مصطفى عثمان اسماعيل يغالط نفسه ويخدعها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-02-2005, 02:22 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مصطفى عثمان اسماعيل يغالط نفسه ويخدعها












    وزير الخارجية السوداني مصطفى اسماعيل في حوار شامل مع «البيان»:
    طلبت من الأميركيين التدخل في السودان بدلاً من العراق


    كشف وزير الخارجية السوداني، مصطفى عثمان اسماعيل، عن عرض سابق تقدم به الى الولايات المتحدة قبل غزوها العراق قوامه ان تتدخل واشنطن في السودان بدلا من العراق لانها لم تكن لتواجه الصعوبات التي تواجهها الآن في العراق.ورغم ذلك شن الوزير السوداني في حوار شامل مع «البيان» هجوما لاذعا على اميركا التي وصفها بـ «فرعون عريان» يرى « الكل مساوئه الا هو».

    مستعيرا قصة تراثية مشهورة كانت ضمن المقرر الدراسي في السودان عنوانها «فرعون وقلة عقله».وفي سياق انتقاداته لاميركا المتناثرة في فقرات الحوار انتقد الوزير السوداني آخر تقرير صادر من وزارة الخارجية الاميركية حول اوضاع حقوق الانسان وقال ان هذا التقرير تحدث عن الانتهاكات في كل العالم الا في اميركا!

    وبعد ان اشار الى ان واشنطن لا تملك رؤية حول حل ازمة دارفور رغم الزوبعة التي تثيرها، وتساءل الوزير السوداني عما اذا كانت ـ اميركا التي تتشدق بضرورة الاصلاح الديمقراطي في المنطقة هل سترضى بانتخابات نزيهة في لبنان تأتي بحزب الله الى الحكم؟ غير ان اسماعيل قال انه لا يستبعد ان تكون السياسات العالمية رتبت لكي يكون كل من السودان ولبنان النموذج المطلوب للاصلاح في الشرق الاوسط وفي القرن الافريقي.

    مشيرا في سياق آخر الى ان المعارضة اللبنانية اعطت نموذجا للوعي الوطني برفضها ربط الاصلاحات بنزع سلاح المقاومة.وتطرق الحوار الى اكثر من محور في الشأن الداخلي السوداني سجل في اطارها جولة وآراء اهمها ان العالم يريد ان يكفر عن تقاعسه في مذابح رواندا بالتدخل في دارفور، وان انقسام الاسلاميين في السودان فرخ بشكل او بآخر، العصبية القبلية والجهوية.
    وان محاولات اضعاف الآخر نابعة عن قصر نظر سواء من الحكومة او من المعارضة، وان نبذ الاستعلاء هو احد ادوات بناء الثقة بين شمال وجنوبها وان مشاركة ابناء دارفور في هرم السلطة والأمن امر يمكن التفاهم عليه. وان نظام «الانقاذ» حول السودان من «رجل افريقيا المريض» الى مارد اقتصادي وان المرتكزات الفكرية لهذا النظام لن تتفكك حتى اذا ذهب رموزها.


    وبعد ان اتهم «من صاغوا» المبادرة المصرية الليبية المشتركة باجهاضها، اعتبر ان اتفاقية الخرطوم للسلام فتحت الطريق لبروتوكولات نيفاشا.واشار الوزير السوداني الى ان الحركة الشعبية لتحرير السودان تملك كوادر «مرتبة ومتعلمة» قادرة على التعبير، لكنه قال انه يختلف مع زعيم الحركة الدكتور جون قرنق في تحميله الشمال المسؤولية في مآسي الجنوب

    ورغم ذلك لم يبد اسماعيل عداء حيال شعار «السودان الجديد» الذي يطرحه قرنق مشيرا في هذا الصدد الى ان هذاالمفهوم مغروس في البناء الفكري للانقاذ وفيما يلي نص الحوار:

    ـ القضية التي تواجه السودان حالياً في دارفور... لماذا احتلت قائمة أولويات المجتمع الدولي؟ وأين تتلاقى وتتقاطع أدوار الاستخبارات الأوروبية والأميركية والإقليمية؟

    ـ لقد شهدت السنوات الأخيرة تحوّلاً كبيراً في نظرة المجتمع الدولي إلى مفهوم السيادة الوطنية حيث تعالت أصوات جهيرة تنادي بإعلاء «الاعتبارات الإنسانية» على ما عداها.. وكان للمجازر التي وقعت في رواندا عام 1994 واللامبالاة التي اتهم المجتمع الدولي بإظهارها إزاء تلك المذابح أثرها في تعميق عقدة الذنب لدى المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحديداً.
    جاءت أحداث دارفور التي تختلف حجماً وأثراً وأسباباً عن مذابح رواندا في وقت اشتد فيه الضغط على الأمم المتحدة بسبب تقاعسها في رواندا فسارعت المنظمة الدولية إلى وصف ما يحدث في دارفور بالإبادة الجماعية ـ وهو حكم أثبتت الأيام خطأه ـ مدفوعة في ذلك بتخوفها من أن تتهم مرة ثانية بالتقاعس وظناً منها أن «مبادرتها» إلى التنبيه لما يدور في دارفور قد يريح الضمير العالمي الذي نام ملء جفنيه غير مبالٍ بمئات الآلاف من الجثث التي كانت تطفو على مياه الأنهار في رواندا.

