|
|
 ضعف الحكومى يتجلى فى فرانكفورت...حيدر ابراهيم
|
الثلاثاء 12 اكتوبر 2004 13:57
12 Oct 2004 09:57:13 GMT
إضاءة سودانية
الثقافة والسياسة وعروبة السودان
بقلم :د. حيدر ابراهيم
أكتب هذا المقال من معرض فرانكفورت الدولي للكتاب حيث تعرض السودان لإهانة كبرى في مناسبة خصصت للثقافة العربية، حيث غاب السودان لست أدري بسبب تقصير حكومته ام لتجاهل متعمد من جامعة الدولة العربية، فالاتهامات متبادلة، فالوزير الذي حضر ليوم واحد وقفل راجعاً ـ لا ادري غاضباً ام لديه ارتباطات اخرى أهم.
يقول بالحرف: «دا مقلب من جامعة الدول العربية. اما الامين العام لجامعة الدول العربية، فقد كان رده حين وجد كتباً لدار عزة السودانية على الارض احتجاجاً من صاحبها ـ نور الهدى محمد الذي لم يجد مكاناً رغم مشقة احضار الكتب، قال عمرو موسى: «حكومة السودان لم تتابع الموضوع مع الجامعة وهذه مسئوليتها».
رغم هذه الفضيحة التي غيبت السودان وهو الذي أعلن عن الخرطوم عاصمة للثقافة العربية عام 2005 اي بعد ثلاثة شهور، اتصل الوزير بالخرطوم للتعجيل بارسال الوفد المشارك.
وحين وصل الوفد كان الوزير قد غادر وبالامس رأيت الفنانين والنقاد السودانيين يجلسون امام مدخل المعرض كاليتامى، حيارى لا يعلمون لماذا حضروا او احضروا.
ورغم أنني جئت بطريقتي الخاصة وكنت انوي اقتلاع مكان في المعرض لو تم تمثيل السودان لانه سيكون للسودان كبلد وليس كحكومة، حاولت عرض مطبوعات مركز الدراسات السودانية ولكن رفع لافتة باسم السودان، فقد قبل الناشرون العرب فكرة عرض الكتب ولكن دون لافتة للسودان لان العرض جماعي.
ورغم اننا في اليوم قبل الاخير 9/10 فمازلت احاول خاصة وان اليومين الاخيرين تفتحان للجمهور، هناك اتهام صريح لمسئول تنظيم المعرض في جامعة الدول العربية بأنه تعمد اقصاء السودان او تقليل مشاركته.
وقد صرّح أحد المسئولين السودانيين الذي شارك في الاجتماعات التحضيرية ان مفوض جامعة الدول العربية شطب اغلب اسماء المفكرين والمبدعين السودانيين وأبقى على اسمين فقط بقراءات شعرية وسردية.
رغم ان جامعة الدول العربية غيبت اسماء مهمة لمفكرين وكتاب عرب، الا ان ما حدث للسودان يخص دولة وشعب. ويوحى بموقف خطير تجاه دور السودان عربياً، فالمرء يخشى ان يكون بعض العرب يريد السودان ان يختار بين هوية عربية او افريقية، وقد يحاول هؤلاء ان يختاروا له هويته مع انشغاله ـ اي السودان ـ بمشكلاته الداخلية المستعصية.
فالسودان بهويته العربية ـ الأفريقية يمثل بتنوعه مستقبل التسامح وقبول الاختلاف في منطقة شديدة التعصب، أما الوجه الآخر لخلط السياسة بالثقافة فاننا نجده على المستوى الداخلي. فقد درجت حكومة السودان على إعطاء نفسها الحق في خلق مبدعين حسب رؤيتها الايديولوجية حتى ولو كانوا عاطلين عن الموهبة.
وفي الوقت نفسه تقصى اي مبدع مخالف للنظام مهما كان شعره او افكاره او لوحاته لذلك يمكن للعالم الخارجي ومنه جامعة الدول العربية ان يتهم السودان ككل بأنه قاحل ابداعياً ولا يستحق التمثيل.
فالمسئولون في المجال الثقافي يخفون اسماء وشخصيات ـ عمداً ـ لانها تخالفهم وتعارضهم، وما حدث في فرانكفورت نتيجة طبيعية لهذا السلوك غير القومي والذي مازال يغلب مصلحة الحزب والمؤيدين على مصالح الوطن ومن علامات النضج السياسي هذا التمييز بين القومي والحزبي خاصة في المجالات البعيدة عن صراع الحكم والسلطة.
وهناك حقيقة مهمة اخرى وهي ان السلطة السياسية لو دفعت اموال الدنيا لا تستطيع ان تجعل من شخص ما مبدعاً اذا لم يمتلك الاستعداد والقدرات والعكس صحيح ايضا لا يمكن ان تطفيء مبدعاً حتى ولو شردته وجوّعته.
نخشى ان تتكرر الفضيحة الثقافية في العام المقبل الذي سيخصص الخرطوم عاصمة للثقافة العربية. وكل الارهاصات ترجح هذا الاحتمال، لان الاستعداد والتحضيرات تمشي في طريق الاقصاء والتفضيل والتقريب، وقد ظهر ذلك في تكوين اللجان، وفي توزيع الكتب على الناشرين المقربين.
ورغم سيولة اموال كثيرة على المشروع الا ان بدلات حضور الجلسات تلتهم الجزء الاكبر وحتى الان لم تبدأ اللجنة في انشاء مسارح وصالات عرض او تجميل لعاصمة الثقافة المحتملة. لابد من الخروج من نفق تسييس او تخريب الثقافة في السودان اذا اردنا ان يحقق الوطن انجازات ثقافية وان نخرج من حالة الموات او القحط الثقافي والذي اعطى الآخرين الحق في ابعاد السودان عن المشاركة في معرض فرانكفورت الذي اختار الثقافة العربية كضيف شرف هذا العام.
|
|
 
|
|
|
|
الكيك
bunbun
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست