دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة
|
السبت 4/11/2009 آخر تحديث : 5:03 PM توقيت الدوحة محمد مهدي عاكف.. الإخوان المسلمون في مصر
- قضية تنحي المرشد والوضع داخل الحزب - مواقف الحزب وعلاقاته في المرحلة الحالية
قضية تنحي المرشد والوضع داخل الحزب
حسين عبد الغني: على طول تاريخها الذي يزيد عن ثمانين عاما أصبحت فيها كبرى الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي وفي مصر وتعاقب عليها سبعة مرشدين من الإمام حسن البنا حتى الأستاذ مهدي عاكف لم تحدث سابقة أن تنحى أحد المرشدين عن منصبه وطلب ألا يترشح لفترة ثانية، حتى جاء الأستاذ مهدي عاكف وطلب ألا يترشح لفترة ثانية فالمرشد في الإخوان يظل مرشدا مدى الحياة حتى يتوفاه الأجل المحتوم. لقاؤنا اليوم مع الأستاذ محمد مهدي عاكف مرشد جماعة الإخوان المسلمين في مصر والعالم، أهلا بك فضيلة المرشد.
محمد مهدي عاكف: أهلا بك أخ حسين.
حسين عبد الغني: أستاذ مهدي لماذا جاء هذا القرار بالتقاعد كسابقة في تاريخ الإخوان السياسي؟
محمد مهدي عاكف: في سنة 1994عدلت لائحة الإخوان المسلمين وأصبح المرشد العام مدة ولايته ست سنوات على أن تجدد ثم بعد ذلك عدلت على أن تكون المدة مرتين، قبل هذا ما كانش في هذا، كان المرشد العام يعني مدى الحياة. منذ أن وليت هذا المنصب وأنا لي وجهة نظر ولي فهم في هذا الموضوع حتى في قبل أن يختاروني طلبت منهم ألا يرشحوا أحدا للمرشد فوق سن السبعين، ولكنهم لم يستمعوا إلى كلامي ورشحوني وأنا عندي 76 سنة، وقبلت نزولا عند إرادتهم والحمد لله رب العالمين الله أعانني على قيادة الجماعة في هذه الفترة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي تقصيري ويجزي الإخوان عن هذه الدعوة خير الجزاء. فأنا وددت أن أتقاعد في سن الثمانين ولكن إخواني طلبوا مني أن أستمر للظروف التي تعرفونها في مصر وغير مصر فقبلت على ألا تتعدى مدة الولاية الأولى، والحمد لله رب العالمين. وأنا أعجب لماذا أعلن هذا الكلام اليوم؟
حسين عبد الغني: هو الأهم من ذلك فضيلة المرشد هو ما يقال من أن قرار قرار حضرتك جاء بناء على ضغط من قبل مجموعة قيادية في الجماعة وإنهم ضيقوا عليك الخناق فيما يتعلق بالظهور الإعلامي خاصة وأنك لك تصريحات تتسم بأنها تصريحات نارية وحادة.
" قرار التنحي عن منصبي لم يأت بضغط من قبل مجموعات قيادية في الجماعة بسبب تصريحاتي الإعلامية، بل كلهم يؤيدون مواقفي فتصريحاتي ليست شخصية إنما مؤسسية " محمد مهدي عاكف: أنا أعتز بإخواني جميعا وما وجدت منهم أحدا ينظر هذه النظرة بل بالعكس كلهم يعني يؤيدون مواقفي وأنا لا أصدر في أي تصريحات شخصية إنما أصدر بتصريحات مؤسسية.
حسين عبد الغني: بعض الناس كتبوا أنك لا تفعل ذلك لأنك ستستقيل فعلا أو ستتنحى عند انتهاء الولاية الأولى بالفعل ولكنك لتضغط على مجموعة داخل الجماعة لكي يقبلوا بترشيح اسم معين لك لمنصب نائب المرشد الذي خلا بوفاة المرحوم الأستاذ حسن هويدي.
محمد مهدي عاكف: لم يخطر في بالي ولم يخطر في بال الإخوان إطلاقا، لأن حتة النائب المرشد هذا اختصاصي أنا وأظن أنا يوم ما اخترت مرشدا عينت نوابا اثنين في نفس اليوم وكان الأستاذ ليس له نواب، حسن رحمه الله رحمة حسن هويدي هذا يعني نائب للمرشد من قبل أن أكون مرشدا وأنا اعتمدته فموضوع نائب المرشد هذا لا يُتحدث فيه ولا.. حينما أريد أن أعين نائبا فسأقوم بتعيينه صحيح من طبيعتي أن أستشير.
حسين عبد الغني: هل سينقطع التقليد أن يكون نائب المرشد على مستوى الجماعة الدولية أو التنظيم الدولي أن يكون من خارج مصر لإحداث نوع من أنواع..
محمد مهدي عاكف: أبدا، إحنا بندور على الأصلح، أصل ما فيش فرق بين إخوان مصر وخارج مصر كلنا نسيج واحد وتربينا على مائدة واحدة، إحنا بندور على الأصلح..
حسين عبد الغني (مقاطعا): يعني أليس صحيحا أنك تفضله لبنانيا أو سوريا أو أردنيا وهنا من يريد السيد إبراهيم منيب الذي ينظر إليه باعتباره الأمين العام للتنظيم الدولي؟
محمد مهدي عاكف: أنا أنظر للذي يستطيع أن يحمل هذه المسؤولية، ليست مسؤولية سهلة وخصوصا إذا كان في الخارج.
حسين عبد الغني: ولا تخشى أن يقولوا إن المصريين احتكروا كل المناصب؟
محمد مهدي عاكف: هم كل الناس عاوزة المصريين تعمل، تنظر إلى العالم تجد أن قوى الإخوان المسلمين متواجدة على الساحة العالمية ولكن القوة الرئيسية هنا في مصر.
حسين عبد الغني: أستاذ مهدي البعض -عفوا- يقول إن هذه مناورة وإنك لن تتقاعد فعلا وإنك قد تفعل كما.. يعني يسألك البعض عن أموال الجماعة أو كذا فتقول هذا شأن داخلي ويمكن أن تقول وقتها هذا شأن داخلي ليس لكم به يعني شأن بقيت أم تقاعدت.
محمد مهدي عاكف: كيف يدخلون في عقلي وتوجهي؟ هذا ما لا أعطيه أي اهتمام.
حسين عبد الغني: لا، يقيسون على السوابق أنه لم يتنح مرشد من قبل.
محمد مهدي عاكف: وماله؟ كانت الظروف كده وكانت يعني.. إخواننا لا تنسوا في يوم من الأيام أننا مضطهدون أننا محاصرون أننا محظورون.
حسين عبد الغني: أنت تعرف فضيلة المرشد أن قيمة الجماعة في الحياة العامة سواء المصرية وغير المصرية ويعني شخص المرشد له تأثير، هل توافق على من يرون أن قرار عاكف بالتخلي عن هذا إنما يلقي بمنصب المرشد على ما له من قيمة مادية ومن صلاحيات حقيقية ثمرة ناضجة في يد التيار المحافظ الذي كنت على الأقل وسطا بينه وبين التيار الإصلاحي، بعبارة أخرى أنك ستلقي هذا المنصب الهام ثمرة ناضجة في يد المحافظين فيحكمون سيطرتهم على الجماعة.
محمد مهدي عاكف: ما أريد أن أتحدث، كلمة المحافظين والمعتدلين، عملنا زي أميركا لما تقول بيسموهم معتدلين و..
حسين عبد الغني (مقاطعا): لكن في الحياة السياسية هناك إصلاحيين..
محمد مهدي عاكف (مقاطعا): لا، لا، ده كلام، تعريفات حزبية ليست عندنا في الإخوان المسلمين، عندنا في الإخوان المسلمين أننا جميعا من سن الثمانين لسن العشرين تربينا على مائدة واحدة وعلى فهم واحد وعندنا مبدأ الشورى في كل مؤسساتنا من أول الشعبة لغاية المرشد العام.
حسين عبد الغني: طيب ألا تخشى من اضطراب وصدع في الجماعة بعد الاضطراب والصدع الذي حدث بعد تصعيد خمسة لمكتب الإرشاد العام الماضي وشعر أناس لهم تاريخ في الجماعة مثل إبراهيم الزعفراني وعصام العريان وجمال حشمت؟
محمد مهدي عاكف: أين هم الآن؟ عصام العريان قاعد جنبي كل يوم، وجمال حشمت.. هؤلاء أحباب، نحن يعني الذي يعافيه الله عز وجل من أن يحمل مسؤولية خير من أن الذي يحمل مسؤولية، نحن المسؤوليات عندنا أخي حسين يعني حأقول إيه، ما هياش مغانم إنما مغارم.
حسين عبد الغني: هل يمكن أن يترشح لهذا المنصب منصب المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر والعالم غير مصري؟
محمد مهدي عاكف: قوي، ممكن، إحنا في مصر هنا علينا نرشح فقط والعالم هو الذي يختار إما يصدق على ما اختارته مصر أو يختار غيره.
حسين عبد الغني: كلنا نعرف أهم مرحلتين لتأسيس الجماعة مرحلة التأسيس الأولى للإمام حسن البنا ولم يكن على صدام مباشر مع الحكومة حتى تدهورت الأمور بعد ذلك ثم في مرحلة التأسيس الثاني في مرحلة الرئيس السادات والمرشد عمر التلمساني والذي استمر فترة من التسامح في عهد مبارك، فلماذا لا يكون هناك جيل جديد مختلف عنكم الذي تربى داخل التنظيم وفي أسوار التنظيم؟
محمد مهدي عاكف: نحن نرحب، من قال لك إننا بعيدون عن كل هذا الجيل الجديد؟ يعني فعلا جيل له تفكيره وله حريته وله تعليقاته وله يعني ما أسعد به سعادة حتى لو هاجمني، أخذت بال حضرتك؟ نحن نفتح أمام هؤلاء جميعا الطريق ولا نقيد أحدا، وتظن بأن الجيل القديم وهم.. كله الآن إحنا يعني كم واحد من القدامى؟ قليلون، الذي يقود الجماعة الآن هم هؤلاء الشباب.
حسين عبد الغني: لكن هناك آخرين يبدو يا فضيلة المرشد يعيقونهم.
محمد مهدي عاكف: ما أسمح بهذا بحال من الأحوال، فعلا لما بعض المدونين بقوا يهاجموننا وجدت بعض الإخوان في يعني يريدون أن.. قف، وطلبتهم وجلست معهم وأعلنت أن هؤلاء هم الخير.
حسين عبد الغني: أنت فعلت ذلك والبعض الآخر قال لهم الباب يسع جملا يعني اللي مش عاجبه يمشي.
محمد مهدي عاكف: ليس لأحد الحق في أن يقول هذا، الذي يقول هذا هي مؤسسات الجماعة ومؤسسات الجماعة ولله الحمد أنا فخور بها لأنها تحتضن كل هؤلاء، ليس في الإخوان المسلمين لا فرقة إصلاح ولا فرقة قديمة ولا يعني متشددون يقودون الجماعة أبدا، الذي يقود الجماعة مؤسساتها والشورى هي الأصل فيما بيننا ويمكن نختلف ونختلف بشدة.
حسين عبد الغني: لكن فسر لي حضرتك لماذا لم تستطع الجماعة استيعاب هؤلاء المدونين؟ فمنهم من جمد نشاطه، أنا ابن الإخوان وحأفضل طول عمري ابن الإخوان لكني لا أستطيع أن أعمل في هذا المناخ، فسر لي كيف أن من عملوا بجهاد الإخوان ودفعوا الثمن طويلا مثل الزعفراني أو عصام العريان أو.. وسجنوا سنوات طويلة ويأتي بعدهم من يدخل الجماعة بعدهم بعشر سنوات..
محمد مهدي عاكف: هذه هي عظمة الإخوان وهذه عظمة الشورى وهذه عظمة هؤلاء الأحباب اللي أنا يعني بأعتز بهم وبأعتز بحبهم ويقبلون هذا احتراما للمؤسسة، ده نوع من أنواع يعني عظمة الإخوان أن أنا هذا المنصب اللي أنا فيه..
حسين عبد الغني (مقاطعا): يا فضيلة المرشد أنتم مش جماعة دراويش أنتم جماعة سياسية..
محمد مهدي عاكف (مقاطعا): لا، جماعة سياسية..
حسين عبد الغني (متابعا): تمام، فعايزين تفسيرات سياسية..
محمد مهدي عاكف (متابعا): إحنا جماعة سياسية، أخذت بالك، اجتماعية، عاوز تفسيرات سياسية إنما إحنا جماعة ربانية، جماعة لا نعمل، كل من هؤلاء يعمل ابتغاء وجه الله سواء كان في القيادة أو سواء كان في الجندية.
[فاصل إعلاني]
مواقف الحزب وعلاقاته في المرحلة الحالية
حسين عبد الغني: فسر لي لماذا أخفقت الجماعة رغم تقريبا مرور ما هو أكثر من عام ونصف على الجدل الذي أثارته النسخة الأولى من برنامجها خاصة فيما يتعلق بولاية المرأة وولاية الأقباط وهيئة العلماء ولم يتم حتى الآن تعديل رسمي، أليس هناك تيار قال لمن قال إنه لا شيء يمنع أن تتولى المرأة إذا اختارها الناس أو أن يتولى القبطي إذا اختاره الناس إن هذا غير جائز شرعا؟ محمد عبد الله الخطيب، محمد مرسي، محمود عزت، وهذا كلام في موقع الإخوان والله.
محمد مهدي عاكف: إحنا ناس شرعيون فوجدنا في الفقه الإسلامي أنه يجوز أن يحكم الأمة الإسلامية قبطي ولا يجوز أن يحكم، رأيين، أليس من حق الإخوان أن يختاروا رأيا من بين الرأيين؟ فاخترنا، ولكن ما سبناهوش كده عاما، اخترنا عدم جواز أن يكون القبطي رئيسا للدولة، ثم بعد ذلك بما أن هناك رأيين تركنا للشعب أن يحكم ويختار ما يشاء، مش قلنا ده بس، لا، إحنا دي رؤية إحنا جماعة الإخوان المسلمين جماعة من الجماعات الموجودة.
حسين عبد الغني: بس حضرتك هنا يعني بالعكس أنت كده بتؤكد كلامي أن في تيار محافظ قوي لأنه عندما خيرتم بين رأيين موجودين في الفقه الإسلامي..
