فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 07:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-14-2008, 10:13 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان

    دعا إلى ثورة شعبية تطيح بالحكومة
    الترابي : رجال الدين الحكوميون يحللون ويحرمون لكسب ود السلطان
    بورتسودان: محمد عثمان
    دعا زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي، الشعب السوداني الي الخروج في ثورة شعبية تلقائية لتغيير نظام الحكم الذي جاء بالقوة ، وقال" لابد ان يزاح بالقوة" .
    وابلغ الترابي، المئات الذين احتشدوا في نادي البجا ببورتسودان امس قائلا " كلكم رأيتم ماذا فعل الشعب السوداني لتغيير نظام عبود في ثورة اكتوبر الشعبية التي نبعت من عمق الجماهير" ، واضاف لا تتوقعوا ان تتم محاكمة مرتكبي مجزرة بورتسودان التي راح ضحيتها 22 مواطنا منذ ثلاثة اعوام.
    واتهم الترابي، الحكومة بعدم احترام الدستور والقانون ، وقال مخاطبا اسر الضحايا «إن الله سيقتص لكم حقوقكم يوم القيامة وان دماء الابرياء لن تروح هدرا»، وشن هجوما عنيفا على رجال الدين المقربين من السلطان ، وقال " انهم يحللون ويحرمون - حسب قوله - لاجل كسب ود السلطان والحفاظ على رواتبهم وحوافزهم المالية ولا يخافون الله " .
    وشكك الترابي، فى ان تكون اموال الزكاة تصرف في مصارفها الشرعية ،بل تذهب الى الحكومة لتوظفها كيف تشاء دون حسيب اور رقيب ، ، واضاف " ان مطالب اهل دارفور الذين التقيتهم هي الانفصال عن السودان نسبة للاوضاع الانسانية السيئة التي يعيشها المواطنون داخل معسكرات النازحين

    الصحافة
    41/1/2008
                  

01-15-2008, 03:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 779 2008-01-14

    بين قوسين
    الترابي.. إلى أين؟

    عبد الرحمن الزومة
    كُتب في: 2008-01-14




    سألني صاحبي: ماذا لاحظت حول تصريحات الترابي الأخيرة؟ قلت له: ماذا قال؟ فقد صرت لا أحفل بما يقول، لأنه قال كل ما يريد ولا اعتقد أن في جعبته جديدا. قال لي: رأيي من رأيك غير أنني أعني أمراً آخر.. قلت له: ما هو؟ قال: ألم تلاحظ أنه صار الوحيد من (زعماء) الحزب الذي يدلي بالتصريحات؟.. ثم تساءل صاحبي كمن يحدث نفسه: أين فلان وفلان وفلان من (قادة) الشعبي؟
    انها اسئلة تطرح قضية تتعلق بقيام الحزب نفسه، ولعل الكل يذكرون الظروف التي انشئ فيها فقد أعلن الرجل تأسيس الحزب عقب (عزله) من منصب الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وهي ظروف ليست كافية لإنشاء حزب، ولهذا السبب فقد أعادت العديد من القيادات التي صحبت الرجل النظر في موقفها وعادت الى (قواعدها) التي انطلقت منها.
    هذا على النطاق (الرأسي)، أما أفقياً فقد حدثت أيضاً عمليات (تعرية) كبيرة لقواعد الحزب؛ اذ هجره عدد كبير من قطاعات الشباب والطلاب التي أفاض الرجل كثيراً في الحديث عنها وعن نصرتها لحزبه، ووصل الحال بالحزب الى أنه اختفى تماماً من قوائم المنافسات في الانتخابات الطلابية التي جرت مؤخراً. في زيارة الرجل الأخيرة لمدينة كريمة لم يجد الرجل منزلا (يبيت) فيه غير منزل الدكتور حسام صاحب صيدلية (البركل) وهو أحد أعضاء المؤتمر الوطني والذي استضافه لأسباب انسانية بحتة وذلك بعد أن أعلمه بذلك!.
    يبدو ان (نبوءة) الرئيس البشير بأنه لن يبقى مع الرجل الا من (يؤانسون) وحدته قد بدأت تتحقق غير أنني أخشى على هذه النبوءة من حدوث (انتكاسة) في ضوء الفتاوي التي أطلقها الرجل مؤخراً، والتي لقيت الاستنكار والشجب من أنصاره.
    لهذا فليس غريباً أن تتقلص وتتراجع مواقف وتصريحات الترابي السياسية الى مجرد (اجترار) لمرارات شخصية تدور حول مسائل لا علاقة لها ولا تعبر عن مواقف ثابتة لحزب سياسي له آراء ثابتة (أو متحركة) حول القضايا التي تشغل الساحة السياسية. قبل أيام فاجأتنا الصحف بتصريحات من قبيل (الترابي يرفض مقابلة البشير)، وكل ذلك لأن الدكتور مصطفى عثمان قال انه يتوقع (لقاء بين البشير والترابي) وذلك في اطار التحركات التي يقوم بها المؤتمر الوطني لجمع الشمل الوطني حول القضايا الكلية التي تهم الوطن.
    الرجل حوّل القضية وكأن اللقاء شأن شخصي، بل وصفها بأنها (اشواق) للدكتور مصطفى عثمان! (طيب مالو يا اخي؟) فلتكن أشواقاً لكنها أشواق من أجل غاية سامية! صدقني يا رجل ان الأمر ليس كذلك، لأنه لو كان كذلك لكان الرئيس البشير والله أزهد في لقائك منك في لقائه!..
    أما آخر تصريحات الرجل فقد انصبت حول (الفساد) ومكونات حكومة الوحدة الوطنية من أحزاب، فقد وصفها بأنها (ديكور)! لو جاء هذا، قال صاحبي, من (مبتدئ) في السياسة لقبلنا المسألة باعتبارها صادرة من ذلك المبتدئ، لكن صدورها من الترابي فهذا أمر عجيب. قلت له ان الرجل يبدو أنه بالفعل يبدأ (من جديد). عندما وقف الترابي أمام مجموعة من الناس في مروي لا تزيد على الـ(200) الا بقليل قال لهم: لا بأس سنبدأ من جديد! بالتوفيق!



    السودانى
                  

01-15-2008, 03:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 9006 الاثنين 2008-01-14

    مسألة

    مرتضي الغالي
    كُتب في: 2008-01-13



    حذر د. الترابي من خطورة تنامى ظاهرة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة وقال إن بعض المؤسسات الفاسدة ملك لأفراد نافذين في الحكومة يسخرونها من أجل مصالحهم الخاصة.. هكذا تحدث الرجل في ليلة سياسية ببورتسودان كما نقلت عنه الصحف مشيراً الى تزايد اعتقال الصحفيين من قبل السلطات لمجرد سعيهم لكشف الفساد وتوضيحه داخل هذه المؤسسات مضيفاً ان سياسات الإرهاب والتخويف لا زالت تمارس ضد الصحفيين على حد قوله ..!!
    ونحن من بين (آخر الناس) الذين يمكن ان يتجاهلوا أو يتناسوا مسئولية الرجل عن إيحاد البيئة التي تساعد على الانفلات المالي المؤدي الى الفساد والتي تجعل المساءلة (مرفوعة) عن الذوات بحجة ان الولاء (للمسيرة القاصدة) في مرتبة أعلى من المحاسبة لكل من (يشيل شيلة) من مال عام أو يقوم بالتخلص من أعداء هذه المسيرة بالفصل والإبعاد والتشريد بما في ذلك جواز (الضرب على الأنوف) وكسر العظام وتجاوز ذلك إلى (الأنكي) لذوى (الرؤوس القوية) من المعارضين السياسيين والنقابيين الذين يفكرون في إعتراض (مجرى التمكين) كل ذلك من الأمور التي لا اختلاف عليها ولكن تصاريف الحياة السودانية تضع الناس في محكات عسيرة فأنت لا تستطيع ان تغلق (باب التوبة) الذي جعله واهب الحياة مشرعاً في كل حين وآن ، ولكن باب المحاسبة على ما أغترفته الأيدي بحق الأخرين وحق الوطن سيظل كذلك مشرعاً ولا يحق لأحد ان يغلقه لأن من شروط التوبة رد الحقوق وجبر الضرر بعد الاعتراف على رؤوس الأشهاد بما جرى خاصة عندما يتعذر جبر الضرر في كثير من الأحوال التي راحت فيها الأرواح وانطمست فيها الحقوق وتم فيها كسر النفوس وضاعت بسببها الكثير من حقوق الأهالي وكرامة الأسر ومستقبل الأبناء والبنات دعك من الخسائر الهيكلية في خلخلة المؤسسات وضعضعة الأخلاق العامة واستباحة المعايير والاعراف وضياع حكم القانون واستشراء الفاقة وانطلاق الأوبئة الاجتماعية وانهيار مبدأ المساواة وانسداد أفق الحياة الكريمة لملايين البشر ..!
    الذين يأخذون حديث د. الترابي عن الأحوال العامة مأخذ الجد يستندون على معرفة الرجل بخفايا الأحوال السودانية لمدى يناهز عقداً من الزمان ثم يضيفون الى هذا الانطباع كون ان الرجل يعيش في قلب الطبقة والجماعة التي يشتكي الآن منها و(يعلق على رقبتها) كل هذه الأوزار التي ينثرها في لياليه السياسية في حين ان الذين يستنكفون أحاديثه الأخيرة يضعونها على ميزان مسئوليته الكبرى من الحركة الانقاذية في بداياتها العنيفة وحتى ذوراتها الأسيفة التي تم فيها إستبدال دولة المجموعة بدولة الوطن ولكن مهما كان موقف هؤلاء وأولئك فإن هذه التجربة حتى بمفارقاتها الداوية التي جعلت زعيم المؤتمر الشعبي أكثر المعارضين حديثاً عن إستشراء الفساد ومناداة بسيادة حكم القانون تعد تجربة تحمل بعض الخير والأمل في التعافي من المظالم والتداوى من الاستبداد (وسبحان الله قد يكون بعض التائبين أقوى حجة من الضحايا) ..!!


    الايام
                  

01-15-2008, 03:47 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    هذا الشيخ .. ألا يستحي ؟!

    د. عمر القراي

    (فقالوا ياليتنا نُردّ ولا نُكذّب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون) صدق الله العظيم

    في لقاءه مع تلفزيون الجزيرة ، بتاريخ 19 أكتوبر 5200 ، حاول د. حسن الترابي ، ان يبرر فعلته النكراء ، التي سماها ثورة الانقاذ ، والتي ختم بها عمله السياسي الطويل ، بشتى المبررات ، والاكاذيب ، والدعاوى .. وكان بين الحين والآخر، يضحك ضحكة صفراء ، فيما لا يستوجب الضحك ، وهو يلمح بالنقد لبقية الاحزاب ، ثم يلمز هنا وهناك ، اصدقاءه في الغرب ، ويعرض باتباعه من العسكريين، ويحملهم وحدهم ، دون مرشدهم ، ضياع الديمقراطية ، والبطش بالشعب ، وسرقة المال العام ..

    اما الانقلاب ، فانهم اضطروا اليه، على حد زعمه ، لان الغرب منعهم ان يصلوا للسلطة، عن طريق الديمقراطية .. ثم عندما حاول هو، بعد الانقلاب ، ادخال الديمقراطية ، منعه اتباعه من العسكر، وقاموا بسجنه .. واما انشغالهم بالمناصب ، وأكلهم اموال الشعب بالباطل ، فانه حدث لان السلطة كانت جديدة عليهم و(لكل جديد لذّة) !! فالحديث يجري كله ، بهذه السذاجة ، والتجاوز لوقائع التاريخ القريب ، بصورة متهافتة ، لا تجوز على أحد !! ولكن الذي يهمني منه ، الاشارات التي وردت عرضاً ، ويمكن ان نقف منها ، على فهم ، وسلوك الترابي الديني .. ذلك ان الرجل ، قد كان زعيم الاخوان المسلمين ، وزعيم جبهة الميثاق الاسلامي ، وزعيم الاتجاه الاسلامي ، وزعيم الجبهة الاسلامية القومية ، ثم مؤخراً الزعيم الروحي لثورة الانقاذ ، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي ، ثم هو بعد هذه المناصب ، والالقاب الدينية ، والسياسية العديدة ، لا يكاد يفهم من الاسلام شيئاً ولا من السياسة ما يكفي !!

    هل يدعو الترابي الى الأصول؟!

    في بداية اللقاء جرى الحوار التالي :

    (س- ما الذي حول الدكتور حسن الترابي ، من صانع لثورة الانقاذ ، الى اكبر معارض لها ؟

    ج- هذه سنة في العالم ، الثورات تتخذ بعض المبادئ العامة ، وفي سبيلها تقتحم تحديات الحياة ، وتتصدى لها ، ولكن بعد الثورات تتقلب الامور، ويصعد الى التمكن في السلطة اناس ، دفع الثورة التي تقتحم وتدمر نفسها ، قد يغريهم ان ينقلب بعضهم على بعض ، حدث هذا ، في كل البلاد مسلمة أو غير مسلمة ، في فرنسا كبار رجال الثورة ومفكروها تعرضوا الى ...

    س- هل تعتبر الثورة فشلت في تحقيق اهدافها التي قامت من اجلها ؟

    - ج- كلا !! كانت تذكرة للغرب ، ان اذا كان يصد الاسلام اذا سلك طريق الديمقراطية ، فيضطره ذلك الى ان يدفع عن نفسه ، بطريق الثورة ، فالاسلام سيثور .. وبالطبع كانت ثورة مسالمة بالطبع في السودان ، ولكن الغرب تعرض الى رد فعل اعنف من ذلك بكثير، وانبسط في قعر داره ، وفي كل ساحات العالم ، لعل ذلك يلقي شيئاً من الحكمة عند الآخرين .

    س- ما هي ؟؟

    ج-ان يعقلوا انه من الخير ان تفتح للاسلام ، وتبيح له ان يمضي للسلطة عن طريق المسالمة ، وهذا الاصل في الاسلام .. ما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم ، المدينة غازياً ، ولا منقلباً عليها ، ولكن دخل بالسلام .. ولكن ما ان يقترب الاسلام في السودان ، او في غيرالسودان ، من السلطة ، الا قمعوه ...) !!

    أرايت كيف يبرر الترابي ، انقلابه على حكومته ، بان هذه سنة عالمية ، تحدث لكل الثورات ؟ فما ميزة الجماعة الدينية اذن ، اذا كانت ستقع في نفس اخطاء الجماعات الاخرى ، التي لم تدع الدين ؟! وبعد ذلك ،يُسأل الترابي هل فشلت ثورتهم فيقول كلا !! وكأن هدفهم ، قد كان من البداية ، ان ينقلبوا على بعضهم ، ويسجنوا شيخهم !!



    والترابي يحدثنا ان الاصل في الاسلام ، هو المسالمة، فما هو الفرع في الاسلام ؟! نقترح عليه ان الفرع هو الحرب والقتال .. فان صح ذلك ، وهو صحيح دون ادنى ريب ، فالسؤال هو : ما هو المناسب لعصرنا الحاضر، الاصول ام الفروع ؟! فان قال ان الانسب هو الفرع ، فهذا ما فعله بالضبط ، حين صّعد الحرب مع الجنوب، وأعلن الجهاد ، وابتدع ملهاة (عرس الشهيد) ، ومات بسبب توجيهه ، وتحريضه ، الآلاف من ابناء الشعب السوداني ، من جنوبيين وشماليين ،في حروب أهلية دمرت الوطن.. ولكن هذا يناقض حديثه الحاضر، لتلفزيون الجزيرة !! واما ان قصد من حديثه ان ذلك خطأ ، وانه الآن يرى ان الاصل هو السلام ، وهو بذلك يدين الحرب ، ويذكرنا بان النبي صلى الله عليه وسلم ، قد دخل المدينة بالسلام ، ولم يدخلها غازياً ، أو منقلباً ، فلماذا لا يعلن في شجاعة ، انه اصبح يتفق الآن ، مع فكر الاستاذ محمود محمد طه - الذي طلما اتهمه بالكفر- وانه نادم على تآمره مع نميري على اغتياله ؟!

    فاذا كان النبي عليه السلام ، قد دخل المدينة بالسلام ، ولم يدخلها منقلباً على اهلها ، كما ذكر الترابي، فلماذا دخل الترابي الخرطوم ، منقلباً في عام 89 ، ولم يتأس بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! هل يكفي منعه الوصول الى السلطة ، ان صح ، مبرراً لمخالفته لنهج النبي الكريم ؟! ومهما يكن من امر، فان النبي صلى الله عليه وسلم ، دخل المدينة مسالماً ، لأن قرآن الفروع الذي يدعو للقتال ، لم يكن قد نزل عليه بعد .. وكان حتى اول العهد في المدينة ، يخاطب بآيات فيها روح القرآن المكي ، وتلحق باصوله ، في الدعوة بالتي هي احسن ، والصبر على اذى المخالفين .. ولكن هذا الوضع تحول حين نزلت آيات الفروع ، فأحكمت القتال ، ونسخت الاسماح ، الذي تقوم عليه آيات الاصول .

    يتواصل الحوار كالآتي :

    (س- ما العوائق التي ادت الى عدم تنفيذ ما تتحدث عنه ؟

    ج- ان السلطة بالطبع تملكها قادة ..الذين تمكنوا في مواقع السلطة قادة عسكريون ، والعسكرية مهنة تعلم الانسان ان الامر يتنزل من عل ، ولا يمكن ان يراجعه أحد اصلاً ..

    س- في النهاية هذه كانت فكرتك انت ان تقوم بانقلاب عسكري !

    ج- ظنناها ثورة !! أما الثورة الشعبية الواسعة ، في بلد كالسودان ، يمكن ان تدخل عليها العصبيات القبلية ، وان تدخل عليها البلاد من حول السودان .. فالسودان له جيرة كثيفة ، (يضحك) ويمكن ان يثور الامر الى فوضى في السودان ، ظننا ان انقلاباً محدوداً ، وطيباً ، وليس فيه سفك للدماء ، بعد ذلك بقسم ، وبعهود ، وبخطط موضوعة سراً ، ان يمضي شيئاً فشيئاً ، فينزل قيم الدين ، من حرية للجميع مسلم وغير مسلم ، مهما كان ناقداً او ناصحاً للسلطة .. وان يكون الامر كله شورى ، لا يقضى قضاء اصلاً ، الا بمجلس نيابي ، او مجلس ولائي ن او قومي .. وان يقتصر الذين يتولون السلطة على ما يتولون من اجور، والا يغريهم تمكنهم من الثروة الى الفساد ، وان يحترموا العهود الدستورية ...)

    فالترابي قد حرك اعضاء الجبهة القومية الاسلامية ، الذين كانوا في الجيش ، والذين تم تجنيدهم في الحركة الاسلامية ، منذ المراحل الثانوية ، او بواسطة المركز الاسلامي الافريقي ، الذي استغل لتدريس ضباط الجيش ، افكار الاخوان المسلمين ، ليقوموا بانقلاب عسكري ، وهو يظن انه يقوم بثورة ، فهل يمكن ان يصدق احد هذا ، حتى لو كان الترابي نفسه ؟ وهؤلاء ليسوا مجرد عسكر، حتى يستجيبوا للاوامر العسكرية فقط ، وانما هم من الاسلاميين ، فلماذا قدموا امر السلطة ، واوامرها على الاسلام ، واعتقلوا رمزه ، والقوا به في السجن ؟! ثم ماذا عن من هم ليسوا من العسكر، مثل على عثمان محمد طه ، لماذا فضلوا السلطة على زعيمهم ؟! ماذا عن المثقفين والصحفيين ، من اعضاء الاتجاه الاسلامي ، الذين كانوا يسبحون بحمد الترابي ، ثم صاروا يسبونه باقذع الالفاظ ؟! وهل حقاً ان الثورات الشعبية ، العريضة ، في السودان ، لا يمكن ان تنجح لوجود القبلية ، ولأن للسودان جيران كثيرين ؟!

    ومتى حقق الترابي ، قيم الدين ، التي تدعو للحرية للمسلم وغير المسلم ؟! هل فعل ذلك عند اعلان الجهاد على جبال النوبة ، أم عند اعلانه على الجنوب ؟! واذا كان هو يرى ان غير المسلم ، يستحق الحرية ، وله الحق ان يعتنق ما يشاء ، ولكن تلاميذه من العسكر، في السلطة ، لا يوافقون على ذلك، ويصرون على الحرب مع غير المسلمين ، من المواطنين السودانيين ، اما كان اجدر به ، ان يخرج من السلطة ، مع اراقة اول دم في بداية الحرب ؟! لماذا استمر عراب الثورة ، ومرشدها ، وخاض معها ، بحور من دماء الشعب السوداني ، ثم جاء يحدثنا اليوم ، عن اصل الاسلام ، حيث الحرية حق للمسلم وغير المسلم ؟!

    لم نكن مهيئين للسلطة !!

    (س- ولكن الحركة في السودان ، تقريباً دمرت ، لان اصبح الكل بعد السلطة ، يبحث عن موقع داخل السلطة ، والذين بحثوا عن مواقع السلطة دمروا وفتتوا ، لم يعد هناك مجلس شورى ، ولم يعد هناك اشياء ، اصبح فقط مؤسسات الدولة والسلطة ، واصبح كل شخص يريد موقعاً في السلطة ، هل هذا ما حدث ؟

    ج- ما تقوله حق في واقع الأمر !! لأن الناس ظنوا ان السلطة ، قد فلتت من أصول الشرع الاسلامي ، اصول البنية الاسلامية ، منذ ان فقد المسلمون الخلافة الراشدة .. ولذلك لما عادت اليهم ، هرعوا اليها جميعاً ، يتولون المناصب فيها .. وخيار وصفوة كل الحركة ، وقياداتها كلهم دفعوا الى مواقع السلطة ، بل بسطت المواقع وزارات ولائية ، ومؤسسات ، وما نحن باشتراكيين اليها .. فكلهم اصبحوا عرضة لفتن السلطة ، ولذلك وحِل كثير منهم ، وفتن كثير منهم ..

    س- يعني افسدت السلطة في السودان الحركة الاسلامية ؟

    ج- نعم وشقتها !! الذين ما زالوا يتمسكون ويعتصمون بالمبادئ ، والذين ظنوا ان السلطة هي كل شئ ، ولذلك حدث الانشقاق الذي حدث ، ولا يعزي المرء الا ان الاحزاب السودانية كلها ، في تطور السودان الحالي، ألفت وعهدت كثيراً من الانشقاقات .

    س- ولكن هناك شعارات كانت ترفعها الحركة الاسلامية ، وهناك مسيرة من التربية ومن الاعداد ، ومن الآمال ، ومن الكلام الطيب المعسول ، الذي كان يقال سواء داخلها أو خارجها ، كل هذا تلاشى امام المناصب؟

    ج- كلا !! لأن الفقه التقليدي الذي ورثناه كله ابتعد من السلطان .. الاحكام السلطانية هذا هراء، ليس من الدين في شئ ، الكتب القليلة التي نجدها .. والصوفية التي بسطت الخلق الديني في السودان، كانت تبتعد ان يقرب الانسان من باب السلطان ، الا اذا اراد ان يتوجه نحو طريق الشيطان ، من اراد طريق الله فليدبر عن اؤلئك ، وليأوي اليه .. فما دخلنا بتربية بالتقوى الاخلاقية ، لخدمة السلطة ، ولا بهداية كاملة لاحكام السلطان في الاسلام ، دخلنا السلطة بعد ذلك، فكانت التجربة الاولى بعد ما يزيد على الالف سنة ..

    س- لم تكونوا مهيئين للسلطة ؟!

    ج- لم نكن مهيئين لكن ما ندري نحن اننا ما كنا مهيئين ..)

    ان اعتراف الترابي هنا ، بان السلطة افسدت الحركة الاسلامية ، لا تزينه فضيلة الصدق ، والرجوع الى الحق ، لانه يتجه الى تبرئة اعضاء المؤتمر الشعبي - مما وصف به بقية اتباعه- ويصفهم بانهم ما زالوا متمسكين بالمبادئ !! فأي مبادئ هذه ، التي تسمح لهم بالمشاركة لمدة عشر سنوات ، فيما يعتقدون انه باطل ؟؟ واذا كان الترابي يعترف ، بانهم لم يكونوا مهيئين للسلطة ، أكثر من ذلك انهم ما كانوا يعلمون بانهم غير مؤهلين ، فما العبرة بادعائه الآن ، انه على حق ، وان الجناح الآخر على باطل ؟ افلا يجوز ان تكون معرفته هذه ، كتلك ، وتكون الخلاصة ان د. الترابي يجهل حركته ، وهو من ثم ، اجهل بالمجتمع السوداني ، الذي قلب الحكومة ، ليحكمه بهذه الجماعة ، غير المؤهلة خلقياً وغير المهيأة سياسياً للحكم ؟!



    ومع ذلك ، يلقي الترابي باللوم على غياب الفقه الاسلامي ، المفصل ، على قضايا الحكم ، والذي يكون متطوراً على الاحكام السلطانية ، وغيرها من كتب الفقه ، كما يلوم تربية السادة الصوفية للشعب السوداني ، حيث ركزوا على البعد من السلطان .. وكأنه يريد ان يقول، لوان هنالك فقه مكتوب ، ومفصل ، عن كيفية الحكم ، ولو ان الصوفية ربوا الشعب السوداني، على عدم رفض السلطة ، لما فشلت تجربة الحركة الاسلامية في الحكم في السودان !! ومعلوم ان الحركة الاسلامية، التي يقودها الترابي ، لم تتاثر بالصوفية ، بل كانت عبر تاريخها ، اقرب للوهابية ، المعادية للتصوف ، ثم هي قد هرعت للسلطة ، خلافاً لراي الصوفية ، فعلى ماذا يلوم الصوفية ؟! إن الصوفية حين رفضوا السلطة ، انما كانوا يخافون على انفسهم ، من فتنتها ، وما تسوق اليه ، من الاضرار بالآخرين ، مما اعترف به الترابي الآن ، بعد التجربة الفاشلة ، أفما كان الاجدر به ، ان يقتدي بهم ، بدلاً من ادانتهم على خطأه هو ؟!

    ان خلل الفهم الديني ، عند الترابي ، يتضح في انه يعلق أمله بالفقه ، ويظن ان الخلل هو في غياب هذه المعرفة الفقهية .. والحق ان الخلل اخلاقي ، وتربوي ، وهو عجز افراد الحركة الاسلامية ، عن السيطرة على شهوات نفوسهم ، في نهب المال العام ، وفي البطش بالخصوم ، وممارسة شتى ضروب الفساد .. وهو خلل لا يدل على جهلهم باحكام فقهية ، وانما يدل على ضعف ايمانهم بالمبادئ الدينية نفسها .. وحين ذكر الترابي ، ان تلاميذه لم يتمكنوا من مقاومة نوازع السلطة ، نحو الشهوة ، عزى ذلك الى ان التجربة جديدة عليهم ، وكأن في ذلك عذر لهم !! مع انه في نفس الوقت ، حدثنا عن دولة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكم الاصحاب من بعده ، مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتناسى ان يذكر لنا ، ان تلك التجربة الناصعة ، كانت أيضاً التجربة الاولى ، لاؤلئك النفر من كرام الاصحاب ، رضوان الله عنهم ..

    تركنا المجتمع ضائعاً وهرعنا الى السلطة !!

    (س- هل هناك فوارق كبيرة بين الشعارات والمبادئ والافكار وما بين الممارسة الفعلية للسلطة ؟

    ج- نعم ، نعم !! يحدث هذا لكل الثورات .. الثورة الفرنسية بدأت بالعدالة والمساواة والاخاء ، ولكن قضت مئة عام من الارهاب ، ومن آ آ في النهاية الرجوع .. الرجوع الى نابليون حتى يرتاحوا من الفوضى .. ذلك ليس بغريب لأحد ، لم يتمكن من الهداية المنزلة المفصلة اخلاقياً على مقاومة نوازعها نحو الشهوة ، والسكر بها ، ليس ذلك ببعيد لاول تجربة له .. واول تجربة ، لا نقول انها فشلت ، بل ان التجربة نفسها تعظك ، فالله يبدل السيئات حسنات ، لأنها تعظك من ان تعود اليها.. وها نحن ابصر فقهاً وخلقاً ..

    س- لو طلبت منك في نقاط ان تقول لي ما الذي خرجتم به من هذه التجربة ؟

    ج- اولاً ان المجتمع المسلم ، يبني حياته الدينية غالبه ، لا من تلقاء السلطة .. ولكن من تلقاء الضمير المؤمن التقي المندفع المتوكل ، ومن تلقاء المجتمع المتدافع المتعاون المتآمر بالمعروف المتضابط كذلك ، وقليلاً ما يضطر الى اللجوء الى السلطة ، لو قرأنا القرآن هو كذلك ..

    س- لكن من الذي يتولى امر السلطة في النهاية من الذي يدبر شئون الناس والحياة ؟

    ج- ان يتولاها قلة ، ولكن نحن هرعنا اليها ، لانها كانت جديدة بالنسبة لنا ، فقدناها منذ مئات السنين.

    س- يتولاها القلة المؤهلون لها ؟

    ج- قلة تضبطها كثرة المجتمع ..

    س- لكن انتم عندكم الكثرة تولت ولم تعد هناك قلة تحكم ؟

    ج- نعم نعم ذلك الذي حدث تماماً .. الآن كل توجهنا اصبح حتى لو في انتخابات قادمة ( يضحك ) فزنا بغالب المقاعد فيها، ما ارسلنا ما بعثنا الى السلطة ، الا بعضاً قليلاً منا ، وبقينا في المجتمع .. لاننا نحن تركنا المجتمع ضائعاً، تركناه فارغاً ..)

    فالترابي يرفض القول صراحة بان تجربتهم فشلت ، ومع ذلك يقول بان الله ، يبدل السيئات حسنات ، لاننا يمكن ان نستفيد من التجربة ، السيئة ، بعدم تكرارها .. ولكن الله لا يبدل السيئات حسنات ، الا بعد التوبة !! واول شروط التوبة ، الاقرار بالذنب ، والعزم على عدم العودة اليه ، مرة أخرى ، ثم رد الحقوق الى اهلها !! وذنب الترابي ، باعتباره راعياً لحكومة الانقاذ ، ليس ذنباً يسيراً ، وانما هو حمل ثقيل ، من دماء القتلى ، وآلام المعذبين في بيوت الاشباح ، وضياع الملايين من اموال الشعب السوداني . واذ يغفر الله ، الذنوب المتعلقة باوامره ، لا يغفر الذنوب المتعلقة بحقوق الناس ، حتى يعفي اصحابها ، ولهذا ليس في الذنوب ، ما هو أسوا من الاضرار بالناس ..

    ما الذي خرج به الترابي من هذه التجربة ؟ خرج بان المجتمع ، وبناءه على اسس الدين ، اولى من السلطة !! وهو بذلك ، يعلن مخالفته التامة ، لكل منهج الاخوان المسلمين ، منذ سيد قطب ، حيث ركزوا على ان السلطة ، اهم من المجتمع ، واستعمالها للقهر، اولى من الموعظة الحسنة .. ورددوا كثيراً ، دون فهم ، الحديث الشريف " ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" !! والحديث يقصد ان الحاكم المسلم ، المطبق للدين في نفسه ، والمجسد لكمالاته ، ابلغ في التاثير على الرعية ، من قراءتهم القرآن ، وهو قطعاً ، لا يعني ان البطش بالسلطة ، انفع للناس من القرآن ..

    ولقد ذكر الترابي ، بأننا لو قرأنا القرآن ، لوجدنا انه يركز على التربية والمجتمع ، اكثر مما يركز على السلطة ، وهذا حق.. ولكن المؤسف ، ان الترابي لم يعرف ذلك ، الا بعد ان بلغ هذا العمر، وخاض واتباعه ، هذا التجربة المنكرة .. مع ان المسلم العادي ، الذي لم يكن زعيماً ، يعرف ان حوالي ثمانين بالمئة من القرآن ، يركز على التوحيد ، والاخلاق ، والتربية، والعبادة ، وسير الموعظة ، وان قدراً يسيراً منه ، تحدث عن امور الدنيا ، بما فيها الحكم .. وان القرآن المكي ضعفي القرآن المدني ، وهو الذي احتوى على قيم الدين ، حين حوى القرآن المدني التشاريع ، بما فيها الحكم..

    ولو كان الترابي صادقاً ، لعرف ان الحل ليس في ارسال قلة منهم للسلطة ، لأن القلة نفسها ، يمكن ان تفسد ، وتفسد المجتمع، من تحتها .. وانما الحل ان يبعدوا عن السلطة ، تماماً ، وينشغلوا بتربية الافراد ، واصلاح انفسهم ، وتقديم الخير للمجتمع . حتى اذا ساد فكرهم ، بالقناعات الحقيقية ، وليس باغراءات السلطة ، وتم للكوادر، قدر من التربية الدينية، الرفيعة ، يمكن ان يدخلوا الى معارك السياسة ، التي تقود للسلطة ..

    وبعد إعتراف الترابي ، بانهم تركوا المجتمع ضائعاً ، حدثنا بانهم يريدون ان يعملوا الآن ، وسط المجتمع ، فهل يظن ان المجتمع ، بهذه السذاجة ، ليقبلهم بعد ان تخلوا عنه ؟! وهل حقاً تركت الجبهة الاسلامية المجتمع، وانشغلت عنه ، بالمناصب ؟! لو كان الامر كذلك لكان افضل للمجتمع .. ولكن الحقيقة المؤلمة ، هي ان الجبهة لم تترك المجتمع ، بل توغلت فيه بطشاً ، واعتقالاً، وتعذيباً ، وطرداً من الخدمة العامة ، وتعبئة لحرب جائرة ، وقتل للمواطنين، وحرق للقرى ، وسلب للاموال ، واستغلالها لافساد الشرفاء من الفقراء .. وكل هذا ، تم لدعم سلطتهم، واستمرار سيطرتهم ،واستمتاعهم بهذه المناصب ، التي تركوا من اجلها ، دينهم خلف ظهورهم.

    الحركة الاسلامية ضرت المجتمع السوداني!!

    يستمر الحوار على النحو التالي :

    (س- انت تقر الآن ان المجتمع السوداني ..آ بالفعل انا آخر زيارة للسودان حينما حاولت استقرئ الواقع وجدت ان الحركة الاسلامية ضرت المجتمع السوداني اكثر مما افادته ..

    ج- نعم ، نعم !! لانها هجرته الى مواقع السلطة ، وظنت انها ..آ لكن الله سبحانه وتعالى ، يوصي النبي ويؤهله منذ مكة ، ما انت عليهم بمسيطر.. ما انت بجبار.. ذكر، اتعامل مع الناس ، ولا تستعمل المال.. لوانفقت ما في الارض جميعاً ما الفت بين قلوبهم .. نحن فتنة السلطة ، وجدّة السلطة علينا ، ولكل جديد لذة طبعاً ، هي صرفتنا عن المجتمع.. الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الامر .. ان المجتمع وثقافته ومجتمعه واعرافه أولاً ، لا يعني ذلك ان نترك السلطة تنعزل، وتنفصل عن الدين، ولكن تتم الدين وتكمله فقط .

    س- يعني بناء المجتمع هو الاساس بالنسبة لكم ؟

    ج- آه طبعاً قطعاً والحضارة كذلك ..

    س- لواستقبلت من امرك ما استدبرت هل كنت ستسعى لعمل انقلاب89 ؟

    ج- كلا .. الآن فقط، كذلك مما نفعني ، عدت أقرأ تاريخ الأمة المسلمة ، لا الأمة المسلمة وحدها ، بل تاريخ كل الأمم .. وجدت ان أهل الحرب والجند والعسكرية ، دائماً تقوم على الاسروعلىالقوة ، لانها تتعامل مع الآخربالقوة ، بالضرب .. فلذلك كنا ظننا ان الثورة يمكن ان تعيد لان الثورات هي التي اعادت الديمقراطية الى اوربا ، ولكن نسينا ان الثورات عقبتها عهود من الارهاب والطغيان وبعد عهود متطاولة ، تنزلت القيم ، قيم الثورة الى الواقع، واصبحت جمهوريات ديمقراطية في الواقع ، فلو استقبلنا من امرنا ما استدبرنا قطعاً لن نلجأ الى العسكر ..

    س- هل ادخلت شيئاً جديداً او تطويراً او تغييراً لفكرك السياسي ، خلال المرحلة الاخيرة ؟

    ج- طورت اصول الفكر السياسي كتبتها منذ زمن ، قبل ان اعتقل منذ ايام نميري وقبله ، وهي مطردة المعاني مطردة ، ولكن الآن شواهدها من التجارب والتاريخ اثرتها وغذتها .. وكذلك رؤيتي لتفاسير القرآن التقليدية ، لا تكاد تجمع لي رؤية القرآن .. كذلك الآن في السجن ، في قضايا المرأة ، وقضايا الصلاة والصيام والحج ، كل هذه الشعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس ، أعرافاً وصوراً واشكالاً واذكاراً كللغو على اللسان.. ولكن الآن نمت افكاري وتبدلت جداً، بالتجارب وبالتامل في السجن )

    فالترابي اذن ، يقر هنا ، انه كان يقدم امر السلطة على امر المجتمع ، وان الحركة الاسلامية اضرت بالمجتمع السوداني ، لأنها هجرته الى مواقع السلطة ، خلافاً لنهج النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي اوصاه به الله ، وانه بعد التجربة تعلم ويقول (الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الامر)!! وهو لم يكن يجهل الفقه الديني ، في المفاضلة بين اولوية المجتمع أم السلطة ، فحسب ، بل كان يجهل السياسة ايضاً ، ويجهل التاريخ ، ومآل الثورات العنيفة ، الى صور من البطش والطغيان ( الآن فقط كذلك مما نفعني عدت أقرأ تاريخ الامة الاسلامية) !! أكثر من ذلك !! كان الترابي يجهل شعائر الاسلام ، الاساسية ، ويمارسها لغواً باللسان ، دون ان تترك اثرها في قلبه ، وعقله ، ويقول (وقضايا الصلاة والصيام والحج كل هذه الشعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس أعرافاً وصوراً واشكالاً واذكاراً كاللغو على اللسان ) !! السؤال هو : ما الذي أهّل الترابي ، لقيادة الحركة الاسلامية ، وهو لا يعرف اسس الاسلام ، ولا بديهيات السياسة والتاريخ ؟!

    والترابي يخادع الشعب ، بهذه العبارات ، لان هذه ليست اول مرة يهرع واتباعه للسلطة ، ويحاولون تطبيق القوانين، وفرضها بالقوة ، قبل تربية المجتمع .. فقد حدث ذلك ، في عهد نميري ، وفشلت قوانينهم الاسلامية ، وكانت من اسباب انتفاضة مارس ابريل التي اطاحت بنظام نميري .. وقد اختلف معهم نميري بعد ذلك ، وسجن الترابي ، فهذه ليست اول مرة يجد فرصة التامل ، في السجن، فلماذا عرف كل هذه الاخطاء ، وتعلم الشعائر، في هذا السجن بالذات ؟!

