مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 05:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-29-2009, 03:53 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا

    دعونا نتحدّث بصراحة
    عبد الوهاب الافندى


    (هل هناك حقّاً "عملية انتقال ديمقراطي" في السودان؟) الخطاب السياسي يُشبه في كثير من مظاهره الأدب الخيالي:

    السياسيون يكذبون كثيراً، وغالبية الناس يعرفون أنّهم يكذبون، لكنَّ الجميع يشاركون في التمثيلية، تماماً كما يندمج المشاهد مع فيلم ممتع أو القارئ مع رواية شائقة، رغم أنه يعلم أنَّ القصّة مُتخيّلة بالكامل. ولأنَّ الكل يعلم أنَّ السياسيين، مثل الشعراء، يقولون ما لا يفعلون، وفي كل وادٍ يهيمون، فإنَّ الجمهور يتعامل مع عروضهم المسرحية بما تستحق، ويفاضل بين أدائهم على هذا الأساس. ولا يعني هذا أنَّ الشعوب تنخدع بادعاءات المُدّعين أو نفاق المنافقين أو وعود المبالغين، ولكنّها تتعامل مع هذه الدعاوى في إطارها.

    فإذا تصنَّع سياسيٌ بالحنو على الأطفال، أو أظهر الحزن والخشوع على مآسي الآخرين، فلا أحد يعتقد للحظة أنَّ هذه مشاعر حقيقية، ولكنّه يُقدِّر أنَّ السياسي المعني قد سلك السلوك المناسب في الظرف المعني. وهناك مواقع كثيرة في العمل العام يُسبِّب فيها الصدق في التعبير عن المشاعر والآراء لصاحبه من الضرر أكثرمن الكذب. ومن قبيل ذلك ما حدث للإذاعي الكوميدي الأمريكي الشهير بيل مار الذي علَّق في برنامجه التلفزيوني على قناة أي بي سي بُعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر رافضاً اتهام مُرتكبي الحادث بأنّهم جبناء. فقد قال مار إنَّ الجبناء هم من يرسلون الصواريخ ضدَّ أعدائهم من على بعد ألفي ميل، أمّا من يبقى في طائرة وهي تصطدم بمبنى فيمكن أن يُتهم بتهم كثيرة، ليس من بينها الجبن.


    وقد أثارت تعليقات مار عاصفة من النقد سرعان ما أفقدته وظيفته وظلّ لفترة منبوذاً إعلامياً وسياسياً رغم اعتذاره المتكرر والحديث عن "إساءة فهم تعليقاته". ومثل هذا في عالم السياسة كثير، حيث الكذب منجاة والصدق مهلكة. ونحن نتحدَّث هنا عن عالم السياسة في تجلِّياتها الديمقراطية، أمّا الأنظمة غير الديمقراطية فهي تقوم أساساً على الخداع والمخادعة نهجاً. ذلك أنَّ أهم سلاح لدى الأنظمة القمعية هو إخفاء وتمويه الحقائق، بدءاً بإطلاق تسمية "الديمقراطية" على الدوّل الاستبداية الشمولية مثل كوريا الشمالية وسابقاتها، مروراً بالإشادة المتكررة بفضائل الحاكم الأوحد التي لا تُحصى، والحديث عن إنجازات النظام الخارقة، وبالطبع إخفاء كل فشل وتقصير وإظهاره على أنّه فتحٌ مُبين. ولا نحتاج هنا إلى أن نفيض فيما هو معلوم من تفاصيل السياسة السودانية،


    والطابع السريالي لتقلُّبات أهلها الإيديولوجية والسياسية، وتسمية الأشياء بغير أسمائها، ووصف الناس بضدّ ما هم عليه، لأنَّ كل هذا معلوم وظاهر من حاضر السياسة السودانية وماضيها القريب. فكثيرٌ من أحزابنا لا تزيد على كونها ألقاب مملكة في غير موضعها، وكثيرٌ منها يُخالف إيديولوجيته، بل يناقض برامجه المُعلنة، وهي برامج تخالف بدورها الأفعال. أمّا القيادات ومسالكها وسلوكياتها، والتحالفات وتقلُّباتها، فحدِّث ولا حرج. وتعامل الجمهور والنُخب مع هذه الأوضاع، والتكيُّف معها يستحقُّ بدوره دراسات متعمِّقة في سوسيولوجيا الكيانات السياسية وسيكلوجية النفس البشرية. فليس كلُ الممثلين في المهازل كاذبين مخادعين، بل كثير منهم صادق مع نفسه التي نجح نجاحاً يُحسد عليه في خداعها حتى لم يعد يُميز بين الخيال المسرحي والواقع حول الخشبة. ولكن هذا مبحث آخر. ما نودُّ أن نُركِّز عليه هنا هو المسرحية التي تُمثّل أمام أعيننا باعتبارها ترسم ملامح و "خارطة طريق" مرحلة انتقالية تعبر فيها البلادُ وضعاً إعترف الجميع بأنّه استبدادي غاشم، إلى وضع يأمُل البعض (ويخشى آخرون) أن يصبح ديمقراطياً.


    وبحسب هذه "الرواية" (بكل معاني هذا التعبير)، فإنَّ هناك خطوات عملية وتشريعية مترابطة يجري اتخاذها لرسم خارطة الطريق المؤدِّية من صحراء الدكتاتورية إلى واحة الديمقراطية، من بسط للحريات في مجال التعبير والتنظيم، وبناء هياكل ومؤسَّسات تُشرف على عملية الانتقال، بما في ذلك تسجيل الأحزاب، وإعداد كشوف الناخبين، ثمّ الترشيح والاقتراع، وانتهاءً بتسليم السلطة كاملة للشعب عبر ممثليه المُنتخبين. وكجزءٍ من هذه "الرواية" تمّت صياغة دستور انتقالي أكسبتنا نصوصه في الحقوق والحريات حسد مواطني أوروبا، بينما تُكسبنا الممارسات التي تتعايش مع هذه النصوص عطف سكان ميانمار وزيمبابوي. وبحسب هذه "الرواية" فإنَّ من أهم دعائم فترة الانتقال "شراكة" وتقاسم سلطة بين طرفي اتفاق نيفاشا، أي الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، وبقية رصفائهم في "حكومة الوحدة الوطنية" (أي والله، هذا هو الإسم الرسمي للحكومة وليس اختراعاً من بنات خيالي).


    وهناك أيضاً "توافق" بين الشريكين على إجراء استفتاء شعبي في الجنوب يؤكدان أنه ضروري لتأكيد وحدة السودان، لأنَّ الإخوة في الجنوب من شدَّة حرصهم على الوحدة طالبوا باستفتاء يُعبِّروا فيه عن تولُّههم بوحدة البلاد في سابقة لا مثيل لها سُفكت فيها دماءٌ غزيرةٌ من أجل انتزاع حق الانفصال ليس رغبة فيه، بل اشتهاءً للوحدة ومزاياها. وفي داخل هذا العمل المسرحي المُتقن الصياغة والإخراج، نسمع من يتصايحون احتجاجاً على تقصير عن الوفاء بحق الانتقال الديمقراطي، ويجتهدون في الضغط إعلامياً وعبر الشارع وعبر التدخُّلات الدبلوماسية الدولية، حتى يتمّ الوفاء بما قصّر في الوفاء به. ويجتهد آخرون في الحديث عن ضرورة التحرُّك السريع لجعل الوحدة "جاذبة"، ومساعدتها للتزيُّن لخُطّابها المُفترضين.


    وإذا كان هناك بيننا من يُصدِّق أننا نعيش مرحلة انتقال نحو الديمقراطية، أو أنَّ هناك من يعمل حتى تكون الوحدة "جاذبة"، فإنَّ هناك فئة مهنية واحدة على الأقل يمكن أن أتنبأ لها بمستقبل باهر في "السودان الجديد" المُرتقب، مهما كان شكله، ألا وهي فئة محترفي العلاج النفسي. فالمنطق يقول إنَّ الخراف لا تتحمّس لعيد النحر، كما أنَّ الأنظمة الدكتاتورية لا تقود الانتقال نحو الديمقراطية إلاَّ بشرطين: الأوّل أن تنشأ قيادة جديدة تؤمن بالديمقراطية كمخرج لمأزق النُخبة الحاكمة، كما حدث في روسيا مع ميخائيل غورباتشوف، أو الصين في عهد زين زيانغ (قبل خلعه في صيف عام 1989م)، والثاني أن تتصدَّع النُخبة الحاكمة وتتداعى، كما حدث في اسبانيا والبرتغال في منتصف السبعينات، وفي الجزائر أواخر الثمانينات، ومصر في أول عهد السادات. حالياً لا نلمس أي شواهد مُقنعة على أنَّ النُخبة المُهيمنة في المؤتمر الوطني قد توصّلت إلى قناعة بأنَّ التحوُّل الديمقراطي يخدم مصالحها أو يوافق قناعاتها الفكرية، إذ "لو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّة". فلو كان لدى القوم قناعة بأنُّ الديمقراطية "عائدة وراجحة" (بحسب تعبير الزعيم الصادق المهدي) لكنّا شهدنا اجتهاداً من القيادات في تنظيم الصفوف وتعديل الخطاب وتطوير أساليب كسب الرأي العام يُعادل الاجتهاد في تسليح وتمويل وتوسيع الأجهزة الأمنية ودعمها بقوانين هي بدورها أسلحة من أسلحة القمع والكبت. نفس الشيء يمكن أن يُقال عن المعارضة، إذ لو أنَّ قادة المعارضة كانوا مقتنعين حقاًّ بأنَّ البلاد مقبلة على تحوُّل ديمقراطي لتغيَّر خطابُهم إلى خطاب تصالحي غير إقصائي تجاه الحزب الحاكم وحلفائه، ولبدأوا في خطوات عملية للتفاوض مع الفئة الحاكمة حول الضمانات الشخصية والمؤسّسية ضد أي استهداف قد يتعرّض له قادة الحزب الحاكم ومؤيدوه بعد تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة المنتخبة. أمّا إذا كان المعارضون يعتقدون أنَّ قادة الحزب الحاكم المُتمترس داخل القوّات النظامية وفي نسيج الدولة وهياكلها البيروقراطية،

    والمُتمكِّن من مفاصل الاقتصاد، سيُسلِّمون الحكم طواعية إلى من يتوعّدونهم بالويل والثبور، ويطفح خطابهم ضدَّهم بكراهية تُنذر بنُذر الإبادة الجماعية إذا تغيَّرت الأوضاع، إن كانوا يعتقدون جادين أنَّ "التسليم والتسلُّم" في إطار انتقال سلمي للسلطة سيتم تحت هذه الظروف، فإنّهم في أمسّ الحاجة إلى مراجعة أطبّائهم النفسانيين، لأنَّ هذا وهمٌ سيكون مُكلفاً لو تم التمادي فيه. قد يكون القدر المعقول من تجارة الأوهام ضرورياً لتفادي انهيار البنية السياسية للمجتمعات، لأنَّ فكرة الوطن نفسها وكلَّ مستويات الهُوية تقوم على قدر كبير من الخيال. فأن يكون المرء سودانياً، أو مصرياً، أو جنوبياً، أو شمالياً، أو منتمياً إلى جماعة دينية أو عرقية أو سياسية، فهذه حالة ذهنية وليست حالة طبيعية، إذ قد يُولد المرء في مكان ما ويعيش عمره كله فيه دون أن يشعر بالانتماء إليه.

    ولكنَّ التمادي في التعلُّق بالأوهام قد يتحوَّل إلى حالة مرَضيِّة تتوَّلد عنها كوارث مُدمِّرة. فيما يتعلَّق بالوضع الانتقالي المُفترض في السودان، فإنَّ تطوُّرات الأسابيع الأخيرة عبَّرت عن اصطدام الحالة المُتخيَّلة بجدار الحقيقة، ولكن قد لايكون هناك خيار عملي غير مجاراة الوهم إلى منتهاه، والمرور عبر العملية الانتخابية، فالاستفتاء ثمّ التعامل مع النتائج لاحقاً. فكما ذكرت في وقت سابق، لا تُعتبر خطّة بعض أطياف المعارضة لإشعال "انتفاضة" في الظروف الحالية عملية والانتخابات على بُعد أشهر فقط. فما دام هناك أمل في التغيير السلمي عبر الانتخابات، لن يبدو مقنعاً للجماهير أن تتقدَّم للدخول في صراع عنيف مع نظام قبِل نظرياً بأن يُسلِّم مصيره إلى انتخابات حرّة يقول فيها الشعب رأيه. فالمطلوب حالياً من المعارضة تعبئة أنصارها لخوض الانتخابات وبذل الجهد للتأكد من سلامة العملية الانتخابية، ثم بعد ذلك لكل حادثٍ حديث


    التيار 28/12/2009
                  

12-29-2009, 04:03 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    مجاعة الدندر: الحقيقة المُرة لمن لا يرغب أن يدري

    السودانى

    ا
    السبت, 19 ديسمبر 2009 06:46

    بقل: د. منصور يوسف العجب


    * لقد قمت بزيارة لكل منطقة الدندر شرق وغرب نهر الدندر.
    * للأسف الشديد الدندر قاطبة تعاني من وضع مأساوي.
    * الدندر ليست تعاني من فجوة غذائية كما يروق أن يسميها البعض ، بل من مجاعة حقيقية. الفجوة الغذائية من منظور الاقتصاد الزراعي لا تتجاوز 15% من الاحتياج الغذائي الفعلي للمواطن. الإصرار على تسمية مجاعة الدندر بفجوة غذائية ، لا يعدو كونه تلاعباً بالألفاظ للتعتيم على المضمون السياسي الأكبر للمجاعة.
    * منطقة الدندر التي تشقها ترعة الرهد ، لا يوجد بها مشروع مروي واحد. وأن جل مزارعيها ، كبارهم وصغارهم ، يعتمدون على الزراعة المطرية ، ويعتمد الرعاة على المرعى الذي توفره الأمطار.


    المجاعات كمفهوم عام..
    إن إختلالات القطاع الزراعي الذي يتسم بتدنٍ حاد في إنتاجيته ، وبتبني أنماط للاستثمار غير متوازنة (unbalanced patterns of investment) وبتشوهات في التسويق ملازمة له ومتمثلة في تشوهات في أسواق التسليف الزراعي (imperfections) ، والتخزين ، والترحيل ، والوسطاء ، والشيل ، وإزالة القطاع النباتي المتمثل في الغابات ، والتوسع الأفقي فيه بدلاً عن الرأسي وتكثيف الإنتاج ، كل هذه العوامل مشتركة وخاصة التوسع الأفقي ، قد أدت إلى نوع من الزراعة الآلية اتسم بتدمير البيئة ونتجت عنه أضرار سلبية أضرت بالمحافظة على الموارد ومستويات المعيشة لمواطني الريف لعدم التقيد بالممارسات الزراعية العلمية كمصدات الرياح ، والدورة الزراعية ...الخ. أدى ذلك لتهميش صغار المزارعين والرعاة بحصرهم في رقع هامشية صغيرة ذات خصوبة متدنية مما أدى لتدمير اقتصادهم المعيشي وأفقد الرعاة مراعيهم ومساراتهم التاريخية. ساهم هذا الوضع مساهمة أساسية في نشوء المجاعات والعوز الغذائي المزمن (chronic food insecurity ).
    الزائر للدندر يتجلى له بصورة واضحة الذي لحق بالدندر حيث انعدم الغطاء النباتي كلياً خاصة أشجار الهشاب المعروفة كصديق للبيئة وتحولت التربة إلى عجاج أو كما تسمى محلياً (التربة بردت) ، واختفى المرعى ، وفشل الموسم الزراعي فشلاً ذريعاً ، كما جف نهر الدندر في معظم مجراه قبل أوانه لشح الأمطار لهذا الموسم والمرتبط إلى حد كبير بإزالة الغطاء النباتي الذي يساعد في غزارة هطول الأمطار.
    سمات المجاعة بالدندر..
    * الجوع:(Hunger)
    قد انتشر الجوع بالدندر بصورة مزعجة ، وهدرت معه الكرامة حيث تحول الغالبية من ذوي النفوس العزيزة والكبرياء من نساء ورجال إلى متسولين ينشدون من يسد رمقهم هؤلاء هم الذين آووا من نزح إليهم ووفروا الغذاء لأهل السودان من قبل. هل يستحقون هذا الوضع؟
    * الإفقار (impoverishment)
    ارتبطوا إلى حد كبير بغياب التمكين (endowment ) وغياب الاستحقاق (entitlement ) لصغار المزارعين والرعاة وهم حوالي 85% من سكان الدندر. فكلمة تمكين تشير للأصول التي يملكها الفلاحون وقدراتهم الشخصية التي يستعملونها في تأسيس استحقاقهم للحصول على الغذاء وهذه الكلمة غائبة للإهمال المتعمد للمنطقة كعقاب جماعي. أما كلمة استحقاق فتشير للعلاقات المتأسسة من خلال التجارة ، والإنتاج المباشر، وبيع قوة العمل ، التي بواسطتها يمكن للفرد أو الأسر التمكن من الوصول للغذاء. وللاستحقاق عدة أشكال:
    الأول: يسمى الاستحقاق المباشر والمتمثل في الحصول على الغذاء من خلال الإنتاج والاستهلاك الشخصي. ولكن أين هذا الإنتاج أو المخزون الشخصي لدى الغالبية العظمى من مواطني الدندر؟ الإجابة لا يوجد.
    الثاني: يسمى الاستحقاق بالتبادل (exchange entitlement ) والمتمثل في الحصول على الغذاء من خلال بيع قوة العمل لشراء الغذاء. للأسف سوق العمل بالدندر محدود جداً ومعدلات العطالة تفوق بكثير المتوسط القومي لغياب الحد الأدنى من التدريب المهني والحرفي.
    الثالث: يسمى الاستحقاق التجاري والمتمثل في بيع الإنتاج للحصول على الغذاء. أين هذا الإنتاج في غياب النشاطات الأخرى غير الزراعية؟ كما أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية خاصة الذرة أضر بالقوة الشرائية للغالبية وأدى لتجويعها.
    * الانهيار الاجتماعي: (social breakdown )
    بوادر ذلك ظهرت في هجرة الرجال والشباب من القرى وقفل مدارس الأساس ، خاصة بمنطقة الخيران بالعطشان وفي تذمر الرعاة من غياب المرعى وإصرارهم على دخول الحظيرة ، وفي انحسار نهر الدندر حيث يشتري الرعاة والمواطنون المياه بأسعار باهظة فوق طاقتهم لهم ولمواشيهم من مشروع مياه ود العقيلى الذي يبعد عن بعضهم. لقد هدد البعض بتخريب أنابيب المياه كرد فعل على ارتفاع رسومها وبعدها عن البعض.
    * الموت والفناء:( نرجو الرجوع لإحصائيات وزارة الصحة الولائية)
    يتمثل في تفشي الأمراض بين الأطفال نتيجة لسوء التغذية، وضعف قدرة الأفراد والأسر والجماعات على مقاومة كل واحدة من السمات أعلاه. كما يتمثل أيضاً في نفوق المواشي خاصة الأبقار والضأن لعدم قدرتها على تحمل الجوع والعطش.
    * أسعار الغذاء والمواشي:
    كمؤشر للمجاعة إرتفعت أسعار الغذاء لشح المعروض منه وإنخفضت أسعار المواشي لزيادة العرض خوفاً من ان تنفق في أيادي الرعاة. ارتفاع أسعار المواشي مؤخراً جاء لظروف استثنائية مرتبطة بالأضحية. وهذا ما حدث بالضبط بالدندر حيث ارتفعت أسعار الذرة ارتفاعاً جنونياً وانخفضت أسعار اللحوم. كما يواجه الدندر أيضاً بانتشار وباء الكلظار وانعدام العلاج وارتفاع تكلفته مما يتطلب التدخل العاجل لعدم إنتشار هذا الوباء المعدي ، علماً بأنه امتد من مناطق العزازة جنوباً إلى مقربة من تجمعات الرحل بود مصري على مشارف حاضرة المعتمدية بمدينة الدندر.
    تنوعت المجاعات بالدندر في الأشكال التالية:
    أ/ الرعوية
    ضربت أصحاب المواشي، وتتمثل أسبابها في المدى القصير في الجفاف الذي ضرب المنطقة هذا الموسم، والذي نتج عنه فقدان للمرعى والمياه للحيوانات. أما أسبابها طويلة المدى فتتمثل كما ذكرنا سابقاً في الضغط على الرقع الرعوية لصالح الزراعة الكبيرة والحد من حركة الرعاة بتضييق المسارات. هذا النوع كما هو معروف يظهر ببطء ونسبة لحركة الرعاة يغطي مساحات واسعة في شرق وغرب نهر الدندر ، لكنه في الغالب لا يلاحظ خارج المناطق الرعوية إلا في حالات التغول على الحظيرة والزراعة المروية خارج محلية الدندر ، كما من المحتمل أن يطول جداً في ظل الظروف الحالية التي تتسم بفقدان المرعى في كل المنطقة وانحسار نهر الدندر. وتمثل الاستراتيجيات المتكاملة المرتبطة باستغلال الأرض (land use) وتوفير المياه والتنمية الريفية المتكاملة ، دوراً أهم من عمليات الإغاثة في المدى البعيد في علاجه. ويتطلب التجاوب معه بالإضافة لتوزيع الإغاثات ، شراء الحيوانات بأسعار مضمونة (guaranteed prices) مع توفير التسليف اللازم.
    إن الازدواجية الضرائبية التي يتعرض لها الرُحل في ترحالهم بين ولايتي سنار والقضارف ، أثقلت كاهل الرُحل ، كما أن الرسوم الباهظة للمياه وعبور الجسور التي تقع في الترع زادت من معاناتهم مما حدي ببعضهم الإحجام عن التسجيل للانتخابات لأن الدولة التي تفرض عليهم الرسوم الباهظة من دون مقابل في الخدمات الأساسية لهم ، تعتبر في نظرهم دولة ناهبة ووهمية. وهنا مكمن الخطر! هذه الازدواجية تتم على الرغم من القرار الرئاسي وإقرار السيد وزير المالية بعدم قانونية الازدواجية الضرائبية ، وذلك بالتحايل بحجة تحسين المرعى بالبطانة. نود أن نلفت نظر المسئولين أن المياه التي منبعها محلية الدندر يتم بيعها برسوم في مدن وقرى ولاية القضارف ، ولا تجني محلية الدندر شيئاً منها منذ الثمانينات من القرن السابق.
    كما أن إدارة هذه المياه تأسست بولاية القضارف بدلاً من ولاية سنار حيث موقع المشروع ، مما أفقد محلية الدندر ميزات وعوائد كبيرة.
    * المياه التي نتحدث عنها ارتبطت بمشروع للمياه تأسس في غابة محظورة بمحلية الدندر بود العقيلي ، بولاية سنار وتم تمويله من دولة ألمانيا. المعروف أن أي مشروع يتم تمويله من جهة أجنبية ، تؤول ملكيته بعد تأسيس المشروع للمنطقة التي يوجد بها ، خاصة وأن المشروع المذكور أعلاه يعتبر من الموارد المحلية. يذكرنا الدكتور حسين عمر في كتابه
    (( مبادئ التخطيط الاقتصادي والتخطيط التأشيري في نظام الاقتصاد الحر))" – عام 1998 ، الصفحات 189 ــ 190" ،(( يمكن اعتبار بعض الموارد قومية بطبيعتها فقط ، بغض النظر عن موقعها ، ومثال لذلك أحواض الأنهار ، وتسهيلات الموانيء ، ونظم المواصلات والاتصالات والثروات المعدنية والنفطية ، والصرف الأجنبي ، وتجهيزات الدفاع القومي ، وغير ذلك من البني الأساسية.
    وفي نفس الاتجاه يمكن أيضاً اعتبار بعض الموارد الأخرى في الأساس محلية بطبيعتها. ومثال لذلك الصناعات المحلية التي تلبي مطالب المناطق المحلية، والمياه الجوفية، والخدمات المحلية المشتملة على خدمات الإسكان والصحة والتعليم والرفاهية)). لذلك نقول ( الحساب ولد ). إن عرب رفاعة الشرق الرُحل يقضون حوالي الشهرين من كل عام بالبطانة بولاية القضارف هروباً من ذبابة السُريتة. وإن المياه التي يشرب منها أهلنا بولاية القضارف وتفرض عليها رسوم من الثمانينات ، هي ملك لولاية سنار / محلية الدندر باعتبارها مياه جوفية تم استخراجها من أراضي الدندر. ليس لدينا مانع من أن نتحاسب حساباً عادلاً بين ما تشربه ولاية القضارف من مياه الدندر لفترة تزيد عن العشرين عاماً وتكلفة فترة المرعى التي يقضيها رعاة رفاعة الشرق بولاية القضارف بعد تحسين مراعيها. بعد أن نضع الأسس لذلك ، من الضروري وفي المدى البعيد أن نتجاوز الحيز الجغرافي لفناء اقتصادي أوسع تتداخل فيه المصالح بين ولايتي سنار والقضارف ونعمل على التكامل بين الولايتين.
    هنالك غبن شديد ينتاب الأهل بالدندر من هذه الظلامة والتي يفسرها البعض بأنها سياسة منظمة (systematic policy ) لإفراغ الدندر من سكانها الأصليين المتمثلين في قبائل رفاعة الشرق والذين يتسامحون مع كل من سكن وسطهم من الأهل من كل أنحاء السودان والذي أدى بأن تكون الدندر بوتقة للانصهار والتعايش السلمي بين كل الأثنيات وأصبحت نموذجاً للوحدة الوطنية بشكل فريد.
    ب/ الزراعة والرقعات الصغيرة: تجلى هذا النوع من المجاعة في السكان الزراعيين المبعثرين بالمنطقة وأرتبط بفشل الإنتاج الزراعي الناتج إلى حد ما من الجفاف ، ولكن أسبابه الأعمق ارتبطت بالحرمان من الأرض لصغار المزارعين ولاحتكار الجناين بواسطة بعض المسئولين الكبار وآخرين ، وبالعلاقات الاقتصادية المجحفة ذات الطابع الاستغلالي البشع الذي تعاني منه العمالة الموسمية الزراعية مما يؤثر سلباً على قدرتها المالية والشرائية. هذا النوع من المجاعات يظهر أيضا ببطء وعادة ما يكون محصورا محلياً وهذا ما يفسر تناقض تصريحات المسئولين لما ذهبنا إليه ، ولكن أنواعه الحادة كما حدث الآن تمثلت في تداخل المجاعات المحلية في كل منطقة الدندر وانعدام القدرة في كل منطقة على مساعدة المنطقة المجاورة لها. ولهذا النوع من المجاعات كما حدث بالدندر مركز (epicenter) انبعثت منه الإشارات لارتفاع الأسعار للسلع الغذائية وانخفاض أسعار الحيوانات وهجرة المتضررين. كما أن آثار هذه المجاعة التي ضربت الدندر بدأت تظهر خارج المنطقة وذلك لحدتها.
    إن درء هذا النوع من المجاعات يتطلب وضع الحلول الإستراتيجية المتكاملة لعلاجها والتي تعتبر أكثر أهمية من عمليات الإغاثة . كما أنه من المهم تبني البرامج والسياسات للحفاظ على الأرض وإعادة ترتيب المناطق لتخزين الغذاء بأسلوب حديث قبل حدوث المجاعة لمنعها ، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الإغاثة الغذائية التي تليق بالبشر. لقد اعترفت ولاية سنار مؤخراً بحوجة المنطقة الماسة للغذاء وأرسلت حوالي ثلاث شاحنات محملة بالذرة. ولكن للأسف لم تف بالحد الأدنى للمواطن، حيث تسلمت بعض القرى والتي يفوق تعداد الواحدة منها الألفي مواطن عدد 20 جوالاً وأخرى 17 جوالاً. كما أن الذرة وللأسف الشديد قديمة جداً وبها سوس وديدان لا تصلح لاستعمال البشر، مما حدا ببعضهم إرجاعها. يجب أن يدرك القراء الكرام بأن المجاعة ضربت 150 قرية بالدندر زائداً تجمعات الرعاة التي تعدادها الكلي على حسب الإحصاء السكاني يقارب الـ 200 ألف نسمة فهل يعقل أن تكون الاستجابة لهم متمثلة في ثلاث شاحنات لهم؟ لمواجهة هذا الوضع هنالك ضرورة ماسة لإنشاء مشاريع الإغاثة المرتبطة بالعمل (labors based relief project ) لتخفيف آثار هذه المجاعة.
    ج/ المجاعة ذات الأساس الطبقي أو الوظيفي (class based occupational famine):
    أكثر الجماعات تأثراً بها هم العمال بالأجر ( wage laborers ) ، والحرفيين ، والمعاشيين ، وصيادي الأسماك والمهمشين بمدينة الدندر وهم أغلبية. وقوعها كان سريعاً مع اتساع رقعتها، ولكن بصورة انتقائية أثرت على مجموعات محددة كما ذكرنا سابقاً. هذا النوع من المجاعة ظهر بصورة واضحة عند زيارتي للدندر في اندفاع المتأثرين بها لمدينة الدندر وخارجها ، وفي معاناة سكان المدينة أنفسهم خاصة وسط النساء اللواتي اندفعن بالمئات طلباً للمساعدة وبعضهن طلبن أن نحضر كاميرا لتصويرهم ورفع حال أوضاعهم للمسؤلين ولكن للأسف لم تكن معنا كاميرا.
    هذه المجاعة على الرغم من قربها للمركز بمدينة الدندر وتسليطنا للضوء عليها وظهور بوادرها منذ منتصف أغسطس ، إلا أنها لم تجد الاهتمام حيث دخل المسئولون معنا في مغالطات لا حصر لها حول حدوثها. يجب أن نؤكد أن تدخل الدولة لمواجهتها يلعب دوراً مهماً جداً وأكثر فاعلية من غيره. كما تعتبر إجراءات السيطرة على أسعار المحاصيل وإنشاء المشاريع لضمان التوظيف (employment grantee ) أكثر الإجراءات فاعلية لمواجهتها.

    *عضو المجلس الوطني
                  

12-29-2009, 04:10 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=7802
    --------------------------------------------------------------------------------
    بتاريخ : الأحد 27-12-2009
    : تسريبات من دهاليز المؤتمر الوطني:تكوين حزب جديد لضمان فوز البشير
    : في استطلاع رأي أجرته مجموعة من داخل الوطني:
    شعبية البشير في الولايات الشمالية تتراوح بين 36% و27%

    المهدي متقدم على البشير بفارق 15%

    أي رئيس قادم للسودان سيكون تحت سيطرة جهاز الأمن



    تيار من الوطني يسعى لتكوين حزب جديد يضم الأمة والاتحادي!!

    تسريبات حول المفاوضات مع الاتحادي!

    لم يرشح شيء عن المفاوضات مع الأمة!


    أبوذر علي الأمين ياسين



    أجري حزب المؤتمر الوطني دراسة ميدانية (استطلاع رأي) قبل فتح السجل الانتخابي بالولايات الشمالية الستة عشر، وبحسب (مصادر مشاركة) بلغت أعلى نسبة سجلها الرئيس المرشح عمر حسن البشير 36%. وبعد انتهاء التسجيل للانتخابات وبالاحري بعد مسيرة تحالف جوبا التي جرت في آخر أيام التسجيل، جدد حزب المؤتمر الوطني تلك الدراسة على ذات الولايات الشمالية وجاءت النتائج لتوضح أن الرئيس المرشح البشير تراجعت حظوظه لتبلغ ال 27%. والواضح من نتائج الدراستين أنه كلما انفرد المؤتمر الوطني بالساحة السياسية (زادت حظوظ فوز البشير) كما أنه كلما تعدد الناشطون على الساحة السياسية تناقصت وانخفضت حظوظ الرئيس المرشح في الفوز بالرئاسة
    القادمة. وقد أجرت (أجراس الحرية) مارس من العام 2008م دراسة استطلاعية بلغت فيها حظوظ الرئيس المرشح البشير حوالي 43% بولاية الخرطوم، وهي الولاية التي تشكل أكبر حضور وانتشار وأثر للمؤتمر الوطني وحكومته. وكان واضحاً وفقاً لنتائج تلك الدراسة أن المؤتمر الوطني برغم انفراده بالساحة السياسية ومنعه لنشاط القوى السياسية الاخري، إلا انه رغم ذلك لم يحقق نسبة ال 50% والتي تعتبر هي الاخري مؤشر غير مريح لحزب ينفرد بالساحة والسلطة والموارد بأكبر ساحات تواجده وحضوره – ولاية الخرطوم-. كما أن الدراسة أثبتت أنه في حالة نزول لاعبين جدد الى الساحة السياسية فإن المؤشر العام يشير حتماً لتراجع حظوظ المؤتمر الوطني وسط الجماهير.



    والواضح إن مسيرة تحالف جوبا التي منعتها وقمعتها الحكومة كانت ذات تأثير كبير لم ينحصر في تراجع حظوظ الرئيس المرشح البشير 9 نقاط ليهبط من 36% الى 27%، بل في الدفع بتغيرات مفاجئة لم يتحسب لها حتى المؤتمر الوطني ولكن المسيرة وآثارها دفعت المؤتمر الوطني دفعاً لتغيير ليس تكتيكاته، بل حتى استراتيجياته و سياساته الانتخابية بصورة تكاد تكون جوهرية!!؟.



    واذا علمنا أن المسجلين بالجنوب (من غير جبال النوبة، والنيل الازرق، وأبيي) حوالي الخمسة مليون، وأن جملة المسجلين بالسجل الانتخابي حوالي ال 15 مليون يتضح أن نسبة الجنوبيين تبلغ حوالي الثلث. وأن حظوظ الرئيس المرشح البشير محسوبة فقط على مرجعية (ثلثي الناخبين الذين يمثلون كل الولايات الشمالية). وأذا أضفت لهذا الثلث نسبة المسجلين بالمناطق الثلاث يتضح لك أن هناك أكثر من 6 مليون ناخب مسجل هم خصماً يكاد يكون مضموناً على حظوظ الرئيس المرشح البشير. أما وقد أوضحت الدراسات أن الرئيس المرشح سيحصل وضمن الولايات الشمالية أو (ضمن ثلث الناخبين) في أحسن حالاته على 36% وفي اسوأءها على 27%، فإن فوز الرئيس في الانتخابات القادمة تراجع إلى خانة (الفشل المضمون) وهذا هو ما قاد إلى التغيرات التي سنتحدث عنها (وفقاً لمعلومات) وليس قراءات واستنتاجات.







    الأمن سيطرة كاملة:







    كان واضحاً خلال الفترة الماضية حرص المؤتمر الوطني وحكومته على ضمان تمرير قانون الأمن الوطني، ووفقاً لصلاحيات تعطي جهاز الأمن صلاحيات الشرطة ، والنيابة، والقضاء، وفوق ذلك تسيجه وتحرسه بالحصانات التي تشمل حتى المتعاونين معه. وهكذا أصبح قانون الأمن أعلى من الدستور ذاته، ويوفر الحماية لكل المنتمين للمؤتمر الوطني كونه يمكن حسابهم أو اعتبارهم متعاونين مع الجهاز أو وفقاً لهذا الحق الذي وفره قانون الامن يمكن توفير الحماية لهم في أي وقت وتحت كل الظروف التي يتطلبها الوضع السياسي طالما كان يحمل شيئاً من تهديد سياسي على سلطة ووضع المؤتمر الوطني. ولكن يبقى الجزء الاخطر الذي يوفره قانون الامن أن أفراد جهاز الأمن أو ضباطه أو حتى المتعاونين معه يمكن أن يأتيك مرتدياً زي شرطي ويتعامل معك على أساس أنه فرد شرطة، أو يأتيك على أساس أنه وكيل نيابة، أو تقف أمامه على أساس أنه قاضي، وكل ذلك يحق له وفقاً لقانون الأمن المجاز أخيراً.

    وقانون الأمن الوطني بهذا الشكل والصلاحيات يجعله القيم والمسيطر على قوات الشرطة وكل صلاحياتها، هذا بخلاف القوات (الخاصة) التي تتبع له مباشرة والتي هي الاخري لها الحق ووفقاً لقانون الامن الاخير أن تلعب أدوار الشرطة أو الجيش كونها قوات ضاربة ومسلحة بأفضل مما هو وضع الجيش القومي ذاته. واذا اخذنا في الاعتبار التغييرات التي حدثت منذ قدوم الانقاذ وسط القوات النظامية كلها، يكون قد أتضح أن تعويل المؤتمر الوطني وحكومته إنما يرتكز على هذه القوات مضافاً لها قانون الامن الذي يعطيه الحق في فعل كل شئ وفي أي وقت بلا تدخل من قضاء ولو دستوريا أو حتى نواب المجلس الوطني ولو كانوا منتخبين. وهكذا يضمن المؤتمر الوطني بقاءه واستمراره مهما كانت افرازات الانتخابات القادمة ولا يهم من هو القادم الجديد للرئاسة أو الوزارة أو الولاية فقانون الأمن قيّم على كل هؤلاء والقوات النظامية كلها تخضع لجهاز الامن وعليه حتى الرئيس القادم سيكون تحت سيطرة جهاز الأمن ولن يكون وضعه أفضل من وضع مني أركو مناوي الذي قال أن (صلاحيات مساعد حلة أفضل منه) وهو كبير مساعدي الرئيس. ولكن ما الذي يجري؟.


    هل يتوحد الأمة والاتحادي والوطني في حزب واحد؟

    تفيد معلومات (مؤكدة) أن المؤتمر الوطني قد شرع في تكوين (حزب جديد) عبر توحيد المؤتمر الوطني وحزب الامة القومي –الصادق المهدي-، والاتحادي الديمقراطي الموحد- الميرغني- وأن الحزب الجديد سيأخذ اسمه عبر توليفة تختصر وتجمع هذه الاسماء. وتجري الآن المفاوضات والمساومات. ما انتهي منها إلينا أن يترك الميرغني كل نهر النيل والشمالية ويدعم مرشحي المؤتمر الوطني وكلهم كبار القيادات بدعوى أنهم بدأوا فيها مشروعات وأنهم الاحرص على اكمالها، وأن الاتحادي الديمقراطي (سيعطي) 60 دائرة. كما أن المفاوضات جارية مع الصادق المهدي ولم يرشح منها شئ بعد. ومهمة الحزب الجديد الاساسية هي ضمان فوز البشير الذي أكدت الدراسات الميدانية خسارته الاكيدة أمام أي مرشح قوي محتمل. كما أن الحزب الجديد سيضمن تمرير أي تزوير كل ما يقوم به المؤتمر الوطني بعد انضمام المهدي والميرغني له، ويوفر فوق ذلك القبول الدولي لأي نتائج تخرج بها الانتخابات القادمة. وبالمقابل وفي حالة التضحية بالبشير سيكون الرئيس القادم خاضع تماماً لما انتهي إليه الحزب الجديد وسيكون تحت السيطرة الكاملة لجهاز الأمن ولا يمكنه فعل أي شئ أمام سيطرة الجهاز على كل القوات النظامية وغير النظامية المعروفة.


    أما أخطر المعلومات كانت نتائج تلك الدراسات الميدانية التي أجراها المؤتمر الوطني نفسه، والتي تفيد أن أقوى المنافسين للرئيس المرشح هو الصادق المهدي وبفارق يتجاوز ال 15% عن البشير. ولكن ما جدوي نقاش فوز الصادق وقد صار قانون الامن الوطني واقعاً مفروضاً، الامر الذي لن يكون لأي رئيس قادم في ظله أي تأثير ولن يكون قادراً على الدفع بأي تغيير لهذا القانون كونه قانون فوق الدستور ويحمي ويحتمي بكل القوات النظامية وليس لأي جهة حق محاسبة جهاز الأمن أو كبح جماحه. خاصة وأن تاريخنا يفيد أن تدّخل القوات ذات الشوكة يكبل الرئيس اذا لم يطيح به وفي أي وقت يشاء، وليس تاريخ مذكرة القيادة العامة في آخر الديمقراطيات ببعيد ولا ما أفرزه على الساحة السياسية بالقليل وما زلنا نعيشه بكل التفاصيل والآثار. خاصة وأن الرئيس القادم أياً كان لن يستطيع تغيير كل القوات النظامية، وحتى لو استطاع لن تخضع له القوات (الخاصة) على كثرتها وتعدد ولاءآتها، وهذا يفيد بان أي رئيس لن يكون له تأثير وليس له إلا الخضوع لجهاز الأمن والذي وإن لم يتمكن من عزل الرئيس يستطيع أن يخلق البيئة التي توفر كل واقع وامكانات خلعه عبر تحريك كل مفاعيل الفوضي التي يستطيع.



    فشل في توظيف الحراك الجماهيري:



    كان واضحاً من الحراك السياسي الجماهيري الذي جرى على محدوديته أن له أثر بالغ، وأنه نجح في تحريك الساحة ووضعها في الاتجاه الايجابي لكن القوي السياسية فشلت في توظيفه كونها ما تزال تركن إلى الاجندة الخاصة التي هي أهم من توفير الاطار الديمقراطي اللازم والضروري لهذه القوي. حتى الحركة الشعبية اخطأت حينما سمحت بتمرير قانون الامن عبر البرلمان، وكان قانون الأمن هو الأهم للمؤتمر الوطني من أي قانون آخر كونه يبقى على سيطرته مهما كانت أو جاءت المتغيرات. بل جاءت أول افرازات تمرير قانون الأمن خصماً على الحركة الشعبية ذاتها التي ظنت أن تمريره سيكون ثمناً معقولا لتمرير ما تريد ووفقاً لرؤيتها، ولكن عاد المؤتمر الوطني بعد أن ضمن تمرير قانون الأمن ليثبت عملياً أن أي قانون آخر هو ورق لا حرج في توقيعه ثم تغييره وثم التفاوض من جديد على تغيير آخر، وفي النهاية هناك مساحة واسعه لعدم تنفيذه طالما أن قانون الأمن مضى فهو القانون الوحيد والدستور الفريد الذي يريده المؤتمر الوطني. جرى كل ذلك بالرغم من أنه كان واضحاً وواضحاً جداً أن الذي يهم المؤتمر الوطني ضمن كل القوانين هو قانون الامن وأنه القانون الوحيد الذي لن يتنازل عنه قيد مادة، وكل ما عداه ساحة للمناورة مفتوحة على كل النتائج كونها قابلة للإستدراك عبر قانون الامن ذاته لاحقاً.



    كما أن الحراك السياسي الاخير وبالاخص مسيرة الاثنين الاولي والثانية أوضحت بما لايدع مجالاً للشك أن الشارع له أثر بالغ وقوي، وأثبت أن المؤتمر الوطني هو الذي يحتاج (لإستيراد الجماهير) خاصة بعد نتائج الدراسات التي أجراها ووقف على نتائجها، لكن القوي السياسية ما تزال بعيدة عن الدرس تبذل الفرص سهلة للمؤتمر الوطني.



    الحزب الجديد ما يزال تحت نار الطبخ والمساومات، وستوضح الايام القادمات عنه الكثير. لكنه يبقى مؤشراً خطيراً على اعلان انفصال مبكرللجنوب من الشمال. على الاقل وفقاً لكلمات نافع الذي قال ما يفيد بأنهم في المؤتمر الوطني سيتفقوا مع الحركة الشعبية وسيعطوها كل ما تريد، ليعود ويهدد احزاب الشمال بكل وعيد. وبعد مسيرة الاثنين وكل الحراك السياسي الذي صار، يعود المؤتمر الوطني بقبضة قوية تفرد له ليس السيطرة على القوي السياسية الشمالية، بل يجعله في وضع متقدم يقود فيه المفاوضات ويقدم المساومات ويشرع في ما لم يفكر فيه طيلة فتره حكمه الطويلة ... إلغاء المؤتمر الوطني الحزب، وتكوين حزب جديد. والحزب الجديد سيلغي كل أجراءات ترشيح الولاة واختيار مرشحي المؤتمر الوطني التي جرت خلال الفترة الماضية، والذي يبدو أنها لن تشكل خطراً كون المؤتمر الوطني بات يخشي من منتسبيه ومنافستهم بعضهم البعض بأكثر مما يخشى الآخرين. وأنه بات واضحاً أن أقوى مهددات المؤتمر الوطني الانتخابية أنما تأتي من داخله بأكثر مما هي من القوي السياسية الاخرى والجماهير، بل أضحي الحل في التوجه الى القوي السياسية وتكوين حزب جديد مع بعضها.
                  

03-21-2010, 12:09 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الديني والدنيوي في حملة الإنتخابات السودانية

    السودانى


    الكاتب بقلم: د. إبراهيم الكرسني
    الأحد, 21 مارس 2010 07:06
    بقلم: د. إبراهيم الكرسني



    لقد ذهلت حقا أن يكون التضليل بإسم الدين مستمرا، وبنفس هذه الدرجة من الكثافة، بعد ما يزيد على العقدين من الزمان لأسوأ إستغلال للدين الإسلامي الحنيف فى أمور دنيوية بحتة، ولا علاقة لها البتة، لا من قريب أو بعيد بالآخرة أو يوم الوعيد!! لقد كنت أظن، وإن بعض الظن إثم، إن الشعب السوداني قد إكتسب مناعة كافية، بعد التجربة المريرة التى عاشها تحت هذه الكذبة البلغاء لنيف وعشرين عاما من المتاجرة بالدين الحنيف، من أن يستمع، مجرد الإستماع، لمن يرفعون هذه الشعارات المتمسحه بإسم الدين، ناهيك عن الإستجابة لنداءاتهم المضللة مرة أخرى.



    لكنني أكاد أجزم الآن، وبعد مشاهدتي لبعض الحملات الإنتخابية لثلاثة من المرشحين لرئاسة البلاد، بأنني أتمتع بقدر من السذاجة لا أحسد عليه، أو قل كنت أعيش "أحلام ظلوط" التي، لا قدر الله، سوف تنتهي بكابوس وطني لا يعلم مداه إلا الله! المرشحون الذين أتيحت لي فرصة مشاهدة أجزاء من حملاتهم الإنتخابية هم مرشحو الحزب الحاكم، والحزب الشيوعي وآخر مستقل.
    تميزت حملة الحزب الحاكم بجرعة دينية مكثفة وزائدة عن اللزوم، حسب تقديري، حتى على القدرات الذاتية للمتدينين البسطاء من أبناء وبنات الشعب السوداني على تحملها. جرعة دينية مكثفة لو سمعها الأنبياء والمرسلون الذين جاءوا بالرسالات السماوية، لرفعوا حواجبهم دهشة، وقطبوا جباههم الطاهرة غضبا من أنبياء آخر الزمان الكذبة، الذين تجرأوا على صحيح الدين، وإنحرفوا به عن مقاصده النبيلة، ليحققوا به كسبا دنيويا رخيصا، أبعد ما يكون عن الأهداف السامية التي نزلت من أجلها الأديان.



    * عشرون عاما من الكذب بإسم الدين.
    * عشرون عاما من الفساد الإداري والمالي المطلق.
    * عشرون عاما من القتل والتقتيل لأبناء الشعب من المعارضين السياسيين، بعضها فى من تجاوز السبعين من العمر، والبعض الآخر ليلة عيد الفطر المبارك.
    * عشرون عاما من إذلال الشعب.
    * عشرون عاما من التنكيل بالمعارضين السياسيين في السجون وبيوت الأشباح.
    * عشرون عاما من تجويع الشعب.
    * عشرون عاما من الموت بالأمراض المستوطنة.
    * عشرون عاما من تجهيل وتغييب الشعب.
    * عشرون عاما من التخريب الأكاديمي بإسم ثورة التعليم العالي.
    * عشرون عاما من جلد وقهر نساء السودان بإسم إحترام المظهر العام.
    * عشرون عاما ملاحقة لمهمشي المدن، كستات الشاي، بإسم تنظيم العمل.
    * عشرون عاما من تشريد خيرة أبناء وبنات الشعب من الكوادر المؤهلة بإسم عدم الولاء السياسي لنظام التوجه الحضاري.
    * عشرون عاما من الحروب الأهلية التي لا يزال بعضها يشتعل حتى وقتنا الراهن فى إقليم دارفور.
    * عشرون عاما من الإفلاس والتدهور الأخلاقي الذي أزكم الأنوف، أسألوا دار المايقوما للأطفال مجهولي الهوية، إن كنتم من المشككين.
    * عشرون عاما من العطش، في بلد حباها الله بأمطار غزيرة وبأطول أنهار العالم، حتى جف الزرع والضرع.



    هذا قليل من كثير من الحصاد المر الذي خلفه لنا حكم الإنقاذ بإسم الدين والإرادة الإلهية، ثم يأتي لنا مرشحهم لرئاسة الجمهورية ليقول لنا إنه ينوي تولي أمور البلاد إلى أبد الآبدين لأن الهدف من هذه الحملة ليس سوى، "هي لله.. هي لله.. لا للسلطة ولا للجاه"..!! كنت أعتقد حتى وقت قريب بأن هذا الشعار وحده سيكون كافيا ليسقط أي مرشح للرئاسة، يكون متوشحا به. لكنني، وكما أسلفت القول سابقا لا يزال البعض منا فى سنة أولى ديمقراطية، حيث توقع وأقر مرشح الحزب الشيوعي، بنفسه وعلى الملأ، بفوز مرشح الحزب الحاكم المنافس له، ومع ذلك لا تزال حملة الحزب الشيوعى للرئاسة متواصلة على قدم وساق!.
    هل يعقل أن تسيطر قوى الهوس الديني مرة أخرى على مقاليد الأمور في البلاد، وتتحصل على شرعية دستورية لا تستحقها، بعد كل ما فعلته بالشعب السوداني، وبعد أن أذاقته الأمرين، وحيث لا تزال آثار الجرائم التي إرتكبتها بإسم الشعب والوطن ماثلة للعيان، لا يراها إلا من عميت بصيرته، أو أصيب بالحول السياسي، أو الخرف السياسي، وهو مرض شائع هذه الأيام على كل حال!؟.



    كنت أظن كذلك بأن فرصة مرشح الحزب الحاكم بالفوز بالرئاسة ضئيلة للغاية، حتى لو ترشح ضده شخص واحد فقط من مجهولي الهوية السياسية! كل هذه الظنون قامت على الحصاد المر لحكم الظلم والإستبداد الذى ذكرت بعض أهم معالمه سابقا. لكن ما شاهدته عيناي من خلال هذه الحملات أثبتت لي بأن ذاكرة الشعب السوداني ليست قصيرة فقط، وإنما أصابها الخرف والشيخوخة، ولا أمل في تنشيطها أو علاجها إلا بأخذ المزيد من "دروس العصر" تحت الأنظمة الدكتاتورية، عسكرية كانت أو مدنية!؟.
    أما المرشح المستقل لمنصب الرئاسة فأمره عجب. لقد أثبت هذا المرشح، ومن فوق منبر إعلامي مشهود له بالكفاءة المهنية، ومشاهد على مستوى العالم، بل يمكن أن أقول بأنه أكثر أجهزة التلفزة مشاهدة، حتى وإن إقتصرت برامجه على المشهد السياسي، وعبر لقاء مباشر بث معه قبل أيام فقط، بأنه مرشح للدار الآخرة بدرجة فارس لا يشق له غبار، حيث أقر، بعضمة لسانه، بأنه وريث الأنبياء والرسل منذ عهد إبراهيم، عليه السلام. هذا المرشح، خريج العلوم السياسية من أحد أعرق الجامعات السودانية، قد أدهش مقدم البرنامج، الحاذق لمهنته، بصورة تثير الشفقة والرثاء، من كثرة تأكيده على أن معركته ليست للسياسة، وإنما موضوع دين ودار آخرة في المقام الأول!!. عندها أضطر مقدم البرنامج على تذكيره، ولأكثر من مرة، بأن لغو الحديث الذي أكثر من تكراره لا يتناسب مع مرشح لأعلى منصب دستوري، ألا وهو رئاسة البلاد، وإنما مع إمام جامع!! فقط أضيف إليه، من عندي، شرط أن يكون مأموميه زمرة من الجهلة، أو الأميين عديمي الذكاء الفطري، أو عديمي الضمير من المتعلمين الإنتهازيين، حتى يستمعوا له!.



    أما المرشح الثالث لرئاسة الجمهورية فهو مرشح الحزب الشيوعي الذي إستضافته قناة النيل الأزرق، في لقاء مباشر بمنبر وكالة سونا مساء الثلاثاء الماضي، وفي معيته بعض من أركان حملته الإنتخابية. لقد إتضح منذ البداية، ومن الأسلوب الإستفزازي الذى أديرت به الجلسة، بأن المقصود بها ليس إدارة حوار سياسي مع مرشح للرئاسة، بقدر ما المقصود منها محاكمة الحزب الشيوعي، منذ أن وجد فوق تراب الوطن، ممثلا في سكرتيره العام. للأسف لقد نجحت القناة في تحقيق هدفها، وبأسلوب فج. لقد اقرت قيادات الحزب بذلك وأعلنته على الملأ، لكن من دون هجمة مضادة لتلافي هذه المؤامرة!!.


    أعتقد أن الهدف الأساسي من وراء هذا اللقاء كان يتمثل في إصدار براءة ذمة لقادة الإنقاذ من جميع الجرائم والفظائع التى إرتكبوها إبان عهدهم الظلامي الظالم، وذلك من خلال دفع قادة الأحزاب الأخرى، وبالأخص الحزب الشيوعي، بالإقرار، وعلى الملأ، بأنهم قد خططوا، وشاركوا ونفذوا إنقلابات عسكرية في السابق، وبالتالي لايحق لهم، من الناحية الأخلاقية، الإعتراض على إنقلاب الإنقاذ، ولو من باب "لا تنهى عن خلق وتأتي مثله... عار عليك إذا فعلت عظيم"، حتى يمكن لقادة الإنقاذ الهروب سالمين من وجه العدالة، غير مساءلين من كل تلك الجرائم، بحجة أن من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بحجر!! هذا هو الفخ الذي نصبه مقدم البرنامج والذي، وللأسف الشديد، كان ضحيته مرشح الحزب الشيوعي للرئاسة، حيث أقر بذلك، حتى دون الإشارة إلى أن الإنقلاب الذى شارك فيه حزبه قد جاء عقب طرد نوابه المنتخبين من البرلمان، وعدم إنصياع الحكومة لقرار المحكمة العليا القاضي ببطلان ذلك القرار، وإستقالة رئيس القضاء على إثر ذلك. بمعنى آخر أن منافذ العمل السياسي قد سدت تماما أمام الحزب وحظر نشاطه، وبالتالي لم يتبق أمامه سوى العمل السياسي من خلال الدبابة!!؟؟.



    أما ثالثة الأثافي، والتي تم التركيز من خلالها على الجرعة الدينية الزائدة للحملة الإنتخابية، فقد جاءت من خلال سؤال مباشر وجهه أحد الحضور للسيد مرشح الرئاسة. كان السؤال كالتالي، "أود أن أوجه سؤالا مباشرا وآمل أن أحصل على إجابة مباشرة: هل تصلي؟".. لقد شعرت عندها بحالة إعياء وغثيان من التردي الذى حاق ببلادنا والدرك الذى وصلت إليه لقاءاتنا الفكرية والسياسية. لكن المأساة تمثلت ليس فى السؤال الذى لا علاقة له على الإطلاق بموضوع الحلقة، والذى كنت أتوقع من مقدم البرنامج عدم السماح به أصلا، ولكنه قد أكد لي دقة حبك المؤامرة لتجريم الحزب الشيوعي، ممثلا فى سكرتيره العام فقط لا غير. أقول أن المأساة تمثلت في رد السيد مرشح الحزب الشيوعي على السؤال والتى كانت كالآتي،"ده نوع أسئلة محاكم التفتيش"، وهذا بالطبع مدخل سليم للإجابة التى لا أرى ضرورة لها مطلقا. ثم أردف قائلا، وليته لم يفعل ذلك، "أنا والله ما قاعد أصلي فى الوقت الحالي"!!؟؟.



    كنت أتمنى أن يرفض السيد مرشح الحزب الرد على هذا النوع من الأسئلة. بل أن يقرر من بداية الحلقة بأنه سوف لن يرد على أي سؤال يتعلق بحياته الشخصية، بما في ذلك معتقداته الدينية، حيث أن المعركة معركة سياسية من الطراز الأول وليست دينية، وأن المنصب الذي يجري حوله السباق هو منصب رئيس الجمهورية، وليس إمام جامع أو شيخ خلوة أو شيخ طريقة!! لكن إجابة مرشح الحزب، وللأسف الشديد، قد قدمت أقوى بينة يمكن أن يقدمها خصومه بغرض محاكمة الحزب الشيوعي، ألا وهي تهمة الإلحاد التي ألصقوها، زورا وبهتانا بالشيوعيين. فهل هنالك حجة ودليل أقوى من إقرار السكرتير العام بنفسه بأنه لا يؤدي مناسكه الدينية بإنتظام!! والإعتراف هو سيد الأدلة، كما يقول أهل القانون بذلك!! ويا بخت صحائف، من قبيل الإنتباهة وأخواتها، والتي ستكون أكبر عناوينها الرئيسية في الأيام القادمة من قبيل، "الشيوعيون يعترفون بإلحادهم"، وما شابهها!! أليس من المحزن حقا أن يمنح البعض خصومهم الذخيرة التي سوف يصوبونها على صدورهم!!.