    أقول ولا أنفي أن ثمة مشكلة كبيرة في دارفور لابد أن نتداعى جميعاً لمعالجتها بالوسائل السلمية وبالحوار والاستماع إلى اهتمامات أهل دارفور ذات الصلة بالجوانب التنموية والسياسية وغيرها.
    ـ هل تعتقد أن تضارب المعلومات من المبعوثين الدوليين عن أوضاع دارفور هو اختلاف مفاهيم أم أن الغرض إنهاك الحكومة وإرباكها؟
    ـ في ظني ان تضارب المعلومات مردّه الاعتماد على مصادر غير رسمية، وغالباً ما تكون لها أجندتها الخارجية. لقد تعدّدت الشواهد على تسرّع بعض المسؤولين الكبار في الأمم المتحدة وغيرها وإطلاقهم لتصريحات يتم نفيها في غالب الأحيان بوساطة الأمم المتحدة نفسها. إن الضغوط الهائلة التي تمارسها جماعات بعينها في الولايات المتحدة وأوروبا ولّدت مناخاً من الرعب دفع الكثيرين للوقوع في حبائل التسرع والاندفاع إلى إطلاق التصريحات دون تثبت أو تبيّن.
    فمن أمثلة التسرع لتصريح صدر عن رئاسة منظمة الصحة العالمية في جنيف بأن عدد الموتى في دارفور وصل إلى سبعين ألفاً، وعندما طلبنا من مكتبهم في الخرطوم ما يُثبت ذلك أصدر المكتب بياناً نفى فيه هذه المعلومة بل نفى علمه بها. كما أن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أصدر بياناً في نهاية يناير 2005 ذكر فيه أن الحكومة السودانية قصفت قرية شنقلي طوباية في دارفور وقتلت أكثر من مئة من المدنيين ثم أصدر بياناً بعد شهرين وتحديداً في يوم 16 مارس 2005 ذكر فيه إن المعلومة خطأ وإن القصف لم يحدث ولم يُقتل أحد.
    كذلك السيد إيان إيغلاند وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لا يستحي أن يأتي في كل مرة يناقش فيها مجلس الأمن قضية دارفور بكذبة كبيرة بغرض الضغط على مجلس الأمن لإصدار عقوبات على السودان.. وهكذا.. وإذا كان الهدف هو إنهاك الحكومة وإرباكها كما تقول فإنني أرى أن الأثر السالب لمثل هذه الممارسات يتجاوز ذلك إلى إرباك مسيرة تحقيق الاستقرار في السودان وتعطيل جهود اتفاق العنف والاقتتال.
    ـ هل سيستخدم المجتمع الدولي قضية دارفور كذريعة لتفكيك وهدم المرتكزات الفكرية للإنقاذ (الظهور المفاجئ لحركة إثنية من قلب مجتمع متديّن لتطرح قضية الدين في مشكلة تنموية)؟
    ـ لا شك أن لأهل دارفور قضية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بموضوع التنمية، وتأثرت دارفور مثلها مثل مناطق السودان المختلفة وربما بدرجة أكبر بالحرب في الجنوب التي أثرت على مشروعات التنمية، وكذلك الحصار الذي فرض على السودان أثناء الحرب في الجنوب.لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل بعد اتفاق نيفاشا تحتاج أي جهة في السودان لحمل السلاح؟ فتوزيع الثروة قد حسم. وتوزيع السلطة والنظام الفيدرالي وتحديد موعد لإجراء الانتخابات، كل ذلك قد تم الاتفاق عليه والحكومة ملتزمة بتنفيذه.
    هنالك مجموعات ظلّت وستظل تعمل لتحقيق هدف واحد هو تفكيك المرتكزات الفكرية للإنقاذ مثل مجموعة الناشط الديمقراطي الأميركي جون بندرقاست الذي ينشط في هذه الأيام ضمن مجموعة الأزمات الدولية. هذه المجموعات كانت تستخدم استمرار الحرب في الجنوب لتنفيذ أهدافها وعندما توقفت الحرب وتم التوقيع على اتفاقية السلام نشطت هذه المجموعات لتهاجم اتفاقية السلام نفسها. يقول جون بندرقاست في أحد لقاءاته في واشنطن في فبراير الماضي إن اتفاقية السلام لن تنفذ لأن الطرفين ـ أي الحكومة والحركة الشعبية ـ لا تريدان ذلك.
    ويستطرد قائلاً: د. جون قرنق لن ينفذ الاتفاقية لأنها ستفقده السيطرة على الجنوب، وكذلك الرئيس البشير لأنها ستفقده السيطرة على الشمال. الذي أريد أن أختم به الإجابة عن سؤالك هو أن المرتكزات الفكرية للإنقاذ لن تهدم أو تتفكك حتى ولو ذهبت الإنقاذ برموزها وشخوصها لأن هذه المرتكزات الفكرية هي ذات المرتكزات الفكرية للمجتمع السوداني، فهي ليست نظرية غريبة على المجتمع السوداني كالنظرية الشيوعية أو غيرها من النظريات المستوردة.

    فهي امتداد لأفكار الثورة الوطنية التي قادها الثائر الوطني محمد أحمد المهدي. وهي الشعارات ذاتها التي تدفعها الأحزاب السودانية الكبيرة، (الصحوة الإسلامية) «حزب الأمة»، (الجمهورية الإسلامية) «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، (الشريعة الإسلامية) «الجبهة الإسلامية القومية». والذي يدرس المرتكزات الفكرية للمجتمع السوداني اليوم يجد أن هذه الشعارات تجذّرت أكثر في الطلاب والشباب والمرأة والنقابات على مستوى القوى السياسية المختلفة.
    ؟أميركا تفتقد الرؤية
    ـ زار شارلز سنايدر مساعد الخارجية الأميركية لشؤون السودان البلاد مؤخراً، ما هي الرسالة التي حملها وما هي شروط بلاده لتطبيع العلاقات؟ وما هي وجهة نظركم في كيفية حل مشكلة دارفور؟ وهل طلب الاستجابة لمطالب حركات تمرد دارفور؟
    ـ شالرز سنايدر لم يأت بجديد في زيارته الأخيرة. ركز على أهمية تنفيذ اتفاقية السلام وفق الجداول الزمنية المحددة، وأكد تطلع الإدارة الأميركية لتطبيع علاقاتها مع السودان، وكل هذا ليس بجديد. الشروط التي كانت تضعها الإدارة الأميركية لتطبيع علاقاتها مع السودان كانت ترتكز حول توقيع اتفاقية السلام. الآن أضافت إليها مشكلة دارفور.