    من كل عشرة اسلاميين تسعة فاسدون !!

    (س- دائماً تتحدث عن الفساد في السلطة وفي مؤتمر صحفي قلت ان السلطة في السودان افسدت تسعة من كل عشرة من الذين شاركوا فيها من الاسلاميين ؟

    ج- تلك ايام مضت ، بدأت ظواهر فساد فقلت بضع في المئة ، وتحدثت عن ان البضع قد يبلغ تسعاً ولكن كثير من الذين من حولي قالوا نسي صفراً (يضحك) ، ولكن تفاقمت ، تفاقمت الآن ، لا نقول انها بضع ...

    س- كيف يفسد الذين يحملون الشعارات الاسلامية ؟

    ج- من الرقيب عليك اصلاً ، ما هي موارد الدولة البترول والضرائب و..

    س- ما اشكال الفساد ؟

    ج- المال ياتيك عفواً ، لم تكسبه حتى تقدر قيمته بعرقك وبجهدك ، ياتيك عفواً ولا يراقبك احد، والمحاسبون كلهم تحتك ، يكتبون ما تامر به.. ومن العسير على المرء بغير ضابط حتى ان يتذكر في الغيب الله سبحانه ونعالى وبعد ذلك يطلق يده .

    س- هل تكون السلطة على الفساد من خلال المجتمع ومن خلال المؤسسات ؟

    ج- الآن في السودان الناس يشتكون كثيراً قد يبلغون بها ..

    س- اما تشعر بالمسؤولية عن ذلك ؟

    ج- طبعاً السلطة المطلقة تفسد ، استعمال السلطة ضد المعارض الا تسمع له ، بل تسكت صحيفته تلقي به في السجن .. وضد المال العام الذي تسلبه من الناس ان تأكل اموال الناس بالباطل .. هذه الآن درس لهذه الشعوب الشعوب لم تتعلم اصل الشورى ولا المشيئة الحرة والزواج كان في اعرافنا القديمة قهراً واجباراً ومعاملاتهم كانت بشيخ يعلو على الناس فالمجتمع نفسه بنيته هذه لا تؤهله لأن يخرج حكماً حراً شوروياً متصادقاً في عهوده ..)

    وفي سؤال من مشاهد ، يقول طالما اعترف الترابي بخطئه ، فلماذا ما يزال يلهث خلف السلطة ليرتكب اخطاء جديدة ، أجاب الترابي (اولاً لا بد ان يتبين ان الحركة لم تكن حزبياً سياسياً وحسب هي كانت حركة اجتماعية وحركة ثقافية وحركة سياسية أيضاً .. وهذا الذي حدث في السياسة كان شريحة من ادائها ، لأن الآن تحررت المرأة في السودان، بدفع من حركة الاسلام ، وتعربت اللغة العربية عربت العلوم العليا وعربت السودان شماله وشرقه وغربه بدفعة من الاسلام .. وبدفعة من الاسلام وعلاقاته الدولية، دخل البترول الى السودان بدفعة من الاسلام لا من الشركات ، حتى بعلاقات من حركات الاسلام مع البلاد والاشخاص بعينهم قديمة ، كذلك بدفعة من الاسلام بدأ التضنيع في السودان الحربي الذي ينتج الدبابات.. ما كان السودان في التضنيع شيئاً مذكوراً ..فالدفع ليس كله فقط الدولة ، وكل الاخفاق حول الدولة وحسب ، لكن حتى الدولة نفسها الآن شهرت السودان .. السودان كان ذليلاً ما كان يعرف ، نذهب الى رؤساء الدول لا يعرفون اين يقع السودان في الارض .. لكن السودان اصبح اعز مكانة ورهبه كثير من الناس .. صحيح يلقون عليه تهمة الارهاب وهكذا ، لكن عزت مكانته الدولية في العالم .. والسودان الآن لاول مرة يعلم شيئاً يسمى المواطنة بتقرير مصير لحقوق الناس ، ان يتواطنوا رايهم هم ان شاءوا الا يتواطنوا لا يتواطنون مع الجنوب مثلاً ، او مع اي قطاع آخر، الناس كانوا كلهم يحكمون من الخرطوم بالقوة، على ميراث البريطانيين، اللامركزية الفدرالية ، ما سمعنا كلمة من احد ، ولا الاقليمية من احد، الا من حركة الاسلام ..)
    أول ما تجدر الاشارة اليه ، هو ان الترابي تجاهل تماماً ، سؤال مقدم البرنامج ، عن مسؤوليته عن ما حدث من الفساد .. حيث اخذ يتحدث عن انواع الفساد ،واستغلال السلطة ، الذي حدث من حكومة الانقاذ ، ولم يشر الى نفسه ، من قريب او بعيد.. ثم هو قد عزى الفساد ، الى غياب الرقابة ن مع ان ذلك من تركيبة النظام ، الذي اشرف على قيامه من البداية !!

    بعد ان ذكر لنا الترابي ، ان حركته اضرت بالشعب ، وانها انشغلت عنه بالكراسي ، وانها هرعت الى المناصب ، وان افرادها فسدوا ، وتفاقم فسادهم ، وخاضوا في اموال الشعب بالباطل، بلا رقيب ولا حسيب، وانه لو استقبل من امره ما استدبر، لما اقام حكومة الانقاذ ، جاء ليحدثنا عن ان حركته هي التي حررت المراة !! وهي التي ادخلت البترول في السودان !! وهي التي رفعت من مكانة السودان ، وهي التي طرحت موضوع المواطنة ، وتقرير المصير، وهي الوحيدة التي دعت للفدرالية واللامركزية !!

    مثل هذا الحديث ، هو الذي جعلنا نصف الترابي بعدم الحياء .. اذ ان الشعب السوداني ، بما فيه الترابي ، يعلم ان حركته كانت على طول المدى ، ضد السلام ، وضد حق الاخوة الجنوبيين في تقرير المصير.. وانها رفضت السلام ، الذي وقعه السيد محمد عثمان الميرغني ، مع الحركةعام 1988 ، وحملت حليفها ، آنذاك ، السيد الصادق المهدي لرفض اتفاقية السلام .. وان حكومة الجبهة هي التي اهانت المرأة السودانية ، وجلدت طالبات الجامعة، لأول مرة في تاريخ السودان، على رؤوس الاشهاد !! وفرضت على المرأة السودانية الحجاب الايراني ، ومرافقة المحرم بالقوة ، وهي التي اشعلت الحروب ، التي فقدت فيها النساء اعز ما تملك ، من شرفها ، ومن فلذات اكبادها .. ولئن زاد استخراج البترول بواسطة حكومة الجبهة ، فان الشعب لم ير عائداته ، التي ذهبت في جيوب الافراد الاسلاميين ، من ضمن الفساد ، الذي وصفهم به ، شيخهم ، ومرشدهم ..

    وهل حقاً كانت حركة الاسلاميين ، بقيادة الترابي ، هي اول من طرح الفدرالية، والحكم اللامركزي في السودان ؟! أم ان الترابي يجهل تاريخ السودان ، كما جهل تاريخ الامم الاخرى ؟! فليقرأ الترابي اذن ، وليقرأ اتباعه داخل السلطة وخارجها (ان اهتمامنا بالفرد يجعلنا نتجه ، من الوهلة الاولى ، الى اشراكه في حكم نفسه بكل وسيلة ، والى تمكينه من ان يخدم نفسه ومجموعته في جميع المرافق ، التشريعية والتنفيذية والقضائية وذلك بتشجيع الحكم الذاتي ، والنظام التعاوني. ولما كان السودان قطراً شاسعاً وبدائياً فان ادارته من مركزية واحدة غير ميسورة ، هذا بالاضافة الى ما تفوته هذه المركزية على الافراد من فرص التحرر والترقي والتقدم ، بخدمة انفسهم ومجموعتهم ، لذلك فانا نقترح ان يقسم السودان الى خمس ولايات ... ثم تقسم كل ولاية من هذه الولايات الخمس الى مقاطعتين وتمنح كل ولاية حكماً ذاتياً يتوقف مقداره على مستواها ومقدرتها على ممارسته ، على ان تعمل الحكومة المركزية ، من الوهلة الاولى ، على اعانة كل ولاية لتتاهل لممارسة الحكم الذاتي الكامل ، في اقرب فرصة ، وان تمنحها سلطات اكثركل ما بدا استعدادها ويقوم الحكم الذاتي في كل ولاية على قاعدة اساسية من مجالس القرى ومجالس المدن ومجالس المقاطعات ومجالس الولايات حتى ينتهي الشكل الهرمي بالحكومة المركزية التي تسيطر على اتحاد الولايات الخمس ، وتقويه ، وتنسقه بسيادة القانون لمصلحة الامن والرخاء ، في سائر القطر)[1] .. ولقد خرجت الطبعة الاولى، من هذا الكتاب عام 1955 ، فاين كان الترابي في ذلك الوقت ؟ وهل طرح هو او اي من الجماعة الاسلامية أو غيرها حديث عن اللامركزية آنذاك ؟!



    التهافت :

    هل كان يمكن ان يدلي الترابي ، بحديث مثل هذا ، لو كان ما يزال في السلطة ؟! ام انه الآن ينقد السلطة ، كمعارضة ، ليس لها غرض الا الرجوع الى السلطة ، مرة أخرى ، وتكرار التجارب الفاشلة كما ذكر احد المتداخلين ؟ ومع ان الترابي ، هو اهم العناصر، في تجربة حكم الجبهة ، فانه يريد اي يخرج نفسه منها ، ويعين نفسه طبيباً ، للداء الذي اتى به ، ورعاه حتى شب عن الطوق فالتقمه .. وليست هذه اول مرة ، يفتعل الترابي فيها المشاكل ، ثم يوظف نفسه لحلها !! فقد قاد عام 1965 حملة المطالبة بحل الحزب الشيوعي السوداني ، وطرد نوابه من الجمعية .. وحين ابطلت المحكمة العليا ، تعديل الجمعية التاسيسية للدستور، وابطلت حل الحزب الشيوعي ، اخرج الترابي كتيباً عن المشكلة الدستورية الشهيرة ،التي كان من مستشاري مجلس السيادة، الذين ينبغي ان يسهموا في حلها .

    في ذلك الوقت ، كتب الاستاذ محمود محمد طه ( بين ايدينا الآن كتاب اخرجه الدكتور حسن الترابي باسم " اضواء على المشكلة الدستورية" وهو كتاب من حيث هو ، لا قيمة له ، ولا خطر، لانه متهافت ، ولانه سطحي ، ولانه ينضح بالغرض ، ويتسم بقلة الذكاء الفطري . ولكن خطره انما يجئ من مؤلفه ، فأنه دكتور في القانون الدستوري ، وهو قد كان عميداً من عمداء كلية الحقوق السابقين ، وهو زعيم جبهة الميثاق الاسلامي ، وهو عضو في الجمعية التاسيسية ، وهو من مؤلفي الازمة الدستورية ، وهو مع ذلك من مستشاري مجلس السيادة الذين على هدى نصيحتهم يرجى لهذه الازمة الدستورية العجيبة ان تحل )[2]!!

    د. عمر القراي

    [1] محمود محمد طه (196 أسس دستور السودان.. لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية( الطبعة الثانية) . أمدرمان : السودان ص13

    [2] محمود محمد طه - زعيم جبهة الميثاق في ميزان :1) الثقافة الغربية 2) الإسلام (الطبعة الثانية) - http://alfikra.org/books/bk014.htm

    المصدر: سودان نايل
                  

01-15-2008, 08:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    رسالة مفتوحة الي الدكتور نافع علي نافع من المحبوب عبد السلام

    4/17/2005 4:59 م
    بسم الله الرحمن الرحيم
    رسالة مفتوحة الي الدكتور نافع علي نافع
    و قماشة الأيام من خيطان غزلك و هيَّ ضافيةٌ عليك
    المحبوب عبد السلام
    لندن – أبريل 2005م

    للمرة الثانية خلال عقد واحدٍ يجد السودان المغلوب نفسه في مواجهة الشرعية الدولية الباطشة و لأسباب متشابهة و من ذات الأيدي الممسكة بمقاليد الحكم و السلطان و الأمن و الاقتصاد و الماء و الهواء منذ يونيو 1989.
    المرة الأولى كانت في يونيو 1995 فيما عرف بالمحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في أديس أبابا و هو في طريقه من المطار الى قاعة مؤتمر القمة الإفريقية، حيث انتهت اصابع الإتهام كافة الى أجهزة الاعلام السودانية التي آوت و موّلت و رحّلت المجموعة المصرية المنتمية لتنظيم الجهاد و التي نفذت و فشلت.
    الرئيس المصري ما لبث لدى عودته بلاده بعد سويعات نجاته فيما يشبه المعجزة أن صرح باتهامه للسودان، تعينه الظروف كافة و حوله: علاقات متوترة بين البلدين و اطنان من المعلومات تمده بها أجهزته عن تورط أجهزة الأمن السودانية في علاقات بلا حدود مع الجماعة الإسلامية المصرية الموسومة بالارهاب.
    أثيوبيا سلكت طريق (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا ...) ظلت لاسبوع لا تقول شيئاً و لا تتهم أحداً، و أصدرت بياناً عشية وصول فريق مشترك من المخابرات الداخلية و المخابرات الخارجية الامريكية إلى عاصمتها أنها لم تتوفر بعد على أي أدلة كافية لاتهام السودان. فرحنا ساعتئنذٍ، بل أن الخرطوم كلها قرعت الطبول للبراءة الاثيوبية، فالحبشة ما تزال كما وصفها الرسول صلى الله عليه و سلم- أرض صدق لا يظلم عند مليكها أحد و لكن الفرحة الجاهلة لم تعمر سوى بضع أسابيع و توفرت أثيوبيا على الشواهد الدامغة. خرج علينا رئيس الوزراء الاثيوبي بكلمات كأنها من مآسي شكسبير ( إن محاولة إغتيال الرئيس المصري على أرضنا إغتصاب في رابعة النهار)، وجه المأساة أن رئيس الوزراء الأثيوبي شاكلة أخرى من الرجال يرعى العهد و يمنعه وفأءه أن ينسى تاريخاً قريباً سلخ فيها سنوات من عمره في السودان و أنه دخل عاصمته فاتحاً على ظهر دبابته. لكن من الذي تردى بالعلاقات السودانية الأثيوبية و السودانية الارترية و بلغ بها كل ذلك الوحل ؟!
    في الخرطوم تزلزلت الأرض شيئاً ما و بدأت ملامح الانشقاق في الصف الانقاذي الاسلامي بارزة لأول مرة. تعطلت اجتماعات القيادة نحو شهر و اعتكف كل في بيته في أعقاب الاجتماع الشهير الذي اعترف فيه علي عثمان وزير الخارجية - يومذاك- لأول مرة امام أكثر بضع و عشرة من أعضاء الصف الأول باشتراكهم في الحادث. يعني نفسه و مجموعة جهاز الأمن في تغييب محكم لزعيم الحركة و رئيس الجمهورية، و أعقب إعترافه باقتراح شنيع زعم أنه يملك كل مبرراته السياسية و الشرعية. تغييب القيادة و الحركة ساعة الائتمار و التآمر و القرار ثم استدعائها و حشدها ساعة الانفاذ و الفشل و المأزق منهج علي عثماني راسخو مزاجٌ أمني غالب ، فالإجتماع أساساً كان من أجل ذلك المقترح الذي لم يقوّ على المضي به وحدهم. الرئيس في آخر الأمر( outsider) كما يقول الأنجليز أو (لا منتمي) بلغة كولن ويلسون و (غريب) بلغة آلبيرت كامو و يسهل توظيف، انتحى به مناجياً علي عثمان - كما يفعل دائماً – و جنده بسهولة لإقتراحه، و اجتاحتهما معاً سيول الغضبة المشيخية المضرية ساعة المساس بحدود الله أو مقاربتها الحرام، المناجاة بالإثم و العدوان حمل عليها القرآن حملة شعواء لولا أنه على قلوبٍ أقفالها و الغريب أن منهم من أدعى أنه تأمل في في سورة محمد خاصة. و الى هذا الاجتماع تحديداً تعزى أصول الإنشقاق في الحركة الإسلامية السودانية التي بلورتها فيما بعد معركة الحريات العامة و اللامركزية أو قضية الدستور و التوالي، ثم أكملت حلقتها الاخيرة مذكرة العشرة في أكتوبر 1998.

    أما المجموعة الأمنية بقيادة الدكتور نافع علي نافع فقد تجلى فيها المثل الأمدرماني البليغ (ملك الموت و قد زاره فجأة الموت). الدكتور المدير العام لم يعد نافعا لأيما اعباء ينتظر أقداره و معه حكومة الحركة الاسلامية بل و السودان كله تسونامي العقوبات الاول بتعبير قطبي المهدي – سبقه تسونامي التنقلات : الطبيب مطرف صديق مدير العمليات الخاصة إلى سفارة السودان بنيجيريا ، نائبه المهندس صلاح عبدالله قوش الى التصنيع الحربي، المهندس حسب الله عمر مدير المخابرات المضادة الى السفارة السودان بباريس ، نصرالدين محمد أحمد مدير معهد التدريب الى سفارة السودان بالقاهرة، كمال عبد اللطيف مدير ادارة الولايات الى سفارة السودان بنيروبي.
    السودان كأنه استراح من شر عظيم و جهاز الأمن يتهيأ لمرحلة جديدة بعد سنوات بيوت الأشباح، و الحركة الاسلامية السودانية قد تقف لحظة لتتأمل في أمر تلك الجماعة. الحركة الاسلامية السودانية من سماتها المدهشة التأدب الشديد مع كل من يوضع فوق رأسها و من بينهم جماعة (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغه). صحيح في السياسة البسيط إن اقالة الدكتور نافع علي نافع و مجموعته يعني اعتراف ضمني بارتكاب الجرم، و لا يشبه اقالة الرئيس السوري لمدير استخباراته بعد اغتيال الحريري، و لكن ساعة الحقيقة كانت أكبر فمغزى قرار الرئيس يشار الى أن مدير أمنه و كأنه قد تقاصر عن مسؤليته في حماية الحريري، و قرار القيادة السودانية يومها كان يقول أن السيل قد بلغ الزبى ، لولا أن الشيطان لا تعتريه فترة أو رهق.. و كذلك الدكتور نافع.
    كانت الانقاذ يومها لا تزال تغشاها نفحات من عبير فتوتها و عنفوانها فامتصت الصدمة، بل و تجاوزت الهجوم بهجوم مضاد و بدا المنطق المصري و الاثيوبي شديد الضعف أمام إعلامها الذي ترفده الآلاف الأصوات و ملايين القلوب علىامتداد ساحة العالم الاسلامي، فهم يدافعون عن مثال الاسلام الذي شخص على الأرض بعد قرون و عن أعز أحلامهم. كما وجدت مجموعة الدكتور نافع من يعطف عليها و يتعاطف معها فهم في رأي الكثيرين يومها يشملهم أجر من أجتهد و أخطأ، و انهم فوق ذلك كمن شرى نفسه ابتغاء مرضات الله، و غفرت الجماعة أو غفلت أن مقتل المستكبرين دائماً في حظوظ نفوسهم و أنهم غادروا الميدان يطون كشحاً على مستكنةٍ، لم تلبث أن عصفت بالحلم الاسلامي التاريخي و ادخلت الحركة في الفتنة الهوجاء التي امتدت السنتنا و استدارت عليهم. ارتاح الدكتور نافعفي بيته الحكومي و اختار كتاب ابن كثير تفسير القرآن ليجتاز به عزلته المفاجأة و بدى لأول مرة في التاريخ السودان الرجل المناسب في المكان المناسب، لو استطاع معه صبرا.
    و من بين الملايين التي بذلت خطاها و عرقها و دمائها و صلواتها و دعائها لتشديد صرح الحركة الاسلامية، هنالك ثلة تعتقد أن لها حق خاص في هذا الميراث و انها خلقت من رأس الإله و بينما خلق الآخرون من صدره و قدميه، و من أكثر الذين تتلبسهم مثل هذه الأوهام و تستغرقهم بالكامل هواة الاستخبار و المعلومة. من لدن "مترنخ" و حتى الدكتور نافع، دون أي ميزة واضحة من علمٍ أو أخلاق، أما اذا تناسخت شياطين الوهم مع شياطين الدولة فقد حدث الكمال.
    فقبل ان تشتغل حرائق دارفور، و التي عبرت ابشع تعبير عما تنطوي عليه نفوسهم من افكار خاطئة، قام فصيل الدكتور رياك مشار المتحالف وقتها مع حكومة الانقاذ بمبادرة فريدة لاصلاح الحال بين قبائل التماس في الجنوب و الشمال تحديدا (الرزيقات، المسيرية و الدينكا) لأنه استشعر بوادر انفراط الحال في ظل استمرار الحرب و استخراج البترول و بين يدي بشائر السلام. قام للمبادرة الدكتور كستيلو قرنق، نجل أحد أكبر سلاطين الدينكا في منطقة أويل هو السلطان رينق وصهرٌ لآخر لا يقل عنه هو السلطان عبدالباقي أكول. و لأن والده كان عضواً يشار اليه بالبنان في حزب الامة و له وشائج تليدة مع تلك القبائل العربية على تخوم الجنوب، جاء اختياره انسب ما يكون سوى أن البلاد كانت قد خلصت للدكتور نافع و جماعته في مفارقة قلبت المعادلة الى مظالمة الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب.. نافع في مستشاراً للسلام. كان الاعتراض الأول أن الدكتور كستيلو إستعان بمنظمة الدعوة الاسلامية، و المنظمة يقوم عليها الدكتور الأمين محمد عثمان، والدكتور الأمين مدهوم بأنه شعبي. قال الدكتور كستيلو للدكتور نافع: (أنا جئت من ألمانيا و لو جاءت معي منظمات أوروبا الانسانية و الكنسية لقلتم ان الجنوبيين يحبون النصارى و الخواجات، و اذا جئنا بمنظمة الدعوة الاسلامية تقولون شعبي). الاعتراض الثاني ان كوستيلو اذا ذهب الى العرب فسيقتلونه، إختار الدكتور كستيلو رداً عملياً على الدكتور نافع هذه المرة، أخذ سيارات منظمة الدعوة الاسلامية و اتصل بنافع عبر هاتف الثريا و اخبره أنه الآن في منطقة الميرم و قد استقبله اصدقاء أبيه القدامى خير استقبال و أن العرب جميعاً يرحبون بمؤتمر الصلح.
    جاءت نصيحة الكتور جليـة : (يا كـستـيـلو عــد الى الخرطوم و سافر فوراً الى بلادك المانيا). و عندما جاء كستيلو الى الخرطوم و اخبر الدكتور نافع عن الأوضاع لا تبشر بخير و أن المسيرية سيتمردون اذا شقتهم خطوط النفط دون أن تنتبه أو ترعى حاجاتهم. لم يزد قلب الدكتور الآمن دقه و هو يقول: (يا كستيلو هل تظن ان الدولة بسكويت؟ اذا تمرد المسيرية فسنلحقهم بحبوباتهم!) إلتفت الدكتور كستيلو الى ابن اخته في جواره كمن لا يفهم، فقد طال العهد بينه و بين خواص عاميتنا، لكن الاشارة جاءت لتؤكد بأن الدكتور يعني جز الرؤوس.
    حالة كستيلو أشبه بحالة تيتو عندما قال له خرتشوف لماذا لا تبتلع الجمهوريات من حولك و عندما علت الدهشة وجه تيتو أشار خرتشوف بيده الى أغوار حلقه و هو يردد: (swallow, swallow ) نافع هو خرتشوفونا، لكنه جاء بعد حمل طالت مدته و وُلِد في غير زمانه، خورتشوفونا ملك متوج على حطام مملكة، و قائدٌ بغير معركةً.
    جمع الدكتور كستيلو أوراقه و خرج و لم يعد، و تبعه كثيرون لم يعودوا (تعبان دينق، رياك مشار، د. لام أكول و آخرون) .. و ذات الذين ورطوا السودان مع الخارج أفسدوه من الداخل. قال الدكتور كستيلو للشيخ حسن الترابي أنه كان يريد مؤتمر الصلح شعبياً و لكن الجماعة رفضوا مجرد الاتصال به و بزعماء الأحزاب، و خشوا أن يذهب الفضل الى آخرين بدلاً عن مستشارية السلام. ضحك الشيخ الترابي و قال: ( هؤلاء لا يعرفون الشعب بل لا يعرفون حتى جيرانهم في بيوتهم ).. يا دكتور نافع ما أقصر الرحلة، ما أطول الثورة.. ما أعظم الفكرة ما أصغر الدولة.
    كانت الارض قد سلمت لنافع و جماعته بعد هزيمتين صاعقتين و ثالثة... و لكن الشيطان لا يفتر. الجماعة الامنية لها مرشد روحي لا يفتأ يذكرها كان ينبغي أن يذهب معها و لكن الحركة الطيبية وفقاً لنزار قباني- اختارت لي منصبا أرفعاً نائباً أولاً لرئيس الجمهورية في اعقاب استشهاد الزبير محمد صالح.
    النائب الأول على استحياء قليل وضع الدكتور نافع علي نافع فيما يشتبه أنه تخصصه وزيراً للزراعة.. و لكم ان تسألوا عن مشروع الجزيرة و المناقل و مشاريع النيل الأبيض و الأزرق و صادرات السودان الزراعية في عهد الدكتور الزراعي المختص، و لكن تلك قصة أخرى..
    كانت كلمة الدستور بغيضة للجماعة الأمنية السياسية، فهُم (دكاترة بلا حدود) إلا حدود شهواتهم المريعة، أما أن تأتي قيود الدستور بالحريات العامة و لو توالياً سياسياً ( فعلى أجسادنا) كما يحلو للدكتور أن يقول. و لكن التوالي انتصر تحت رآية الشيخ الهمام في شمس نهار الشورى و أحترقت صيحات الدكتور، خذله يومذاك الأقربون يقدمون رِجلاً و يؤخرون أخرى و لكنهم لم يخذلوه فيما وقر في قلب من كفر بالديمقراطية. و في معركة التوالي داخل صف الحركة الاسلامية الملتزم رأينا لأول مرة الفوضى التي أشعلناها في الخارج ترتد إلينا، سُنة الله التي لن تجد لها تبديلا. و لأول مرة يستعمل الترغيب و الترهيب و المخادعة في إعمال قرارت الشورى التي لا يدخلها العضو الا بقسم غليظ في مقدمة منطقية للفجور الفاحش بالخصومة الذي وقع فيما بعد على أشقاء الأمس أعضاء المؤتمر الشعبي اليوم فيما تلى من أعوام.
    قال لنا الأستاذ الكريم منير شفيق: ( جماعتكم هؤلاء في غاية العجب، كنا في منظمة التحرير الفبسطينية حول عضو في القيادة و أثبتت عليه كل ما يحدث أن يحرم من حضور الاجتماعات و يقصى من منصبه لكن لا أحد يحرمه من مرتبه أو يطرده من بيته، جماعتكم هؤلاء لمجرد اختلاف في الرأي يأخذون حتى الموبايل!!)
    وذات صباح أكمل الدكتور نافع و صحبه عدتهم للإنتصار لكبريائهم الجريحة و أفكارهم الكسيحة في معركة الرد على انتصار التوالي، و ليفاجئوا مجلس شورى المؤتمر المطني بورقة من خارج أجندته. جاء الرئيس وفقاً لنصائحهم بزيه العسكري ليضفي على الجلسة أجواء الانقلاب و الرهبة و القهر يوافي عشقهم السرمدي و يباعد عن الطبيعة الشورية المدنية الشعبية لمؤسسة الشورى.
    أطالت مذكرة العشرة التباكي على ضياع المؤسسية و الشورى و تحدثت عن الحركة الاسلامية و لم تذكر المؤتمر الوطني الذي اختطفت جلسته و أحصرت أجندته، و لكن الدكتور نافع ورفاقه كانوا يبكون على أيام جهاز الأمن حينما كانت الحركة الاسلامية ترفدهم بكل شئ و هم يشوهون مثلها و تاريخها، كانوا حانقين على فسحة الحرية حاقدين بوجه خاص على الشيخ الذي أنزلهم من عليائهم و ذكرهم بأنهم مثل سائر جنوده في معركة بناء مجتمع الاسلام قبل دولته. و مهما يكن الذي كتب المذكرة أو تلاها أو نظم أفكارها ممن التقت حماقته أو أحقادة باحقاد المجموعة الأمنية، فإن الدكتور نافع و ثلته كانوا على بصيرة من أمر معركتهم و انها ماضية حتى اقالة الشيخ و ابطال الحريات و اعادة المجد لجهازهم (ذو الشر).
    كانت الريح تجري رخاءً بالريئس البشير داخل أجهزة الحركة الاسلامية و أروقتها، لا يكاد ينازعه أحد أو يعكر عليه صفوة أيامه حتى عرض له الدكتور نافع و جماعته كما عرّض ابليس لآدم في الجنة، عادوا من هزيمة الاخراج و هزيمة التوالي بطاقة أوفر للشر و وجدوا ضالتهم في هواجس النفس البشرية و ضعفها ثم في موافاة أجندتهم السرية لأجندة النائب الأول. قال النائب الأول لكاتب هذه السطور عشية الحريق الذي أشعلته مذكرة العشرة، و قد جاء الى الاجتماع متأخراً و تسلل منه مبكراً قبل أن تحسم المداولات في أمر المذكرة بعد أن نقلت إليه بالتفصيل ما حدث.. ( هنالك مشكلة بين الرئيس و الشيخ، نعم.. و لكن لا يمكن أن تحل بهذه الطريقة، أخبروني بأنهم سيقومون بعمل يحل المشكلة و لم أتصور أن يتم بهذه الطريقة.. سنخرج من هذه الفتنة بحزبين أو ثلاثة أو أربع إلا اذا لطف الله و صفد ت الششياطين في رمضان المقبل بعد يومين).
    و بحساب السياسة البسيط - كذلك – لا تكاد تجد أي مصلحة للنائب الأول في جعل عاليها سافلها و قد عكف الرئيس و الشيخ معاً يخيطان له تاج الامارة، و مهما تكن أفكاره تتناقض جذرياً مع أفكار الشيخ فقد أثبت في مرات عديدة أنه يخلص إلى أهدافه في هدء أكثر. أما الرئيس فقد أفلحوا في بعث الفوضى في عالمه و وضعوه على حافة الجنون: (لن تكون أنت مرشح شيخ حسن للرئاسة على أية حال، سيختار محمد الأمين خليفة أو علي الحاج، الشيخ صار همه كله مع ناس الغرب... الشيخ لا يشربك و يضعك كما تفعل مع زجاجة البيبسي و لكنه يشربك و يعفصك و يلقي بك في سلة المهملات كما تفعل مع علبة البيبسي).
    يستعيد الدكتور أيام دراسته في أمريكا و يذكر كاوبوياً نزقاً فعلها لأنه لا أحد يفعل ذلك بعلبة البيبسي.
    ثم أدخلوا الفوضى الى عالم النائب الأول المعتزل المحصن، و دفعوه أن يقول في جلسة عادية للمجلس القيادي يريد أن ينقض في أسبوع واحد ما أثبتته في الاسبوع الماضي: (أنا من اليوم إنسان آخر لقد صمتُّ كثيراً و لكن كل سيوفى سأشرعها منذ هذه اللحظة).
    و كما أدخلوا الفساد و الفوضى الى اروقة القرار الداخلي للحركة أثاروا لأول مرة نتانة العنصرية و جاهليتها، و لنعرف لأول مرة - كذلك - بعد ربع قرن قضيناه في الحركة الاسلامية أن هناك شايقية و جعليين و دناقلة و أولاد غرب و أولاد بحر... و أن هنالك من يريد جنوب بلا جنوبيين... و اختاروا للفصل الخاتم من فتنتهم مناسبة شديدة الدلالة على بؤس الأخلاق و بؤس النظر، قطع الطريق على انتخاب الوالي من شعب الولاية.. القرار الذي اتخذه المؤتمر العام.
    و الذي أمَّه عشرة آلآف من كل انحاء السودان. و لهم ان يحقدوا خاصة على مؤتمر اكتوبر 1999 لأنه أفصح لهم عن أوزانهم داخل الحركة حينها أقصى كل جماعة مذكرة العشرة عن مجرد عضوية مجلس الشورى الذي يضم أكثر من ستمائة عضو. و عندما كانوا غارقين في مؤامرات الخرطوم (كان الشيخ يحاصرهم بالولايات كما فعل الإمام المهدي) بتعبير أحد الأساتذة الأجلاء. واقع الأمر أن الشيخ استفرغ وسعه في ترسيح الطبيعة الشعبية للحزب الحاكم و هم كما قال لا يؤمنون أصلاً بالشعبية، اما الذي اذاقهم مرارة الاقصاء فهم ثلة من أنصاره أدارت عليهم مكرهم و أعملوه فيهم بعد أن كان المكر و التآمر منكراً و حراماً في داخل أروقة الحركة الاسلامية، و المكر السئ يحيق بأهله على أية حال.
    وفي فاتحة أعمال ذلك المؤتمر العام تحديدا عبرت الحركة الاسلامية أو حزبها المؤتمر الوطني لحظات شديدة الأثربالغة العاطفة، إذ استشرى نبأ الخلاف و تسرب الى صحف الخرطوم و حتى الى صحف العالم، أن الشيخ و الرئيس لا يلتقيان منذ وقت طويل. و ذلكم كان واقع الحال بالفعل فقد رفضت بعض القيادات و منهم الدكتورعوض الجاز و الأستاذ ياسين عمر الامام أن يتم اللقاء على ملأ مما عرف يزمها بالقيادة الوسيطة (المجموعة الممسكة فعلا بدولاب العمل اليومي). و استعصم الشيخ يرفض أي لقاء آخر. و أخيراً تمكن كاتب هذه السطور بالذات أن يجمع الصف القيادي بما فيهم الرئيس قبل منتصف ليلة المؤتمر بقلي لفي الصالون الملحق بغرفة الشيخ الترابي الخاصة، و بمساعدة سخية من د.علي الحاج محمد و الأستاذ علي عثمان محمد طه، و قد اتسم اللقاء بكثير من المشاعر الفياضة بعد أكثر من عام على التجافي و الخلاف. و قد انتقلت تلك المشاعر الى جلسة الافتتاح صباح المؤتمر حيث أكد كلاهما أن الذي ينتظر الخلاف و الشقاق سيخيب رجائه. و تجاوب العدد الكبير من المؤتمرين بحناجر باكية و عيون دامعة سوى رجل واحد.. الدكتور نافع أقسم على الملأ أن أي خروج عن سياق خطتهم لن يكون و قد أخذته المفاجأة، فهو لحسن الحظ لمن يشهد اجتماع منتصف الليل.
    الدكتور نافع من حسناته التي لا فضل له فيها أنه لا يكاد يكتم مشاعره: و كما في تصريحاته الأخيرة بعد قرارات مجلس الأمن أنه سيرد الكأس كأسين الى أمريكا و بريطانيا و فرنسا و مجلس الامن ( يقصد الصاع صاعين) : ( أنت يا مستر مصطفى سعيد رغم المجهود الذي بذل في تثقيفك تبدو و كأنك تخرج من الغابة لإول مرة). استطاع مصطفى سعيدنا أن يبر بقسمه و يدفع أجواء المؤتمر الى عكسها تماماً و يحوله الى حلقة في مسلسل الكارثة التي بدلت ملحمة الحركة الاسلامية الى مأسأة و لعنة.
    لقد انتصر الشيخ الترابي عبر المؤتمر العام تحت رآيات الشورى و الشفافية و الوضوح و لكن طليعة الشؤم انتكست الى الطريق الذي تعرفه و تألفه.. التآمر ثم التآمر ثم الارهاب ثم القهر.. و كما توهموا أن الاغتيال تحول استراتيجي يمكن أن يغير التاريخ ، خدعوا أنفسهم بأن شق الصف الاسلامي و نقض قراراته سيمضي وفق أهوائهم. إن قرار حل المجلس الوطني الذي دفعوا اليه الرئيس عشية التعديل المرتقب للدستور ليوافي تطور خطة الحركة الموضوعة منذ سنوات هو الذي فتح الطريق أمام فتنة دارفور و فتنة الشرق و أجبرهم على قبول كل الأفكار و المبادئ التي بسطها لهم الشيخ من أصول الاسلام، و لكنهم أذعنوا لها على الأقل نظرياً و وقعوا على أوراقها تحت ضغوط الغربيين الكفارو كفى بها مذلة لمن أبى أن تكون العزة لله و لرسوله و للمؤمنين. و هي مذلة ستمضي عليهم سننها حتى النهاية و قد ساروا طريقها حذو النعل بالنعل، فبعد شق الحركة و بعد تسليم الاسلاميين و بعد تعريض البلد للتشرذم و التقسيم سيأخذ الغرب بخطام أنوفكم حتى تطبعوا مع إسرائيل في مشروع الصفقة التي قد تنجو بكم من محكمة لاهاي و لكنها لن تنجو بكم من ابتزازهم حتى يكبكم على وجوهكم في النار، و ما أحرى الدكتور نافع و ثلته بدعوة الحجاج بن يوسف: ( اللهم أغفر لي، فقد زعم أناس أنك لن تفعل). ثم قدر الله ألا يهربوا بعيداً بجريمة دارفور، أحاطت بهم دماء بريئة و أنفس استعصمت بالجبال و الوديان و الصحارى عن ظلمهم و عكفت تكتب القرآن صباح مساء. لكنهم أدركوها بالطائرات، و أكرر أن الجريمة و المجزرة ليست في عشرة آلآف ينتخبون من ينتخبون و يعضومن من يعضون و لكن الجريمة و الفضيحة أن تقصف شعبك بالطائرات مهما تكن المسوغات و الحجج سوى ما رسخ في القلب من الاستكبار و العنجهية و العنصرية و صدقه الإثم و العدوان.
    ان الذي أوقع عليكم القرارات 1590، 1592، 1593 هو ما كسبته أيديكم و ليس القوائم التي أعدها قادة المؤتمر الشعبي في الخارج - كما زعم الدكتور نافع و هو يخدع نفسه و يخادع الناس- ، ان الذي يستطيعه كاتب هذه السطور ان يكتب فيكم مثلها كل صباح و يقل لكم في أنفسكم قولاً بليغاً، و لكنه لم يفعل لأن الله سبحانه و تعالى لا يحب ذلك، و لأن بدوياً بسيطاً جاء من اغوار البطانة او مغـاويرها كما جاء الدكتور نافع لقال لنا ( كـعب الاقـربين اتفاتتـوا الامغـاس ) ولأنه أراد ان يلقي ببصره بعيداً نحو المستقبل و يغضه عن أمثالكم. أما أن جحافل ضباط الأمن الأذكياء منهم و الأغبياء المؤهلين منهم والعاطلين عن الموهبة والتأهيل إلا من رضـاً عـرقي او محسوبيـة و أرتال المرتزقة الذين تشترونهم بأموالكم وجيوش الدبلوماسيين والسفراء لم يخبروكم بحقائق العالم الصعبة، وبالذي يستطيع أن يؤثر على قرار امريكا و بريطانيا و فرنسا و مجلس الامن، و يجلبكم من آذانكم الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، و أن امساككم بمقاليد الحياة و الموت في السودان وتداولكم على المناصب في لعبة الشطرنج الانقاذية منذ ستة عشر عاماً لم يسعفكم في فهم طبيعة السياسة الدولية الراهنة و حقائقها فانها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلو ب التي في الصدور.
    و لو أن قادة المؤتمر الشعبي يقبلون المساومة على المبادئ و الأصول لجلسنا معكم في حل و سهل نرتع في أموال الشعب الحرام و نتطاول في البنيان و نحدث الناس كل يوم بلسان :

    و آل يزيد عليهم نعيم غلائل في السحن الزائفة
    و آل عليًّ عراة حفاة على الرمل يمشون في الصائفة
    و يسألنا سائل: و فيم اضطرراكم و المرارات و المحن الجمة المسرفة
    وان شئتم مثل من شاء كنتم .. ففيم و فيم ؟!
    نجيب : ولكنها الحمية والمعرفة
    درجنا علي الزود عن شعبنا
    و ذلك جد مكلف
                  

01-15-2008, 08:43 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    حزب »الضرار«..!
    ش
    الانتباهة 2/7/2006
    خالد حسن كسلا
    حتى لا يضلل عمنا يس عمر الإمام الشباب والطلاب الذين كانوا أطفالاً في عهد الانقاذ الأول »عهد ما قبل قرارات الرابع من رمضان«، كان لابد أن نقف على ما كتبه بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة عشر لإنقلاب الخاتم من يونيو عام 1989م. لابد أن نعرض كل ما خطه بنانه على الحقائق ونزنه بميزان الحق دون ظلم ولا إجحاف.
    لقد حاول القيادي بحزب المؤتمر الشعبي »حزب الضرار« .. على وزن »مسجد الضرار«، حاول يس أن يصور للأجيال الجديدة وطلاب الجامعة الجدد المرحلة الأولى للإنقاذ والتي انتهت بإصدار قرارات الرابع من رمضان المجيدة بأنها أفضل مراحل الانقاذ الثلاث .. وأن ما جاء بعدها وسيأتي من مراحل تعتبر كلها مجتمعة عهد وقوع الانقاذ في براثن العمالة .
    إن يس الإمام بعد أن عدد إنجازات الانقاذ في مرحلتها الأولى .. ذهب يقول :»كان الشعب السوداني يشارك في احتفالات الانقاذ بصدق رغم الضيق والعناء الذي تكبده أيام الحصار وهو شعور بدأ يضعف تدريجياً بسبب الفتنة التي سببتها مذكرة العشرة وقرارات الرابع من رمضان« .. انتهى.
    { ولكن هل الحقيقة هي أن الشعب السوداني كان يشارك في إحتفالات الإنقاذ في مرحلتها الأولى بصدق كما إدعى يس ؟! .. إنه الافتراء المفضوح فقد كانت الانقاذ في عهد ما قبل قرارات الرابع من رمضان مثل الحكومة الشيوعية في موسك في عهد الدكتاتور استالين .. هذا من حيث الدكتاتورية وفي عهد التفويض السياسي الذي كان يتمتع به حسن الترابي شهدت البلاد إعدامات الابرياء فأعدم تجار العملة.
    واستعدى الترابي على »الانقاذ الأولى« الشعب السوداني .. بل استعدى عليها لشعوب العربية والإسلامية بتبنيه الموقف الشاذ والخطائ من إحتلال الكويت .. وباستغناء الدبلوماسي عن أهم دول الجوار
    ثم كيف يدعي يس أن شعور الشعب الطيب تجاه الإنقاذ بدأت تضعف تدريجياً بسبب الفتنة التي سببتها مذكرة العشرة وقرارات الرابع من رمضان ؟!! هل يريد أن يصبح السودان مثل بعض الدول تحكمه ولاية الفقيه، وهي فكرة لا أصل لها في الدين الاسلامي ؟! إن مذكرة الأبطال العشرة تعني تصحيح المسار وهذا تفسير يقبله كل عقل إلا عقول »حيران« الترابي .. وطبيعي ألا تقبل عقولهم ذلك . أما قرارات الرابع من رمضان حتى يس نفسه يعلم أنها جاءت على هذا الشعب برداً وسلاماً ... فأي إنفتاح بعدها ! .. وأي مصالحة ! وأي حريات ! .. وأي ديمقراطية !.. وأي انتخابات ! لقد مثلت قرارات الرابع من رمضان الفرج الذي يأتي بعد الضيق .. ومثلت الرحمة التي تأتي بعد المعاناة .
    ويقول يس : »بدأت الثورة تأكل بنيها بعد قرارات الرابع من رمضان التي تم فيها تجميد المجلس الوطني السلطة التشريعية الأولى في البلاد عبر قرار مزاجي اتخذ بليل . وكان نتاج تلك الفعلة الشنيعة تصدعاً شديداً في جدار الحركة « .. انتهى.
    أولاً : قل إن الثورة أكلت آباها الترابي وحيرانه وليس بنيها، ولكن هذا »الأب« كان يريد ديمقراطية أحادية الجانب .. أي يتمتع بها هو دون زعماء الأحزاب الأخرى .. فلماذا لا تأكله الثورة ؟! أما أن تكون قرارات تصحيح المسار الصادرة في الرابع من رمضان قد صدعت جدار الحركة الإسلامية فالحقيقة هي أن حزب المؤتمر الشعبي الذي انشئ كحزب ضرار هو الذي صدع جدارها .

