو صيانته. كما انه بعد ذلك لم تجتمع الحركة الاسلامية أبداً بحجة الخطر الأمني.

    *********

    سجن معنوي

    أي أنه بعد لحظة انتصار الحركة الاسلامية وفي لحظة وصولها الى السلطة ونزولها الى الشارع وبروزها لقيادة العمل السياسي تم سجنها في سجن «معنوي»، وتم إخطار أعضائها بأن لا يجتمعوا بحجة الدواعي الأمنية. ثم تم حل الحركة الاسلامية في ثلاثة اجتماعات متوازية ولمجموعات مختلفة. ثم جاء التمويه الطويل في بناء المؤتمر الوطني.. حيث كان أول أمين عام للمؤتمر الوطني هو العقيد حسن حمدين.. وفي ظننا أنه لم يتم اختيار الأخ حسن لأنهم يريدون تصعيد الشباب أو إبراز قيادات جديدة، ولكنه نوع من «التمويه» بحجة «شاهد ما شافش حاجة» أو بحجة أن هذا التنظيم مبرأ من الحركة الاسلامية.. أو لطمأنة العسكريين أنهم جزء من المعادلة السياسية.. ثم جاء بعده الشفيع احمد محمد الذي ظل أميناً عاماً بالانابة إلى أن أصبح د. غازي صلاح الدين أميناً عاماً.

    ولكن الأمر الآخر المهم هنا هو بداية تبلور مشروع الترابي وليس مشروع الحركة الاسلامية. فالترابي لم يكن يريد قيادة حقيقية للمؤتمر الوطني.. كان يريد قيادة وهمية يمثل هو مرجعيتها الأساسية.. كان يريد مسميات وأسماء سرعان ما ينساها الناس.. كان يريد رجال مرحلة يصعدون ثم يحرقهم وقت ما يشاء الى أن يتم البنيان ثم يخرج من «الخلوة» الى «الجلوة».. باعتباره المخلص.. وباعتباره رجل المشروع الأوحد.. وباعتبار أن اللعبة الأخيرة في ذهنية الدكتور الترابي هي احتلال ذروة المشروع.

    ولذلك جاء بعضهم بالتزييف، وباللف والدوران وبالتزوير.. ولذلك أبعد الرجال الأقوياء من أصحاب القدرات.. حتى رجل مثل المرحوم الشيخ مبارك قسم الله والذي بشق الأنفس وحينما أطيح به من منظمة الدعوة الاسلامية أصبح الأمين العام لمجلس السلام وبصلاحيات وزير دولة وبدعم من نائب الرئيس الشهيد الزبير محمد صالح. ونحن نعلم انه في تلك المرحلة انطبق على أمناء المؤتمر الوطني ما انطبق على أعضاء مجلس الثورة الذين أعفوا وحل مجلسهم ويذكر اعضاء مجلس الثورة ذلك الآن.. وما قاموا به.. وأصبح الترابي هو الذي يدير الأمور كلها في الداخل.. حتى القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس بكتابة تاريخ السودان وكون له لجنة برئاسة بروفيسور يوسف فضل والدكتور أبوسليم عمل الترابي على تجميده لأنه لم يخرج من عنده.

    *********

    مسلسل طويل

    إذاً فالدكتور الترابي ومنذ أن اعتلى سدة الأمور بعد مسلسل التمويه الطويل جمد التطور السياسي كله واستعان بعدد من الشباب ليس إيماناً بهم لأنه حتى في اختياره للشباب كانت انتقاءات معينة ولأغراض مدروسة تتصل بالولاء له شخصياً.. وكان حينها يصرح بأن المرحلة مرحلة الـ (Activist) وليس (Ideologist) أي المفكرين. وكان ذلك استعداداً للخروج من «الخلوة» الى «الجلوة».

    إذاً مشروع الحركة الاسلامية أصبح مشروع «الترابي».. والحركة الاسلامية أصبحت مجرد «منصة» للإنطلاق.. وأصبح الترابي يتحدث عن شيوخ الطرق الصوفية وشيوخ القبائل.

    وفي هذا الإطار كان الترابي يريد ان يكون رأس النظام الرئيس البشير، رجل مرحلة مثله مثل مرحلة أعضاء مجلس قيادة الثورة.. ومرحلة أمناء المؤتمر الوطني.. ومرحلة المجلس الوطني الانتقالي.. وكان كل ذلك يتم ويستخدم له كل شيء من تزوير للإنتخابات والتمويه واستخدام المال، وكان كله جائزاً. لأنه جزء من منهج التمكين لمشروع الترابي وليس مشروع الحركة الاسلامية.

    ولكن.. الرئيس البشير كان هو «الأشطر».. وهو الأذكى والأحذق.. إذ واجهه بذات رجاله في مذكرة «العشرة».. ومذكرة العشرة التي طبخت في مركز الدراسات الاستراتيجية، وكان من رجالها وزير الدولة للدفاع السابق ووزير الدفاع السابق وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة السابقين ومدير الأمن السابق. لذا نقول إن الرئيس البشير ارتكز في النهاية على شوكته العسكرية باعتبارها صمام الأمان، واستخدم في نزاعه مع الترابي ذات شبابه وسكرتاريته الذين صعّدهم وكانت الرسالة في ذلك واضحة.

    وبدا واضحاً ان الذين يحاصرون الترابي ليسوا العسكريين بل هم الذين انتقاهم الترابي وصعّدهم..

    ونعم صحيح، ما عاد أحد يتذكر مذكرة العشرة ولا أبطالها لأنهم لم يكونوا أصحاب مشروع.. ولكن من المؤكد ان مذكرة العشرة مثلت بداية لسجال طويل.. كان قد ابتدره البروفيسور إبراهيم أحمد عمر بمذكرة فردية للمكتب القيادي للمؤتمر الوطني قبل عام من ذلك.. طالب فيها المكتب القيادي بتوحيد القيادة وان يتبرأ من ازدواجية القيادة.

    *********

    قائد متمرس

    أما الجديد في مذكرة العشرة ان الرجال الذين كانوا حول الترابي تبرأوا منه وانحازوا لصاحب الشوكة والقوة ، وتخلوا عن شيخهم وكان هذا هو المطلوب. وصحيح ان مذكرة العشرة لم تمثل ثورة أو تجديداً أو تغييراً وإنما كان من نتائجها الأساسية تأكيد موازين الرئيس وإنهاء الازدواجية وتأمين وضعية من يرفضه الترابي في عهد قادم.

    وكما يقول ابن خلدون فما من خاتم إلا ويحتاج الى صنائع.

    ومهما يكن فإن هذه الدروس مستفادة من تجربة الخمسة عشر عاماً المنصرمة التي انعدم فيها الحوار ولم يبرز فيها الحوار الداخلي إلا بعد ان استبانت السبل.

    وهنا لجأ الدكتور الترابي مرة اخرى للتمويه. حينما أراد تقليص صلاحيات الرئيس في الدستور الجديد الذي أعده هو ولم يمض عليه العام، فطرح ورقة التعديلات الدستورية التي أراد بها اصطناع منصب رئيس وزراء وجعل الصلاحيات لمجلس الوزراء بدلاً من صلاحيات الرئيس وافتعاله بذلك معركة وكأنها بين الحقوق المدنية ضد الدكتاتورية، وما كانت كذلك.

    فالدكتور الترابي في تلك المعركة أراد أن ينقذ تاريخه وأن يجد منصة إنطلاق اخرى بعد ان تم تدمير المنصات كافة التي يرتكز عليها. ولجأ الى التمويه من جديد. ولكن.. كل ذلك لم يعد عليه بجديد.

    إذاً، من خلال هذه التجربة برز الرئيس البشير كقائد متمرس واكتسب خبرات عديدة.. وأصبحت له مهارات وعلاقات دولية وعلاقات سياسية أهلته لأن يصبح أكثر رجال السودان معرفة بالسودان، ومعرفة بالسياسة الاقليمية والدولية.. ويكفي أنه الآن رئيس للجامعة العربية وبعد اسبوع من المؤمل ان يكون رئيساً للإتحاد الافريقي كما أنه رئيس للمجموعة الكاريبية الباسيفيكية.. وأصبح شخصية دولية.

    بل أن طرحه الآن يتجاوز كل أطروحات المعارضة.. وأطروحات بعض القوى الهشة داخل المؤتمر الوطني التي كانت تتحدث عن الطريق الثالث.. وعن أنهم لا يستطيعون مواجهة المجتمع الدولي ولا قبل لهم بالتصدي لمخططاته. ولكن الرئيس البشير استطاع ان يواجه كل ذلك، ويكشف المعارضة وكيف أنها تريد ان تعود للحكم بأية «تذكرة» وبأية «بطاقة» حتى لو كانت بطاقة القوات الدولية أو «تذكرة» إسرائيل، هذا من ناحية.

    ومن ناحية اخرى فإن المرحلة المقبلة في السودان لا يمكن ان يقودها إلا «عسكري». لأن كل الذين يتزاحمون الآن على السلطان والوظائف السياسية وعلاقات السلطة والثروة ليسوا هم القوى السياسية والأحزاب إنما القوى العسكرية.

    فالفريق سلفا كير هو عسكري جاء بشوكة الحركة الشعبية وبنادقها وبالتدخلات الخارجية.. واركو مناوي جاء كذلك بالضغط الخارجي وبالبندقية.. وكثير من تضمهم مائدة مجلس الوزراء الآن جاءوا كتعبير عن قوة عسكرية.. وفي مثل أوضاع كهذه.. وشرذمة كهذه.. وقوى كهذه.. يبقى لا مناص من أن يكون الرئيس البشير هو أساس المرحلة.. وأن يكون الجيش هو صمام أمان المرحلة.. كما ان الجيش الآن يلتف حول الرئيس البشير.. وأي خطأ في الحسابات أو أية محاولة لتجاوز الرجال في هذه المنطقة يعتبر قفزة في الظلام.

    كما ان الرئيس البشير هو الذي يتحلق حوله الآن الالتفاف الشعبي.. والبيوت والوجاهات الدينية والطرق الصوفية ورجال القبائل.

    إذاً، البشير هو رجل المرحلة.. ولذلك يجب ان تقرأ الحركة الاسلامية ما حدث في الصومال جيداً.. وأنه ليس هناك حركة اسلامية مؤهلة دون شوكة ودون قوة.. ودون قيادة لها قدرات يمكن ان تقود هذه المرحلة.

    إذاً، بدون تمويه وبدون لف أو دوران وبدون خلط للحسابات بالحديث عن تداول السلطة وتغيير القيادة فإنه في المرحلة القادمة لا مجال لقائد غير الرئيس البشير.

    ولكن ذلك يستوجب على الرئيس البشير ان يفكر جيداً في المشروع الجديد.. وأن يفكر جيداً في رجال المرحلة الجديدة.. وأن يفكر في توسيع المواعين.. وعليه إذا جاءت الانتخابات أو حتى قبلها ان يستعد لها بوجوه جديدة وبقدرات جديدة وبطاقات جديدة
                  

01-23-2007, 06:22 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    فى أدب المـــعـــارضــة والـــــحــــــگـــم
    أرسلت في 9-4-1427 هـ من قِبَل -
    اخبار اليوم 6/5/2006ش

    الانتقال من السلطة للمعارضة لا يعنى التنكر للمسؤولية والامانة
    حديث د. الترابي عن البترول اريد به الفتنة
    موسي يعقوب
    يقولون عن المعارضة في البلاد الديمقراطية إنها «حكومة الظل» أي تتمتع بذات المسؤولية التي تتمتع بها الحكومة لأنها ستصبح حكومة يوماً ما ، والحكومة عندما تكون في الحكم وتفارقه عليها أيضاً مسؤولية الأمانة على المصلحة العامة والوطنية التي كانت بين يديها فالانتقال من حال إلى حال لا يعني التنكر للمسؤولية والأمانة .. ذلك هو الأدب والتقليد المعروف غير أن الحال في بلادنا يبـدو غير ذلك .
    إن الحاكم الذي يصبح معارضة يتحلل بين يوم وليلة من كل ما هو مناط التكليف يومئذ- فيما يبدو- والأمثلة دائماً متاحة في تاريخنا المعاصر وممارستنا السياسية ولا يختلف في ذلك ذو المرجعية الدينية الإسلامية عن ذي المرجعية العلمانية أو ما هو بين بين .. ! حكومة السيد الصادق المهدي الأخيرة التي كانت تحارب حركة التمرد وتفاوضها بغرض الوصول إلى السلام رحلت بعد رحيلها في 30يونيو 1989م بكل أحزابها ومكوناتها إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان يومئذ وهي التي كانت تدعوها «تمرداً»!! لتكون معها جبهة معارضة ومحاربة في وقت واحد .. ! .. ولكن الجديد تماماً في هذا الأمر «أدب المعارضة والحكم» وفيه مزيد للدارس والمختص هو ما حدث بعد الانقسام الذي وقع في صفوف الإنقاذ الوطني والحركة الإسلامية في ديسمبر 1999م ورحل بموجبه الدكتور الترابي من أروقة الحكم إلى رواق المعارضة .. وهو الذي كانت بين يديه كل أوراق الحكم ومصائر الحركة الإسلامية التي اتهمه كثيرون بأنه جمدّها وغيّبها لصالح الوضع المستجد أو الانقاذ الوطني . فالدكتور الترابي إلى يوم عزله بقرارات «4» رمضان من ذلك العام هو :
    { رئىس المجلس الوطني وبيده التشريع .
    { أمين عام المؤتمر الوطني وبيده السياسة .
    { أمين عام الحركة الإسلامية وبيده المرجعية .
    ومعلوم ما هو دور التشريع والسياسة والمرجعية في إدارة دولاب الدولة ومحركاتها وسائر وسائلها في التأمين والتسيير وقبل ذلك الوصول إلى مرحلة الانقاذ الوطني بكاملها رغم أنه في إطار الترتيبات الخاصة التأمينية والسياسية كان قد ذهب «إلى السجن حبيسا» وذهب غيره «إلى القصر رئيساً ..!» ورغم ذلك كله عندما دقت ساعة الرحيل من الحكم إلى المعارضة لم يختلف الدكتور الترابي عن غيره من الساسة الذين انتقلوا من الحكم إلى المعارضة في وقت سابق ذلك أنه : «1» وقع مع التمرد يومئذ - الحركة الشعبية - تفاهم جنيف في فبراير 2000م
    «2» قام بسلسلة من المحاضرات والمناشط السياسية التعبوية التي صحبتها موجة تخريب .
    «3
    --------------------------------------------------------------------------------
    » اُتهم حزبه «المؤتمر الشعبي» بأنه خلف ما عرف بالكتاب الأسود ثم حركة العدل والمساواة التي تحمل السلاح في دارفور فيما بعد .

    فضلاً عن محاولة إنقلابية برأته منها المحاكم مؤخراً ..
    الأمر لم يقف عند ذلك الحد المألوف والمعروف في العمل الاعتراضي السوداني بصورة عامة .. وإن سبق أن اُتهم أحد الساسة بالوقوف خلف القصف الأمريكي لمصنع الشفاء للدواء في أغسطس - آب 1998م .
    فالدكتور الترابي - مؤخراً - لم يجد بداً أو حرجاً في التعاطي بالمسكوت عنه في أدب الحكم والحزب والجماعة ، والإشارة هنا تحديداً إلى لقائه مع قناة العربية الذي تعرض فيه بالحديث عن محاولة إغتيال الرئىس المصري في أديس أبابا يونيو 1995م محاولاً إلصاق تهمة العلم أو التخطيط ببعض خصومه من الحاكمين مما وجد استنكاراً واسعاً من الرأي العام يومئذ والقمة العربية على الأبواب والعلاقات المصرية السودانية في أفضل أحوالها منذ زوال حكم المشير نميري . فالمصلحة العامة في كل الأحوال تقتضي ، وقد أغلق ذلك المف على أحسن حال بسحبه من طاولة مجلس الأمن الدولي بواسطة مصر واثيوبيا وانتقلت العلاقات مع الدولتين إلى درجة الخصوصية ، ألا يفتح ذلك الملف أو يبعث من جديد أياً كانت المرارات ودواعي الخصومة السياسية علماً بأن الموضوع نفسه قد قتل بحثاً وتحقيقاً في حينه من الجهات المعنية أي مصر واثيوبيا .
    إن حالة التعاطي بالمسكوت عنه أو ما يجب أن يسكت عنه إلى أجل طويل في أدب الحكم والحزب والجماعة يبدو أنها ليست كذلك عند الدكتور الترابي حيث أنه لم يمض وقت طويل على «لقاء العربية» حتى كان لقاء صحيفة «السوداني» الأخير مع الدكتور والي لم ترع فيه الصحيفة واجب وأدب تنزيه الروايات والأخبار والحوارات الصحفية مما يضر بالمصلحة العامة كالحديث عن أسلحة غير تقليدية وصلت للسودان من جهة أجنبية وهو ما روجت له الصحيفة بخطوط بارزة ولم يكن في بالها أو ذاكرتها أن مجرد الاشتباه في أن العراق يملك أسلحة دمار شامل أو أسلحة غير تقليدية كان قد أدخله في الحالة التي هو عليها الآن. إن الحديث عن سلاح غير تقليدي يمتلكه بلد معين يثير متاعب ومشكلات وطنية ولكن الله سلم ، فقد نفى المصدر أي الدكتور الترابي - إنه لم يكن يقصد «أسلحة ذرية» وأبرزت الصحيفة ذلك بمانشيت عريض ..
    .. ولكن غير ذلك الذي تم استدراكه كان في لقاء الدكتور الترابي مع صحيفة السوداني الكثير الذي يخرج عن الحكم والحزب والجماعة ويجعل من المعارضة آخر الأمر مطية لكل ما هو ضار وغير مقبول أخلاقياً ووطنياً .. ومن أشهر ذلك في الحوار المذكور ، من حيث الإضرار بالمصلحة العامة ، قول الدكتور للصحيفة بأن أخباراً قد وصلته من جهات خارجية مفادها «إن البترول الذي يخرج من السودان أكثر من الذي يعلن عنه .. !»
    وعندما سأله محاوره : «لماذا صمتت الحركة الشعبية» ؟ أجاب « هناك أمور تتم ليرضوك بها .. ويملؤون فمك حتى لا تحتج أو تتحدث ..» ومعنى ذلك أن قادة الحركة مرتشون .. والحكومة فاسدة .. ولا ريب في مثل ذلك الاتهام إن كان له دليل ولكن القول بأن ما ينتج من النفط أكثر مما هو معلن .. أريد به الفتنة وتوتير الأوضاع بين الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية وذلك يضر بالسلام والمصلحة العامة لاسيما وأنه «كلام والسلام» لا تفاصيل فيه ولا مصادر حقيقية.
    وفي الحلقة قبل الأخيرة مما يمضي على ذات الطريق قول الدكتور الترابي وقد أبرزته الصحيفة وركزت عليه:
    { هناك أسلحة دخلت بلادنا لتعبر شمالاً وشرقاً وأخرى استقرت .
    { التصنيع الحربي ليس في الميزانية وهو ممول بالكامل من الخارج .
    هنا وبغض النظر عن أن ما قال الدكتور الترابي لمحاوره صحيح أو غير ذلك يقول إن الرجل لا يعرف حدوداً لأمانة التكليف أو الحكم وما يمكن أن يقال أولا يقال في هذا الشأن وبخاصة عندما نجد أنه ليس بالمراقب السياسي أو المتفرج وإنما هو في قلب المسؤولية بل ممسك بمفاصلها كما سلفت الإشارة منذ صافرة البداية وحتى لحظة الفراق وذلك كله كان في حضوره وبين يديه .
    أما أنه كما قال :
    { كان ضد إعدام محمود محمد طه في عهد نميري ومجدي وجرجس والطالب الجنوبي في عهد الإنقاذ .
    { واعترض على فكرة إنزال الشريعة في عهد النميري بتلك الطريقة الهوجاء .
    { وما حدث في محكمة انقلاب رمضان في عهد الانقاذ كان إبادة ومازال حزيناً عليه .
    فذلك يقدح في مصداقيته وهو الرجل الذي عرف بأن له مواقفه منذ ظهوره في أكتوبر 1964م .. وليس بالرجل « التبع» أو الـYes Man ولم يكن في كل الأحوال من أهل الهامش أو المتفرجين في تلك الأحوال مجتمعة بل عمل في إطارها أو كان عاملاً ومشاركاً ومبايعاً منذ تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في سبتمبر - أيلول 1983م مروراً بإعدام محمود محمد طه إلى ما قبل سقوط نظام نميري بقليل أي 9 مارس 1985م وإلى عهد الانقاذ الوطني في 1989م وبقاؤه في سدتها إلى قرارات الرابع من رمضان - اخر ديسمبر 1999م
    إنه ليس بكاف أو مقبول أن يكون الدكتور الترابي في تلك الأحوال مجتمعة «ضد» و«معترض» و«حزين» .. ولا يتبع القول بالعمل ذلك أن كل موقف من تلك المواقف كان كافياً لأن يعمل الرجل حقه في تبرئة ذمته والنأي بنفسه عما يعتبره غير مقبول ومرفوض ويدعو للحزن إذ حتى في نظام المشير نميري بعد المصالحة كان وزيراً للعدل ونائباً عاماً فوزيراً للخارجية ومساعداً لرئىس الجمهورية .. حتى التاسع من مارس 1985 م حيث اعتقل مع قادة جماعته لأقل من شهر وكان سقوط النظام الذي تحملنا كلنا من بعد وزر السدانة له - إن كان وزراً حقاً .. ! .. وأما عن الإنقاذ فحدث ولا حرج .. وهو الذي كان بيده مفتاح السياسة والتعبئة ومبضع التشريع والعلاقات الخارجية الرسمية والشعبية . في ختام هذا المشهد السياسي هذه المرة ، وقد فرض نفسه عليّ كما الأمر السبت الماضي عندما وجدتني أدخل في قراءة سياسية لإجتهادات الشيخ الترابي الأخيرة ، أقول أجدني مضطراً لأن أركز في موضوع «أدب المعارضة والحكم» على ما أدلى به الأخ الدكتور لصحيفة «السوداني» عبر كاتبها الأخ الاستاذ صلاح عووضة الذي وجد ضالته في الشيخ فاهتبلها ـ وقد نَعِمَ بنصف ساعة إضافية على الزمن المقرر ـ ودامت الفرص والاهتبالات
                  

01-28-2007, 06:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    رداً على دكتور التيجاني عبد القادر

    الحركة الإسلامية والمسألة الأمنية (2)

    بقلم : د. امين حسن عمر

    ذكرت في مقالي السابق أن علو الأجندة الأمنية في روزنامة الحركة الإسلامية سببه كونها واحدة من الحركات الإيدولوجية التي نشأت سرية في أجواء تهددها بالاستئصال، وذكرت فيما ذكرت أيضاً أن الإنقاذ نفسها إنما جاءت خطوة لتفادي خطر ماثل هدد مشروع الحركة الإسلامية وهدد بقاءها السياسي في آن واحد. وأن الإنقاذ ظلت تعيش طوال سنواتها في عين العاصفة. تهددها حركات داخلية حاملة للسلاح ومدعومة بدول ذات ثقل إقليمي ودولي. وأن التهديد للخيار الإسلامي وللتنظيم الإسلامي سيبقى ما بقت الأوضاع الإقليمية والدولية على راهن حالها. كل ذلك مع الحوادث المتواترة والدسائس المتكاثرة والمؤامرات المدبرة، أعطى أولوية قصوى للشأن الأمني في الحركة الإسلامية وفي دولة الإنقاذ. ولم يكن ذلك خياراً، فالخيار الطبيعي الأول هو التنمية الشاملة سياسية وإجتماعية واقتصادية لأن مشروع الحركة الإسلامية مشروع للنهضة وفق المرجعية الثقافية الإسلامية ولكن المسألة الأمنية لا تستأذن أحداً لتشغل المقعد الأول ولتنال المقام الأول في الاهتمام والنصيب الأوفر من الموارد. ولكن المسألة الأمنية لم تبتلع المشروع الإسلامي والحركة الإسلامية تماماً كما يوميء الأخ الدكتور التجاني عبدالقادر والمؤشرات على ذلك كثيرة والشهادات عديدة. وتكفي الشهادات الدولية أن السودان يدخل في قائمة الدول الأولى العشر الأسرع نمواً في العالم. وتكفي الأخ الدكتور التجاني نظرة من حوله عند زيارته للخرطوم ليشهد على شواهد جديدة ومتجددة على أن العمران السريع يعيد رسمها بمرور الأسابيع والأشهر والسنوات القلائل. ومثلما لم تبتلع المسألة الأمنية المشروع الإسلامي وإن تربعت في أول أولوياته فإن جهاز الأمن بل الصحيح أن يقال أجهزة الأمن لم تبتلع المشروع الإسلامي وإن تسنمت موقعاً رئيساً بين المؤسسات. وحظيت بنصيب وافر من الاهتمام وحظ أوفر من الموارد وهي في ذلك مغبونة وليست محسودة فلا يسرني على الرغم من الاهتمام المتعاظم ان اكلف على رأس واحدة من هذه الأجهزة. ولا أن أحمل على كاهلي بعض عبئها ولا أن تثقل فكري ببعض همومها وغمومها. وقد كنت أكلف عندما كنت أعمل بشأن الصحافة والإعلام والمعلومات بالقصر بإختصار وتلخيص التقارير أو التحليلات والتوقعات ولم يكن ذلك عملاً أشتهي أن أكلف به كرة أخرى. ولاشك عندي أنه لا يزال في نفوس المثقفين من أمثالنا شيء من الشك المقيم مثل شيء من ''حتى '' في نفس سيبويه. ولا أدري لذلك سبباً سوى ولع أهل الفكر والثقافة بالحرية المطلقة. ولا شك أن حائط الصد الذي يرد أوهام الحرية المطلقة هو حائط الهواجس الأمنية والتدابير الأمنية والأجهزة الأمنية. ولذلك فهي مقيمة ما أقام (عسيب) في قفص إتهام دائم من الشكوك والريب. وبعض هذا الحديث حدثني أياه الشاعر الرقيق الصادق الصدوق صلاح أحمد إبراهيم. فهو بعدما أوسع جهاز الأمن هجوماً لاسعاً لاذعاً كان رد القائمين على امره آنذاك أن دعوه لكي يستمعوا منه ولكي يكون لهم مثلما لسواهم حق أن الشك يفسر لصالح المتهم. وأنه أي (الجهاز) بريء حتى تثبت إدانته بالأدلة الدامغة أو القرائن المتواترة. حكى لي يومذاك قصته مع جهاز الأمن وكان ذلك قبل أشهر من وفاته بباريس وقد حضر إلى فندقي الواحدة صباحاً لدعوتي لعشاء متأخر وكان السفير آنذاك هو الدبلوماسي المخضرم عوض الكريم فضل الله.

    أخبرني صلاح كيف أنهم (رجال الأمن) نجحوا في زرع الشكوك في نفسه حول ما يثار حول جهازهم من أقاصيص وأساطير. وقال لي إن الشك بين أهل الثقافة والفن وأهل السلطان والأمن حائط تبنيه تصورات كل طرف للطرف الآخر، وان ذلك داء ما له من دواء. أقول ذلك ولست بصدد تبرئة أحد أو أدانته ولكني بصدد تصحيح وتوضيح بعض الوقائع التي أشار إليها الأخ الدكتور التجاني ونسبها لأخواننا الصغار أولي (المشروعات التوسعية ). وقد استشهد الأخ التجاني بحادثة حدثت للدكتور محمود شريف والمثال في حد ذاته يختزن من الاستمالات العاطفية الشيء الكثير. وذكر الشهيد الدكتور محمود شريف يثير في نفوس عارفيه من صفوف الحركة الإسلامية وسواها مشاعر دفاقة قوية الدفع متصلة النسغ. فمحمود شريف كان قمراً في سماء الحركة الإسلامية بوضوحه وصدقه ودأبه وجهاده المتصل في كل ساحة من سوح الجهاد. ووضع محمود في كفة ووضع آخرين في كفة ولو في سياق المفاضلة في الفضل إزراء بما تضعه في الكفة الأخرى. فكيف ان كانت الصورة أن من في الكفة الأخرى هم الذين يزرعون القلق في مرآة نفسه الصادقة. لم يكن الأخ التجاني موفقاً في إيراد ذلك المثل ولا دقيقاً في توجيه شواهده. فالحادثة التي رواها الدكتور التجاني لم يكن جهاز الأمن الرسمي طرفاً فيها، ولم يكن جهاز الأمن الشعبي (الحركي) طرفاً فيها، ولا جهاز استخبارات القوات المسلحة طرفاً فيها، ولم يكن أي جهاز من أجهزة الأمن طرفاً فيها. وإنما كان الأمر نزاعاً بين الدكتور الشهيد محمود شريف وبين مكتب الفئات المسئولة عن إدارة الشأن النقابي في الحركة الإسلامية. ومكتب الفئات هو المكلف والمسئول عن تصنيف قوة العمل في كل مرفق عمل لأغراض التنافس السياسي. وربما إشتط مكتب الفئات في ذلك الوقت في التصنيف كما إشتط في التوصية بابعاد أشخاص صنفهم المكتب خصوماً للانقاذ. ولم يكن الأخ محمود شريف وحده المعترض على شطط التصنيف والأبعاد. فقد كان هنالك كثيرون اعترضوا وأوقفوا قوائم التصنيف والأبعاد. وكانت نظرية المعترضين أن قوائم التصنيف ما دامت مرجعية يرجع إليها في الحكم على أشخاص بالعداء والتعويق فلابد لها من أن تراجع وتدقق وان تختصر القوائم مرة بعد أخرى لئلا يؤخذ بريء بجريرة موجدة أو بعداءات ومرارات شخصية. وكانت حجة المعترضين أننا لا يجوز لنا أن نعاقب الناس على الرأي السياسي أو الإنتماء السياسي لأننا لم نقبل في يومٍ من الأيام ان نعاقب على الرأي السياسي أو الإنتماء السياسي. وإنما يتوجب إبعاد أولئك الذين يستخدمون مواقعهم لهدم مشروع الانقاذ أو الإساءة إليها أو مظاهرة خصومها باستغلال مواقعهم الوظيفية. ولكن هذا الرأي لم يكن مقبولاً ولا معمولاً به دائماً. وأُتهم القائلون به من أمثال محمود شريف أحياناً بالتساهل وأحياناً بالمداراة لاعداء الإنقاذ. والشاهد الذي ساقه الدكتور التجاني قد يصلح دليلاً على هذا ولا يصلح دليلاً على ما استدل به عليه. ولا شك أن على الانقاذ ''وقد فعلت '' أن تعترف بأخطاء ارتكبت من هذا الباب. وأن تعالج آثار الأخطاء بكل سبيل ممكن. ولا يعني هذا إيجاد الـمعذرة لخصوم الحركة الإسلامية وللإنقاذ الذين لم يوفروا جهداً ولا مورداً لإسقاطها وإفشال مشروعها. واستغلوا في ذلك صلاحيات وظائفهم وموارد تلك المواقع والوظائف. لهؤلاء لا أعتذار ولا جبر ولا ضرار استحقوها بأفعالهم لأنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله، أما أن الدكتور محمود شريف كان قلقاً من تحول مشروع الإنقاذ إلى شيء آخر يثير القلق، وهذا الشيء هو سيطرة فكر الأمن وجهاز الأمن على المشروع فاستنتاج غير صحيح وتصوير الأمر ولو إيماءً وكأن الدكتور محمود شريف ذهب للجهاد هرباً من قلقه وهواجسه من هذا الأمر ليس بصحيح ويكفي أن الكتيبة الخضراء التي جاهد محمود شريف واستشهد في صفوفها هي كتيبة شكلها جهاز الأمن ولا أحسبه هرب من العيش في ظل جهاز الأمن ليموت بين صفوف مجاهديه في أحراش الجنوب.

    الراى العام 27/1/2007



    From sudaneseonline.com

    اخر الاخبار
    الـتـرابـي يدلي لـ«أخبار اليوم» بحديث لم يذكره من قبل حول تجربة الحركة الاسلامية
    By
    Jan 27, 2007, 22:53



    الـتـرابـي يدلي لـ«أخبار اليوم» بحديث لم يذكره من قبل حول تجربة الحركة الاسلامية
    أرسلت في 7-12-1427 هـ من قِبَل -
    اتمسسك بموقفي من امامة المرأة للصلاة وأعتبرها أكثر أهلية لقيادة الام
    ادلي الدكتور حسن عبدالله الترابي «لاخبار اليوم» بحديث غير مسبوق لم يذكره من قبل حول تجربة الحركة الاسلامية . وعلي غير ما درج خلال الفترة السابقة دافع الترابي في الحوار المطول الذي اجرته معه الصحيفة عن الاخفاق الذي وقع بتجربة الحركة الاسلامية في السلطة وبرر ذلك لعدم توفر تجربة قريبة لها مشيرا الي ان المسلمين فارقوا الحكم مرحلة طويلة. وكشف عن ان اتفاقا قد جري بان تتم مراجعة لحكم الانقاذ بعد انقضاء ستة اشهر من الاستيلاء علي السلطة وذكر ان برنامج الاتفاق حوي ضمان حرية الصحافة واوضح مصير ميثاق كان عقده زعماء الحركة قبل الاستيلاء علي الحكم . ورفض تحميله المسؤولية عما قام به قادة الانقاذ ومثلها بمسؤولية نوح عن ابنه وآدم عن اخطاء البشر. وبدا الترابي اكثر تشددا في موقفه تجاه المرأة وامامتها للصلاة بل زاد واعتبرها اكثر اهلية لقيادة الامة ولتكون الاميرة او السلطان او رئيس الجمهورية في البلاد .
    واكد عدم وجود اي لقب لرأس الحركة نحو مراقب او شيخ وكشف عن خلفية اطلاق (الشيخ) عليه .. وقال انها بدأت داخل السجن . ..... والي تفاصيل الحوار المثير:ـ
    المسلمون فارقوا الحكم مرحلة طويلة فارتبكنا و هل نوح مسؤول عن ابنه وآدم عن جناي البشر ؟!
    الاتفاق كان أن تجري مراجعة لحكم الانقاذ بعد ستة اشهر والبرنامج حوي ضمان حريــــــــــــــة الصحافة
    ويكشــف عـن خلفيــة قصـة إطــــلاق (الشيـــخ ) عليـه السجــن
    حوار : عثمان سنادة / عطية الفكي / تصوير : رضا
    لنبدأ حديثنا .. عن التنظيمات الاسلامية وتعددها .. فلماذا تقوم تنظيمات اسلامية في بلد اكثرية سكانه من المسلمين
    - انت تعني ان البلد الذي يسكنه مسلمون .. تكون فيه التنظيمات السياسية فاقدة لمعناها .. لان الدين اي دين من لوازمه الهداية والوعظ ..ولكن هذا لا ينطبق علي الاسلام بالذات فالمسملون هم مسلمون بالانتماء للدين الاسلامي ولواقع انهم كانوا يخطون عن قيم وكانوا يتمايزون بالـعزف وهذا واضح في السودان ويتوارثون بالنسب وكانوا يتمايزون ويتفاضلون بالعصبيات .. اين ولدت والي اي طائفة ينتمي ابوك
    والنساء بالطبع كن متخلفات وكن لا يصلين ولا يشهدن في البيت الا زاوية الخدمة .
    اذن الحركة الاسلامية قامت من اجل ان تنهض بالمرأة وفعلتها وحاربت كل القوانين والاعراف التي تحد من كرامة الانسان ، وتتعارض مع الاخلاق .. وقد فتحت المشاركة للمرأة في السياسة والهيئة العامة والتعليم واول مابدأت الحركة الاسلامية ، تجاوزت القبليات والحركة الاسلامية لا تعرف سيداً لمقامة الديني السابق ولا علي الصفوة التي كانت متميزة جدا في السودان وقد كنا نريد ان يكون كل النساء سواء وهذا هو احد اهداف الحركة الاسلامية ، ونعني من بعض ماقلنا انه يلزم قيام تنظيم اسلامي ليلم الشتات ويقرب بين الفرق الالاسلامية ويجمعها في كيان واحد ، والاختلافات


    --------------------------------------------------------------------------------
    بين المسلمين ليست كما يظن البعض ، فهي هيئة وليست عميقة او جرح لا يبرأ بل هي في بعض الفروع ، بل الهدف واحد ، والمصدر واحد .. وهو التوحيد ونشر شريعة الله وعدالته لتنظم المجتمع الانساني دون اكراه .. او حجر علي الحرية الفردية واعمال العقل والفكر في الاستفادة مما هو موجود في الكون والمشاركة بين البشر سواء كان ذلك اختيار ام نعم انعمها الله وجعلها مستترة في اعماق كونه .. تنتظر من يكشف عنها الغطاء لفائدة البشر .

    { تحدثت عن المرأة .. وصحيح ان المرأة لعبت دورا في ان تنال الجبهة الاسلامية كتلة من النواب وخاصة في مناطق الاستنارة .. والمرأة ادت دورها بالكامل في دعم الانقاذ .. ولكنا نلاحظ ان الانقاذ .. مما فيها الفترة التي كنتم فيها في موقع مؤسسة اصدار القرار نظرتم الي المرأة كعضو ناقص ، ولم تنل سوي منصب وزاري واحد .. وحتي هذا كان ثانويا .. واغلقت في الجامعات .. والخدمة المدنية .. وظلت تجلس في نفس المكان الذي يجلس فيه حين ما تسمونه التقليد سل مع انها هي التي قلبت موازين القوي !
    - هذا صحيح .. ولكن كان ذلك اي اعطاء المرأة حقوقها وارد في مواثيق الحركة الاسلامية قبل ان تحكم وحين فكرت في الوصول للحكم .. وبعد ان وصلته وقد تنكر للمواثيق اصلاً .. وقد شعرت ان هناك انحراف عن الريف والدعوة ليست للذكور وانما لكل البشر ذكورا واناثا وقد استدركت ذلك ولكن الذين تولوا السلطان زارهم من اصل الحركة كان ضئيلاً ولذلك كانت تحملهم الاعراف القديمة واذا نظرنا الي اصول الحركة الان نجد ان هناك تقصيرا في كل شئون الحياة .. وقد ارتفع عدد القيادات .. ولكنها لم ترتفع بين النساء وقد كنت اري ان يكون للمرأة الخمس في القيادة وهو ما يطبق الان في المؤتمر الشعبي .. واري ان النساء وقد ،ازدادت معارفهم بدخولهن في التعليم كمنافسات ، تفوقن علي الرجال في كثير من جوانبه .. وهناك وزارات او شئون اقرب لهن كالصحة والتعليم .. بل ان النساء في العالم يتولين الان شئون الدفاع .. وهن ناجحات فيه .. لان الرجل قد يجنح في تفكيره ويتهيج كالثور ، ولكن المرأة تعتدل في تفكيرها وقراراتها .. ورأيي ان المرأة عندنا مظلومة فهن متقدمات جدا في شئون التعليم .. والادارة وشئون الدين واقول للعالم ا جمع مهما رضوا او غضبوا انه من الممكن ان تؤم الصلاة بل وتقود الامة كلها ولو طرح لي الخيار .. لما ترددت في ان تكون المرأة اميرة للبلاد او سلطان او ولي عهد او رئيس جمهورية وهي اكثر اهلية لحاجة السودان في هذا العهد لتكون بين الترشيحين لهذا الامر ، ولو ترشحت امرأة لاي منصب دستوري ، ووجدتها تفوق الذكور في مواصفات التوالي والمنصب لما ترددت لحظة في ان اعطيها صوتي ، ولو وجدتها خير من الواقفين في صف الصلاة لقدمتها لتؤم الصلاة ولكن هذه الاشياء تثير كثيرا من حمية الذكور فنتهيج هيجانا واحمد الله ان تحرير المرأة جاءنا من قيمنا ولم ياتنا من الخارج.
    والذكور عندنا يظنون اننا لواطلقنا للنساء حريتهن في التعليم وفي الساحة العامة والتجارة لعم الفساد وان الاسرة ستنهار وان كان كل ذلك هراء ، والفتنة الاجتماعية بحمد الله .. وكل مايظن ويقال ولاوجدته في السودان والنساء عندنا لهن حق الترشيح ، والحقيقة انهن يتمتعن بحقوق كثيرة ولكنها معلقة .. وشخصيا افضل ان يترشحن ويفزن لا ان يعين في المناصب ، وشخصياً لا احب التعيين.
    وهناك حق كان غائباً ولكني اثبته من كثرة ما قمت به فقد كانوا يقولون في عقد الزواج يقولون زوجتك مجيرتي، وقد اسقطت هذا وصار الكثيرون يعملون به .. وكلمة مجيرتي او مفهومها يدل علي قصور في الفهم بل انه يلغي الزواج عقد مساواة حرة بين طرفين وكيف نجير من نقول من نقول انها حرة علي الاشراف علي اسرته فما يعد فاسدا يكون كذلك والنساء الان عالمات في الاقتصاد والعلوم وحتي في العلوم الدينية واللغوية والتطبيقية واذا كن نجبرهم في الزواج فاننا نلغي كل الكفاءة وحرية الرأي واعمال العقل .. واذا كانت النساء يصلحن للقيادة فكيف يجبرن علي الزواج وقد يكون الموكل له العقد اقل فهما منها في الفقه .. وعلوم الحياة
    { الذين كونوا الحركة الاسلامية .. هم نخبة .. ولكن هل روعي ذلك في تكوين الحركة الاسلامية البعض يشكو من ذلك ..؟!
    - الوحي الديني موحي من الله .. وكل الامر يرد اليه ولكن لان الناس يتفاضلون احياناً نجد هناك مفهوما خطأ .. فانت في السودان مثلا قد تكون في اكتساب مكانتك في المجتمع تعتمد علي قبة جدك او ابيك او تعتمد علي سلطان كان .. او مال يكون هو السعيه الذي يتمثل في امتلاك اسرتك الكم من الماشية ويهيمة الانعام .. الي ان القيادة تكون مرتكزة علي ذلك .. وهذه مفاهيم خطأ .. ولكنها هي الموجودة وقد تكون هي السائدة .. ولكن الدين يود الناس جميعا الي اسرة واحدة واذا كان الاصل واحد فلا مجال لهم بعد ذلك في التمسك بالمفاضلات التقليدية .. وعليهم الا يسخر بعضهم ببعض ، الطبقات والمال هي ابتلاءات من الله والقرآن يضرب لهم الامثال .. ويعرفهم بان اولي الفضل ستكون لهم الجنة .. بل سيكون لهم خير الدنيا وليس ذلـك يفسر بانه المادة وانما هو الموازنة بين الحق الاخلاقي وبين الحق المادي .. وكل ماعدا ذلك فهو تطرف وتمدد في فضاء قد يؤدي الي التهلكة .. وقد راعينا في الحركة الاسلامية ان نخلق النموذج الفاضل ولكن .. البشر يغالون في القبول والرفض وفي الفهم واذا فهمت ما وراء سؤالك اقول بان الحركة الاسلمية نظرت الي ما يسمي الهامش نظرة موضوعية والي نخبته التي هي حاملة مفتاح الابواب المغلقة والي الطريق .. والحركة الاسلامية كان هدفها هو الا تكون قبلية او جهوية .. وهي لا تتجاوز الواقع الذي يقول بان القبلية موجودة وان الجهوية موجودة ولكنا نريد ان نصهر كل مافي المجتمع لنخلق السودان الذي لا يعتمد الا علي الله .. وعلي قوته المتمثلة في مساواته وعدالته في كل شئ.
    وكثير من الفقهاء ابتعدوا عنها تماما وحدثوا الناس ليأتوهم هم لحل مشاكلهم والقانون لم يترك والتشريع لم يترك للحاكم وكان التشريع يقوم به الفقهاء او تبين له تشريعات الله سبحانه وجاءت الصوفية كذلك ليدخلوا علي السياسية شيئا من الخلق ولكن رأوا ان الساسة لاخلق لهم فالمال عند السلطات والامتيازات اهم من اي شئ واهواء السلطان فقط وشهوة السطة وفسادها فتركوهم وخالوا تلك القولة الطارق باب السلطان
    --------------------------------------------------------------------------------
    يريد ان يذهب الي الشيطان الذي يريد طريق الله عليه ان يأتي الينا من هنا فتفاضل الدين كله والطرق الصوفية والمواهب الفقهية من الحكم ولذلك لم تكن لدينا دساتير مكتوبة ومحددة ولذلك اتينا والحق يقال حتي نحن كان زادنا من الفقه بائساً والخلق اما عامة الناس فالحكم الاسلامي ليس للطبقة الحاكمة بل لكل المجتمع فاذا فسد المجتمع بحكومته يفسد تلك الشريحة فغاية الحكم التسبيح والصلاة واتوا بالحج وهكذا وفي الاقتصاد الصداقات للمساكين اي ما يهينهم خاصة في امرهم هذه واحدة والثانية نحن في الحركة الاسلامية لم نكن نعلم فتنة السلطة كنا نظن ان من تربي في الحركة ونزكي في خلقها فقد كانت لدينا مناهج مثل الصوفية امينا وسيظل امينا ويقاوم اي داعية للشيطان حتي اذا اؤتمن علي اموال البلد وكنا نظن انه متواضعا انما للاخر لا يمكن ان يعلو عليه ابدا اذا اختلف معه تبادل الرأي بلطف وبسلام وبحوار وبالحسني هذه هي اخلاق الدين لدينا حتي الذين يختلفون معنا نتحادث معهم بالحسني فقط لكن لما جاءت السلطة لم تكن لدينا تجربة من قبل فلذلك صدقنا ان الامين هنالك كان امينا وابتلاؤه بالمال محدود لكن لما فتحت عليه الاموال كلها لا مالك لها ليطلبها ويحاسب عليها كما في السوق والاموال تأتيك من الضرائب ومن البترول وتجمع لك من الاخرين وتوضع بين يديك والان يمكن ان اتصرف فيها كيف اشاء وكذلك الشرطة لك والامن لك واذا خالفك اي فاسكته ان اسكت صوته اما بالسجن او ان تمد له يدك اي اكلا لما .. ولم تكن لدينا تجربة حكم اسلامي اصلاً والمسلمين فارقوا الحكم لمرحلة طويلة ولم تكن مرتبكا لوخرجت طالب طب بغير تجارب اصلا ولا حتي تدريب فاذا اجري عمليات سيقتل الناس وكذا المهندس فالمبني سينهار علي رؤوس الناس هذه اول مرة في واقع الامر وان الشيعة سبقوا لاول مرة وهذه هي المرة الثانية وهذه اول التجارب عظاتها ودروسها يستفيد منها من قد بلي بعد ذلك الثالثة ، حاولنا ان نأتي بالحرية المفتوحة حتي يكون الناس كلهم معنا ولكن بالطبع الغرب يحب الديمقراطية لانها تجربته ولكن يري ان السود ليس اهلا لها وانها اذا طبقت فيهم تخرج ارادة مستقلة عن الغرب ولايحبونها بالطبع لا في الجزائر احبوها ولافي تركيا احبوها ولافي فلسطين احبوها فاذا كانت الديمقراطية تلد ارادة اسلامية شئ من هذا القبيل هذا مثير يمكن ان نجهضها تماما فلذلك كلما افتربنا من السلطة عامل من القوي العسكرية مع الحكومات الديمقراطية او مع نميري جاءت توجهات امريكة هؤلاء الي السجن اخرجوهم ولذلك قلنا الديمقراطيات كلها جاء بالثورات ، صحيح في الغرب العهود القديمة لاتريد ان تفتح الباب ليخلفها غيرها الا ولدها فقط ولذلك كأننا اسكتنا طالب القواعد باسرار الدولة والشوري حتي في انفسنا ضعفت والشوري مع الناس مفروض ان تطرق الاخرين حتى ( الجمل قد لايري رقبته معوجه) فبغير نقد رياضي فالرياضة لا تتقدم ويعتبر نقد ادبي لايمكن للادب ان يتقدم وبغير نقد عام سياسي لا يوجد سياسي يحسن حتي اذا اراد ان يحسن .. فالطغيان والكتمان والامن افسد الامر افسادا كثيرا جدا فنحن نحتاج الي مثل هذه التجارب ونضع هذه التجارب ليستعين بها الاخرون الذين سيأتون من بعدنا في بلادنا او في بلاد اخري ان لا يدخلوا التجربة اسلامية الا ينبغي ان تعلم منذ بني اسرائيل الذين فضلهم الله علي العالمين وانذرهم بانهم سيفسدون في الارض ويعلون علي الناس علوا كبيرا فالسلطة خطر وجدتهم عن برامج فرعون هذه الانماط وان السرية والتكتم فقد كلمهم منذ محمد عليه الصلاة والسلام بين للناس ببنائهم لا نأكل الاموال ... بين للناس ..بين واشرح حتي الناس يناصحونك ويقدموا لكل الجينات وينتقدون ويرون ان يتبينون منك كل الجينات فهذه مسائل ولسوء الحظ المسلمون ضيعوا الحكم والسياسة فترة طويلة جداً والان لاتوجد لديهم خبرة وهذه ليست مشكلة السودان وانما مشكلة حركة الاسلام في العالم كل العالم الاسلامي الاحزاب اليسارية فيه والقومية ضعفت جدا واصبحت الساحة كلها اسلام من اندونسيا الي المغرب العربي حتي في الاقليات المسلمة في العالم وشمال العالم شباب مندفع طاقات تتفجر دينياً لكن لايجدوا كتبا ليوظف طاقته في الحياة السياسية والادارية والاقتصادية العامة وعلاقات العالم الحياة العامة التي اصبحت كثيفة .. لا يعلم الا ان يقال له حارب الاخر اذا اعتدي علي احد اما استشهد هو او قتله العدو فطاقته كلها تخريبية للباطل صحيح انه اذا لم يجد الباطل يتهم الاخرين بانهم علي كفر حتي ينفق طاقته فاصبحوا مثل الفيضان الماء فيه خير اما اذا اندفعت بغير قنوات وبغير برامج ونظم فانها تفسد العالم الكهرباء فيها خير لكن بكل اسف اذا اندفعت تأتي بتفجرات وطامة تحرق العالم هذه مسألة في عموم العالم والسودان دفعنا منها تجربة رغم ان السودانيين نسبيا معتدلين شيئا ما فاذا لاحظت كثير من الاسلاميين دخلت علينا السلفيات والسلفيات في بلادها بدأت تضعف وبدأ الدين وقد تطور في اموره في اصوله لكن بدأ كله سلفيات متنطعون جداً .. يا كافر يازنديق ..اصحبنا الطاقات ان لم تجد مجالا تنفقه اما اضاعت نفسها في ذكر تدور تصرف الليل كله .. او توجهت الي اخرين تصفهم بالكفر والزندقة - اقتله.. فقد كنا قديما علي كثير من الاعتدال ونتعامل فيما بيننا بالحسني مع بعضنا البعض وتاريخنا ذاخر بذلك وهي خلق دينيه وهذه في واقع الامر فالتجربة هي التي اخفقت فاذا اخفق الطبيب فلا يمكن ان نصف الطب كله بانه اخفق بل علينا بزيادة التجارب ولانأذن الا لمن جرب الطب او تدريبها ولذلك من الخير ان نفتح للاسلام الحرية ليأتي شيئاً فشيئاً وكلما اتي بقليل لاتي بالتجارب معه ولايتعارض فينا حتي يكتمل ان شاء الله وحتي تتم ايضا اخلاقه واعتداله ولا يأتي بجديد لم نعهده من قبل.