    لقد نجحت قناة النيل الأزرق، وبنجاح تام في محاكمة الحزب الشيوعي، والذي كان من الممكن له أن يحول الدقائق القليلة التي أتيحت له لمحاكمة نظام الإنقاذ وقياداته، من خلال الجرائم التي إرتكبوها في حق الشعب والوطن، والتي لا تحتاج إلى دليل. كما أتمنى أن لا تنجح هذه القناة مرة أخرى في محاكمة الأحزاب الأخرى، من خلال إستجواب مرشحيها لرئاسة الجمهورية، حتى لا تكون مثل هذه البرامج هي نوع من الدعاية المجانية لمرشح الحزب الحاكم، سواء كان ذلك بوعي، أو بغير ذلك، مع زيادة الجرعة الدينية القاتلة لكل مشروع سياسي يدعو للتغيير والفكاك من ظلمات الوضع الراهن!!؟؟.
                  

12-29-2009, 04:14 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=7800
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الأحد 27-12-2009
    عنوان النص : جون برندر غاست: خمس خرافات حول المذابح الجماعية والعنف في السودان
    : نقلاً عن صحيفة الواشنطن بوست

    ترجمة : عبد الفتاح عرمان



    كتب جون برندرغاست، احد مؤسسي حركة (كفاية) الأمريكية المناهضة للتصفية العرقية في إقليم دارفور، مقالاً لصحيفة (الواشنطن بوست) تم نشره بداية الأسبوع الماضي بعنوان "خمس خرافات حول المذابح الجماعية والعنف في السودان"، استهله بالقول:" إنه منذ استقلال السودان قبل نصف قرن لم تشهد أية بقعة في العالم حجم الدمار والعنف الذي شهده السودان الذي فقد
    مليونين ونصف المليون شخص بسبب الحرب خلال العقدين الماضيين فقط.

    ورغم أن المذابح في دارفور مجرد صراع بين الصراعات المشتعلة في السودان، فإنها تنبع جميعاً من نفس المصدر: سوء استغلال السلطة. فالحزب الحاكم، يقمع الأصوات المستقلة ويدعم المليشيات التي ترتكب الإبادة الجماعية وتستخدم الأطفال والإغتصاب كأسلحة لها في الحرب. ويتابع الكاتب:" أن السودان يواجه عاماً حاسماً، حيث ستُقام إنتخابات غير حرة أبريل القادم،

    ثم إستفتاء حول مصير الجنوب وإستقلاله يناير القادم، والذي قد يتسبب في عودة الحرب الأهلية ثانية. في الوقت نفسه، أسفرت التحديات عن خلاف عميق بين الأقوال والأفعال في واشنطن. والخطوة الأولى لتضييق فجوة الخلاف هي دحض الخرافات المنتشرة بين رجال السياسة والدبلوماسيين بشأن السودان. ثم يبدأ الكاتب إستعراض تلك الخرافات: أولاً: إنتهاء المذابح الجماعية في دارفور. ويدحض الكاتب هذا الإدعاء بقوله إن البعض إستنتج توقف المذابح الجماعية في دارفور بعدما توقف النظام السوداني عن حرق القرى في دارفور وبعدما تراجعت أعداد القتلى. بل إن المسؤولين في الإتحاد الإفريقي ادعوا إنتهاء الحرب، بينما وصف المبعوث الأمريكي سكوت غرايشن استمرار العنف في دارفور بأنه "بقايا المذابح الجماعية".

    ولكن الحكومة السودانية تمنع دخول الصحافة المستقلة، وبالتالي يصعب التأكد من مدى العنف وهوية من يثيرونه. كما أن نقص وكالات الإغاثة الدولية ومنعها من دخول بعض المناطق لتقديم المساعدات يساهم في بقاء الصورة مبهمة حول حقيقة ما يحدث. ثانياً: إستثمارات الصين في قطاع النفط السوداني تمنعها من الضغط على الحكومة. ويدحض الكاتب هذا الإدعاء بقوله إن الصين، التي إستثمرت أكثر من 9 مليار دولار في قطاع النفط السوداني خلال العقد الماضي، قدمت الأسلحة إلى النظام السوداني، كما تتدخل لصالحه أمام مجلس الأمن الدولي، ولم تأبه بكل الجهود الدولية لإقناعها بلعب دور أكثر فعالية في هذا الصراع. إلا أن اللعبة قد تتغير إذا عاد السودان إلى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، والتي ستكون المشاريع الصينية أول أهدافها.


    ومن هذا المنطلق، ينبغي أن تهتم الصين بالسلام والأمن، وأن تتعاون مع الولايات المتحدة في تصعيد دبلوماسي لإنهاء الصراع في دارفور وحماية السودان من العودة إلى الحرب الأهلية. ثالثاً: الضغوط على السودان لم تنجح، فلنجرب الحوافز. ويعلق الكاتب على هذا الإدعاء بقوله إن المسؤولين بإدارة أوباما والدبلوماسيين الدوليين يصرون على فشل الضغوط والعقوبات والعزلة في تغيير سلوك النظام السوداني، وأنه حان وقت اللجوء إلى الحوافز كحل بديل. غير أن الكاتب يرى أن النظام السوداني لم يتجاوب مع المطالب العالمية لطرد أسامة بن لادن ووقف الدعم للمليشيات التي تتاجر في الرقيق وعقد إتفاق سلام مع متمردي الجنوب إلا بعد تطبيق الضغوط الفعلية الخارجية والتهديد بها.


    ومن ثم، يستطيع مجلس الأمن اللجوء إلى مزيد من الإجراءات الحاسمة للضغط على النظام السوداني. رابعاً: إدانة الرئيس البشير أضرت بجهود السلام. ويدحض الكاتب ذلك بقوله إن عملية السلام في دارفور كانت تحتضر قبل قرار المحكمة الجنائية الدولية واتهام الرئيس البشير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ وإن إستمرار العنف كان بسبب عدم تقديم المسؤولين عنه للمحاكمة. ومن ثم، فالحقيقة هي أن قرار إتهام الرئيس البشير منحَ المجتمع الدولي وسيلة ضغط حقيقية لتحريك جهود السلام. خامساً: الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لإنهاء العنف. ويدحض الكاتب هذا الإدعاء بقوله إن كولن باول، وزير الخارجية في الإدارة السابقة، كان أول مسؤول أمريكي يصرح بأن ما يحدث في دارفور "مذابح جماعية"، وأن الولايات المتحدة تبذل جهدها لإنهائها.


    وعاد المسؤولون في إدارة أوباما إلى تكرار نفس الوعود منذ توليه السلطة. ورغم أن الولايات المتحدة هي أكثر من ساعد السودان بتقديم المساعدات الإنسانية وجهود حفظ السلام، فإن أمامها الفرصة للعب دور أكثر فعالية. إذ يمكنها قيادة الجهود الدولية لوضع إتفاق سلام يواجه الأسباب الأساسية للعنف في دارفور. ويمكنها تشكيل تحالف من الدول الراغبة في فرض عقوبات على النظام السوداني. ثم يختتم الكاتب المقال بقوله إن الإدارة الجديدة تضم بين صفوفها العديد من المسؤولين المهتمين بالعمل الجاد في السودان، ولكنها ستفقد الفرص المتاحة أمامها لإنهاء دائرة الصراع المميت.

                  

12-29-2009, 05:39 PM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    ـــ
    واقع مؤلم للأسف يوسع النفس أستياًء من كل شيء , ولكن دوام الحال من المحال .


    شكراً أستاذنا الكيك
                  

12-30-2009, 04:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: emad altaib)

    شكرا يا عماد يا طالب تواصل معى واقرا هذا المقال الذى اوردته القدس العربى اليوم 30/12/2009

    فصل آخر من الخلافات السودانية
    عمر الخطيب

    30/12/2009



    درج شريكا الحكم في السودان 'المؤتمر الوطني والحركة الشعبية' على تصعيد خلافاتهما بوتيرة تجافي روح ونصوص اتفاقية نيفاشا الموقعة بينهما سنة 2005.
    أكثر من ذلك درج الشريكان على لملمة خلافاتهما بذات السرعة قبل أن يعودا للاختلاف مجددا حول تنفيذ ما اتفقا على انه حل للخلافات.
    بالنظر لواقع الحراك السياسي الحالي في الساحة السودانية يتضح جليا ان الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني بدآ يتحسبان لأهم استحقاقين في البلاد، وهما الانتخابات الرئاسية والنيابية المقررة في نيسن(ابريل) المقبل والاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب المقرر عام 2011.
    فالانتخابات ربما تفرز واقعا سياسيا جديدا اقله كف يد المؤتمر الوطني وكسر حدة الاحتكار والتفرد بشؤون الحكم،لذلك سعت الحركة للتقارب مع احزاب المعارضة الشمالية عبر مؤتمر جوبا الشهير والذي خلص لتحالف مرحلي سرعان ما انهار بعد ان اختارت الحركة الجلوس مع المؤتمر الوطني والخروج بتسوية ضحت بموجبها وللمرة الثانية بحلفائها الشماليين.
    خاضت الحركة والمعارضة الشمالية حملة ضارية لتمرير بعض القوانين المثيرة للجدل في البرلمان وهي قانون الأمن الوطني والمشورة الشعبية الخاصة بمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق إضافة إلى قانون الاستفتاء المرتقب في الجنوب.
    سحبت الحركة نوابها من البرلمان وأعادتهم مجددا بعد الاتفاق الأخير مع المؤتمر الوطني، ثم انسحب النواب مرة ثانية بمعية نواب المعارضة الشمالية من الجلسة التي أجيز فيها قانون الأمن الوطني قبل ايام.
    في المقابل استمر المؤتمر الوطني في رهاناته الخاطئة معتمدا على أغلبيته في البرلمان غير المنتخب او استغلاله للتناقضات التي تحكم اصول اللعبة السياسية في البلاد. وفي كل مرة يخرج قادة الحزب ليدافعوا عن منطق تشبثهم بالحكم مرسلين مئات الرسائل مفادها أن أي تغيير في الواقع السوداني لن يتم بمعزل عن المؤتمر الوطني.
    ولان الخلاف أصبح الطابع الأبرز للعلاقات بين الشريكين حملت الجلسة المخصصة لمناقشة قانون الاستفتاء حول مصير الجنوب مفاجأة جديدة من شأنها تدعيم الأصوات الداعية للانفصال في الجنوب والشمال على حد سواء.
    عندما كان المؤتمر الوطني في حاجة لعزل القوى الشمالية وإبعاد الحركة الشعبية عنها قدم ما اعتبرت تنازلات بشأن الاستفتاء وذلك في الاتفاق الموقع بين الجانبين في 13 كانون الاول/ديسمبر.
    وبمجرد التوقيع على الاتفاق والترويج له بدا المؤتمر الوطني يراوغ من جديد وحاول الالتفاف على ما اتفق عليه بشأن قانون الاستفتاء. فبعد تنازله عن شرط ان تكون نسبة المشاركة في الاستفتاء 75 في المئة عاد وقبل بان تكون 60 في المئة على ان تبلغ نسبة التصويت 50+1 لكن الحزب الحاكم مرر القانون رغم اعتراض نواب الحركة وانسحابهم من الجلسة احتجاجا على بند يتيح للجنوبيين المقيمين في الشمال قبل كانون الثاني( يناير) 1956 بالتصويت في الاستفتاء من مراكزهم أي من الشمال وهذا ما ترفضه الحركة التي لا ترى ضرورة لتصويت من امضوا اكثر من 40 عاما خارج الجنوب.
    ردة فعل الحركة الشعبية والموقف الامريكي الذي ندد بملابسات اجازة قانون الاستفتاء اجبرت المؤتمر الوطني على قبول اعادة القانون الى منضدة البرلمان مجددا لعرضه للنقاش والتصويت عليه مرة أخرى، ومعروف ان القوانين التي لا تجاز او يختلف حولها قبل التصويت هي التي تعاد للبرلمان، ما يعني ان المؤتمر الوطني ارسى سابقة تضاف لسجله العامر بالسوابق.
    هل يعني هذا ان المؤتمر الوطني استسلم للضغوط وخشى من ردة فعل الحركة الشعبية التي بدات تلوح بخيار الشارع وخلط الاوراق وقلب الطاولة على الجميع، ام انها استفاقة متأخرة بأن الاحتكام لبرلمان غير منتخب في قضايا مصيرية ربما يؤدي بالكيان السوداني كله. برأي كثير من المتابعين للشأن السوداني فانه يصعب التكهن بما يخبئه المؤتمر الوطني وما ينوي فعله بعد ان بلغ هذا الحد من الغرور والاستهتار بالشركاء والحلفاء قبل الخصوم وعليه فانه لابد من التعامل مع الشأن السودان بمنطق 'رزق اليوم باليوم'.

    ' صحافي سوداني- الدوحة
                  

12-30-2009, 03:27 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الأربعاء 30 ديسمبر 2009م، 14 محرم 1431هـ العدد 5933


    بيت الداء .. السلطة

    حيدر طه
    g
    http://www.alsahafa.sd/admin_visitors.aspx[/red]


    مع اقتراب نهاية العام الميلادي الحالي، وفي لحظة مراجعة للأحداث تذكرت شعارا كان انقلاب الفريق إبراهيم عبود قد آثره على كل الشعارات، وفضّله على كل الأحكام والمعايير، فوضعه في صدر الصفحة الأولى لصحيفة «الثورة» الناطقة باسم النظام، وكان شعارا جميلا وحكيما يقول «احكموا علينا بأعمالنا»، وهي دعوة صكها الانقلابيون بثقة وظن متفائلين بأنهم مستعدون للحساب والمساءلة على أعمالهم وليس على معتقداتهم أو توجهاتهم أو شعاراتهم حينما يأتي يوم الحساب السياسي..
    انتشلت هذا الشعار من فوضى ذاكرة تداخلت فيها الأحداث عندما احتشدت ينافس بعضها بعضا، مستفزة بحديث جرى على هامش إحدى المؤتمرات مؤخرا مع عدد من الأشقاء العرب الحادبين على مصير السودان ووحدته ورفعته وتقدمه، وهم يتحدثون عن الأوضاع المتردية في السودان، واحتمالات انفصال جنوب السودان وما إذا كان السلام سيستمر بقوة دفع نيفاشا بعد الانفصال، أو بغريزة بقاء سودانية متبقية في الروح المتداعية. وبجانب ذلك احتلت أزمة دارفور ركنا دنيّاً في اهتمام المشاركين، وكان أشدها إثارة ما سترميه من ظلال وتداعيات كثيفة خلال المرحلة القصيرة المقبلة، وما يحمله غيب « الجنائية» وأثر ذلك على انتخابات الرئاسة... وبالطبع هذه أسئلة الموسم في كل محفل ومؤتمر، وهي أسئلة بديهية وعفوية يطرحها المشاركون على هامش أعمال المؤتمرات والندوات أثناء الوجبات الخفيفة أو الدسمة الثقيلة، وخلال فترات الاستراحة، إما للتعارف أو للمعرفة. والسمة الأساسية في هذه التساؤلات أنها صادقة تأتي من قلب حريص على مصير السودان وأهله ومستقبله.
    ففي المحافل والمؤتمرات التي تزدحم بها عادة الساحات العربية، تذخر الحوارات والمناقشات الجانبية التي تجري على هامش أعمال المؤتمرات، بكثير من الفوائد التي تفتقدها الجلسات الرسمية الباردة برودة الأوراق التي يتابعها الحاضرون بنصف قلب ويسمعها المؤتمرون بنصف أذن، خاصة عندما تكون التوصيات قد أعدت سلفا، توفيرا للوقت وتقليلا للجهد. ودائما ما يكون للمؤتمر جدول أعمال رسمي يحدده المنظمون بدقة متناهية، بدءًا من اختيار عناوين الأوراق ومدة تقديمها والمعقبون عليها إلى الزيارات الجافة لمواقع سياحية أو انتاجية يختارها خبراء ورجال العلاقات العامة بعناية فائقة وحماس ملتهب كجزء من الدعاية للدولة المضيفة، وفخراً بتاريخها وحاضرها.
    وبعيداً عن جدول الأعمال الرسمي وما يستتبعه من برامج رسمية، تفرض الأحداث والقضايا الكبرى والتهديدات والمخاطر التي تواجه بعض الدول العربية، هناك جدول أعمال عفوي يفرض نفسه على الجلسات الهامشية، يتحين فيه المشاركون الفرصة لمعرفة المزيد من المعلومات والأخبار والآراء حول قضايا مثارة تشغل الرأي العام العربي أو تكون جزءاً من الهموم الاستراتيجية المرتبطة بالأمن القومي.
    وأسئلة هذا الموسم لم تخرج عن نطاق الأزمة السودانية بكل صورها وإفرازاتها وتعبيراتها في الجنوب ودارفور، فقضايا السودان ستظل تشغل الرأي العام العربي والأفريقي وربما العالمي عن كثب لفترة طويلة مقبلة، ربما لأن في رؤيتهم أن السودان يسبح عكس التيار بخوضه تجربة « انفصال « حية مخالفة للطموح والمساعي والجهود والكلفة والتضحيات، أكثر مما يخوض تجربة «وحدة» ظلت الأمل والرجاء والحلم. ومما لا شك فيه أن تجربة معاشة لعملية «انفصال» بطيئة تثير هواجس أمم ودول وحكومات عديدة في المنطقة، لأنها مثل العمليات الجراحية الصعبة والمصيرية، يعاني فيها المريض مخاوف تسبق إجراء العملية تتضخم يوما بعد يوم كلما اقترب موعد العملية. ومن البديهي أن أهل المريض يعانون مثل ما يعاني خوفا من ضياع الحياة والعمر وفراق أبدي لا رجعة بعده.
    والانفصال يؤلم، معنويا وجسديا، لأنه فراق بعد إلفة ومعاشرة، والوحدة تسعد الروح المعنى، لأنها مثل نيل الجوائز القيمة تأتي بعد رهق السعي ومعاناة الجهد. فكان الألم بادياً على حديث الأشقاء، وفي تعبيرات وجوههم، وأحيانا بين ثنايا مواساتهم. ولكن على الرغم من طغيان أسئلة الموسم واهتمام الجميع بمعضلة دارفور بعد هواجس الجنوب، فقد خرج من بين السائلين أحد المشاركين في الحوار العفوي بسؤال واحد ظل هو المسيطر على التفكير عندما دلف إلى قضية ظنها البعض بعيدة عن بؤرة الحوار ومحور النقاش، على الرغم من أنها أكثر استفزازا عندما استفسر الرجل عن ارتفاع نسب الفقر المدقع العالية في بلد يتمتع بالأراضي الزراعية الصالحة الشاسعة، والماء الوفير والثروة النفطية والحيوانية، والأيدي العاملة والتعليم المعقول..
    وكأن السائل وهو خبير اقتصادي، لا أتذكر الآن غير اسمه الأول، دكتور يوسف، أراد بسؤاله أن يخرج من الأسباب الظاهرة والقريبة والمباشرة للأزمات السودانية المستفحلة إلى الأسباب الباطنة والغائرة وغير المباشرة لكل تلك الأزمات في السودان، محاولا وضع سؤاله في شكل دعابة : هل صحيح أن سبب الفقر هو الكسل السوداني المشهور، وهو يدرك أن ذلك ليس السبب الجوهري، إنما كان قصده تخفيف الحرج من وقع مثل تلك الأسئلة التي اقتربت من وصف السودان بـ «الدولة الفاشلة» التي يحق عليها العقوبات بحجة «المسؤولية السياسية» للمجتمع الدولي عن المعاقين والعاجزين وعدم المؤهلين من الدول نسبة لآثار تصرفاتها وعواقبها الوخيمة على الشعوب وحال الأمم.
    حاولت استبطان ما يرمي إليه من حديث عن الفقر كسبب وراء الأزمات، قبل أن يكشف عن بحوث يعدها حول الفقر في العالم العربي، وكيفية تخفيف معدلاته من خلال المعالجات الاجتماعية والاقتصادية، مشيرا إلى أن الفقر سبب بلاء الدول والمجتمعات، مثل الحروب والعنف والتشرد والبطالة والدعارة والسرقة والكذب والاحباط وقلة التعليم، وفقدان العدالة والاضطرابات والفوضى وعدم الاستقرار، والطلاق والعنوسة، وما يترتب على كل ذلك..
    ظل ذلك الحديث يطرق ذهني كلما تعثرت الحلول وتشتت الجهود واخفقت المساعي لحل أزمات السودان الكثيرة والمزمنة، فيسبر أغوار كل مشكلة ليجد أن وراءها الفقر، حتى أصبح «الفقر» واحداً من الاهتمامات التي تشغل المرء، فيدمن على تتبع أخباره وضحاياه وآثاره وانعكاساته ومعالجاته.
    والدول الفقيرة حسب تعريف البنك الدولي- هي الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار سنوياً. ووفقا لتقرير أعده المجلس القومي للسكان في السودان - وهو هيئة حكومية - أن نسبة الفقر بين السودانيين تتراوح بين % 45 و95. %
    ويلاحظ أن الفرق بين النسبتين كبير ومداه واسع يصل إلى نسبة أربعين في المائة، مما ينبئ بأن الاهتمام الرسمي بدقة المعلومات والأرقام مفقود ويكون التقدير خبط عشواء، وهو ما يشير إلى نظرة اللامبالاة الحكومية إلى قضية تعتبر رأس البلاء. وربما كان تقرير مجلس تشريعي ولاية الخرطوم، أكثر دقة إذ أنه كشف عن نسب عالية من الفقراء بالولاية، تفوق الـ (%70) وسط المواطنين.
    وإذا كانت الدول الفقيرة مثل السودان تأخذ بالمعيار التقليدي الذي حدده البنك الدولي، فإن هناك معايير أخرى حددها برنامج الإنماء للأمم المتحدة وهي تضع مستوي رفاهية الإنسان ونوعية الحياة في الحسبان، مما وسّع دائرة الفقر بمفهوم مغاير لمبدأ دخل الفرد.
    وعلى كل حال فإن التعريف الاقتصادي والعلمي ليس مهما بقدر أهمية الواقع المعاش في السودان، الذي جعل أكثر من ثلاثة أرباع مواطنيه فقراء، في وقت كانت حكومة الإنقاذ قد أعلنت أن السودان سيصبح دولة « عظمى» خلال بضع سنين، قدرت ما بين خمس إلى خمسة عشر عاما.
    وللعجب أن السودان بعد عشرين عاما من حكم الإنقاذ يعاني من فقر مدقع على الرغم من استخراج البترول الذي لم يؤد إلى اي تحسين، لا في دخل السودانيين ولا في تحسين معيشتهم، بدليل تقرير المجلس التشريعي لولاية الخرطوم.
    فإذا كان الفقر في العاصمة وصل إلى سبعين في المئة، فإلى أي نسبة وصل في الولايات الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية...؟
    والفقر ليس حالة يعاني منها السودان وحده، ففي كل دول العالم فقراء إلا استثناء في بعض الدول، ولكن ظلت هناك جهود مثابرة لاحتوائه وتخفيف حدته ومنعه من الانتشار، وقد كانت الصين والهند نموذجان لهذه الجهود، في الوقت الذي يبلغ عدد سكان كل منهما أكثر من مليار و300 مليون نسمة، وهذا يلغي أي مقارنة بين السودان والهند في الفقر أو في مكافحته.
    فعدد سكان السودان يبلغ 39 مليون نسمة، وهو رقم متواضع بالنسبة لمساحة الأرض والإمكانيات المادية، كما هو متواضع أمام البرامج والخطط والاستراتيجيات والشعارات والوعود التي ترددها الحكومة دون أن تفطن إلى أنها تكذب كذباً صراح، لا تلعثم فيه ولا استحياء.
    فبعد عشرين سنة ظل السودان دولة فقيرة، يصورها الإعلام المحلي دون أن يدرك على أنها دولة فقر ويصورها الإعلام الأجنبي وهو يدرك على أنها دولة بؤس، يعيش الناس على أسمال بالية وخرق مهترئة وجسوم عارية من اللحم يكاد المرء يرى هياكل عظمية تحت جلد ناشف..
    الصور التي تبثها وسائل الإعلام عن حال السودانيين مليئة بالمأساة والحزن والخوف والدموع، صور هي عبارة عن بيوت من رواكيب وعشش وقش لا يقوى على الصمود في وجه رياح خفيفة ناهيك عن عواصف أو اعاصير، وماء من بئر يتحلق حولها النساء المرهقات الجسد والعقل والروح والأطفال العراة الذين يغطي وجوههم الذباب بأحجام كأنها مربية في مزارع خاصة. هذه الصورة النمطية أصبحت هي الطاغية في ذهن المشاهدين للفضائيات المحلية أو الأجنبية، يصعب تغييرها إلا بعد جهد جهيد، يبدل الصورة الحقيقية التي تجسد الواقع الحياتي للسودانيين، كي تتغير الصور الدعائية والإعلامية.
    ومثل هذه الصور دليل على فقر شامل، في الفكر والإبداع والإعلام والدعاية حتى تلك الكاميرات المصاحبة لكبار المسؤولين الذين يجوبون القرى والنجوع من أجل بقاء السلطة في ايديهم لأطول فترة ممكنة بالانتخابات أو بالقوة، لا تؤدي إلا لمزيد من قبح الصورة.
    وقد علّق مشاهد فطن على مشهد استقبال بعض المسؤولين والأهالي في بعض القرى بغرب السودان للأمين العام لحزب المؤتمر الوطني وهو يرفع يده مرددا التكبير والتهليل الذي لا يفتر المسؤولون الولائيون من تردديه عدة مرات، والأهالي يتبعونهم بالتكبير والتهليل قبل أن يعتلي الأمين العام المنصة مخاطبا الجمع «الكريم « عن إنجازات ثورة الإنقاذ.
    والمفارقة أن الاهالي الذين تجمعوا كرها أو رغبة، تبدو عليهم كل مظاهر الفقر والرهق والتعب واضحة. مظاهر كان من الممكن أن تسترعي انتباه القيادي الحزبي كي يغير خطابة لينسجم مع حال هؤلاء البؤساء، الذين جاء غالبيتهم مسحورين بالاستقبال أو بدافع الفضول، يفعلون كما يفعل أهل القرية المجاورة، أو كما يفعل أهل المدن الذين يحشدون لاستقبال تضرب فيه الدفوف وتعلو الأناشيد وتصدح الميكرفونات بأغاني السيرة الحماسية. فينفعل الوجدان ويهتز الكيان فتكون المشاركة أكثر من وجدانية، تدخل في حساب النصرة والمؤازة والمساندة والتعاطف ليكون لدى المؤتمر الوطني وهم بجماهير مليونية يهز بها الأعداء والخصوم والحاقدين.
    فالصورة في ذهن قادة المؤتمر الوطني ليس مثل الصورة في الخارج، فإذا كانت في الداخل «دلوكة وحماسة» فإن الصورة في الخارج بؤس وشقاء ومأساة وانقسامات وحروب وعنف.
    ماذا يمكن تسمية هذا النوع من المفارقات بين الصورة الحقيقية والصورة الكاذبة المطبلة ..؟
    ربما هي فقر الضمير من الإحساس بالحقيقة، أو فقدان القلب الإحساس بالصدق.
    فالفقر في حالة السودان ليس فقرا اقتصاديا فقط، إنما فقر فكر وسياسة وأخلاق وضمير، ناتج من بيت الداء، من صميم السلطة التي تعمي الأبصار وتغلّظ القلوب وتميت الضمائر، وتفرق الأصدقاء وتمزق الدول وتثير الفتن، إذا لم يحكمها نظام عاقل راشد وحكيم يسمى بالـ «ديمقراطي» وينسب إلى التعددية الحقيقية.
    السلطة في الأصل خادمة، ولكنها تتحول في الأنظمة الإنقلابية إلى طغيان يصيب القادة بالعمى السياسي قبل أن يصيب المواطنين بالفقر والعوز.
    فحالة الفقر وحدها تكفي لمحاكمة النظام.
    فإذا طبقنا ما كان قادة نظام الفريق إبراهيم عبود يرددونه «احكموا علينا بأعمالنا» فإن الوقت قد جاء لنحكم على «الإنقاذ» بأعمالها، ويكفي اعترافات الهيئات التشريعية بفداحة حجم الفقر وانتشاره وعمقه وآثاره المطبوعة في الحرب والعنف والفساد والرشوة والكذب وتفشي الجهل وغيرها من «الموبقات «.. فليأتي الحكم ناجزا في الانتخابات.
    وكل عام والسودان بخير

    الصحافة
                  

12-30-2009, 03:52 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=7898
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : بتاريخ : الأربعاء 30-12-2009
    : مسالة
    مرتضى الغالى


    : ... إذاكانت الإنتخابات سوف تجرى على طريقة (تلقانا نحنا يانا نحنا) أو على نمط الاهزوجة الشعبية اللطيفة (برانا بنعرف مستوانا...ياناس).. بمعنى انها لن تكون حرة ولا نزيهة فلا داعي لها البتّة.. واذا كان يُراد بالانتخابات (تبييض الأموال والوجوه) من أجل أن تتربّع الشمولية على كاهل السودان الي فترات أخرى جديدة، وبداية صفحة متصلة من القهر وهلهلة نسيج البلاد وإظلام صبحها و(إغطاش ضحاها) لتضاف (من أول وجديد) إلي سنوات الاحتكار و(الكنكشة) على مقاليد البلاد بغير شرعية فما جدواها..؟! وإذا كان الجماعة يريدون ان يقولوا للعالم اننا هنا بالإرادة الشعبية عبر إنتخابات (مرسومة ومقسومة) فلا ينبغي الإسهام في تمكينهم من اجلتقنين (هذه الفرية) حتى لا تساهم الأحزاب وقواعدها وجموع الشعب في هذه المسؤولية الجسيمة إذا كان المطلوب مجرد المشاركة الصورية لتمرير مثل (هذه التمثيلية)التي لا يغيب العلم بفصولها وكواليسها ودهاليزها حتى عن (طيور الروابي)...!!



    نعم لا مناص من التأكيد على ضرورة حرية ونزاهة الانتخابات (من قولة تيت) بشروطها ورقابتها ومشاركتها وفرصها المتساوية في الاعلام القومي وحياد الخدمة المدنية والجهاز التنفيذي وضمان القضاء المستقل (الحارس للنزاهة) لا (الساكت على الفظاعة) أو الباصم على التجاوزات... علاوة على التقسيم العلمي الموضوعي للدوائر بالإضافة، الي التاكيد على الاحصاء الذي يقوم على الوقائع لا على الحسابات الهندسية السرية في (أجهزة الحاسوب المخاتلة) التي لم يتم اختراعها من اجل التدليس.. ولكن كل اناء بما يتدفق منه..(وقد عرف الناس الإشارات المبكرة حول (نيّة المباريك) بشأن الإحصاء منذ الحادثة المشهورة التي تم فيها الإبعاد والتقريب والإستجلاب وتغليب الموالاة بديلاً لمخافة الله وبعض جرعات النزاهة التي صعب على الجماعة ابتلاعها)...مع ضرورة كفالة حياد اللجان العليا ورقابة الاحزاب والمجتمع المدني وحق اقامة الليالي السياسية والمسيرات السلمية..!


    أما إذا كانت الاإنتخابات سوف تجري (على ما هو كائن) فلن يعني ذلك سوى المساعدة في تكميم (نغيم فاه السودان) ولجمه بجماعة (الخمسة في المية) مع استخدام آلة الدولة مواردها بالكامل، وتسخيرها في يد فئة صغيرة كانت وبالاً على السودان في مجمل حركاتها وسكناتها منذ ميلادها وصباها التعيس وحتى سنوات الطيش الراهنة.. وإذا لم تكن الإنتخابات حرة نزيهة فلا داعي لها (من اصلوا) ودعوا هذا الحزب وتابعيه (بغير إحسان) يرددون اهزوجتهم الحبيبة التي يقولون فيها ان كل أهل السودان ومجمل أحزابه ومجتمعه المدني (إلا هم) يتحايلون للهروب من الانتخابات... وكأنهم هم وحدهم أصحاب العصمة الذين يتلقون الوحي كفاحاً من جانب الطور...!
                  

12-30-2009, 05:33 PM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    ـــ
    Quote: برأي كثير من المتابعين للشأن السوداني فانه يصعب التكهن بما يخبئه المؤتمر الوطني وما ينوي فعله بعد ان بلغ هذا الحد من الغرور والاستهتار بالشركاء والحلفاء قبل الخصوم وعليه فانه لابد من التعامل مع الشأن السودان بمنطق 'رزق اليوم باليوم'.
                  

12-30-2009, 08:28 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: emad altaib)

    من يقول لا.. للرئيس..؟!

    عبد الباقى الظافر


    ثار القطب الطائفي الكبير، و حطّم صندوق الاقتراع.. و عندما تمّ استجوابه.. وأدرك الشيخ الاتحادي عمق مأزقه.. خاصة وأن مايو الثورة كانت تراجع ولا تتراجع.. تبطش ولا ترحم.. قال لهم كيف يجرؤ مواطن عاقل و راشد على أن يقول لا للرئيس المُلهم و الزعيم القائد.. و بالطبع لم يتجرأ أحدهم ليعاقب رجلاً يرفض أن يكون الولاء للرئيس محل تساؤل أو موضع شك.. يحتاج لا أو نعم لإثباته. تذكرت تلك الواقعة وأنا أرقب الانتخابات التمهيدية للمؤتر الوطني.. الفكرة جيّدة.. يستحق عليها الحزب الحاكم أن توضع في ميزان حسناته.. على أقل تقدير هو الحزب الوحيد في الساحة..

    و الذي عاد إلى الناس في ربوع السودان بآلية محددة المعالم في الاختيار للولاية العامة.. صحيح أنّ مراكز القوى احتاطت.. وجعلت لإرادة الجماهير حدوداً و سقوفاً عليا.. عندما رهنت الاختيار النهائي للمكتب القيادي المركزي للحزب الحاكم. ولكن حتى هذه اللحظة مخرجات آليات الاختيار هزيلة.. ففي كل الولايات التي تمّ الاقتراع فيها.. يأتي الوالي الحالي و المعين من المركز في المركز الأول.. عفواً هنالك استثناء.. ولكن يجب ألا يؤخذ به.. في القضارف تصدر القائمة كرم الله كركساوي.. و لكن كركساوي كان رئيساً للمجلس التشريعي.. حتى أقاله المركز في تسوية سياسية مريبة.. وفي شمال كردفان حنّت قواعد الإسلاميين للوالي الأسبق د. فيصل، وقدمته على أبو كلابيش القادم من مدرسة مايو الثورة..


    و لا عزاء للقادمين في وجود القدامى. ولكن السيناريو البائس هو ما نقلته إحدى الصحف.. ففي الدائرة 27 الديوم.. رفضت الشورى أن تقدم أي بديل للأستاذ علي عثمان.. وجاء ترتيب الفائزين.. الشيخ علي عثمان ثمّ الأستاذ علي عثمان.. ثمّ أخيراً علي عثمان محمد طه. الأستاذ علي عثمان محمد طه.. نائب الأمين العام للجبهة الإسلامية.. و زعيم المعارضة البارز.. ونائب رئيس الجمهورية.. الأستاذ علي بكل هذا التاريخ لا يحتاج لامتحان (خاص).. حتى يتمّ إعادة اعتماده عند الجماهير. وددت لو أن استطيع أن أفصح لكم عن درجات النجاح التي منحها حسن الترابي لعلي عثمان..

    عندما كان يقارن عليّاً بأترابه وأنداده.. و لكن للمجالس أسرار.. و ما بين الشيخين إلا العداء .. و لكن الفضل ما شهد به الأعداء ..لا ما صنعه المُطبّلون. و لكن من يحلّ (الفزورة).. و يفصح عن السر.. الذي يجعل الوالي عبد الرحمن الخضر الذي لم يبلغ أجله في ولاية الخرطوم عاماً واحداً يصرع الوالي الأسبق عبد الحليم المتعافي.. و كيف يفوز نائب رئيس الجمهورية مثنى وثُلاث في دائرة صغيرة..؟ عندما تكتشفون أصل الحكاية ستدركون عمق أزمتنا.. و لماذا تجعلنا مُنظمة الشفافية في أعلى قائمتها.. إلى ذلك الحين كل استقلال وأنتم بخير.

    التيار
    30/12/2009
                  

12-31-2009, 05:48 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    معتاد اجرام رسالى !! ...
    بقلم: لواء شرطه (م) عبد الرحيم احمد عيسى
    الأربعاء, 30 ديسمبر 2009 23:23


    كان القانون الجنائى السابق وبالتحديد قانون الاجراءات الجنائيه يحوى على باب يسمى (مراقبة الشرطه) يفصل فيه بالتحديد الاجراءات التى تتبع لكى يتم وضع معتادى الاجرام تحت مراقبة الشرطه ....فهو يحوى اولا تعريفا لمعتاد الاجرام ثم الاجراءات التى يجب ان تقوم بها الشرطه ان ارادت وضع معتاد اجرام تحت مراقبة الشرطه ... وذلك باحضار صحيفة سوابقه مرفقا معها طلب للقاضى المختص ويكون هذا الطلب مدعما باسباب قويه ومقنعه ثم يقوم القاضى بدراسة الطلب وبعد ان يستوثق من كل البينات يصدر القرار المناسب اما بالقبول او الرفض ويكون ذلك قرارا قضائيا قابلا للاستئناف .... وفى حالة قبول الطلب يحدد القاضى الفتره التى يكون فيها الشخص تحت مراقبة الشرطه والوسيله والمكان والزمان ...بمعنى ان هذا الاجراء يضمن حقوق الانسان كامله حتى ولو كان معتاد اجرام
    قبل يومين كنت استمع صدفه الى اذاعة ساهرون وكان المتحدث عبر لقاء مطول وزير داخليه اسبق فى عهد الانقاذ ..وكان يشرح تجربته فى وزارة الداخليه وماادخله من (ابداعات) وقال عملنا مايعرف (بليالى الرباط) وكنا نسير دوريات ليليه على راسها (رئيس المحليه!!!) وطبعا بعض المرابطين (والمرابط هو الشرطى الشعبى) وبعض افراد الشرطه ثم قال : - كنا نطرق باب معتاد الاجرام ونقول له سوف نحضر ونشرب معاك شاى الصباح واضاف :- كان ذلك كافيا لان يحد من حركته طوال الليل مترقبا حضورنا فلا يخرج لارتكاب جريمه !!
    عندما استمعت لذلك قلت فى سرى لماذا ياترى لم يدعو السيد الوزير معتاد الاجرام للحضور لصلاة الفجر معه فى المسجد (لتعظيم شعيرة الصلاه ) وبذلك يحوله لمعتاد اجرام (رسالى)
    تخيلوا معى ياساده دوريه امنيه يقودها رئيس محليه ربما يكون زول (عنقالى ) ساكت ومعتاد اجرام عندو منزل محترم يعزم الناس شاى الصباح !!ثم باى حق قانونى تطرقون منازل الناس بعد منتصف الليل حتى لو كان فى نظركم معتاد اجرام ولكنه مواطن حر لديه حقوق قانونيه ودستوريه لايحق لاى كائن من كان ان يمسها او ينتهكها الا بموجب اجراءات قانونيه سليمه
    ولكن عندما تغيب المهنيه وتصبح الاجتهادات الفرديه هى التى تحكم سلوك النا س يصبح القانون والدستور فى خبر كان !!
    وياويلنا عندما يتحكم فينا اصحاب العاهات النفسيه والعقليه
    لواء شرطه (م)
    عبد الرحيم احمد عيسى
                  

01-01-2010, 08:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    بيوت الاشباح ...روزنامة الاسبوع
    كمال الجزولى



    الاثنين

    الأطروحة التي بدأ الصديق د. الواثق كمير نشرها، منذ البارحة 20/12/2009م، على حلقات بصحيفتي (الرأي العام) و(الأحداث)، تحت عنوان (دعوة للحوار مع النفس: الحركة الشعبيَّة والعودة لمنصَّة التأسيس)، وكان، قبل ذلك، قد بعث إليَّ، مشكوراً، بنصّها الكامل، تثير، ربَّما لأوَّل مرَّة في (العلن)، مسألة تعتبر، برغم طابعها الوطني (العام)، من أهمّ المسائل (الداخليَّة) للحركة، بل أخطرها، طرَّاً، وأكثرها تعقيداً على الإطلاق؛ ومع ذلك فلطالما جرى، مؤخَّراً، وبحسب الواثق، تحاشي مناقشتها علي المستوى (التنظيمي)، حتى كادت تنطمر، بالكليَّة، تحت ركام المشاغل السّياسيَّة اليوميَّة للحركة، وتندرج، نهائيَّا،ً ضمن المسكوت عنه في (داخلها الرَّسمي)، وهي المسألة المتعلقة بمدى تحمُّلها لمسئوليَّتها تجاه جعل الوحدة "جاذبة"، ليس، فقط، كأحد مستحقات اتفاقيَّة السَّلام الشامل والدُّستور الانتقالي، بل، في المقام الأوَّل، كأحد مستحقات (السودان الجديد) نفسه، باعتباره (الاستراتيجيَّة) التي ظلت الحركة تبشّر بها، لأكثر من ربع قرن، وسط الملايين من المهمَّشين والمثقفين الوطنيّين الديموقراطيّين، بما يضع على كاهلها عبء ألا تسمح، ولو للحظة، بأن يلتبس موقفها إزاء قضيَّتي (الوحدة) و(التحوُّل الديموقراطي)!

    د. الواثق يرى أن تعسُّر العلاقة بين شريكي الاتفاقيَّة التي تهدف لتحقيق هتين القضيَّتين، ناجم من تشابك ثلاثة أسباب رئيسة. فمن جهة، لم يُجر أيٌّ منهما، داخل صفوفه، "حواراً استراتيجيَّاً جادَّاً وصريحاً حول استحقاقات التحوُّل الديموقراطي، والأبعاد الحقيقيَّة لخياري الوحدة والانفصال، والتبعات السالبة لخيار الانفصال بالأخص"؛ كما ولم يُجر أيٌّ منهما مثل هذا الحوار، من جهة أخرى، بينه وبين جماهيره؛ في حين أن هذين الحوارين يشكلان، برأي الواثق، الآليَّة القمينة بأن تفضي بالشريكين، من جهة ثالثة، إلى "حوار فاعل ومثمر .. يسفر عن نتائج إيجابية تحمى وطننا شرَّ القتال والتمزق".

    لئن كان الغرض، أصلاً، من أيّ (حوار)، هو تبيُّن الخيوط البيضاء من السَّوداء في القضايا المطروحة، واتخاذ المواقف، من ثمَّ، بناءً على ذلك، فقد يصعب، ابتداءً، الاتفاق مع الكاتب على أن المؤتمر الوطني لم يتحرَّ داخله، بإطلاق القول، "الأبعاد الحقيقيَّة لخياري الوحدة والانفصال، أو لمستحقات التحوُّل الديموقراطي". كلُّ ما في الأمر، وبوضوح تام، أن ما يعنيه مثل هذا (الحوار) بالنسبة للحزب الحاكم هو شئ آخر مغاير لما يعنيه بالنسبة للواثق! فالأخير، كما قال بنفسه، يعتبر أن ضرورة هذا (الحوار) نابعة من "الحاجة الماسَّة للدّراسة المتأنية والبحث الأمين" في القضايا المذكورة. وما من شكّ، بطبيعة الحال، في أن كلمتي (التأني) و(الأمانة) إنما تستمدَّان دلالتيهما من ذات السّياق الواردتين ضمنه، وهو سياق محتشد، ولا ريب، بالكثير من (النزاهة) و(حسن النيَّة) تجاه الآتفاقيَّة. فهل، يا ترى، تشكل هاتان القيمتان نفس المعياريَّة بالنسبة لمواقف الحزب الحاكم النهائيَّة؟!

    للإجابة على سؤال (المليون دولار) هذا لا بُدَّ من الأخذ في الاعتبار بحقيقة أساسيَّة، وغير خافية على أيّ مراقب. فالمؤتمر الوطني دخل مفاوضات نيفاشا، ووقع اتفاقيَّتها، مرغماً لا بطلاً! لذا ظلَّ يحتقب، طوال الوقت، ذات (استراتيجيَّته الشُّموليَّة)، ويطلق، باتجاه تحقيقها، ذخيرة من (تكتيكات) يتحسُّب بها لكلّ ما يمكن أن يعيقها، خلال (التفاوض) أو (التطبيق)، مضمراً ألا يتنازل، من حيث (الجوهر)، عن ملمتر واحد من (سلطته المطلقة)، حتى لو اضطرَّته عاصفة (الإيقاد) وشركائها وأصدقائها لإحناء الرأس، إلى حين، والصبر، في المدى القريب، على (تحوير) هذه (السُّلطة)، من حيث (الشَّكل) فقط، دون المساس، في المديين المتوسّط والبعيد، بعظم ظهر المشروع (الشُّمولي) نفسه، ولو مقدار قلامة ظفر!

    وربَّما لا يحتاج التأكد من هذا الأمر لأكثر من محض نظر عابر في الخطاب والأداء السّياسيَّين للحزب الحاكم، وكلاهما قائم على (الاستخفاف) بالاتفاقيَّة، و(التحقير) للحركة، وقادتها، ورموزها، دَعْ الأحزاب الأخرى! ولمن أراد مثالاً قريباً، رغم أننا لا نعتقد أن ثمَّة من يحتاج، حقيقة، إلى ضرب الأمثلة، فدونه (الاستهانة) الفادحة لحزب المؤتمر باتفاقه مع الحركة، مؤخَّراً، حول (قانون الاستفتاء) الذي ما أن أشرقت عليه شمس يوم واحد حتى نقض المؤتمر غزله، ثمَّ وجَّه كتلته البرلمانيَّة بإجازة هذا الغزل المنقوض، رغم انسحاب نوَّاب الحركة من الجلسة، ومعهم نوَّاب الأحزاب الجنوبيَّة الأخرى، بل وحتى النوَّاب الجنوبيّين في كتلة الحزب الحاكم ذاته، ممَّا حدا بياسر عرمان، رئيس كتلة الحركة، لضرب أخماسه في أسداسه عجباً من إجازة قانون لتقرير مصير (الجنوب) في غياب (الجنوبيّين) أنفسهم (سودانايل، 22/12/09)، وكذلك فعل سلفاكير ميارديت، النائب الأوَّل لرئيس الجمهوريَّة ورئيس الحركة الذي زاد بأن وصف الأمر بأنه "تصرُّف غير مسئول!" (الشرق الأوسط، 24/12/09). وثمَّة، قبيل ذلك أيضاً، القوَّة المفرطة التي جابهت بها الشرطة مسيرة الاثنين 7/12/2009م، حدَّ الاحتجاز والضرب في حراسات الشرطة، بما طال حتى أمين الحركة العام، ونائبه، بل ووزيرها بوزارة الداخليَّة التي تتبع لها الشُّرطة نفسها! وقبل ذلك كله كان وزير الداخليَّة السابق قد أطلق فيالق الشرطة على دور الحركة، وبيوت ضباطها في مجلس الدفاع (المشترك!)، إثر معلومات مغلوطة، أو قل مختلقة، بأن سلاحاً قد خبئ فيها! ضف إلى ذلك ما لا حصر له من سوابق انفراد المؤتمر الوطني بالقرارات الكبيرة من خلف ظهر الحركة، كالقرار الابتدائي حول دخول قوَّات حفظ السلام في دارفور، وطرد المنظمات الأجنبيَّة منها، والموقف من المحكمة الجنائية الدوليَّة، وغيرها من القرارات!

    لقد أصاب الكاتب الإسلامي الطيّب زين العابدين حين استنتج من مجمل هذه الممارسات "أن المؤتمر الوطني يريد أن يقول للحركة إن نصيبها من السلطة في الشمال هو الرواتب، والعربات، والمكاتب، والمخصَّصات الأخرى، ولكن ليس من حقها المشاركة في صنع القرارات المهمَّة، ويكفيها ما تمارسه من سلطة مطلقة في الجنوب، فاتفاقيَّة السَّلام كلها بنيت على قسمة الشمال للمؤتمر والجنوب للحركة!"، وأصاب حين وصف، إلى ذلك، موقف الحزب الحاكم من موكب الاثنين وقادته بأنه "خطأ سياسي فادح وقبيح .. يعني استمرار المؤتمر الوطني في منهجه (الشُّمولي)، فهو لم يسمح، ولا مرَّة واحدة، لأيّ موكب .. يحتجُّ على بعض السّياسات، أو يطالب ببعض الحقوق، حتى لو كان موكب بضعة معاشيّين يطالبون بمرتبات هزيلة ما تفتأ تتأخر عليهم"! وأصاب حين خلص، من كلّ ذلك، إلى أن "الشُّموليَّة المستبدَّة ما زالت قائمة، وستبقى ما بقي المؤتمر في السُّلطة .. (فهو) مرعوب، شأن كلّ نظام شمولي، من أيَّة حشود جماهيريَّة تسير في الشارع، ولا يسيطر هو عليها!" (سودانايل، 13/12/09).

    وإذن، فليس صحيحاً أن الحزب الحاكم لم يقف على "الأبعاد الحقيقيَّة لمستحقات الوحدة والتحوُّل الديموقراطي"، بل بحث، ودرس، وقطع أمره، من جهة، بعدم مقاربة خردلة من ذلك إلا بشروطه هو، ومن جهة أخرى بالاكتفاء، فحسب، بإطلاق خطاب سياسي وإعلامي شَّكلاني، قائم، في الصباحات والمساءات، على (مضمضة الشّفاه lip service) بالكلام الأجوف، المفتقر للصّدقيَّة، الخالي من أيّ محتوى حقيقي، والموجَّه إلى (الخارج!)، على نحو مخصوص، عن (رغبته!) في تحقيق هدفي الاتفاقيَّة، دون أن يكبّد نفسه (مشقة) أن يخطو (عمليَّاً)، ولو خطوة واحدة، باتجاه أيّ منهما! يشهد على ذلك تلكؤه المتعمَّد، طوال أربع سنوات، في النهوض بالتزاماته حسب الاتفاقيَّة، ثم نهجه، بعد أن تآكل الزمن المحدَّد تماماً، أو كاد، في التعامل ليس فقط مع قانون (استفتاء الجنوب)، بل، أيضاً، مع قوانين التحوُّل الديموقراطي، كقوانين (الأمن) و(النقابات) و(الانتخابات)، وغيرها، ممَّا يشي بما سيكون عليه، أيضاً، نهجه حيال قانوني (استفتاء أبيي) و(المشورة الشعبيَّة لجنوب كردفان والنيل الأزرق)!

    أما في ما يتصل بضرورة إجراء "الحوار مع النفس"، داخل الحركة، حول جملة هذه القضايا، وفي مقدّمتها قضيَّة (الوحدة)، من كلّ بُد، فذاك أمر آخر نجدنا متفقين بشأنه، تماماً، مع د. الواثق. ذلك أن رؤية الحركة لمستقبل الوطن، منذ بداياتها الأولى، هي بناء سودان (موحَّد) على أسس جديدة. وهي الرؤية التي وفرت، بالفعل، الوقود الفكري للحركة لشنّ نضالها، وإقامة تحالفاتها، وتأسيس علاقاتها الخارجيَّة، وألقت على كاهلها بالتزامات لا يمكن الفكاك منها، أو التشاغل عنها بالجوانب القانونيَّة أو الإجرائيَّة لـ (تقرير المصير)! وبالتالي فهي أحوج ما تكون، الآن، لهذا (الحوار) الذي تأخَّر طويلاً، ليس في مستوى كوادرها القياديَّة، فحسب، بل ووسط قواعدها، من جهة، وبينها وبين الجماهير، في الجنوب والشمال، من جهة أخرى، كي تفي بالتزاماتها تجاه (استراتيجيَّة السودان الجديد)، والتي لن تستطيع أن تفي بها ما لم تضع (كراعها الكبيرة)، بوضوح، في موقع (الوحدة الجاذبة)، بينما كلتا (كراعي) المؤتمر الوطني مغروسة في موضع (الانفصال)، أو (الوحدة المنفرة) في أفضل الأحوال، استلافاً، كما فعل الواثق، لكلمة الراحل جون قرنق الطريفة في تقييمه للموقف المتذبذب لأحد كوادر الحركة من انقلاب الناصر، قائلاً بعربي جوبا: "زول ده كراع معانا وكراع مع الانقلابيين، لكن كراع (كبيرة) بتاعو مع ناس الانقلاب"!

    الثلاثاء

    فتوى (هيئة علماء السودان) بـ (تحريم) المسيرات صدرت منذ 7/12/2009م، ونشرتها الصحف، في وقتها، ومن بينها (السوداني)، وظلَّ الناس يتداولونها طوال الأيَّام التالية، دون أن تعترض الهيئة، أو تنف صدورها عنها، أو تصحّحها، إن كان شاب نشرها خطأ ما! لكنها، ما أن فوجئت، بعد قرابة الأسبوع، بصدور فتوى مضادَّة من الشيخ القرضاوي، رئيس (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، بأنَّ أمْرَ هذه المسيرات "يدخل في دائرة الإباحة ولا صحَّة لتحريمه" (سودانايل ـ نقلاً عن "الشرق الأوسط"، 12/12/09)، حتى أخذ موقفها يتضعضع، ويتصدّع، ويتهاوى بلا انتظام، فإذا بزكيبة من المغالطات المتهافتة تصدر عنها لموقع (سودانيزاونلاين) الإليكتروني، تزعم فيها أن (السوداني) شوَّهت فتواها، عمداً، لتضليل الرأي العام، وأنها (لم تحرّم) المسيرات، وأنها، فقط، ضدَّ (الفوضي) و(الشغب)، ولو أن الأحزاب "استلمت (التصديق) .. الذي (يجعل) المسيرة (شرعيَّة) .. لوقفنا معهم وآزرناهم!"، وأن "القرضاوي عالم جليل، ومحل احترامنا، ولكن البعض (نقل) له بياننا بصورة مغلوطة .. فله العذر" .. الخ!

    يُفهم من ذلك أن معيار (الشَّرع)، في (فقه) الهيئة، لخروج (مسيرة) تطلب من (الحاكم) صون (حقوق المحكومين)، ليست هي (الكتاب)، أو (السُّنة)، أو (الإجماع)، أو (القياس)، بل (تصديق الشُّرطة) فحسب، بحيث يدور (الحق) معه أينما دار! بعبارة أخرى: حيثما كان (قرار الشُّرطة) فثمَّ (شرع الله)!

    وبعد، هل، تراها، تبقت مزعة لحم في وجه هذه الهيئة؟!

    الأربعاء

    في إجابته على سؤال عن حقيقة (بيوت الأشباح)، أو السُّجون السّرّيَّة لجهاز الأمن، قال الفريق صلاح قوش، المدير السابق للجهاز، إن "هذه حملات سياسيَّة مدبَّرة ومنظمة كانت تستهدف تشويه سمعة الجهاز والعاملين فيه، وهي ادّعاءات باطلة بغرض المزايدة .. بزعم أن هناك استغلالاً سيّئاً للسلطة .. وكنت حريصاً على تصحيح هذا المفهوم، وأن يشعر المواطن بأن هذا الجّهاز جهازه الذي يحميه .." الخ (الأخبار، 23/11/09).

    (بيوت الأشباح) ليست (وهماً)، ولا مؤامرة دبَّرها (خيال) معارضين للنظام يبغون تشويه صورته؛ وإنما هي (حقيقة)، وإنَّ لي، شخصيَّاً، تجربة مريرة فيها، إذ ما كادت تمُرُّ سوى فترة قصيرة على إطلاق سراحي، بعد اعتقال طويل دام لعامين كاملين، قضيتهما، من يوليو 1989م حتى منتصف 1991م، بين سجون كوبر وسواكن وبورسودان (العلنيَّة)، حتى أعيد اعتقالي من مكتبي، ذات ظهيرة في مطلع فبراير 1992م، ومعي الإخوة د. عاصم المغربي، والأستاذ محمد خليل، رئيس تحرير (الشَّماشة) سابقاً، وشقيقه العميد حقوقي عبد الله خليل، وقد تصادف وجودهم في زيارة عمل.

    تم اقتيادنا، هذه المرَّة، معصوبي الأعين، إلى حيث لا نعلم ولا ندري! ولم تفك العمائم عن عيوننا إلا حين أودع كلُّ منا محبساً انفراديَّاً، داخل (بيت) حكومي، عرفت، بعد إطلاق سراحي، أنه يقع إلى الجوار من بناية (سيتي بانك) بشارع البلديَّة بالخرطوم! وللمفارقة، روى لي د. عاصم، لاحقاً، أنه قضى صباه في ذلك (البيت) الذي كان يتبع لوزارة الصَّحَّة، فخصَّصته لوالده، جرَّاح العظام الشهير د. إبراهيم المغربي، ثمَّ خصّص، في الزمان المايوي، لكلتوم العبيد، سكرتيرة جعفر نميري.

    في ما بعد تبيَّنت أن الزنازين المجاورة تضمُّ المرحوم الحاج مضوّي، وميرغني عبد الرحمن، وفاروق احمد آدم، ومحمد وداعة، كلاً في حبس انفرادي، ومعتقلين آخرين كثر في زنازين جماعيَّة، والزنازين أجمعها مرصوصة على هيئة حرف (يو) الأجنبي، تتوسطها باحة صغيرة مردومة بتراب أسود تفتح فيه المياه بالنهارات، حتى يستحيل إلى طين لبيك، تحضيراً لـ (الحفلات الليليَّة)، وما أدراك ما هي!

    قضيت، في ذلك (البيت)، ستة أشهر، بلا كتب، ولا صحف، ولا راديو، ولا زيارات، ولا مقابلة طبيب، ناهيك عن مقابلة قاض! والأدهى أنني شهدت ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا طاف بعقل بشر، من صنوف التعذيب، والتحقير، والإذلال، والإهانات للمعتقلين!