    للأسف حتى الآن ليست للإدارة الأميركية رؤية واضحة حول حل مشكلة دارفور، وأعني بذلك الحل السياسي ربما هي مقتنعة بأن طرح الحكومة السودانية بتطبيق ما ورد في اتفاقية نيفاشا يُشكّل حلاً مناسباً لقضية دارفور. لم يطلب سنايدر من الخرطوم الاستجابة لمطالب حركات التمرد في دارفور ربما لأنه لا يعرف ما هي هذه المطالب، بل كان أكثر انتقاداً لحركات التمرد لترددها في القبول للحل السياسي الذي تطرحه الحكومة ولانتهاكاتها المتكررة لوقف إطلاق النار.


    أعتقد أن الأميركيين أصبحوا أكثر وعياً بطبيعة الحركات المتمردة في دارفور وبدأوا يصحّحون مواقفهم السابقة والتي كانت لها آثار سالبة على الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور.

    ـ ألا تعتقد أن أحداث 11 سبتمبر شجعت الأميركيين على الضغط على الحكومة في المفاوضات التي كانت ترعاها دول الإيغاد وهل ما زالوا يستثمرون تلك النتائج على مسرح دارفور؟

    ـ أحداث 11 سبتمبر وضعت الولايات المتحدة أمام مخاطر جديدة وعدو جديد أديا لتعديل قواعد الردع والرعب كما أديا لتعديل مفاهيم القوة واستخدامها وتقدير نوع التهديد المحتمل. أصبحت النزاعات في الدول والمجتمعات تمثل مخاطر وتهديداً للأمن والسلم الدوليين. في ظل هذا المفهوم السودان ليس بعيداً لكني لا أعتقد أنه معني بصفة مباشرة مثل النزاع العربي الاسرائيلي مثلاً..

    نعم كان هنالك ضغط أميركي على الحكومة وعلى الحركة الشعبية فالحركة الشعبية لم تكن أصلاً راغبة في السلام مع الحكومة الحالية وذلك في ظل استراتيجية الحزب الديمقراطي الأقرب للحركة من الحزب الجمهوري. لكني أحسب أن الضغط الأميركي عليها جعلها تجلس للتفاوض مع هذه الحكومة والوصول لاتفاقية سلام.. نعم هنالك ضغوط أميركية للوصول لسلام في دارفور لكن الرؤية الأميركية لكيفية الوصول لهذا السلام لم تتبلور بعد كما حدث بالنسبة لقضية الجنوب.
    ؟ حركة قرنق والمستقبل

    ـ أثبتت كل التجارب أن حملة السلاح يفشلون في إدارة الدولة.. هل تظن الحكومة أن الحركة الشعبية ستنجح وما هي المبررات؟

    ـ حمل السلاح لا يمكن ان يكون غاية في ذاته.. بل هو وسيلة يستخدمها أولئك الذين يظنون أنها ستعينهم على اسماع صوتهم.. وأنا هنا لا أبارك حمل السلاح ولا أبرر أفعال من يحملونه، لكنني لا أرى مسوغاً لجماعة أتاحت لها الوسائل السلمية أن تشارك في السلطة وتقتسم الثروة لكي تلجأ لأي خيار آخر.

    دعنا ننظر إلى النصف المملوء من الكأس ونتجاهل النصف الفارغ ولنأمل أن تجيء الحركة الشعبية إلى مرحلة تطبيق الاتفاق بقلب وعقل مفتوحين وحينها لن يجد الفشل طريقه إليها. صحيح أن الذي تربى على ثقافة الحرب والعنف يحتاج لوقت لكي ينتقل إلى ثقافة السلام وهذا ما نسعى لنشره بين أولئك الذين كانوا يحملون السلاح غير أني متفائل فالحركة لديها كوادر مرتبة متعلمة تستطيع أن تساهم في إحداث التغيير المطلوب.

    ـ تتحدث الحركة الشعبية وزعيمها عن أن الوحدة الجاذبة متوقفة على تصرفات الشماليين، ما المطلوب من الشماليين عبر الالتزام بتطبيق الاتفاقية بدقة.

    وما هو الاستعلاء الذي ينبغي أن يتخلى عنه الشماليون؟ وهل الاستعلاء المقصود سياسي أم اجتماعي؟ وإذا كان الأخير هل يمكن إلغاؤه بقرارات؟


    ـ إن مجتمعاً مثل المجتمع السوداني المتعدد الأعراق والثقافات والأديان لكي تكتب له الاستمرارية والوحدة الوطنية والترابية لابد من أن يقوم على مبدأ التعايش والتساند كالبنيان يشد بعضه بعضاً فإذا أصابه خلل في أحد جوانبه تصدعت جوانبه الأخرى. لهذا فإنه من قصر النظر أن تسعى المجموعات الموجودة في الساحة السياسية الوطنية الى إضعاف بعضها بعضاً. سواء تلك الموجودة في الحكم أو في المعارضة، في الجنوب أو الشمال.


    فالمطلوب هو الاعتراف بالآخر وعدم المغالاة في محاربة وإضعاف بعضنا البعض، فالمطلوب ليس الصراع وإنما التنافس النزيه. صحيح أن الشمال بحكم الاستقرار والتقدم الموجود في بعض أجزائه مقارنة بالجنوب الذي دمرته الحرب بعد أن تسبب الاستعمار في تخلفه، بحكم أن السلطة المركزية موجودة في الشمال تقع عليه (أي على الشمال) مسؤولية أكبر تجاه بناء الثقة بين الشمال والجنوب .