    العدد رقم: 245 2006-07-12

    حديث المدينة ش
    هجرة الضمير ..!!

    عثمان ميرغني

    [email protected]


    *لا أعلم مدى صحة الحديث النبوي (أتينا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) الذي ذكر الأستاذ الطيب مصطفى أمس أنه (موضوع) وأن الذي وضعه قصد افراغ الاسلام من محتواه الجهادي المقابل للفداء بالنفس..و علماء الحديث هم الأجدر بالقطع في صحته.. لكن وبعيداً عن نص الحديث.. فالواقع أن جهاد الحياة المدنية هو الأشق وبقدر ما نجح كثيرون في الفداء سقط أكثر منهم في امتحان الحياة الرشيدة..
    *الشيخ محمد الغزالي وصف بعض الشعوب الاسلامية بأنها قادرة على (الموت) من أجل الدين لكنها غير قادرة على (العيش) بالدين.. ما ان تستنفر الهمم للبذل حتى تندفع الجموع.. نفس الجموع التي في مجتمعاتها يموج الغش التجاري والاجتماعي وتنتشر خطيئة النفاق..
    *ولماذا نذهب بعيداً فلنأخذ المثال مما نحن فيه الآن .. افترضت الإنقاذ منذ مولدها في فجر الثلاثين من يونيو عام 1989 دولة راشدة تقوم على فضيلة المجتمع المعافى.. واستنفرت الشباب للموت في سبيل الله ..ولم يكن صعباً أن يجد الاستنفار في كل مرة شباباً مندفعاً مؤمناً بالموت في سبيل الله..
    *لكن في المقابل.. الوجه المدني المتصل بصناعة الحياة لا الموت.. ظل الفساد يستشرى في أوصال المؤسسات المدنية .. وتطور من مرحلة (الفساد) إلى مرحلة (الإفساد) بمعنى أن تصبح المؤسسات ليس مجرد مواطن فساد اداري ومالي بل لتصبح أدوات (إفساد!!) لا تقبل بصالح نظيف في بيئتها .. فيعاني الضمير الحر من كدر الطهارة.. ويصبح الخيار بين أن يكون المرء أو لا يكون .. أن يكون فاسداً قابلاً بالفساد من حوله أو تلفظه المؤسسات خارجها (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) (سورة النمل:56)
    *كثيرون تركوا أو تركتهم مؤسسات الخدمة..عندما فشلوا في مواكبة النهج..وفي المقابل كثيرون قفزوا الى أعلى وتسنموا الريادة الإدارية او التنفيذية بقدر سعة تبسمهم للفساد عندما يمر أمامهم.. إما دخلوا هم أنفسهم في الحلقة المريبة ..أو أضعف الإيمان حافظوا على صمت وثير..
    *نجحت الإنقاذ في إرسال مئات التجريدات الى الحياة الآخرة .. مبجلين بحلة التنازل عن الجسد لصالح الروح الصادقة المخلصة.. لكن في المقابل.. لم ير الناس مسئولاً واحداً عن فساد المؤسسات وإفسادها يجر الى ساحة التنازل عن موقعه .. إلا لنقله الى موقع آخر.. حتى صار الشرفاء غرباء..
    *كثيرون كانوا حضوراً في ساحات المعارك عندما لبوا النداء .. لكنهم هم أنفسهم عجزوا عن رفع حرف جهير واحد عندما رأوا العدل ينهار والنفاق يطغى والذمم تشرى.. يحمل الرجل على هامته وسام عشرين معركة خاضها بقلب ثابت.. ولا يحمل في سيرته الذاتية موقفاً واحداً نطق فيه بالنصيحة عندما تكون النصيحة عربون اقالة أو تشريد من الوظيفة.. حتى جاء زمان يتولى فيه مقاليد السلطة في مختلف المواقع رجال يصومون الاثنين والخميس .. لكنهم لا يتناهون عن منكر تقع فيه مؤسساتهم .. يمارسون أعتى مراتب حفظ اللسان..والوظيفة..!!
    *لن أنسى مطلقا رجلاً سامقاً في المنصب.. عندما كنا حضوراً في جلسة تنوير رسمية... كان يجلس في المنصة وثار بيننا جدل كبير كنت اعترض خلاله على اجراء رسمي ويحاول هو اقناعي من المنصة وأمام الناس بموقف الحكومة .. وبعدها بأيام قابلته في موقف بعيد عن الرسميات كاد يغشى علىّ من المفاجأة عندما قال لي بكل عفوية (كنت بقلبي معك حينما اعترضت .. لكن لم يكن في مقدوري أن اصرح بذلك) .. هم مجرد موظفين بأمر السلطان الذي في يدهم ولسانهم أخرس عن قول الحق. طالما أن الحق لا يضمن الوظيفة وجاه المنصب..
    السودانى
                  

01-15-2008, 08:45 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)


    سلاطين باشا جديد ... مستشارا للرئيس بقلم أبو مصعب الخليفة محمد/لندن
    سودانيزاونلاين.كوم
    sudaneseonline.com
    24/12/2005 1:34 ص

    أبو مصعب الخليفة محمد/لندن
    محاولات سلاطين باشا الجادة للهرب من أم درمان لم تفلح معها كل جهود رجال الدولة نهاية القرن التاسع عشر ولا حتي شبكات ومصادر جهاز أمن الخليفة عبد الله، لقد فكر الرجل ودبر، وصلته كل تفاصيل العملية من سفارة بلاده بالقاهرة، لكنه لم يبدي أية مشاعر بقرب موعد هربه، حيث تبدت عليه علامات الرضا والصلاح ونصح الدولة وتقديم المشورة والملاحظات.
    هرب سلاطين في جنح ليل بهيم لم يلحظه أحد، وتعاونت معه قبائل كان بين أبنائها والخليفة مظالم كثيرة منها ما نقلته الألسن بالتواتر ومنها ما سطره قلم سلاطين نفسه عندما حط رحاله ثانية لأرض السودان مستشاراً ومترجماً للحاكم العام.
    الخليفة رغم جبروته وقوته هزمته فكرته القائمة علي رفض الآخر وإقصائه، ثارت الثورات ضده فأخمد بعضها بالدم والآخر بالسجن مع صنوف من الإهانة والذل والتعذيب، حتى وصل الأمر به أن يسحق قادة الثورة المهدية من الأشراف أتباع الإمام المهدي الذي هداه هو إلي حكم السودان حين زهد المهدي نعيم الدنيا ورغب في نعيم الآخرة.
    سيرة أول دولة إسلامية حكمت حدود السودان بشكله الحالي هي المهدية قبل مائة وبضع سنين بدأت مولعة بذروة سنام الإسلام -الجهاد ضد الكفار- وعندما سيطرت علي البلاد، ورفض زعيمها الإقامة في منازل الذين ظلموا أنفسهم بالخرطوم وفضل أم درمان سكنا بسيطا يعبر به راضيا مرضيا إلي الله.

    لكن الفكرة قبرت أول ما تقرب إلي الخليفة عدد غير يسير من المستشارين الذين لم يرعوا في مستقبل الدولة أهمية للحرية أو العدل أو الشورى، كان جل همهم أن يكونوا أعضاءا في مجلس الخليفة، يدفعونه عن الحق بطلاوة اللسان كل ما حاول العودة للعدل، ويدلونه علي استخدام القوة دون الحوار، فأفقدوه والسودان دولة كانت في ذلك الزمان غاية للإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
    هذه المقدمة ولئن طالت أظنها واجبة لنتصفح معا سيرة كل حاكم في بلادنا أراد أن يكون مصدر حكمه الأساس شريعة الله، يأتلف حوله الناس، لا يفرق بينهم بادئ الأمر لون ولا عرق ولا جنس ولا لغة، يتدافعون جميعهم الي نصرة دولة الإسلام الفقير منهم غني بإيمانه متقدما الصفوف والغني منهم منفق وثائر. تشرئب النفوس كلما سمع الناس بسيرة الشهداء العطرة، تدفع الأم فلذة كبدها للقتال ويفخر الأب طالما ضمن ابنه ثائرا في مسالك التابعين.
    علي ذات نهج الرسالة الأولي أرادت حركة الإسلام السودانية بناء دولة راشدة، تقام فيها حقوق الله والعباد بالقسط والميزان، تتاح فيها الحرية وتحمي فيها الحقوق وتصان فيها الحرمات، لكن الركب الذي تدافع إليه أعضاء الحركة طائعين تركوا دونه نعيم الغرب بدولاراته البهية والخليج بدراهمه وكفلاءه قوبل بصورة للظلم مدهشة !!
    في دولة الإنقاذ السودانية مستشار رئيسها كاره للحركة الإسلامية مثل سلاطين باشا بدمه ولحمه، إنه سوداني لكنه بذات العداء!! ما أظنه .. أن سلاطين قد يكون جده لأمه. لم يكن أحد يتصور الحقيقة عندما أعلن المستشار انضمامه للحكومة منافحا عن أفكارها أو معتقداتها بل أيقن أكثر أعضاء الحركة الإسلامية بخطورة الرجل علي المشروع الحضاري ككل إنه كالسوس ينخر جزع الشجرة الراسخ مهما قوي أو اشتد سمكه. المقربون منه يعلمون مدي غيظه طوال سنوات حكم الإنقاذ الأولي ورغبته أن يبث سمه الزعاف مفرقا بين أعضاء الحركة في الحكم مزينا لهم قدره الشباب في التفوق علي الكبار منوها إلا أن معضلة الحركة قد تكون في شيخها الذي كاد يبلغ الثمانين.
    لقد دعي ذلك المستشار وزملاءه اللاحقين أعضاء الحركة النافذين في الحكم إلي إبعاد الشيوخ وعلي رأسهم الترابي لأن في ذلك قبول وصفح لهم من قبل الغرب وبعض حكام العرب.
    لكن الغرب الذي أطمعهم فيه اخذ ما أراد منهم وسطر اسم حكومة السودان في قائمته السوداء للإرهاب والفساد وانتهاكات ومخالفات حقوق الإنسان.
    أما قادة العرب الذين نقل رغبتهم المستشار، إنفض سامرهم لأنهم فقط أرادوا أن لا يتأثر شبابهم بدولة الإسلام في السودان جهادها المتصل وسوحها المشرعة وأفكارها المنتشرة، قد توقد هذه الحكومة شرارة الثورة في بلادهم، لأن أموال البترول هي ملك الشعب والعطايا التي يمنحها الملك أو الشيخ هي حق مشروع للمواطن طالما أن الثروة خرجت من الأرض وركازها. وكلمة الشيخ عندهم تختلف عن معني الشيخ عندنا بل وتقتصر فقط علي - زعيم القبيلة صاحب الجاه والسلطان الذي يتزوج النساء مثني وثلاث ورباع – ويهب الفقراء من أبناء بلاده قدرا ضئيلاً مما يستحقون.
    المستشار وصحبه أقنعوا الرئيس بضرورة أن يفرض رأيه علي الحزب الكبير قبل أن ينشق وأن يرفض رأي الشورى التي كانت مرآة يري من خلالها مناطق الضعف والزلل فيسدها، لقد ناقشت الشورى مجلسا وطني وهيئة نواب ودوائر الحركة كلها مظاهر الفساد، وأشار الترابي ملمحا إلي فئة المفسدين من الشباب في مؤتمرهم الذي انعقد قبل الانشقاق بسنتين. وأدرات لجنة الحزبة في المجلس الوطني آنذاك جلسات الواحدة تلو الأخرى نقاشا حادا حول قضايا الفساد – القمح الفاسد، محاليل كور، زيت الطعام الفاسد، البن الفول المصري!!!! لكن سعادة المستشار دل الرئيس علي ضرورة عصيان أمر الحركة الإسلامية باعتبار أن الترابي يقود حملة لإضعاف الحكومة.
    لقد أفسد المستشار خطي الرقابة، وكانت نصيحته أحد أسباب التعجيل بحل المجلس وسجن الترابي وأتباعه، حيث سجلت له مقولته "لن تبكي السماء أو تنشق الأرض إذ أبعدت الترابي عن الحكم".
    لكن الرئيس اكتشف مؤخرا أن المقربين إليه امتلأت جيوبهم وأداروا الحلقة حول رقبته حتى لا تقوم له ثورة أضحي أشقاؤه أغنياء بغير وجه حق وشاع بين الركبان خبر فساد صديق الوزير الهمام، فبكي علي الشيخ سرا لأن المستشار أتي بقائمة أخري من نفس شاكلته يتحلقون حول الرئيس صباح مساء.
    سيدي الرئيس سلاطين باشا أعلن فور وصوله أسوان ردته وطالب الخليفة بإعادة صلاته وعبادته التي أقامها معه عشرة سنوات، لكني أعلم أن مستشارك لن يعلنها لأنه أمن أمر إقامته بدول لن تستقبلك حين تريد.
    سيدي الرئيس إن العمر الذي عاشه الترابي لن يعيش مثله، وفترة الحكم التي قضيتها أنت لن تظل علي سدة الحكم مثلها!!! عليك بإعادة النظر في مستشاريك، ولا تنسي أولئك الوزراء الذي يلاحقونك حتى في دارك يضربون الدفوف حالقي الرؤوس، هم للكفر بنعمة الحركة الإسلامية أقرب منه إلي الفضيلة – العودة للحق-.
    سيدي الرئيس أعضاء الحركة الإسلامية ذهبوا مع الترابي وإن أردت أن تتأكد عليك بزيارة نقابة المحامين لتسألهم عن الأصوات التي حصل عليها الحزب، كم من المال أنفق علي خريجي القانون من موظفي الضرائب والمصالح الحكومية الأخرى الذين لم يقف أحد منهم يوما أمام قاض أو محكمة، ليعيد لمظلوم حقه. أسالهم عن الأموال التي أنفقت في استئجار الفنادق والعربات والمكاتب ترغيبا، اسألهم عن أعضاء الإدارات القانونية بشركات القطاع الخاص والعام الذين أجبرهم رؤساءهم علي التصويت وإلا قطعت أرزاقهم.
    سيدي الرئيس الإنقاذ لا تحتاج إلي تزوير شهادة للاعتراف بدورها فقط إتاحة الحريات هي الطريق، ماذا كان يضير الحكومة إن فاز التجمع بنقابة المحامين والمزارعين؟ ألم يكن حلا مناسبا لأزمة المشاركة في السلطة؟ بل وموقفا محرجا للتجمع الديمقراطي المعارض حوله تذمره من بطئ حركة التحول الديمقراطي؟
    سيدي الرئيس هناك وزراء ومسئولين كبار بالوزارات وبالقرب منك بالقصر الجمهوري يعيشون فقط علي النميمة وملاحقة أخبار حزب الترابي أكثر مما هم مكلفون به.
    سيدي الرئيس اعلم أن أجر المجتهد المخطئ مضاعف، فأجتهد بنفسك لتعرف ما يدور حولك حقا لأنك مسئول أمام الله حين يغيب عنك المستشار.
    أخيرا !! ليس كل مستشار يأتيك بالحق وأمر الدين إن لم يكن علي الشاكلة التي سمعتها عنه قل أن تلقاه، قال ابن إسحاق : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيئ فيهم زيد الخيل ، وهو سيدهم فلما انتهوا إليه كلموه وعرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلموا ، فحسن إسلامهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني من لا أتهم من رجال طيئ
    ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني ، إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل : فإنه لم يبلغ كل ما كان فيه ثم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير وقطع له فيدا وأرضين معه وكتب له بذلك .
    إنتهي
                  

01-15-2008, 09:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)
                  

01-15-2008, 10:00 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)
                  

01-16-2008, 05:03 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد 103 - الأحد 13 يناير 2008


    أسئلة لما بعد الحرب وما بعد الإنقاذ

    التجاني عبد القادر

    وتسمع فى الأخبار كذلك أن حرب الجنوب قد وضعت أوزارها، وتقرأ أن المؤتمر الوطني قد أعاد "هيكلة" نفسه، حيث عين زيد أمينا للاتصال السياسي خلفا لع

    بيد الذي غادر الى أمانة العلاقات الخارجية، خلفا لعمرو الذى أسندت اليه أمانة الاعلام. ثم يقال لك إن التغيرات التى تمت فى الحزب كانت شيئا "طبيعيا"، وأنها "ترتيبات" المرحلة القادمة؛ مرحلة الانفتاح على القوى السياسية.
    لا يختلف اثنان فى أن الحرب الأهلية المتطاولة التى كانت تستعر فى جنوب البلاد، قد ساهمت بصورة مباشرة وغير مباشرة فى تشكل وتطور نظام الانقاذ السياسى فى شمال البلاد؛ النظام الذى كان يقوم على حزب سياسي واحد، وحكومة مركزية قابضة، ونظام رئاسي مهيمن. ولكن دعنا نبسط هذه العبارة فى نقاط فنقول أولا: أن الترتيب السياسي الذي عرف بنظام الإنقاذ هو ترتيب أملته، ضمن عوامل أخرى، ضرورات الحرب(الحرب العسكرية الشاملة فى جنوب البلاد، والحروب الجزئية الإقليمية والدولية التى تولدت عنها، والنتائج المدمرة التى ترتبت عليها فى الأصعدة المحلية السياسية والاقتصادية)؛ ثم نقول ثانيا: أن تلك الضرورات الحربية قد أثرت بدورها على الأبنية الداخلية لنظام الانقاذ، فحولته من نظام اسلامى/عسكرى مؤقت يحاول أن يتطور فى اتجاه اكتساب المشروعية الشعبية، الى نظام سياسى/اقتصادى/أمنى دائم يسعى للاحتفاظ بالسلطة فى ذاتها ولذاتها، ويسعى للتطور فى اتجاه المزيد من السلطة؛ ونقول ثالثا: أنه اذا كانت الحرب قد وضعت أوزارها بالفعل(كما هومعلن الآن)، فلابد من ترتيبات جديدة لمرحلة ما بعد الحرب ولما بعد الإنقاذ، ترتيبات تتخطى الهياكل والأشخاص الى الأفكار والرؤى، اذ لا يمكن أن تدار مرحلة السلام بعقلية الحرب، وبالرؤى السياسية والاقتصادية والأمنية التى تخمرت وتبلورت إبان سنوات الحصار والمقاطعة والمناحرة التى استمرت لنحو عقدين من الزمان.
    على أن هذا لا يعنى أن نشطب التاريخ ونعود الى مرحلة الصفر السياسي، فالتاريخ لا يمكن الغاؤه، والعودة الى الوراء لا يقول بها أحد، ولكن نريد أن نقول أن الانتقال من مرحلة سياسية الى أخرى لا يشبه الانتقال من غرفة صغيرة فى منزل الى غرفة أخرى مجاورة، حيث لا يحتاج المرء حينئذ لأن يضع طاقية على رأسه. إن الانتقال من مرحلة سياسية عاصفة كالتى كنا فيها، الى مرحلة سياسية أخرى، مجهولة المداخل والمخارج، يشبه فى تقديرنا الانتقال من الغابة الى المدينة، حيث يحتاج الانسان ليس فقط لطاقية يضعها على رأسه، وانما يحتاج قبل ذلك الى ألبسة أخرى كثيرة يستر بها عورته، كما يحتاج الى معارف ولغات، وخرائط ومعدات ومهارات غير التى كان عليها فى الغابة.
    نريد أن نقول، بعبارة أخرى، إن الظروف القاسية التى يمر بها الوطن تحتاج الى قيادات سياسية صادقة،ذات رؤى فكرية واضحة،ورغبة حقيقية فى العبور الى مرحلة جديدة، ولا تتأتى مثل هذه القيادة عن طريق الدخول فى مثل ما نرى من ملهاة "الهيكلة"، ولعبة الكراسى، وتوزيع الأمانات والوزارات على سبيل الاستلطاف الشخصى والمباغتة الأمنية، وانما يتأتى بعد أن تطرح الأسئلة الحقيقية، فيحتدم حولها الرأى، ويستبين من خلالها الطريق.
    من تلك الأسئلة، والتي أتطوع بإيرادها هنا لوجه الله: ما هى "الدروس" التى خرجنا بها من المرحلة القتالية السابقة؟ وماهى "الأخطاء" العسكرية والسياسية والاقتصادية التى وقعنا فيها؟ وماذا تحقق من أهدافنا القومية/الإسلامية الكبرى، التي من أجلها تدافعنا الى الحرب؟ وهل الأهداف التى من أجلها وقعنا على اتفاقية نيفاشا هى الأهداف القديمة أم أهداف جديدة؟ واذا كان ما تحقق فى نيفاشا هو كل ما استطعنا تحقيقه فى ظل الأوضاع الراهنة، ألا يعنى ذلك أن جزء من منظومة أهدافنا القديمة قد تم أسقاطه، طوعا أو كرها، وأن علينا أن نعيد النظر فى تلك المنظومة، فنصطنع أهدافا جديدة، ونخترع لها ترتيبا أخر؟ ثم ما هى "المبادئ" النظرية التى أثبتت التجربة خطأها، وهل استطعنا أن نتوصل الى منظومة أخرى من المبادئ الجديدة انعقد عليها إجماعنا، ونريد أن نصمم فى ضوئها مشروعا وطنيا/إسلاميا للمرحلة القادمة؟ وما هى طبيعة ومكونات هذا المشروع القومي/الاسلامى لمرحلة ما بعد حرب الجنوب وما بعد نظام الانقاذ؟ وما هى بالتالى طبيعة الحزب السياسى الجديد الذى يمكن أن يحقق تلك الأهداف؟ وما هو النموذج الاقتصادى الذى سيسير عليه فى المرحلة الجديدة؟ وما هو الدور الجديد الذى يجب على الحكومة أن تضطلع به؟
    أما من ناحية أخرى، فان المواطن السودانى البسيط يود أن يعرف، قبل الانتخابات القادمة، أين هو موقعه فى المشروع الجديد؛ مشروع ما بعد الحرب/ما بعد النفط/و ما بعد الانقاذ؟ يود أن يعرف كيف سنستجيب لتطلعاته الثابتة والمعروفة على مر الأجيال والعصور: أن يجد فرصة للعمل الشريف فيغادر محطة الفقر والحزن، أن يجد فرصة لتعليم أطفاله، وأن يجد مسكنا يأوي إليه(به مياه صالحة للشرب)، ومستشفى يتلقى فيه العلاج، وأن تترك له الحكومة فرصة من الوقت ليعبد الله كما يشاء.
    ان الانشغال بمثل هذه التطلعات المشروعة المكبوتة، وجعلها محورا للمشروع القومى الاسلامى الجديد خير ألف مرة من الانشغال بهيكلة المؤتمر الوطنى وبكشوفات التنقلات فيه، فاذا انشغل المؤتمر الوطنى بالناس فسيكون عندئذ حزبا "للناس"، وسيهتم الناس بأخباره، أما إذا صار جل انشغاله بالسيطرة على الحكومة القادمة،فسيفقد الحكومة وسيفقد الناس. إن الاقتراب الصادق من قضايا الناس الملحة، ورفعها الى قمة أولويات الحزب سيفيد قيادة المؤتمر الوطنى وعضويته من عدة نواح: سيفيدهم من الناحية الأولى فى تفكيك العبارات والشعارات السياسية التعبوية البالية وردها الى مفردات بسيطة وواضحة تشير الى أرقام، والى مدد زمنية، وتكاليف مادية، فيخرجون بذلك من حالة التستر باللغة،واللف والدوران حول القضايا،الى حالة المواجهة السافرة مع الحقائق الواقعة ومع جمهور الناس، وسيفيدهم من ناحية ثانية بأن يجعلهم يدركون أن بعض القضايا التى كانوا وما يزالون يهدرون فيها طاقاتهم تقع فى خانة الألاعيب الحزبية الفارغة وليس فى خانة الأهداف القومية النافعة. أما إذا كان كل ما لديهم للمرحلة القادمة هو شعار "الانفتاح" على القوى السياسية، فان هذه القوى السياسية لم تصب بالعمى، بل هى ما تزال ترى أثر "الفأس الأمنى" على ذيلها، وأثر الفأس الإقتصادي على جيبها، ولا قوة الا بالله.



    الاحداث
                  

01-16-2008, 10:32 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)


    قبيل قراءة الفاتحة على روح ما كان يسمى بالحركة الإسلامية في السودان:

    تأملات وذكريات

    د. عبد الوهاب الأفندي
    [email protected]

    في سبتمبر من عام 1975، وبعد أيام من الانقلاب الفاشل ضد الرئيس نميري الذي قاده المقدم حسن حسين عثمان ذلك الشهر، طرق بابي في مقر إقامتي بالخرطوم 3 الصديق العزيز عبدالرحيم محمد حسين (وزير الدفاع السوداني الحالي) الذي كان كثيراً ما يسعدني بزياراته، فمنعته من الدخول وطلبت منه ألا يأتي لزيارتي في ذلك المنزل بعد ذلك. وقد كان من نتيجة ذلك أن حرمت من رؤية الأخ عبدالرحيم إلى أن التقينا لأول مرة في القصر الجمهوري بعد ذلك بخمسة عشر عاماً.

    سبب ما حدث كما شرحته للأخ عبدالرحيم حينها هو أن الأخ عباس برشم، أحد القيادات الطلابية من منسوبي حزب الأمة، وأحد قيادات الحركة الانقلابية (أعدم فيما بعد مع ثلة من رفاقه رحمهم الله جميعاً)، كان قد اختبأ في المنزل مع أحد أصدقائه الذي كان يشاركنا السكن في يوم الانقلاب وبقي فيه حتى حل الظلام قبل أن ينتقل إلى مخبئه الذي اعتقل فيه في أم درمان في مساء نفس ذلك اليوم. وعليه فقد كان هناك خطراً من أن تكتشف الأجهزة الأمنية علاقته بنا فتراقب المنزل أو تداهمه. ولأن الأخ عبدالرحيم كان قد التحق حديثاً بسلاح المهندسين في الجيش، فقد تعرضه زيارتنا للخطر.

    كنت شخصياً أتخوف من أكون ملاحقاً من الأجهزة الأمنية لأكثر من سبب آخر، حتى قبل الانقلاب. فقد كنت باعتباري المسؤول الإعلامي في المكتب التنفيذي للاتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم أتولى الإشراف على أوجه نشاط عدة في الجامعة من أبرزها أضخم معرض فني ثقافي كانت الحركة تنوي إقامته في ذلك الشهر. وكان ممن تطوع لمساعدتي في تنظيم ذلك المعرض الأخوين الزبير محمد الحسن (وزير المالية الحالي) ومحمد الحسن الأمين (نائب رئيس المجلس الوطني). وبينما كان يقوما بنقل بعض المواد الإعلامية الخاصة بالمعرض من داخلية الطالبات إلى داخلية الطلاب الرئيسية "البركس"، برفقة أخ ثالث لا داعي لذكر اسمه هنا، اعترض طريقهم بعض رجال الأمن وقاموا باعتقالهم. وبمجرد استجوابهم اعترف الأخ الثالث الذي كان حديث عهد بالعمل السياسي، بأنني الذي كلفتهم بنقل هذه المواد.

    بعد يومين من الانقلاب استيقظنا في الفجر لنجد داخليات الجامعة محتلة بالآلاف من رجال الجيش والشرطة المدججين بالسلاح كأنهم ذاهبون إلى محاربة إسرائيل، وقد بدأوا بعملية تفتيش منهجية لمساكن الطلاب. وكانت غرفتي أقرب غرف مسؤولي المكتب إلى الباب الخارجي، وكانت خزانة ملابسي تئن من حجم الوثائق السرية. وقد بعث إلى الأخ الصديق التجاني عبدالقادر يطلب مني أن أسارع بإخفاء الوثائق ومغادرة الغرفة. ولم يكن هناك مكان لإخفاء الوثائق سوى بوضعها تحت مرتبة السرير، وقد أسرعت فغادرت الغرفة وأنا لازلت أرتدي البيجاما ودون أن أحمل معي أي وثائق ثبوتية. وقد تجمعنا مع حشد كبير من الطلاب في ميدان في وسط البركس. وقد ظلت الأجهزة الأمنية تفتش المساكن سحابة ذلك اليوم قبل أن تنصرف وتستمر في محاصرة المداخل. وفي مساء ذلك اليوم نشرت أجهزة الإعلام الحكومية كذباً أن كميات من الأسلحة قد وجدت في المساكن الطلابية، وأعلن عن إغلاق الجامعة إلى أجل غير مسمى.

    واجهتني شخصياً مشكلة كبرى، بسبب مسؤوليتي عن كمية ضخمة من الكتب واللوحات والملصقات التي أعددناها للمعرض. وكان رجال الأمن يحاصرون مداخل السكن الجامعي ويفتشون الحقائب. وعليه فقد قمنا بتوزيع المعروضات في كميات صغيرة حملها متطوعون ضمن أمتعتهم. وكان من نتيجة ذلك ضياع الكثير منها للأسف. ومازال الأخ كابتن شيخ الدين يلومني –محقاً- على ضياع نصف مكتبته التي كان قد تبرع بها للمعرض لأن من اؤتمنوا لها لم يتمكنوا من إعادتها لأسباب لا علم لي بها.

    وبذكر اللوحات فإنني أذكر هنا حادثة طريفة ذات دلالة مهمة في تطور الحركة الإسلامية السودانية. فبينما كنا نعد للمعرض انتدبت طائفة من طلاب كلية البيطرة لمساعدتي في التحضير له (لسبب إجرائي، وهو أن الامتحانات في كلية البيطرة انتهت مبكراً). وعندما حضروا للمساعدة وشرحت لهم فكرة المعرض، خاصة فيما يتعلق بجانب الفنون واللوحات، نظر بعضهم إلى بعض مستنكرين. وكانت كليتا البيطرة والزراعة في الجامعة مشهورتين بأنهما كانا معقل التيار السلفي في الحركة. ثم سألني أحدهم: "هل حظي هذا المعرض بموافقة الإخوة المسؤولين؟" فقلت للأخ إنني أنا المسؤول وأنا أؤكد له إن المعرض يحظي بموافقتي. ويبدو أنهم ذهبوا بعد ذلك لاستفتاء أهل العلم قبل أن يقبلوا في المساهمة في البدع التي كنا نجترح.

    بعد إغلاق الجامعة واعتقال عدد كبير من الناشطين، تم إجراء تعديلات في المكتب التنفيذي وتقليصه إلى خمسة أشخاص فقط، وأسندت إلى بموجب تلك التعديلات مهمة الأمين العام ومسؤول الشؤون المالية، وهو المنصب الثاني بعد المسؤول الأخ محمد حسن الباهي. وكنت المسؤول في ذلك الموقع عن الأماكن الآمنة لإخوتنا وعلى رأسهم رئيسا الاتحاد التجاني عبدالقادر والمرحوم داوود بولاد، وأمينه العام ابن عمر محمد أحمد، والإخوة غازي صلاح الدين وسيد كمبال وغيرهم. وكانت مسؤولياتي تشمل أيضاً تأمين قنوات الاتصال بالمعتقلين، وقد كلفت بمهام أخرى لا أستطيع حتى هذا اليوم التحدث عنها.

    ويجب أن أعترف هنا أنني كنت بسبب مزيج من السذاجة والتنطع لا أستحل لنفسي أخذ أموال من التنظيم حتى لأغراض الأكل والمواصلات، رغم أننا كنا من المفترض أن نكون متفرغين، وكانت الجامعة أغلقت أبوابها، مما حرمنا من السكن ووجبات الطعام. وقد وجدت نفسي بسبب هذا الموقف ذات يوم سجيناً في المنزل لقرابة يومين. فقد كنت فارقت الأخ الباهي عصر يوم الخميس في بري ولم يكن في جيبي من مالي الخاص سوى عشرة قروش، كانت بالكاد تكفي لأن توصلني إلى المنزل. وقد بقيت ليل الخميس ونهار الجمعة وأنا لا أستطيع الخروج.

    وفي صباح السبت جاء لزيارتي في نفس المنزل أستاذي الحبيب إلى نفسي الأخ حافظ السيد، (الذي عنيته حين وصفته مرة بدون تسمية بأنه أقرب من عرفت إلى القديسين –ولا يزكى على الله أحد)، فتبرع لي (بدون أن يكون على علم بورطتي) بمبلغ من المال تقبلته شاكراً. ولوكنت من المتصوفة لقلت إن شيخنا حافظاً كان من أهل الكشف. وقد كنت عنيت الأخ حافظ وأمثاله حين قلت أن حكام السودان ما كانوا ليكونون شيئاً مذكوراً لولا مجاهدات الحركة الإسلامية التي تركوها وراءهم ظهرياً.