    { د. الترابي الشارع السوداني في كثير من الاحيان يتحدث بان د. الترابي في بداية الانقاذ قيل بانه هو المخطط لعملية الانقلاب وبالتالي مازال الترابي رغم ابتعاده وانشطاره بإقامة حزب اخر مازال المؤتمر الوطني يعمل وفق توجهات وتخطيطات وتوجيهات د. الترابي، الي اي مدي صحة تلك الاقاويل؟
    - هذا بالتأكيد من الرؤي في تاريخ البشرية الناس لأن في نفوسهم فطرة الايمان بواحد هو الله سبحانه وتعالي وهو وراء كل الاسباب والغيبيات التي لا ندري اسبابها لكن يأسر المرء الغيب لأن الغيب يتباعد عنهم ويبحثون عن واحد هو وراء كل ذلك .. يبحثون عن رئيس امريكي.. فهي مع انها مواقف ومذاهب مجتمعات كاملة هنا في السودان ظنوا والغربيين ظنوا ان في الدين بابا او قام به القديس الاكبر هو مقدس عندهم اي معصوم فهؤلاء يفعلون اي شي لانهم نواب الله، فكل ما يحدث في السودان يظنون انه من (فلان) الذين يعرفون اسمه ولا يعرفون غيره من الناس اهو عمر ام هو علي ام هو الاخر اي الترابي اليس كذلك؟.. اذا قرروا شيء كل اللوم يصوبونه علي هذا وكثير من اهل السودان اذا فرحوا بالاسلام كل الحمد يوجهونه الي ... اغلب هذه المحامد يعملها الذين يؤدونها يعني وواقع الخلاف قام علي هذه المسائل، مع اننا كنا نريد ان نبسط السلطة علي كل السودان. اللامركزية هذه غير مستوردة وانما هي من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام .. نبسط السلطة ليجد كل الناس مايختارون كما يختار كل المصلين امامهم وحدهم، لا تصلي كنيسة عليا يختار للناس قياداتهم. والقبائل والمحليات يتركوا للناس حرياتهم خالفوك او وافقوك كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام فاذا طعنوك بلسانهم رد عليهم بلسانك ان لم ترضي كلامهم اذ لك عهد مع كل هؤلاء الناس هذا الدستور هو عهد مع كل هؤلاء الناس لابد ان تحترم كلمته وحرفه لا تقسم عليه وتنقلب عليه حسب هواك او حسب رأيك لانك لك عهد ليس مع فرد واحد او بيعه مع فرد واحد نقضتها لكن مع ملايين من البشر فرغم الخلاف فقد قيل لي ان هؤلاء هم الذين اتيت بهم وقلت والله لو كان الامر كذلك لكان نوح مسؤولاً عن ابنه ولكان ادم هو صاحب الجنايه التي اورثها لكل هؤلاء الناس فهل يحاسب ادم بكل ذنوب ابنائه الي يوم القيامه؟ فهذا ليس بصحيح ويومئذ لم افعلها انا، هي حركة اسلام دافعة ولم اكن شيخا فيها نحن كنا طلبه في ذات العمر ولم نكن لدينا كلمة شيخ او مراقب وانما اسماؤنا حتي كلمة امين عام تعني الامانة اي بمعني اعطيت الامانة لان امرنا كان واحدا وشورانا واحده وحركتنا واحدة وقد تطاول الزمن واصبحت كلمة شيخ فأول ما استعملت كانت رمزية في السجن وقد كنا صغارا والاوراق لما كانت تأتينا كان يقصد بها (فلان)، ورجال السجن اذا وقعت في ايديهم تلك الورقة كانوا يظنون ان هناك رجلا يسمي الشيخ .. لكن الناس الان ظنوا ان هناك شيخان وان وراء كل شيخ وانه حتي او بعد عن الناس من وراء حجاب لقدروه وعندما دخلنا السجن مع عدد من الساسة حتي نسوي بين الناس ونخرج معهم عما قريب ..فظن الناس ان هذا الاختلاف مصطنع فاذا كان الغربيون يكرهون الترابي كأننا نبعد لهم الترابي وهؤلاء يظاهرون الغرب بان الترابي ابعدناه. وبالبلاد المجاورة لنا التي تكره زحف الاسلام يقولون لهم ابعدنا لكم هذا الذي تكرهونه .. هذا كله ليس بصحيح ان الحسنات عند الله، والله هو الذي يحاسب فالحسنات التي فعلتها بيدي من اين اتيت بها فقد تعلمتها من هذا المجتمع لا من الاب فقط من هذا المجتمع اطوف بالمجتمع ويحدثني الناس ويناصحني الناس بالانس والكلمات .. انا اخذ من عامة الناس وليس من الكتب فقط .. والله العظيم انا اعرف الفضل من عامة الناس لاحد له. الكتب من الممكن ان اذكر لكما التي قرأتها ،فحتي التي فعلتها غالبا لم افعلها اصلا غالب الاشياء لا اسمع ولا اعلم بها. يأتيني الناس ويحاسبوني علي اعمال عملتها الانقاذ انا ما سمعت بها، شخص لم اعينه اصلاً ولم افصله لكن يقال له اذا غضب والله الشيخ فوق الشيوخ لا يرضون عليك حتي ليعدونه من اللوم وافعال كثيرة في حالات مأساوية وهكذا، وانا لم اسمع بها الا بعد ان وقعت في واقع الامر في الانقاذ، وبعض الصراعات العسكرية جاءني اهلها وقالوا لي هل انت جلست في بيت ما وحددت، ولم اسمع باسمائهم وقد سمعت بالحدث طوال اليوم وظننت انه سيأخذ شهوراً من التحقيقات ولكن اليوم التالي وقعت الواقعة، فمن العسير عليّ الا ابين وانا بي يدي الله سبحانه وتعالي وهو الشاهد وملائكته ان تحصر عندي حسناتي لا حسنات الاخرين وتنسب اليّ زوراً، وسيئاتي فقط لا سيئات الاخرين المحسوبة علي هكذا، وان شاء الله اسأل الله ان تكون حسناتي اكثر من السيئات .
    {نسأل د. الترابي عن الانقسامات الدائرة في الاحزاب السودانية وحزب المؤتمر الشعبي في حد ذاته لم يخلُ من هذه الانقسامات واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، لكن واضح ان الناس تتخذ خطوات نحو الانفصال او الانشقاق اكثر مما تتعاون او تتواجه؟
    - لنتحدث عن مجتمعنا، فتنظيماتنا الحزبية هذه نمط جديد من التنظيم ويعرف المجال ويعرف القرية وجيران القرية ويعرف القبيلة وابناء عم القبيلة ونسب القبيلة ويقارنها مع القبائل الاخري، فحتي الاحزاب التي شكلناها اول الامر شكلناها علي طوائف دينية يعرف كذلك الطرق الصوفية، فالذين حاولوا بناء احزاب، هذه واحدة، الامر الثاني السودانيين انفسهم البلد سكانه قلة جدا منتثرون والبدو في حياتهم لا يعرفون الجماعة، فكل بدوي يعرف نفسه، وحتي في الغابة تحت الشجرة فالفرديه عندنا نحن في السودان آفة في مجتمعنا فنحن لا نعرف فريق الكرة ولذلك لا نحسن الكرة الان لا نعرف اننا فريق وزارة الا ان يعلمنا الجيش او الشرطة وهكذا ضبط الفريق وحتي الصناعة لا نحسنها لانها تحتاج الى فريق ينتج منتوجا واحدا كل واحد فينا يدخل فيه مسمارا واحدا، الاسيويون احسن الناس في العالم، كثافة السكان علمتهم لابد ان يتفاعلوا معا، نحن عيبنا لا نتفاعل، هل تعلمان ان السودان لا توجد به شركات (يضحك الشيخ حسن) ما يسمونه شركات وانا اعلم ماهي الشركات، وقد كنت النائب العام، هي كلها لفرد وابنائه او واحد وابنائه الصغار.. شركة هكذا حتى لا يتحمل المسؤولية ويهرب باموال الشركة الي اماكن اخري.. الشركة اذا افلست ويأكل اموال الدائنين.. فنحن لا نعرف شركات ولا نعرف فِرَق فلذلك هنا عيب امر.. الثالث: انه الاحزاب عندنا تعرضت لكثير من الكبت، تعرضت لكبت متطاول ولذلك لم تتجدد المناهج فيها لو كانت كل يوم معرضة للنقد والكلام والسياسة وهكذا كانت تجابه بما يطرأ من مستجدات ،وابتلاءات الدنيا ادخلتهم في قضاياها واولتهم بالهم الجديد تماما وبذلك تستوعب الناس بمناهجها وبخطابها، والقيادات كانت ستجدد بالطبع كل مرة مهما طال عهدها في يوم من الايام لابد ان تنقضي وولايتها تكون في آخرها حتي يأتي آخر. لكن الآن الاحزاب مكبوتة غالب عمر السودان منذ ان استقل (تنكبت) لثلاث سنوات ومن ثم تعود لـ(تنكبت) مرة اخرى عشر سنوات او بضعة عشرة سنة، فلذلك اصبحت القيادات جامدة والناس في السودان لا يحبون الجمود ..الناس من ابيه وامه اذا بلغ احد المواقع له ان يخرج ليصبح كيانا حرا.. وامه تظل تراه طفلها الصغير وتناديه (يا ولد ، يا شافع) وهكذا هذه ظواهر اجتماعية في رأيي الخاص فالسودانيون واحدة من آفاتهم ان علاقاتهم حتي الطائفية والحزبية التقليدية والاحزاب التي ظهرت في القطاع الحديث شيوعية كانت او اسلامية ، دينية يعني، واليسارية كلها الآن اليسار اصابته مصائب في العالم والحركات الدينية تفتت الاتجاهات بين حاكم ومحكوم واختلفوا مذاهب غالبية السودانيين اصبحوا كالناس بغير نظام ولن تحكم بلد غير منظومة ولن تجري اقتصاد في بلد غير منظوم الانسان يتحرك في نظام مع جماعة يكون اكثر مما يتحرك وحده هذه مشكلة في السودان، والحكومة التي تحكم احيانا تحاول في نظام مع جماعة يكون اكثر مما يتحرك وحده هذه مشكلة في السودان والحكومات والتي تحكم احيانا تحاول ان تمزق اعداءها اذا كانت حكومات طاغوتية كالحكومة الحاضرة والتي سبقتها من قبل تحاول ان تفتت عدوها (فرق تسد) كما كان يفعل الانجليز بنا طبعاً. فهي تشق شقه بالاغراءات وبالمناصب حتى تشق الحزب بعد ذلك يمكن ان تلغي الشقة تلقى بها وتلغيها عن الوجود.. نحن نحتاج لحريات اولاً وتحتاج لنتطور فعلا بروح الجماعة روح الفريق، كل شئ في الاسرة في العمل الاقتصادي والعمل السياسي، وفي كل شئ ونحتاج بعد ذلك لينتظم السودان حتى تكون الخيارات محددة اذا خيرت انا كناخب في الانتخابات الخيارات امامي واحد اثنان ثلاثة مثلا، لكن اذا انتثرت الخيارات واصبحت لا حد لها فكل واحد يأتي ويقول انا ابن الدائرة يجاملك وانا ... وانا... لا اعلم اذا منحته صوتي فاي شئ سيقول اذا فاز؟ فهذه آفة تؤذي في الحكم وفي الاقتصاد تماما فلابد ان تتبدل فينا. وانا يؤسفني ان اقول ان الحركة الاسلامية يمكن ان تنظم الناس منظومة حتى الحركات الدينية قامت على البنية الدينية التقليدية فالحركة المتجددة والتنظيم متجدد ولكن هناك ناس في السلطة استعملوا القوة طبعا لا يمكن ان تطوع الناس بالقوة فبالقوة لا يمكن ان توحد الناس يوحدهم ظاهرهم ويضطرون ليسلمون لك لكن لا يجودون عليك برأيهم مخلص وبجهدهم المخلص الا اذا اتفقت معهم طوعا بعقود بينك وبينهم عقد مرضٍ لابد ان يقوم على عهد الرضا، الزواج لابد ان يقوم علي عهد الرضا لا نجبر عليه المرأة اذ في هذا الامر ليست زوجة في هذا الامر الا شكلا، وكذلك الحاكم مع رعيته اذا كرهته فليس لرعيته ان تعمل معه كل يتثاقل ولا تريد ان تتجاوب معه اذا حتي ولو يدعو الى خير، وقد لا يدعو الى الخير اصلا، وهكذا كل شئ ونحن كل عجزنا في الشركات والادارات وفي عملنا العام بين .. بين في الحياة العامة والسياسة والاحزاب.
    { يقال بقيام حركة الانقاذ كان هناك برنامج محدد ومبوب وجري الاتفاق عليه وتعهد عليه هل ذلك صحيحا؟ واذا كان كذلك فهل من الممكن ان تفضح عن بعض ملامحه؟ ثانيا ومن خلال حديثك ان الحركة الاسلامية ونحن تهمنا التجربة السودانية.. يبدو لنا وكأنها لم يكن لها برنامج موضوع للتنمية الاقتصادية وهناك من يتطرق الي عملية الفنون والتي تجابه بالرفض من قبل البعض اذ كانت عبارة عن دعوة دينية للتثقيف الديني فما ظهر من افعال يشير الى انها قد جاءت عشوائية؟
    - بالنسبة للجانب الاول فان الحركة الاسلامية في السودان منذ عهد قديم قد تبين لها انها اذا كانت حركة دين تخطط للاخرة تعمر في الدنيا للتزود للاخرة ينبغي ان تكون لها خطة في الزمان القريب اي السنوات وقد امتازت على اغلب الحركات الاسلامية في العالم لان لها خطط للامام بعضها قد يكون خاص جدا في سرها لانه قد كانت مضغوطة جدا مضغوط عليها ومضطهدة، وتستتر في بعض امرها، وبعضه قد يكون علنا للناس، وللاسف كانت تجد الاحزاب حوله الاخرى ليست لها خطط اصلا رغم انها تاريخية وندعو الناس لما هم عليه مقبلون وما كان عليه اباؤهم اي انها كانت مؤسسة على تقاليد حتى لما قامت الانقاذ بدا ومنذ حين انه لم يؤذن لها ان تصل الى السلطة عن طريق الديمقراطية لان الديمقراطية تسير شيئا فشيئا ان تخطط وقد تتسع وقد تتبين، وبدأت تراودها خواطر بان تدافع على من يعود عليها بالقوة ووضعت خطة في بادئ الامر وكانت دائما ومنذ منتصف السبعينات منذ اول السبعينات بدأت في خطتها السنوية بعد ذلك بدأت خطتها طويلة المدى ، والانقاذ نفسها بدأت خطة 6 اشهر على الاقل وقد كانت له خطط طويلة الذين قاموا في الاشهر الاولى بعد ذلك وضعت لهم سنتان ومن ثم ثلاث سنوات وهكذا، وكانت فيها كل خططها لانها هي لا تريد ومنذ ان اقسموا عليها اي اقسموا ان هذا ليس حكما عسكريا هذا ليس حكم الجبهة كما كانت تسمى هذا حكم يراد ان يبسط للشعب كله ويمكن بحيث لا يستطيع عسكري من قوات مسلحة او بمذكرات او ضغوط خارجية تدخل علينا ابدا ان تبدلها اصلا ويكون للناس الحرية حتى نزرع هذه الاصول حتي تفتح الحريات كلها كانت مواد مؤقتة وكانت بادئة بحرية الصحف والاعلام ولكن اولا بدأت بالاسس التي تبني عليها، فالتعليم لابد ان ينفجر، ينفجر التعليم ووسائل الاتصال فهذه مهمة جدا للناس ليتبادلوا الرأي، فاذا لا توجد تلفونات حتى لا تعبر بها الناس، وعلينا ان تتذكر تلك الايام الخرطوم بحري وام درمان كانت التلفونات مقطوعة مع بعضها البعض، فاردنا ان يحدث ذلك بسرعة جدا وبعد ذلك نبدأ حكم لجان شعبية ومن ثم حكم لا مركزي، وهذه لم تكن معروفة في السودان، وقد نزلت تلك الافكار مجرد انا جاءت فكرة الحرية بعض الناس المتعودون على الامر بالضبط والربط يشق عليهم ولم يكونوا يعملون بالخطط اصلا فكانوا يعملون بالاوامر.. الامر المكتوب هذا كالسودان الآن فهنالك ومنذ زمان قديم الخطة العشرية. السودان ومنذ استقل الاستراتيجية الربع قرنية.. لكن كل هذا ورق لجان .. يآخذون طبعا، تأخذ على اشتراكك في اللجنة تأخذ اموالا وبعد ذلك ملفات تلف وتطوي ولا يذكرها احد، ايما وزير جديد يأتي لا يتذكر الذي وضعه من سبقه يريد ان يضع هو الاسس وكل الذي سبق ليس فيه شئ وانما يريد ان (يخربه) بغير الموظفين وبغير الخطط.. السودان متقلب بلد متقلب لا يبني بعضه على بعض لا على خطة ولا حتى على الماضي وان تزيد على الماضي وتترك للذي سيلحقك ليبني علي اساس، وللاسف عاداتنا غير طيبة في الحياة العامة ولا تجاربنا، فالسودان ليست له تجارب حكم طويلة كان كله قبائل وجماعات دينية وغيرها.. الخطط كانت موجودة، نعم واؤكد لكما ان الناس قد اقسمواعليها وان حرية الصحف قد كانت في الاول مجرد ان جاء قانون الصحافة وجد فيه صراع حاد مع السلطة التنفيذية. جاء قانون الاحزاب وجد صراع حاد وادخل الناس في شورى ثانية كأنها اول مرة محظورة وغلب حرية الاحزاب غلبت مع انه الذين (فوق) اي علي عالي كان رأيهم الغالب في الجهاز التنفيذي الاعلى ان لا تترك حرية للاحزاب لكن غلبت حرية الاحزاب للناس كافة كأنها اصول دين وهي تجربة الانسان فلا بد ان تتأكد في السودان لامركزية .. مجلس الثورة .. لكن الصراع بدأ بعد حين ،الذين لا يحبون الفتح ولا الفرج للناس والانبساط يريدون القبض والضبط والربط والاحتكار مع الاقلية التي كانت ترى لا بد ان تستعمل القوة وكان هذا من اسباب الصراع في واقع الامر، لكن نسبيا الآن نحن نعلم ماذا يجري من هناك وهم يعلمون ماذا يجري فينا فليس هناك خطط ولا لانفسهم ولا لسياسات البلد كل ما صادمتهم صدمة جلسوا ليجابوهها اي لهم رزق اليوم باليوم وصدمة اليوم باليوم وعدد اليوم باليوم وصديق اليوم باليوم.. وهكذا..
    اما عند الحركة الاسلامية في السودان اكثر الحركات التي كانت تتسع ونحن اول ما بدأنا شعرنا ان النساء لا يوجدن معنا وانما كلنا رجال، وقلنا كان من الجمعيات التقليدية حتى المتجددة ان السلفية كلها مجموعات رجال وشعرنا ان هذا امر منحرف لان الدين لما ارسل الى الرسول كان عدد المسلمين والمسلمات من اول يوم كان عددهم متساويا في عهد مكة اي عهد الاضطهاد واحد وفي عهد المدينة واحد فادركنا ذلك واصلحناه فقد كنا اول حركة اسلامية تنفتح في قصة المرأة كان هناك شئ اسمه الجنوب ولم يكن في الاحزاب الشمالية شئ اسمه الجنوب كلها احزاب شمالية وادركنا لابد ان يكون لنا اساس في الجنوب لا من السلطة يأتيك كموظفين وانما ليكون معك فبدأنا ننفتح تجاه الجنوب واللامركزية وقد كان رأينا منذ عام 1964 متقدم اكثرمن الآخرين اقرب الى اخواننا في الجنوب فانسبطنا نحو الاقاليم والقطاع الحديث كان جله من الحركات اليسارية والاسلامية كانت كلها من الصفويات ولكن نحن كنا ضد دوائر الخريجين حتى رغم انني قد فزت فيها.. لكن كنا ضدها لاننا كنا نرى لابد للخريجين ان يدخلوا في المجتمع ودخلنا الي الريف والي عامة الناس العامي والمتعلم كلهم في السياسة لابد ان يكونوا معا هذا يرشد هذا والعامي قد يعلم المتعلم ماهي القضايا ما هي الحاجات.. المتعلم هذا نظري والنظري ايضا له رؤى، فالزيادة على كل ذلك جددنا في مسألة الفن فالناس كان العلماء التقليديون كلهم اصبحوا.. النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى فنون الناس اذا فولكلوريا احباش في مسجده كان وبزوجته على ظهره يشهد كل هذه المعارض وكان في كل زواج يسأل عن فلانة حتى تغني للناس فكان الفن جزء من الحياة لكن نحن جئنا بتقاليد اصبح رجال الدين لهم فنونهم الخاصة (الطار) هذه الة حلال طبعا طارات المديح اما هذا الوتر اذا اصبح وترا فهو حرام هذا شيطان.. عودة وكمنجة.. اصبح شيطانا فاصبحت هكذا يجيزون هكذا ويحظرون ذاك، والشكل هذا اذا اصبح رسما بالحجر او بالقلم هذا لا يجوز عندهم لا يجوز، فاصبحوا يرونه كذلك والغناء كله هولاء صعاليك المادحون لا بأس بهم.. (ضاحكا) المغنين هم السفهاء والصعاليك.. فالحركات الدينية كانت مخوفة جدا من هذه المنطقة لكن الدين يقول لنا لا قدر الله لو الشيطان عبر منطقة تذهب الى هذه المنطقة عينا اذهب اليها وطهرها اذا كان قد افسدها، فنحن من وقت قديم اصبحنا نتكلم ان الموسيقى والغناء الله وهبني شئ في (حلقي) ان اعبد به الله تعالى وانا لا اقصد حلال وحرام فقط انا من الممكن ان ادخل به الجنة كما يصلي الناس ولكن اذا كان عندي شئ من المال وينفق ياخذ امتياز واذا عندي صوت ياخذ امتياز عليهم واذا لدى قدرة شعرية على تأليف الشعر او تلحين النغم فسأخذ امتياز ففي ذلك فلينافس المتنافسون. وبدأت ننقل الحركة للفن والدين - الفن والدين- بالطبع بدأنا في الطلبة فقد لا نستطيع ان يخرج في الخارج لان العلماء يقومون عليك ويقيمون عليك القيامة فبدأت قصة النقد وانا كنت اطمع بان الرياضة، وقد بدأنا نتحدث عن الرياضة ان هذه الساحة الله فيها وليس غائبا عنها، وانك اذا ضربت الاخر فليس هي (فاول Foul) واذا ا تيت بالكلمة فهي اتت من لغة اخرى وانما آذيت (اخوك) فهذا ديننا لا يجوز عليك وليس بقانون الرياضة فقط.. فدينا لا يصح، فاذا اردت ان تنافس انسان منافسة بالحسنى ومن ثم لا تسرق اي لا تدخل البيوت من ظهورها وانما من ابوابها ففي الكرة لا تسرق وتقف وراء المدافعين واذا قدر وخسرت ،لا قدر الله، كاحد (لا تهنوا ولا تحزنوا) واذا فرحنا لا نسكر ونقوم (نكسر) ونتصايح انتصرنا.. انتصرنا على الاخر بل اجعل روحك رياضية تحمل الانتصار بلطف وتعامل مع الاخر حتى لو تغلب عليك او تغلبت عليه بلطف وان يكون هنالك حكم او ان يكون هناك شخص آخر اذا اختلفنا في شئ هو يفصل فيه وتكون هنالك حدود لحياتنا وان لا نذهب خارج تلك الحدود.. اردنا ان نقول ان هذه الصياغات تربية لمعاني دينية في نفوس الناس.. هي ليست للغلبة.. اي تغلبني واغلبك.. هي تربية لمعاني دينية والحمد لله ليس فيها قتل.. لكن يأسف للمرء ان يقول كثير من الناس يقولون ان الدين في المسجد واذا دخل المسجد فقط فمعني ذلك ان تغلق الله او اغلق دينه داخل المسجد او داخل الخلوة.. واخرجه بعد ذلك، فكأن الله لا يوجد.. ولكن اينما تكونوا (فثمة وجه الله) فاذا كنتم احد عشر في الفريق فالله هو الثاني عشر ومن هنا ومن هناك، كان يمكن لهذه طبعا، جاء بعد ذلك موضوع الجهاد وادخل بعض الشئ من الاناشيد.. اي الاناشيد الجهادية وشئ من الموسيقى.. العزاء بدلا من المناحات الكثيرة.. الشهيد.. واهل الشهيد.. اناشيد ترضي الناس وتطيب خواطرهم، لكن انا قد التقيت بالفنانين مرة او بعض مرات ولم اكن تنفيذيا في الاصل لكن الذين كانوا يتولون التنفيذ يرون ان هذا مجال شراء للناس لتأييدهم في السلطة... فالمغنون يحتاجون للمال ولما يطور لهم والرياضة، كذلك عين لهم من (عل) اي افرض عليهم من على وهكذا ويؤسف المرء ان يقول ان كل هذه الساحات كان ينبغي ان تنهض والاعلام نفسه انا كنت اقول لهم ان القرآن يعلمنا ان ننفق على الاعلام اكثر من الدفاع لان هم كانوا يرون ان الدفاع اقوى من كل المال الا قليلا.. التعليم والصحة وكل شئ يجد القليل وكل شئ يأخذه الدفاع اما الاعلام فهو يهمل تماما الا بالحيل لا تلفزيون تطور ولا صحف والصحف حوصرت وروقبت ولم تتطور والاعلانات اضحت وسيلة ضغط والرقابة وسيلة ضغط اخرى واصبح الشباب الصغير يجلس فيها مؤقتا حتى يجد وظيفة في مكان آخر احسن منها يهرب اليه ولا يوجد استقرار، الاذاعة نقصت التلفزيون نقص واُحتكر نحن لا يوجد لينا احتكار اترك الناس يتكلمون العالم كله اضحى اذاعات حرة صحف حرة تلفزيونات حرة.. السودان متخلف.
    { رغم حديثك الطويل هذا نود ان نعود بك القهقري اي نعود لبداياتك اي لمرحلة الشباب.. ألم تحاول وانت قد تحدثت عن الغناء وعدد العود والطار.. هل حاولت الغناء او العزف على عود مثلاً؟
    - د. الترابي (تنهيدة طويلة بعض الشئ) طبعا انا في بيت قضاء شرعي.. قاضٍ شرعي اول خريج للمعهد العلمي في السودان والذين يأتون هنالك اول انغام اسمعها اما قراءة قرآن او مديح فالمادحون طبعا يمدحون باللغة العربية وبالالحان المحدودة المعروفة وهنالك المنشدون بالاغاني السودانية العرقية المعروفة، والانغام متكاثرة فعلمتني الانغام ومنذ وقت مبكر جدا وحتى شهادتي كانت الفنون جزء من الموضوعات التي اهتم بها وكنت يومها قد تعلمت اوزان الشعر وتوقيعاته وانا صغير جدا جدا هذا علم اسمه الشعر وله قوافٍ وله بحور محدودة واي بحر لابد ان يكون موزونا وان لا يكون منثورا وهناك فرق بين المنثور والموزون وقد بدأت الف شعر واحيانا اعرضه على بعض اساتذتي واستشهد لهم ببيت وانا قد الفته واقول لهم قد وجدت هذا البيت من البيت ويسألوني من اين وجدته فاقول لهم وجدت بضعة ابيات وحفظتها وهم تخصصهم في اللغة العربية وكان هذا من الممكن وقد كانت تلك واحدة من الخيارات في نفس هذا المجال وهي مجال تعبير للاخر ووراءه اللغة وهي من احب مجالات في الحياة، ولم اعزف على عود اذ ان منزل الاسرة لا يسمح لي علما بان القراءة كانت كثيفة عليّ (تداخل .. رغم انك درست بفرنسا؟) لقد كنت اذهب في فرنسا الى المسارح والسينما وقد كان عسير علي في فرنسا القراءة لان اللغة لم تكن لغتي وادرس لغة في قانون وقد كان القانون البريطاني فلا بد ان اكثف حتي اتعلم اللغة ولا بد ان اكثف رغم انني لم احضر لنيل شهادة فقد ذهبت الى فرنسا من اجل الثقافة والكثير من الناس يظن انني قد ذهبت الى فرنسا من اجل الدكتوراة لكن ذهبت لأنوع ثقافتي فلا بد ان ادرس تاريخ فرنسا وادب فرنسا وكتب فرنسا ولا بد ان اطور اللغة ومع ذلك كنت اذهب الى المسارح ورغم ضيق وقتي واحضر شهادة والاخرون حازوا مالم احزه انا علما بانني جئت من بلد قانونه اخر ولغته اخرى وثقافته اخرى، ففرنسا كانت مجال وانما كان مضيفة في فرص الحياة.
    { نعود مرة اخرى لعملية الاحزاب.. ففي بداية الانقاذ.. جئت بمسمى كثر الحديث حوله.. التوالي.. التوالي .. من اين جئت بهذا المسمى؟ وهل كان الاتجاه في بداية مراحل الانقاذ ان تلك الاحزاب المتوالية تكون بالفعل رديفا للحزب الاساس للدولة؟ ايضا هناك مقولة تقول دخل الدستورالذي وضعته لجنة قومية الى القصر ودخل مكتب الترابي وخرج صورة اخري غير التي وضعته اللجنة القومية، ماهي الحقيقة؟
    - كلمة توالي تلك صحيح ما تشيران له، لكن انا نسبيا في اللغة العربية متقدم على زملائي منذ ان كنت صغيرا فمنذ السنة السادسة من تعليمي كنت ادرس الالفية وليس الالفية وحدها ولكن صرف الافعال فقد قرأت صرف وليس نحو والمعلقات كلها ومن ثم من وقت قديم تقدمت نحو الانجليزية فقد اجدتها افضل من الزملاء الذين رافقوني وهذا فتح لي باب الفرنسية فاللغات كلما درست لغة تطورت لغاتك فانا في الصياغة وكنت وقتها في وزارة العدل ووزارة العدل من مهامها ان تصيغ الارادة الوطنية في قوانين وهذا من اهم وظائفها وتعتبر هذا اوامر اللغة هي اداة القانون، النجار له ادواته، والطبيب له ادواته.. القانوني ادواته الكلمات لكي تعبر بدقة فانا اقترحت هذه الكلمة.. اقترحتها علي النواب وشرحتها لهم وقلت لهم الخيار لكم اذا اردتم تنظيم او حرية تنظيم قولوا
    Freedom of Organiztion اي حرية التنظيم Association يعني التنظيم الا يكون منظم اي تنظيما محكما تيارا اشتراكيا او تيارا اسلاميا او تيارا جبهويا.. اي جبهة عمل سياسي سموه assaciation باللغة الانجليزية والي فلان والى التالي .. لكن يمكن اسميها الموالاة لكن الموالاة يمكن ان نصعد الى عال والله مولانا وفلان مولانا في العلم ويمكن ان تنزل مولاتي هذه، فانا لا اريد ذلك وانما اريد المساواة فقلت التفاعل هو افقي والمفاعلة يمكن ان تكون رأسية او افقية والتخاطب فانت تخاطبني وانا اخاطبك وقد اخاطبك وتستمع انت فقط اي تبادلني مفاعلة في اللغة العربية هي نوع من المشاركات مشاركة بين واحد واخر فقلت لهم ،والقرآن يقول ذلك واي امي يقول: «فلان موالينا موالي قبيلتنا» بمعنى ان عامة الناس هنا يعني فليس فيها اي مضمون آخر هي لغة عربية فقط ليس فيها مضمون ومن ثم قلت لهم المضمون لا يجد لا اريد قيدا على المضامين. هذا الدستور خير من الدستور الحاضر الدستور الحاضر اذا لم توافق على اتفاقية السلام لا يجوز لك ان تشكل حزبا ، امس لم يكن هناك شرط اصلا في مضمون حزبك اذا اردت (اولئك اولياء الشيطان) الله يقول ولذلك لم يقل اقتلوهم في المدينة اليس كذلك؟ (ان حزب الشيطان كان) هكذا (اولئك اولياء الله) يتوالون في الله، يتوالون في الباطل، يتوالون في برنامج ذات اليسار، ذات اليمين، لا يوجد مضمون اصلا هي كلمة عربية فلان يوالي فلان فقط.. وان اركز فقط عليها المساواة وهي كلمة مساواة اكثر من موالاة ولا توجد ترجمة عربية لكلمة Assaciation الا هذه كلمة Organization هي تنظيم.. حرية تنظيم هي تعني تنظيم جمعيات تنظيم ادارات تنظيم شركات تنظيمات لا حد لها لكن هنا في الجانب السياسي عامة في اللغة العربية تستعمل كلمة والي فلان وهذا مولانا وهذا ولي بني فلان ووليهم وهكذا فقط لكن الناس البعيدين من اللغة العربية والبعيدين مما كنا نفعل ظنوا ان هذه الكلمة، لانه اقترحها الترابي، كلمة مشحونة بما يريد هو في الحياة.. الاحزاب المتوالية.. تتوالى تتعارض.. كل حزب اهله يتوالون ويكونوا معا في تشكيلة وانا اواليك والاخر يواليك وتشكل حزبا واحدا والاخرون يوالون انفسهم ليشكلوا حزبا اخر على برنامج على منهج معين، وحدثت الناس كثيرا وبالطبع الظن دائما.. العدو دائما.. يظن به كل السيئات حينما ظهر منه ولو كان بينا يريد ان يخادعني هذه الكلمة لا ترضي منه طيبا... هذا كلام فارغ خير من هذا الدستور.
    الدستور هذا الآن مضمون الحزب فيه شروط الآن هذا القائم المؤقت والاتي يريدون ان يدخلوا فيه هذا، ونحن عندنا في الدين قالوا لنا في المدينة المنافق ينافق برنامجه ،ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، واليهودي برنامجه يطعن في دين الاسلام هذه الكلمة لا يعلق عليها الناس ويظنوا فيها الكثير فالاحزاب المتوالية كثيرة ولعل هناك من لغته محدودة فقديما سيد الصادق المهدي جاء بكلمة (الفاجستية) قال نحن لا نريد وهو لم يطعن فيها وانما تكلم عن (السندكيت) وهي كلمة تعني نقابات المهنيين سندكيت فقال (السندكالية) لا تسأل الدوائر من الشعب من تنتخب نائبا كل ولكن تسأل السندكيت اي النقابات من تنتخب نائبا لها، طبعا القوى الحديثة تريد ان تصعد بهذه السلالم اليسارية والفاشستية والسندكالية فالناس لم تفهم كلمة سندكالية وافضل منها كلمة التوالي او الموالاة فالسندكالية اضحت قفشات و(كراكاتيرات) الى ان سكت منها، اما الحديث عن الدستور اولا او ان اقول لكما حقائق الدستور هذا مبادئه الاساسية تناقشت في داخل الاجتماعات اي اجتماعات الشورى في الحركة الاسلامية ثم رأينا ان توسيع المشاركة ويشارك فيه الآخرون.. وقد وضعنا في اعتبارنا ان الناس جبلوا على ان يشاركوا ويتشاوروا حتى ولو كان الامر والموضوع منتهيا وتكون مشاركتهم رمزية.. وقد لا يضيفون اليه شئ وبعد انتهاء الدستور واستلامه من اللجنة القومية وهو كما قلت كان معد سلفا قمنا بمراجعته وكان الرئيس يحضر بعض هذه الاجتماعات ولم نغير او نبدل فيه كثيرا وانما هي الفاظ ومصطلحات لابد من ضبطها وكان الامر يحتاج لمراجعتي لخبرتي ولان هذا هو تخصصي ولم اضف او احذف ولكن الصياغة القانونية للدولة كنت مسؤولا عنها اما الحديث عن الدستور والمسودة التي اجيزت فقط امتدحها الناس والمتخصصون والمشرعون وقالوا انها اوفت بالمراد ووسعت مواعين الحرية والحركة وغير ذلك لا مزيد على ما يوضع فيه.
    { يلاحظ في الآونة الاخيرة ان السياسة قد اخذتك من الجانب الدعوي في الوقت الذي يحتاجك الاسلام خاصة وبعد ما طرأ في العالم ما يدعون به الاسلام بأنه ارهاب؟
    - لا تنفصل في الاسلام الدعوة عن الحركة السياسية وكل ما اقوم به هو دعوة، لقد كنت داعية منذ طفولتي فأنا ولدت في بيت ديني وقانوني تشريعي.. فوالدي قاضٍ، وكان له رأي في الحكم الانجليزي وكان يجتمع حوله كثير من المثقفين وقد طورد بطريقة غريبة فقد حكموا عليه بالتنقل وكان المستفيد الاول هو انا فقد عشت طفولتي في كسلا في الشرق ثم النهود في الغرب.. ثم تجولت في كل السودان فدرست في حنتوب وفي الخرطوم بعد ان بدأت في النهود.. الي اني استوعبت مجتمع السودان الذي كان يتجمع حول والدي...
    وقد قمت برحلات وجولات حول السودان وذلك كنت اقوم برحلات جماهيرية وكنت اعرف كيف اخاطب الناس في الاقاليم لاني اعرفهم ويعرفوني ثم تجولت في العالم وكنت كما قلت في لندن وفي باريس وكنت للرؤية والتأمل ومعرفة الثقافات ومن هنا كنت ادعو وكما نرى فقد ظللت اعيش معظم عمري في المعتقلات والسجون او احيط بي وبنشاطي ولكني والحمد لله مازلت امارس الدعوة.. والآن اقوم بكتابة بعض المذكرات والخواطر الدعوية والتفسير للقرآن الكريم.. ولم يقتصر نشاطي على السودان وانما كانت هناك مبادراتي التي قمت بها في العالم لاني معروف لديهم واتحاور مع مفكري العالم، وبالمناسبة فان السجون التي دخلتها كنت متحركة فقد كنت انقل من اقصى الشرق اي من سجون الشرق للغرب وهذا وفر لي نقاشا وحوارا مفيدا وعميقا عمق معرفتي بالناس وبالسودان واهله لذلك فإني مازلت نشطا والحمد لله.
    { مع انك عشت في قلب الحضارة الغربية لندن وباريس.. الا انك حينما عدت لم يمكن نقدك لها متهما بالحقد او المرارة او التحيز.. او ما يشبه ما لدى بعض المفكرين الاسلاميين الذين رفضوا تجربة الغرب بعد ان عاشوها؟
    - هذا صحيح لاني افهم ان الحضارات البشرية يكمل بعضها البعض بل هي متتالية في الزمان.. والحضارة الغربية رغما عن مساوئها وتناقضاتها الا انها وليدة الحضارة الاسلامية، فمعظم جذورها راجعة الى الحضارة الاسلامية سواء اكانت فكرية او مادية.. اى صناعات او طرق الحياة.. والحضارة الاسلامية لم ترفض الحضارات الانسانية التي كانت موجودة ولكنها شذبتها ونقحتها من الضلال وطورتها وخلقت المجتمع الذي اقترب من ان يكون فاضلا لولا التدخلات فيه وانشغاله بالحرب الدفاعية.. وانا كمسلم لا انكر اية حضارة انسانية وذلك لانها موجودة وحقيقة لا يمكن تجاهلها وصحيح لا بد من المرونة لاننا لا يمكن ان نتجاهل الحضارة الغربية وانما يمكننا ان نحاورها، وكل الحضارات الاخرى سنحاورها ونثبت لها ان دعوة القرآن هي الموصلة الى السعادة الانسانية.. وعلينا الا تكون منغلقين وان نخرج للعالم.. ونحاورهم لان ان نحاربه الا اذا اعتدى علينا وهذا حديث آخر.

    © Copyright by sudaneseonline.com




                  

02-19-2007, 11:33 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)



    الاثنين19فبراير2007

    رداً على دكتور: تجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية (6)

    بقلم : د. امين حسن عمر

    شهد العام 1999م تطورات مهمة في سجل العلاقات السودانية الأمريكية التي بلغت القاع بانسحاب البعثات الدبلوماسية وانقطاع الاتصال بين الطرفين . وقد أشرنا في مقال سابق إلى محاولات وسطاء لوصل ما أنقطع ولكن هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح ، بينما انطلق السيد جونستون في محاولة جمع الحيثيات ضد حكومة السودان وبناء تحالف دولي للتحرك ضدها ، لم تكن تلك الخطوة تحظى برضى المجموعة المهنية في وزارة الخارجية ولا في وكالة الاستخبارات المركزية . وبخاصة بعد فشل سياسة الإحتواء وتصدع الطوق المضروب حول السودان من جيرانه. فالعلاقات الإثيوبية , الإرترية شهدت تدهوراً سريعاً بينما بدأت علاقات إثيوبيا بالتحسن مع السودان . وكانت الأوضاع في كينيا تدخل دائرة الشك والتكهنات والرئيس موى على وشك المغادرة . وكان يخشى من انفجار صراع حادٍ على السلطة في ذلك البلد . من ناحية اخرى تفجرت الأوضاع الأمنية في زائير، الكونغو الديمقراطية وأنقسم جيرانها في أحلاف مع كابيلا أو ضد كابيلا ووجدت دول مثل زيمبابوي والكونغو وانجولا في السودان حليفاً ضد يوغندا ورواندا . وتعززت علاقات السودان مع الكونغو الديمقراطية بزعامة كابيلا إلى مرحلة التعاون العسكري . العلاقات السودانية المصرية شهدت هي الأخرى تحسناً ملحوظاً . تبدى في تبني الحكومة المصرية مواقف جديدة ضد محاصرة السودان أو ضربه عسكرياً بأية حجة من الحجج . وكانت الخارجية الأمريكية ترصد كل هذه التحولات التي تصب لصالح السودان بعد بدء تصدير السودان للنفط مما سيكون له أثره في رفع قدرات الدولة السودانية في مواجهة التمرد وربما إضعافه إلى مرحلة حاسمة . وكان العام 1999م عاماً يسبق الانتخابات الرئاسية والتي أصبح الصوت الأسود فيها مرجحاً . وهو يُسترضى بالموقف ضد مضطهدي السود في السودان. دعاية روجت لها الأحزاب الأمريكية لكسب أصوات السود . فليس لدى الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي ما يمنحانه للسود بالداخل . فلم يبق إلا الادعاء بتبني القضايا الأفريقية . وبخاصة بعد أن كان لموقف الحزب الديمقراطي ضد الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا آثاره الملموسة انتخابياً بصورة مذهلة . جاء العام الانتخابي وإدارة كلينتون ليس لها سياسة ناجعة تجاه السودان . وهي تفشل في بناء تحالف دولي ضده . لأن آسيا قد بنت مصالحها مع السودان . ولأن الحوار الأوربي مع السودان قد شهد نجاحاً ملحوظاً مع رغبة أوربية ألا يترك السودان بموارده الهائلة للدول الآسيوية الناهضة اقتصادياً . وبخاصة وقد دخل السودان نادي مصدري الطاقة . وفي هذه الأجواء بدأ الديمقراطيون تقويم سياسة الاحتواء ضد السودان ، من خلال تكليف مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية المتخصص بدراسات الطاقة تقويم السياسة تجاه السودان واقتراح البدائل والخيارات . ولم يكن عمل المركز عملاً أكاديمياً بحتاً . فقد كان غالب أعضاء الفريق من المختصين أما في وزارة الخارجية أو الأمن القومي أو المعونة الأمريكية . أضافة إلى أثنين من الأكاديميين السودانيين . وفي هذا الأثناء بعث وكيل الخارجية الأمريكية توماس بيكرنج بخطاب للدكتور / مصطفى عثمان وزير الخارجية. وكأن الحكومة الأمريكية راغبة في عدم انقطاع الاتصال بين البلدين.

    وفي ذات الوقت كانت نتائج دراسة مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية تتجه نحو الإقرار بفشل سياسة الاحتواء والتوصية بسياسة ارتباط لبناء السلام في جنوب السودان. في هذه الأجواء انعقدت الدورة الحولية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي عادة ما يشهدها رؤساء الدول أو وزراء الخارجية . وكان الرئيس كلنتون حاضراً بعد إلقاء كلمته والتي كان للسودان نصيب منها كالمعتاد . وعند انتهاء الجلسة وأثناء استراحة الرئيس الأمريكي في حراسة جلاوزته المدججين بالسلاح ، اندفع دكتور مصطفى حتى وصل إلى مائدة الرئيس الأمريكي . مخاطباً أياه أن السودان يريد السلام وان مصلحة أمريكا في بناء سلام في السودان . وقد تعجب زملاء دكتور مصطفى من وزراء الخارجية كيف لم ينقض حراس الرئيس على دكتور مصطفى الوزير الأصولي في حكومة مارقة. ولكن استجابة الرئيس كلنتون كانت ايجابية بالموافقة على بدء حوار أمريكي سوداني مع تكليفه فوراً لوكيل الخارجية إلى جانبه بتشكيل فريق للحوار مع حكومة الخرطوم . ولما كان عدد لا بأس به من القياديين بمعية دكتور مصطفى ، فقد بدأ الحوار فوراً على هامش دورة الجمعية العامة . وكان الطرف الأمريكي متهيئاً لتحول في السياسة بل ذهب الأمريكيون بعد ترداد التهم والمخاوف تجاه السودان إلى عرض استضافة المفاوضات حول سلام السودان في واشنطون . وفي هذه الاجتماعات عرض الوفد السوداني على الأمريكيين بالسماح لهم بالتحقق من عدم صحة الاتهامات . والعمل على تهدئة المخاوف الأمريكية من استضافة السودان لعناصر إرهابية تعمل على استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة . ومما يدخل في باب التحليل أن نقول أن تقدم الحوار بين الطرفين شجعته الأزمة في الخرطوم بين الرئيس البشير والترابي . وشعور الجانب الأمريكي أن أجندة الإسلام الأممي تتراجع في الخرطوم . وبالفعل قبل الجانب الأمريكي دعوة وزير الخارجية لإرسال فريق للتحقق من عدم صحة ما تدعيه أمريكا في استضافة السودان لمجموعات إرهابية . على أن يعقب هذا الجهد لطمأنة أمريكا جهود تُبذل الأخرى من أجل بناء السلام في السودان . وكان دكتور مصطفى يسعى إلى بناء حوار سوداني أمريكي على شاكلة الحوار السوداني الأوربي الذي قطع شوطاً مقدراً . ولاشك أن شخصاً قيادياً من الأمن الخارجي كان مشاركاً في تلك الحوارات في واشنطون . ولكن المبادرة نحو بداية جديدة في العلاقات جاءت من طرف وزارة الخارجية السودانية ووزارة الخارجية الأمريكية . وشاركت أجهزة الاستخبارات في البلدين في الحوار لما كان موضوعه الأساس مخاوف تتعلق بدعم واستضافة الإرهاب . ومما لاشك فيه أن الرئيس كلنتون قد أعطى دعماً للاتجاه الجديد في السياسة الأمريكية تجاه السودان . فقد رد بصورة حازمة عندما تحدث إليه الرئيس اليوغندي عند استقباله بالبيت الأبيض حول ضرورة دعم يوغندا عسكرياً لدحر قوات الحكومة السودانية في جنوب السودان . أجاب الرئيس الأمريكي أن هذا البلد يحتاج للسلام وسوف نعمل على دفع الحكومة للوصول إلى سلام . كان هذا التشجيع ما كان ينتظره قياديون بالخارجية الأمريكية لبداية تفعيل اتفاق واشنطون بتشكيل فريق للتحقق من عدم رعاية حكومة السودان للجماعات الإرهابية أو استضافتها لتلك الجماعات . وتم تشكيل الفريق برئاسة سفير أول في الخارجية الأمريكية وعضوية خبراء ممن عملوا سابقاً بوزارة الدفاع الأمريكية وضباط من وكالة المخابرات المركزية . وكان الجانب السوداني برئاسة السفير عبدالرحمن النميري وعضوية مشابهة للجانب الأمريكي . وهكــذا بـدأت أول خطـوة بأتجـاه سـياسة جديدة تقوم على سياسة الإرتباط Engagement لا سياسة الاحتواء Containment ولتلك الخطوات قصة لها تفاصيل في مقالٍ آخر.

    الراى العام 18/2/2007

                  

02-01-2007, 05:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)



    الاربعاء31يناير2007
    الراى العام
    رداً على الدكتور: التيجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية (1)

    امين حسن عمر

    ساق الأخ الدكتور التجاني اتهامات كبيرة ضد جهاز الأمن الوطني ولا شك أن جهاز الأمن الوطني -وقد أسس أذرعه الإعلامية- قادر على الرد على ما أثير من اتهامات . ولكن الذي يعنيني هنا هو أن قبول هذه الاتهامات يعني أكثر من تمدد جهاز الأمن إلى جميع أفرع الدولة لينتشر بين أرجائها ويدخل عليها دخول الضباب على كل شيء. وبذلك لا يوجد غير مفاهيم الأمن وترتيبات الأمن ورجال الأمن ويتبخر التنظيم الإسلامي تماماً . تتبخر القيادة السياسية ويتبخر المشروع الإسلامي فلا يبقى له من دور إلاّ دور قميص عثمان لتبرير الطموحات السياسية لبني أمية الجدد. لا شك أنه مهما تلبدت رؤانا بالتشاؤم فلن نصل إلى تصوير الأمور بهذا الشكل ولا أدري كيف دخل الدكتور التجاني إلى هذه الحالة السوداوية التي لا تبقى لأحد من أفراد الحركة الإسلامية شيئاً من جذوة ينفخ فيها بأنفاس الإصلاح لتتقد النار من جديد .

    يقول الدكتور التجاني '' إن الدولة ممثلة في أجهزتها الأمنية صارت هي التي تحدد مسار التنظيم وليس التنظيم هو الذي يحدد مسارها''. ويضرب لذلك أمثالاً ''بدخول كارلوس للسودان ثم تسليمه إلى الحكومة الفرنسية'' وقد فرغنا من تفصيل ذلك في المقالة السابقة ومثل ''إيواء أسامة بن لادن في السودان مغايظة للنظام السعودي ثم محاولة تسليمه للحكومة الأمريكية على طريقة تبادل الهدايا'' وقد فرغنا من توضيح ذلك في المقالة السابقة . وانتهز هذه السانحة لأؤكد جازماً للأخ التجاني أنه لا الدولة السودانية ولا أجهزة الأمن السودانية قد عرضت أو سلمت أياً كان للحكومة الأمريكية أو غيرها وأتحدى أياً كان أن يسمى شخصاً واحداً سلمه السودان للحكومة الأمريكية أو لأية حكومة أوروبية أو عربية والأمر معروض بين يدي الحركات الإسلامية جميعاً بما في ذلك القاعدة وحركة الجهاد الحليفة لها أن تعلن اسم شخص واحد سلّمه السودان أو أجهزة الأمن السوداني . وقد روينا أن تسليم كارلوس تم في إطار تفاهمات وترتيبات بين أجهزة وزارة الداخلية وليس أجهزة الأمن ووفق الأعراف القانونية التي جعلت أمر محاكمته في باريس ممكناً . ولو لم تتبع تلك الإجراءات لقبل إدعاء دفاع كارلوس بأن محاكمته لا تجوز لأنه تم اختطافه من السودان.

    هذا لا يعني بالضرورة أن أجهزة الأمن السودانية ليست لها علاقات أفقية مع أجهزة الأمن العربية والدولية الأخرى . فهذا عُرف مُسلّم به مثلما هو مسلم بالعلاقات بين أجهزة البوليس العربية والدولية ، ولا أعتقد أن شخصاً في فطنة الدكتور التجاني يحتاج أن نوضح له ان جميع الدول والحكومات تحتفظ بقنوات بين أجهزة مخابراتها حتى في أحلك ظروف العداء. وهو يعلم أن فتح قنوات أكبر بين الـ كي جي بي ههےهههےهههےهههےهههKGB) ) وكالة المخابرات المركزية CIA) ) قد اتفق عليه إبان أزمة خليج الخنازير عندما كادت الحرب النووية تدمر نصف العالم بسبب الشكوك والريب المتبادلة . وبسبب الأفعال وردود الأفعال المتسارعة . ومنذ ذلك اليوم أنشأت كل وكالة قسماً كاملاً لتبادل المعلومات الصحيحة والسريعة مع الوكالة الأخرى . ليس ذلك فحسب ، بل وفتحت قناة اتصال مباشرة بين الرئيسين الأمريكي والسوفيتي وأنشىء الخط الأحمر وهو هاتف مباشر بين الأبيض والكرملين . ومنذ ذلك الوقت برزت الحكمة في إقامة ما يعرف بدبلوماسية المخابرات أو الدبلوماسية السرية . وأصبحت وكالات المخابرات عبر القنوات الدبلوماسية تتواصل عبر ما يعرف بضباط الاتصال . وكانت السفارة الأمريكية في الخرطوم وطوال عهد نميري ثم عهد الأحزاب ثم العام الأول من الإنقاذ وحتى العام 1992م تحتفظ بضباط اتصال من وكالة المخابرات المركزية CIA) وكان هؤلاء معروفين باعتبارهم واسطة الاتصال بين أجهزة الأمن السودانية والوكالة الأمريكية وهذا الأمر متكرر في كل دولة تحتفظ الولايات المتحدة الأمريكية معها بعلاقات دبلوماسية. وفي العام الأول والنصف الثاني من العام الثاني من عمر الإنقاذ كانت وكالة المخابرات المركزية تتابع مسار الأوضاع في السودان . ويستفسر الضباط من رصفائهم السودانيين بشأن توضيح مواقف الحكومة وسياساتها . ولكن هؤلاء وخلافاً للأعراف الدبلوماسية غادروا فجأة دون إخطار الخارجية السودانية أو رصفائهم في جهاز الأمن . وكانت مغادرتهم المفاجئة مثار تشكك وتخوف من النوايا الأمريكية تجاه السودان . وما إذا كانت الحكومة الأمريكية تفكر في مواجهة عسكرية مباشرة مع السودان . ولم يكن ذلك مستغرباً بعد حرب الخليج الأولى وبعد حرب الصومال وتكرار الاتهامات أن العراق تحتفظ بقوة صاروخية في السودان . وان العراق يطور أسلحة كيمائية في السودان . كذلك كان معارضون سودانيون ينسجون شبكة من الأكاذيب المحكمة حول النشاطات السرية للحركة الإسلامية في بناء تحالف مع الحركات الإسلامية القومية لاستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة . بل أن كلمة القاعدة نفسها نُسجت وبيعت للمخابرات الأمريكية التي اشترت تلك الدعاوى . وهي قائمة على فكرة ان الدكتور حسن الترابي والمنظمات الفلسطينية والحركات الإسلامية والفصائل الأفغانية قد شكّلت تنظيماً دولياً منافساً للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين . وان هذا التنظيم يختلف عن التنظيم الدولي لأنه تنظيم يؤمن بالجهاد المسلح . ويعتمد على قاعدة من المقاتلين المعروفين بالأفغان العرب المحتمين بالفصائل الأفغانية. وفي أراضي السودان والصومال . وخطورة التنظيم أنه يضم المنظمات الفلسطينية الراديكالية التي تؤمن بالكفاح المسلح مثل فتح التي يقودها أحمد جبريل ، والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية بقيادة نايف حواتمة وجماعة الجهاد بقيادة الشقاق وجماعة حماس بقيادة مجموعة الأردن خالد مشعل ونزال وغيرهم . وأن خطورة هذا التنظيم تكمن في إيواء دولة معترف بها من العالم له وتقديمها التسهيلات له سواء كان ذلك في شكل أسلحة أو وثائق أو اتصالات أو تغطية دبلوماسية لحركة الناشطين من عناصره .

    وقيل إن هذا التنظيم هو قاعدة للحركات الإسلامية لتنطلق سياسياً من السودان. وتتدرب عسكرياً في أفغانستان والصومال واليمن . ومصطلح القاعدة مصطلح لم يخترعه أسامة بن لادن ولا أيمن الظواهري ولم يلتق أسامة بن لادن بأيمن الظواهري إلا في النصف الثاني من عقد التسعينات . ولم تكن العلاقات بين المجموعتين في أحسن أحوالها . وكانت واحدة من هواجس الأمن أن يندلع صراع مسلح بين هذه المجموعات . ولكن التحالف نشأ بين التنظيمين في أفغانستان عندما أعلن أسامة بن لادن سعيه لطرد الأمريكيين من جزيرة العرب . وان واجب الوقت على المسلمين جميعاً ان يتناصروا لطرد الأمريكيين من جزيرة العرب . مصطلح القاعدة باعه عميل سوداني للمخابرات الأمريكية اسمه (علاء) وقد انكشف للمخابرات الأمريكية كثير من الخداع والتزوير الذي نسقه هذا العميل بالمعاونة مع عناصر من المعارضة السودانية وعملاء لأجهزة مخابرات عربية . ربما راقت التسمية من بعد ذلك فاستعملتها المخابرات ووسائط الإعلام الأمريكية ثم للمجاهدين في أفغانستان فجعلوها عنواناً لتنظيمهم . ولكن الذي يطلع على بيانات اسامة بن لادن وبيانات حركة الجهاد في السنوات الأولى وبعد بروز مصطلح القاعدة إعلامياً لا يجد وروداً ولا اعترافاً بهذا الاسم تعريفاً للتحالف الجديد بين التيار السلفي الجهادي الذي يقوده اسامة بن لادن والتيار الاخواني الجهادي الذي يقوده الدكتور أيمن الظواهري .