    وذلك سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعبر الالتزام بتطبيق الإتفاقية ومساعدة الجنوب في الاستقرار والتنمية، لكني أختلف مع الدكتور جون قرنق في منحاه لتحميل الشمال كل المسؤولية وإظهار الشماليين وكأنهم هم أسباب كل مآسي الجنوب.. ففي الشمال مثلما في الجنوب، شخصيات وطنية قدمت الكثير للسودان بدءاً من معارك الاستقلال والعمل على تشكيل السودان الحديث في بعده السياسي والاجتماعي.


    ومن الخطأ إسقاط هؤلاء الوطنيين وتجربتهم وما قدموا للوطن والإدعاء بأننا نبني سوداناً جديداً من الصفر، فالعمل من أجل الوحدة مسؤوليتنا جميعاً ورغم أن الاتفاقية تقول بذلك لكنها يجب أن تنبع من قناعة تمكننا من العيش سوياً إذا ما جاءت نتيجة الإستفتاء لصالح خيار الوحدة. وبناء الثقة لا يتأتى بإصدار القرارات ولكن بترسيخ مفاهيم المساواة والوحدة الوطنية وعدم الإستعلاء الثقافي والاجتماعي.


    ؟مفهوم «السودان الجديد»


    ـ ألا تتوقع أنت شخصياً أن يحدث تناقض وخلاف حول مفهوم السودان الجديد ولماذا أسرعت الإنقاذ إلى تبني شعار «السودان الجديد»؟


    ـ المتحجر وحده الذي يرفض التجديد، ومن الناحية النظرية البحتة سعى مشروع الإنقاذ إلى تشكيل سودان جديد معتمد على ذاته ومعتز بنفسه.. وبهذا المعنى لا يمكنك القول أن الإنقاذ سارعت لتبني مفهوم «السودان الجديد» إذ أن السعي إلى التجديد مغروس في البناء الفكري للإنقاذ.


    أما استفسارك عن مواضيع الاختلاف والإتفاق بين مفهوم التجديد لدى الإنقاذ «والحركة الشعبية» فدعني أقول أن القاسم المشترك الأكبر بين المفهومين هو المناداة بسودان موحد كامل السيادة، ولا أريد أن أقلل من أهمية المناطق الخلافية لكنها تهون حتماً إذا ما صدقت النوايا بشأن القاسم المشترك الأعظم المتمثل في صون الوحدة الترابية السودانية والمحافظة على سيادته واحترام خيارات شعبه المتعدد الثقافات والديانات والأعراف والمتطلع لمجتمع ديمقراطي تسوده لغة الحوار والتداول السلمي للسلطة.


    ـ إلى أي مدى ستؤثر رغبة الطرفين في تحقيق السودان الجديد على تفسير بنود الإتفاقات؟


    ـ يخضع تفسير بنود الإتفاقات إلى قواعد قانونية راسخة ومتعارف عليها. والأمل معقود كما أسلفت على صدق النوايا والإقبال على مرحلة التطبيق بقلب وعقل مفتوحين واستلهام القيم الوطنية العليا التي تدعو إلى تثبيت دعائم الوحدة الوطنية ونبذ الفرقة والإنغلاق.


    ـ السودان الآن يحافظ على وحدته الشكلية لأن الإستراتيجية الدولية تقتضي ذلك وهي وحدة هشة تسببت فيها الإتفاقات ما الأسباب التي ستدفع القوى الدولية لتحبيذ فكرة الإنفصال؟

    ـ السودان في حاجة لتعزيز وتعميق وحدته السكانية والترابية هذا صحيح أما أن الإتفاقات هي السبب في ذلك فقد نختلف عليه. فالإنفصال بين الشمال والجنوب أو حتى بين الجنوب والجنوب، أماكن سيطرة الحركة وأماكن سيطرة الحكومة كان موجوداً وواقعاً معاشاً.


    كما أن استمرار الحرب يعمق المرارات بين الشمال والجنوب وبالتالي يخلق الأجواء المواتية للإنفصال ويوحد الجنوبيين ضد الشماليين، اضافة إلى التوترات التي تنشأ في أماكن أخرى من السودان تتسبب فيها حركة التمرد (الشرق والغرب، النيل الأزرق وجبال النوبة) لإضعاف الحكومة.


    فالإتفاقيات تعطي فرصة لتعزيز الوحدة والثقة بين أبناء الوطن الواحد وتزيل الحواجز التي كانت موجودة بين الجنوب والجنوب وبين الجنوب والشمال، وتساهم في معالجة التوترات التي تنشأ في أماكن مختلفة في السودان، وتضع رؤية واضحة وبجداول زمنية للتحرك في طريق الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة وبالتالي وداع دائرة العنف بين الحكومة والمعارضة.


    من الأسباب التي يمكن أن تدفع بالقوى الدولية لتحبيذ فكرة الإنفصال فشل تطبيق الإتفاقية خاصة إذا قاد هذا الفشل إلى استئناف الحرب مرة أخرى إضافة إلى تغير الإستراتيجيات الدولية حسب مصالح القوى الكبرى في المنطقة.


    ؟لبنان والسودان نموذجان


    ـ هل في تقديركم أن السياسات العالمية رتبت لكي تكون لبنان النموذج المطلوب للإصلاح في الشرق الأوسط والسودان في القرن الافريقي؟


    ـ لا أستبعد فالبلدان لبنان والسودان مرا بتجارب ديمقراطية سابقة كما أن البلدين بهما تعددية ثقافية ودينية وعرقية. ففي مثل هذا النوع من المجتمعات تكون التعددية السياسية هي البديل للجهوية والقبلية. أذكر زيارة لي لواشنطن قبيل الحرب على العراق وبعد ان انتهينا من المباحثات الرسمية انتحي بي جانباً بمكتبه الوزير كولن باول وبدأ يحدثني عن الديمقراطية وأهميتها في العراق فعقبت على حديثه بتعقيب أعتقد أنه قد تفاجأ به.