    وبذكر الأخ حافظ فإنني أذكر أننا ذهبنا للاختباء بمنزله في حي الدكة ببربر بعد المظاهرة التي قمنا بها تضامناً مع انتفاضة شعبان الجامعية عام 1973. ولابد من الاعتراف بأننا لم نكن ننوي التظاهر حينها ولم نكلف به. فقد وصلتنا منشورات لتوزيعها، وأذكر أنني والأخ العزيز صلاح شبرين جئنا إلى المدرسة قبل الدوام بأكثر من ساعة حيث وزعنا المنشورات في كل الفصول ثم عدنا إلى بيوتنا. ثم قمت أنا بعد نهاية استراحة الإفطار بإلقاء خطبة في الطلاب أندبهم فيها للإضراب تضامناً مع إخوانهم في الجامعة. ولكن الطلاب كانوا أكثر حماساً مني فأصروا على الخروج في مظاهرة، وبالفعل خرجت المظاهرة، وطفنا على بقية المدارس ندعوهم للخروج فلم يفعلوا (خرجوا في اليوم التالي). توجهت المظاهرة إلى سوق مدينة بربر، حيث ألقيت أنا في الحشد خطبة ثانية على مرأى ومسمع من الشرطة التي كانت احتشدت لفض التظاهرة. وقد تحمست أكثر من اللازم في الخطبة، ولم ألحظ أن الشرطة كانت تستعد للانقضاض حتى جاء الأخ مامون ابراهيم خوجلي يجر بثيابي لأنزل من على العمود الأسمنتي الذي كنت تسنمته منبراً قرب موقف التاكسي، فسارعنا إلى منزل الأستاذ حافظ للتشاور وانصرفنا منه إلى مكان آمن آخر بعد الغداء.

    وفي نفس ذلك اليوم قامت الشرطة بحملة اعتقالات، وجاءوا إلى منزلي لاعتقالي فلم يجدوني. وفي اليوم التالي كنت في طريقي إلى المحكمة لتسليم مذكرة تطالب بإطلاق سراح المعتقلين حين تم اعتقالي، وعلمت بعدها أن بعض الطلبة قد اعترفوا المحققين بأنني كنت المحرض والقائد للمظاهرة. وقد حبست في زنزانة انفرادية بينما كان بقية المعتقلين وعددهم ستة وعشرون معاً في زنزانة مجاورة. وكان الأخ مأمون يتذرع بالذهاب إلى الحمام ليمر من أمام زنزانتي ثم يقول بالانجليزية: "أنكر كل شيء!" وبعد الفراغ من استجوابي تم ضمي إلى بقية المعتقلين، حيث استمتعنا بأكبر وجبة طعام في حياتنا، إذ أن أسرة كل واحد من المعتقلين أحضرت طعاماً يكفي الجميع. ولهذا لم نكن سعداء حين تم إطلاق سراحنا بعد أن وقع أولياء الأمور تعهدات بحسن السير والسلوك نيابة عنا. وقد أغلقت المدرسة بعد ذلك لأشهر، وكان هذا الدوافع لمغامرتي الليبية التي تحدثت عنها في مقالة سابقة، والتي انتهت بمغامرة أخرى تمثلت بالعمل في جريدة الصحافة التي كانت في وقتها في أزهى عصورها تحت قيادة أستاذنا محمد الحسن أحمد عجل الله شفاءه (والذي لم تكن تربطني به أي صلة أو معرفة سابقة، لذا لزم التتنويه).

    ولعلي أنتهز هذه الفرصة للإشادة بالزملاء الكرام الذي عاصرتهم وسعدت بالعمل معهم في الصحافة، وعلى رأسهم الأساتذة محمد سعيد محمد الحسن وشريف طمبل وعبدالله جلاب وأحمد طيفور ومحمد صالح فهمي وحسن مختار والفاتح محمد الأمين وآمال مينا وغيرهم ممن تعلمنا على يديهم. وقد كنا نختلف معهم في الرأي، ولكنهم كانوا جميعاً من أصحاب المبادئ، وكانوا يؤيدون ثورة مايو على قناعة. ولم يحدث قط أثناء عملي في الصحافة أن فرض علي شيء يتعارض مع قناعتي أو كتبت شيئاً أخجل منه. وكان ذلك يعود تحديداً للرعاية الكريمة من أستاذي محمد الحسن أحمد ومن الأخ محمد سعيد الذي تبناني وخصني برعاية كادت تخنقني من فرط أبويتها.

    حين قررت مؤقتاً ترك الجامعة للعمل في الطيران في مطلع عام 1976، اعترض بعض الإخوة في التنظيم، وعلى رأسهم الأخ الباهي وتمنوا على البقاء، وفعل مثل ذلك أساتذتي في الجامعة وعلى رأسهم الدكتور كمال شداد متعه الله بالصحة والعافية، استنكروا تركي الدراسة وأشفقوا على ضياع مستقبلي الأكاديمي الواعد في عرفهم. ولكني كنت قد حزمت أمري، ولم يكن القرار سياسياً، فليس هناك ما يفرض على من يريد أن يخدم الإسلام أن يبقى في موقع معين، بل حتى ليس من شروط ذلك الانضمام إلى تنظيم معين. بل بالعكس إن قناعتي أصبحت تزداد بأن العمل التنظيمي قد يكون معوقاً لواجب قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خاصة حين يصبح احترافاً. وقد كنت دائماً أحرص على الاستقلال الاقتصادي عن أي جهة سياسية، وهي سنة الأئمة والفقهاء ممكن كانوا يرفضون التكسب بأداء الواجب الديني.

    ومن عجائب الأمور أن بعض محترفي النفاق قلب الأمور وجعل حرصنا على أن نكسب رزقنا من عمل يدنا منقصة وسبة، حيث كانوا يرون أن واجب الناشط الإسلامي هو أن يجلس عند أقدام شيخه وينتظر التعليمات (والعطايا) مثل أتباع الطرق الصوفية أو حاشية السلطان، سوى أن هؤلاء كانوامن أوائل من تنكر لشيخهم حين لم يعد يتحكم في الرزق، فتبعوا الرزق وتركوا الشيخ، ثم قاموا يتهموننا بالانتهازية! يا سبحان الله!

    وقد جعلنا بعض ما قرأنا مؤخراً نتمنى لو كان بعض ما ينشره بعض المتقولين عنا حقيقة، ونتمنى لو كنا كما زعموا من المهمشين والانتهازيين والمؤلفة قلوبهم. لأنه لوكان ما يوردونه من ساقط القول هو المعبر عن الحركة الإسلامية اليوم، فإنه لا يشرفنا الانتماء لمثل هذا الكيان. ويكفينا أن نحتفظ بالذكريات الحميمة عن إخوتنا سابقاً. ولعل من أبزر آيات السقوط هذا الاعتقاد بأن نشر الأكاذيب والتهم قد يحط من مقام منتقديهم ويرفع من مقامهم، فكانت هذه دلالة إضافية على فقدان العقل بعد التعري من الخلق. ذلك أن غاية ما فعلوا هو أنهم كشفوا أن ما كان يسمى بالحركة الإسلامية أصبحت كياناً خرباً، يتناقل كثير من أفراده الغيبة والكذب وهم يعلمون، ويأكلون لحم إخوتهم أحياء، ويتغدون ويتعشون على البهتان، ويعترفون بأنهم كانوا يظهرون لإخوانهم خلاف ما يبطنون، ويكذبون عليهم كما كذبوا على الأمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرنا في مصيبتنا هذه وأبدلنا خيراً منها!
                  

01-24-2008, 10:26 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    شAM

    خمسون إنجازا للحركة الإسلامية السودانية:

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!

    د. محمد وقيع الله
    [email protected]

    (1 من 2)

    كم أتمنى أن أقرأ أو أسمع نقدا نزيها للحركة الإسلامية عموما والسودانية خصوصا، فالنقد النزيه الذي يُري الحركة الإسلامية أخطاءها، قد يدفعها إلى معالجتها وتلافيها. والنقد النزيه الذي يعترف للحركة الإسلامية بإيجابياتها، قد يحضها على تجويدها وزيادتها. ولكني تنظر إلى أكثر النقد الموجه إلى الحركة الإسلامية السودانية، فلا أرى إلا جيشانا وهذيانا ونقدا مغرضا لبعض الحاقدين والمنخلعين والمنبوذين من صفوفها، ممن يسلطون عليها عيون السخط، ويغمضون عيون الرضا، ويتنزَّوْن من الغيظ، ويتميزون من الحنق، ويمنون أنفسهم بقرب موت الحركة الإسلامية، ويتحينون ساعة دفنها ليرفعوا عليها الفاتحة كما يقولون!!

    أحلامنا التي تحققت:

    ولكن الحركة الإسلامية ماضية تحقق إنجازاتها غير مبالية بهم كثيرا أو قليلا، خاصة أؤلئك الذين تخلوا عن الركب او تخلى الركب عنهم، وصاروا يعتذرون لتخلفهم عن ركب الحركة الإسلامية القاصد بتعقبه وتنقصه. لقد انتميت إلى الحركة الإسلامية السودانية وأنا في الحادية عشر من العمر، وأسهمت بقدر محدود جدا في عملها الثقافي العام، وعشت مع أهلها أحلاما كبارا من أحلامها، وراقبت تطورها الوئيد عن كثب او عن بعد، وسجلت انجازاتها ما صغر منها وما كبر، والحق أقول فإنني ما كنت أتخيل قط أن الحركة السودانية السودانية ستصل بنجاحاتها إلى هذا المدى البعيد الذي أمنت فيه نفسها وأمنت فيه الوطن والموطن، واسهمت بقدح معلى في ترقية الحياة وتهذيبها وتشذيبها وضبطها بإطار الإٍسلام.

    فقد انتقلت الحركة الإسلامية السودانية - بحمد الله - من طورها القديم لتصبح دولة حديثة، وجيشا مهيبا، وجهازا أمنيا متينا مكينا ركينا يحميها. وأصبحت هي الحركة الإسلامية الوطنية التي تستحق هاتين الصفتين الكريمتين معا. وهذه هي الحركة التي سأتحدث الآن عن انجازاتها بقليل من تفصيل.

    الحركة الإسلامية هي الحركة الوطنية:

    فمنذ تنفُّذ الحركة الإسلامية السودانية وتمكنها بفجر الإنقاذ الأغر، أصبحت هي الفاعل الأكبر، الذي يدير العمل السياسي السوداني بالمبادرة والاقتدار، بينما لم يعد معارضوها وأعداؤها الحزبيون يشكلون سوى ردود أفعال شاحبة خائبة غارقة في الضلال، فأصبحت الحركة الإسلامية السودانية بذلك هي الحركة الوطنية بحق وحقيق، بينما انتمت أكثر الجهات الحزبية المعارضة لها، إلى جهات أجنبية مشبوهة، لاذت بها، واستذرت بظلالها، ووظفت نفسها في خدمة أجندتها، المضرة بأجندة الوطن، فهذا واحد من أكبر إنجازات الإنقاذ، أنها مازَت لنا الخبيث من الطيب، وأبانت لنا المعلول من الصحيح، وكشفت لنا العميل من الأصيل.

    ولدى إحساس الإنقاذ بتبعاتها الوطنية الملحة الكبرى، سعت للتو لإنقاذ الوطن من كيد الخصوم، واتجهت لإنجاز استقلال الوطن الاقتصادي قدر المستطاع، فأخذت ملاحم البناء، والنمو، والدفاع، تتالى لتحقق وعد الإنقاذ الحق.

    ففي غضون سنواتها الأولى وفي أقسى ظروف الحصار الذي ضرب عليها تمكنت الإنقاذ من تحقيق إنجازها الأكبر، الذي قلب كل المعادلات، وهو استخراج البترول من باطن الأرض، بعد أن ظل استخراجه وتسويقه في عداد أحلام السياسيين العاجزين القاصرين مجرد(أحلام ظلوط كما عبر من ندم على قوله الآن!) وقد واصل هؤلاء السياسيون هزءهم ومساخرهم اللفظية، عندما هبطت أسعار البترول إلى تسع دولارات في وقت استخراج الإنقاذ له، فقالوا في ذلك ما قالوا من هذر القول، ولكن التاريخ كان في صف الإنقاذ، إذ سرعان ما ارتفع سعر البترول، حتى تخطى اليوم حاجز المائة دولار. ولهؤلاء السياسيين العاجزين الهازلين الهازئين وأتباعهم أرفع هذا السؤال المشروع: كيف كان للسودان أن يدبر اليوم نقدا يستورد به البترول من الخارج بهذا السعر الرهيب؟! وكيف كان يمكن أن تحصل البلاد على البترول اليوم، لو لم تقم الإنقاذ ببعد نظرها الثاقب، باستخراجه من باطن الأرض في ذلك الزمان؟!

    لقد أدى استخراج الإنقاذ للبترول إلى تغيير الخريطة الإقتصادية، وأدى إلى تحسن الوضع الاقتصادي باطراد، وبذلك نجحت الإنقاذ في رفع مستوى معيشة المواطن السوداني إلى حد ملحوظ. إذ تضاعف معدل الدخل الفردي خلال خمس سنوات فقط(ما بين 2000 و2005م). ولا يملك من يتعامل بلغة الأرقام إلا أن يقر بأن المواطن السوداني يتمتع الآن بأعلى مستوى معيشي في تاريخه أجمع. هذا من حيث توفر الأشياء الاستهلاكية، وتوفر وسائل الرفاهية التي يجدها الآن، ولم ينعم بها بهذا القدر الكبير من قبل.

    وللمتحذلقين الذين يحبون أن يجيئوا بالأوابد، ويتحدثوا عن فناء الطبقة الوسطى، أن يقولوا ما شاؤوا أن يقولوا من قول مستظرف مستطرف في هذا المجال، ولكن العارفين الجادين -غير أولي الحذلقة- والذين لهم حس إحصائي واجتماعي جيد يعرفون أن المواطن العادي – حتى الفقير- غدا يستمتع من أشياء الحياة اليوم بأكثر مما كان يستمتع به الموظف الذي كان عماد الطبقة الوسطى إلى آخر عقد السبعينيات من القرن الماضي!

    وبالطبع فإننا لا نعني بهذا ان الفقر قد انقطع دابره في السودان، وأنه قد غاب وذاب، فهو ما زال موجودا متوطنا، لأنه ظل موجودا ومتوطنا منذ آلاف السنين، ولا يمكن أن يقضى عليه في عقد أو عقدين من السنين، ولكن يمكن أن يقال إن الفقر ما عاد اليوم يسيطر على الجميع سيطرة مطلقة أو شبه مطلقة كما كان خلال عهود ما قبل الإنقاذ، فقد خرج الكثيرون من قبضته، وستخف قبضته تباعا باطراد مع مضي الانقاذ قدما في إكمال مشروعاتها التنموية العملاقة، وعلى رأسها سد مروي، الذي شارف على الاكتمال، والذي سيغطي قريبا بقية حاجة بلادنا للطاقة ويفيض، فهو ينتج ما قدره 1250 ميجاوات بينما كل ما انتجه السودان من الكهرباء منذ أن كان السودان لم يزد على 500 ميجاوات!!

    هذا الإنجاز الهائل الذي قام على إنشائه أبناء الحركة الإسلامية الأبطال الأماجد، وغيرهم من العلماء، والمهندسين، والموظفين، والعمال الوطنيين الغيورين، لا يرى فيه من يستعجل قراءة الفاتحة على الحركة الإسلامية شيئا ذا بال، لكن إذا قامت على هامشه مظاهرة احتجاج، كما تقوم على هامش أي عمل تنموي ضخم مظاهر احتجاج، فتح صاحبنا عين السخط بأقصى سعتها، ورأى ما يحب أن يرى من المظاهر السلبية، وأعملَ قلمه في الكتابة عنها، وتضخيم خطرها، وأجهد نفسه في التربص، والتفكر، والتدبر، عله يجد صيدا ولو صغيرا في الماء العكر!

    وصديقنا الكريم أسامة القائم على هذا المشروع العظيم، نقول له إنه لجدير بك أن تلاحظ وتتحسس تربص الخصوم بهذا المشروع الضخم وغيره، وجدير بك أن تتفادى بحكمتك التي عرفناها فيك قديما، كل ما يبلبل مشاعر بعض الناس وخواطرهم، وهذه فرصة ننتهزها لكي نقول له ولرفاقه من قادة العمل الحكومي الإنقاذي أن يكونوا أكثر كرما مع مواطنينا الكرام، وذلك حتى لا تثور عليهم زوابع وزعازع، تصبح مادة لأقلام أصحاب الريب.

    مناسبة للوعظ:

    وإنها لمناسبة سانحة ندعو فيها قادة الإنقاذ جميعا لكي يعيدوا مرارا وتكرارا قراءة سيرة سيدنا ابن هشام، ليتذكروا كيف كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يهب لكل من يستحق ومن لا يستحق، هبة من لا يخشى عادية الفقر. قال ابن هشام:" ولما فرغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من رد سبايا حنين إلى أهلها، ركب وأتبعه الناس، يقولون: يا رسول الله، أقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم، حتى ألجأوه إلى شجرة، فاختطفت عنه رداءه، فقال: أدوا عليَّ ردائي أيها الناس، فوالله أَََنْ لو كان لكم بعدد شجر تِهامة نَعما لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا"! صلى عليك الله كثيرا يارسول الله، ورَغِم أنفُ هذا الذي يكره منا إيراد هذا الضرب من الوعظ الشجي، ويود أن لو يتمكن من إخراس أصواتنا وإخمادها بتآمره، بل إنه ليحلم بأكثر من ذلك، يحلم بأن يقبرنا ونحن ما زلنا في العنفوان!

    مؤشرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية:

    وفي الحديث عن الإنجازات الإيجابية للإنقاذ، تفيدنا مراجعة المؤشرات العلمية الإقتصادية الكبرى، أكثر مما يفيدنا الحديث المزاجي الانطباعي الفضفاض، فهذه المؤشرات يقوم على انشائها علماء اقتصاديون من كبار أهل الاختصاص، وعن طريقها نتمكن من رؤية الصورة العامة للأداء الإقتصادي الكلي للقطر، وهذه المؤشرات أقوى دلالة على ما نقول في شأن التقدم الاقتصادي الذي أحرزته الإنقاذ. وهنا فإننا لن نلجأ إلى استجلاب معلوماتنا من جهات أو مصادر بها أدنى شبهة محاباة للإنقاذ، بل سنأتي بها من جهات ومصادر بها شبهات العداء العظيم لها، ولكن هذه الجهات والمصادر مع شدة عدائها للإنقاذ، فإنها تلتزم الحق، وتقول الحق، ولا تتنكر للحق، كما ينكره، ويتناكره، ويغفله، ويتغافله، هؤلاء الذين يستعجلون رؤية مأتم الحركة الإسلامية السودانية، ويكادون يرفعون الأيدي لقراءة الفاتحة عليها!.

    تقول الإحصاءات الاقتصادية العلمية التي اصدرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتاريخ 13 ديسمبر الماضي، أن السودان تمكن من تحقيق مستوى نمو اقتصادي بحوالي عشرة بالمائة لعام 2006م.(النسبة بالضبط هي 9.3%). وان اتباع السودان لسياسات اقتصادية حسنة، منع اختلال ميزانيته العامة منذ عام 1999م، كما أدى إلى استقرار سعر الصرف النقدي. وذكرت مؤشرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن إجمالي الناتج الداخلG.D.P.)) في السودان قد بلغ 97.19 بليون دولارا أمريكي في عام 2006م ، وأن حجم الميزانية العامة لهذا العام قد بلغ 7.227 بليون دولارا أمريكيا، وأن حجم إنتاج البترول في هذا العام قد بلغ 344,700 برميل يوميا، وان حجم الاستهلاك المحلي منه قد بلغ 66,000 برميل يوميا، وان حجم الصادر من البترول في هذا العام قد بلغ 279,100 برميل يوميا، وان معدلات الأمية والفقر، قد تناقصت كثيرا عما كان في الماضي، إذ انحدر معدل الأمية إلى % 38.9 من عدد السكان، بينما انحدر معدل من يعيشون دون خط الفقر إلى 40% من عدد السكان.

    وبجانب هذه الإحصاءات فقد حفلت مؤشرات C.I.A.)) لهذا العام بمعلومات إيجابية كثيرة عن نمو الاقتصاد السوداني، في مجالات البنية التحية، والنقل، والاتصالات، والتعليم، والإعلام، لا يتسع المجال لإيرادها جميعا في هذا المقال، وهذا يكفي، ونقول إن حسب العاقل، المنطقي، الشريف القصد، الذي لا يماري، ولا يكابر، هذا التمثيل القليل، الذي يغني عن التفصيل الطويل، وفي هذا المعنى قالوا قديما: حسب القلادة ما أحاط بالجيد! ولكن مع ذلك فإن استمرأ هذا الشانئ الناعي مكابرته، أو كابر قرين له جاءتهم الاحصاءات لفيفا.

    إن هذه الاحصاءات العلمية تدحض ضربة لازب، جل ما يتكلم به الصحفيون المحبطون، هؤلاء الذين وطنوا انفسهم على عداء صميم للإنقاذ، وصاروا لا يتحدثون إلا عن نقم الحياة ومصائبها الكبار، ويتناسون ويتجاهلوا كل آلائها ونعمها الجسام، وفي هذا الموقف النفسي المرضي ما نظنه سببا من أسباب البلاء، نجتهد في مكافحته، كما نكافح أسباب التخلف جمعاء، فالتخلف في بلادنا لا يدعو إليه - مع الأسف - سواد الجهلة وحشو العوام، وإنما هؤلاء المثقفين الذين نصبوا من انفسهم خفراء على التخلف، يحرسونه ويحمونه، ولا يريدون لبلادنا ان تتجاوزه قيد انملة، ولذلك ما تنِي اقلامهم تنزف وتنساب، وتمطرنا بمقالات الكنود، والجحود، وغمط الحق، وبخس الناس أشياءهم الثمان!

    أساس التنمية الأعظم:
    ولكن تضليل هؤلاء الكتاب لن ينطلي على الناس، مع اتساع الوعي الذي تراهن عليه دولة الإنقاذ، التي آلت على نفسها منذ عامها الأول أن توسع رقعة التعليم العام، والجامعي، وفوق الجامعي. فقد جاءت دولة الإنقاذ وعدد من كانوا يحصلون على القبول في الجامعات السودانية لا يكاد يتجاوز الستة آلاف، أما اليوم فقد جاوز ربع المليون، ينتمون إلى أكثر من ثلاثين جامعة، منها ما يقبل وحده، كل ما كانت الجامعات السودانية قبل الإنقاذ!

    وما فعلته الإنقاذ بشأن توسيع التعليم وإتاحته للجميع، كان بإمكان

    الحكومات السودانية ان تفعله من قبل، ولكن عقلية التخلف، وثقافة خفارة التخلف، التي أشرنا إليها قبل قليل، كانت تمنع هؤلاء الناس من النظر بجدية (وثورية!) إلى أمر التعليم. فقد انطبع في أذهانهم (النخبوية الضيقة) ان أي توسيع للتعليم سيؤدي لا محالة إلى الحط من مستواه، ولذلك فالأفضل ألا يفكروا في هذه الخطوة على الإطلاق.

    وعندما جاءت الإنقاذ بنظرها التقدمي القومي الأصيل المسؤول، واتجهت إلى إصلاح الوضع التعليمي، واتخذت قراراتها بشأنه تلك القرارات الجذرية، التي نفذتها ولم تتراجع عنها، ما بقي لهؤلاء المعارضين، سوى ان يصخبوا ويشغبوا، ما وسعهم الصخب والشغب، ولكنهم مهما صخبوا أو شغبوا فلن تغلق جامعة من اجلهم، ولن يخفض عدد المقبولين لمؤسسات التعليم العالى من أجل ترضيتهم، فهذه شؤون من شؤون التنمية والنهضة الحقة، وهذه رسالة الحضارة الإسلامية في نشر العلم والثقافة، وهذه أمور لن تفرط فيها الإنقاذ، لأنها تراهن على نشر التعليم وتركيزه أول ما تراهن ، ولكنا نرجوها فقط ان تزيد من الصرف علي التعليم كما ينبغي.

    وبجانب دور التعليم، وبداخلها، فقد افلحت الحركة الإسلامية السودانية، بالتعاون مع نصرائها، من أهل الحق، وأرباب الغيرة والحدب على الدين، والأسخياء المبادرين إلى الجود، المنفقين المبتغين لما عند الله تعالى، في تشييد عشرات الآلاف من المساجد وخلاوي القرآن.

    وتشييد المساجد، والزوايا، والخلاوي، ليس غريبا على السودانيين في أي عهد من عهود التاريخ الغابر و الحديث، ولكن من يستطيع ان ينكر هذه الحقيقة الماثلة، التي تقول إن عدد المساجد التي شيدت خلال عهد الإنقاذ، كان أكبر بكثير من عدد المساجد التي شيدت في السودان طوال تاريخه الطارف والتليد؟! إن هذه حقيقة لا ينكرها إلا من غدا ينكر وجود الحركة الإسلامية في الأساس، ويتمنى لها ان يطويها الردى ذات يوم قريب!!

    اتساع نطاق الدعوة على الله:

    وفي هذه المدارس، والجامعات، والمساجد، وفي وسائط الإعلام، اتسع نطاق الدعوة إلى الله تعالى، في عهد الإنقاذ، ولم تعد الدعوة مجرد إرشادات فاترة تقرأ من كتب متهالكة، في خطب الجمعة، والنعاس يلف الأذهان، ولا مجرد خطاب دعوي تنظيمي نخبوي معقد، منحصر في الحِلَق التربوية للإخوان المسلمين. وإنما اتسع نطاق الدعوة إلى الله تعالى، وامتد ليشمل برامج التعليم العام، التي باتت تحفظ الناشئة قدرا كبيرا من القرآن الكريم، يقرأونه بتجويد خلاب أخاذ، وهو قدر من الحفظ ما كان يتاح في الماضي إلا لطلاب الجامعات الإسلامية، والمعاهد العلمية، والخلاوي!

    واليوم فقد صار صغارنا بفضل مناهج التعليم يعرفون من تفاصيل الفقه اكثر مما يعرف الكبار، وأَضحى خطباء الجمعة، بفضل وجود الجامعات الإسلامية، علماء شرعيين ذوي تأهيل ممتاز، يخرج المصلون من خطبهم كل أسبوع بمحصول غزير من حصاد العلم الشريف.

    وفي مجال الدعوة إلى الله تعالى، فقد أتاحت الإنقاذ لكل حركة إسلامية جادة، كالحركة السلفية والحركات الصوفية، أن تعمل على نشر افكارها ومُتَبَنياتها بحرية كاملة، وأن تبذل أقصى جهودها لكي تعمق وتؤكد خط الدعوة العام. ولولا وجود الإنقاذ بتوجهها الإسلامي المتسامح، وبقوتها الأمنية الحازمة، فقد كان مجرد وجود الحركات الإسلامية في السودان، معرضا للخطر، ومعرضا لقهر العلمانيين المتطرفين، إذا حكموا بلادنا، أو مالأوا الحكام، وظاهروهم، وقدموا لهم استشاراتهم المشبوهة، لمقاومة المد الإسلامي و(تجفيف مصادره) كما يحلو لبعضهم ان يتحدثوا جهارا نهارا في بعضا الأقطار.

    وهكذا أعانت الإنقاذ على نشر الدعوة إلى الإسلام، وأرست مبدأ الوسطية في الأذهان، وكافحت شتى ضروب التطرف والانحراف. ولا غرو فقد جاءت الإنقاذ من رحم الحركة الإسلامية السودانية، بأفكارها الكبيرة المؤصلة جيدا، ولذلك فقد أفلحت، أيما فلاح مُعجب، في صد أتباعها، وغير أتباعها، عن التعلق بالقضايا الخلافية الصغيرة، سواء على صعيد العقيدة، أو الشريعة، أو الفقه، أو التمذهب الدعوي، والحركي. ووجهت الإنقاذ أكبر همها وجهودها إلى حماية العقيدة، والوطن، وتطبيق مقررات العقيدة، والشريعة، في سائر شؤون الحياة، فانحصر بذلك الخلاف بين الدعاة، وقل الجموح، ولُجم الجنوح إلى التطرف، والتكفير، والإرهاب.

    وهذه الصفات المرذولة الأخيرة، هي من ضمن صفات بعض الحركات الإسلامية، ضيقة الحظيرة، والعطن، وهي حركات منتشرة في كثير من بيئات العالم الإسلامي، ولكن لم تكن في عدادها هذه الحركة الإسلامية السودانية الماجدة المسددة بعون الله تعالى وفضله.

    (ونتابع في المقال القادم، القول في إنصاف الإنقاذ، وتعداد منجزاتها حتى نبلغ بها الخمسين، ولو شئنا لبلغنا بها مائة وزيداً!)



                  

01-27-2008, 04:02 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    خمسون انجازا للحركة الاسلامية السودانية (2-2)

    ليقرا الفاتحة على نفسه من يريد ان يقرأ عليها

    محمد وقيع الله

    تقول الإحصاءات الاقتصادية العلمية التي أصدرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتاريخ 13 ديسمبر الماضي، إن السودان تمكّن من تحقيق مستوى نمو اقتصادي بحوالى عشرة بالمائة لعام 2006م. (النسبة بالضبط هي 9.3%). وأن اتباع السودان لسياسات اقتصادية مناسبة، أدى إلى منع اختلال ميزانيته العامة منذ عام 1999م، كما أدى إلى استقرار سعر الصرف النقدي. وذكرت مؤشرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن إجمالي الناتج الداخلي (G.D.P.) في السودان قد بلغ ( 97.19) بليون دولار أمريكي في عام 2006م، وأن حجم الميزانية العامة لهذا العام قد بلغ (7.227) بليون دولار أميركي، وأن حجم إنتاج البترول في هذا العام قد بلغ (344,700) برميل يومياً، وان حجم الاستهلاك المحلي منه قد بلغ (66,000) برميل يومياً، وان حجم الصادر من البترول في هذا العام قد بلغ (279,100) برميل يومياً، وأن معدل الأمية والفقر، قد تناقص كثيراً عن ما كان في الماضي، إذ انحدر معدل الأمية إلى (38.9%) من عدد السكان، بينما انحدر معدّل من يعيشون دون خط الفقر إلى (40%) من عدد السكان.
    وبجانب هذه الإحصاءات فقد حفلت مؤشرات (C.I.A.) لهذا العام بمعلومات إيجابية كثيرة عن نمو الاقتصاد السوداني، في مجالات البنية التحية، والنقل، والاتصالات، والتعليم، والإعلام، لا يتسع المجال لإيرادها جميعاً في هذا المقال، ونقول إن حسب العاقل، المنطقي، الشريف القصد، الذي لا يماري، ولا يكابر، هذا التمثيل القليل، الذي يغني عن التفصيل الطويل، وقد قالوا قديماً: حسب القلادة ما أحأط بالجيد! ولكن مع هذا فإن استمرأ هذا الشانئ الناعي مكابرته، أو كابر قرين له جاءتهم الاحصاءات لفيفاً.
    وهذه الاحصاءت العلمية تدحض ضربة لازب، جل ما يتكلّم به الصحافيون المحبطون، هؤلاء الذين وطّنوا أنفسهم على عداء صميم للإنقاذ، وصاروا لا يتحدّثون إلا عن نقم الحياة ومصائبها الكبار، ويتناسون ويتجاهلون كل آلائها ونعمها الجسام، وفي هذا الموقف النفسي المرضي ما نظنه سبباً من أسباب البلاء، نجتهد في مكافحته، كما نكافح أسباب التخلّف جمعاء، فالتخلّف في بلادنا لا يدعو إليه -مع الأسف- سواد الجهلة وحشو العوام، وإنما نصب بعض مثقفينا من أنفسهم خفراء على التخلّف، يحرسونه ويحمونه، ولا يريدون لبلادنا أن تتجاوزه قيد أنملة، ولذلك ما تنِي أقلامهم تنساب، وتمطرنا بمقالات الكنود، والجحود، وغمط الحق، وبخس الناس أشياءهم الثمان!
    أساس التنمية الأعظم:
    ولكن تضليل هؤلاء الكتاب لن ينطلي على الناس، مع اتساع الوعي الذي تراهن عليه دولة الإنقاذ، التي آلت على نفسها منذ عامها الأول أن توسع رقعة التعليم العام، والجامعي، وفوق الجامعي. فقد جاءت دولة الإنقاذ وعدد من كانوا يحصلون على القبول في الجامعات السودانية لا يكاد يتجاوز الستة آلاف، أما اليوم فقد جاوز ربع المليون، ينتمون إلى أكثر من ثلاثين جامعة، منها ما يقبل وحده، كل ما كانت الجامعات السودانية قبل الإنقاذ!
    وما فعلته الإنقاذ بشأن توسيع التعليم وإتاحته للجميع، كان بإمكان
    الحكومات السودانية ان تفعله من قبل، ولكن عقلية التخلف، وثقافة خفارة التخلف، التي أشرنا إليها قبل قليل، كانت تمنع هؤلاء من النظر بجدية (وثورية!) إلى أمر التعليم. فقد انطبع في أذهانهم (النخبوية الضيقة) أن أي توسيع للتعليم سيؤدي لا محالة إلى الحط من مستواه، ولذلك فالأفضل ألا يفكروا في هذه الخطوة على الإطلاق.
    وعندما جاءت الإنقاذ بنظرها التقدمي القومي الأصيل المسؤول، واتجهت إلى إصلاح الوضع التعليمي، واتخذت قراراتها بشأنه تلك القرارات الجذرية، التي نفذتها ولم تتراجع عنها، ما بقي لهؤلاء المعارضين، سوى أن يصخبوا ويشغبوا، ما وسعهم الصخب والشغب، ولكنهم مهما صخبوا أو شغبوا فلن تغلق جامعة من أجلهم، ولن يخفض عدد المقبولين لمؤسسات التعليم العالي من أجل ترضيتهم، فهذه شؤون من شؤون التنمية والنهضة الحقة، وهذه رسالة الحضارة الإسلامية في نشر العلم والثقافة، وهذه أمور لن تفرط فيها الإنقاذ، لأنها تراهن على نشر التعليم وتركيزه أول ما تراهن، ولكن نرجوها فقط أن تزيد من الصرف على التعليم كما ينبغي.
    وبجانب دور التعليم، وبداخلها، فقد أفلحت الحركة الإسلامية السودانية، بالتعاون مع نصرائها، من أهل الحق، وأرباب الغيرة والحدب على الدين، والأسخياء المبادرين إلى الجود، المنفقين المبتغين لما عند الله تعالى، في تشييد عشرات الآلاف من المساجد وخلاوى القرآن.
    وتشييد المساجد، والزوايا، والخلاوى، ليس غريباً على السودانيين في أي عهد من عهود التاريخ الغابر والحديث، ولكن من يستطيع ان ينكر هذه الحقيقة الماثلة التي تقول إن عدد المساجد التي شيدت خلال عهد الإنقاذ، كان أكبر بكثير من عدد المساجد التي شيّهدت في السودان طوال تاريخه الطارف والتليد؟! إن هذه حقيقة لا ينكرها إلا من غدا ينكر وجود الحركة الإسلامية في الأساس، ويتمنى لها أن يطويها الردى عن قريب!!
    اتساع نطاق الدعوة على الله:
    وفي هذه المدارس، والجامعات، والمساجد، وفي وسائط الإعلام، اتسع نطاق الدعوة إلى الله تعالى، في عهد الإنقاذ، ولم تعد الدعوة مجرّد إرشاد فاتر يقرأ من كتب متهالكة في خطب الجمعة، ولا مجرّد خطاب دعوي تنظيمي نخبوي معقد منحصر في الحِلَق التربوية للإخوان المسلمين. وإنما اتسع أمر الدعوة إلى الله تعالى، وامتد ليشمل برامج التعليم العام، التي تحفظ الناشئة قدراً كبيراً من القرآن الكريم يقرأونه بتجويد خلاب، وهو قدر من الحفظ ما كان يتاح في الماضي إلا لطلاب الجامعات الإسلامية، والمعاهد العلمية، والخلاوى، واليوم فقد صار صغارنا بفضل مناهج التعليم يعرفون من تفاصيل الفقه أكثر مما يعرف الكبار، وأضحى خطباء الجمعة، بفضل وجود الجامعات الإسلامية، علماء شرعيين ذوي تأهيل ممتاز، يخرج المصلون من خطبهم كل أسبوع بمحصول غزير من حصاد العلم الشريف.
    وفي مجال الدعوة إلى الله تعالى، فقد اتاحت الإنقاذ لكل حركة إسلامية جادة، كالحركة السلفية وغيرها، أن تعمل على نشر أفكارها ومُتَبَنياتها بحرية كاملة، وأن تبذل أقصى جهدها كي تعمّق وتؤصل خط الدعوة العام. ولولا وجود الإنقاذ بتوجهها الإسلامي المتسامح، وبقوتها الأمنية الحازمة، فقد كان مجرّد وجود الحركات الإسلامية في السودان، سيتعرض لقهر العلمانيين المتطرفين، إذا حكموا بلادنا، أو مالأوا الحكام، وظاهروهم، وقدموا لهم مستشاراتهم المشبوهة، لمقاومة المد الإسلامي و(تجفيف مصادره) كما يحلو لهم أن يتحدثوا جهاراً نهاراً في بعض الأقطار.
    وهكذا أعانت الإنقاذ على نشر الدعوة إلى الإسلام، وأرست مبدأ الوسطية في الأذهان، وكافحت شتى ضروب التطرف والانحراف. ولا غرو فقد جاءت الإنقاذ من رحم الحركة الإسلامية السودانية، بأفكارها الكبيرة المؤصلة جيداً، ولذلك أفلحت، أيما فلاح مُعجب، في صد أتباعها، وغير أتباعها، من التعلق بالقضايا الخلافية الصغيرة، سواء على صعيد العقيدة، أو الشريعة، أو الفقه، أو التمذهب الدعوي، والحركي. ووجهت أكثر همها وجهدها إلى حماية العقيدة، والوطن، وتطبيق مقررات العقيدة والشريعة في سائر شؤون الحياة، فانحصر بذلك الخلاف بين الدعاة، وقل الجنوح إلى التطرّف، والتكفير، والإرهاب.
    وهذه الصفات الأخيرة، هي من ضمن صفات بعض الحركات الإسلامية، ضيقة الحظيرة والعطن، المنتشرة في كثير من بيئات العالم الإسلامي، ولم تكن في عدادها هذه الحركة الإسلامية السودانية الماجدة المسددة بعون الله تعالى وفضله.
    (ونتابع القول بإنصاف الإنقاذ، ونعدد منجزاتها حتى نبلغ بها الخمسين، ولو شئنا لبلغنا بها مائة وزيداً!).
    الصحافة
    25/1/2008
                  

01-27-2008, 07:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    وخمسمائة إخفاق شاهدات ضد وقيع الله

    ماذا فعل بك جهاز الأمن أيها الإسلامي المستنير؟

    مصعب أحمد الأمين
    [email protected]

    نعم نقرأ على أنفسنا الفاتحة لأنه صلى الله وعليه و سلم قال وما أدراك أنها رقية . وما من معيون بأعين منا أفلا نقرأها؟

    بمثل ما تمنيت اعترافا نزيها بنجاحات الحركة الإسلامية تاق السودانيون لسماع اعترافات (مجاملة) للمعنيين المغيبين . وقبل أن تسمع تقريظا من أعداء نجاحات الإنقاذ كما جاءت في دفاتر C.I.A عليك أن تسمع لخطاب وزير المالية وابتزازه للنواب المعينون عندما طالبهم بإجازة الميزانية ويا ترى ماذا عسى التنظيم قد يكون قد قال لهم؟ و كيف لم يستخلصوا من الوزير تعديلا؟ اذكر القراء الذين قد لا يجدون وثائق سي آي ايه بخلاصة ميزانية الحركة الإسلامية :

    لا وظائف

    لا زيادة في المرتبات

    لا مشاريع رعاية اجتماعية

    نعم زيادة جمارك

    نعم زيادة قيمة مضافة

    نعم بيع المؤسسات الحكومية

    لم ندرس اقتصاد و لا نحتاج ان نفهم من أي علامة او عبقري فهامة!!