    تصحيح الأخطاء التاريخيَّة، إنْ خلصت النوايا، شئ مرغوب فيه؛ أمَّا رواية التاريخ نفسه فشئ آخر ينبغي أن يتسم بالدّقة. فالناس قد يعفوا، لكنهم لا ينسون، وما ينبغي لهم! غير أن العفو لا يقع صحيحاً إلا عند المقدرة. والمقدرة لا تتوفر إلا بتصفية تركة الماضي المثقلة بالآلام العراض والجّراح الغائرة. لذلك، عندما ننادي بإجراءت (العدالة الانتقاليَّة)، وأوَّلها لجنة (الحقيقة والانصاف والمصالحة)، فإنما ننادي، في الواقع، بالتصالح، بدءاً ومنتهى، مع (تاريخنا الوطني)، و(ذاكرتنا الوطنيَّة)؛ وبدهي أن ذلك مستحيل بدون حفظ (التاريخ) بأمانة، والإبقاء على (الذاكرة) متقدة لا تخبو قط!

    الاخبار
                  

01-01-2010, 08:46 PM

omer abdelsalam
<aomer abdelsalam
تاريخ التسجيل: 04-07-2006
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الأخ / الكيك
    اسمح لى بهذا الرابط
    فهو يناقش باستفاضة موضوع الهوية االذى اشرت له في مقدمة البوست
    Quote: لأنَّ فكرة الوطن نفسها وكلَّ مستويات الهُوية تقوم على قدر كبير من الخيال. فأن يكون المرء سودانياً، أو مصرياً، أو جنوبياً، أو شمالياً، أو منتمياً إلى جماعة دينية أو عرقية أو سياسية، فهذه حالة ذهنية وليست حالة طبيعية، إذ قد يُولد المرء في مكان ما ويعيش عمره كله فيه دون أن يشعر بالانتماء إليه.

    مقال صادم : هؤلاء زوروا هوية السودان
                  

01-02-2010, 11:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: omer abdelsalam)

    شكرا
    عمر عبد السلام
    فعلا رابط مهم وقوى ...
    واضيف لك كمان هذا الحوار النادر مع دالى
    اجرته اجراس الحرية ..





    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=7983
    --------------------------------------------------------------------------------
    || بتاريخ : السبت 02-01-2010
    : الدكتور احمد دالى يتحدث فى واشنطن عن الوضع الراهن و مستقبل الدولة السودانية 1-2
    : *الرئيس محاصر من المحكمة الدولية و الشعب رهينة عنده!
    * الدولة السودانية متقدمة فى مؤشرات الفشل والايلولة للانهيار!!
    العجز التأريخى للشمال عن الاتيان بمذهبية رشيدة لادارة الدولة أدى إلى يأس الجنوبيين


    واشنطن : علاء الدين بشير



    ضمن منبره نصف الشهرى بمنطقة واشنطن الكبرى ، اقام القيادى الجمهورى ، الدكتور احمد المصطفى دالى نهاية نوفمبر الماضى ندوة بعنوان (الوضع الراهن و مستقبل الدولة السودانية) . ادار الندوة الاستاذ فائز عبد الرحمن عبد المجيد على طه قائلا : ان الوضع الراهن فى السودان يتحدث عن نفسه بصورة ابلغ من ان يتحدث الناس عنه ، فهو متدهور من اية النواحي اتيته ، و اضاف ان تحليل الدكتور دالى للاوضاع سيستند على رؤيته المنبعثة من الفكرة الجمهورية التى دعا اليها الاستاذ محمود محمد طه وهى فكرة منشأها الدين الاسلامى ولكنها تدعو الى سودان جديد يتساوى فيه الناس من حيث انهم ناس غض النظر عن الدين او العرق او الجنس.



    فشل شمالى :



    ابتدر الدكتور دالى حديثه بالتعليق على التصريحات المتتالية لقيادات الحركة الشعبية و على رأسهم النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس الحركة سلفاكير و التى عبروا من خلالها عن يأسهم من الاستمرار فى دولة واحدة مع الشمال من خلال تجربتهم فى تطبيق اتفاقية السلام مع نظام الجبهة الاسلامية ، و اشار دالى الى تزمر بعض السياسيين المعارضين من مواقف قيادات الحركة التى يرون انها تختزل الشمال فى الجبهة الاسلامية ، معتبرا ان الجبهة الاسلامية حقا تعبر عن الشمال لأن الشماليين عجزوا عن تغييرها طوال العشرين عاما الماضية وتماهى معها كثيرون وعارضها اخرون بحسابات مدروسة لانها خاطبت فيهم الانتمائين العروبى والاسلامى . و ارجع دالى الاستيئاس الجنوبى من الاستمرار فى دولة واحدة مع الشمال الى العجز التأريخى للقوى السياسية و النخب فى الشمال عن الاتيان بمذهبية رشيدة لادارة الدولة السودانية تكون قادرة على استيعاب التباين الدينى والاثنى وادارة الاتساع الجغرافى واطلاق مشروع للنهضة الشاملة فى البلاد .



    و قال دالى ان السودان يعيش اليوم فى احط مراحله ، و استعرض فى هذا الخصوص بعضا من سيرة الاداء الحكومى وكيف ان سعر الدولار الذى قالت الجبهة الاسلامية انها تريد ايقاف ارتفاع سعره حتى لا يبلغ 12 جنيها للدولار الأمريكي ليصل اليوم إلى ما يقارب 2500 ، ثم ارتفاع سعر السكر رغم كل الادعاءاتة ورغم وجود اكثر من سته مصانع فى البلاد ليفوق سعره للمستهلك السودانى السعر فى اى مكان اخر فى العالم تقريبا ، وكذلك ادعاءات النظام بإنجازه فى استخراج البترول مبينا ان سعر جالون البنزين فى السودان يفوق سعره في الولايات المتحدة التى تستجلبه من مناطق بعيدة فى العالم و تدفع عليه نفقات ترحيل و ضرائب وغيرها من رسوم و مع ذلك فإنه ارخص من السودان رغم الفارق فى مستوى الدخل و المعيشة للفرد فى البلدين . و تحدث دالى عن التدهور فى تقديم الخدمات فى المجالات المختلفة مشيرا الى ان الخلاف بين مدير الكهرباء السابق و ادارة السد فضح للناس الادعاءات التى كانت ترتفع بأن الرد بالسد ، مبينا ان مدير الكهرباء الذى تمت اقالته ذكر بأن (كهرباء السد لن تدخل الخدمة حتى يدخل الجمل من سم الخياط) ، مبينا ان هذا يفسر القطوعات المستمرة للكهرباء قبل فترة ، و تطرق دالى للانهيار فى التعليم فى مراحله المختلفة و كيف ان مستوى الخريجين السودانيين تدنى حتى صارت دول الخليج لا تقبل خريجى اغلب الجامعات السودانية للعمل فى مؤسساتها المختلفة ، بجانب كثرة الاخطاء الطبية فى السودان نتيجة لضعف القدرات لدى الكوادر الطبية التى تخرجت من جامعات و معاهد (ثورة) التعليم العالى المدعاة من نظام الجبهة ، هذا غير التدهور المريع فى الصحة العامة وصحة البيئة و ما تابعه الناس فى كارثة الفيضانات التى ضربت العاصمة وبعض المناطق الاخرى فى البلاد و العجز الحكومى البائن فى التصدى للمحنة للدرجة التى اعترف فيها وزير البنية التحتية المسؤول بأن السبب الرئيسى فى ذلك يرجع الى ان 75 % من المهندسين فى وزارته غير مؤهلين . و اردف الدكتور دالى : وغير ذلك فإن البلاد تواجه الان نذر مجاعة يسميها نظام الجبهة ب(الفجوة الغذائية) رغم اننا فى موسم الحصاد الان ورغم الادعاءات الكبيرة من قبل عن النفرة الزراعية و اخيرا النهضة الزراعية .



    وقال الدكتور دالى ان نظام الجبهة الاسلامية طلب مؤخرا من صندوق النقد الدولى ان يراقب الاداء الاقتصادى لحكومة السودان ، و معلوم جيدا النتائج التى تنجم على اقتصادات الدول النامية التى يراقب الصندوق ادائها الاقتصادى ، و اضاف ان مفعول الوصفة الصندوقية بدأ فى الظهور و تجلى فى المساعى الدؤوبة من قبل نظام الجبهة لخصخصة مشروع الجزيرة و هيئة الكهرباء و الطيران المدنى ، وسيتم بيع اصول و ممتلكات الشعب لشركات تتبع لافراد من نظام الجبهة على اعتبار انهم قطاع خاص .



    و اعتبر الدكتور دالى ان الوضع الحالى فى دارفور يمثل قمة المأساة التى بلغتها البلاد تحت حكم نظام الجبهة الاسلامية ، فطبقا لاحصاءات الامم المتحدة و المنظمات الانسانية فإن عدد المشردين داخليا و فى دول الجوار من سكان الاقليم بلغ نحو مليونين و نصف المليون مواطن فى الوقت نفسه طرد نظام الجبهة المنظمات الانسانية الدولية التى كانت تقدم العون لهولاء المحتاجين فى اعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية بقبول التهم الموجهة ضد الرئيس البشير ، حيث اتهمت بالتجسس لصالح المحكمة الدولية ، غير ان دالى ارجع السبب الاساسى وراء طردها الى انها –المنظمات- تكتب تقارير تبين فيها الحقائق الماثلة على الارض حول الوضع المأساوى فى دارفور ، و اضاف : ان مسؤولى نظام الجبهة طردوا المنظمات العاملة فى دارفور لأنهم غير مبالين بالنساء والاطفال و العجزة وهم جوعى و عطشى وفى العراء وبلا امن من المليشيات المسلحة الموالية للنظام ، بالرغم من الدعاوى الاخلاقية الكبيرة حول الدولة الاسلامية و قيادتها القدوة التى تعيش رغد العيش بينما تترك المستضعفين من الاطفال و النساء جوعى فى العراء ، لمجرد انهم يريدون ان يدخلوا فى مساومة مع المجتمع الدولى حول قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير ! .



    و اوضح الدكتور دالى انه وفى غير دارفور فإن الاوضاع فى البلاد غير مستقرة ، مشيرا فى هذا الصدد الى العدد الكبير من المليشيات المسلحة فى العاصمة الخرطوم و التى بلغت طبقا لتصريحات مسؤولى النظام اكثر من 45 مليشيا مسلحة ، مبينا ان هذا فى الخرطوم وحدها ، و اضاف انه علاوة على ذلك فأن الدولة السودانية فى عهد نظام الجبهة فقدت الحق الطبيعى فى سيادتها على اراضيها و تنازلت بفعل الضعف عن منطقة حلايب للمصريين اضافة الى اراضى المزارعين السودانيين فى منطقة الفشقة على الحدود مع اثيوبيا ، بينما تابع الجميع ما يجرى على الحدود مع تشاد و تحليق الطيران العسكرى التشادى داخل الاجواء السودانية اكثر من مرة وقصفه لمواقع داخل الاراضى السودانية بينما اكتفى النظام فى الخرطوم بتصريحات خجولة تبين مقدار الضعف الذى يعيش فيه بينما يستأسد فقط على مواطنيه الضعفاء . هذا بالإضافة إلى فضيحة ضرب قوافل تهريب السلاح والبشر في شرق السودان والتي قتل فيها العشرات إن لم نقل المئات.



    انحطاط بلد



    ورأى دالى ان صورة السودان فى العالم الخارجى بلغت مرحلة من التشويه بفعل سلوك نظام الجبهة لم تبلغه طوال حقبها السياسية السوالف و انتهى بها الامر الى ان يصبح رئيسها مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية نتيجة اتهامه بارتكاب جرائم فظيعة ضد شعبه ، وصار محاصرا الان و يتحرك فى نطاق محدود للغاية ولا يستطيع ان يباشر مهامه كرئيس شرعى لبلد محترمة و انتهى به الامر الى اعتقال شعبه رهينة فارضا نفسه رئيسا عليه بالقوة .



    وخلص دالى الى ان ذلك انتهى بنا الى ان يكون موقع الدولة السودانية متقدما فى مؤشرات الفشل والايلولة للانهيار فى السنوات الثلاث الماضية. أما تقارير الشفافية العالمية فقد وضعت السودان بين الدول الاكثر فسادا فضلا عن تقارير المراجع العام الحكومى نفسه عن معدلات الاعتداء على المال العام فى كل عام ، و التقارير الدولية التى ترصد مؤشرات الازدهار و حصول السودان فى كل ذلك على مراتب دنيا تجعله تاليا لبلد مثل الصومال لا توجد فيه دولة . واكد دالى ان السودان بلغ هذا الحضيض لانه ايضا لا توجد فيه دولة و انما مافيا سيطرت على امكانيات الدولة ، مستعرضا بعضا من ما وصفه بأنه سلوك يتقاطع مع اخلاقيات و سلوك رجال الدولة ، مشيرا فى هذا الخصوص لواقعة اغتيال الرئيس المصرى و تهريب سلاح العملية فى طائرة سودانير ، وتصفية ضباط الامن الذين تم تكليفهم من قبل قيادات نظام الجبهة بإغتيال الرئيس المصرى بعد فشل العملية خشية من افتضاح امر مصدرى التعليمات فى المواقع العليا للنظام و ذلك وفقا لما كشفه زعيمهم السابق ، الدكتور الترابى فى حديثه الذى بثته قناة العربية قبل ثلاث سنوات تقريبا ولا يزال موجودا (الويب سايت الخاص بالقناة لمن اراد الاستيثاق) ، و اضاف دالى : ثم منح شخصيات اجنبية ارهابية جوازات سفر سودانية للقيام بعمليات تفجير و اغتيال تحت مزاعم الجهاد ، اضافة الى التنكيل بخصومها و تعذيبهم فى بيوت الاشباح حتى افرغت السودان افراغا يكاد يكون شبه تام من المستنيرين الذين يخالفونها الرأى و ارتكابها للجرائم البشعة فى الحروب الاهلية التى خاضتها فى الجنوب ثم اخيرا دارفور مما دفع المجتمع الدولى لملاحقة مسؤوليها على ارفع مستوياتهم بالاتهامات فى ساحات القضاء الدولى . غير ان الدكتور دالى تأسف على ما اعتبره قصورا فى النظر يجعل المجتمع الدولى و القوى السياسية يتعاملون مع مسؤولى نظام الجبهة على انهم مسؤولون فى دولة ، و يجلسون للتفاوض والاتفاق معهم حول قضايا الوطن المصيرية ، وقال ان ابلغ وصف لنظام الجبهة هو ما كتبه الدكتور حيدر ابراهيم على فى احد مقالاته الصحفية حيث ذكر : (يحتاج علماء السياسة والاجتماع لاجتهاد وجهد قليلين، ليكشفوا للعالم نظاماً هو فريد عصره، بل وكل العصور في علاقته الاحتقارية مع شعبه، وفي قدرته على ارتكاب الحماقات، وفي عدم مصداقيته المطلقة، خاصة إذا أراد أن يدخل معك في شراكة أو صداقة الذئب للحمل. فالانقاذيون يدخلون معك في اتفاق أو عهد، ويشهدون العالم ويؤدون القسم المغلظ بأنهم ملتزمون باتفاقهم وعهودهم. ولكنهم يبيتون النية مبكراً في البحث عن أنجع السبل وأخبثها لنقض العهود، وكيف يمكن أن يدوخوا الشريك دوخة الديك البلجيكي، وكيف يدخلون الشريك في متاهة لا يعرف فيها أعلاه من أسفله، ويحتار الشريك أو الحليف أو الصديق، لأنه لا يستطيع أن يمسك شيئاً من الانقاذيين، لأن الانقاذي هو ما نسميه «ود الموية». ووعودها ـ حقيقة ـ ينطبق عليها: كما يمسك الماء الغرابيلُ..!! وعليك أن تعد اصابعك بعد أن يسلم عليك الانقاذي. ولا تنس أنه يجيد اللعب بالبيضة والحجر، وهذا سبب استمراره، ليس إيمانه ولا أمنه، بل فهلوته واحتياله، وعدم الخجل من الكذب والغش.
    ولكي يكون أى نظام أو فرد قادراً على إجادة مثل هذا السلوك، لا بد أن يمتلك قدراً كافياً من الانتهازية وموت الضمير وغياب الحياء والخجل، فالنظام الانقاذي ينظر لكل فعل بحساب الربح والخسارة، ويسأل ما هو المكسب من هذا الفعل؟ وهل المكسب مضمون وبأقل جهد؟ وهو بالتالي لا يفعل أى شئ لوجه الله، وحتي الموت بكل قدسيته وجلاله، قد يكون وسيلة رخيصة للكسب السياسي) . انتهى حديث دكتور حيدر .



    و اكد دالى ان ما قاله الدكتور حيدر صحيح تماما ، لأن نظام الجبهة كذب على الشعب السودانى و العالم منذ اليوم الاول لوصوله للسلطة حول هويتهم حيث قال الترابى انه قال للبشير اذهب الى القصر رئيسا و سأدخل انا الى السجن حبيسا . اضافة الى ان احمد عبد الرحمن القيادي الإخواني ذكر فى احد اللقاءات التى اجريت معه انهم موّهوا على القوى السياسية ليلة الانقلاب بتواجد عدد من قيادات الجبهة فى زواج آل الكوبانى و انه شخصيا وفى اطار التمويه عندما جاء سواقه الخاص في زي رسمي لاعتقاله استيقن تماما ان الانقلاب نجح . و اضاف دالى ان البشير ايضا اغلظ القسم بأنهم ليسوا جبهة و ان الجبهة مثلها مثل بقية الاحزاب التى برأيه افسدت الحياة السياسية فى السودان ، و لكنه عاد بعد مفاصلتهم مع الترابى ليقسم مرة اخرى من اجل تأكيد انتمائه الى الحركة الاسلامية منذ دراسته الثانوية . و تساءل دالى عن السر الكامن وراء كذب مسؤولى الجبهة الاسلامية بهذا السفور دون ان تؤاخذهم ضمائرهم على ذلك قبل ان يستشعروا الحرج امام الرأى العام ؟ . و استدرك دالى مجيبا على السؤال : بأن لذلك علاقة بطبيعة التفكير الذى ترتكز عليه الجبهة الاسلامية و كل حركات الاسلام السياسى و الذى يرى انهم فى دار الاسلام و الاخرون فى دار الكفر ، و ان الحرب خدعة و بالتالى تجوز كل الممارسات الخاطئة فى جوهر الدين من اجل الانتصار للاسلام و الحفاظ على دولة الاسلام بأى ثمن وذلك وفقا لمفهومهم القاصر للاسلام فهم يكفرون خصومهم اولا ثم يبررون كل الممارسات اللا اخلاقية ضدهم ، مبينا ان قيادات نظام الجبهة الحالى عندما كانوا طلابا فى الجامعات كانوا يأخذون ساعات زملائهم الطلاب بعد احداث العنف التى يفتعلونها ، ويأخذون مكرفونات خصومهم السياسين وممتلكاتهم المختلفة كغنائم من الكفار في دار الحرب ، موضحا ان ذلك يفسر لماذا يبرمون الاتفاقات مع القوى السياسية و مع الجهات الدولية ثم يسعون لافراغها من محتواها لدى التنفيذ ، مشيرا فى هذا الخصوص لاتفاقاتهم مع رياك مشار و مع الصادق المهدى فى جيبوتى و مع التجمع فى القاهرة و مع مناوى فى ابوجا ومع الحركة الشعبية فى نيفاشا ثم التفافهم على كل تلك الاتفاقيات ، و قال دالى ان ابرام الاتفاقيات فى فهم الجبهة ليس من اجل حل المشاكل و انما لاحتواء الخصوم و استدراجهم للداخل ومن ثم العمل على زرع بذور الشقاق و الفتن الداخلية بينهم . و تابع دالى : ان نظام الجبهة و حتى يتهرب من دفع استحقاقات الاتفاقات التى يبرمها يستغل سيطرته المطلقة على جهاز الدولة و مواردها و آلتها الاعلامية لتصوير الحصار المفروض عليه من اجل دفع تلك الاستحقاقات ، اما انه هجمة معادية للاسلام ، او يستخدم العرق و القبيلة محاولا استثارة النعرات البدائية فى السودانيين الشماليين على اعتبار ان هنالك مؤامرة تستهدف وجودهم و كيانهم الشمالى ، و تأسف دالى على انسياق عدد من السياسيين والمثقفين الشماليين وراء تلك الدعاوى الساذجة بدلا عن الوقوف بصلابة فى مواجهة تلك الاحابيل التى تريد من خلالها الجبهة الاسلامية الالتفاف بها على دفع الاستحقاقات المشروعة فى الحياة الكريمة التى ناضل من اجلها المستضعفون من ابناء هوامش السودان المختلفة و بالتالى التسبب فى تمزيق البلاد جهويا و اثنيا و دينيا ، و تبصير قومهم و شعبهم بالاستغلال البشع للعرق و القبيلة و الدين الذى توظفه الجبهة الاسلامية فى تفريق قوة السودانيين ضدها حتى تسهل عليها السيطرة .

                  

01-02-2010, 06:56 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=8004
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : السبت 02-01-2010
    : الدكتور احمد دالى يتحدث فى واشنطن عن الوضع الراهن و مستقبل الدولة السودانية 2-2
    : دينق ألور استمع إلى خطاب السودان في الأمم المتحدة كأي أجنبي!
    من يعرف هؤلاء جيدا لن يتورط معهم فى مسرحية هزلية مثل الانتخابات!!
    *اذا فقد النظام السلطة سيفجر البلاد و يحدث فوضى!
    اذا اراد الشماليون الوحدة عليهم مواجهة قضية الشريعة بشجاعة

    واشنطن : علاء الدين بشير



    ضمن منبره نصف الشهرى بمنطقة واشنطن الكبرى ، اقام القيادى الجمهورى ، الدكتور احمد المصطفى دالى نهاية نوفمبر الماضى ندوة بعنوان (الوضع الراهن و مستقبل الدولة السودانية) .

    ادار الندوة الاستاذ فائز عبد الرحمن عبد المجيد على طه قائلا : ان الوضع الراهن فى السودان يتحدث عن نفسه بصورة ابلغ من ان يتحدث الناس عنه ، فهو متدهور من اية النواحي اتيته ، و اضاف ان تحليل الدكتور دالى للاوضاع سيستند على رؤيته المنبعثة من الفكرة الجمهورية التى دعا اليها الاستاذ محمود محمد طه وهى فكرة منشأها الدين الاسلامى ولكنها تدعو الى سودان جديد يتساوى فيه الناس من حيث انهم ناس غض النظر عن الدين او العرق او الجنس. في الجزء الأول من الندوة تحدث الدكتور عن الفشل الشمالي التاريخي في إدارة الدولة بصورة تستوعب التنوع الديني والعرقي والثقافي كما تحدث بالتفصيل عن نظام الإنقاذ الذي يسميه (نظام الجبهة الإسلامية) مشيرا إلى ما سببه من أزمات للدولة السودانية كما تحدث عن أزمة الفكر والأخلاق في المشروع الفكري والسياسي للإسلاميين وتطرق لأزمة دارفور والمحكمة الجنائية الدولية



    صمت فى انتظار المصير المحتوم !


    انتقد دالى حالة الصمت التى عليها السودانيون الان رغم كل الذى يحدث لهم و ببلادهم و المصير الذى يسوقهم نظام الجبهة الاسلامية اليه ، و العبث الذى يمارسه بإستغلال الدين و العرق ، و حالة العجز و الخوف من مواجهة هذا الاستغلال بينما تمضى بلادهم حثيثة نحو الانقسام بسبب المزاعم عن امكانية تطبيق الشريعة الاسلامية و التى لم يستطع السودانيون الشماليون حتى اليوم مواجهتها رغم الحقائق الساطعة التى كشفتها لهم التجربة العملية لحكم نظام الجبهة الاسلامية ، مشيرا الى انه اعلن الجهاد فى السابق ضد الجنوبيين على اعتبار انهم كفار ،

    ثم عاد ووقع معهم اتفاق سلام وضع بموجبه زعيمهم سلفاكير فى منصب النائب الاول لرئيس الجمهورية رغم انه لم يسلم او يدفع الجزية عن يد وهو صاغر كما تقول ابجديات الشريعة الاسلامية التى ادعى قادة الجبهة انهم يعملون على تحكيمها ، و اضاف ان الجبهة الاسلامية حينما وقعت الاتفاق كانت تضمر احتواء الحركة الشعبية به ، وهو بالفعل ما حدث الان حيث ابدى سلفاكير وعدد من قادة الحركة زهدهم الواضح فى استمرارهم فى دولة واحدة مع الشمال تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية ، وقد ظل سلفاكير كثير التواجد بجوبا رغم انه النائب الاول لرئيس الجمهورية لأن كثيرا من الصلاحيات التى كفلتها له الاتفاقية و الدستور تم الالتفاف عليها من قبل نظام الجبهة الاسلامية ،

    بجانب ان وزراء الحركة الشعبية فى حكومة الوحدة الوطنية لا يمارسون صلاحياتهم فى الوزارات كما يفترض ، مشيرا فى هذا الصدد الى التهميش الذى لحق بوزير الخارجية ، دينق الور للدرجة التى تسند فيها رئاسة وفد السودان لاجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة فى اكتوبر الماضى الى مستشار الرئيس ، غازى العتبانى رغم ان القواعد المرعية فى مثل هذه المناسبات ان تكون رئاسة الوفود فى حال غياب الرئيس او نائبه الى وزير الخارجية ، و اردف دالى : ان دينق الور كان جزءا من الوفد الذى رأسه غازى و لم يطلع وهو وزير الخارجية على خطاب السودان المقدم الى اجتماعات الجمعية العامة و سمعه مثله مثل أي فرد من أفراد الوفود الاجنبية داخل قاعة الامم المتحدة بالرغم من ان الخطاب يفترض انه اعد بواسطة وزارة الخارجية فى الخرطوم او بعثة السودان بالامم المتحدة التى يرأسها سفير و معه ديبلوماسيون يعملون جميعهم تحت امرة وزير الخارجية .

    و قال دالى ان النماذج كثيرة على سلوك نظام الجبهة فى شراكته مع الشعبية ، مبينا ان الشراكة صورية بين الطرفين ، و ارجع دالى ذلك الى الاستعلاء بالايمان حيث ان الكافر فى الشريعة الاسلامية لا سلطة له فى الدولة المسلمة وفقا للمفاهيم التى يعتنقها نظام الجبهة ، مشيرا الى الفتاوى التى اصدرها عبد الحى يوسف و محمد عبد الكريم بتكفير الحركة الشعبية و المنتسبين اليها، فأعجب لدولة إسلامية وزراؤها كفار!!، مشيرا الى ان الاثنين من حلفاء النظام الحاكم الاشداء و يسمح لهما بتقديم المحاضرات فى وسائل الاعلام الحكومية و التدريس فى الجامعات الحكومية و امامة المصلين فى مساجد البلاد المختلفة ، و هما اعضاء ايضا فى الهيئات الدينية التابعة للنظام ، و لم يصدر عن المسؤولين فى النظام ما يفيد بأنهم ضد هذه الفتاوى فى حق شركائهم فى الحكم .


    وتطرق دالى الى الشراكة فى الثروة بين الشمال و الجنوب وقال ان اتفاقية السلام قضت بأن يتم اقتسام عائدات البترول المستخرج من الجنوب بواقع 50 % لكل ، لكن الحركة الشعبية و وفقا لتصريحات مسؤوليها على ارفع مستوياتهم لا تدرى كمية المنتج و المباع من البترول ولا احد فى السودان يعرف حقيقة ذلك الاّ مجموعة صغيرة جدا داخل نظام الجبهة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة ، و تابع دالى : غير ان منظمة قلوبال ويتنس البريطانية استقصت الامر و اصدرت تقريرا قبل اشهر قليلة كشفت فيه الفروقات فى الارقام المعلنة من قبل نظام الجبهة فى كل المراحل من الانتاج و حتى البيع ،

    و كيف ان معظم الشركات العاملة فى الخدمات المختلفة المتعلقة بالبترول، إن لم تكن كلها، تتبع لنظام الجبهة و لكن لا احد ينتبه لذلك ولا تدخل ضمن الحصة المقتسمة مع الحركة الشعبية ، واردف : هذه الشركات تأخذ قيمة عقوداتها من تكلفة الانتاج و التى تغش الجبهة فى ارقامه بينما تقتسم مع الجنوب المعلن فقط من عائدات البيع ، و رأى دالى ان دفوعات مسؤولى الجبهة بعد نشر التقرير كانت خائرة وضعيفة و محض ذر للرماد فى العيون من اجل صرف الانتباه عن الحقائق التى وردت فى تقرير قلوبال ويتنس .


    وقال دالى ان هذا هو الوضع الماثل الآن و الذى نريد للجنوب ان يظل به جزءا من السودان. مؤكدا على الرغبة الاكيدة له فى ان يظل الجنوب جزءا من البلاد و لكنه اعتبر ذلك ضربا من الاستحالة فى ظل الشروط الظالمة للوحدة و التى يعمل نظام الجبهة على تكريسها ، و شدد دالى على ان اى اتجاه لجعل خيار الوحدة جاذبا ليس بالحديث العاطفى و انما بالسعى الجاد و الصادق من اجل خلق سودان يحترم فيه الانسان من حيث انه انسان بغض النظر عن دينه او عرقه او جنسه .


    و رأى دالى انه فى حال انفصال الجنوب سيواجه تعقيدات و مصاعب كثيرة حتى يتأهل و يصبح دولة ، لانه سيكون دولة مغلقة بدون منفذ على البحر ، كما ان عملية ترسيم الحدود بينه و الشمال ستواجه بمشاكل كبيرة الى جانب عملية بناء الهياكل للدولة الجديدة ستواجه بصعوبات كبيرة بالنظر لقلة الكوادر الناجمة عن ضعف مستويات التعليم وقلة المتعلمين فى الجنوب نتيجة للحرب الطويلة التى دارت فى الاقليم و حرمت قطاعات عريضة من مواطنيه من اللحاق بفرص التعليم ، الى جانب الواقع القبلى الماثل حتى اليوم و الذى يتجلى فى الصراعات القبلية التى تخلف اعدادا كبيرة من الضحايا ، و اوضح دالى انه لا يقول هذا الحديث من باب الوصاية على خيار الجنوبيين و انما من باب الحرص و اسداء النصح لجزء عزيز من ابناء شعبنا ، و تابع : ان الزعيم الراحل الدكتور جون قرنق كان يدعو لسودان موحد على اسس جديدة ، لكن للاسف الوضع الراهن لا يوفر هذا المطلب ، و نظام الجبهة غير حريص على وحدة السودان و انما على بقائه فى الحكم بأى ثمن ، بل ان سلوكه العملى يمضى فى تمزيق السودان لان انفصال الجنوب سيكون هو البداية لانفصال اجزاء اخرى من الوطن فى جبال النوبة و جنوب النيل الازرق و ربما دارفور فى وقت لاحق .



    خدعة الانتخبات :


    و سخر دالى من الجدل الدائر بين القوى السياسية و النظام حول نزاهة الانتخابات و اجراءات التسجيل ، واعتبره جدلا بلا جدوى ، و ابدى دهشته من عشم الاحزاب فى احداث تغيير بانتخابات يتحكم نظام الجبهة فى كامل هندستها و اجراءاتها حتى فى المهاجر البعيدة ، و قال ان الشكاوى التى صاحبت اجراءات التسجيل فى امريكا كان ينبغى ان تنبه الغافلين . وقال ان من يعرف تنظيم الاخوان المسلمين جيدا لن يتورط معهم فى مسرحية هزلية مثل الانتخابات ، مبينا انهم كانوا مستعدين لأن يقتلوا فى سبيل السيطرة على اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، فكيف يستقيم ان يفرطوا فى دولة استولوا عليها عن طريق الانقلاب ، و اثروا من خلالها و ارتكبوا فيها و بها كل الكبائر ليأتى غيرهم ليقتفى اثار ما ارتكبوا او يحرمهم من هذه البقرة الحلوب التى سيطروا عليها و اضاف : (من يظن ان تنظيم الجبهة سيسلم الدولة بأخوى و اخوك واهم ولا يعرف طبيعة الاخوان المسلمين) . مبينا ان نظام الجبهة استطاع تزوير نتائج انتخابات المحامين وهم طليعة مثقفة عملها القانون فما بالك بالبسطاء والأميين في أرياف السودان الحزين . و تابع ان نظام الجبهة لن يقدم على الانتخابات لانه تغير و اصبح ديمقراطيا، يؤمن بالتداول السلمى للسلطة وقبول الآخر ، و انما كان حماسهم لها لانهم تأكدوا من سيطرتهم المطلقة على كل عمليات الانتخابات وضمنوا تزويرها و ايقنوا ان خصومهم من الضعف بحيث لن يستطيعوا منازلتهم و كشف اساليب تزويرهم ، مبينا ان الغرض من كل ذلك هو انقاذ الرئيس و مسؤولى النظام الآخرين الذين يتهددهم شبح الملاحقة القضائية من المحكمة الجنائية الدولية وذلك عن طريق وضع هذه المساحيق و اضفاء شرعية زائفة على النظام امام المجتمع الدولى .


    و اكد دالى ان تزوير الانتخابات بدأ منذ التعداد السكانى ، مرورا بإجراءات التسجيل ، مبينا ان النظام يستغل فى كل ذلك امكانيات الدولة ، و اضاف : (لا اخلاق لنظام الجبهة الاسلامية حتى يعتقد الناس انهم سيقيمون انتخابات نزيهة) ، و اعتبر دالى كل من يشارك فى الانتخابات بالشروط و التدابير التى وضعت حتى الان مساهما فى ترسيخ نظام الجبهة عبر اعطائه شرعية يرفعها فى وجه العالم لانقاذ الرئيس . ورأى ان نظام الجبهة ان لم يفز فى الانتخابات لأى سبب فأنه سيفجر السودان و يخلق فوضى .
    وقال دالى ان السودان يمر بأصعب فترة فى تأريخه الحديث وفى الوقت نفسه فإن قياداته اقل من المستوى و ليس لديهم اهتمام حقيقى بما يجرى للشعب ، و غالبية المثقفين سلبيون ، منتقدا فى هذا الصدد الدكتور عبد الله على ابراهيم ، مرشح رئاسة الجمهورية الذى قال انه رجل عاش فى الغرب و يعرف ماهى الديمقراطية و الاجراءات المتبعة لقيام انتخابات نزيهة و لكنه عندما الغى كرنفال تدشين حملته الانتخابية من قبل سلطات النظام ، ذهب الى احد مسؤولى النظام وهو مندور المهدى و اتفق معه على بيان مشترك من حوالي سبعة أسطر، قبل ان يشكر الجهات الامنية التى الغت له حملته الانتخابية!! .
                  

01-05-2010, 04:02 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الثلاثاء 5 يناير 2010م، 20 محرم 1431هـ العدد 5939


    فليكن 2010 عام التغيير

    حيدر طه

    قد يكون من المستساغ أحيانا أن يبدي شخص دهشته أمام حقائق معلومة ووقائع مشهودة لا تستحق الدهشة، وقد يوصف مثل هذا الشخص بالبراءة أو السذاجة، وقد يوصف بالغباء أو الاستغباء، ولكن أن يبدي مسؤولون في الحكومة وقياديون الحزب الحاكم دهشتهم من الحديث عن التغيير الشامل و»إنكاره وتكفيره»، فذلك إما أن يكون نتيجة غباء فطري أو استغباء مقصود. وهما رذيلتان تلتصقان بممارسات عشرين عاما من السياسة العوجاء التي قادت السودان إلى ما هو عليه الآن. حال تردي مريع لا يحتاج إلى برهان أو شاهد ودليل. إنما يحتاج إلى تغيير شامل.
    ومطلب التغيير لا يحتاج بدوره إلى تبرير ومداورة أو استغراب. فالأصل في السياسة هو التغيير وليس الركود، خاصة عندما تكون الدواعي ملحة والضرورات عاجلة..
    وفي السودان ليس هناك أدعى للتغيير من الدواعي الملحة التي تستوجب « هبّة وطنية « تنتظم في حركة اجتماعية واسعة لا تستثني أحدا، فردا وجماعة ومنظمة ومؤسسة وحزبا، له في التغيير شوقا ومصلحة ومصير وهوية وكرامة وحياة. هولاء بمنطق العدد هم الغالبية الغالبة في المجتمع السوداني، يحتاجون فقط إلى تنظيم وتعبئة ليتحول العدد إلى قوة، والكم إلى نوع، والتلقائية إلى حركة فاعلة.
    والتغيير المنشود يتطلب هذا الحجم من الطاقة والحركة والفاعلية الاجتماعية، لأن التخريب الذي حدث في بنية السودان التحتية والفوقية خلال عشرين عاما أفظع وأضخم من برامج سياسية تطرحها احزاب لخوض الانتخابات التي لا تخلو من مخالفات مسبقة، وتزوير مبيت.
    وعلى الرغم من حتمية التزوير والخداع والتزييف والتي بدأت مبكرا ومسبقا، فإن الانتخابات تعد مناسبة مهمة لاختبار قدرة «قوى التغيير» على الفعل، لأن الانتخابات لن تكون المعركة الأخيرة، إنما هي البداية التي ينطلق منها مشروع التغيير الشامل لنظام، ليس من جدل، أنه أغلق سبل التطور الطبيعي والديمقراطي لأكثر من عشرين عاما، بل انحرف بمسار التطور إلى مسارب أخرى قادت البلاد إلى هاويات في كل الجهات.
    وعندما أكرهت حكومة الإنقاذ على فتح هذه السبل تحت ضغط الداخل والخارج، فتحتها مواربة لتكون محروسة بقوانين ولوائح وإجراءات حتى لا يتسلل من «فرجها» غير أهل الإنقاذ، وهو ما يبطل أي حديث عن الديمقراطية الحقيقية التي يستحقها الشعب السوداني بجدارة.
    فالمسؤولون في الحزب الحاكم يعلمون علم اليقين أنه في حال وجود بيئة ديمقراطية صحية وصالحة، فإن تغيير النظام لا يصبح مطلبا بعيد المنال، إنما يصبح قاب قوسين أو أدنى، بل يصبح أمرا بديهيا وحتميا لكل ذي عقل ونظر وضمير يدرك أهمية إزالة أكبر معوقات التطور في سودان اليوم.
    ودواعي التغيير كثيرة، يصعب حصرها لكثرة ما يستوجب التغيير. ويمكن إيجازها في سطر واحد، هو تغيير ما أفسده المؤتمر الوطني فيما يتعلق بمصير الدولة، شعبا وأرضا وأجهزة وقيم ودستور وقوانين ومؤسسات ومجتمع.
    فهل يمكن تحقيق ذلك دون تغيير النظام برمته وليس بترقيعه..؟
    مثلا: هل يمكن محاربة الفساد المتفشي في كل مفاصل الدولة دون استئصال بؤره وتجفيف مستنقعاته ومطاردة مافياته.. مما يساعد على ترسيخ قيم جديدة ويعيد الثقة في بناء إنسان سوداني صالح في مجتمع صالح.
    وهل يمكن استعادة قيم الشعب السوداني التي غمرتها ممارسات آسنة لعشرين عاما دون تغيير النظام الحاكم ومؤسساته..؟
    واستدراكا فإن الحديث عن النظام ليس حديثا عن السلطة.. فلابد من التمييز بين الاثنين.
    ولكن ما النظام الحالي..؟
    سؤال فاجأني به أحد الزملاء الصحفيين العرب، ورغم المفاجأة، لم تكن الإجابة عنه مترددة غير هنيهة لاستجماع صوره المتعددة، فقلت له : النظام الحاكم جمع أمساخ اختلطت فيما بينها. مسخ ديني ومسخ علماني، مسخ عسكري ومسخ مدني، مسخ رأسمالي ومسخ ديمقراطي، مسخ إخواني ومسخ إيراني.
    والمسخ في اللغة والتعريف هو تحويل صورة الشيء إلى أقبح منها، وفي معنى آخر هو إفساد طعم الشيء، وفي معنى ثالث هو المشوه الخلق. والمسيخ هو أيضا الأحمق.
    والمتتبع بإمعان في أسلوب النظام وهويته وسياساته واتجاهاته يرى أن كل تلك المعاني مجتمعة ومنفردة تنطبق بحذافيرها عليه، وقد يكون أهل النظام سعداء بهذه الصورة المضللة لمن لا يتمعن أو يدقق، فبعض السعادة من الجهل.
    وبطول المدة، حذق أهل النظام فن مداراة المسخ، بعمليات تجميل مكثفة، أحيانا باستخدام المكياج، وفي معظم الأحيان بعمليات جراحية، اودت في نهاية الأمر إلى فقدانه الحواس، وبقيت حاسة واحدة مصطنعة اعتنى بها النظام إيما اعتناء، وهي حاسة الأمن التي انحصرت مهامها في أمن النظام الذي يتطابق في الملامح مع أمن الدولة، والذي يتطابق في زواياه مع أمن السلطة صعودا إلى « أمن الجبهة «.. وبهذه التطابقات عرف الجميع الحدود والقيود والسدود، أكثر من معرفة الحقوق.
    وقد عمل النظام جاهدا على إرغام السودانيين على التعايش السلمي مع هذه الأمساخ بالتعود قدر الإمكان، مستخدما موهبة القهر، بكل أنواعه الصلبة والناعمة، ولفترات طويلة لتطويع الذوق السوداني ليرى القبح جمالا والتشوه انسجاما، والتسلط نظاما، والرشوة حقا، والمعارضة كفرا.
    والنظام نفسه غارق في هذا الاعتقاد، إذ يرى نفسه في مرآة نفسه بهذه الصورة فيتوهم أنها جميلة، بل غاية الروعة، وانه ليس هناك أفضل منه، ولا أجمل منه، ولا أحكم منه. ولذلك قرر ألا يسلم السلطة إلا إلى « المسيخ الدجال».
    وهذا الوهم المتفاقم، مرض نفسي عضال لا شفاء منه وليس مرضا سياسيا يمكن معالجته بالإصلاح والتهذيب. ومن مضاره أن عدواه تنتقل بسهولة إلى الجميع عبر وسائل إعلام «الإنقاذ» التي تعطس وهماً وتتنفس كذباً وتشهق خداعا وتزفر نفاقا. ولا ينجو منه إلا من أنعم الله عليه بقوة المناعة وصلابة الإرادة.
    وعلى الرغم من كل مساعي النظام كي يكون طبيعيا، يستطيع السودانيون التعايش معه، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك عبر وسائله فلجأ إلى « تشويه الآخرين» إما بالتحالف أو الشراكة. وقد استجاب من استجاب ورفض من رفض. ولكن في كل الأحوال كانت حصيلته خاسرة، ورصيده عاجزا.
    فقد حاول منذ بداية استيلائه على السلطة، قبل عشرين عاما، أن يحذف الأحزاب من الخريطة السياسية بوهم أن ذلك هو التغيير المنشود في بنية المجتمع السياسي، وبحساب أن ذلك من المرغوبات الوطنية العاجلة، التي تعد واحدة من إنجازاته. وهو في حقيقة الأمر كان يريد إحداث « فراغ حزبي» كي يستطيع ملأه بمستحدثات تكويناته المتقلبة الأسماء والعناوين، دون أن يعلم أن ذلك من باب المستحيلات.
    فتجارب الشعوب قدمت دروسا ثرة في هذا الجانب، فتعلم من رغب في التعلم فأحسن الحكم، وأهملها الممسوسون بالغرور فعاثوا في الأرض فسادا. ودلت تجربة عشرين عاما أن أهل الإنقاذ لا يحسنون قراءة التاريخ ولا استيعاب تجارب الماضي، ولذلك ظلت تجربتهم في الحكم لا تنقطع عن تكرار الأخطاء، بل أصبحت تدمنها حد المتعة. وكان أول خطوة يبغيها النظام لدى استيلائه على السلطة أن يمحو « رموز الحركات السياسية والدينية « من ذاكرة الناس، معتقدا أن « الكيانات الدينية» مجرد كتل عمياء تتبع الزعماء والقادة دون وعي كأنها لم تبلغ سن التمييز. فقد مارس قبله «نظام مايو» تلك الخطيئة متوهما أن إزاحة الزعماء سيجعل الأحزاب السياسية والتكوينات الدينية مجرد أصفار تائهة تبحث عن رقم في خانة الشمال يحضنها ويحميها..
    بهذا التصور اعتقد نظام « الإنقاذ» أن التغيير السياسي هو مجرد إزاحة أشخاص وقادة أحزاب وزعماء كيانات من الواجهات، فهذا إجراء سطحي، لا يمس باطن المجتمع وقاعه ولذلك ظلت « الانقاذ « انقلابا ولو تدثر باثواب الثورة ورطن مفرداتها.
    وفي مقابل تلك الهجمة المتوحشة، نهضت الأحزاب متحدية مشروع تصفيتها بقوة، مدافعة عن نفسها بشراسة، ومناهضة لعقلية تريد من السودان أن يكون فضاء لا يسبح فيه إلا قلة حاكمة. لم يكن قادة الإنقاذ يفكرون في ديمقراطية ولا تعددية ولا مجتمع إلا « مجتمعهم الحضاري الممسوخ «، وقد خاب ظنهم كثيرا، حينما أجبروا على قبول واقع كانوا يرفضونه فكريا ونفسيا وعقائديا وثقافيا، بالشراكة مع الحركة الشعبية في حكومة وحدة وطنية اسماً لا فعلاً، جاءت توليفتها غريبة الشكل والمضمون، عجيبة المظهر والمخبر، خلافاتها أشد من وحدتها وصراعاتها أكثر من انسجامها.
    أليس هذا مسخا للمفاهيم والمعتقدات والانتماءات والأسماء، بل أليس ذلك مسخا للوطن وللشعب وللسياسة..؟
    إنها تشوهات أصابت المجتمع السوداني خلال عشرين عاما، مرشحة للاستمرار والانتشار إذا لم يحدث التغيير الشامل.
    هنا تصبح قضية التغيير أدعى وأوجب، من أجل التخلص من الأمساخ، واستعادة الوجه الجميل للسودان، وهنا تصبح قضية التغيير فرض عين وليست فرض كفاية..
    فقد كان مطلب التغيير فرض كفاية عندما كانت مقاومة النظام تقوم بها مجموعة من الأحزاب والنقابات عبر وسائل لا يشترك فيها جميع قطاعات الشعب، لأن الأمر لم يكن متاحا حيث لا يسمح به الواقع في ذلك الوقت، ولا تهيأت له ظروف المكان. الآن تهيأت ظروف تسمح بـ « حراك اجتماعي وسياسي « متصاعد ينشد التغيير ليس فقط بالانتخابات، ولكن بزخم اجتماعي تتحرك فيه كل الفعاليات والفئات ومنظمات المجتمع المدني، مستفيدة من مناسبة الانتخابات دون ان تتوقف عندها، بل تتعداها من أجل صياغة مجتمع سوداني أصيل غير مشوه.
    وعليه تصبح قضية التغيير الشامل لإزالة المسخ فرض عين لا تسقط عن أي سوداني يستطيع أن يؤدي واجبا للوطن كي يتعافى.
    وأشواق التغيير ملتهبة في نفوس الغالبية الغالبة من الشعب السوداني، ولكن قطاع منه آثر الابتعاد إما لعدم الاطمئنان إلى السياسة وعواقبها وتقلباتها وانقلاباتها، أو لعدم الاطمئنان إلى نتائج أي حركة غير موحدة الأهداف والوسائل والمنطلقات.
    لإزالة هذه المخاوف يقع على كاهل القوى الاجتماعية والسياسية الساعية للتغيير الشامل، من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني الديمقراطية وحركات الشباب بفاعليتهم في مواقعهم العنكبوتية العمل على توحيد حركتهم في اتجاه واحد هو التغيير الشامل.
    وتشكل الأحزاب المتحدة في الهدف، طليعة لوحدة حركة التغيير، فإذا نجحت في توحيد صفوفها فإن ذلك يدعم الثقة في نفوس الغالبية الغالبة الذين لا يريدون غير أن يطمئن قلبهم كي ينخرطوا في حركة واسعة تكون الانتخابات إحدى محطاتها، وليست محطتها النهائية. فالتغيير الشامل ليس تغيير سلطة بسلطة، ولا نظام بنظام فقط، بقدر ما هو صياغة قيم أصيلة تشكل الأرضية والحاضنة والحصن لنظام ديمقراطي مستدام.
    وتوحيد الأحزاب خطوة مهمة نحو استعادة المبادرة للحركة الاجتماعية للتغيير.. فقد راهن النظام طويلا على تفتيت الأحزاب وعمل على تحقيق هدف تمزيقها بدأب يحسد عليه، وبإنفاق أموال « عامة « إذا انفقت في التنمية ومحاربة الفقر ودعم التعليم لكان السودان في مصاف اندونيسيا وماليزيا وربما سنغافورة..فاهدر مال كثير من إيرادات الضرائب والجمارك والزكاة، ومن عوائد البترول ورسوم المخالفات، وإرساء المناقصات، وريع الأراضي وربا المرابحة وفوائد البنوك وجباية التسهيلات واقتناص الهدايا والمجاملات، بالإضافة إلى «برشتت الكومشن» وفروقات بيع الجملة والقطاعي من موجودات القطاع العام فيما عرف بـ «الخصخصة».
    هذا نظام عورته لا تخفى وانحرافه لا يحتاج إلى شهود في محاكمة عادلة. ولكنه يحتاج إلى تغيير شامل، تبدأ أول خطواته باستعادة الاحزاب لوحدتها. فمن فضائل المرحلة الماضية أنها هزت الأحزاب وغربلت صفوفها وأعضاءها، فسقط من سقط، وصمد من صمد.
    وقد أدت الغربلة دورها وقامت بتنقية الحزب بـ « فصادة وحجامة « لم يبع لها بتاتا ولم يضرب لها وقت موعد. حجامة تسحب الدم الفاسد كي يصح الجسد، وتنشط الشرايين وتتدفق الدماء الزكية النقية في دورة النشاط السياسي لتعطي حيوية مجددة وطاقة إضافية لبلاد تستطيع بها تحقيق ما افتقدته خلال عشرين عاما ماضية.
    فخلال المرحلة المقبلة لابد من استعادة مفقودات أساسية، هي الديمقراطية بصورتها الحقيقية والتنمية بطرائقها العلمية والإحساس بالوطن وإحساس الوطن بالمواطن..
    والاحساس بالوطن له تعبيرات عديدة ويمكن ملاحظة هذه القيمة المفقودة لدى السودانيين الذين يملكون «جنسيات مزدوجة»، واحدة للولاء الطبيعي وأخرى للأمان. فكثير من السودانيين مستعدون لدفع كلفة الإقامة لمدة ستة أشهر صالحة للتجديد، كأنهم أجانب أصلاء، فقط كي لا يتطفل أحد من اصحاب الصلاحيات الاستثنائية على حياته، فلديه حصانة الانتماء إلى جنسية أخرى، أضحت هي الأصل والسودانية هي بديلة تستخدم عندما يحين وقت الفخر بالأوطان.
    فمن دفع هؤلاء السودانيين الشرفاء إلى هذا الاختيار، غير الإجحاف في حقوقهم المواطنية، وهوياتهم المهنية وتسفيه افكارهم ومبادئهم ومعتقداتهم.
    وهؤلاء يشكلون كتائب مهمة في حركة التغيير الشامل..
    فالتغيير له قواه ودواعيه وموجباته.. ومن موجباته إيقاظ كل القوى لتنخرط في حركة التغيير.. فقد أعجبني قول الشاعر العرقي أحمد مطر عندما يقول:
    اثنان في أوطاننا
    يرتعدان خيفة من يقظة النائم:
    اللص...... والحاكم
    ولا تعقيب على أبيات الشاعر مطر، غير دعوة من يهمهم الأمر: فليستيقظ النائم فينا.. للقبض على اللص وتغيير الحاكم

    الصحافة
                  

01-05-2010, 04:14 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    التاريخ: الثلاثاء 5 يناير 2010م، 20 محرم 1431هـ

    د.غازي صلاح الدين: «1-2»
    قانون الإستفتاء وصفة حرب.. وهذه القضايا لابد من حسمها..!!