محمد مهدي عاكف (مقاطعا): من الذي اختار؟
حسين عبد الغني (متابعا): اخترتم الرأي المحافظ أكثر.
محمد مهدي عاكف: من الذي اختار؟ هل أنا؟
حسين عبد الغني: أليس صحيحا أن الموضوع بحضور حضرتك..
محمد مهدي عاكف: لا، لا..
حسين عبد الغني (متابعا): عرض على الشيخ القرضاوي والدكتور العسال وقالوا إنه يجوز؟
محمد مهدي عاكف: وغير كده والدكتور طارق البشري وغيره..
حسين عبد الغني: والعوا وغيره..
محمد مهدي عاكف: إنما من الذي يقرر؟ مؤسسات الجماعة، مؤسسات الجماعة هي التي تقرر..
حسين عبد الغني (مقاطعا): إذاً مؤسسات الجماعة محافظة، طيب، نعم يعني أنتم أضعتم 60% من قوة المجتمع تقريبا أو 70% لن يكون لها حق الترشيح للمنصب الأهم في الحياة السياسية المصرية.
محمد مهدي عاكف: لا، يا حسين، يعني هذا اختزال للموضوع، يعني أنا لما يكون القبطي من أول ما يولد لغاية ما يصل إلى رئيس الجمهورية يعيش عيشة كريمة، مش أنا اللي بأحددها ده الله سبحانه وتعالى هو اللي أعطاها له، المرأة من ساعة ما تولد لغاية ما تصل إلى الجمهورية، حياة كريمة لا يوجد في أي حضارة من الحضارات تكريم للمرأة كما كرمها الإسلام يعني نيجي في الحتة الأخيرة..
حسين عبد الغني: ما دام الإخوان يتحدثون عن مدنية الدولة وعن المواطنة فمسألة المساواة هنا مسألة محسومة. على أي حال، هناك وجهة نظر دائما تتسم بالالتباس في موقف الإخوان فيما يتعلق بمسألة التوريث، فيما يقال إنه سيناريو للتوريث لجمال مبارك خلفا لوالده الرئيس حسني مبارك، أحيانا حضرتك تطلع ببعض التصريحات تقول إن الإخوان لا يمانعون في أن يتولى جمال مبارك إذا رشح نفسه خلفا لوالده وأحيانا يقول النائب الأول الدكتور محمد حبيب إنه لن تستطيع القوى السياسية منع توريث الحكم ونحن لا نرى أي إمكانية لحدوث رد فعل شعبي يذكر إذا خلف السيد جمال مبارك والده الرئيس مبارك. هناك نوع من أنواع ليس فقط حتى عدم وضوح الموقف ولكن حتى تيئيس من يرون أن هذا السيناريو قد لا يكون مناسبا لمصر.
" بعد أن ظهرت المحاكم العسكرية وتزوير الشورى والمحليات وباعتبار جمال مبارك رئيس لجنة السياسات، صرحنا بأن الذي يرأس هذه اللجنة التي تحكم مصر لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون رئيسا للجمهورية " محمد مهدي عاكف: لما قالوا إن جمال مبارك حيرشح نفسه قلنا والله لا مانع هو مواطن ويرشح نفسه كغيره، ثم بعد ذلك قاموا بتعديل الدستور قاموا بتعديل المادة 76 وفصلوها على واحد منهم ثم بعد ذلك عدلوا الدستور 35 مادة ليقننوا الاستبداد، فأنا قلت التصريح الأولاني ده، التصريح الثاني والله إذا أراد أن يرشح نفسه فليترك قصر أبيه ويرشح نفسه، ثم بعد ذلك طلعت المحاكم العسكرية وتزوير الشورى وتزوير المحليات وهو رئيس لجنة السياسات، قلت هذا الإنسان الذي يرأس هذه اللجنة التي تحكم مصر لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون رئيسا للجمهورية.
حسين عبد الغني: من الانتقادات اللي توجه لكم من قوى المعارضة أن الإخوان أكبر قوة سياسية في مصر معارضة أضاعت فرصة كبيرة على المجتمع المصري عندما كان هناك حراك سياسي في الأعوام 2004 و2005، أولا أضاعت فرصة من الوقت من الشك في حركة كفاية وغيرها ثم عندما قررت أن تلتحق بها في التظاهر إلى الشارع أو في دعم حركة استقلال القضاة أو غيره كان الوقت قد مر مع أنها يمكن كانت أن تؤدي إلى تغير كبير في موازين القوى السياسية لو أنها فعلت ذلك.
محمد مهدي عاكف: نحن لسنا يا أخي الكريم موردي أنفار للمؤسسات الأخرى لما تحب تعمل مظاهرات أو تعمل كذا، أنا بأتعامل مع النظام يا أخ حسين كما قلت لك سابقا بحكمة بالغة وصبر جميل، لا لشيء، لمصلحة هذا الشعب الذي لا أريد أن تسيل فيه دماء لا أريد أن يتخلله.. لا أريد فيه فوضى.
حسين عبد الغني: لم تكن هناك قوى تريد أي عمل لا فوضوي ولا فيه دماء، كانت قوى..
محمد مهدي عاكف (مقاطعا): 6 أبريل الماضي..
حسين عبد الغني: كان حديثا عن تغيير سلمي.
محمد مهدي عاكف: سلمي لا يمكن مع دولة استبدادية بهذا الشأن، الشوارع حتغير.
حسين عبد الغني: ألا تقلق مما يلاحظه مراقبون في شأن الجماعة من نمو التيار السلفي داخل الجماعة وبدلا من أن كانت الجماعة تستطيع أن تجنب من الحركة السلفية الآن أصبحت الحركة السلفية تخترق الجماعة.
محمد مهدي عاكف: أقول لك نعم إن السلفيين موجودون والسلفيون فكرهم موجود..
حسين عبد الغني: داخل الجماعة؟
محمد مهدي عاكف: لا، داخل الجماعة لا أدعي أنه مش موجود، موجود بس موجود يعني بصوت خافت، ما هواش.. لأن أنا بأحترم الرؤى الشخصية، ما إحنا عندنا في الإخوان الشافعي والمالكي والحنبلي، المذاهب هذه أنا في الجماعة بنستوعبها كلها، أخذت بال حضرتك، ولكن في النهاية جميعا بنرضخ لمنهج الجماعة وقرارات الجماعة ورؤية الجماعة في أي موضوع، أما كون واحد يعني مقتنع بالسلفية وزوجته كذا يعني هذا أمر لا أتدخل فيه ولا يعني أقول فيه شيئا.
حسين عبد الغني: من أوجه التقصير أنك لم تستطع أن تحسن الوضع السياسي للإخوان في علاقتك مع الحكومة والدولة بل أنك يعني زدت هذا الوضع توترا.
محمد مهدي عاكف: زدت هذا الوضع توترا لأنني لا أقبل الفساد ولا أقبل الانحياز الأميركي الصهيوني لا أقبله، فتصريحاتي ضد هذا الانحياز وضد هذا الفساد رضوا أو لم يرضوا، ما يهمني شيء أنا، أنا موضوع تحسين علاقتي مع الحكومة يعني اتخذت يعني كل السبل يا أخ حسين، الناس، ووساطات وكلام، يأتي هو يجي يقول لي والله ماشي، قلت يا مرحبا والله في نفسي يعني علاقتنا مع الحكومة تبقى كويسة، يذهب ولا يعود، كبار الشخصيات في مصر، أنا لم أرفض أبدا الحوار مع الحكومة في يوم من الأيام بل بالعكس من يوم ما جئت وأنا أقول الحوار، هكذا، وبأعلنها بأعلى صوتي، الذي يدعي بأنه يستطيع أن يحكم مصر وحده فهو واهم، من أول يوم..
حسين عبد الغني: فعلا تعلن دائما ترحيبك وحتى دعوت إلى أن تلتقي الرئيس وكده لكن تخرج بعدها بفترة قصيرة بتصريح..
محمد مهدي عاكف (مقاطعا): لأنهم ما بيردوش..
حسين عبد الغني (متابعا): ناري حاد المزاج يقلب الدنيا كلها.
محمد مهدي عاكف: ما حدش رد علي وقال لي نتحاور في كذا، ما حدش طلب مني شيئا، أخذت بالك؟ هذا التجاهل.
حسين عبد الغني: الأمر لم يقتصر على العزلة مع الدولة، العزلة مع القوى السياسية، الآن الإخوان المسلمون لا يدعون إلى محافل وأعمال جبهوية كانوا يدعون إليها قبل عشر سنوات مثلا.
محمد مهدي عاكف: اسألهم هم، أنا بأدعو كل الناس وبيلبوا والمؤتمرات اللي بأعملها للقضايا المهمة زي قضية غزة زي قضية كامب ديفد بيحضروا كلهم.
حسين عبد الغني: بس لا بيحضر ولا رمز من رموز الأحزاب، كلهم من أحزاب محدودة أو من خارج الأحزاب.
محمد مهدي عاكف (مقاطعا): خليهم، أنت عارف..
حسين عبد الغني (متابعا): لا رئيس حزب الوفد..
محمد مهدي عاكف: أنت عارف رئيس حزب الوفد..
حسين عبد الغني: ولا رئيس.. ولا التجمع ولا الناصري ولا..
محمد مهدي عاكف: أنا لما رحت زرت حزب الوفد وزرت حزب التجمع وزرت حزب الناصري أنا اللي بدأت بالزيارة، شوف قالوا علينا إيه وشوف قالوا هم عليهم، يعني شوف الحكومة عاملتهم إزاي، يعني.
حسين عبد الغني: بدأ وكأن الموقف من إيران فيه نوع من أنواع الحماس الزائد لدرجة أن إخوان إيران أعلنوا أنهم لن يستمروا في الجماعة الدولية وخاصة وأن إيران تضيق على السنة في بلادهم.
محمد مهدي عاكف: والله يا أخي أثرت موضوعا حساسا جدا، هذا الذي تقوله خطاب عندي فوق أوريه لك يعني، بيجدد بيعته وبيجدد ارتباطه، الجرائد كتبت أن هو، هذا كلام غير صحيح..
حسين عبد الغني: غير صحيح.
محمد مهدي عاكف: أنا يا أخي أصل موضوع إيران ده موضوع شائك جدا الناس مش فاهماه، الشيعة يا أخوانا مذهب سياسي، إيران دولة سياسية، مذهب، يعبدون الله كما نعبد، القرآن عندهم الرسول صلى الله عليه وسلم يعني مسلمون زينا ولكن لهم مذهب، أنا لا أتعامل مع مذهبهم، مذهبهم يتعامل معه فقهاء أهل السنة، أنا بأتعامل معهم كدولة شيعية سياسيا، أقول هذا صح وهذا خطأ فما العيب في هذا يا إخوانا؟ يعني ولكن هم الناس مش عايزة تفهم، يقول لك شيعة، ويقعدوا يهاجموا في الشيعة، يا إخوانا ده الشيعة 36 فرقة، المذهب الشيعي فيه ثلمات كثيرة..
حسين عبد الغني (مقاطعا): هم ثاني المذاهب بعد أهل السنة والجماعة، تمام.
محمد مهدي عاكف: لا، استنى، أهل السنة كان دول مائة مليون، دوكها ألف ومائتي مليون، المذهب السني مذهب راق جدا بكل مذاهبه، لا تجد فيه هنة لأنه موصول برسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أي حاجة سياسية، فيعني الشيعة حتيجي تنشر مذهبها في وسط السنة؟ يعني كلام لا يقبله عقل.
حسين عبد الغني: البعض يقول رغم إن دعمكم المبالغ فيه لحماس بدا وكأن الإخوان يختصرون القضية الفلسطينية في حماس ويختصرون حماس في غزة وبالتالي أساؤوا حتى لحماس لأنهم جعلوا أطرافا تتعامل معهم باستمرار بحكم الجغرافيا والتاريخ مثل الدولة المصرية يستريبون فيهم ويعتقدون أنهم ليسوا إلا فرعا يريد أن يقوي شوكة الإخوان المسلمين في الداخل.
محمد مهدي عاكف: هذا غير صحيح واسأل أبو مازن، أنا لم أتحدث في يوم من الأيام عن حماس إنما كل حديثي دائما عن القضية الفلسطينية عن الفلسطينيين ولا أفرق بين فتح وحماس وإلى آخره، إطلاقا.
حسين عبد الغني (مقاطعا): دي فتح كانت جذورها في الإخوان المسلمين.
محمد مهدي عاكف: بتقول لي عليهم؟ فتح فيها رجال وفيها مقاتلون، أخذت بال حضرتك؟ ولكن الانحراف الأخير بعد تغيير ميثاق المنظمة وبعد أوسلو وبعد مدريد يعني بقى شيئا مهينا، أخذت بال حضرتك؟ أنا لا أقف بجوار.. أنا واقف بجوار الحق الذي يجب أن يعتز به كل فلسطيني وكل عربي، زي بالضبط ما وقفت مع حزب الله في معركته.
حسين عبد الغني: هناك قمة عربية تعقد فضيلة المرشد الآن وإذا كانت حرب غزة قد أثبتت شيئا فقد أثبتت أن العجز العربي بلغ مداه بسبب الاختلافات العربية، نرى تباطؤا في المصالحة العربية نرى ترددا في المصالحة العربية، ما هي رسالتك باختصار لقادة الأمة في هذه اللحظة؟
محمد مهدي عاكف: أن يتقوا الله عز وجل ويجتمعوا على أجندة واحدة تحمي أمتهم وتحمي شعوبهم أمام الأجندة الصهيونية والأميركية.
حسين عبد الغني: ما هي هذه الأجندة؟
محمد مهدي عاكف: هذه الأجندة أن يعتزوا بعروبتهم وقد منحهم الله لغة وعلما ومالا وثقافة، أن يجتمعوا على هذا الحق وهو بشيء واحد أن يعطوا لشعوبهم الحرية.
حسين عبد الغني: يعني تريدهم أن يجتمعوا على أجندة المقاومة ضد إسرائيل والحرية في الداخل.
محمد مهدي عاكف: مقاومة، مش إسرائيل، كل الأجندات الأجنبية التي لا تريد نهضة لأمتنا عليهم أن يكونوا لمقاومة هذه الأجندة، فقط.