    لم نسمع بتقليص الوظائف السيادية

    لم نسمع بتخفيض رواتب الجيجا ( و الجيجا ألف ميجا و الميجا ..... ك.ب) دستوري الذين يفوق عددهم عدد برلمانيي الهند و الصين مجتمعين . لماذا هم في وظائفهم؟( الفاسدة ) أليس من اجل الشعب؟ الآن الشعب في ظرف ميزانيته ( الدقيق) يحتاج لكل ما يصرف إليهم أنفسهم !!! و استطرادا هل فرض هذه الجيوش الجرارة من الوزراء و البرلمانيون كان من تلقاء حركات التمرد ؟ الم يكن كافيا ان يمثل في برلماننا مائة نائب؟ و المائة كثيرة مع التعيين ! و مفوضيات مفوضيات و مجالس مجالس ؟ كم الثمن؟ و من يدفع الثمن ؟ و لماذا هناك ثمن أصلا؟ حتى أصبحت من الممكن أن تقول في السودان إذا سئلت ماذا يشتغل فلان ابن فلان فبقال كوز فتقول أمره مقضي الأرباب!!

    والآن أيها العالم النحرير

    الم يأتك نبأ ديوان المراجع العام إذ سأل بعد فوات الأوان وين الفلوس يا ( أخوان)؟

    مع العلم أن هناك جهات لا يمكن أن تراجع زي ميزانية القصر الجمهوري و جهاز الامن و فيه نكتفي بشهادتك فيهم وهي غير مجروحة ليس من ( شاف ) كمن ( قرأ) فأنت قلت في مراجعة أفندية الأفندي كان لك معهم شأنا ، فهل الناس الشافتم عينك بي رأيك ممكن المراجع يجي جنبهم ؟!

    إذن ربما يجب أن تقرأ بعينيين ( ان شاء الله .. لزوم الحبكة) و التنويع لا يضر للانتماء ( الغزيّ فهل انا الا من غزية ... البيتَ) قضية!!!

    و الآن سؤال للبروفسور وقيع الله طبعا في الإحصاءات ( قشرة المقال : من قشر إذا تأنق في لبسه) كم خرجت جامعات الإنقاذ و كم وظفت حكومة الإنقاذ؟ ومن وظفت حكومة الإنقاذ؟ و السؤال الأخير لا يحتمل المماحكة لماذا تضمنت اتفاقيات السلام و التي ستليها قبول الإنقاذ بتوظيف المواطنين من تلك البلدان التي وقعت الإنقاذ معها اتفاقيات السلام في ابوجا و نيفاشا؟ أم الأمر تمامة جرتق و فقه مرونة على وزن فقه الضرورة (مع تسليمنا بوجود فقه الضرورة لكن كما قرره الفقهاء الأصوليون من أن الضرورات تقدر بقدرها و ان عدتم لموضوع التوسع دون تقدير لضرورة عدنا )

    أما انها قولك إنها أمنت نفسها فنؤيدك فيه و هل فعلت غيره اما الوطن فماذا قدمت الإنقاذ لأهلها ؟ و الجنوب ؟! هل تذكرونه ؟ و الله مشتاقين بقالنا سنين ما شفناك !! ليس سوى براميل نفط هي ما تربطنا به ؟ اذن فمن هذا المواطن؟؟؟ If this is the fish, where is the cat?

    و لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، و الإيمان بالله و عبادته الحقة هي غاية خلق الإنسان الدعوة الي الله و تذليل مشاكلهم من أعظم القربات هنا متفقين: من يا أستاذ الفلسفة الإسلامية ( ربما أكون غلطان) من قسم الحركة السلفية ( أنصار السنة كما يسمون أنفسهم) الي فرق خلافاتها تحل بالاحتياط المركزي؟ الجماعة التي أثنيت الثناء الجميل على مؤسسها الفعلي المغفور له باذن الشيخ محمد هاشم الهدية قدس الله سره ، مع ما لمزت به الشباب الذين رباهم بأنهم تزيدوا بإثبات ( الإصبع) كأنهم قد ابتدعوا شيئا او قالوا بشيء يتبرأ منه الشيخ و هذه التفاتة للروح التي ( أصلت) لشق الجماعة و لا نريد أن ننكأ جراحا اندملت، فالشيخ الذي ذكرت مآثره كان يطالب بمساجد الجماعة ( طبعا و ليس الحركة) التي صودرت. ولن أسالك لماذا يدفع الناس رسوما لقضاء الحاجة في المساجد و للتوضؤ !!!

    و نجئ لمسألة الجامعات و ثورة التعليم ، اولا نسأل الله ان يبارك لأهل السودان في جامعاتهم و مدارسهم فنقول ان ثورة التعليم هي سرقة و تحريف لمشروع الطبيب البروفسور عن حزب الأمة ( ربما اسمه محجوب نسيت اسمه بالضبط لكن اذكر مناسبة فوزه بجائزة علمية دولية رفيعة من ال WHO) المهم الرجل طرح هذا المشروع و هاجمته الراية التي كنت تكتب فيها و إن أنسى لا أنسى مقال المرحوم الثائر محمد طه ( الذي افجعنا رحيله ) و لكن يومها لم تكن ثورته لله و الحرية لكن كانت للجبهة و ( التي اخلص لها إخلاصا خالط عظمه و لحمه حتى ظله يوم أطلق عليه رصاص الإرهاب و ركلات رجال الأمن) كما قلت كان من أكثر من انبرى تحريضا عليه رحمة الله ضد المشروع الذي أراد البروفسور فيه أن يتدرج في ثورة التعليم و يشرك الشعب في تكاليف التعليم فحرضت الجبهة الطلاب و الناس ضده( و طبعا تسجيل هذه الملاحظة ليس نبش قبور الأموات فالراحل قلمه كان صادقا جسورا و كما قيل :

    من ذا الذي ترضى سجاياه كلها

    كفى بالمرء نبلا ان تعد معايبه

    و لكن كما كان يكتب الكاروري على شال ترابي الجبهة لا ولاء لا تبديل

    و لن أذكرك بان سياسة تحرير الاقتصاد و التي عرفت في أيام الانقلاب الأولى الكالحة بسياسة التحرير او المشروع الثلاثي انما كان من وضع الاقتصادي السوداني المفخرة الخبير د. التيجاني الطيب يوم ان كان وزير دولة بالاقتصاد، اذن سرقت الإنقاذ مشاريع فكرية جاهزة و وضعت عليها ديباجة من جمجمة نخرة كتب تحتها من صنع الإنقاذ.

    و كلامنا بدأ عن الفساد ونعود بالذاكرة لمهازل محاكمة رموز الديمقراطية و لم يؤخذ على احد سوى حفارة للسيد البنا قال العقيد القذافي انه فعلا أهداها للشاعر الفحل (قبل كونه سياسيا)

    و انت تقول انك انضممت للحركة الإسلامية و انت ابن احد عشر فأقول لك انا انضممت لها و انا ابن تسع او عشر من اسرة سلفية . و قلمي فدا الحق و الحقيقة للحركة او عليها .

    كنا نظن بعد الرابع من رمضان ان عهدا مضى يمجد فيه الناس الباطل و الظلم عندما كان الناس في تنظيم الجبهة لا يعرفون (لا) و ايام كانت حتى لاءهم نعم زمن الإشارة و السيخ و الغواصات . حسبنا ان عهد التقية قد ولى و اننا رجعنا لإخوان الوطن بقلب سليم . فها انت تعود بنا لتكتيك الثمانيات و موضة الشارلستون . أي غبار و صدأ و بلى و قدم تطل من سحارة منطقك ، لكن لعلني أجد لك العذر الذي وجده أهل الكهف حينما أفاقوا من نومهم و اذ بعثوا بورقهم الذي اصدر قبل ثلاثة مئة سنة و تسع !! فربما غبت عن السودان فغابت عنك كل الأشياء!

    فضحتنا يا شيخ وقيع الله الناس لديهم قنوات و انترنت و رجعت الجرايد و تغيرت الدنيا !!! لن ادعوك للذهاب لقسم الأرشيف على أهمية الذاكرة لكن اصحي يا ...... و حتى بريش ربما نسيه الناس!!

    لكن من زاوية أخرى ، هل لجهاز الأمن دخل في المنطق الذي استخدمته ؟ ربما ، فأنت في مراجعتك للأفندي المابغباك و هو بالفعل قد جنح و خرف شطح هو و نطح: انك تعرضت لمضايقة من ناس أمونة فهل غيرت هذه المضايقة مجرى منطقك و أعادتك إلي Pre_Ingaz Era قل تحرر من الخوف ماذا قالوا لك ؟ هل كتبوك تعهد؟ هل أقسمت و ها أنت تبر بقسمك؟ ديل كيزان و ناسي و انا بعرفهم!!

    بقي أن اقول لك لن أقرأ خمسين الانجازات التي ستكتب عنها!! تعرف ليه؟ لأن أي انجاز مهما كان عظمه ( حتى الثورة المهدية إلي أنت مكجن حفيد مفجرها، فهمت الإشارة يا بروفسور ؟ طبعا من مقالك و لا علاقة له بما سبق مع رباح اقطع ليك من مقالك دا ذاتو غالي و الطلب رخيص طيب خذ: أحلام ظلوط كما عبر من ندم على قوله الآن!) اكرر أي انجاز مهما كبر ليس امتياز لاستحمار الناس و الدوس عليهم و على كرامتهم و حرمان آحادهم الكثيرين . و على طاري الكرامة تعرف كما اعرف أن العراقيين لو دانوا للأمريكان أكيد سيكون حالهم أفضل من الآن لكن بدون كرامة وكذلك المحصورين المحبوسين في غزة الأبية فك الله عنهم حصارهم و نصرهم على اليهود و فك اسر الأقصى ، كان أيضا حالهم سيكون أفضل مما هم عليه لو رضوا بالدنية،

    ( هات واحد ضربة لازب و سكت الربش على حساب المعلم سي وقيع )

    إذن استخراج النفط و بناء سد مروي بالدين الذي قفز ل 30 مليار و النفط الذي يدر 500 مليون دولار ( و لا و لا و لا (أعلاه)) ليست بالتي تحول أهل السودان للإنقاذ مقتوينا.

    لكن اقرب لزمانه و منطقه منك نديدك الكرنكي و هو يكتب على هذا الرابط

    و بعد لا تكابر يا جدو وقيع تحتاج لتنويع قراءتك اكثر و بعينيين و محتاج لتقبل إخوانك في الدين و الوطن من غير أهل الإنقاذ بصدق اكبر و الأرض لله يورثه امن عباده من يشاء.

    و نقاط صغيرة منهجية لك مني هدية:

    عندما ينقد الناس حكومتهم عند عجزها عن التوظيف في ذات الميزانية التي تزيد عليهم فيها بالتكاليف و تزيد الأسعار من الخضار الى الرغيف ، من حق هؤلاء المساكين ان يقولوا للزبير الا فارحل يا زبيرا او اقيف !!

    فإذا البترول و لا ذهب بني شنقول لم يشبع هذا الغول الأخطل فما عساه خزان مروي يفعل ؟؟ وإذا اشتكى الشعب أو تململ فلماذا كوز السبعينات يزعل!!!

    سودانبل
                  

01-28-2008, 07:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد 113 - الأثنين 28 يناير 2008


    الصـــــاوي والبحث عن الإستنارة في صحـــــراء الإسلاميين..!

    التجاني الحاج عبدالرحمن

    إبتدر الأستاذ عبدالعزيز حسين الصاوي نقاشاً ثراً ووعراً في ذات الوقت، عبر سلسلة مقالات لـ "البحث والتنقيب عن مكامن للإستنارة في صحراء الإسلاميين&

    quot; وهو يعني فيما يعني ـ حسب تفسيره ـ البحث عن التفتح العقلي والقابلية لاستخدام الوسائل العلمية والمنطقية في التعامل مع شئون الحياة المختلفة، بفكرة "وداوني بالتي كانت هي الداء". وقد تابعت ـ تقريباً ـ كافة ما كتبه في هذا الصدد. لكن أجد نفسي هنا على خلاف مع الأستاذ الجليل على هذا الموقف على صعيد الرؤية والمنهج معاً. وسأحاول تبيان مواضع هذا الإختلاف قدر الإمكان.
    لا يختلف إثنان على أن الإسلاميين السودانيين ـ وهم المعنيون بالخطاب في مقال الأستاذ الصاوي ـ ينحدرون حسب تصنيفات الباحثين، إلى التيار السلفي، وبصورة أكثر دقة إذا كنا نصنف السلفية إلى حقلين أساسيين هما الشيعة والسنة. فالإسلاميون في السودان يقعون ضمن التيار السني، وفي داخله يتموضعون فيما يتم تعريفه بأهل "السنة والجماعة"، وهذا التيار تاريخياً هو الذي هزم فكرة التنوير التي بدأت مع المعتزلة في نهايات الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية، وتم تتويج هذا الإنتصار لاحقاً عن طريق الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" واضعاً بذلك آخر مسمار في نعش حركة التنوير داخل الثقافة الإسلامية العربية. لذلك فكل التيارات التي برزت حديثاً في الحقل السني هي نتاج هذه المعركة التي إنتهت بانتصار أهل السنة والجماعة. ومن دون الخوض في تفاصيل هذه الفترة والتي أودعها الدكتور الجابري في مشروعه "نقد العقل العربي"، إلا أن الدرس المستفاد من ذلك هو أن هذه التيارات لا علاقة لها بالتنوير أو الإستنارة من قريب أو بعيد، وهذا يعود لأسباب متعلقة بالرؤية والمنهج. لذلك فالباحث عن الإستنارة داخلها، فعلاً كالباحث عن الماء في صحراء قاحلة والذي وإن وجد، فهو مجرد واحات معزولة عن بعضها البعض(!)، وقد كان الأستاذ الصاوي دقيقاُ جداً في اختيار العنوان لما له من مدلول حول صعوبة تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك؛ فلنحاول إجلاء هذا الإختلاف المنهجي والرؤيوي حتى لا نكون ممن يلقون القول على عواهنه.
    يعتمد التيار السلفي في فهمه وتفسيره لمتغيرات الحياة على ما يسميه منهج النقل، بمعنى؛ النقل عن السلف الصالح، والذي يأتي في صيغة "عن فلان..عن فلان" وهو ما يتم تعريفه بـ "السلسلة الذهبية"، والتي وبمرور الوقت أكتسبت سلطة وقفت على قدم المساواة مع سلطة المقدس. وقد تعرض هذا المنهج للنقد العنيف في عهد المعتزلة والذين كانوا يغلبون العقل على النقل. ولا يبدو حتى الآن في التاريخ المعاصر أن تغييراَ قد حدث ليطيح بهذا المنهج، ويعيد الإعتبار للعقل داخل أوساط التيارات الإسلامية/السلفية، بل ما زال منهج النقل سائداً حتى يومنا هذا.
    عليه؛ طالما ظلت المعرفة وطريقة التعاطي معها مقيدة إلى هذا المنهج الذي يسد الطريق سداً أمام الإبداع العقلي، ستظل مسألة الإستنارة محدودة السقف، في أفضل الشروط، بالمدى الزمني والتاريخي الذي يعود بنا إلى حدود الإمام الغزالي وماقبله، أي أننا نعيش حقيقة وواقعاً داخل الزمن المستعاد بتعبير الجابري(!).
    إن مايبرز من ثنايا حديث الصاوي من أن لابد:
    "... أن نستعيد للاذهان حقيقة أن أول حزب إستخدم الكومبيوتر في إدارة أعماله هو الجبهة الإسلامية القومية، [وبالتالي] فإن البحث في كيفية تحويل رصيد الإنفتاح والاستنارة هذا من الإمكان الى الواقع يغدو ضرورة قصوي لأنه سيؤدي الى الإضعاف الحقيقي للنموذج الديني السياسي تياراً وسلطة بخلخلة الركيزة التحتية التي يقوم عليها وينقذ جهود المعارضه في مجال الصراع ـ التعايشي السياسي مع النظام من اللاجدوى...".
    يفهم منه وكأنما استخدام التكنولوجياً بواسطة الإسلاميين مدخلاً، لهذه الإستنارة (!!)، لهو حقاً مدخل غير موفّق، لذلك أجد نفسي هنا على أشد الخلاف مع الأستاذ الصاوي حول هذه النقطة. نعم إن الإسلاميين أو الجبهة الإسلامية أول من استخدم هذه التقنيات لتطوير عملهم السياسي في السودان، والمجاهدين الأفغان أيضاً استخدموا التكنولوجيا (صواريخ الإستنجر التي رفضت الولايات المتحدة أن تعطيها حتى لأقرب حلفائها)، وتنظيم القاعدة مثال حي لمدى قدرة السلفيين على استخدام التكنولوجيا بكفاءة عالية حيرت أعتى أجهزة الإستخبارات في العالم. لكن بالرغم من ذلك ظلوا ـ أي السلفيين بما فيهم الجبهة الإسلامية ـ متخلفين على عدة أصعدة، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع التطور الذي حدث في المجالات القانونية، والدستورية، والنظم السياسية وغيرها أي العلوم الإنسانية، والتجربة الماثلة أمامنا تبرهن على ذلك. وهنا لا يفهم المرء كيف تكون هذه التيارات على مقدرة كبيرة باستخدام التنكولوجيا، لكنها متخلفة لدرجة كبيرة فيما يتعلق بالديمقراطية(راجع حيدر إبراهيم: الحركات الإسلامية وقضية الديمقراطية) وحقوق الإنسان، والنظم السياسية، بمعنى التقدم على صعيد العلوم الإنسانية.
    هذا التناقض، له جانبان يمكن تفسيرهما به:
    أولاً: بشكل عام، هذه التيارات تتعامل مع العلوم بانتقائية، تأخذ ما تريده منها وترفض ما يتعارض معها ـ بمعنى أنها تأخذ منها ما يخدم مصالحها السياسية، وترفض تلك التي تتعارض مع هذه المصالح، وهو الأمر الذي يرتد في نهاية التحليل إلى أصله كصراع سياسي بحت، يعري زيف الخطاب الديني الذي يغطي رغبات الإستحواذ على السلطة ـ وبلغة علمية أنها تأخذ الناتج النهائية لهذا التقدم ولا تعترف بالمنهجية التي قادت إليه. وهو ما ولد في داخل الدول والشعوب الإسلامية والعربية بشكل عام ثقافة الإستهلاك. ولهذا جذور قديمة أيضاً داخل حقل الثقافة العربية الإسلامية نفسها، فقد كانت العرب قديماً تعتبر أن المهن ممارسة تحط من قدرهم ومكانتهم الإجتماعية، والعربي الأصيل في تعريفهم هو من يهتم "بأخبار العرب، ونسبهم وشعرهم". أما المهن، فهي من عمل الموالي والعبيد، لذلك نجد أن كل الذين نبغوا في المهن والعلوم المشتقة منها (العلوم التطبيقية بالتعبير المعاصر مثل الطب والهندسة وغيرها) ينحدرون إلى الموالي، ويظهر ذلك من كنياتهم مثل السرّاج، (صانع السروج)، أو السيوفي (صانع السيوف) أو الإسكافي (صانع الأحذية). وحتى الذين نبغوا في العلوم النظرية في الإسلام كانوا من الموالي أيضاً وأشهرهم حسن البصري. لذلك، فاستخدام التكنولوجيا حديثاً بواسطة هذه التيارات لا يسند قضية أن ذلك قد يقود إلى إستنارة داخلهم، لأن التحول المنهجي في فهمهم لم يحدث حتى الآن، وسيظلون في حالة غربة عن التقدم العلمي، يعيشون على إستهلاك منتوج الحضارة، يرفضون دائماً الفلسفة التي إنبنت عليها. وبداهة فإن أي مشروع للتنوير يتجاوز الأسس الفلسفية التي قامت عليها المعرفة والتقدم العلمي، ويتعامل مع منتوجاتها فقط، لن يلد إستنارة مهما بدت عليه من مظاهر المدنية والتحضر، والتي تبقى كقشرة خارجية تزول مع الزمن، وهذه نقطة منهجية حاسمة.
    لذلك، فإن النتيجة النهائية التي خلص إليها الأستاذ الصاوي من أن ذلك:
    " .. سيؤدي الى الإضعاف الحقيقي للنموذج الديني السياسي تياراً وسلطة بخلخلة الركيزة التحتية التي يقوم عليها وينقذ جهود المعارضة في مجال الصراع ـ التعايشي السياسي مع النظام من اللاجدوى...".
    هي بناء للمجهول، ومعركة مع خيال، لأنها نتيجة قامت على قراءة غير صحيحة. وإلى أن يتحقق إفتراض أن الإسلاميين فعلاً وقولاً ومنهجاً مع العلم والعقلانية، أي أنهم يأخذون التقدم العلمي كمنتوج وفلسفة ومنهج معاً، يصبح بالتالي وصولهم إلى نقطة الإستنارة هو نتيجة منطقية. لكن طالما ظل هذا الفصل قائماً فسيظل حفر الأستاذ الصاوي مجرد حرث في البحر ليس إلا، ولن يؤدي إلى خلخلة في الركيزة التحتية التي يقوم عليها، ولن ينقذ جهود أي معارضة ولن يؤدي إلى تعايش سلمي، لأنه وببساطة هذه الركيزة بقيت بمنأى عن أي تأثير.
    ثانياً: إن ربط هذا الإنقلاب الإفتراضي في تركيبة الإسلاميين بالبحث عن مكامن الإستنارة في صحرائهم بالتطور على صعيد الفكر العلماني، في تقديري هو ربط تعسفي لا جدوى منه، ويعيد تدوير أزمة التيار العلماني نفسه، والذي ـ وللأسف الشديد ـ ظل يعاني ولفترة طويلة يرهن نفسه لإبتزاز الحركات الإسلامية والى وصمه تارة بالإلحاد والشيوعية، وتارة بالعلمانية، وفي كلا الحالتين، ومن خلال إتباع المنهج العلمي في التحليل نصل أن ذلك لم يكن إلا مبارزة سياسية خاضها الإسلاميون بوعي تام لمحاصرة التيار العلماني في زاوية ضيقة من حلبة الصراع السياسي، وقد إستسلم العلمانيون لهذا الإبتزاز المهين (!!).
    ولإجلاء هذه النقطة لابد من إزالة الغبار حول مفهومي العلمانية والدينية حتى يتأطر فهمنا لهذا الإبتزاز في مستواه الفسلفي والسياسي. فمسألة العلمانية يتم تفسيرها في إطارها التاريخي الذي نشأت فيه، والذي تلخّص في مقولة "فصل السلطة الدينية عن السلطة الزمنية"، وتم التعبير عن هذا الموقف الفلسفي/التاريخي بصيغ عديدة، مثال، فصل الدين عن الدولة، الدولة المدنية، ما لله لله، ومالقيصر لقيصر والدين موقف باطني... وإلخ من الصيغ. وهو في نهاية التحليل صياغة لموقف ورؤية جديدة للحياة قامت على فصل بين المناهج التي تتبعها الأديان في تناول المعرفة، وبين ذلك الذي يتبعه العلم، ولخصه التراث الإسلامي في مقولة "أنتم أدري بشئون دنياكم". ومدخل الإبتزاز الذي قامت به التيارات السلفية في السودان حول هذه النقطة إنها ربطت مابين هذا الفصل والإلحاد، بمعنى أنها نظرت إلى كل من يأخذ بهذا الموقف على أنه ملحد، وبالتالي ربطت بشكل تعسفي ما بين قضية معاملات وقضية عقيدة، وهو ما لم يفطن له العلمانيون، ووجدوا أنفسهم محاصرين في زاوية ضيقة تحاكمهم في إعتقادهم من غير جريرة، جعلت الكثيرين منهم وفي خريف عمرهم، تجدهم إما ينتمون إلى هذه التيارات الإسلامية/السلفية أو المتصوفة، في رحلة تطهر وندم على ما فات من ماضيهم العلماني وغيره، وكأن ما كانوا يدافعون عنه من قيم ومواقف فكرية، هي نزوات صبا (!)
    لذلك فإن الموقف الصحيح هو ليس في البحث داخل الإسلاميين عن مكامن الإستنارة، وإنما إستنهاض هذه الإستنارة داخل العلمانيين المهزومين في فكرههم وضميرهم الديني. والتأكيد من جديد على أن هناك إختلاف منهجي عميق في تناول المعرفة يجب الإعتراف به هو أن الأديان هي في نهاية المطاف مسألة إعتقاد لا تتطلب بالضرورة البرهنة عليها والسؤال فيها قائم على الإيمان وعدمه بينما السؤال في العلم لا يقف عند حدود الإدراك فحسب، بل يجب البرهنة عليه عقلياً. لذلك عندما وضع المفكر محمد أركون مقولته بأن الحركات الإسلامية وفي سياق رهاناتها الزمنية ودون أن تعي ذلك تقوم بأكبر عملية علمنة في التاريخ، إنما كان يشير إلى نقطة جوهرية، هي المسافة الشاسعة في الحياة اليومية لهذه التيارات بين ما تعتقد فيه، وبين ما تمارسه فعلياً، وما يتولد من ذلك من تناقضات ومواجهات على صعيد الوعي، والوجود. وهو قضية فلسفية قديمة تتمثل في المواجهة ما بين الصورة/المثال، المثالية/المادية، الفكر/الواقع، الممكن الذهني/الممكن الموضوعي ... وإلخ من المصادمات.
    لذلك فالمعارضة السودانية التي يعمل جاهداً الأستاذ الصاوي على إعانتها على الخروج من مأزقها، إنما يسلك بها طريقاً محفوفاً بالمخاطر وملئ بالثعابين، وهو وهم في بحثهم عن شعلة الإستنارة داخل الإسلاميين كالمستجير من الرمضاء بالنار. وكان من الأفضل أن يستنهض فيها العقلاينة، ويحررها من ربقة الخضوع لإبتزاز السلفيين لهم في دينهم وضميرهم، ودفعهم لقيادة المواجهة عن "يقين علمي"، كما يحدث في المغرب العربي.
    نقطة أخيرة:
    حقيقة لقد أثبت التيار الديني/السلفي تقدمه على التيار العلماني في الجانب التكتيكي. فبقراءة سريعة للواقع الماثل نجد أن أقوى تيارين في الساحة ينحدران إلى أصول إسلامية (المؤتمر الوطني في الحكومة و المؤتمر الشعبي/حركة العدل والمساواة في المعارضة). ولم ترصد حتى الآن إختلافات عميقة بين هذه التيارات عدا ما أصبح يصرّح به الترابي مؤخراً، ولهذا لنا فيه قولاً سننتظر إلى أن تتضح الملامح النهائية لهذه السلفية الجديدة.
    لذلك ففكرة إستخراج الدواء من الداء بالبحث عن " الاستنارة وسط الاسلاميين واستثمارها لمصلحة المجتمع والسياسه" لا أعتقد أنها موفقة، ولا حتى أن هؤلاء الإسلاميين من الغفلة بحيث أنهم جاهلون بما يفكر فيه الآخر، بل أذكياء بما يكفي، وهذا هو مدخلنا عما سكتنا فيما يقوله الترابي، لأن الذين على السلطة اليوم هم مجرد زبد بحر سيذهب جفاء، وقد قال فيهم عمار بن ياسر قولته قبل أكثر من 14 قرناً من الزمان، يحلمون بأن يصيروا "جبابرة ملوكاً" في حركة التاريخ ليس إلا. أما الآتي فهو ما يجب مناقشته حتى لا نعيد دورة التاريخ في شكل ومظهر جديد



    الاحداث
                  

01-29-2008, 09:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 795 2008-01-29

    حديث المدينة
    عدو عاقل..!!

    عثمان ميرغني
    كُتب في: 2008-01-28

    [email protected]



    عطفاً على ما كتبته هنا قبل يومين (الجمعة).. أهديكم صورة أخرى للطريقة التي يوزن بها (الرأي الآخر) في أدب الحركة الإسلامية.. الأستاذ الطيب مصطفى في صحيفة (الإنتباهة) أمس كتب: (ألم يكتب أحد المارينز السودانيين من دعاة ثقافة الإستسلام قبل نحو شهرين معاتباً ومتهكماً من حماس منكراً أن تجاهد ضد من تجلس في حضنه, ويزودها بالكهرباء والوقود. إنها ظاهرة عبد الله بن أبي التي نراها في فلسطين والعراق وأفغانستان تتكرر بأشكال مختلفة..).
    وليس صعباً أن يدرك القارئ أنه يقصد بهذه الكلمات.. كاتب هذا العمود (حديث المدينة).. وليس المشكلة هنا في اعتراضه على ما ورد في العمود بل في منكرين يرتادهما بأوثق ظن.. الأول استخدامه لتعبير (أحد المارينيز السودانيين..) وهو تعبير سهل رائج الاستخدام بألفاظ متحركة تبدأ من كلمة (طابور) ولا تنتهي في كلمة (عميل) وسر رواج استخدامها أنها لا يشترط فيها برهان ولا دليل.. ولا يقف مستخدموها أمام منصة قاضٍ ليثبت صدق قوله..
    لكن كل ذلك (كوم.. وكوم آخر) اعوجاج الفهم في الواضح السهل.. كتبت هنا قبل فترة.. وقلت إن حركة حماس تخلت عن دورها (الحركي) عندما اختارت أن تصبح حكومة.. فصار أهم انجازاتها تقسيم ما تبقى من فلسطين الى.. غزة والضفة.. وانتصرت في الحرب.. حربها ضد منظمة فتح.. ورأيت بنفسي مجاهدي حماس يسجدون لله (سجدة الشكر!!) فوق جثث اخوانهم من حركة فتح بعد أن دكوا آخر معاقلهم في غزة.. وبعد أن ألقوا ببعض شباب فتح من الطابق العاشر في بناية بغزة..
    وقلت ألم يكن الأجدى أن تظل حماس حركة بدلاً من حكومة.. طالما أن هذا هو حصاد الحكومة.. وقد ارتاحت إسرائيل وتركت المعركة لغيرها منذ تسلمت حماس الحكم.. وانشغل الفلسطينيون من الجانبين بحرب شوارع مريرة لم تنجح جلسات الصلح في مكة نفسها أن تكف أيديهم عن دمائهم..
    ثم تساءلت كيف تحارب حماس إسرائيل.. وهي تتلقى كامل مرتبات موظفيها من الاتحاد الأوروبي.. وتتحرك سيارة السيد اسماعيل هنية نفسه بوقود تمده به إسرائيل.. ونصف الكهرباء من إسرائيل.. كيف تصفع من تجلس في حِجره؟؟ أليس من الأصوب أن يكون أول ما تقوم به حماس أن تتخلص من هذه التبعية.. أن تبدأ حربها بتحرير وطنها من التبعية لإسرائيل وعطائها.. قبل تحريرغزة من حركة فتح..
    هناك بترول وغاز طبيعي في غزة لماذا لا تركز حماس على استخراجه؟؟ لماذا لا تقرأ حماس الآية الكريمة (وأعدو لهم...).. ولماذا لا يبني الفلسطنيون وطناً لا يطلب مرتبات موظفيه من أوروبا.. فهناك دول أصغر من فلسطين وتقدم الغذاء للعالم أجمع.. مثل هولندا..
    الحرب في عالم اليوم ليست مجرّد (رجالة..) وحناجر هتّافة.. هي تخطيط وذكاء واستراتيجيات.. في يدك اليوم أرض ووطن.. موطء قدم.. منه أبدأ.. اصنع وطناً بإنسان قوي.. حرر الإنسان من شح نفسه.. واصنع وطناً لا يهزم إسرائيل فحسب.. بل كل العالم الأول..
    أليس هذا ما فعله رجل يتيم من مكة بلا حيلة ولا قوة.. أسس دولة (الإنسان أولا) على أرفع حقوق الإنسان ولو كان من غير الملة.. فالتهمت دولته بعدها ليس يهود بني قريظة.. بل كل العالم المتحضر من أقصى الفرس الى أدنى الروم..
    كما قلت لكم يوم الجمعة.. الطيب مصطفى ورهطه يعانون من مشكلة في (نظام التشغيل!) Operating system لا يجدي معها أي Debugging للبرنامج التطبيقي.. لا بد من إصلاح منهج التفكير أولاً..



    السودانى
                  

02-03-2008, 03:52 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    خمسون إنجازا للحركة الإسلامية السودانية:

    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!(2)

    د. محمد وقيع الله
    [email protected]

    إن مجرد بقاء الانقاذ في الحكم كل هذا الزمن يعد انجازا كبيرا لها. فلو لم تكن نظاما الانقاذ صالحا لكان ثار الشعب السوداني الأبي قد ثار عليها وأتى بنيانها من القواعد، كما فعل بغيرها من أنظمة الاستعباد والاضطهاد،

    التي حكمت البلاد من قبل. وليس ثمة كابح يمنع الناس من الثورة على الانفاذ إلا إيمانهم بصلاحيتها، ويقينهم من طرف آخر بفساد، وضعف، وتفرق، عداتها، من الحزبيين، والعنصريين، والعقائديين، الذين لا يجمعهم شيئ إلا عدواة الانقاذ، وهم كفيلون بتحطيم البلاد إذا تحطمت الإنقاذ.

    فالناس لا يأتمنون أمثال هؤلاء، على مصالح البلاد. وقد جربوهم من قبل، وجربوا فسادهم وحتى وهم في المعارضة. وجماهير الشعب السوداني تعرف، أن كثيرا من الرزايا والبلايا التي يعيشها الوطن، إنما جاءت بفعل هذه الأيدي المعارضة غير الشريفة. (ولا نعمم فنقول عن المعارضين إنهم جميعا غير شرفاء، فهذا من التجاوز وخطل القول هيهات أن نتفوه به!). ولكن نقصد أولئك الذين يثيرون الصراعات العنصرية، ويؤججون الفتن الطائفية، ويطلقون بوادر الحروب الأهلية، هنا وهناك. حينا في الجنوب ،وحينا في الشرق، وحينا في الغرب، ومع ذلك يقول لك هؤلاء في حجاجهم معك بالباطل: إن البلاد لم تشهد مثل هذه الفتن إلا في عهد الإنقاذ! ولا ينتظرونك حتى تسألهم : ولكن من أشعل هذه الفتن الدواهي غيركم أنتم يا أدعياء الوطنية وياعملاء القوى الأجنبية المتربصة بوحدة هذا الوطن الكريم؟!

    تجاوز الحصار الإقتصادي:

    وهذه الأيدي والأصوات المعارضة غير الشريفة، هي نفسها التي دعت وتدعو وتدعو الى تدمير الاقتصاد الوطني، وتبنت وتتبنى جرائم الحصار الاقتصادي الذي تشنها بعض القوى الخارجية، الصغرى، والكبرى، على الوطن. ومن عهد الانقاذ الاول، بدأت هذه الفلول المعارضة، في تحريض هذه القوى، وتزويدها بالتقارير الاستخبارية الزائفة عن السودان، زاعمين آناً أنه يؤوي معسكرات الإرهابيين، الذين يتأهبون للإنطلاق في اعمل ارهابية وشيكة، وآنا آخر يزعمون أن السودان على وشك أن ينتج اسلحة الدمار الشامل. وكان تدمير مصنع الشفاء، الذي هو أحد أبرز المنجزات التنموية الوطنية في عهد الانقاذ حادثا سعيدا لهؤلاء، بل إنه كان نتاجا لتقاريرهم الكاذبة التي صاغوها عنه.

    ومن أعجب العجب أن بعض هؤلاء المعارضين المتطرفين من المشهود لهم بالفساد العريق المتاًصل، قد باركوا ذلك القصف، الذي أدانه العالم أجمع، بل إن بعضهم ظنوا أن تلكم هي بداية النهاية لحكم الانقاذ، فتهيأوا لرفع الفاتحة عليه، ولذلك دعوا إلى أن يتواصل القصف المدمر، ورشحوا مصانع جياد، التي هي مفخرة الصناعة الثقيلة بالسودان، لتكون الهدف الثاني للقصف!!

    إن هؤلاء المعارضين المفسدين غير الشرفاء، كانوا وما زالوا يظنون أن أي تخريب للإقتصاد الوطني، هو إنجاز كبير لهم، طالما تكبدت خسارته حكومة الإنقاذ! فالمهم عندهم هو توهين الانقاذ، ولو كان فيه توهين الوطن، فالمعارضة السياسية التي تفكر وتتصرف على هذا النحو هي معارضة عاجزة وخاسرة، وقد خسرت بحمد الله أكثر جولات رهانها على تخريب الوطن وحرقه، فقد كسرت الانقاذ بحكمتها، واعتدالها، ودبلوماسيتها النشطة الأمينة، طوق الحصار الظالم، فاخذ اقتصاد الوطن ينمو بوتائر متصاعدة، تحدثنا بلمحة خاطفة عنها في المقال الماضي، ولا نكرر ما قلناه هناك هنا، وإن كان هو أولى أمر بأن نستمرئ فيه التكرار!

    حرية الصحافة وتطورها:

    إن بقاء الانقاذ في الحكم لدليل، أي دليل، على مشروعيتها، وانجازيتها، وشعبيتها، وقوتها، وليس دليلا فقط على ضعف معارضيها، وقلة مشروعيتهم، وانعدام انجازيتهم – إلا في التخريب!- وهم مازالوا يجوسون في كل مكان، رافعين عقيرتهم بالمعارضة، من غير ان يأبه بهم أحد.

    وفي أمر كهذا لم تكن الانقاذ لتميل كل الميل إلى القهر، وإلى التضييق في الحريات، كما كانت حكومة مايو – مثلا - تفعل. والدليل على ذلك أنا نجد أصوات معارضيها هي الأكثر والأعلى في صحف الخرطوم. بل إن معارضي الانقاذ هم الذين يمارسون القهر والتغييب المتعمد للأصوات المؤيدة للإنقاذ، ويستكثرون على مؤيدي الانقاذ أن ينشروا بضع مقالات في إنصافها والدفاع عن مشروعيتها.

    ومهما يكن من ميل بعض الصحف السودانية، الى النقد غير الموضوعي، فاني سعيد جدا بحرية الصحف التي كفلتها بأريحيتها الانقاذ. وكم اتمنى ان تتمتع بها الصحف ابدا، وأن تتفاعل معها هذه الصحف، بشرف ومسؤولية، وذلك حتى يتواصل ازدهار الصحافة السودانية، الذي غدا ظاهرة ملموسة، حيث اخذ الناس يقبلون على قراءة الصحف، والاهتمام بما فيها من تعليقات وتحليلات.