    حيث قلت له إذا كنتم تبحثون عن نموذج لتطبيق الإصلاح والديمقراطية فالأفضل هو السودان وليس العراق فاستغرب حديثي فقلت له إن تدخلكم في العراق سيكون عنيفاً وإن رحبت بكم المعارضة فستجدون مقاومة أما في السودان فتدخلكم تدخلاً حميداً لإيقاف الحرب وإحلال السلام والجميع معارضة وحكومة مرحبون بهذا التدخل ولهذا يمكن ان يكون السودان هو النموذج الأفضل وليس العراق.


    السياسة الأميركية تعتبر أن هنالك إرتباطاً مهماً بين أمنها القومي ونشر الديمقراطية أو فرضها على دول الشرق الأوسط إذن فهي لا تفعل ذلك لمصلحة شعوب المنطقة وإنما لأمنها القومي وإذا ما تبدلت متطلبات الأمن القومي الأميركي بحيث أصبحت الأنظمة التي تأتي عبر الديمقراطية التعددية في الشرق الأوسط مهدداً للأمن القومي الأميركي فسوف تغير الولايات المتحدة الأميركية من السياسات..


    خذ مثلاً الآن هناك نظامان احدهما معاد للولايات المتحدة ولكنه أتى بطريقة ديمقراطية حسب المفهوم الغربي وهو نظام الرئيس شافيز في فنزويلا، والثاني موال للولايات المتحدة ولا يعتبر ديمقراطياً حسب المفهوم الغربي كالعديد من الدول، لكن رغم ذلك نجد الولايات المتحدة تحارب الأول لضرورات أمنها القومي وتساند مجموعة الدول الثانية لذات السبب.


    ونفترض أنه جرت انتخابات حرة ونزيهة في لبنان وجاءت بحزب الله للحكم فهل ستتعامل معه الولايات المتحدة رغم دعوات الرئيس بوش لحزب الله لكي يتحول لحزب سياسي؟ فقضية الإصلاح في الشرق الأوسط مرتبطة ارتباطا وثيقاً بمفهوم الولايات المتحدة لأمنها القومي.


    ؟ مخاوف الإصلاح


    ـ تعهد الرئيس بوش في بداية ولايته الثانية بتحقيق اصلاحات ديمقراطية في العالم العربي.. هل يمكن ان يستمر في تنفيذ سياسته اذا بدا له ولأركان حربه ان أي إصلاح قد يصعد باليسار الكامن الآن أو بالتيار الاسلامي الراديكالي الناشط حالياً؟


    ـ عملية الاصلاح مطلوبة وواجبة، غير ان فرضها من الخارج تكتنفه بعض المحاذير، لابد من مراعاة الخصوصية الثقافية للمجتمع المراد اصلاحه والابتعاد عن «روشتات» الاصلاح الجاهزة المستوردة من الخارج.


    ويلزم ايضاً ان تتسم عملية الاصلاح بالشمول الثقافي والحضاري وألا تستبطن اقصاء لجماعة بعينها سواء كانت من اليسار أو اليمين اذ ان الاقصاء يولد الاحتقان المؤدي الى الانفجار.وينبغي أيضاَ عدم تعجل النتائج. وان نتذكر ان المجتمعات الغربية التي ترى ان نموذجها هو الأفضل لم تصل الى ما وصلت اليه إلا بعد مخاض عسير امتد احياناً لقرون شهدت نزاعات وحروبا وصعود تيارات وسقوط اخرى.


    مسألة اخرى في غاية الأهمية في خطة الاصلاح التي يطرحها الرئيس بوش وهي المصداقية والشفافية فعندما يسمع المواطن في العالم العربي الرئيس بوش وهو يتحدث عن أهمية انسحاب القوات السورية من لبنان لاجراء انتخابات ديمقراطية وينسى ان القوات الاميركية المحتلة موجودة في العراق وفي ظلها جرت العملية الانتخابية. ثم يتحدث الرئيس بوش عن أهمية تنفيذ سوريا لقرار مجلس الأمن 1559 بالكامل والانسحاب الفوري من لبنان وفي الوقت نفسه لا يطالب بالانسحاب الاسرائيلي من الجولان السورية أو تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.


    ؟ نموذج نيفاشا


    ـ كيف يمكن تطبيق نموذج نيفاشا في دارفور والشرق وبقية الولايات؟


    ـ أرست اتفاقية نيفاشا ببروتوكولاتها الستة أساساً متيناً لمعالجة مسألتي قسمة السلطة وتقسيم الثروة بمعنى أنها صوبت سهماً نفذ الى لب المشكلة الاقتصاد والسياسة بالطبع هناك جوانب اخرى اجتماعية ثقافية وجهوية لكنها تفرعت جميعاً من المحورين الاقتصادي والسياسي.


    ولهذا ينتظر ان تعالج الجوانب المذكورة بالتداعي، واذا اردت مثالاً تطبيقياً لكيفية انزال «نموذج نيفاشا» على قضيتي دارفور والشرق أقول لك ان نيفاشا تتيح انتخاب ولاة الاقاليم بطريقة ديمقراطية مباشرة، وبهذا تحكم الولايات بواسطة ابنائها والمسؤولين امام مجالس تشريعية مكونة من أبناء الولاية وكل هذا لا يمس بحق الولايات في المشاركة السياسية في أعلى مراقي السلطة الاتحادية المركزية.


    كما تنتخب الولايات مجالسها التشريعية الخاصة بها مع الاحتفاظ بحقها في المشاركة في البرلمان الفدرالي عبر الدوائر الجغرافية ويكون لكل ولاية دستور خاص بها لا يتناقض مع الدستور الاتحادي ولكل ولاية ان تختار ممثليها في مجلس الولايات الذي هو بمثابة مجلس الشيوخ أو اللوردات الذي يعمل جنباً الى جنب مع مجلس النواب، اما بخصوص قسمة الثروة فالاتفاقيات حددت الموارد الخاصة بالولايات وتلك الخاصة بالمركز والمشتركة، وتشترك الولايات عبر مجلس وزراء المالية في توزيع الميزانية المركزية.