حسين عبد الغني: شكرا لك أستاذ مهدي عاكف، أما أنتم مشاهدينا فأشكركم على حسن الاستماع، حتى لقاء آخر هذا حسين عبد الغني يحييكم من القاهرة. جميع حقوق النشر محفوظة، الجزيرة 2009
------------------------
للتواصل مع نفس الموضوع انقر هنا
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شر...خوان المسلمين ....؟
نتواصل
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة (Re: الكيك)
|
مصر تفك الحظر عن الترابى.. ونائبه يعلن من القاهرة فشل المشروع الإسلامى الخميس، 30 أبريل 2009 - 21:42
كتب محمد ثروت
عمليا، أنهت مصر الحظر السياسى المفروض على حزب المؤتمر الشعبى السودانى المعارض وزعيمه حسن الترابى، والذى استمر ما يقرب من 14 عاما بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا فى يونيو 1995 واتهام الترابى بالتورط فى المحاولة، أو على الأقل, علمه بها.
على مدى الأيام القليلة الماضية ، وافقت القاهرة على استقبال الدكتور المحبوب عبدالسلام، نائب الترابى للعلاقات الخارجية, والذى يتمتع بقبول داخل الأوساط المصرية والعربية، لمرونته السياسية،المحبوب الذى يتنقل بين باريس وجنيف، استقر فى لندن مؤخرا.
وكعربون على حسن نية المؤتمر الشعبى تجاه مصر، أكد فى كل لقاءاته مع المسئولين المصريين أن حزبه فى طريقه للموافقة على الورقة المصرية لحل أزمة دارفور، وخاصة الاقتراح الداعى لعقد مؤتمر دولى. ويؤكد لكل من يلتقيه أن المؤتمر الشعبى أدرك متأخرا فشل المشروع السياسى الإسلامى الذى تبناه الترابى إبان كان فى السلطة.
وقال إنه يؤلف كتابا سيحمل شهادته على تجربة الحركة الإسلامية فى السودان, سوف ينشر فى القاهرة قريبا. يتحدث فيه عن فشل المشروع الإسلامى وضربه فى السودان.وفى حواره مع «اليوم السابع» رجع ألا يخوض حزبه مع أحزاب سودانية الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، بسبب الرقابة الأمنية على الانتخابات.
© 2008 جميع الحقوق النشر محفوظة لليوم السابع و يحظر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة (Re: الكيك)
|
نشرت صحيفة روز اليوسف المصرية العدد 1170 بتاريخ 10/5/2009 اعترافا متاخرا لخليفة مصطفى بعد خمسة وخمسين سنة من محاولة اغتيال عبد الناصر الفاشلة اقر فيه بمحاولة الجماعة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر فى حادث المنشية الشهير ويقول الخبر او التقرير ما يلى ...
( فى اعتراف تاخر خمسة وخمسين عاما اقر القيادى الاخوانى السابق خليفة مصطفى عطية بمحاولة جماعته المحظورة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى حادث المنشية . وشرح عطية وهو المتهم الثالث فى القضية لبرنامج 48 ساعة على قناة المحور امس الاول الكيفية التى تمت بها محاولة الاغتيال مشيرا الى ان دوره شخصيا كان باعطاء الاشارة للمتهم الاول فى القضية محمود عبد اللطيف بان الوقت مناسب لاطلاق الرصاص لكن الرصاصة الاولى اصابت قلم حبر فى جيب الرئيس عبد الناصر ومرت تحت ابطه لتستقر فى صدر احد الجنود ومرت الطلقة الثانية فوق كتفه . ورد الاخوانى السابق على محاولات بعض قيادات الجماعة بنفى علاقتهم بالحادث قائلا .. كنت واحدا من المشاركين فى التنفيذ فكيف يكذب ذلك اشخاص لم يكونوا قد ولدوا بعد ..مؤكدا ان توقيع عبد الناصر لاتفاقية الجلاء كان هو المبرر الذى استند اليه التنظيم السرى فى تنفيذ العملية باعتبار ان عبد الناصر خان البلد على حد مزاعمهم ..) انتهى الخبر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة (Re: الكيك)
|
كتاب جديد لـلمليجي عن أزمة الإصلاح داخل الجماعة
الإخوان المسلمون ...رهائن التنظيم السري
صلاح الدين حسن / 27-04-2009
يحاول المؤلف إثبات أن التنظيم السري يسيطر على مفاصل الجماعة "هناك صراع داخلي تاريخي وقديم ومتجدد بين التنظيم السري وجماعة الإخوان المسلمين، ترتب عليه إعاقة كاملة لمسيرة الإخوان وفشل مشروعهم في التغيير أربع مرات تاريخية، المرة الأولى انتهت بمقتل المؤسس وحلّ التنظيم، والمرة الثانية بالصدام الدامي مع مشروع الثورة المصرية، والمرة الثالثة بسبب تنظيم 1965، والرابعة ما تواجهه الجماعة اليوم من مأزق الحظر والردة التنظيمية والفكرية". حول هذه الفكرة يتمحور كتاب سيد عبد الستار المليجي الذي سيصدر قريبا عن دار الزهراء للإعلام العربي، وقد انفردت "إسلام أون لاين.نت" بالحصول على نسخة منه.
المليجي هو أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين وقد أثار جدلا كبيرا بسبب طرحه لآراء في وسائل الإعلام انتقد فيها قيادات الجماعة، وبعد سكون دام ما يقرب من سنتين عكف خلالها المليجي على كتابه "الإخوان المسلمون رهائن التنظيم السري" ليثير الجدل من جديد.
وفي المقدمة يؤكد أحد قيادات جيل السبيعينات عضويته في مجلس شورى الإخوان وكونه واحدا من الإخوان العاملين على مدى 40 سنة حتى اليوم. ويستخدم المليجي مصطلح "المراجعات الفكرية للجماعة" في التنبيه على أن الكتاب يمثل بداية لسلسلة من الفعاليات في مجال المراجعات الفكرية والتنظيمية للجماعة.
يتكون الكتاب من 10 فصول جميعها -كما يذكر الكاتب- تحاول معالجة تاريخ محاولات التصدي للتنظيم السري في جماعة الإخوان المسلمين، ونصح الجناة بالعدول عن فكرتهم – وفقا للكاتب- ويرصد المليجي ثلاث محاولات للتصدي لهذا التنظيم: واحدة قديمة، وواحدة من جيل السبعينيات، وأخرى حديثة في عصر الانفجار المعرفي وشبكة المعلومات.
ويتعرض الكتاب لطبيعة الحركة الإسلامية أو "الصحوة" التي ولدت من رحم النكسة، واتخذت الإسلام وسيلة تصحيح وتعبئة ثم يعرج على موقف الإخوان و"التنظيم السري" من الصحوة الإسلامية، كما يشرح بالتفصيل قصة قضية "سلسبيل" التي ذكر أنها "تنظيم سري" حاول أن ينقلب على نظام الإخوان الشرعي، ويذكر المليجي وقائع وتفاصيل حاول التأكيد من خلالها على "الانحرافات" الفكرية والحركية التي لحقت بالجماعة نتيجة لهذا الانقلاب.
يتناول المليجي في تضاعيف الكتاب ما يعتبرها مظاهر دالة على الضعف والتراجع داخل الصف الإخواني فيتحدث عن "ضعف لروح الإخوة في الله، وفتور الهمة، وتسلط الجواسيس، ونقلة السوء والمرتزقة على مقدرات القرار في الجماعة"، و"انتشار الغيبة والنميمة بين الصف الإخواني"، وكيف تحول ذلك إلى حالة "فساد" تنظيمي وفكري تستوجب النهوض لإصلاحها.
ويسرد الكاتب في سبيل إثبات ذلك بعض الأدلة يصفها بالدامغة على العسف باللوائح وتغييرها وفقا لمراد "السريين الجدد" وتعطيل مجلس الشورى ثم تزوير الانتخابات الإخوانية الداخلية للإتيان بمجلس شورى أغلبيته من "التنظيم السري"، ويطرح الكتاب تصورًا حول المستقبل لمن يريد إنجاح مشروع الإخوان والاستفادة بطاقتهم ضمن نسيج مجتمعهم.
بداية القصة
يستخدم الكاتب أسلوبا قصصيا في سرده للوقائع التاريخية التي بدأها من عام 1975، حيث كان كل ما تبقى من الإخوان المسلمين في مصر عدد محدود من الأفراد بعد خروجهم من سجون النظام الناصري، في هذا الوقت لم يكن هناك اتفاق على طريقة عمل محددة لإعادة تكوين الجماعة في مصر، حيث سعى كل فرد في الجماعة حسب اجتهاده في موقعه، وكان من أبرز هؤلاء عمر التلمساني – المرشد الثالث للجماعة-.
ويشير الكاتب إلى أن هذه الفترة شهدت تبنى قادة التنظيم السري القديم (مصطفى مشهور وأحمد حسنين وأتباعهم من تنظيم 65) فكرة إعادة التنظيم السري الخاص واعتبار رئيس التنظيم هو المرشد الحقيقي مع الإبقاء على وجود مرشد "صورة " لصرف نظر أجهزة الأمن عن المرشد الحقيقي، لكن هذه الفكرة عندما طُرحت رفضت بشدة، ولاقت إنكارا من غالبية قادة الإخوان القدامى، وبرز من الرافضين للنظام الخاص أسماء عمر التلمساني ومحمد فريد عبد الخالق ومحمد حامد أبو النصر وإسماعيل الهضيبي ومحمود عبد الحليم وصلاح شادي وأحمد الملط وعبد المعز عبد الستار وعبد الله رشوان، لكن "التنظيم الخاص السري" خالف القرار الجماعي واستمر أصحابه في العمل بطريقتهم في التجنيد للتنظيم الخاص مستغلين انشغال الرافضين لذلك بالعمل الدعوي العام الذي كان يقوده عمر التلمساني.
هروب التنظيم السري
ثم ينتقل الكاتب ليروي قصة انكشاف التنظيم و"هروب" قائده ومساعديه للخارج قبل عملية اغتيال السادات، وكيف أن التلمساني اعتبر هذا الموقف فرصة لمقاومة "انحرافات" هذا التنظيم الذي كان يشعر به ولا يستطيع مقاومته، وتمثل ذلك في مسارعته لتطويق الخطر بتشكيل جديد يرأسه الدكتور أحمد الملط وجابر رزق ومحمد سليم، بالإضافة إلى الكاتب الذي أوكل إليه مهمة الاتصال بالمحافظات للتنسيق بين الإخوان وتقوية الاتصال بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية."في هذا التوقيت كان مصطفى مشهور وفريقه يصبون جهدهم التنظيمي على المصريين المعارين للسعودية والخليج واليمن والطلبة المبعوثين في أوروبا وأمريكا"، حسب قول المليجي: وبالفعل صنع منهم (مشهور) تنظيما خاصا سريا ينتمي لقيادة خاصة منفصلة تماما عن القيادة في القاهرة، كما أن حركة مصطفى مشهور في الخارج وطدت علاقته بالقيادات الإخوانية في الدول الأخرى على مدى ست سنوات.
تنظيمان في الجماعة
التلمساني ووفق ما ذهب إليه المليجي فقد عرفت هذه المرحلة للإخوان تنظيمان: التنظيم المعلن بقيادة عمر التلمساني وأحمد الملط وجابر رزق، و"التنظيم السري المخالف" بقيادة مصطفى مشهور ومجموعته، وهي اللحظة التاريخية التي بدأ فيها الصراع بين التنظيمين. ويرجع الكاتب قوة هذا التنظيم إلى ما وصفه بعمليات الاختراق المنظمة طيلة السنوات التي تواجد فيها رأس التنظيم (مشهور) بالخارج (1981-1987)، حيث كان أفراده يأتون ومعهم رسالة من الإخوان في الخارج تشير إلى أنهم على فكر الإخوان وكانوا يستوعبون من جانب الإخوان "غير السريين" بحسن نية؛ لأنهم لم يلتفتوا وقتها "لمخططاتهم الانقلابية"، لكن الكاتب يلفت إلى أنهم "لاحظوا أكثر من مرة أنهم يأتون بالكراهية والتآمر ولم يشعروا في أحدهم بما يتعارف على تسميته بالحب في الله".
وينتقل الكاتب إلى مرحلة مرض المرشد التلمساني وهي اللحظة التي شعر فيها تنظيم مشهور بوجود أعداد كافية منهم فقررت إعادة قيادة التنظيم السري (المرحوم مصطفى مشهور ومحمود عزت وخيرت الشاطر)، وأوجدت لنفسها مقرا إداريا تحت مسمى شركة "سلسبيل"، وبدءوا مرحلة جديدة تستهدف "إحلال عناصرهم محل الإخوان المرابطين في الوطن، واستخدموا في ذلك كل الأساليب المنافية لآداب وتعاليم الإسلام وفى مقدمتها تشويه سمعتنا والافتراء علينا والكذب على جموع الإخوان".
ويذكر الكاتب محاولة شغل مشهور مقعد المرشد فور وفاة التلمساني وقبل دفنه وادعائه بأن الإخوان بايعوه، لكن هناك أصواتا من الجماعة ذكرته باللائحة التي تنص على أحقية محمد حامد أبو النصر بمنصب المرشد؛ لأنه الأكبر سنا إلا أن الكاتب يعترف بأن هذه اللحظة كانت لحظة "نشوة" بعد انتصار "النظام الخاص السري" على الإخوان.
بيد أن رجال التنظيم لم يستطيعوا إبلاغ أبو النصر بتولي مشهور للمقعد – حسب رواية الرسول للكاتب – وأنه تحرج من إعلامه بتولي مصطفى مشهور للمنصب فقدم له الأمر على أن الإخوان في القاهرة يستأذنونه في ذلك إشفاقًا على صحته، ولكنه بادر الرسول باستعداده للانتقال من منفلوط إلى القاهرة ليباشر مهام المرشد العام حسب اللائحة.
ويرى الكاتب "أن فريق السريين اضطر إلى الانسحاب التكتيكي وقبول الأمر الواقع، وانسحب مصطفى مشهور خطوة واحدة للخلف ليحتل موقع نائب المرشد، وأسكنوا المرشد محمد حامد أبو النصر في شقة بمنيل الروضة بعمارة مملوكة للمرحوم حسن الجمل، وعينوا عليه عددا من "مخابرات النظام الخاص" تحت مسمى (خدامين الأستاذ)، وكان محمد حامد أبو النصر لكبر سنه كثير التغيب عن المقر بشارع التوفيقية، وفعليا كان نائبه مصطفى مشهور يدير كل أمور الجماعة حسبما يرى".
في هذه المرحلة الانتقالية يشير الكاتب إلى أن "التنظيم السري" الوافد مع مصطفى مشهور عمل على مشروعين: الأول هو "تحطيم" الذين يدرك أنهم رافضون للانضواء تحت إدارة التنظيم السري والرافضين لطريقته في الفهم والعمل، والمشروع الثاني هو الإعداد لانتخابات داخلية مفصلة تفصيلا خاصا لتحقق لهم مشروعية تنظيمية.