    ولقد قلت في مناسبة ماضية إن الصحافة السودانية قد نمت وتطورت كثيرا في عهد الانقاذ. واقول الآن إنها موعودة بنمو عظيم ان نأت بنفسها عن التطرف، والمبالغة، والتهويل، والتصرف غير المسؤول، والسعي إلى تأجيج النزاعات، والسعي بغير أهبة للإطاحة بالنظام، والغرق في الأوهام، والتهيؤ لرفع الفاتحة عليه، ظنا أن مظاهرة صغيرة، في قرب سد مروي، يمكن أن تطيح به، كما طاح حالم واهم قبل أيام في دنيا الأوهام!!

    لقد قلت ما قلت عن تطور الصحافة السودانية في عهد الانقاذ، مستندا إلى حقيقة تنامي عدد هذه الصحف السودانية، وترقي مستويات تحريرها، واخراجها، وتوزيعها، والقدر الكبير من الحرية (المنضبطة) التي تتمتع بها، حيث لم نعد نرى بعض الصحف السودانية، تتبع مباشرة - او بغير مباشرة - لأجهزة المخابرات، والسفارات الأجنبية، كما كان عليه الأمر، من النواحي، في الماضي القريب.

    كلمة عن التلفاز:

    ويتصل بنمو الصحافة السودانية وترقيها، نمو وترقي الاجهزة الاعلامية الحكومية، وشبه الحكومية، والمستقلة، في مجال البث الاذاعي والتلفازي. حيث اصبح يغطي رقعة الوطن بكاملها لاول مرة في تاريخ السودان، وأصبح يغطي رقعة الزمن بكاملها ايضا. وهذا جل ما استطيع ان اقوله هنا لاني اريد ان اكون دقيقا وامينا.

    فأنا لا اشاهد تلفزيون السودان، ولا أي من تلفزيونات الدنيا الاخرى، حيث توقفت عن إضاعة الوقت في متابعة برامج التلفزة منذ عام 1999م. ولم اعد اشاهدها الا لماما، ان كنت محتبسا في فندق، أو في مناسبة مع قوم يشاهدون التلفاز. وربما لم اشهد خلال العشرين عاما الماضية، إلا أقل من عشرين ساعة من بث تلفزيون السودان. ولذلك فاني إذا استتنجت، مما شاهدت، خلال ساعات قلائل، في العام الماضي، والحالي، أن تلفزيون السودان ساذج، ومتخلف، وثقيل الدم، فهذا سيكون حكما انطباعيا قاصرا، لا يحوز اطلاقه من طرفي للتعميم، الا إذا عضدته شهادات المنصفين!

    وعلى كل فارجو ان ينفتح التلفزيون السوداني على اصحاب الكفاءات الفنية، والثقافية، والسياسية، التحليلية،الرفيعة، حتى لا يغدو اقطاعية مسيَّجة يرتع فيها فاقدو المواهب، من اتباع الانقاذ. فالاعلام - لا سيما الاعلام المرئي- يذوي ويتحلل حالما يُسوَّر باسوار الحزبية المتعصبة، ويختنق ويقضي سراعا عندما تخيم عليه الروح الدينية الضيقة.

    وأقول هذا ولست احسب ان اهل الانقاذ الكبار، ضيقي الافق الى هذا الحد المزري، فهم (ليبراليون) وقوميو التفكير، وتفكيرهم الحزبي ليس بهذا المستوى. ولكن للبيروقراطية احكامها، والتطبيق العملي، وقلة الكوادر المدربة، وضعف التجهيزات، وبؤس التحفيز، كل ذلك يشكل قيودا تحد من ارتقاء عمل التلفاز المملوك للدولة. ومن ناحية اخرى، فاعتقد ان الدولة الانقاذية، لا يهمها كثيرا امر الاعلام، لا في التلفاز ولا في غيره، ولذلك فهي لا تدعمه الدعم اللازم. وعقيدة الاستخفاف بالاعلام، عقيدة ورثها القوم من شيخهم السابق، وفيها لا يمترون، ويا ليتهم فيها يمترون!

    حرية العمل الحزبي:

    وحرية العمل الحزبي التي انداحت اخيرا في الوطن، يمكن ان نعدها مأثرة اخرى من مآثر الانقاذ، ووفاء منها بوعدها لانجاز الانفتاح السياسي على التدريج. فالانقاذ لا تخشى المنافسة السلمية من أي حزب او فريق، طالما التزم اصول العمل السياسي الشريف، فهي تعتقد ان حرية الممارسة السياسية ادعى الى تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، وانه لا يمكن كبت القوى السياسية، والا انفجرت انفجارات عنيفة تصعب محاصرتها ومعالجة اثارها.

    ان جميع الاحزاب تعمل الان بحرية كبيرة، (ليست كاملة بالطبع!) وقد شهد الصادق المهدي نفسه بهذه الحقيقة الإيجابية، وهو الذي طالما انفق وقته في السابق، في نقد الانقاذ، والنعي عليها، واطلاق كل وصف مستكره عليها!

    فخير للاحزاب إذن ان تهجر ألفاظ المكابرة، وسلوك التطرف، وأن تنصرف الى عمل سياسي، شعبي، صبور، دؤوب، راشد. إن ذلك خير لها من أن تتمادى في ارتباطاتها الخارجية المشبوهة، المضرة بقضايا الشعب والارض.

    وعلى هذه الاحزاب ان تفهم اصول (اللعب السياسي) جيدا، وأن تتفهمه بأريحية وسعة أفق وبال، وأن تتصرف على ضوئه بلا طيش ولا استعجال، فليست الانقاذ غبية الى حد ان تسمح لاحد ان يجتاحها اجتياحا سريعا بالتآمر، فيدمر برعونته ما بنته لصالح الوطن من انجازات.

    إن مفهوم الاحزاب لحرية العمل السياسي، اذا كان لا يعني إلا شييئا واحدا فقط، هو تدمير الانقاذ، وليس له معنى إيجابي آخر على الإطلاق، فما اضل هذا الفهم، وما اتعسه، وما اخيب مسعى سياسي يهتدي بهداه، ثم ما أوهى آمال واحلام من يحلمون بقراءة الفاتحة على الانقاذ بفعله!

    إن هؤلاء الذين يستعجلون موت الانقاذ، ليشهدوا مراسيم دفنها، ويتسلوا، ويتفكهوا، ويبتهجوا بتقديم العزاء في مأتمها، عليهم ان ينتظروا طويلا وطويلا جدا، وعليهم أن يكفوا عن ادمان هذه الأحلام، أحلام صغار الأحلام!

    ومن هؤلاء الحالمين الواهمين المدفوعين بدواعي الأثرة، والحسرة من قطع العطاء، والفصل من وظيفته السابقة، في وزارة الإعلام، وليس في وزارة الخارجية، كما حاول أن يوهمنا، من كتب دراسة استخبارية مستفيضة، عن سيناريوهات موت الانقاذ، قدمها لأحد المراكز المشبوهة في بريطانيا، وهذه الدراسة المغرضة هي بحوزتي الآن، وقد أرسلها إلي أحد البروفسورات البريطانيين، الذين استاؤوا وامتعضوا، من هذا التحريض العريض، الذي اجترحه أحد المواطنين السودانيين، على دولته الأصل، لصالح الدولة التي صار يحمل جنسيتها.

    وفي وقت لاحق سأقوم بعرض نصوص هذه الدراسة ونقدها النقد اللازم، فالقراء الكرام موعودون بذلك في يوم قريب. كما سنمضي قدما في الحديث عن انجازات الحركة الإسلامية السودانية ممثلة في الإنقاذ.
                  

02-06-2008, 10:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية:
    ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!
    (4)
    د. محمد وقيع الله

    لقد قلنا في المقال الماضي إن من فضائل الإنقاذ أنها مازت الخبيث من الطيب، والزبد من الصريح، والعميل من الأصيل، وكانت هي الطيب والصريح والأصيل، وكانت حركة سودانية وطنية مائة بالمائة، وشهد لها بذلك خصومها أجمعون، إذ لا يوجد من يدعي اليوم أدنى ادعاء بأن الإنقاذ كانت امتداداً أو ظلاً لقوة أجنبية من أي نوع.
    ومن فضائل الصادق المهدي السياسية، أنه شهد بهذا الحق من أول يوم للإنقاذ، فقال إنه اختفى يوم الانقلاب عليه في 30 يونيو 1989م وتوارى خصيصاً من أجل أن يستكشف هوية من قاموا بالانقلاب، ومن يقف وراءهم من القوى الخارجية، ولما تبيَّن له أنه لا توجد أي قوة أجنبية وراء الانقلاب جاء ليفاوض من قاموا به.
    قطع الأذناب الأجنبية:
    ولما كانت الإنقاذ حركة سودانية وطنية، سليمة، مائة بالمائة، بريئة من الإنتساب إلى الخارج، فقد كان طبيعياً أن تتجه لتصفية كل وجود أجنبي ذي نزعة وصائية أو تآمرية على البلاد. فقامت بتصفية المؤسسة العسكرية، وهي أخطر مؤسسات الوطن، من النفوذ الضارب لحزب البعث العراقي.
    وإذا كان يحمد للرئيس الأسبق جعفر نميري، أنه صفى الجيش السوداني، من النفوذ الضارب للحزب الشيوعي، الذي كاد أن يستولي على السودان بأكثر من انقلاب، فإن مما يحمد للإنقاذ أنها صفّت الجيش من نفوذ حزب البعث العراقي- فرع السودان، والذي كان على وشك أن ينفذ انقلاباً يتسلم به مقاليد الحكم، ويعيد في بلادنا إنتاج المذابح والجرائم والمآثم، التي أتاها طاغية العراق هناك.
    ومن ملامح الأصالة الوطنية التي لا تخفي في سمت الإنقاذ، أنها لم تعتمد في حماية الوطن على الجيش وحده، بل قامت منذ أيامها الأولى بتدريب الشباب السوداني على حمل السلاح ليذودوا به عن وطن الجدود، وهكذا نشأ خلال العقدين الماضيين جيل سوداني متين، صاعد، مدرب في غالبه، على حمل السلاح، وعلى استخدامه بكفاءة جيدة، وهذه ظاهرة جديدة لم يشهدها السودان منذ عهد الدولة المهدية. وفي التدريب العسكري تدريب على الجد، والرجولة، وتحمل المسؤولية، انعكس على تربية الشباب السوداني بشكل عام، فقلت فيه النـزعة الاعتمادية القديمة، وغدا يقبل على تكاليف الحياة وملاقاة صروفها بتحدٍ، وعُرام، وصدام، وكأن هذا الجيل الصلب، هو الجيل الذي خاطبه شاعر الإسلام، العظيم ألطاف حسين حالي بقوله:
    أنت في عالم الصراع فهيء ü لك زند المصارع الجبار
    لا تخف من خطوب وكن أنت خطباً ü وجحيما ومارجا من نار!
    وقد اهتمت الإنقاذ بأمر الجيش السوداني من كل النواحي، لاسيما ناحيتي التدريب والتسليح، فأصبح جيشاً عالي المهنية، لا يعاني من قلة التسليح كما كان عليه الأمر، قبيل قيام الإنقاذ. ولأول مرة في تاريخ السودان صار الإنتاج العسكري صناعة وطنية، وأخذ الجيش السوداني يعتمد، بشكل شبه كامل، على المنتجات العسكرية المحلية، من الرصاصة، إلى الدبابة، إلى راجمة الصواريخ.
    لقد أنقذت الحركة الإسلامية السودانية، بهذا التخطيط العبقري، الأصيل، المعتمد على الذات، هذا الوطن ومواطنيه، من الوقوع في قبضة حركة التمرد، التي كادت أن تستولي على الخرطوم في عام 1989م، حينما كان الجيش السوداني يتحطم ويتآكل، ونظام الحكم الطائفي يهترئ ويتقوض، ومنصور خالد يوجه إنذاراته الشامتة في الشماليين، يأمرهم فيها بالتهيؤ لوصول حاكم يحكمهم، ليس بعربي ولا مسلم، ولا ديمقراطي، وإنما هو حاكم يأتي مستنداً على الرماح!
    التأصيل الإسلامي:
    وليست دعاوى الإنقاذ في الأصالة، والوطنية، والإسلامية، دعاوى تشدق كدعاوى الأحزاب، وإنما كانت دعاوى لها براهينها العملية، الصادقة، في التأصيل الوطني، الإسلامي، لمجالات الحياة المختلفة، كمجال القانون، والاقتصاد، على الخصوص. حيث حافظت الإنقاذ على إسلامية القوانين، الجنائية، والمدنية، وقامت بصياغة مواد محكمة للقوانين مستمدة من الشرع الإسلامي الحنيف. وقد نسي العلمانيون المتطرّفون التعساء الشهر الميلادي، الذي صدرت فيه، فلم يسمونها به، فتعساً لهم وأضل أعمالهم!
    وقد طبقت الإنقاذ تلك القوانين باعتدال تام، وربما ببعض التحفظ، لأن الأهم في هذه المرحلة، وهي مرحلة طويلة شائكة، هو تمكين تلك القوانين، وكفكفة هجوم العلمانيين، والقوى الغربية عليها. واليوم لا يكاد شخص جاد يتحدث بنقد القوانين الشرعية في السودان. وقد يئس العلمانيون من امكانية تغييرها بعد أن تأصّلت كثيراً وتعمّقت، وأمست القوانين العلمانية الفاسدة المفسدة نشازاً لا يتفق مع الواقع الاجتماعي والإسلامي المتطوّر في البلاد.
    إن هذه القوانين التي صاغتها وطبقتها وحرستها الإنقاذ، لم تجد أدنى مقاومة من الشعب، بل وجدت كل الترحيب والدعم منه. وليس أدل على ذلك من أن الدكتور منصور خالد، قد واجه شيعته من العلمانيين (اليساريين!!) العابثين، الذين وجهوا له اللوم لأنه مع دهاقنة حركة التمرد قد خانوا العلمانية بموافقتهم على حكم السودان بقوانين الشرع، قائلا: إن الوسطاء «هكذا قالها، وهو يعني القوى الغربية التي تساندهم في حركة التمرد!» قد حدثونا في نيفاشا بأن نقلع عن عداء الشريعة، لأن السودان لم يشهد ولو مظاهرة واحدة ضدها، فلو لم تكن الشريعة تطبق برضا الشعب لثار الشعب عليها!
    ومالم يقله منصور خالد لشيعته، التي تعرف ذلك أفضل منه، هو أن الإنقاذ لم تبد طوال تاريخها أدنى تنازل في أمر الشريعة، وما كان لها، وأنى لها، فهي ماضية بحكم الله، تطبقه على عباده، وذلك مجد عزير من أعز أمجاد الإنقاذ، وهي لن تتنازل عن ذلك المجد الذي شرفها الله به، مهما تطاول عليها الخصوم والأعداء.
    تحرير الاقتصاد وتأصيله:
    وفي مجال الاقتصاد قامت الإنقاذ، بتأصيل مبادئ الاقتصاد الإسلامي ما أمكن في الاقتصاد السوداني، وعن طريقها حررت الاقتصاد السوداني من داء الربا، الذي هو حرب على الله تعالى، كما جاء في التنزيل. وعالجت داء الكساح الذي أعجز القطاع العام عن أن ينهض بأمر الاقتصاد، وحررت أسعار السلع، حيث كان نظام الأسعار، نظاماً مشوشاً ومهتزاً، وغير قائم على أساس راسخ، وكان مصطنعاً ومزوراً إلى حد أن الدولة كانت تدعم كل شيء بما في ذلك سعر الدولار!
    وأحيت الإنقاذ في الشعب السوداني، قيم الاعتماد على الذات، وعزائم السعي العفيف في طلب الرزق، (لا الارتزاق!)، وكافحت أمراض التبطل العطالة، والتواكل والتبعية، ونفسية الزهد الكاذب، التي ظلت متوطِّنة منذ قديم الزمان، فأصبح الكل الآن يتطلّع إلى وضع حياتي أفضل، وإلى نوال ميزات كريمة يستحقها، ويسعى لها سعيها، غير قانط، ولا يائس من أن يحصل عليها وعلى كل ما يريد.
    الشكوى من الفساد الاجتماعي ظاهرة إيجابية:
    وفي الحقيقة، فإن فترة حكم الإنقاذ، قد أصلحت الكثير من خلل الثقافة الشعبية السودانية، فتوارت مظاهر فساد كانت ضاربة الأطناب، كفساد السفور، والخمور، والفجور. وقد كان القانون الوضعي الفاسد المفسد يقنن، منذ استقلال السودان، وقبل ذلك، تجارة الخمر، والدعارة، ويحميها، وكانت لتلك التجارات مناظر يندى لها الجبين، وكان السياسيون العلمانيون يتوانون عن مقاومة تلك المنكرات، التي ورثوها عن الإنجليز، ويتفنن المثقفون العلمانيون في انتحال الحجج الزائفة لتأييد تلك الأوضاع المزرية وتثبيط جهود مقاوميها.
    ولنذكر هنا، أن الرئيس الأسبق، نميري، كان له فضل السبق في مقاومة الفساد الأخلاقي المقنن، ولكن بسقوطه كادت أن تسقط جهوده في هذا الاتجاه، لولا أن قامت عليها الحركة الإسلامية، قبل الإنقاذ فحمتها من أن تلغي أو تكتسح، وجاءت الإنقاذ فعززتها ودعمتها، ورشدتها، وزادت عليها، بعون الله.
    واليوم إذا اشتكى الناس من بعض مظاهر الفساد الأخلاقي التي تطفح بين الحين والحين، فتلك محمدة كبرى، أن الناس صاروا يحتدُّون في نقد الفساد الأخلاقي، ويشجبونه أشد الشجب، ويحثون الدولة، ويحضونها، للقضاء عليه قضاء مبرماً، وإلا فقد كانت الكثير من أنماط الفساد التي يتشكي الناس منها اليوم، تبدو طبيعية لأنها كانت مقننة، تتمتع بحماية الدولة، وقوتها، في سالف دهر قريب!
    إن الاهتمام بمكافحة المنكرات والمفاسد الاجتماعية، كان قد اختفى من أجندة السياسيين، منذ عهد الدولة المهدية، التي كافحت المنكرات كفاحاً لا هوادة فيه. وقد غرس الغزاة الذين دمروها، في أذهان بعض النخب المتغرّبة، التي تابعتهم في أفهامهم السقيمة، مفاهيم (الأخلاق النسبية). بمعنى أن الأخلاق مسألة نسبية، فما يراه زيد منكراً ليس بالضرورة أن يكون كذلك عند عمرو، وزعموا لهم أن الدين لا علاقة له أصلاً بالموضوع، وأن مسائل الحلال والحرام، هي من مسائل الثقافات المتخلفة، التي يجدر بالمتحضرين أن ينأوا عن الإلتزام بها!
    ولذلك كنت ترى الكثيرين من أتباع ذلك الفهم المنحرف، يتباهون بالمعاصي، والمفاسد، ويسخرون من شمائل المتدينين، الذين يشتقون حدود الأخلاق، مما قال الله تعالى، وقال رسوله، صلى الله عليه وسلم. ولم يكن لأولئك المتدينين الوقَّافين عند حدود الله تعالى ومحارمه، مكان كريم لدى كثير من تلك المؤسسات (القومية!) التي شادها لنا الإنجليز، وقاموا بتأصل قيمهم الغربية فيها ووطدوها، وكثيراً ما كانت مجالس الناس، حتى عقود قريبة، تردد شوارد التبكيت، والتنكيت، بمتدينين من منسوبي تلك المؤسسات (القومية!)، شاءوا أن يصلوا، وصمموا على أن يجتنبوا الخمر!
    ولكن الله تعالى (يخلق ما يشاء ويختار). فمن أعماق تلك المؤسسات، جاءت الإنقاذ لتطهر البلاد من الأرجاس، ولتعلي قيم الأخلاق. وقد طهرت تلك المؤسسات، أول ما طهرت، وجعلت من منسوبيها أمثلة تحتذى في سمو الأخلاق.

    الصحافة
    6/2/2008
                  

02-03-2008, 04:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    البنية التحتية للفساد

    د. التجاني عبد القادر

    (1)

    عندما أُجريت أول انتخابات برلمانية في السودان بعد استقلاله عن بريطانيا في عام 1956، جرى حديث عن "فساد" سياسي في إحدى الدوائر النائية التى تقع في إقليم دارفور، إذ ذكر أن مرشح الدائرة قام باستضافة المواطنين في منزله في محاولة لنيل أصواتهم. شكلت محكمة للنظر في الموضوع ووجهت بأن تعقد جلساتها في موقع الحدث حتى يرى الناس العدالة تسعى بينهم. فلما وصل أعضاء المحكمة ومحاميا الإتهام والدفاع الى موقع "الجريمة" فوجئوا بأنه لا يوجد مقر مناسب لايوائهم، كما لم يكن يوجد بالطبع فندق أو منزل للإيجار في ذلك الزمان، فعرض عليهم ممثل الدائرة "المتهم" أن يستضيفهم في منزله، فقبلوا العرض، وما كان أمامهم إلا أن يقبلوا، ثم فوجئوا للمرة الثانية بأن أعداداً من المواطنين أتوا الى صناديق الإقتراع من قرى بعيدة، فلم يجدوا مأوى غير منزل مرشح الدائرة "المتهم" (مثلهم في ذلك مثل أعضاء المحكمة الموقرة ومحاميي الدفاع والإتهام) ، فقدم لهم الظل والطعام والشراب "بالمجان" ثم توجهوا بعد ذلك الى صناديق الإقتراع ليمارسوا حقهم "الديموقراطي" في حدود السرية والحرية اللتين ينص عليهما القانون. تداولت المحكمة قليلاً في شكوى الفساد ثم أصدرت قراراً ـ بعد أن تناول أعضاؤها إفطاراً راقياًـ ببراءة المتهم ونزاهة الإنتخابات، ولعله قد ذكر في حيثيات الحكم أن استضافة الناخبين فى مثل ذلك الموقع لا تعتبر رشوة أو فساداً سياسياً.

    وإذا تسرعنا في إصدار الأحكام لضحكنا من سذاجة المواطنين، ولعجبنا من فساد المرشح وهيئة المحكمة، ولكن إذا صبرنا على هذه التفاصيل (والتى توجد بقية منها لدى الأستاذ أحمد سليمان المحامي) وتأملنا جوهر الحكاية فسيتضح أن هناك لعبة عملية ثلاثية الأركان، يشارك فيها زعيم رئيسي، وقطاع شعبي، وبعض سماسرة التجار. فالزعيم هو الذى يطعم، في ظاهر الأمر، ويأوي ويقضي الحاجات، ولكنه، في حقيقة الأمر، لا يسدد فاتورة الطعام والإقامة، وإنما يقوم بذلك التجار المصطفون خلفه، المصطادون به، أما القطاع الشعبي فلا يرى في الزعيم إلا أنه خازن "تكية" ينفق منها بالليل والنهار، وما على الناس إلا أن يتعرضوا لنفحاته، وإذا طلب من أحدهم في مقابل ذلك أن يتوارى خلف ستارة، ويرمي بقصاصة من الورق على صندوق من الخشب فإنه سيفعل بكل سرور، إذ أنه لن يخسر شيئا ولا يعتبر أنه قد قام بعمل يخل بالشرف أو المروءة، ولا يهمه من قريب او بعيد حقيقة أن هناك "ستارة" أخرى خلف الزعيم يتوارى بها "السماسرة" الذين دفعوا "مقدماً" فواتير الطعام والمواصلات و الحملة الدعائية وينتظرون نصيبهم عند وزارة التجارة أو الطاقة أو الخارجية أو حتى عند المجالس البلدية.

    نستطيع أن نقول إذن أن الفساد الذى يظهر في النظام الإنتخابي أو القضائي له بذور دفينة في التربة الثقافية، وقد يعمل النظامان السياسي والقضائي على إماتة تلك البذور كما قد يعملان على إحيائها. والثقافة السائدة في تلك العينة من المواطنين هي أن "الزعيم الحقيقي" هو الذي يطعم الناس ويؤويهم ويقوم في حاجاتهم الخاصة والعامة، والزعامة لا تنشأ ولا تستمر إلا بالبذل الجزيل والكرم الفياض، وهي الثقافة نفسها التى تعود جذورها الى عهد معاوية الأموي وهرون الرشيد العباسي و سيف الدولة الحمداني، وقد عبر أبو الطيب المتنبي عنها أوضح تعبير حينما قال يمدح سيف الدولة:

    ( فيوماً بخيل تطرد الروم عنهمو.......ويوما بجود تطرد الجوع والفقرا)، وذلك وصف دقيق وصادق ليس فقط لشجاعة سيف الدولة وكرمه، وإنما هو وصف دقيق كذلك للنفسية الشعبية المقهورة والمهمشة والتي تتشوق الى القادة "العظام"، والعظمة هنا لا تقاس بالإستقامة أو العدل أو الإجتهاد في المصالح العليا للأمة، وإنما تقاس بالثراء العريض والبذل الذي لا ينقطع. ولقد كنت من قبل أظن أن هذا من عيون القصائد المادحة، ولكني اليوم حينما أعيد قراءة هذه القصيدة أتساءل ما إذا كانت صورة المهانة والإذلال التي رسمها أبوالطيب بطريقة غير مباشرة عن "شعب" سيف الدولة هي من قبيل المبالغة الشعرية أم هي تصوير صادق لنفسية شعبية منهارة، وواقع مجتمعي بلغ آخر مرحلة في الإنحطاط الحضاري؟

    وكيفما كان الأمر، فإنه سيترتب على مثل هذا الوضع أن يشرع الزعيم، أي زعيم، في البحث عن موارد مالية خاصة تمكنه من "مواكبة" تلك الثقافة، فينفق جهراً ما يملك وما لا يملك، وبدون هذه الموارد "الخاصة" لا يستطيع أحد في مثل ذلك المناخ الثقافي أن يحافظ على زعامته السياسية (أو حتى الدينية ). وبسبب تلك الثقافة تجد كثيراً من الزعماء السياسيين يحرصون على توفير موارد مالية خاصة تكون تحت تصرفهم المباشر خارج القنوات المالية المعلومة للكافة، ولن يكون ذلك ميسوراً إلا باثنتين: أن يتحول الزعيم الى رأسمالي يعمل بصورة مباشرة في حقول التجارة والصناعة والإستثمار، أو أن يبرم شراكة "ذكية" غير معلنة مع بعض عناصر الرأسمالية من خلال عدد من "الموالين الأذكياء" الذين يوظفون علاقاتهم السحرية بالزعيم فتنهال عليهم العقود والصفقات، والعمولات، دون أن يعلم الزعيم "بالتفاصيل" (علما بأن كل العفاريت تقبع تحت التفاصيل). وأشهر من سار على الطريقة الأولى في تاريخ السياسة السودانية المعاصرة هو السيد عبد الرحمن المهدي، والذي استطاع أن يكون قائداً محبوباً ليس فقط بسبب قامته الفارعة وحديثه العذب ولكن بسبب أنه تحول (بعون وتشجيع من الإدارة البريطانية) الى رأسمالي موسر، يبني "السراية الشامخة" في وسط الأكواخ، ثم يبسط الموائد الطويلة، ويرفد بالهبات السخية، استمداداً من مشاريعه الزراعية وعقاراته وشركاته، وقد صار ذلك كما هو معلوم ميراثاً اقتصادياً ورصيداً سياسياً يعتمد عليه آل المهدي الى يوم الناس هذا (وقد قال فيه المحجوب، إن لم تخني الذاكرة، شعراً يشبه ما كان أبو الطيب يقول في سيف الدولة)

    (2)

    أما من كان يضارع السيد عبد الرحمن في الجهة الأخرى فهو السيد علي الميرغني، فقد كان هو الآخر رأسمالياً كبيراً، له سراياه وحدائقه، وله مزارعه وعقاراته التى لا تقل عن مزارع وعقارات المهدي، وكان يقوم على استثمار تلك الأموال عدد من الخلفاء والمريدين، فصار في مقدور هذين السيدين، المهدي والميرغني، أن يرفعا الى مواقع الوزارة من يريدان، بل أن الحكومة كلها كانت في بعض الأحيان تنسب إليهما، كأنها جزء من ممتلكاتهما، فيقال "حكومة السيدين" ولا يقال حكومة السودان. وهكذا، وبمرور الزمن تأسست وتوطدت علاقة "بنيوية" بين الثقافة الشعبية والزعامة السياسية والسوق. وهي علاقة غير عادلة يضطر فيها قطاع مقهور من قطاعات الشعب أن يتنازل ـ تحت وطأة الجوع والجهل- من مقام المواطنة الحرة المسئولة ليلتصق عضوياً بزعيم كبير، يتردد على "راكوبته" أو سراياه أو صالونه حتى يتقي الجوع والفقر، ويضطر فيها الزعيم الكبير من ناحية أخرى أن يخفض من سقف نقائه الأخلاقي ليحافظ على علاقته النفعية مع بعض الفئات الرأسمالية، يوفر لها غطاءً سياسياً مناسباً تتخطى به قوانين المنافسة التجارية الحرة، فتوفر في المقابل أرباحاً هائلة يكون للزعيم نصيب معلوم منها، فيرمي شيئاً من الفتات الى جمهوره البائس الفقير، وينفق ما تبقى على زوجاته وأصهاره وخيوله، فيقوى بذلك الحبل "السرى الفاسد" الذى يربط الزعيم بالشعب من ناحية، ويربط الزعيم بالمافيا، من ناحية أخرى، حيث يوفر الزعيم الغطاء "القانوني والأخلاقي" اللازم، وتوفر المافيا الموارد اللازمة لشراء الأصوات (إذا كان الزمان زمان ديموقراطية)، أو لشراء السلاح والعتاد (إذا كان الزمان زمان هرج ومرج ونضال عسكري).

    وليس السودان بدعا في هذا، فالسياسة في بعض الديموقراطيات الكبرى ترتكز هى الأخرى على مثل ما ذكرنا من أنماط الفساد الناعم الذى لا يعاقب عليه القانون. خذ مثلا حالة كلنتون، الرئيس الأمريكى السابق، حينما أحاطت به الفضيحة الأخلاقية في عام 1998، وأدرك أنه يحتاج لمبالغ أضافية للصرف على الموقف الإعلامى والسياسى الملتهب، فاتصل سماسرتة بالفنانة دينس ريك(Denise Rich) وطلبوا منها أن تنظم سهرة خاصة لدعم الحزب/الزعيم، فأقيمت سهرة نجومية حاشدة حضرها الرئيس ونائبه وزوجتاهما، فبلغ دخل السهرة ثلاثة مليون دولار، ذهبت لدعم الزعيم/الحزب. الى هنا فالأمر يبدو عادياً لمن لا يعلمون، اذ ما الغضاضة أن يرفه الرئيس عن نفسه وعن زوجته وأصدقائه المقربين، ولكن الغضاضة كانت بادية لمن كانوا يعلمون أن الفنانة دينس ليست مجرد فنانة وإنما هى زوجة مارك ريك، أحد رجال الأعمال المتنفذين، والذى هرب من الولايات المتحدة وتخلى عن الجنسية الأمريكية منذ عام 1983 وذلك بسبب تجاوزات ضرائبية بلغت 48مليون دولار تتعلق باتجاره في النفط الإيراني برغم قانون الحظر الأمريكي،(وعليك أن تراقب باستمرار قافلة النفط إن كنت تهتم بظاهرة الفساد المعاصر) وهذا أيضا أمر عادي يحدث في دنيا السياسة والمال، فليس من المستبعد أن يكسر أصحاب الأموال رقبة كل قانون يتعارض مع مصالحهم، ولكن غير العادي هو أن يصدر الرئيس كلينتون قبل يوم واحد من مغادرته البيت الأبيض عفواً رئاسياً يشمل "مارك ريك"، فيؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الملايين التى جمعتها الفنانة دينس لم تكن "تبرعاً" للحزب/الزعيم بقدر ما كانت "ثمناً" للعفو الرئاسي، وهذا بالطبع هو نمط "الفساد البنيوي" الذى تتضافر فيه مؤسسات الثقافة والمال والقانون تضافراً يزعج الحادبين على النظام الديموقراطي في أمريكا، إذ ينفصل النفوذ السياسي/الدستوري بصورة كبيرة عن النظام الأخلاقي، ويتحول "الموقع السياسي" في بعض الأحيان الى سلعة، ويتحول "السماسرة" الى نجوم تنشر أخبارهم وصورهم على شاشات التلفزيون(على عينك يا تاجر).

    وخذ مثلاً ثانيا: حالة الرئيس الفلبيني الأسبق جوزيف استرادا، الذى كان شعاره حينما صعد الى الرئاسة: "استرادا من أجل الفقراء" ولكنه أخذ يتوغل في الفساد ويستلذ به حتى خلع خلعاً عن الرئاسة على إثر ثورة شعبية عارمة. جاء في حيثيات فساده أنه كان يشرف على عملية نهب كبرى يقوم فيها عملاؤه بالحصول على عائدات ألعاب المغامرة غير القانونية وإيداعها في حساباته الخاصة، وفى حسابات أفراد من أسرته، وفى حسابات أعضاء من العصابة الحاكمة معه، وكان الرئيس استرادا يعتمد على لويس سينغسون (Singson) أحد حكام الأقاليم الموالين له، ولكن حينما حاول الرئيس أن ينقص أو يوقف العمولة التى كان يتقاضاها سينغسون، قام الأخير بتهديد الرئيس فما كان من الرئيس إلا أن يدبر حادثة اغتيال له(كما يحدث كثيرا في مثل هذه الحالات) ولكن سينغسون نجا من المحاولة الفاشلة، ثم أختفى من فوره ليتصل من مقره السري بأجهزة الإعلام ليكشف للجمهور حلقات الفساد الرئاسي، فانتفضت الجماهير المطحونة بالفقر وأطاحت بالرئيس استرادا. لقد ارتكب استرادا خطأً كبيراً حينما ظن أنه يستطيع أن يرشو الجماهير بشىء من مال الرشوة الذى توفره له عصابات المافيا، ثم يهدد المافيا بالنفوذ الشعبي والقانوني الذي توفره له الجماهير، ففقد الجماهير، وفقد المافيا وفقد مقعد الرئاسة. ولا غالب إلا الله.

    أما نحن في السودان، إن كان لابد من عودة لما انقطع من الحديث، فقد أطل علينا عهد جديد بعد عهد السيدين، صودرت "سرايتاهما"، وحولت بعض منازلهما الفخمة الى مرافق عامة بدعوى الصالح العام، وقسمت المديريات السابقة الى ولايات صغيرة كثيرة، ووضع على رأس كل واحدة والٍ(بدعوى تقصير الظل الإدارى، وهى عبارة جميلة ولكن لا أحد يعرف لها معنى)، وصار بعض إخواننا "الغبش" الذين كانوا يأكلون مثلنا الفول والعدس، ويساكنوننا في أم ضريوة والدروشاب، ويبتاعون مثلنا قمصانهم وأحذيتهم من سعد قشرة وسوق ليبيا، صار هؤلاء المستضعفون في الأرض ولاة ووزراء، فاستبشرنا خيراً أول الأمر، وصرنا نفاخر بهم الأمم، وكنا إذا تحدث فيهم متحدث نكاد نقطع لسانه، مراهنين على معدنهم الأخلاقي، ونقائهم الثوري. كنا نحدث أنفسنا بأنا قد عثرنا على الصخرة التى ستسد بوابة الفساد، وتقطع الطريق على السماسرة والمافيات، وتنعطف نحو الفقراء والمحرومين، وتنقطع لبناء الوطن الممزق والأمة المكلومة، ولكن ذلك كان وهما كبيراً، إذ صار نفر ممن ولي أو استوزر لا ينظر إلا الى عطفيه، ولا يبني إلا "سراياته" الطويلة، ولا ينفق إلا على حاشيته، ولا يقرب إلا عشيرته الأقربين. ثم قسمت الدولة الى "مناطق نفوذ"، فصار كل وزير أو وال يتخندق في منطقة نفوذه، تزول الجبال الراسيات ولا يزول، وتنهار البنايات، وتنشب الحروب وينهار السلام، ويضج الناس، و"سعادتة" باق لا يتزحزح، يدور حوله السماسرة والمقاولون، وممثلو الشركات، بل إن بعضهم قد أنشأ له شركات خاصة، فيتفاوض باسم السودان في بداية الإجتماع، ثم يتوارى فى الجانب الآخر من المكتب ليتفاوض باسم شركاته(على عينك يا تاجر).إن هذا لأمر عجاب.

    الفارق الوحيد بين هذا اللون من الفساد والألوان السابقة أن بعض السابقين كانوا يسترون فسادهم بشىء من الكرم، يطعمون الجياع ويكسون العراة، وكان بعضهم ينفق على الحركة الوطنية الناشئة، وعلى الصحافة وعلى الطلاب المعسرين، ويعول الأرامل ويرعى اليتامى، أما في عهد "تقصير الظل الإداري" هذا فصرنا نرى فساداً لا يستره ظل من الكرم، نرى العمارات الشاهقة تجلب لها الزينات والفرش من بلاد بعيدة، ولكن لم نرها يوما تستضيف مسكيناً أو يتيما.

    والسياسة ضربان، كما يقول الراغب الأصفهاني، "إحداهما سياسة الإنسان نفسه وبدنه وما يختص به، والثاني سياسة غيره من ذويه وأهل بلده، ولا يصلح لسياسة غيره من لا يصلح لسياسة نفسه". وهذا فارق جوهري بين نظام إسلامى كنا نرجوه، ونهدف نحورنا للهلاك دونه، ونظام جديد صرنا نراه، فإذا لم يدرك هذا إخواننا وأصدقاؤنا من الغبش القدامى، فلنرفع "الفاتحة" عليهم، وعلى السنوات الطويلة التى أضاعوها من عمر أمتنا المنكوبة، ولنواصل المسيرة الشاقة ولكن ليس في اتجاه "الربذة"- كما يتمنون.
                  

02-04-2008, 05:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    مواجهة ساخنة بين نشطاء دارفوريين ونائب رئيس المؤتمر الشعبي

    الدكتور علي الحاج: من شروط توبتي اسقاط الحكومة !!