    ثم تطورت العلاقات بين السودان وأمريكا إلى دركات أدنى عندما أعقب سحب ضباط الأمن سحب غالب عناصر السفارة من الخرطوم من بعد ذلك . ثم جاءت ما عرُفت بأزمة ''الورقة البيضاء'' Non Paper وذلك عندما طلب السفير الأمريكي '' روبرتسون'' مقابلة الدكتور الترابي ما بعد ضحى يوم من الأيام. وسلمه ورقة غير رسمية Non Paper لا تحمل ترويسة السفارة ولا ختمها ولا إمضاء السفير. والورقة تهدد السودان وتطالبه بطرد العناصر الإرهابية وتصفية المعسكرات والسعي لإقرار سلام مع جنوب السودان وإلا فإن أمريكا سوف تعزل السودان دبلوماسياً وتحاصره اقتصادياً وتضربه عسكرياً. هز الدكتور الترابي كتفيه في وجه هذا التهديد قائلاً للسفير روبرتسون (هل تتوقع مني أن أرتجف، أفعلوا ما تستطيعون فعله)Do you want me to shake , do whatever you can ) ).

    ثم أن السفير الأمريكي طلب مقابلة الرئيس وتم تسليم الورقة أيضاً للرئيس ، والذي هزأ من التهديد الأمريكي . ورأي فيه علامة ضعف لا علامة قوة وقال له ان السودان إذا قدر لكم أن تطأوا أرضه فسيكون جحيماً أشد ناراً من فيتنام ثم أصدر الرئيس توجيهاته بعدم السماح للسفير بمقابلة أي شخص في الدولة أعلى رتبة من السفير الذي يرعى شؤون الأمريكتين في وزارة الخارجية.

    نواصل،،،،

                  

02-04-2007, 12:08 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)



    السبت3فبراير2007
    الراى العام
    رداً على دكتور/ تجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية.. (2)

    بقلم : د. امين حسن عمر

    اهتم الدكتور التجاني عبدالقادر بمقال الكاتب كن سيلفنشتاين واعتبره مرجعاً في شرح العلاقات السودانية الأمريكية خاصة علاقة المخابرات السودانية بالمخابرات الأمريكية.

    يقول دكتور التجاني (إن كان يداخلك شك فيما نقول فيمكنك أن تعاود النظر في التقرير المطول الذي أعده كن سيلفنشتاين بصحيفة لوس أنجلس تايمز ونشره في تلك الصحيفة بعدد 19أبريل 2005م تحت عنوان ''الدولة السودانية المارقة تصبح ذات قيمة للحرب الأمريكية على الإرهاب) . حجة الدكتور التجاني في اعطاء قيمة لهذا المقال الصحفي وهو يعلم تماماً مدى دقة وصدقية مثل هذه المقالات أن صاحب المقال إلتقى بمسئولين سودانيين وأمريكيين . وأيضاً هو يعلم تماماً مدى دقة هؤلاء الصحفيين في سياقة الأقوال وفي إخراجها من السياق . ولا شك عندي ان الصحفي المعني التقى بمسئولين سودانيين وأنهم أخبروه على تعاون أمني بين السودان وامريكا . لأنه لولا هذا التعاون الأمني لما استطاع السودان أن يصحح كثير اً من المعلومات المضللة ويساعد على حرق كثير من الملفات المفبركة. وقد اعترفت المخابرات الأمريكية بحرق ملفات كثيرة لم تثبت صحتها . وأخذت علماً باعترافات عميلها من المعارضة السودانية ''علاء'' الذي أعترف بفبركة التقارير . وصناعة صورة كاملة لدولة إرهابية . وأعانه على إعطاء معقولية لتقاريره سهولة الحصول على أوراق رسمية وسهولة تزوير هذه الأوراق الرسمية في السودان . ولكنه أوغل في التفاصيل وكل مزور يوغل في التفاصيل لابد له من الوقوع في أخطاء فادحة تكشف عملية التزوير باكملها . وكانت واحدة من القصص التي فبركها هذا العميل هي تآمر ضباط أمن سودانيين مع أفراد منظمات فلسطينية وعناصر من فصائل أفغانية لاغتيال '' انطوني ليك'' . ولـمن لا يعرفون انطوني ليك فهو دبلوماسي كبير في الخارجية الأمريكية عمل سفيراً في إسرائيل وعمل مساعداً لوزير الخارجية الأمريكية ، وعمل سفيراً في أثيوبيا . وصدقت المخابرات الأمريكية المؤامرة الأكذوبة واتخذت تحوطات لحماية السيد ''انطوني ليك'' . وعني ذلك استئجار مكان آخر له غير مسكنه، وبقاؤه مع سكرتيرة خاصة . وما لبث هذا الوضع أن أدى إلى ملابسات ومشاكل عائلية للسيد ليك لا شأن لنا بالخوض فيها . ولكن المؤامرة المزعومة على السيد انطوني ليك وما أحاط بها من إعلام كانت ذات تأثير كبير على ترسيخ شعور بخطورة ما يجرى في السودان على الأمن الأمريكي . وترافق ذلك مع إقحام اسم السودان بالمؤامرة على مبنى الأمم المتحدة . وتردد اسم السودان بدعاوى من مخابرات عربية بإقامة معسكرات للتدريب لتهديد أمن الدول العربية فرأت أمريكا هذه المرة أن ترسل تهديداً مباشراً بعد التهديد غير المباشر عبر الورقة المغفلة

    Non paper التي ذكرناها في المقالة السابقة . ورسول التهديد هذه المرة كان مندوب الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن السيدة مادلين أولبرايت وقد حكت السيدة أولبرايت نفسها في كتابها

    The Mighty and Almighty » قصة حضورها للسودان لإيصال إنذار قوي لحكومة السودان . وكيف أنها كانت خائفة وترددت في شرب عصير الكركدي ظناً منها أن الحكومة المارقة في الخرطوم تسعى لتسميمها وزاد ارتباكها لأن الشراب الأحمر الذي قدم إليها لم يقدم للرئيس . وكانت مرتبكة للغاية وهي توصل رسالة يفترض أن تكون رسالة تهديد . واعترفت أولبرايت ان تهديدها لم يحدث أثراً لدى الرئيس . ولاشك أن إرسال أولبرايت للخرطوم كان اشارة بعزم الحكومة الأمريكية لانفاذ التهديد في الورقة المغفلة «Non paper » بأنها سوف تعزل السودان سياسياً ودبلوماسياً وأنها سوف تحاصره اقتصادياً وأنه سوف تضربه عسكرياً . وكان مغزى زيارة أولبرايت وهي مندوب أمريكا في مجلس الأمن ان الخطوة القادمة هي العمل على عزل السودان دبلوماسياً وسياسياً . بدأت تلك السياسة عقيب زيارة أولبرايت واستمرت حتى زيارة جنداي فريرز إلى أديس أبابا هذه الأيام للحؤول دون وصول الرئيس عمر البشير لمنصة رئاسة الاتحاد الأفريقي . لم يرتفع صوت واحد من الحزب الديمقراطي الحاكم '' عدا صوت الرئيس كارتر'' يعارض سياسة المواجهة مع السودان . وكان الحزب الجمهوري اليميني أشد حماسة للمواجهة مع دولة ترفع شعاراً دينياً أصولياً . لم يكن تهديد امريكا بعزل السودان سياسياً وحصاره اقتصادياً وحربه عسكرياً تهديداً لإعادة السودان من بيداء المروق إلى حظيرة الخضوع . فلم يكن المطلوب آنذاك '' عودة الابن الضال'' بل إزاحة هذه الحكومة الأصولية ولو عبر الوسائل العسكرية خاصة وقد تجمعت معلومات هائلة حول اقامتها للمعسكرات للإرهابيين وتحولها لملاذ آمن للارهاب ودخولها في ملفات خطيرة مثل تكنولوجيا الصواريخ ، وتصنيع الأسلحة الكيمائية. كانت الخطة الأمريكية التي صرحت بها السيدة أولبرايت فيما بعد في اجتماع في يوغندا وبحضور أركان المعارضة السودانية والرئيس موسيفيني هي إسقاط الحكومة في الخرطوم. وكان قادة المعارضة قد وصلوا للعاصمة اليوغندية في الطائرة الخاصة بالسيدة وزيرة الخارجية الأمريكية. وخلال السنوات العاصفة في العلاقات بين السودان وامريكا سعت امريكا لعزل السودان أفريقياً وعربياً ونجحت في ذلك إلى مدى بعيد . واستخدمت منظمات الأمم المتحدة بصورة انتقائية لاستهداف السودان الذي أصبح رقماً ثابتاً في أجندة لجنة حقوق الإنسان وموضوعاً دائماً عند الحديث عن الانتهاكات لدى مسئولي اليونيسيف وغيرها من منظمات الأمم المتحدة . وحرم السودان أثناء ذلك من كافة حقوقه بوصفه عضواً من أعضاء الأمم المتحدة . وسعت امريكا لتجميد عضوية السودان في المنظمات الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة وأوقفت نشاط البنك الدولي في السودان وعلقت عضوية السودان في صندوق النقد الدولي توطئة لطرده واستعادة ديون الصندوق من خلال الاستيلاء على الأرصدة السودانية والبواخر السودانية والطائرات السودانية . وسعت امريكا لمنع السودان من الاستفادة من خدمة الأقمار الصناعية للاتصالات عبر الفضاء . ولم توفر جهداً في التضييق الاقتصادي على حكومة السودان ، ولا تزال تفعل . وقد بلغت التشريعات لمحاصرة السودان سبعة وثلاثين تشريعاً . وعلى الصعيد الآخر كانت الخطة الأمريكية هي دعم المعارضة السودانية بكل الوسائل . ولم يعد ذلك خافياً حتى نعيد روايته. وكانت الخطة بناء تحالف معادٍ ضد السودان مما سمي بدول الطوق لاسناد المعارضة ودعمها عسكرياً . وقد سمع الناس جميعاً بالخطط التي سميت مرة بالأمطار الغزيرة ومرة بوثبة الثعلب وغيرها من الخطط التي أفشلها الله أكراماً للمجاهدين الذين بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل الوطن . ولما إستبان أن كل ذلك لم يأت بالنتائج المطلوبة سريعاً فكرت الولايات المتحدة ببناء تحالف لتدخل إنساني في جنوب السودان . وبدأت مناورات لتدريب ما عرف وقتها بقوات التدخل الأفريقية وجمعت الولايات المتحدة جنوداً غالبهم من شرق أفريقيا. وجرت مناورات تدريبية في ''مثلث أليمي'' أقصى جنوب السودان على الحدود الكينية . وكان هدف المناورات التهيؤ لإمكانية صدور قرار بتدخل إنساني عسكري في جنوب السودان . ولكن البنتاجون الذي ظل يصنف السودان دولة مارقة ذات خطورة على المصالح الأمريكية لم ير أن تلك الخطة خطة رشيدة ومع هجران تلك الخطة هُجرت فكرة بناء قوات سلام افريقية .

    وأثناء تلك التطورات جاءت محاولة اغتيال حسني مبارك بأثيوبيا . وكانت تلك فرصة ذهبية لخنق السودان بواسطة الجيران المباشرين له . من خلال استغلال عقابيل الحادث والتوترات في مثلث حلايب . والتوترات على الحدود السودانية الأثيوبية وتحركات المعارضة السودانية المدعومة بقوة بواسطة إرتريا ويوغندا على وجه الخصوص . ورغم المعرفة التامة للمخابرات الغربية والمخابرات الامريكية أن حكومة السودان لم يكن لها دور في ترتيب تلك المحاولة وأن من خططوا لها عاشوا وتزوجوا ومارسوا التجارة في دول شرق أفريقيا بما في ذلك أثيوبيا وارتريا نفسها، إلا أن الغضب الأثيوبي والمصري هيأ فرصة نادرة لدمغ السودان بايواء الارهاب . وصدر القرار «1070» من مجلس الأمن الذي صنف السودان دولة توفر ملاذاً آمناً للارهابيين . وصدرت عقوبات دبلوماسية وحظر طيران للخطوط السودانية ( لم يهتم أحد بانفاذه مثلما حدث في الحالة ضد ليبيا).

    نواصل

                  

02-13-2007, 08:12 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    -: تعيــــد فتـــح ملـــف الحـــركــة الإسلامية الســـودان
    أرسلت في 13-1-1428 هـ من قِبَل -


    تعتبر الحركة الاسلامية من اكثر الاحزاب والتيارات السياسية التي شهدت حالة من الحراك السياسي محليا واقليميا ودوليا بتطويرها لآليات عملها السياسي من الفكرة الي مرحلة الدولة في وقت قياسي اذا نظرنا الي انها كانت مجموعة صغيرة قبل 1964 لا تتجاوز المائة اسرة وفق تراتيب العمل التنظيمي لحركة الاخوان المسلمين، الي حيث عودة الدكتور الترابي من فرنسا وقيادته لثورة اكتوبر 1964 وحسمه عبر مؤتمر العليفون الشهير لمسألة ادخال السياسة كعنصر اساسي في التغيير عبر سلطان الدولة ، ووصول الشيوعيون لسدة الحكم عبر 25 مايو 1969 والتحالف الذي نشأ ما بين الاخوان والانصار مما ادي للصراع المسلح في الجزيرة ابا وود نوباوي وتكوين الجبهة الوطنية في الخارج التي دخلت في صدام مسلح وفق ما اطلق عليه اعلام مايو «أحداث المرتزقة» التي احتلت عبره طليعة من قيادات الحركة الاسلامية دار الهاتف بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين وابراهيم السنوسي .
    وبعد لقاء بورتسودان ما بين الصادق ونميري وتوقيع المصالحة الوطنية فإن الحركة الاسلامية انخرطت في مؤسسات مايو التنفيذية والتشريعية والدستورية ، حتي قبيل سقوط النظام عندما حدثت المواجهة وادخلت كافة قيادات الحركة الاسلامية للسجن حتي 6 ابريل 1985م.
    في مرحلة الديمقراطية الثالثة (1986 ــ 1989) غيرت الحركة الاسلامية من آليات عملها السياسي باحداث تغيرات هيكلية في الحزب بدءاً من الاسم الذي حُوّل للجبهة الاسلامية القومية التي كانت اللاعب الاساسي في تشكيل واسقاط الحكومات .
    وفي 30 يونيو/ حزيران قامت الحركة الاسلامية باستلام السلطة عبر انقلاب عسكري استخدمت فيه تكتيكات اربكت الحسابات محليا ودوليا حول هوية الانقلاب بعد ذهاب الامين العام للحزب الدكتور حسن الترابي حبيسا ، وقائد الجناح العسكري رئيسا .
    لتنتقل من مرحلة الشرعية الثورية للشرعية الانتخابية للنظام الرئاسي وقانون التوالي، ومذكرة العشرة التي قصمت ظهر الحركة الي شطرين «وطني وشعبي».
    وبلا شك ان حقائق التاريخ لهذا التنظيم الكبير جديرة بالتوثيق من صدور الرجال وهم احياء شهود علي العصر.. لذلك بادرت صحيفة «أخباراليوم» بفتح هذا الملف التوثيقي المهم حيث كانت ضربة البداية بإفادات اثنين من ابرز رجالها هم مولانا احمد عبد الرحمن والشيخ علي عبد الله يعقوب علي ان تتواصل الافادات.. فإلى افادات هذه القيادات التاريخية:






    الشيخ علي عبد الله يعقوب : مرجعية الخلاف بين البشير والترابي ليست فكرية وانما حول السلطة

    قبل مؤتمر الـ10 ألف عضو حضر لي في منزلي ثلاثة من قيادات الحركة وطلبوا ترشيح الدكتور الترابي لرئاسة الجمهورية
    هذه تفاصيل الاجتماع الذي تم بين الرئيس والترابي بعد استشهاد الشهيد الزبير و البشير قال للترابي : يا حسن انت اخوي الكبير ما بتكون نائبي بل رئيسي



    الأستاذ علي عبد الله يعقوب
    شيخ علي باعتبارك من القيادات الكبيرة في الحركة الاسلامية ما هي خلفية الصراع التي أدت للمفاصلة ؟.
    رد قائلاً: الصراع كنت شاهداً له من الألف للياء ، ما كنت اريد الحديث عنه بيد انني لدي الآن محاولة للاصلاح بين الطرفين الخطوات بطيئة حتي يلتئم الجرح .. هنالك جراح بين الطرفين .. لا اريد ان انكأ الجراح من جديد .
    ملخص الصراع ما خرج عن الفتنة وهي اشبه ما تكون بالفتنة الكبري ما بين سيدنا علي وسيدنا معاوية وكلهم صحابة من كتّاب الوحي نشأت بينهم فتنة .
    الفتنة نشأت بين المؤتمر الوطني والدكتور الترابي شخصيا ، ومرجعية الفتنة والخلاف ليست فكرية . هي ليست خلاف فكري .. ولا خلاف في الاساليب .
    الدكتور الترابي كما هو معروف كان له دور كبير في تطور الحركة الاسلامية بمراحلها المختلفة منذ اكتوبر 1964م وكان له الفضل في تحويلها الي صيغة جبهة الميثاق الاسلامي حتي تتوسع وتشمل أنصار السنة والاخوان المسلمين جماعة صادق والصوفية والعلماء .
    وانطلقت مرحلة الجبهة الاسلامية القومية وهي مرحلة التوسع ، والتوسع الاخير قيام المؤتمر الوطني وهو اوسع من الشعار السابق المؤتمر الوطني ضم حتي المسيحيين وقامت له دار في العمارات اشرف علي انشاء هذه الدار الدكتور الترابي .. الامين العام للمؤتمر الوطني .. واعتدل في جلسته ثم قال : انا اقدر كما قلت ان الخلاف لم يكن من اجل منهج بل كان خلافا حول السلطة .
    وأوضح انه كانت هنالك مجموعة حول الشيخ حسن الترابي اوحت له او التفت حوله وطلبت منه ان يترشح لرئاسة الجمهورية الاخيرة في المؤتمر الذي حضره عشرة آلاف والذي انعقد بالمؤتمر الوطني .
    وقال : قبل المؤتمر بحوالي اسبوعين او اكثر حضر الي في البيت ثلاثة اشخاص هم ابن عمر والاخ سيف الدين محمد أحمد والمرحوم احمد عثمان مكي .
    طلبوا مني ان ارشح الترابي رئيساً للجمهورية في الاجتماع القادم وكان المتبقي من الاجتماع اقل من شهر وتحاورت معهم في ذلك .. سألتهم لماذا؟ قالوا ان البشير اكمل 10سنوات واشاروا الي ان الترابي يمتلك مرتبة علمية كبيرة . ولم اسألهم هل هم يمثلون انفسهم ام جهة اخري .. وحسب ظني لم يأت من فراغ اجتمعت معهم مجموعة في مكان ما رأوا ان يحدثونا في ذلك حتي ارشح الترابي رئيسا للجمهورية .
    قلت بكل وضوح :انا اعترف ان الترابي اعلم اهل الارض ولكنه الآن لا يصلح رئيسا للجمهورية . ليس ذلك قصورا فيه او ضعف ولكنه غير مقبول لا اقليميا ولا دوليا .
    غير مقبول لدي امريكا ومصر ودول الخليج وانا لا ارشح شخص غير مقبول من هذه الدول وكلها مؤثرة علي السودان .
    قلت لهم ان هذا الوقت غير مناسب وقد تأتي متغيرات اخري .
    واوضح الشيخ علي انه قال لهم ان البشير اتي من الجيش .. اين الجيش ... فذكروا نقطة ان الجيش مؤمن من الضباط الصغار وهم مع حسن الترابي .. قلت لهم هل تريدون ان يقاتل الجيش بعضه البعض وتتركوا الفرصة لقرنق ان يأتي داخل الخرطوم بلا مقاومة ، وطلبت منهم ورجوتهم أن يغلقوا هذا الملف ويتركوا هذا الطلب .. هذه واحدة .
    { الامر الثاني :عندما انتقل للرفيق الاعلي الشهيد الزبير محمد صالح في حادث تحطم الطائرة كنا مجتمعين في مقابر الصحافة لنودع الفريق الزبير الي مثواه الأخير وطلبت منهم ان نجتمع في منزل عثمان خالد بالرياض .
    واجتمعوا قرابة الـ 15 من القيادات اذكر منهم الكاروري ..محمد يوسف محمد ، الفاتح عابدون ، عثمان خالد ، ابراهيم السنوسي . عرضت عليهم فكرة ان يكون النائب الاول مدني وليس عسكري . حتي يكون التلاحم بين الجهاز العسكري والمدني بما يحقق التحام الشعب والجيش خاصة ان كل الحكومات العسكرية اسقطها افتقادها للجانب المدني وتمت الموافقة علي ترشيح الترابي نائبا اول وهو صاحب فكرة الانقاذ ورجل من كبار المفكرين والسياسيين وتؤهله قدراته العلمية والتنظيمية ان يكون في هذا المنصب او اعلي .
    وذهبنا اليه في ذلك المساء في المنزل وطرحنا له الفكرة ورحب بها ووافق ان يكون النائب الاول ثم تركنا في منزله وذهب للمشير البشير .. وقال له ان اخواننا الكبار طلبوا مني ان يكون النائب الاول مدني . والثاني ان يكون هو حسن الترابي .. البشير قال له : يا حسن انت اخوي الكبير ما بتكون نائبي بل رئيسي . والبشير طلب من الترابي ترشيح شخص .. فرشح الترابي الدكتور علي الحاج .
    البشير لم يعترض لقصور في الدكتور الحاج قال للترابي : اريد ان يكون النائب الاول علي عثمان لانني عملت معه عندما كان وزيرا للخارجية .. حضر لنا الترابي .. وحكي لنا هذه الواقعة .. وحكي ما تم ، ولم نناقشه وكنا نتمني ان لا يرشح شخصا ويعود لنا حتي نرشح شخصا .. ولكن كما يقولون سبق السيف العذل .. وهنا بدأت الحساسيات .
    وقلت للفاتح عابدون : اخشي ان يظن علي عثمان ان الترابي لا يريده ومن الافضل الذهاب اليه في بيته لابلاغه .
    هذه من النقاط التي اثارت الحساسيات واستطرد قائلا نقطة انتخاب رئيس الجمهورية . ونقطة النائب الاول بعد رحيل الشهيد الزبير بعد ذلك الترابي قام بانشاء المؤتمر الشعبي كحزب جديد وضم اليه عدد من الاخوان الكبار فبدأ الصراع حقيقة ما بين المؤتمر الوطني الذي يترأسه البشير والمؤتمر الشعبي الذي أسسه حسن الترابي .
    لماذا تعثرت خطوات الاصلاح ؟
    رد القيادي البارز عبد الله يعقوب قائلا ..الاصلاح بين الطرفين هي رغبة واشواق متبادلة بين الطرفين لان مجموع الطرفين « الوطني والشعبي » خاصة الاسلاميين تربطهم « عقيدة واحدة » واهداف واحدة هي قيام الدولة الاسلامية .
    ولعل هذه الاشواق تلمسها عندما تشاهد الطرفين في مكان عرس او مأتم يجتمعون ويتعانقون لان الخلاف شكلي وليس عقائدي .
    حتي الآن لم تبدأ خطوات عملية حسب علمي لتجمع الطرفين ، حديث هنا ، وحديث هنا ولكنه لم يأخذ الشكل المنظم .
    ولا اسمي الخطوات « متعثرة» ولكنها في البداية اشواق ومشاعر .
    وقد تحدث لي بعض الاخوان ان ابدأ اتحرك في هذا الخط حسب قولهم انني مقبول لدي البشير ولدي حسن الترابي ولا احتل منصبا تنفيذيا او حكوميا حتي يؤثر علي حريتي وحركتي .
    وكما يقولون انا املك حريتي وتحدثت مع كثير من الطرفين ولم اصل بعد للقيادة العليا ، واتوقع عما قريب ان تبدأ حركة للوفاق .. ولا اسمي العودة ان يكون هنالك وفاق وتلاقي في نقاط محددة ، تملي هذا الوفاق مصلحة السودان ، المهدد الآن من كل انحاء العالم والحفاظ علي الاسلام الذي يجد طغيانا صباحا ومساء وحتي من شركاء الانقاذ يجد طغيانا صباحا ومساء وحتي من شركاء الانقاذ ومن بعض الاحزاب كلها تستهدف الحركة الاسلامية ككيان موحد وتخشاه ، لان وحدتها قوة.
    الحركة الاسلامية اذا ما قويت سيكون لها تأثير ضخم في حاضر السودان ومستقبلة وستوقف بتجاربها كل الهجمات ضد الاسلام لان الحركة الاسلامية ليست حركة ميراث في السلطة وانما حركة دعوة .
    واردف قائلا : الاصلاح لا يحتاج الي عصا سحرية ، سهل المنال اذا كان القلوب التقت والاشواق اصبحت واقع معاش وليست هناك حركة اسلامية بدون الترابي او علي عثمان كلاهما من بوتقة واحدة وشربوا من مشرب واحد وغايتهم في النهاية واحدة هو الاسلام والسودان .
    في العالم المضطرب الذي نشاهده في العالم في العراق بين السنة والشيعة ، افغانستان وفي الصومال .
    { شيخ علي من يمثل الحركة الاسلامية الآن ؟. رد قائلا كل منهما يعتقد انه يمثل الحركة الاسلامية من الشعبي والوطني .
    الذي يمثل الحركة الاسلامية الآن هو الاخ علي عثمان ، المشير البشير متفرغ لرئاسة الجمهورية ، الدكتور نافع متفرغ لرئاسة الحزب .
    بداهة هنالك شخص اخر يهتم بالحركة الاسلامية وهي ليست بديل للمؤتمر الوطني .. ولا كيان يدور في المؤتمر الوطني هي تنظيم خاص مهمته العمل للاسلام والاسلام كحركة حياة في مجال الاقتصاد والسياسة والاجتماع .
    اما في المؤتمر الشعبي يمثل الحركة الاسلامية الشيخ حسن الترابي « والشيء بالشئ يذكر» السيد الصادق المهدي هو امام الانصار وهو رئيس حزب الامة . الميرغني رئيس التجمع وزعيم الختمية .
    الانصار كيان ديني والأمة تنظيم سياسي ، التجمع تنظيم سياسي والختمية ديني .
    يمكن الجمع بين الحركة والحزب في تناغم وتوافق كل يدعم الآخر .
    في المؤتمر الوطني كحزب حاكم اذا أفرغ من الحركة الاسلامية يصبح « جسم هلامي بلا قلب » ومعروف ان الجسم مهما تضخم حجمه يحركه القلب الذي بين الضلوع الذي يعطيه الدم والحيوية .
    الاثار السالبة لصراع الحركة الاسلامية
    من الاثار السالبة للصراع انه بدلا ان تتوحد الجهود وتتجه نحو غايات حفظ السودان وبنائه ، الانشقاق ادي لاضعاف وكما يقولون « تأبي الرماح اذا اجتمعن تكسرا واذا افترقن تكسرت احادا ».
    من الاثار السالبة ، الاضطراب في الكوادر الشابة المؤتمرين (هي في متاهة) لا تدري الي اين تتجه هنالك الترابي بتاريخه وهنالك علي عثمان بعطائه الحاضر ويظهر ذلك في قطاع الطلاب عندما كانت الحركة الاسلامية موحدة كانت تتولي قيادة اغلب الجامعات .
    الاثار السالبة النقد الاعلامي ، خاصة للمؤتمر الشعبي صحيفة يومية والكثير من الاقلام فيها توجه انتقادات للمؤتمر الوطني والحكومة ، بينما الحكومة الحاضرة من الذين انشأوها الدكتور حسن الترابي .
    من الاشياء السالبة حتي العلاقات الخارجية المسلمين في العالم مضطربين في السلوك حول الوطني والشعبي وخير دليل علي ذلك عندما جاء الشيخ القرضاوي لم يزر الدكتور حسن الترابي .
    كان في الماضي اول من يزور الدكتور حسن الترابي هذه من الاثار السالبة علي مستوي المفكرين الاسلاميين اذا نظرنا الي ان القرضاوي لا يمثل مدرسة بعينها وانما يمثل فكر .
    {هل الانقاذ تمثل الدولة الحلم للحركة الاسلامية ؟. رد قائلا : صحيح ان الدولة اساسا هي من انتاج الحركة الاسلامية لان الحركة في البداية كانت حركة صغيرة ثم دعوة ثم دولة . الدولة الآن حسب المشاهد السياسي هي دولة لكل الشعب السوداني بكل طوائفه وعقائده .
    لكن الاسلام مازال هو المنظومة التي تحرك الدولة في مجال الشباب والطلاب والمرأة .
    حتي في مجال الاقتصاد .. الآن الاقتصاد اسلامي وهذه ظاهرة فريدة في السودان في البنوك والشركات . الاعلام رغم انه ليس اعلام الحركة ولكنه متأثر باعلام الحركة في مناهجه واسلوبه .
    لان الكثير من الاعلام له علاقة بالحركة الاسلامية اما تاريخا واما عاطفة.
    اضف الي ذلك ان الصمود امام القرارات الاجنبية التي اعلنها المشير البشير ضد القوات الاممية هذا بلاشك هو قوة للحركة الاسلامية واردف قائلا فالدولة كالسفينة في البحر .. كل الرياح التي تهب من هنا وهناك عليها ان تجد صمام الامان في العقيدة الاسلامية بقوتها وتماسكها حتي الدول الغربية التي حاولت ان تستغل قضية دارفور لتنال من السودان ، الدولة وقفت علي مستوي الرئيس ونائبه ضد هذا السلوك .
    اغلب الولاة والمعتمدين الذين يديرون دفة الحكم والعمل السياسي اغلبهم او معظمهم كان ومازال في الحركة الاسلامية .
    معنى هذا ان السفينة محصنة من الرياح العاتية ونقول بكل صدق ان قائد السفينة رجل ماهر وقوي لا تلين له قناة في سبيل اهدافه . هذه لمحات من الدولة والحلم .
    ما هي الآفاق المستقبلية للحركة الاسلامية ؟
    رد قائلا : الافاق المستقبلية في السودان للحركة الاسلامية رضينا ام ابينا لان الاسلام في السودان تاريخا وحاضرا هو يجري في دماء الشعب السوداني كجريان الدم في العروق منذ السلطنة الزرقاء قبل 400عام وسلطنة الفور والعبدلاب ، وخلاوي القرآن الكريم المنتشرة في كل انحاء السودان كام ضوا بان وغيرها .. والطرق الصوفية التي تملأ الساحة الوجدانية بالاذكار والمدائح.
    فالسودان اكبر دولة مهما يقال هي الدولة المؤهلة لقيام الدولة الاسلامية.
    وقال : لا اقول ان الدولة الاسلامية قامت ولكن في المستقبل ستقوم دولة تعيد للاسلام مجده قيادة راشدة وسلوك اجتماعي متميز ، وحركة مجتمع متكافل وثبات علي مستوي العالم وتعاون مع كل دول العالم ..
    والسودان بتنوعه العرقي لا يتوحد الا تحت مظلة الاسلام .. (لا فضل لعربي علي اعجمي الا بالتقوي . وبتنوع الدين الاسلامي زرع في قلوب المسلمين حب التعاون مع المسيحيين (لتجدن اشد الناس مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا أنصاري ... ) والاسلام زرع في وجدان المسلمين الناس سواسية كاسنان المشط .. ولثقتنا ان العالم يحتاج لوحدة المصالح والسلوك والمناهج بدون عداء او حروب مع الاخرين.
    الاستاذ احمد عبد الرحمن
    احمد عبد الرحمن : الكاريزمية الشخصية للدكتور الترابي ادت لحل الحركة الاسلامية لتبدأ نهاية العمل الشوري
    الترابي قال انه صاحب البيعة وبدأ التساؤل (من يبايع من ؟)
    مذكرة العشرة كانت بعلم ودعم من الرئيس والترابي تفاجأ بها لهذه الاسباب
    لهذه الاسباب اصدر مجلس الشوري قراره بعزل الامين العام بما يشبه الاجماع
    احمد عبد الرحمن : القيادي التاريخي بالحركة الاسلامية
    مولانا احمد عبد الرحمن باعتبارك من القيادات التي عاصرت كل الاحداث في الحركة الاسلامية ما هي خلفية الصراع ؟ ابتدر حديثه قائلا « الحديث حول الحركة الاسلامية هي قضايا اساسية بحكم ان دور الحركة الاسلامية في الحاضر والمستقبل سيكون هام ومؤثر في مستقبل الحياة السياسية في السودان بحكم ان الحركة الاسلامية افلحت في ان تكون لاعب اساسي في الساحة السودانية ، ويمكن صراحة ان نقول ان الصراع في الحركة الاسلامية خلفياته قديمة ، واخذ اشكال مختلفة بحكم الجماعة وفدت اليها جماعات وافراد من مشارب ومدارس مختلفة في السودان وخارج السودان وبحكم ان النواة الاولي كانت تشكل من محاضن المؤسسات التعليمية الحديثة ، خورطقت ، حنتوب ، جامعة الخرطوم علي وجه الخصوص وبعض قيادات وعناصر قيادية ذات سبق من المعاهد العلمية ، كمعهد ام درمان العلمي ، وبعض الدراميين والجامعات المصرية .
    واستطرد محدثي قائلا :الصراع كانت ظهرت ملامحه منذ ان بدأنا نوثق للحركة الاسلامية في اصدارة ظهرت فيها مدارس متاثرة بالبيئة السودانية بعض منهم لهم خلفيات ختمية ، وبعض ممن لهم خلفيات استقلالية تحسب من اسر انصارية . ولا اذكر الكتاب الذي جرت فيه عملية التوثيق فيه عملية(التوثيق ) ولكن بحكم ان قدر كبير من التسامح بين قيادات الحركة الاسلامية نشأ من التربية في الجامعات وفي الداخليات كان هنالك قدر كبير من التسامح وكانت تلتزم بالشوري وتقضي بالاتجاه الغالب رغم عدم اللجوء للتصويت .
    اضف الي ذلك ان الحركة الاسلامية كانت تتجاذبها تيارات ، تيار كان يري ان الحركة الاسلامية امتداد للحركة الاسلامية في بدايتها حيث كان الشيخ علي طالب الله ، كان يصنف نفسه كامتداد للحركة الاسلامية المصرية وفي كتاب الاخوان المسلمون والمجتمع المصري تحدثوا عن حركة الاخوان المسلمين في السودان التي لها في عضويتها 40 اسرة وهو رقم في حد ذاته صحيح بلغ في حجمه في ذلك الوقت ولكن كان فيه تجاهل كبير للحركة الاسلامية التي كانت طلابية ولم تخرج للعمل العام والساحة السياسية . وبعد فترة وبعد ان خرجت الحركة الاسلامية للعلن بدأ الصراع في اسم الاخوان المسلمين الذي اخذ به لفترة حتي بالنسبة للحركة الطلابية الا ان ذلك كان مجال للتباين في وجهات النظر ، كانت هناك تيارات انه ليس من المصلحة الاخذ باسم الاخوان المسلمين بيد ان الحركة الاسلامية في السودان كانت ذات طابع استقلالي باسم حركة التحرير الاسلامي وكانت القيادات في الحركة والتي بدأت كحركة طلابية تري انه ليس هنالك مصلحة في الاستمرار باسم الاخوان المسلمون والاصرار عليه لانه يضع عليها جهد في محاولة الدفاع عن كل ما تعرضت له الحركة الاسلامية من جراء مواجهتها للسلطة المصرية وانه ينبغي ان يختزل الجهد ويوظف في مسائل ايجابية وتم التصويت في اجتماعين تم الاتفاق فيهما ان تتخلي عن « الاخوان المسلمين » وتعمل تحت شعار جبهة الميثاق الاسلامي .
    واستطرد محدثي قائلا : الخلاف تبلور في المؤتمر الذي عقد بالنادي الثقافي ببحري كانت به مواجهات بين جماعات موظفة كل وقتها للسياسة والصراع السياسي .
    وبرزت في مؤتمر بحري مجموعات علي رأسها محمد صالح عمر وجعفر شيخ ادريس . وبدأ الانشقاق الاول .
    قبله كان هنالك خلاف في وجهات النظر من داخل الحركة الاسلامية قادته جماعة المؤسس الاول للحركة الطلابية الاستاذ « بابكر كرار » وكان له باع طويل في تأسيسها والتأثير عليها حيث كانت خلفيته استقلالية وموقفة واضح في الصراع نحو التوجه من مصر والاستقلال .
    وبابكر كرار بقراءته التقليدية وثقافته الغربية وولعه واعجابه بالفكر الاشتراكي ، بدأ في اول اصدارة للحركة الاسلامية .. الارض لمن يفلحها خاصة انه كان من الجزيرة.
    انتهي الامر بصراع لان توجه بابكر كرار وجماعة النصري مرتضي السيد ، احمد عبد الحميد اما الدكتور الصائم كان محامي درس في مصر .. كان يري ان الحركة لابد ان تكون مستقلة وتكون بعيدة عن مصر وكان يساعدها ماليا وكان قريب من قيادات الحركة الطلابية . انتهي الصراع بين المجموعات .. بين مجموعة بابكر كرار التي اصبحت تريد عمل خلطة بين الاسلام والاشتراكية واذكر ان الصحفي حسن نجيلة كتب مقال عن الاشتراكية والاسلام . انتهي بخروج بابكر كرار وتكوين حزب باسم « الجماعة الاسلامية» والذي خرج معه عدد غير كبير ولكنهم قيادات امثال ، احمد النصري ، احمد الطيب احمد عبد الحميد .
    والغلبة في التنظيم ظلت في الحركة الاسلامية التي اتجهت لجهود فكرية كان للدكتور الترابي دور كبير في الرد علي الجماعة الاسلامية حيث اصدر انذاك اصدارة وزعت في اوساط الطلاب عصمتهم من التأثر الكبير بفكر الجماعة الاسلامية .
    وامر الوضع « ماشي» دون ان تكون هنالك تركات خلافيات في معظم القضايا وبدات مرحلة تكثيف الاتصالات واللقاءات وتحديد التوجهات والرؤي المستقبلة وكان هنالك مؤتمر كبير في العيلفون في عيد الاضحي قبل مايو . وقدمت فيه ورقة طرحت اسئلة ..
    {جماعة اسلامية تود ان تبلغ؟؟ ام نحن جماعة تسعي للمنافسة في السلطة كحزب سياسي .
    وانتهي الامر انه لابد ان يكون هنالك فكر جديد يولي امر السلطة اهتمام اكثر مما يطرحه الفكر التقليدي .. الذي كان يري ان الناس المتدينين يبعدون عن السلطة وكانت هذه الورقة هي التي وحدت الناس في فكرهم وتقبلهم لكسب الجماهير بالخروج بالصفوية والتعامل مع القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية .
    لما جاءت السلطة بعد 1964م كان هنالك جهد بالاهتمام بقضايا المرأة والجنوب وكان علي الحركة الاسلامية ان تحدد موقفها من هذه القضايا حيث رفعت قيادات الحركة الاسلامية حق المرأة في التصويت والانتخاب والترشيح ورفعت هذه المذكرة الاستاذة سعاد الفاتح والاستاذة ثريا امبابي .
    حيث طالبت بحق المرأة في الترشيح ولا تكتفي بالتصويت .
    ايضا كان هناك صراع عندما طرح الدكتور الترابي مبدأ ان « النساء شقائق الرجال » وانه لا ينبغي لفصل بين الاسر .. وعمل هذه في الحركة بيد ان بعض الناس خرجوا لعدم قناعتهم بموقف الحركة الاسلامية من قضية دور المرأة في الحياة العامة واستطرد محدثي قائلا: موضوع الجنوب شعرت الحركة الاسلامية انها قضية هامة لابد ان يكون هنالك طرح للتباين العرقي والديني . وكان للحركة الاسلامية دور كبير رغم ضآلة ممثليها في الجمعية التأسيسية . القوي السياسية اولت الدكتور الترابي التفاوض مع الاخوة الجنوبيين انابة عن كل السودان الشمالي . وكانت فرصة للحركة الاسلامية ان تفاوض انابة عن الحركة الاسلامية .
    الترابي كان له دور بارز في الحكم الاقليمي ،خاصة بعد تفجير الحركة الاسلامية لثورة اكتوبر نتيجة لسوء الادارة في الحكم في الجنوب ، كانت المذكرة كما وصفها الاساتذة انها مذكرة سياسية وليست مهنية .. لن ينصلح الوضع في الجنوب الا بازالة النظام المركزي في الخرطوم .
    الاسلاميون كان لهم دور كبير ، كل الندوات التي انعقدت كان يديرها الاسلاميون القوي السياسية كانت منحازة لنظام عبود .
    ويمكن الرجوع لمواجهة بقادي للندوات باعتبار ان الحركة الاسلامية تريد ازالة النظام المقبول لديهم . اصدرت انذاك الحركة الاسلامية كتاب عن حكم الجنوب وما ان وصلت للسلطة الا و بدرت بوادر خفية للصراع لان بعض القياديين بدا لهم ان هذه حركة شباب ينبغي ان تتخلص من القيادات التقليدية ذات السبق في الحركة ولكنها كانت متأثرة بشخصية قائد الحركة الدكتور الترابي فبدأت مجموعات من الشباب تلتف حوله وبدأ الطابع الشوري للحركة يتراجع رغم تعدد الاجتماعات .
    واردف قائلا: الا ان اخذ الطابع الكاريزمي لشخصية الدكتور الترابي ساهمت في حل التنظيم طوعيا بواسطة اخر مجلس شوري للحركة الاسلامية الذي ظل اكثر من 30 عاما .
    ومن ذلك الوقت رغم ان القرار صدر بغالبية إلا انه أُعيد في جلسة مجلس الشورى بحل الحركة الاسلامية.
    كانت بداية نهاية العمل الشوري في مسار الحركة وبدأت فكرة الشيخ ،وبدأت صورة قائد الحركة الاسلامية تأخذ طابع قيادة ذات الطابع الابوي والوصاية
    واردف قائلا : مجرد ما تحدثت عن الشيخ لابد ان تتحدث عن حيران .
    الشيخ بواسطة مقدراته الفائقة استطاع ان يبعد من يحسبهم معارضين لتوجهاته ورؤيته لادارة المرحلة .
    عمل للتخلص منهم سواء ان كانوا في اطار مدنيين او عسكريين .
    واصبح النمط بكل اسف طابعه فردي القدرات فوقية وغير قابلة للمساءلة او المراجعة ،بدأت فعلا الحركة الاسلامية تأخذ نمطا جديدا بدعوي توسيعها وبنائها من جديد في اطار النظام الذي اوجدته الحركة لتوسيع العضوية وادخال نسبة 40% من العناصر ذات السبق ،و60% من المستوعبين « لديهم توجهات او ميول للحركة الاسلامية وهذه التغيرات الجديدة ساعدت الامين العام ان يكون لديه وضع افضل بتجاوزه لوجهات النظر للقدامي ،واصبح الجدد مؤيدين للامين العام بمبدأ ان الناس علي دين ملوكهم
    الصراع بدأ في قضايا موضوعية
    وقال : ان الحركة الاسلامية رغم انها اضطرت للتغيير بواسطة العسكريين نتيجة ان المناخ كان مناخ تغيير ،والقوي السياسية كانت تتسابق للتعبير عبر المؤسسة العسكرية دون استثناء يذكر ،الا ان هناك قيادات في الحركة طلت ملتزمة بان ما تم من تغيير عسكري ينبغي ان تجاوزه في اقصر وقت ممكن الامر الذي ادي لمواجهة مع القيادات العسكرية في حركة التغيير ،والقيادات المدنية المرتبطة باحداث التغيير والمتأثرة برفاقهم العسكريين الذين احدثوا التغيير .
    وعملت مواجهة واضحة
    وظلت هذه القضية تؤجل من وقت لاخر الي ان جاء وقت حصل فيه تململ من قيادات مؤثرة تعتقد انه ينبغي فتح العمل السياسي للجميع بحكم ان تجارب العالم الثالث برهنت فشل نظام الوصاية علي الشعوب علي طريقة انظمة عسكرية غالبا ما تنتهي بانقلاب اخر او انتفاضة شعبية لذلك كان لابد من حدوث شئ جديد يخرج السودان من هذه الحلقة الشريرة من نظام عسكري الي نظام فوضوي مدني .
    وادت هذه الخطوات الي ان يفتح النظام الباب للعمل السياسي عن طريق ما عرف بنظام التوالي السياسي وهو عبارة عن الاذن للعمل الحزبي باستحياء ،وكانت النتيجة موافقة بعد نقاش امتد ليومين ،اعادة الامانة للشعب السوداني والاستعداد الكامل لتقبل انتخابات تعطي الشرعية لمن يريد من الشعب السوداني علي ان يتحمل اهل الانقاذ المحاسبة التامة اذا جاءت النتيجة لغيرهم وهذا اكرم لهم .
    وقال الاستاذ احمد عبد الرحمن : هذا انجاز كبير وغير مسبوق ليس علي الساحة السودانية وانما علي الساحة العربية وغير مسبوق .
    النمط الذي ظلت الحركة تسير به فترة طويلة استثار فيه شيخ الحركة الاسلامية بالقرار وادعي انه غير مسؤول .ودخلنا بوعي او بغير وعي بان هنالك شيخ للحركة صاحب تصرف فيها له السلطة الكاملة والنافذة دون خضوع لاية مسالة وانه صاحب البيعة
    اصبحت هنالك مجموعة كبيرة من القيادات المؤثرة والمفكرة وجدوا انفسهم في مواقف لا يحسدون عليها بحكم التاريخ لا يغفر لهم .
    وبدأ التساؤل من بايع من ؟
    هنالك بيعات واضحة ومعلنة في العلن ..انه رئيس الجمهورية الذي بايعته الجماهير السودانية بما فيهم اهل الحركة الاسلامية ،ليس هنالك مفاهيم لتجدد البيعة في السودان علي الاقل وبحكم الفقه المعروف والمألوف لاهل السودان ان الامام الذي بايعوه هو رئيس الجمهورية .
    هذا قطعا كان له سهم كبير في طبيعة الصراع ،هذه الاعتبارات العملية والفقهية والنظرية دفعت باقرب الناس من القيادات الشابة في اعداد مذكرة سميت بمذكرة العشرة .
    هؤلاء كان الشيخ يعتبرهم من اقرب الناس اليه .
    كانت المفاجأة ان تتم هذه وتتصدر اعمال مجلس الشوري بدعم وعلم مسبق من رئيس الجمهورية الذي كان في نفس الوقت رئيس مجلس الشوري في الوقت الذي لا يعلم فيه امين الحركة الاسلامية ،وكان في السابق يعلم كل صغيرة وكبيرة .
    ومن هنا بدأت صفحة جديدة
    بدأت نقطة يعدها المسرح في داخل الحركة الاسلامية انفجر ،اصبح هناك رأي منحاز لمضامين هذه المذكرة التي تنادي بالشوري ورفض الوصاية والمساءلة والمحاسبة ،وبدأت المواجهة خاصة ان الشيخ اعتقد ان هذه المذكرة ضده وكان يعتقد ان العسكريين وراءها وهذا ما جعل الصراع يمتد حتي الان .
    وبدأت مواجهة بين الشيخ والذين وقعوا مذكرة العشرة .
    حيث بدأ جولة في كل ولايات السودان وزاد في عضوية الحركة من 6 الاف الي 10 الاف .
    زارهم في الولايات عبر عمليات تعبئة سياسية ودون مشروعية من الاجهزة .
    الصراع امتد حتي استطاع القاء الكلية القومية والتي عن طريقها يختار القيادات ،شرد كل الذين وقعوا مذكرة العشرة او ايدها .
    وهكذا ظلت المواجهات في داخل الحركة .
    اصبح يطلق تصريحات للفضائيات تنادي بانهاء الطابع العسكري في الحركة بعد الغاء المجلس العسكري بخلع البذة العسكرية .
    هذا الاستعجال كان دون ان يخضع لقرارات المؤسسة المختصة ،وفعلا هذا الصراع اخذ طابعا اخرا واصبح واضحا .
    وبدأت معالجات من الحادبين علي وحدة الحركة خاصة وهي في السلطة .
    وظهرت جماعة رأب الصدع والتي اشتركت فيها اعداد كبيرة من خيرة ابناء الحركة الاسلامية وحتي علي مستوي الخارج ،القرضاوي والزنداني ووساطات من مصر واليمن لاصلاح ذات البين .
    كان هنالك عناد من شيخ الحركة وامينها العام وجماعة رأب الصدع اخذت طابع رسمي بقرار من مجلس الشوري حيث اقرها في احد جلساته بما يشبه الاجماع .
    عندما عرض الامر علي الشيخ اصر علي رأيه ،لذلك كان الرأي ان يتم اجتماع كبير للقطاعات .
    وبدأنا بقطاع الفئات الذي يرأسه محمد الامين خليفة كان رد الفعل من رئيس القطاع والامين العام ان اصدروا نداءات بمقاطعة المشروع الذي جاء من مجلس الشوري وهو ما ادي الي انفجار حيث كان من المقرر ان يحضر 700 عضوا وقفز الحضور الي 7 الاف .
    الامر الذي خرج من اليد
    كان لابد من عرض الامر علي مجلس الشوري باطلاعه علي كل التطورات حتي يحسم الامر نهائيا .
    وبدأت التكتيكات حيث دعا الترابي لاجتماع قبل انعقاد مجلس الشوري الذي طالب الترابي وجماعته بتأجيله .
    فشل اجتماع الامين في بيته وانتهي الامر بعرض الامر بحذافيره في مجلس الشوري
    انتهي الموضوع بعزل الامين العام





    اخبار اليوم
                  

03-11-2007, 04:00 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 476 2007-03-10

    عثمان خالد مضوي في حوار مع (السوداني)الاتحادي الديموقراطي أقرب إلى الدخول في معادلة سياسية مع الإنقاذ

    مولانا عثمان خالد أحد رموز الحركة الإسلامية والقيادي بحزب المؤتمر الوطني، ارتبط اسمه بفترة المعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس النميري في السبعينيات، حيث كان ممثل الإخوان المسلمين في الجبهة الوطنية التي ضمت حزب الأمة والاتحادي أيضا.. عثمان خالد يشغل حاليا منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني.



    حاورته: هويدا سر الختم



    هل فشلت الحركة الإسلامية في تقديم نموذج الحكم الراشد في السودان؟



    إذا كان المقصود بالحكم الراشد الحد الأعلى من الكمال، فالكمال لله وحده وأي مشروع إنساني لا بد أن يعتريه بعض النقص.. بلوغ أهداف المشروع تختلف حولها الآراء مثلا التجاني عبد القادر له رؤاه، وكذلك حسن مكي وعبد الوهاب الأفندى. وأنا أقول ان الإنقاذ حققت كثير من الإنجازات وأيضا اعتراها الكثير من الإخفاقات.. لكن التوجه العام نحو الإسلام لا يمكن ان تخطئه العين، ولكن هناك معوقات داخلية وخارجية تعترض الطريق. وأركز هنا على المعوقات الخارجية وبالتحديد العداوة المعلنة جهارا التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ليست ضد السودان فقط باعتباره بلدا توجهه توجها اسلاميا وإنما على طول الرقعة الإسلامية... إذاً هو صراع واضح المعالم والسودان من ساحات هذا الصراع.



    ولكن الإنقاذ فشلت في تقديم النموذج الإسلامي!!



    الذين يتحدثون عن فشل الإنقاذ وعدم التزامها بالمنهج الإسلامي حضرتهم اشياء وغابت عنهم اشياء كثيرة.. من اهم الأشياء التي غابت عليهم تعقد المجتمع السوداني المتعدد الأعراق، متعدد الثقافات وأديانه الكثيرة، لذلك لتحقيق النموذج الإسلامي لا بد من مراعاة كل هذه الاعتبارات.. ولا بد ونحن في سبيل الوصول لهذا النموذج المرور بكل مراحل الصراع ومراحل التحدي التي تواجه المشروع الإسلامي وتواجه الحكومة القائمة الآن.. لكن كثيرا من القوى السياسية في المعارضة لا تميز بين المعارضة المشروعة لأي نظام سياسي وبين مهددات الأمن القومي للوطن، وأصبحت في سبيل تصفية حساباتها السياسية مع حكومة الإنقاذ تذهب إلى الغرب وتطلب منه غزو السودان.. هذا مؤسف للغاية.. الترحيب بالقوات الدولية ليس له معنى سوى إن هؤلاء آملين أن هذه القوات ستطيح بحكومة الإنقاذ.



    ولكنكم فعلتم الأمر نفسه ضد حكومة النميري وكنتم تعارضون من الخارج.. ومدعومين من دول أجنبية؟؟



    لكننا حين عارضنا لم نذهب الى امريكا.. ولم نذهب الى بريطانيا.. (صمت قليلا ثم استدرك) نعم ذهبنا لبريطانيا لكننا مررنا بها مرورا عابرا.. أنا خلال تسع سنوات قضيتها في الخارج لم اطلب حق اللجوء السياسي في اي دولة.. ولم أتحصل على جواز سفر من اى دولة.. وحين احتمينا بدول الجوار كان ذلك في إطار معارضتنا المشروعة لنظام نميرى.. فهو نظام قاهر وباطش.. في فترته الأولى ضرب الجزيرة ابا وود نوباوى.. وسن من القوانين ما لا يمكن تصوره.. الأمر الجمهوري الرابع.. به سبعة عشر حكماً بالإعدام.. وفيه ان اى احد ولو كان من الوزراء يعارض الحكومة ولو بالإشارة يكون قد ارتكب جريمة يحاكم عليها بالسجن لفترة لا تقل عن عشر سنوات (لو قلت (بغم) للحكومة تاخد عشر سنوات). وهناك (17) جريمة سياسية عقوبتها الإعدام، هذا هو النظام الذى خرجنا في عهده.