تصفية القسم المارق
كانت بداية عمل التنظيم الحقيقية -كما يذكر الكاتب- هو "تشويه سمعة قسم الطلاب، ووصف بالقسم المارق، والقسم المنعدم التربية، والقسم الباحث عن الشهرة، والقسم السابق على الجماعة في الحركة"، وكانت نتيجة تصاعد موجة العداء ضد قسم الطلاب هو الإطاحة بمسئولي القسم بجامعة الأزهر بقيادة د.محمد رشدي، وكانت نهاية القسم الحقيقية حدثت بعد تكليف (محمد مهدي عاكف) بتصفية قيادة القسم المركزية وتسليم القسم في النهاية لأحد أنصارهم (د.رشاد البيومي) بعد الإطاحة بطلائع قسم الطلاب إلى "ما تصوروه نهايتهم" في النقابات المهنية وعندما نجح المبعدون في إدارة النقابات المهنية "طاردوهم" في النقابات ووضعوا أمامهم العراقيل.
وينتقل الكاتب إلى قصة سلسبيل التي تأكد من خلالها أن "التنظيم الخاص نوى وباشر بالفعل الإجهاز على كل ما تبقى من الإخوان المناوئين للتنظيم السري، وأصبح شعارهم أنا ومن بعدي الطوفان".
فالكاتب يؤكد أن التنظيم السري سلم "عامدا" لمباحث أمن الدولة معلومات مفصلة ودقيقة عن كل من عمل أو يعمل في الإخوان المسلمين، ويطالب الكاتب في هذا الصدد مساءلة من تسببوا في ذلك.
ويضيف: "لم تكد تنتهي قصة سلسبيل حتى فوجئ الجميع بلعبة الانتخابات المفبركة وانتُخب مجلس شورى، ولم يعجبهم فأضافوا عليه 30 صوتا ممن لم يفوزوا في الانتخابات، ثم اجتمع مجلس الشورى وصعدهم إلى سدة الحكم، ثم ركلوا مجلس الشورى إلى الأبد فقد أتم مهمته، وجاء بمن أرادوا فلم يُدعََ للاجتماع ولا مرة واحدة من 1995 وحتى اليوم واكتفى قائد التنظيم بنفسه حاكما مطلقا يفعل بالإخوان ما يريد".
السيطرة على الجماعة
كانت مبايعة مشهور أغرب بيعة في تاريخ الجماعة وينتقل الكاتب إلى فترة المحاكمات العسكرية عام 1995، حيث يشير إلى أن غياب الإخوان وراء القضبان كانت فرصة لقيادات للتنظيم السري، فألغوا غالبية نتائج الانتخابات وقام بإحلال أنصارهم في معظم المواقع التنظيمية، وعينوا أنفسهم سريعا بمكتب الإرشاد بدلاء عن الأعضاء المعتقلين وكانت هذه أول مرة في تاريخ الإخوان يسيطر أعضاء التنظيم السري الخاص على مكتب الإرشاد والأقسام الفنية والأموال في القاهرة ومعظم المحافظات، ويكون نائب المرشد العام مصطفى مشهور هو خامس خمسة أداروا النظام الخاص في الأربعينيات من القرن العشرين. يصف الكاتب بيعة المرشد الخامس مصطفى مشهور بأنها أغرب بيعة في تاريخ الإخوان (بيعة المقابر) التي أصبح فيها "الفيزيائي مشهور ومن المقابر وبواسطة مظاهرة مجهولة الأعضاء المرشدَ الحقيقيَّ، وتولى بنفسه وجهازه الخاص تصفية البقية الباقية من قيادات السبعينيات في عملية حزب الوسط الرهيبة التفاصيل".
الجمعية هي الحل
يطرح المليجي مشروع الجمعية الخيرية كأحد سيناريوهات حل مشكلة الإخوان المسلمين في ظل الأوضاع القائمة والظروف الدولية الحاضرة، ويرى أن العالم قد توسع في مجال المنظمات غير الحكومية توسعا ملحوظا لدرجة أن بعض هذه المنظمات غير الحكومية ينافس الدول من حيث التأثير في واقع الحياة، وأوضح الأمثلة في المجتمع المصري على سبيل المثال هو دور الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة المحمدية في ظاهرة التدين وحركة بناء المساجد وتنظيم دروس العلم وفتح المعاهد لإعداد الخطباء حتى أن الجمعية الشرعية دخلت معترك العلاج الطبي والإغاثة الإنسانية وحققت تقدما ملموسا في هذا المجال.
ويعتبر المليجي أن كافة الاعتراضات على مشروع الجمعية الخيرية واهية ومردودة، ومنها على سبيل المثال: عدم موافقة الدولة على جمعية باسم الإخوان، فهو يرى أن هذه شماعة من لا يريدون الانضباط الإداري والمالي، ويفضلون العمل بالفوضى التي لا يمكن معها محاسبة أحد أو مساءلة موظف، وطرح المليجي السؤال بطريقة أخرى: لماذا لا تقبل الدولة تسجيل جمعية خيرية للإخوان؟ ويبحث المليجي في الإجابة عن هذه السؤال ويحث الجماعة على إجابته بشفافية وشجاعة لتصل إلى نتائج أفضل.
ويذكر الكاتب أن من أسباب الرفض أن الإخوان تعودوا أن تستخدم المؤسسات التي تمتلكها لغير الغرض الذي أسست من أجله، وعدم مراعاة الحدود الفاصلة بين المهني والدعوي والسياسي والخدمي، ويرى أن "الإخوان يمارسون كل شيء من أي شيء، ونقول كل ما نريد في أي وقت ومن فوق أي منصة نرتقيها، حتى الجنازات التي أجيزت للعبرة والاعتبار والاتعاظ بالموت تحولها الجماعة إلى مهرجانات سياسية تقول فيها كلاما نقديا للنظام والحزب الحاكم... إلخ".
والحل من وجهة نظر الكاتب هو في "مواجهة الموقف بشجاعة وشفافية وجد، والبداية اختيار مؤسسين للجمعية معروفين بالتعقل والتروي والتفاعل المجتمعي والقبول عند متخذي القرار ولو على سبيل التجرِبة، وأن تكون الجماعة مستعدة لعدم الخلط بين مجالات عمل الجمعية المشهرة وبين ما تريد الجماعة عمله، وأن يكون هناك حوار مع أجهزة الدولة بهذا الشأن وقبول المنصوص عليه قانونا بوصفهم جهة متمكنة وقادرة على الموافقة أو عدم الموافقة لا سيما أننا بصدد بدايات لبناء الثقة بين الأطراف ولسنا بصدد تصفية حسابات مع أحد في هذا الوطن.
مشروع حزب سياسي
ويتعرض الكاتب إلى المشكلات التي تواجه الجماعة في إشهار حزب سياسي وهي تتشابه إلى حد كبير مع المشكلات التي تعوق إشهار الجمعية، لكنه يقسمها هذه المرة إلى معوقات داخلية وخارجية، أما الداخلية فأهمها أن الجماعة لم تتقبل بعد طرق وآليات العمل السياسي في الدولة الحديثة؛ بسبب أن غالبية الإخوان ما يزال بينه وبين الآليات الديمقراطية عداوة وسوء تفاهم "ففريق السريين" لا يعطي (مجرد حق التصويت) لكل أعضاء الجماعة، ويميز بينهم تميزا عنصريا "معيبا"، ويقسمهم إلى محبين ومتعاطفين ومؤيدين وجميع الفئات الثلاث ليس له حق التصويت ولا حق الترشح، والقسم المميز قسم الإخوان العاملين وهم مقسمون إلى مناصرين للتنظيم السري فيدعون إلى الانتخابات، ومعارضين تفوت عليهم فرصة الحضور بأساليب "ملتوية وماكرة" وتحسم النتائج في النهاية بعدد 20% من الإخوان.
ويذهب الكاتب إلى أن المنهج الثقافي والتربوي يغذي منهجا خفيا شعوريا نفسيا يؤدي إلى رفض الحياة في دولة يحكمها الدستور والقانون، كما يؤكد أن هناك عمدا من "السريين ببقاء قسم التربية في قبضتهم حتى تستمر الجماعة تدور في رحى أفكارهم التكفيرية دونما أي اقتراب من آليات استلام السلطة في الدولة المعاصرة".
الإصلاحات الداخلية الشاملة
يخصص الكاتب فصلا كاملا يتحدث فيه عن الإصلاح الداخلي الذي يجب على الجماعة فتح ملفاته كخطوة أساسية في طريق الإصلاح، منها ملف استيلاء الجهاز السري على مقاليد الجماعة وعسكرتها بأساليب غير إسلامية ولا أخلاقية وحتمية إلغاء العمل السري تماما واستنكاره؛ لأنه لم يعد له فائدة ترجى، والعودة بالجماعة لتكون ودية أخوية وليس تنظيمية تسلطية متصارعة، وتبسيط النظام المتبع ليحقق مجرد التنسيق بين الإخوان في القطر، ولتكن البداية التحقيق مع المنشقين تحت مسمى شركة سلسبيل.
ويرى أن الجماعة مطالبة أن تستخدم مصطلحات حقيقية ومستساغة لدى القاعدة العريضة من المواطنين، ويرى أنهم عليهم أن يعيدوا النظر في مصطلحات (الشعبة) التي تعني "نظاما مباحثيا"، حيث يقال شعبة مباحث القاهرة أو شرق... إلخ، وكلمة (الكتيبة) التي تعني نظاما عسكريا، وكلمة (الأسرة) التي تعني نظاما كشفيا للأشبال.. فهل نحن كذلك أم أن هذه مصطلحات تجاوزناها؟ وهل هي مقدسة ومن فرائض الدين الإسلامي؟ أم هي مجرد اجتهادات تعبر عن تأثر بالبيئة والظروف المحيطة في الزمان الغابر؟.
كما يطالب بفتح ملف الأموال ومحاولة إعادتها من مغتصبيها لتصرف في مصارفها الشرعية، والعمل على وجود نظام مالي محكم وشفاف وواضح لجموع المساهمين، وحتى يتحقق ذلك يجب وقف نظام الجباية المسمى بنظام الاشتراكات الشهرية تماما؛ لأن الجماعة ليست في حاجة إليه.
ويشدد المليجي على أهمية فتح ملف المهمشين والمحاصرين في جماعتهم بسبب ما يقدمونه من نصيحة مخلصة، والعودة بالإخوان بيتا جامعا لكل محبيها والمتفقين معها في الفهم والعمل.
ويطالب بفتح ملف تزوير الانتخابات الإخوانية بداية من بيعة المقابر المرفوضة لائحيا وإسلاميا إلى التعيينات في مكتب الإرشاد وتهميش دور مجلس الشورى.
كما يطالب الجماعة بكشف عناصر التكفير المتسللة في أوساطها ومواجهتها بالحجج والبراهين وعلاجهم نفسيا وتعليميا حتى يبرءوا مما هم فيه.
كما يطالب الجماعة أن تتوب عن أعمال التجسس على المعارضين داخل الجماعة وعلى الأحزاب الأخرى، وأن يعلن الإخوان إدانتهم لمن مارسوا هذه الفضائح تاريخيا.
ويدعو الكاتب الجماعة إلى التوبة عن النظرة الاستعلائية البغيضة، والانتفاخات الكاذبة تجاه الآخر، فما ذم الإسلام شيئا أكثر من ذمه للكبر والمتكبرين الذين ينكرون الحق ويحتقرون الناس، والذين يرون في أنفسهم الجدارة والكفاية بالمناصب والسلطان لا لخبرة أو تميز في الأداء والعطاء، ولكن فقط لكونهم من تنظيم الإخوان المسلمين.
ويختم الكاتب كتابه بقوله "أما الاستمرار وفينا كل هذه العيوب والمثالب فهو الجري وراء السراب يحسبه بعضنا دولة إسلامية وأستاذية العالم حتى إذا فات العمر، وحانت لحظة الموت، لم يجده شيئا، ووجد الله عنده فوفاه حسابه".
- --
صحفي مصري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة (Re: الكيك)
|
هل أصبحت دارفور قبرا للحلم الإسلامي في السودان؟ ... بقلم: د. أسامة عثمان الأربعاء, 03 يونيو 2009 09:06
[email protected]
ليس لي من فضل العنوان أعلاه، وإنما هو عنوان مقال متميّز اطلعت عليه مؤخرا ورأيت أن أشرك القارئ في فحواه إن لم يكن قد اطلع عليه على الرغم من أنه قد نشر في غير موقع ومن هذه المواقع موقع الجزيرة نت المعروف، ولكن ليس الجميع ممن يقرأون موقع قناة الجزيرة. وصفت هذه المقال بالمتميّز لأن كاتبه شاب عربي من جمهورية موريتانيا الإسلامية يسمى محمد بن المختار الشنقيطي (من مواليد 1966)، وما لفت نظري هو العمق في التحليل والإلمام بشؤون السودان الذي نادرا ما تجده في كتابات العرب عندما يكتبون عن السودان فمعرفة العرب بالسودان ضعيفة للغاية وتجاوبهم مع قضاياه لا يقوم على معرفة بما يجري وإنما استنادا على العاطفة وروح التضامن العربي الذي أزكاه الشعور القومي أو الانتماء الإسلامي في السنوات الأخيرة وربما بعض تعاطف مما تظهر وسائل الإعلام من البؤس المقيم والأزمات التي لا تنتهي لهذا الشعب الطيب المتواضع كما يقولون. وحتى لا نظلم جميع العرب يجدر بنا أن ننوه إلى أن أكثر العرب معرفة بالسودان والسودانيين كانوا هم أصحاب الانتماءات الأيدلوجية أيا كان اتجاههم ففي الزمان الماضي كان الشيوعيون العرب، العوام والمثقفون منهم، من أكثر العرب دراية بما يحدث في السودان من خلال الصلات بحزبه الشيوعي الذي كان منارة تصبو إليها قلوبهم، وحل الإسلاميون وحركتهم الإسلامية في العقود الأخيرة مكان الشيوعيين في الستينات والخمسينات وصارت حركتهم النموذج الذي تهفو إليه قلوب الإسلاميين العرب وصاروا أكثر المثقفين العرب معرفة بما يجري في السودان ولقد ازداد ذلك الاهتمام بعد أن وصلت الحركة الإسلامية للسلطة في السودان. وتتالت زياراتهم في ظل دولة المشروع التي ظلت حلما في البلدان الأخرى.