    حوار: الطاهر حسن التوم

    رفض قانون الإستفتاء لجنوب السودان في نسخته الأولى داخل البرلمان، ولا يزال يرفضه رغم أنه أجيز في غيابه وبات أمراً واقعاً، هل (حرد) د.غازي صلاح الدين مستشار الرئيس ورئيس كتلة المؤتمر الوطني في البرلمان حقاً وغاب عن الجلسة، وما هي النقاط الخطيرة في القانون، وكيف يرى الحركة الشعبية، ومشروعها السودان الجديد، ولماذا سقطت الإشارة للمسيرية في قانون إستفتاء أبيي، وما قصة الجسر الذي لم يرغب الشريكان في عبوره، جميعها قضايا يفتحها هذا الحوار مع قناة النيل الأزرق، وتنشره (الرأى العام) لأهمية القضايا التي تطرق إليها.
    * البعض إعتبر أنك غبت عن جلسة التصويت على قانون الإستفتاء لأنك (حردان)؟
    - وصفتني بعض الصحف بأنني غاضب، لكنني عندما أتحدث للكثير من الشباب عما ينبغي أن يتميز به القائد أقول لهم أن يتجنبوا الطاقات السالبة مثل الغضب والحرد، وليست كالشجاعة أو الحب أو الرضا التي هي طاقات موجبة، لذلك لا أؤمن بالغضب والحرد في السياسة، ولكن من حق الإنسان أن يسجل موقفاً دون أن يوصف بأنه غاضب، وهذا ما حدث.
    * حدث، ولكن خارج المؤسسات؟
    - التعديل الذي أدخلناه نحن على المادتين «27» و«67» كان تعديلاً أقره المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، وليس لدي علم أن المكتب القيادي إجتمع مرة أخرى لينقض ما أبرمه سابقاً ولذلك أعتبر نفسي ملتزماً تماماً بما أقره المكتب القيادي والمؤسسة.
    * سنعود إلى ذلك، لو تأملنا الآن في المشهد السياسي لوجدنا أن الحركة الشعبية وظفت من قبل كل قوى المشهد السياسي الشمالي لتحقيق أهدافها منذ مؤتمر أسمرا في حق تقرير المصير والدولة العلمانية، ثم مذكرة الترابي قرنق، وكانت مطية لإتفاق للحركة مع المؤتمر الوطني، الجميع كانوا في هذه الساحة تحت التوظيف، والجميع كان يبحث عن بندقية قرنق لتكون إلى جانبه، وفي سبيل ذلك كانت هذه التنازلات؟
    - هذا واضح، ولكن لماذا حدث ذلك، أنت في العمل السياسي تحتاج إلى حماية وإلى عصبة كما قال ابن خلدون، فأنت لا تستطيع أن تعمل مفكراً في الهواء غير ملتصق بالأرض ولابد أن تكون لديك جماعة تأوى إليها، والحركة الشعبية تمثل بالنسبة لبعض القوى السياسية الآن- وربما كان ذلك خطأ في الإتفاقية أو سلوكنا السياسي- تمثل حيزاً للحماية، فهي تحكم بلداً داخل السودان باسم آخر ولديها كامل السلطات السياسية والتنفيذية والأمنية والإقتصادية، وهي تعمل في الشمال أيضاً، لذلك كان تداعي بعض القوى السياسية لتحتمي بكنف الحركة، وكان سلوكاً غريزياً أضطرت إليه هذه القوى السياسية ولم يكن سلوكاً مبدئياً، وينبغي أن نتعمق في السؤال ونقول لماذا أضطرت هذه القوى السياسية لفعل ذلك، هذا سؤال وجيه بالنسبة لي كقيادي في المؤتمر الوطني، وأعتقد في الأطروحة التي تقدم أن واجبنا في المؤتمر الوطني أن نقيم كياناً واسعاً يشمل هذه القوى السياسية، ولا يستثني الحركة فأنا لست مع عزل الحركة لكنني ضد أن تترك لها مساحة المناورة لتستخدم المباديء المعلنة لتحقيق عكس تلك المباديء، أن تتحدث عن الوحدة الجاذبة ولكنها تسعى للإنفصال في الحقيقة، أن تتحدث عن التحول الديمقراطي وتفعل غير ذلك في الجنوب، الأحزاب تحتاج للحماية والمال، والحركة لديها يد مطلقة في أموال الجنوب وحولت لها حتى الآن أكثر من ثمانية مليارات دولار، وليس لدى حكومة الجنوب مراجع عام، وأعترف ممثل حكومة الجنوب في آخر جلسة إستماع في الكونغرس بوجود مشكلة في إدارة المال بحكومة الجنوب، هذه الأموال سيكون من الغباء ألا نفترض أنها تتسرب للشمال لتمويل الحركة السياسية والمظاهرات التي يقال إنها لدعم التحول الديمقراطي وهي ليست كذلك، وللحركة مقدرة على التلون حسب الظرف والساعة والحليف المرحلي، عندما تتحالف مع الوطني تتحدث عن الوحدة، وعندما تتحالف مع القوى السياسية الشمالية تتحدث عن التحول الديمقراطي، وعندما تتحالف مع القوى السياسية الجنوبية تتحدث عن الإنفصال، هذه ظاهرة لابد من دراستها لأننا في النهاية لا نريد أن نخترع أسماء وهمية نخدع بها أنفسنا لنتحدث عن أن السودان بلد ديمقراطي ولا يطبق ذلك في أرض الواقع، لدى تساؤلات أطرحها كشخص يفكر وليس من موقف حزبي، ما جدوى الصيغة القائمة الآن، وقلت ذلك لقيادي بالحركة ، قامت إتفاقية السلام على فرضيتين، أن تحقق الوحدة والسلام، فإذا انتهت إلى أنها لم تحقق الوحدة ولم تحقق السلام فما الفائدة منها، وأحتج هو على ذلك وأعتبره تنصلاً من قبل المؤتمر الوطني، فقلت له إنني حر في طرح آرائي لكن هذا سؤال يطرحه الشعب، وقانون الإستفتاء الذي أجيز هو وصفة حرب، تحديداً المادة «67»، أراه مثلما أنكم تنطقون، وتطبيق هذا القانون في ظل سوء النية سيؤدي إلى إنفصال وإلى حرب.
    * سنعود إلى القانون، لكن السؤال يظل قائماً، ما الذي يحول دون التنازل للقوى الشمالية، وهم أقرب؟
    - هناك فوضى فكرية، أو حوار طرشان كما يقال، يبدو أن المقاصد النهائية والوسائل ليست واضحة عند كل القوى السياسية، ما يفكر به الوطني ليس ما يتحدث عنه حزب الأمة بالوفاق الوطني، ولا ما يتحدث به الإتحادي الديمقراطي، والتحدى أمام هذه القوى هو أن تجد وصفاً مشتركاً لما تعنيه بالوفاق الوطني، هل القضية هي قسمة كيكة السلطة، وأنت تعلم أنها كيكة لم يبق منها في هذه المرحلة إلا فتات وسيلتهم في الأيام القادمة لأننا بصدد إنتخابات بعد أربعة أشهر، هو عدم وضوح الرؤية الفكرية.
    * في جانب من ؟
    - في جانب الجميع، كلهم يطرحون شعارات بنوايا حسنة، وهي صادقة لكنها في المحك العملي ليست قابلة للتوفيق لأن كل شخص يرى الصورة النهائية بشكل مختلف، عندما نتحدث عن الوفاق الوطني الآن، هل هو إعادة تشكيل للحكومة، أم المقصود إعادة تشكيل المجلس الوطني أم التنسيق حتى قيام الإنتخابات أم تقديم ضمانات بأن تكون الإنتخابات حرة ونزيهة، وكلها أطروحات في الساحة الآن، أعتقد أن الإخفاق الذي جرى أنه لم يحدث ترتيب متفق عليه لوضع تعريف دقيق لما نعنيه بجمع الصف الوطني، ولم تقدم الحركة نموذجاً جيداً لأن تجمع أحزاب جوبا بدأ كما لو أنه محاكمة للمؤتمر الوطني وتاريخ الشمال كله، وهذه من خصائص مشروع السودان الجديد، أنه مشروع تجريمي لكل تاريخ الشمال، حتى الإستقلال لا يعترف به، وبالتالي بدأ كأن مؤتمر جوبا محاكمة وضراراً للوطني وبذلك فقد كثيراً من مشروعيته الأخلاقية لدى الناس وتحول إلى مشروع مظاهرات في الخرطوم.
    * هل هناك سودان جديد بعد مشاكوس، ومقايضة مشروع بمشروع، أن تقر بأن يحكم الشمال إسلامياً، ومشروع السودان الجديد الذي نعرفه يقوم على دولة علمانية، فقيل إن المقايضة تمت على أساس دولة إسلامية في الشمال مقابل تقرير المصير؟
    - هذا هو الإلتزام الأخلاقي بالطبع، لأن زعيم الحركة آنذاك قال نحن لم نحقق مشروع السودان الجديد والمؤتمر الوطني لم يحقق مشروعه الحضاري كما طرحه، لكننا توصلنا إلى شيء بين الإثنين، وبالتالي كان الموقف الأخلاقي ألا تحاكم الشريك على أنه لم يلتزم بالسودان الجديد، ولماذا نلتزم بالسودان الجديد، وهو مشروع تجريمي لتاريخ الشمال، بما فيه كل القوى الشمالية التي شاركت في مؤتمر جوبا، ومشروع السودان الجديد لا يستأنس بأطروحات مثل الحركة الإتحادية، أنا إسلامي لكنني أعرف أن الإستقلال كان نتيجة لهذه الحركة السياسية التي أنتمي إليها بوجه من الوجوه وإن لم يك تنظيمياً أو عضوياً، والسودان الجديد منبت ويعتبر أن كل ما تم في الأربعينات على يد مؤتمر الخريجين والخمسينات والستينات، كان مجرد مؤامرة ضد الجنوب، وينادى المشروع بنصرة المهمشين بينما نرى أن تحالفهم في مؤتمر جوبا كان مع أقطاب السودان القديم، الذين يمثلون السودان القديم بأقوى مما يمثله المؤتمر الوطني.
    * هل هو إستغفال إرادي، هل تستغفل القوى الشمالية وهي تمضى إلى جوبا نفسها، هذه مسائل تبدو واضحة للغاية للمراقب؟
    - الإخفاق لا يحدث أحياناً من عدم وضوح الرؤية بل من شلل الإرادة، ومشكلتنا أقرب لأن تكون مشكلة إرادة، الرؤى المختلفة يمكن أن يوفق بينها، ولكن لابد من إرادة سياسية تقتضي تضحيات لابد من تقديمها، والإتفاق على مراحل ومعالم طريق، وهذا لم يحدث، وكتبت عن ذلك، أن هناك مشكلة في فكرة الحزبية نفسها، هل الحزب الآن يمثل الأداة التي يمكن أن تتوسل بأطروحاتها إلى الجماهير لتكتسب مشروعية، هناك الآن أطروحات جديدة تتمثل في المجتمع المدني وهناك أشخاص زاهدون في الحزبية، والاحزاب تعاني من مشكلات تمويل وتنظيم، ومشكلات تقريب المقربين وإبعاد المبعدين، ويتمظهر ذلك في شكل شلل سياسي وفكري.
    * هل هي معلومات مؤكدة أن الحركة الشعبية تقوم بتمويل بعض القوى الشمالية؟
    - المعلومات تقول ذلك، ولكن الأمر لا يحتاج لمعلومات، ظللنا نتساءل أين ذهبت الثمانية مليارات دولار ولم نتحصل على إجابة.
    * وهل يعني ذلك أنها ذهبت للقوى الشمالية بالضرورة؟
    - إذا كنت لا تستطيع أن تقتفي أثر النقود فيمكن أن تفترض أنها انفقت في استراليا أو أمريكا ويمكن أن تستنتج أنها أنفقت في شمال السودان ولا يحتاج ذلك لذكاء شديد.
    * الحركة بدأت السباق نحو الإنفصال، ولكن هل وصل المؤتمر الوطني بالفعل إلى هذا اليقين وبدأت ورشة في جنوب أفريقيا تناقش كيف يكون الإنفصال سلساً وجاذباً؟
    - أحب أن أذكر الناس بحقيقة تغيب حتى على الموقعين على إتفاق مشاكوس، بخلاف تجارب الإنفصال التي رأيناها في كثير من الدول، فإن الإلتزام السياسي للقوى الموقعة كان في نيفاشا، أن الطرفين كانا يناديان بالوحدة، وفي إنفصالات أخرى كباكستان كانت هناك حركة إنفصالية مشروعة، في أريتريا كان هناك تيار عارم نادى بالإنفصال، ولكن هنا كان الإلتزام نحو الوحدة، وبالتالي يجب أن يحاسب الطرف الذي لا يلتزم بها سياسياً، أنا مؤمن بالوحدة وأعتقد أن تقرير المصير ينبغي أن يفهم في هذا السياق لكننا نحترم القرار إذا صدر في النهاية من القاعدة الشعبية في الجنوب، لكن الحركة تثبت كل يوم أنها أصبحت في جوهر مشروعها حركة إنفصالية، وسبب ذلك تراجع مشروع السودان الجديد، وكان واضحاً من دفاع الحركة عن بعض بنود قانون إستفتاء جنوب السودان أنها إنفصالية.
    * على ذكر القانون، المادة «27» موضوع الجدل، كان بندها الثالث يقول، لا يجوز للناخب المذكور أدناه التسجيل والإقتراع في المواقع الأخرى، وهو كل من تعود أصوله إلى أحد الأصول الإثنية في جنوب السودان ولم يكن مقيماً إقامة دائمة دون إنقطاع في جنوب السودان قبل أو منذ الأول من يناير 1956م.
    ب- مقيم إقامة دائمة متواصلة دون إنقطاع أو أياً من الأبوين أو الجدين مقيماً إقامة دائمة متواصلة دون إنقطاع في جنوب السودان قبل أو منذ الأول من يناير 1956، ما الذي تخشاه الحركة من وراء إلغاء هذا النص؟
    - سألت أحد كبار قادة الحركة أثناء جولات المباحثات الثلاثية التي كان يرعاها المبعوث الأمريكي، لماذ تريد تقييد حق الجنوبي الدستوري في التصويت، ونحن اعتمدنا تعريف الجنوبي كما ورد في دستور حكومة جنوب السودان، وكنت أقول له لماذا يذهب إلى الجنوب ليسجل، ثم ليصوت، هذا شرط تعجيزي، وهذا يقدح في نواياكم ويقدح في حرية ونزاهة الإستفتاء، لكنه أصر وقال لي في النهاية نحن نخشى من التزوير في الشمال، فقلت له ونحن نخشى أن يحدث التزوير في الجنوب، والدواء للتزوير هو إحكام آليات الرقابة، ويمكن أن يحدث التزوير في أي مكان، لذلك فهذا النص نص تمييزي، بين الجنوبي والجنوبي الآخر، والتعديل الذي دخل على النص في المادة «4» كان جيداً، ويقول التعديل، دون الإخلال بالمذكور أعلاه يجوز للجنوبي المولود في الشمال التصويت في أي مركز، وهذه الفئة ربما تصل إلى مئات الآلاف من الجنوبيين، وبذلك النص القديم فإن أي جنوبي ولد في الخرطوم أو حلفا خلال العشرين سنة الماضية لن يستطيع التسجيل أو التصويت في الخرطوم أو حلفا، ولابد أن يذهب للتسجيل على حسابه والتصويت على حسابه إلى قريته التي جاء أهله منها للشمال، لكن القانون أبقى على ضرورة عودة الجنوبيين من أصول جنوبية والتي هاجرت من الجنوب قبل 6591، ويبقى السؤال لماذا تميز هؤلاء؟
    الراى العام
                  

01-05-2010, 04:21 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    مسالة
    مرتضى الغالى

    بتاريخ : الثلاثاء 05-01-2010 09:03 صباحا

    ماذا صنعت مفوضية الانتخابات في ضمان حياد اللجان وحياد الإعلام القومي بين القوى السياسية؟! ومتى تريد أن تبدأ إفساح المجالات للأحزاب والتنظيمات السياسية والمدنية لتتحدث عن الانتخابات وتحث جماهيرها، وتجد نصيباً من الإعلام الذي تعلم المفوضية كيف يُدار الآن، كما تعلم أن أجهزة الإعلام الرسمية ليست ملكاً للمؤتمر الوطني.. ولا ينبغي لها أن تكون...!
    لقد لمست الندوة المفيدة التي إقامتها منظمة ألق للإنتاج الإعلامي مع مؤسسة
    فريردش ايبرت حول (الانتخابات والإعلام) أوتاراً حسّاسة، وأثارت نقاطاً غاية في الأهمية.. حملت ملاحظات وإفادات المشاركين، ومنهم كثيرون مما لا يماري احد في وطنيتهم وحيادهم تجاه القوى السياسية، ولكن (لا حياد في طلب الحق) أو الإشارة إلي الظواهر السالبة، ولا حياد في ضرورة نشر الحريات، وفي إتاحة الفرص المتساوية، وفي فك أيدي المؤتمر الوطني عن خناق أجهزة الإعلام القومي، التي لو كانت بالفعل قنوات حزبية صرفة (من حر مال المؤتمر الوطني) لما قامت بما تقوم به الآن من المجاهرة السافرة صباح مساء بنقل رؤية واحدة (من عدسة واحدة) وتصوير كل ما يجري في السودان من كوة وحيدة - هي المؤتمر الوطني- الذي يصيغ أخبار الوقائع كما يريد،ويضع الأجندة الإعلامية كما يحب، ويظهر ما يهوى، ويخفي ما يشاء، و(يغطّس حجر ما يريد تغطيسه) ويأتي لنا كل يوم بالسادة منسوبيه الذين ملأوا علينا الشاشات منذ (عام الرمادة) ولا يزالون... فلا أحاديث الا أحاديثهم ولا ذكريات الا ذكرياتهم، ولا ومواعظ وفتاوى الا من وعّاظهم ومشايخهم.. ولا خطبة جمعة الا من (خطيبهم الأوحد)... وإذا حدث ما يخالف هذه القاعدة فهو من باب ذر الرماد على الجفون ليقولوا لك لقد استضفنا فلان أو علان من المعارضة في يوم كذا...وما جاءوا بأحد المشاركين في لقاء الا وجاءوا له (بثلاثة من جماعتهم) يسبقون حديثه، ويعقبون عليه، ويقاطعونه ويسرقون مساحته الزمنية، ثم إذا فتحوا المجال للمشاركات الخارجية على الهواء حشدوا لها مناصريهم وحجبوا الآخرين.. ثم لا يتردّدون في إعلان أنهم في انتظار هاتف من جماعة الرأي الآخر.. ثم إذا بهم يتناسون ذلك أو يزعمون تعسّر الاتصال بسبب عقبات أثيرية.. والأثير و(غراهام بيل) منهم براء... حتى أصبح الناس يعرفون مثل هذه الألاعيب لأنهم قد علموها في مجالات أخرى؛ حتى على مستوى الوزارات...!! فإذا كان هناك وزير من الحركة الشعبية أو التجمع الوطني جاءوا له بوزير دولة (من تحته) ووزير دولة آخر (في موازاته) تحتهم وكيل وزارة من جماعتهم..ثم جاءوا له (من فوقه) بمستشار بماكينة مرسيدس ...فأين المهرب...!!

    احراس الحرية
                  

01-05-2010, 05:25 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    [B]صحيفة التيار وكتابها احيانا يخرجون من ثوب الصحافة التقليدى الذى رسمه لهم اهل الانقاذ الى براح الجراءة ..الكاتب عبد الباقى الظافر كتب هذا المقال طالبا بصراحة من البشير الابتعاد عن السلطة وترك المنصب لغيره وهو ما يدخله فى خلية نحل تعيش على العسل وسوف تهجم عليه الى ان تقتله لانه تجرا وتحدث عن اهل الكهف اهل العسل النائمين فى حضن السلطة ونعيمها ..

    اقرا المقال

    مذكرة عشرة جديدة.. !!
    عبد الباقى الظافر


    في أمسية من شتاء العام 1997م جاء الفريق ( وقتها) عمر البشير بلباس عسكري و بحرس خاص إلى اجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني، و من قبل لم يعتد إخوة الرئيس في التنظيم أن يغشاهم الرئيس في تلك الهيئة وبذلك الصولجان، و بالفعل كان ذلك اليوم استثناءً، إذ رمى عشرة من أحباء و تلاميذ الشيخ حسن الترابي بمذكرة تحد من سلطات أبيهم الذي علمهم السياسة. المذكرة التي أصبحت تأريخاً فاصلاً في مسيرة الإسلاميين في الحكم و المعارضة، كانت جولة في صراع لم ينته بعد؛ و لكنّها أفضت بالشيخ الترابي بعيداً عن مفاصل الحكم، عاكفاً في بيته في المنشية، ينتظر حظه مع السلطان، و الذي ربما لن يأتي أبداً؛ و لكن المذكرة منحت الإنقاذ عمراً إضافياً، و مدَّتها بحيوية هي الآن في أمس الحاجة إليها. في ميقات مذكرة العشرة الأولى كان الرئيس البشير جزءاً في أي معادلة سياسية تهدف لإخراج البلاد من عنق المحنة، هو الشخص الأكثر قبولاً داخل الحركة الإسلامية، و يتمدد ذلك القبول إلى حضور شعبي كبير بين مكونات الأمة السودانية، غرماؤه في ساحة الأحزاب والتنظيمات يرونه و كيلاً لا أصيلاً في عملية تغييب الحكم الديمقراطي في السودان، عالمياً العالم يراه بُقبعة العسكر لا بعمامة آيات الله في السودان. ولكن تلك أيّام ولّت، فداخل تنظيم الحزب الحاكم يواجه البشير تحديات، هذه التحديات تبدو في شكل فقاقيع كثيرة و لكنّها متناثرة، إن اجتمعت بيّنت شكل الأزمة؛ انشقاق يضرب حزبه في ولاية الجزيرة، و خروج محدود لقادة حزبه في كردفان نحو الغابة، و والٍ في الجنوب يتحدّى تعليمات الحزب الحاكم ويستعصم بمكتبه، و في القضارف يجبر الحزب شيخه كرم الله عباس على الخروج؛ ولكنّ عباس يعود محمولاً على أكتاف القواعد مرة أخرى. الأحزاب و التنظيمات في السودان لا تنظر بعين الرضا لحكم البشير، بل بات في حكم المؤكد أن يتحالفوا ضده في انتخابات الصيف القادم. خارجياً يبدو وضع المشير في غاية التعقيد، العالم يحمله بالحق والباطل كل أزمات السودان، و لن يمنحه إقراراً و اعترافاً وإن فاز في انتخابات مُبرأة من كل عيب و منقصة. هذا الوقت هو أفضل وقت للمشير البشير أن يختار الرحيل، يرحل بطوعه واختياره، و يختار بكامل إرادته خليفته في الحزب والدولة.. بهذه الخطوة الشجاعة يحمي البشير مجده الشخصي.. استلم السودان وطناً في حالة حرب.. و سلّمه واحداً موحداً يعيش في بعض وئام. هذه الخطوة الجريئة تحتاج من رجال حول الرئيس أن يقدموا مصلحة الوطن على مصلحة الحزب، ومصلحة التنظيم على مصلحة الرئيس. كانوا عشرة فأين هم الآن..؟

    النيار
    5/1/2010
                  

01-05-2010, 05:28 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    ماذا بقي من إسلام "الإسلاميين" وإسلاميتهم؟

    عبد الوهاب الافندى


    خلال الأسبوع الماضي وجدتني دون قصد وتعمُّد مني في قلب جدال محتدم عن حاضر الحركة الإسلامية المضطرب ومستقبلها المحاط بالغموض. حدث هذا حينما كررت مقولتي المعروفة بأنّ الحركة الإسلامية السودانية تعيش أزمة تكاد تكون أزمة وجود، وأنّ أيٍّ من المطالبين بوراثة هذه الحركة المأسوف على شبابها وشيخوختها (بما في ذلك المؤتمر الوطني وحركته "الإسلامية"، وغرمائه في المؤتمر الشعبي) لم يقدم إجابة شافية على المعضلات التي واجهتها. وقد اعترف بعض الحضور، وعلى رأسهم الشيخ الجليل ياسين عمر الإمام والأستاذ عبدالله حسن أحمد، بوجود هذه الأزمة، وبالحاجة إلى معالجتها بنقد ذاتي هادف. وكرر ياسين ما رُوي عنه من قبل من أنه أصبح يخجل من أن يدعو أي شخص للانضمام للحركة الإسلامية، بما في ذلك أحفاده وأهل قرابته. من جهتهم فإنّ عدداً من المشاركين في هذا الحوار (وجلهم من منتسبي المؤتمر الشعبي) سعوا إلى تبرئة تنظيم من وزر ما آلت إليه الحركة الإسلامية، بل أضاف بعضهم أنه لا توجد الآن حركة شعبية خارج المؤتمر الشعبي، وأنّ البقية خارجون تجب عليهم التوبة والندامة. تذكرت أثناء هذا الحوار نص "رسالة مفتوحة" وجهها لي أحد كرام الإخوة من منتسبي الحركة الإسلامية - عليها رحمة الله- كنت اطلعت عليها مصادفة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأنا أتصفح الانترنيت بحثاً عن شيء آخر، رغم أنها سُطرت ونُشرت قبل أكثر من عام. صاحب هذه الرسالة كان الأخ هاشم أبوبكر الجعلي المحامي، وقد عرفناه منذ أيام الدراسة السنوية أخاً كريماً كنا نراه من أهل الصدق والمجاهدة، والله حسيبه. وفي رسالته تلك (نُشرت في الرأي العام في أغسطس من عام 2008) عبّر الأخ هاشم عن الكثير من الغضب والألم لانتقادات وجهتها في برنامج "ما وراء الخبر" في قناة الجزيرة لما سمي بالحركة الإسلامية في السودان أثناء انعقاد مؤتمرها العام في ذلك الشهر. ما أحفظ الأخ هاشم كان (بين أشياء أخرى) تقريري بأن ما يسمى بالحركة الإسلامية السودانية ليست بحركة ولا هي بإسلامية، وانتقادي لتصرفات أعضائها وتحولهم إلى مجموعة من الهتافين. وقد رأى هاشم بأنني أكرر في حق الحركة ما وصفه بـ "اتهامات منظمات النظام العالمي الجديد" للحركة، ووصف شيوخها الأجلاء بالهتافة مع إنكار فضلهم. وقال عما أوردته عن انتخابات أمانة الحركة الإسلامية واستخدام الضغوط، ومنها فرض التصويت بالبطاقة مع نصب الكاميرات أمام صندوق الاقتراع، بأنه نبأ "نُقل من فاسق" (يقصد عن فاسق). وأنشأ أخونا المحامي هاشم يقول: " إنّ الحركة الإسلامية ليست من قبيل التجمعات الفارغة التي يمكن أن يوصف رجالها بـ «الهتافة»، فمن بين صفوفها خرج الآلاف في مسيرة الجهاد والاستشهاد ولم تنعم الحركة الإسلامية بالحكم لأغراض الدنيا، بل تصدى رجالها وشبابها ونساؤها لكل أنواع التعدي والظلم من القريب والغريب، وصبروا وصابروا ورابطوا، ولكن ظل بعض بني جلدتهم من أمثال الأخ عبد الوهاب يرمونهم من خلف أسوار النظام العالمي الجديد بهجر القول وبئيسه. أنكر الدكتور عبد الوهاب على الحركة الإسلامية كسبها وحظها من العلم والجهاد، وحاول أن يصورها مجردة عن الدثار الأخلاقي فنسب إليها ارتكاب جرائم الإبادة والاغتصاب وما شابه ذلك، مستنداً إلى إتهامات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مصدقاً ومؤيداً لها ومبشراً بها. ولي أن أسأل الأخ د. عبد الوهاب إن كان يريد أن يلقى الله وهو يزعم أنّ الحركة الإسلامية وقياداتها في السودان تنظم حملات الإبادة الجماعية وتبارك عمليات الاغتصاب الجماعي للنساء في دارفور؟ أو يلقاه وهو عود في نار الفتنة؟!". ما قرأته من دفاع هاشم عن الحركة الإسلامية المزعومة، وما سمعته من دفاع عن المؤتمر الشعبي وإنكار أي دور لعضويته وقياداته في ما أصاب الحركة والبلاد والعباد من بلاء، هو أبلغ دليل على عمق الأزمة، وواحد من أهم مظاهرها. فهناك إغراق مدهش في خداع الذات، ومغالطات في أبسط الحقائق. ولعل إحدى أهم الآليات التي تستخدم لتحقيق هذا التغييب للوعي بالذات، استخدام المصطلحات الملتبسة. فالحديث عن "مجاهدات الحركة الإسلامية" يتعمد استخدام المصطلح بمعاني متعددة يلغي بعضها بعضاً. فهذه المجاهدات (إذا سلمنا بها)، تشمل فيما تشمل "مجاهدات" محمد صالح عمر وجعفر شيخ إدريس والرشيد الطاهر والحبر يوسف نورالدائم وصادق عبدالله عبدالماجد وداوود يحيى بولاد وخليل إبراهيم وبارود صندل، وبالطبع الشيخ حسن الترابي. وكل هؤلاء تحولوا فيما نعلم في وقت ما إلى مواقف ناقدة لأوضاع من ادعوا الحديث باسم الحركة. فكيف يفتخر البعض اليوم بمجاهدات مَنْ يعتبرونهم خصوماً؟ بنفس القدر فإنّ القول بأن الاتهامات المتعلقة بدارفور هي اتهامات "منظمات النظام العالمي الجديد" فيها نظر، لأنّ مصدر الاتهامات الأصلي هو طائفة من أهل دارفور المسلمين، إذ هم من ادعى ويدعي أنّ الحيف وقع عليهم. وقد صدقهم في ذلك بعض "مجاهدي الحركة الإسلامية" ممن انضموا إلى صفوفهم أو استمروا يؤازرونهم، وأعلنوا تصديقهم لاتهاماتهم. أما تعبير "النظام العالمي الجديد"، وهو تعبير ابتكره وبشّر به جورج بوش الأب بُعيد انهيار النظام الشيوعي، كهدف وأمنية. ولكن البعض "يشم رائحة الأماني" كما قال جحا، ويصور ما لم يزد على مجرد الأماني حقيقة واقعة، لها سلطانها و"منظماتها". ولسنا هنا بصدد تقييم هذه الدعاوى، ولكن الأخ هاشم باعتباره محامياً (ولندع هنا جانباً كونه يدعي الانتماء الإسلامي)، من المفترض فيه أن يطالب بالتحقيق في أي تُهم من هذا النوع (أو أي نوع آخر) لا أن يتحدث بعمومية عن كونها افتراءات لا صحة لها. وبالعكس فإنّ هذا الموقف الدفاعي بدون التأمل في التُهم ومصدرها هو إدانة لا شعورية للذات. فكان الأحرى بكل مَنْ سمع بتهم كهذه ألا يبادر بالإنكار إن لم تكن له صلة بالجناة، فلعل مرتكب هذه الكبائر هو "منظمات النظام العالمي الجديد" أو العصابات الصهيونية، أو حركات التمرد التي قصدت من ذلك تشويه صورة الحكومة. أما من يسرع بالإنكار قبل التأكد، فهو المريب الذي يقول خذوني. ليس هذا مبحثنا على كل حال، لكن المسألة تتعلق بالإنكار المدهش للحقائق والوقائع. فالقول بأنّ ما يسمى بالحركة الإسلامية لا هي حركة ولا هي إسلامية ليس تهمة، بل تقرير لواقع. فمعروف أنّ "الحركة الإسلامية" تم تشكيلها بقرار من تنظيم آخر، هو حزب المؤتمر الوطني لتكون ذراعه "الإسلامية"، تماماً كما تُنشئ بعض المصارف الربوية "نوافذ إسلامية"، ولنفس الغرض: توفير الغطاء والمعذرة لمن أراد أن يتعامل مع هذه المصارف دون أن يتورط في الربا المحرّم. أما المؤتمر الوطني فهو بدوره تنظيم أنشأته السلطة، ويخضع خضوعاً تاماً للنظام التنفيذي. وكما أظهرت أحداث رمضان/ديسمبر 1999، فإنّ أي محاولة لهذا التنظيم للخروج على سلطان الدولة، تمّ ويتمُّ قمعها بشدة وحزم. إذن فما يسمى بالحركة ليست تنظيماً، حتى يكون إسلامياً أو غير ذلك، بل هو مؤسسة بيروقراطية من مؤسسات الدولة تُدار من علٍ ومن خارجها. وقد أكدت واقعة انتخابات قيادة الحركة ذلك. وإذا كان الأخ هاشم قد زعم أنّ ما أوردناه هو من نقل أهل الفسق، فهو إدانة أخرى للذات، حيث أنّ الاتهام هنا نقل عمن شهدوا من أعضاء هذه الحركة، فإنْ كانوا فُسَّاقاً فحسبنا الله ونعم الوكيل. ونزيد أخانا هاشم من الخير، حيث نؤكد له أننا علمنا من مصادر الحركة أنّ عدداً من أنصار مرشح الدولة أخذوا يطوفون على الأعضاء بمقولة مفادها، أنّ فلاناً هو "خيار الحركة الإسلامية" للقيادة، تماماً كما دأبت كوادر الأحزاب أن تفعل بين يدي أي انتخابات نقابية أو غيرها، لتقول إنّ فلاناً هو مرشح الحزب. ولكن مثل هذا القول يصبح تناقضاً مع النفس لو جاء في انتخابات الحزب نفسه. فإذا كانت الحركة المزعومة موجودة وحاضرة عبر مؤسساتها التي كانت تباشر حقها ومسؤوليتها في انتخاب قيادتها، فمن أين جاءت تلك الحركة الإسلامية الأخرى التي اجتمعت لتقرر في غياب مؤسسات الحركة، أنّ فلاناً أو غيره هو مرشحها المفضل؟ إنّ البداية يجب أن تنطلق من الاعتراف بالحقائق الأولية. فدعوى الحركة الإسلامية الملحقة بالمؤتمر الوطني بأنها الصوت الإسلامي الأبرز والغالب في السودان لا تنسجم مع واقع كونها كياناً خُلق ليؤدي دوراً مرسوماً من قبل جهات أخرى. فهو لا يتحدث باسم الإسلام، وإنما باسم من صنعوه. وهي لا تتظاهر مجرد تظاهر بالخروج عن النص، حتى على طريقة حزب البعث العراقي الذي كان يصطنع وجود تنظيم قومي وآخر "قطري"، ويحلل للأول انتقاد أنظمة "صديقة" ويتبرأ من المسؤولية عن ذلك. ولكننا لم نسمع مثلاً عن الحركة الإسلامية إياها إدانة لقمع المسلمين في الصين، ولا براءة من تأييد الحكومة لذلك القمع في تصريحات علنية جعلها متواطئة في قمع أبرياء حتى لو كانوا غير مسلمين. ومثل ذلك كثير. بنفس القدر، فإنّ دعوى منتسبي المؤتمر الشعبي بأنّ انحرافات وأخطاء الحركة الإسلامية لم تبدأ سوى صباح الرابع من رمضان، قد تصلح كدعاية حزبية، ولكنها أصبحت أهم عائق أمام الإصلاح الحقيقي عبر نقد الذات ومعالجة ما كان من أخطاء. وفي الحالين تكون إسلامية الحركة المعنية موضع تساؤل، إن لم يكن إسلامها كذلك. فالحركات التي تسمي نفسها إسلامية تبرر دعواها بأنها تدافع عن قيّم الإسلام بعد أن أهملها غيرهم أو نسيها أو تنكر لها أو عاداها. فهي تذكر وتعظ وتدعو وتجاهد بكل الوسائل لإعلاء تعاليم الدين في وجه غفلة أو عداء الآخرين. وقد زاد بعض قيادات الحركة من أمثال المودودي وسيد قطب، فزعموا أنّ رسالة هذه الحركات ليست إصلاح الدين وإحيائه، بل إرساء قواعده ابتداءً، كما فعل الجيل الأول من المسلمين حين نقل الناس من الجاهلية إلى الإسلام، فلا إسلام اليوم خارج إسلام الحركة الإسلامية، وإنما جاهلية عمياء. ولكن غالبية الحركات ترى رسالتها الإحياء والإصلاح، لأنّ إسلام الآخرين ناقص وقاصر. من هنا فإنّ أضعف الإيمان لكي تنسجم هذه الحركات مع دعاواها هو أن تتوقف عند حدود الله، وتتعظ لوعظ من يعظها بمواعظ الدين، ولا تكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، أو تتبع سنة عبدالمك بن مروان الذي قال في خطبة مشهورة: "والله لا أسمع بعد اليوم رجلاً يقول لي اتقِ الله إلا ضربتُ عنقه". ومن ذلك ألا تكون حجة عضويتها أمام الله والناس "إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا"، أو كنا ننفذ تعليمات التنظيم. وقد اعتبر أخونا هاشم في نقده أنني كنت منذ وقت مبكر ممن "لا يطيقون أسْر القوالب التنظيمية ولا يتحملون ضوابطها". وهذه تُهمة صحيحة مائة بالمائة، خاصة حين لا تكون التنظيمات ديمقراطية في هياكلها ووسائلها. فنحن لا نعطّل عقولنا ولا ضمائرنا ونتبع أوامر التنظيم حتى لو كانت منكراً بيناً وخروجاً عما أمر به الله ورسوله. وإذا صدقنا هاشم (وهو صادق)، فإنّ الانضباط التنظيمي في حالة "الحركة الإسلامية" يكون التزاماً بما يفرضه المؤتمر الوطني وهو حزب غير إسلامي باعترافه، لأنّ حوالي ربع عضويته هي من غير المسلمين، ومن وراء ذلك التنظيم السري الذي يملي بدوره على المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية معاً، كما حدث حين صدر "توجيه" بتحديد نتيجة الانتخابات لصالح من تم اختياره سلفاً (وهي توجيهات تترى كما رشح هذه الأيام فيما يتعلق باختيار مرشحي المؤتمر الوطني للدوائر والمناصب). فماذا بقي من إسلامية الحركة الإسلامية إياها، بل من إسلامها، إذا كان الانضباط التنظيمي الذي يبشر به هاشم وإخوته هو هذه الطاعة العمياء لجهة لا يعرفها الكثيرون؟ وأين هي تلك الحركة الإسلامية التي يزعم الأخ هاشم أننا خرجنا عليها؟ دلونا يرحمكم الله. ولأنّ هذا الموضوع شائك ومعقد، فإنّ لنا إليه إنّ شاء الله عودة.

    التيار 5/1/2010
                  

01-06-2010, 01:59 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    مسالة
    مرتضى الغالى
    بواسطة: admino
    بتاريخ : الثلاثاء 05-01-2010 09:03 صباحا


    ماذا صنعت مفوضية الانتخابات في ضمان حياد اللجان وحياد الإعلام القومي بين القوى السياسية؟! ومتى تريد أن تبدأ إفساح المجالات للأحزاب والتنظيمات السياسية والمدنية لتتحدث عن الانتخابات وتحث جماهيرها، وتجد نصيباً من الإعلام الذي تعلم المفوضية كيف يُدار الآن، كما تعلم أن أجهزة الإعلام الرسمية ليست ملكاً للمؤتمر الوطني.. ولا ينبغي لها أن تكون...!

    لقد لمست الندوة المفيدة التي إقامتها منظمة ألق للإنتاج الإعلامي مع مؤسسة
    فريردش ايبرت حول (الانتخابات والإعلام) أوتاراً حسّاسة، وأثارت نقاطاً غاية في الأهمية.. حملت ملاحظات وإفادات المشاركين، ومنهم كثيرون مما لا يماري احد في وطنيتهم وحيادهم تجاه القوى السياسية، ولكن (لا حياد في طلب الحق) أو الإشارة إلي الظواهر السالبة، ولا حياد في ضرورة نشر الحريات، وفي إتاحة الفرص المتساوية، وفي فك أيدي المؤتمر الوطني عن خناق أجهزة الإعلام القومي، التي لو كانت بالفعل قنوات حزبية صرفة (من حر مال المؤتمر الوطني) لما قامت بما تقوم به الآن من المجاهرة السافرة صباح مساء بنقل رؤية واحدة (من عدسة واحدة) وتصوير كل ما يجري في السودان من كوة وحيدة - هي المؤتمر الوطني- الذي يصيغ أخبار الوقائع كما يريد،ويضع الأجندة الإعلامية كما يحب، ويظهر ما يهوى، ويخفي ما يشاء، و(يغطّس حجر ما يريد تغطيسه) ويأتي لنا كل يوم بالسادة منسوبيه الذين ملأوا علينا الشاشات منذ (عام الرمادة) ولا يزالون...


    فلا أحاديث الا أحاديثهم ولا ذكريات الا ذكرياتهم، ولا ومواعظ وفتاوى الا من وعّاظهم ومشايخهم.. ولا خطبة جمعة الا من (خطيبهم الأوحد)... وإذا حدث ما يخالف هذه القاعدة فهو من باب ذر الرماد على الجفون ليقولوا لك لقد استضفنا فلان أو علان من المعارضة في يوم كذا...وما جاءوا بأحد المشاركين في لقاء الا وجاءوا له (بثلاثة من جماعتهم) يسبقون حديثه، ويعقبون عليه، ويقاطعونه ويسرقون مساحته الزمنية، ثم إذا فتحوا المجال للمشاركات الخارجية على الهواء حشدوا لها مناصريهم وحجبوا الآخرين.. ثم لا يتردّدون في إعلان أنهم في انتظار هاتف من جماعة الرأي الآخر.. ثم إذا بهم يتناسون ذلك أو يزعمون تعسّر الاتصال بسبب عقبات أثيرية.. والأثير و(غراهام بيل) منهم براء... حتى أصبح الناس يعرفون مثل هذه الألاعيب لأنهم قد علموها في مجالات أخرى؛ حتى على مستوى الوزارات...!! فإذا كان هناك وزير من الحركة الشعبية أو التجمع الوطني جاءوا له بوزير دولة (من تحته) ووزير دولة آخر (في موازاته) تحتهم وكيل وزارة من جماعتهم..ثم جاءوا له (من فوقه) بمستشار بماكينة مرسيدس ...فأين المهرب...!!

    اجراس الحرية
                  

01-07-2010, 03:17 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الخميس 7 يناير 2010م، 22 محرم 1431هـ العدد 5941

    نص راي
    من ينقذ المؤتمر الوطني من نفسه؟

    د.خالد التيجاني

    ربما حتى وقت قريب كان قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم, أو بعضهم على الأقل, يعتبرون الاستحقاق الانتخابي المقبل مجرد نزهة في الساحة السياسية السودانية, أو حلم ليلة صيف هادئة لا يلبث أن يسفر صبحها وقد حقق الحزب أغلبية مريحة في الانتخابات تؤهله للاستمرار في الإمساك بزمام السلطة ويجدد فيها سيطرته شبه المطلقة على الأمور في البلاد, ولكن هذه المرة بالطبع بشرعية انتخابية صريحة، ومعترف بها دولياً بعد عشرين عاماً من طلب هذا الاعتراف الدولي غير الممزوج بمواقف مترصدة ظلت تعكنن على المؤتمر الوطني سلطته وتلهث أنفاسه.
    وهذه الصورة الواثقة بالنصر السهل التي طالما روّج لها قادة المؤتمر الوطني، ويعززها إظهار الحرص الأكيد والتصميم على إجراء الانتخابات في موعدها ومقاومة أية محاولة لتأجيلها ربما أثارت غيرة أو حتى حسد خصوم الحزب الحاكم,، كيف لا وقد دانت له السلطة المطلقة، وتوفرت له الإمكانيات المادية الضخمة، ويستند على تنظيم سياسي محكم، وها هو يستعد لحصد ثمار عوامل القوة المتوفرة لديه لتمديد سلطانه عبر الانتخابات التي لا يبدو أن أياً من معارضي المؤتمر الوطني استعد لها حقاً, الذين أضاعوا وقتاً ثميناً في التردد بين المقاطعة أو المشاركة حتى تبين لهم أن إجراء الانتخابات بات أمراً لا مفر منه، فضلاً عن أن القوى المعارضة فشلت في إنشاء تحالف موحد قوي بعد انفضاض تحالف جوبا الذي كان يبشّر بعد ذلك، بعد أن اتضح أن الحركة الشعبية استخدمت تلك الورقة للضغط على شريكها للحصول على أكبر قدر من المكاسب لتمرير القوانين وفق مطالبها في تلك الصفقة التي أنتجتها مساومات الشريكين.
    ولكن مع هذه الصورة التي تبدو مريحة للمؤتمر الوطني مع تشتت خصومه بين يدي الانتخابات الوشيكة، هل الوضع حقاً كذلك داخل الحزب الحاكم، وهل هو مستعد لاحتفال بنصر مبكر في الانتخابات؟. قد يبدو ظاهر الأمر كذلك، ولكن الحقيقة هي أن المؤتمر الوطني يواجه خلال الأيام والأسابيع والأشهر القليلة المقبلة واحدة من أصعب التحديات، والتي يصعب التكهن بمآلاتها،. والمفارقة أن المصاعب التي تواجه المؤتمر الوطني هذه المرة لا تأتيه من خصومه، بل تهب عليه من خويصة نفسه, أي من تلقاء داخله ولعلّه يجد نفسه في مواجهة أزمة لا تقل عن تلك التي أفضت به إلى الإنشقاق قبل عشرة أعوام في تلك المفاصلة الشهيرة. وهي تحديات تمتد من جدوى القيمة السياسية الفعلية للنصر الانتخابي الذي يرجوه إن تحقق له، إلى الآثار السلبية المحتملة لاحتدام التنافس بين رموزه التي أوقد أوارها السباق الانتخابي.
    ومن المعلوم أن المؤتمر الوطني خلافاً لموقف الحركة الشعبية تبنى بقوة إبان مفاوضات السلام إجراء انتخابات عند منتصف الفترة الانتقالية, بينما كانت تريد الحركة أن تستمر المعادلة التي أرستها اتفاقيات السلام لما بعد انقضاء الاستحقاق على تقرير المصير، وهدف المؤتمر الوطني من ذلك واضحاً فهو يريد من إجراء الانتخابات في هذا التوقيت تحديداً أن تكون طريقه الممهد للحصول على الجائزة الكبرى لإنجازه اتفاقية السلام، والاستمرار في السلطة ليس بتفويض شعبي صريح فحسب، ولكن للحصول على ما هو أهم من ذلك، انتزاع اعتراف دولي لا تحيط شكوك بمشروعية سلطته مما يؤهله لتطبيع علاقاته المتوترة مع المجتمع الدولي التي طبعت سني حكمه العشرين الماضية. وليفتح الطريق أمامه لدخول نادي الممجتمع الدولي بلا منغصات أو مكدرات. كما كان الأمل أن تكتب اتفاقية نيفاشا السطر الأخير في فصول حالة عدم الاستقرار التي تلازم البلاد، ليتنفس المؤتمر الوطني الصعداء ويمارس حكماً طبيعياً وينصرف لإدارة شؤون الدولة بعيداً عن طابع إدارة الأزمات المتلاحقة التي ظلت تلاحقه على مدى عقدين من الزمان.
    ولكن بحر السياسة الهائج, كما السفن التي لا تجري الرياح دائماً بما تشتهي, قلب الطاولة في مواجهة المؤتمر الوطني لتأتيه الانتخابات التى سعى لها في ظل ظروف ليست مواتية بالكامل, ولا تخدم الأغراض التي أصرّ من أجل تحقيقها على إجراء الانتخابات في هذا التوقيت بالذات. فما أن وضعت حرب الجنوب أوزارها حتى شبّ حريق دارفور, وهو حريق لم يقتصر على أرض الإقليم ولكن امتد لهيبه إلى الخرطوم, قلب السياسة السودانية, ومضى لتصل ألسنته إلى رمز الحكم والحزب الحاكم الرئيس عمر البشير بإجراءات المحكمة الجنائية الدولية, صحيح أن مسألة المحكمة الجنائية الدولية لم تحدث تأثيراً سلبياً مباشراً على المستوى الوطني, أو المستوى الإقليمي, ومن المؤكد أنها أنتجت حالة تأييد وتعاطف مع البشير على عكس ما كان متوقعاً, ولكن في الوقت نفسه خلفت للبلاد تأثيراً سلبياً بالغ الخطورة ومعقداً على المستوى الدولي, خاصة بالطبع في الدوائر الغربية التي تتحدى مشروعيته وتشكك فيها بوضوح مما تفصح عنه مواقف الولايات المتحدة وفرنسا.
    وكما هو معلوم فإن المؤتمر الوطني أعلن مبكراً منذ مؤتمره العام الثاني قبل ثلاثة أعوام أن المشير البشير هو مرشحه للرئاسة حتى قبل أن يكون موضوع الانتخابات مطروحاً في الساحة السياسية, في خطوة فُهمت حينها على أنها محاولة لقطع الطريق أمام أية محاولة لتحدي زعامة البشير داخل الحزب على خلفية الأحواء التي رافقت اتفاقية السلام السلام الشامل وما كان مفترضاً أنه بداية لتحولات سياسية كبرى, وجدد الحزب في مؤتمره العام الثالث في أكتوبر الماضي ترشيحه للمشير البشير ولكن هذه المرة في تحد واضح لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية.
    وبالنظر إلى أن فرص البشير بالفوز بالانتخابات تبدو ذات حظوظ كبيرة خاصة في ظل فشل المعارضة حتى الآن, وقبل ثلاثة أشهر فقط من إجراء الانتخابات, في إرساء تحالف موحد قوي يتوافق على مرشح واحد قادر على أن يكون منافساً حقيقياً للبشير, ولجأت المعارضة إلى تكتيك يفترض حرمان البشير من الفوز من الجولة الأولى, ولتفرض جولة ثانية يكون فيها التحالف ممكناً خلف من يحرز أعلى الأصوات من بين صفوفها.
    بيد أن السؤال الذي ربما يربك حسابات المؤتمر الوطني لا يتعلق باحتمالات عدم فوز مرشحه, وهي على أية حال تبدو ضئيلة, ولكن يتعلق بالجدوى السياسية لأجندته المستقبلية بهذا الفوز المرتقب للبشير في السباق الرئاسي, صحيح أن المؤتمر الوطني سيحقق أهم مكسب يسعى له, وهو الاحتفاظ بالسلطة من أعلى قمة هرمها, ولكن تلك الاستمرارية ستعني بالضرورة وراثة التعقيدات الراهنة التي تحيط بالوضع السياسي في البلاد, ربما لن يجد المؤتمر الوطني صعوبة في إدارة سلطته على المستوى الداخلي, وحتى الاحتفاظ بعلاقاته الخارجية الإقليمية ومع بعض الدولة الصديقة, ولكنه من المؤكد سيكون عليه الاستمرار في مواجهة تحالف المجتمع الدولي المناوئ الذي تقوده الترويكا الأمريكية والفرنسية والبريطانيةز وصحيح أن المؤتمر الوطني نجح في التعامل مع هذا السياسات الغربية المعادية له على مدى العشرين عاماً الماضية, ولكن بكلفة عالية, وأحياناً بتنازلات باهظة الثمن, ولكن السؤال إلى متى سيكون المؤتمر الوطني قادراً على الاستمرار في هذه المواجهة إلى ما لا نهاية, وقد وهن عظمه, ولم تعد المعطيات التي مكنته من الثبات في المواجهات السابقة متوفرة, وقد جرت تحت الجسر مياه كثيرة. ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن يؤدي إليه استمرار حالة العداء مع القوى الغربية, أو ما يمكن أن يصيب البلاد من جرائها.
    بالطبع يدرك صُناع القرار داخل المؤتمر الوطني الأوضاع المعقدة التي يجابه فيها الانتخابات وعواقب ذلك, وهو ما يدور الهمس بشأنه في كواليسه بين ناشطي الحزب, ولكن الإدراك بعواقب هذا التحدي لا يكفي وحدها لتجنب أسوأ احتمالاته, فالحزب يبدو بلا بدائل لمواجهة هذا الوضع المأزقي, وزعامة البشير التي تكرست بلا منازع خاصة على مدى السنوات العشر الماضية منذ الانشقاق الكبير، جعلت مجرد التفكير في بحث أمر خلافته شأناً غير مطروح. فضلاً عن أنه لا يبدو أن هناك من هو مستعد لتحدي هذه الزعامة المطلقة, حتى لو رغب البشير طوعاً أن يتخلى عن قيادته, ذلك أن زعامة البشير للحزب أصبحت واقعياً نتاج تحالف فريد من نوعه في الساحة السياسة السودانية, بين المؤسسة العسكرية وحزب مدني, والمفارقة هي أن انقلاب الانقاذ لأول عهده خلف وضعاً تقوده نخبة مدنية بغطاء عسكري, ولكن جاءت المفاصلة وانشقاق المدنيين لتقلب المعادلة وتسلم القيادة للمؤسسة العسكرية بغطاء مدني, وهو ما يجعل مهمة الحزب صعبة في إيجاد بديل من داخله يكون قادراً على نيل ثقة المؤسسة العسكرية ويملك في الوقت نفسه بعداً سياسياً مقبولاً شعبياً,
    والتحدي الآخر الذي يواجه المؤتمر الوطني في غضون الفترة القليلة المقبلة، قدرته على الاحتفاظ بوحدته في ظل التنافس المحتدم لنيل ترشيح الحزب في الانتخابات المقبلة في مستويات السباق الانتخابي المختلفة, فقد أفضت محاولة الحزب إلى إشراك مؤسسات الحزب الأدنى في عملية اختيار المرشحين, التي تحسم في نهاية الامر بقرار من قيادة الحزب المركزية ولا تستند بالضرورة على ما أفرزته تلك الانتخابات الداخلية الأولية, أفضت هذه المحاولة إلى الكشف عن وجه قبيح للممارسة السياسية داخل الحزب, فقد فاضت الصحف في الكشف عن التجاوزات التي حدثت في أغلب الولايات عند اختيار الولاة في هذه الكليات الانتخابية, وجرى حديث عن استخدام أموال, وعن تزوير, وعن استخدام بعض الولاة المرشحين سلطاتهم في لقمع خصومهم وإخراجهم من دائرة التنافس, وعن استدعاء العصبيات القبلية والعنصرية، وهلم جرا , وبدا لافتاً أن قيادة الحزب المركزية لم تكلف نفسها عبء نفي ما تناقلته الصحف, وهو أمر لا يكفي لأن بعض قادة الحزب المتنافسين في بعض الولايات لم يتورعوا عن اتهامهم منافسيهم باستخدام هذه الاساليب الفاسدة.
    ولعل ما أثارته الصحف هو ما حدث على مستوى الانتخابات التمهيدية الداخلية للولاة, ولكن الأمر نفسه ينطبق على مستويات الانتخابات الآخرى, وهو ما يشير إلى أن حمى الأساليب الفاسدة قد استشرت بين المتنافسين للحصول على ترشيح الحزب.
    وهذه مؤشرات بالغة الخطورة أشار إلى عواقبها على استحياء بعض قادة الحزب وأعربوا عن قلقهم لما يمكن أن تفرزه من عواقب سيئة, وأملوا أن ينجحوا في احتوائه ولكن في كل الأحوال فإنه بعيداً عن تأثير هذا الأمر على حسابات الحزب الداخلية، إلا أنه ألحق ضرراً بالغاً بسمعة الحزب الذي طالما تباهى بتقديمه نموذجاً مثالياً للممارسة الحزبية, وطالما دعا خصومه إلى ممارسة سياسية نزيهة, ولكن ما حدث يوفر ذخيرة ثمينة لخصوم المؤتمر الوطني الذين ظلوا يتهمونه بممارسة الاحتيال السياسي بحسبانه (سنة مستحبة), والسؤال الذي يطوف بذهن المراقب المحايد كيف يمكن أن يضمن الحزب الحاكم انتخابات حرة ونزيهة في البلاد إذا كان عاجزاً عن تحقيق النزاهة في انتخاباته التمهيدية الداخلية؟. والصمت على هذه الممارسات المشينة يمنح وجاهة لاتهامات هؤلاء الخصوم. فضلاً عن أنه يضع المشروعية الأخلاقية لشعارات الحزب على المحك.
    ولعل الحزب الحاكم يدفع الآن ثمناً غالياً للأسلوب الذي ظل يتبعه في تصنيع قيادات مفصلة على مقاس لعبة السلطة دون اعتبار لآليات تنافس حقيقي حر في اختيار القيادات, فما أن تراءت لحظة خلط أوراق السلطة والعودة إليها عبر بوابة الانتخابات حتى تحسس كل مقعده, لتفرز هذه الممارسات الفاسدة, فالهدف بات هو الحفاظ على مقعد السلطة أو الوصول إليه بأي ثمن, وولّى زمان شعار (هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه), وهو أمر طبيعي حين تفقد السلطة أي هدف موضوعي لها وتتحول من أداة تنفيذ برامج من أجل المصلحة العامة إلى مجرد وسيلة لتحقيق المصالح الذاتية والمآرب الشخصية.
    ولعل بوادر التفلت من الالتزام الحزبي على خلفية التنافس المحموم بين يدي الانتخابات التي باتت مؤشراتها واضحة سيجعل المؤتمر الوطني في انتظار أوقات صعبة، في ظل خيارات محدودة مع غلبة البواعث الشخصية فما يرضي هذا لن يقبل به ذاك، وهكذا تكر المسبحة، ويزيد الأمر تعقيداً أن الحزب مقبل على انتخابات دون أن يطرح برنامجاً انتخابياً قبل الدخول في معمعة الصراع لحجز مقاعد السلطة القادمة. حتى يكون اختيار المرشحين على أساس قدرتهم على تنفيذ التزامات البرنامج وليس من أجل الاحتفاظ بمواقع من هم من السلطة، أو الوصول إليها لمن ينافسونهم عليها.
    ويبقى أمراً آخر يواجه المؤتمر الوطني في مقبل أيامه فقد أسفرت الصراعات الأخيرة بين الشريكين، والمساومات التي جرت والصفقات التي عُقدت لتمرير القوانين عن تباين مكشوف في المواقف بين قيادات الصف الأول مما ينبئ بأن حمى التيارات المتصارعة دخلت أيضاً إلى حوش المؤتمر الوطني، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على كاهل الحزب المثقل أصلاً.
    وفي ظل هذه المعطيات فإن المؤتمر الوطني في حاجة حقيقية لإدارةحوار جريء وعميق داخله، ومعالجة مشاكله هذه قبل أن تستفحل، فحالة البلاد المضطربة لا تستحمل المزيد من القوى السياسية المنهكة, ويبقى السؤال من ينقذ المؤتمر الوطني من نفسه؟.