    وما الفرق.. الآن من يعارضون الإنقاذ من الخارج ذهبوا أيضا إلى بريطانيا؟



    انا كنت ارى ان الجهاد واجب ضد ذلك النظام على كل مسلم ومسلمة، لكن الوضع مختلف المجموعات التي تحارب نظام الإنقاذ ذهبوا الى اسرائيل وتحدثوا من لندن وقالوا نحنا جئنا لإسرائيل وكنا نتخيل انها دولة سيئة حسب ما قيل لنا ولكن وجدناها بلادا جيدة وساعدتنا وأعطتنا 200 الف دولار.. هذا هو نوع المعارضة الموجود حاليا معارضة مرتزقة.. نحن ايضا (لما شافونا زرق كدة قالوا مرتزقة).. عموما في الفترة التي قضيناها في الخارج مع حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والحركة الإسلامية يتلخص المبدأ الذى خرجنا من اجله في الميثاق الوطني من المادة الخامسة والذى ينص على الالتزام بالإسلام عقيدة ومنهاجا.. نستمد منه الشرائع والقوانين التي تنظم الحياة الخاصة والعامة وتلبي متطلبات الدولة الحديثة.. هذا ما خرجنا من اجله، واتفق فيه معنا كثير من الناس، وحاربنا من اجله طوال تسع سنوات فترة الجبهة الوطنية.



    انت تصف فترة مايو بأنها كانت فترة بطش وطغيان.. ألا تلاحظ أن هذا عين ما يقوله معارضو الإنقاذ الآن؟؟



    والله لا أعلم اين هذا البطش في الإنقاذ؟؟ نحن يهمنا الآن ان الإنقاذ مرت بأطوار مختلفة جدا.. الآن لدينا الدستور الانتقالي ولدينا اتفاقية السلام الشاملة، هذا الدستور يمهد لعودة لنظام ديمقراطي كامل، والحريات الموجودة في هذا الدستور؛ حرية التعبير والتنظيم وحرية السلام والتجمع مكفولة بالدستور، وتحرس هذا الدستور محكمة دستورية مستقلة.. وهاتي لي ايا من الأنظمة العربية يكون بدستورها ما يوجد بهذا الدستور.



    لكن الدستور شيء.. والواقع الآن شيء آخر؟!



    ليس ذلك صحيحا.. أنا أعتقد أن الدستور مطبق..!



    مثلا.. هل الحريات المنصوص عليها في الدستور متوفرة في التطبيق؟؟



    حددي لي مثال لغياب الحريات.. وأرجو أن لا يكون مجرد كلام..!!



    مثلا ايقاف صحيفة (السوداني).. وقمع التظاهرة السلمية للأحزاب.. وغيرها كثير..



    تعطيل الصحف يتم بموجب قانون الصحافة الذى يرعاه مجلس الصحافة.. مجلس الصحافة هيئة نص عليها القانون ولم يتم تعطيل الا بموافقة مجلس الصحافة.. وإذا خرج مجلس الصحافة عن الصلاحيات الممنوحة له بموجب الدستور فيمكن لأي جهة رفع دعوى ضده للمحكمة الدستورية.. ولكن الآن هناك ضمانات لأي تجاوز للحريات الممنوحة لمجلس الصحافة.. اما منع تظاهرة الأحزاب فهي مسألة تقديرية لقوات الأمن فإذا كان الإجراء تحكمه ظروف محلية هذا موضوع، وإذا كان امرا تعسفيا فاللجوء إلى المحاكم أمر متاح.. ولا يمكن سلب سلطات الأمن السلطات التقديرية.. على سبيل المثال حينما توفي قرنق سلطات الأمن أرادت أن تمارس ضبط النفس حدث احتجاج على موقف السلطات فالمسألة كانت تقديرية (الناس كانت في حالة حزن ورأوا ان يسمح لهم بأن يعبروا عن حزنهم)..



    ولكن الأمر هنا يختلف، ولا شأن له بمسألة الحريات.. احداث الاثنين كانت اشبه بحالة حرب..!!



    ليست حالة حرب.. بل هي تعبير مدني عن حالة حزن على الزعيم الراحل.. وأنا اعتقد ان السلطة التقديرية استخدمت خطأ وكان على سلطات الأمن ان تستخدم نفوذها وبذلك كان يمكن ان تمنع الضرر الذى حدث. ولكن في تقدير سلطات الأمن انهم يعملون بمبدأ اخف الضررين ولا يتخذون موقفا ثبت انه خطأ.



    ولكن مسيرة الأحزاب كانت سلمية؟!



    ومن ادراك هل كان يتوقع في يوم الاثنين ان يكون هناك قتل وحرق وتخريب..؟؟ وما ادراك ان السلطات قد تكون وردت اليها معلومات بأن المسيرة قد تتحول الى مظاهرة يحدث بها كل ما سبق.. هذه سلطات تقديرية قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، وفي النهاية على المتضرر اللجوء الى المحكمة.. وهناك أشياء موجودة في اذهان الناس وأنا اتحداكم ان تأتوا لي بدولة عربية واحدة يجرَّح فيها الرئيس والوزراء ويشتمون ليلا ونهارا ولا يسألون غير الذى يحدث في السودان..!!



    سأفسر لك ذلك..!!



    (مقاطعا) هذا سيدخلنا في مناظرة وأنت طلبتِ مقابلة صحفية.. عليك توجيه الأسئلة وأنا ساجيب عليها..!!



    لكنك وجّهت لي سؤالا قابل للرد؟!



    تدعين انك محايدة ولكنك لست محايدة، وتعملين في صحيفة ليست محايدة.. فحيز الحرية الموجود في السودان حيز مطلق مقارنة مع الدول المجاورة.. وأنت تمسكين سوء استخدام السلطة التقديرية كدليل على عدم وجود الحرية اصلا.. وأنا اقول لك ان هذا منطق معكوس.



    دعنا نتجاوز هذه النقطة.. هل يمكن لجناحي الحركة الإسلامية ان يتوحدا مرة اخرى..؟؟



    هذا شئ في علم الغيب ولا اريد ان افصح عن رأيي الشخصي..!!



    هل تتوقع ان (لا!) تجرى انتخابات..؟؟



    لا أرى سببا واحدا يحول دون اجراء الانتخابات الا اذا حدث انفراط كامل للأمن في كل انحاء السودان، وهذا امر مستبعد. وإذا حدث انفراط للأمن في بعض اجزاء السودان فستجرى الانتخابات في الأجزاء الأخرى!!.



    انا اعلم ان هناك دعوة من بعض الجهات، ولا اريد ان اسميها وهي غير مستعدة لإجراء الانتخابات، لم تقم بطرح نفسها على المجتمع ولم تذهب الى المواطنين لتجديد تفويضها السياسي.. بعضها لم يعقد مؤتمره العام منذ سنوات وسنوات.. الممارسة السياسة كما هي معروفة غير موجودة اصلا في قوانين هذه الهيئات والمنظمات.. ويتحدثون عن الحرية والديمقراطية ولا يمارسونها داخل احزابهم، فهؤلاء الناس الذين لم يكتووا قط بنيران العمل الدؤوب المتصل بالجماهير والقواعد الشعبية.. يريدون ان لا يضطروا مرة أخرى للذهاب إلى الجماهير. هم يقولون ان الانتخابات لن تجرى في مواعيدها ويشيعون هذه الروح.. نصيحتي لهؤلاء الناس ان الانتخابات قادمة لا محالة.. وأن الرجوع للشعب امر واجب ومهم ولا بد لهم من تجديد تفويضهم السياسي. وإذا ذهبت الإنقاذ الى الجماهير ورفضت فمن حق الجماهير ان ترفضها.. وكذلك بالنسبة لهم اذا ذهبوا وقبلتهم الجماهير فهنيئا لهم مقدما.. وليهنأوا بهذه الثقة وليحافظوا عليها.



    هل تتوقع فوز المؤتمر الوطني في الانتخابات..؟؟



    بدلا من التكهنات انا ارى ان اى حزب يتقدم ببرنامج انتخابي مقنع للجماهير وبسجل انجازات ان كانت له انجازات يتقدم بها الى الناس سيحكم بها له او عليه.. والإنقاذ لها ما لها وعليها ما عليها، والشعب السوداني عليه ان يقرر اذا كان راضيا عن اداء الإنقاذ في الفترة السابقة، او له حنين جارف الى الماضي الى الذين كانوا قبل الإنقاذ ويعتقد كانت لهم انجازات اكثر من الإنقاذ، وبالتالي هم أجدر بأن ينتخبوا.. (كل واحد يقول (هاؤم اقرأوا كتابيه))..أنا اعتقد أن بعض الأحزاب لن تجد لها نصيبا يذكر من انجازات خلاف الكلام، وهو بضاعة سهلة.. انا اعتبر الإنقاذ بجميع المقاييس قدمت انجازات لا تخفى علي احد الا الجاحد.. فالإنقاذ شيدت سد مروي واستخرجت البترول.. وزادت الطاقة التكرارية لأكثر من اربعة اضعاف.. وعملت محطات لتوليد الكهرباء بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ السودان.. وشقت من الطرق ما لم يعمل في السابق.. وعملت في التعليم وتوطين الذخيرة.. ولا أعلم ما هي المقاييس في النهاية.. ويمكن لو جاء من يعمل أكثر ولكن حسب تجربتي في كل العهود وأنا رجل ابلغ السبعين من العمر لا اعرف شيئا للعهود التي مضت.. الفترة من 86-89 ما هو الإنجاز الذى قدم للشعب السوداني؟.. وإذا اعطي الشعب السوداني حزبا آخر التفويض فأتمنى ان يحدثوا مزيدا من الإنجازات.



    ما هو اقرب حزب لمنافسة المؤتمر الوطني..؟؟



    (حقوا تشوفي انتي..!!)



    أريد رأيك انت..!!



    انا لا اريد التكهن، ولكني ارى أن الاتحادي الديموقراطي اقرب إلى الدخول في معادلة سياسية مع الإنقاذ من حزب الأمة القومي جناح السيد الصادق.. افتكر ان الفترة القادمة فيها كثير من التحديات تحمل الأحزاب الوطنية على ان توحد جهودها. وأذكر ونحن في الجبهة الوطنية من 1969 -1977 كان طموحنا ان نقيم كيانا سياسيا جامعا يمثل وسط السودان ويمثل التوجه العربي الإسلامي في السودان.. لم نكن حزبيين بالقدر الموجود حاليا.. انا شخصيا لا أحب الحزبية.. يجب أن تكون هناك قيم وأسس وسياسات تكون محل اتفاق الناس جميعا.. الآن التحديات المنتظرة التي تواجه السودان كبيرة جدا وأرجو ان لا تعالج على اساس قبلي وحزبي ضيق.. علينا ان نعي اننا مستهدفين.. والمجتمع الدولي بإثارته لقضية دارفور ليس حرصا منهم على قضية دارفور ولكن بهيمنتهم على ثروات العالم يريدون وضع ايديهم على ثروات السودان.. وهم يسعون لوضع ايديهم على النفط الأفريقي..



    اذا اصر الرئيس البشير على عدم الترشيح لرئاسة الجمهورية في رأيك من البديل..؟؟



    من قال لك ان البشير لن يترشح..؟؟



    ذكر ذلك في مقابلة اجرتها معه قناة (بي بي سي)..!!



    انا لم اسمع به.. وهذا الكلام بعيد عن الحقيقة والبشير سوف يترشح بإذنه تعالى.



    هل استطاع المجلس الوطني ان يقوم بدور السلطة الثالثة..؟؟



    المجلس الوطني الحالي وبشهادة الكل هو اقوى برلمان مر على تاريخ السودان.. تأهيلا للكوادر الموجودة به، ويؤدى دوره كاملا في الإدارة.. واستطاع ان يصل الى معادلة بتعاون كافة القوى السياسية الموجودة داخل البرلمان.. وهذا برلمان الوحدة الوطنية وليس برلمان الحركة الشعبية او الوطني. ولكني أريد أن أؤكد على روح التعاون بين افراده.. الصحف تنقل صورا غير حقيقية وأنا ألاحظ في البرلمان بعد انتهاء الجلسة كل الصحافيين يتجهون إلى شخصيات معينة وهم الوحيدون الذين يهتمون بسماعهم ويتحلقون حولهم كأنهم موظفون لديهم!!..



    رؤية صحفية..المواطن لديه إحساس أن البرلمان لا يمثله ولا يهتم بمشاكله!



    لأنهم يتوقعون أن يسمعوا كلاما مشاترا لينقلوا الى المواطن صورة توضح ان اعضاء البرلمان يعيشون حالة شد وجذب وبالتالي يفشلوا في نقل صورة حقيقية.. انتم ايها الصحافيون كأنما مهمتكم أن تروجوا لأفكار بعض الناس الضيقة حتى داخل أحزابهم.. البرلمان يناقش القضايا ويقتلها بحثا ويهتم لسماع وجهات نظر من خارج المجلس.. وكمثال فإن قانون الأحزاب قتلناه بحثا..



    على ذكر قانون الأحزاب.. الأحزاب تتهمكم بتزوير بعض مواد القانون المتفق عليها..!!



    كل القضايا الخاصة بالتشريع تتم عبر لجنة التشريع التي ترأسها الأستاذة بدرية سليمان.. هذا القانون تعرض لجدل سياسي واسع والمسودة تعرضت للكثير من النقاش العميق وبقدر واسع من المشاورة، بعد ذلك جاء الى البرلمان وتم تدارسه والاستماع لوجهات النظر من مختلف الجهات المعارضة والمؤيدة الى ان تمت اجازته..



    ولكن تمت اجازته بالأغلبية الميكانيكية للمجلس وليس عبر التشاور الحر والمقنع لجميع الأطراف..!!



    تمت المشاورة والاستماع لجميع الأطراف ولكن في النهاية لا بد ان تكون هناك آلية لتمرير اي قانون.. ماذا تريدين انت بعد ان تم كل هذا النقاش والجدل ان ننتظر التصويت بالإجماع؟!!.



    عموما ماذا ينتظر من مجلس محكوم بالأغلبية المعينة فيه من حزب المؤتمر الوطني..؟؟



    نحن في المجلس الوطني ومنذ ان اتينا اتفقنا ان لا تمرر القوانين بالأغلبية المكيانيكية وإلا كنا نجتمع ليلا لنتخذ القرارات.. واتفقنا على التشاور والاتفاق.. ولكن في الآخر لا بد من الحسم، وهذا القانون مر بالتوافق.



    هل مثلت الإنقاذ الدولة التي كنتم تحلمون بها وأنتم تعارضون..؟؟



    طالما انك تحدثت عن الأحلام انا ارد عليك بقصيدة قالها الشاعر التونسي الكبير ابوالقاسم الشابي.. قال:



    ما قدَّس المثل الأعلى وجمّله في اعين الناس إلا انه حلم



    ولو مشى فيهمو حيا لحطمه قوم وقالوا بخبث (إنه صنم)



    الجنة هي المثل الاعلى، ولكن الإنسان نفسه تواقة تحب ان تصل دوما الى احسن الأشياء، ولكن اذا لم ترجم هذه النفس التواقة بقدر معقول من الواقعية ستعيش في الأحلام.. نحن نتوق للأفضل ونتوقع الأسوأ ونسال الله ان يوفقنا للأحسن.



    حاورته: هويدا سر الختم



    السودانى
                  

02-05-2007, 06:18 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 442 2007-402 1

    حديث المدينة
    سكسونيا السفلى.!!

    عثمان ميرغني
    كُتب في: 2007-02-01 بريد إلكتروني: [email protected]

    السوودانى

    صدر قرار من وكيل النيابة مولانا مصعب عمر عبدالله بإيقاف صحيفة السوداني.. نص الأمر قضى بأن يكون الإيقاف (فوراً!!).. لكنه لم يشر اطلاقاً لنهاية مدة الايقاف.. ويعني ذلك عملياً أن الصحيفة إذا لم تستأنف القرار ستكون في حكم المعطَّلة نهائياً.. صحيفة كاملة.. لسان حال شعب.. بكل صحافييها وإداريها وعمالها.. تساق إلى المقصلة بحكم إعدام..
    توقفنا ثلاثة أيام كاملة ثم عدنا.. ولو حدث كلَّ هذا في ظلام معتم.. بين أستار بيتنا السوداني لا يرانا إلا العيب الوطني.. لربما كانت الفجيعة حكراً على شعب السودان الذي لا يعرف لماذا يجلد على ظهره ويطلب منه في ذات الوقت قفل فمه بقطعة قماش.. لكن المشكلة الأكبر التي ربما لم يدركها البعض أن العالم كله يركِّز نظره علينا في وقت يتهمنا بأننا عاجزين عن إحقاق الحق في بلادنا وأن عدالتنا أقل قامة من أن تمنح السكينة والطمأنينة بما يستوجب تدخل محقق دولي فيها.. نحن الآن نوفر مزيداً من الأدلة للعالم كله الذي يرى كيف تفسر مواد القانون!!
    صدقوني لو قالوا للمعارضة ولكل أعداء الحكومة تمنوا لها الشر.. لما بلغ تفكيرهم مثل هذا (الشر!!) الذي يُفعل بها بأيديها.. هذا الإجراء –بكل غفلة- منح (السوداني) مزيداً من الشرعية الجماهيرية.. قدَّم مزيداً من الشهادات على أن الدفاع عن مصالح الشعب له فواتير مستحقة تسدد فوراً أو بالتراخي.. ولو كان القاريء يشترى هذه الصحيفة ليقرأها فهو بعد هذا التنكيل سيشتريها بولاء وموقف.. ليثبت أنه هو صاحب القرار الذي يسقط أو يرفع الصحف.. سيشتريها من باب (وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ)..
    على كل حال.. أبلغ السذاجة أن يظن أحد أن العلة في القانون ونصوصه.. القانون (ود حلال).. وليس في الدنيا كلها مشرِّع يجلس ليكتب قانوناً سيئاً.. لكن المشكلة دائماً في حالة الـ (لا) قانون.. دولة كبرى مثل بريطانيا ليس لها دستور.. ومع ذلك لا تهتك حرمات القانون.. بينما نحن دولة لها حتى الآن خمسة دساتير منذ أن استقلت.. كل نظام يكتب دستوره الخاص.. ومع ذلك يظل القانون مجرَّد موظف محترم مؤدب يلثم يد سيده تارة وقدمه تارات.. قانون عند اللزوم..
    اختصرتها لكم في أكثر من مناسبة في عبارة واحدة (فساد المنهج).. الذي يظن أنه ينصر الله ودينه بالظلم.. لا يخطئ فحسب.. بل يحتمل وزر كل من ساء ظنه في الدين.. فكثيرون من فرط ما حاق بهم من ظلم.. بينما هم يسمعون ليل نهار أزيز التسابيح ومصطلحات التعبد.. ظنوا أن الذي يظلمهم دين بكامل عنفوانه الروحي.. أربك إيمانهم غرر الصلاة ومسحة الدين المضروبة على الشعارات المرفوعة على الرايات..


                  

02-05-2007, 07:32 AM

الأمين لعوتة

تاريخ التسجيل: 11-21-2006
مجموع المشاركات: 167

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    Quote: فكثيرون من فرط ما حاق بهم من ظلم.. بينما هم يسمعون ليل نهار أزيز التسابيح ومصطلحات التعبد.. ظنوا أن الذي يظلمهم دين بكامل عنفوانه الروحي.. أربك إيمانهم غرر الصلاة ومسحة الدين المضروبة على الشعارات المرفوعة على الرايات..
                  

02-08-2007, 10:04 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الأمين لعوتة)

    رداً على دكتور: تجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية (3)

    بقلم :

    د. امين حسن عمر

    أخذ الأخ الدكتور التجاني على جهاز الأمن اتصالاته بالمخابرات الأمريكية، وصور العلاقة وكأن جهاز الأمن السوداني قد تحول إلى مصدر من مصادر المخابرات الأمريكية. وأوحى وكأن ذلك تم بمبادرة من أجهزة الأمن والمشرفين عليه بمبعدة عن التنظيم الإسلامي والمؤتمر الوطني والقيادة السياسية. وليس هذا بصحيح على النحو الذي صوره الدكتور التجاني، فالعلاقات السودانية - الأمريكية شأن في غاية الأهمية وإدارة الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية كان ولا يزال الشغل الشاغل للقيادة السياسية. فآثار السياسة الأمريكية تجاه السودان لا تنحصر في الشأن الخارجي فحسب بل تمتد لتؤثر تأثيراً قوياً في الأمن الداخلي والاقتصاد الوطني.

    ولاشك أن العلاقة السودانية الأمريكية قد مرت بأطوار عديدة ولكنها لم تخرج من نفق الأزمة بعد. ذلك لأن السياسة الأمريكية المعتمدة في الإدارة الأمريكية حتى هذه اللحظة هي سياسة (تغيير النظام) (Change of regime)وهذه السياسة لم تكن خافية في يوم من الأيام على الإدارة والقيادة السياسية وإن اختلف الناس أحياناً في قراءة بعض الخطوات أو في تقويم بعض المبادرات، ولكن الإجماع كان دائماً هو أن الإدارة الأمريكية قد غيرت أسلوبها في التعاطي مع السودان. ولكنها لم تغير استراتيجيتها في ضرورة «تغيير النظام». ولذلك من التبسيط ان يقال إن أمر إدارة العلاقات السودانية الأمريكية قد انفردت به أجهزة الأمن أو القيادة الأمنية في التنظيم. والتي يطلق عليها أخونا عبدالوهاب الأفندي «السيوبر تنظيم» وهو يريد بذلك المجموعة من المدنيين القياديين التي استعان بها الدكتور الترابي في تخطيط ومتابعة تنفيذ الانقلاب في 30 يونيو.

    وشهادة الأخ د. عبدالوهاب في ذلك شهادة سماعية وإستنتاجية. وهو ميال مثل سواه من المثقفين إلى التباعد من أجهزة الأمن ونسبة كل الشرور إليها. فهذا الموقف يناسب جداً التحلي بالأزياء الفكرية العصرية مثل الحكم الراشد والشفافية والمساءلة وشراكة المجتمع المدني. ولا يسارعن أحدُ من المثاقفة إلى اتهامي بالعداء لهذه الشعارات. فلا بأس بالشعارات ولكنها في أواننا هذا قميص عثمان الذي يرفعه بنو أمية للوصول إلى حكم غير راشد لا يشاركهم فيه أحد ولا يسألهم عنه أحد ولا يخبرون بشأنه أحداً من الناس. والحديث عن «سيوبر تنظيم» يرمى للادعاء بأن القرار يجرى إتخاذه خارج المؤسسات في غرفة مغلقة محكمة الرتاج مسدلة الستائر وأصحاب القرار ثلة غير معلومة للكافة وغير متعرضة للمساءلة. وليس هذا بصحيح، فالأزمات التي واجهتها الإنقاذ ولا يزال بعضها في وجهها لا يمكن أن تجعل مثل هذا «السيناريو» متاحاً. فقد كانت الإنقاذ مضطرة دائماً لاتخاذ قرارات صعبة في أوقات غير مناسبة. ولو كان أفراد الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والشعب السوداني مجموعة من الرجال الآليين «الريبوتات» لما توقع منهم أحد طاعة بغير تساؤل.

    لقد اضطرت القيادة دائماً فيما اتخذت من قرارات صائبة أو خاطئة إلى بذل جهودٍ كبيرة لتسويق تلك القرارات غير (الشعبية). بما في ذلك السماح للولايات المتحدة الأمريكية بالاضطلاع بدور في قضية بناء السلام في السودان، مع علم القيادة أن تسعين بالمائة من الشعب السوداني لا يثقون في خلوص نوايا الولايات المتحدة الأمريكية. وحتى أولئك الداعين المحرضين على تغيير نمط التعاطي مع الولايات المتحدة الأمريكية من المواجهة إلى الاتصال والارتباط لا يثقون في نوايا الولايات المتحدة الأمريكية. بل هو أكثر من سواهم، وبناء على إطلاع دقيق بمجريات السياسة الأمريكية على يقين أن الهدف الأمريكي تجاه نظام الحكم في السودان هو تغيير هذا النظام. ورغم أن هؤلاء قد أُتهموا بشتى الاتهامات بدءاً من تصنيفهم على رأي بالعناصر الرخوة امتداداً إلى تلقيبهم بأولاد أمريكا إلا أن دعوة هؤلاء قد وجدت الأذن الصاغية لدى القيادة وعلى رأسها الرئيس عمر البشير. والذي أشرف بنفسه على كل مبادرة وخطوة باتجاه بناء علاقة اتصال وارتباط مع الولايات المتحدة الأمريكية بديلاً لعلاقة المواجهة. وقبل أن نذهب إلى تفاصيل هذه الخطوات والمبادرات يحسن بنا ان نقدم ملخصاً للسياسة الأمريكية تجاه السودان. وهي سياسة لم تتغير رغم تعاقب الإدارتين الديمقراطية والجمهورية. فلدى كل إدارة دوافع قوية للوصول إلى نتيجة واحدة وهي ضرورة الذهاب بنظام الحكم الحالي في السودان. ولاشك أن سياسة تغيير الأنظمة ظلت مسألة جدلية في دوائر علماء السياسة ورجالها. فهل يؤدي تغيير نظام الحكم إلى إحداث التغييرات المطلوبة في دولة ما لتصبح هذه الدولة مسايرة بدلاً عن كونها دولة مارقة. غالب الرأي عند الديمقراطيين أن تغيير النظام لا يجدي، ولكن حالة السودان كانت لديهم ذات خصوصية وسنوضح ذلك في مكانه وأوانه. وأما غالب الرأي لدى الجمهوريين فأن سياسة تغيير الأنظمة متبعة. وفي عهود الرؤساء الجمهوريين جرت محاولات عديدة لتغيير الأنظمة وبخاصة في أمريكا اللاتينية والجنوبية. ومن باب الذكر لا من باب الحصر نذكر بنما ونيكاراغوا وتشيلي، وهذه السياسة قائمة حتى الآن، وفي قائمة الولايات المتحدة الأمريكية نظامان برسم التغيير هما نظام الحكم في فنزويلا، ونظام الحكم في كوبا. في آسيا تضم القائمة ايران وكوبا الشمالية وبورما. وفي أفريقيا تضم القائمة زيمبابوي والسودان. وللولايات المتحدة أسبابها لليأس التام من أصلاح هذه الأنظمة والدعوة إلى تغييرها، وللولايات المتحدة أسلوبان يؤديان إلى ذات الهدف. وهما سياسة الاحتواء من الخارج أو سياسة الارتباط لإنماء العوامل التي تؤدي إلى هدم النظام من الداخل. هذا يعني أن خيار الدولة التي تضعها أمريكا نصب عينها هو خيار أسير الخليفة بين الحربة والكوكاب، أما الخشنة وإما الناعمة. وقصة خيار الحربة والكوكاب قصة معروفة في تراثنا الشعبي ولربما تكون قصة موضوعة في إطار الدعاية ضد الخليفة التعايشي. إذ تقول إنه أحضر إليه أسيران فأمر بقتل الأول بالكوكاب وهي حربة مشرشرة مستلهمة من فكرة الخازوق، فما كان من الأسير الثاني إلا أن يناشد الخليفة باكياً بالملساء (والنبي بالملساء) أي أن يقتل بالرمح الأملس. والرمح الأملس هو ما يطلق عليه الدبلوماسيون الأمريكيون الهبوط السلس (Smooth Landing) ويضرب له مثلاً بما جرى في نيكاراجوا فبعد أن يئست أمريكا من سياسة المواجهة مع الساندانستا بقيادة أورتيجا. وبعد فضيحة الكونترا التي هزت الإدارة الأمريكية آنذاك غيرت الإدارة أسلوبها إلى سياسة «الهبوط السلس» أي سياسة الاتصال والارتباط بهدف إنماء قوى داخل النظام وتحريضها لهدم النظام من الداخل. وقبلت ساندانستا الارتباط الذي أدى إلى حوارات واتفاقيات سلام أفضت إلى إنتخابات. استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية فيها بناء تحالف قوي مناهض للساندانستا ممول بالكامل من الولايات المتحدة الأمريكية. وعبر حلفائها الأقارب والأباعد ومن خلال زرع الخلافات في الجبهة الثورية لشقها وتفتيت مرتكزات الولاء لها. ونجحت سياسة الهبوط السلس مؤقتاً بسقوط جبهة ساندانستا وتنازلها عن الحكم. بينما كاسترو فاغرُ فاه من الدهشة لسهولة سقوط حليفه الأقوى بالوسائل الناعمة بعد أن أفشلت الساندانستا كل الوسائل الخشنة والتي شملت بناء طوق عسكري من دول مجاورة، وبناء مليشيات وتسليحها وتمويلها وبذلك اثبتت سياسة (الهبوط السلس ) أنها خيار أفضل وأقل تكلفة في حالة صمود النظام المراد تغييره بإزاء سياسة الأحتواء الشاملة بالعزلة الدبلوماسية والمحاصرة الاقتصادية الخانقة وبناء الأطواق العسكرية من الجوار ودعم المليشيات وتسليحها وتمويلها. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تدرس استبدال خيار الاحتواء بخيار الارتباط المفضي لتغيير النظام بالأسلوب الناعم إلا أواخر عهد الإدارة الديمقراطية «إدارة كلينتون». ولم يطبق هذا الخيار إلا عهد الرئيس بوش. وبدأ الارتباط عبر الدبلوماسية السرية ثم الاتصالات الاستخباراتية ثم المبادرات العلنية ثم الإنخراط المباشر في خطة متفق على معالمها العامة. ولهذا قصة لها متون وحواشٍ لعلنا نبدأ حكايتها في المقال القادم بإذن الله.

    نواصل،،،



    الراى العام
    7/2/2007
                  

02-11-2007, 11:50 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)


    الاحـد 23 محـرم 1428 هـ 11 فبراير 2007 العدد 10302
    الشرق الاوسط

    الترابي يدعو لثورة شعبية ضد نظام الرئيس السوداني

    قال إن بعض عناصر النظام يخشون مصير حكام «صربيا»

    الخرطوم: «الشرق الأوسط»
    حرض الدكتور حسن عبدالله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الى الخروج الى الشارع في ثورة ضد حكم الرئيس السوداني عمر البشير، على شاكلة ثورة اكتوبر الشعبية في عام 1964 التي اطاحت بحكم الرئيس السابق ابراهيم عبود الذي وصل الى السلطة عبر انقلاب عسكري.
    وقال الترابي بتشدد «لقد تأدبنا وتأذينا من الانقلابات العسكرية»، ودعا الاحزاب الى خوض الانتخابات في صف واحد ضد حزب البشير المؤتمر الوطني، واتهم الحكومة بقمع الحريات، وقال ان «بعض عناصر النظام يخشون مصير حكام صربيا».
    ووصف الترابي وهو يخاطب في ختام اعمال مؤتمر حزبه على مستوى ولاية الخرطوم الاوضاع فى البلاد بانها «خطيرة»، واضاف على جميع القوى والمنظمات الخروج يوما واحدا لتقول كلمتها كما قالت من قبل في اكتوبر. ودعا الترابي الى نبذ أسلوب الانقلابات العسكرية، وقال ان كل حزب يقوم بها هو أول من يتأذى بها، ودلل على ذلك بتجربة حزبه، وقطع الباب امام هذا الأسلوب، واضاف قائلا «خلاص اتأدبنا»، وقال على الأحزاب التوحد في جبهة واحدة استعداداً للانتخابات وأن يكون ذلك على قواعد ومبادئ، ودعا الى تناسي الماضي والثأرات.
    وطبقا لزعيم الاسلاميين في السودان فان البلاد أصبحت في وضع أسوأ من الأمس، وحذر من تمزقه في حال استمرار الصراعات والاتفاقيات التي تأتي من خارج البلاد، وطالب بالقيام بوحدة حقيقية مع الجنوب لا تستند إلى الورق والاتفاقيات، ونبه الى أن نقض العهود يؤدي كل مرة الى اشتعال الجنوب، ونبه الى انه في هذه المرة لن يشتعل الجنوب ولكنه سينفصل بعد ان صار له جيش خاص به، واعتبر ان الوحدة هي أكبر تحدٍ يواجه البلاد.
    وانتهز الترابي الفرصة وشن هجوماً لاذعاً على اتفاقيات السلام، واعتبر ان الوفاق لا يمكن ان يأتي من خارج البلاد، وأبدى امتعاضه من سوء الاوضاع في دارفور والتي أطلق عليها صفة «المنكرات الإنسانية».
    واشترط الترابي ان اي حوار مع المؤتمر الوطني لا بد ان يقوم على الأصول، وقال ان غياب العدالة بالداخل أتى بالمحكمة الدولية، وأضاف ان بعض المتنفذين يخشون ان يلاقوا نفس مصير حكام «صربيا».
    ورهن تجاوز هذه الحالة بتصالح أهل السودان، وأضاف: «إن تصالح أهل السودان يمكن ان يتعافى ويكون هذا فوق المحاكم الدولية»، ودعا قيادة الدولة لأن تترك فرصة الترشيح للرئاسة لأشخاص جدد، في إشارة لإعلان رئيس الجمهورية رغبته في عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
    وذكر الترابي ان فتنة الحكم تصيب السلطان ولا بد من تقويمه، منوهاً الى انه لا يوجد نائب برلماني منتخب فكله أتى بالتعيين، وأبدى قلقه من ازدياد النعرات الجهوية في البلاد وسيطرة الحكومة على العمل التجاري عبر الشركات العامة، واعتبر هذه (اشتراكية) بعد ان ترك الاشتراكيون هذه المبادئ. وحث الحكومة على فتح باب العمل التجاري للمواطنين، متهماً بعض أهل الحكم بالفساد، وسخر من مصير عائدات البترول، وقال: «لا ندري اين ذهب البترول وقد أخفي عنا».
    غير ان الترابى نوه فى خطابه الى ان حديث الأمين العام السابق للحزب بولاية الخرطوم آدم الطاهر حمدون بدعوته لرئيس الجمهورية بالتنحي عن منصبه لصالح جنوبي ونقل العاصمة لأبيي بأنها لا تعبر عن الموقف الرسمي للحزب وأن حمدون ذكر هذا على سبيل المداعبة.
    وكان المؤتمر العام الشعبي بولاية الخرطوم قد انتخب في خاتم اعماله ليل اول من امس المهندس الصافي نور أميناً عاماً، بعد ان نال «1130» صوتا فيما نال منافسه اسماعيل الازهري «437» صوتاً. ومن جهة اخرى، سيطر النزاع الحدودي المكتوم بين السودان واثيوبيا على اعمال اجتماع للولايات الحدوية بين البلدين وانهى اعماله فى مدينة القضارف، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان والي ولاية القضارف السودانية تسلم مذكرة من مزارعي الولاية المتاخمين للحدود يطالبونه بالتدخل لحمايتهم من «تعديات مسلحة من اثيوبيين» في مزارعهم.
    وحسب المصادر فان ازمة الحدود المكتومة بين البلدين يتضرر منها الآن المزارعون بصورة كبيرة، وقال «ان لم تحسم فانها قد تؤدي الى تأزيم العلاقات بين الخرطوم واديس ابابا».
    وفي مؤتمر صحافي، كشف والي القضارف د. عبد الرحمن الخضر رئيس الجانب السوداني في اجتماعات لجنة تطوير الحدود السودانية الإثيوبية عن وجود متفلتين يسببون مشاكل لإثيوبيا تستهدف الأمن والاستقرار، وقال إن قوات الاحتياطي تنتشر في منطقة الفشقة بهدف تأمين الشركات العاملة على الحدود.
    ونفى والي القضارف وجود أية معارضة إثيوبية في السودان، وقال إن «الإشكالية هي المعارضة الإثيوبية التي تدربت في إريتريا»، منبهاً الى أنه بسبب المكايدات بين البلدين ـ اثيوبيا واريتريا ـ تحدث اتهامات من إثيوبيا للسودان بدعم المعارضة، وقال «إنها اتهامات بلا دليل»، وشدد «لا يمكن رعاية معارضة مسلحة ولن نسمح لها»، وقال ان السودان تضرر من المعارضة الإثيوبية لقطعها الطرق.



                  

02-12-2007, 05:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    الراى العام

    السبت10فبراير2007

    رداً على دكتور: تجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية (4)

    بقلم : د. امين حسن عمر

    وفي المقالات السابقة قصصنا مسيرة العلاقات الأمريكية وذلك في سياق الرد على إتهام الدكتور التجاني عبدالقادر لأجهزة الأمن السودانية ومن يوجهونها بالخروج على فكر الحركة الإسلامية. وتجاوز تنظيمها وذلك من خلال إستراتيجية للتعاطي مع شأن العلاقات السودانية الأمريكية لا تتوافق مع فكر الحركة الإسلامية ولم تنل موافقتها أو تأييدها. ويتهم الأخ الدكتور التجاني أجهزة الأمن ومن يوجهونها بالدخول في شراكة مع المخابرات الأجنبية لتصبح عرضة للإختراق والابتزاز من قبل تلك الأجهزة. والتي لا تهتم بشيء كإهتمامها بتصفية الحكومة الإسلامية برمتها أو توظيفها في إتجاه إستراتيجيتها ومشاريعها الكبرى. ويمضي الأخ تجاني مُستنكراً هذا التجاوز الكبير ومُستنكراً أن تكون الأجهزة الأمنية مرجعية بذاتها. ويستشهد بالدكتور الأفندي متبنياً نظريته في ما سماه الاخير (السيوبر تنظيم) (أي أن تُوكل إدارتها لبعض الافراد الذين لايستطيع أحد من داخل الحركة أو خارجها أن يعرف كفاءتهم. أو أن يراجع سياستهم أو يُحاسبهم عليها) ثم يترك لهم برغم ذلك أن يُقرروا ''مصير الحركة الإسلامية والسودان معاً''. ويمضي الدكتور التجاني مُوضحاً مآخذه على الأجهزة الأمنية وأكبر هذه الـمآخذ '' تحول دور الأجهزة الأمنية من جمع المعلومات الى وضع السياسات العامة والهيمنة علي سائر جوانب العملية السياسية''. ولا شك أن ما يأخذه الدكتور التجاني على الأجهزة الأمنية يحتاج إلى وقفة والى مراجعة. فلئن كانت الأجهزة الأمنية أو الأمنيون الحركيون الذين يديرونها قد أقصوا القيادة الحركية والسياسية والتنفيذية عن رسم السياسات وانفردوا هم برسم السياسة العامة وهيمنوا بالكامل على العملية السياسية بالبلاد فأن هذا أمر جلل لا يستحق وقفة من الحركة الإسلامية، أو حكومة الإنقاذ وحكومة الوحدة الوطنية من بعدها. بل يقتضي وقفة من كل أهل السياسة في السودان فلا أحد يريد لقطاع من قطاعات الحياة السياسية أن يسيطر على الحياة السياسية بأكملها ، بل وعلى مسير البلاد وما تؤول إليه مصائرها. ولا أحد يريد لأجهزة الأمن وهي لاشك منشغلة بالمهددات بأكثر من إنشغالها من هموم الحياة الأخرى. أن توجه البلاد بأسرها لهمٍ واحد هو الهم الأمني. ولكن هذا الإفتراض يحتاج الى مناقشة هادئة. لاشك أنني أوافق الدكتور التجاني عبدالقادر أنه بسبب ظروف المهددات المستمرة والحرب المتواصلة فأن الشأن الأمني قد اصبح الهم الاساس. وأن مُتخذ القرار وعلى مدى عقد ونصف من الزمان أصبح من البداهة لديه أن الهموم الأمنية تتقدم على سواها من الهموم. لأنه بغياب الأمن لا يصلح أي شأن آخر. وأن هذه الحالة تحولت الى ذهنية سائدة. ولذلك فلابد من وقفة للمراجعة بعد أن تراجعت المهددات الى حد معقول يسمح بمراجعة الأولويات. ولن يتحقق ذلك بمجرد القناعة به، بل لابد من برنامج عمل يشمل إعادة المؤسسات الأمنية الى المعدل الإعتيادي من حيث الحجم والصرف ووضعها في المقام الاعتيادي من حيث الأولوية. وهذا يقتضي المزيد من العلانية في التعامل مع شؤون الأمن. والمزيد من الشفافية في موازناته. ونحن نعلم أن ذلك لن يتم في أمسية وضحاها، فتقليل حجم القوات يقتضي صرف المزيد من الأموال. وقد شرعت القوات المسلحة في تقليل حجم القوات للعام الجاري بعدد مُقدر وذلك في إطار إتفاقية وقف إطلاق النار الشامل والترتيبات الأمنية. ولكن يتوجب على وزارة المالية أن تنفق أموالاً طائلة الآن لتتمكن من توفير أموال أكبر منها على مدى السنوات القادمة ولذلك ربما لا يهبط معدل الصرف الأمني بالسرعة المطلوبة. ولكن هذا الأمر مفهوم طالما أن حكومة السودان لا تتلقى عوناً دولياً لإنجاز هذه المهمة، والتي تواثقت الدول المانحة على دعمها ولكنها نكصت عن هذا الدعم بحجج مُتنوعة ومُتجددة. كذلك فأن حواراً كثيفاً لابد من إجرائه ولابد من مُراجعة دقيقة للمهمات والكفاءات في مُختلف مناحي التكليف في الدولة لتكون الأولوية في إستمرار التكليف هي القدرة على الانجاز وليس الإطمنئان للموالاة للحكم.

    هذا ما نتفق فيه مع الدكتور التجاني عبدالقادر ولكن ما نختلف عليه هو أن ليس بصحيح أن أجهزة الأمن إنفردت بالملفات التي أشار اليها وأهمها العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية التي صورها وكأنها علاقة إستسلام للاختراق الأمريكي وعلاقة استرضاء لامريكا بإهداء المطلوبين إليها. وهذا إتهام كبير لا يجوز إطلاقه على عواهنه لأنه إتهام يقع في منطقة التماس مع التخوين والعمالة. وقد سقنا بعض الحيثيات والملابسات التي إتصلت بموضوع كارلوس والشيخ أسامة بن لادن في مقالة سابقة. وفي هذه المقالة نبدأ الحديث حول كيف ومتى بدأت علاقة الإتصال بالولايات المتحدة الأمريكية بعد القطيعة والإستهداف بغرض تغير النظام من الطرف الأمريكي. بلغت المُواجهة ذروتها الأولى بمحاولة إغتيال حسني مبارك والتي أرادت الولايات المتحدة الأمريكية ان تتخذها سبباً لإستعداء الجيران ودفعهم لتغيير النظام بعمل عسكري مباشر. ولكن ذلك لم يحدث لأسباب أحدها الفهم الإستراتيجي العميق لدى الإدارتين الأثيوبية والمصرية بأن العلاقة مع السودان لا تتحمل أية مواجهة عسكرية. وان عاقبة ذلك سوف تكون كارثة على المدى القريب والبعيد. بل أن مصر وأثيويبا وكليهما يُدرك حجم المآخذ على الخرطوم بسبب هذه المحاولة وأنها لا تعدو الإتهام بالتستر (الذي تنفيه الخرطوم) لم تسايرا الرغبة الأمريكية في خنق الخرطوم من خلال قرارات مجلس الأمن، التي هدفت الى عزل السودان تماماً من خلال حصار جوي وحرمان من الإتصالات الدولية وطرد من المنظمات الإقتصادية وفرض عقوبات إقتصادية عليه.

    رفضت مصر وأثيوبيا متابعة أمريكا الى المدى الذي تريد. وحتى منع الخطوط السودانية من السفر لم يطبق حتى في مصر وأثيويبا . وأصبح واضحاً للجميع أن أمريكا تريد أن تكون ملكية أكثر من الملك. ثم بلغت المواجهة بين السودان وأمريكا الذروة الأعلى عندما أقدمت أمريكا على قصف مصنع الشفاء للأدوية بحجة أنه معمل للأسلحة الكيماوية يديره الشيخ أسامة بن لادن. وكانت هواجس ومخاوف أمريكا قد تعاظمت تجاه أسامة بن لادن بعد بيان الشيخ أسامة بن لادن والدكتور الظواهري حول حلفهما لطرد الكفار من جزيرة العرب. ثم أن هذا الحلف سرعان ما دخل حيز التنفيذ بعد إنفجار مدينة الخُبر ثم عدد من الحوادث الأُخرى. كان آخرها التفجير الكبير للسفارتين الأمريكيتين في كل من نيروبي ودار السلام. وكلما تعاظمت المخاوف والهواجس الأمريكية كلما زادت مواقفها حدة تجاه السودان. وكلما إنتهزت المعارضة (وبخاصة الشق المتعري من الاخلاق منها) هذه الأزمة لتصعيدها بتزوير الحقائق وفبركة المعلومات. وشملت هذه المعلومات المصطنعة حديثاً عن معامل أسلحة كيمائية وبيولوجية وتعاون سوداني عراقي من جهة في هذه المجالات ومجال صناعة الصواريخ. وتعاون سوداني إيراني من جهة أُخرى في هذه المجالات. ونشرت بعض هذه التقارير في صحف محترمة مثل (الهيرالد تربيون) ، و(النيويورك تايمز) و(الواشنطن بوست ) و(لوس أنجلس تايمز). وفي اليوم التالي لتفجير السفارتين الأمريكيتين نشرت الهيرالد تربيون أن السودان سيكون مُستهدفاً لإيوائه الإرهابيين. وكان على السودان عدم الإنتظار بل السعي لتجنب مُواجهة غير مُتكافئة لتُهم غير صحيحة ومعلومات مُضللة ، ولذلك اتصل رئيس جهاز الأمن الخارجي بصورة غير مباشرة لإفادة بشأن المسافرين المشبوهين القادمين من نيروبي . وذلك للمشاركة في التحقق من هوية هؤلاء. وسبب الاتصال أن التهمة للسودان بإيواء بعض منفذي محاولة إغتيال حسني مبارك ويمكن أن تتكرر خاصة أنه قد ثبت أن ثلاثة من هؤلاء قد استغلوا الطائرة الإثيوبية المُغادرة لمطار أديس ابابا والتي مرت بالخرطوم قبل مُواصلة رحلاتها الى بلدان أُخرى. وإتهمت الخرطوم أنها سمحت بتسرب هولاء في الخرطوم وسمحت من بعد ذلك بمرورهم الى بلدان أُخرى آمنة. ولذلك وكي لا يتكرر سيناريو الإتهامات ، بادرت أجهزة الأمن بالتحفظ على الأشخاص الذين فشلوا في إثبات هوياتهم من القادمين من نيروبي إثر عملية تفجير السفارة. ولكن رد الفعل الأمريكي كان سلبياً وأظهرت جهات الاختصاص عدم إهتمامها بالاتصال من الخرطوم. ولا شك أن المُخابرات الأمريكية قد أدركت أن الوقت قد فات لاستدراك مُواجهة محتومة مع الخرطوم لاسيما، أن الرئيس الأمريكي كلنتون كان يُواجه عقابيل فضيحة (مونيكا لونسكي) وكان في حالة ماسة للظهور بمظهر الرئيس القوي القادر على رد غائلة الإرهاب عن أمريكا ومعاقبة الدول المارقة. التي تأوي هؤلاء. وكانت الخطة التي رُفعت للرئيس الأمريكي تقترح ضرب سبعة عشر موقعاً بالعاصمة الخرطوم. بإعتبار أن هذه المواقع هي المواقع المُشتبه بها في الأعمال الإرهابية. ولكن الرئيس كلنتون آثر عملية محدودة تلخصت في ضرب معمل لإنتاج الأسلحة الكيمائية فذلك سيكون مُبرراً أمام العالم وأمام الرأي العام الأمريكي. وهكذا توجهت صواريخ كروز من البحر الأحمر لضرب الهدف المُحدد. ولتبلغ الأزمة بين السودان وأمريكا مداها الأبعد. فلا يبقي من بعد ذلك إلاّ المُضي في خطة تدمير السودان عسكرياً أو مُراجعة هذه السياسة بصورة شاملة.

                  

02-18-2007, 09:31 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 456 2007-02-18
    السودانى
    بين قوسين
    مزاد الاعتذارات لا يزال مفتوحاً

    عبد الرحمن الزومة
    كُتب في: 2007-02-17




    المنتدى الذى يقيمه أسبوعياً السيد الامام ويردح فيه هو وبقية الرادحين عن حكومة الانقاذ ما شاء لهم (الردحى), يبدو أن أهدافه ومواضيعه قد حدث بها بعض التطور الكمى والنوعى, اذ أنه أى –المنتدى- صار أشبه بـ (حائط المبكى), حيث يأتى البعض ليكفروا عن (ذنوب) يعتقدون انهم قد اقترفوها, فيعلنون عن توبتهم ويقدمون اعتذارهم للشعب السودانى على مشاركتهم فى نظام الانقاذ (الشمولى), وآخر المعتذرين عن (الاثم الانقاذى) أخ كان قد تقلد منصباً رفيعاً فى القصر الجمهورى وهو منصب (مستشار الرئيس) وأعفى منه وقد تحدث فى آخر حلقات المنتدى وأعلن عن توبته و(اعتذاره) للشعب السودانى عن مشاركته فى نظام الانقاذ والسيد المستشار لم يكن أول المعتذرين وأرجو أن يكون آخرهم لأن الفكرة ببساطة ليست مفيدة فى شئ.
    ان فكرة الاعتذار للشعب السودانى ابتكرتها جماعة المؤتمر الشعبى وتحديداً السيد الترابى والذى أعلن عن اعتذاره للشعب السودانى لمشاركته فى نظام الانقاذ, وكرر العديد من انصاره نفس النغمة والتى يبدو أنها لم تجد أذناً صاغية لدى (المعتذر له) وهو الشعب السودانى, والذى لا يحترم فكرة الاعتذار بطبعه خاصة عندما يأتى فى الوقت والزمان غير المناسبين وهو الأمر الذى ينطبق على كل الذين أعلنوا عن اعتذارهم, فالسيد الترابى لو أنه أعلن عن ذلك الاعتذار وهو فى زمن العز والجاه والسلطان الذى كان يتمرغ فيه فلربما وجد قبولاً من الذين يهمهم الأمر, ولكن اعتذار الرجل عن المشاركة فى الانقاذ جاء بعد أن جردته الانقاذ من كل المناصب وأنزلته من (مصاطب) الزعامة التى كان من على صهوتها يأمر فيطاع!
    وهنالك سبب آخر لرفض الشعب السودانى لاعتذار الترابى وهو أن الرجل لم يكن أصلاً يتمتع بأى رصيد من الحب لدى الشعب السودانى. والسبب الثالث الذى جعل اعتذار السيد الترابى يلقى أذناً صماء لدى السودانيين هو أنه من المعروف أن من شروط قبول الاعتذار والتوبة النصوح أن يقلع (فاعل الذنب) عن اتيان الفعل الذى يستوجب التوبة, ولكن الترابى لم يقدم بعد من الأدلة ما يقنع (أصحاب الشأن) أن التوبة هى توبة نصوح, ولذلك فقد عجبت من اقدام آخر المعتذرين وهو السيد (المستشار) على شئ لم يجد نفعاً مع أول المعتذرين! ومسألة التوقيت غير المناسب تنطبق أيضاً على السيد المستشار لأنه عندما كان فى (القصر) لم تظهر عليه أى مظاهر اعتذارية والشعب السودانى له (مثل) يطلقه على هكذا حالة وهو مثل (الكديسة) التى فشلت فى الوصول الى اللبن (المعلق) فقالت فيه ما لم يقله مالك فى الخمر! أما المسألة الأخرى الجديرة بالملاحظة فى (موضة) الاعتذار هذه فهى عبارة عن سؤال وهو:من عليه أن يعتذر للشعب السودانى: الذين أحيوه بعد ممات أم الذين قالوا انه (يحتضر)؟ و قولوا لى (بذمتكم) من الذى عليه أن يعتذر: الانقاذ التى استخرجت لشعب السودان (ذهبه) الأسود والأصفر أم الذين وصفوا بترول السودان أنه (أحلام ظلوط)؟ بل وفجروا أنابيبه؟ قولوا لى من يحق عليه الاعتذار: الذين تركوا خزينة السودان وبها (مائة وخمسون الف دولار) أم الذين ملأوا خزائننا بكل عملات الأرض حتى فاضت تلك الخزائن! قولوا لى (بذمتكم) من أحق بالاعتذار: الذين حموا شعب السودان بدمائهم وأرواحهم أم الذين عملوا كـ (أدلاء) يوجهون الطائرات الأمريكية لكى تضرب مصانع الشعب السودانى! قولوا لى بربكم وقولوا لى (بذمتكم)... فأنتم تعرفون كل شئ! ان الاعتذار الوحيد الجدير بالقبول هو عندما يأتى من الانقاذ وهو أمر لا يوجد الا فى خيال البعض لأن الانقاذ لا تعتذر عن الانجازات العظيمة التى قدمتها لشعب يستحق. ثم ان المسألة ليست مسألة اعتذار فالشعب اذا قرر طرد الانقاذ فسيفعل ذلك دون أن تقدم له اعتذاراً.