وكاتب المقال كاتب إسلامي من الذين اهتموا بتجربة الحركة الإسلامية السودانية وأفرد لها كتابين من الكتب الخمسة التي أصدرها حتى الآن وخصها بعشرات المقالات كان آخرها المقال الذي نحن بصدده. صدر للكاتب في عام 2002 عن دار الحكمة بلندن كتاب بعنوان " الحركة الإسلامية في السودان مدخل إلى فكرها الإستراتيجي والتنظيمي"، ثم أصدر كتابا آخر بعنوان " آراء الترابي من غير تكفير ولا تشهير"، ربما نعود إليهما في وقت لاحق. كما صدر له أيضا " الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" ولقد قدم له الشيخ راشد الغنوشي، وصدر له أيضا "فتاوى سياسية: حوارات في الدعوة والدولة" كما أن له ديوان شعر مطبوع باسم "جراح الروح". والكاتب وفقا لما جاء في مدونته على الانترنت وتقديم موقع الجزيرة نت له هو باحث وشاعر ومحلل سياسي مهتم بالعلاقات بين العالم بين العالم الإسلامي والغرب. وهو مهتم أيضا بالفقه السياسي، وعنوان مدونته على شبكة الإنيرنت هو (fiqsyasi.org) ومن سيرته الذاتية أيضا نعلم أنه، كشأن الكثير من أهل شنقيط، قد جمع بين التعليم الحديث والتعليم الديني التقليدي، الذي يسمى في بلاد المغرب العربي "التعليم الأصلي" في مقابل تعليم المستعمر وهو التعليم الحديث (سألت الدكتور عبد لله الطيب، رحمه الله، ذات يوم: لماذا كانت المدرسة الوسطي تسمى بالابتدائي في الزمان القديم وهي ليست المرحلة الأولى في التعليم؟ فرد مبتسما: لأن التعليم الحق يبدأ عندها، والتعليم الحق هو تعلم الإنكليزية!" أو "اللغة" المعرّفة بالألف واللام كما كانت تسميها لغة الدواوين الحكومية في السودان سابقا)
ما علينا، عود على بدء، فكاتبنا حاصل على إجازة في حفظ القرآن الكريم ورسمه وضبطه، كما أنه قد صحب عددا من العلماء الموريتانيين لعدة سنين فأخذ عنهم طرفا من العلوم الشرعية وعلوم العربية ثم حصل على شهادة البكالاريوس في الشريعة الإسلامية تخصص أصول الفقه، وحصل على الماجسيتر في إدارة الأعمال في جامعة تكساس التي يحضر فيها للدكتوراة حاليا حيث يعمل مديرا للمركز الإسلامي في أحد مدنها وإماما لمسجدها. وعمل بالتدريس في موريتانيا واليمن ويعمل في أحد مراكز الأبحاث في الدوحة.
يستهل الشنقيطي مقاله بإثبات أن لأهل دارفور أن يتوقعوا المساندة من الدول العربية والإسلامية ثم ينتقد مسألة التأييد العاطفي الذي يميز الموقف العربي والإسلامي فيما يتعلق بقضية دارفور والمتمثل في تأييد المواقف الرسمية للحكومة السودانية ومعارضة كل ما يأتي من الغرب في هذا الصدد ويحدد موقفه في وضوح نادر في الخطاب العربي الشائع قائلا "من حق أهل دارفور على الشعوب العربية والإسلامية أن تتعاضد معهم في وجه نظام الرئيس عمر حسن البشير والكوارث التي جرها على شعبه عمدا بدلا عن هذا النزوع إلى الرفض العاطفي غير المؤسَّس على إدراك لتفاصيل الواقع والتنكرُ الساذج لما ثبت بالمعاينة والتواتر من جرائم الحرب في دارفور، وكأن ضحاياها ليسوا بشرا يستحقون العطف والمواساة وإهمالا بيد أن الناس في عالمنا العربي الإسلامي اعتادوا على العداء العاطفي لكل المبادرات الغربية في بلادهم، والنظر بريبة إلى كل حديث غربي عن تحقيق العدالة والإنصاف. وهو أمر يرجع إلى ما اعتادوه من الغربيين من التطفيف والازدواجية" ثم يشير إلى قضية مهمة قلّ أن يتعرّض لها الإعلام العربي والمثقفين العرب في كتاباتهم لتفسير أسباب هذا الموقف العاطفي وهو " أن حكومة السودان تقدم نفسها باعتبارها (حكومة إسلامية) ومن الذي لا يتعاطف مع حكومة إسلامية ضد العدوان الغربي؟!" ثم يضيف "بيد أن هذا المنزع العاطفي يغطي وراءه حقيقة برودة مشاعرنا تجاه ضحايا القمع والاستبداد السياسي في بلادنا، فنقع بحسن نية وطوية في ذات الازدواجية والتطفيف الذي نرفضه من الغربيين" وهذا هو المأخذ الرئيسي على الحكومات العربية ونشطاء المجتمع المدني الذي يتردد كثيرا في أوساط مناصرة القضايا الإنسانية المختلفة حيث يلاحظ الغياب العربي الإسلامي التام في أي مأساة سياسية وإنسانية غير القضية الفلسطينية أو قضية العراق أو السودان، كما لو أن بقية العالم لا تعني العرب والمسلمين في شيئ. كان كوفي عنان قد أشار عند وقوع كارثة السونامي إلى أن المساعدات قد انهمرت من كل صوب لإعانة المنكوبين باستثناء البلدان العربية الغنية، مما جعلهم يتحركون، كالعادة، بعد أن يتحرك الآخرون ويقدمون كشوفات مساعداتهم عن طريق الهلال الأحمر في إطار العون الثنائي ولكنهم لا يقدمون المساعدات بالضرورة من خلال العون الأممي متعدد الأطراف الذي عناه الأمين العام للأمم المتحدة. وكثيرا ما تهتم منظمات المجتمعات المدني في أمريكا وأوروبا بقضايا حقوق الإنسان في فلسطين وتسير المظاهرات من أجل ذلك ولكن قلما تجد جمعيات عربية تهتم بأي قضية أخرى في العالم خارج الوطن العربي. وكثيرا ما يندهش النشطاء الغربيون لهذا الكيل بمكيالين الذي يعاني منه العرب والمسلمين باعتبار أنهم من بين الشعوب المستضعفة ولكنهم يمارسونه بأنفسهم. ولقد كانت قضية دارفور نموذجا لهذا الكيل بمكيالين.
ثم يلخّص الشنقطي لقارئه العربي أسباب صراع دارفور كما يراها " إن الصراع في دارفور عميق الجذور، وهو في أصله صراعان: أحدهما صراع على الموارد الشحيحة بين العرب الرحل والأفارقة القرويين من سكان جبل مرة، والثاني صراع بين الطامحين من أبناء دارفور إلى توزيع أعدل للسلطة والثروة وبين الحكومة المركزية في الخرطوم" ثم يعبّر عن دهشته كإسلامي بين " تحوُّل هذا الصراع - في ظل حكم الحركة الإسلامية السودانية - من مناوشات تقليدية إلى حرب طاحنة، ومن حرب موارد إلى صراع هوية يدعو إلى التأمل حقا" ويمضي شارحا لتأملاته عن العلاقة بين الحركة الإسلامية وتفجر الصراع قائلا: فما هي العلاقة بين تفجر الصراع السنوات الأخيرة وبين التجربة الإسلامية السودانية التي بدأت بانقلاب عمر البشير عام 1989؟ وما مدى مسؤولية الإسلاميين في معسكريْ البشير والترابي عن إشعال الصراع واستمراره؟ وما هي دلالة هذا الصراع المدمر على مصير التجربة الإسلامية السودانية، وهي التجربة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وبعثت الآمال العريضة في يوم من الأيام؟"
ثم يمضى في محاولة الإجابة على التسآؤلات أعلاه برد الأمر إلى صعوبة التحول من فقه الحركة إلى فقه الدولة: لم يكن نجاح الإسلاميين السودانيين في الاستيلاء على السلطة عام 1989 صدفة عابرة، أو ضربة حظ وافر، بل كانت ثمرة تطور منهجي في الحركة الإسلامية السودانية على مر السنين: في وعيها العام، وبنيتها الهيكلية، وبنائها القيادي، وعملها في المجتمع، وعلاقتها بالسلطة، وعلاقتها بالحركات الإسلامية.. وهو ما جهدتُ في تقديم عبرته معتصَرة ومختصَرة في كتابي عن "الحركة الإسلامية في السودان.. مدخل إلى فكرها الإستراتيجي والتنظيمي". ثم يضيف: لكن نجاح الثورة أكبر من مجرد استلام السلطة، والنجاح الفني ليس معيارا للنجاح المبدئي، خصوصا إذا كان أهله يحملون رسالة أخلاقية، تهدف إلى تحرير الناس لا إلى إخضاعهم" ثم يورد بعض الأعذار لتجربة الإنقاذ نقلا عن كتابه المذكور أعلاه" وفي بلد كالسودان، متسع الأرجاء، ممزق الأحشاء، أنهكته الحرب الأهلية، وهددت فيه الحاجة إنسانية الإنسان، كان على الثورة الجديدة أن تتحمل أعباء زائدة، ومسؤوليات أخلاقية وإنسانية جسيمة، لم تواجه كل الثورات. ومن أهم تلك التحديات كما لخصتها في ختام كتابي المذكور عام 2002: أن على هذه السلطة أن تكف عن كونها حركة، وتقتنع بأنها أصبحت دولة، بكل ما يعنيه ذلك من دلالات سياسية وأخلاقية.، وأن تسعى لإطعام الإنسان السوداني من جوع، وتأمينه من خوف، باعتبار ذلك أهم بند في رسالتها، وأول خطوة على طريق البناء، وأن تبني شرعية سياسية على غير القوة والإكراه، فلا خير في سلطة تستمد شرعيتها من القوة حصرا، ولا مجال لاعتماد فق الضرورات إلى الأبد، وأن توقف النزف الإنساني الذي سببته الحرب الأهلية، لا بدماء الشباب المتعطش للجهاد والشهادة، بل بحكمة السياسة، ومنهج الحوار والتعايش، وأن تدرك أن جسم الدولة متسع للجميع، بخلاف جسم الحركة، فالعجز عن احتواء واستيعاب المجتمع، معناه العجز عن تغيير المجتمع، وأن تعرف أن الحلول الفنية -على أهميتها وحاجة العمل الإسلامي إليها- لا تكفي. فالدولة الإسلامية دولة فكرة ومبدأ، قبل أي شيء آخر، وأن تعترف بموقعها الحرج في المكان، إقليميا ودوليا، فتتحمل مسؤوليتها بوضوح، وتنأى بنفسها عن أسلوب المغامرات والمهاترات والتخبط والتورط، وأن تعترف بموقعها الحرج في الزمان-حاملة لراية الإسلام أيام غربته- فتعضد ذلك بمزيد من الإقدام والتوكل والحكمة والدراية.
ثم ينظر إلى الوراء ويقدم شهادة نادرة من إسلامي عربي في حق إخوانه من الإسلاميين السودانيين، لأن كثير من الإسلاميين العرب يرون عدم انتقاد التجربة الإسلامية السودانية لأن أعداءها كثر فيما يرون ولا حاجة بهم لإضافة نصل على النصال والسيوف المشرعة للقضاء عليها. أما الشنقيطي فيقول " وبالنظر إلى الوراء عقدين من الزمان أعترف أن ثورة الإنقاذ فشلت فشلا ذريعا في رسالتها، وخيبت آمال الكثيرين ممن علقوا عليها بعض الآمال، وأنا منهم. كما أعترف أن حرب دارفور لخصت هذا الفشل أبلغ تلخيص" ويحاول أن يقدم تفسيرا لأوجه القصور هذه قائلا: إذا كان لنا أن نجد تفسيرا فكريا لهذا الفشل -يفترض حسن المقاصد -ولا شك في حسن مقصد الكاتب فهو ناقد من داخل الصف الإسلامي، فهو تخلّف فقه الدولة عن فقه الحركة لدى الإسلاميين السودانيين” ثم يخلص إلى جملة هي فحوى فكرة المقال وجماع الأمر عنده حيث يقول "فلم تنجح تجربة إسلامية على مستوى الحركة كما نجحت التجربة السودانية، ولم تخفق تجربة إسلامية على مستوى إدارة الدولة كما فشلت التجربة السودانية".
ويمضي شارحا لهذه الفكرة من خلال تجربة الحركة الإسلامية والمفارقة بين مرحلة الحركة ومرحلة الدولة. ويذكّر بالربط بين البعد الأخلاقي للحركة والممارسة للسلطة وفي ذلك يقول: لكن التفسير الفكري لا يفسر كل شيء، فهنالك عنصر أخلاقي قد يفوق العنصر الفكري في أهميته، وتخلف هذا العنصر الأخلاقي في تجربة الإنقاذ هو الذي يفسر محنة دارفور، ويدين العديد ممن قادوا تلك التجربة ومن اتبعوهم".
ويمضي مذكّرا القارئ العربي العام، وليس الإسلامي المهتم، بالانشقاق الذي وقع في أوساط الإسلاميين بسبب الصراع على السلطة ونتائجه ويشير تحديدا إلى النقاش الذي فجرته كتابات الأفندي والتجاني عبد القادر عن أسباب الصراع. ثم يقرأ ذلك بعين المراقب المعني بالأمر لانتمائه للمشروع الإسلامي حيث يرى أن محنة دارفور ليس بمعزل عن الانشقاق الذي وقع في أوساط الإسلاميين فيقول: ويمكن للمراقب، من بعيد مثلي، أن يستخلص من تلك المطارحات والردود، ومما تيسر من محاورات مباشرة مع أنصار كل من الترابي والبشير، ملامح ما حصل داخل أحشاء الحركة فتولدت عنه محنة دارفور". ثم يورد اقتباسا مطولا من مقال لعبد الوهاب الأفندي يتفق معه تماما ويعتبره تلخيصا دقيقا وحكما صائبا، وإن رأى أنه لا يعطي الخلفية التاريخية التفصيلية، خصوصا في شقها المتعلق بالحركة الإسلامية، يقول الشنقيطي: كتب د. عبد الوهاب الأفندي ملخِّصا أسباب الحرب في دارفور فقال "إن التدهور الذي وقع في إقليم دارفور كان نتيجة لسلسلة أخطاء مميتة، بدأت بإساءة إدارة الوضع السياسي وممارسة الإقصاء في حق أهل دارفور، ومرت عبر العجز عن التصدي للتمرد المسلح، ومحاولة مداراة هذا العجز أو تداركه عبر تشجيع الفوضى والإجرام، وأخيرا العجز والتخبط في إدارة الكارثة التي نتجت وذيولها الدولية."