    ـ مطالبة أبناء دارفور بالتمثيل في مجلس الرئاسة ألا يقتضي ذلك إعادة النظر في البروتوكولات؟


    ـ اذا كنت تقصد البروتوكولات الستة التي وقعت بين الحكومة والحركة الشعبية فإن اعادة النظر فيها غير واردة إلا اذا اتفق طرفا الاتفاق على ذلك، وهذا مستبعد بالنظر الى أننا بالكاد بدأنا مرحلة التطبيق، اما مطالب الحركات المسلحة في دارفور فإن مكان التداول فيها هو المؤتمر الجامع لابناء دارفور الذي ظلت الحكومة تدعو الى عقده وكذلك مباحثات أبوجا التي يرعاها الاتحاد الافريقي حتى يتسنى لأبناء دارفور الخروج برؤية سياسية موحدة.


    وليس هناك ما يمنع أي من أبناء دارفور في المنافسة لرئاسة الجمهورية طالما ان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجري بعد ثلاث سنوات، اما مشاركتهم خلال الفترة الانتقالية التي تسبق الانتخابات فهذا يمكن التفاهم حوله طالما ان الهدف السامي هو تحقيق السلام ومشاركة الجميع وكل شيء يهون في سبيل الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره.


    ؟ مناورات «الإنقاذ»


    ـ تسلمت «الإنقاذ» السودان حراً في قراره مستقلاً، والآن يعاني من تدخل فظ في شؤونه السياسية ومحتلاً مهما كان المسمى بأكثر من 10 آلاف جندي أجنبي، ألا ترون أنه بتفضيل «الإنقاذ» للمناورات (المبادرة المصرية الليبية، اتفاقية جيبوتي مع «الأمة»، اتفاق 97...إلخ) عوضاً عن الالتزام بالجدية، تسببت في الوضع الحالي؟


    ـ عندما تسلمت «الإنقاذ» السلطة في السودان.. كان السودان يومها ينعت برجل أفريقيا المريض وهو صف كان أدق إلى التشخيص الحقيقي، فالحرب كانت قد أكلت الولايات وعلى أبواب الخرطوم. والحكومة تبدأ التوليفة الوزارية لتبدأ بعد أشهر التوليفة الثانية..


    خمس حكومات في بحر عامين كانت ميزانية السودان تعتمد في 80 في المئة من الميزانية على الدعم الخارجي وكان يبلغ حجم الميزانية الكلي ثمانمئة مليون دولار مقارنة مع خمسة مليارات دولار ميزانية هذا العام وأكثر من 95% منها موارد ذاتية.. كانت الصفوف لكل سلعة بدءًا من الخبز الذي يهاجر إلى أفرانه قبل صلاة الفجر إلى الصابون، كان الناس يطلبون من كل مغترب يود قضاء إجازته في السودان أن يكون حاضراً في حقيبته اللبن والسكر وخلافه من المواد التموينية.


    كان «نادي البترول» أمام كل محطة وقود المبيت والقيلولة وكثير من الأماسي. وطن بهذه الأزمات ما كان يثير غيرة الأجنبي فهو في جيبه ورهن إشارته، ثم جاءت الإنقاذ فكسرت حاجز السلطة من الفوقية إلى مستوى المحلية، وافترعت شجرة التعليم أساساً وثانوي وجامعات ثم بدأ الحاكم الراشد بالحكم الفيدرالي، وأصبح البترول حافزاً في (مزيج النيل) وأصبحت السياسة الخارجية تنظر لمصلحة الوطن وليس لمكانة وغلظة التهديد والعفوية، فبدأ السودان مارداً قادراً على الفعل..


    وعلى التأثير وأن يكون نموذجاً.. لهذا بدأت الحملات وأصبح قادراً على أن يكون رقماً عصياً وصعباً، ولأن الأشجار التي لا تحمل ثمراً لا ترشقها الحجارة.. فهكذا تتراشق السهام على السودان وعلينا أن نقرأ كل هذا مع المتغيرات الإقليمية والدولية، حيث إننا لا نعيش في جزيرة معزولة.


    فقبل الإنقاذ كانت الحرب الباردة والاتحاد السوفييتي وحق النقض (الفيتو) وبعد الإنقاذ اختفى الاتحاد السوفييتي من الوجود وانتهت الحرب الباردة سيطرت قوة واحدة على مجريات الأمور في العالم، وتغير مفهوم السيادة خصماً على صلاحيات الدولة القطرية لمصلحة العولمة والشركات العابرة للقارات ومنظمة التجارة الدولية والأمم المتحدة بعد سيطرة القطب الواحد عليها. والناظر المتقصي لما يجري من حولنا يدرك تماماً هذه المتغيرات...


    أين نظام صدام حسين في العراق؟ أين نظام «طالبان» في أفغانستان؟ أين البرنامج النووي الليبي؟ هل يمكن أن نقارن بين ما يجري في الوطن العربي الآن، بما في ذلك قضية فلسطين، وبين ما كان يجري أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟ هل يمكن أن نقارن بين ما يجري في أفريقيا اليوم وأفريقيا أيام لوممبا ونكروما وسيكتوري؟


    نعم، ستنتشر بعثة الأمم المتحدة قوامها عشرة آلاف شخص لمراقبة وقف اطلاق النار وهي صورة من صور الوجود الأجنبي ولكن ما هي المقارنة قبل هذا وبعده، قبل هذا حرب قضت على الأخضر واليابس فشلت كل الحكومات بأشكالها المختلفة (عسكرية، انتقالية، ديمقراطية) في إيقافها، مرارات بين أبناء الوطن الواحد، انفصال واقعي بين الشمال والجنوب ووجود أجنبي بأشكال مختلفة وغير مقنن يبث سمومه كل دقيقة وكل ثانية، بين أبناء الوطن الواحد.