    الصحافة
                  

01-07-2010, 03:18 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الخميس 7 يناير 2010م، 22 محرم 1431هـ العدد 5941


    مخاطر قانون استفتاء أبيي

    د. الطيب زين العابدين

    انهارت مقاومة المؤتمر الوطني أمام ضغط الحركة الشعبية بعد تنظيم الحركة لمظاهرة السابع من ديسمبر بالتعاون مع أحزاب المعارضة الشمالية، فوافق على عجل بإجازة قوانين استفتاء شعب جنوب السودان لتقرير المصير، واستفتاء سكان منطقة أبيي والمشورة الشعبية لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وكان المؤتمر يناقش مع الحركة تلك القوانين من خلال لجنة مشتركة لشهور عديدة زادت عن السنة دون أن يتوصلا إلى وفاق، فقد أراد المؤتمر أن يجعل انفصال الجنوب أمراً عصياً بجعل نسب تسجيل الناخبين للاستفتاء والتصويت لإجازة الانفصال عالية في حدود الـ 75%، وذلك حتى لا يتهم فيما بعد بأنه تسبب في انشطار البلاد بعد أن كانت موحدة منذ الاستقلال إلى عهده الميمون. وصمد المؤتمر على موقفه «الوطني» في اللقاءات العديدة التي عقدها مع الحركة بحضور المبعوث الرئاسي الأمريكي (اسكوت غرايشن) في كل من واشنطن والخرطوم وجوبا، ولكن مقاومته انهارت بعد مظاهرة السابع من سبتمبر، فقبل بأن يمرر القوانين الثلاثة كما أرادتها الحركة الشعبية وبنفس الشخصيات التي كانت تتمنع على الحركة من داخل اللجنة المشتركة! وارتضى المؤتمر أن يتنازل عن الاتفاق الأول الذي أبرمه الأستاذ علي عثمان مع الدكتور رياك مشار بخصوص نسب التسجيل واعتماد الانفصال ونقضته الحركة في اجتماع مكتبها السياسي، بل وأرغم المؤتمر كتلته البرلمانية التي سعت لتعديل القانون، حتى لا يميز بين الجنوبي المقيم في الشمال لسنوات طويلة والجنوبي الذي يسكن في الجنوب أو جاء حديثاً للشمال، وحتى يتم نقاش القضايا الموضوعية لما بعد الانفصال المذكورة في القانون قبل أن يحين موعد الاستفتاء، أرغمها على إعادة النظر في قانون استفتاء شعب الجنوب وإجازته كما اتفق عليه أولاً بتعديل طفيف. ولا بد أن لقيادة المؤتمر الوطني المتنفذة أسبابها السياسية التي دفعتها لهذا التغيير المفاجئ في المواقف إلى درجة المشاكسة مع كتلتها البرلمانية، قد يكون منها خوفها الشديد من نزول الجماهير للشارع تعترض على بعض سياساتها الحمقاء، وأنها تريد أن تجتذب الحركة الشعبية من أحضان أحزاب المعارضة حتى لا تتحالف معهم في الانتخابات القادمة.
    وقد لا يعني عدم تصويت الجنوبيين الذين جاءوا إلى الشمال قبل يناير 1956م (تم استثناء من جاء بعد ذلك التاريخ بأن يصوت في الشمال)، في أماكن إقامتهم بالشمال الكثير؛ لأن أعدادهم قليلة ولأنهم أصبحوا بالفعل من سكان الشمال الذين سيختارون البقاء فيه بصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء. أما التنازل عن مناقشة القضايا الموضوعية (مثل الحدود ومياه النيل والبترول والجنسية والقوات المدمجة والخدمة المدنية) قبل الاستفتاء فيحمل جرثومة الاحتكاك والنزاع بين دولتين منفصلتين، أو كما قال د. غازي روشتة حرب جاهزة، وستكون الحركة عندها في موقف تملي فيه إرادتها على حكومة الشمال المعزولة دولياً وإقليمياً والمهمومة باحتمالات الانفلات الأمني في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ومنطقة أبيي. ونفصل في بقية هذا المقال القول عن مخاطر قانون استفتاء أبيي المجاز، والذي نحسب أن تطبيقه سيقود إلى نذر حرب جديدة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولن ينفع الحكومة تراخيها في القضية لأن المتضررين من أبناء المنطقة (المسيرية) سيقفون بصلابة ضد من ينتزع حقوقهم في العيش بأرضهم مهما بلغت عدته وعتاده وتأييده الدولي، وستجد الحكومة نفسها مضطرة لأن تسجل موقفاً يحفظ ماء وجهها مع أهل الحق الذي يحرسونه بأرواحهم مثل ما فعلت سابقاً عندما صدر قرار لجنة الخبراء حول حدود منطقة ابيي.
    يتمثل الإشكال في قانون استفتاء أبيي حول أهلية الناخب الذي يشارك في الاستفتاء، والأهم من ذلك هو قبول الطرف الذي يخسر الاستفتاء بنتيجته. تقول المادة (6-1) من بروتوكول حسم نزاع أبيي: «سكان منطقة أبيي هم: أعضاء مجتمع دينكا نقوك والسودانيون الآخرون المقيمون في المنطقة.» هذا النص مع أنه لم يذكر «المسيرية»بالاسم كما ذكر دينكا نقوك، إلا أنه اشترط الإقامة في المنطقة بالنسبة للطرفين، ورغم أن المادة المذكورة وردت مرجعية لقانون الاستفتاء إلا أنها ذكرت بصيغة مختلفة وكأنها تعفي دينكا نقوك من شرط الإقامة في المنطقة وهي: «يشترط في الناخب أن يكون من سكان منطقة أبيي حسب المادة (6-1) من بروتوكول حسم نزاع أبيي وهم: 1. أعضاء مجتمع دينكا نقوك. 2، السودانيون الآخرون المقيمون في منطقة أبيي حسب معايير الإقامة التي تحددها المفوضية». وقد رفض الدكتور رياك مشار تعديل هذه الصيغة لتكون مثل ما وردت في البروتوكول وجاء خصيصاً إلى المجلس الوطني ليسجل رفضه أمام اثنين من قيادي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في مكتب رئيس البرلمان؛ مما يعني أن موقف الحركة الشعبية سيكون هو السماح لكل دينكا نقوك أينما كانت إقامتهم بالتصويت في الاستفتاء، وبالطبع ستتولى الحركة نقلهم واستضافتهم بالمنطقة عند التسجيل والتصويت! وقد جرت العادة في تكوين المفوضيات السابقة أن ترشح الحركة نصف الأعضاء ويرشح المؤتمر النصف الآخر، ثم الاتفاق بين الطرفين على رئيس محايد أو شبه محايد. ويعني ذلك أن الترجيح سيكون بيد شخص واحد ليقرر مصير قبيلة يعد أفرادها بمئات الآلاف وسكنوا تلك المنطقة لمئات السنين. ما لكم كيف تحكمون! نفس الغباء السياسي الذي حدث في اتفاقية السلام حول قضايا الترتيبات الأمنية التي أسست لثلاثة جيوش متوازية في بلد واحد وإعطاء حق ال?يتو لفريق الخبراء الأجانب لترسيم حدود أبيي يتكررمرة أخرى في مفوضية استفتاء أبيي بإعطائها حق تحديد معايير الإقامة لفئة واحدة من السكان تخلت عنها حكومتها التي تدعي التحدث باسم كل الشمال دون الفئة المحظية بالسند الدولي وبحكومة الجنوب. ومن المنطقي أن تسعى الحركة الشعبية لزيادة من سيصوتون في الاستفتاء لمصلحة انضمام منطقة أبيي إلى الجنوب، ولا يمكن أن يتم ذلك في حالة حصر التصويت على الدينكا والمسيرية المقيمين في المنطقة؛ لأن أعداد المسيرية هي أكثر من ضعف عدد الدينكا. لقد تسجل من المسيرية في منطقة أبيي للانتخابات القادمة حوالي 67 ألف ناخب، واستحقوا بذلك دائرة انتخابية مستقلة (الدائرة رقم 32 شمال أبيي)، في حين لم يتجاوز عدد المسجلين من الدينكا 27 ألف ناخب لذلك أضافتهم مفوضية الانتخابات إلى دائرة قوقريال في بحر الغزال، وهذا تسجيل المنطقة التي حددتها محكمة لاهاي الدولية. وقد صرح بعض قادة المسيرية بأنهم إن لم يمكنوا من التصويت في الاستفتاء على قدم المساواة مع الدينكا فلن يسمحوا بإجراء الاستفتاء ولا بترسيم الحدود. فماذا ستقول لهم حكومة المؤتمر الوطني التي تعرف جيداً منطق القوة وتتعامل به كلما سنحت لها الفرصة؟
    والسؤال المهم هو: هل ستقبل الحركة الشعبية لو جاءت نتيجة الاستفتاء بضم منطقة أبيي إلى جنوب كردفان؟ لا أظن ذلك! وهل سيقبل المسيرية بنتيجة الاستفتاء إذا تم بصورة غير منصفة لهم وضم منطقتهم إلى بحر الغزال؟ لا أظن ذلك! لا أذكر حكومة المؤتمر الوطني كطرف في المعادلة لأن همها الوحيد هو بقاؤها غير المحدود في السلطة، ولا بأس لديها في سبيل ذلك من التضحية بقطعة أرض في الشمال (حلايب) أو الجنوب (أبيي) أو الشرق (الفشقة)، وبقبيلة واحدة أو اثنتين أو أكثر! وهذا الوضع هو أيضاً روشتة حرب جاهزة كما يقول غازي بعد ظهور نتيجة الاستفتاء، إن حدث الاستفتاء! فما هو المخرج إذن؟ لا ينبغي لأهل السودان الطيبين أن تنتهي بلادهم بعد ستة عقود من الاستقلال إلى انفصال وتمزق وحرب بسبب سياسة شمولية تتسم بقصر النظر والانتهازية وحب السلطة. المخرج في تقديري هو اقتسام الأرض بتراضٍ سياسي تام بين المجموعتين القبليتين اللتين تقطنان المنطقة منذ أكثر من مئة سنة، تتواجد المسيرية بكثافة شمال نهر الرقبة الزرقاء ويتواجد الدينكا بكثافة جنوب نهر الرقبة الزرقاء، فمناطق السكنى للطرفين معروفة ومحددة. ولا ينبغي أن تتدخل الحكومتان في مفاوضات القسمة ولكن لا بأس عليهما من تحفيز الطرفين بحوافز مادية وعمرانية وتنموية حتى يتوصلا إلى قسمة مرضية تحقق السلام والأمن والتعايش السلمي بين القبيلتين اللتين لهما تاريخ ناصع من التعايش بفضل قيادات حكيمة سلفت. ورغم صعوبة الاتفاق بعد أن تسيست القضية وقطعت كل هذا الشوط في المماحكات والتحكيم، إلا أن التراضي على القسمة بين القبيلتين أخف وطأة من ويلات الحرب وتكلفتها إن بقي لنا بعض من أهل العقل والحكمة!

    الصحافة
                  

01-07-2010, 08:37 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    قراءة في أزمة وطن مزمنة ..السودان....إلى أين المصير ؟ ..
    بقلم: د. منصور خالد
    الثلاثاء, 05 يناير 2010 09:19
    الخطيئة الأولى





    في السابع والعشرين من أكتوبر 2008 كُلفت، من بين آخرين، بالإسهام بورقة عن الاستفتاء حول تقرير مصير شعب جنوب السودان، الذي نصت عليه اتفاقية السلام الشامل (وقعت عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان مع حكومة السودان في التاسع من يناير 2005).

    وكانت المحاضرة هي الثانية في برنامج المحاضرات الحولية التي ينظمها ويرعاها مكتب رئيس حكومة جنوب السودان حول القضايا العامة التي يهتم بها، بوجه خاص، أهل الجنوب، ويُدعى للمشاركة فيها الوزراء والبرلمانيون وكبار الموظفين إلى جانب الدبلوماسيين المقيمين بجوبا وأجهزة الإعلام. موضوع المحاضرة كان هو ممارسة حق تقرير المصير حسب السوابق التاريخية، والتجارب المعاصرة للأمم. أما الموضوع المحدد الذي طُلب مني تناوله فهو «الاستفتاء: الخيارات المطروحة، التجارب الدولية، والتحديات المتوقعة». لاستيفاء الموضوع حقه من البحث، وإلقاء إضاءات كاشفة على الجوانب الخافية أو المسكوت عنها، تناولت في المحاضرة موضوعات ثلاثة: الأول ممارسة حق تقرير المصير عبر الاستفتاء في تجارب الأمم. الثاني: جذور الدعوة لتقرير المصير في السياسة السودانية. والثالث: ممارسة ذلك الحق في إطار اتفاقية السلام الشامل (2005) والتداعيات المرتقبة لنتائجه، أياً كان خيار شعب الجنوب.

    -----

    منذ ذلك التاريخ انساب ماء غزير تحت الجسر، مما اقتضى بضع إضافات للنص حتى يصبح أكثر راهنية. كما أصبح موضوع الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان طبقاً رئيساً في موائد التحليل عبر الصحافة ومن فوق المنابر. وبما أن التحليل، بما في ذلك تحليل الدم، صناعة مفهومية تهدف إلى إرجاع الشيء إلى عناصره الأولية للكشف عن خباياه، يصبح من الضروري البحث والتقصي في المصادر الأولية للبحث ثم التفطن فيها قبل الاندفاع إلى إصدار الأحكام. راعينا فيما كتب مؤخراً حول استفتاء جنوب السودان، خاصة في الصحف السودانية، حجم الافتراضات التي لا ترتكز على قدم وساق، والأحكام التي لا يتبعها دليل يُركَن عليه، بل التلبيس في استعراض الوقائع من جانب كتبة ومخبرين لا يحترمون عقول قرائهم، ولا يملكون الحد الأدنى من الرحمة بهم.

    لهذا استصوبنا أن نُجلي في هذه المقالات بعض الحقائق التي تعين القارئ على بناء حكمه في هذه القضية المصيرية: قضية استفتاء جنوب السودان حول خياري الوحدة أو الانفصال، على الحقائق المجردة بدلاً من الحدس والتخمين، أو إلقاء الكلام على عواهنه. فمن الخير للناس، كما قال الفيلسوف الألماني غوته «أن يفهموا القليل من أن يسيئوا فهم الكثير».

    على جانب آخر، نشرنا في عام 2005 عقب التوقيع على اتفاقية السلام الشامل سلسلة مقالات في جريدة «الرأي العام السودانية»: اتفاقيات السلام.. البدايات والمآلات لم نذهب فيها للتفاؤل المطلق، رغم أن عوامل التفاؤل كانت كثيرة. كما لم نتعجل الحكم، فرب عجلة تَهبُ ريثا.

    وفي مطلع 2007، أي بعد عامين من التجربة، تابعنا تلك المقالات بأخريات في نفس الصحيفة تحت عنوان: عامان من السلام.. حسابات الربح والخسارة. أشاءنا إلى كتابة تلك المقالات الرغبة في تقويم تطبيق الاتفاقية تقويماً نُبين فيه الإنجاز والإخفاق، وننبه إلى المآلات السيئة التي سيقود إليها ذلك الإخفاق في التنفيذ.

    نشرنا أيضاً في عام 2009 سلسلة من المقالات في جريدة «الأخبار» السودانية تناولنا فيها التغيير السياسي الذي أحدثته الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية في السودان، إن كان هناك ثمة تغيير، وبين ذلك الذي نجم عن اتفاقية السلام الشامل.

    في كل تلك المقالات لم نكن نجتلي الأحداث في أعماق كرة بلورية، بل نتابع فصلاً اتفاقية السلام التي ما تركت موضوعاً أقرته إلا وألحقته بجداول للتنفيذ حَدَدت فيها مواقيته، ومصادر تمويله، واسم الجهة المنفذة، ربما بدرجة تبعث على الضجر والملالة.

    لا شك في أن كثيرين قرأوا تلك المقالات، ولا شك ايضاً أن كثراً آخرين صرفهم عن القراءة طول المقالات، أو ألهاهم عنها أنهم لا يحبون القراءة أصلاً. مع ذلك، فإن قسماً غير صغير من أولئك هم من الكتبة الراتبين الذين يصدرون الأحكام على كل شيء، بدءًا من اتفاقية السلام السودانية وانتهاءً بثقب الأوزون والتغيير المناخي، ولله في خلقه شؤون.

    فمن خَلقِه حَدْسية يوقنون في داخل أنفسهم أن الطريق إلى المعرفة هو الحَدْس. لهذا، إن عدنا إلى التنبيه أو الإشارة لتلك المقالات فلا نفعل أكثر من ترداد ما قلناه أمس بمنعرج اللوى، وفي ذلك .

    ما تُرانا نقول إلا قديماً

    أو مُعاداً من قولنا مكرورا

    مكعبات الدومينو

    وفي اللحظة التي قاربنا فيها النهاية من تسطير هذه المقالات وقعت أحداث السابع من ديسمبر التي كان لها دوي وجلجلة. تلك الأحداث زادت من يقيننا بصحة تحليلاتنا للمفارقات الكبرى بين ما قالت به اتفاقية السلام ونص عليه الدستور وبين الممارسات العملية في الحكم والسياسة التي لا تؤدي إلا لنتيجة واحدة: تمزيق السودان وتكريس الحكم فيه، لا بيد حزب واحد، بل في يد أوليغاركية لا تعنيها في كثير أو قليل النهايات المأساوية التي قد تقود لها تلك الممارسات.

    بجانب ذلك، أدخل في قلوبنا الروع والإسراف في التلويح باستخدام القوة لقهر الآخر، خاصة إن كان ذلك التلويح موجهاً لمواطن يسعى للتعبير عن مطامحه وأشواقه السياسية، لا نحو جماعة خارجة أو خارجية تعمل على بث الفتنة بين الناس. مبعث الروع هو إيحاء المُرِوعين أن لا غضاضة عليهم، في سبيل البقاء في الحكم، أن يطحنوا النساء ويسحقوا الرجال دون وعي منهم أنه عندما يموت الإنسان، حسياً أو معنوياً، يموت المكان.

    فما هي مصلحة أي حاكم وطني في ان ينتهي وطنه إلى حالة تتيتم فيها المباني، وتتجعد الأرواح، ويقيظ البشر فيها في حَرور دائم. إن السلطة العامة التي لا تسعى لتحقيق مصلحة الكافة بما يرضيهم، تصبح تسلطاً عاما. وفي قول عمر رضي الله عنه: «ولانا الله على الأمة لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حاجتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم». إغفال هذه القيم المعيارية للحكم التي أرساها الإسلام لا يكفر عنه التذلل اللفظي أو الرمزي لله لأن مثل ذلك التذلل يستر واقعاً متصدعاً داخل النفوس.

    على أي، الدافع الأهم لكتابة هذه المقالات هو أن السودان يمر اليوم بمرحلة خطيرة من تاريخه لا نغالي إن أسميناها مرحلة انهيار مكعبات الدومينو، فالدومينو لا يتماسك إلا بتساند مكعباته على بعضها البعض. هذا الانهيار إن وقع لن يكون بسبب كارثة طبيعية، وإنما بصنع بشر، «قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم». هذا الانهيار، إن جاء، فسيجييء في ظرف أخذ فيه السودان يترقب، كما أخذ اصحابه الكثر عبر العالم، يتمنون له، بعد اتفاقية السلام، نهاراً مشرقاً بعد طول ظلام.

    لقد ظلت قضية السودان: وحدته واستقراره والترقي بأهله هي همنا الأول في منابر الرأي وساحات السياسة، دون أن يلهنا ذلك عن هموم أخرى. فإلى جانب السياسة يقوى عزمنا ويشتد على الانصراف إلى ما يُثري الوجدان، أو يؤنس النفس، أو يُغذي الفكر، أو يُوفر للمرء رزقاً حلالاً. السياسة هي مهنة من لا مهنة له، وزينة من لم يحابه الله بزينة أخرى يتحفل بها.

    لهذا، لن يُروِّعنا عن قول الحق علوا او رفعة في موقع عام، لأن أعلى موقع نَعض عليه بالنواجذ هو احترام النفس فوق الزمان والمكان، ولا يكون ذلك إلا بالتصالح مع النفس والصدق معها. وعلنا نستعيد ما سطرناه من قبل (الرأي العام 7 أبريل 2009) بأنه «لو كان صواب الناس أو خطؤهم على قدر الرغبة أو الرهبة فليس لنا ما نرغب فيه أو نرهبه، فحمداً لله أن أمانينا لم تنكمش في اماني بعض اهل السياسة الذين لا حياة لهم وراءها».

    لكل ذلك، سنحرص في هذه المقالات على الوضوح في التحليل لمواقف طرفي الاتفاقية، ونحن طرف منها، حتى لا نقع في ظِنة المداراة. وكما قلنا في مقالٍ غَيرْ إن المنطقة المحررة الوحيدة التي نملك السيطرة عليها هي العقل، لهذا ما برحنا نقول مع شيخ المعرة

    يرتجى الناسُ أن يقوَم أمامٌ

    صائحٌ في الكتائب الخرساء

    كَذِّبِ الظَنَ لا إمامَ سوى العقل

    مشيراً في صُبحِه والمساء

    بهذه الروح نقتحم أحراش السياسة السودانية.

    دون الإلمام بالظروف التي نشأت فيها، ثم تطورت، فكرة ممارسة شعب جنوب السودان لحق تقرير المصير قد يَعسُر على المرء إدراك العوامل التي قادت للنص على ممارسة ذلك الحق في اتفاقية السلام الشامل، ودستور السودان الانتقالي لعام 2005م على الوجه الذي جاء في الوثيقتين. لهذا، ندعو القارئ لصحبتنا في رحلة غير قصيرة عبر تاريخ السياسة السودانية منذ إعلان استقلال السودان، ذلك التاريخ الذي ظل يتلوى على غير وِجهة.

    رغم تلويه، لا ننظر للماضي بغضب. فالمراقب الموضوعي للأحداث لا يتعبد في الماضي ولا يحقد على التاريخ بل يراجعهما مراجعة تستعرض حساب الربح والخسارة ثم يتمعن ملياً في الحاضر ويستقرئ النذر التي تلوح في الأفق.

    التاريخ الذي نستذكر لا يجهله الكثيرون إلا أن التذكير به ضروري لأسباب عدة. من الأسباب أن كثيراً منا لا يستعيد ذلك التاريخ من حافظته الا بِولَهٍ نوستالجي، رغم أن إدمان النوستالجيا في قراءة التاريخ قد يُغري الناس بما فيه هلاكهم، لا سيما والتاريخ لا يخضع أبداً لرغائب البشر. منها أيضاً أن عدداً ليس بالقليل يقرأ التاريخ قراءة مختزلة أو اصطفائية تشوه الأحداث.

    التاريخ هو جملة الأحداث والأحوال التي يمر بها الكائن الطبيعي أو المعنوي، ولهذا لن تتأتى دراسة تلك الأحداث دون تثبت من وقائعها ومقاربة ومضاهاة بين الحدث والآخر. يقول ابن خلدون في المقدمة إن دراسة التاريخ تقتضي «حُسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما إلى الحق، وينكبان به عن المزلات والمغالط لأن الأخبار إذا اعتُمد فيها على مجرد النقل، ولم تُحَكَّم فيها اصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن من العثور ومَزَلة القدَم والحَيد عن جادة الصدق».

    الأحداث والأحوال هي لُحمة التاريخ وسداه، وليست هناك لحمة بدون سدى. هي أيضاً مُدرَكاتٌ تترابطُ وتقترنُ مع بعضها البعض، لهذا فإن تَبعيضَها، أي تجزئتها، لا يُعين على الفهم السديد لحقائق التاريخ. إضافة إلى ذلك فإن التبعيض يحول دون إدراك التفاعل الجدلي بين الأحداث والظواهر إذ كثيراً ما ينشأ سوء الفهم للأمور من عدم القدرة على الربط بين الأحداث، أو تجاهل الوُصلة بين العلة والمعلول، وهذا ما يسميه ابن خلدون «تطبيق الأحوال على الوقائع».

    لأغراض دراستنا هذه نتناول، قبل أن نجيء على اتفاقية السلام الشامل، مرحلتين من مراحل تاريخ السودان: الأولى هي الفترة التي بدأت عشية الاستقلال وحتى نهاية حكم الرئيس نميري، أي بداية ثمانينات القرن الماضي؛ والثانية هي تلك التي امتدت من سقوط ذلك الحكم إلى توقيع اتفاقية السلام الشامل.



    الفيدرالية وحق تقرير المصير

    في عشية الاستقلال أعلن جنوب السودان بلغة لا مواربة فيها، عبر ممثليه في البرلمان، استعداده ورغبته في إقرار وحدة السودان شريطة أخذ تطلعات الجنوبيين في الاعتبار. عبر عنهم بنجامين لوكي عضو البرلمان عن دائرة «ياي» في جنوب الاستوائية عندما طالب في 12 ديسمبر 1955 بتكوين مؤتمر من كل الأحزاب للاتفاق على «أن يتضمن إعلان الاستقلال بياناً يُعلَنُ فيه عن قيام دولة فيدرالية تضم الجنوب والشمال في إطار سودان موحد».

    ذلك الاقتراح رفضته أحزاب الحكومة والمعارضة على السواء، ولكن رغبة منها في إعلان الاستقلال في البرلمان في أول يناير 1956م، وافقت تلك الأحزاب على إضافة فقرة في إعلان الاستقلال تتعهد فيها بأن مطلب الجنوب بالحكم الفيدرالي «سيؤخذ بعين الاعتبار» في دستور السودان الجديد عند صياغته. ولئن كان رفض الأحزاب الشمالية لمطلب الجنوب بالفيدرالية أمراً يفتقد أي مبرر معقول، فإن قبول نواب الجنوب لذلك الوعد الغامض موقف يُحسب لهم إذ أن الذي دفعهم إليه هو الحرص على إعلان الاستقلال في اليوم المعين. ?

    ماذا كان مصير ذلك الوعد الغامض؟ ما أن ناقشت الاقتراح اللجنةُ التي توفرت على صياغة الدستور حتى رفضته باستهانة بالغة. أعلنت اللجنة أنها، بعد إعطاء الاقتراح ما يستحق من عناية، «وجدت أن أضرار الفيدرالية تفوق مزاياها». ولا شك لدينا في أن الميزان الذي رَجَح مضار الفيدرالية على مزاياها ميزان باخس، إذ لم يولِ اي اعتبار لمخاوف وقلق الذين طالبوا بالفيدرالية ابتداءً.

    الرد على ذلك التقدير الذي اجتزف على غير روية جاء على لسان واحد من الأعضاء الجنوبيين الثلاثة في لجنة الدستور (ساتيرنينو أوهورو نائب توريت). قال النائب لزملائه في اللجنة: إن «الجنوب لا يُضمر أية نوايا سيئة للشمال.

    وأنه، بكل بساطة، لا يرغب في شيء غير تصريف أموره المحلية في إطار سودان موحد». أضاف النائب أن «الجنوب لا يريد الانفصال عن الشمال، وإن كان ذلك هو مبتغاه فلن تستطيع أية قوة في الأرض الحيلولة دون ذلك». ثم مضى ساتيرنينو للقول: «إن الجنوب يطالب بالارتباط فيدراليا بالشمال، باعتبار أن ذلك حق أصيل يملكه بموجب مبادئ حق تقرير المصير».

    تلك كانت هي المرة الثانية التي يتحدث فيها سياسي جنوبي بارز عن حق تقرير المصير في خطاب سياسي عام. المرة الأولى كانت في رسالة بعث بها بنجامين لوكي بوصفه رئيساً للمؤتمر الجنوبي في 16 نوفمبر 1954م، أي قبل ما يزيد قليلاً على العام من إعلان الاستقلال، إلى الحاكم العام البريطاني ووزيري الخارجية المصري والبريطاني. قال لوكي في تلك الرسالة: «إذ تعذرت الفيدرالية فلا مناص من أن ينفصل الجنوب عن الشمال بالطريقة التي انفصلت بها باكستان عن الهند» (كتاب الشرق الأوسط في ثورة بقلم السفير البريطاني في القاهرة، السير همفري تريفيليان).



    حكمة عبد الحمن المهدي

    ذلك الحديث المنذر، وتلك الرسالة المتوعدة، لم تتوقف النخبة السياسية في الخرطوم عند رفض المطلب الجنوبي البسيط: الفيدرالية، وإنما ذهبت في جرأة بالغة إلى التضييق على السياسيين الجنوبيين الذين يدعون للفيدرالية. مثال ذلك تقديم عضو مجلس الشيوخ، ستانسلاوس بياساما للمحاكمة بعد إعفائه من الوزارة وتجريده من الحصانة البرلمانية.

    ومما يدعو للأسى أن ستانسلاوس هذا كان من أكثر الساسة الجنوبيين حرصاً على وحدة السودان على أساس الحكم الفيدرالي، بل كان من أكثرهم إلماماً بثقافته. ولد ستانسلاوس في دارفور وحفظ القرآن عن واحد من شيوخها ثم ارتحل إلى بحر الغزال حيث تنصر على يد قس قبطي يدعى بطرس غالي، ولا نحسب أن للرجل صلة ببطرس غالي باشا. ومع تنصره ظل ستانسلاوس يستشهد في الكثير من مداخلاته البرلمانية بالقرآن الكريم. واظب ستانس (كما كان يسميه أصدقاؤه تصغيراً أو ترخيماً لا أدري) على الدعوة للفيدرالية منذ ابريل 1955 عندما أعلن عن قيام حزبه: حزب الأحرار.

    ولتأكيد حرصه على الوحدة، يروي ستانسلاوس في مذكراته التي نشرت في عام 1990 قصة لجوئه إلى الإمام عبد الرحمن المهدي، أحد الراعين للحكومة القومية، ليستنجد به. استدعى الإمام ثلاثة من أهل الحل والعقد في تلك الحكومة للحوار مع السياسي الجنوبي: الصديق المهدي رئيس حزب الأمة، وإسماعيل الأزهري رئيس الحكومة القومية، وعبد الله خليل الأمين العام لحزب الأمة ووزير الدفاع في تلك الحكومة وقال لثلاثتهم، حسب رواية ستانسلاوس: «لقد عجز الأتراك عن هزيمة الجنوبيين، ولم يستطع والدي المهدي السيطرة عليهم.

    كما لم يتمكن الإنجليز من دحرهم إلا بصعوبة. هؤلاء الجنوبيون، كما أبلغني بياساما، يريدون أن يحكموا بلدهم بالطريقة التي تُطمئنهم في إطار السودان الموحد. اذهبوا وأعطوهم ما يريدون».

    هذا ما لم يحدث. ومن ذلك التاريخ، أخذت حكومة الخرطوم «القومية» تعامل كل جنوبي يدعو للفيدرالية وكأنه شوكة في الخاصرة. قُدم ستانسلاوس للمحاكمة بتهمة الدعوة للفيدرالية وكأن تلك الدعوة قد أصبحت جريمة. أما ساتيرنينو فلم يتعرض لمحاكمة وإنما ترك أمر محاكمته وعقوبته للأجهزة الأمنية التي اغتالته في الحدود اليوغندية.

    في ذات الوقت، اندفع بعض السياسيين، كما اندفع ذوو التأثير على الرأي العام في صحف الخرطوم، إلى حملة عنيفة ضد الفيدرالية تشي بغير قليل من سوء الفهم لها أو، على الأقل، وهم مريب حولها.

    فمن بعض دعاواهم، مثلاً، أن الفيدرالية «استراتيجية استعمارية» تهدف إلى تقطيع أوصال السودان جاء بها المستر لوس، مستشار الحاكم العام. ومن المدهش أن الحزب الشيوعي السوداني (الجبهة المعادية للاستعمار) الذي كان الأكثر تقدماً من بين الأحزاب البرلمانية المعارضة في نظرته للمشكل الجنوبي ودعوته لحكم ذاتي للجنوب انضم إلى معارضي الفيدرالية، ربما لظنه أنها فكرة أراد بها الاستعمار زرع جيب له في جنوب البلاد.

    فشل هذه الطبقة السياسية، ومن والاها من المعلقين الصحافيين، في ان تعي أن الفيدرالية لم تكن، عبر الانقسام الايديولوجى في العالم، عائقا لوحدة الدول الاتحادية، وإنما كانت اللحُمة التي حافظت على تماسك تلك الدول، أمر يدعو للأسف. يخيل لنا أن ذلك الجيل من رجالات السياسة والصحافة كان يتظنى أن السودان نسيج وحده، لا يسري عليه ما يسرى على الدول الأخرى، أو بلسان سوداني فصيح هو «فريد عصره ما مثله شيء».



    لينين: حق تقرير المصير مثل حق الطلاق

    نعم، الفيدرالية عبر العالم هي التي أدامت وحدة الولايات المتحدة، كندا، البرازيل، الهند، المانيا الغربية آنذاك، ونظريا الاتحاد السوفيتي. ودعنا نقف عند حالة الاتحاد السوفييتي لأنها كانت حالة فريدة. فعند وضع دستور 1924 أصر لينين على منح حق تقرير المصير، بما في ذلك حق الانفصال، لكل دول الاتحاد.

    قال لينين للذين عارضوا اقتراحه في لجنة صياغة الدستور: «الامتناع عن دعم حق تقرير المصير لشعوب الإتحاد، حتى وإن أفضى إلى الانفصال، ينم عن سذاجة ونفاق، تماماً كنفاق الذين يعارضون حق المرأة في الطلاق لأنه يؤدي إلى تدمير الأسرة». ممارسة ذلك الحق، رغم موقف لينين الحاسم، ظلت أمراً نظرياً بعد رحيله، وإن بقي النص في الدستور.

    وكان لخليفة لينين (جوزيف ستالين) أسلوب آخر في التعامل مع الحقوق الدستورية للأفراد، ناهيك عن حقوق الأقوام والجماعات. فمع إبقاء ستالين على ذلك النص في دستور 1936م (والذي يطلق عليه المؤرخون اسم دستور ستالين) أمعن السياسي الجورجي الأصل في روسنة، لا جرجنة، كل ولايات الاتحاد بهدف القضاء على خصوصياتها الثقافية.

    أما مع الافراد فلم يطق حتى الخلاف مع رفاقه إذ أعدم ثلاثة ممن شاركوا في وضع ذلك الدستور: نيكولاي بوخارين، كارل راديك، ياكوف ياكوفليف. وكان لواحد منهم (بوخارين) الفضل الأكبر في وضع دستور 1936م. ورغم كل التقلبات التي طرأت على الاتحاد أبقى برزنيف في دستور 1977، (الذي يعرف بدستور برزنيف) على النص الذي يمنح دول الاتحاد حق الانفصال (المادة 72). ومن طرائف الأمور ان ذلك النص لم يُفَعَّل إلا عند انهيار الاتحاد السوفييتي.

    إذن، من البرازيل جنوباً وأستراليا في الجنوب الشرقي إلى ألمانيا الغربية شمالاً مروراً بالهند، ومن كندا والولايات المتحدة غرباً إلى الاتحاد السوفيتي شرقاً، لم تكن الفيدرالية، عملياً أو نظرياً، أداة لتمزيق الشعوب بل وسيلة للحفاظ على وحدتها في ظل احترام التنوع.

    ومما تجدر الإشارة إليه أن جواهر لال نهرو اعتمد عند وضع دستور الهند، من بين ما اعتمد عليه من مراجع، على الدستور السوفيتي لإنشاء النظام الاتحادي في الحكم، وعلى الدستور الأميركي فيما يتعلق بسيادة حكم القانون (وثيقة الحقوق التي ضُمنت في التعديلات الدستورية) والمحكمة العليا.

    فأية تجربة تلك، إذن، التي استهدى بها من ذهبوا للزعم بأن مضار الفيدرالية تفوق مزاياها، خاصة في بلد هو أكبر مستودع للتنوع الاثني والثقافي والديني في أفريقيا؟ لهذا حق لنا القول ان قرار رفض الحكم الفيدرالي للجنوب، لم يكن قراراً سياسياً خاطئاً فحسب، بل كان هو الخطيئة الأولى (ُْيهيَفٌ َّيَ) في السياسة السودانية.

    جميع المحاولات التي تلت لحل ما عُرف بمشكلة الجنوب لم تكن أكثر من مسرحية سخيفة مكرورة من بعد أن أوهم ساسة الشمال أنفسهم أنهم بمفردهم القادرون على تقرير مصير البلاد بأسرها، أو شُبِّه لهم أن الفيدرالية هي معول لهدم وحدة الأوطان، رغم كل التجارب التي تثبت العكس، ورغم جرس الإنذار الذي أطلقه اثنان من ساسة الجنوب الذين انحازوا للطبقة الحاكمة منذ فترة الحكم الذاتي الانتقالي: داك ديي وبولين ألير، وكان كلاهما عضوين في الحزب الوطني الاتحادي ووزيرين في حكومته، بالاستقالة من الحزب والوزارة.

    ومن الطبيعي ان تتوالى إخفاقات الذين لا يدركون أن لخطيئتهم الاولى وُصلة بالتردي المتصاعد في حال البلاد، وبخاصة في علاقات الشمال بالجنوب.



    قراءة في أزمة وطن مزمنة..قضية- السودان....إلى أين المصير ؟

    السودان .. من عودة الوعي إلى الخديعة (2)

    في السابع والعشرين من أكتوبر 2008 كُلفت، من بين آخرين، بالإسهام بورقة عن الاستفتاء حول تقرير مصير شعب جنوب السودان، الذي نصت عليه اتفاقية السلام الشامل (وقعت عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان مع حكومة السودان في التاسع من يناير 2005). وكانت المحاضرة هي الثانية في برنامج المحاضرات الحولية التي ينظمها ويرعاها مكتب رئيس حكومة جنوب السودان حول القضايا العامة التي يهتم بها، بوجه خاص، أهل الجنوب، ويُدعى للمشاركة فيها الوزراء والبرلمانيون وكبار الموظفين إلى جانب الدبلوماسيين المقيمين بجوبا وأجهزة الإعلام. موضوع المحاضرة كان هو ممارسة حق تقرير المصير حسب السوابق التاريخية، والتجارب المعاصرة للأمم. أما الموضوع المحدد الذي طُلب مني تناوله فهو »الاستفتاء: الخيارات المطروحة، التجارب الدولية، والتحديات المتوقعة«. لاستيفاء الموضوع حقه من البحث، وإلقاء إضاءات كاشفة على الجوانب الخافية أو المسكوت عنها، تناولت في المحاضرة موضوعات ثلاثة: الأول ممارسة حق تقرير المصير عبر الاستفتاء في تجارب الأمم. الثاني: جذور الدعوة لتقرير المصير في السياسة السودانية. والثالث: ممارسة ذلك الحق في إطار اتفاقية السلام الشامل (2005) والتداعيات المرتقبة لنتائجه، أياً كان خيار شعب الجنوب.

    كما أصبح موضوع الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان طبقاً رئيساً في موائد التحليل عبر الصحافة ومن فوق المنابر. وبما أن التحليل، بما في ذلك تحليل الدم، صناعة مفهومية تهدف إلى إرجاع الشيء إلى عناصره الأولية للكشف عن خباياه، يصبح من الضروري البحث والتقصي في المصادر الأولية للبحث ثم التفطن فيها قبل الاندفاع إلى إصدار الأحكام. راعينا فيما كتب مؤخراً حول استفتاء جنوب السودان، خاصة في الصحف السودانية، حجم الافتراضات التي لا ترتكز على قدم وساق، والأحكام التي لا يتبعها دليل يُركَن عليه، بل التلبيس في استعراض الوقائع من جانب كتبة ومخبرين لا يحترمون عقول قرائهم، ولا يملكون الحد الأدنى من الرحمة بهم. لهذا استصوبنا أن نُجلي في هذه المقالات بعض الحقائق التي تعين القارئ على بناء حكمه في هذه القضية المصيرية: قضية استفتاء جنوب السودان حول خياري الوحدة أو الانفصال، على الحقائق المجردة بدلاً من الحدس والتخمين، أو إلقاء الكلام على عواهنه. فمن الخير للناس، كما قال الفيلسوف الألماني غوته »أن يفهموا القليل من أن يسيئوا فهم الكثير«.

    ------

    في منتصف ستينيات القرن الماضي تسلمت السلطة حكومة تختلف عن الحكومات التي سبقتها، لا سيما في إقبالها على معالجة أسباب الحرب في الجنوب. تلك هي الحكومة التي ترأسها سر الختم الخليفة، رجل التعليم البارز بعد سقوط حكومة الرئيس إبراهيم عبود في 21 أكتوبر 1964م. لم يكن سر الختم ذا خبرة بالسياسة إلا أن خدمته في الجنوب في مجال التعليم، والتصاقه بأهله وتفاعله معهم، جعلا ذلك المعلم ينظر إلى القضية بمنظار آخر، لا هو منظار السياسي الذي تُعَتم الأحكامُ المسبقة رؤاه، ولا هو منظار الأيديولوجي الذي وُضِعت على طرفي عينيه غمامتان (ٌيًَمَّْ) تحولان بينه وبين الرؤية يميناً ويساراً بحيث لا يرى، مثل الخيل في مضمار السباق، إلا ما دونه.

    كان الواجب الأول لحكومة سر الختم هو الإعداد للانتخابات في فترة انتقالية محددة، مع ذلك هدته الحكمة، هو وصحبه، لأن يولي قضية الجنوب الاهتمام الأكبر. لأجل ذلك أشرفت حكومته على عقد أول مؤتمر منذ الاستقلال للتداول حول ما يسمى بمشكلة الجنوب. شاركت في ذلك المؤتمر، الذي أطلق عليه اسم مؤتمر المائدة المستديرة كل الأحزاب الوطنية، بما فيه الأحزاب الجنوبية في الداخل والخارج. وكان للإداري داؤود عبد اللطيف ـ وحسبك داؤود من سخي همام ـ إسهام كبير في إقناع من هم بالخارج من ساسة الجنوب بالإشتراك في المؤتمر. كما دُعيت للمشاركة في ذلك المؤتمر خمس دول أفريقية هي: مصر (فتحي الديب)، الجزائر (التجاني هدام)، أوغندا (فيليكس اوناما)، غانا (ويلبيك)، نيجيريا (الحاجي يوسف مايتاما سولي).

    عند افتتاحه مؤتمر المائدة المستديرة (16 مارس 1965) قدم سر الختم برنامجاً لمعالجة »قضية الجنوب« لم يسبقه عليه أحد من ناحية شموله، كما من ناحية صدقيته. في ذلك البرنامج لم تكُ شيةِّ من خداع النفس، أو تكذبٌ على التاريخ، أو تهربٌ من المسؤولية عما فعله أسلافنا في الماضي (مثل الرق) أو تبرير لأخطاء السياسة الشمالية المعاصرة حول الجنوب.

    جاء في ذلك البرنامج:

    - القوة ليست حلاً لهذه »المشكلة الإنسانية الحيوية« ذات الجوانب الاجتماعية المتعددة بل ان استعمال القوة زاد المسألة تعقيداً.

    - الاعتراف بكل شجاعة ووعي عميق بفشل تجارب الماضي بجانب الاعتراف بالفوارق العرقية والتاريخية.

    - ضرورة تهيئة المناخ للتفاوض.

    - لمشكلة الجنوب نظائر وأشباه في افريقيا وبعض بلاد العالم الأخرى.

    - المشكلة مثل نظائرها مشكلة معقدة لأسباب طبيعية تتعلق بجغرافية القطر وتكوينه البشري من جهة، ولأسباب سياسية تاريخية تعود إلى الاستعمار وأخرى معاصرة على رأسها الأخطاء التي وقعت فيها الحكومات القومية المتعاقبة منذ الاستقلال.

    - إضفاء الصفة العرقية على الصراع الشمالي ـ الجنوبي ينطوي على تعميمات وفروض مضللة لا يمكن الاعتماد عليها في أي نقاش جاد. فالعروبة التي يتصف بها السودان ليست صفة عنصرية بل هي رابطة لغوية ثقافية. ولو كانت العروبة غير هذا لخرج من نطاقها معظم العرب المحدثين في أفريقيا بما في ذلك سكان السودان الشمالي جميعاً.

    - السودان صورة مصغرة لأفريقيا في تنوع سكانها وتباين ثقافاتها، لهذا تمتزج العروبة والافريقية امتزاجاً تاماً في المديريات الشمالية ويشعر السكان، وهم في ذلك صادقون، بأنهم عرب وأفريقيون في وقت واحد وبدرجة متساوية.

    - تجارة الرقيق المخزية التي قام بها أسلافنا كانت وصمة عار، ومع انقضاء ذلك العهد تركت شعوراً من الكراهية وعدم الثقة في نفوس الجنوبيين أججه الاستعمار والأوروبيون المنافقون.

    - الظن الخاطئ من جانب الحكومة العسكرية بأن مشكلة الجنوب، أكبر مسألة سياسية قومية واجهت البلاد، هي مسألة أمن ونظام.

    - التفاوت في درجات النمو الاقتصادي بين الجنوب والشمال، مع أن ذلك التفاوت لا يعاني منه الجنوب وحده بل تعاني منه مناطق أخرى في الشمال مثل دارفور وكسلا.

    ولإثبات حسن نواياه اختار سر الختم جنوبيين في وزارتين من أهم الوزارات: الداخلية والنقل والمواصلات، الأمر الذي لم يحدث من قبل ولم يحدث من بعد، لا سيما بالنسبة للوزارة التي تهمين على قوى الأمن. ذهب رئيس الوزراء الجديد، من بعد، إلى إحاطة نفسه بكوكبة من الخبراء ذوي الدربة في قضايا الجنوب منهم الباحثون والإداريون والقانونيون والإعلاميون. على رأس هؤلاء كان الراحل محمد عمر بشير والذي ظل الجنوب هاجسه الأول حتى مماته. من بينهم أيضاً الصحافي المخضرم محجوب محمد صالح، والقانوني البريع يوسف محمد علي، والإداري المقتدر الراحل عبد الرحمن عبد الله. وكان للأخيرين دور كبير في صوغ قرارات لجنة الاثني عشر التي تَرجَمت ما قرره مؤتمر المائدة المستديرة إلى مشروع دستور.

    تلك الحكومة لم تبق في السلطة لتكمل مهمتها ولكنها، على الأقل، أبقت أثراً هاماً يهدي أهل السودان سواء السبيل. وقد أوجعني كثيراً وأنا أطالع ما أوردته الصحف من تعليقات وتقارير صحافية حول الذكرى الخامسة والثلاثين لانتفاضة أكتوبر، أن لا أرى في تلك التقارير مقالاً أو خبراً واحداً عن إسهام حكومة أكتوبر في مؤتمر المائدة المستديرة لمعالجة المشكل الجنوبي، وهو أهم إنجاز لها. أغلب ما أوردته تلك الصحائف هو التفاخر: من الذي صنع الثورة؟ ومن الذي أجهضها؟ وكل واحد منهما يقول: »الحق معي«. على أن تقويم الأنظمة، كانت وليدة ثورات أم انتفاضات، لا يكون بالمزاعم حول من هو صانعها، وإنما بالذي صنعت وأنجزت. رحم الله المعلم الفذ سر الختم ومن معه من الراحلين، وسَقياً ورَعياً لمن بقي منهم.



    اتفاق أديس أبابا

    عند تسلمها السلطة في 1969، وضعت حكومة مايو إنهاء الحرب في الجنوب في مستهل برنامجها السياسي، وكان أول إعلان عن ذلك هو بيان التاسع من يونيو 1969م الذي كان للحزب الشيوعي دور كبير في صياغته، كما لعب عضو الحزب، الجنوبي البارز جوزيف قرنق (لا يمت بصلة لجون قرنق)، دوراً هاماً في التفاوض مع ممثلي المعارضة الجنوبية خارج السودان من أجل الوصول إلى حل سلمي. بيد أن الترجمة الفعلية لذلك البرنامج بدأت مع مفاوضات أديس أبابا في عام 1972م والتي صحبتها خارطة طريق متكاملة للتفاوض. خارطة الطريق تلك استهدت بقرارات لجنة الاثني عشر، وجاء ذلك بمبادرة من الراحل جعفر محمد علي بخيت. كان في ظن جعفر، أولاً أن تلك القرارات تضمنت مشروع دستور متكامل لترتيب الأوضاع في جنوب السودان رغم عجز الحاكمين آنذاك عن تنزيله إلى حيز الواقع. وثانياً، بما أن ذلك المشروع كان محل إجماع من أغلب القوى السياسية فلا محالة من أن تلقى الاتفاقية التي ستؤسس عليه قبولاً واستحساناً من معارضي نظام مايو. وهكذا أصبحت قرارات لجنة الاثني عشر أساساً لاتفاقية أديس أبابا (1972) التي وقعتها حكومة مايو، مع حركة تحرير جنوب السودان بقيادة جوزيف لاقو في ربيع عام 1972م، ومن ثم ضُمِنت في دستور 3791م.

    على إثر تلك الاتفاقية نَعِم الجنوب بعشرة أعوام من السلام، وبقدر من الحكم الذاتي تجاوز ما أوصى به مؤتمر المائدة المستديرة. ومن المؤسف أنه رغم ظنون جعفر بخيت بأن القوى السياسية السودانية التي تراضت في فترة الديمقراطية على تلك القرارات سنسعد باتخاذها أساساً لاتفاقية أديس أبابا رفضت تلك القوى الاتفاقية، لا لذاتها وإنما كُرها في صانعيها. ولو وقف الأمر عند هذا لهان، ولكن صحبته أفائك لا تصدر من رجل رشيد مثل قولهم ان الاتفاقية احتوت على بنود سرية. ولا يدري المرء كيف يمكن لاتفاقية تم التفاوض بشأنها والتوقيع عليها علانية أمام ثلاثة وسطاء ورقباء: الامبراطور هيلاسلاسي، مجلس الكنائس العالمي، ومراقب من منظمة الوحدة الأفريقية (نائب الأمين العام، محمد سحنون) ثم أودعت في منظمتي الأمم المتحدة والوحدة الأفريقية ليطلع عليها من شاء من الباحثين، أن تتضمن بنوداً سرية. وعلى أي، لم يفصح حتى اليوم العليمون بالأسرار عن هذه البنود. هي الغيرة فحسب، وهذا هو حال السودان الذي يختلط فيه الذاتي بالموضوعي حتى في أخطر الأمور.



    الخدعة الأخيرة... نميري ينقلب على اتفاقية اديس ابابا

    تحقيق الرئيس نميري لذلك الإنجاز كان محل تقدير من العالم، وإشادة جهيرة من أفريقيا التي وفد ثلاثة من زعمائها إلى السودان ليباركوا حلول السلام في ربوعه: الإمبراطور هيلاسلاسي، المعلم جوليوس نيريري، الرئيس ليوبولد سنغور. وفي اجتماع القمة الافريقية في الرباط تباري الرؤساء الأفارقة، وعلى رأسهم الملك الحسن الثاني، ليس فقط في الدعم السياسي للاتفاق، بل أيضاً بالدعم المادي حتى تتمكن حكومة السودان من الوفاء بالالتزامات التي فرضها الاتفاق. عن ذلك التباري لم تتخلف حتى الدول الفقيرة مثل اثيوبيا وتنزانيا. بيد أن أعظم هدية قدمت للسودان في تلك المباراة، هي هدية منظمات التحرير الأفريقية. باسم هؤلاء تحدث أميلكار كابرال (غينيا بيساو) ليطالب القمة الأفريقية بإعفاء السودان من التزاماته المالية نحو حركات التحرير الأفريقية حتى يسخر ككل إمكانياته لتثبيت وحدة السودان التي وصفها كابرال بأنها اكبر مساهمة منه لتحرير افريقيا.

    أما في جنوب السودان فقد أضحى نميري بطلاً نُظمت في مدحه الأهازيج. ولكن، لما تَمضِ عشرةُ أعوام على توقيع الاتفاقية حتى قام نميرى بإلغائها وسط دهشة ممن أشاد به وترنم باماديحه. تَراجُعُ زعيم شمالي عن اتفاقية نال بها كل ذلك الاستحسان، أمر يستعصي علي الإدراك. أما بالنسبة لأهل الجنوب، فإن كان الازورار في سني الاستقلال الأولى عن الاستجابة لمطلب محدود يتاح فيه للجنوب حكم فيدرالي يُرضي أهله ويُبقي على وحدة البلاد أمراً نيئاً لم يُحسنْ طبخُه، فإن تراجع نميرى عن اتفاقية أديس ابابا أصبح هو الدليل الذي ما بعده دليل على مخادعة حكام الشمال للجنوبيين، لا يعِدونهم بشيء إلا لصرفهم عن قصدهم.

    ولن يُعفي نميري عن المسؤولية أن كان إلى جانبه جوزيف لاقو عند إعلان إلغاء الاتفاقية قائلاً: »الاتفاقية ليست قرآناً أو إنجيلاً. لقد صنعت الاتفاقية مع جوزيف لاقو وها نحن نلغيها اليوم«. ويا حسرة على نفر من المعلقين الذين يجعلون من تعضيد لاقو لنميري في إلقاء الاتفاقية تزكية وتبريراً، خاصة بعد أن اضطر الرئيس الراحل إلى أن يودع خيرة قادة الجنوب الذين ناصروه في السجون: بونا ملوال، هيلاري لوقالي، بيتر جات كوث، قاما حسن، كلمنت أمبرو مُلحِقاً بهم صديقهم الوحدوي أمين عكاشة. إزاء ذلك الوضع لم يجد نميري سياسياً جنوبياً واحداً ذا مِرة ليجعل منه رئيساً للجنوب فجاء بأحد ضباطه ممن لم تعرفهم سوح السياسة: قسم الله عبدالله رصاص.

    إلغاء اتفاق أديس أبابا أصبح لكل هذا الخديعة النهائية التي لها ما بعدها. وفي الحالتين، جعل الأثر التراكمي لسوء التقدير في حالة عدم الاستجابة لمطلب الفيدرالية عند الاستقلال، والاستهانة بالعقود المبرمة في حالة إلغاء اتفاقية أديس أبابا، من السودان أنموذجاً لكيف ترمي القيادات بيدها في التهلكة وتورد نفسها وبلادها موارد الهلاك. هذا تاريخ اختاره بأنفسهم صانعوه ومن تبعهم بغير إحسان من أكاديميين وإعلاميين. مع ذلك يتمنى أولئك الأكاديميون والإعلاميون أن لا يذكر ذلك التاريخ ذاكر.

    نقلا عن الرأي العام
                  

01-10-2010, 06:47 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)


    انتخابات السودان القادمة تحت المجهر
    بقلم :الصادق المهدي



    الانتخابات العامة في عوالمنا العربية والإفريقية والآسيوية، اكتسبت سمعة سيئة بتزوير إرادة الناخبين لمصلحة الحاكمين، فتحولت في كثير من الأحيان من دورها كآلية للديمقراطية، لدور زائف يمنح الحاكمين شرعية شكلية. الانتخابات السودانية القادمة ستجرى في مناخ خفّت فيه قبضة الحزب الحاكم الشمولي بدرجة ما، نتيجة للتالي:


    * اتفاقية السلام فرضت درجة من التعددية بإقامة شراكة بين حزبين متباينين في الأيديولوجية والتطلعات السياسية: المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية.


    * تراجع الحزب الحاكم منذ عشرة أعوام عن القبضة الأحادية وأفسح هامش حرية.


    * قانون الانتخابات، وتكوين المفوضية التي سوف تدير الانتخابات؛ خضعا لدرجة من التشاور.


    * هنالك وجود دولي كبير في السودان، للأمم المتحدة وللاتحاد الإفريقي ولمنظمات إغاثة دولية، فالانتخابات تجري في مناخ عيون دولية مفتوحة.


    لذلك فالمتوقع أن تكون انتخابات السودان المقبلة أفضل من الانتخابات التي جرت تحت النظام الحالي على طول تاريخه، وأفضل من بعض الانتخابات سيئة السمعة التي جرت في بلدان عربية وإفريقية.


    لكن مع هذه النبرة التفاؤلية هنالك مخاوف مشروعة، فالحزب الحاكم مازال يقبض على مفاصل السلطة متحكماً في أجهزة البلاد المدنية والنظامية، وقد اكتسب سمعة عدم الوفاء بالتزاماته، رغم التوقيع على التزامات محددة: أخل باتفاقيات السلام من الداخل (1997) مع فصائل منشقة من الحركة الشعبية، وبنداء الوطن 1999 والتراضي الوطني 2008 مع حزب الأمة، وباتفاقية السلام مع الحركة الشعبية في 2005، وباتفاقية أبوجا في مايو 2006 مع حركة تحرير السودان.


    وباتفاقية الشرق أكتوبر 2006 مع جبهة الشرق، وباتفاقية القاهرة 2005 مع التجمع الوطني الديمقراطي، والتي يقول الموقعون عليها إنها ما زالت حبراً على ورق. هذا السجل القاتم جرده من الثقة المطلوبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل سلطانه. لقد استقبلت مفوضية الانتخابات بدرجة من حسن الظن، ولكن بعض تصرفاتها جعلت كثيرين يتهمونها بالخضوع لمصالح الحزب الحاكم. اتهامات عززها موقفها من مخالفات عملية تسجيل الناخبين المبتدئة في أول نوفمبر 2009 والمختتمة في الأسبوع الأول من ديسمبر.


    النسبة العددية للمسجلين للانتخابات داخل البلاد معقولة، ولكن نسبة التسجيل في المهجر مختلة للغاية، فعدد كبير من المهجرين سيحرمون من حقوقهم المدنية والسياسية والدستورية. وفي ما يتعلق بالحكم على نزاهة التسجيل، فإن كافة الأحزاب المتنافسة في الشمال رفعت للمفوضية مآخذ محددة وطالبت بالتصحيح، وأحزاب أخرى طعنت في نزاهة التسجيل في الجنوب. القوى السياسية قاطبة قدمت طعوناً موثقة في نزاهة التسجيل، ولكن المفوضية لم تشأ أن تتخذ أية إجراءات تصحيحية.


    أهم المآخذ على نزاهة التسجيل:


    * تسجيل القوات النظامية في أماكن العمل، وعن طريق كشوفات أو بحشد الجنود في أماكن معينة، مما يخالف القانون بالتناقض مع شرطي الإقامة والمسؤولية الفردية في التسجيل، وبشبهة استخدام الانضباط في غير محله.


    * عدم نشر السجل الانتخابي في الموعد المحدد قانوناً، وعدم نشره في بعض الأماكن أصلاً.


    * غياب التوعية بمراكز التسجيل، وعدم الالتزام بعدد المراكز المعلن ولا بالمراكز المتنقلة لدى الحاجة. والتسجيل أحياناً في بيوت أعضاء الحزب الحاكم.


    * استغلال المؤتمر الوطني للسلطة وإمكانات الدولة.


    * اعتماد اللجان الشعبية لشهادات السكن كأوراق ثبوتية، وهي مسيسة تابعة للمؤتمر الوطني، رصدت تجاوزاتها باستخراج شهادات لصغار السن، واستلام إشعار التسجيل، وتضليل المواطنين بكشوفات مزيفة، وغيرها، مما نتج عنه تعدد التسجيل.


    * إرهاب المواطنين في مراكز التسجيل عبر حشود أفراد جهاز الأمن.


    * قانون جهاز الأمن الذي يعطيه صلاحيات واسعة، كان سيفاً مشهراً في وجوه كوادر الأحزاب وناشطيها تهديداً واعتقالاً.


    * ربط صرف مرتبات بعض موظفي الدولة بتسليم إشعار التسجيل وإيداعه.


    * إبعاد مجموعات كبيرة، مثل الرحل في ولاية النيل الأزرق وشمال كردفان.


    * انحياز أجهزة الإعلام للحزب الحاكم والدعاية له، مع التعتيم على الأحزاب الأخرى، في مخالفة المادة 66/3 من القانون. وإهمال مطالباتنا المتكررة بتكوين جهاز إعلامي قومي مستقل، يوزع الفرص في الأجهزة الإعلامية القومية بالتساوي بين الأحزاب وفقاً للقانون.


    * نشطت الحكومة في تقديم خدمات للمواطنين عن طريق بعض البنوك وديوان الزكاة، ونسبت ذلك للمؤتمر الوطني، مخالفة المادة «96» من قانون الانتخابات.


    ؟ الخروج بدفتر التسجيل من بعض المراكز دون علم رئيس اللجنة، ومنع مندوبي الأحزاب من الاطلاع عليه عند إعادته.


    * تعمد استمرار التسجيل أيام عيد الأضحى، مخالفة للإعلان الصادر عن المفوضية.


    * إهدار حق المغتربين الدستوري وحصر مشاركتهم في انتخابات رئاسة الجمهورية، ومحدودية مراكز التسجيل في دول المهجر وتأخر بداية التسجيل فيها. فأعداد المهجرين السودانيين من 5 إلى 8 ملايين، والمستهدف للتسجيل 50% والمسجلون 112 ألفاً!


    هذا المناخ المريب زاده ارتياباً ما جرى في انتخابات اتحاد المحامين. المحامون المنافسون للاتحاد الحالي باسم «التحالف الديمقراطي للمحامين» أحصوا عدداً من تجاوزات القيادة القابضة على الاتحاد، وهي قيادة منتمية للحزب الحاكم، وعددوا تجاوزات اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات. وهم لذلك لا يعترفون بنتائج انتخابات اتحادهم، وأعدوا العدة لاتخاذ الإجراءات القانونية وتصعيد الأمر للجهات المعنية محلياً وإقليمياً ودولياً، بالتنسيق مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.


    إن إجراء الانتخابات العامة في هذا المناخ المشحون بالاتهامات وسوء الظن، يرجح الشك في نتائجها وما يترتب على ذلك من استقطاب وصدام.


    وبصرف النظر عن هذا المناخ السالب، فإن ثمة قضايا تجعل أمر الوطن كله فَرَطاً. بل يكاد المسرح السياسي السوداني كله أن يكون مسرحاً للا معقول:


    * مرشح الحزب الحاكم الأكبر، إذا فاز فإن فوزه لن يحميه من ملاحقات جنائية دولية، بل ستشل حركته الدولية وبالتالي حركة الدولة السودانية.


    *مرشح الحزب الحاكم الثاني إزاء رجحان انفصال الجنوب إذا جرى الاستفتاء في موعده، عليه أن يستقيل من رئاسته وإلا صارت البلاد تحت رئاسة حاكم «أجنبي».