وحتى يعطي الخلفية التاريخية التي يعتقد أن الأفندي قد أهملها يضيف قائلا: إن الجذور الاجتماعية للصراع في دارفور كانت موجودة دائما، مثلها مثل الكثير من الصراعات الكامنة في دول العالم الثالث، لكن تفجُّر الصراع التقليدي إلى حرب إبادة وتهجير بدأ ببداية الصراع بين جناحي الحركة الإسلامية". ثم يمضي بقارئه في شرح مفصّل عن قصة الخلاف ومخطط الحركة الإسلامية في التدرج عن الإفصاح عن وجهها وما إلى آخر القصة المعروفة للقارئ السوداني فيما عرف بالمفاصلة في القاموس السياسي السوداني. وربما كان من المفيد هنا أن نكرر جزئية مهمة وردت في سياق ذلك ساقها الكاتب للاستدلال على فكرته الرئيسية وهي أن بذرة صراع دارفور قد وجدت في صراع الإسلاميين، حيث يشير إلى أن من تداعيات الشقاق ومحاولة كل طرف أن يأمن نفسه وقع استبعاد لبعض ضباط الجيش والأمن من الإسلاميين من أبناء دارفور كانوا هم فيما بعد نواة حركات التمرّد خصوصا تلك التي يقودها الإسلامي المعروف خليل إبراهيم. ويقول في ذلك: وانضم الإسلاميون المنحدرون من دارفور في غالبيتهم الساحقة إلى جناح الترابي، ربما لأنه كان مساندا لفكرة المركزية الإدارية وتقوية الحكومات المحلية، وهو ما عمق الحنق عليهم من الجناح الآخر".
ويمضي في شرح مسؤولية الحركة الإسلامية عن محنة دارفور بقوله: كان أهل دارفور من الإسلاميين المشاركين في الحركة الإسلامية يعلقون آمالا عريضة على ثورة الإنقاذ، أقلها أن ترفع الضيم عن إقليمهم، وتكفل لهم حضورا منصفا في جهاز الدولة ونصيبا منصفا من خدماتها، لكن سرعان ما خاب ظنهم. ولم تكن خيبة الظن هذه، جديدة مع الأسف، فقد بدأت بوادرها في الثمانينات، حينما استقال عدد من القادة الإسلاميين المنحدرين من دارفور من الجبهة الإسلامية القومية التي يقودها الترابي آنذاك احتجاجا على دعم الجبهة للقبائل العربية في دارفور ضد قبيلة الفور الأفريقية". ويورد في ذلك أن "حكومة الإنقاذ قد قضت على التمرد بسهولة وأعدمت بولاد نفسه، مما ترك جرحا عميقا لدى أهل دارفور، خصوصا الإسلاميين منهم. وينظر أهل دارفور اليوم إلى بولاد على أنه شهيد قضيتهم، وأنه رجل سابق على عصره، كما تمدحه أدبياتهم بأنه كان حافظا للقرآن الكريم عميق التدين ومهندسا متميزا. بينما وصفته دعاية حكومة الإنقاذ حينها بأشنع الأوصاف والتهم، ومنها أنه ارتد عن الإسلام ومزق المصحف الشريف. وقد اعترف الترابي فيما بعد – حسبما أفضى به إليَّ أحد المقربين منه- بأن حكومة الإنقاذ لم تأخذ العبرة من تمرد بولاد، فكانت حرب دارفور الأخيرة عاقبة لذلك".
ثم يعضد استدلاله بسير خليل إبراهيم على خطى داؤود بولاد ليخلص إلى أن "مشكلة دارفور لا يمكن فصلها عن مشكلة الحركة الإسلامية السودانية وعجزها الفاضح في بناء دولة العدل التي بشرت بها السودانيين خلال نصف قرن قبل انقلاب 1989. ثم يعبّر عن حسرته كإسلامي في عبارات تذكّرنا بحسرة الأفندي والتجاني عبد القادر وغيرهما من الإصلاحيين الإسلاميين، حيث يقول فضلا عن ما ذكر عن العجز في بناء الدولة " ثم الأنانية السياسية التي اتسم بها قادة الحركة في صراعهم الداخلي، ثم كيد بعضهم لبعض بطريقة انتهازية لم تحترم أسس التعامل الإنساني، فضلا عن الأخلاق الإسلامية" ويختم بقوله: لقد حفر الإسلاميون السودانيون قبرا جماعيا في دارفور لأنفسهم، ولحركتهم وتجربتها الرائدة، وهم يتحملون نتائج ذلك بؤسا وشقاء لهم ولشعبهم، وصدا عن الإسلام، وتيئيسا للناس من تحقيق العدل في ظلاله" ويوجه نداء إلى الشعوب العربية والإسلامية التي عليها أن تدرك ذلك "بدلا من التعاطف الساذج لأن دماء الفقراء المشردين في دارفور وكرامتهم الإنسانية لا يقلان وزنا عند الله عن دم الرئيس البشير والدكتور الترابي وكرامتهما، والاستصراخ في وجه العدوان والتطفيف الغربي لا يصلح مبررا للوقوف إلى جنب الظلمة من المسلمين. فمتى تفهم الشعوب العربية والإسلامية ذلك؟"
ومرّة أخرى يجد أنه يحسن به أن يستشهد بشهادة الأفندي، ولا عجب فالأفندي رجل عليم بمظهر الأمر وبمخبره، حيث يدعو الأفندي الإسلاميين في السودان إلى "أن ينصروا إخوانهم بكف أيديهم عن الظلم اتباعا للنصيحة النبوية، وأن يسارعوا إلى نجدة المنكوبين والتضامن معهم، وأن يطالبوا من داخل الحكومة بمساءلة ومحاسبة ومعاقبة المسؤولين عن هذه الكوارث السياسية والعسكرية والانسانية التي لم تهدد النظام فقط، بل تهدد اليوم وجود السودان" ويضيف الشنقيطي إلى ذلك: هذا إضافة إلى ما وجهته من ضربة للعلاقات العربية الأفريقية، ولمستقبل العمل الإسلامي في دارفور".
ويقدم نصيحة عامة للإسلاميين، وربما المسلمين عامة، من خلال قراءته للتاريخ الحديث فيقول: إن سوء صنيعنا في علاقة بعضنا ببعض وتسويغنا ما لا يستساغ هي الثغرة التي يدخل منها الآخرون دائما. وقد وقفنا مع صدام حسين في إبادة شعبه وغزو جيرانه، فكانت النتيجة أن خسرنا العراق وشعبه. وها نحن نقف اليوم مع البشير في إبادة شعبه وتشريده وستكون النتيجة أن نخسر السودان وشعبه. فهل ننظر أخيرا في المرآة لنرى الخشب في أعيننا، بدل البحث عن القذى في أعين الغير؟
ويختم المقال بقوله: كم هو حق ما كتبه الأفندي "نعم هناك بالقطع خطر يتهدد الإسلام في السودان اليوم، ولكنه خطر مصدره الخرطوم، لا نيويورك أو واشنطن".
وبعد، فهذه شهادة من داخل صف الإسلاميين بالمعنى العريض تميزت بالرؤية النقدية وليس التعاطف ودفن الرأس في الرمال بدعوى عدم إضافة نصل من الإخوان إلى نصال الأعداء. فمتى سيكف يا ترى أهل الإنقاذ والإسلاميون منهم على وجه الخصوص عن ترديد نجاح تجربتهم غير المسبوقة وأننا سنفوق العالم أجمع وأن المشروع الحضاري هو الحتمية التاريخية الجديدة على الرغم من الفشل والإفلاس المبين للمشروع والفكرة التي احترقت على نار الواقع وإدارة الدولة لا لصعوبة إدارة الدولة في عالم اليوم المتشابك ولكن بسبب السقوط الأخلاقي قبل المادي الذي وقعت فيه الحركة والذي كان الأفندي والتجاني عبد القادر أول من أشار إليه من داخل الصف الإسلامي. ولا نملك في الختام إلا أن نكرر ما قاله الشنقيطي أعلاه:"فلم تنجح تجربة إسلامية على مستوى الحركة كما نجحت التجربة السودانية، ولم تخفق تجربة إسلامية على مستوى إدارة الدولة كما فشلت التجربة السودانية". ونحن، جمهور الشعب السوداني العريض من خارج الإسلاميين، لا يعنيه الجزء الأول من المقولة أعلاه عن النجاج الكبير للحركة وإنما يعنينا الجزء الثاني وهو هذا الإخفاق المدوي للتجربة الإسلامية في إدارة الدولة وهي دولتنا جميعا. أما آن الأوان لأهل الإنقاذ، والإسلاميين منهم على وجه الخصوص، للإقرار بهذا الفشل المدوي وأن يدعوا أهل السودان، من غيرهم، أن يتداعوا للنهوض ببلدهم وأن يكون لهم رأي آخر بعد أن خبروا ورأوا أن فكرة المشروع الإسلامي العروبي في السودان قد وصلت إلى أقصى مدى يمكن أن تبلغة تحت قيادة الإسلاميين السودانيين وخبروا كيف كانت نهاية الأحلام وعودة التاريخ.
أسامة عثمان، نيويورك
نشر الجزء الأول من هذا المقال في جريدة الصحافة بتاريخ 26 مايو 2009، ولكن الرقيب حجب الجزء الثاني منه من النشر في جريدة الصحافة بتاريخ 2 يونيو 2009، ولقد أوردنا المقال هنا بجزئه المنشور والمحجوب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة (Re: الكيك)
|
مستقبل الاسلام السياسى !! ... بقلم: زهير السراج الأحد, 28 يونيو 2009 20:53
مناظير
* كان لدى اعتقاد كبير فى الماضى ( منذ ان تفتح وعى السياسى فى وقت مبكر من حياتى، وانا ما زلت صبيا بعد)، بأن فرصة الاسلام السياسى فى الصعود الى دست الحكم فى معظم الدول الاسلامية والعربية ، كبيرة جدا وانه أمر لا بد منه مهما طال الزمن، وكان رهانى قائما على شيئين أساسيين هما؛ القاعدة الاسلامية والدينية الراسخة فى الدول العربية والاسلامية التى ترفض المفاهيم العلمانية بمختلف اشكالها، ثم نشوء الكثير من الحركات الاسلامية التى تيسر لها المال والتمويل من جهات عديدة ونجحت فى استقطاب أعداد كبيرة من المتعلمين والمثقفين واصحاب الفكر ممن يجدون الاحترام والتقدير فى مجتمعاتهم، ونجحت فى توظيفهم واستخدامهم بذكاء شديد لاقناع هذه المجتمعات بشعاراتها وافكارها، ساعدها على ذلك فيما بعد انهيار المنظومة السوفيتية، واستمرار المشكلة الفلسطينية بدون حل واحساس المسلمين بشكل عام، حتى الذين يناصبون الحركات الاسلامية العداء، بالظلم الشديد الذى تمارسه المجتمعات الغربية عليهم بسبب تأييدها الكبير والمتصل لعدوهم الاول، خاصة مع وجود خلفيات عداء وكراهية تاريخية، صارت فيما بعد جزءا لا يتجزأ من عقيدتى الطرفين، وهى مشكلة حقيقية لا يمكن تجاهلها بأى حال من الأحوال فى النظر الى المشكلة الفلسطينية الاسرائيلية ومحاولات الحل !!
* كان ذلك هو تصورى حتى وقت قريب، ولا يزال حتى الان فيما يتعلق بالجانب الفلسطينى الاسرائيلى، غير أن حظوظ حركات الاسلام السياسى فى الوصول الى الحكم والحصول على تأييد ورضاء الاغلبية، قد تقلصت بشكل كبير وربما تكون قد انعدمت او فى طريقها للانعدام ، فالحركات الاسلامية التى تيسر لها الوصول الى الحكم فى مجتمعاتها، سواء بالثورة الشعبية، كما حدث فى إيران، أو بحمل السلاح كما فى أفغانستان والسودان، أو بالانتخابات كما فى فلسطين، كانت محبطة فى أدائها لمعظم الناس... (وهو تعبير مخفف جدا فى الحكم على هذه الحركات).
* فشلت هذه الحركات فى إقناع الناس بأدائها ولم تقدم أى حلول منطقية وموضوعية للمشاكل، بل ترتب على صعودها الى كراسى الحكم العديد من المشاكل المعقدة سواء كانت هى السبب المباشر فيها او غيرها، وانعكس ذلك بشكل مباشر على قبول الناس لها، وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى أفغانستان، ويحدث الان فى أماكن أخرى من بينها إيران والسودان !!
* بل حتى الحركات الاسلامية التى لم تمكنها الظروف او تساعدها الظروف، او منعت بالقوة من الوصول الى الحكم فى بلادها برغم فوزها فى الانتخابات ( مثل حركة الانقاذ فى الجزائر)، لم تكن مقنعة إطلاقا فى معارضتها، وجنح معظمها الى العنف ضد الابرياء للتعبير عن نفسها واثبات وجودها، فكانت النتيجة الطبيعية والحتمية هو تراجع التأييد الذى كانت تحظى به فى السابق بشكل كبير، والمثال الابرز لذلك هو حزب الله فى لبنان الذى تقهقر بشكل واضح فى الانتخابات اللبنانية الاخيرة، وبعض الحركات الاسلامية فى العراق التى لجأت الى العنف الشديد لاثبات وجودها، فحدث العكس تماما ولم يعد لها الآن إلا وجود ضئيل!!
* قد يتحجج البعض بالتجربة التركية ولكن يجب عليهم الا ينسوا ان هذه التجربة كانت وستظل محكومة بالدستور العلمانى ، وخاضعة برضائها الكامل للعبة الديمقراطية بكل مفرداتها الغربية، ولا ترغب فى التمرد عليها، وبالتالى لا يمكن القياس بها فى الحكم على الحركات الاسلامية الاخرى التى لا تعترف بالديمقراطية الغربية!!
* بناء على ذلك يمكننى القول بأن حركات الاسلام السياسى لم تعد لديها الفرصة فى الصعود أو البقاء على كراسى الحكم بشعاراتها ومفاهيمها الحالية، وليس أمامها سوى خيارين؛ إما التحول الى النمط التركى، أو الفناء !!