                  

02-12-2007, 05:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    التجانى عبد القادر
    من نحن ؟
    الصحافة 11/2/2007

    من نحن؟
    يسألني كثيرممن يلقاني من اخواني واصدقائي القدامى - الذين تفرقت بهم سبل السياسة - وأين أنت؟ يقصدون بذلك أين موقفي من الصراع الذي نشب وتطاول بين الإسلاميين في السودان. فكنت اجيب احيانا واسكت عن الاجابة في اكثر الاحيان، ليس تخوفا من فوات حظ او تطلعا لاقتناص فرصة (مع ان النفس الانسانية لا تنفك عن حظوظها الخاصة - كما يقول الامام الغزالي) ولكن لاني كنت ولم ازل ابحث عن ارض صلبة اقف عليها، وعن حجة بينة القى الله بها، اذ لا يمكن من بعد العواصف المزلزلة ان يكتفي الانسان بالبحث فقط عن (خيامه) القديمة، ولكن ينبغي قبل ذلك ان يفحص (الاوتاد) التي كانت تشدها الى التربة، فلربما اصابها عطب، او لربما يتوجب عليه ان يفحص (التربة) نفسها، فقد تكون هي التي تصدعت ومهدت الطريق الى العاصفة. على انه وقبل فحص الخيام والأوتاد والتربة يحتاج المرء أن ينظر في نفسه، فقد يكون هو مصدر العطب والخراب، وما العواصف السياسية والخلافات التنظيمية الا مظاهر سطحية لداء دفين في نفوس الافراد.
    فالسؤال اذن لاينبغي ان يقف عند (اين انا) وماهو ما سأجيب عليه لاحقا ولكن ينبغي ان يتجاوز ذلك الى (من أنا) وهذا ما لا تحسن الاجابة عليه دون رجوع الى شئ من التاريخ الاجتماعي، فهناك توجد الخلية الاولى التي نشأت فيها واعطتني اسما وشكلا ولغة ودينا؛ وهي المعطيات التي صارت عناصر أساسية من بين العناصر المكونه لهويتي. فانا من حيث الشكل واللون سوداني - أفريقي، ومن حيث اللغة عربي، ومن حيث العقيدة مسلم، وتشدني الأسرة من حيث الانتماء الصوفي الى الطريقة التيجانية، وتصلني السياسة بالحركة الاسلامية، وتصلني المهنة بالفلسفة والفكر السياسي وهلمجرا.
    ولكن هذه العناصر فوق انها ليست متساوية القيم والأهمية فهي ايضا لا تمثل كل العناصر المكونة لهويتي، اذ كنت كلما بلغت مقاما من مقامات الرشد احذف واضيف، واخفض واعلي بعضا من هذه العناصر، فكم من إنسان غير اعتقاده وبدل اسمه واعرض عن عرقه وطريقته، مما يؤكد ان الانسان لايصير انسانا بالموروثات الاجتماعية وحدها، ولكنه يصير انسانا عن طريق الوعي والارادة، فالانسان هو من يستطيع ان يميز العناصر "القلب" المكونة لجوهره، فيرفعها الى قمة هرمه التقديري، ويدرك العناصر الاخرى الثانوية فيضعها في منازلها، وانه وبمثل هذا الوعي بالذات وبقيمتها وبمكانها بالنسبة للآخرين يصير الانسان قادرا على فحص الذات ونقدها، وقادرا على فحص انتماءاته الموروثه، وقادرا وهذا هو الأهم على خرق التصورات النمطية عن الآخرين (Stereotypes) وتجاوزها عبر حوار يساعد على إنشاء انتماءات جديدة من خلال الصورة التي يرسمها لنفسه والصور التي يرسمها للآخرين من حوله. فمثل هذه الانتماءات الجديدة - التي تتجاوز المكان الجغرافي والنسب العرقي هي التي تفتح افقا ارحب للتطور الاجتماعي السلمي وتلك هي صناعة النفر من الناس الذين يقال عنهم "مثقفون"، واذا سئلت من انا فسأقول انني انتمي الى هذا الصنف من الناس الذين لا يقطع احدهم انتماءاته الموروثه ولكنه مع ذلك يحتفظ ببعد نقدي يمكنه من مراجعتها ونقدها، وبشجاعة تمكنه من النظر في موروثات الآخرين والتحرك في الفضاء الانساني بقلب مفتوح يبحث عن الخير المشترك بين الناس والحق الموزع على المصادر. ولكن من من الناس يسعى لاعادة تحديد هويته ورسم صورته، ورفض الصور الجاهزة التي يصنعها له المجتمع، والأدوار المعدة التي يحشره فيها السياسيون اوتطوقه بها الوظيفة؟
    إني لأظن ان الفشل الذي اصاب التنظيمات السياسية في بلادنا (ومن بينها التنظيمات الاسلامية) يرجع الى عجزنا نحن المثقفين في هذه الناحية، ولا يوجد من يماري الآن ان اوضح ماكشفته الازمة الاخيرة التي شهدتها الحركة الاسلامية السودانية هي عجز مثقفيها على قلتهم عن تحديد هوياتهم وقبولهم بالادوار الجاهزة التي يرسمها لهم السياسيون والتجار ورجال الامن. قد يرجع ذلك لاسباب تتعلق بالنشأة والتنشئة السودانية القروية الكافة عن السمعه والاعلان، فلا يستطيع احد تأدب في تلك البيئة ان يدخل في عمليات التسويق والترويج التي تتطلبها الحياة المدنية المعاصره، او قد يرجع للطرد المركزي الذي تحدثه بؤر السياسة والاقتصاد. وكيفما كان الامر فقد اختفى المثقف الاسلامي خلف الوظيفة او خلف التنظيم فانقطع عن الناس فصاروا لا يرونه الا من خلال الصورة التي صنعها له التنظيم وألبسه لها السياسيون. ولما لم يقم المثقفون الاسلاميون بتعريف انفسهم، ولم يرسموا صورهم ويثبتونها على جدران العمل الاسلامي الوطني، فقد صاروا غير موجودين في بيروقراطية التنظيم، وغير موجودين في بيروقراطية الدولة الا كما يوجد مترجم الملك يستدعي للخدمة في حضرة الاجانب ويستغنى عنه بانتهاء مراسيم الزيارة.
    فبيروقراطية الحزب وتجاره سواء في ذلك الاسلاميون وغيرهم - لا يريدون المثقفين الا أدوات فنية تستخدم في تحقيق مشاريع لم يشاركوا في صناعتها ولا يعرفون غاياتها، اما اذا استعصى احدهم اواستعصم فسيكون مصيره التغييب، كأن يغيب عن الحزب وعن الدولة او عن الوطن ذاته، فلا يسمع له صوت ولا ترى له صورة.
    ولعلك تدرك من هو المستفيد من تغييب (أوإفقارأو تهجير) هؤلاء، فغيابهم يجعل التنظيم/الحزب في حالة من غياب الذاكرة، وهي الحالة المثلى التي يستطيع فيها السياسي المحترف، والكادر الأمني، والبيروقراطي الفارغ، والتاجر الكذوب أن يتقلبوا بين الافكار والمواقف دون مواربة او حرج، في انتهازية لا يحدها حد، لان الجماعة السياسية التي يغيب مفكروها و مثقفوها، ستغيب عنها الذاكرة وتكون كمن ولدت البارحة، لا تثبت اقدامها الا اذا اتكأت على أب - شيخ.
    ان بداية الاصلاح تكون بالخروج على هذا المألوف، وبظهور صريح للمثقفين المصلحين على ساحات العمل الوطني الاسلامي حتى يتمكنوا من اعادة تعريف انفسهم بانفسهم وازاحة الصور القديمة عنهم، اذ انه بدون تعريف للذات لن يكون هناك شعور بها، والشعور بالذات هو بداية للوعي المفضي للحركة، كما انه من حق المثقف ان يكون حرا في رسم صورته وفي رسم صورة المجتمع الذي يريد، اما اذا حرم من ذلك الحق، او ا ختار ان يدخل في صورة رسمها له الآخرون فقد فقد حقه في الحياة.
    فمن هم المثقفون؟ وماهي الصورة التي يودون ان يعرفوا من خلالها؟ وما هي صورة المجتمع الذي يريدون؟
    نقصد بالمثقفين/ المفكرين اولئك الذين يهتمون اهتماما خاصا بتحصيل المعرفة وانتاجها والتعبيرعنها، ويجتهدون في سبيل ذلك للاتصال بمصادر تتجاوز تجاربهم الشخصية المباشرة، وذلك بقطع النظر عن المهن التي يشغلونها. فاذا صار احدهم موظفا في مكتب او مهندسا في مصنع فذلك لا يعني انه لم يعد مثقفا مفكرا اصيلا، فالمثقف يعرف بالدور المعرفي الاجتماعي الذي يضطلع به وليس بالمهنة او النشاط المحدود الذي يتحصل عن طريقه على معاشه.
    ولا يكون الانسان مثقفا مفكراً لتعاظم ألقابه العلمية، ولكن يصير كذلك حينما يتجاوز مرحلة التستر بالشهادات والتكاثر في المعلومات ويدخل مرحلة توليد الافكار ونقدها وصياغتها وتنميتها والتعبير عنها. فالمثقف ليس هو فقط من يلاحظ ويشاهد الازمات والتفاعلات الاجتماعية من حوله، ولكن المثقف من يحاول ان يصنع مفهوما او نسقا من المفاهيم يحاول من خلالها تعقل الظواهر وقراءتها، اي فك هذه الظواهر عن تجسدها الاجتماعي - التاريخي ورفعها الى أطر الانشاءات الذهنية ليتمكن بذلك من وصلها بما تراكم لديه ولدى غيره من خبرات ومعارف، فيصير بذلك اقدر على فهم خصائصها وتوقع تفاعلاتها ومآلاتها، فيتمكن من الاشارة الى طرائق التحكم فيها - تحكما يتضمن الخروج من الازمة علاجا واصلاحا.
    ولكن من اين يستمد المثقف مفاهيمه التحليلية والتركيبية؟ هل هناك ترسانه ابستمولوجية يمكن للمثقف ان يستورد منها ما يحتاجه من مفاهيم؟ ام انه يتوجب عليه ان يستولدها استيلادا؟ ان قليلا من المثقفين السودانيين من يأبه لتوليد مفهوم يتمكن من خلاله ان يصف الواقع الاجتماعي السوداني، وانما يعتمد اكثرهم على استجلاب المفاهيم الجاهزة التي انتجت من واقع آخر بعيد كاستجلابه البضائع والصناعات والتحف. فاذا لم تتأتى للمثقف خصوبة فكرية ومعرفية مستقلة تمكنه من تجريد الواقع ولإنشاء صور ذهنية بديله له فلن يعدو ان يكون مستهلكا مثل سائر المستهلكين، وهذا يعني ان المثقف ذاته - وليس السياسي وحده - ينطوي على ازمة عميقة تظهر في خطابه الفكري حيث يكون فاقدا للوضوح النظري وعاجزا من ثم عن القراءة الصحيحة للاحداث من حوله او اتخاذ موقف منها. وسينعكس كل ذلك على سائر ممارساته السياسية والاجتماعية.
    على ان الاتصال بعالم الافكار وحده لا يكفي. فالمثقف لا يتصل بعالم الافكار لينحبس فيها وانما يجتهد في ان يصل الفكرة بالعمل - عملا في النفس من الداخل - وعملا في المجتمع من الخارج - عملا في سياسة النفس لالزامها بالفكرة.عملا في سياسة المجتمع لدفعه نحوالمثل العليا. وتلك حالة تورث قدرا من التوتر ولكنه (توتر مبدع) لا بد للمثقف ان يعيشه، شأنه في ذلك شأن الصوفي في خلوته وجلوته.
    وهذا يعني ان الفعل الثقافي له اطاران: نفسي/ باطني، ومجتمعي/ خارجي. اذ يتوجب على المثقف المفكر بعد قيامه باقتناص الفكرة او توليدها ان يقوم ايضا باستبطانها وذلك يعني ان تتجاوز الفكرة السطح المعرفي لتدخل في محاورة باطنيه صامته مع المعطيات النفسية للمثقف لا يراها ولا يسمعها الآخرون، ولكنها محاورة تتوقف عليها حياة المثقف وفاعليته، فالمثقف الذي لا تلامس افكاره شغاف قلبه، ولا تصل الى اعماق وجدانه، مثقف هامشي لن يتجاوز السطح المعرفي والاجتماعي إلا كما تتجاوز القصبة الخاوية السطح المائي، وهذا الاطار/ الباطني هو المجال (اليمين) الذي تتصل فيه المعرفة بالروح، والفلسفة بالتصوف، فيصيرالمثقف روحانيا صوفيا بما يتسنى له من تملك لزمام نفسه يرفعه الى مقام الشهادة على النفس والولد والاستعداد لمفارقتهما والعيش منفردا، ولا يشهد على نفسه وولده أو يبدي استعدادا لمفارقتهما الا شخص عرف الحق وتذوقه وصابر على ذلك، وهي التجربة الروحية المستمرة التي يعرفها كل مثقف حق مهما كان اعتقاده، وهي التجربة ذاتها التي يتضمنها مفهوم التزكية القرآني، فهذاالاتصال بين الفكر والروح هو الذي يوفر المشروعية الاخلاقية والمصداقية العملية التي لا بد منها لاي مشروع من مشاريع الاصلاح والتنمية.
                  

02-25-2007, 09:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    نح استراتيجية جديدة للحركة الاسلامية

    التجانى عبد القادر
    الصحافة 25/2/2007
    نحو استراتيجية جديدة للحركة الإسلامية
    حاولنا فى مقالات سابقة أن نزيح الستار عن أنواع من التصدعات أصابت سقف وجدار المنـزل الإسلامي، كما حاولنا أن نوضح أن عملية الإصلاح التى يتراجاها ويتعجلها كثير من القراء لا تبدأ ولا تنتهى بترميم الشقوق وإعادة الطلاء، وانما تبدأ بالنظر إلى أسفل،الى ما تحت السطح، وذلك للتأكد من سلامة القواعد التي يقوم عليها البناء. وحاولنا أن نؤكد أن الإصلاح لا يشبه العمليات السرية التى تدبر فى الخفاء ثم تخرج للناس مكتملة، وانما هو عملية جماعية مفتوحة، تجرى والشمس ساطعة، والعيون مبصرة، فنـرى الرميم والأخشاب المرضوضة فنتمكن من إزاحتها، ونرى القواعد ونختبر سلامتها لنقيم عليها بنياناً جديداً.إن رأب الصدع، ودرء الفتن، وتوحيد الجماعة، ضرورات لا شك فيها، وقد تحقق شئ من ذلك فى الفترة السابقة، ولكن المهمة لم تنته بعد:
    إذ أن الشخصيات التي لفتها الأحداث الأخيرة ما تزال متحفزة، وما زالت نفسية الصراع والتحدي متحكمة فيها، يمدّها التراث الحنبلي/ الجعلي بمزيد من التصلب والعناد. كما أن المشكلات التي أثارت النزاع وغذته ستعود مرة أخرى، لأن حركة الحياة لا تقف، وتحديات الواقع لا تنقطع، كل ذلك والبنيات التنظيمية القديمة لم تعد قائمة، والتنظيمات البديلة لم تصبح فاعلة، وهذه ظروف يطغى فيها الهوى، ويتكاثر فيها الطامعون وأصحاب المصالح، مما قد يحول القضية كلها من ساحة الاختلاف في الرأي إلى ساحة الاتهامات والتخوين والتكفير، حيث تسود الظنون السيئة، والتصريحات الرديئة،والعصبية العمياء.
    وإذا سمحنا لمثل هذا أن يستمر فذلك يعني أن أربعين عاماً من العمل الإسلامي المضني الذي بُذل فيه العرق وأفنيت فيه الأنفس ستكون معرضة للضياع، وسيحكم على أجيال الحركة الإسلامية القادمة بأن تبدأ من الصفر كما بدأ الجيل الأول في الأربعينات.
    إن تخوفنا من مثل هذا ونحوه هو الذى دفعنا إلى الكلام وإلى الكتابة وقد كنا آثرنا الصبر والصمت، ولكن الصمت لم يعد ممكناً ونحن نرى عوامل الهدم ونسمع أصوات الخراب. نقول هذا ونعلم أن تكلفة إعادة البناء الإسلامي ستكون باهظة، وان ما يصحبها من فحص ومراجعة ونقدٍ وتقويم ستكون موجعة لنا جميعاً، ولكنه لا مناص من الحديث الموجع عن الحق المر إذا أريد للحركة الإسلامية أن تغادر محطة الأحزان هذه وأن تواصل سيرها في مطلع القرن الجديد.
    ولعّل الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي أن يسارع المثقفون الإسلاميون اليوم قبل غدٍ في مراجعة استراتيجيتهم القديمة، وفي إنشاء وتطوير استراتيجية جديدة، ترتكز على رؤية واضحة لما ينبغي أن تكون عليه الحركة الإسلامية في المستقبل القريب والبعيد، واضعين في الاعتبار ما يحدث داخلها وما يحدث في البيئة المحيطة بها، وما يعتري تلك من تغيرات كيفية وكمية في مجالات الرأي العام والمشاعر العامة والمصالح المتصارعة وما يترتب عليها من أحكام وعلاقات. وهذه ليست أمور هينة بسيطة، وانما هى أمور تحتاج إلى جهد ذهني وأخلاقي كبير (ولا أقول مالى) ينفق في مراجعة ما وقع في العقود السابقة، وفي التعرف على نقاط الضعف والقوة، وفي اعادة قراءة التغير الذى طرأ على المجتمع السوداني بصورة علمية دقيقة، وفي إعادة قراءة الواقع الإقليمي والدولي من حولنا، وفي إعادة قراءة مصادر الإسلام الذي ندعو له، قراءة تمكننا من تفكيك الأنساق الفكرية التراثية الجاهزة،وإسقاط ما يجب إسقاطه منها، وإعادة تركيب نسق فكري إسلامي معاصر يمكن الإرتكاز عليه في إنشاء وتطوير استراتيجية للعمل الإسلامي، ثم يقومون، من بعد تطوير الرؤية، بالتعبير عنها وإيصالها إلى الآخرين ممن هم في داخل الحركة أو على هامشها، وإقناعهم بها وجعلهم يلتزمون بها، ثم يضاف إلى هذا قدر كبير من التخطيط الاستراتيجي، فلا يكفي أن تكون لديك رؤية للمستقبل وأن تحدث بها نفسك، وتروج لها بين جماعتك، ولكن ينبغي أن تكون كذلك عالما بالكيفية الإجرائية التي توصلك إلى تحقيق تلك الإستراتيجية - أي عالما بماهية التخطيط الإستراتيجي ومقتنعا بجدواه.
    والسؤال الآن: كيف تكون أو تطور رؤية استراتيجية جديدة للحركة الإسلامية، وكيف يمكن أن يخطط لتحقيق تلك الرؤية، وما هي الجهة التي يمكن في هذا المناخ الملتاث أن تتبنى هذا المشروع ؟ يمكن، إجابة على السؤالين الأولين، أن نقول من موقع الدراسة والتأمل إنه من المفيد لمن يود الإنخراط فى مثل هذا النوع من "الحفريات الإستكشافية" أن ينظر إلى الحركة الإسلامية كما يكون النظر إلى منظمات العمل التى تكون لها موارد ونواتج، وجمهور مستفيد من إنتاجها، وأسواق تعج بالمنافسين لها.فإذا استطاع أن يحصر مثل هذه العناصر فستتوفر لديه مكونات الرؤية الاستراتيجية، ولكن يتوجب عليه من بعد ذلك أن يحلل هذه المكونات بصورة علمية دقيقة لنتعرف على طبائعها وعلاقاتها، فيدرك مثلاً ما هي طبيعة الموارد المتاحة للحركة الإسلامية (بشراً ومادة))، وما هي طبيعة منتجاتها (أفكار، أو قيادات، أو خدمات،…الخ)، وما هي طبيعة زبائنها وجمهورها المستفيد ؟ وما هي طبيعة أسواقها ؟ وما هو نطاقها الجغرافي ؟ ومن هم المنافسون لها، وما هي طبيعة تكويناتهم وإنتاجهم، ونحو ذلك من أمور. ثم يحتاج أن يحدد من بين هذه العناصر عنصراً أو اثنين أو ما شئت من عدد فيقول أن هذا هو العنصر الذي يمثل قوة الدفع الأساسية في الحركة الإسلامية.
    هذا، ويلاحظ أن الإسلاميين عادة ما يشيرون إلى التنظيم الإسلامي بعبارة (الحركة الإسلامية)، وذلك لأنهم يريدون القول إن (الحركية) هي أظهر ما يتميز به تنظيمهم عن غيره من التنظيمات والتكوينات الإسلامية التاريخية الساكنة. ولكن هذا لا يفيد كثيراً في بناء رؤية استراتيجية إلا إذا استطعنا أن نحدد بدقة القوة الدافعة التي تسبب هذه الحركة؛ أي أن نضع أصابعنا على المكون الأساس الذي يمثل "القلب" النابض في جسم الحركة والذي يمد بقية المكونات بأسباب القوة، وأن نحدد الجهة التي نتحرك نحوها، وأن نمتلك خريطة الطريق الذي يؤدي إليها.
    أننا إذا سألنا عدداً كبيراً من قيادات الحركة الإسلامية (التى تتصارع حول الحكومة) عن هذا المكون الأساس قد لا نجد إجابة شافية لديهم، فقد يظن بعضهم أن القوة الدافعة في الحركة الإسلامية هى"القيادة" النابهة المتماسكة(ويشيرون بذلك الى أنفسهم)، وقد يظن البعض أن قوة الدفع هي "الشباب المجاهد"، أو هي "المصارف" أو هي الحكومة ذاتها، وهذا كله يدل على أن هؤلاء قد فقدوا "الرؤية المشتركة" حول أحد أهم النقاط التي تبنى عليها الإستراتيجية، ناهيك عن خريطة الطريق المؤدي إليها.
    ولكن دعك عن هؤلاء وافترض، على سبيل التمثيل، أن "القوة الدافعة" في الحركة الإسلامية هي منتجاتها، نقصد بذلك قطاع الشباب الذين ينخرطون في صفوفها، فيتبنون نوعاً من الأفكار، ويحتكون بنوع من القيادات، ويتعرضون لنوع من التجارب والتربية فينتج عن ذلك "تآلف قلبي" بينهم يحولهم من حالة التشتت الفردي، والتشرذم الفئوي، والتمحور حول الذات، إلى حالة الالتزام الجماعي والفعل الحضاريّ. ثم يتصلون بالمجتمع العريض من حولهم، فيبدون قدرة في التفاعل مع القوى الاجتماعية الأخرى واجتذابها الى رؤيتهم، والتقدم معها وبها مراحل فى اتجاه التنمية والبناء الوطنى.هذا الافتراض يعني أن المنطقة الاستراتيجية الأساس في الحركة الإسلامية هي "ناتجها البشري"، وما يسبق ذلك ويتصل به من توليد للأفكار وتمثل لها، وتأليف بين القلوب واستيعاب للتجارب، وإجادة لأساليب الإدارة وفنون التعبير والقيادة والاتصال ونحو ذلك.
    فإذا اتفقنا على هذا، أى أن القوة الدافعة في الحركة الإسلامية هي ما تنتجه من سبائك ثقافية/اجتماعية جديدة تقوم على المؤاخاة الروحية والإنفتاح العقلى، فإنه من الطبيعي عندئذ أن يكون هدف الحركة الأساس،وفقاً لهذا، هو إنتاج وإعادة إنتاج هذه السبائك الاجتماعية القائمة على الوضوح الفكري والتآلف الروحي والالتزام الأخلاقي والتأهيل العلمي والمهني، والتي تسعى بدورها إلى الانصهار في وحدات اجتماعية أوسع، فترتفع بذلك نسب الطهارة، وتزداد مساحات الصلاح، وتتشكل من ذلك قاعدة اجتماعية جديدة تتولد عنها الأمة القطب.
    وسيكون هذا،كما ترى، هدفاً إستراتيجياً يتعلق بانتاج فكر وميلاد مجتمع، ولذلك فهو يستحق أن يكرس فيه الجهد، وأن تبذل فيه الأموال، وأن تتحرك لحمايته وللدفاع عنه الفيالق، وأن يكون هو مجال الحركة الإسلامية وشغلها الشاغل، ولا يُترك للحكومات الطارئة والسياسيين المتعجلين.
    أما إذا لم نتفق على هذا، فيلزمنا ونحن نضع الاستراتيجية أن نبدئ ونعيد في هذا المجال، حتى نستطيع أن نحدد "القوة الدافعة"، وأن نعيد التأكيد عليها في ضوء المتغيرات التي تطرأ، لأن تحديد القوة الدافعة في جسم الحركة، والاتفاق على ذلك التحديد هو العامل الحاسم في التعرف على ماهية الحركة الإسلامية، وفي التعرف على المسار الأساس الذي ينبغي عليها أن تثبت فيه، وتواصل السير عليه، وفي التعرف على المجالات الأخرى التي ينبغي على الحركة استكشافها، وفي التعرف على الكيفية التي تخصص بها الموارد المتاحة لها. أن تحديد هذه الأمور هو الذي سيشكل، أخيراً، "الرؤية الإستراتيجية" للحركة الإسلامية، وسيساعد في التخطيط لها وفي تحقيقها. أما في غياب ذلك فإن كثيراً من الفرص التي ستسنح للحركة ستتبخر في الهواء، وكثيراً من الموارد التي بين يديها ستصرف في غير مصارفها، وستذهب قيادات وتأتي أخرى فلا يعرف فرق بين ذاهب وقادم، وسوف تلتفت الحركة بعد حين لتجد أن منافسيها لم يتقدموا عليها فحسب، وإنما استطاعوا أن يتسللوا إلى نطاقها الجغرافي، ومخزونها الثقافي، وأن يحتلوا أسواقها الرئيسية.
    ولا شك أن الإستراتيجية التي نتحدث عنها ستشكل رؤية تنظيمية خاصة، لأنها تتعلق بسؤال من نحن وماذا نريد وما هي الوسائل التي نتخذها لتحقيق ما نريد. ولكنها، مع ذلك، ليست سراً تنظيمياً خالصاً، ولا ينبغي أن تكون كذلك، أولاً لأنها لا تتعلق فقط بتحديد المصالح التنظيمية الخاصة، وانما تحاول كذلك أن تؤشر الى الصالح العام لأفراد المجتمع، وثانياً لأنها تحاول أن تدعوهم اليه. فلابدَّ والحالة هذه من إخراج الاستراتيجية من السر إلى العلن، ومن التنظيم إلى الجمهور، ومحاولة الحصول على إجماع شعبي حولها من خلال خطاب موضوعي رشيد، ومحاججة عقلية مستنيرة في حوار مستمر مع الآخرين لا يعزل عنه أحدٌ أياً كان معتقده أو منشؤه. فنكون في وضع نستطيع فيه باستمرار أن نستوعب قضايا الوطن، وأن نصحح أخطاءنا، وأن نعتدل في آرائنا، وأن نتفهم آراء الآخرين ونقدر مواقفهم، وأن نجعلهم فى المحصلة النهائية يتعاطفون مع برامجنا أو ينعطفون نحوها، فتتوفر من خلال ذلك قاعدة من الرأي العام المستنير التي إذا أحسن التفاعل معها توفرت أسباب المشروعية السياسية والاستقرار الوطني. وعلاوةً على ذلك فإن إخراج الاستراتيجية إلى العلن، والمجادلة عنها بالحسنى، سيكون مثلاً في الديمقراطية، إن شئت أن تعبر بهذا اللفظ، يثبت قدرتنا في التعايش مع الآخرين أياً كانت معتقداتهم، ويجعلهم يتأكدون من أننا لا نسعى إلى التأثير عليهم من خلال استراتيجية خفية يجهلون أهدافها ووسائلها، وإنما نحاول أن نكسبهم إلى استراتيجية معلنة، وعن طريق الحوار العقلي والسلوك الأخلاقي وليس عن طريق الرشوة أو الإكراه.
                  

02-12-2007, 05:32 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    بدون توجه حضارى وزمبليطة
    مسؤولية قانونية واخلاقية
    الطيب زين العابدين
    الصحافة 10/2/2007

    قالت لى موظفة تذاكر البصات السفرية فى مطار هيثرو بلندن، وهى تتفرس فى تقاطيع وجهى: أظن أنك جاوزت الستين من العمر. قلت فى سرى وما دخلك أنت فى عمرى فأنا لم آتيك خاطباً يدك! وقلت لها جهراً: نعم ولكن لماذا تسألين؟ قالت: لأن تذكرة البص للمسنين الذين جاوزوا الستين من العمر تباع بنصف القيمة. وفر لى ذلك السؤال أكثر من خمسين ألف جنيه سودانى فى الرحلة من لندن إلى مدينة برايتون الساحلية فى جنوب شرق لندن. وعجبت أنها هى التى بدأت بالسؤال لتعطينى تذكرة مخفضة ما كنت أدرى بحقى فيها. هل يمكن أن يحدث هذا فى بلدى فيذكرنى موظف ما بأن لى حقاً نسيته أو جهلته؟
    تذكرت هذه الحادثة العابرة وأنا أقرأ التحقيق المتميز الذى كتبته سمية سيد فى "الرأى العام" يوم الثلاثاء (6/2) الماضى بخصوص احتجاج المعاشيين على تأخير صرف معاشاتهم الهزيلة (بين سبعين الى مئة وخمسين ألف جنيه من العملة القديمة) فى كل من أم درمان والخرطوم والخرطوم بحرى، وأتأمل صورة الحاجة التومة بوجهها الحزين الجاد الذى وسمته أخاديد العمر وهى تتصدر كوكبة المحتجين وترفع بيدها اليسرى بطاقة المعاش ونظرتها الشاكية من الظلم تديننا جميعا، وكذلك الصور التى زينت بها "السودانى" صفحتها الأولى ليومين على التوالى، شيوخ وأرامل أنهكتهم السنون والأمراض يفترشون الأرض ويبدو على وجوههم التعب والحزن والحيرة، فى حين ظهر الغضب والاحتجاج على من هم أصغر سناً. وكل ما استطاعت أجهزة الدولة أن تفعله هو أن ترسل إليهم الشرطة لتفرقهم عنوة، وأن تقول لهم بصلف لا تأتوا مرة ثانية الا بعد أن تقرأوا فى الصحف أو تسمعوا فى الاذاعة بدء عمليات الصرف! ماذا كان شعور وزير المالية ووزيرة الرعاية الإجتماعية وهما يريان تلك الصور الحزينة الكئيبة الشاكية ظلمهما الى الله سبحانه وتعالى؟ هل ناما تلك الليلة قريرين كما يفعلان كل يوم؟
    ماذا يقول رجل مثلى عاش جل عمره يدعو ويعمل لقيام نظام اسلامى يتسم بالعدل والرحمة والإستقامة عندما يقارن بين معاملة المسنين (مواطنين أو أجانب) فى بلد مادى علمانى نصرانى مثل بريطانيا وبين سلوك "الحكومة الإسلامية" التى دعونا وعملنا لها فى معاملتها للمعاشيين المسنين الذين أفنوا عمرهم فى خدمة الدولة؟ من أين لهم هذه القسوة والغلظة والظلم؟ والمقارنة الفارقة بين النظامين ليست وقفا فقط على معاملة المسنين بل تمتد الى مجالات أخرى كثيرة مثل إقامة العدل واحترام القانون وبسط الحرية للناس والصدق فى القول والأمانة فى التعامل والوفاء بالعهود والمواثيق واحترام الوقت والشعور بالمسئولية وأداء الواجب ونحو ذلك من القيم الراقية النبيلة ..لا نجدها فى بلادنا وفى معظم بلاد المسلمين ولكنها متوفرة فى الدول الغربية المادية العلمانية النصرانية، وبالطبع لا يمثل الالتزام بتلك القيم سلوكاً مطلقاً لدى كافة الحاكمين والمسئولين ولكنه السلوك الشائع الذى يحترمه المجتمع وتحرسه قوانين الدولة ومؤسساتها بالاضافة الى الرأى العام الحر ومنظمات المجتمع المدنى الفاعلة. ماذا يقول المرء فى تفسير هذه المفارقة العجيبة والتى تحيرنى كثيرا؟ كل هذه القيم التى يؤمن بها الغرب ويطبقها فى حياته العامة والخاصة هى من صميم قيم وتعاليم الاسلام قبل أن يعرفها الغرب ولكنها مهجورة فى العالم الإسلامى على مستوى الدولة والمجتمع. وأعجب لبعض الاسلاميين الذين لا يرون فى الغرب الا الانحلال الخلقى وشرب الخمر وتعاطى المخدرات، ولا يسألون أنفسهم لماذا اذن يتفوق الغرب (صاحب تلك الرذائل) سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلميا بل وأخلاقيا على دول العالم الإسلامى قاطبة وبفارق كبير؟
    هل يمكن أن نفسر المفارقة فى السلوك بالاختلاف فى المستوى الحضارى بيننا وبينهم؟ ولكن ما بال بلاد اسلامية لها تاريخ حضارى طويل مثل مصر والعراق وايران تعانى أيضا من مظاهر السلوك البائس المتخلف؟ أم هو الاستبداد والتسلط الذى يحكم معظم بلاد العالم الاسلامى منذ عقود طويلة ويؤدى بالمجتمع المستكين الى الخنوع والذلة والنفاق؟ أم هو الفقر والعوز الذى يعم كثيرا من دول العالم الاسلامى؟ وقد تكون كل هذه الأسباب مجتمعة وأخرى غيرها تقف من وراء التخلف فى السلوك الاجتماعى والسياسى مهما كانت الشعارات الجوفاء التى ترفعها النخبة الحاكمة اسلامية كانت أم اشتراكية أم قومية. ينبغى أن يقاس المرء بسلوكه لا بدعواه "انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقد يختلف الالتزام الأخلاقى بين أهل الدين الواحد "ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده اليك إلا ما دمت عليه قائما" أى ملازما له تطالبه وتقاضيه.
    والحقيقة ان القيم السلوكية الفاضلة تتطلب قدرا من التضحية الشخصية لذا ينبغى أن يحرص عليها المجتمع ويحرسها ويدافع عنها والا ضعفت واختفت، بل قد تصبح مثار تندر وسخرية من المتحذلقين الضعفاء الذين يبررون انحرافات الحكام المسلمين بأن تلك القيم الفاضلة هى مجرد مثل عليا لا مكان لها فى دنيا الواقع، خاصة الواقع السياسى الذى يقوم على سلطة القمع والتمكين! وقد قالها من قبلهم قوم لوط «أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون"، أصبح الطهر عيبا عند المجتمع المنحرف يستحق دعاته الاخراج والإبعاد من البلد! والطهر يحتاج الى وعى اجتماعى واسع يسنده حتى لا يصبح سلوكا استثنائيا لفرد صالح يذهب بذهابه، وقد وصم القرآن قوم فرعون الذين قبلوا اعطاء الطاعة للحاكم المستبد رغم استخفافه بهم بأنهم فاسقين "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين».
    ولو قبلنا حجة التخلف الحضارى ووطأة الاستبداد على المجتمع وأثر الفقر والعوز على النفوس كأسباب تفسر المفارقة السلوكية، فلماذا الضعف البين بين سلوك حكومة جاءت لتحكم بالاسلام وبين حكومات أخرى فى نفس المجتمع لم ترفع شعار الاسلام ولم تدع الحكم به؟ هل هناك شك فى أن أركان الحكم الاسلامى هى العدالة والبيعة الطوعية والشورى والمساواة والتكافل بين الناس والحرية والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ وأن من قتل نفسا واحدة كأنما قتل الناس جميعا، وأن الفقراء والضعفاء فى ذمة المجتمع وفى ذمة الحاكم، وأن القصد من العبادات هو تزكية النفس والسمو بالسلوك، وأن الحدود قصدت للردع بها أكثر من تطبيقها واقعا لذلك تدرأ بأبسط الشبهات، وأن مقاصد الشريعة كلها هى حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ويمكن تجاوز الأحكام القطعية حفاظا على تحقيق المقاصد بناءًعلى القاعدة الفقهية المتفق عليها أن "الضرورات تبيح المحظورات"؟ لماذا ضعفت هذه المعانى السمحة والأحكام الرحيمة فى التطبيق الاسلامى ليعلوا عليها الاهتمام بالشعائر والطقوس ولو كانت دون تزكية أو تطهر، وتطبيق الحدود دون تهيئة وعدالة، ولباس المرأة وفرزها من المجتمع، وسائر الشكليات والمظاهر؟ الغريب أننا فى الحركة الاسلامية كنا نقول بكل تلك المعانى المتقدمة ونواجه بها التيارات السلفية المحافظة قبل استلام السلطة واحتكارها والاستئثار بغنائمها. ولا غرو أن مصطلح الاسلام السياسى أصبح بعد التجارب الاسلامية البائسة غير جاذب اليوم كما كان فى زمان مضى، بل ربما أصبح صنواً لاستغفال الجماهير واستغلالها باسم الدين لتحقيق منافع ومكاسب ذاتية دنيوية.
    وعودا لقضية المعاشيين التى أثارت تلك النفثة الحرّى حول التجربة الاسلامية فقد أعجبنى أن وقفت الصحافة بقوة تدافع عن تلك الفئة الضعيفة المستهانة التي أمر الله بالدفاع عنها ولو بالقتال "وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا". وأحسب أن الرجال والنساء والأطفال الذين تجمعوا نهار الاثنين الماضى فى شارع العرضة ينتظرون جهاز الدولة الجاحدة الظالمة أن يمن عليهم بحقوقهم المكتسبة والمستقطعة عبر عشرات السنوات كان لسان حالهم يقول: ربنا أخرجنا من هذه البلدة الظالم أهلها ولو الى المقابر! ماذا يعنى حال ذلك الشيخ الذى افترش الأرض وظل يبكى قرب مبنى البلدية حتى تجمهر من حوله الناس فرفض الحديث الى الصحافة قائلا: شوفوا بعيونكم واكتبوا .. الموضوع لا يحتاج الى قول؟ وأولئك الذين رفعوا أيديهم الى السماء يدعون على من تسبب فى ظلمهم ويقولون: ليس هناك حاجز بين الله ودعوة المظلوم. فقد كتب كثير من الصحفيين يناصرون قضيتهم العادلة: سمية سيد فى الرأى العام، وزهير السراج وقير تور فى السودانى، وحيدر المكاشفى فى الصحافة، ومحجوب محمد صالح فى الأيام. وعجبت أن المؤسسات "الدينية" غابت تماما من الدفاع عن قضية أوضح من الشمس يؤيدها الدين والعرف والأخلاق والقانون! هناك اختلال ما فى القيم والأولويات لدى رجال الدين ومؤسساته. ليتنى عرفت مكامن الخلل!
    ورب ضارة نافعة! لم لا يأخذ المجلس الوطنى المبادرة ويطلب توضيحا من وزير المالية عن مستحقات المعاشيين ولماذا تتأخر فى كل شهر؟ ولماذا لا يسأل وزيرة الرعاية الاجتماعية التى تستثمر أموال المعاشيين وصندوق التأمين الاجتماعى فى شراء الأراضى وبناء الأحياء السكنية فى حين تعجز عن دفع الرواتب الهزيلة الشهرية؟ ولماذا لا يصدر المجلس قانونا يلزم الدولة بتعديل رواتب المعاشيين ودفعها مقدما قبل كافة الرواتب؟ لماذا لا تقوم منظمات المجتمع المدنى التى تدافع عن حقوق الانسان بالدفاع عن حقوق المعاشيين؟ ان حقوقهم أولى وألزم. ولماذا لا يتولى بعض المستشارين والمحامين رفع قضية ضد الدولة لأنها تبخس المعاشيين حقوقهم فقد اقتطعت المعاشات من رواتبهم فى وقت مضى كان الجنيه السودانى يساوى فيه ثلاثة دولارات وهى الآن تعطيهم مستحقاتهم الهزيلة فى زمن يساوى الدولار الواحد ألفى جنيه؟ اللهم إنا نشهد بأن هذه الفئة من عبادك مظلومة ومستضعفة وأنت على نصرهم من الظالمين قدير!
                  

02-14-2007, 06:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 451 2007-02-13
    السودانى
    بين قوسين
    البديل

    عبد الرحمن الزومة
    كُتب في: 2007-02-13




    قال مسؤول فى حزب المؤتمر الشعبي إن حزبه يطرح نفسه (بديلاً) لحزب المؤتمر الوطني، الذي كما قال الرجل (فشل في حكم السودان). التصريحات جاءت عقب مؤتمر قطاعي عادي عقده الحزب وحضره (ثلاثة آلاف عضو)، ولم يذكر الرجل (الحيثيات) التي بنى عليها تلك (القفزة) الهائلة التي قرر حزبه القيام بها في هذا التوقيت بالذات، ذلك لأنه اذا استثنينا مسألة حضور الثلاثة آلاف عضو لذلك المؤتمر فلن نجد أي أسباب تقودنا الى أخذ تصريحات الرجل على محمل الجد، غير ما ذكره عن فشل المؤتمر الوطني في الحكم لأنه أصبح يعمل على طريقة (رزق اليوم باليوم)!. والمفارقة الطريفة أن الرجل يتخذ من عضوية مؤتمره التي حضرت المؤتمرات الحزبية دليلاً على امكان (خلافتهم) لحزب المؤتمر الوطني في حكم السودان. والشاهد في موضع المفارقة أن حزباً (يحلم) بحكم ما يقرب من ثلاثين مليوناً من أهل السودان تكون مرجعيته (ثلاثة آلاف عضو)!.
    وأياً كان مقصد الرجل من مسألة الثلاثة آلاف مندوب فإننا نسلم للرجل وحزبه بأحقيتهم في أن يطرحوا أنفسهم (بديلاً) للمؤتمر الوطني في حكم السودان، وليس من حقنا أن نعترض على ذلك فالمسألة كلها في يد شعب السودان، والانتخابات لم يبق أمامها غير عام 2007، اذ أن موعدها هو العام الذى يليه. ومن حق شعب السودان أن يختار حينئذ الحزب الذي يسلمه قياده ويعطيه ثقته. فالمؤتمر الوطنى ليس مخلداً في الحكم، ولن يكون. والسودان ليس (مسجلاً) للمؤتمر الوطني ولا لأي حزب آخر أو جماعة. غير أننا من حقنا، وكمراقبين سياسيين، أن نفحص تصريحات الرجل ونضعها في (غربال) الواقع والحقيقة لنرى ان كان الرجل يقول كلاماً جديراً بالتصديق من جانبنا، ويحمل قدراً من المصداقية على أرض الواقع.
    ومن حقنا بداية أن نسأل الرجل عن الأساس الذي بنى عليه تلك المقولة العريضة المتعلقة بمسألة (البديل)، فالذي نعرفه أن الحزب المذكور يعاني من تراجع مريع في القيادة والقاعدة؛ فعلى مستوى القيادة فإن معظم القيادات الفاعلة والمؤثرة قد هجرت (سفينة) الحزب ولم يبقَ من أولئك القادة الا نفر قليل كان قد سبق للرئيس البشير أن تنبأ قبل فترة طويلة بأنهم سيبقون فقط لـ(مؤانسة) زعيم الحزب! أما عن عمليات التعرية و(التآكل) التي أصابت قاعدة الحزب فيمكن سوق العديد من الشواهد والأدلة على ذلك.
    فمن الملاحظ أن زعيم الحزب كان يراهن بشكل مبالغ فيه في الأيام الأولى لتكوين حزبه على الشباب والطلاب، والذي حدث أن أعداداً كبيرة من تلك الكوادر الشبابية والطلابية التي سارت وراء زعيم الحزب قد غادرت صفوفه منذ ذلك الحين، وذلك لأسباب عدة أهمها أن السبب الأساسي في سير تلك العناصر هو أنها اعتقدت أن الحزب الجديد سيسير في خط اسلامي أكثر قوة من حزب المؤتمر الوطني، فإذا بزعيم الحزب يطلع عليهم بتلك الآراء الشاذة والخارجة عن كل مألوف عن الحجاب وإمامة المرأة وعذاب القبر و(منكر ونكير).. فلم يكن هنالك من سبب لبقائهم، وعاد عدد كبير منهم الى صفوف الحركة الأم. وبما أن تلك العناصر هي عصب القاعدة لهذا الحزب فيمكن القول إن الحزب قد فقد عناصر البقاء.
    لذلك فإن مسألة (البديل) هذه تبقى (واسعة) شويةَ! وأكبر دليل على الحالة التي وصل اليها ذلك الحزب آخر انتخابات طلابية حيث إن قائمتهم في احدى الجامعات الكبرى لم تجد سبباً يجعلها تتقدم للانتخابات ففضلت الانسحاب، وبدلاً من أن تعطي أصواتها لإخوتها في قائمة الطلاب الوطنيين الاسلاميين التي كانت فائزة بدون تأييدهم أعطوا أصواتهم لقائمة التحالف، أو ما تسمى بقائمة (الشتات)، فسقطوا جميعاً!. حقاً ما أسهل الادعاء غير أن الواقع له حكم آخر، ورأي آخر أيضاً!.

                  

02-14-2007, 10:39 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)



    الاربعاء14فبراير2007م
    الراى العام
    رداً على دكتور: تجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية (5)

    بقلم :

    د. امين حسن عمر

    بلغت المواجهة ذروتها بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية بعد ضرب مصنع الشفاء للأدوية . هذه الحادثة التي أفلحت فيها الإدارة السودانية للأزمة إلى حد إحراج الإدارة الأمريكية. وتعرضها لهجوم أعلامي من داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها . فقد استطاعت حكومة السودان ان تثبت بطلان دعوى أن المصنع ما هو إلا معمل لإنتاج الأسلحة الكيمائية . وأثبتت ذلك من خلال وثائق الملكية ومن خلال الانتاج الواسع للمصنع والمصدر لعدد من البلدان . بما في ذلك العراق والذي تعاقدت الأمم المتحدة باسمه لإستيراد أدوية بمبلغ خمسة ملايين دولار من نفس المصنع . وقد ثبت أن أوراق المصنع مكتملة لدى بنك التجارة التفضيلية في لوساكا . كما أتضح أن مالك المصنع السيد/ صلاح أدريس ليس له صلة بالحكومة . بل أن ولاءه السياسي لزعيم الختمية السيد محمد عثمان الميرغني الذي شهد له بذلك ، كما شهد له أعلام من أعمدة المعارضة وعلى رأسهم الدكتور منصور خالد. وقد أتضح للإدارة الأمريكية حجم الخطأ الذي وقعت فيه . ولكنها لم تشأ الاعتراف علناً بذلك . ولكنها قبلت بإدارة مفاوضات سرية لتعويض أصحاب المصنع . هوت هذه الحادثة بالعلاقة إلى وهدة عميقة . وسحب السودان سفيره من واشنطن وسحبت الولايات المتحدة اعضاء سفارتها من الخرطوم . وهكذا انقطعت كل الصلات العلنية والسرية بين الخرطوم وواشنطن في وقت تستشعر فيه الأخيرة اخطاراً داهمة تهدد أمنها الداخلي ومصالحها في المنطقة تأتي من هذا البلد . ولم تكن واشنطن تحقق نجاحاً يذكر في إستراتيجيتها للذهاب بنظام الخرطوم من خلال المعارضة المسلحة المدعومة من الجيران. ومن خلال فرض العزلة الدبلوماسية ومن خلال الحصار الاقتصادي الخانق . ومحاصرة المعاملات المالية ليس لحكومة السودان فحسب بل كل معاملة لمواطن سوداني. ولم يكن في وسع أمريكا أن تفعل أكثر من ذلك إلا أن تجيش الجيوش لغزو السودان . ولم يتردد البعض في طرح هذا الخيار بل أن التهيئة المعنوية قد بدأت له من خلال كسب تأييد الرأي العام الأمريكي لأية خطوة قد تتخذ بإزاء السودان . وكان المستهدف الأول من هذه الحملة الأفارقة الأمريكيين والذين تُخشى معارضتهم للهجوم على بلد أفريقي . ولذلك بدأت حملة دمغ السودان بممارسة الرق إضافة إلى التفرقة العنصرية واضطهاد السود . هذه الحملة التي لم تتوقف إلا بعد توقيع اتفاقية السلام . ولم يسأل أحد من بعد ذلك كيف فعلت حكومة الحركة الشعبية لإعادة الحرية لعشرات الآلاف من المستعبدين والأرقاء . ولكن هكذا هو حال العالم اليوم الضجة الإعلامية كافية لاخراس كل التساؤلات المنطقية . لم تكتف الولايات الامريكية بالحملة الإعلامية وحملات منظمات حقوق الإنسان بل بدأت بالفعل في إجراء تحضيرات لتدخل انساني في السودان . بحجة التطهير العرقي والإسترقاق الذي يواجهه السود في السودان . وقد حدثني زعيم من زعماء الأفارقة الامريكيين أنهم قد لاحظوا أن وسائل الاعلام الأمريكية رغم اهتمامها الكبير بإرفاق الصور إلى جانب الأخبار تتحاشى بشدة إظهار صورة الرئيس البشير أو المسئولين السودانيين حتى لا يكتشف عامة الأفارقة الأمريكيين ان البشير رجل أسود هو الآخر .

    بينما كانت حمى العداء والتصعيد تتقد نارها في واشنطن . كان هنالك عقلاء في مؤسسات الحكم في واشنطن وبخاصة في أوساط المهنيين في وكالة الاستخبارات المركزية وفي وزارة الخارجية . فقد لاحظ البعض في وكالة الاستخبارات المركزية أن أمريكا قد أصبحت أسيرة لتقارير استخبارية تأتيها من المعارضة المحلية أو من وكالات استخبارية عربية معادية للسودان . ولم تكن هذه الملاحظة لأن هؤلاء لهم محبة أو عطف على السودان ولكن لأن مقتضى المهنية الصحيح أن تكون لهم مصادر مباشرة ومصادر مستقلة . وفي حالة السودان فقد انتفى تماماً وجود مصادر مباشرة أو مصادر مستقلة لوصف ما يجري في السودان . وكانت صلة وكالة الاستخبارات المركزية قد انقطعت مع السودان منذ انسحاب ضباط الاتصال في العام 1992م . وأصبحت الوكالة تعتمد على تقارير الوكالات الصديقة لها والعدوة للسودان وبعض التقارير التي تأتي من خلال التقارير الدبلوماسية . ولكن إغلاق السفارة بالكامل في الربع الأخير من العام 1998م أدى إلى اتكالية شاملة على تقارير تنقصها المهنية وتفتقر إلى الرؤية الحيادية المستقلة . ولذلك كان هنالك تيار في وكالة الاستخبارات المركزية يدعو إلى إعادة فتح السفارة لتمكين الوكالة من رصد الأحداث والمهددات في السودان عن كثب . من الناحية الأخرى كان غالبية الدبلوماسيين من المهنيين في وزارة الخارجية الأمريكية يشكون من الأمر نفسه . ويتهمون القيادة السياسية بأنها تتعامل مع السودان من منطلق ايدولوجي . وكان ذلك يعارض المسلمات التي يرتكز عليها عمل الدبلوماسيين المهنيين . فالسيدة مادلين أولبرايت قائدة الحركة النسوية المتطرفة لا ترى في السودان إلا دولة أصولية معادية لحقوق الإنسان وبخاصة حقوق المرأة .ورغم ما يوحى به وضع السيدة مادلين اولبرايت في قيادة حركة مطالبة نسوية من معاني للتحرر إلا أن الذي يعرفون السيدة مادلين اولبرايت يصنفونها في أقصى يمين الحزب الديمقراطي والذي جنح يميناً هو الآخر فلم يعد الحزب الديمقراطي ذلك الحزب الذي يقوده رجال مثل فولبرايت أوكيندي أو كارتر بل تحرك ليأخذ الموقع اليمين للحزب الجمهوري . والذي جنح هو الآخر إلى أقصى اليمين بمجيء ما يعرف بالمحافظين الجدد. والذين بدأوا بالسيطرة على فكر الحزب الجمهوري وقيادته بدءاً من عهد الرئيس ريجان. وتمظهرت رؤية المحافظين الجدد في الريجانية الاقتصادية التي بشر بها فريدمان وظهر فكر اليمين الجديد في السياسة الخارجية على وجه الخصوص . وتراجع نفوذ هؤلاء بعض الشيء بمجيء جورج بوش الأب. وذلك لشخصيته القيادية وحسه الدبلوماسي وخبرته في وكالة المخابرات المركزية . ولكن المحافظين الجدد عادوا للصعود مرة أخرى على عهد بوش الإبن الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية.

    حاولت بعض القيادات في الخارجية الأمريكية التحرك لبناء سياسة مفهومة تجاه السودان . وفي ذات الوقت كانت المجموعات المعادية للسودان تتحرك لدفع الرئيس لتبني مبادرة حازمة تجاه الخرطوم . وكانوا يطالبون بتعيين مبعوث للسودان ليس لإبتدار حوار مع الخرطوم . ولكن لتجميع معلومات وتحريك اتصالات دولية بشأن السودان لبناء استراتيجية للانقضاض على حكومة الخرطوم . وكان مرشح هؤلاء هو السيد جونستون أول مبعوث أمريكي بشأن السودان . ولم تكن مهمة السيد جونستون كما أسلفنا فتح خطوط الاتصال مع الخرطوم بل فتح خطوط الاتصال لبناء حلف داخلي ودولي للانقضاض على الخرطوم . وجاء خطاب تكليف السيد جونستون خالياً من الاشارة إلى كلمات الحوار أو المصالحة أو السلام . وكان رجال عقلاء في الخارجية الأمريكية يعارضون التوجه السياسي للكونغرس ولبعض القيادات السياسية في الإدارة الأمريكية . وعلى رأس هؤلاء كان السيد توماس بيكرنج وكيل وزارة الخارجية وقد أفادني بذلك دبلوماسي أمريكي بإحدى سفارات الولايات المتحدة الأمريكية في أوربا . ثم جاءت مبادرة شخصية سودانية تتسنم موقعاً دولياً بمحاولة فتح حوار غير رسمي بين قيادات سودانية في الحكومة وبين الولايات المتحدة الأمريكية . وقد كلفني هذا الوسيط بنقل رسالة للدكتور الترابي تخبره بأن الوسيط حصل على موافقة أمريكية لحوار سري مع الخرطوم كما حصل الوسيط على موافقة دولة عربية باستضافة هذا الحوار السري . ولكن الدكتور الترابي والذي كانت علاقته بالرئيس البشير قد دخلت طور النزاع العلني رأي أنه وبسبب العلاقة المتوترة مع الرئيس لا يستطيع في ذلك الأوان أن يخطو مثل هذه الخطوة وهكذا ضاعت تلك الفرصة لحوار سري صريح بين البلدين المتخاصمين.