    * مؤسسات الحكم في الشمال «محزبنة» لصالح المؤتمر الوطني، وفي الجنوب لصالح الحركة الشعبية، فإذا فاز مرشح من غيرهما في الشمال والجنوب سيكون تحت رحمة حزب معارض!


    ما لم تتصد القوى السياسية السودانية لهذا الموقف من جميع جوانبه، عبر مائدة مستديرة لتهيئة المناخ ومعالجة التناقضات، فإن بلادنا ستكون أضحوكة الأجيال القادمة والعالمين!


    هذا هو التشخيص الموضوعي للحالة الانتخابية السودانية، وروشتة العلاج هي أجندة وطنية شاملة تدرسها وتقرر بشأنها القوى السياسية السودانية، لكيلا نرزأ البلاد بكوميديا مأسوية، وشر البلية ما يضحك.


    رئيس وزراء السودان السابق




                  

01-10-2010, 10:35 AM

محمد ابراهيم قرض

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1871

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    دائما ما تأتي
    بالمفيد يا الكيك ..
                  

01-11-2010, 07:54 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: محمد ابراهيم قرض)

    اشكرك
    اخى محمد ابراهيم قرض واتمنى ان ارضى كل الاذواق باختيارى ...
    واتركك هنا لهذا المقال الرائع هدية منى ..
    المقال للدكتور منصور خالد عن العالم السودانى الكبير التجانى الماحى فى ذكراه ...




    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=8348
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الإثنين 11-01-2010
    : فى الذكرى الاربعين لرحيل التجاتى الماحى 2
    : اورشليم ................ قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين
    د. منصور خالد


    أهاج هذه الخطرات حدثان: الأول رسالة من صديقِ عُمرٍ عرفته، كما عرفه رفاق دربنا، رجلاً في غاية الحِجى والفضل والرزانة . ومع تواتر تلاقينا عبر الرسائل، أو عند وفوده للسودان أو زياراتي لبريطانيا، لم أقرأ او أسمع من ذلك الصديق كلمة زوراء في حق فرد، أو تأنيباً لأحد، إلا هذه المرة. الحدث الثاني هو ما نقلته لي باحثة مجتهدة من حق أبويها أن يفاخرا بها. ما فتئت تلك الباحثة تطل على الناس عبرالصحف، تكاد تمسك بالجمر وتسير، لا تُبالي، فوق الاشواك.


    كتب صديقي الأثير الدكتور فاروق محمد فضل من أكسفورد حيث إستقر به المقام وأرفأن العيش - ومن الذي لا يرفئن عيشه في الريف الاوكسوني - يحدثني عن أمرين. أمران لا يجمع بينهما إلا رغبة هذا النائي البعيد عن الوطن، القريب منه بالحس والوجدان، في الوفاء بما حسبه ديناً عليه للوطن الذي أنجبه. الأمر الأول هو إستنقاذ مؤسسة خيرية بريطانية تعمل في السودان لعون المستضعفين من أبنائه وبناته. والثاني حول رحيل واحد من عمالقة الطب: الدكتور عبد الحليم محمد. رفأنينة الحياة لم تَحُل بين فاروق وبين الِهمة بما يدور في بلاده، والعزم على الوفاء بما لوطنه عليه من دين مستحق.

    ¬
    معاً من أجل السودان


    كتب إلى فاروق، كما أحسب أنه كتب لغيري، حول منظمة "معـاً مـن أجـل السـودان" (Together for Sudan) التي تكاد تنهار. أنشأت هذه المؤسسة الدكتورة ليليان كريق هاريس، زوجة السفير البريطاني الأسبق بالسودان: الان قولتي. ويضم مجلس إدارتها في بريطانيا نفر من البريطانيين الذين يستهمهم أمـر الســـودان بعيداً عن السياسـة. من هؤلاء، إلى جانب السفير وزوجه، البروفيسور هيرمان بيل الذي عاش زماناً فــي وطـــن النوبـيـيـن بشـمـال السودان. شعــــار المنظمة هـــو "تمكــــيــن المستضعـفين عـــن طـــريــق التعــــلـــيم" (Power to the Powerless through Education). وتركز المنظمة نشاطها في المناطق الطرفية من الخرطوم، جبال النوبة، مناطق النوبيين في شمال السودان، دارفور. وبتقاعد زوجها السفير ونزوحه إلى أمريكا فقدت ليليان هاريس، كما إفتقدت المنظمة، الدفع الكبير الذي كان يقدمه لها. ميزانية المنظمة للمشروعات التي نفذتها لم تتجاوز ربع المليون دولار في العام، إلا أنها حققت ما يكشف عن كيف يمكن للمنظمات أن تفعل الكثير بالقليل:
    • تدريب مئتين وسبع وأربعين (247) معلماً

    • تقديم مئتين وتسع وستين (269) بعثة دراسية جامعية.
    • ¬
    • توفير المكآفات المالية لواحد وتسعين (91) معلماً.

    • تمكين مائة وخمسين (150) طالباً من المصابين بالإيدز من الإستمرار في التعليم والقيام بدورات تدريبية وتنويرية لما يزيد عن الأربعة الاف شخص من المصابين بذلك الداء الخبيث.
    • توفير الإضاءة بالطاقة الشمسية لأربع وعشرين (24) موقعاً.

    • تقديم خدمات في طب العيون لقرابة الأربعة عشر ألفاً ممن يحتاجون للعناية شملت قرابة الثلاثمائة جراحة عينية .

    إستجابة لدعوة صديقي الوطني الغيور الذي اعرف جيداً أنه سخر جزءً من ماله لهذا العمل الخيري و أفلح في حض بعض زملائه من الأطباء على ذلك، أدعو في هذا المقال الخيرين – أفراداً أو مؤسسات - لتمكين هذه المنظمة التي أنشأتها سيدة من غير بني جلدتنا أحبت أهل السودان من أداء مهامها النبيلة. ليس لدي شبهة من شك في حرص هذه الصحيفة على إجلاء الأمر على قرائها، كما لا ينتابني شك في ان في السودان أفراداً ومؤسسات سيقلقهم كثيراً إنهيار هذه المؤسسة النافعة.

    والنجم إذا هوى

    الأمر الثاني الذي أبكى صديقي النائي / القريب هو ما لمسه من إهمال لذكرى واحد من معلميه ، بل معلم أجيال من زملائه الأطباء: الدكتور عبد الحليم محمد. يوم أن طرق سمعي نبأ رحيل ¬
    حليم، وأنا في جوبا، قلت: لم يرحل رجل، وإنما إختَرَم الموتُ نفساً كبيرة، وهوى نجم كان يتلألأ في سماء بلادنا.
    في بعض ما كتبت في الماضي أسميت الراحل: "الشيخ الحكيم". ذلك أسم كان يطلقه الأقدمون على إبن سينا، إذ ما ترك أبن سينا باباً من أبواب المعرفة إلا وطرقه. كتب في الطب - علمه الأساس الذي تمهر فيه - كما كتب في الأخلاق والموسيقى والمنطق والفلك والتوحيد والرياضيات (مختصر الأرثماطيقا).
    أحمد الله على حظوتي بصحبة ذلك النجم الثاقب الذي كان يتلألأ في سموات بلادنا. لم اعرف حليماً كما عرفه صديقي فاروق معلماً ومدرباً ومنبعاً ثراً لعلوم الطب، بل عرفته كرجل لكل الفصول. وأحمد الله ثانية على حِباء حليم لي بلقائه في كل صقع من أصقاع العالم قادتني إليه ظروف العمل، أو رمتني إليه عوادي البشر والزمان حين ضيَق البعضُ الواسَع في وطننا.
    لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها **** ولكن أخلاق الرجال تضيق ومما يضيق به الرجال "إحتمال الاذى ورؤية جانيه".
    في لندن، باريس، القاهرة، واشنطون، أديس ابابا، كان الملتقى مرات ومرات مع حليم. ولا تسألن حليما في غدوه ورواحه عن مبتغاه من الترحال. إذا إجترأ سائل على ذلك لقال له:

    ¬
    يقولون لي ما أنت في كل بلدة

    وما تبتغي؟ ما ابتغى جَلَ أن يُسمى


    يالها من ملتقيات تلك التي جمعتني مع الشيخ الحكيم. كان الشيخ الحكيم محدثاً ذا أفانين. يحدث عن الأدب شعراً وحكاوي، وعن الغناء شعراء ومؤدين، وعن الرياضة التي هو عليم بأسرارها وخبير بسرائر اهلها، وفي السير، خاصة سير رفاق دربه الذين تنضرت بهم حياته: محمد أحمد محجوب ، يوسف مصطفى التني، خلف الله بابكر، ومحمد عشري الصديق. ما ذكرت اللقيا مع حليم إلا وردت في مخيلتي صورة صديق قديم آخر، صلاح عثمان هاشم. ورغم آصرة القربى بين صلاح وحليم كان الذي جعل تلك الآصرة تتوشج بينهما ثقافتهما الثرة، وبعدهما عن وساوس الناس وحكاكاتهم. لا أعطش الله قبريهما.
    في تلك الملتقيات لم يستنكف الشيخ الحكيم الحديث عن مغامراته فتى وكهلا، بل حتى وهو شيخ يحبو نحو التسعين دون أن يوحي لك ابداً، أو يجعلك تتظنى، أنه كان يتأنق في الشهوات. ما اجمل الصدق مع النفس. لا عجب. أو ليس حليم هو القائل في "موت دنيا" (الكتاب الذي صاغه مع المحجوب) "كانت لنا مغامرات منها البرئ ومنها غير البرئ".

    ¬
    آخر لقاء مع الشيخ الحكيم كان في القاهرة عندما هاتفني فتحي محمود ليبلغني - وأنا في حفل عشاء أقامه صديق عزيز: الفريق عمر قناوي – أن حليماً قد وصل لتوه ويود لقاءك قبل سفره في الصباح الباكر إلى أوروبا. قلت لفتحي: "سيزدان الحفل بمشاركة حليم، فهيا بكما". كما قلت لمُضيفي: "هذا سوداني من طينة غير تلك التي عُجِن منها من تعرف من السودانيين: هو سياسي وأديب وطبيب وعالم، وفوق ذلك هو رجل يَتَكثرُ به عارفوه". ذلك كان هو اللقاء الأخير قبل أن تأخذ بحليم الشيخوخة وتنيخ على منكبيه لتُقعده.
    شكـــراً لفــاروق فقــد أوفــــى حليمــاً بعـض حـقـــه: تطـوع بكتــابة اكثر مـــــن تأبـين لــــه غــــداة وفـــاته: فـــي التايمـز اللندنية، والقـارديان، وحولــية اللــجــــــنة الملكـية للطـب (Journal of the Royal Society of Medicine ). ثم ذهب خطوة أخرى بوضع لوحة تحمل أسم الراحل الكريم في مقر الجمعية بشارع ومبول، كلفته مبلغاً ليس بالزهيد لم يستكثره على معلمه، إلى جانب لوحة اخرى بإسم زوجة فاروق الطبيبة الراحلة.
    ¬
    رحيل حليم أفجع الكثيرين من أبنائه النبهاء وعَبَر كل واحد منهم عن حزنه بالطريقة التي إرتأى، ولكن تسآلت أين المؤسسات؟ من بين هذه المؤسسات ما بكى وناح بعض القائمين عليها عند وقوع الرزء العظيم. أو هل كان ذلك هو منتهى جهدهم للإبقاء على ذكر الرجل؟
    ومن أبى في الرزء غير البُكا
    كان بُكاه منتهى جهده
    أين جامعة الخرطوم التي ربما لا تستذكرأن حليماً كان هو أول رئيس لمجلس جامعة الخرطوم غداة إستقلال السودان. ذلك منصب كان يحتله قبل الإستقـــلال الحــاكم العــام وكـــان يطـــلق علــيه إســــم الراعي (The Visitor). أو لا يؤهله ذلك المنصب، ان لم يكن قد أهله علمه وعطاؤه، لإنشاء قاعة للمحاضرات بأسمه. وأين ولاية الخرطوم ومعتمديتها، أو هل نمى إلى علمها أن حليماً كان هو أول عمدة (Mayor) للمدينة يديرها هو والإداري الحاذق داؤود عبد اللطيف بمفردهما في زمان لم تتورم فيه المدينة وتتورم إدارتها، وهو ورم خبيث في الحالتين. أو لا يجعل هذا، الشيخ الذي أعطى المدينة وما ابقى شيئاً، حَرياً بأن يُطلق اسمه على جادة او ميدان عام فيها؟ واين الصحافة التي تناسل فيها الأبناء والبنات حتى نُباهي بهم الأمم، أو ليس لحليم الذي كان من أوائل محرري جريدة المؤتمر دين ¬
    مستحق؟ ثم اين نقابة الأطباء؟ اتساءل عنها كما تساءل فاروق الوفي في خطابه، ما الذي صنعت لتُبقى على أسم الرجل حتى ولو كان ذلك بإطلاق إسمه على المستشفيات التي تولى إدراتها كأول سوداني عند الحكم الذاتي والإستقلال: مستشفى أمدرمان والمستشفى الجنوبي في الخرطوم. ثم أين أهل الرياضة الذين كان حليم رسولهم إلى العالمين، فيم وبم تذكروه؟ أو لا يستأهل الراحل الشامخ الذي اضفى بأسمه وسمته على الرياضة السودانية زهاءً ومصداقية، أن تنسب إليه واحدة من إستادات الرياضات المتعددة.
    ذهب حليم وبقينا نحن خلفاً له، فينا من لا يرحم حياً أو يترحم على ميت. تلك حالة تستوجب اللعنة، كحال الإعرابي الذي شهد جماعة تبكي ميتاً بدمع سخين. قال الإعرابي: "لعنكم اله، تبكون الميت ولا تقضون دَينه". أسأل الله أن لا تصبح بلادنا مثل اورشليم، قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين. (لوقا13: 43 ، ومتى: 23: 37).
    طبيب النفوس وملقح العقول

    الحدث الثاني هو إتصال الطبيبة النفسية ناهد محمد الحسن بي لتنبئني بعمل عظيم ستُقدم عليه مع نفر من عارفي فضل عبقري آخر من عباقرة السودان. مبعث أسى هذه السيدة الميفاءة، هذه المرة، هو إستخفاف أهلنا بكبريات الإمور، ومنها إيفاء من قَدرَوا حق قدرهم. ذِكرُ ذلك العبقري خَفَت في بلد طالما تداول سمع الناس فيه ذكر كثيرين لا ¬
    غناء عندههم. العبقرية تنسب لكل من إستجاد صنعته وحذق في مهنته وذاع صيته في العالمين، ومن هؤلاء الدكتور الراحل التجاني الماحي الذي نظمت ناهد للإحتِفاء بالذكرى الأربعين لرحيله (9 يناير 1970) وقد إنضام إليها في ذلك الجهد: إتحاد الكتاب السودانيين، مركز قاسم عثمان نور للمعلومات، المؤسسة السودانية للتراث الطبي، ومركز الخاتم عدلان. جميع هؤلاء سيلتقون في رحاب جامعة الأحفاد. لله درها، تلك المؤسسة التي ظلت تتساعى في همة وسخاء لإحتضان مثل هذه المناسبات.
    سألتني، بعد تأسيها على قلة الوفاء، إن كان لدي ما أضيف إلى ما تعرفه ويعرف صحبها عن مناقب الرجل. قلت: أن التجاني رجل لا يُوفي حقَه حديث، ولا يستوعب سيرته مقال، ولا تُجلَي مناقبه العدة في مطاوى كتاب واحد. فعطاء الرجل للإنسانية كان عطاءً بَتلاً بلا نظير. ثم قلت للباحثة المُلحِفةِ في غير أضجار أو مدعاة للتبرم، إن كان لي ما اضيف إلى ما ينبغي أن يكون علم الكافة في سيرة التجاني الحافلة فهو شذرات مما الممت به عن تقدير العالم له في الاروقة الدولية، وعن أثره على العالم المحيط بنا، أو عبر محاياتي له في باريس.

    كثيراً ما يرد إسم التجاني، كما يرد إسم حليم، على صفحات الشبكة الدولية للمعلومات مصحوباً بدورهما كاعضاء، أو رؤسساء دوريين، لمجلس السيادة، إبان الفترة التي أعقبت إنتفاضة إكتوبر 1964. ذلك ¬
    المجلس هو أعلى المواقع الدستورية في السودان الذي تتشهاه بعض النفوس. رئاسة التجاني وحليم جاءت إليهما منقادة ولم يسعيا لها، وعلني أظلم أياً من الرجلين إن قلت عنه: "ولم يك يصلح إلا لها، ولم تك تصلح إلا له". يصلح لكليهما كسبهما العلمي الذي تفردا فيه، فالعلماء ورثة الأنبياء لا الأمراء. ذلك هو العلم الذي قال عنه ابو حنيفة: "لو علم الامراء ما نحن عليه من علم لحاربونا عليه بالسيوف".
    عِلمُ التجاني، ونحن في سيرته، طبق الآفاق، فما من موقع ذُكر فيه اسمه إلا وجاء مصحوباً بنعت "اب الطب النفسي في أفريقيا". ذلك نعت ينبغي أن يفاخر به السودان، قبل أن يتباهى به المنعوت. وقد أصبح للتجاني في ذلك العلم تلاميذ كثر من السودانيين وغير السودانيين. ومن الأخيرين الدكتور توماس لامبو النيجيري الذي عمل على مدى عشر سنوات نائباً للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية. لم يكتف لامبو بإستدراج التجاني ليكون واحداً من كبار مستشاري المنظمة بل إنتهى به الأمر لأن يصبح حوارياً للتجاني. إرتحل لامبو إلى السودان ليقضي ستة أشهر في صحبة التجاني ليتعلم عنه تأصيل الطب النفسي في التربة الأفريقية. قال لامبو لصديق له ولي: الدكتور صلاح منديل الذي كان يعمل تحت إمرته:"لقد تعلمت من التجاني اكثر بكثير مما تعلمت من كلية الملك في جامعة لندن ومن جامعة بيرمنجهام". وأكثر ما تعلم لامبو عن التجاني، فيما روى، هو أن التجاني لم يكن يعالج المريض الفرد، بل كان يبحث عن علاجه في البيئة المجتمعية التي يعيش فيها، أي أنه كان يعالج ¬

    أدواء المجتمع. هذا موضوع اقدر مني على الخوض فيه الثلة من العلماء الاطباء التي ستتلاقى في التاسع من هذا الشهر لإستذكار سيرة التجاني الماحي.
    بذلك العلم، رحل لامبو إلى موطنه، نيجيريا ليقوم بثورة في الطب النفسي الذي لم يكن يستهوي ابداً أهل نيجيريا، خاصة في ما كان يعرف عند أهلها وأهلنا بالمصحات العقلية. جاب لامبو كل أنحاء نيجيريا بحثاً على خبراء الطب التقليدي في معالجة المرضى النفسيين، مستهدياً بما تعلمه من التجاني وما خبره من تجاربه في السودان، ليستعين بهم في "تأصيل" المعارف المستحدثة، أو "توطين" الطب النفسي الحديث، كما يُقال برطانة اليوم.

    أما محاياتي للعالم الفذ في باريس فقد كشفت لي وجهاً آخر من وجوه ذلك الرجل الموسوعي العظيم. كان التجاني، إبان عملي بمنظمة اليونسكو، يواظب على زيارة مدينة النور كل صيف؛ لم يغب عنها مرة واحدة طوال فترة إقامتي فيها. وما حط رحاله في تلك المدينة إلا وهاتفني لألحق به في مقهاه المفضل، مقهى السلام (كافيه دي لا بيه) في ميدان الأوبرا لتناول قدح من الشاي. وكان الموعد دوماً هو الساعة الخامسة مساءً مما يُنبي عن ترتيب، لا رتابة، في حياة الرجل. فعدم الترتيب في الحياة يعكس دوماً عدم إنتظام في التفكير. وما أن تبدأ شمس ¬

    الصيف الباريسي تتقبض لتدخل في مغربها حتى يقول لي: "هيا بنا إلى الحي اللاتيني".
    كانت الرحلة إلى ذلك الحي "المضمخ بعطر الحضارات" من امتع الرحلات في حياتي: ما مررنا بمعلم تاريخي إلا وأخذ التجاني يروي لي تاريخه وكأنه آثاري. وما أن شهد منظراً تستريح له النفس إلا وأخذ يحدو، بل يترجز في حدائه، لجمال ما رأى. وبين هذا وذاك كان كثير الإستشهاد بالقرآن، وليس ذلك بغريب على حفيد الشيخ حامد أب عصا. وكان في الرجل دوماً تواضع العلماء، ما وجهت إليه سؤلاً إلا وتَلَدَن في الأمر، أي تمكث فيه قبل ان يجيب. وما سعيت لمجادلته في شئ إلا وأصغى إلى في أناة، وفكر فيما اقول في سماحة حتى وإن كان فيما أقول سخفاً لا يخفى. ذلك رجل فريد، يؤنس به، وتتلقح العقول بصحبته.
    في تلك الرحلة كان السير يحط بنا دوماً عند مكان إختاره هو ، ولم أختره أنا ساكن باريس والعليم بدروبها. محط الرحلة مكتبة صغيرة تقع في شارع مهجور يقع في منطقة سان جيرمان ويُفضي إلى حدائق لوكسمبرج. عَرَّفني الرجل بتلك المكتبة، ولم ابرحها طيلة إقامتي في مدينة النور. في تلك المكتبة كان التجاني يقضي الساعات ينقب عن المخطوطات والخرائط، والرجل النقاب في اللغة هو الباحث ذو الفطانة. وكلما سألته عماذا يبحث؟ كان يقول: "إتبعني يا بني". كنت أتبعه ليقيني بأنه أدرى بالشِعاب. لم يكن الرجل، فيما تعلمت، يبحث عن عيون الكتب ¬
    الطبية، بل عن كل ما كتبه الرحالة الاجانب
    عن السودان، وما كُتب عن المصريات، وما كتبه المؤرخون عن حضارات أفريقيا الإسلامية: حضارات كانم ومالي وتكرور. وما اشار إلى الأخيرة إلا وترنم:

    أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب
    وصُبي جبال تكرور تِبرا
    سرنديب هو الإسم الذي كان يطلقه البلدانيون العرب على سري لانكا، وتكرور هي موطن التكارير التي كان التجاني يسعى لكيما يستخرج منها التبر. وما خرج الرجل من ذلك المنجم إلا بالعشرات من الكتب والمخطوطات يحملها وكانه يحمل جواهر نفيسة.
    التجاني واحد من العارفين، واحوال الكمال للعارفين، كما يقول مولانا جلال الدين الرومي، "لا يعرفها فج ساذج ومن ثم ينبغي أن نُقصِر الكلام مع هؤلاء ونقول لهم سلاماً" (المثنوي). ذهب العارف ونحمد الله أنا لم نحمل على القول:"ذهب الذين يعاش في اكنافهم". ذهب العارف بعد أن ترك لنا من ورائه سيرة طبقت الآفاق، وآثار لا يدرك قيمتها إلأفجاج، ثم "ثلة من الاولين وثلة من الآخرين" تدرك قيمة العلم، وتُبجِل العلماء، وتحتفي بذكرى العباقرة. تحية لناهد وتحية لجامعة الأحفاد، وتحية عاطرة للمؤسسات التي تستذكر التجاني الماحي في الذكرى الاربعين لرحيله.
    ¬
    بقي لي سؤال ينبغي أن يسأله كل حادب على صيانة ما خلف أمثال التجاني من آثار. ما الذي حاق بمكتبته العامرة التي أهداها لجامعة الخرطوم؟ لا شك لدي أنها لم تنجُ من القوارض الحشرية والحيوانية التي أهلكت الكثير من المكتبات في بلادنا. وكلي يقين أيضاً أنها لم تكن بمنجاة من القوارض البشرية. عَلّ الذين تجمعوا لإستذكار التجاني في اربعين رحيله يصرفون همهم لإنقاذ ما خلف التجاني من ذخائر معرفية في تلك المكتبة.
    التجاني فيما أعلم، لم يكن ينظم الشعر إذ إنغمس طوال حياته في الكشف عن غوامض النفس البشرية واسرارها. ولو قُيض له أن يفعل لتقفي أثر توماس هاردي، القاص والشاعر البريطاني. كان آخر ما سطر هاردي هو قصيدته التي اراد بها رثاء نفسه. قال: تَرى الناسَ إذ يعلمون أنني أخلدت إلى السكون الأبدي يُطلون على السماء الحافلة بنجوم الشتاء. يسترقون السمع إلى صوت يناجيهم أن نزل بينهم وبيني ساتر يُغيِّب وجهي عنهم، لا يرونه أبداً. ولكن يهامسهم ذلك الصوت بأنه ولى من كانت عينه لزيمة بكشف الغوامض والاسرار". وهكذا كانت عين التجاني.
                  

01-14-2010, 09:23 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    تعقيب على الطيب مصطفى عندما يتطاول الأقزام !! (1-3)
    بواسطة: admino
    بتاريخ : الأربعاء 13-01-2010 08:17 صباحا

    د. عمر القراي

    اجراس الحرية


    لم أر في الآونة الأخيرة، رجلاً منذور الحظ من الحساسية، متبلد الشعور، غث العبارة، يتمتع بقدر مهول من السماجة، والفظاظة، وقلة الذكاء الفطري، مثل الطيب مصطفى، صاحب صحيفة "الانتباهة" . أسمعه وهو يقدم نصيحة، للاستاذة أسماء محمود محمد طه: ( أود أن انصح اسماء محمود محمد طه بأن تنعتق من زمرة شياطين الإنس فقد قرأت أنها مع كثيرين غيرها خرجت من قيد والدها الهالك بمجرد ان جندل
    وسقط في مزبلة التاريخ فهلا تبرأت من والدها كما تبرأ ابراهيم الخليل من أبيه آزر) !! (الإنتباهة العدد 1479 بتاريخ 10 يناير 2010م).


    فهل يمكن لرجل به مسكة عقل، أن ينصح إمرأة واعية، يريد لها ان تنتفع بنصيحته، وتستجيب لها، يحدثها بأن أباها (سقط في مزبلة التاريخ)، ويريد لها ان تقبل كلامه، كناصح أمين، وهو يقول عن أبيها (الهالك) ؟! أليس من الجلافة، وبداوة الطبع، أن يحدث رجل إمرأة، أي كانت، عن أبيها بهذه الصورة السخيفة ؟! وهل الطيب مصطفى، حسب فهمه المتواضع للدين، مطالب بإتباع سنة ابراهيم عليه السلام، أم سنة محمد صلى الله عليه وسلم ؟! فحين نزل قوله تعالى في شأن المنافقين (أستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) جاء (روى العوفي عن أبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لما نزلت هذه الآية أسمع ربي قد رخص لي فيهم فوالله لأستغفرن لهم أكثر من سبعين مرة لعل الله ان يغفر لهم " ...


    وقال الشعبي لما ثقل عبد الله بن أُبيّ أنطلق ابنه الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان أبي قد إحتضر فأحب أن تشهده وتصلي عليه ... فأنطلق معه حتى شهده وألبسه قميصه وهو عرق وصلى عليه فقيل له أتصلي عليه ؟ فقال : " إن الله قال "إن تستغفر لهم سبعين مرة" ولأستغفرن لهم سبعين وسبعين وسبعين " وكذا روى عروة بن الزبير ومجاهد بن جبير وقتادة بن دعامة ورواه ابن جرير بأسانيده ) (تفسير ابن كثير – الجزء الثاني ص 360 . دار الحديث: القاهرة) . وحتى إبراهيم لم يبدأ بالتبرؤ من أبيه بل بدأ بالاستغفار له، قال تعالى ( إلا قول ابراهيم لابيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ )، ولم يتبرأ منه الا ¬ بعد أن تأكد له أنه عدو لله .. وحين كانت السنة السائرة، على عهد ابراهيم، أن يتبرأ الشخص من أبيه إذا كان عدو لله ، كانت سنة النبي الكريم، أن يحضر، ويصلي، ويستغفر، لعبد الله بن ابي بن سلول كبير المنافقين، الذي لم يشك احد في عدائه لله ورسوله .. فأي السنتين أحق بالاتباع لو كنتم تعلمون ؟!


    وهل قدم الطيب مصطفى، واشياخه في الحركة الإسلامية، عبر تاريخها دليلاً واحداً، على أن الاستاذ محمود عدو لله، حتى يطالبوا بالتبرؤ منه، إتباعاً لنهج إبراهيم، وصداً عن نهج محمد صلى الله عليه وسلم ؟! وهل يستبعد من الطيب مصطفى، وأخوته في المؤتمر الوطني، أن يكفروا الاستاذ محمود، بعد أن كفروا شيخهم، ومرشدهم، لأنه أختلف معهم، حول تقسيم أموال السحت، التي يتجرعونها ولا يسيغونها، من قوت الشعب ودمه ؟! ومع كل ذلك، لم يصف ابراهيم أباه، بهذه العبارات المنتنة، التي يطلقها الطيب مصطفى، بلا رقيب من ضمير، أو خلق .. فلماذا يريد لاسماء ان تقبلها منه، وتستمع لنصيحته ؟! ثم إذا كانت الاستاذة أسماء، قد أنشأت مركزاً ثقافياً، أطلقت عليه إسم والدها، لترفع من ذكره، وتحيي من سيرته الملهمة، لأرفع قيم الدين والبطولة، أليس من البلادة الفطرية ان يقول عنها شخص (فقد قرأت أنها مع كثيرين غيرها خرجت من قيد والدها) ؟! أين قرأت هذه الفرية ، وهل أنت تفهم ما تقرأ ؟! لو كنت تفهم، لحوت صحيفتك البائسة، مناقشة للآراء، والمواقف المخالفة لك، بدلاً من ان تكرر ( كلام ياسر عرمان يفقع المرارة)، ومرة أخرى (تصريح باقان يفقع المرارة )، فأنت دائماً موتور، ومتأذى، من مفاهيم، كان يمكن ان تناقشها وتفندها، لو أنك كنت تفهم ما يقال ويكتب !! يقول الطيب مصطفى ( أريد ان أذكر بأن محمود محمد طه سجن بالفعل من قبل الاستعمار البريطاني لكن هل تعلمون لماذا ؟ أجيب بأن محموداً قد سجن بالفعل لأنه شارك في تظاهرة ضد قرار الاستعمار البريطاني بمنع الختان الفرعوني !!


    أي الرجل كان من مناصري الختان الفرعوني ولم يخرج لمناهضة الاستعمار البريطاني !! )(الانتباهة 10/1/2010م). وحتى لو سلمنا جدلاً بهذه الحديث الساذج، الذي دلّ به الطيب مصطفى، على جهله المزري بتاريخ هذا البلد، أليس الاعتراض على قرار الاستعمار البريطاني، أي كان هذا القرار، مناهضة للاستعمار ؟! ولماذا لم يترك أشياخ الحركة ¬ الاسلامية، الذين يعتبرهم الطيب مصطفى أئمته وزعماءه، موضوع الختان جانباً، ويعترضوا على قرارات الاستعمارالأخرى، فيسجنوا، لأسباب أخرى، في نفس الوقت، الذي سجن فيه الاستاذ محمود بسبب إعتراضه على قانون الخفاض ؟! أما الحقيقة التي تعامى عنها الطيب مصطفى، فهي أن الاستاذ محمود، سجن قبل حادثة الختان الفرعوني، لكتابة منشورات، وزعت علناً ضد الاستعمار.. فقد جاء ( مثل الاستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهماً من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل بالسياسة ولا يوزع منشورات أو يودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك ، ولكن الاستاذ محمود رفض التوقيع مفضلاً السجن وقد اقتيد لتوه الى سجن كوبر) ( صحيفة الرأي العام 3/6/1946م).


    ولقد كذب الطيب مصطفي، حين قال ان الاستاذ محمود كان يؤيد الختان الفرعوني، فقد جاء في منشور الحزب الجمهوري، الذي كان سابقاً لثورة رفاعة (اننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود ان ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني ، أو نحلل الاسباب التي اوحت بها لابناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا ، ولكننا نود ان نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة إبتدعتها حكومة السودان إبتداعاً وتريد ان تجبرنا على إتباعها) ويمضي المنشور ليقول (إن الخفاض عادة سيئة ولها مضارها المتعددة ، ولكن السودانيين كبقية الشعوب لهم عاداتهم الحسنة ، وعاداتهم السيئة والعادات السيئة لا تحارب بالقوانين وإنما بالتربية والتعليم الواعي ..


    لا شك ان مجرد التفكير في الإلتجاء الى القانون للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس، تأصل الخفاض الفرعوني، دليل قاطع على ان حكومة السودان، أما ان يكون قد رسخ في ذهنها اننا شعب تستطيع القوة وحدها ان تثنيه عن كل مبدأ ، أوعقيدة أو ان تكون قد ارادت ان تقول للعالم الخارجي، أن السودانيين قوم متعنتون، وان تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية ... أما القانون في حد ذاته، فهو قانون أريد به إذلال النفوس، وإهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة .. قل لي بربك أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره ؟ وأي كريم يرضى بأن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيرته للطبيب للكشف ¬ عليهن ؟! عجباً لكم ياواضعي القانون أن تستذلونا باسم القانون ! أومن الرأفة بالفتاة ان تلقوا بكاسبها في السجن ؟! )( منشور الخفاض- الحزب الجمهوري –الأرشيف يونيو 1946م). وإذا كان الطيب مصطفى، لا يقرأ تاريخ الحركة الوطنية، ولا يهتم ليبحث فيه، ألم يقرأ الصحف السودانية في السبعينات، ولو من باب تأهيل نفسه، في مجال الصحافة الذي تقحمه بلا دراية ؟! فقد كتب التجاني عامر، المؤرخ السوداني المعروف، وهو يتحدث عن الاحزاب السودانية ( الحزب الجمهوري: قد يكون هذا الحزب من أقدم الأحزاب السودانية بحساب الزمن، وهو أول حزب صغير، يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي باصرار، بل بمناجزة وصدام، واسمه يدل على المنهج الذي انتهجه لمصير السودان ومؤسس الحزب هو الاستاذ محمود محمد طه، الذي كان من أبرز الوجوه الوطنية، في مستهل حركة النضال ) الى ان يقول ( وقد تعرض محمود للسجن الطويل، في خصومات أيجابية مع الانجليز، منها حادث " الطهارة الفرعونية" في رفاعة، وهو حدث اجتماعي، رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن) ( صحيفة الصحافة 16/4/1975م). والاستاذ محمود لم يدخل السجن ( لأنه شارك في تظاهرة ضد قرار الاستعمار البريطاني بمنع الختان الفرعوني) كما ذكر الطيب مصطفى زوراً وبهتاناً ، وإنما لأنه قاد ثورة رفاعة، إذ خطب في الناس في مسجد رفاعة، وتقدمهم فعبروا النهر، وحاصروا المركز بالحصاحيصا، وحطموا نوافذه ، واخرجوا المرأة من السجن، ورجعوا بها الى أهلها .. وكانت تلك أول مرة، يرغم فيها الاستعمار، على تكسير قراره ، وتراجع هيبته، حتى انفتح الطريق الى المقاومة الحقيقة، للحكم البريطاني. وتم إعتقال الاستاذ محمود، بعد تدخل الجيش، فقد جاء (جاءت قوة كبيرة من البوليس من مدني برئاسة مفتش المركز ، وفي نفس الوقت عسكر خارج رفاعة البلك الرابع من فرقة الهجانة بقيادة الصاغ أحمد عبد الله حامد الذي دخل الى رفاعة برفقة ضابط سياسي وقابل المفتش وكموندان البوليس ورجع الى مقر فرقته واعتقل الاستاذ محمود محمد طه وأحضر الى المركز ، واثر ذلك تحرك جمهور كبير نحو المركز وفي الحال نقل الاستاذ محمود الى معسكر البلك الرابع خارج المدينة وتحركت فصيلة من البلك الرابع لتعزيز قوة بوليس مركز رفاعة ) (الرأي العام 7/10/1946م) ¬ كما جاء في الأخبار ( علمنا أن الاستاذ محمود محمد طه رفض ان يقبل محامياً للدفاع عنه وانه أعلن بأنه لن يدلي بأية اقوال للتحقيق إلا على أساس مناقشة قانون منع الخفاض الفرعوني . وكان الاستاذان المحاميان الاستاذ أحمد خير والأستاذ زيادة قد تقدما للدفاع عن الاستاذ فشكرهما الاستاذ واعتذر لهما بأنه سيباشر القضية بنفسه ) (الرأي العام 12/10/1946م).


    وحين وقف الاستاذ محمود أمام القاضي ابورنات في محكمة مدني مدافعاً عن نفسه كان مما قاله (1- أهالي رفاعة جميعهم أبرياء ، وزملائي الذين سجنوا أبرياء ، وأنا برئ ، والمسألة في الحقيقة ، سلسلة أخطاء من الإدارة ، من أولها إلى آخرها .. كلما أخطأت الإدارة مرة ، وتمسك الناس بحقهم ، اعتبرته مساساً بهيبتها ، فاستعلت ، وأخذتها العزة بالإثم ، فقفزت في خطأ آخر ، هو في زعمها ، يعيد لها هيبتها في نفوس الناس .. وما علمت أن إجتماع الأخطاء ، لا ينتج منه ولا صواب واحد. (2- الوضع الصحيح المجمل لهذه المسألة ، هو أن الإدارة قد ضربت أهالي رفاعة فصاحوا من ألم الضرب بصوت خفيض ، ثم ضربتهم فصاحوا، ثم ضربتهم فصاحوا ، فاستاءت من أن يصيح المضروب المتألم ، فقدمتنا للمحاكمة ، فكانت هذه المحكمة.. ولو كنا نملك ما تملك ، لقدمناها نحن لهذه المحكمة ، ولكنا لا نملك جيشاً ، ولا بوليساً ، ولا سجوناً وقيوداً ، ولو ترك القطا ليلاً لنام . (3- قلت بالأمس ، إني وبالمثل أي عضو من أعضاء الحزب الجمهوري ، لا أنكر تهمة الإثارة ، لمجرد أنها تهمة إثارة ، إنما أنكر تهمة الإثارة ، بالنقد الذي لا يحترم الحقائق وبالتشويش المغرض .. ولقد كان من دواعي الشرف لي ، ولحزبي ، لو صح أني أنا الذي أثرت أهالي رفاعة حول هذه القضية ، لأنها من القضايا التي نقدنا فيها الحكومة ، وسننقدها الى ان تقلع عنها .. ولكن للأسف ، فإن الإدارة قد سبقتني الى هذا الشرف ، فاثارت أهالي رفاعة ، واثارتني معهم .. فلننظر . (7- قالت جريدة الرأي العام في يوم 24 سبتمبر، تحت عنوان رئيسي " القضاء ينظر في قضية الخفاض برفاعة " ، بعد حديث لها " وقد علمنا من مكتب الصحافة هذا الصباح ، أن قضية الخفاض التي سببت كل هذا الشغب ، هي الآن ، تحت نظر رئيس القضاء بالمصلحة القضائية ، وان التهم الموجهة الى الذين اعتقلوا في هذه الحوادث ، لا دخل ¬ (8- لها بآرائهم في موضوع الخفاض .. ولكنها تتعلق اولاً وأخيراً باستخدام القوة ، لتحقيق غاية ، في الوقت الذي كان في الاستئناف مفتوحاً أمام المتظاهرين. (9- هل باب الاستئناف مفتوح أمام المتظاهرين ؟ .. لننظر .


    (10- قالت الحكومة في بيان رسمي ، في الصحف ، ما يأتي " حصلت أخيراً في رفاعة حادثة أدينت فيها إمرأة لخفضها ابنتها خفاضا غير مشروع وحكم عليها بأربعة أشهر سجناً ، وقد قدم استئناف لمدير المديرية ، فرفضه ، وحبست المرأة في السجن" .. ومع ذلك فالحكومة تقول إن باب الاستئناف مفتوح !! وهذا الاستئناف رفض مع ان المرأة ، مسجونة بغير أدلة كافبة للإدانة ، وفيما أعلم لم يخبر المستأنفون ، ولا نحن مندوبي الهيئات ، الذين قابلنا المفتش ، بهذا الاستئناف ، وانما أعيدت المرأة للسجن والسلام .. فان لم يكن هذا سوء النيّة والاستخفاف بالناس فماذا عساه يكون؟ (12- مفتش رفاعة ، سجن أمرأة مصونة شابة ، في سجن عمومي مع خادمة عاهرة .. فحدثناه في ذلك ، فاعترف بعدم صلاحية السجن للنساء ، في رفاعة ، فأطلقها بضمانة ، وظل ما ظل في رفاعة لا يذكرها، فلماذا عندما ذهب الى الحصاحيصا، أمر باعادتها، الى نفس السجن؟! فهل تسمي هذا استخفافاً، بدين الناس، واخلاقهم، أم تسميه جهلاً بالناس، أم هما معاً ؟! سمه ما شئت فهو برهان ثالث . (13- إن تصرف المفتش هذا ، يجعل ما قمت به أنا ، في الجامع ، وما قام به الناس بالمركز ، شيئاً مفروضاً علينا ، في واجب الدين ، وواجب الاخلاق ، وواجب الحياة نفسها ، بل إن الناس قد سلكوا سلوكاً يستحق الثناء ، وقد شرحنا تفصيله للمحكمة ).
                  

01-14-2010, 09:32 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    أمة الامجاد وهدر الامكانات ....
    بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
    الأربعاء, 13 يناير 2010 17:38



    تتخذ الايديولوجيات المتعصبة الانسان وسيلة لتحقيق اهدافها،ولا يعني الانسان لها أي شئ.ولا قيمة أصيلة للانسان الا بمقدار ما يخدم أغراض تلك الايديولوجيا،فهو مجرد وسيلة.لذلك يمكن التخلص منه بوسائل متعددة لو مثل عقبة أو مشكلة في طريق تقدم أو نجاح الايديولوجيا.وهذا سبب تخلص ستالين وهتلر وبول بوت من الآف الاشخاص دون أي تردد أو شعور بالذنب والخطأ.فالايديولوجيا فوق الجميع،وارواح الناس مبذولة للفداء،وما هتاف بالروح بالدم نحميك يا فلان، الا الاستبطان الصريح لتلك الفكرة.لذا لم يكن غريبا أن تضحي الايديولوجيا الاسلاموية ممثلة في انقلاب الانقاذ بمئات السودانيين لضمان استمرارها.وضحت بالكثيرين من الطرفين في الجنوب ودارفوروفي حوادث اصغر،وب28 ضابطا في لحظات لحماية السلطة،خاصة وانها في هذه الحالة تدعي الدين وتنتسب له. وليس بالضرورة أن يكون الموت من خلال القتل المادي المباشر،فهناك قتل من خلال الشعور بالاحباط والظلم والغبن والاضطهاد وتقليل القيمة والتهميش.
    يمكن القول ،أن أعظم جرائم وخطايا الانقاذ- وهي كثيرة- هي عملية القتل المعنوي للانسان السوداني من خلال الحرمان من حق العمل بالفصل التعسفي وتعطيل الشباب والخريجين (والتي تسمي خطأ العطالة بينما هي تعطيل مقصود لأنها تقع علي شباب مؤهلين وذوي كفاءات). يعتبر الحرمان من حق العمل قتلا معنويا لأنه ينزع عن الفرد الميزة التي جعلت منه انسانا.فتاريخ التطور الاجتماعي والبيولوجي يري أن الانسان اصبح عاقلا بالعمل حين استخدم يده وبالطبع عقله وعينيه.وبعد العمل كوّن الانسان المجتمع ومضي صاعدا في سلم المدنية والتقدم.فالعمل ليس مجرد حاجة مادية،ولكنه حاجة نفسية وروحية.أما علي المستوي السياسي وحقوق الانسان،فإن حق العمل يعني الانتماء والمواطنة،وإن المرء يشارك في بناء.فالمسألة ليست مجرد الحصول علي مرتب،بل الشعور بالمشاركة والقيمة المكتسبة من شعور المساهمة في بناء الوطن،مهما كان حجم المساهمة.لذلك،يعتبر تعطيل مواطن وابعاده قسرا عن المشاركة في تطوير وطنه من خلال العمل والانتاج ، هو التهميش الحقيقي والذي يفوق أي اقصاء أو إبعاد آخر مهما كانت اسبابه:اثنية أو دينية.
    وكثيرا ما يهمل السودانيون التمسك بحقوق إنسانية أصيلة،أو قد يجهلون هذه الحقوق في احيان كثيرة.فقد اكدت مواثيق حقوق الدولية علي حق الانسان في العمل.فقد ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان،خاصة المادة(23) ما يلي:-
    1-لكل شخص حق العمل،وفي حرية اختيار عمله،وفي شروط عمل عادلة ومرضية،وفي الحماية من البطالة.
    2- لجميع الافراد،دون أي تمييز،الحق في أجر متساو وعلي العمل المتساوي.
    3- لكل فرد يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولاسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية،وتستكمل،عند الاقتضاء،بوسائل اخري للحماية الاجتماعية.
    4- لكل شخص حق انشاء النقابات مع آخرين والانضمام اليها من أجل حماية مصالحة.
    هذه حقوق واضحة وصريحة في ميثاق دولي وقع عليه السودان ويفترض أن يكون ملزما له وان يكون السودان ملتزما بلا تردد بهذه المواد والبنود.ولكن النظم الشمولية مثل نظام الانقاذ تري في التوقيع أوالانضمام للاتفاقيات الدولية مجرد تبرئة ذمة واستباقا لأي ادانة حين ينتهك النظام تلك الحقوق.لذلك،تظل الاتفاقيات مجرد حبر علي ورق،ما لم تفرض الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقة علي النظام احترام تلك العهود والمواثيق.فهذه قضايا بدهية:الحق في العمل والعمل حسب المؤهلات وأن يكون الأجر أو المكافأة أو الدخل ملبيا لتحقيق الحاجات الاساسية لحياة كريمة.وشوارع السودان ملئية بالآف المحرومين من هذا الحق ويقبلون وضعيتهم وكأنها قضاء وقدر وليس من صنع بشر متسلطين.
    يبدو عنوان المقال وكأنه يتحدث عن امة الامجاد – حسب النشيد المعروف-وكأنه
    سوف يعدد امجاد وانجازات واشراقات السودان أو أمة الامجاد التي يصفها النشيد في أحد مقاطعه:
    امتي ياامة الامجاد والماضي العريق
    يانشيدا في دمي يحيا ويجري في عروقي
    الي أن يقول:-
    امتي سيري إلي المجد وجدي في المسير
    حققي بالعمل البناء احلام الدهور
    واصعدي بالعلم والاخلاق للنصر الكبير
    اصعدي ياارض اجدادي وامي وابي
    وحدد الشاعر وسائل الارتقاء الي المجد وتحقيق احلام الدهور في العمل والعلم والاخلاق.ولكن امة الامجاد المقصودة في هذه المقال تتكون من سائقئ ومالكي سيارات الامجاد.فهم في غالبيتهم مهارات وقدرات العمل مع خصال وفضائل العلم والاخلاق.فقد حظيت كزبون دائم للتنقل بسيارات الامجاد،بالحديث والدردشة مع سائقي.وقد اكتشفت أنني حيال فئة اجتماعية يمكن أن تكون حكومة ظل لديها كل التخصصات والخبرات مع الوعي ومحبة الوطن رغم كل المرارات.فأنت تجد بين سائقي الامجاد ضباط من القوات النظامية في عز شبابهم وقوتهم احيلوا الي المعاش للصالح العام!مازلت لا اعلم صالح من هذا الذي يشرد المؤهلين لاسباب حزبية بحتة.وتجد بين السائقين ،شبابا من الخريجين في مقتبل العمر واصحاب تخصصات دقيقة مثل هندسة الكمبيوتر والكهرباء ومن يحضّرون لدراسات عليا في العلوم السياسية أو الاعلام.وفي صباح الاثنين الماضي ركبت مع شاب يدعي علي حسن،وعلمت من الدردشة أنه متخصص لغات:انجليزي وفرنسي،وله المام جيد بلغات اوربية اخري لأنه عاش لفترة في اوربا.وفشل في الحصول علي وظيفة مترجم.
    السؤال كيف تكونت امة الامجاد هذه؟المنبع الاول هو الفصل التعسفي وتعطيل الخريجين عن العمل.فقد اتخذت الانقاذ من حملات الفصل التعسفي آليات لاذلال المعارضين من خلال التجويع خاصة وأن الدولة حين المشغل الرئيس للمواطنين.وأعرف الكثير من الحالات التي تم فيها فصل الزوج والزوجة معا وفي نفس اليوم.وقد صاحب هذه الوسيلة آلية تسهيل هجرة المفصولين بقصد افراغ البلاد من المعارضين،وكان بامكان الأمن حظر سفر الكثيرين.ومن لم يفكر في الهجرة أو فشل فيها،فله مكان محفوظ خلف مقود احدي الامجادات. أما الشباب المعطّل عن العمل،فالسبب في حرمانهم من العمل يعودالي أن شروط التعيين ليست عادلة ولا حرة ولا نزيهة(وهذا مصير الانتخابات القادمة!)فمن الواضح ان نظام الانقاذ اختار وبلا حياء تفضيل اها الولاء علي اصحاب الكفاءةوبالتالي لم تعد المنافسة مبنية علي التأهيل والتفوق والكفاءة.اذ يطلب من المتقدم للعمل ايراد اسماء ثلاثة يمكن الرجوع‘ففي البلدان المتقدمة تكون هذه المرجعية من الاساتذة الذين درسوا المتقدم ولكن في السودان يراد بها معرفة صلة المتقدم للوظيفة باشخاص في التنظيم.واصبحت القبيلة ذات اهمية في ارانيك التقديم،خاصة في المؤسسات ذات المرتبات العالية والامتيازات وقد صارت محتكرة لمؤيدي والمتعاطفين مع النظام.
    ومن الواضح أن السودان قد اصبح دولة ووطن الحزب الواحد الذي اعطي نفسه حق حرمان السودانيين من حقوقهم في العمل.وهذا وقد اصبحت موارد الدولة حاكورة رمزية يمتلكها النظام.وظاهرة "امة الامجاد" تعري نظام الانقاذ ،والذي يزوّر تسمية:حكومة الوحدة الوطنية،فهي تبين ان الانقاذ هي تجديد لقصة مدينتين حسب ديكنز.مدينة الانقاذ مقابل بقية السودانيين،إذ غابت المساواة بين المواطنين.كما اختلت مبادئ الرجل المناسب في المكان المناسب.وقد سلحت الايديولوجيا الجهل والركاكة بالسلطة المطلقة. وتعمل علي اضعاف الولاء للوطن لان الوطن لم يعطهم شيئا،خاصة الشباب الذين يرون آباءهم الدافعين دم قلوبهم لتعليمهم والآن تملأهم الحسرة والغيظ لأن آمالهم في فلذات اكبادهم طوحت بالميل.وهكذا تهدر امكانات الوطن من أجل مشروع ثبت فشله حيث اعاد البلاد للمجاعت رغم انتاج النفط،ورمي بالاستقلال الذي جاء بلا شق ولا طق في احضان الوصاية والانتداب الامريكي الجديدين
                  

01-15-2010, 08:35 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الخميس 14 يناير 2010م، 29 محرم 1431هـ العدد 5948


    ضرورة تأمين المناخ السياسي قبل الانتخابات

    عمر الترابي
    [email protected]
    عمر الترابي

    ظلت الديمقراطية خلال النصف الثاني القرن الماضي خياراً مُرتضىً لتوطيد حُكم الشعب في العديد من الفعاليات التنظيمية التي تتمايز شكلاً ومضموناً وتختلف صيغها ومراميها ومجالاتها من المجالسِ الشعبية والبلدية مروراً بمجالسِ الحُكم والأحزاب صعوداً إلى مؤسسات الرئاسة وقمم الهرم القيادي في الأمم، وبذلك الإختلاف تتأثر الديمقراطية أيضاً فتختلف أشكالها ومسمياتها ولكنها تتحد في قيامها علَى أُسسِ التداول السلمي للسلطة و حكم الأكثريّة مع مراعاةِ حقوق الأقليّات والأفراد وحتماً فإن هذا المُسمى يضيق ويتسع في مخاطباته للمجتمع الحر أو الحكم الرشيد، وشارات الديمقراطية غالباً ما تُبشر بالرضى الشعبي وتخمد التأورات التي تُهيِّجُها نيرانُ الكبتِ ويُزكيها الطغيان- إلا أن كل أطوار هذه الممارسة يجب أن تكون محكومةً بضوابط التراضي و الإلتزام بنهج وطني ٍّمستقيم-، وقطعاً يأتي الإنتخاب واسطة عقدٍ في هذه الممارسة الهامة كإحدى آليات تداول الحكم بالتراضي في الديمقراطيات الحديثة نيابيةً كانت أم مباشرة، و نحمد إلى الله ان بلادنا بعد غياب طويل (نأمل) أنها تنحى اليوم نحو التحول الديمقراطي و تتأهب للدخول في الإنتخابات إمضاءً لميثاق السلام الذي وُقِّع في نيفاشا لتحقيقِ السلام الشامل والتنمية المستدامة في السودان.


    والحق أن السودان عاش في السنين الأخيرة، سنوات حرجة؛ فالتطور المُتسارع للأوضاع وصل بالناس إلى مرحلةِ الأزمة الشاملة، حتى أن بعض الأجيال وهنت لديها الأحلامُ بميلادِ دولة عصرية يتساوى فيها الناس في الحقوق والواجبات وتهاوت الأمنيات صريعة، بل أن البعض اعتبر أن مشروع الدولة الوطنية مهدد بالسقوط حيال الأزمات التي دُبرت و أديرت لهذا الوطن، هذا الشعور وفّر أرضية مناسبة أقنعت كل أطراف الصراع في السودان بأهمية اللجوء إلى الديمقراطية، إذ أُعتبر أن غيابها هو سببٌ أصيل لجمة الكوارث التي ألمت بالبلاد، فولّدت هذه القناعة الإتفاق المشار عليه عاليه ومتمماته من اتفاقيات سلام، وميثاق نيفاشا هو الذي قرر إجراء تراتيب لتمكين السلام في الوطن أولاً ثم أعقبها بانتخابات لتضمن استمرارية السلام وبناء الدولة العصرية التي تعتز بهويتها السودانية ومكوناتها.


    قطعاً تأتي هذه الإنتخابات في مرحلة مفصلية من تاريخ الأمة و التفاعل معها كحالة استثنائية وتناول أمرها بفكر- ينفك عن إسار النصية وينهض بمقصدياتها- لهو ضرورة وطنية، فهذه الإنتخابات ستكون بوابة لتاريخ جديد و يعتقد البعض أنها ستكون من موجهات وحدة السودان من عدمها، ولا يتوانى أحد في إبداء تخوفه من ما ستفضي إليه إن لم تُجرى بالطريقة المستقيمة، فحتى تتحقق مقاصد الإنتخابات و قيم الديمقراطية يجب تأمين المناخ السياسي حتى لا ينالنا الندم بعد فوات الأوان متعذرين بإلتزامنا حرف عهد وتناسينا قصده، فالتجارب الإنتخابية التي انتظمت في العديد من الدول تجعلنا أكثر حرصاً على ضرورة تأمين المناخ السياسي، لنتجنب الفوضى و لنتعظ من التجارب في الدول الصديقة (كينيا، موزبيق، إيران)، التي تابعنا تجاربها بكثير من الأسى ورأيناها تتفلت عن القيم التي يبنبغي أن تتسم بها الممارسة الديمقراطية، وقد تسببت انتخاباتها في حالة كان من الممكن تجنبها لو أُعملت الحكمة و وُفِّرَ المناخ السياسي الحميد لإجراء انتخابات، ورأينا كيف أثر ذلك في الإقتصاد المحلي لتلك الدول وغشى بالإضراب أثراً حتى على السلم والأمن العالميين.


    إن عملية التحول نحو النظام الديمقراطي ليست عملية محسومة سلفاً، ولا تأتي في إطار (نقل) تجربة الآخر من الأمم ذات السبق الديمقراطي حرفياً، بل هي مسعىً تراكمياً يُوالى بالتطور والنقد والمراجعة والتنقيح، ويُراعى فيه دوماً ضرورة تحقيق مقاصد العملية الإنتخابية واستدرار الرضى الشعبي، وأي ممارسة تخرج عن هذه المقصدية لا يصح وصفها بالديمقراطية إلا تجملاً!


    حالة الإستقطاب السياسي و ما أفرزته من مناخ سياسي مشحون وما أزاكها من جدال سياسي وقانوني أخير بين شريكي الحكم و حلفائهما، زادت من وتيرة التوجسات التي دعت المراقبين إلى المطالبة بعمل سريع يُنقذ الإنتخابات ويضمن سلامتها، هذا بدوره أحيا معاني الوفاق وضرورته بين الأحزاب السياسية، لذلك كان لا بد من ظهور تيار وفاقي عام يُعاصِي حالة التوتر المتأججة التي تهدد سلام وأمن الوطن ومكوناته.
    جاءت مبادرة مولانا الميرغني القديمةُ الجديدة، لترفع راية السلام وشارة الوفاق وبرّاق الأمان، وهي مبادرةٌ متجردة من حزب ديمقراطي يجِدُ في تنزيل معاني الديمقراطية وقيمها في السياق الذي يحفظ للأمة هويتها ويضمن وحدتها ويؤيد سعيها نحو الخير، فتاريخه المشرق انضاف إليه مثابرته الحالية في دعم التحول الديمقراطي نضالاً ثم مشاركة في التحول بالطرح و النقد البناء ومن ثم التلمس لعلاج أدواء الأمة، فقد كان أول الأحزاب تحديداً لرمزه الإنتخابي (العصى) وكان أول من قاد حملات التوعية بأهمية التسجيل في الإنتخابات ودبت قواعده حركة دؤوبة ونشطة، وبالتزامن مع ذلك كان يرفع شعار (أولية الوطن) وضرورة أن تكون الإنتخابات منزهة عن التلبيس والغرض، و تزامن مع ذلك عرضه للوحدة الوطنية الذي قدمه للحيلولة دون انفصال الجنوب.