[email protected]
جريدة السودانى، 28 يونيو، 2009
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قبح العلمانية ...ام شرور الاخوان ...ردا على ود الزومة (Re: الكيك)
|
الثلاثاء 30 يونيو 2009م، 8 رجب 1430هـ العدد 5751 في الذكرى العشرين لـ30 يونيو 1989م تاج السر عثمان في صباح الجمعة 30/يونيو/1989م، وقع انقلاب عسكري نفذته الجبهة القومية الاسلامية، كان الانقلاب واضحا من عنوانه، رغم مسرحية اعتقال د. حسن الترابي ضمن زعماء المعارضة، جاء الانقلاب باسم المشروع الحضاري ومستهدفا اجتثاث الاحزاب السياسية من جذورها، وبعد عشرين عاما يعترف النظام بالاحزاب السياسية، وتواصل قوى المعارضة المعركة من اجل انتزاع التحول الديمقراطي الكامل، والتنفيذ الفعلي لاتفاقيات نيفاشا والقاهرة وغيرها من الاتفاقات، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور وتحسين الاحوال المعيشية التي تدهورت بمتوالية هندسية، وتستعد لخوض انتخابات حرة نزيهة من اجل اقتلاع الشمولية والديكتاتورية والتسلط من الحياة السياسية ومن اجل استعادة الديمقراطية الكاملة التي صادرها النظام عشية الانقلاب. فما هي الارهاصات التي ادت للانقلاب؟ وماهي الآثار المدمرة التي خلفها الانقلاب في البلاد؟. أولا: ارهاصات الانقلاب: لايمكن فهم ومتابعة ارهاصات الانقلاب بمعزل عن الاحداث التي دارت في فترة الديمقراطية الثالثة وما اكتنفها من ممارسات وأخطاء ادت الى الانقلاب. تميزت الفترة(1985- 1989م) بالاحداث التالية: 1 - انعقاد المؤتمر الاقتصادي في عام 1986 والذي خرج بتوصيات تتلخص في الآتي: - أ - إعادة تعمير وتأهيل المؤسسات والمشاريع الإنتاجية والخدمية في القطاعين العام والخاص ، واعادة تعمير المناطق التي تأثرت بالجفاف والمجاعة . ب - إصلاح النظام المصرفي وتصفية النشاط الطفيلي. ج - إشاعة الديمقراطية واشراك العاملين في المؤسسات الإنتاجية . د - تحسين أجور ومرتبات العاملين والمنتجين على أن يرتبط ذلك بزيادة الإنتاجية وتوفير مدخلات الإنتاج بالنسبة لمؤسسات القطاع العام والخاص الإنتاجية . ه - إصلاح وتحسين خدمات التعليم والصحة. و - لجم وسائل التضخم وتخفيض أسعار السلع الرئيسية واصلاح قنوات التوزيع . ز - وضع خطة اقتصادية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي تخضع جميع السياسات الاقتصادية والمالية بهدف الاستغلال الكامل للطاقات الإنتاجية المتاحة واصلاح مسار الاقتصاد السوداني . 2 - رغم قرارات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي ، إلا أن السياسات التي سارت عليها حكومات تلك الفترة أدت إلى استمرار مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تتلخص في الآتي : - أ - ركود الإنتاج السلعي ( زراعة - صناعة ) وتضخم قطاع خدمات المال والتجارة ، أي أن وزن الطبقات الطفيلية الإسلامية والمايوية كان مؤثرا في النشاط الاقتصادي ، الشيء الذي عرقل محاولة أي إصلاح ، وبالتالي انعكس ذلك على النشاط السياسي وإجهاض الانتفاضة وتقويض الديمقراطية . ب - استفحال المديونية الخارجية التي بلغت 14 مليار دولار . ج - عجز مقيم في الموازنة الداخلية وميزان المدفوعات. د - تزايد معدلات التضخم إذ بلغ اكثر من 45 % . ه - تدهور متواصل في سعر صرف الجنية السوداني . و - تزايد معدلات استهلاك الفئات الطفيلية، وارتفاع معدلات الاستيراد وانكماش الصادرات وتزايد المنصرفات. كما استمرت حكومات ما بعد الانتفاضة في السياسة التقليدية التي تسببت في الأزمة الاقتصادية مثل: تقليص دور الدولة، إلغاء الضوابط على حركة المبلغ والسلع والتخلص غير المدروس والتدريجي من القطاع العام خاصة في مجال البنوك والتأمين والتجارة. ز - التشجيع المفرط للقطاع الخاص المحلي والمختلط والأجنبي دون اعتبار للأولويات والسيادة الوطنية ، وذلك بالإعفاءات والتغاضي عن التهرب الضريبي . ح - إطلاق العنان لقوى السوق بافتراض أن ذلك يساوى بين الأسعار وتكلفة الإنتاج ويقربها من مستويات الأسعار العالمية مما أدخل البلاد في حلقة تعديلات سعر الصرف دون تحقيق الأهداف المطلوبة. ط - التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني والاعتماد شبه الكامل على العون الخارجي ، فعلى سبيل المثال في الفترة : ( 1986 - 1989 ) ، تم تحقيق تمويل تنموي ( عن طريق العون الخارجي ) بلغ مجموعه 7 مليار دولار لتمويل التنمية والبترول والسلع التموينية والاستهلاكية ومعدات عسكرية كان تفاصيلها كالآتي : 3 مليار دولار للتمويل التنموي ، مليار دولار لسد العجز في كل سنة بعضه بترول وبعضه دعم سلعي ، 3 مليار دولار للمعدات العسكرية . _ الصادق المهدى : تحديات التسعينيات ، 1990 ) . 3 - تفاقم حرب الجنوب التي كانت تكلف 3 ملايين من الجنيهات يوميا ، إضافة للخسائر في الأرواح والمعدات والمجاعات وتوقف التنمية في الجنوب ، وبذلت محاولات كثيرة من قيادات الأحزاب والتجمع والنقابات والشخصيات الوطنية في شكل مبادرات وندوات حتى كللت هذه المحاولات بتوقيع اتفاقية الميرغني - قر نق التي أجهضها انقلاب 30 يونيو 1989 . 4 - ظلت مصادر الخطر على الديمقراطية موجودة كما حددها الحزب الشيوعي والتي تتلخص في الآتي : أ - التخلي عن شعارات الانتفاضة بعدم تصفية آثار مايو . ب - الإبقاء على القوانين المقيدة للحريات ( قوانين سبتمبر 1983 ) ، قوانين النقابات وغيرها من القوانين . ج - عدم الجدية منذ بداية الانتفاضة في الحل السلمي لمشكلة الجنوب. د - مغازلة الحزبين الكبيرين ( الأمة والاتحادي الديمقراطي ) للجبهة الإسلامية رغم موقفها المعادى للديمقراطية، حتى انقلبت على الديمقراطية وعضت اليد التي أحسنت إليها. ه - قانون الانتخابات الهزيل الذي حرم القوى الحديثة من التمثيل . هذا إضافة لتواتر ظاهرة الإضرابات بسبب تدهور الأوضاع المعيشية . 5 - كما صدر في هذه الفترة الدستور الانتقالي ، وقانون الصحافة والمطبوعات وقانون الجامعة ، وقامت انتخابات 1986 بقانون انتخابي هزيل ، وتكونت حكومة ائتلافية بين الأمة والاتحادي الديمقراطي والأحزاب الجنوبية ولم تستمر طويلا ، وفشلت في حل قضايا الاقتصاد والجنوب وترسيخ الديمقراطية وتم تكوين حكومة ائتلافية أخرى في مايو 1988 من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية ، إلا أن تلك الحكومة أيضا فشلت في حل مشاكل البلاد . وفي ديسمبر 1988 حدث الإضراب السياسي العام ضد زيادة الأسعار ، وبعد الإضراب ومذكرة القوات المسلحة التي خلقت جوا انقلابيا ، تم تكوين حكومة واسعة التمثيل ، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ونجاح مبادرة الميرغني - قرنق لحل مشكلة الجنوب انعزلت الجبهة الإسلامية والتي رفضت التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية وكانت تسعى للحل العسكري والانقلاب على الديمقراطية ، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ، كانت مواكب الجبهة الإسلامية تجوب الشوارع من أجل حكم الشريعة ، وقبل ذلك كانت مواكب الجبهة الإسلامية حول أمان السودان وتحت ستار دعم القوات المسلحة ، وكان د . حسن الترابي في لقاءاته الجماهيرية يدعو علنا لقلب نظام الحكم ، وتواترت المعلومات لقيادات الأحزاب والحكومة عن تخطيط الجبهة الإسلامية لانقلاب عسكري ، وبسبب الغفلة والتهاون وقع انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 . ثانيا: آثار وحصاد الانقلاب. مضت عشرون عاما على انقلاب 30 يونيو 1989 ، دخلت البلاد فيها في تجربة للتنمية في ظل نظام شمولي ، لم تخرج عن الطريق التقليدي الرأسمالي ، بل بأكثر الأساليب وحشية ، فهي تنمية رأسمالية رغم رفع شعارات الإسلام ، مستندة على الفكر التنموي الغربي ( تحرير الاقتصاد والأسعار ، اقتصاد السوق ، الخصخصة أو تصفية مؤسسات القطاع العام ، التخفيضات المتوالية للجنية السوداني ... الخ ) ولا يغير من ذلك كثيرا إدخال نظم مثل السلم في الزراعة والزكاة وتجربة البنوك الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية ، فالبنوك الإسلامية استغلت الشعار الإسلامي للحصول على سيولة كبيرة اُستخدمت في صفقات تجارية قصيرة المدى بأسلوب المرابحة ، ولم تساعد الاستثمار ولم تقدم بديلا وظيفيا لسعر الفائدة . فما هي حصيلة تجربة الإنقاذ ؟ 1 - القطاع الزراعي: تدهور القطاع الزراعي في هذه الفترة نتيجة لمشاكل المياه والرى في المشاريع المروية ونقص مدخلات الإنتاج والنقص في الجازولين والطاقة الكهربائية والقرار الخاطئ بالتوسع في زراعة القمح في مشروع الجزيرة على حساب القطن الشيء الذي أدى إلى فقدان البلاد لعائد كبير من العملات الصعبة باعتبار أن القطن محصول نقدي هام ، هذا إضافة لعدم استعداد الحكومة لمكافحة الآفات ( الجراد ، الفئران ، ... الخ ) كما ارتفعت تكلفة الإنتاج ( ارتفاع أسعار الماء والأرض والحصاد ) ، إضافة لمشاكل التسويق ، ومشاكل التخزين ، وانخفض عائد المزارع بسبب الجبايات التي فاقت جبايات العهد التركي ، كما انخفض الإنتاج وتقلصت المساحات المزروعة وأصبحت البلاد على شفا المجاعة التي ضربت البلاد في الجنوب وشمال دار فور وشمال كردفان ... الخ، حتى أصبحنا نستورد الذرة من الهند مما يذكرنا بمجاعة عام 1914 التي استوردت فيها الحكومة الذرة من الهند. كما تدهورت الغابات وتم استنزاف الثروة الحيوانية دون الاهتمام بمشاكلها وتنميتها وتوفير الخدمات البيطرية وغيرها ، كما انخفض العائد من الصمغ نتيجة للجفاف والتصحر وانتشار الجراد ( ساري الليل ) الذي أثر على أشجار الهشاب والطلح . ورغم ذلك ظل القطاع الزراعي يساهم بنسبة 45,6 % في الناتج المحلي الإجمالي ( تقرير بنك السودان 2003 ) ، وتدهور القطاع الزراعي نلمسه في تراجع القطن الذي شكل نسبة 3 % من الصادر ، والسمسم 4 % والحيوانات 6 % ، أما البترول فقد شكل 78 % من الصادر ( تقرير بنك السودان 2003 ) ، وهذا يوضح تقلص المساحات المزروعة ، إضافة لمشاكل القطاع الزراعي الأخرى التي أفاض المتخصصون والزراعيون والمزارعون في مناقشتها في الصحف والندوات والسمنارات . وسيظل القطاع الزراعي المصدر الأساسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية رغم تدفق البترول، والذي يجب أن تخصص جزء من عائداته لدعم القطاع الزراعي . كما تعرض مشروع الجزيرة للخصخصة وكذلك ينتظر المصير نفسه بقية المشاريع المروية، هذا وتتعرض الآن الاراضي الزراعية في البلاد للبيع للاجانب. 2 - القطاع الصناعي: نلاحظ ظهور قطاعات جديدة في الصناعة مثل قطاع البترول والتعدين ، ومدينة جياد الصناعية في مضمار الصناعة التحويلية الذي يشمل قطاع صناعة المتحركات ( ورش وستة خطوط لتجميع التراكتورات ووسائل النقل المختلفة ) وقطاع الصناعات المعدنية الذي يشمل مصنع الحديد والصلب ، مصنع الألمنيوم والنحاس والكوابل ومصنع المواسير ومجمع سارية الصناعي ( الذي بدأ بمصانع الأحذية والبطاريات والملبوسات الجاهزة وتحولت ملكية المجمع للقطاع الخاص ، وبدأ في إنتاج سلع مثل مصنع الأجهزة الكهربائية ، مصنع البلاستيك ومصنع التغليف ) . رغم هذه التطورات الجديدة في القطاع الصناعي، إلا أنه ظل يعاني من مشاكل مثل: مشاكل الطاقة، ضعف القدرات التسويقية، مشاكل متعلقة بالتمويل سواء المكون المحلي أو الأجنبي لتوفير قطع الغيار، مشاكل القوانين المتعلقة بالاستثمار...