    حتى صار الغرب الأجنبي أقرب لابن الجنوب من ابن الشمال، بعد اتفاقية السلام ونشر بعثة الأمم المتحدة، توقفت الحرب، سكتت البندقية، ارتفع صوت التنمية وإعادة الإعمار، خفت المرارات والأحقاد وما زال أمامنا الكثير، رفعت الحواجز والموانع والسدود بين أبناء الوطن الواحد. ورغماً عن كل ذلك، ولو كان الأمر كله بيد «الإنقاذ»، كان يمكن أن يحدث كل ذلك دون تواجد أجنبي، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.


    أما تفضيل المناورات عن الجدية فهذا ليس ديدن «الإنقاذ» فالعالم كله يعلم أن «الإنقاذ» كانت أكثر جدية من غيرها في التمسك بالمبادرة المصرية الليبية، وهي ردت عليها بالإيجاب دون تحفظ رغم أنها لم تشارك في صياغتها، فالذين اجهضوها هم أولئك الذين صاغوها ربما تكتيكياً.


    أجهضوها بتوضيحاتهم أو إصرارهم على إضافة بند حق تقرير المصير وهم يعلمون أنها ترفض ذلك من حيث المبدأ، اتفاق جيبوتي وقد كان لي شرف التوقيع عليه من جانب الحكومة، يكفي انه أتى بالسيد الصادق المهدي وحزبه لداخل السودان ومارس نشاطه السياسي بالداخل وعقد مؤتمر حزب «الأمة» وكذلك «كيان الأنصار»، ولم نسمع ولو مرة واحدة ان الحكومة وضعت العراقيل أمام حركة الصادق المهدي.


    صحيح اننا فشلنا في الوصول لتفاهم معه حول المشاركة في السلطة وصحيح ان بعض المعوقات قد حدثت لكن تبقى اتفاقية جيبوتي معلماً في طريق سعي القوى السياسية السودانية للوصول إلى وفاق يخدم الوطن. اتفاقية 97 ما زال بعض من وقعوا عليها مشاركين في الحكومة المهندس جوزيف ملوال وزير الكهرباء ورئيس «جبهة الانقاذ الديمقراطية» بل هم الذين يتولون أمر الجنوب على مستوى مجلس تنسيق الولايات الجنوبية الذي يرأسه د.رياك قاي..


    ولولا الحرب الشرسة التي شنت على الاتفاقية من قبل «الحركة الشعبية» وغيرها من القوى السياسية داخل وخارج السودان لنجحت الاتفاقية واقتصرت الطريق وأوقفت الحرب قبل مدة طويلة، ولكن يكفي أن نقول ان الاتفاقية وضعت الأساس الذي قامت عليه اتفاقية السلام الحالية بل هي التي فتحت الطريق إليها لما تضمنته من حلول لكثير من القضايا.


    ـ هناك من يقول ان «الإنقاذ» ترفض التعددية الحقيقية في الحياة السياسية ولكنها تمارسها بشكل واسع داخلها مما انعكس سلباً على قراراتها وموقفها وصورتها الدولية .. كيف ترد؟


    ـ بغض النظر عن الحكم القطعي الذي يلوح في ثنايا الجزء الأول من سؤالك خاصة وان «الإنقاذ» هي الحكم العسكري الوحيد الذي عمل وبطوعه واختياره ونتيجة لقراءة صحيحة للواقع السوداني على صياغة وإجازة دستور يقر التعددية السياسية وهو دستور 1998م الذي يعمل به حتى الآن.


    أنا اعتقد أننا جميعاً سنحتكم إلى دستور أفتى بوضوح ان الحياة السياسية ستقوم على أساس ديمقراطي تعددي.. ولعل التجربة العملية ستوضح بجلاء ما إذا كانت «الإنقاذ» ملتزمة بما ورد في الدستور.أما إشارتكم إلى تبني «الإنقاذ» لنهج تعددي في مؤسساتها الداخلية فهو مما يحسب لنا ولعل الكوادر التي تربت على الممارسة الديمقراطية هي الأقدر على بسط ذات الديمقراطية والشورى في تعاملها مع الكيانات الأخرى..


    وأني لأرجو صادقاً أن تبادر بقية الأحزاب والكيانات السياسية إلى ترسيخ مفاهيم الممارسة الديمقراطية داخلها عن طريق عقد المؤتمرات العامة وانتخاب القيادات عن طريق الاقتراع وتجديد دماء القيادات مما سينعكس إيجاباً على الحياة السياسية بمجملها.


    ـ هل تسعى القوى الدولية عبر محاكمة مرتكبي جرائم حقوق الإنسان في دارفور بإرساء سابقة المحاكمة من هذا النوع في السودان؟ وسواء تم ذلك في الداخل أو الخارج ومن ثم الانتقال إلى قضايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ظل يتحدث عنها المجتمع الدولي منذ مجيء الإنقاذ؟


    ـ لعل السودان يعد من أكثر الدول التي صوبت لها سهام النقد بسبب وضع حقوق الإنسان فيه، ومع إقرارنا بوجود انتهاكات مردها الوضع غير الطبيعي الذي كان سائداً جراء النزاع المسلح في الجنوب والأزمة التي نشبت مؤخراً في دارفور إلا ان قناعتنا راسخة بأن الاعتبارات السياسية قد أطاحت بكل ما عداها من اعتبارات قانونية ودولية لدى هؤلاء الذين ما فتئوا يسارعون إلى الهجوم على سجل السودان في مجال حقوق الإنسان.