    هذا هو المستور في قضية طريق الإنقاذ الغربي وصراع الإسلاميين في السلطة

    ثورة الأقاليم لن تقود إلى شئ دون تغيير في المركز

    الحركة الإسلامية هي التي قررت ترقية البشير إلى رتبة الفريق

    ألمانيا - هايدل بيرج: أبو زيد صبي كلو

    دعا نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج محمد، إلى إسقاط الحكومة، وقال إن إسقاط نظام الإنقاذ شرط من شروط توبته عن مشاركته السابقة في الحكومة، ورأى أن الثورات التي تندلع في بعض أقاليم دارفور لن تقود إلى شئ إذا لم يحدث تغيير في المركز.
    وكشف على الحاج، أسرارا تذاع لأول مرة عن انقلاب الإنقاذ في العام 1989م واختلافات الإسلاميين وقضايا الحكم الاتحادي، كما تحدث عن رؤيته للخروج بالبلاد من الوضع السياسي الراهن.
    ودافع بشدة عن الاتهامات التي طالته بخصوص أموال طريق الإنقاذ الغربي، وتحدث ببعض التفصيل عن ما قصده في السابق من عبارته الشهيرة ( خلوها مستورة).
    وكان نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج، يرد على سيل من الأسئلة والانتقادات والاتهامات وجهتها له مجموعة من الناشطين والمهتمين بقضايا دارفور، بينهم قيادات حزبية وسياسيون وأكاديميون وصحافيون وقانونيون وحقوقيون وناشطون في تنظيمات المجتمع المدني، وذلك في لقاء عقد الأسبوع الماضي بفندق ريقا بمدينة هايدل بيرج الألمانية.
    وبدا علي الحاج حديثه في اللقاء بالشكر والتقدير للأسئلة التي طرحت، وقال إنه يعتقد مثل هذه الأسئلة قد تتكرر ولكن قد لا تتكرر مثل هذه الجلسات، مشيرا إلى أن الفترة التي قضاها في الخارج تجعل من المرء يستقبل ويستدبر من أمره ماذا يمكن أن يفعل، واعتبر أنها عملية مستمرة ومنتظمة لا تقف عند ليلة أو يوم، وقال إن عديداً من الناس يقومون بالاتصال به عندما يجدون أي حديث أو كتابة عن علي الحاج، وليس هم من دارفور، وقال انه عندما كتب مقالتين عن طريق الإنقاذ الغربي وصله حوالي 210 رداً عن طريق الـ Email ، 59% منهم لا صله له بهم من قبل، فضلاً عن الاتصالات الهاتفية، وعندما قام بتعقيب ختامي على المقالتين ترك رقم هاتفه والـ Email لأنه شعر بأن هناك معلومات كثيرة غائبة عن الناس وأن المشكلة ليست في تقديم المعلومات للناس بقدر ما أنه مواجه بمعالجة المشكلة.
    # طريق الإنقاذ:
    انخرط الدكتور علي الحاج مباشرة بعد هذه المقدمة في الكشف بالتفصيل عن ما قصده في السابق من عبارته الشهيرة (خلوها مستور).وقال إنها عبارة شغلت الناس و جاءت في سياق قضية طريق الإنقاذ الغربي، ودافع عن دوره في إنشاء طريق الإنقاذ الغربي وكيفية التصرف في أمواله، وانتقد بشدة الاتهامات والأحاديث التي دارت حول القضية خاصة المتعلقة به شخصيا، وقال: هناك بعض الحديث أصفه بـ(بالسافل جداً) وأستحي الحديث عنه، بل لن أعطي نفس الصراحة والحرية للحديث عنه لأنه وبكل المعايير البشرية (حديث سافل جداً).
    وذكر أنه عندما أطلق عبارة ( خلوها مستورة) كان يعلم أشياء يعرفها العديد من أعضاء الحركة الإسلامية، معتبرا أن قضية طريق الإنقاذ الوطني ليست قضية فساد، مشيرا إلى أنه لم يتستر على أحد.
    وقال إنه وقف في مواجهة الرئيس، وقال له لا (NO ) عندما أراد الحصول على أموال طريق الانقاذ الغربي لصالح دعم السكة حديد، وأضاف: (أسألوا اللواء التيجاني آدم الطاهر).
    وأردف: عندما بدأنا في تنفيذ كبارى ( الجنينة كجا وتلولو وأزوم وكبري باري) وقعت مشكلة كبيرة جداً بين إدارة الطريق وبين وزير المالية السابق الدكتور عبد الوهاب عثمان، وذلك عند توقيع عقد تنفيذ الكباري، - وكان الهادي بشرى وقتها وزيرا للطرق والتيجاني آدم الطاهر موجودين- وكان الزبير - رحمه الله - رئيساً للجلسة، إذ كان عبد الوهاب يعتقد أنه لا يمكن أبدا إمضاء العقد بواسطتي مع الشركات الأجنبية (الخواجات) وهي الطرف الثاني في العقد لكني قلت له : (أنا رئيس اللجنة الشعبية العليا للطريق وأموال الطريق جُمعت من سكر المواطنين وليست أموال الحكومة لذلك فأنا من مضيت العقد.وذكر الدكتور علي الحاج أن هذه القضية تسببت بعد ذلك في سوء العلاقة بينه وبين وزير المالية السابق عبد الوهاب عثمان إلى حين مغادرته المنصب الحكومي.
    وقال إن كل ماقام به في إدارة طريق الانقاذ الغربي لم يك من منطلق انه من أبناء دارفور وإنما هو ضمن الواجبات والمهام التي كان يقوم بها في الحكومة.
    وتحدث على الحاج عن أهمية طريق الانقاذ الغربي وفائدته الاقتصادية على السودان ككل، معتبرا أن تلك الفائدة كانت ستكون أكبر من التي سيحصل عليها أهل دارفور. وأضاف أنه أبلغ آهل دارفور حينها أن الطريق سيتيح لها نقل منتجاتهم - ( على ظهر بوكس) - إلى العاصمة الخرطوم، ولكن بالمقابل فإن المستثمرين واصحاب العمل ورجال الأعمال سيجدون فرصاً أرحب وسوقاً رائجاً في دارفور.
    وأكد لم يتم اخذ مليم واحد من مال طريق الانقاذ الغربي، وأنه منع ووقف في طريق أي شخص أراد اخذ أي مبلغ من مال الطريق، وقال إن أكثر شخص كان يريد الحصول على أموال الطريق هو الرئيس لصالح مشروعات أخرى، وذكر علي الحاج انه وقف أمام مكتب الرئيس بالقيادة العامة وقلت له في هذا الموضوع( لا) وذهب الرئيس وأعترف للنواب بأنني منعته من اخذ مال الطريق.
    وقال انه لا يحتاج لتنظيف سجله من شئ، معتبرا أن التشكيك فيه أو اتهامه بفساد مالي يستدعي السؤال من أين يأتي الاتهام؟
    وقدم الدكتور علي الحاج سردا لبداية عمله في طريق الانقاذ الغربي، وقال إن الانقاذ بعد مجيئها قررت أن تمنح أي مواطن سوداني وقية من سلعة السكر، لكن إدارة طريق الانقاذ الغربي رأت أن أهل دارفور وكردفان والجنوب لم يحصلوا على نصيبهم في وقية السكر، وكان كل السكر الذي يمنح لدارفور يصبح من السواقط، ويحصل أهل دارفور على نسبة 35% فقط من نصيبهم من السكر.
    وأردف أنه عندما جاءت إدارة الطريق للحصول على حصة السكر كلها لبيعه كل عامين في السوق الحر لأن أسعاره كانت مجزية، بيد أن الرئيس رفض منح كل حصة السكر للطريق.
    ودافع على الحاج عن رجل الأعمال المرحوم آدم يعقوب، وقال إنه لم يتدخل في قضية السكر، وإنما إدارة الطريق هي التي أدخلته لأن الحكومة منعت السوق الحر من شراء السكر، ووجه الرئيس بأن يأتوا بنص كمية السكر والحكومة تتكفل بـ 50% من التكلفة، وفعلا تم الحصول على السكر وتم بيعه ودخل عائده في الطريق، ولكن الحكومة الاتحادية ساهمت فقط بحوالي 5% وهي ليست نقدا وإنما عبارة عن إعفاءات جمركية.
    وقال إن مشروع طريق الانقاذ الغربي تمت مناقشته قبل البدء في تنفيذه، ونوقشت موضوعات مسار الطريق وطوله ودوره لمدة سنتين مع المهندسين والمرحومين الحاج آدم يعقوب وأبو حمد حسب الله وآدم يوسف، وأن انطلاقة العمل لم يك خبط عشواء ، وإنما تم ذلك وفق تخطيط علمي.
    وأشار الدكتور علي الحاج الى انه لم يعترض على وجود طريقين يسيران في آن واحد بشرق النيل وغربه على الرغم من أن عدد السكان في الشمالية ونهر النيل لا يتعدون المليون ونصف، لكننا لم نعترض على خدمتهم ولكننا كنا نقول في ذات الوقت هنالك أكثر من 21 مليون منتج لا نخدمهم، وهذه هي الحجة التي تحدثت مع الرئيس حولها وأعضاء الحركة الإسلامية ، ليس لأنني من دارفور ولكن اعتقد أن السودان نفسه ليس فيه توازن وهذا ما قلته عندما تحدثت عن عدم التوازن، ليس في دارفور فقط وإنما في مناطق أخرى، ففي جبال الانقسنا والروصيرص الكهرباء لم تك متوفرة في حين كانت أسلاك الكهرباء تمر من فوق رؤوس أهلها، وتحدثت في هذه القضية حتى تم توصيل الكهرباء للروصيرص.
    واتهم الدكتور علي الحاج متنفذين في السلطة لم يسمهم بأنهم رفضوا إنشاء الطريق بحجة بأنه سيأتي بأهل دارفور إلى المركز، وقال عندما كنت وزيرا بديوان الحكم الاتحادي أبلغوني أن طريق الانقاذ الغربي سيأتي بكل أهل دارفور وغرب أفريقيا وهؤلاء إذا وصلوا الخرطوم فلن يعودوا أبدا.وأضاف: ( عندما استمع إلى مثل هذه الأحاديث يصيبني الغثيان وأعتقد أنها لا تستحق الحديث). وقال إنه في ذلك الوقت لم يك يتباكي على مثل هذه الاعتراضات وإذا ما واجهته مشكلة يرجع بها إلى الحركة الإسلامية لمعالجتها داخل التنظيم.
    وفي هذا الجانب، قال نائب الأمين لحزب المؤتمر الشعبي ووزير الحكم الاتحادي الأسبق أن أهل دارفور أخذوا عليه أشياء عديدة إبان توليه مهام حكومية، وقال إن البعض منهم واجهوه بأن نائب رئيس الجمهورية السابق الزبير محمد صالح يذهب كل أسبوع إلى أهله في الشمالية ويقدم لهم المساعدات، وأضاف( كنت أقول لهم أنا ما عندي حاجة أمنحكم لها وليس لي صلاحية) صحيح أنني قمت بأشياء كثيرة في المركز ولكنها في المستقبل لصالح أهل دارفور وغيرهم سواء كان ذلك خلال عملي في الحكم الاتحادي أو تقرير المصير أو طريق الانقاذ الغربي.
    وأشار الدكتور علي الحاج إلى انه كان يحاول عندما يتعاطى مع المشكلات حسب الوضع الموجود لكل مشكلة ووفق هذا يجد عذرا لكل شخص اخذ علي مأخذا بأنه لم يعمل شيئا لدارفور، وأردف: اعتقد أن حديثهم إلى حد كبير كان صحيحا.
    # كنت واحدا من منظري الإنقاذ:
    وفي سياق رده على الأسئلة التي طرحته عليه في اللقاء، كشف الدكتور علي الحاج، أنه كان ضمن مجموعة من الأشخاص الذين فوضتهم الحركة الإسلامية لوضع برنامج حكومة الانقاذ بعد انقلاب 1989م، وقال: عندما جاءت الإنقاذ كنت من ضمن السبعة الذين فوضهم مجلس الشورى الذي تكون من 60 شخصاً، وافق 45 منهم على الانقلاب ورفض ستة منهم نحن ستة والسابع هو الأمين العام للحركة وكنا المسئولين عن وضع برنامج الإنقاذ وغيرها.وقال إنه قام بأداء القسم على هذا الأساس ووفق هذا المفهوم، معتبرا أنه عندما يتحدث عن الإنقاذ ليس كفرد أو مضاف، لذلك واجهت مشكلة مع بعض الذين كانوا يقولون لي انه ليس من حقي قول كذا أو فعل كذا. وقال إن ذات المشكلة تواجه الحكومة الآن.
    وذكر الدكتور علي الحاج أنه أصبح عضوا في الحركة الإسلامية منذ عام 1953م عندما كان طالبا في المرحلة الوسطى ودون أن يقوم بتجنيده أي احد، ووفق ذلك يعتقد الدكتور علي الحاج أنه لم يتقاعس أبدا يوما عن القيام بواجبه في الحركة الإسلامية ولكنه استمر عضوا في الحركة طوعاً وكرهاً في السراء والضراء.
    ودافع عن أدائه في الحركة الإسلامية وحكومة الانقاذ، وقال انه لم يتسبب في أذية أي شخص، ولم يأخذ شيئا، لكنه أكد انه لا يعتبر نفسه شخصا ذليلا بهذا القول على الرغم من أنه أقر بأنه رجل مطيع وليس عاصياً، وأضاف إذا اخطأ الرئيس في شئ أقول له هذا خطأ ولي مواقف مع الرئيس، مشيرا إلى انه لم يك يتحدث إلى المسئولين الأدنى بل يذهب بموقفه ورؤيته إلى الرئيس مباشرة.
    وقال إنه كان عندما يذهب للرئيس برأي أو حديث حول قضية ما فإذا لم يستجب الرئيس فإنه كان يذهب به إلى الحركة الإسلامية، وضرب مثلاً بالقرار الذي اتخذه الرئيس بتغيير عاصمة ولاية سنار من سنجة الى سنار، وقال إنه رأى أن القرار ليس دستورياً حسب مواثيق وقانون ديوان الحكم الاتحادي وان مهمته مع الرئيس ليس أن يكون مبررا لقرارات الرئيس، ولذلك - يقول الدكتور علي الحاج- قمت بجمع أعضاء المكتب التنفيذي للحركة الإسلامية بمشاركة الرئيس، وقرر المكتب إلغاء قرار الرئيس، وأضاف: اشعر أنني قد قمت بواجبي بحكم الوضع الذي كنت فيه، صحيح أنني كنت مجتهداً ولا أبرئ نفسي فقد أخطئ وقد أصيب في أشياء كثيرة.
    وعاد الدكتور علي الحاج مجددا الى الحديث عن اكبر المشكلات التي واجهته خلال وجوده في السلطة، وقال إن البعض في الحكومة كانوا يرغبون في حصر دوره بدارفور وأن يكون الدكتور علي الحاج ممثلا لدارفور في الحكومة، وقال انه ظل دائما ضد هذا التوجه وأنه ظل يؤكد على أنه ابن دارفور ومع قضايا أهلها ولكنه لا يدعي انه يمثل دارفور، مشيرا الى أن هذه الأزمة لا تزال مستمرة مع الحكومة، حيث تتهمه الحكومة بالتنسيق مع نشطاء من أهل دارفور من بينهم محمد إبراهيم دريج فيما يتعلق بقضية دارفور الآن.وقال إن الحكومة تروج بأني ودريج متآمران وعملاء، رغم أنها المرة الأولى التقي فيها دريج بألمانيا.
    بيد أن الدكتور علي الحاج رأى أن الحكومة بمحاولة حصره في قضية دارفور، تريد تحجيم دوره ونشاطه السياسي مثلما يقولون لأهل دارفور الآن أن حدودهم تنحصر فقط في حدود 1956م على حد قوله.
    # شروط التوبة:
    أعلن الدكتور علي الحاج خلال رده على الأسئلة التي طرحتها مجموعة من الناشطين الدارفوريين في اللقاء الذي عقد الأسبوع الماضي بفندق ريقا بمدينة هايدل بيرج الألمانية، توبته عن مشاركته في نظام الانقاذ، وقال إن من شروط توبته عدم العودة للمشاركة والعمل على إسقاط الحكومة.
    وقال الدكتور على الحاج انه عندما يتحدث عن الحكومة لا يتحدث بوصفه مستجديا، بل يتحدث كجزء أصيل من الحركة التي جاءت بالإنقاذ، مشيرا الى دوره في مجموعة السبعة التي فوضها مجلس شورى الحركة الإسلامية لوضع برنامج الانقاذ، وقال: ( نحن الذين جئنا بالبشير رئيساً للحكومة وهو كان برتبة عميد، وقمنا بترقيته إلى درجة الفريق ولم تقم بذلك القوات المسلحة).
    وذكر أنه بات يملك قناعة تامة الآن بضرورة سقوط هذا النظام، وأضاف: (لأنني ساهمت فيه ومن شروط التوبة الإقلاع عن الذنب وعدم العودة إليه مرة أخرى) وأردف اعتبروني تائباً.
    # صراع المناصب:
    ومن المساءل التي أثارها المشاركون في لقاء ألمانيا مع الدكتور علي الحاج، قضية ترشحه لمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية بعد رحيل الزبير محمد صالح، حيث قال الدكتور علي الحاج إنه واحدة من القضايا التي تسببت في تثير الحكومة ضده وهي واحدة من الأسباب التي عصفت بوحدة الحركة الإسلامية وأدت الى الانشقاق.
    وذكر أنه لم يتقدم أبدا بترشيح للمنصب، إنما الحركة الإسلامية هي التي رشحت ثلاثة هم الدكتور الترابي والدكتور علي الحاج والأستاذ علي عثمان، مشيرا الى أنه نال أعلى الأصوات وبعده الدكتور الترابي ثم علي عثمان وتم تقديم قائمة الأسماء للرئيس الذي اختار علي عثمان.
    وقال الدكتور علي الحاج إنه بعد هذه الخطوة تلقى إشارات مباشرة من الأستاذ علي عثمان بأنه يعتقد حصول ( كذا وكذا في هذا الموضوع وأن الترابي تخلى عنه)، وأردف بل قام علي عثمان بإرسال شخص لي، وقال: إنهم نزعوا منه منصب نائب الأمين العام وتم منحه لعلي الحاج).
    وامسك الدكتور على الحاج في الخوض في موضوعات أخرى على صلة بقضية النزاع حول منصب النائب الأول السابق، وقال هناك مشاكل كثيرة حصلت وفي هذه المسائل لم أجد نفسي في وضع يسمح أن اتحدث عنها لان في نهاية المطاف بالنسبة لي هي أن الحركة الإسلامية رشحتني من ضمن الثلاثة وهذا (enough) (كفى)، وان الرئيس لم يختارني هذا OK (حسناً) لأنه قراره، واعتبره كان قرارا منصفا، فانا لست ذليلاً،فعندما كان الرئيس يتخذ قراراً غير صحيح أقول له No.
    ويواصل الدكتور علي الحاج في كشفه عن المخبوء من تلك السنوات، قائلا:إن الحكومة عرضت عليه منصب وزير الخارجية عندما كان وزيرا لديوان الحكم الاتحادي وأن البعض في الحكومة كان غير راضي بالخطوات التي اتخذها في مجال الحكم الاتحادي، وابلغوه أنهم يعتقدون إنها وزارة ( عرجاء)، لكن الدكتور علي الحاج قال انه رفض المنصب وأبلغ الدكتور الترابي والرئيس البشير أنه سيذهب من الحكم الاتحادي إلى البيت رأسا، وانه لن يذهب لأي وزارة أخرى ومن الأفضل إقالتي بدلا من إبعادي للخارجية.
    # تقرير المصير:
    وتحدث الدكتور علي الحاج عن سياسته حول الجنوب إبان توليه مسؤولية ديوان الحكم الاتحادي، وقال إن قرار منح حق تقرير المصير للجنوب لم يكن قراره وإنما قرار الحركة الإسلامية، مشيرا إلى أن كافة القرارات التي اتخذها كانت تقرر وتعتمد ويؤمن عليها من داخل تنظيم الحركة الإسلامية، معتبرا أن الذين في السلطة الآن لم يكونوا راضين عن هذه القرارات سواء حول تقرير المصير أو قضية طريق الإنقاذ الغربي، وإنهم يريدون فقط من الحركة الإسلامية الإيمان والعمل بما قرروه هم وحدهم.
    # الأوضاع الراهنة:
    وحول رؤيته للأوضاع السياسية الراهنة في السودان، رأى الدكتور علي الحاج أن الأزمة ليست في دارفور أو الجنوب، وإنما المركز، معبرا أنه في حال لم يحدث تغيير في المركز فإنه لا يمكن للولايات أن تفعل شيئا بثورتها بعيدا عن المركز

    الصحافة
    3/2/2008
                  

02-04-2008, 06:27 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    اراء السبت
    بتاريخ 26-1-1429 هـ
    القسم: آراء السبت الاسبوعى
    وقيادات الأحزاب القديمة والترابي في المقدمة هل تفتح الطريق للشباب؟
    في لقائه مع (الجزيرة) قال الكثير المثير والمتناقض أحياناً فماذا بعد؟
    { موسى يعقوب {
    هذا السؤال تعيد طرحه اليوم وبهذه الطريقة أشياء كثيرة بدت على السطح وآخرها كان لقاؤه الأخير مع قناة (الجزيرة) في برنامج (بلا حدود) حيث قدرنا أن يتحدث الشيخ اليها (بلا حدود) كما عودنا، الا انه ظهر هذه المرة لمشاهديه على المستوى المحلي والخارجي أكثر التزاماً بالزمان والمكان وميلاً الى الانضباط، فلا فتاوى وآراء مثيرة، ولا تطرف في الخصومة الى حد كبير رغم وصفه لشركاء الأمس في السلطة بأنهم (عسكر..!) واذا لم يبدلوا نظامهم بدستور جديد فثورة شعبية كما حدث في 1964م و 1985م.. ولكنه على الصعيد الآخر اعترف بأن :
    ü رموز الاحزاب قديمة ..!
    ü والهجمة على السودان سببها أن الغرب لا يريد الإسلام
    ü وأضاف لذلك جديداً حقاً وهو أن اتفاقه مع شركاء الأمس اقرب مما هو مع الاحزاب الاخرى ..!
    بل عند هذه النقطة الأخيرة ألقى باللائمة على الرئيس البشير الذي كان محاوره قد سأله إن كان سيلتقي به، وعزى ذلك الى أن البشير ظل يعتذر ويعتذر..!
    وكيفما كان الامر والحال، فيبدو أن الشيخ وهو يقترب من سن الثمانين ـ حفظه الله ـ يجد نفسه من تلك القيادات الحزبية التي يدعوها (قديمة) إذ طالما تململت الشرائح الشابة في حزبه من أن قيادتهم تزحف نحو سن الثمانين، ومن أمور اخرى عرف بها الشيخ في تاريخه الطويل ولم تواجه إلا مؤخراً جداً (1998م) بما عرف في المؤتمر الوطني الموحد يومئذ بـ (مذكرة العشرة..!)
    ولا بد أن مثل هذه الإفادة من الدكتور الترابي والتي جاءت متأخرة ستعين القوى الشابة في حزبه على تحديث القيادة والاطارات النافذة في المؤتمر الشعبي عندما يحين وقت مؤتمرهم العام هذا العام، وليست هذه النقطة وحدها في الاجندة وانما نقاط اخرى بكل تأكيد لا تغيب عن ذاكرة من استصحب المتغيرات وأراد التعامل معها بموضوعية وحكمة، فهناك اليوم ما يعرف بالحراك السياسي والحوار الوطني الذي لم يستثن منه الحزب الشيوعي السوداني رغم الحالة الراهنة، وقطع فيه حزب الامة القومي بقيادة السيد الصادق المهدي أشواطاً لا سيما وان الدكتور الترابي هنا قد قال في ما سلفت الاشارة اليه ان لقاءه مع شركاء الامس وحزبهم هو الاقرب منه الى التلاقي مع الاحزاب الاخرى، وان كان ذلك قد حدث بالفعل في الفترة الماضية او ما عرف بـ (تحالف دار الامة..)وما يعزز من ذلك هنا ايضاً كثير، ومن اهمه ـ كما قال الدكتور الترابي ـ ان الهجمة الغربية على السودان سببها الاسلام فضلاً عن ان السودان له امتدادات جغرافية وسكانية وموارد منها الطاقة والثقافة تقول بأنه موقع استراتيجي، والمشكلات الراهنة ومنها التشقق والتشرذم ستقدمه لاعدائه في اناء من ذهب.
    ذلك من الناحية المبدئية التي تجاورها وتنهض الى جانبها امور اخرى لا تغيب عن الذي تابع الانقسام والخصومة في المؤتمر الوطني منذ ثمان او تسع سنوات برهنت في جملتها على ان ذلك الانشطار لم ينل كثيراً من سلطة (الوطني) وهيبته وقدرته على اللعب بالبيضة والحجر كما يقولون، وأهم من ذلك القيام بادوار لم يسبقه عليها احد ممن حكموا السودان من قبل ومن اشهرها :
    (1) استنطاق الموارد الساكنة تحت الارض مع حسن توظيفها.
    (2) السلام واطفاء نار الحرب التي استمرت لعقدين من الزمان.
    (3) بناء كيان حزبي غالب وقادر على جذب الاخرين والعمل معهم وبهم رغم ما حدث فيه من انقسام وتشقق أسوة بالاخرين.ولكل واحدة من النقاط الثلاثة التي ذكرنا شواهدها والايات الدالة عليها لا ريب، فاستنطاق الموارد واهمها النفط والمعادن امور واضحة للعيان ولا تحتاج الى دليل او برهان، وهي التي حولت الاقتصاد في البلاد من اقتصاد منهار وقاعد الى اقتصاد نشط وجاذب غابت فيه معدلات التضخم الكبيرة لتحل محلها معدلات النمو الكبيرة ايضاً مع استقرار سعر الصرف، ثم ما تبع ذلك كله من تنمية غير مسبوقة من اهمها الطرق القومية والسدود والمواصلات والاتصالات مع وفرة السلع وسد احتياجات الامن القومي من موارد محلية كمصانع الاسلحة والانتاج الحربي والانتاج المدني الاخرى مما تذخر به مدينة جياد الصناعية، اذ ما يصبح يوم جديد الا وتشهد البلاد فيه جديداً يفتخر به.
    إن البلاد بفضل ذلك وبفضل الاستقرار الذي لم تكتمل دوائره بعد تشهد نمواً وجديداً في كل مجال من المجالات ومن اشهرها ما يحدث هذه الايام على صعيد الصيرفة التي اصبحت في جملتها الكترونية، وبعد قليل الكهرباء التي ستكون مشكلتها قد حلت تماماً بما ينتجه سد مروي الذي صحبته مشروعات كبيرة غيرت وجه المنطقة وربطت اجزاء الولايات الشمالية وما جاورها ببعضها.
    اما السلام واطفاء نار الحرب في الجنوب عبر اتفاق السلام الشامل فقد خرج بالبلاد من حالة الاحتراب واهدار الارواح والموارد الى حالة العمل المشترك من اجل الاستقرار والسلام والتنمية وان شاب ذلك ما شابه في بعض الاحيان، اذ الانتقال من حالة الحرب الى حالة السلام يحتاج الى مقومات نحسب انها قد توفرت الان بعد ان انجلت ازمة الشريكين الاخيرة وصار العمل المشترك في الشمال والجنوب والغرب وغير ذلك هو الهدف المعلن الان من قبل الشريكين.
    وهذا كله نراه ونشهده فإن حزب المؤتمر الوطني الحاكم عوضاً أن ينهار وتنهار سلطته كما هدف الدكتور الترابي وعمل من قبل نجده اليوم في حالة اعمار صف وتوسيع قاعدة، ذلك انه اصبح وجهة لكثير من الكتل والجماعات والرموز بما فيها بعض رموز وقواعد حزب المؤتمر الشعبي، الهجرة في غالبها كانت من الاحزاب الاخرى اليه وفي بعض الحالات المحدودة منه، ثم اضاف الى هذا مؤخراً ظاهرة الحوار مع الاخرين والتفاهم معهم على ضرورات الحد الادنى والشراكة من اجل المصلحة العامة والوطن، وهو ما قد يجعل المؤتمر الشعبي في عزلة وحالة من الاضطراب الداخلي وربما الهجرة في اعداد اكبر صوب الطرف الاخر أو اعتزال الحياة السياسية من جهة اخرى.
    لقد حمل الشيخ الترابي الطرف الاخر المسؤولية في التقارب المنشود والمطلوب وهو يحدث محاوره في الدقائق الاخيرة من زمن البرنامج، وليقيم الدليل على ذلك ضرب الرجل مثالاً لذلك تفاهم جنيف ـ فبراير 2001م والاتصالات بخصوص دارفور..!وقد كان ذلك كله ـ فيما تنطق به القراءة السليمة له ـ يصب في برنامج الشيخ الهادف يومئذ الى اسقاط النظام وزلزلة الارض من تحت رجليه ـ كما يقولون ـ وقد ذكرنا ذلك في حينه وقد ظهر مشروع التفاهم في جنيف الذي كانت للشيخ حوله مؤتمرات صحفية مشهورة فضلاً عن ان تصريحاته وخطبه السياسية الاخيرة في الولاية الشمالية ونهر النيل وشرق السودان كانت تصب ايضاً في غير صالح اللقاء مع قيادة المؤتمر الوطني التي استثناها، مع تركيزه على التفاهم بين القيادات الوسيطة في المؤتمرين.لكن ـ ومهما يكن من امر ـ في ما قال الشيخ الترابي للجزيرة جديد رغم ما اشترط من اطلاق سراح معتقلي حزبه وامور اخرى كلها في حدود المقدور عليه، ونحسب انه قد جاء في وقته وعمليات الجمع والطرح كلها بعد ثماني او تسع سنوات على الانقسام والانشطار تقول بان الحال في الساحة السياسية لا يقبل الا المصالحة والتفاهم ان لم يكن الاندماج والعودة الى الحال السابق.
    ان هذا الذي صدر عن الرجل ولم يكن متوقعاً وفق كل ما علمنا وشهدنا في السنوات الماضيات ربما وجد ارتياحاً عاماً وبخاصة في صفوف حزبه المؤتمر الشعبي لانه يبدو الاكثر انزعاجاً لوقع المستجدات في الساحة المحلية والدولية.
    ويبقى في نهاية هذا المشهد السياسي الذي جعلنا عنواناً له : الترابي هل من عودة .. هل..! أن نعرض الى ما قال من ثورة شعبية تطيح بالنظام إن لم يبدل نفسه بدستور جديد..! الدستور الجديد ـ كما هو معلوم ـ لن يكون الان في ظل الدستور الحالي المؤقت الذي ولده اتفاق السلام الشامل CPA ولكن المطلوب الان هو التحول الديمقراطي والياته المناسبة والملائمة ومن ذلك قانونا الاحزاب والانتخابات، فالانتفاضة التي تحدث عنها الشيخ ان تكون انتفاضة انتخابية كما قال السيد المهدي زعيم حزب الامة القومي ذات مرة وهي انتفاضة مدنية سلمية وليست ثورة شعبية على غرار ما حدث في 21 اكتوبر 1964م وتكرر في 6ابريل 1985م ـ اي بعد عشرين عاماً تزيد قليلاً ولا تنقص.
    إن الانقاذ الوطني وهي تجدد نفسها أطراً وهياكل تقترب الان (2008م) من اكمال عامها العشرين، غير ان عشرين اليوم ليست كعشرين الامس، وإلا فان رغبة الدكتور الترابي في التغيير بثورة شعبية وقد كان احد قادة ثورة اكتوبر 1964م كان يمكن ان تكون قد تحققت بعد اسابيع اوشهور قليلة من قرارات الرابع من رمضان 1999م التي بموجبها تعدل وتغير الكثير، غير اننا ومع ذلك نسأل الشيخ الترابي هل من عودة .. هل! وفوق كل ذي علم عليم
    اخبار اليوم
                  

02-05-2008, 05:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    العدد رقم: 801 2008-02-04

    حديث المدينة
    فيديو كليب..!!

    عثمان ميرغني
    كُتب في: 2008-02-04

    [email protected]


    الدكتور علي الحاج.. القيادي الإسلامي الذي تولى مناصب وزارية وسياسية وتنظيمية رفيعة.. قبل وخلال فترة الإنقاذ (ون).. ثم اختار المنفى السياسي في ألمانيا بعد المفاصلة الشهيرة بين حزبي الوطني والشعبي لخصت له صحيفة (الصحافة) حواراً مع زميلنا الصحفي أبو زيد صبي كلو.. فقال إن كفارة مشاركته في حكم الإنقاذ.. هي (اسقاط حكومة الإنقاذ)..
    ويبدع الدكتور علي الحاج في تصريحاته فيقول (إنه ضد حمل السلاح!!) لكن في المقابل يطالب (حركات دارفور بأن تنقل المعارك إلى الخرطوم بدلاً من دارفور..)..!!
    ثم يبلغ الابداع منتهاه.. إذ يقول إنه لن يعود إلى السودان ما لم يكن هناك تغيير في القضايا التي خرج من أجلها.. وتتضح هذه القضايا عندما يكمل الجملة فيقول "إن المشاكل بينه والحكومة بدأت عندما رشحته الحركة الإسلامية مع الدكتور حسن الترابي وعلي عثمان لمنصب النائب الأول بعد وفاة الزبير محمد صالح..".. أم القضايا.. المنصب..!!
    ويتكرم دكتور علي الحاج بالكشف عن مفاجأة كبرى.. سر طريق الانقاذ الغربي الذي جُمعت له الأموال من أفواه ولايات غرب السودان الست فذهب مع الريح –الطريق وليس علي الحاج– فقال "مال طريق الإنقاذ لم يُسرق ولم يحول لشراء السلاح للمجاهين في أفغانستان.." وأرجع عدم تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي إلى اعتقاد (البعض!!) بأنه إذا اكتمل سيشكل مقلباً كبيراً لأنه سيأتي بأهل الغرب وأهل أفريقيا..
    تصوروا.. أهل الغرب الذي كانت لهم مملكة مستقلة حينما سقط السودان كله في يد الاستعمار.. والذين قادوا الثورة المهدية وزحفوا من (الأبيض) في غرب السودان حتى أطاحوا بحكم غردون.. أهل الغرب بكل هذا الإرث، يعجزهم الوصول إلى الخرطوم إلا على طريق مسفلت.. إذا منعوا من تشييده انقطعت صلاتهم بالمركز وتنكب بهم الطريق بعيداً عن الخرطوم..
    هذا (الفيديو كليب) السريع.. يبهر الأنظار بالصورة المجسمة الواضحة التي يقدمها لتحليل مأساة يعيشها هذا البلد.. فمشكلة الساسة عندنا ليس في مسلكهم الذي يدفع فاتورته الشعب، فحسب.. بل في أنهم يفترضون أن الشعب طفل صغير غرير يسيل اللعاب على صدره.. تقنعه مثل هذه الحجج العجيبة.. حسنا.. (البعض) الشرير قرر عدم اكمال طريق الإنقاذ الغربي حتى لا يأتي أهل الغرب وأفريقيا عبره.. لكن أين المال؟
    الدكتور علي الحاج ليس كأيٍّ من الرجال.. سياسي قديم تولى الوزارة في مختلف العهود.. وكان في قلب مطبخ صناعة القرار في الحركة الإسلامية ثم في حكومتها –الانقاذ- حتى آخر رمق قبل أن يقلب الرئيس البشير الطاولة بمن فيها.. مستبقاً سويعات قليلة قبل أن يصبح هو (المقلوب)..!!
    د. علي الحاج –الآن- حدد لنفسه شروط كفارة ذنوبه في الانقاذ.. بأن يطيح بسلطة الانقاذ.. لكن كيف؟. وهو هناك في ألمانيا من وراء سبعة بحور.. أليس الأجدر أن يعود إلى بلاده ليطيح بالحكومة بأعجل ما تيسر..!!
    من الحكمة أن يدرك د. علي الحاج أن (كفارته).. يجب أن تتمدد إلى كل اليتامى والأرامل.. الذين خلفتهم الحرب المريرة في دارفور.. الحرب التي صنعها مع رفاقه الآخرين في الحركة الإسلامية.. في الجانبين.. فـ(الإنقاذ) لم تكن مشروعاً في القصر الجمهوري وحده.. حتى تصبح كفارته مجرد اسقاطه في القصر.. الأوجب تمديد حالة الكفارة إلى الإرث الضخم في كل الآفاق.. خاصة في دارفور التي يصر الدكتور حسن الترابي أن مفتاحها في جيبه.. وأنه قادر على اخماد نارها (قبل أن تقوم من مقامك..) على رأي جن سيدنا سليمان


    السودانى
                  

02-05-2008, 08:07 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    ( 2-3)
    على الحاج: تعرضت لـ (الاغتيال السياسي) من نافذين في السلطة