                  

02-19-2007, 10:36 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    ومن نحن ؟2
    تجانى عبد القادر
    الصحافة 18/2/2007


    ومـــــن نـحـــــن؟
    وكما أوجبنا على المثقف استبطان افكاره، فانا سنوجب عليه من ناحية اخرى ان يستظهرها اي يصلها بالواقع الاجتماعي من حوله، فذلك هو الموقع (اليسار) الذي تتصل فيه المعرفة بالقوة، والفكر بالسلطة، والمثقف بالسياسي، اذ يترتب على المثقف الذاكر الا ينحبس في دهاليز نفسه، ولكن عليه ان يسعى بصورة مستمرة للاشتباك مع الواقع الموضوع، والى الالتحام مع الآخرين، مناهضا الحدود العرقية والجغرافية والآيديولوجية، باحثا عن القدر المشترك من الحق والخير ليكون مع اولئك الآخرين الصالحين طليعة اصلاح تتفشى في البيئة المحيطة بها فتوفر ديناميكية للتغيير الاجتماعي السياسي.
    وهنا ينقسم المثقفون الى فئات كثيره، فمنهم المثقفون "الخفاف" الذين تتحول المعرفة عندهم الى صناعة لفظية وشهادات ورقية يتحصلون من خلالها على معاشهم الدنيوي، وينالون بها حظا في البريق الاعلامي، ومنهم المثقفون "النافرون" المهاجرون، يفر احدهم من المستنقع السياسي بحثا عن الكرامه والحرية والاستقلال المادي - وهو بحث مشروع - ولكنه قد ينتهي به في أودية الغربة وضنك الحياة، فلا وطنا ابقى ولا استقلالا ماديا انجز؛ ومنهم المثقفون "الفنيون" يوظف احدهم تدريبه العلمي وخبرته الفنية لخدمة السياسي، خدمة ينفصل فيها النشاط الاداري عن غاياته البعيدة واهدافه القصوى، فالمثقف الفني يتصل بجهاز الدولة اتصالا عضويا لا ينفك عنه بتغيير السياسات الجزئية او الرؤى الكلية. بل انه يتلون لكل سياسة بما يناسبها ويقدم لها ما تحتاجه من وسائل التنفيذ والتمكين، هؤلاء ليسوا هم المثقفون الحقيقيون الذين نقصدهم ونسألهم صياغة (رؤية) جديدة أوالتعبير عنها. فهؤلاء قد تراجعوا من افق الالتزام الاجتماعي الوطني الى الاطار الذاتي، ومن المسؤولية الاخلاقية العامة الى الخصوصيات المهنية والفئوية، ومن الاستقلال الفكري الى تبعية القوى المتنفذه سياسيا واقتصاديا، وعندما (يتراجع) المثقفون الى محاضنهم العرقية وخصوصياتهم المهنية ومصالحهم الذاتية تخلو مواقع الإمامة الفكرية والسياسية ويكون ذلك ايذانا بالانهيار الاجتماعي.
    على انه لاينبغي ان يفهم من هذا ان المثقف يمثل قوة مستقلة عن القوى الاجتماعية الاخرى او متعالية عليها. ولكن فحوى القول هو ان المثقف لا ينبغي ان يستمد قوته من المؤسسة السياسية، ولا من تبعيته لاحد الشرائح الاجتماعية التي تمسك بتلك المؤسسة وتوزع من خلالها الامتيازات، وانما ينبغي ان يستمد قوته من قدرته واستقلاله الفكري، ومن موقفه الاخلاقي، ومن فاعليته الاجتماعية، فالفهم والمواقف والفاعلية هي منابع قوته الذاتية، والفرق بين انــواع المثقفين لا يرجع الى القدرة او ا لعجز في تحليل الظواهر والافكار، فما من مثقف الا وهو اخذ بنصيب من ذلك - قل اوكثر- ولكن الفرق يرجع الى دائرة الصدقية الاخلاقية او الى دائرة الفاعلية الاجتماعية. ثم ان هاتين الاخيرتين - الصدقية والفاعلية - هما اللذان يؤهلان المثقف ليكون عنصر تأليف وتكتيل وتنظيم لسائر القوي الاجتماعية،ولكن لن تكتمل للمثقفين هذه الاهلية الا بأمور، منها:
    1/ ان يحسوا بذواتهم المستقلة فيفكوا الارتباطات العضوية بالمجموعات الاخرى، اذ لن يكون المثقف مثقفا حقا ان لم يحتفظ ببعد نقدي بينه وبين عشيرته القريبة وقبيلته المحيطة وتنظيمه المغلق، وقياداته السياسية التاريخية، ذلك لانه بدون هذا البعد النقدي فلن يكون في مقدور المثقف ان يسهم في عمليات الاصلاح والاحياء التراثي او في عمليات التجديد والتحديث، لأنه سيكون عندئذ فاقدا لشجاعة النظر في معطياته الثقافية وقناعاته الآيديولوجية، وسيعجز عن نقدها وفحصها، والاعتراف بما فيها من ضعف وقصور، كما سيكون فاقدا لشجاعة النظر في المعطيات الثقافية "للآخرين" والاقرار بالقدر المشترك فيها من الحق والخير والجمال، فيفوت بذلك كل فرصة لايجاد اطر مفتوحة للحوار والتعايش الانساني السلمي.
    2 - أن ينشئوا قنوات حقيقية للتواصل والحوار بينهم، فلقد اضر بالمثقفين انهم لايعرفون بعضهم البعض - لا اقصد معرفة الاسماء والالقاب ولكن معرفة الافكار والرؤى، فاذا تم اتصال فكري حقيقي بينهم فقد يكتشفوا ان المشكل الوطني (الاجتماعي والسياسي) الذي يهمهم جميعا لا يمكن ان يحل بان ينحبس كل فريق منهم في (صندوقه) الخاص، ان الخروج من الصناديق بكافة اشكالها العرقية والآيديولوجية هي بداية الطريق نحو الاصلاح والنهضة الشاملة.
    3- أن ينشئوا قنوات جديدة حقيقية للتواصل مع الجمهور العريض الذي ظل يتململ تحت قياداته التاريخية العاجزة الفاشلة وقياداته الجديدة الانتهازية الفارغة، فلايكفي ان يتناجى المثقفون مع المثقفين بينما تنحدر قطاعات المجتمع الى مستنقع الحروب العرقية فلا تجد هاديا ولا ناصحا الا السياسيين الانتهازيين وتجارالاسلحة والدمار.
    فاذا توفرت هذه الامور المفضية الى الاهلية الفكرية والأخلاقية فسيكون في مقدورنا أن نجيب على سؤال (من نحن؟) فنحن لا تعني فردا فقيها يطل على الناس من حين لآخر بفتوى، لان مثل هذه الامور لا تعالج كما هو معلوم بفتوى متعجلة يصدرها فقيه واحد، او برأي فطير يقول به مفكر منعزل، وانما تحتاج الى جماعة من المثقفين ممن يتوفر فيهم التحرر من التبعية الفكرية والعصبية التنظيمية يعملون في صمت وصبر في إطار مشروع اصلاحى من اجل مراجعة الأوضاع الراهنة للحركة الاسلامية وتركيب رؤية جديدة للمستقبل الاسلامى فى السودان، يمكن أن تنبثق منها خطط طويلة المدى وسياسات محدودة وأطر للاتصال والتنفيذ.
    ثم إن هذه الجماعة الاصلاحية لا تعني طبقة من رجال الدين - كما يظن من يخالفنا الرأى ولا هي فئة من اصحاب الشهادات العليا الباحثين عن رواتب او مناصب، ولكنها مجموعة من المثقفين المسلمين الذين رسخ احدهم بحكم تخصص دقيق اوخبرة او تدريب مهني في مجال من مجالات المعرفة والحياة، او مجالات الفنون، وصارت له قدرة على الانتاج المعرفي وتوفر لديه مع ذلك التزام بقيم الدين ورغبة في تنمية وتطوير الوطن، فهؤلاء بقطع النظر عن مواطنهم الجغرافية ومواقعهم الوظيفية يمكن ان يتداعوا لتشكيل فرق علمية قادرة على بناء رؤية اسلامية بديلة، قادرة، وهذا هو الاهم - على تفكيك وتعرية المسلمات الهشه والمزاعم السائدة، فينفتح الافق لطرح خيارات في الرؤى، وخيارات في الخطط وخيارات في القيادة تدور حولها عملية الشورى، مما قد يؤدى بصورة طبيعية الى تفعيل الحركات الاسلامية والى تفعيل المجتمع المدني الاسلامي، لينهض بمسؤولياته ويحقق ارادته من خلال التنظيمات والمؤسسات والعلاقات التي يريد. هذا، ولا نعرف في التاريخ مجتمعا تطور دون أن يتقدمه نفر من المثقفين الذين يقومون بمثل هذه العمليات الحفرية العميقة.
    وهذه الجماعة لا يراد لها فى الحال أن تزاحم التنظيمات القائمة، أو أن تسارع الخطو نحو مواقع السلطة،بقدر ما يراد لها أن تعيد الحركة الى النهر بأن تزيل السدود والأعشاب الضارة فيتبلور تيار اسلامى وطنى رشيد يؤلف بينه ايمان بعقيدة الدين، والتزام بالمنهج العلمي، فاذا تكاملت ونضجت تلك الرؤية الاصلاحية الجديدة، فقد تجتذب اليها قطاعا من الأغلبية الصامته، وفئات من أطراف النزاع الراهن، وهذا يعني (ضمن أمور أخرى كثيرة) أن تنداح من بين الفرث والدم مساحة عامة ثالثة يمكن ان تتولد فيها قيادات جديدة تكون أبصر بالمخاطر وأقدر على العطاء.
    ومانقول به هنا ليس بدعا، ففي الدول الغربية الحديثة التي تقدمت علينا في مجالات التخطيط والإدارة توجد "مصانع" خاصة لتوليد الأفكارثم نوجد "نحن" من بعد ذلك لنشكل حقولا حية تجرب فيها تلك الأفكار والنظريات. وما لم نشرع بدورنا في القيام بعمليات مماثلة، ليس على سبيل المحاكاة والتقليد فقط، ولكن على أساس من قناعة ذاتية وايمان عميق بأهمية الأفكار وبأنها تسهم في تغيير الواقع وصناعة المستقبل، فان كثيرا من المشاريع الأخرى التى تصب فيها الموارد المالية وتبذل فيها الجهود الحربية ستكون عديمة الجدوى على المدى البعيد، وسنكون معرضين بصورة مستمرة لأن نصبح "فضاء خاليا" تجرب فيه نظريات الآخرين، وسيكون "الآخر/الخارج" عاملا حاسما فى حياتنا السياسية: يطلق المبادرات، ويحرك الساكنات، ويصنع تاريخنا.
                  

02-27-2007, 08:24 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    ردا على الافندى
    امين حسن عمر
    الصحافة
    26/2/2007
    ردا على عبد الوهاب الافندى
    امين حسن عمر
    الصحافة 26/2/2007

    الأفنــدي والسيـــوبر تنظيــــم
    لا أريد أن أبتدر سجالاً جديداً مع الدكتور/ عبدالوهاب الأفندي الذي أعرفه معرفة وطيدة منذ أكثر من ربع قرن من الزمان، وما كنت لأرد عليه لولا بقية من طبع شاعر الهجاء لا أزال أرجو أن تزول ولكن الأفندي حرّك ساكنها فأرجو ألا يستطعم آسنها وذلك أنه بدلاً من أن يسوق الحديث نحو إبطال مزاعمي عن مجانبة نفسية بين المثقفاتية والأمنجية أو إبطال إنكاري لوجود ما يزعم من (سيوبر تنظيم). ذهب إلى تلميحات يرجو أن تبلغ ذكاء القاريء بعد أن تفوت على ذكاء العبد المذنب. ولا أدري ما الذي أغراه بذلك الذكاء أم الغضب؟ واختار من العنوان أن ينسبني إلى الفريق الآخر بعد زعمه بأنني أعلنت توبتي من نزعة التمرّد لأنضم للفريق الذي (لو طلب منه التصويت على استضعاف طائفة من الناس يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم لفعلوا بلا تردد). ثم ذهب إلى الحديث عن ممارسات مزعومة لأجهزة الأمن. وكنت قد ذكرت في مقالي المشار إليه أنني لست في مقام الدفاع عن أجهزة الأمن، فهي أقدر على ذلك وأولى ولكنه صوَّر الأمر وكأنني كتبت مرافعة للدفاع عن سجاني الرأي ومنتهكي حقوق الإنسان. بينما ذهب من خلال الروايات والأقاصيص لإثبات جهاده القديم من أجل حقوق الإنسان. ولكنني أريد أن أعود بالدكتور عبدالوهاب إلى أصل المسألة وهي زعمه أن البلاد كانت ولا تزال تدار بواسطة ما يسميه بالسيوبر تنظيم. والذي كان على رأسه باديء الأمر الدكتور/ الترابي ثم أزيح عنه في يوم ما في العام 1997م. وأذكِّر الأخ د. عبدالوهاب أننا لم نشك للحظة في الأعوام الأولى للانقاذ في صفة الدولة التي نقف في صفها. وكان الأفندي يحرس البوابة الإعلامية الخارجية وكنت أحرس البوابة الإعلامية الداخلية، وكانت تلك الدولة دولة شمولية باعترافنا. تحدثنا حول ذلك في حواراتنا في ندواتنا الداخلية، بل أصدرنا الأوراق عن معالم المسار نحو الانفتاح مرحلة من بعد مرحلة للوصول إلى دولة ديمقراطية، وكنا نعتبر الشمولية ضرورة مرحلة لا بد من العبور منها، ربما كان ذلك تبسيطاً للأمر ولكن ذلك ما كان. وأنا أنقل من وثائق خطط الحركة الإسلامية الاستراتيجية (أن تعمل الدولة على توسيع قاعدة المشاركة في الحكم وإدارة مؤسسات الدولة وذلك بالعمل للتوصل إلى برنامج عمل وطني موحد للمرحلة المقبلة ليؤسس على مؤشرات هذا البرنامج ويكون قاعدة للحكومة الموسعة التي لا تقتصر على حزب واحد بل تتسع لكل القوى المتوافقة على البرنامج). وهذه فكرة حكومة البرنامج الوطني ولم تكن بجديدة ولكنها جاءت من بعد ذلك في أوانها. فما ينصح به الأفندي اليوم كان هدفاً في بواكير التسعينيات. فهو يكتب اليوم «لو أن القيادات السياسية قامت بواجبها السياسي وأهمها الحوار البنَّاء مع القوى السياسية الفاعلة والوصول إلى تفاهم معها لما كانت هنالك حاجة لأن تشتغل الأجهزة الأمنية بمطاردة الناشطين السياسيين والمدنيين بدلاً من الالتفات إلى واجبها الأساس». ولا نخالف الأفندي فيما ذهب إليه. ولكننا نذكِّره أن الانقاذ قد سعت ومنذ أشهرها الأولى للوصول إلى تفاهم سياسي، وجعلت ذلك هدفاً يمثل مرحلة من مراحل التطوير السياسي. ولكن ما يسميه بالقوى السياسية كانت تعّول كثيراً على ذهاب ريح الانقاذ بعد أن تهب عليها عواصف الغضب الدولي، وليس القوى السياسية وحدها ولكن كثيرون سوَّلت لهم أنفسهم ذلك. وكي نضع الأمور في نصابها الصحيح فليس الخلاف مع الأفندي على تخطئة الممارسات والتجاوزات التي تُعاقب الناس على الرأي لا على الكسب، وتتعدى على حقوقهم لا بسبب أفعالهم الراهنة بل لإنحيازاتهم السابقة. ولكن سياق الحديث كان رداً على اتهامات ساقها الدكتور التجاني، اتهمت أجهزة الأمن باختراق الحركة الإسلامية واستغلالها وإلغاء فكرها وتجميد تنظيمها. ولن يمنعنا من الرد على مثل هذه التهم أن يوحي د. الأفندي من طرف خفي بأننا قد صرنا ممن يسميهم الأمنجية فالحق لدينا قديم والحق أحق أن يتبع وليس في خلقنا شيء من أخلاق الجرذان التي تتقافز من السفينة لو ظنت لوهلة أنها على وشك الغرق. فنحن ركبنا سفينة الانقاذ وسرنا في ركابها ولا نزال نسير لا يضرنا تصنيف المصنفين ولا تخذيل المخذلين، ولا أن نرى أحياناً تجاوزاً لن نصمت عليه. ولا أن نرى تقصيراً عن ميامننا وعن مياسرنا. فنحن لم نحدِّث أنفسنا عن الدولة الكاملة والمدينة الفاضلة. وقد قبلنا أن نبدأ مع الانقاذ وهي أكثر شمولية مما هي عليه الآن ولا يرضي طموحنا تماماً ما هي عليه الآن. فلا يزال أمامها أشواط وأشواط في طريق المقاربة للآمال التي رجوناها والعود أخضر والقوام أخضر والأفق بعيد المدى. ولو كانت الانقاذ كما يصوَّر د. الأفندي هي دولة الثقب الأسود لكنا في مدار آخر. ولعل الأخ عبدالوهاب في مدار المشترى أو مدار زحل بعيداً عن دولة الثقب الأسود. ولم يخبرنا د. الأفندي بالمستخفي المتجلي وبالباطن الظاهر الذي هو السيوبر تنظيم الذي يعرفه أهل السودان. من هم رجال السيوبر تنظيم المعروفين للقاصي والداني، هل هم علي عثمان وعوض الجاز ونافع وصلاح عبدالله. كما تردد مجالس الاغتياب السياسي فإن كان علي عثمان هو رأس السيوبر تنظيم لماذا كل هذه الضجة عن خلاف وغضب من تهميش. وإذا كان نافع وصلاح مما يسمى بالسيوبر تنظيم فمنذ متى؟ أكان ذلك سابقاً لإبعادهم من جهاز الأمن أم لاحقاً؟ وإذا كان هؤلاء هم السيوبر تنظيم فأين قادة الأمن من لدن السنوسي إلى نافع إلى الفريق الدابي إلى حسن ضحوي إلى الفاتح وقطبي والهادي عبدالله وعبدالكريم عبدالله والعاص، وأين يحيى وأين سواهم من قادة الجهاز. وإذا كان السيوبر تنظيم لا يخشى هؤلاء ولا يخشى قادة الجيش الذين لا يقل عددهم عن هؤلاء. فلا شك أن له قوة الثقب الأسود في الامتصاص. أخيراً وليس آخر لا يستطيع الدكتور الأفندي أن يفسّر لنا لماذا تزداد حملته على الانقاذ ضراوة وهي تتخفف من شملة الشمولية. أليس هي اليوم خيراً منها بالأمس؟ وهي غداً بإذن الله خيراً منها اليوم. ولا نقول ذلك تمنياً ولكننا نثق في قدرة رجال الانقاذ على الوفاء باستحقاقات الديمقراطية والحكم الراشد التي أضاءت في صفحات الدستور. وهي تتنزَّل الآن في حياة الناس واقعاً معاشاً وربما يستبطىء المستبطئون حراكها ولكن مثل الفجر الصادق آتية
                  

03-01-2007, 06:25 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)


    قراءة للنص وتداعيات القرار رقم 1593 بإحالة المتورطين في جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية
    أحمد كمال الدين*
    [email protected]
    بسم الله الرحمن الرحيم
    يأتي قرار مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة رقم 1593 بإحالة المشتبه في ارتكابهم فظائع إنسانية في دارفور، كنتيجة أخرى حتمية لفصل آخر من فصول الأداء التنفيذي السيئ للحكومة القائمة في السودان. و لنبدأ بقراءة القرار و من ثم تداعياته .. صدر القرار، الموطأ له بقرار اللجنة الدولية للتحقيق في جرائم دارفور، في الساعة 11:55 من مساء يوم الخميس 31 أبريل 2005م بموافقة 11 عضوا وامتناع 4 أعضاء عن التصويت (الجزائر والبرازيل والصين وأمريكا) دون رفض للقرار من أي عضو، بتقديم 51 شخصا للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية والقانون الدولي والإنساني في دارفور .. وكان ذلك هو موضوع الفقرة الأولى من ديباجة القرار. و يؤكد مجلس الأمن في فقرات أخرى من الديباجة، بعكس ما توهمه البعض، أن المجلس متنبه لمواد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية Rome Statute بما يعني صدور قرار مجلس الأمن رقم 1593 على الرغم من أي نص قد يبدو متعارضا مع هذا القرار، حيث أن قرارات الأمم المتحدة الصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (كما هو الحال مع هذا القرار) تسود على بنود الاتفاقيات الدولية الأخرى و سائر قواعد القانون الدولي .. لكن الله لم يفتح على بعض قانونيي الحكومة السودانية بهذه الحقيقة البسيطة الواضحة، فظلوا يضللون ساستهم للتمسك بوهم الخطأ القانوني في القرار و هو صحيح كامل الصحة من الوجهة القانونية.. أما من الوجهة السياسية فلكل شخص أو جهة أن تختلف مع أي من آراء الدول الأعضاء في مجلس الآمن، أو مع نتائج التصويت على الآراء السياسية في مجلس الأمن، لكن الحقيقة الدامغة هي أن جميع أعضاء المجلس ليس بينهم عضو واحد يرى ضرورة الاعتراض على القرار 1593 الذي صوت لصالحه بالإيجاب 11 دولة من بين 15 دولة و امتنعت أربع دول عن التصويت متحفظة لأسباب مختلفة .. ليكون بذلك القرار ملزما قانونا على جمهورية السودان الدولة العضو في المنظمة الدولية لكي تتعاون "تعاونا كاملا" مع قرار المجلس باحالة الأشخاص المتهمين للمحاكمة الدولية ... و بذلك يكون المتهمون الـ 51 قد خسروا المعركة السياسية .. ليصبح القرار بذلك واجب التنفيذ قانونا و سياسة في آن واحد. لكن الغريب في الأمر أن سلوك الحكومة السودانية يوحي بأنها تقدر أن يكون الـ 51 شخصا كلهم أو جلهم من أعضاء الحكومة، و هذا التقدير يجوز أن يصدر عن أي شخص دونما أي حرج و نتيجة لقراءة الواقع الذي يجري في السودان .. أما أن يتصرف أعضاء الحكومة كما لو كانوا هم المطلوبون للمحاكمة ففي هذا اعتراف ضمني، يعتبر أقوى من أي اتهام صادر عن جهة أخرى .. إن قوة فزع الحكومة وحزبها حيال القرار 1593 والاضطرار للخروج للمرة الألف في تاريخها من كل قواعد المخاطبة الدولية الموزونة التي حاول الصحافي المتزن الأستاذ أحمد محمد شاموق أن يشجع الرئيس عليها في أحد أعمدته الصحافية الأخيرة معلقا على خطاب مكتوب أمام إحدى المؤسسات .. والاتجاه إلى القسم المغلظ برفض قرار مجلس الأمن وعدم تسليم أي من المتهمين للمحاكمة دوليا .. هذا الفزع وهذا الانفعال من قبل الحكومة إنما هو تعبير ضمني قوي ومعزز أنها متأكدة من وجود أسماء أعضائها في هذه القائمة التي لا تزال مختومة وسرية... وهذا هو المبرر لمخاطبة الشعب بأن هنالك خطرا (على البلاد) .. بينما لو كانت متأكدة من نظافة يدها وبالتالي يكون كل الـ 51 أو جلهم من ثوار دارفور المتمردين على الحكومة فهل كانت الحكومة ستفزع كل ذلك الفزع؟ و هل كان الرئيس سيقسم بعدم تسليم أي من أعضاء حركتي العدل و المساواة و تحرير السودان للمحاكمة في الخارج؟ أليس في هذه المفارقة انفضاح لضعف الوضع الحكومي؟ ثم دعونا نسأل .. من قال عن مصير السودان أنه إلى زوال بتسليم الـ 51 مشتبه فيهم للمحاكمة الدولية؟ لماذا يعتبر هذا من موارد الهلاك (للسودان) هذا الذي لا يعتبر هذا بأي حال من الأحوال من أكبر المحن التي مرت به .. وقد تعرض سودانيون للاعتقال ظلما في الخارج ولم نسمع بمثل هذا الضجة إلا قليلا جدا ومتأخرا جدا للنذر اليسير جدا من هؤلاء !! ولو كان أعضاء الحكومة متأكدين من براءتهم لماذا لم يلوح أي منهم وهم كثر باستعداده للمثول أمام المحكمة الدولية تحديا بناء على الثقة في البراءة من دماء أهل دارفور؟ أليس في الـ 26 حكومة ولائية و الحكومة المركزية الثلاثينية فضلا عن وزراء الدولة و كبار المسؤولين رجل واحد يعلن استعداده للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، تأكيدا لبراءته أمام العالم؟ أليس من الشجاعة والمنطق السليم في آن واحد أن يعلن قادة الحركات المسلحة استعدادهم للمثول أمام المحكمة الدولية والثبات على ذلك برغم وقوعهم تحت طائلة ذات القرار؟ لقد كان البعض يظن أن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لمبدأ المحاكمة الجنائية لرعايا الدول أمام المحكمة الدولية قد يشكل درءا و حماية للمشتبه فيهم من الوصول إلى تلك المحكمة عبر بوابة الأمم المتحدة التي يحق فيها لأمريكا استخدام حق النقض (الفيتو) ضد ما لا يروقها من قرارات. كما ظنوا أن الصين ذات الاستثمارات النفطية في السودان قد تستخدم ذات الحق لحماية المشتبه فيهم من تبعات القرار الأممي، و هو تقدير لا يقول به أي مبتدئ في السياسة الدولية.. فالولايات المتحدة مهما كانت عيوبها في القدرة على التفكير لا يمكن أن تستخدم هذا السلاح الممنوع (عرفا) بين الدول الدائمة الخمس في مجلس الأمن، و تضرب عرض الحائط بذلك العرف، من أجل حماية مجرد أفراد في حكومة مثل تلك التي في الخرطوم، بل حكومة تناصبها هي نفسها العداء و تريد لها الويل و الثبور.. كما أن الصين لا يمكنها بالمثل استخدام حق النقض ضد استصدار قرار لمحاكمة متهمين بارتكاب فظائع ضد الإنسانية في السودان فقط لأنها تستثمر في السودان بضعة عشرات من المليارات في السودان.. بينما هي تتعامل بأضعاف أضعاف ذلك مع الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، فضلا عن ضرورة إرساء المبادئ الإنسانية لتحسين وجه الصين أمام المجتمع الدولي و هي المتهمة كما السودان، و للاحتفاظ بقرش العلاقات الدولية الأبيض ليوم (تيوان) الأسود في المحافل الدولية. و لم يكن غريبا أن يمتنع الصين عن الاعتراض على القرار، على الرغم من أن هذا الاعتراض لم يكن (في غياب استخدام الفيتو) ليؤثر على النتيجة النهائية .. لقد كان البند الأول في القرار موجزا و واضح المعالم و الغرض، حيث أفاد بأن المجلس "1- يقرر إحالة الوضع في دارفور منذ 1 يوليو 2002 إلى المدعي الجنائي بالمحكمة الجنائية الدولية"، كما جاء في الأصل الانجليزي: "1. Decides to refer the situation in Darfur since 1 July 2002 to the Prosecutor of the International Criminal Court" و يتضح من هذا النص أن المجال الزمني للتحريات الجنائية في جرائم دارفور وفقا للقرار يمتد منذ الأول من شهر يوليو عام 2002م حتى يشمل كل العناصر التحضيرية لأي جريمة ارتكبت في دارفور و لو كان ذلك التحضير قد وقع قبل سبعة أشهر من بداية الثورة و التمرد على سلطان الحكومة في دارفور في فبراير من عام 2003م. في البند الثاني يقرر المجلس أن على حكومة السودان و كل الأطراف الأخرى في النزاع بدارفور التعاون الكامل مع المحكمة و المدعي الجنائي و تقديم أي مساعدة ضرورية لهما بموجب هذا القرار..." و هو نص موجه للحكومة و أطراف النزاع المسلح .. لكن البند مضى ليفصح عما لا يزال مبهما لبعض قانونيي الحكومة، حيث نص على أن المجلس "... بينما يقر بأن الدول غير الأعضاء في اتفاقية روما ليست عليها أي التزامات بموجب الاتفاقية، يدعو بشدة كل الدول و المنظمات المعنية الاقليمية و الأخرى الدولية بالتعاون الكامل". و هنا يسجل المجلس سابقة بفرض سلطان المحكمة الجنائية الدولية على الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة من خلال الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حتى و لو لم توقع هذه الدول على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة والتي تفرض ولاية اختصاص المحكمة على الموقعين في الاتفاقية دون غيرهم. و بعبارة أخرى فان غير الموقعين على اتفاقية روما لن يكونوا منذ تاريخ القرار 1593 مبرئين من سلطان المحكمة الجنائية الدولية، ومن امتنع عن التوقيع على الاتفاقية و اكمال التصديق عليها و ايداعها حسب الاجراءات الدولية من أجل الافلات من العقاب فقد خاب ظنه في ضوء هذه السابقة الجديدة في القانون الدولي، الذي ينمو كل يوم وفقا للأعراف و الممارسات التي تجري في المنظمة الدولية وفقا لاجراءاتها و نظمها. و في ما يلي النص الانجليزي لهذا الجزء من البند الثاني: "…while recognizing that States not party to the Rome Statute have no obligation under the Statute, urges all States and concerned regional and other international organizations to cooperate fully". البند الثالث: "3- يدعو (المجلس) المحكمة و الاتحاد الأفريقي للتباحث حول التدابير العملية التي من شأنها تيسير عمل المدعي الجنائي و المحكمة، بما في ذلك احتمال عقد الاجراءات في الإقليم، الأمر الذي سوف يساهم في الجهود الإقليمية لمحاربة الافلات من العقاب". البند الرابع: "4- كما يشجع المحكمة، كلما كان ذلك مناسبا و متفقا مع اتفاقية روما، على دعم التعاون الدولي مع الجهود المحلية لترقية سيادة القانون و حماية حقوق الانسان و محاربة الافلات من العقاب في دارفور" . البند الخامس: "5- كما يركز على الحاجة لتطوير تضميد الجراحات و المصالحة، و يشجع في هذا الشأن إنشاء مؤسسات تتضمن كل قطاعات المجتمع السوداني، مثل لجان الحقيقة و/أو المصالحة لاستكمال الإجراءات القضائية و من ثم تقوية الجهود المبذولة لاستعادة السلام المستدام، بمساعدة الاتحاد الإفريقي و العالم متى ما كان ذلك ضروريا". بعدها تأتي المادة التي دعت إلى تحفظ بعض الدول و التي تعتبر تسجيلا للهيمنة الأمريكية على منظمة الأمم الدولية، و هي المادة السادسة من القرار 1593، التي تستثنى الدول غير الموقعة على اتفاقية روما استثناء صريحا من تطبيق بنود هذا القرار على رعاياها الموجودين في السودان حتى و لو شاركوا في ارتكاب فظائع مما يدخل في نطاق القرار و سلطان المحكمة الجنائية الدولية، مع قصر الولاية الجنائية على المحاكم الوطنية الخاصة بتلك الدول. و على الرغم من تعميم الأمر على كل الدول وعدم قصره على الولايات المتحدة أو ذكرها في صلب القرار بالاسم فقد كان المقصود هو أمريكا، و إن شملت الحماية الاستثنائية نتيجة لذلك كل رعايا الدول الإفريقية و الدول الأخرى المشاركة في أي من أنشطة الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي الساعية لاستتباب الأمن و السلام في السودان، سواء كان ذلك الثلاثة آلاف عسكري في دارفور أو العشرة آلاف في الجنوب أو السبعمائة شرطي مدني أو أي رعايا عسكريين أو مدنيين آخرين. و قد كان هذا الاستثناء هو السبب الرئيس الذي منع دولة مثل البرازيل من التصويت بالإيجاب لصالح القرار، على الرغم من أن ممثلها في المجلس صرح بتأييد كل البنود الأخرى بما فيها البند الأول القاضي بإحالة المتورطين للمحاكمة الدولية. لقد أصبح السودان نتيجة لسلوك الحكومة السودانية العاجزة عن الإدارة السياسية الوطنية و الجاهلة بمجريات التفكير الدولي مسرحا لتطوير القانون الدولي في اتجاه التدخل الأجنبي المحروس بالنصوص القانونية و السوابق الدولية في مجال القانون الدولي، و خمارة لتطوير ذلك القانون على أرض الواقع، وصولا إلى تعزيز العناصر اللازمة لإنشاء ما يسمى بالحكومة الدولية .. و هي حكومة لا تحتاج لاسم و لا تفاصيل إجرائية ما دامت تعمل في واقع الأمر و لها آثارها العملية .. و يكون السودان بذلك قد وفر الأرضية اللازمة بسبب جهل حكامه لتغيير معالم العالم النامي كله و وضعه بين يدي المجتمع الدولي ليدار من مقر المنظمة الدولية في نيويورك تحت تأثير الولايات المتحدة الأمريكية و من ورائها الكيان الصهيوني. و إذا خطر بذهن أي من المتنفذين في السودان مجرد خاطر أن هذا سيمر دون أن يحاسبهم التاريخ قبل محاسبة الله على الإسهام في هذه السنة السيئة فليراجعوا ما تبقى لهم من عقيدة و دين. وفي ما يلي النص العربي (ترجمة الكاتب) لقرار الاستثناء للدول غير الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية المعروفة باتفاقية روما: "6- يقرر أن الرعايا، و الموظفين الحاليين أو السابقين، أو أي من العاملين لدى أي دولة مساهمة من خارج السودان ممن ليسو أعضاء في اتفاقية روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية، يجب أن يخضعوا للاختصاص الحصري لتلك الدولة المساهمة بالنسبة لكل فعل أو امتناع مدعى به ينشأ عن أو على صلة بعمليات داخل السودان مؤسسة أو مرخصة من قبل المجلس أو الاتحاد الإفريقي، إلا إذا قامت الدولة المساهمة بالتنازل عن هذا الاختصاص الحصري". و يتضح من النص أن الدول المستثناة هي كل الدول التي دخلت قواتها أو رعاياها ضمن مهمات مرخصة من قبل مجلس الأمن بموجب أي من قراراتها التسع الأخيرة أو من قبل الاتحاد الافريقي فيما يتعلق بدارفور. فهو استثناء و ان كان الدافع الأساسي له حماية الرعايا الأمريكيين إلا أنه شمل كل رعايا الدول الأخرى ممن يدخلون في نطاق النص بشروطه المبينة. البند السابع: يتعلق البند السابع بمنع تمويل مصاريف المحاكمة الجنائية بموجب القرار بواسطة الأمم المتحدة، بل يكون ذلك على حساب الدول الموقعة على اتفاقية روما المنشة للمحكمة الجنائية الدولية، و من الدول التي تتبرع طوعا لذلك الغرض. أما المادة الثامنة فتعكس مدى اهتمام مجلس الأمن بمتابعة الأمر، حيث نص على أن يخاطب المدعي الجنائي للمحكمة الدولية مجلس الأمن خلال ثلاثة أشهر من تاريخ القرار، ثم يخاطبه كل ستة أشهر من بعد ذلك حول الاجراءات التي تم اتخاذها بموجب القرار. والأشهر الثلاثة الأولى تضع الاطار الزمني للبدء في التحريات الجنائية أو على الأقل اكمال التحضيرات الأولية بما في ذلك استصدار طلبات التسليم بالنسبة للـ 51 شخصا المضمنين في المظروف المغلق حتى كتابة هذه الأسطر ممن يشتبه ضلوعهم في ارتكاب فظائع دارفور الدامية. و كعادة مجلس الأمن فقد قرر في البند التاسع و الأخير من القرار استمرار بقاء موضوع القرار على منضدة المجلس، و ذلك تسهيلا لتحريك الأمر في أي لحظة. و من خلال المداخلات التي تلت إجازة القرار ظهرت وجهات نظر بعض الدول الـ 15 الأعضاء في هذه الدورة من دورات مجلس الأمن، وهي آراء تفيد في فهم نص القرار و تفسيره من خلال معرفة اتجاهات الرأي و الدوافع وراء بنود القرار. رددت السفيرة آن وودز بيترسون مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية الموقف المبدئي لبلادها من المحكمة الجنائية الدولية التي ترى ألا تمتد صلاحياتها لرعايا البلاد غير الموقعة على اتفاقيتها، لكنها قالت أن بلادها تفضل المحاكمة أمام محكمة متعددة العناصر تعقد في إفريقيا، لكنها راعت ضرورة وحدة الكلمة في المحفل الدولي من أجل التوصل لنتيجة فعالة بشأن تقديم المتورطين أمام العدالة، و لتأكيد ضرورة إنهاء بيئة الإفلات من المساءلة و العقاب على الجرائم في السودان، مما جعلها لا تعترض على القرار و لكن في نفس الوقت دون أن تصوت لصالحه، لعدم موافقة بلادها على مبدأ الإحالة للمحكمة الدولية. كما عللت الاستثناء الوارد في البند السادس من القرار بضرورة حماية الدول المساهمة التي استجابت لدعوة الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة بتقديم العون العسكري في دارفور و السودان، و أن من بين أولئك رعايا الولايات المتحدة الأمريكية، الذين سيخضعون لمحاسبة المحاكم في بلادهم. وأضافت أن اللغة المستخدمة في القرار لتوفير الحماية لرعايا الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الأخرى المساهمة من غير الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية إنما وضعت لإرساء سابقة في هذا الشأن، لما تسجله من اعتراف بتحفظات الدول غير الموقعة على اتفاقية روما. لكنها مضت لتضع تلك السابقة المرجوة من قبل بلادها في شكل كلمات بعينها إمعانا في تأكيد السابقة لتعبر عن اعتقادها بأنه "في المستقبل و في غياب موافقة الدولة المعنية فإن أي تحريات أو ادعاءات جنائية بشأن رعايا أي دولة غير موقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية لا يمكن أن تتم إلا بواسطة قرار من مجلس الأمن"، أو كما جاء في النص الإنجليزي لتقرير المجلس حول القرار: In the future, she believed that, absent consent of the State involved, any investigations or prosecutions of nationals of non-party States should come only pursuant to a decision by the Council. و بهذا تكون ولاية اختصاص المحكمة الجنائية الدولية قد أضيف إليها مدخل جديد عبر هذه السابقة القانونية المأمولة، و حصول الاختصاص متى ما قرر مجلس الأمن ذلك، و أمريكا مطمئنة على هذا المدخل الذي تملك حق نقضه بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنحها باعتبارها عضوا دائما ذلك الحق. و بكلمات أخرى فثمة سابقة قانونية جديدة في حق كل دول العالم باستثناء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، و التي يرجو الكثيرون زيادة عددها ضمن حركة الإصلاح التي تخضع للتدافع بين الأمم هذه الأيام. أما دولة الجزائر و التي امتنعت عن التصويت لكنها لم تعترض على اجازة القرار بالتصويت الايجابي فقد قال مندوبها السفير عبد الله باعلي أن بلاده تؤمن بقوة بضرورة محاربة ظاهرة الافلات من العقاب و المساءلة من أجل ترسيخ السلام و الأمن، و هو أمر صار أكثر ضرورة في حالة دارفور، كما سوى مندوب الجزائر بين هدف السلام و هدف العدالة في دارفور. أما مندوب الصين السفير وانغ كوانغ يا فقد أكد متابعة بلاده اللصيقة لما يجري في دارفور و إيمانها بضرورة محاكمة المتورطين في الجرائم المرتكبة ضد القانون الانساني الدولي و قانون حقوق الانسان، و أن السؤال أمام مجلس الأمن هو ما هو السبيل الأمثل لتحقيق تلك المحاكمة؟ و أضاف أن بلاده كانت تفضل المحاكمة أمام المحاكم السودانية و عدم إحالة المتورطين إلى المحكمة الجنائية الدولية بدون موافقة الحكومة السودانية... سيما و أن الصين، مثل أمريكا، ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، مما منعها من دعم القرار بالتصويت الايجابي لصالحه و اكتفت بالامتناع عن التصويت. و بذلك تكون الصين بذكاء دبلوماسي قد برأت ساحتها (الاستثمارية) من كل جريرة أمام الحكومة السودانية!! أما مندوبة الدنمارك، السفيرة إيلين مارغريت لوي فقد ركزت على ضرورة دعم بلادها لمجلس الأمن "و هو يتخذ الخطوة الاولى في سبيل انهاء ثقافة الافلات من العقاب في دارفور" حسب تقرير المركز الاعلامي للأمم المتحدة حول القرار. كما ركز مندوب الفلبين السفير لورو باجا، برغم دعم بلاده للقرار بالتصويت الايجابي لصالحه، على واحدة من الحجج المثارة ضد القرار، حيث وضع ذلك في شكل سؤال: "هل يمتلك مجلس الأمن صلاحية تحديد ولاية اختصاص المحكمة الجنائية الدولية؟" لكن كما تقدم فان قرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع لها من قوة النفاذ ما يجعلها تسود على سائر القواعد الأخرى في القانون الدولي، بل يمكن للمجلس استخدام القوة العسكرية لاجبار الدول على الانصياع لمثل تلك القرارات إذا لزم الأمر، مما يجعل الحديث المنسوب إلى القانون عن السيادة الوطنية حيال قرارات الفصل السابع من قبل دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، و بالدارجية السودانية، مجرد (كلام فارغ) و لغو لا طائل تحته. أما في مجال السياسة فللمرء أن يتحدث كما يشاء، لكن ميدان السياسة تحكمه القوة لا المنطق، و هو ذات المبدأ الذي أعلنته الحكومة القائمة عندما صرحت بعدم التفاوض إلا مع من يحمل السلاح، واليوم تجد نفسها على مشارف أن يتجرع بعض أفرادها من ذات الكأس. و لعل الخلط ما بين (القانون) و (السياسة) في التعامل مع المجتمع الدولي هو السبب وراء الأوهام التي أناخت على عقول الحاكمين في السودان، و أعمتهم عن رؤية الجادة و اتباع الحق، بينما كان الأولى الرجوع إلى الحق من تلقاء النفس و اتباعا لذات الشعارات التي في ظلها وجدت شعبية النصف الأول من التسعينيات برغم ما فيها من المحن الدولية .. لكن الجديد اليوم هو أن هذه التحديات تأتي بشكل جديد و في بيئة جديدة: أولا: الحكومة قد فقدت أي شرعية لها في الحكم، بعد انتهاء الشرعية الثورية في السنوات الأولى كما هو الحال مع أي ثورة، و رفضها التحول إلى الشرعية الدستورية بالسرعة المطلوبة حتى من قبل المشاركين معها في الحكم فأقصتهم بأبشع الطرق و أكثرها سفورا و تعسفا، تستعين في ذلك و تتقوى بشماتة الشامتين على النظام الإسلامي كله في السودان و خارج السودان، على الرغم من أنه ذات الشعار الذي تستر وراءها كل سوءاتها في الحكم و الإدارة و على رأسها غياب العدل بين الناس، و هي استعانة و استقواء ستدفع هذه الحكومة ثمنها أمام الله و التاريخ غاليا. و بغياب الشرعية الوطنية في الحكم، و غياب الشرعية في الدائرة الأصغر و هي الحركة الاسلامية، يكون ظهر الحكومة مكشوفا للضربات الخارجية و هي أضعف ما تكون، مهما ألقت بمهمة الدفاع عنها على الشباب والطلاب في إطار التهميش المعلوماتي و تغييب الحقيقة. ثانيا: أن المجتمع الدولي الذي نقر بظلمه قد أخذ يغير من بعض سياساته و على رأسها سياسة العقوبات الجماعية، على الأقل في ما يتعلق بالقرار 1593 ، حيث تغير الأمر من محاصرة و معاقبة الشعوب إلى محاصرة (أفراد) في حكومات تكون دائما محصنة تماما من أي عقوبات دولية على أي بلد، و من التطويق السياسي الفضفاض إلى التصويب القانوني الصارم أمام محكمة بعينها تستند لا على السياسة بل على القانون في محاكمات علنية و فرص للدفاع و احترام لحقوق الإنسان أمام القضاء. و في ظل هاتين النقطتين فأين الخطر على (السودان) الكبير هذا (جمل الشيل)؟ أين الخطر على السودان من مجرد (محاكمة) عادلة لمشتبه فيهم بارتكاب أفظع الكوارث الانسانية في حاضر العالم؟ أين الخطر على السودان من المثول أمام محكمة تحاكم على كل تلك الدماء المراقة في دارفور دون أن يكون بين عقوباتها الاعدام و لا القطع من خلاف؟ أين الخطر على السودان من محاكمة 51 سودانيا يتاح لهم إثبات براءتهم أمام المحكمة بكل الوسائل من بين أفراد حكومة فقدت شرعية الحكم و فقدت (بممارساتها و إصرارها و استعصائها على النصح) شرعية الانتماء للتوجه الفكري الذي حصلت به صبر الشعب لحين من الزمان؟ و هل تتوقع الحكومة من الشارع السوداني أن ينبري للتضحية من أجل 51 شخصا مشتبه في ارتكابهم أو مشاركتهم أو إعطاء الأوامر أو السكوت و التستر على القتل والتعذيب والاغتصاب والتشريد و إثارة الفتنة في غرب البلاد و شرقها؟ و أما سفير اليابان كينزو أوشيما فقد مثل بلاده بالتصويت الايجابي لصالح القرار، على الرغم من أن اليابان ليست طرفا في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، لكن من أجل منع الافلات من العقاب على الجرائم ضد الانسانية على حد قول سفيرها.. و يبدو أن القرار 1593 يمكن أن يسمى، من واقع التركيز على هذا الدافع الرئيس وراء القرار، باسم قرار منع الافلات من المساءلة و العقاب .. و سيسجل التاريخ هذا المنعطف من تطور القانون الدولي من هذه الوجهة، بما يهون حتى من تلك الاستثناءات للدول غير الأطراف في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية .. بسبب عظم و خطورة هذا الظاهرة المسيئة للعدالة في أي مكان في العالم. لقد أدى الشعور القوي لكل عناصر المجتمع الدولي بخطورة ترك مجرمي الحرب و مرتكبي الفظائع ضد الانسانية يفلتون من المحاكمة، و الشعور بضرورة إيقاع العقاب، إلى تجاوز كل الصعوبات التي كانت تلوح في وجه إصدار القرار 1593 حتى انهارت الواحدة تلو الأخرى، و تم حل أسباب الخلاف بين أعضاء المجلس من خلال موازنات نصية و صياغية مكنت من صدور القرار في نهاية المطاف .. وعن أسباب التصويت الايجابي لصالح القرار بواسطة مندوب بريطانيا السفير إيمري جونز باري فقد قال السفير البريطاني أن موقف بلاده جاء "لتأكيد المحاسبة على الجرائم التي ارتكبت في دارفور". و أضاف أن بريطانيا أرادت بذلك "إرسال رسالة لأطراف أخرى ربما تكون قد حدثت نفسها بارتكاب مخالفات مشابهة لحقوق الانسان"، و هي نقطة تدعم الاتجاه نحو إرساء سابقة قوية في مجال محاربة ثقافة الافلات من العقاب على الجرائم الإنسانية و الدولية، و هو ما كان في ذهن سفير الارجنتين قيصر ميورال الذي أكد على ضرورة تقوية فاعلية النظام الدولي من خلال تفعيل المحكمة الدولية و أبدى أسفه لصدور الاستثناء في البند السادس من القرار. أما السفير الفرنسي جان مارك دي لا سابليير فقد ركز في تبريره لتبني بلاده للقرار و التصويت الايجابي لصالحه على فظاعة الوضع و معاناة الانسان في دارفور باعتبار ذلك دافعا رئيسا للقرار بالنسبة لفرنسا، مستعرضا قصة القرارات الثلاثة، 1590 لتعزيز قدرات الاتحاد الافريقي في تحقيق مهمتي الحماية و الرقابة، و القرار 1591 للضغط على أطراف النزاع لتنفيذ التزاماتهم الاتفاقية و السعي للحل السياسي السلمي، و القرار 1593 من أجل وضع حد للافلات من العقاب. ثم أضاف أن بلاده ارتضت الاستثناء للدول غير المنضمة لاتفاقية المحكمة الجنائية الدولية لكنها تأمل في أن يتم إلغاء ذلك في اقرب وقت ممكن. كما لخص سفير اليونان آدمانتيوس فاسيلاكيس سبب دعم بلاده للقرار في أنها كانت تفضل لو صدر القرار بغير استثناءات لكنها تدرك في الوقت نفسه أن وجود تلك الاستثناءات أفضل من ترك مرتكبي المخالفات في دارفور يفلتون من العقاب. و قد مضى في ذات الخط سفراء الدول الأخرى مثل تنزانيا و روسيا مركزين على ضرورة منع الافلات من العقاب، و شمل ذلك حتى البرازيل التي امتنعت عن التصويت على القرار بسبب البند السادس منه (استثناء الدول غير الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية)، واعدة بالتعاون الكامل مع المحكمة. لقد كان غريبا جدا ألا نسمع إجابة على سؤال الاستاذ أحمد البلال الطيب في المؤتمر الصحافي لمجلس شورى المؤتمر الوطني مساء الجمعة 1 أبريل 2005م عندما سأل عما إذا تحسب مجلس الشورى لنتائج القرار الذي اتخذه برفض قرار مجلس الأمن، وأنه بذلك قد وضع الشعب السوداني في مواجهة صريحة أمام المجتمع الدولي؟ لقد كان سؤالا جوهريا بل كان أهم الأسئلة التي قدمت في ذلك المؤتمر الصحافي، و لم تكن إجابة البروفيسور إبراهيم أحمد عمر مقنعة أبدا .. حيث ألقى باللائمة على مجلس الأمن .. لم نكن نتوقع من أستاذ الفلسفة الضليع في أكاديمياته أن يعتد بهذا العذر التاريخي في تبرير أعمال مجلس الشورى .. إذ هل يعني ذلك إعترافا بأن مجلس الشورى يتصرف بغير تفكير أو عقل؟ أو أنه إعتراف بأن المجلس يتصرف ردا للأفعال، و تكون هذه الأفعال هي المسؤولة عما يصدر ردا عليها من مجلس الشورى؟ كما كان غريبا أيضا أن إهتمام الحكومة و الحزب الحاكم في السودان بالقرار 1593 كان إهتماما غير مسبوغ .. إجتمع بشأنه الحزب خلال ساعات و خاطب الناس عبر اجهزة الاعلام و اتخذ قرارا بلا حيثيات عندما جاء البند الأول من قرار مجلس الشورى في كلمات قليلة تؤكد رفض القرار و توجه بما يجب أن يحدث دونما تلخيص للقرار و ما وجده و فهمه المجلس حتى يفهم الشعب المسكين لماذا عليه أن يستجيب؟ و إذا كانت بعض الجوانب القانونية استعصت حتى على دهاقنة الحكم من القانونيين فكيف بالمواطن العادي المراد منه أن يتظاهر و يقاتل من أجل الـ 51 متهما؟ أما إذا كان الزعم بأن المسألة ليست في الـ 51 و لكنها في التنازل عن السيادة و (هيبة الدولة) و هي الشماعة التي بذريعتها فرضت على البلاد قانون الطوارئ وحبس الأحرار و أثيرت الفتن شرقا و غربا .. فأين نتائج تلك الأثمان الغالية؟ هل حكومة السودان اليوم أفضل هيبة و أعز مكانة منها بالأمس قبل استفحال أمر الحريات العامة؟ هل أفراد الحكومة اليوم محاطون بأكاليل الهيبة؟ ألم يكن الانقلاب الأبيض على الحزب الحاكم الأصلي كان بسبب الاختلاف على بسط الحريات السياسية والصحافية؟ ألم تكن قاصمة الظهر للشق المنقلب على الآخر دعوة المجلس الوطني (البرلمان) لاجراء تعديل يضمن الانتخاب الحر المباشر للولاة في كل إقليم، و تجاهل طلبات الرئيس (و هو رأس الجهاز التنفيذي) للمجلس الوطني (الجهاز التشريعي) بعدم المضي في تلك الخطوة الباسطة للحرية على المستوى الاقليمي؟ ألم تكن الحجة المعلنة في قرار حل المجلس الوطني و إعلان حالة الطوارئ برغم أنف الدستور و تجميد الأمانة العامة للحزب و أجهزته و مسؤوليه و مصادرة الحقوق السياسية و المدنية للمختلف معهم من قياداته .. ألم تكن الحجة هي الحفاظ على هيبة الدولة؟ هل تعلمت الحكومة اليوم، و قبل ولوج المسؤولين من أفرادها أبواب المحكمة الجنائية الدولية، أن أمريكا ليست إلا ثمنا رخيصا لا يستحق لبيع رفاق الأمس ومن بينهم أساتذة الجيل في الفكر والسياسة، مهما كانت درجة الاختلاف ومهما كان بريق الكراسي ورنين الدراهم؟ هل وعت الحكومة الدرس أن فتح أبواب البلاد للاستخبارات الأجنبية التي دست أنوفها حتى بين اضبارات المصارف و الحسابات الشخصية، المقدسة عندهم في الغرب، للأجنبي ناهيك عن الوطني .. أن هذا التساهل كان ثمنا غاليا مقابل سواد عيون الولايات المتحدة الأمريكية؟ هل استبان للحكومة أن استباحة تسليم الأتقياء الأنقياء للمحاكمات عبر الحدود قد يجر عليها غضب الخالق و يعرضها لذات المحنة؟ إن حرص المخالفين للحكومة على حفظ الأسرار التفصيلية لن يفيد الحكومة في شئ، لأن لجنة المحكمة الكبرى التي تنتظر الناس جميعا يوم ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى أخطر بكثير من المحكمة الجنائية الدولية، فهي محكمة قاضيها (جبار) لا جبار مثله، و شهودها الملائكة و من بينهم رقيب و عتيد، بل من بين شهودها الأطراف و الأعضاء البشرية تنبئ عن أفعالها و أفعال صاحبها في يوم الدين... أما مندوب السودان في الأمم المتحدة السفير الفاتح عروة فقد استمات في الدفاع عن الحكومة السودانية، والحق يقال أنه استخدم كل قدراته في ذلك، من خلال متابعة التقارير والنصوص، وهو يعلم في تقديرنا صعوبة الدور الذي يقوم به في ظل حكومة بهذا المستوى من الأداء .. لهذا لم يثمر ذكاء الرجل فطنته السياسية شيئا حيال صدور القرار... فالمعركة ليست معركة منطق أو قانون عندما يكون الأمر اقتراعا على قرار، بل يستند الأمر على المواقف السياسية للدول، و هو وضع لا ينفع معه إلا رصيد من الممارسة السياسية النظيفة للحكومة التي يمثلها المندوب، و هو عكس ما جرى بالنسبة للسفير الفاتح عروة أو أي سفير آخر في محله، مهما كانت قدراته، فلن يتمكن كما تقول العامة من تحويل (الفسيخ) إلى (شربات)، مع الاعتذار بالطبع (للفسيخ)!! خاتمة: إن على الحكومة السودانية التكفير عن أخطائها بعدم المضي في خط السياسية المهلكة لمستقبل السودان، و أن تكف عن مواجهة المجتمع الدولي و هي عارية من سلاح الحجة أو سلاح المادة أو حتى سلاح الشرعية الوطنية و الشرعية الإسلامية، و عليها أن تؤوب إلى الله و تتوب إليه عسى أن تشملها رحمة الله التي وسعت كل (شئ) بدلا من أن ترد إلى ما هو دون ذلك .. و هي في قرار مجلس شورى حزبها لم توفق في ظاهر الأمر إلى أكثر من البندين الثاني والسادس، بغض النظر عن النوايا، و عليها أن تكف عن النفاق السياسي و تبسط الحريات العامة و لو كان في ذلك إنهاء لسلطانها في البلاد .. و إذا كان لابد من النهاية فهذه النهاية أمام المد الشعبي في ميدان التنافس السياسي الحر ربما وفر لها ما هو أفضل و لو يسيرا من لعنة الله و الناس والتاريخ .. و على الوطنيين الغيورين التقدم بالرأي و العمل الجاد ببصيرة نافذة و التعاون على إنقاذ البلاد من هذا السلوك المهلك الشائن، و إيقاف نزيف الدماء في الغرب والشرق و بناء سودان يقوم على التعايش السلمي و العدالة و الاحترام المتبادل بين العناصر والفئات و القبائل والعشائر و تقديم العقل على العاطفة في إدارة الشأن العام
                  