    لقد أصبح التسييس المفرط وازدواجية المعايير والانتقائية سمات تميز سياسات الدول الغربية إزاء مسائل حقوق الإنسان، لا تخجل هذه الدول من إغماض أعينها عن أحداث في جسامة ما دار في أبوغريب وغوانتانامو والقصف العشوائي للمدنيين في العراق وأفغانستان ونراها تذيع البيانات وتقدم النصائح المجانية لدول بعينها يعلم القاصي والداني أنها تمر بظروف استثنائية تترك بالضرورة آثارها على وضع حقوق الإنسان.


    لكن مثل هذه المعايير المزدوجة أصبحت مكشوفة وتنامي وعي الآخرين، ومن شواهد ذلك تواضع الأفارقة على بلورة موقف موحد من مسألة حقوق الإنسان وتشكيل المجموعة الأفريقية في الأمم المتحدة حائط صد منيعاً في وجه الممارسة الغربية المقيتة التي «ترى الشوك فوق الورود وتعمى أن ترى فوقه الندى إكليلا».


    لقد صدر مؤخراً التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الأميركية حول حالة حقوق الإنسان في العالم ورغماً عن صدوره بصورة انتقائية وغير حيادية إلا إن هذا ليس هو المشكلة الرئيسية فيه، فالخجل ان التقرير تحدث عن حالة حقوق الإنسان في كل دول العالم إلا دولة واحدة هي الولايات المتحدة نفسها.


    عندما كنا في المدارس الابتدائية ضمن القصص التي كنا ندرسها في كتاب المطالعة العربية قصة بعنوان (فرعون وقلة عقله) حيث يخرج فرعون الملك على جنوده وحاشيته عارياً كيوم ولدته أمه وهو يتبختر وكل الجنود والحاشية والحضور ينظرون إليه ويعلمون انه عار من ملابسه إلا هو لقلة عقله يظن أنه يرتدي أفضل الثياب.


    فالعالم كله يعرف ما دار وما يدور في سجن أبو غريب في العراق وفي غوانتانامو وفي أفغانستان بل في داخل الولايات المتحدة نفسها إلا أن الإدارة الأميركية التي أصدرت تقريرها تحدثت عن العالم كله إلا ما تفعله الإدارة الأميركية.


    ؟ الجهوية والقبلية


    ـ ما مدى مسؤولية الحركة الإسلامية عن تعميق الجهويات في السودان؟


    ـ الحركة الاسلامية السودانية في منشأها وممارساتها تعتبر الأبعد مقارنة بالحركات الإسلامية الأخرى من التحزب والجهوية والقبلية. فبالرغم من أنها نشأت حركة سنية جهادية إلا أنها لم تكن في يوم من الأيام في خصومة مع الحركات الشيعية كما كان حادثاً للعديد من الحركات السنية الأخرى. هي كذلك لم تتعصب حتى لأي مذهب من المذاهب السنية المعروفة فلم نسمع مثلاً أنها تتبنى المذهب المالكي أو الحنفي أو الشافعي.


    وكحركة سياسية ومنذ تأسيسها كانت ضد الجهوية والعنصرية فضمت منذ أيامها الأولى من الجنوب والشرق والغرب والشمال فكانت متميزة في هذا المجال مقارنة بالقوى السياسية الأخرى التي تجدها تحتضن في مناطق السودان المختلفة قبائل وحركات جهوية فمثلاً في دارفور كان معروفاً أن حزب الأمة يدعم القبائل العربية بينما الوطني الاتحادي يدعم القبائل الأفريقية فقد نجحت الحركة الاسلامية ان تبني مجتمعاً قائماً على الإخاء ورابطة الجماعة وقوة الإيمان والفكرة.


    لكن رغم التحديات والمؤامرات الاقليمية والدولية نستطيع أن نقول ان الانشقاق الذي حدث للحركة الاسلامية مؤخرا قد أصاب هذه المفاهيم إصابة عظيمة فالانقسام وما تلاه من احتراب قسم الناس إلى قسمين قسم جلس متفرجاً على ما يحدث وقسم انتظم إلى طرفي النزاع.


    فالقسم المتفرج ملأ فراغه الذي حدث بالبحث عن قبلية أو جهة أو مذهب جديد، وطرفا النزاع ضعفا إلى حد رابطة الجماعة فيهما بل ان بعض أفرادها لجأ إلى قبيلة أو جهته طلباً للنصرة أو للاستقواء على الطرف الآخر ولعل ما حدث ويحدث في دارفور والشرق أفضل مثال لذلك.


    غير أنني على ثقة من أن الحركة الاسلامية تظل هي الأقدر على محاربة الجهوية والعنصرية متى ما تعافت من أمراض الانشقاق التي أصابتها ذلك لأن اساسها الفكري الاسلامي يرفض الجهوية والعنصرية، فصحيح العقيدة المفهوم الشامل للاسلام وما لديها من السبق والتجربة العملية يدعم ذلك.


    الخرطوم ـ حوار: محمد عبدالسيد














    (عدل بواسطة الكيك on 04-02-2005, 02:29 AM)

                  

04-02-2005, 04:39 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مصطفى عثمان اسماعيل يغالط نفسه ويخدعها (Re: الكيك)

    Quote: غير أنني على ثقة من أن الحركة الاسلامية تظل هي الأقدر على محاربة الجهوية والعنصرية متى ما تعافت من أمراض الانشقاق التي أصابتها ذلك لأن اساسها الفكري الاسلامي يرفض الجهوية والعنصرية، فصحيح العقيدة المفهوم الشامل للاسلام وما لديها من السبق والتجربة العملية يدعم ذلك.


    و الله عفيت منه ... لأنه زول عينه قوية ... فكل ما فعله في هذا الحوار هو انه قد ضر عيشه علي الرغم من كثرة الريح الصرصر العاتية ... و لكني ارجو منه ان يتق الله في نفسه قبل الآخرين/ات... لان ما ختم به حديثه اقل ما يقال عنه هو انه كلام الطير في الباقير.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de