    إنقلاب الإنقاذ ليس خاطئاً ولكن المعالجة لم تكن سليمة

    مثلث حمدي يمثل برنامج المؤتمر الوطني



    طريق الإنقاذ الغربي والترشيح لمنصب نائب الرئيس أثار البعض ضدي

    ألمانيا - هايدل بيرج: أبو زيد صبي كلو

    في الحلقة السابقة من هذا الحوار الذي دار بين نشطاء دارفوريين ومساعد الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج، دعا الأخير، إلى إسقاط الحكومة، وقال إن إسقاط نظام الإنقاذ شرط من شروط توبته عن مشاركته السابقة في الانقاذ، وكشف أسرارا تذاع لأول مرة عن انقلاب الإنقاذ في العام 1989م واختلافات الإسلاميين وقضايا الحكم الاتحادي، وفي الجزء الثاني من الحوار الذي عقد الأسبوع الماضي بفندق ريقا بمدينة هايدل بيرج الألمانية، يواصل الدكتور علي الحاج الحديث عن المستور في قضية طريق الانقاذ الغربي الشهيرة، ويكشف تفاصيل مثيرة عن أحداث وقعت اثناء توليه مسؤولية ديوان الحكم الاتحادي، وتتصل هذه الوقائع بالرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان محمد طه والمشير الراحل الزبير محمد صالح وآخرين، كما تحدث على الحاج، عن ما أثير بشأن السجون والتعذيب في سنوات الإنقاذ الأولى، ودوره في أزمة دارفور وعلاقته بالحركات المسلحة.
    واكد على الحاج أن أموال طريق الإنقاذ الغربي لم تذهب للسلاح، معتبرا أن مثل هذا الحديث(كلام ساكت)، واضاف(البعض قال باعوا الأموال بالسلاح والبعض الآخر قال تم تحويلها للمجاهدين الأفغان).
    وذكر أن مشكلته مع الحكومة انه ذهب للبرلمان وكشف له الوضع في طريق الانقاذ بالاحصائيات. وقال إنه كشف للهيئة البرلمانية لنواب دارفور وكردفان الوضع بالأرقام، وأبلغهم عن حجم المبالغ وأوجه صرفها وأكد لهم سعي إدارة الطريق في تنفيذ المشروع، مؤكدا أن الحكومة لم تسهم إلا بـ(5%)، معتبرا ان هذا الحديث أثار حفيظة الحكومة.
    واستطرد أنه عندما عقد لقاء المكاشفة بمجلس الوزراء وتحدث النواب هاتفه النائب الأول السابق المشير الزبير محمد صالح بعد ان عاد من الاجتماع الى مكتبه وأبلغه بالهاتف (يا اخي انت ليه تجيب النواب عشان يستهزأوا بنا) او حديث من هذا القبيل على حسب قول علي الحاج - الذي قال انه أبلغ المشير الراحل أنه عندما جاء سيدنا موسى غاضباً أمسك بذقن اخيه موسى، وأضاف أنه قال للمشير ( يا اخي لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي أنا قلت هذا الحديث أمامكم حتى لا أفرّق بينكم وبين الناس). وهذا الكلام قلته لاخونا الزبير وهو الآن في رحاب الله وأنا أشهد على ذلك، ومنذ ذلك الوقت لم اسمع منه شيئا.
    وقال الدكتور علي الحاج ان إثارة موضوع اموال الطريق جاء بعد الترشيح لمنصب النائب الأول، وفي هذا الاتجاه قال عبدالباسط سبدرات لعبد القادر منعم منصور كيف تأتو لنا بشخص من الغرب كي يكون نائباً اولاً لرئيس الجمهورية هذا لا يمكن أن يحدث أبداً هذا ما قاله سبدرات وحصلت مشاكل معاه وعندما ارسل لي علي عثمان زول وحدث كلام كثير وحصل الأمر الذي دعا شخصين نافذين في السلطة للتفكير في (cheracter assassination الاغتيال السياسي). وقال علي الحاج إنه كان بعيداعن القصر ولكن لديه من كان يأتي له بالاخبار، وتساءل هل من المعقول ليس لديّ حتى خفير او مراسلة في القصر او القيادة العامة يأتي لي بالاخبار هذا الحديث جاء في هذا الاطار، على اساس انهم عملوا حتى تقرير وزارة العدل برئاسة عبدالناصر ونان، وعندما طلع التقرير هاتفوني وقالوا لي التقرير (طلع كويس) وفي الآخر الرئيس قال لهم (إذا التقرير لو طلع كده علي الحاج حيبشّع بينا)، ولازم تغيروا التقرير، وعلى كده المسألة كلها انتهت.)
    وجدد علي الحاج حديثه عن اموال الطريق وقال: ( اريد أن اقول انا لا اعلم ان قروش الطريق سرقت او اكلت أبداً الذي اعلمه ان اي شيء قيل عن الطريق غير صحيح والمبالغ التي صرفت في الطريق حتى الكباري الاربعة التي استجلبت لاول مرة في تاريخ السودان والتي بعضها موجودة حتى اليوم في ميناء بورتسودان اعتقد مثل هذا العمل في ناس ما عايزنوا). ورأى أن وزير المالية السابق عبدالوهاب لم يك راغبا في المشروع( هو نفسه ما عايزوا) مشيرا الى ان هذا الموقف أحدث مشكلات بينه والحكومة فضلا عن قصة الترشيح لمنصب النائب الاول لرئيس الجمهورية ( عملت مشاكل كبيرة جداً في ذهن هؤلاء الناس وتحدثوا كثيراً) وأضاف (هذا جزء من القضية)، وأضاف الشخص الذي نقل لي حديث علي عثمان موجود الآن في الخرطوم وأنني أبلغت هذا الشخص قائلا (كلام علي ده فيهو دين واجابني الرجل ما فيهو دين) لكن الغريب أن نفس الشخص التقيته في مكة وفي الحرم المكي وروى نفس القصة، وكان معنا يوسف عبدالفتاح وآخرون.
    وقال الدكتور علي الحاج لمحاوريه إنه بهذا الحديث يرغب في تهييج أهل دارفور واهل السودان لصالح قضيته مع السلطة، معتبرا أن هنالك قضايا موضوعية، واردف (انا احاول ان اكون منصفاً ما استطعت لكني أيضا انا بشر).
    وأكد أن ماتم في طريق الانقاذ سواء كان كيلومتر او نصف كيلو متر، فإن ذلك تم من مال الناس ومساهمة الحكومة 5 في المائة، عبارة عن اعفاءات جمركية وليست مالاً نقداً، رغم أنهم ابلغوني أن الطريق سيكون مقلباً كبيراً بالنسبة لنا لأنه سيأتي بأهل الغرب، وقالوا كلاما كثيرا جدا وهو وفق معايير القرن العشرين ( حديث سافل جداً) لمجموعة تدعو للاسلام، وعندما قلت عبارة (خلوها مستورة) لم تك المسألة مسألة أموال حصل عليها آدم او احمد، ولكن المسألة ابلغ واسوأ بكثير من قصة الاموال، لذلك عندما أتحدث عن هذه المسائل أتحدث باعتباري كنت جزءا من النظام، وأنني الذي اتيت بهؤلاء الناس الذين اعرفهم اكثر من الذين يحضرون هذا اللقاء وبعضهم جلس مع الرئيس البشير ساعة او ساعتين او يوم او يومين وتساءل كم منكم جلس مع علي عثمان ساعة او ساعتين او يوم او يومين او مع نافع او عوض الجاز، انا هنا اتحدث عن أشخاص عشت معهم في السراء والضراء وبرامج والله سبحانه وتعالى يحاسب كل شخص حسب معرفته( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنهم مسؤولا).
    وفيما يخص الحديث عن المركزية، أقر علي الحاج، بانه قام بزيارة مع زين العابدين محمد احمد عبدالقادر الى الاقليم الغربي الذي كان يضم كردفان ودارفور واقنعه بضرورة فصل دارفور عن كردفان باعتبار لا يمكن ادارة دارفور من الابيض، وبالفعل استطعت بلورة الفكرة مع ابناء دارفور بالخرطوم خاصة الطلاب وتم فصل دارفور عن كردفان واصبح اقليما.
    اما قصة الذين يقولون إن علي الحاج منع الرئيس البشير من بالعاصمة السنغالية داكار، وان لدي سلطة ونفوذ كبير وقصة الرئيس المصري حسني، فإن هذه الاشياء غير صحيحة فعلي الحاج ليس هو الذي يقوم بذلك، لكني صحيح كنت موجودا بداكار ولكن ليس انا الذي منع الرئيس من مقابلة الرئيس حسني مبارك، كل الحكاية نسبت اليّ حتى الرئيس في الآخر يقول لحسني مبارك إن علي الحاج هو الذي منعه من مقابلته، فإذا كان الرئيس هو من قال هذا الحديث فماذا افعل انا؟.
    للمراجعة (وقال علي الحاج إن معرفته بالرئيس تمت بالغيب بمعنى ان للحركة الإسلامية مجموعة من الضباط في الجيش ليس لنا معرفة بهم نعرفهم بالغيب لأن اسماءهم حركية لم نلتق بهم في يوم من الايام ولكن في اخوانا شغالين معاهم ويقومون بنقل الكلام عنهم وكله صحيح والبشير وغيره لم اسمع به الا قبل اسبوع من الانقلاب، وانا في طريقي الى امريكا على رأس وفد معين حتى إذا سمعت بحصول الانقلاب علمت ان مجموعتنا هي التي قامت به.(وأضاف أن الرئيس عمر البشير لم يك الشخص الاول لقيادة السلطة عقب تنفيذ الانقلاب وانما كان الخامس في الترتيب فالاول كان (مختار محمدين الذي استشهد في الناصر والثاني نزلوه معاش)، اما معرفتي الشخصية بالرئيس فانه شخص هاذل ليس جادا وهو الانطباع الذي خرجت به، صحيح دخلنا في مناقشات مع الرئيس وهو يقول كلام غير مقبول، وفي مرة داخل اجتماع، قال الرئيس : (انا زول جعلي طريقتي في ادارة الاجتماعات كده اذا عجبكم عجبكم ما عجبكم انا كده).
    للمراجعة (قلت، لرياك مشار وموسى المك كور الكلام ده غير صحيح، هو سمع الكلام زعل مني جداً ولكن هذه هي الحقيقة والا انا مع علي الحاج وفي اجتماع آخر قال ايضا حصلت انتخابات ولكن الموجودين في المكتب القيادي من عنصر معين في عنصر غير ممثل عنصر العرب غير ممثل في الهيئة القيادية ده الرئيس ذاتو هذا هو الواقع والتعامل الذي وجدته القضية ليس في دارفور وانما في المركز، وفي الناس اللي جبناهم عشان ما نقوم بتعميم القضية وانتو يا ناس دارفور ما عايزين كلامي ده ولكن لازم اقوله وهم عارفين انا بقول الكلام ده لسوء الحظ هذا هو الواقع.)
    وتحدث علي الحاج عن فترة شغله منصب وزير بديوان الحكم الاتحادي، حيث قال البعض إنه لا يوجد شي اسمه رئيس للديوان وان الوزير بديوان الحكم الاتحادي يكون تحت رئيس الجمهورية، وقاموا دون علمي بإصدار قرار بأن يكون المشير الزبير رئيساً لديوان الحكم الاتحادي.واعتبر علي الحاج هذه الخطوة بأنها بغرض حجبه من الرئيس، وقال إنه وافق على هذا الوضع لأنه يعلم ان السياسة هي فن الممكن والمتاح، ووفقا لذلك تعاملت مع المشير الزبير بوصفه رئيس ديوان الحكم الاتحادي وأقنعته بالحكم الاتحادي وكنت أنقله معي في كل زيارة أقوم بها ولكن بعد سنة او سنتين حصلت مشاكل من بينها أن البعض رأوا أن النائب الثاني للرئيس جورج كنقور لا يعمل في شئ، وفي اجتماع برئاسة الشيخ حسن الترابي وبحضور الرئيس والزبير وعلي عثمان، الجميع قالوا إن جورج ما عندو شغل وان الجنوبيين فقط الذين يجلسون معه، وقلت لهم في الاجتماع بعد حديثهم إن القضية ليست في جورج كنقور لأنه ليس الشخص الوحيد الذي يأتيه الجنوبيون، وانني الموجود في الديوان لا يأتيني ولاة نهر النيل والشمالية ويذهبون الى القصر، وقلت لهم: لا تظلموا جورج كنقور، وحينها كنت ادرك تماما ما اقول لأنني لست معقداً واعرف الواقع.
    وأضاف علي الحاج أنه أبلغ الاشخاص الذين حضروا ذلك الاجتماع أن ولاة نهر النيل والشمال لم يأتوا الى الديوان الا عبدالرحمن سر الختم والي نهر النيل لأنه كانت لديه مشكلة مع مدير السكة الحديد حسن خليفة، وأنني انا power seeker ) باحث عن السلطةوأن أي شخص يذهب للقصر امنحوه او لا تمنحوه ما يريد، فهذا ليس من شأني، وعندما جاءني الحاج آدم يوسف والي جنوب دارفور وتحدث معي عن طريق الانقاذ الغربي قلت له: أنك عندما كنت واليا للشمالية هل حصل أن جئت الى الديوان فقال لي لازم يكون في عدالة قلت ليه ما في عدالة انا أعلم ما في عدالة، فقد كنت أنت واليا في الشمالية سنتين ثلاث ولم اراك أبدا في الديوان فانا كنت فقط التقي المسؤولين في حكومة الجنوب والانقسنا وجبال النوبة.
    وأستدل الدكتور على الحاج بدور الشيخ حسن الترابي في ذلك الوقت، بالقول إن الترابي قال في ذلك الاجتماع أنه لا داع لوجود رئيس للديوان فالمسألة تنسيقية، وأقترح الترابي أن يرأس الديوان جورج كنقور، وأن يرأس مجلس الوزراء المشير الزبير ترأس مجلس الوزراء وأن لا يحضر الرئيس أي مجلس للوزراء، وكان مفهوما- حسب علي الحاج- أن الشيخ الترابي كان يرغب أن يكون الرئيس كرئيس للجمهورية والزبير نائبا اولا يمسك مجلس الوزراء وبهذه الطريقة يترك ديوان الحكم الاتحادي الذي كان البعض يريدون له شخصية معينة.
    واشار علي الحاج أنه تحدث مع علي عثمان في مرحلة لاحقة، وان الاخير كان يعتقد ان حديثي في ذلك الاجتماع كان له اثر وقد يكون حديثه صحيحا.
    وبعد ذلك كان من المقرر أن يصدر قرار مكتوب بتعيين جورج كنقور رئيساً للديوان، بيد ان القرار لم يصدر ولكن الرئيس اتى بجورج كنقور في الديوان وكان في معيته احمد ابراهيم الطاهر الذي كان بحوزته قرار التعيين الذي من المفترض ان يمضي عليه الرئيس ولكنني لم اسأل عن امضاء الورق ببساطة لأن الرئيس نفسه أتى بجورج كنقور، وبعدعها عملت مع كنقور كما كان يحدث مع الزبير، وخلال هذه الفترة أبلغني علي عثمان أن هذا القرار غير مقبول لدى البعض ولكني قلت له [sorry] آسف لا استطيع عمل شيء القرار حصل وجميعكم كنتم تلعمون به خلال ذلك الاجتماع.
    وأعرب علي الحاج عن عدم سعادته عن الحديث عن هذه الامور، وقال كل هذه الاحاديث تعتبر مشاكل داخلية وانا لست سعيداً بروايتها وقولها ولكن عندما يسألني الناس احاول الرد عليها، واعتقد من الاشياء الكبيرة جداً التي حصلت كانت على علاقة بالذي كان يجري في مسألة الحكم الاتحادي الذي كان ما في زول راضي عنها كقرار من الحركة الاسلامية نعم ولكن من ناحية الواقع هؤلاء كلهم غير راضين بالموضوع.
    وفي موضوع السجون والتعذيب في المعتقلات، قال علي الحاج إن من حسن حظه أنه لم تكن له صلة بالاجهزة الأمنية وان الاجتماعات الامنية التي تعقد لم يكن جزءاً منها لانه في السنوات الاربع او الخمس الاولى للانقاذ كان مسؤولاً عن الشؤون الاقتصادية.
    وقال إنه لا يمكن ان يتصور أو يصدق وجود بيوت الاشباح والشأن الامني الذي يتحدث عنه الناس، معتبرا ان شخصاً مثل الدكتور نافع الذي عرف بانه sckoler باحث هو الذي يصنع تهم الاعتقال، وقال انه لا يتهم مسؤولاً امنياً بذلك. وقال انه لا يقول ذلك لتبرئة نفسه فكل من لديه تهمة ضده أو ضد الشيخ الترابي التقدم بها للقضاء، وقال إنه لا يبرأ نفسه من مسؤولية ما قامت به الاجهزة الامنية في تلك السنوات، لكني أقول انه يجب أن تحصل محاسبة للاجهزة الامنية ونقدم كلنا للمحاكمة للنظر في القضايا المرفوعة ضد اي شخص.
    وحول مسألة تقسيم الولايات، قال إن الفكرة جات من التجربة النيجيرية التي بدأت بـ «16» ولاية ثم «25» ولاية ثم اكثر من ثلاثين ولاية، وشعرنا من التجربة ان السلطات تنزلت للولايات وبصورة اكثر بهذه الخلفية لفكرة تقسيم الولايات وكنا نريد نعمل العاصمة بانتيو مسارين.
    وعندما كان حاكم دارفور الطيب إبراهيم محمد خير قام بالتعبئة لجهة عدم قبول تقسيم الاقليم وطرح لهم آراء وافكار كثيرة لذا عندما جاء طرح قرار عدم تقسيم دارفور قلت للزبير في الاجتماع أنه قرار الوالي وليس رغبة أهل دارفور وعندها اتصل المشير الزبير بالوالي حينها الطيب سيخة وقال له كيف تقول لناس دارفور يجب ان الا يقسم الاقليم ولماذا لا تتركهم يتخذوا قرارهم فقال له الطيب محمد خير إن حديثه ذلك كان ( كلام عساكر) لكني قلت اذا لم يتم تقسيم الاقليم سيحدث ذلك مشكلة.وبدأنا في تقسيم الولاية الى ثلاث ولايات فيما كان البعض يريدون اربعة مثل سلطان المساليت والبعض رأى أن القصد من التقسيم اضعاف الولاية والفور (NO)ولكن ذلك لم يكن صحيحا.
    وأضاف علي الحاج ان الحكم الاتحادي قائم اساساً على زيادة عدد الولايات وليس ان تنقص، وحسب علمه في الحكم الاتحادي فإن لم يجد في اية منطقة او دولة أن طبق فيها حكم اتحادي وتقلصت الولايات فيها بل انها كانت تزيد ، وانا مع تقسيم دارفور الى ولايات وليس الاقليم الواحد لأني ضد المركزية في الخرطوم وانا مع المحليات باعطائها المزيد من الصلاحيات والسلطات.
    وقال ان على الذين يطالبون باقليم واحد لدارفور أن لا يظنوا انه سيصبح مثل الجنوب فالآن جوبا حلت مكان الخرطوم في الجنوب والاتجاه الاصلح أن تتجه الرؤى نحو المحليات مباشرة باعطاء مزيد من الصلاحيات و تقوية المحليات لأسباب كثيرة من ضمنها تقوية النسيج الاجتماعي في المحلية المعنية لأن الناس أقرب لبعضهم البعض اجتماعياً خاصة في ما يتعلق بالتزاوج والتشاور والتفاهم في القضايا التي تتعلق بحياتهم ومجتمعهم ومشاكلهم اكثر من الولاية. ومن التجربة نجد ان المال المخصص للمحليات عندما يتنزل للولاية تأخذ منها شيئا ولا تصل كاملة للمحليات ففي نيجيريا مال التعليم يذهب مباشرة من المركز للمحلية المعنية وهذه آراء للمستقبل.
    وحول قضية انشاء الامارات بولايات دارفور، قال علي الحاج إنه لم تكن هناك استراتيجية في هذا الشأن بواسطة الديوان وليس له علم بذلك وليست هنالك شئ في الديوان يتعلق بانشاء امارات او عموديات او مشيخات وانما والي غرب دارفور الاسبق محمد احمد الفضل هو الذي قام بهذا العمل واعتقد عندما قام بتنفيذ هذا العمل لم يشاور احداً وقابلت ود الفضل بعد انشاء الامارات وقلت له مع من تشاورت عندما اتخذت هذاالقرار الذي اعتبره سيئاً ومشيناً واعتقد انه ليس مدركاً بما قام به واقول ليس من سياستي اتخاذ مثل ذلك القرار .
    اما السؤال بشأن وجود قانون او دستور، قال علي الحاج ان الوالي اتخذ القرار لوحده دون تشاور، ولكن حتى لا تظلموا الوالي ويكون الأمر منصفا ومتوازنا فحتى الرئيس لا يعمل ولا يلتزم بالقانون والدستور الذي وضعناه نحن فهذه هي المشكلة وحتى عندما نواجه الرئيس بضرورة العمل بالدستور والقانون فإن اخواننا يقولوا لنا مرروا قرار الرئيس وكنت أرى كيف أقوم بتمرير قرار وانا المسئول عن هذا الأمر!!؟ وهذ الامر تسبب لي في مشكلة ولكنها ذاتية واعتقد ان أهل دارفور غير مسؤولين عن انشاء الامارات، ولكنها تجربة دخلنا فيها واعتقد يجب ان نتعلم منها كما حدث في قضية الجنوب وموضوع جورج كنقور.
    ورأى أن الانقلاب الذي قامت به الحركة الاسلامية ليس خطأ وانما معالجتها للقضية كانت بطريقة غير سليمة هذا هو الخطأ وقد تحدثت مع الصادق المهدي قبل يومين هنا في المانيا فقلت له المشكلة الخرطوم لذا يجب ان نتفق كيف يحكم او يدار الخرطوم .
    وحول مثلث حمدي قال انها ليست ورقة حمدي لان حمدي لا يستطيع عمل ذلك ولكن الورقة برنامج المؤتمر الوطني يتم تنفيذه الآن وقال انه لو لم يتحصل على النسخة الاصلية المكتوبة بالانجليزية اخيرا لما صدق ذلك.
    واعترف علي الحاج أنه تلقى اتصالات من الحركات المسلحة الدارفورية ولكنه لم يتصل بهم وكان منذ اول الوهلة ضد حمل السلاح، وانه اذا كان لابد من حمل السلاح فيجب ان لا تكون المعارك في دارفور وانما في الخرطوم هذا هو رأى لان المشكلة اساساً في الخرطوم وليست في دارفور هذا الرأى قلته للشفيع محمد احمد وخليل ابراهيم وعبد الواحد محمد نور عندما قابلتهم في العاصمة الاريترية اسمرا وقلت لهم يجب اخذ العبرة من تجربة سوني عام 1965م التي قررت تنفيذ نفس العمل الذي قامت به الحركات الآن بضرب الفاشر في شهر ديسمبر من عام 1965م ولكن قمت مع نواب دارفور بمقابلة الزعيم الازهري والمحجوب ودريج لوقف تنفيذ المخطط واندلاع الحرب في دارفور وذهبت الى الفاشر وقلت لمجموعة سوني وانا ما زلت اؤمن بذلك قلت لهم اذا أردتم أن تديروا معركة يجب ان لا تديروها في دارفور صيروا رجالا واستلموا الخرطوم هذا كان رأيي وهذه قناعتي حتى الآن وقلت لهم مهما عملتم لن تحققوا شيئاً عبر السلاح لانه في نهاية المطاف سيكون الحل سياسياً وعليه لابد من العمل السياسي الذي يتطلب تضامناً وبعد نظر والاتصال بالآخرين وضربت لهم مثلاً بالجنوبيين (انانيا ون وانانيا تو) الذين كانوا لوحدهم حتى الحركة الشعبية بدأت لوحدها لن تحقق شيئاً الا عندما ضمت الى صفها جبال النوبة والانقسنا والتجمع الوطني وحتى المؤتمر الشعبي في مذكرة التفاهم الوطني حقق زخماً سياسياً، واعلامياً للحركة الشعبية وحققوا من خلالها كثيراً من مطالبهم وتم ذلك منذ وقت مبكر منذ عهد الراحل قرنق.
    وقال علي الحاج إنه كان ضد ذهاب الحركات المسلحة بدافور الى ابوجا وأبلغهم عند اتصالهم به بأنه ضد ذهابهم لابوجا واللجوء الى العالم الافريقي والاسلامي والعربي ولو كنت في مكانكم لن اذهب الى العالم الافريقي او العربي او الاسلامي واذا كان لابد من ذلك سأذهب للحكومة الافريقية والعربية والاسلامية في الخرطوم.. وذلك لأن العالم الافريقي والعربي والاسلامي ليست لهم ارادة، وقال علي الحاج : انا كنت في الايقاد التي عملت تحت مظلته منذ نوفمبر من عام 93 وحتى عام 95 ولم تعمل او تتخذ شيئاً مع هذه المنظمة الافريقية واعتقد انهم ليست لهم مقدرة فالنيجيريون كانوا افضل في عهد الرئيس بابانجيدا ولكن في نطاق محدود قلت هذه الآراء وبصورة واضحة للحركات المسلحة في دارفور التي دخلت في الآخر في مجالات ومشاكل كثيرة جداً لم يستطيعوا استيعابها.
    وأكد علي الحاج انه لم يتلق توجيها من الشيخ الترابي للعمل مع الحركات المسلحة وان اعتقال الترابي ليس جراء ذلك وانما هذا حديث الاجهزة الأمنية لانهم قل ما يصدقوا في حديثهم.
    وعلى هذه الخلفية، قال علي الحاج انه كان يرغب في أن يستمع الى هذا الرأي من شخص غير امني لأنه يعلم ان الآخرين يدركون رأيه في الحركات المسلحة بدارفور، ولكم لانهم «غبيانيين» لا يرغبون بالحديث لانهم يريدون حصر القضية في دارفور وانا لست منزعجاً عن ذلك لان الالمان وغيرهم عندما يذهبون من الخرطوم ويعودون يقولوا لي الخرطوم تقول انت وراء قضية دارفور وهو فهم الحكومة وجهاز الامن. واعتقد ان الصورة بدأت تتضح اكثر بالنسبة للقضية القائمة رغم ان الحكومة غير راغبة ورأي أن القضية او المشكلة هي الخرطوم وليست دارفور. ورأى علي الحاج أنه من الضروري اجراء اصلاح او تغيير الوضع في الخرطوم ، وقال انه يعني بذلك هنا اعني ان يشارك الجميع في اصلاح هذا الوضع وليس المؤتمر الشعبي والآن انا عاكف في كتابة مقالات داخلية خاصة بي تتعلق برؤية جديدة لقضية السودان ومسائل تاريخية اعتقد ان كل المشاكل تعود للخرطوم باعتبارها حاضنة ومفرخة لها واعتقد ان الحزبية كانت افضل بكثير من الشمولية وانها لا تحدث فيها القبلية لان كل حزب يريد كسب جميع الناس وحتى لو ارادت الاحزاب الميل الى القبلية او اي جهة فإنها تتستر عن ذلك ولكن هؤلاء لا يتسترون.


    الصحافة 5/2/2008
                  

02-07-2008, 04:23 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    فتوي الترابي التي تجاوزته ..!

    بتاريخ 28-1-1429 هـ

    القسم: أحاديث فى السياسة والمجتمع /موسى يعقوب

    [email protected]

    كنت بالامس قد توجهت بالسؤال عن اجتهاد الدكتور علي الحاج في (الكفارة) عن الذنب لأهل الذكر . وقد جاءنى الجواب غير المباشر من الدكتور الترابي وفي صحيفة (الصحافة) نفسها. فالدكتور الترابي من أهل الذكر في هذه الناحية ايضا وهي فقه الاجتهاد السياسي.
    علي الحاج كان فيما طالعنا نهار امس الاول في صحيفة (الصحافة) قد قال ان (كفارته) لذنبه في مشاركته في الانقاذ الوطني أن يعمل علي اقتلاعها و(بالسلاح)..! وهو ما خالفه فيه الاستاذ عثمان ميرغنى في عموده (بالسودانى) صباح الامس (4 فبراير 2008م) الذي رأي ان تكون كفارة الدكتور عن ذنبه بأن يُعني بما خلفته وتخلفه الحرب في دارفور من يتامي وارامل .. الخ .. ولكن الرد الذي يجد وقعاً عند علي الحاج وغيره من رفاق الدرب هو ما قاله الدكتور الترابي لمراسل (الصحافة) في العاصة القطرية (الدوحة) ونجمل ما قال - حسب الصحيفة بالامس في الاتي:
    { كل اهل الاحزاب جربوا السلطة واصبحوا عقلاء معرباً عن ثقته بأن السودان سينتقل من الصراع الي التعافي بين ابنائه حتي بين الجنوبي منهم والشمالي والشيوعي والاسلامي .
    { ودعا الترابي - تقول الصحيفة - السودانيين الي العمل لينصلح امرهم ويتصالحون في مابينهم صلحاً قائما علي التنافس (الطاهر )..!
    وقبل ان نغادر هذه المحطة الفقهية السياسية وصاحب الفتوي رجل مخبورنسأل : أين اخانا الدكتور علي الحاج من هذا كله وهو يلزم نفسه بشطط في التكفير عن الذنب يتجاوز ذلك كله ايضاً ..؟
    انها (الحموضة) الزائدة التي ظل يعاني منها الدكتور علي الحاج ويفرزها في جملة تصريحات كلها سالب ولا يدخل ضمن ماهو (عاقل) او متصالح كما يرى الدكتور الترابي الان وكان أحد اولئك (الثلاثة) الذين رشحوا لموقع نائب الرئيس وامين عام حزب المؤتمر الشعبي الذي يلعب فيه الدكتور علي الحاج دور نائب الامين العام.
    الحموضة ليست بالعلة المستعصية علي العلاج علي كل حل . فليبحث الدكتور علي وهو طبيب وسياسي عن ذلك وليساعده الاخرون فالحموضة ضارة ولا تطاق .
    اخبار اليوم
                  

02-07-2008, 04:25 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    -: اراء السبت
    بتاريخ 26-1-1429 هـ
    القسم: آراء السبت الاسبوعى
    وقيادات الأحزاب القديمة والترابي في المقدمة هل تفتح الطريق للشباب؟
    في لقائه مع (الجزيرة) قال الكثير المثير والمتناقض أحياناً فماذا بعد؟
    { موسى يعقوب {
    هذا السؤال تعيد طرحه اليوم وبهذه الطريقة أشياء كثيرة بدت على السطح وآخرها كان لقاؤه الأخير مع قناة (الجزيرة) في برنامج (بلا حدود) حيث قدرنا أن يتحدث الشيخ اليها (بلا حدود) كما عودنا، الا انه ظهر هذه المرة لمشاهديه على المستوى المحلي والخارجي أكثر التزاماً بالزمان والمكان وميلاً الى الانضباط، فلا فتاوى وآراء مثيرة، ولا تطرف في الخصومة الى حد كبير رغم وصفه لشركاء الأمس في السلطة بأنهم (عسكر..!) واذا لم يبدلوا نظامهم بدستور جديد فثورة شعبية كما حدث في 1964م و 1985م.. ولكنه على الصعيد الآخر اعترف بأن :
    ü رموز الاحزاب قديمة ..!
    ü والهجمة على السودان سببها أن الغرب لا يريد الإسلام
    ü وأضاف لذلك جديداً حقاً وهو أن اتفاقه مع شركاء الأمس اقرب مما هو مع الاحزاب الاخرى ..!
    بل عند هذه النقطة الأخيرة ألقى باللائمة على الرئيس البشير الذي كان محاوره قد سأله إن كان سيلتقي به، وعزى ذلك الى أن البشير ظل يعتذر ويعتذر..!
    وكيفما كان الامر والحال، فيبدو أن الشيخ وهو يقترب من سن الثمانين ـ حفظه الله ـ يجد نفسه من تلك القيادات الحزبية التي يدعوها (قديمة) إذ طالما تململت الشرائح الشابة في حزبه من أن قيادتهم تزحف نحو سن الثمانين، ومن أمور اخرى عرف بها الشيخ في تاريخه الطويل ولم تواجه إلا مؤخراً جداً (1998م) بما عرف في المؤتمر الوطني الموحد يومئذ بـ (مذكرة العشرة..!)
    ولا بد أن مثل هذه الإفادة من الدكتور الترابي والتي جاءت متأخرة ستعين القوى الشابة في حزبه على تحديث القيادة والاطارات النافذة في المؤتمر الشعبي عندما يحين وقت مؤتمرهم العام هذا العام، وليست هذه النقطة وحدها في الاجندة وانما نقاط اخرى بكل تأكيد لا تغيب عن ذاكرة من استصحب المتغيرات وأراد التعامل معها بموضوعية وحكمة، فهناك اليوم ما يعرف بالحراك السياسي والحوار الوطني الذي لم يستثن منه الحزب الشيوعي السوداني رغم الحالة الراهنة، وقطع فيه حزب الامة القومي بقيادة السيد الصادق المهدي أشواطاً لا سيما وان الدكتور الترابي هنا قد قال في ما سلفت الاشارة اليه ان لقاءه مع شركاء الامس وحزبهم هو الاقرب منه الى التلاقي مع الاحزاب الاخرى، وان كان ذلك قد حدث بالفعل في الفترة الماضية او ما عرف بـ (تحالف دار الامة..)وما يعزز من ذلك هنا ايضاً كثير، ومن اهمه ـ كما قال الدكتور الترابي ـ ان الهجمة الغربية على السودان سببها الاسلام فضلاً عن ان السودان له امتدادات جغرافية وسكانية وموارد منها الطاقة والثقافة تقول بأنه موقع استراتيجي، والمشكلات الراهنة ومنها التشقق والتشرذم ستقدمه لاعدائه في اناء من ذهب.
    ذلك من الناحية المبدئية التي تجاورها وتنهض الى جانبها امور اخرى لا تغيب عن الذي تابع الانقسام والخصومة في المؤتمر الوطني منذ ثمان او تسع سنوات برهنت في جملتها على ان ذلك الانشطار لم ينل كثيراً من سلطة (الوطني) وهيبته وقدرته على اللعب بالبيضة والحجر كما يقولون، وأهم من ذلك القيام بادوار لم يسبقه عليها احد ممن حكموا السودان من قبل ومن اشهرها :
    (1) استنطاق الموارد الساكنة تحت الارض مع حسن توظيفها.
    (2) السلام واطفاء نار الحرب التي استمرت لعقدين من الزمان.
    (3) بناء كيان حزبي غالب وقادر على جذب الاخرين والعمل معهم وبهم رغم ما حدث فيه من انقسام وتشقق أسوة بالاخرين.ولكل واحدة من النقاط الثلاثة التي ذكرنا شواهدها والايات الدالة عليها لا ريب، فاستنطاق الموارد واهمها النفط والمعادن امور واضحة للعيان ولا تحتاج الى دليل او برهان، وهي التي حولت الاقتصاد في البلاد من اقتصاد منهار وقاعد الى اقتصاد نشط وجاذب غابت فيه معدلات التضخم الكبيرة لتحل محلها معدلات النمو الكبيرة ايضاً مع استقرار سعر الصرف، ثم ما تبع ذلك كله من تنمية غير مسبوقة من اهمها الطرق القومية والسدود والمواصلات والاتصالات مع وفرة السلع وسد احتياجات الامن القومي من موارد محلية كمصانع الاسلحة والانتاج الحربي والانتاج المدني الاخرى مما تذخر به مدينة جياد الصناعية، اذ ما يصبح يوم جديد الا وتشهد البلاد فيه جديداً يفتخر به.
    إن البلاد بفضل ذلك وبفضل الاستقرار الذي لم تكتمل دوائره بعد تشهد نمواً وجديداً في كل مجال من المجالات ومن اشهرها ما يحدث هذه الايام على صعيد الصيرفة التي اصبحت في جملتها الكترونية، وبعد قليل الكهرباء التي ستكون مشكلتها قد حلت تماماً بما ينتجه سد مروي الذي صحبته مشروعات كبيرة غيرت وجه المنطقة وربطت اجزاء الولايات الشمالية وما جاورها ببعضها.
    اما السلام واطفاء نار الحرب في الجنوب عبر اتفاق السلام الشامل فقد خرج بالبلاد من حالة الاحتراب واهدار الارواح والموارد الى حالة العمل المشترك من اجل الاستقرار والسلام والتنمية وان شاب ذلك ما شابه في بعض الاحيان، اذ الانتقال من حالة الحرب الى حالة السلام يحتاج الى مقومات نحسب انها قد توفرت الان بعد ان انجلت ازمة الشريكين الاخيرة وصار العمل المشترك في الشمال والجنوب والغرب وغير ذلك هو الهدف المعلن الان من قبل الشريكين.
    وهذا كله نراه ونشهده فإن حزب المؤتمر الوطني الحاكم عوضاً أن ينهار وتنهار سلطته كما هدف الدكتور الترابي وعمل من قبل نجده اليوم في حالة اعمار صف وتوسيع قاعدة، ذلك انه اصبح وجهة لكثير من الكتل والجماعات والرموز بما فيها بعض رموز وقواعد حزب المؤتمر الشعبي، الهجرة في غالبها كانت من الاحزاب الاخرى اليه وفي بعض الحالات المحدودة منه، ثم اضاف الى هذا مؤخراً ظاهرة الحوار مع الاخرين والتفاهم معهم على ضرورات الحد الادنى والشراكة من اجل المصلحة العامة والوطن، وهو ما قد يجعل المؤتمر الشعبي في عزلة وحالة من الاضطراب الداخلي وربما الهجرة في اعداد اكبر صوب الطرف الاخر أو اعتزال الحياة السياسية من جهة اخرى.
    لقد حمل الشيخ الترابي الطرف الاخر المسؤولية في التقارب المنشود والمطلوب وهو يحدث محاوره في الدقائق الاخيرة من زمن البرنامج، وليقيم الدليل على ذلك ضرب الرجل مثالاً لذلك تفاهم جنيف ـ فبراير 2001م والاتصالات بخصوص دارفور..!وقد كان ذلك كله ـ فيما تنطق به القراءة السليمة له ـ يصب في برنامج الشيخ الهادف يومئذ الى اسقاط النظام وزلزلة الارض من تحت رجليه ـ كما يقولون ـ وقد ذكرنا ذلك في حينه وقد ظهر مشروع التفاهم في جنيف الذي كانت للشيخ حوله مؤتمرات صحفية مشهورة فضلاً عن ان تصريحاته وخطبه السياسية الاخيرة في الولاية الشمالية ونهر النيل وشرق السودان كانت تصب ايضاً في غير صالح اللقاء مع قيادة المؤتمر الوطني التي استثناها، مع تركيزه على التفاهم بين القيادات الوسيطة في المؤتمرين.لكن ـ ومهما يكن من امر ـ في ما قال الشيخ الترابي للجزيرة جديد رغم ما اشترط من اطلاق سراح معتقلي حزبه وامور اخرى كلها في حدود المقدور عليه، ونحسب انه قد جاء في وقته وعمليات الجمع والطرح كلها بعد ثماني او تسع سنوات على الانقسام والانشطار تقول بان الحال في الساحة السياسية لا يقبل الا المصالحة والتفاهم ان لم يكن الاندماج والعودة الى الحال السابق.
    ان هذا الذي صدر عن الرجل ولم يكن متوقعاً وفق كل ما علمنا وشهدنا في السنوات الماضيات ربما وجد ارتياحاً عاماً وبخاصة في صفوف حزبه المؤتمر الشعبي لانه يبدو الاكثر انزعاجاً لوقع المستجدات في الساحة المحلية والدولية.
    ويبقى في نهاية هذا المشهد السياسي الذي جعلنا عنواناً له : الترابي هل من عودة .. هل..! أن نعرض الى ما قال من ثورة شعبية تطيح بالنظام إن لم يبدل نفسه بدستور جديد..! الدستور الجديد ـ كما هو معلوم ـ لن يكون الان في ظل الدستور الحالي المؤقت الذي ولده اتفاق السلام الشامل CPA ولكن المطلوب الان هو التحول الديمقراطي والياته المناسبة والملائمة ومن ذلك قانونا الاحزاب والانتخابات، فالانتفاضة التي تحدث عنها الشيخ ان تكون انتفاضة انتخابية كما قال السيد المهدي زعيم حزب الامة القومي ذات مرة وهي انتفاضة مدنية سلمية وليست ثورة شعبية على غرار ما حدث في 21 اكتوبر 1964م وتكرر في 6ابريل 1985م ـ اي بعد عشرين عاماً تزيد قليلاً ولا تنقص.
    إن الانقاذ الوطني وهي تجدد نفسها أطراً وهياكل تقترب الان (2008م) من اكمال عامها العشرين، غير ان عشرين اليوم ليست كعشرين الامس، وإلا فان رغبة الدكتور الترابي في التغيير بثورة شعبية وقد كان احد قادة ثورة اكتوبر 1964م كان يمكن ان تكون قد تحققت بعد اسابيع اوشهور قليلة من قرارات الرابع من رمضان 1999م التي بموجبها تعدل وتغير الكثير، غير اننا ومع ذلك نسأل الشيخ الترابي هل من عودة .. هل! وفوق كل ذي علم عليم.
    اخبار اليوم
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de