03-01-2007, 07:56 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    الراى العام
    28/2/2007



    الاربعاء28فبراير2007م

    رداً على دكتور:

    تجاني عبدالقادر

    العلاقات السودانية الأمريكية (8)

    بقلم :

    د. امين حسن عمر

    روينا في المقالات السابقة كيف بدأ الاتصال مجدداً والحوار بين الحكومتين السودانية والأمريكية بمبادرة من وزارتي الخارجية بالبلدين وليس خياراً لأجهزة المخابرات بعيداً عن أجهزة الحزب والدولة العليا كما أوحى الصديق العزيز الدكتور التجاني عبدالقادر. أهم الأشخاص في هذه المبادرة كان الدكتورمصطفى عثمان من الجانب السوداني. والذي قام بمغامرة صغيرة عندما اقتحم على الرئيس الأمريكي كلنتون استراحته في بهو الأمم المتحدة، ليطلب حواراً صادقاً ومخلصاً مع الدولة الأوسع نفوذاً في العالم. على الطرف الأمريكي كان مهنيو الخارجية الامريكية وعلى رأسهم السيد توماس بيكرنج الذي أرسل رسالة إلى الدكتور مصطفى شجعته على تلك المغامرة في مبنى الأمم المتحدة. وفحوى الرسالة: «أن الولايات المتحدة الأمريكية غير راغبة في استمرار القطيعة التامة بين البلدين على اثر ضرب مصنع الشفاء للدواء». ثم جاءت بعثة تقصي الحقائق والتي اثبت تقريرها الختامي ان التخوفات الأمريكية من مصانع كيمائية أو أسلحة بيولوجية أو مصانع للصواريخ العراقية والإيرانية أو معسكرات لتدريب الإرهابيين، كل ذلك لا أساس له من الصحة على الأقل حسب تحقق البعثة الميداني من كل المناطق التي كانت مرشحة للقصف بصواريخ كروز بناء على تلك المزاعم. وليس سراً أن الرئيس كلنتون طُلب منه الموافقة على قصف سبعة عشر موقعاً في السودان بناء على هذه المعلومات المغلوطة. ولكنه لم يوافق إلا على قصف مصنع الشفاء. ولا شك عندي أنه لولا الظروف الخاصة عقيب حادثة تفجير سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في نيروبي ودار السلام، ولولا ظروف الأزمة التي عاشها الرئيس في ذات الأوان بسبب فضيحة مونيكا لونسكي لما أقدم الرئيس كلنتون على إصدار الأمر بقصف مصنع الشفاء، فلم يكن الرجل متهوراً في سياسته الدولية. ورغم عداء إدارته المستحكم للسودان بسبب تنفذ اللوبيات المعادية للسودان في الحزب الديمقراطي وبخاصة اللوبي الصهيوني واللوبي الأسود. ورغم العداء الشخصي للسودان من قبل قيادة وزارة الخارجية السياسية ممثلة في السيدة مادلين أولبرايت والسيدة سوزان رايس، إلا أن الإدارة الأمريكية لم تذهب أبعد مما تقتضيه سياسة الاحتواء التي تبنتها إدارته بإزاء السودان. وهي الحصار السياسي والاقتصادي والعسكري. ولكن الرجل وحزبه ذهبا من سدة الرئاسة قبل أن يكتب له تنفيذ توصيات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بالتحول من سياسة الاحتواء إلى سياسة الإرتباط. وجاءت الإدارة الأمريكية الجديدة المثقلة هي الأخرى بتحامل اللوبي الذي تمثله الكنيسة الإنجيلكانية، لتنفذ تلك التوصيات. ولذلك فقد رشح الرئيس بوش ممثلاً له في السودان. وكان الرجل الذي اختاره أولاً دبلوماسياً ضليعاً معتدلاً ونزيهاً عمل من قبل مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية. وهو السيد: شستر كروكر. وبدأ السيد: كروكر في دراسة الملف السوداني بعد أن أُخبر أنه سيكون مبعوثاً لسلام السودان. ولم يكن السيد جونستون المبعوث السابق يحمل هذا الاسم أو هذه المهمة. فمهمته كانت بخلاف هذه وهي السعي لبناء تحالف دولي ضد حكومة السودان. ولكن شخصية السيد شستر كروكر المعتدلة لم تكن لترضى صقور الحزب الجمهوري في الكونغرس ولا اللوبي الصهيوني ولا اللوبي الإنجيلي ولا اللوبي الأسود. فقد اعتقد هؤلاء وبخاصة بعد التصريحات الأولية للسيد كروكر أنه سيكون متساهلاً مع حكومة السودان. ولذلك بدأت حملة استهدفت الرجل إلى أن أعلن اعتذاره عن قبول المهمة. فبدأت تلك الجهات للبحث عن الرجل الذي لن يكون متساهلاً مع حكومة السودان. ولكن وزارة الخارجية هي الأخرى كانت حريصة على إلا يُختار شخص له عداء صارخ مع حكومة السودان لأن الأخيرة لن تتعاون معه. ولذلك لم تثن الخارجية كل الأسماء التي ارتبطت بالعداء الصارخ لحكومة السودان ، وانتهى البحث إلى تسمية القس دانفورث عضو مجلس الشيوخ السابق الذي كان يمثل شخصاً مرضياً لليمين الجديد ولكنه بلا مواقف معلنة ضد حكومة السودان. وكانت مهمة دانفورث الأولى هي الإطلاع على جميع الملفات المتصلة بالشأن السوداني. وكان واحداً من هذه الملفات المهمة تقرير وفد التحقق. والذي كان هو الجهة الأمريكية ذات الصلة الأقرب بالسودان. والتي عملت على مدى أكثر من عام في بعثات متكررة للسودان. وشهدت ببراءة حكومة السودان من التهم الرئيسة التي وُجهت لها. وأهم من ذلك توصلت إلى قواعد تضمن عدم تشجيع وإيواء حكومة السودان للإرهاب حسب المقاييس الأمريكية. في مقابل ان تكف الحكومة الأمريكية عن مواقفها العدائية ضد حكومة السودان. كان السيد جاك دانفورث رجل خلوقاً نزيهاً يحوز على احترام واسع. وقد تقاعد طوعاً عن مقعده في مجلس الشيوخ. وكان قد انتخب لمجلس الشيوخ الأمريكي في العام 1983م وكانت معركة حامية الوطيس في ولاية ميزوري. وكنا شهوداً للحملة الانتخابية ، وكنا نتعاطف معه رغم جمهوريته، ورغم كونه رجل دين لكنه حتى في ذلك الوقت كان مشتهراً بحسن الخلق. ولم يكن لنا نحن الطلاب الأجانب صوت ولكننا كنا حضوراً وشهوداً. وقد ذكرناه في نيفاشا بتلك الحملة الانتخابية في العام 1983م. أعلن السيد جون دانفورث أو ان شئت جاك دانفورث (فكل جون أمريكي هو جاك) قبوله للمهمة وشروعه في الحوار مع حكومة السودان باتجاه التقدم نحو السلام. ولكنه طلب إشارة حسن نية من حكومة السودان تتمثل في سماح حكومة السودان لبعثة عالية المستوى للتحقق من مزاعم الرق. وذكر السيد دانفورث أن هذه سوف تجعل مهمته أسهل لأنها سوف تخفف الحملة التي يشنها نافذون امريكيون على الحكومة بدعاوى تورطها وتهاونها مع مسألة الاسترقاق. وقد يذكر الناس كيف كانت ضراوة حملة الرق التي تشبه ضراوة حملة دارفور هذه الأيام. ولكن الأمر في ذلك الحين كان متصلاً بجنوب السودان وجبال النوبة. وقبل السودان بالبعثة الدولية وبالفعل كان تقرير البعثة الدولية هو نقطة البداية لتراجع مزاعم الرق في السودان. والتي ما عاد أحد يتحدث عنها الآن ولم يعد أحد يسأل عن المصير المزعوم لعشرات الآلاف من الأرقاء في الخرطوم وشندي والأسواق العربية الأخرى. كانت الاشارة الثانية التي أرادها جاك دانفورث هي سماح حكومة السودان بهدنة لإجراء التحصين ضد أمراض الطفولة الثلاثة في الجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة وما كان ممكناً للحكومة أن ترفض ذلك وبخاصة أن الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر كان وراء الطلب. لتتمكن منظمته من إجراء التحصين. وكانت إشارة حسن النية الثالثة التي طلبها السيد دانفورث هي السماح للبعثة للتحقق من مزاعم استهداف المدنيين. وقد وافقت حكومة السودان ومنذ بدء تلك البعثة لأعمالها بالتحقق من مزاعم المنظمات التي لم تكن لتنقطع حتى قلت تلك الدعاوي حتى كادت تختفي. وفي الحالات التي أطلقت فيها مزاعم بانتهاكات منسوبة للحكومة كانت معظم تقارير البعثة تجيء بصك البراءة لحكومة السودان. والتي اشترطت ان يتم التحقق ايضاً من الانتهاكات المنسوبة للمتمردين. وبذلك أصبحت آلية التحقق من عدم استهداف المدنيين واحدة من أهم الضمانات لكف آثار الحرب عن المستضعفين من غير حاملي السلاح. وكانت الإشارة الرابعة لحسن النية هي طلب السيد دانفورث أن تتفق الحكومة والتمرد على وقف العدائيات في جبال النوبة. وكان لابد لذلك أن يتم من خلال التفاوض المباشر الذي جرى في بلدة بيرجن إستوك في سويسرا وتوصل الطرفان إلى اتفاقية جبال النوبة لوقف العدائيات والتي فتحت الطريق إلى مشاكوس ثم نيفاشا.



    نواصل ،،،

                  

03-06-2007, 09:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    عبد الوهاب الافندى
    يرد على امين حسن عمر
    الصحافة 6/3/2007

    في صباح الجمعة المصادف الثلاثين من يونيو من عام 1989، وهو اليوم الذي وقع فيه الانقلاب العسكري الذي جاء بحكم الانقاذ في السودان، كنت منهمكاً في ترتيب مؤتمر صحفي هنا في لندن، كان سيتحدّث فيه د. علي الحاج ومجموعة من الساسة الجنوبيين، أذكر من بينهم اللواء جوزيف لاقو والسفير فيليب أوبانغ والسياسي ماثيو أوبور. وقبل حوالى ساعة من انطلاق المؤتمر، أبلغني أحد الأصدقاء في اتصال هاتفي أنه قرأ في نشرة التيلتيكست على تلفزيون الـ «بي.بي.سي» أن انقلاباً وقع في السودان وأراد أن يستفسر مني إن كنت على علم بطبيعة ذلك الانقلاب وهوية من قاموا به. ولما لم تكن عندي معلومات انتظرت وصول د. علي الحاج الذي جاء بصحبة رجل أعمال معروف لا داعي لإقحام اسمه في هذا الحديث، وقال إنه لا علم له بتفاصيل الانقلاب وأنه سيتحرى الأمر. ولكنه -وكان هذا هو المستغرب- طلب أن نتجنَّب في المؤتمر الصحفي بقدر الإمكان الإشارة سلباً أو إيجاباً إلى الانقلاب. وبالفعل رفض د. علي الحاج ومعظم المشاركين في المؤتمر الرد على الأسئلة المتوقعة حول طبيعة من قام بالانقلاب وموقف السياسيين الحاضرين منه. الوحيد الذي أدلى بتصريح كان اللواء جوزيف لاقو الذي قال إنه سيبعث برسالة إلى «الشباب» الذين قاموا بالانقلاب ليحثهم فيها على اتخاذ خطوات حاسمة للتصدي للمشاكل التي تعاني منها البلاد والتي عجز السياسيون عن حلها، وعلى رأسها الحرب الأهلية الضروس في الجنوب.
    لم يفض د. علي الحاج ورفاقه لي -وبحسب علمي لغيري ممن أعرف- بمعلومات حول هوية الانقلاب ولا دور الجبهة الإسلامية فيه. وقد اتضح لنا فيما بعد أن د. علي الحاج كان يعلم تمام العلم بهوية من قام بالانقلاب والمخطط الذي قام عليه، ولكنه لم يشأ أن يشركنا فيما كان يعلم. وقد مرّ أكثر من شهر قبل أن يفضي لنا أحد الإخوة ممن قدموا من الخرطوم بعد الانقلاب بالسر كاملاً، وقد علمت فيما بعد أنه تعرّض لتقريع شديد بسبب هذه السقطة، وقد تم بعد ذلك إقصاؤه تماماً من الحلقة الداخلية إياها. وفي ذلك الوقت كان دور الجبهة الإسلامية في الانقلاب قد أصبح سراً مكشوفاً، حيث أصبحت أوساط المعارضة تصرِّح علناً بأن الانقلاب كان انقلاب الجبهة، وأخذت الأحزاب الأخرى تنظِّم نفسها لمواجهته انطلاقاً من هذا الفهم.
    ولا شك أن هناك ما قد يبرر إخفاء بعض المعلومات عن عامة الخلق ومن لا يوثق بهم، ولعل هذا كان حكم د. علي الحاج ورفاقه فينا وفي غالبية أعضاء الحركة، وعدد لا يستهان به من قادتها، ربما كانوا مثلنا يعتقدون خطأً أن السابقة وحجم المساهمة يعفهيم من مثل هذا التهميش. ولا شك أن في معظم التنظيمات من يرضون لأنفسهم بأن يكونوا «طراطير» وإمعات، مثل تيم التي يقضي الأمر حين تغيب ولا يستأذنون وهم شهود (كما قال الشاعر في حقهم ظلماً). وللأسف فإن هذا هو حال معظم الأعضاء في معظم التنظيمات. وقد سمعت مرة من أستاذنا محمد الحسن أحمد الذي كان في وقت ما عضواً في الحزب الشيوعي السوداني أن من أكثر ما لفت نظره في الحزب أنه كان كلما وقع خطب مدلهم وسأل القادة عن رأيهم فيه يكون ردهم: لا بد من انتظار رأي الحزب، حتى إذا جاء الأستاذ عبدالخالق محجوب زعيم الحزب حينها وقال رأيه، أصبح هذا رأي الحزب الذي يستميت الجميع في الدفاع عنه. فهؤلاء جماعة «آمين» الذين يؤمِّنون على كل ما يقوله الزعيم، فيشرِّقوا إن شرَّق ويغرِّبوا مع تغريبه.
    ومثل هذا الوضع هو حتم لازم في التنظيمات ذات الطابع السري، لأن وجود قطاع من التنظيم يتميَّز عن البقية باحتكار وظائف خاصة، أبرزها المعلومات السرية والأموال، يجعل من الصعب إجراء شورى حقيقية في الأمر، إذ كيف يستشار المرء ويفتي فيما لا يعلم؟ ويحضرني في هذا المقام واقعة كانت لعلها أول مواجهة لي مع حقيقة «السوبر-تنظيم»، أو التنظيم الداخلي السري، وهي على ما أذكر أيضاً أول مرة التقي فيها الشيخ حسن الترابي الذي زارنا في الجامعة في عام 1975 وخاطب العضوية بتوجيه أن يخففوا من المواجهة مع حكومة النميري. وقد عبّرت حينها عن تحفظي على هذا التوجيه وصعوبة تنفيذه، خاصة أن الطلاب كانوا معبأين ضد النظام إلى درجة يصعب معها التبشير بالتهدئة وسطهم، كما أن انتهاج التنظيم سياسة كهذه سيكون بمثابة انتحار سياسي. واشترطت لذلك أن تمنحنا الحركة «غطاءً» يتمثَّل في نشاط سياسي خارجي من قبل النقابات أو غيرها إذا كان لا بد من التهدئة في الجامعة، لأن هدوء كل الجبهات هكذا وبلا مقدمات بعد ارتفاع سخونة المواجهة مع النظام لن يكون ممكناً أو بلا ثمن سياسي إن تمت محاولته.
    الذي لم يقله الشيخ الترابي في ذلك اللقاء هو لماذا كان يريد التهدئة في وقت كانت المعارضة مصممة فيه على إسقاط النظام الذي كان قد تلقى ضربات موجعة. وقد علمنا فيما بعد أن طلب التهدئة كان المقصود منه تهيئة الجو للعملية العسكرية التي كانت تعد لها الجبهة الوطنية بأحزابها الثلاثة انطلاقاً من ليبيا، وهي عملية تمت في صيف عام 1976، وبما أننا لم نخطر بما كان يجري في الخفاء، فقد كان تقييمنا للتوجيهات السياسية يقوم على معلومات منقوصة، وبالتالي كان تقييماً مختلاً بصورة أساسية.
    نفس الشيء ينطبق على العملية الانقلابية وسوابقها. شخصياً لا أعرف كم من قادة التنظيم، فضلاً عن أعضائه كان يعلم بأي تفاصيل ذات بال عن الجناح العسكري للتنظيم وأعضائه في القوات النظامية. لقد كانت لنا معلومات عامة عن وجود أعضاء في الجيش والأمن، بحكم معرفتنا الشخصية ببعضهم، وبحكم أن بعض المعلومات ذات الطابع الأمني كانت تبلغنا في بعض الأحيان ويطلب منا أخذها في الاعتبار. ولكنا لم نكن نعلم هوية المصادر. وبسبب طبيعة هذه الاتصالات وحساسيتها، كان لا بد من أن تقتصر المعرفة بها على أفراد قلائل، قد تكون هويتهم هم أيضاً خافية على معظم قيادات التنظيم. وبسبب هذه الحساسية فإن هؤلاء الأعضاء لا بد أن يبقوا مقربين من مركز صنع القرار، وألا يتم تغييرهم أو إخضاعهم للمحاسبة أو الانتخاب.
    نفس الشيء ينطبق على الأشخاص المسؤولين عن مصادر التمويل السرية للتنظيم، سواء كانت هذه استثمارات أو مصادر تمويل مباشرة داخلية وخارجية. فالقائمون على هذه الأمور لا يمكن تبديلهم بصورة دورية أو إخضاعهم للمساءلة والانتخاب. ومن هنا جاءت بذرة السوبر تنظيم، وهو تعبير استخدمناه كأداة تحليلية لوصف حقيقة قائمة كانت لها تبعاتها، وليس كأداة اتهام أو تشهير.
    وكنت آمل ألا أضطر للعودة للخوض في هذا الموضوع الذي أشبعناه تناولاً، ولكن الرد الذي تكرَّم به الأخ الأستاذ أمين حسن عمر الأسبوع الماضي (جريدة «الصحافة» 26 فبراير) أوحى إليَّ بأننا كنا نتحدَّث طلاسمَ لا يفهمها الناس. وأنا لا أتهم أمين في ذكائه كما زعم، بل ما يدفع إلى اليأس هو أن القوم لا ينقصهم الذكاء، ولكنها لا تعمى الأبصار كما جاء في محكم التنزيل. أمين فسَّر ما يقول بأنه تحامل على الحكومة غير مبرر، خاصة وأنها أصلحت من نهجها، حيث جاء في تعليقه «لا يستطيع الدكتور الأفندي أن يفسِّر لنا لماذا تزداد حملته على الانقاذ ضراوة وهي تتخفف من شملة الشمولية. أليس هي اليوم خيراً منها بالأمس؟ وهي غداً بإذن الله خيراً منها اليوم.» سابقاً ذلك بالقول بأننا كنا ندعم الحكم وندافع عنه مع علمنا بأنه نظام شمولي، معرضاً بأننا انصرفنا عنه انصراف الجرذان عن السفينة الغارقة، وهي تهمة سبقه بها الأخ الفقيد محمد طه رحمه الله وأحسن إليه.
    ولا شك أن خللاً كبيراً في التفكير يظهر حينما يصف البعض التحليل الموضوعي والنصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين بأنها تحامل. وقد كنا أسلفنا من قبل أن حكومة الإنقاذ كانت تعتبر من يسميها «حكومة الجبهة الإسلامية» عدواً يرتكب القذف في حقها، وهذا ليس إشكالاً في من يسمى وإنما في من وضع نفسه في موضع من يخجل من هويته الحقيقية ويتبرأ منها. ولا يكفي المجال هنا للتعليق على ما ذكره أمين من أن الحكومة اليوم في وضع أفضل تستحق عليه المدح والثناء، ولا بقية دفاعه عن النظام، فذلك أمر لنا إليه عودة إن شاء الله. الذي نكتفي بقوله هنا أننا نتمنى لو كان ما قاله صحيحاً، فنحن نتمنى أن ينصلح حال النظام وأن يقود البلاد إلى الديمقراطية، ولا نتمنى كما يفعل غيرنا (وبعضهم ممن كان يشارك أميناً شتمنا وتخويننا لأننا جهرنا بما نراه الحق) سقوطه أو نسعد بانتقاله من ورطة إلى أخرى. ولكن هذا هو الواقع للأسف، ونحن لا نفعل أكثر من التنبيه إلى الكارثة المحدقة بالنظام والبلاد من السياسات الحالية ونجتهد ما وسعنا ذلك إلى تقديم النصح لوجه الله تعالى. ولعل أبرز آيات من أراد الله هلاكه أنه إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، ويصف النصح بأنه «حملة تزداد ضراوة»، والله غالب على أمره.
    لكن ما أردنا أن نفرغ منه هنا هو قضية السوبر تنظيم كمفهوم تحليلي وليس كسباب وشتيمة. ويجب أن أعترف هنا بأنني عندما اهتديت إلى هذا المفهوم لم أكن قد اطلعت بعد على المقابلة التي أجرتها صحيفة «المسلم» لسان حال الطلاب المسلمين في بريطانيا مع السيد أبو الأعلى المودودي في عام 1969 ورفض فيها فكرة أن تقود الحركات الإسلامية عمليات انقلابية أو ثورية تحديداً لأن هذا الهدف يتطلب إنشاء تنظيم سري سيكون من أبرز مقوماته إسكات كل صوت ناقد، ويتبع منهجاً يقوم على القسوة والطغيان، بحيث أنه حين يتولى الحكم سيصبح قادته شر مقاماً من الطغاة الذين انتصبوا لإزالتهم. ولكن قد كان في عبرة تاريخ الحركات المماثلة، وليس أقلها حركة الإخوان المسلمين ونظامها «الخاص» الذي لا تزال الحركة تعاني من ويلات أفعاله، ما يكفي لذي عينين.
    وكما ذكرت فإننا لم نطلق هذا الحكم سماعاً كما ذكر أمين. وإذا كان لا يكفي معرفتنا ببواطن عمل حركة انتسبنا لها ونحن لم ندخل المدرسة الثانوية بعد، فإن في الدراسة المفصَّلة التي أعددناها للدكتوراة، ودرسنا فيها وثائق كثيرة، وأجرينا فيها مقابلات مع العشرات من قادة الحركة ومنتسبيها السابقين واللاحقين ما يغني ويمنح الحق في التقييم. فقد أصبحنا بحسب الأخ د. التجاني عندها «مستشرقين» ننظر إلى الحركة من الخارج بعين الناقد البصير، كما كنا ننظر إليها من الداخل بعين الحرص والمثالية.
    وبذكر المثالية فإننا أيضاً مثل أمين لا نطالب أحداً بالمدينة الفاضلة، كل ما قلناه إن التنظيم السري ربما كان ضرورة مرحلية يجب تجاوزها باتجاه شفافية ومساءلة. وإن أكثر ما أضرَّ بالبلاد والحكومة هو ازدواجية السلطة بين رجال ظل لا يتحملون مسؤولية أعمالهم ورجال «واجهة» لا يعلمون كثيراً من ما يدور حولهم. وهذا وضع اعترف به جماعة السوبر تنظم الحاليين حين أعلنوا ثورتهم على شيخهم في عام 1999، ولا عبرة هنا بما أورده أمين من تغييرات في الأشخاص، لأن من طبيعة التنظيمات السرية أن المتحكمين فيها قلة، وربما يقتصرون على شخص واحد، وتسهل معها «انقلابات القصر» وإقصاء الأفراد أو تهميشهم. وتغيير الوجوه لا يعني تغيير الهيكل.
    ولعل أمين أصاب من حيث لم يقصد حين ذكر مصيباً أننا قد سكتنا من القوم على بلاء أكثر من هذا، مما يعني أن تهمتنا ليست كوننا مثاليين، بل العكس، قد أحسنا الظن بالقوم أكثر من اللازم، وأعناهم على ما كنا نعتقد أنه الصواب، قبل أن نكتشف أننا كنا من جملة المخدوعين، وأن البعض كان يريدنا أن نكون من الطراطير وجماعة آمين، وهو موقف لا نرضاه لأنفسنا ونحن نعلم. هذا مع أننا على مذهب الإمام زين العابدين رضي الله عنه بأن من خدعنا بالله انخدعنا له، ولكن هناك حدود لمثل هذا الانخداع يصبح المرء بعدها مغفلاً أو فاسداً، ونحن نعوذ بالله من هذا المقام ونستغفره لما سواه.
                  

03-11-2007, 06:29 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    التجانى عبد القادر
    يرد على امين حسن عمر
    الصحافة 11/3/2007

    الحلقة الاولى

    الإسلاميون مرة أخرى
    (1)
    أوضح د. أمين حسن عمر في مقاله الأول حول العسكريين الإسلاميين (الرأي العام،14يناير2007) أن هدفه من الرد على مقالاتي هو «تصحيح بعض الوقائع» التي تصادف أن كان هو أحد شهودها، أو المطلعين على خباياها.وهذا مقصد حسن نفرح به لأننا لم نكتب ما كتبنا الا طلبا للوقائع التاريخية الصحيحة. فما هي اذن «الوقائع» التي أوردتها، وما هو وجه الخطأ فيها، وما هو التصويب الذي تقدم به د.أمين؟
    لقد أشرت في مقالى الى أن أهم وقائع النزاع الأخير بين الإسلاميين في السودان كانت تدور حول مسألة «رئاسة الجمهورية».ولم أعتمد في هذا على البحث في نوايا الأشخاص ودوافعهم،كما يكرر بعض الذين اعترضوا على كتاباتي،كما لم اعتمد على نظرية المؤامرة وسوء الظن،كما اعتقد بعض المتوغلين في النزاع، وإنما اعتمدت أساسا على الوثيقة الداخلية المكتوبة التي سلمني إياها يدا بيد أحد معاوني الدكتور الترابي وذلك في منزله بالمنشية في عام 2000م ، وهي وثيقة تهدف أساسا «لتصحيح الوقائع» من وجهة نظر الأمين العام، والذي لم يكن مشاهدا لتلك الوقائع فحسب وانما كان محركا أساسيا لها. جاء في تلك الوثيقة:
    «كانت خطة الحركة بعد العام الثالث للتمكين أن تبرز الحركة كلها، وتتولي المسؤولية مباشرة برموزها وخطتها، وتجلي ذلك في قرار حل مجلس قيادة الثورة، وكانت الخطة أن يتولي «الأمين أمين عام الحركة ، قيادة دولتها»، ولكن خلصت الرؤية أن في رئيس مجلس الثورة ما يحقق ذات الغايات، وأن يهيأ باللازم حتي يصبح هو نفسه أمين عام الحركة، الا أنه وفي ذات الساعة التي وضعت فيها الآمال على شخص رئيس مجلس الثورة التمس أن يعذر في أول مخالفة لقرار الحركة، وهو التخلي عن المنصب العسكري برتبته وزيه، وان يتبعه في ذلك ولاة الولايات، ولم تقف الحركة في ذلك موقفا حاسما..».
    فهذا النص يشير بصورة واضحة الى أن مبتدأ الخلاف ( والذي تحول فيما بعد الى نزاع شرس، تزايدت أسبابه، وتنوعت مظاهره) لم يكن حول الذات والصفات، كنزاع المعتزلة والأشاعرة، أو حول الإصلاح الزراعي أو التجارة الخارجية، وانما كان حول من يتولي قيادة الدولة، الأمين العام للحركة الإسلامية(صاحب البيعة المعقودة سرا)، أم الرئيس البشير(صاحب البيعة المشهودة).ومما يؤكد هذا من جهة أخري أن الخلاف لم يطل في السنوات الثلاث الأولي من عمر الإنقاذ، والتي تميزت بالوئام والتنسيق،رغم انها كانت سنوات حرب في الداخل ومحاصرة من الخارج،ولكنه نشب في عام 1992، العام الذي انتهت فيه مرحلة التأمين العسكري، وبدأت فيه مرحلة الانتقال الى الحكم المدني، أي العام الذي طرحت فيه مسألة التخلي عن الرتب العسكرية وتسليم قيادة الدولة الى قيادة الحركة الإسلامية.
    فما هو الخطأ في هذه «الوقائع»؟ كنت أتوقع من د.أمين أن يقول مثلا ان هذه وثيقة مزورة، أو انها صحيحة ولكن محتواها لا يؤكد ما ذهبت الىه، أو أي شيء من هذا القبيل، حتي نجد خيطا موضوعيا مشتركا ندير حوله الحوار، ولكن د. أمين يعرض اعراضا كاملا عن هذه الوثيقة(كما أعرض عنها من سبقوه في التعقيب على مقالاتي)، ليجعل الأمر كله «استنتاجا» من عندي، وطالما هو استنتاج من شخص بعيد عن الأحداث فلابد أن يكون بسيطا وبعيدا عن الحقيقة، وليس فيه فهم لدوافع الأشخاص الفكرية والنفسية.وأنا سأقبل هذا الحكم مؤقتا في انتظار التفسير «المركب» القريب من الحقيقة،والمتعمق في فهم «دوافع الأشخاص الفكرية والنفسية» والذي سيتقدم به د. أمين.
    يقول د.أمين في تفسيره «المركب»: ان الرئيس البشير لم يخطط لتولي الرئاسة(أين الدليل؟) ولم يكن طامحا فيها، ولم تكن شخصيته من نمط الشخصية المتحكمة،رغم أنه (بحسب د.أمين) رجل شديد الكبرياء مفرط في ذلك رغم البساطة والتواضع.ويقول د.أمين أن الكبرياء الشديد لدي الرئيس البشير والإعتزاز المفرط بالشخصية العسكرية هي نقطة المواجهة بينه وبين الدكتور الترابي.أما الدكتور الترابي والذي كان دائما (بحسب د.أمين أيضا) «أعلى طموحا من جميع أقرانه من الإسلاميين والسياسيين» فطموحه «لا يمكن أن يفسر بالسعي للحصول على منصب ولو كان منصب الرئاسة(لماذا؟)، بل كان الرجل يسعي لكي يكون رجل مرحلة تأريخية، ليس على نطاق السودان بل على نطاق العالم الإسلامي بأسره». فكأن «رئاسة الجمهورية» في هذا السرد قشرة موز ملقاة على قارعة الطريق، يتحاشاها هذا لشدة كبريائه، ويتحاشاها ذاك مع شدة طموحه. ولكن المشهد يتغير فجأة في المقال ذاته، فتصبح قشرة الموز كنزا ثمينا، ويصدر الترابي توجيها«مباشرا للرئيس بضرورة التخلي عن الزي العسكري»، فيقوم الرئيس،ردا على ذلك التوجيه المستفز،بالذهاب الى اجتماع مجلس الشوري في يوم الجمعة مرتديا البزة العسكرية، فيسعي الترابي عبر «تكتيكات عديدة لدفع الرئيس للاستقالة، وكان الأرجح لديه أن الخيار أمام الرئيس اما الإستقالة أو الإنقلاب على الإنقاذ، وكان ترجيحه أن الرئيس سوف يختار الإستقالة..» كل هذا أورده د.أمين في مقاله، وكل هذا لا يعتبر عنده نزاعا حول «رئاسة الجمهورية»، لأن الرئيس «رجل بسيط شديد البساطة وغير طامح أو طامع في الرئاسة» (ولكنه فقط يحب البزة العسكرية لوجه الله)، أما د.الترابي فقد كان أيضا زاهدا في الرئاسة، ولم يقم بكل ذلك التكتيك والمضايقات الا ليأتي برجل مدني موات لتوجيهاته، أو لتوجهات الحركة الاسلامية(مع ان الترابي نفسه يتحدث عن البيعة التي انعقدت له،وعن قرار الحركة الذي انبرم على أن يكون هو قائدا للدولة) .
    هذا هو اذن النموذج النفسي/الفكري «المركب» الذي يفسر الوقائع بصورة أفضل من تفسيرنا «البسيط». وهو كما ترى يقوم على رد السلوك السياسي الى الخصائص النفسية،مع اغفال للواقع المادي والأطر المؤسسية، ولكن دعنا نسلم بأن «الإعتزاز المفرط بالشخصية العسكرية» هو الذي قاد الى المواجهة بين البشير والترابي، فلماذا اذن لم تقع هذه المواجهة الا في عام 1992؟ لماذا مثلا لم يتضايق الترابي من البزة العسكرية وهي توقع بعض القرارات الصعبة في سنوات الإنقاذ الأولى؟ ولماذا كان الرئيس البشير بسيطا متواضعا قبل عام 1992 ثم صار عنيدا مشاكسا بعد ذلك؟ ألا يتصل ذلك بما ذهبنا الىه من أن عام 1992 كان بالنسبة لفريق هو عام «التخلي» عن الموقع وبالنسبة لفريق آخر هو عام «الحلول» في ذلك الموقع؟ أن ما يسميه د. أمين «الاعتزاز المفرط بالشخصية العسكرية» لم يكن ليقدم أو يؤخر شيئا لو لم يرتبط بموضوع أو موقع يرغب فيه الطرفان في وقت واحد. فلو كان البشير مثلا رئيسا لإدارة المخازن والمهمات في القوات المسلحة، لما نشب نزاع بينه وبين الدكتور الترابي مهما أفرط الأول في الاعتزاز بشخصيته العسكرية، وذلك لأن الصفات الشخصية وحدها لا تكون سببا للنزاع وانما يأتي النزاع حينما تتقاطع المصالح حول عين أو موقع أو موضوع.
    (2)
    ويقول د.أمين انني افترضت نوعا من المقابلة بين العناصر المدنية والعسكرية للانقاذ، وهو لا يقبل هذه المقابلة ولكنه «يؤمن» على وجود نوع من «التمايز» بسبب الأثر القوي للهوية العسكرية، ويشير الى أن الإنقاذ حينما تحركت للاستيلاء على السلطة لم تكن هناك «مفارقة» بين رؤية العسكريين ورؤية المدنيين حول مقاصدها، الا أن رؤية العسكريين والمدنيين كانت رؤية «مثالىة». وهذا صحيح صحة جزئية، فلم يكن الخلاف حول «المقاصد العامة» التي أشار الىها، وانما نشب فيما بعد حول«المراحل» و«المواقع»، اذ بينما كان أحد الفريقين يحصر همه في «عملية الإنقاذ»، وما تتطلبه من تمويه وتأمين، كان الفريق الآخر يمد نظره «لما بعد الإنقاذ»، وما يتطلبه ذلك من ازاحة وابدال؛ ازاحة للقيادات العسكرية التي أنجزت مهامها الإنتقالىة، واحلال القيادات التنظيمية والسياسية التي كانت تنتظر على المقاعد الخلفية. على أن تفاصيل تلك المرحلة لم تكن بالضرورة معلومة للجميع. من تلك التفاصيل مثلا: ما هو الشكل الذي سيتخذه النظام في مرحلة ما بعد سنوات التمكين الثلاث الأولي؟ومن سيشغل المواقع العلىا فيه؟ وكيف سترتب العلاقة بين الدولة والمؤسسة العسكرية؟وهل سيكون هناك مجلس منفصل للوزراء، أم سيكون رئيس الوزراء هو رئيس الدولة ورئيس الحزب؟ ومن هو الذي سيرشح لرئاسة الجمهورية؟ الى غير ذلك من المسائل الدستورية والإستراتيجية الكبرى.
    ولكني لم أقل في أي موضع من مقالي، كما فهم د.أمين ومن قبله الأخ محمد الأمين خليفة ود. عبدالوهاب الأفندي،ان النزاع كان بين العسكريين والمدنيين، بل ذكرت تحديدا «ان خمسة على الأقل من أعضاء القيادة، ثلاثة من «العسكريين» وأثنان من «المدنيين»، لم يؤيدوا رؤية الأمين العام..» مما يؤكد ادراكي الواضح أن الإنقسام لم يكن بين عسكريين ومدنيين، ولكني لاحظت أن العناصر العسكرية آخذة في التقارب والتكتل بصورة متدرجة،وأشرت الى احتمال أن يقوم العسكريون بدحرجة من تبقي من المدنيين الى خارج السلطة بدلا من أن يحدث العكس، وقد أيدني د.أمين في ثنايا سرده دون أن يقصد، وذلك حين يروي عن د.الترابي القول بأن «الرئيس بات يستبدل اعتماده على الحركة الإسلامية باعتماد أكثر على مجموعة العسكريين الاسلاميين وغيرهم».(الحلقة الثالثة من تعقيبه) ولذلك فان القول بأن الإنقسام لم يكن بين المدنيين والعسكريين لا ينبغي أن يفهم منه أن العسكريين لم يكونوا كيانا متميزا، أو أنهم لا يودون أن يكونوا كذلك، ليس فقط بسبب «الهوية العسكرية» كما يشير د.أمين، ولكن أيضا بسبب «البنية التنظيمية» المستترة في داخل المؤسسة العسكرية، وبسبب «المخاطر» المشتركة التي لا يمكن أن يشاركهم فيها مدني.وهو ما يقودنا، وقادنا من قبل،للحديث عن صيغة «الشراكة»، اذ لو كان هؤلاء العسكريون مجرد أفراد من أرباب المعاشات المتقاعدين الذين يعملون من منازلهم، لسلمنا بكل ما يقوله د. أمين؛ أي لسلمنا بأنه لم تكن هناك «شراكة» بين صاحب شوكة عسكرية ومناصرة شعبية. ولكن وبما أن العسكريين المشار الىهم ضباط عاملون في داخل المؤسسة العسكرية فان القيمة السياسية تتجاوز اشخاصهم الى «رتبهم». وما ذكره د.أمين من أن التنظيم توفرت له عناصر مدنية مدربة عسكريا لا خلاف حوله، ولكن تلك العناصر تفقد كل قيمتها لمجرد وجودها خارج المؤسسة العسكرية، طالما أنه لم يكن في مقدور أي منها أن يذهب فجرا الى القيادة العامة، فيتصل بالقيادات والوحدات، ويصدر التعلىمات، ويستقطب التأييد والمباركة بالصورة التي فعلها البشير وبكري وخليفة المعروفون لضباط الجيش وجنوده. اللهم الا اذا كان د. أمين قد نسى تجربة يوليو 1976 الفاشلة، حيث بنيت الخطة الانقلابية الفاشلة على فكرة أن تدرب عناصر مدنية كافية، وأن تؤمن لها كميات من الأسلحة والآليات، فتتحرك «لغزو» القيادة العامة وادارة الهاتف ومبني الاذاعة والتلفزيون. ولكن سرعان ما اتضح الخطأ الفادح حينما صورت حكومة النميري الأمر بأنه غزو خارجي يقوم به بعض «المرتزقة»، فرفضت المؤسسة العسكرية أن تتعامل مع أفراد تلك القوة الا كما تتعامل مع المرتزقة والمجرمين. فاذا كان د.أمين قد نسى انتكاسة يوليو 1976 وفشلها الذريع فان الذين خططوا للانقاذ لم ينسوا ذلك، مما جعلهم يفضلون أن تكون عناصرهم المدنية(التي يتحدث عنها د. أمين) بعيدة عن أنظار القوات المسلحة، ودفعوا بأصحاب الرتب العلىا والشرعية العسكرية الى المقدمة، وهذا ما أسميته بشراكة الضرورة.
    ويشير د.أمين الى أن «الإنتماء المركزي» لأي عضو في الحركة الاسلامية، مدنيا كان أو عسكريا،هو الإنتماء للحركة الإسلامية، وأن هذا هو «الافتراض» الذي قامت علىه حركة الانقاذ، ولكن «مما يبدو جليا الآن» أن الواقع كان دائما بعيدا عن هذه الحقيقة. لم يوضح د. أمين من هم أصحاب هذا الإفتراض، غير أن سياق حديثه يشير الى أن ذلك هو الإفتراض السائد بين أعضاء الفريق القائد في الحركة الإسلامية.أي كأنه يريد أن يقول أن القيادة الإسلامية وهي تقوم بالتخطيط للاستيلاء على السلطة عن طريق القوات المسلحة لم تكن تملك تصورا كافيا عن طبيعة التربية العسكرية وتأثيراتها القوية في تشكيل الهوية والولاء.ولكن هذه القيادة «اكتشفت» ذلك بعد سنوات من التخطيط والتنفيذ، فصار الترابي كما يقول أمين «أكثر الناس رغبة واصرارا على الغاء تلك الفروق(بين العسكريين والمدنيين) وعلى أطر العسكريين أطرا على خيارات متناقضة مع مسلمات التكوين العسكري».ولكني أميل للاختلاف مع د.أمين في هذا، بل وأستبعده، وأرجح أن الترابي كان يلم إلماما كافيا،قبل الشروع في تنفيذ الانقلاب، بأن بعض العناصر العسكرية التي سوف يتعامل معها قد تحمل في داخلها مضادات تجعلها غير قابلة «للذوبان» في «الطبخة» السياسية/العسكرية التي كان يقوم باعدادها. وأرجح أنه قد قام (من باب التحسب وليس الترصد) بالتدقيق في طبائع وخصائص وخلفيات العناصر العسكرية التي سيتشكل منها مجلس قيادة الثورة.وهذا أمر طبيعي في الشؤون السياسية،اذ ليس من المعقول أن يقوم الدكتور الترابي، أو أي قائد سياسي آخر، على مغامرة بهذا الحجم من الخطر دون أن يقوم بتفحص طبيعة العناصر العسكرية التي سيخوض من خلالها أهم معاركه في حياته السياسية، ودون أن يتحسب لما قد يقع من مقاومة من بعضها في المرحلة التالىة لنجاح الإنقلاب. وليس من المستغرب في مثل هذه الحالة أن يشكل مجلس قيادة الثورة من عناصر ذات طبيعة عسكرية مرنة مرونة تجعلها قابلة اما للذوبان في الحياة السياسية، واما للخروج منها بهدوء.ونظرة سريعة لعناصر ذلك المجلس تؤكد هذا، فبعضهم كان من الضباط صغار السن(فيمكن التحكم فيهم)، وبعضهم كان من الذين التحقوا بالمؤسسة العسكرية عن طريق المهن المساعدة كالطب أو الإقتصاد أو العلوم الفنية(فليست لهم جذور عسكرية راسخة)، وبعضهم كان من الزاهدين في السياسة(فيمكن التخلص من أحدهم بقليل من الإستفزاز والمضايقة)،كما أشار الى ذلك د.أمين في مقاله وهو يحدثنا عن «التكتيك» الذي سار علىه الترابي في زحزحة البشير عن السلطة.
    ان الكثيرين ممن عقبوا على مقالي، ابتداءً بالشيخ السنوسي ثم محمد الأمين خليفة ويس عمر وانتهاء بالدكتور أمين، كانوا يجدون حرجا شديدا في القول بأن النزاع بين الإسلاميين كان نزاعا «حول السلطة»، ويعتبرون ذلك تشويها للرموز، أو اساءة للأشخاص،أو سوءا في الظن بهم. ويؤكد كل بطريقته أن هذا الطرف أو ذاك كان من أشد الناس زهدا في السلطة، ثم يفضل بعضهم أن يقال ان النزاع كان بسبب اختلافات في طبائع الأشخاص وأمزجتهم، (د.أمين)، أو بسبب التدخل الخارجي(يس عمر) أو بسبب القضايا وليس الأشخاص(محمد الأمين خليفة). واني بالطبع أقدر الأحاسيس الشخصية، ولا اشتهي تشويه الرموز أو أتعمد الإساءة الىها، ولكني أخشى أن يقودنا هذا النحو من التفكير في اتجاه «تجميل الواقع» بدلا عن دراسته، وفي اتجاه مخادعة النفس بدلا من محاسبتها، وفي اتجاه طمر الحقيقة بدلا من الكشف عنها.والأحسن من هذا أن نكف عن الكتابة حتى يتوفى الله من يشاء من رموز الحركة الإسلامية، فيرتفع عندئذ الحرج عمن يبقى على قيد الحياة فيكتب التأريخ دون خوف أو حساسية.
    .. نواصل..
                  

03-18-2007, 07:45 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    مع المسكوت عنه في عطبرة
    صحيفة الحزب ابدت اشياء وسكتت عن اخري لماذا؟ !
    الحركة الاسلامية قدمت علي السلطة وهي غير مؤهلة وبلا وعي وبرنامج فكان الانحراف
    موسي يعقوب
    استهل هذا المشهد السياسي وعنوانه ( المسكوت عنه في عطبرة ) بان المدينة التاريخية ـ مدينة الحديد والنار ـ لم يكن فيها من الناحية السياسية والاعلامية غير وجود الشيخ هناك وتقليبه المواجع علي طريقته . ولم تقصر الصحافة في الخرطوم عبر مراسليها والوسائل المتاحة لها من ان تطلعنا علي نتائج الزيارة في يومها الاول اي يوم الاربعاء حيث لم تخل صحيفة من الصحف من ان تعطي عناوينها البارزة وحيزاً من صفحاتها الاول لما قال الشيخ في العقيدة والفقه والسياسة وهو كثير ومثير علي كل الصعد والمستويات شأن الشيخ في سنوات ما بعد الانفصال علي صعيدي المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية كما هو معلوم .
    ورغم ان الصحافة في الخرطوم لم تترك لنا ما نطلق عليه المسكوت عنه كما يقول عنوان المشهد السياسي اليوم ونحن لسنا من يكسب القارئ بالاثارة او يجر رجليه الي مغارة علي بابا حيث الاربعين حرامي . الا ان من طالع صباح الخميس الماضي الصحف وصحيفة ( رأي الشعب) الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي يجد ان الصحيفة قد سكتت عن الكثير او انبأتنا بان هناك ما هو مسكوت عنه او ينقل علي غير ما ينقله به الاخرون .. وقد تكون في ذلك حكمة او اشارات اخري لمن اراد ان يقرأ الامور علي طريقته .
    والامثلة والشواهد كثيرة .. فما اتصل من حديث الشيخ بالعقيدة والفقه والاشارة هنا الي (سدرة المنتهي) وظهور المرأة في عقد الزواج اصالة عن نفسها وليس كما هو مألوف وممارس سكتت عنه الصحيفة يوم الخميس الماضي كما سكتت عن وصفه الحركة الاسلامية السودانية بالردة بل اكبر جرائم الردة في التاريخ كما قال ..! وسكتت كذلك عن اعلانه نهاية العداء التاريخي بين الحركة الاسلامية والحزب الشيوعي الذي قال انه تخلي عن نظرياته الالحادية.
    ونقطة اخري مهمة قالها الشيخ سكتت عنها ( رأي الشعب ) وهي قوله الشعبي لا يتمسك باسمه بقدر تمسكه بالاصول ولذلك لا مانع لدينا ان جاءت الاحزاب واتفقنا علي ان نكون مع الميرعني او المهدي تحت اي مسمي ..!
    فرقعات وامور كثيرة اطلقها الشيخ حسن الترابي في فضاء عطبرة والتقطتها الصحف وطالعناها الا اننا في صحيفة الحزب الرسمية لم نعثر علي شئ من ذلك . وما عثرنا عليه كحديثه عن ردة الحركة الاسلامية اوردته الصحيفة بتصرف .اي قالت وانقله حرفياً ( واقر دكتور الترابي بان الاسلاميين في السودان قد ارتدوا الي الوراء ..!)
    الجدير بالذكر والملاحظة هنا ايضاً هو ان الصحيفة هي التي ركزت علي عبارة دكتور الترابي في مادتها المنشورة علي صفحتها الاولي ذلك الصباح لم يرد علي( لسانها او قلمها ) لافرق .. التعبير الشائع المألوف الذي عرف به الشيخ الترابي طوال السنوات والعقود وهو( الشيخ الترابي او الشيخ حسن..!) فهل اصبح ذلك من المسكوت عنه او المصروف عنه النظر والمؤتمر الشعبي يراجع هياكله وقواعده في هذه الفترة من العام وصولاً الي مؤتمر الحزب العام ؟ الله اعلم.
    علي ان من عني بالحراك السياسي وبالتحليل السياسي لابد له من استصحاب هذه الملاحظات لاسيما ان الصحافة كما يتردد عنها هي ( ذاكرة المجتمع) واحدي وسائل الباحثين والدارسين في فحص الوثائق والوصول الي الحقيقة .
    واذا كان ذلك كذلك ومادة البحث متاحة فثمة سؤالاً يطرح في هذه الاحوال وهو لماذا المسكوت عنه في حديث الشيخ الترابي هل هو مجرد قصور في مادة التقرير وفن الصياغة الخبرية ام ان القصة برمتها مقصودة ؟ !
    ولعل العاقل يرجح الاخيرة علي سابقتها فالمزيد من اراء الشيخ الفقهيه يعقد امور الحزب السياسية ولا يحلحلها والخلاف حولها كبير في الداخل والخارج واخيراً صارت اجتهادات الشيخ السياسية نفسها محل اخذ ورد ومراجعة داخل حزب المؤتمر الشعبي قبل الجهات والاحزاب الاخري .
    ونري ان ما يستحق الوقفة في احاديث الدكتور في عطبرة وولاية نهر النيل بشكل عام هو قوله ( ان الحركة الاسلامية عندما وصلت للسلطة في 30 يونيو ـ حزيران 1989 م لم يكن لديها برنامج او وعي او خطة ـ بل هكذا قال ـ لم تكن مؤهلة وزادت علي ذلك انها انفتحت لتضم اليها الكراويش .. !)
    ان الحركة الاسلامية كما هو معلوم في يونيو 1989 م وحتي قرارات الرابع من رمضان ـ ديسمبر 1999 م كانت جسما واحدا بقيادة واحدة مطلقة الصلاحيات تقريبا وهي الشيخ حسن ... او اذا كان ما يعنيه الشيخ صحيحاً ويقصده تماماً فذلك يعني وبحساب الزمن والمراحل والصلاحيات ان ذلك حدث والشيخ علي رأس مشروع التغيير والتحول من حركة الي دولة . ذلك ان ( الكراويش) او انفتاح الحركة علي غير ابنائها وضمهم اليها قد حدث والدكتور الترابي في اوج سلطته الحركية والرسمية ولا نحسب ان الامر كان مجرد كراويش انما اعتراف بالمرحلة والمتغيرات والنهج الاستيراتيجي الذي يحدثنا عنه الدكتور التيجاني عبد القادر هذه الايام وهو محق فالدولة يومذاك جمعت واوعت والحركة استفادت من الكثير من الطاقات والقدرات التي رافقتها من مؤتمرات الحوار الوطني المختلفة الي نفرات الدفاع الشعبي والعمل علي كل الجبهات .
    وان نحن وافقنا الشيخ ـ وهو العالم بالامور اكثر من غيره ـ علي ان الحركة لم يكن لها برنامج اووعي ولم تكن مؤهلة للمسؤوليةالتي القت بنفسها في اتونها فاننا من مواقع المراقبين منذئذ الي اليوم نستطيع ان نقول ان مؤتمرات الحوار الوطني الواسعة والمتخصصة قد زودت التغيير في 30 يونيو - حزيران 1989 م بكل ما تحتاج اليه من برامج وفي شتي المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية وما اليها وصولا الي اشراك المجتمع في حملات الصمود والتصدي وذلك كله مما اعان الدولة علي عبور كل التحديات والمشاكل التي واجهتها في ظروف صعبة ومستجدة هي ظروف الندرة و الاقتصاد الهش والحصارالاقتصادي وعدم التوازن الدولي بعد انهيار المعسكر الشرقي ،ورغم ذلك هناك ما يشير ويؤكد غير ما ذهب اليه الشيخ من عدم الوعي وغياب الخطة والتأهيل .
    فثمة جديد في الانجاز في دفتر الحكم في السودان منذ الاستقلال والي يوم الناس هذا ،ولنعد بالذاكرة الي الوراء لنجد ان السودان كان يتسول الوقود والغذاء والسلاح وكان مقاطعا ومرصودا من كل الصناديق وبيوت التمويل الدولية واسعار النقد الاجنبي ومعدلات التضخم في اوجهها خلافا لما عليه الحال اليوم حيث السودان :
    1/ ينتج خام النفط والغاز ويصدرهما
    2/يحصل علي حاجته من السلاح محليا وكذلك المركبات والشاحنات والجرارات الخ....
    3/ يحقق السلام في الجنوب و الشرق والغرب الي حد كبير
    4/ يبني السدود والطرق ويعمر علاقاته الخارجية والاقتصادية ويستقطب الموارد الخارجية
    5/ يقاوم الضغوط الاجنبية ويعرف كيف يتحرك علي الساحتين الدولية والاقليمية
    وفي هذا وغيره ما يشير الي ان قوي التغيير في 30 يونيو 1989 لم تكن كما وصفها الدكتور حسن الترابي بانها غير مؤهلة وليست علي وعي او لديها خطة للانطلاق بالسلطة بعد ان وضعت يدها عليها فالحقائق والوقائع كلها تشهد بغير ذلك ،
    اما الحديث عن الفساد (9%) او (90%) فهو ما يحتاج الي تفاصيل اكثر من ذلك ليخرج من طور الدعاية السوداء الي طور الاتهام المؤسس وان كنا نعلم ان الحديث عن الفساد والحكم الراشد وحقوق الانسان والديمقراطية قد اصبح من شعارات المرحلة وادواتها التي تطلق من الجميع وفي كل الاتجاهات ،فهو من الامور التي تحتاج الي دليل وشواهد ليصبح ذا معني ويقود الي نتيجة .
    ويظل بعد ذلك كله وفوقه ان الشيخ الترابي لا يستطيع ان يتكلم عن مرحلة سابقة قد كان جزءا منها دون ان يصيبه شئ من ذلك شرا كان او خيرا ،فالذين يقول عنهم الان في عطبرة وغيرها انهم مرتدون وفاسدون وسقطوا في الامتحانات ومع ذلك فتحت لهم الابواب لينالوا من السلطة ...لم يبداوا ذلك المشوار بعد ان فارقهم الشيخ ـ كما يقول اليوم ـ وانما بداوا وهم بين يديه ولهم مع شهوة السلطة واغوائها عقد كامل من الزمان .
    ان من اخطر الامور هنا ان يفهم العاقل وكل ذلك بين يديه ان ثمة اختلالا واختلافا في المعايير وادوات القياس بين الشيخ وهو في حالة انسجام تام وكامل مع اولئك وبينه وهو في حالة فراق لهم .
    فالمصداقية تخدش بل يطاح بها عندما يكون كل ذلك كذلك ،وهي اهم ما يحمله الانسان بين يديه وهو يحاول عرض سلعته للزبائن ـ اهل سياسة كان اولئك الزبائن ام اهل دعوة ووطنية


    اخبار اليوم
                  

03-20-2007, 08:59 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 486 2007-03-20

    بين قوسين
    الرجل وصل سدرة المنتهى

    عبد الرحمن الزومة
    كُتب في: 2007-03-20




    لعل القراء الأعزاء يذكرون ما كتبته آخر مرة ظهر فيها الترابى باقواله عن امامة المراة والحجاب. ولقد كان محور ما كتبته من تحليلات حول تلك (الشطحات) يعتمد على أمرين الأول أن ما يقوله الرجل لا يستحق أن يطلق عليه كلمة (فتوى) لأن مفهوم الفتوى فى الاسلام هو أعز وأجل أن من يرتبط بتلك التخريجات التى يتفوه بها الرجل كلما شعر أنه ينزوى أكثر وأكثر فى (قيعان) النسيان السحيقة وذلك كان المحور الثانى الذى قام عليه تحليلى لتلك الأقاويل وهو أن الرجل الذى كان فى السابق (محور) النشاط السياسى فى السودان و(قطب) رحاه وجد نفسه فجأة خارج (الشبكة) فصار كلما مر به الوقت وهو (يلعق) الذكريات المرة فلا يرجع له غير الصدى فيطلع بتلك التخرصات بصورة درامية وغير منطقية وليست بذات موضوع وليست بذات محل فتتلقفها الصحافة ليس لجمالها بل لغرابتها وشذوذها وخروجها على كل المألوف تماماً مثلما تهتم وسائل الاعلام باية ظاهرة من هذا القبيل. وعادة ما تنسى وسائل الاعلام هذا النوع من الظواهر لكن الترابى يريد دائماً أن يكون فى دائرة الضوء ولكن (هيهات)! ولعلكم تذكرون أيضاً أننى عندما كتبت آخر مرة قد (حذرتكم) أن الرجل بعد (انكاره) لمنكر ونكير فانه بعد ذلك سيذهب الى (مسلمات) أخرى لينكرها وتساءلت عن ماهية تلك المسلمات التى سيقع عليها الدور وصدقونى اننى كنت أتخيل أن يكون الدور على الصلاة مثلاً كأن يقول انها ليست خمسة أو أن ينكر صلاة (التراويح) أو العيدين, ولكن لم يدر بخلدى ولا بخيالى والذى كنت دائماً ما اتهمه بانه خيال (شاطح) لم أتخيل أن الرجل سيصل (سدرة المنتهى) ولكنه وصلها! وأفاجأ بالرجل وقد (شطح) هذه المرة فى عطبرة عندما كان يخاطب مؤتمراً لحزبه ولست أدرى ما العلاقة بين مؤتمر قطاعى لحزب سياسي فى مدينة أقليمية وبين (سدرة المنتهى) وعرش الرحمن؟ بمعنى هل كانت هذه النقطة مدرجة على جدول الأعمال؟ غير أن الرجل قال انه لا يوجد شئ اسمه سدرة المنتهى وكمان هذه المرة معها (تريقة) اذ تساءل عن ماهية تلك الشجرة هل هى شجرة (نبق) أم نخيل ! ولنا أن نتساءل عن الاسباب الكامنة وراء هذه الهرطقة . اضافة الى الاستمرار فى نفس خطه الخارج على المسلمات فان الرجل يواجه نفوراً وصدوداً من انصاره فقد ترك سفينته الكثيرون ومن بقى بدأ يشعر أن الرجل صار عبئاً عليهم بأقاويله التى وصفها علماء السودان والعالم أنها ترقى لمصاف الزندقة والالحاد, لذلك راجت تقارير قبل أيام أنه سيترك منصبه كأمين عام وبما أنه شعر أن ابتعاده عن زعامة حزبه ستسحب من تحته (آخر بساط) يقف عليه أراد أن يقول لأنصاره من عطبرة أن ما تفكرون فيه لن يحدث! لكن العجيب هذه المرة هو اننى أريد أن أعرف ماذا كان رد الفعل لدى السادة المؤ تمرين (الموقرين) عندما أنكر زعيمهم وجود (سدرة المنتهى) يعنى هل كبروا مثلاً؟ هل أغمى على بعضهم (أو بعضهن)؟ ألم يقم واحد من أعضاء المؤتمر بسؤال (مجرد سؤال) عن هذا الكلام؟ أى نوع من المؤتمرات هذا وأى نوع من المؤتمرين هؤلاء! هكذا يقول الرجل هذا الحديث ثم يذهب الى أهله (يتمطى) منطلقاً من قاعة مؤتمر الحزب؟
    * حاشية: فى نفس المحاضرة قال الترابى ان عدداً ممن يتولون مناصب وزارية مهمة هم من (الراسبين أكاديمياً) حسناً بما أن عدم الحصول على الشهادة صار (سبة) عند السيد الترابى وبما أن (الشئ بالشئ يذكر) نريد من الرجل أن يذكر لنا اسم المشرف على رسالته للدكتوراه وعلى اسماء أعضاء لجنة المناقشة وتاريخ ومكان مناقشة الرسالة وعما اذا كان قد (وثق) تلك الشهادة فى أى مركز للتوثيق داخل أو خارج السودان ويا حبذا لو امدنا بصورة من (شهادته) تلك التى يزين بها اسمه فقد سمعنا (طراطيش كلام) انه لم يحصل على شهادة دكتوراه!