    لم يُخيب شريكا الحكم في السودان الظن الشعبي بهما فقد أعلن المؤتمر الوطني دعمه وتأييده للمبادرة، و بحكم العلاقة التاريخية بينهما يبقى دعم الحركة الشعبية القديم (متجدداً)، فقد كانت الحركة الشعبية أول من دعم المبادرة في طرحها الأول فالأكيد أنها اليوم ستجدد دعمها فما بينها وبين الإتحادي أصيلٌ منذ أن تواثقا على وحدة السودان أرضاً وشعباً في 1988م، والقيمة الحقيقة التي ستحققها مبادرة صاحب السيادة السيد محمد عثمان الميرغني «حفظه الله»، هي أنها ستُعيد أجواء الحوار الوطني وتُعيد البريق للحل (السوداني- السوداني)، وعودة الحوار الوطني ستؤدي إلى وفاق وطني عام، وحدّ أدنى من الإجماع الوطني الذي سيكون بدوره صمام أمانٍ للوطن.
    لعل سياق الطرح في هذا المقال كان القصد منه تكرّيس المبادرة لعلاج أزمة المناخ السياسي بإعادة الوفاق لضمان تحقيق مقاصد الديمقراطية وتأمين عواقب الإنتخابات، وإن كانت مقاصد المبادرة تتسع لأوسع من ذلك ولكن لفت النظر لهذه الجزئية يُضاعف من جهود القائمين عليها ويُسارِع بخطواتهم نحو تحقيق مؤتيات الوئام، فمسؤولية المبادرة اليوم أن تخاطب التيارات السياسية كلها، وكما أُعلن فإنها ستخاطب الجميع بلا ممايزة ولا إقصاء، وجلوس أهل السودان في صعيد واحد هو نصف الحل بلا شك.
    إن حاجة الأمة السودانية اليوم للوفاق تفوق حاجتها إلى أي شئ آخر، فالمشكلات الحقيقة التي ينبغي أن تُفرغ فيها الجهود و توجه إليه العقول، ما تزال بعيدةً عن التناول بسبب غياب جو الوفاق الوطني، وهي مشكلات في عمق المجتمع و بين أوساطه، و إنشغال النُخبة السياسية بتأطير الأُطر العامة و ترسيخ المبادي وتقويم المباني يحرم الأمة من عطائهم في هذه الجوانب الحية، فبلادنا بفعل عوامل عدة دخلت إلى دائرة مشكلات اجتماعية مثل العنف المدرسي! و مشكلة المخدرات مثلاً وغيرهن من القضايا التي لا تُحل بسن القوانين وإنما تحتاج إلى جلسات وندوات ومؤتمرات فكرية وتنمية لكل البواعث الأيدلوجية لتخاطب المشكل الإجتماعي والتعليمي والسياسي.
    لذلك يأتي عشمنا بأن تتوافق هذه النُخب، خاصةً وأنه قد تهيأت لنا الآن مبادرة وطنية خالصة لا شروط فيها، و قد اكتسبت موافقة وتأييد من فعاليات المجتمع و قيادات الأحزاب، حتى يتواثقوا على الحد الأدنى من الإجماع الوطني، ويتنادوا إلى مواثيق شرف تعصم التجربة الديمقراطية من الإنزلاق إلى وحل الفشل، فيأمنوها عبر تمليك السلطة-المنتخبة المقبلة- قدرةً على فض التراعات، و الإسهام في توفير بنية اقتصادية فعالة، و كبح محاولات تغيير البنية الأساسية للمجتمع.
    مما يُبشر بإمكانية اختراق الوضع المأزوم والتقدم نحو الحل عبر هذه المبادرة، عبقرية الزمان الذي أُنعشت فيه، فالبلاد تحتفل هذه الأيام بفواتح عام هجري وميلادي، و ذكرى الاستقلال المجيد وأيضاً أعياد السلام (نيفاشا)، وتأتي أيضاً هذه المناسبة لنرفع مناشدتنا بضرورة تفعيل اتفاق القاهرة الذي وقع بين التجمع الوطني الديمقراطي و الحكومة السودانية، وهو اتفاق قومي مجيد، انفك عن إسار الجهة و الإثنية وخاطب مشكل السودان بقومية واضحة، فالإحتفاء الرسمي به يُبشر بوحدة السودان ويمجدها، خاصةً وأنه شمل توقيع فخامة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه نيابة عن حكومة السودان و صاحب السيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني نيابة عن التجمع الوطني الديمقراطي والراحل الدكتور جون قرنق نيابةً عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، وكانوا في معية الشقيقة مصر المضيافة و شرفها بالحضور فخامة الرئيس محمد حسني مبارك، فإتفاق بهذا العمق ينبغي أن يُعمم خيره و يُرعى تنفيذه، ليتمم عمل مبادرة مولانا الميرغني للوفاق الوطني باعتباره الأساس الأول للمصالحة الوطنية.
    إن أمل جميع بني السودان اليوم أن تُتَوج جهود مولانا الميرغني و حزبه العملاق بوفاق سوداني شامل، فعبر هذا الوفاق الوطني الشامل سنمضي واثقين من أن تجربتنا الديمقراطية القادمة ستصب في تدعيم الرضى الشعبي و سيتقبل أهل السودان كما العهد بهم- نتاج العملية الإنتخابية (المنزهة عن التلبيس والتزوير) والذي سيكون حكومة رشيدة ورصيفتها معارضة وطنية يعملان سوياً من أجل الوطن، فعلى قادة الأحزاب الوطنية أن يغتنموا هذه الفرصة؛ فان لهذا الشعب حقاً ينبغي أن يؤدى، فأعيدوا بالوفاق الحلم لأبناء هذا الوطن، إنهم يحلمون بوطن يسع الجميع متصالح و متسالم يسوده العدل والأمان، وهذا سادتي لا يتأتى إلا بالوفاق، والوفاق لا يتأتى إلا بتصافي النوايا واستحضار التقوى التي تربي في النفوس معاني إصلاح ذات البين و تنأى بهم عن الحوالق والمهالك والمزالق التي تجلبها المماحكة والشحناء والبغضاء والعداء، إن المسؤولية الآن هي العمل على تهيئة مناخ يُدَّعم مساعي هذه المبادرة، والله المسؤول أن يُصلح ذات بيننا و يرحمنا بالوفاق وينجينا من الشقاق، به الإعانة بدئاً وختاماً.

    الثحافة
                  

01-15-2010, 11:20 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    عن الإسلام وحركاته: هل هناك أصلاً حاجة لحركة إسلامية؟ ..
    بقلم: د. عبدالوهاب الأفندي
    الخميس, 14 يناير 2010 09:02


    هناك رواية متناقلة مفادها أن الشيخ حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين كان قد طلب من العاهل السعودي الملك عبدالعزيز آل سعود السماح له بإنشاء فرع للحركة في المملكة، فجاءت الإجابة بالرفض، بحجة أن كل سكان المملكة "إخوان مسلمون" أصلاً ولا حاجة لهم بمثل هذه الحركة. وهناك منطق في هذه الحجة، لأن نشأة الحركات الإسلامية جاءت على خلفية غياب وفشل المؤسسات الإسلامية التقليدية في القيام بواجب الدفاع عن أسس بقاء المجتمعات الإسلامية وقيمها في وجه هجمة الحداثة الاستعمارية. وكان سقوط الخلافة هو الحافز الأول الذي دفع إلى التفكير في إنشاء حركات تدافع عن الإسلام، ولكن الشيخ البنا لم يفكر جدياً في إنشاء حركته إلا بعد أن طاف على العلماء والمشايخ يندبهم للتصدي لما رآه خطراً ماحقاً يهدد أسس المجتمعات الإسلامية ممثلاً في استشراء التغريب والتنكر لتعاليم الدين. ولو أن العلماء استجابوا للشيخ ونظموا الحملة التي طلب فالأرجح أن المعلم الشاب كان سينصرف إلى هم آخر.



    ولم يكن من المتصور أن تقوم حركة إسلامية في المدينة في العهد النبوي، ولا في فجر عهد الخلافة الراشدة، لأن كل أعضاء ذلك المجتمع (باستثناء طائفة المنافقين بالطبع) كانوا حركة إسلامية. ولعل أول "حركة إسلامية" في العصر الإسلامي (أو حركة ترفع راية "العودة إلى الممارسات الإسلامية الحقة، أو "سيرة الشيخين" في هذه الحالة) كانت حركة التمرد على الخليفة عثمان رضي الله عنه. وسرعان ما لحقت بها حركة الخوارج، ثم الحركات الشيعية بمختلف توجهاتها، ثم حركة أحمد بن حنبل وبعدها بحقب حركة ابن تيمية. وما يجمع بين هذه الحركات الاعتقاد بأن القيادة السياسية ومعها غالبية المجتمع قد انحرفت عن النهج الإسلامي الصحيح، وأن الفئة المعنية هي وحدها التي تجسد الولاء الكامل لذلك النهج وأن من واجبها إعادة الدولة والمجتمع إلى حظيرة الإسلام.



    بحسب هذا المنطق فإن الحاجة إلى الأحزاب الإسلامية تظهر حين يعم الانحراف. وعليه فلو عاد الأمر إلى جادة الطريق فإن الحاجة لهذه الأحزاب تنتهي. وقد طبق آية الله الخميني هذا المنطق عملياً حين ما أمر بحل الحزب الجمهوري الإسلامي، حزب الثورة الإسلامية في إيران، في عام 1987. وهذه حالة تثير الانتباه، لأن هذا الحزب نشأ بعد الثورة الإسلامية، وأصبح ذراعها الأقوى في وجه خصومها. وقد استجاب الخميني لطلب مشترك تقدم به أكبر هاشمي رفسنجاني وآية الله على خامنئي بحل الحزب بسبب الخلافات العميقة التي تفجرت وسط قياداته وعضويته، خاصة حول السياسات الاقتصادية. فالأمر لا يتعلق هنا بحل الحزب الإسلامي بعد اتخاذه وسيلة لبلوغ السلطة كما حدث في السودان، بل حل التنظيم الذي نشأ بعد الثورة. والمقابل لهذا الأمر في الحالة السودانية يكون حل المؤتمر الوطني بعد الانشقاق.



    نورد هذه المقدمة ونحن نستأنف حديثنا الذي بدأ الأسبوع الماضي حول إنهاء وجود الحركة الإسلامية في السودان من قبل النظام الذي جاء إلى السلطة عبرها، وذلك لنتأمل هذه الحالة بعقل مفتوح. فليس من الضرورة أن تستتبع دعوة الكف عن المغالطة حول وجود حركة وهمية القول بأن وجود الحركة ضروري، أو أنه من غير الممكن الاستعاضة عنها بتنظيم من بالأشكال، بل بالمضمون والوظيفة.



    من ناحية المبدأ، ليس هناك ما يمنع قيام أحزاب إسلامية في دولة تدعي أنها إسلامية (وإن كانت الحكومة الحالية غير واضحة في هذا الخصوص، حيث تدعي الإسلامية حين يحلو لها، وترفع دعاوى أخرى عند اللزوم)، وإن كانت وظيفتها ستختلف بالضرورة. ففي الولايات المتحدة التي تدعي أنها جمهورية ديمقراطية، هناك حزب جمهوري وآخر ديمقراطي. وفي معظم الدول الديمقراطية هناك أحزاب تتسمى بالديمقراطية (مع إضافة بعض الأوصاف، مثل "اشتراكي" أو "مسيحي").



    ولكن كلمة السر هنا هي "ديمقراطي"، لأن النظم الديمقراطية تسمح بتشكيل أي أحزاب وتنظيمات يريدها المواطنون. ومن ناحية نظرية، فإن السودان أيضاً مقبل على تحول ديمقراطي، مما قد يتيح أيضاً الفرصة لتشكيل حركات إسلامية. ولكن حتى الآن فإن الحكومة تبذل كل وسعها حتى لا تقوم حركة إسلامية مستقلة عن الدولة. ولكن هذا لم يمنع من قيام حركات ترفع راية التوجه الإسلامي، من أبرزها المؤتمر الشعبي الذي لا تدخر الحكومة وسعاً في محاربته. ولكن هناك تنظيمات "إسلامية" أخرى، مثل السلفيين وحركة الإخوان المسلمين، وهي تنظيمات متحالفة مع السلطة.



    ولكن المشكلة الأكبر التي ستواجه أي حركة إسلامية تريد خوض غمار المنافسة الديمقراطية في السودان هي إرث النظام الإنقاذي وممارساته التي ستشكل عبئاً ثقيلاً على أي حكومة. فقد كان للحركة الإسلامية السودانية قبل عهد الإنقاذ خطاب تجديدي ديمقراطي، ولكن الممارسات خلال العهد الإنقاذي كانت أبعد ما تكون عن مقتضى ذلك الخطاب. وما تزال الحركة الإسلامية بأجنحتها المختلفة في حالة إنكار وإحجام عن أي نقد ذاتي موضوعي يعيد صلة الحوار بينها وبين بقية طوائف المجتمع. فما لم تتم هذه المواجهة مع الذات والتصالح مع الآخر، فإن مستقبل الحركة الإسلامية في أي وضع ديمقراطي قادم سيواجه مشاكل كثيرة ويتحول إلى حالة طائفية تؤدي إلى الاستقطاب وتهدد الاستقرار.



    وهذا يعيدنا إلى النقطة المحورية التي أشرنا إليها في الحلقة الماضية، وهي أن كلا جناحي الحركة مسؤول عن تلك الممارسات. فعلى سبيل المثال نذكر أن حل الحركة الإسلامية ومنع أي محاولات لحلها تم قبل الانشقاق، وقد تعرض بعض من حاولوا إعادة الحياة إلى الحركة الردع والقمع، كما حدث مع الأخ محجوب عروة الذي تعرض للاعتقال والتحذير حين شرع مع آخرين في جمع توقيعات تطالب بعقد اجتماع لمجلس شورى الجبهة الإسلامية. وقد تعرض كاتب هذه السطور ولا يزال لهجمات شرسة لأنه دعا إلى النقد الذاتي ومارسه. ويجب هنا أن أسجل لإحقاق الحق أن كلاً من الشيخ الترابي والأستاذ علي عثمان تقبلا نقدي بصدر رحب وناقشاني فيه بموضوعية. ولكن هذا لم يمنع من أن النظام ككل كان رافضاً للنقد وإعادة تقييم التجربة، ويعتبره تشويشاً على الأفضل وخيانة على الأسوأ.



    رفض الأنظمة التي ترفع الشعارات الإسلامية سواء أكانت في السعودية أو إيران أو السودان السماح بقيام حركات إسلامية مستقلة ينبع من الحرص على احتكار السلطة الدينية باعتبارها مصدر الشرعية الأهم لهذه الأنظمة. وفي هذه الحالة فإن قيام حركة إسلامية مستقلة ذات مصداقية لا يقل خطراً على هذه الأنظمة من قيام جيش مستقل عن السلطة. ففي الحالين يتحول مركز السلطة إلى موقع منافس. نفس الخطر يمكن أن تشكله مؤسسات دينية تقليدية مستقلة، مثل المراكز التعليمية وتجمعات العلماء. وكما شهدنا في حالات الصراعات والنزاعات التي تندلع مع السلطة وحولها، فإن الأنظمة تحتاج إلى المؤسسات الدينية التقليدية والأصوات الإسلامية لتعضيد وتبرير مواقفها، كما في تبرير المشاركة الأجنبية في حرب الخليج، أو حرب إيران مع العراق، أو التعاون الإيراني السري مع إسرائيل وأمريكا. وبنفس القدر فإن وجود أصوات تعارض هذه التوجهات من داخل المؤسسات الدينية تشكل خطراً كبيراً على الأنظمة وتم التعامل معها بحزم.



    هذا بالطبع لا يمنع قيام حركات ذات طابع إسلامي تدخل في مواجهة (قد تصبح عنيفة) مع السلطة، كما حدث مع تنظيم القاعدة في السعودية. ولكن كثيراً من هذه التنظيمات تبقى سلمية التوجه، كما حدث مع حركة الإصلاح المعارضة في السعودية وبعض تحالفات العلماء ذات التوجه الراديكالي هناك. وفي إيران قامت جماعة خاتمي وقبلها حزب الحرية الذي كان يتزعمه مهدي بازرغان، وأخيراً حركة موسوي "الخضراء". وتوجد جيوب في مؤسسات العلماء كان أبرز رموزها العالم الراحل آية الله منتظري. وكما في السودان فإن الحكومات تناصب هذه الحركات العداء وتراها عدواً أشد خطراً من خصومها التقليديين من علمانيين وقوى خارجية.



    إذا عدنا إلى قضية وجود ومستقبل الحركة الإسلامية في السودان. فالحركة الآن غائبة مغيبة، وغير مسموح بوجودها، وإن وجدت فهي معارضة محاربة. وفوق ذلك فإن الحركة الإسلامية ككل مواجهة بتحديات إرث الإنقاذ الثقيل، مثلما واجهت الأحزاب الشيوعية (وغيرها مثل بعث العراق وناصريي مصر) إرث تجاربها وحصادها المر، بحيث لم يعد بإمكانها التحدث بمصداقية عن جنة الشيوعية الموعودة بعد كل ما حدث. وبالمثل فإن المشروع الإسلامي، ليس في السودان فحسب، بل في العالم كله، قد واجه ضربة كبيرة بعد التجربة السودانية بحيث أصبح من الصعب الآن على أي حركة تنادي بمشروع إسلامي أن تتجنب الاتهام بأنها ستنزلق في ممارسات تخالف روح ونصوص الإسلام. فقد أساءت هذه التجربة للأسف للإسلام وأصبحت مصدر صد عن سبيل الله وتنفير للناس من دعوات تطبيقه، وهو أمر لا يمكن تجاوزه بسهولة.



    إذن المشكلة لا تقتصر على كون الحركة الإسلامية غائبة أو بعيدة كل البعد عن الفاعلية، وإنما كونها تحمل أوزاراً ثقيلة من تركة الممارسات السابقة لم تتم مواجهتها بعد. والمطلوب الآن ليس هو الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، أو التعلق بأوهام لا وجود لها، وإنما مواجهة التحديات التي تواجه الإسلام وحركته في السودان عبر نقد ذاتي بناء، واعتراف صادق بالحقائق والوقائع وتحمل للمسؤوليات حتى ينطلق الجميع إلى الأمام.

    Abdelwahab El-Affen
                  

01-16-2010, 10:00 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    طعن في اهلية ترشيح البشير للانتخابات ...
    بقلم: كمال الصادق
    الخميس, 14 يناير 2010 09:24


    بالامس اعلن عن ترشيح المواطن عمر حسن احمد البشير مرشحا لرئاسة الجمهورية عن حزب المؤتمر الوطني للانتخابات المقرر اجرائها ابريل القادم وذلك بعد ان اعلن تقاعده من قيادة الجيش والقوات المسلحة برتبة المشير يوم الاحد

    ولما كان حق الطعن في اهلية المرشح مكفول بموجب قانون الانتخابات ضد اي مرشح ايا كان منصبه السابق او الحالي لتفصل فيه الهيئة في نهاية المطاف حسب جدولها المعلن مادام المرشح قد طرح نفسه لرئاسة السودان ويمكن استئنافه امام المحاكم ..فإننا انطلاقا من ذلك والتزاما بهذا القانون نتقدم بهذا الطعن في اهلية المرشح المواطن عمر البشير لانتخابات رئاسة جمهورية السودان للفترة القادمة

    ويستند طعننا المقدم عبر هذا الباب للمفوضية والقوى السياسية والمجتمع الدولي والاقليمي والراي العام السوداني صاحب المصلحة والحق على ان المواطن عمر حسن احمد البشير الذي قدم للترشيح لرئاسة الجمهورية مشتبه به بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور وبموجب هذا الاشتباه صدرت في مواجهته مذكرة توقيف دولية صادرة من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وعرضت المذكرة رسميا امام مجلس الامن وعمم امر القبض على كل دول العالم وارسل ايضا الى حكومة السودان وهو بموجب هذه الاتهامات وهي خطيرة جدا في رأينا المتواضع يجب استبعاد ترشيحه لرئاسة السودان الى حين مثوله امام القضاء وتبرئة نفسه من لائحة الاتهامات المشبه بها ، وغض النظر عن منصبه طالما هنالك تهمة وامر قبض صادر في مواجهته من محكمة اي كانت تلك المحكمة كمواطن فإن ذلك يقدح في اهليته ويسقط تماما ترشيحه لرئاسة الجمهورية

    وحتى لانقع في خطل الخلط بين منصبه السابق للانتخابات كرئيس للجمهورية ودعوتنا بنقد ترشيحه كمواطن نقول اذا كان هناك ضابطا اداريا في محلية واتهم بإختلاس مالي وهناك لائحة اتهام في مواجهته بأمر قبض وتقدم بإستقالته وجاء للترشيح في الانتخابات فإنه لايحق له الترشيح للانتخابات في اي من مستوياتها الثلاث ما لم يقف امام محكمة وتبرأ ساحته من التهم المنسوبة اليه

    الامر الثاني ان المرشح المواطن عمر البشير وبموجب امر القبض الدولي الصادر في مواجهته ايضا لايستطيع ان يؤدى واجباته الرئاسية كرئيس لجمهورية السودان اذا فاز في الانتخابات القادمة ونعني بذلك السفر وحضور المنابر الدولية وتمثيل السودان فيها والدفاع عن حقوقه ، فهو – البشير - لم يستطع منذ صدور امر القبض الدولي السفر الى دول بعيدة من محيطه و على سبيل المثال لايستطيع السفر الى اوروبا والامركتين الشمالية والجنوبية وحتى مقر الامم المتحدة في نيويورك بل و بعض الدول المحبطة بالسودان مثل تشاد ويوغندا وافريقيا الوسطي وكينيا والكنغو الديمقراطية بجانب كثير من البلدان الافريقية عدا العربية بإستثناء المملكة الاردنية الهاشمية وكذلك الاسيوية واليابان واستراليا وهو بهذه الصفة يفقد الاهلية في الترشيح لرئاسة السودان التي تتطلب من رئيسه المنتخب القادم ان يكون واسع الحركة دوليا لا محاصرا وغير مطارد ومهدد بالقبض عليه في اي مطار خارج السودان ويستطيع في نفس الوقت ان يلتق كبار زعماء العالم خاصة وان السودان مقبل على عام حاسم في ان يتفكك وينقسم او يتوحد وفي اعتقادنا ان المرشح المذكور لايمكن ان يجعل من الهدف الاخير ممكنا وفقا للاسباب المبينه اعلاه

    ولو ان غدا تقدم المواطن على كوشيب الذي يواجه نفس الاتهامات وهو لايحمل اي صفة رسمية بطلب ترشيح لرئاسة الجمهورية لتقدمنا بنفس طلب الطعن ولذات الا اسباب ، فالثابت ان هناك جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وقعت في دارفور ويجب تقديم مرتكبيها للمحاكمة وذلك بنص تقرير ي لجنة دفع الله و امبيكي

    فما هو رأي مفوضية الانتخابات في هذه العريضة وماهو رأي القوى السياسية وعلى نحو خاص تحالف (جوبا) والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني والرأي العام السوداني وحتى المؤتمر الوطني نفسه في هذا الطعن ونلتمس قبوله والامر بإسقاط ترشيح المواطن عمر البشير لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة فهذا خير له وللسودان وكفى الله المؤمنين القتال





    اتجاهات ومواقف – اجراس الحرية


                  

01-16-2010, 10:35 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    أنتِفوها... يرحمكم الله! ..
    بقلم: فتحي الضَّــو
    الثلاثاء, 12 يناير 2010 09:02


    بما أن العصبة ذوي البأس أصبحوا يوحون للناس أنهم بصدد تغيير جلود الديكتاتورية والشمولية، ويريدون أن يستبدلوها بجلود الديمقراطية والتعددية، في انتخابات يقولون عنها إنها ستكون حرة ونزيهة. نحن نقول لهم إن التغيير الحقيقي يعني عدم تناسي الماضي بكل قبحه وسوءاته. فثمة بيوت سيئة السمعة كانت وصمة عار في حياتنا السياسية.. كان الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، فمن ذا الذي يملك صكوك الغفران؟ وثمة أرواح أُزهقت ونفوس عُذبت وأعراض أُنتهكت، فمن ذا الذي يغفر ويصفح؟ وثمة أرزاق قُطعت وأخلاق تضعضعت وقيم تخلخلت فمن ذا الذي يقول عفا الله عما سلف؟ وثمة حروب اشتعلت وعقائد تصادمت، وأحلام وطن قُبرت فمن ذا الذي يستطيع أن يُحي العظام وهي رميم؟

    تعلمون – سيداتي وسادتي – حاول دهاقنة العصبة ذوي البأس في بواكير عهدهم بالسلطة بالمُغتَصَبة، تشنيف آذان السودانيين باحدي بدع الضلالة التي تصطك لذكرها الأسنان وترتعد من سيرتها الفرائص. إذ إدعّوا يومذاك أن العناية الالهية إبتعثتهم في مهمة دنيوية تهدف إلي (إعادة صياغة الانسان السوداني) غير آبهين بإنقطاع الوحي عن العباد بخاتم انبيائه، ولا بانتهاء المهام الربانية التي اوكلها الله لآخر رسله، والذي رحل عن دنيانا الفانية بعد أن رضى لنا الاسلام ديناً. لكن بالرغم من كل هذا فقد كانت تلك العبارة من الشعارات ذات العيار الثقيل، ولها من الترهيب والجبروت بحيث تستطيع أن ترسل كل من يحاول الاقتراب الي محرقة التكفير. ولم يكن ثمة مناصٍ أن يفر البعض بدينهم متوخياً السلامة عند (نجاشي) لايُظلم عنده أحد. وضرب آخرون اكباد الأبل نحو قوم موسى لعلهم يجدون عندهم عصاه لتلقف ما يأفكون، وقطع رهط المحيطات والبحار متجهين صوب فسطاط الكفر ليطعمهم من جوع ويأمنهم من خوف!

    وقيل يومئذٍ أن الذين تواصوا علي وثيقة الاعلان العالمي لحقوق الانسان قبل نحو نصف قرن أو يزيد قليلا، تحسسوا موطيء أقدامهم ومقابض أقلامهم، وكادوا أن يعلنوا عجزهم وفشلهم وخيبتهم، لأنهم بقدر ما اجتهدوا وصاغوا الخيال واقعاً، وظنوا أنهم لم يتركوا فيه شاردة ولا واردة إلا وضمنوها تلك الوثيقة، إلاّ انه لم يخطر ببالهم أن عصبة يمكن أن تأتي إلي سدة سلطة - بغض النظر عن شرعيتها - وتدعو جهرةً الي خلق جديد في روح انسان قديم، ثمَّ تدعى كذباً أنها قادرة على أن تسوى بنانه.. ليخط به ما لم يخطر على قلب شعوب وأمم!

    على عكس ما درج عليه الناس، فكر الصاغة ثم قدروا أن مشروع إعادة الصياغة يستوجب توفير كل أسلحة الدمار الشامل، تلك التي تحيل المُثل والأخلاق والقيم الي هشيم تذروه الرياح في غمضة عين. استنهضوا من بين الركام متشاعر موهوم، وظيفته الترغيب في الآخرة، ولكن بتسفيه الدنيا التي أوصي المولي بها عباده خيراً. وأزاحوا الغبار عن مغنٍ إفتري علي الناس عبثاً، وطفق يرهق عباد الله بتلك الطلاسم التي تخدش الوجدان وتبلّد المشاعر وتدمي القلوب التي في الصدور!

    بيد أن الصاغة رأوا أيضاً ان الصياغة لن يكتمل بدرها إلا إذا إستنبت القوم تلك الشعيرات في أذقانهم وهم مقمحون، فهرعوا الي بطون الكتب الصفراء يستخرجون منها سموم تلك الأفاعي الزاهية الوانها، ومثلما يسري الطاعون في مدن المسغبة، صحا الناس ذات يوم ووجدوا وجوه أصحاب المشروع وقد إكتست شَعَراً، واضحت تهلل وتكبر شِعراً يقول أن السلطة التي قتل قابيل هابيل بسببها هم فيه زاهدون. وبغض النظر عن الضلالة في الدعاوي، إلا أن تضليل الغاوي تمثل في تلك الشعيرات التي وضعت البعض في حرج بالغ. لأن تكوينهم البايولوجي لا يساعد على إستنبات ذلك الزرع في الوجوه، فاستجلبوا له كل أنواع السماد البشري ليستغلظ ويستقوي علي سوقه وليعجب الكفار. لكن دون جدوى، إذ بدت الوجوه بشعيراتها المتطايرة كحُمرٍ مستنفرة.. فرّت من قسورة!

    إزاء الترهيب الوظيفي والاجتماعي والارهاب الفكري والديني، لم يكن أمام الذين في روما سوى أن يفعلوا ما يفعله الرومان - كما يقول الفرنجة - ولهذا لم يكن بمستغربٍ أن يجاري البعض الظاهرة، ليبدوا وكأنهم ينتمون لقبيلة أهل الولاء. فجنح البعض كذلك إلي إستنبات شعيرات تدرأ عنهم شبهة التكفير وتبعد عنهم سيف الفصل التعسفي المصلت على الرقاب، لكن ذلك ما لا يمكن أن تتجاهله المخيلة الشعبية، ويفوت علي فطنة الذين تعودوا علي مداراة همومهم بالسخرية، فأطلقوا علي الظاهرة مسميات تتسق والإنتهازية التي نهلت منها، فسموها مرة (دعوني أعيش) وأخري (من أجل أبنائي) وثالثة (تمكنّا) ورابعة (تفرعنّا)، وتجدر الإشارة أن الأخيره هذه من مسكوكاتي الخاصة، والتي أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتي، بعد أن إستهوتني القافية ووجدت فيها التعبير الأقرب لها من حبل الوريد!

    تذكرون - سيداتي وسادتي – وما أبأس ذكرياتنا، يومذاك خرج علينا عرّاب النظام الجديد من (نور السجن) إلي (ظلام السلطة) وذلك بعد أن اكمل شهور (العُدّة السياسية) التي قضاها مع ضحاياه في السجن العتيد، فنحروا له قطعان من الخراف والأبقار والجمال، فحركت رائحة الدم شهوة القتل والانتقام والثأر في قطيع ثيران المصارعة الاسلاموية، فصاح نائحهم يا معشر بني غربان نريدها حمراء بكل يد مضرجة تدق! ومن أراد أن تثكله أمه فليحاول أن ينزع منّا قميصاً ألبسنا له الله! هنيهةً وحتى يبث الرعب في النفوس وتخرج العيون من محاجرها، قاموا بنحر 28 نفساً زكية في الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وقالوا للناس من رأي منكم هلاله متسربلاً بدماء الكفرة الفُجرة فليصم أبد الدهر!

    بعد أن جاءته الخلافة تجرجر أذيالها إعكتف فارس بني مروان قليلاً في مدينة (قُمْ) الكائنة في أطراف العاصمة، وقال لحوارييه متي أضع العمامة تعرفوني، وبدأ يرسم لهم المشروع سطرا سطرا، ويصدر لهم الفرمانات شفاهة دون قلم يُدمي بنانه، وأصبحت داره كدار أبي سفيان، من دخلها فقد أمن نفسه وأهله من غوائل الدهر. ثم خرج عليهم ذات يوم وقد إرتدي بزة عسكرية، وأشار عليهم بعصاه جنوباً وقال لهم بصوت جهير: يا سارية خاصرة الوطن! فحمل النيل الأبيض دماءً حمراء أثقل من الماء ووضع أوزارها عند ملتقي النيلين. وصحا أهل المدينة النائمة ليجدوا أن عاصمتهم وقد تحولت إلي سرادق كبير للعزاء!

    ثمّ مدّ قرين الحجاج بن يوسف الثقفي بصره إلي ما وراء الحدود، فتلبسته أوهام الأممية، فقال مخاطباً الغافلين والذين في آذانهم وقر (هذا نموذج سوداني سنحسنه ونهديه للعالم!) ويومئذ كان في ذاك الوطن مواطناً يدعي أبوبكر الصديق يزجر ابنه لمجرد أنه طلب منه (حق الفطور) وآخر اسمه علي بن أبي طالب وقد وضع يديه علي خديه لأنه لا يملك (ثمن الدواء) لزغب حواصل يتضورون سقماً، وثالث اسمه عثمان بن عفّان يهيم علي وجهه بعد أن فُصل للصالح العام، ولم يك ساكن القصر الذي بناه غردون هو عمر بن الخطاب الذي صعد المنبر بغتةً وقال: أيها الناس تعرفون أنني رعيت في مكة غنم خالات لي من بني مخزوم نظير حبات من تمر أو قبضة من زبيب، ثم ترجل عن المنبر، كمن خلّف من وراءه حملاً ثقيلاً، فباغته عبد الرحمن بن عوف متسائلاً: لماذا قال ما قال، فأجابه ويحك يا ابن عوف خلوت بنفسي فقالت لي أنت أمير المؤمنين وليس بينك وبين الله أحد فمن ذا أفضل منك؟! فأردت أن أعرفها قدرها!.

    تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت. يومئذٍ وقفت العصبة ذوي البأس في العقبة، وهي لا تلوي علي كبير شيء. ولهذا لم يكن غريباً ولا مفاجئاً ان يختلف اللصان ويظهر المسروق للناس والشمس في رابعة السماء، ذلك لأن اعادة الصياغة لا تأتي عبر دبابة، ولا تسكن بيوت اشباح، ولا تأكل اموال الدولة بالباطل، ولا تعوث في الأرض فساداً، ولا تستحل السحت، ولا تقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، ولا تخون الأمانات، ولا تكذب إن أقسمت، ولا تنام متخمة وفي (الرعية) من يبيت الطوي، ولا تكنز الذهب والفضة وفي ريع دولتها حق للسائل والمحروم!

    عندما كان المشروع الحضاري تتساقط أوراقه واحدة تلو أخري فيما أسميناه في مقال سابق (بالإستيربتيز الأيدولوجي)، كان المكلومون يبحثون عن ابنه السفاح المسمي (اعادة صياغة الانسان السوداني) فأدركوا أنه حي يرزق، فقد نجحت العصبة في مهمتها الدنيوية والأخروية ولكن في مسار آخر علي عكس ما إجتهد الفارابي في تضميينه مدينته الفاضلة، وبخلاف ما رمي له أفلاطون في جمهوريته المثالية، بل من عجب أن فرّت من مثالهم، حاكمية سيد قطب وتراسيم أبو العلاء المودودي، والمفارقة أن المتهم رقم واحد والموصوم بالارهاب الدولي والذي سبق وأن قسّم العالم إلي فسطاطين، تبرأ منهم هو أيضاً قبل أن يدير لهم ظهره ويعود من حيث أتي. وعليه ليس علي المتلجلج أو الملتبس حرج إن لم يستطع تصنيف دولة العصبة الراهنة، بعد أن أصبحت بلا مرجعية، أى بلا لون ولا طعم ولا رائحة!

    بعد ما يناهز العقدين من الصياغة الاجبارية، كانت المحصلة تدعو للحزن والرثاء، إنتشرت الظواهر السالبة في المجتمع، إزدادت معدلات الفقر، تفاقمت الجريمة، تمدد الفساد المالي، تفشي الفساد الأخلاقي، انحسرت القيم الجميلة التي كان يستظل بها الناس وتباهوا بها شعراً ونثراً، وحلت مكانها ثقافة أخري تدعو للرذيلة وتُحور مسمياتها، فقد أصبحت السرقة شطارة، والاختلاس فهلوة، والنصب ذكاء، والاحتيال علاقات عامة. تحول أصحاب الايادي المتوضئة والأفواه المتمضمضة إلي غزاة استباحوا مدينة غريبة، سآموا أهاليها سوء العذاب، واستحيوا نساءها بذرائع الحلال مثني وثلاث ورباع، وتطاولوا في البنيان بدعوي أن ربك حثهم علي الحديث بنعمته، وأصبح مألوفاً أن يري الناس دينهم الذي جُبلوا عليه بالفطرة وقد ولي الادبار، وقال البعض قولته التي جرت مثلا دارجاً بين الناس: لو كان بمثل ما يدعون فنحن منه براء!

    لكن الأنكي وأمر أن القول نفسه أجرته الضغينة علي لسان أحد السبعة العظام الذين نهضت دولة العصبة علي أكتافهم (أسماهم البعض يومذاك توهماً بالمجلس الأربعيني) تحدث السيد يس عمر الأمام لصحيفة ألوان (12/8/2007) بعد أن غادر وكر السلطة الدافيء، فقال قولاً تقشعر منه الأبدان (الحركة الإسلامية دخلت السلطة وخرجت مضعضعة وفيها فساد شديد وفيها ظلم وأدت مفاهيم معاكسة للقيم التى تحملها للناس، وزارني بعض الأخوان بالمنزل وكان من ضمنهم حسن الترابي، وقلت لهم بأنني أخجل أن أحدث الناس عن الإسلام فى المسجد الذى يجاورني بسبب الظلم والفساد الذى أراه، وقلت لهم بأننى لا أستطيع أن أقول لأحفادي أنضموا للأخوان المسلمين، لأنهم يرون الظلم الواقع علي أهلهم (فلذلك الواحد بيخجل يدعو زول للأسلام في السودان، أنا غايتو بخجل) وأكد قوله في فقرة أخري (أعتقد أن تجربة السودان جعلت المواطن العادي لديه ظن سييء في شعار الاسلام ولا عشم له حوله) والمُوسِي أن رجلاً اسمه محمود محمد طه وهو من غير جماعة يس، عندما أجري الله مثل هذا القول علي لسانه قبل ربع قرن، كان ثمنه حياته!

    أيضاً كان ذلك قول يس عضو الجماعة، أما قول يس الذي أرسله الله بشيراً ونذيراً فقد قال قبل أكثر من أربعة عشر قرناً (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أوتمن خان) وذكَّرهم في حديث آخر كيف تكون القدوة الحسنة (والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وربّ يس الذي أنزله قرءاناً عربياً يهدي إلي الرشد قال مخاطباً يس النبيّ كيما يتعظ يس عضو العصبة (اليوم نختم علي أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) بيد أن هذا وذاك مما تتغافل عن رؤيته جماعة يس، وقد تذكَّره عضوها يس في لحظة ضعف انساني!.

    عوضاً عن ذلك شغلوا أنفسهم بمعارك وهمية، فقالوا عن الدولة المدنية مالها؟ قلنا يومئذٍ نحدثكم أخبارها.. علي لسان المفكر الفرنسي جان جاك روسو (1721-1778) صاحب كتاب العقد الاجتماعي ذائع الصيت، والذي صدر قبل قرنين ونصف أي في العام 1762 وقد ترك أثراً كبيراً في الفكر السياسي الثوري العالمي بصورة عامة والفرنسي بصورة خاصة قال: (إن فرداً ما قد يخضع نصف العالم، ولكنه يظل دائما مع ذلك فرداً، فمصالحه هي مختلفة تماماً عن مصالح الآخرين. وعندما يموت تتحلل ممتلكاته وتتبعثر، فهو مثل شجرة بلوط كبيرة تنهار وتتحول إلي رماد بمجرد أن تلتهمها النار) لكن ذلك ما لا تقرأه العصبة التي جاءت إلي السلطة متلحفة عباءة لويس السادس عشر مواطن روسو نفسه والقائل (انا الدولة والدولة أنا)!

    إن إعادة الصياغة بالصورة التي إرتأتها العصبة ذوي البأس وخططت لها، كانت مجرد ذر رماد في عيون واقع لا يمكن للعين أن تخطئه، فيه المتحول الذي تجسده سلسلة تفاعلات تاريخية، بدايةً بالدولة الكوشية والمروية والنوبية (المسيحية) بممالكها الثلاثة (نوباتيا، المقرة، علوة) ومروراً بالممالك الاسلامية المختلفة (الفور، الداجو، الفونج، المسبعات، تقلي)، ثم التركية التي جثمت نحو ستين عاماً علي صدر البلاد، ومثلها الحكم الثنائي البريطاني المصري، وبينهما المهدية، وإنتهاءً بدولة ما بعد الاستقلال بعلوها وهبوطها، أما الثابت فذلك ما تقوله اللوحة الفسفسائية الجميلة والممثلةً في التعدد الأثني والثقافي والفكري والعقائدي، فما لكم كيف تحكمون؟.

    الآن بعد أن قَبر المؤتفكة أو قَبر الواقع مشروعهم الاسلاموي المخادع، وغشت بعضهم صحوة ضمير، نحن ندعو برباط المواطنة المخلصة، والعقيدة السمحاء غير المشوة بغرض، كل من استزرع واحدة بعد العام 1989 من شاكلة التي سخرت منها المخيلة الشعبية أن ينتفوها، لأنها منتنه كدعوة الجاهلية تماماً، مثلما أنها تذكرنا بتلك الحقبة الكالحة التي حاولت أن تقزم انسانيتنا وتستحقر كرامتنا. وليتذكروا قول يزيد بن ربيعة في شأن عبد الله بن زياد والي سجستان: ألا ليت اللحى كانت حشيشاً/ فتعلفها خيول المسلمينا) وفي مقاربة اقتبس منه شاعرنا الراحل صالح عبد القادر تلك الرؤى وقال (ألا يا هند قولي وأخبريني/رجال الشرع صاروا كالمعيز/ألا ليت اللحى كانت حشيشاً/فتعلفها خيول الانجليز) وليدركوا انفسهم قبل أن يدركهم قريض شاعرنا الفحل الراحل عبد الله عمر البنا في قوله (وهيكل تبعته الناس عن سرف/ كالسامري بلا عقل ولا دين/ يحتال بالدين للدنيا ليجمعها/ سُحتاً وتورده في قاع سجين)!

    إن الذين نعنيهم يعلمون انفسهم، ولكن في المقابل نحن نعلم أن هذه الدعوة المخلصة لوجه الله، ستزيد بالمقابل الذين رعوا أذقانهم ليس رياء الناس أو كذب يفترونه أو انتهازية يتوسلون بها مصلحة، ستزيدهم ثقة في انفسهم ووطنهم ودينهم. وتعلمون يا من هداكم الله أن الظاهرة كانت من قبل أن تهبط علينا ثعالب المشروع الحضاري، دليل علي التسامح الذي كان يعم المجتمع، وفيه تلك الهرمية الجميلة التي يحترم فيها كبيرنا صغيرنا، ويوقر فيها صغيرنا كبيرنا! فعندما يُزين بها الكبير وجهه يناديه الصغير تحبباً بإحدي الحسنين، إما يا عمّ إن كانت سوداء تبهر وجه الطامحين، أو يا حاج إن كانت بيضاء تسر الناظرين. ولكن تأمل بعدئذٍ كيف تحولت الظاهرة إلي (فوبيا) علي إثر الصياغة المزعومة، فقد قال لي صديق يعمل في مجال المال والأعمال، أنه دائما ما يكون مهجوساً من اثنين في تعاملاته التجارية... الذين زرعوها في وجوههم عنوة واقتدارا، والذين يكثرون من القسم بمناسبة أو بدونها، فاحذر أخى واختي المؤمنة أن تُلدغوا من احدى الحيتين!
                  

01-20-2010, 07:39 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الأربعاء 20 يناير 2010م، 5 صفر 1431هـ العدد 5953


    قراءة في ثلاثة مواقف: خيار المؤتمر.. قنبلة الحركة.. وإنذارات المعارضة

    حيدر طه

    ترشيح عرمان قنبلة رمتها الحركة في الشمال دون تحديد دقيق لموقعها وآثارها ونطاق تأثيراتها وضحاياها
    لابد لكل حدث أن يتضمن عدداً من الأسباب والعوامل والعناصر والدوافع، بينها ما هو جوهري ومنها ما هو ثانوي، ومنها ما هو مفاجيء يأتي من غير ما يتوقعه الآخرون، أو عكس ما كان يتوقعه الآخرون، ومنها ما هو عادي ومقروء قبل أن يحدث. وقد جرت ثلاثة أحداث في سياق التنافس في الانتخابات تشكل المشهد السياسي في السودان الآن، وهي أيضا تعبير عن مواقف ثلاث كتل سياسية لها تأثيرات على العملية الانتخابية وما ستسفر عنه مستقبلاً.
    فمثلا، الحدث الأول لم يكن مفاجئا، فترشيح المؤتمر الوطني للمشير عمر البشير كان متوقعا منذ أن حسم الصراع مع د. حسن الترابي قبل أكثر من عشرة أعوام. فقد استطاع البشير بما أوتي من أجهزة وصلاحيات رسمية و»مكانة دستورية»، غير المكانة الحزبية، أن يستولى على « المؤتمر الوطني» كما استولى على الحكم في السودان بانقلاب عسكري بتخطيط وتدبير وتنظيم ومشاركة من قيادة وكوادر الجبهة الإسلامية، استخدمت فيه أجهزة الدولة وكل وسائل الخديعة والتمويه بالزي العسكري ليستمر حكمه عشرين عاما ثقالاً، وما زال يقول هل من مزيد.
    عشرون عاما كافية إذا منح المشير نفسه فرصة التأمل في التجربة وأجرى عملية جرد حساب نهائي بروح رياضية وليست ديمقراطية، وبضمير صادق خال من مخادعة النفس كأنه يستمع إلى أنين البسطاء في المدن والقرى، المحرومين من الحلم بغد أفضل والمغموسين في ضنك العيش بحثا عن كرامة الحياة.
    وكان من الحصافة أن يرشح المؤتمر الوطني شخصا آخر، لا يحمل كاهله اوزار تجربة فاشلة بكل المقاييس، لأن الرئيس في نظم الحكم الحديثة يحمل اوزار مساعديه وموظفيه ومستشاريه ولو كان بريئاً مغيبا أو مهمشا، أو ضعيفا، كما يتحمل مسؤوليات خطل السياسات والقرارات وخطايا التنفيذ واخطاء التطبيق.
    فالرئيس في نظم الحكم الدستورية يحمل وزر أجهزته ومؤسساته، خاصة عندما تكون فاسدة ومضللة ومخربة. والسودان صفحة مفتوحة لمن يبصر فأحواله لا « تغبى أحدا»، وأوضاعه لا يحسد عليها.. وهنا لا نتحدث عن الجوانب الشخصية للمشير، فمن عرفه عن قرب يحمد له كثيراً من الشمائل والخصال، ولكن نحن في بصدد حديث عن « مرشح للرئاسة « بعد عشرين سنة من معرفته السياسية والموضوعية التي لا تزكيه لسنوات إضافية ولو كانت أربع سنوات.
    فقد كان الفريق إبراهيم عبود صاحب مخترع أول انقلاب عسكري في السودان، بإيعاز من عبد الله بك خليل، رجلا مليئا بالإنسانيات واللطف والأبوة والكرم والتواضع، ولكن هذا لم ينفِ ان حكمه أفسد مسيرة الديمقراطية وكان له « فضل السبق « في الديكتاتوريات التي لاحت السودان خمسين عاما دون هوادة. ولم يكن المشير جعفر نميري اقل تواضعا وشعبية من الرجلين ولكن حساب الحقل ليس كحساب البيدر. فكل مقام له حساب وميزان.
    وقد يكون ترشيح احد قادة المؤتمر الوطني أمر مرهق ومعقد لأسباب كثيرة منها:
    أولا، لأن الرئيس هو الرئيس، وعين المؤتمر لا تعلو على جبين المشير، مهما كانت سطوة التنظيم الخاص أو مجموعة « فلان « .
    وثانيا لأنه لم يعد في المؤتمر الوطني من هو جدير بالترشيح، فهم في المحصلة أشباه تحوصلوا في « جماعة مصلحة « قادرة على جذب الأشباه من كل موقع ومكان خاصة عندما يكون للمال لمعان وللوظيفة بريق وللصلاحيات رنين وطنين.
    وثالثا لأن الخلافات داخل المؤتمر الوطني بلغت من الشدة والحدة ما لا يمكن لفصيل أو مجموعة أو شلة تربطها مصالح أو صداقات أو زمالات، أن تفرض مرشحها من دون إنشقاق آخر كبير في ظرف دقيق لا يتحمل المؤتمر أية هفوة من هفوات اعضائه المتحاربين بالرصاص في بعض الدوائر، وهو ما جعل المؤتمر في وضع صعب صنعته روح التنافس غير المنضبط والأهواء المنفلتة من اسر التنظيم والمزاجات التي تغلب على الخطط والبرامج والسياسات.
    والتحارب بالرصاص بين أعضاء حزب واحد، امر شاذ عن تقاليد العمل السياسي والحزبي، وهو امر غير مسبوق، جاء في صحبة مناهج العنف التي تبنتها « الحركة الإسلامية « بكل مسمياتها المتنوعة منذ حادث « العجكو» في جامعة الخرطوم، حتى هذه اللحظة التي تمددت فيها الظاهرة حتى ارتدت إلى صدر الجماعة نفسها في صراع مفتوح ومفضوح ومكشوف في مناطق ولاية الجزيرة التي بدأت إفرازت « مأساتها « تتضح الآن في مواقف جلية تجاه حكومة «الإنقاذ».
    وقد يكون وضع الجزيرة غير موات للمؤتمر الوطني الآن لما فيه من تعقيدات ارتبطت ليس فقط بالترشيحات المتعددة والاختيارات المتناقضة والمواقف المتأرجحة، إنما بوضع المزارعين والموظفين الذين كانوا يرون في مشروع الجزية حياتهم ومستقبل أبنائهم ومصيرهم ومصير أحفادهم..
    ومن المؤكد أن قادة المؤتمر لم يولوا الجزيرة كبير اهتمام عندما « قرروا مصيرها « بعيدا عن أهلها، ولم يضعوا حسابا للانتخابات، فـ « دقسوا» عن أهمية توقيت القرارات التي يشكل تحريكها من وقت إلى آخر، مسألة ترتيب أوليات وحسابات. فلم يحسبوا لتلك القرارات نتائج وعواقب.
    وفي مسألة الحساب افتقد المؤتمر حسه القديم، ربما لتخمة أو لتبلد اصيبوا به من كسل التعود على الحكم، واعتبار التحديات أمراً يمكن معالجته بالفهلوات القديمة والخدع السريعة والحيل المكررة.
    وما التبس على قادة المؤتمر حسابان في أمر الانتخابات والترشيحات هما:
    الأول، حساب المجتمع الدولي الذي ما زال عند موقفه السابق من قضية المحاكمات الدولية. وهو أمر يصعب نسيانه تحت وهم أن العالم يمكن أن يسقط قضية بالتجاهل كما يعتقد بعض قادة المؤتمر. وما يؤكد هذا الأمر أن تقارير صحفية تحدثت خلال الأسابيع الماضية عن أن فرنسا بعثت برسالة إلى البشير عبر دولة عربية أخرى توضح له عدم رغبة «المجتمع الدولي» في رؤية اسم المشير بين المرشحين لرئاسة السودان، وهو ما بلغته به الدولة العربية قبل أن يعلن المؤتمر الوطني ترشيحه..
    وبعد تسلم الرسالة أقدم الرئيس البشير في اليوم الثاني على إعلان ترشيحه، تحدياً للرغبة الدولية ونكاية بالرسالة الفرنسية.
    وبعيدا عن التدخل الدولي ورفضه جملة وتفصيلا، ينبغي أن يدرس فحوى الرسالة الفرنسية بدقة وهدوء وعدم تشنج، لأن باريس بدأت تلعب دور « الناصح الأمين» في الشؤون الدولية تقربا للولايات المتحدة وإحلالا لموقع لندن على عهد بلير أيام كانت على ودها وتحالفها مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في كل الصراعات والحروب والمواقف.
    وتقول التقارير الصحفية إن رسالة باريس كانت عبارة عن مقايضة واضحة ملخصها : عدم الترشح مقابل تجاهل المحاكمة تدريجيا أو نسيانها نهائيا.
    ومن الطبيعي ألا يطمئن البشير إلى النوايا ولو كانت حسنة، لأن مثل تلك المحاكم من الممكن نبشها وإحياؤها في اي وقت يرى فيه المجتمع الدولي أهمية لمقاضاة أحد المتهمين.
    ولكن ماذا لو تم تفعيل هذه المحاكمة بعد الانتخابات، خاصة إذا ثبت تزوير الانتخابات والتضييق على المرشحين الآخرين والتلاعب في الإجراءات بما لا يعطي انطباعا بأن السودان أجرى انتخابات حرة ونزيهة.
    وإذا فاز البشير.. هل ستقتصر علاقات الرئيس السوداني ببعض الدول فقط، الشقيقة والصديقة ( القريبة جغرافيا) ام هي مرحلة أخرى يستطيع أن يحدث فيها وبها اختراقات مهمة في الجدار الدولي ..؟
    والثاني، حساب إعداد المسجلين في القيد الانتخابي وقد بلغ 16 مليون ناخب، وهو ما فاق حسابات المؤتمر الوطني وخيال الآخرين، في وقت كان توقع السجلات لا يتعدى 8 ملايين. فمن أين أتى هؤلاء المسجلون الذين فاضوا عن سجلات المؤتمر الوطني .. ولمن هم ينحازون.. ومن حثهم على التسجيل.. ومن وضعهم في قائمة الناخبين..؟
    هذه تضريبات لا يحلها اللجوء إلى ضرب « اخماس في أسداس» قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع، أو أن يجتهد المؤتمر لإجراء مسح جديد لمعرفة أين يقف بالضبط، حتى لا يفاجأ بأن هناك قوم سجلوا من وراء ظهره يرجحون الكفة لغير صالحه.
    والخطأ في الحساب هو أن يعتقد المؤتمر أن هؤلاء جميعا من مناصريه وناخبيه، أو أن يكون هناك خطأ في التسجيل يرقى لمستوى الخطيئة يستوجب إعادة التسجيل.

    أما الحدث الثاني فهو ما وصفه أحد الأصدقاء الكوميديين بـ «القنبلة العرمانية» التي رمتها الحركة الشعبية في الشمال لتثير جدلا ليس فقط وسط المعارضة ولكن أيضا وسط الحزب الحاكم الذي يتطلع إلى شراكة جديدة مع شريكه الحالي.
    وقد جرت تفسيرات عديدة لترشيح ياسر عرمان للانتخابات الرئاسية وهو كان مفاجئا للكثيرين حيث لم يكن اسم عرمان واردا في مخيلة الجميع، ولا كان مطروحا حتى داخل الحركة الشعبية إلى وقت قريب، حتى جاء اجتماع جوبا الأخير الذي طرحت فيه ثلاثة اسماء كان ابرزهم مالك عقار ابن النيل الأزرق، وعبد العزيز الحلو ابن جبال النوبة، وياسر عرمان ابن الوسط. الثلاثة هم من قادة الحركة الذين ينتسبون إلى الشمال موطنا وإلى الجنوب منطلقا وانتماء فكري وسياسي باعتبار الجنوب هو « قاعدة السودان الجديد» في مفهوم الحركة القديم.
    وبالطبع لابد من أن يتبادر السؤال الأهم في بعض الأذهان، إذا كان خيار المرشح تفرضه الجغرافيا قبل الفكر والمبادئ وهو: لماذا لم يرشح د. منصور خالد وهو المستشار لرئيس الحركة الراحل جون قرنق ومهندس العلاقات الخارجية للحركة نحو الغرب..؟
    ربما الإجابة الموضوعية ترى أن الذين حملوا السلاح ودخلوا الغابة ليسوا مثل أولئك الذين ظلوا حملة رايات الفكر وبناة جسور العلاقات، خاصة في حركة ما زالت تهيمن عليها الهوية العسكرية.
    ولكن لماذا الجغرافيا تفرض الخيارات إذا كانت الحركة الشعبية تؤمن بأنها حركة قومية ( سودانية ) لها في الشمال منتسبون كما لها في الجنوب؟!
    هذا هو بيت القصيد من ترشيح ياسر عرمان، فالرجل بحساب الثقل يعتبر اثقل وزنا من مالك عقار ومن عبد العزيز الحلو اللذين لم يمدا جسور التواصل مع أهل الشمال كما مده ياسر عرمان.
    فبحساب الانتماء فهو ينتمي إلى عدة جماعات مؤثرة في التركيبة السياسية في السودان..
    أولا هو قائد في الحركة ( وصفة القائد تطلق على مستوى من الذين عملوا في الحركة في مستويات رفيعة داخل الغابة وخارجها )، ولذلك يحوز على تأييد قواعد الحركة في الشمال والجنوب، إضافة إلى نسبه مع الدينكا بزواجه من إحدى بناتها مما اكسبه امتدادا اجتماعيا في أكبر قبائل السودان قاطبة.
    وثانيا، هو من أبناء اليسار المعروفين منذ كان طالبا في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، معتد بآرائه ومنهمك في معتقداته، فلم يقيده انتماؤه السابق عن الانتماء إلى الحركة الشعبية التي رأى فيها بذرة « سودان جديد».
    وثالثا، هو من أبناء قبائل الجعليين الذين شكلوا ثقافة الوسط مع شركائهم في القبائل الأخرى من الشمال، وتداخلوا معها دون تعقيدات أو تبرمات أو توجسات تقليدية، بل لهم وجود في كل الاحزاب دون انغلاق.
    ورابعا، يعد ياسر عرمان من ناحية العمر والجيل، في مؤخرة الجيل الثالث، وهو الحلقة التي تربط بين الثالث والرابع. فهو ليس صغيرا على الرئاسة فقد تولاها نميري في سن التاسعة والثلاثين، وتولاها أحمد الميرغني في سن الخامسة والأربعين حيث ولد في 16 أغسطس 1941، وتولاها عمر البشير في سن الخامسة والأربعين حيث ولد في يناير 1944، ولا نظن أن عرمان اقل سنا من هؤلاء عندما تولوا الرئاسة.
    اما من ناحية الاسم فهو قريب الشبه إلى اسم ياسر عرفات، فالنغمة واحدة، ولكنها في السودان قد يكون لها دلالة « الحداثة» بجيل جاء بأسماء لم يعهدها السابقون لهم.
    ولكن هل كل تلك الخصائص والأوصاف تميزه عن غيره، في الحركة أو في بقية الأحزاب، وتؤهله لمقعد الرئاسة..؟
    خيار ترشيح عرمان جاء بعد حسابات دقيقة أجرتها الحركة الشعبية وبعد تداول طويل، حساب الربح والخسارة في كل الحالات والتحولات والاحتمالات، أي حساب الضمانات.
    فالحركة قلبها في الجنوب وعينها على الشمال، لا تريد أية خسائر في الجنوب، وتريد مكاسب في الشمال. هكذا كانت حسبة الحركة، فسلفاكير لا يتخلى عن الجنوب من أجل السودان كله، فهذا حسبة المغامر، وليس في يد الحركة المغامرة في أمر الجنوب، ولا ينبغي لها إذا كان الكسب وفيرا والسلطة مضمونة.. ومالك عقار يجب أن يحتفظ بموقعه في النيل الأزرق، وعبد العزيز الحلو لا يجب أن يفرط في جبال النوبة ووسط كردفان.
    ووصلت الحركة إلى نتيجة مفادها : أن عرمان للشمال..
    ..
    فقد كان ترشيح عرمان بمثابة قنبلة رمتها الحركة في الشمال دون تحديد دقيق لموقعها وآثارها ونطاق تأثيراتها وضحاياها، خاصة وأن قوى المعارضة تفاجأت بها، وهي بذلك تثير جدلا سيكون طويلا لن ينتهي بانتهاء الانتخابات، بل سيستمر إلى ما بعد الاستفتاء حول تقرير المصير وإعلان نتائجه.
    والمدهش أن قنبلة عرمان سبقت قصدا اجتماع احزاب المعارضة ليكون أمرا واقعا لا رجعة عنه ولا مقايضة فيه. وهذا أيضا جاء بحساب دقيق لأن الأحزاب إما أن يكون خيارها منح عرمان أصواتها أو أن تعتزل العملية الانتخابية لتقف محايدة أو مقاطعة.
    وهذا لم يوضع في حساب الحركة الشعبية بأن بعض قواعد الاحزاب قد تنسحب من «الواجب» بدوافع سياسية وتنظيمية ونفسية، لان البعض قد يعتبر أن المعارضة اخذت على حين غرة بقرار الحركة.