الخ. . كما أشار المسح الصناعي الأخير ( 2001 ) إلى توقف 644 منشأة صناعية ، ومن الأمثلة لتدهور بعض الصناعات : * صناعة الزيوت والصابون عملت بنسبة 16 % من طاقتها التصميمية ( تقرير بنك السودان 2003 ) * والمثال الآخر صناعة الغزل والنسيج : بلغ عدد مصانع الغزل 15 مصنعا ، العامل منها 6 مصانع فقط ، كما بلغ عدد مصانع النسيج 56 مصنعا ، العامل منها 4 مصانع فقط ، كما تعمل مصانع الغزل بنسبة 5,4 % بينما تعمل مصانع النسيج بنسبة 5 % من إجمالي الطاقة الإنتاجية ( تقرير بنك السودان 2003 ) . هكذا نصل إلى حقيقة تدهور القطاع الصناعي بسبب تلك المشاكل وعجز الحكومة تماما عن مواجهتها ، رغم ذلك فقد ساهم القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 24,1 % وهذا يعود إلى ارتفاع نسبة البترول والتعدين التي بلغت 9,6 % في الناتج المحلي الإجمالي ( تقرير بنك السودان 2003 ) وبتدهور قطاعي الزراعة والصناعة تمت هزيمة الشعارات التي رفعتها الإنقاذ في أيامها الأولى ً نأكل مما نزرع ً ، ً نلبس مما نصنع ً . 3 - تصفية مؤسسات القطاع العام: كما اتجهت الحكومة إلى تصفية مؤسسات القطاع العام أو خصخصتها ، وتم التخلص منها إما بالبيع أو بيع حصص من ملكية الدولة فيها أو تحويلها إلى شركات مساهمة عامة يشارك فيها القطاع الخاص المحلي والأجنبي أو بتأجير أصولها ، ومن السلبيات ، أنه تمت خصخصة معظم مؤسسات القطاع العام قبل أن تقام سوق للأوراق المالية تعرض فيها أسهم المؤسسات التي خصخصت للجمهور مما خفض أسعار البيع إلى نسبة ضئيلة ( د . محمد هاشم عوض : الأيام 11 / 7 / 2005 ) ، وعلى سبيل المثال مؤسسة المواصلات السلكية واللاسلكية التي قدرت أصولها ب 300 مليون دولار ، تم بيعها ب 60 مليون دولار ، كما تمت خصخصة مؤسسات ناجحة مثل مصنع أسمنت عطبرة ، كما صدر قانون لخصخصة مشروع الجزيرة . كما تم تقليص قطاعات النقل الأساسية مثل السكة الحديد التي تدهورت وأصبحت تعمل على أسس تجارية والنقل النهري والنقل الميكانيكي ... الخ. 4 - تدهور قطاع الخدمات : تدهورت في هذه الفترة خدمات التعليم والصحة بسبب هجرة آلاف المعلمين والأطباء نتيجة لتدهور الأوضاع المعيشية ، وضعف نسبة ميزانية التعليم والصحة ، إضافة لخصخصة التعليم والصحة حتى أصبحت تلك الخدمات للقادرين ، كما تم تشريد آلاف الأطباء والأساتذة في التعليم العام والعالي لأسباب سياسية . كما تم التوسع في أعداد المقبولين للتعليم العالي بدون التوسع في توفير مقومات التعليم العالي ( أساتذة، مكتبات، قاعات مراجع، معامل... الخ ). ورغم تدفق البترول وتمزيق الدولة لفاتورة وارد البترول الذي يشكل حوالي 400 مليون دولار ( 80 % من قيمة الصادر ) ، إلا أنه ارتفعت أسعار المواد البترولية وتدهورت خدمات النقل والمواصلات وارتفعت تكاليفها ، كما ارتفعت أسعار خدمات الكهرباء والمياه ... الخ. 5 - القطاع التجاري: رغم استخراج البترول وتصديره ، استمر العجز في الميزان التجاري ، على سبيل المثال بلغ العجز في الميزان التجاري في العامين 2002 ، 2003 : 497,3 ، 339,7 مليون دولار على التوالي ، كما استمر العجز في ميزان المدفوعات . كما نلاحظ تراجع النسبة المئوية للقطن في الصادر الذي بلغ 44,6 % عام 1989 ليصل إلى 3 % في عام 2003 م ( تقرير بنك السودان ) ، كما نلاحظ أن البترول احتل 78 % من الصادرات ( تقرير بنك السودان ) ، ورغم ارتفاع عائداته التي بلغت 1,5 مليار دولار على التوالي في العامين 2002 ، 2003 ، إلا أته لم ينعكس على دعم الزراعة والصناعة والخدمات ( التعليم ، الصحة ، المواصلات ، الكهرباء ، المياه ، ... الخ ). أما عن التوزيع الجغرافي للصادرات فقد حدثت متغيرات في هذا الجانب حيث شكلت مجموعة الدول الآسيوية غير العربية اكثر الأسواق لصادرات السودان ( في معظمها سلعة البترول ) خلال عام 2003 حيث بلغت 2,057 مليون دولار بنسبة 80,9 % من إجمالي الصادرات مقارنة نسبة 73,7 % من العام 2002 ( تقرير بنك السودان 2003 ) . كما تعتبر الصين الشعبية اكبر مستورد للصادرات السودانية حيث بلغت 1,761,9 مليون دولار بنسبة 69,3 % من إجمالي الصادرات تليها اليابان بقيمة 167,7 مليون دولار بنسبة 6,6 % ( المصدر السابق ) . كما شكلت مجموعة الدول العربية اكبر مصدر لواردات السودان في عان 2003 حيث بلغت 1,146,4 مليون دولار بنسبة 39,8 % من إجمالي الواردات ( تقرير بنك السودان 2003 ) . 6 - ديون السودان : بلغت جملة ديون السودان حوالي 31 مليار دولار ، علما بأن أصل الدين 12 مليار دولار ، والزيادة عبارة عن فوائد تعاقدية وفوائد جزائية . 7 - الإيرادات والمنصرفات: شكلت الإيرادات الضريبية عام 2003 م 37,9 % وغير الضريبية نسبة 62,1 % ( تقرير بنك السودان 2003 ) ، وفي المنصرفات يشكل الدفاع والأمن نصيب الأسد ( 60 % من الإيرادات العامة ) ، والصرف على الحكم الفدرالي والحزب الحاكم وتنظيماته يصل إلى 25 % من الموازنة العامة ( مشروع موازنة 2004 ) . كما ازداد الاعتداء على المال العام ، على سبيل المثال بلغت جملة الأموال المختلسة من الوحدات الحكومية 160 مليار جنية عام 2003 ، بعد أن كانت 80 مليار جنية عام 2002 ( بزيادة 100 % ) . 8 - تزايد الفقر : تمدد الفقر ليشمل 95 % من السكان ، إضافة للبطالة مع استمرار تشريد العاملين من وظائفهم ليصل العدد الكلي من المشردين اكثر من 122 ألف من 58 مؤسسة وشركة ، ولازال التشريد مستمرا ، هذا إضافة لضعف الأجور وعدم تناسبها مع تكاليف المعيشة التي ارتفعت ارتفاعا كبيرا . نخلص مما سبق إلى أن حصيلة فترة الإنقاذ في الجانب الاقتصادي : أ - عجز في الميزان التجاري رغم تصدير البترول و الذهب ، وعجز في ميزان المدفوعات . ب - تدهور قيمة الجنية السوداني وتفاقم التضخم والغلاء . ج - تدهور الإنتاج الزراعي والصناعي وتفاقم النشاط الطفيلي والفساد . ه - تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي والاستهلاكي، وتفاقم المضاربة في العقارات والأراضي والثراء الفاحش من قطاع الدولة والعمولات . 9 - المتغيرات في التركيب الطبقي : الرأسمالية الطفيلية الإسلامية: في هذه الفترة هيمنت الفئات الغنية من طفيلية الجبهة الإسلامية على مفاتيح الاقتصاد الوطني ، وتجمعت لدى هذه الفئة ثروات ضخمة ، ومن المهم ونحن نحلل هذه الفئة أن نتناولها في تطورها التاريخي باعتبارها أحد روافد الرأسمالية السودانية التي تطورت خلال سنوات نظام النميري ، ويشير د . حيدر طه في كتابه الأخوان والعسكر ( القاهرة 1993 ) ، ص 55 إلى أن الأخوان المسلمين يملكون حوالي 500 شركة من كبيرة وصغيرة في عام 1980 ، وتصل حجم روؤس أموالهم لأكثر من 500 مليون دولار متداولة بين هذه الشركات في الداخل . وترجع أصول أغلب قادة هذه الفئة أو أصحاب الثروات منها إلى خريجي الجامعات والمعاد العليا والمدارس الثانوية ، والذين أسسو تنظيم الأخوان المسلمين في أوائل الخمسينيات في جامعة الخرطوم والمداس الثانوية وبقية المعاهد التعليمية ، وبعد التخرج عملوا في جهاز الدولة والخدمة المدنية ، وبعد انقلاب 25 مايو 1969 ، تم تشريد بعض أفرادها ، وهاجر بعضهم إلى دول الخليج وولجوا ميدان العمل الاستثماري في التجارة وتجارة العملات ، كما كدسوا الأموال التي كانت تصلهم وهم في المعارضة في الخارج ، كما اشتركوا في محاولات انقلابية مثل : محاولة انقلاب سبتمبر 1975 ، وأحداث 2 يوليو 1976 ، كما هاجر بعضهم إلى أمريكا ودول الغرب الرأسمالي وتأهل بعضهم علميا في تلك البلدان ( ماجستير ، دكتوراه .. ) ، وعمل بعضهم في النشاط التجاري في يوغندا وبعض بلدان شرق افر يقيا ، واكتسبوا خبرات وتجارب في المهجر والعمل المعارض في الخارج . وبعد المصالحة الوطنية ( 1977 ) ، عادوا للسودان وشاركوا في مؤسسات وحكومات نظام النميري ( مجلس الوزراء ، الاتحاد الاشتراكي ، مجلس الشعب ، ... الخ ) ، وتوسعوا في ميدان العمل التجاري والاستثماري وأسهموا في إدارة البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية ومؤسسات الاستثمار الإسلامية ، كما تغير اسم التنظيم تبعا لتطور الحياة السياسية ، واتخذ اسم الأخوان المسلمين في الخمسينيات من القرن الماضي ، وجبهة الميثاق الإسلامي بعد ثورة اكتو بر 1964 ، والجبهة القومية الإسلامية منذ أواخر النظام المايوي ، ثم المؤتمر الوطني الذي انشطر عام 1999 إلى وطني وشعبي . لقد كانت مؤسسات وبنوك وشركات التنظيم هي التي مولت كل نشاطاته وصرفه الكبير خلال فترة الديمقراطية الثالثة ( الانتخابات) ، وكانت تلك المؤسسات وراء خلق الأزمات الاقتصادية والأزمات في المواد التموينية من اجل نسف استقرار النظام الديمقراطي ، وكانت وراء تخزين قوت الناس في مجاعة 83 / 1984 ، كما تغلغلوا وسط الجيش باسم دعم القوات المسلحة خلال فترة الديمقراطية الثالثة حتى نفذوا انقلاب 30 يونيو 1989 بالتحالف مع مليشيات الجبهة الإسلامية بعد تكوين الحكومة الموسعة والاقتراب من الحل السلمي لمشكلة الجنوب بع اتفاق الميرغني - قر نق . وبعد انقلاب 30 يونيو 1989 تضاعفت ثروات هذه الفئة، ويمكن تلخيص أهم مصادر تراكم هذه الفئة في الآتي: أ - خصخصة القطاع العام عن طريق البيع أو الإيجار . ب - إصدار قانون النظام المصرفي لعام 1991 م والذي مكن لتجار الجبهة ولمؤسساتها من الهيمنة على قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض مما أدى إلى فقدان الثقة في النظام المصرفي. ج - التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والإعفاء من الضرائب . د - الاستيلاء على شركات التوزيع الأساسية وتمليكها لتجار وشركات خاصة . ه - المضاربة في العقارات والأراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات خاصة على مؤسسات تسويق الماشية. و - من مصادر التراكم والدعم لهذه الفئة رأس المال الإسلامي العالمي الذي دخل البلاد في التسعينيات من القرن الماضي والذي قدرته بعض المصادر ب 6 مليار دولار وأسهم في دعم النظام ومؤسساته الاقتصادية والمالية . * كما تدهورت أوضاع الفئات الوسطى التي تشمل ( الموظفين ، المهنيين ، المعلمين ، الأطباء ، ضباط الجيش ، الحرفيين ، .... الخ ) ، وتفاقمت مشكلة البطالة ، وتم تشريد الآلاف من العمل ، وزادت وتائر الهجرة للخارج ، كما زادت الهجرة الداخلية إلى المدن بسبب المجاعات وظاهرة الجفاف والتصحر وتدهور الإنتاج الزراعي والحيواني ، والنزاعات القبلية وحرب الجنوب ، والحرب في دار فور والشرق ، كما طرحت جماهير المناطق المهمشة مطالبها في التنمية والتعليم والصحة والخدمات واقتسام السلطة والثروة . هذا إضافة لتمركز الصناعات في المدن وخدمات التعليم والصحة ، فقد أوضح المسح الصناعي الأخير أن 64 % من المنشآت الصناعية الكبيرة في الخرطوم ( المسح الصناعي 2001 ) . 10 - وعن طبيعة نظام الجبهة الذي بدأ بانقلاب 30 يونيو 1989 ، فقد بدأ بحل الجمعية التأسيسية ومجلس رأس الدولة وحل الأحزاب السياسية والنقابات ولجنة الانتخابات وكل المؤسسات الدستورية التي كانت قائمة قبل انقلاب 30 يونيو 1989 ، وتم تكوين مجلس ثورة ( سلطة تشريعية ) ومجلس وزراء ( سلطة تنفيذية ) ، وتم اعتقال قادة المعارضة مع مسرحية اعتقال د . حسن الترابي ، وتم تشريد الآلاف من المعارضين السياسيين . كما تم مصادرة الحقوق والحريات الأساسية. وبعد عشرين عاما زادت المعاناة على الجماهير ، وازداد لهيب نيران الحرب في الجنوب والتي اتسعت لتشمل دار فور وشرق السودان ، حتى تم توقيع اتفاق السلام في نيفاشا يوم 9 / 1 / 2005 م ، وحدث التدخل الدولي بقرار الأمم المتحدة بتواجد اكثر من 10 ألف جندي لحماية اتفاق السلام ، واصبح السودان تحت وصاية الأمم المتحدة . ومن جانب آخر اتسعت المعارضة الجماهيرية والعسكرية للنظام ، وتم توقيع ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي في اكتو بر 1989 ، وكانت إضرابات عمال السكة الحديد 90 / 1991 ، وإضراب الأطباء في نوفمبر 1989 ، ومقاومة الطلاب التي بلغت ذروتها في انتفاضة سبتمبر 1995 ، وسبتمبر 1996 ، وانتفاضات المدن. وكان من نتائج المقاومة الداخلية وضغط المجتمع الدولي، إرغام الحكومة على توقيع اتفاقات السلام، لتبدأ معركة جديدة من أجل التحول الديمقراطي الشامل والتنمية والوحدة والسلام وتحسين أحوال الناس المعيشية
الصحافة
| |
|
|
|
|
|
|
|