    السودانى
                  

03-18-2007, 10:31 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    تجانى عبد القادر يرد على امين حسن عمر 2



    البطانــة وإعـادة انتــاج الأزمــة



    أوضحت فى المقال السابق كيف أن د.أمين حسن عمر قد امتعض مما ذهبت اليه من ربط بين نزاع الإسلاميين وموقع رئاسة الجمهورية، معتبرا ذلك تفسيرا بسيطا لظاهرة النزاع، وقد فرغنا من النظر فى تفسيره "المركب" والذى يرد فيه الظاهرة لاختلاف فى الخصائص الشخصية بين الدكتور الترابى والرئيس البشير، وقلنا إن الخصائص الشخصية، على صحة ثبوتها، ما كان لها أن تقدم أو تؤخر فى سير الأحداث لو لم يقع "تقاطع" فى المصالح وتنافس فى الموقع الرئاسى الواحد.
    على أنى لم أحصر النزاع فى عامل واحد، كما قد يفهم القارىء المتعجل،ولم أنظر اليه كظاهرة ساكنة، وانما حاولت تتبع مساراته كظاهرة تتواصل حلقاتها، وتتعمق تفاعلاتها حتى تلف فى فلكها عناصر جديدة، ومن أجل ذلك فقد قمت بوضع عدد من الافتراضات الموجهة(بتشديد الجيم وكسرها)، ليس من قبيل الفانتازيا الأكاديمية كما قد يظن البعض، وانما على سبيل المنهج العلمى فى دراسة الظواهر الاجتماعية والسياسية، والباحث بالطبع لا يستجلب هذه الافتراضات الموجهة من الهواء، وانما يستخلصها من تجاربه العلمية الخاصة، وملاحظاته المستمرة للتفاعلات التى تجرى فى حقل الدراسة.
    فما هى افتراضاتى، ولماذا اعترض عليها الأخ الصديق د.أمين؟
    لقد وضعت ثلاثة افتراضات: افترضت أولا:أن بعض قيادات الحركة الاسلامية صارت تشكل شخصيات محورية، إما بعطائها الفكرى والسياسى المتواصل، واما برمزيتها التاريخية واشعاعها الاخلاقى، أو غير ذلك من الأسباب. وقلت إن هذه الشخصيات (المحورية) لها دوافع ورغبات قوية فى الإرتقاء الى مواقع القيادة العليا والمحافظة عليها، ولها قدرات تؤهلها للمنافسة، ولكن (الثقافة) التنظيمية، ومن ورائها الثقافة السودانية السائدة، تكفها عن التعبير الصريح عن رغباتها، وعن المنازعة المكشوفة فى المناصب، وافترضت ثانيا:أن هناك شخصيات كان من الممكن أن تكون(محورية) بما لها من قدرات تؤهلها للمنافسة، ولكنها صرفت أو انصرفت من تلقاء نفسها عن المجال السياسى الى مجالات أخرى، فضعف لديها دافع السياسة، فتضاءلت بالتالى البدائل القيادية التى توفر للعضوية فرصا للتفضيل والإختيار، وافترضت ثالثا أن هذه الحالة ستقود الى تولد فئة ثالثة من ذوى الدوافع السياسية القوية والرغبة فى القيادة، ممن لا يملكون رؤى فكرية، أو برامج سياسية تتجاوز ذواتهم، غير أن الواحد منهم يملك أن يؤدى "دورا"، مما يجعله مناسبا للعمل تحت (مظلة) الشخصيات المحورية. اذ أن أغراض (الشخصيات المحورية) تتلاقى مع أغراض هذه الفئة الأخيرة بصورة تلقائية، حيث تجد الشخصية المحورية من يعبر عن رغباتها السياسية بصوت عالٍ، فيرتفع عنها الحرج الأدبى، كما تجد الفئة الثانية مدخلا سهلا الى المواقع القيادية العليا تستعيض به عن عجزها الفكرى، وتستغنى به عن رهق المنافسة المفتوحة مع الآخرين، والإنتخاب الحر من قبل القواعد.ثم أكدت على ملاحظة أن هذه المجموعات هى التى ساعدت بصورة ما على رفع درجة التوتر والتوجس بين طرفى النزاع الأساسيين، وأوصلته الى مستوى فقدان الثقة والعداء الكامل. وخلصت الى القول بإن مثل هذه "الأطراف الجديدة المصنعة" والجماعات الوظيفية المساندة لها ستتولى أدوارا متعاظمة، ليس فقط فى إعادة إنتاج النزاع وإنما فى قيادة الحركة الإسلامية والدولة، وأن دور الشخصيات الأساسية التى فجرت النزاع سيتقلص. واذا صدقت هذه الافتراضات(وهذا ما أود اضافته الآن)) فإنها ستؤشر الى أمرين يمكن ملاحظتهما بيسر، الأول: أن الأطراف الجديدة لن تجذب اليها الا من هو دونها فى القدرات والعلم والتجربة، أى أنها تتجنب الأنداد و تميل نحو التلاميذ والأتباع (مثلها فى ذلك مثل الشخصيات المحورية آنفة الذكر)، والثانى: أن هذا النمط سيكون هو النمط القيادى الجديد والذى سيجرى تعميمه فى سائر قطاعات التنظيم، ففى كل دائرة من الدوائر ستجد (شيخا) صغيرا يجذب اليه تلاميذ واتباعا، ويبتعد عن الأنداد والأكفياء،كما يبتعد عن الفئات القاعدية فى التنظيم، وسينتهى الأمر بأن تكون "البطانة" هى مصدر المشروعية، وهى مصدر القرار، وهى مرجعية ذاتها، وذلك ما ينذر بفناء التنظيم الإسلامى.
    اعترض د. أمين على هذا واعتبر أنه "استنتاج ظالم ومسىء الظن بغير مسوغ بدوافع رجال ونساء كثر، بذل العديد منهم الجهد والتضحية وما بخلوا بالوقت ولا بالمال ولا بالأولاد والأهل فى سبيل نصرة الأنموذج الإسلامى"(تعقيبه الرابع، الرأى العام،21 يناير 2007)، ولكنه عاد ليوافقنى قائلا: "ولا شك عندى فى صحة السياق الذى اقترحه وهو أن النزاعات بين المجموعات الأهلية غالبا ما تتمحور حول الرجال."، ثم لم يلبث أن اعترض بان هذا التفسير وان كان مناسبا فانه ليس بكافٍ لتفسير ما جرى.
    وانى لأدرك الحاجة الى المسوحات الاحصائية الدقيقة والإستبيانات، التى يطالبنى بها، ولكنى أدرك أيضا، ولعله يوافقنى فى ذلك، أننا مهما بالغنا فى الرصد والإحصاء فلن نتوصل عن طريقهما فقط الى نظرية "شافية كافية" تستطيع أن تحيط بظواهر النزاع السياسى احاطة لا تدع مجالا لغيرها،اذ أن الفرق بين الظواهر الإنسانية وظواهر الطبيعة سيظل مستعصيا على الإحصاء والتكميم. ولذلك فقد ملت الى ملاحظة مسرح الأحداث وتصرفات الفاعلين الأساسيين فيه، فصرت أتعرف من واقع التجربة الشخصية المباشرة على العشرات من الأشخاص الذين جىء بهم (أو قفزوا قفزا) من الصفوف الخلفية الى المواقع القيادية فى التنظيم وفى الدولة ليس بسبب من كسبهم التنظيمى أو السياسى أو الفكرى، وانما بسبب ولائهم "الظاهرى" لأحد الشخصيات المحورية، واستعدادهم المستمر للقيام بدور "المخرجين(كما لا يخفى على د.أمين). ولا أتحدث هنا عن الذين تم استقطابهم من الاتحاد الاشتراكى او الأحزاب القديمة، وانما أتحدث عن قطاعات فى داخل التنظيم الاسلامى ذاته. ولابد أن د. أمين قد سمع بالنكات التى يطلقها الشارع السودانى عن الوالى "المرّكب مكنة رئيس"، أو النكتة الأخرى المنسوبة الى إحدى الشخصيات المحورية، اذ نظر ذات مرة الى أحدهم مليا ثم قال:لقد جئنا بهذا ليكون"مخرجا" فاذا به يتحول الى "ممثل"، أو شىء قريب من هذه العبارة، مما يعنى أن الظاهرة التى نتحدث عنها ليست ظاهرة قمنا نحن باختراعها، وانما هى واقع ملموس يرى بالعين المجردة، ولولا أن المقام لا يسمح لذكرنا الأسماء والعناوين.ويعلم د.أمين أننى لا أتحدث هنا عن الأتقياء الأخفياء الذين قدموا النفس والمال، وانما أتحدث عن "البطانة" التى كانت وما تزال تحيط بالمنشية أو بالقصر أو تسعى بينهما، وتصور نفسها أنها "أهل الثقة"، فيلازم بعضهم هذا الطرف ويلازم بعضهم ذاك. ومع أن د. أمين قد أنكر ذلك فى موضع الا أنه عاد ليقر به ويثبته فى موقع آخر، انظر اليه مثلا فى تعقيبه الخامس(الرأى العام 22يناير 2007) يشير الى هذه الفئة بقوله: " ...وجعل ذلك الرئيس البشير شديد الحرص على أن يظل الجهاز الرسمى(للأمن)تحت ولايته الخاصة، وتحت نظره المستمر، مما اقتضى الا يعهد به الا الى أهل ثقته الخاصة". أما د.الترابى فهو أيضا، بحسب د.أمين، "يحيط به أهل ولائه الخاص على أهل كل ولاء مشتبه آخر". فاذا كان كل من الرئيس البشير ود.الترابى يحيط نفسه بأهل "ثقته الخاصة" فما الداعى اذن للمستشارين ولمجلس الشورى، بل وما الداعى للتنظيم ذاته؟
    ثم هل قلت أنا غير هذا؟ وما هو الفرق بين يسميهم أهل الثقة والخصوص ومن أسميهم الأطراف المصنعة؟ ولماذا يطالبنى د.أمين "بالروايات الدقيقة والموثقة" كشرط للتحدث عن أمور ماثلة شاهدتها بعينى، أو عن أحداث عايشتها ساعة بساعة، وشخصيات عشت بينها وعملت معها عشرات السنين؟ وهل يحتاج أحد لنظر فى الوثائق ليقول لنا أن هذا الوالى أو ذاك الوزير قد جاءت به "الشورى" المفترى عليها، أو جاء به سجله فى التضحية والفداء؟ أو جاءت به قدراته فى الإخراج والتمثيل؟
    وأخيرا: لعل القارىء الكريم يكون قد لاحظ المأزق الذى يريد أن يدخلنا فيه المعترضون على ما نكتب، فهم يتهموننا بتجريح الرموز اذا حاولنا أن نتحدث عن "إخواننا الكبار" بغير صيغ المدح والثناء، أما اذا تحدثنا عمن هم دونهم من "البطانة" قيل لنا هذا سوء فى الظن، ثم اذا تحدثنا عن "إخواننا الصغار" قيل لنا هذا اتهام خطير لجهاز الأمن الوطنى، وفى كل الأحوال فنحن متهمون بأننا "ننطوى على سخط خاص، أو إحباط مزمن، أو جهالة مفرطة" كما روى د.أمين عن آخرين لم يشأ تفضلا منه أن يذكرهم. فلا يبقى فى هذه الحالة إلا أن نكتب قصائد المديح أو نكف عن الكتابة، وهما خياران مرفوضان بالنسبة لنا.
                  

03-25-2007, 10:23 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    . الطيب زين العابدين يكتب عن ظاهرة الفساد : تلقـوها عنـــــد الغـافل!

    تلقـوها عنـــــد الغـافل


    بعض الصحافيين الحاسدين من أمثال زهير السراج وعثمان ميرغنى فى (السودانى) وكمال الصادق ومرتضى الغالى فى (الأيام) انتهزوا فرصة ما حدث فى حكومة جنوب السودان من هجوم عنيف على الفساد والمفسدين فى مؤتمر الحركة الشعبية بمدينة ياى وما تبع ذلك من اجراءات جادة مثل انشاء لجنة فى البرلمان لمحاربة الفساد، وتكوين لجنة تحقيق مع بعض الشخصيات القيادية فى الحركة الشعبية بخصوص مبلغ الـ 60 مليون دولار التى قال الرئيس البشير إنها سلمت للحركة الشعبية لتأتى بقياداتها الموزعة فى أنحاء العالم، ورفع الحصانة عن وزير مالية الجنوب حتى يتم التحقيق معه دون حساسية، وفصل ثلاثة من كبار موظفى وزارة المالية والقبض على وكيل وزارة المالية، وإعفاء وزراء ومعتمدين ومستشارين بثلاث ولايات جنوبية، والتوصية بتكليف وزارة الشؤون القانونية بحكومة الجنوب باتخاذ الاجراءات القانونية ضد أى من يثبت تلاعبه بالمال العام واستغلال المنصب، والترحيب بدور الصحافة فى كشف الفساد والمفسدين. انتهز هؤلاء الصحافيون الحاسدون، لشئ فى نفس يعقوب، هذه الاجراءات القاسية وتمنوا لو حدثت اجراءات مماثلة فى حكومة الرئيس البشير التى تحكم الشمال فقط. وكان ينبغى لهم أن يدركوا أن ليس هناك صلة تربط حكومة الجنوب بحكومة الشمال ولا علاقة بين الحركة الشعبية المسيطرة فى الجنوب والمؤتمر الوطنى القابض على الشمال، فهذه كيانات مختلفة فى طبيعتها وأهدافها وآيديولوجياتها وبرامجها السياسية وعليه لا يجوز لأحد أن يتوقع أن تفعل حكومة الخرطوم ما فعلته حكومة جوبا.
    فحكومة الجنوب هذه حكومة جديدة، عمرها أقل من سنتين، لم تنشئ بعد مؤسسات قوية راسخة تعرف كيف تسيطر على ادارة الجنوب، وليست لديها خبرة فى فنون التلاعب بالاجراءات القانونية والمالية والمحاسبية، وأجهزة الخدمة المدنية هناك لا تتبع بكاملها للحزب الحاكم فى الجنوب حتى يستر بعضها عيب بعض، ولأنهم جدد فى "الصنعة" لا يجيدون اخفاء أموالهم المصرفية وعقاراتهم وممتلكاتهم. أما الحركة الشعبية فتختلف تماما عن المؤتمر الوطنى، فقد نشأت بحجة تحرير أبناء الجنوب الأفارقة من هيمنة العرب الشماليين ورفع الظلم والتهميش والتخلف عن مناطق الجنوب وحاربت من أجل ذلك لأكثر من عشرين عاما. اذن فهى حركة ذات آيديولوجية مادية (وكانت فى يوم مضى شيوعية الهوى) وتبحث عن تحقيق مكاسب مادية لأهل الجنوب، فلا عجب ان شغلت نفسها بهذه الأمور المادية (الهايفة) وجعلت من الحبة قبة. وماذا تعنى 60 مليون دولار فى عالم اليوم وفى بلد يسبح فوق بحيرة من النفط؟ ثم ان قيادة الحركة الشعبية تؤمن فقط بالحساب الدنيوى وتنسى الحساب الآخروى، ومن الأفضل أحيانا أن يترك الحساب الى يوم الحساب كما تقول المرجئة!
    أما المؤتمر الوطنى الذى يمثل الحركة الاسلامية الحديثة (فى أبشع صورها) فقد جاء لتحقيق مثل عليا لا صلة لها بالمكاسب المادية (الحقيرة)، ولديه مشروع حضارى متكامل لكل جوانب الحياة سينهض بالأمة السودانية وبكل الشعوب الاسلامية حتى تقوم دولة الخلافة الكبرى فى مشارق الأرض ومغاربها، ويستعيد المسلمون مجدهم السابق فى قيادة العالم. مثل هذه الأهداف العظيمة يضحى فى سبيلها بكل غال ورخيص من اللعاعات المادية، وتحتاج الى (تمكين) طويل الأمد فى السلطة حتى يتحقق ذلك الهدف الكبير أو يأتى المهدى المنتظر فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. والتمكين يتطلب بالطبع حماية من أهل الشوكة ضد أولئك الذين يريدون تداول السلطة واجهاض المشروع الحضارى، ولا بأس على هؤلاء ان ارتكبوا بعض الموبقات المحدودة فى سبيل أداء ذلك الدور العظيم والذى قد يموتون من أجله. وعلى كل هم يكفرون عن تلك الموبقات بكثرة الحج والعمرة وان كانت على حساب الحكومة، أليس من واجب الحكومة أن تعين الناس على أداء الطاعات؟ وكثير منهم يصومون الإثنين والخميس ويفطرون معا بما لذ وطاب، ويتزوجون مثنى وثلاث بقصد اعفاف النساء وتكثير ذرارى المسلمين. ألا يكفر كل ذلك عن بعض الموبقات؟ وتحتاج قيادة المشروع الحضارى الى شخصيات ذات مقدرات عالية وطموحات كبيرة، واذا ما وجد هؤلاء الرجال فيجب عليهم أن يمسكوا بدفة المشروع الى أن يتحقق كاملاً أو يفطس أو يموتوا دونه! فهم غير قابلين للتغيير والتبديل فى منتصف المعركة الحضارية، واذا وقع من بعضهم شئ من نهب المال العام أو انتهاك حقوق الانسان أو جرائم الحرب أو غير ذلك مما تقول به المعارضة (المرتهنة للقوى الدولية) فسبحان من لا يخطئ، وبما أنهم من البدريين القدامى والجدد فسيغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر. والمؤتمر الوطنى، بحراسة وتوفيق من عند الله، وصل الى السلطة دون جهاد كبير فلم يفقد فى انقلابه الأبيض المحبوك على سلطة الأحزاب الغافلة سوى عنصر واحد نسى كلمة السر داخل حوش السلاح الطبى. وهذه الجرائم التى يتحدثون عنها تعتبر عادية وتقع فى كل أنحاء العالم بما فى ذلك الدول الديمقراطية المتقدمة مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، ولكن لا يكثر الحديث عنها هناك ولا تصدر فيها قرارات من مجلس الأمن ولا يطالب مرتكبوها بالوقوف أمام المحكمة الجنائية الدولية. انهم يفعلون ذلك حرباً للاسلام وانتهاكا للسيادة الوطنية وكراهية لحكومته الاسلامية الرشيدة، وقد أقسم السودان ثلاثاً بأنه لن يمكنهم من تحقيق مآربهم الاستعمارية!
    وقد أوضحت قيادة المؤتمر الوطنى موقفها بجلاء تام حول أقاويل الفساد والمفسدين ضد أى فرد من حكومة الشمال، على كل من لديه وثائق ثبوتية أصلية (ليست مصورة)، أو أشرطة فيديو ليست مدملجة، أو أربعة شهود رأوا عملية الفساد كاملة من أولها الى اخرها أن يتقدم بتلك الوثائق الثبوتية القاطعة الى القضاء السودانى المستقل حتى يقول كلمته، وتعد الحكومة بأنها لن تتدخل فى اجراءات القضاء ولكنها فى نفس الوقت غير مستعدة لرفع الحصانة عن أى مسئول فى الدولة أثناء التحقيق لأن تلك الحصانة جزء من مخصصاته القانونية، وقد يفسر رفع الحصانة بأنه تجريم للشخص قبل المثول أمام المحكمة، وذاك أمر محرم شرعاً.
    أما ما يقول به الشيخ الترابى بأن نسبة الفساد قد أصبحت 90% بدلاً من 9% التى كانت فى عهده الميمون، فهذا من باب التخريف والغبينة والحسادة لتلامذته الذين تفوقوا عليه فى اللف والدوران والتكتيك السياسى! وما هو الفرق بين التسعة والتسعين سوى صفر واحد!
    وخلاصة القول إن على كل من يطالب بمحاربة الفساد عن طريق التحقيق والايقاف ورفع الحصانة عن المسئولين فى حكومة الشمال أن ينتظر حتى الانتخابات القادمة، التى قد تأتى فى وقتها أو تتأخر سنة أو أكثر بموافقة الشريكين، ويصوت للفريق سلفا كير أو حتى للإمام الصادق المهدى.

    نقلا عن الصحافة




    التجانى عبد القادر
    الحركة الاسلامية والمسالة الامنية
    الصحافة
    25/3/2007


    (تعقيب 3)
    إن مقالى عن "إخوانا الصغار ومشاريعهم التوسعية الكبرى)أسس على خلفية محادثة قصيرة جرت قديما بينى وبين د. الترابى حول كتاب د.الأفندى الذى أشار فيه الى العديد من تجاوزات الأجهزة الأمنية.ذكرت فى ذلك المقال أن د.الترابى أبدى أستخفافا بدور تلك الأجهزة ولم يدرك خطرها الا مؤخرا حينما وجد نفسه معتقلا لديها.وذهبت فى ذلك المقال الى الأخ الأمين العام الذى كان يكتب عن تصوره لما ينبغى أن تكون عليه أجهزة الأمن فى المستقبل البعيد لم يوضح لنا ماذا كانت تفعل تلك الأجهزة فى الماضى القريب، وقلت: "فاذا خلا كتابه من أى معلومة مفيدة فى هذا الصدد فمن أين نحصل على معلومات مناسبة تمكننا من الفهم الصحيح لحقيقة المهام التى كانت تقوم بها تلك الأجهزة، أو الآليات الفعلية التى تتحرك من خلالها، او الميزانيات المتوفرة لديها"، ثم قلت أن ليس أمامنا فى هذه الحالة الا الاعتماد على بعض التجارب الشخصية المحدودة لبعض ممن احتكوا بتلك الأجهزة بصورة مباشرة، وتلك هى المناسبة التى أوردت فيها ما سمعته من د. محمود شريف(رحمه الله)، ولم يكن غرضى فى ذلك المقال أن أجرى تحقيقا بوليسيا فيما فعلت أو لم تفعل الأجهزة الأمنية مع د. شريف، كما لم أدع فى ذلك المقال أو فى غيره أنى أملك معلومات خاصة عن عمل تلك الأجهزة، لقد كان غرضى، وفى اطار المراجعات النقدية التى أكتبها عن الحركة الاسلامية، أن أطرح سؤالا عن فلسفة ووظيفة الأجهزة الإستخبارية فى داخل التنظيم الإسلامى والدولة الإسلامية، وما اذا كانت تلك الوظيفة ستظل مصوبة نحو الخارج؛ أى نحو مراقبة العدو، كما هو متوقع منها، أم أنها ستتبدل فى أزمنة الضعف التنظيمى والضباب الفكرى فتنجرف فى الاتجاه المعاكس؛ اتجاه الداخل الإسلامى، ثم تتسع حتى تبتلع التنظيم ذاته. وهذا سؤال يتعلق "برؤية" الحركة الإسلامية لذاتها ولأهدافها ولأجهزتها، وسيظل باقيا الى أن تتمكن الحركة الإسلامية ذات يوم من الإطلاع على الملفات ومعرفة ما كان يقوم به الأمنيون. أما فى الوقت الراهن فاننا لا نملك سوى قصص متناثرة نجمعها من بعض الذين كانت لهم تجارب شخصية مع هذه الأجهزة. وبديهى أن هذه القصص قد لا تصمد أمام "السرديات الرسمية" التى قد يتقدم بها "العالمون ببواطن الأمور" ممن شاركوا فى صناعة تلك التجربة وعرفوا خباياها، ولكن هذا لا يسؤنا، بل أنه يجعلنا نفرح مرتين: مرة لأنه يكون قد أراحنا من اتهامات كثيرة توجه بصورة مباشرة للأجهزة الأمنية(فترتد بصورة غير مباشرة علينا فى الحركة الإسلامية)، ومرة لأننا سنكون عندئذ قد أفلحنا فى كسر بوابة الصمت، وفتح نافذة على خزانة الأسرار، وأوجدنا فرصة لعضوية الحركة الإسلامية وللمواطنين ليعرفوا الحقيقة. ولهذا فنحن نرحب كثيرا بالردود والاستدراكات التى تفضل به الأخ الصديق د. أمين حسن عمر، وهو محل ثقتنا وتقديرنا، وما نورده من تعليقات على ما ذكره لا نورده من قبيل المكابرة ولكن من قبيل المزيد من التدقيق والاستقصاء فى أمور بالغة التعقيد، شديدة الحساسية.
    هذا، وقد كنا نتوقع أن يتوقف د.أمين عند سؤال الرؤية الكلية للمسألة الأمنية، فهى صلب الموضوع، ولكنه بدلا عن ذلك فضل أن يتوقف طويلا أمام تفاصيل القصة التى رويناها عن د. محمود شريف، باعتبار أنه لو استطاع أن يزيحها عن الطريق لأمكنه أن يصل الى نتيجة مفادها أن الوقائع التى أوردناها لا تدعم الافتراضات التى تقدمنا بها. وهذا تكتيك يستخدمه العاملون فى مهنة "المحاماة"، حيث يهتم المحامى المحترف بإضعاف أدلة الإتهام أكثر من اهتمامه بالكشف عن الحقيقة، ولقد عهدت د.أمين فيلسوفا عرفانيا وليس محاميا اجرائيا، ولكن ومع ذلك فانه لم يستطع برغم التفاصيل الكثيرة التى أوردها أن يثبت أن القصة التى رويناها عن د. محمود شريف مختلقة وليس لها أساس، بل أنه قد أثبت صحة وقوعها ولكنه نفى أن تكون أجهزة الأمن هى الجهة التى اختلست الأوراق من مكتبه(وأمسك عن التصريح بتلك الجهة،كأن الحقيقة فى ذاتها لا تعنيه)، ثم اختلف معنا فيما استنتجناه منها. واستنتاجنا ببساطة هو: أن أحد الأشخاص قد "اختلس" أوراق التعاقد الذى أبرمه د.محمود شريف مع أحد المهندسين اليساريين المفصولين من الخدمة، وأن هذا الشخص قد أوصل تلك الأوراق الى مكتب السيد وزير الطاقة، وأن هذا العمل تشتم منه رائحة التآمر على د. محمود شريف واستفزازه واجباره لمغادرة الهيئة المركزية،ليكتمل تصويره بأنه شخصية مشاكسة لا تنصاع لأوامر التنظيم، وكل ذلك قد وقع بالفعل. وقلت أن د. محمود شريف حينما لقينى كان على غير عادته لا يتمالك نفسه من الغضب، ثم صرح لى بأنه قلق على مستقبل الحركة الاسلامية ان استمرت تدار على تلك الطريقة. وسياق حديثنا لم يكن عن الأضرار التى يمكن أن يسببها البعوض والملاريا للحركة الإسلامية، وانما كان عن الأضرار التى يمكن أن تسببها المكايدات الأمنية. أما د. أمين فينفى (بدون دليل) أن تكون للحادثة التى رويتها عن محمود شريف علاقة بأجهزة الأمن المختلفة(الرسمى والشعبى والعسكرى)، ثم يؤكد (بدون دليل أيضا) أن الأمر جميعه كان نزاعا بين د. محمود شريف و"مكتب الفئات" المسئول عن الشأن النقابى فى الحركة الاسلامية. وقد نسلم بهذا، ولكن لن نستطيع التسليم بأن "مكتب الفئات" فى ذلك الوقت لم تكن له علاقة عضوية لصيقة بأجهزة الأمن، اذ لو كانت الأمور تسير بهذه "الإستقلالية" التى يتحدث عنها د.أمين فلماذا لم يعرض الأمر برمته للنقاش فى مكتب الفئات ذاته،ويطلب من د. محمود أن يقدم تقريرا عن أدائه فى الهيئة المركزية، وتتم محاسبته بالطريقة التنظيمية المعهودة؟ لماذا فضل هذا المكتب العجيب(وهو مكتب ادارى مستقل فى ظن د.أمين) أن يقوم "باختلاس" الأوراق من أدراج د. محمود ويضعها فى أدراج السيد وزير الطاقة؟ (وربما فى أدراج أخرى لا نعلمها)، ثم ما هى العلاقة بين السيد وزير الطاقة ومكتب الفئات؟ هل هو مسئول عنه، أم عضو فيه؟ وما هى العلاقة بينه وبين الأجهزة الأمنية، هل هو عضو فيها أم مسئول عنها؟ هذه الأسئلة الحائرة وغيرها تجعلنا نرحج أن التفرقة لم تكن كاملة بين أجهزة الأمن ومكتب الفئات ووزير الطاقة فى تلك الآونة، الا اذا جاءنا د. أمين بدليل ناف شاف يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن بعض المسئولين عن مكتب الفئات لم يكونوا هم أنفسهم قياديين فى بعض دوائر هذه الأجهزة الأمنية المشار اليها. أما اذا لم يشأ د.أمين أن يفعل هذا فلا يحق له إذن أن يعترض علينا اذا استنتجنا وفقا للحيثيات التى أمامنا أن عنصرا أمنيا كان موكلا بمراقبة أفعال د. محمود ورصد حركاته، وأن "اختلاس" الأوراق والمواجهة مع وزير الطاقة هى جزء من محاولة لاستفزاز د.محمود ودفعه للاستقالة.أما أن هذا العنصر الأمنى قد كان تابعا بصورة مباشرة لأحد أجهزة الأمن، أو لوزير الطاقة،أو لمكتب الفئات، فهذا لا يغير شيئا فى جوهر الموضوع طالما أنه لم تكن توجد بين جهاز الأمن ووزير الطاقة وأمانة الفئات فواصل تنظيمية مانعة.
    ثم يشير د. أمين الى أن د. محمود شريف خرج الى الجنوب مجاهدا ضمن الكتيبة الخضراء التى أعدها جهاز الأمن، فاذا كان كارها لهم فى الخرطوم فكيف يخرج مقاتلا معهم فى الجنوب؟ وهذا سؤال محير بالفعل، يمكن لمن يشاء أن يتوقف عنده ويتأمل فيه(إن أعطى الأمان)، اذ ليس لدينا فى الوقت الراهن معلومات عن طبيعة تلك "الكتيبة الخضراء"، ولا عن الكيفية أو الملابسات التى جعلت د.محمود ينضم اليها. ولكن وكيفما كان الأمر فانا لم نقل أن د. محمود كان على خلاف مع جميع أفراد القوة الأمنية، كما لم نقل أن هؤلاء كانوا جميعا من الأشرار، اذ قد يختلف د. محمود شريف أو غيره مع رئيس الجهاز وبعض مساعديه، أو يعترض على أساليبهم الادارية وتصوراتهم دون أن تتأثر علاقاته الشخصية مع بقية العاملين فى الجهاز(خاصة المجاهدين الصادقين، وهم كثر والحق يقال)،علاوة على أن ذهاب شخص الى الجهاد عبر قافلة تسيرها الأجهزة الأمنية لا يعنى أنه يحب ادارة تلك الأجهزة دون غيرها. أما "القلق" الذى كان يساور د.محمود فهذا ليس من استنتاجاتى وانما هو شىء حدثنى به، فاذا كان د. أمين يريد أن يقول أن محمودا لم يكن قلقا، أو أنه كان قلقا ولكن ليس بسبب خلافات مع الأجهزة الأمنية، اذ أن علاقاته بها كانت كالعسل باللبن، فهذا يحتاج منه الى أدلة أقوى مما تقدم به.(وعلى القارىء أن يلاحظ هنا أن هناك،غيرى وغير د.أمين، الكثيرين ممن لهم إلمام كبير بتفاصيل قصة د.محمود ولكنهم لا يتكلمون)
    على انى لم أورد قصة د.محمود من باب الإثارة الفارغة، وانما أردت أن أشير الى أن بعض ما تبقى من الأجهزة التنظيمية صارت (بعد أن حل مجلس الشورى) مجرد "أغطية" خارجية لنشاط الأجهزة الأمنية، وذلك لأنى أعرف يقينا، كما يعرف د.أمين، أن الأجهزة الأمنية صارت تقتات من العضوية العاملة بيننا كما تشاء، وتؤسس بعض عناصرها فى مواضع مفصلية من بقايا التنظيم، وهذا هو متن القضية التى أثرتها؛ أى أن الهيمنة الأمنية على الخارج (التنظيمات المعارضة لحكومة الإنقاذ) قد سبقتها وصاحبتها هيمنة أمنية على الداخل (الإسلامى)، وهذا لا يتناقض فى شىء مع "الشهادات الدولية" أن السودان يدخل فى قائمة الدول الأولى العشر الأسرع نموا فى العالم" كما يذكرنا الأخ د. أمين فى تعقيبه (على افتراض صحة ذلك)، اذ من الممكن أن تحقق حكومة الإنقاذ نموا كبيرا فى الاقتصاد، بينما تقوم أجهزتها الأمنية،مستفيدة من ذلك النمو الإقتصادى ذاته، بتغيير طبيعة التنظيم الإسلامى بغرض إحكام سيطرتها على الداخل والخارج معا.
    ولقد سمعت ذات مرة أحد وزراء الإقتصاد الإنقاذيين يقول مباهيا بأن التنمية الاقتصادية التى حدثت فى كثير من الدول النامية(مثل النمور الآسيوية) لم تحدث الا فى وجود النظم العسكرية القابضة، أى كأننا نحتاج لمحاكاتهم فى "لقبضة العسكرية-الأمنية" لنصير مثلهم فى التنمية الإقتصادية، وهذا غريب ولكنه قريب مما يومىء اليه الأخ د.أمين، قربا يثير دهشتى.
    وسنواصل إن شاء الله.
                  

03-26-2007, 10:14 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 492 2007-03-26

    بين قوسين
    لماذا قال ما قال؟

    عبد الرحمن الزومة
    كُتب في: 2007-03-26




    اذا كان ثمة من لوم أو ملاحظة يمكن توجيههما نحو أداء الحركة الاسلامية منذ بداية انتشارها فى السودان منتصف الأربعينات من القرن الماضى فهو كما قلت فى مداخلة سابقة أنها (بالغت) بعض الشئ فى السرية التى ضربتها على نفسها (تنظيماً ونشاطاً) و تجدر الاشارة هنا الى أن وجود أسباب قوية وظروف حتمت تلك السرية لا يمنعنا الآن من أن نسجل هذه الملاحظات وهي ملاحظات ستظل تحمل هذه الصفة لأننا ببساطة لا نستطيع اجراء (محاكمة) للحركة الاسلامية – خاصة الشخوص الذين تصرفوا على ذلك النحو- لسبب بسيط وهو أنك عندما تريد أن تحاكم شخصاً أو جماعة فلابد من استصحاب (الظروف) التى حدثت فيها (التهمة) وهذا أمر خارج سلطتنا اليوم وخارج (اختصاصنا). ويبدو لى أن كثيرين من الكتاب و(المفكرين) الذين ينشطون هذه الأيام فى توجيه سهام نقدهم لأداء الحركة الاسلامية بالذات فى عهدها الانقاذى قد وقعوا فى هذا (الفخ) أو ان شئت هذا الخلط. وهذا النوع من الناس منهم البعض الذى لم يمكنه جدار (السرية) الذى فرضته الحركة على نشاطها و(أدبياتها) من التعرف على حقيقة الأوضاع بشكل يمكنه من الحكم بموضوعية لذلك صار يصدر أحكاماً (بلا هدى ولا كتاب منير), آراء منشأها رأيه المسبق عن الحركة الاسلامية وهؤلاء أنا وجدت لهم عذراً فى مقال سابق. غير أن البعض الآخر هم من الاسلاميين الذين يعرفون كل شيئ بل ان بعضهم كان من العاملين فى (المطبخ) الذى طبخت فيه الوجبات التى أعدتها الحركة وكان (طعمها) حلواً فى حلوق بعض الذين عادوا اليوم وبعد أن تغيرت بهم الظروف و(الأمكنة) ليكتشفوا أن (الطعم) لم يكن حلواً كما تخيلوا أول مرة ولكن كيف يعبرون عن ذلك؟ لقد واجهتهم مشكلة (اللغة) التى يمكن أن يستخدموها فى ذم الحركة ونقدها والتشويش عليها فهم لا يجيدون تلك اللغة ولم يتعودوا عليها فهى لغة تخصص فيها آخرون ولقد اهتدى هؤلاء (المفكرون) بكل أسف الى (الأسلوب) السهل وهو استخدام نفس مفردات (الدعاية السوداء) التى ظل يستخدمها أعداء أو لنقل (منافسو) المشروع الاسلامى. من ضمن هؤلاء الأخ العزيز الدكتور التيجانى عبد القادر الذى يعيش فى امريكا والذى كتب مجموعة من المقالات أثارت ولاتزال ردود أفعال متباينة وأبادر أولاً لأرسل له تحية خالصة فلقد اشتقنا له كما أبعث له بتهنئة خاصة متضمنة واحدة من أهم (النتنائج الباهرة) لمقالاته اذ هلل لها البعض واعتبروها (شهد شاهد من أهلها)! ولكن هل هى كذلك؟ أنا لم أجد فى مقالات الأخ (تيجانى) كما كان يحلو لنا أن نسميه لم أجد فيها أى فكر بل ان ما سطره لم يكن يحتاج الى مفكر فان المادة التى قدمها موجودة بكثرة على صفحات (الانترنت) والصحف السودانية (سيارة وحائطية) بل و فى كل التجمعات الاجتماعية من أفراح وأتراح وكل ما فعله الأخ تيجانى هو أن جمعها وأعاد (تغليفها) ووضع عليها اسمه المذهب باللقب (الأنيق) وقذف بها الى اناس يعلم أنهم سيشترونها دون حتى حاجة حقيقية اليها فيكفى أنها من أمريكا ومن أحد (المفكرين الاسلاميين)! لذلك لن أشغل نفسى بالحديث عن (ماذا قال) الدكتورتيجانى فالأخ الدكتور أمين حسن عمر هو أقدر منى على ذلك وقد قام بالواجب خير قيام ثم انى لا أجيد (مناطحة) الأخوان فأسلحتى كلها ومنذ أن اشتريتها موجهة الى (صدور) الأعداء البينين (العديلين) للمشروع الاسلامى ولكنى سأشغل هذه المساحة بقضية أخرى وهى (لماذا كتب) الأخ تيجانى ما كتب وتلك مسألة نتم فيها الحديث غداً باذن الله.

                  

03-27-2007, 10:20 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 493 2007-03-27

    حديث المدينة
    تعقيب من أمين حسن عمر..!!

    عثمان ميرغني
    كُتب في: 2007-03-27 بريد إلكتروني: [email protected]



    وصلني هذا التعقيب من د. أمين حسن عمر على ما جاء هنا بعنوان (البحث عن المسطرة).. وبعد أن تقرأ (رد!!!) د. أمين.. أقدم لك تحته مباشرة ردي أيضا..
    الأخ /رئيس تحرير صحيفة السوداني
    أطلعت على عمود (البحث عن المسطرة) تعليقا على بعض حديثي في ندوة عن مقاربة الإنقاذ للمشروع الإسلامي.. وعلى عادة الأخ/ عثمان ميرغني في البحث عن (الإثارة اللفظية) بوصفها مدرج عرض الأزياء الجديدة، والعبارات التي يتسمح بها على أعتاب مرجعية العولمة، جاء تعليقه بعيدا عن الموضوعية والكياسة معا. ولو استثمر الأخ/ عثمان بعض وقته في حضور الندوة أو غيرها من النشاط الفكري المزدهر هذه الأيام لربما كانت كلماته أقرب إلى مدار الحوار في ذلك المنتدى. ولكنه منشغل في استثمار سب الإنقاذ ومشروعها ورجالها هجاء مدفوع ثمنه بأعلى صك شهري يُدفع لصاحب عمود يومي. ولا عجب ولا حسد فلقد كانت صنعة المدح والهجاء صنعة مربحة منذ قديم الزمان. ولا أحتاج إلى توضيح أهديه لعثمان بل للقراء الكرام. وهو أن ما عنيته قد أثبته عثمان عندما ردنا إلى مرجعية عمر رضي الله عنه. فقد قلنا إن خصوم الإسلام من العلمانيين وأشباههم وماسحي أعتاب مقاماتهم ليس لهم مرجعية يحيلون إليها غير الإسلام، وهذا اكبر نجاح للتيار الإسلامي. لان مطلوب هذا التيار الأول هو أن يكون الإسلام هو المرجعية الوحيدة التي يتحاكم الناس إليها لقياس الصواب والخطأ والصالح والطالح والمستحسن والمستقبح. وهذا مقصود قد تحقق بشهادة ما نقرأ ونسمع ونشاهد من المناوئ والموالي. وليعلم عثمان أن الإنقاذ وأهل الإنقاذ لا يخشون أن تتعرض بضاعتهم التي يعرضون للنقد والمقايسة والمعايرة. ونعلم تماما أن بعض أهل الهوى وأصحاب الموجدة والضغينة سوف يبخسون ما ترى أعينهم ويقللون ما تسمع آذانهم بل ويمارون فيما تستطعم أفواههم. لأنه من يك ذا فم مر مريض يجد مرا به العذب الزلالا. وأما حديثه عن الترهيب في الهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون فالحمد لله يشهد لنا أهلها بغير شهادة عثمان عبر بحوث دورية نجريها لمراجعة رأى العاملين في كل شأن من شؤون الهيئة. وهي بحوث لا يحتاج العامل فيها إلى إثبات اسمه أو قسمه أو إدارته ولكن ما نفعل بعثمان إن كان يوزع أدواءه على الناس ثم ينسل بعيدا..
    من المحرر:
    نيابة عن القراء أشكر د. أمين حسن عمر على التعقيب.. وأحيل للقراء حق الرد عليه فقد أكد في رسالته أنه لا يقصد الرد على كاتب هذه السطور – ربما ترفعاً – وأنه يخاطب القراء فقط فقال (ولا أحتاج إلى توضيح أهديه لعثمان بل للقراء الكرام). فـ(عثمان) حسب قوله (.. منشغل في استثمار سب الإنقاذ ومشروعها ورجالها هجاء مدفوع ثمنه بأعلى صك شهري يُدفع لصاحب عمود يومي.. ولا عجب ولا حسد فلقد كانت صنعة المدح والهجاء صنعة مربحة منذ قديم الزمان).
    على كل حال الله يسامحك يا د. أمين.. حسنا هذا أجر الهجاء.. لكن كم أجر المدح.. لمن يمدح.. فأنت قلت (صنعة المدح والهجاء صنعة مربحة).. كم اجر المدح.. لمن يمدحكم!!

                  

03-27-2007, 10:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 493 2007-03-27

    بين قوسين
    بين المطرقة والسندان

    عبد الرحمن الزومة
    كُتب في: 2007-03-27




    ان بعض الاسلاميين باتوا يعيشون تحت وهم (الموضوعية) وهم يعتقدون أن دفاعهم المباشر عن هذا المشروع الاسلامى الذى قدم لهم الكثير ورفع من قدرهم وأعطاهم ما لم يكونوا يحلمون به و البعض بعث بهم الى بلاد (الافرنج) ليتسلحوا بالعلم و (الشهادات) من جميع الأشكال والدرجات, الآن بدأوا يعتقدون أن دفاعهم المباشر عن ذلك المشروع لم يعد (مقبولاً) بل ربما اتهموا بعدم (الموضوعية) و سيطرت عليهم (صحوة) متأخرة خاصة الذين اختاروا العيش فى بلاد الغرب حيث الانتماء للاسلام و(الاسلاموية) بشكل خاص صار له استحقاقات لا بد من دفعها والدفع فى بعض الأحيان صعب وربما يكون ثمنه التخلى عن (مسلمات) لم يكن البعض يتخيل فى يوم ما أن أحداً سيساومه على دفعها. وهذا النوع من الاسلاميين ليس فقط أولئك الذين يعيشون فى الغرب بل بعضهم هنا يعيشون بيننا ويتابعون سير الحركة الاسلامية ودولتها ويشاركون فى صنع أحداثها وقراراتها ولكنهم عندما يمسكون أقلامهم و(مكرفوناتهم) تتقمصهم تلك الروح! غير أننى ساركز على شريحة الاسلاميين الذين قذفت بهم الأقدار للعيش فى بلاد المهجر و فى الغرب عامة وفى أمريكا خاصة. أنا أعرف احد الاخوان البارزين ذهب الى دولة عربية شقيقة وهنالك طاب له المقام واكتسب (تابعية) تلك الدولة لكنه قطع كل روابطه مع اخوانه فى السودان (حتى التلفونات) مع ان المسئولين فى وطنه الجديد يعلمون تمام العلم الجهة التى كان ينضوى تحت رايتها. لكن مشكلة هذا الأخ بسيطة مقارنة مع (مأزق) الذين يعيشون فى أمريكا ففى الدول العربية والاسلامية لن يطلب منك أحد التخلى عن مسلماتك فالمسلمات واحدة هنا وهناك لكن فى امريكا فان الثمن يكون غاليا وأحياناً (مذلاً ومهيناً) ولقد كان ثمن العيش فى الغرب اصلاً غالياً ولكنه كان يقتصر على بعض الأمور الاجتماعية الخاصة بتربية الأولاد و(البنات) ولم يكن دفع ذلك الثمن فى الماضى سهلاً وهيناً خاصة بالنسبة لمن بنى حياته و(شخصيته) فى وسط المشروع الاسلامى وعلى ركائزه! الآن بالاضافة الى كل ذلك فان الثمن أضيفت اليه (فاتورة) جديدة تتعلق باعلان البراءة من المشروع الاسلامى الذى اختارته أمريكا وبدون أى سبب عدوها اللدود وأعلنت عليه حرباً شعواء وهى كما يعتقد اليمين الجديد المتطرف فى أمريكا حرب بقاء (اما نحن أو الاسلام) وكل الدلائل تؤكد أن هذه الفلسفة لن تترك لأحد الاسلاميين التمتع بلذة العيش فى أمريكا و فى نفس الوقت الظهور فى ثياب المنتمي الى الاسلام السياسى الذى تحاربه امريكا دعك من الدفاع عن ذلك الشمروع . ان سير الحرب على ما يسمى بالارهاب هو أكبر دليل على ذلك . والذين يعيشون فى أمريكا ومن بينهم بطبيعة الحال الأخ تجانى عبد القادر عليهم دفع هذه الفاتورة شاءوا ام أبوا! طبعاً هنالك حل ثان وهو العودة الى ديار الاسلام ولكنه حل سهولته تظهر فقط بالنسبة لنا لكنها بالنسبة لمن (افتتن) بالحياة فى أمريكا هى المستحيل بعينه. ان هؤلاء الاسلاميين يقعون بين سندان (الموضوعية) الموهومة و(مطرقة) العيش فى أمريكا ما بعد الحادى عشر من سبتمبر. طبعاً أولئك الأخوة لن يقبلوا هذا التحليل لأنهم فقط (لايريدون ) ذلك لكن الواحد منهم عندما يضع رأسه على مخدته ليلاً فان أكثر ما يبعد عنه النوم هو هذا (الثمن) المهين الذى عليه أن يدفعه مقابل تلك الحياة (الفانية) فى أمريكا والا قولوا لى بربكم ما الذى يدفع رجلاً فى قامة التجانى عبد القادر ليقول بعد كل ما فعلته الانقاذ والحركة الاسلامية من انجازات شهد بها الجميع, ان السودان يحكمه ثلاثى القبيلة والسوق و(الذهنية الأمنية) وهو كلام ترك ترديده فلان وفلان!!

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de