    ففي حساب بعض القوى المعارضة ان عرمان ليس ملائما لكثير من القوى السياسية في الشمال والجنوب على حد سواء، قوى ترى أن بعض رموزها ومرشحيها افضل حظا من عرمان إذا اتفقت قوى التغيير على مرشح واحد يستطيع الفوز بسهولة ويسر إذا احسنت هذه القوى ترتيب أوضاعها وحشد قواعدها وتنظيم قدراتها والتنسيق المتواصل فيما بينها.
    ولكن يبدو أن الترشيح والاختيار وقرار الحركة كان تقدير قوة واستجابة لقواعد، وليس هوجة عاطفة.
    وعليه فإن القوى السياسية استطاعت بلع الطعم والمأزق، بإعلان عن موقف ما زال مترددا بين المشاركة والمقاطعة.. فهو موقف انتظار غير مريح، عندما قالت في بيانها : إذا تعذر استجابة الحكومة للمطالب الموضوعية التي حددتها المعارضة هناك فصائل قررت المقاطعة يأساً من أية قيمة ديمقراطية للانتخابات القادمة. هؤلاء يواصلون موقفهم ويقومون بالتعبئة المطلوبة للتنسيق المستمر بالمقاييس المطلوبة لنزاهة الانتخابات.
    وفي الوقت نفسه تواصل فصائل الإجماع المعنية عملها من أجل خوض الانتخابات بموجب تنسيق في البرنامج يدعم استحقاقات اتفاقيات السلام والإصلاحات المطلوبة.
    أليس في ذلك المشهد نوع من الالتباسات التي تحتاج إلى إيضاحات كثيرة وعميقة حتى ينجلي الافق عن رؤية تقود البلاد نحو تغيير حقيقي..؟


    الصحافة
                  

01-21-2010, 08:56 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    ترشيح عرمان ...إعلان نهاية المؤتمر الوطني ...

    بقلم: ابوذر علي الأمين ياسين
    الثلاثاء, 19 يناير 2010 06:32


    معادلة التحدي الانتخابي تجعل من انتصار البشير (ولو تزويراً) انتصار بقيمة وطعم الخسارة!!، فترشيحه نتائجه مسلمات... أقلها بقاء واستيطان الفساد الذي هو أبرز سمات دولة المشروع الحضاري الاسلامي، وأكبرها وأخطرها حتميمة تفكك البلاد لأكثر من دولة. في مقابل انتخاب وانتصار مرشح الحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان يضمن أول ما يضمن وحدة البلاد وذهاب كل المخاطر التي تتهدد وحدتها وتماسكها، ونهاية الفساد والافساد. وبناء وترسيخ الديمقراطية والعدالة للجميع. إن المعادلة الانتخابية تطرح أما الشعب السوداني وكل قواه السياسية تحدي من يؤسس رؤآه وبرامجه على المستقبل وأمال وطموحات الشعب، ومن يسعى لترسيخ أوضاعه الحالية بالسلطة ولو ذهب الشعب والوطن الذي يمثلون.

    يبين اختيار الحركة الشعبة لياسر سعيد عرمان مرشحاً لرئاسة الجمهورية، المستوى والفرق بين من يتصدى للتحديات ويقود المبادرة تجاهها ويؤسس ويوطن نفسه على الرؤية الاستراتيجية التي تستشرف المستقبل القريب والبعيد، مؤكداً وبقوة على مشروع الوحدة وفق أسس جديدة. وبين مشروع المؤتمر الوطني الذي يستند على حماية الرئيس وبعض القيادات الكبيرة بالدولة والحزب وإن أفضى ذلك لإضطراب البلاد وتمزقها. بل وأكثر من ذلك وياللعجب!، يوظف ويهدد بتفتيت البلاد لضمان انتخاب مرشحه للرئاسة، وفرضها على الشماليين قبل الآخرين عبر تخويفهم بمصير البلاد التي يساوم بها المؤتمر الوطني!!!؟. والتعجب من استراتيجية المؤتمر الوطني الانتخابية تأتي من اختياره للبشير مرشحاً وهو يعلم حجم المخاطر التي يتكلفها ترشيحه على البلاد كلها، بل ويخاطر بذلك رغم آثار ذلك على حزب المؤتمر الوطني نفسه، الذي عجز عن تقديم قيادة أخرى، برغم من أن مرشحه الحالي البشير قد حكم 21 عاماً وهي مدة تستوجب أول ما تستوجب تجديد دماء الحزب بقيادة جديدة أمام مرحلة تشهد تحولات كبيرة ومفصليه على كافة المستويات، تفتح آفاق المستقل أمام حزب المؤتمر الوطني، و ضرورة تجديد دماء الحزب ورؤآه ومناهج تعامله ليس مع القوى السياسية الاخرى بل حتى مع عضويته التي لا اعتبار لها ولا وزن للدرجة التي تُقاد فيها و(بالقوة – كما هو واضح من تهديدات نافع على نافع لمن يرفض مرشحي الحزب من منتسبيه) لإمضاء خيارات لم تختارها قواعد الحزب وقواه الحية، بل فرضت عليها فرضاً من المركز وهذه خطوة لا تنم عن ذرة ديمقراطية، وتُؤكد أن المؤتمر الوطني لا يحتمل الديمقراطية حتى داخله وبين الموالين والمنتمين له فكيف سيتحملها قاعدة ومنهجاً للحكم والتعامل أمام التحديات الكبيرة والمخاطر التي تواجه البلاد وكل قواها السياسية.

    طرح المرشحين فقط يوضح وبجلاء الفروقات ويستجلي الخيارات الأوفق للمستقبل. المؤتمر الوطني الذي يرفض التعامل مع كل القوى السياسية بما فيها شريكه في الحكم الحركة الشعبية، لدرجة الاعتداد والتلويح بأنه سيكسب الانتخابات وقد أعد للآخرين قبورهم، بل ظل المؤتمر الوطني يماطل ويناور ويساوم الحركة الشعبة رغم الشراكة والاتفاقية الموقعة بينهما واستحقاقاتها للدرجة التي كادت أكثر من مرة أن تفجر الحرب من جديد. في الوقت الذي تمد فيه الحركة الشعبية يدها لكل القوي السياسية الشمالية والجنوبية، وفوق ذلك آفاقها مفتوحة لكل جهات السودان النازفة خاصة دارفور، تصبر على مناورات المؤتمر الوطني الخطرة وتتجاوزها بمشاركة الأخرين وفي معيتهم.

    يقدم المؤتمر الشعبي مرشحاً من الجنوب كأقوى إشارة لإهتمامه الأكبر بوحدة البلاد، وتقدم الحركة الشعبية شمالياً كأقوى اشارة لإهتمامها بوحدة البلاد. في حين يظل المؤتمر الوطني قابعاً عند محطة قدومه للسلطة في 1989م لا يرغب في أي تغيير بل عنده أي تغيير يمثل الخطر ذاته ويجسده. ومنذ قدوم الانقاذ الاشخاص هم ذات الاشخاص هم الوزاء دائما وفي أي وضع، والرئيس هو ذات الرئيس، والبعد العسكري هو ذات البعد بل هو الجوهر، والسياسات هي ذات السياسات، بل كل من يرغب في تغيير ولو محدود وان جاء من أهل المؤتمر الوطني فهو خائن يخدم اجندة اجنبية إن لم يكن كافر، يجابه بالقوة والقهر وليس بالاقناع والحوار.

    وفي الوقت الذي أسس المؤتمر الوطني استراتيجيته الانتخابية على اللعب على التهديد الدولي الذي تمثله بقوة محكمة العدل الدولية ومطالبتها الشهيرة بالقبض على الرئيس البشير، باعتبارها المرجعية الجماهيرية الاقوى والملطقة، مهملاً كل قضايا والازمات والمخاطر التي تتهدد وحدة البلد والتي ترتبت وكانت نتاج سياسات ذات الحزب وحكومته التي يقودها البشير. تؤسس الحركة الشعبية استراتيجيتها على التعويل على الوحدة، وضمان الاستقرار، وأكثر من ذلك تلافي كل خطر قد يترتب على اتهام محكمة الجنايات الدولية طارحة بذلك حل للمشكلة بصورة تدعم احقاق العدالة وضمان عدم الافلات من العقاب، لكنها تسوتجب من شريك له سهم في اتفاقية السلام التعامل مع هذا الملف الذي يجب أن يضمن كرامة السودان وقياداته بذات روح الاقدام في التصدي للقضايا التي تمس مسقبل البلاد واستقرارها التي تطلع به الحركة الشعبية على خلاف المؤتمر الوطني.

    أما على المستوى التنظيمي (الداخلي) فإن الفروقات كبيرة وظاهرة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. ففي الوقت الذي تُظهر فيه الانتخابات والاعداد والاستعداد لها وطرح المرشحين مدي اهتزاز المؤتمر الوطني وعدم تماسكه كحزب بيده السلطة وكل جبروتها وامكانياتها، خلافاً لتاريخ طويل تجاوز العقدين حاكماً، إلا أن الخلافات التي اثارتها ترشيحاته الانتخابية وعلى كافة المستويات فضحت حال الحزب الذي (تُفرض) فيه الترشيحات وعلى كافة المستويات من مستوى الرئاسة الذي عليه خلاف كبير كون ما يترتب عليه لا يحتاج إلى تخمينات بل هو واضح ووفقاً لحسابات معلومة، نزولاً لأقل دائرة حيث يفجر الترشيح القسرى خلافات كبيرة لا يملك حزب المؤتمر الوطني تجاهها سوى التهديد بالوعد والوعيد واستخدام القوة والمخاشنة. وهذا وضع لا ينبئ بأن المؤتمر الوطني هو الحزب الأجدر بعد أكثر من عشرين عاماً أن يكون حزب المستقبل، خاصة وأنه قاد بسياساته البلاد نحو التمزق ليس تجاه الجنوب ولكن تجاه دارفور وأبيي وجبال النوبة والنيل الازرق والشرق وربما الشمال خاصة بعد قتل المتظاهرين ضد مشروعات السدود وبلا تردد أو محاسبة. كما أنه لا كبير هم له بمنسوبيه وبأمكانه أن يفعل بهم كل شئ وبلا سقوف كما تدفع بذلك حادثة (محمد الخاتم موسى يعقوب) الذي اختفي وبيد الاجهزة الامنية ولم يعرف عنه شئ حتى الان رغم تدخل الرئيس شخصياً، والاغرب أن الحكومة توفر لمن فعلوا ذلك وباعضاء وممثلي حزب كل حماية تنجيهم من المساءلة القانونية.

    بالمقابل تجمع الحركة الشعبية وبكل مكتبها السياسي على اختيار شمالي من عضويتها في تماسك فريد، وتدفع به لخوض معركة الرئاسة ليس نكاية في المؤتمر الوطني الشريك ولكن وفقاً لرؤية وخطة مؤسسة على طرحها للسودان الجديد، متحدية كل عنفوان الانفصال الذي يمثل الرغبه الغالبة لأهل الجنوب، ووفقاً لطرح متماسك لا يخل بأي خيار قد ينتهي له الاستفتاء القادم. فالوحدة مشورع استراتيجي اذا لم يؤكد عليها الاستفاء القادم، فأن مرشح الحركة الشمالي سيكون هو عنوان تجديد طرح الوحدة وخوض غمار معركتها القادمة التي يجب أن تتم وفقاً لحوارحولها يؤسس لتجديد القواعد التي تضمن وحدة مؤسسة على المواطنة والعدالة والديقراطية واطلاق الحريات، وحدة يؤكدها كل شعب السودان وليس شعب الجنوب فقط هذه المرة، وطوعاً بلا ضغوط من قوى داخلية ولا هياب من أخرى خارجية. بل كل الشعب في الجنوب والشمال سيخوض معركة الوحدة الطوعية المتوافق عليها والتي يعمل الجميع على تأسيسها وفقاً لما يرضيهم ويدعم تماسكهم ضمن سودان جديد.

    وبعد كل شئ ينبئ بأن الكسب الأكبر والاكيد أقوى ولصالح الحركة الشعبية مقارنه بالمؤتمر الوطني. فحساب الارقام أول وأهم مرتكز يؤكد موقف الحركة الشعبية الانتخابي التي لها قرابة الخمس مليون مسجل بالسجل الانتخابي بالجنوب فقط، والتي لها وجود بالشمال أقوي تماسكاً وله ذات الموقف تجاه مرشح الحركة. في الوقت الذي يتصارع فيه أهل المؤتمر الوطني حول مرشحيهم، القواعد تختار مرشحها، لكن المركز هو صاحب الترشيح. ثم تنفجر الصراعات وتتسع دائرة الرفض وكل يتوعد الاخر فلا تماسك ولا ضمانات لقواعد متينة لفوز قادم ولو جرت الانتخابات (داخل حزب المؤتمر الوطني وبين مرشحيه). وتماسك الحركة الشعبية حول مرشحها ينهي كل الترتيبات التي تسحب لها ووضعها المؤتمر الوطني لتوفر له الفوز بغض النظر عن ما هي أو ما يترتب عليها. فتماسك الحركة الشعبية يجعل خيار التزوير خطراً كبيراً يحتاج إلى إعادة حساب. وخيار افتعال الفوضى الانتخابية لأجل عرقة الانتخابات يحتاج أكثر من غيره للمراجعة. بل حتى خيار اللجؤ لأعلان حالة الطوارئ يحتاج إلى أكثر من مراجعة. ولما كانت الانتخابات القادمة بالنسبة للمؤتمر الوطني مسألة بقاء أو نهاية، فإن ترشيح الحركة الشعبية لياسر سعيد عرمان يعجل بتلك النهاية وعبر الانتخابات مهما كان وضع أوشكل تعامل المؤتمر الوطني ومهما كانت تكتيكاته. وهذا يحتاج لقراءات اخرى قادمة نقف فيها على تكتيكات المؤتمر الوطني ومدي محدوديتها وخطلها واستخفافها بالآخرين.

    ونختم بأن ترشيح ياسر سعيد عرمان علامة فارقة في تاريخ السودان اتفقت أو اختلفت في النظر إليها. وأن الانتخابات القادمة لن تكون نزهة تُحصد فيها النتائج بتدابير سابقة مهما كانت. ترشيح ياسر عرمان يعني أن المعركة لن تكون ألا معركة حقيقية إما أن تخوضها بكل مستحقاتها. أو ان تخوضها وأنت ضامن للخسارة الأكيدة اذا كنت مؤتمر وطني.
    ]
                  

01-21-2010, 09:00 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    يا أيُها المبعُوث فِينا ...
    بقلم: فتحي الضَّـو
    الاثنين, 18 يناير 2010 06:44




    يا أيها المبعوث فينا بالفكر الحُر، والمواقف الشجاعة، والسماحة النادرة، من ذا الذي غيرك يمكن أن يقول كلمة حق كهذه في وجه سلطان جائر (أنا أعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 1983 من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام، وأكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة، وشوهت الاسلام، ونفرت عنه.. يضاف إلى ذلك إنها وُضعت وأُستغلت لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله.. كما أنها هددت وحدة البلاد..هذا من ناحية التنظير. أما من حيث التطبيق، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها، غير مؤهلين فنياً، وضعفوا أخلاقياً.. عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق، وإذلال الشعب، وتشويه الاسلام، وإهانة الفكر والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين. ومن أجل ذلك فأنا غير مستعد للتعاون مع محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحُر والتنكيل بالمعارضين السياسيين).

    يصادف اليوم مرور ربع قرن على صدور الحكم الجائر باغتيال شهيد الفكر الإنساني الاستاذ محمود محمد طه. جاء ذلك وفق ما هو معروف بعد محكمة هزيلة شيعت القانون إلى مثواه الأخير قبل أن يترجل الفقيد الراحل على منصة الاعدام، ومن قبل أن يفتر فمه عن ابتسامة وضيئة هزمت الانتصار الزائف لقوى الشر وخفافيش الظلام. لم تستغرق تلك المحاكمة المهزلة – كما أطلق عليها الأخوان الجمهوريون – سوى دقائق معدودات لمحاكمة فكر نذر الاستاذ محمود له حياته لِما يُناهز النصف قرن. بل حتى لو استغرقت تلك المحكمة دهراً ما كان ذلك ليغير شيئاً في مواقفه الشجاعة التي أبداها يومذاك، لأنها لم تكن عفو الخاطر ولا وليدة اللحظة، فهي عبارة عن تراكمات لمواقف مماثلة في وجه كل سلطان جائر، سواء كان من المستعمرين الذين جثموا على صدر البلاد، أو من الحكام الوطنيين الذي ضلوا الطريق، وأعمتهم السلطة وغررت بهم، فما عادوا يميزون بين الحق والباطل، بين النور والظلام، بين الكرامة والإهانة!

    أن يجهر إنسان بقول الحق في وجه سلطان جائر، ذلك لعمري يمثل أعلى سنام الشجاعة والتحدي. فما أقسى أن يقول المرء لجلاديه أنهم غير مؤهلين فنياً، وما أصعب أن يقول الضحية لقاتله إنه ضعيف أخلاقياً، وما أجرأ أن يصم البريء المذنب بأنه مجرد خاتم في أصبع سلطة غاشمة تقلبه حيث تشاء. ولهذا لم تكن الكلمات التي عبر بها الاستاذ محمود محمد طه عن موقفه حيال تلك القوانين سيئة الصيت، تعابير إنشائية أو سجع يسلو المرء به نفسه. فأنظر – يا من يكاد يصرعك العجب – قوة هذه الكلمات في اللغة (شوهت ونفرت وهددت وأستغلت) ثمَّ هل هناك سقفاً أعلى في ذات اللغة أكثر من أن يقول المرء أن تلك القوانين صممت من أجل (إهانة وإذلال وإرهاب وتنكيل) الشعب، من ذا الذي يمكن أن ينطق بقول كهذا وهو يعلم أن حاكماً جاهلاً بأمور دينه ودنياه يتربص به ليقتله. حاكم ضرس اللغة العربية وهو يكشف عن ذاك التربص في تعليقه المقتضب على البيان التاريخي (هذا أو الطوفان) فيكتب (إنشاء الله) هكذا، وهو بالطبع يقصد (إن شاء الله). وكان يمكن أن يكون هذا الخطأ غير ذي بال، لولا أنه قال (إنه قضى الليل كله يقرأ في المراجع الدينية، ولم يجد للاستاذ مخرجاً) هل هناك استهانة بالفكر والمفكرين أكثر من هذا، مواطن مفكر يفني العمر كله بحثاً عن المعرفة، وحاكم جاهل يقضى ليلة واحدة ليبحث له عن مخرج!

    نحن لا نجتر تلك الكلمات التاريخية بعد مرور ربع قرن عليها من أجل ذكرى فرضت نفسها في التاريخ السوداني فحسب، ولكننا نقرأها بعين الحاضر ونتمعن فيها دروس الماضي ونستلهم من خلالها رؤى المستقبل. فعندما يقول الاستاذ محمود (إن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها، غير مؤهلين فنياً، وضعفوا أخلاقياً) لابد وأن يتساءل الذين لم يشهدوا ذاك التاريخ المظلم: أين الثلاثي الذي تولى تلك المهمة المخزية الآن؟ الذي نعلمه ويعلمه المتابعون أن أحدهم وهو السيد النيل أبو قرون كاد أن يشرب من نفس كأس التكفير، فقد أُتهم في بداية تسعينيات القرن الماضي بملابسات لا ندري كنهها، وإن ماثلت الردة التي ألصقها بشهيد الفكر الانساني، فما كان منه إلا وأن أصدر بياناً إعلانياً قرأه الناس في (صحيفة السودان الجديد أو الانقاذ الوطني، لم اعد أتذكرها) وفيه تبرأ مما نسب إليه واعلن توبته وإنزوى لركن قصي. وثانيهم المكاشفي طه الكباشي حامل أوزار المحاكمة المهزلة، فلم يكن بعسير عليه أن يستبدل كهفاً بكهف، فاستكان تحت ظل (سلطان جديد) بلسان لم يجرؤ حتى الآن على ذكر تلك القوانين في المجلس الذي احتمى بمظلته. أما السيدة بدرية سليمان، ثالثة الأثافي، فقد خلا لها الجو في عش العصبة ذوي البأس، فباضت وأصفرت، للدرجة التي لم تجد فيها حرجاً أن تسفر على رؤوس الأشهاد عن أنها كانت أحد منفذي الانقلاب المشؤوم. وبغض النظر عن هذه السابقة النادرة، هل يمكن لك يا عزيزي القاريء أن تتخيل ولو لبضع ثوان، سيدة قاضية تدثرت ببندقية كلاشنكوف بدلاً عن أن تتزمل بالقانون؟ أنظر كيف تكون الجريمة جريمتان والذنب ذنبان. قاضية تنتهك القانون عوضاً عن حمايته، ثم تتبختر بين الناس، كأنها جاءت بعرش بلقيس من قبل أن يرتد طرف سيدنا سليمان!

    نحن لا نعيد استرجاع تلك الكلمات التاريخية بعد مرور ربع قرن من أجل ذكرى فرضت نفسها في التاريخ السوداني فحسب، ولكن نعيدها لنقول أن الاستاذ محمود محمد طه لم ينطق بها طلباً لمغنم أو بحثاً عن شهرة، فهو وإن فعل فإنما فعل ذلك من أجل أن يترك لنا إرثاً نستطيع به أن نواجه أنظمة الظلم والقهر والاستبداد.. قالها لنتزود بها في مواجهة الشمولية الغاشمة. كان يريد أن يعلمنا كيف يمكن أن نتحرر من الخوف والتردد واللامبالاة، ثمَّ نجسد الشجاعة في اسمى معانيها. أما هو فلم يكن ذلك بغريب عليه، فنحن نعلم من خلال مسيرة حياته الثرة مواقفه الوطنية التي لم تخلُ من شجاعة متميزة، فقد ذاق طعم السجون ومرارتها، وصبر على الأذي والاهانة كحال كل حامل رسالة سامية، وصمد أمام ترهات المهوسيين أعداء الفكر والانسانية. من عجب ونحن نحتفل باستقلال السودان مطلع كل عام جديد، والذي بينه وبين ذكرى اغتيال الاستاذ محمود نحو أسبوعين. فما أن تهل علينا هذه الذكرى حتى يتبارى القوم في ذكر محاسن الذين ضحوا وناضلوا واسهموا في صنع تاريخ الأمة، ثمَّ يغفلون - سهواً أو عمداً – سيان، سيرة الاستاذ محمود الذي كان أول سجين سياسي في تاريخ الحركة الوطنية على يد الاستعمار البريطاني المصري في العام 1946، ليس هذا فحسب بل سجل له التاريخ إنه رفض أي مساومة هدفت إلى اطلاق سراحه، مقابل توقيعه على تعهد يقضي بعدم ممارسته أي نشاط سياسي!

    كنت قد ذكرت في مقال سابق ضرورة أن نعيد للاستاذ محمود إعتباره، ككل مفكر كان نبياً وسط قومه. كلنا يعلم أن المحكمة الدستورية العليا نقضت الحكم الجائر في العام 1986 وابطلت فرمانات المحكمة المهزلة، ولكن في تقديري كان ذلك جانب اجرائي لا ينبغي أن يصرف النخبة السودانية المثقفة عن القيام بدورها التاريخي، فإن في تقاعسها نذير بأنها يمكن أن تؤكل كما أكل الثور الأبيض ذات يوم. ينبغي أن نسرد سيرة الشهيد البطل لأبنائنا بفخر واعتزاز، نقول لهم أن سودانياً قحاً وبطلاً يشبه أبطال الاساطير الإغريقية، حلق في سماواتنا، ثمَّ مضى إلى الموت شامخاً كالطود الأشم، لم ترتعد له فريصة ولم يرمش له جفن. كان سلاحه الوحيد آنذاك ابتسامة غامضة أرهقت قاتليه، ولم يستطعوا أن يزيلوا ابهامها حتى اليوم. ليس أيسر على جموع المثقفين السودانيين أن يحيوا سيرة من ضحى بحياته لينير لهم الطريق، وذلك بتسمية الشوارع والميادين باسمه، وكذلك مراكز ومنظمات المجتمع المدني، دون تباطؤ يحيل ذلك إلى وقت معلوم. ولنا في كلماته أعلاه عظة وعبرة، فهو لم يقل لنفسه لم يحن الوقت، أو توخي ظرفاً لن يأتي من سلطة غاصبة!

    كما أن التحدى الحقيقي يجييء في ظل افتتاح مركز الشهيد محمود محمد طه الثقافي، فإلى جانب سعادتي التي لا توصف بهذا الانجاز الذي طال انتظاره، إلا أنه يحدوني أمل كبير أن يكون هذا المركز أكبر منارة تتواءم والسيرة العطرة للشهيد محمود محمد طه. فبالرغم من الرمزية التي رمى إليها القائمون بالأمر في تخصيص داره كمقر لهذا المركز، إلا أنه ينبغى أن يكون أكبر حجماً، ويتسع لكل قاصد، ثمَّ يتمدد وتنشأ له فروع في كل الولايات، ولنعد أنفسنا ليوم يتبارى فيه الفنانون النحاتون لإقامة تمثال يجسد شخصية الاستاذ محمود ويذكر الناس بعظمته وتاريخه التليد.. ويؤمه الذين آمنوا بالفكر حراً وبالحرية نبراساً وبالعدالة الاجتماعية غايةً!

    نتذكرك يا رائدنا أيها الشامخ كأشجار التبلدي، الراسخ كجبل مرة، الممتد عطاءً كنهر النيل. نتذكرك يا شهيد الفكر الانساني الحر كلما تلجلجت ألسنتنا عن قول الحق في وجه حاكم ظالم، نتذكرك حينما يتمدد الظلم ويتمادى الظالمون ونلوذ بالحياة خوفاً وطمعاً ورهبة. نتذكرك عندما يتقهقر منَّا الذين ينبغوا أن يتقدموا الصفوف فيولوا الأدبار، نتذكرك حينما نجعل الدنيا مبعث عيشنا وغاية همنا غير عابئين بحياة ذل وإهانة وإنكسار. نتذكرك حينما يفسد الفاسدون وينسوا أنك ارتديت من الثياب أبسطها وتخيرت من الطعام أفقره، نتذكرك حينما يقبلون على المال فيكنزوه ويستأثرون بالذهب فيلبسوه، وأنت الذي كان مالك أوراق بيضاء يقرأ فيها الناس أحاديث دينهم ودنياهم، وكان ذهبك صمتاً يتأمل دقائق الكون وسر الخلق وعظمة الخالق.

    في ذكرى رحيلك المفجع نكتب عنك يا سيدي، ما بقى في النفس شهيق من الحلم وزفير من الوجع. أكتب لأعزي نفسي بفعل يتقازم أمام فعلك، وهذا أضعف الايمان. فأنا لم أندم في حياتي على شيء، إلا على عين رمدت ولم تكتحل برؤياك، لم أفجع في شيء إلا على فم صام ولم يفطر بالحديث إليك. سنكتب عنك لأن الكتابة توجعهم وتذكرهم بسوء فعلتهم إن كانوا حقاً يشعرون. سنكتب عنك حتى نبث الرعب والخوف والهلع في نفوسهم، سنكتب عنك حتى يولوا الأدبار يوم الزحف العظيم. فنم قرير العين أيها المبعوث فينا...إن جئنا بالثأر المطاع!!

    عن صحيفة (الأحداث) 17/1/2010
                  

01-21-2010, 09:07 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    في ذكرى الأستاذ محمود: ربعُ قرنٍ منذ القتل بسبب الفكر! -2- ...
    بقلم: د. النور حمد
    الاثنين, 18 يناير 2010 10:30


    قبل أن أواصل في حلقتي الثانية، أريد أن أنوه لخطأين حدثا مني سهواً في الحلقة الماضية. وقد نبهني لهن بعض الأخوة الأفاضل. فقد ورد أن الأستاذ محمود خرج من معتقله الأخير في 19 يناير 1985، والصحيح هو 1984م، وليس 1985م. كما ورد أيضا، أن منشور هذا أو الطوفان الذي دعا فيه الأستاذ محمود إلى إلغاء قوانين سبتمبر، خرج في 25 ديسمبر 1985، والصحيح هو 1984م، وليس 1985م. ولابد أن القراء لاحظوا أن هذا مجرد خطأ.



    لم يكن يجول بخاطر أكثرية الجمهوريين والجمهوريات أن الأستاذ محمود، ومن تم اعتقالهم معه من الإخوان الجمهوريين سوف يُحكم عليهم بالإعدام! ولقد ذكر لنا الأستاذ محمود في واحدة من الجلسات التي سبقت المحكمة الأخيرة أن علينا أن نقوم بواجبنا في مقاومة تلك القوانين، وألا نظن أننا لن نلقى في ذلك عنتاً، أو عنفاً. قال إننا ربما نُجلد وأنه ما ينبغي أن نظن أن معجزة سوف تحدث لتحول بيننا وبين ما يمكن أن تواجهنا به السلطة من عسف، واضاف قائلا: (ما تجرِّبوا الله، خلوا الله يجربكم). وقال: (ربما تحدث معجزة، ولكن لا تنتظروها)!! كان أقصى ما بلغته أسوأ توقعاتنا، أننا سوف نُجلد، في واحدةٍ من حفلات الجلد العلنية اليومية، التي كانت فاشيةً في تلك الأيام الكئيبة. فقد كانت فرقعة السياط تنبعث من كل بقعةٍ في العاصمة المثلثة، أُقيمت فيه ما سُميت بمحاكم الطوارئ. تلك المحاكم التي أقام عليها نميري من القضاة من وصفهم الأستاذ محمود بأنهم: ((غير مؤهلين فنياً، وضعُفوا أخلاقياً عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين)). والذين وصفهم ايضاً الدكتور منصور خالد عقب تنفيذ الحكم على الأستاذ محمود، بأيام قلائل، بـ "القضاة التالفين"، في مقالته الشهيرة التي صدرت في صحيفة السياسة الكويتية، في يناير 1985م. كانت البلاد تبدو وكأن خبالاً من نوعٍ ما قد ألمَّ بها! فقد أخذ اللامعقول بتلابيبها، وطفق يزحم أجواءها بغبارٍ خانق. حين نطق القاضي المهلاوي بحكم الإعدام، ضد الأستاذ محمود محمد طه، والجمهوريين الأربعة الذين كانوا معه، لم يصدق غالبية حضور المحكمة أن ما سمعوه كان حقيقةً، فقد بدا ما جرى أقرب ما يكون إلى كابوسٍ منامي منه إلى شيء واقعي يمكن أن يحدث في حالات الصحو. هللت قلةٌ من أتباع "الحركة الإسلامية" للحكم، غير أن الأمر بدا للأكثرية شيئا غرائبياً، خرج بعده الناس وبعضهم واجمٌ وبعضهم يهمهم. وسرعان ما انفض السامر، وابتلعت أزقة أمدرمان جمهور المحكمة وجلبته، وخيمت على العاصمة حالة من الترقب.



    كنت ممن يؤمنون إيمان العجائز، بما يسمى بـ "تسامح السودانيين"، وذلك لما ظللت أراه على السطح، من شواهدَ دالةٍ عليه، ولما كان مسيطراً عليَّ من قناعات قامت على أسسٍ عاطفية، غذى أكثرها ما يتردد في الأفواه، في الحياة العامة، عن هذا التسامح المزعوم. أما الأستاذ محمود، فقد ظهر لي مما تأملته لاحقاً من تجربتي معهً، أنه كان يعرف الأمر على حقيقته. فهو، بالإضافة إلى البصيرة الثاقبة التي مخضتها فيه الخلوات، والصلوات، والصيام، في مقتبل العمر، قد عرف الكثير عن الحركة السياسية السودانية منذ أيام مؤتمر الخريجين، في نهايات الثلاثينات من القرن الماضي. بدأت استنتج مؤخراً، أنه كان يعرف ما ظل مخبوءاً من خمائر عنف النُّخَب، التي لم تكن الظروف قد نضجت له ليبرز إلى السطح. لقد تبين لي ضمن ما تبين، أن الأستاذ محمود لم يغادر هذه الحياة في الثامن عشر من يناير من العام 1985، وإنما غادرها قبل ذلك بوقت طويل. غادر الستاذ محمود حياتنا هذه ساعة خروجه من خلوته في العام 1951م. فقد كتب الأستاذ محمود في خلوته تلك بخط يده "وصية متوفى"، لا نزال نحتفظ بالدفتر الذي كتبت فيه إلى يومنا هذا. ويعكف على تحليل هذه الوصية الآن، الأستاذ عبد الله الفكي البشير، ولسوف يرى تحليله لها النور قريباً. في تلك الوصية التي أورد الدكتور عبد الله النعيم طرفاً منها، في المقدمة التي كتبها للترجمة الإنجليزية التي قام بها لكتاب الأستاذ محمود "الرسالة الثانية من الإسلام"، ورد ضمن ما أوصى به الأستاذ محمود أهله: ((لا يُفْرَشُ عليَّ، ولا يُتصدق، ولا أُكَفَّن في جديد، ولا يُناح علي، ولا يُجعل علي قبري أيُّ علامة))!! عاش الأستاذ محمود ما يقارب الأربعين عاماً عقب تلك الوصية، غير أن الشاهد هنا أنه كان مستعداً للذهاب منذ أن كتبها، في ذلك الزمن البعيد! وحين ذهب، استجابت السماء لوصيته، فتم له كل شيء وفق ما طلب، وسأل، وأوصى!



    رأى الأستاذ محمود إرهاصات العنف، وشم شميمه منذ وقت مبكر. سمعته مرةً في تلك الجلسات التي تتم اتفاقاً ساعات الضحى وهو يقول وكأنه يقرأ ما كان يتفوه به من رقٍّ مشدود عند حافة أفق بعيد: ((المهدية لسع فيها باقي!)). ولم أفهم قوله ذلك إلا بعد سنوات طويلة. فالمهدية قد عنفت بخصومها عنفاً شديداً. كان الأستاذ محمود يعرف قوى بركان العنف التي كانت تعتمل تحت القشرة، وكان يعرف مبلغ غشم قوى المتشكل السائد. تلك القوى التي وطن نفسه على مواجهتها، يوم أن اختط لنفسه خطاً ثالثاً، وقف به ضد الإستعمار، من جهة، وضد الطائفية، من الجهة الأخرى. وقف الأستاذ محمود كالسيف وحده، حين هرولت جمهرة المتعلمين الأوائل، من رمضاء الجهاد ضد المستعمر، إلى أفياء الطائفية المريحة. كان ضد الخيارين القائمين آنذاك: الإتحاد مع مصر، تحت التاج المصري، أو الإستقلال تحت الوصاية والرعاية البريطانية بخلق تاج سوداني. وحين خرج من خلوته وصدع بدعوته للبعث الإسلامي على النحو الذي أبانه في كتبه ومحاضراته التي كان يطوف فيها كل أرجاء السودان الشمالي، أضاف إلى القوى التي ظلت تستهدفه، المؤسسة الدينية الرسمية الممالئة لكل العهود السياسية، أجنبيةً كانت أم وطنية. في تلك اللحظة التي وقفت فيها الأمور المتعلقة بمستقبل البلاد السياسي، وبمستقبل الدين فيها، عند مفترق الطرق، عرف الأستاذ محمود أنه قد وضع نفسه في مواجهة كل القوى ذات الوزن في الساحة. ومنذ تلك اللحظة عرف ما يمكن أن يؤول إليه مصيره، وقبل ذلك المصير، قبولاً راضياً، سار به في درب تقاليد ابتلاءات التوحيد، الإبراهيمية، العيسوية، السامقة!



    أما نحن، الذين لازمناه سنيناً، وظننا أننا نعرفه، ونعرف ما كان يحيط به، فقد تبين لنا أننا لم نكن نعرف عنه الكثير. لم تتبدى لنا خيوط الأمور، إلا بعد سنواتٍ طويلةٍ من إعدامه. لم نكن نعرف أنه كان يعرف الوقت الذي ستخرج فيه طاقة العنف المكتومة تحت القشرة. لم نعرف، رغم أننا عرفنا عن أمر محكمة الردة التي عُقدت له في نهايات الستينات، في ما تسمى، زوراً، وبهتاناً، بـ "الديمقراطية الثانية". كان هو الوحيد الذي كان يعرف أن البركان الخامد سرعان ما سيثور. ولذلك فقد كان يسابق الزمن. فما أكثر ما سمعناه وهو يردد: ((ما في وَكِتْ))، ((الوَكِتْ قليِّل)) يقولها هكذا بالتصغير، ليؤكد على قصر ما تبقى من الوقت. كنا نسمعه ولكنا لم نكن نعي حقيقة ما كان يرمي إليه. لقد كنا رازحين في غمرةِ طفولةٍ عقليةٍ غريرةٍ، أبت أن تشب عن الطوق! كان يسابق الوقت، لمعرفته بالقوى التي ظلت تتربص به، فهو ليس بدعاً من المبصرين، الذين تم قتلهم في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية، بواسطة الحكام الذين أكلوا الدنيا باسم الدين، منذ العصر الأموي، وحتى زماننا هذا. لم يكن يريد أن يذهب، قبل أن يترك على ظهر الأرض بذرةً قابلةً للنمو، ولذلك فقد كان يصل ليله بنهاره، يُسَلِّك الشباب الذين أهطعوا إلى سوحه، ويكتب الكتب، وينشر المنشورات، ويحاضر، ويستقبل الناس الذين لا ينقطعون عن داره من غبش الفجر، وحتى منتصف الليل.



    في ليلة الجمعة الرابع من يناير عام 1985م، وهي الليلة السابقة لإعتقاله، ختم الأستاذ محمود محمد طه الجلسة التي أقيمت في الساحة الواقعة غرب منزله مباشرة، بحديثٍ عن ضرورة القيام بواجبنا في مناهضة قوانين سبتمبر، أُورد منه هذه الفقرة كما وردت في شريط التسجيل: ((الصوفية سلفنا، ونحن خلفهم .. كانوا بيفدوا الناس .. الوباء يقع يأخذ الشيخ الكبير، الصوفي الكبير، وينتهي الوباء. دي صورة غيركم ما يعقلها كثير .. الجدري في قرية "التبيب"، تذكروها؟ كان في كرنتينة في القرية، لا خروج، ولا دخول. الشيخ الرفيع ود الشيخ البشير، أخو الشيخ السماني مات بالجدري في القرية. شيخ مصطفى خال خديجة بت الشريف، هو صديقنا وبزورنا كتير، قال: ((حصلت وفاة ومشيت أعزي. مرَّ علي الشيخ الرفيع ـ أخو الشيخ السماني شيخ المقاديم الهسع بيعطروا ليكم حلقات الذكر ديل ـ قال لي بمشي معاك .. قال مشينا سوا، إيدو في إيدي، كان فيها سخانة شديدة .. وصلنا محل الفاتحة، واحد قال: يا الشيخ! المرض دا ما كمَّل الناس!! الشيخ الرفيع قال: المرض بينتهي، لكن بيشيل ليهو زولاً طيِّب!! قمنا من المجلس، وصلنا البيت، والسخانة كانت الجدري، ومات الشيخ الرفيع، ووقف الجدري .. السيد الحسن أيضا مات بوباء وانتهى الوباء .. وفي سنة 1951م الشيخ طه مات في رفاعة بالسحائي، وكان مستطير بصورة كبيرة، وما عندو علاج، وما كان بينجو منو زول، الما يموت، يتركو بي عاهة .. مات الشيخ طه والمرض انتهى! الحكاية دي عند الصوفية مضطردة ومتواترة، العلمانيين تصعُب عليهم)). ولم ندرك لحظتها أبعاد ذلك الحديث كما ينبغي، رغم أن قد قيل قبل أربع عشرة ليلةٍ فقط قبل الإعدام. فقد كان في آذاننا وقرٌ من طفولة روحيةٍ غريرة! كان هو في حيز، وكنا في حيز آخر.



    قيل إن الحلاج حين سيق إلى الصلب كان ينشد:

    نديمي غيرُ منسوبٍ

    إلى شيءٍ من الحَيْفِ

    سقاني مثلما يشربُ

    فعلَ الضيفِ بالضيفِ

    فلمَّا دارتِ الكأسُ

    أتى بالنطعِ والسيفِ

    كذا من يشربُ الراحَ

    مع التنِّين في الصيفِ!



    لم يكن الأستاذ محمود مفكراً، بالمعني الشائع للكلمة، وإنما كان صاحب رؤيةvision . والرؤية فوق الفكر. وبما أن الناس، بشكل عامٍ، أسرى للأفكار، فإن استيعابهم لما هو رؤيوي يقتضيهم زمناً، ربما طال، وربما قصر، وفقاً للظروف المحيطة بهم. يقول ديفيد بوم عن الرؤيةinsight إنها: ((تعلن عن نفسها كصورةٍ ذهنية. فمفهوم نيوتن للجاذبية، وفكرة انشتين عن السرعة الثابتة للضوء، وردت إليهم كصورٍ ذهنية، وليس كفرضيات تأسست على تداعياتٍ منطقية. فالمنطق يُعد ثانوياً بالنسبة للرؤية، والمنطق لم يكن في يوم من الأيام، مصدراً لمعرفةٍ جديدة)). Huston Smith, Beyond the Postmodern Mind, Quest Books, USA, 2003)



    قيض الله للسودان، من دون بلاد الدنيا، أن يشهد تجربتين كبيرتين غريبتين على السياق السائد. ففي ثمانيات القرن التاسع عشر، والثورة الصناعية، في أوج صعودها، والتوسع الاستعماري في عنفوان تمدده، شهد السودان أحداث الثورة المهدية، التي دعت إلى العودة إلى الدين، ودعت إلى الجهاد وفتح البلدان. وفي ثمانينات القرن العشرين، شهد السودان تجربة محاولة تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تداعت إلى قتل مفكرٍ مسالمٍ أعزلٍ بسبب أفكاره، في تجسيدٍ كان الأبشع من نوعه، في الإطار التاريخي الذي تم فيه. ثم جاءت الإنقاذ، في العام 1989م، وجاءت معها أحلام تصدير نموذج "الثورة الإسلامية"، إلى ما وراء الحدود! ولم تبلغ في ذلك طائلاً، وأصبحت تلك الأحلام نسياً منسياً.



    بدأت الثورة المهدية بأهداف دينية، وحلمت بفتح البلدان، وبإعادة العالم الإسلامي إلى جادة الطريق، كما رسمتها هي، ووفقاً لما حلم به قائدها، من مبايعة تتم له، بين الركن والمقام. يُروي أن الإمام المهدي توقف، وهو في زحفه نحو الخرطوم، عند الشيخ برير، صوفي قرية "شبشة" غربي الدويم، وهي القرية التي اقترن أسمها به. يقولون: "شبشة الشيخ برير". وقد كان الشيخ برير رفيقاً للإمام المهدي في الطريق السماني. يقال إن المهدي حين لقي الشيخ برير أمسك يديه بكلتا كفتيه، وقال له: ((كب يا برير، بلا مكَّة، مافي فكَّة)) أي، لن أترك يدك حتى نبلغ معاً مكة فاتحينً. فرد عليه الشيخ برير، وقد جرى ذلك المشهد تحت شجيرة: ((أنا شديرتي دي ماني فايتها، وإنت مقرن البحرين ماك فايتو)). ترك المهدي رفيق طريقه السابق برير حيث هو، وواصل زحفه نحو الخرطوم التي فتحها. غير أنه توفي فيها بعد شهورٍ معدوداتٍ من دخوله إليها!



    الشاهد، أن الثورة المهدية حلمت أحلاماً تخصها، ولكنها حققت للسودان أمورا أخرى غير التي حلمت بها هي! فالثورة المهدية رسمت حدود السودان الحالية، كما أقامت القطر من أطرافه، وأحدثت فيه حراك هجرات غير مسبوقة، وضعت الإثنيات المتعددة في القطر على طريق تشكيل القومية الواحدة، التي لا يزال مخاضها العسير مستمراً، حتى هذه اللحظة. أما نميري، ووراءه الحركة الإسلامية، فقد جاءوا بما أسموه "قوانين الشريعة". فأدخلوا البلاد في دوامة من الإضطراب، ومن العزلة، ومن التنازع، ومن الفشل المضطرد. وشهد الناس جوانب من كوابيس الهوس الديني، أوضحت بما يكفي خطورة طريق التثوير الشعاري، التعبوي، ومزالقه. وها نحن اليوم نقف عند مفترق الطرق، مرة أخرى، والسبل أكثر انبهام مما مضى! فهل سيصبح الحجر الذي أباه البناؤون هو حجر الزاوية، كما نطق بذلك السيد المسيح؟ يا طالما سمعت الأستاذ محمود محمد طه، وهو يردد في حجرته الصومعة، العبقة، بنطقٍ مُفَسَّرِ، فصيحِ، مُبين، أبيات الشيخ عمر بن الفارض القائلة:

    وعن مذهبي لمَّا اسْتَحَبُّوا العمى

    على الهدى،

    حسداً من عند أنفسهم، ضَلُّوا

    فَهُمْ في السُّرى،

    لمْ يبرحوا من مكانِهم

    وما ظعنوا في السير عنه،

    وقد كَلُّوا
                  

01-24-2010, 07:49 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=8451
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الخميس 14-01-2010
    طعن في اهلية ترشيح البشير للانتخابات

    كمال الصادق


    : بالأمس أُعلن عن ترشيح المواطن عمر حسن احمد البشير مرشحا لرئاسة الجمهورية عن حزب المؤتمر الوطني للانتخابات المقرر اجراؤها ابريل القادم وذلك بعد ان اعلن تقاعده من قيادة الجيش والقوات المسلحة برتبة المشير يوم الاحد.
    ولما كان حق الطعن في اهلية المرشح مكفول بموجب قانونالانتخابات ضد اي مرشح ايا كان منصبه السابق او الحالي لتفصل فيه الهيئة في نهاية المطاف حسب جدولها المعلن مادام المرشح قد طرح نفسه لرئاسة السودان ويمكن استئنافه امام المحاكم ..فإننا انطلاقا من ذلك والتزاما بهذا القانون نتقدم بهذا الطعن في اهلية المرشح المواطن عمر البشير لانتخابات رئاسة جمهورية السودان للفترة القادمة.
    ويستند طعننا المقدم عبر هذا الباب للمفوضية والقوى السياسية والمجتمع الدولي والاقليمي والراي العام السوداني صاحب المصلحة والحق على ان المواطن عمر حسن احمد البشير الذي قدم للترشيح لرئاسة الجمهورية مشتبه به بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور وبموجب هذا الاشتباه صدرت في مواجهته مذكرة توقيف دولية صادرة من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وعرضت المذكرة رسميا امام مجلس الامن وعمم امر القبض على كل دول العالم وارسل ايضا الى حكومة السودان وهو بموجب هذه الاتهامات وهي خطيرة جدا في رأينا المتواضع يجب استبعاد ترشيحه لرئاسة السودان الى حين مثوله امام القضاء وتبرئة نفسه من لائحة الاتهامات المشبه بها وغض النظر عن منصبه طالما هنالك تهمة وامر قبض صادر في مواجهته من محكمة اي كانت تلك المحكمة كمواطن فإن ذلك يقدح في اهليته ويسقط تماما ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
    وحتى لا نقع في خطل الخلط بين منصبه السابق للانتخابات كرئيس للجمهورية ودعوتنا بنقد ترشيحه كمواطن نقول اذا كان هناك ضابطا اداريا في محلية اتهم باختلاس مالي وهناك لائحة اتهام في مواجهته بأمر قبض وتقدم بإستقالته وجاء للترشيح في الانتخابات فإنه لايحق له الترشيح للانتخابات في اي من مستوياتها الثلاثة ما لم يقف امام محكمة وتبرأ ساحته من التهم المنسوبة اليه
    الامر الثاني ان المرشح المواطن عمر البشير وبموجب امر القبض الدولي الصادر في مواجهته ايضا لايستطيع ان يؤدى واجباته الرئاسية كرئيس لجمهورية السودان اذا فاز في الانتخابات القادمة ونعني بذلك السفر وحضور المنابر الدولية وتمثيل السودان فيها والدفاع عن حقوقه فهو لم يستطع منذ صدور امر القبض الدولي السفر الى دول بعيدة من محيطه وعلى سبيل المثال لايستطيع السفر الى اوروبا والامريكتين الشمالية والجنوبية وحتى مقر الامم المتحدة في نيويورك بل و بعض الدول المحبطة بالسودان مثل تشاد ويوغندا وافريقيا الوسطي وكينيا والكنغو الديمقراطية بجانب كثير من البلدان الافريقية عدا العربية بإستثناء المملكة الاردنية الهاشمية وكذلك الاسيوية واليابان واستراليا وهو بهذه الصفة يفقد الاهلية في الترشيح لرئاسة السودان التي يتطلب من رئيسه المنتخب القادم ان يكون واسع الحركة دوليا لا محاصرا وغير مطارد ومهدد بالقبض عليه في اي مطار خارج السودان ويستطيع في نفس الوقت ان يلتقى كبار زعماء العالم خاصة وان السودان مقبل على عام حاسم في ان يتفكك وينقسم او يتوحد وفي اعتقادنا ان المرشح المذكور لايمكن ان يجعل من الهدف الاخير ممكنا وفقا للاسباب المبينه اعلاه.
    ولو أن غدا تقدم المواطن على كوشيب الذي يواجه نفس الاتهامات وهو لايحمل اي صفة رسمية بطلب ترشيح لرئاسة الجمهورية لتقدمنا بنفس طلب الطعن ولذات الا اسباب، فالثابت ان هناك جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وقعت في دارفور ويجب تقديم مرتكبيها للمحاكمة وذلك بنص تقريري لجنة دفع الله و امبيكي.
    فما هو رأي مفوضية الانتخابات في هذه العريضة وماهو رأي القوى السياسية وعلى نحو خاص تحالف (جوبا) والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني والرأي العام السوداني وحتى المؤتمر الوطني نفسه في هذا الطعن ونلتمس قبوله والامر بإسقاط ترشيح المواطن عمر البشير لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة فهذا خير له وللسودان وكفى الله المؤمنين القتال .
                  

01-26-2010, 03:50 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    السودان: ماذا إذا خسر المؤتمر الوطني الانتخابات؟

    د. عبدالوهاب الأفندي

    هناك إجماع نادر بين كل الأطراف المتصارعة على الساحة السودانية على شيء واحد: هو أن المؤتمر الوطني سيكتسح الانتخابات المزمع عقدها في نيسان/ أبريل المقبل بدون منازع ذي شوكة. المعارضة تعبر عن هذه القناعة بشكاواها المتكررة من عدم توفر الظروف المطلوبة لانتخابات حرة ونزيهة، بينما يعبر المؤتمر الوطني عنها بحماس قادته المثير للدهشة للانتخابات، وتحدثه المستمر للخصوم لكي ينازلوه في ساحة الوغى الانتخابية. والمعروف أن الأنظمة غير الديمقراطية لا تتحمس للانتخابات إلا بقدر حماس الخراف لعيد الأضحية.
    ويجب أن اعترف بأنني في حيرة من أمر هذه الثقة المشتركة حول نتائج الانتخابات، خاصة بعد أن جعل المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع المسؤول الأول عن استراتيجيته الانتخابية، وهو شخص يجد صعوبة كبيرة في كسب دعم عضوية المؤتمر الوطني، ناهيك بأن يكون رأس رمح في استراتيجية لحشد الجماهير خلف قيادة الحزب. وحتى بدون نافع وشطحاته فإن المؤتمر الوطني يدخل هذه الانتخابات وعلى ظهره تركة ثقيلة من الأوزار والمظالم. فهناك أولاً الإشكالية التي تواجهها كل حكومة بقيت في السلطة فترة طويلة، أو حتى فترة قصيرة، لأن الناخبين عادة ما يحبون توجيه رسائل احتجاج لمن هم في السلطة، كما أدرك الرئيس الأمريكي باراك أوباما هذا الأسبوع. أما إذا كانت هذه السلطة قد مارست التعسف في حق كثيرين، وشتمت هذا وأكلت مال هذا وضربت ظهر هذا، إلخ، فإنها تواجه حساباً أشد عسراً من الناخب.
    وتتعقد مشكلة المؤتمر الوطني لكون خطابه الرسمي لم يتضمن حتى الآن اعتذاراً، ولو مبطناً، عما سلف من مظالم (بل عن راهن المظالم كما هو الحال في دارفور أو منطقة سد مروي) بل يصور سجله في الحكم على أنه سجل حافل بالإنجازات وخال من السلبيات. وهو في هذا لا يعد بأي تغيير ذي بال يجعل الناخب يعيش معه أملاً في أن إعادته إلى الحكم في الانتخابات سيعني وقوع تغيير مهم نحو الأفضل في نهج الحكم.
    بالنسبة للمعارضة هنالك بالطبع مشاكل أيضاً مع الناخبين، منها فقدان الثقة في قياداتها والتحولات الاجتماعية بعيدة الأثر في قواعدها التقليدية، إضافة إلى ما شهدته البلاد من تشرذهم قبلي وعرقي وجهوي سيقلب الموازين على كثير من القوى السياسية. هذا إضافة إلى أن كثيراً من الأحزاب ذات الصوت العالي لم يكن لها من قبل حظ في سند شعبي ذي بال، وحظها اليوم أقل. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن المؤتمر الوطني سيكتسح الانتخابات وأن نصيب بقية الأحزاب، وإن قل، سيكون صفراً.
    مما لا شك فيه أن الانتخابات القادمة ستنتج خارطة سياسية جديدة للبلاد، وأي تنبؤ بنتائجها النهائية مقدماً ليس من الحكمة في شيء. ولعل من أهم مميزات هذه الانتخابات أن هذه هي المرة الأولى منذ استقلال السودان التي تنعقد فيها الانتخابات في كامل مناطق جنوب السودان، وبمشاركة فعالة من قوى سياسية جنوبية ذات سند جماهيري وفي جو سلمي إلى حد كبير. وهذا يشكل بمفرده عامل تغيير كبير يساهم في رسم الخارطة السياسية الجديدة. ولا تنطبق على الجنوب المحاذير التي تكرر المعارضة الإشارة إليها من هيمنة المؤتمر الوطني على مقاليد السلطة والإعلام ومصادر الثروة، لأن الجنوب يقع خارج سلطة المؤتمر الوطني تماماً. هناك بالطبع قوى منافسة للحركة الشعبية التي تهيمن على الجنوب، بما في ذلك فروع المؤتمر الوطني وتشكيلات سياسية وقبلية منافسة، مما يعني أن الأمر لن يكون سالماً للحركة هناك أيضاً.
    في الشرق أيضاً، وهو منطقة شهدت بدورها مراحل من الصراع المسلح واتفاق سلام، ظهرت بوادر استقطاب وتكتلات قبلية وعرقية وجهوية ستلعب دورها في تحديد نتائج الانتخابات وتضاريس الخارطة السياسية هناك. ولا يختلف الأمر إلا من ناحية الدرجة في الشمال والوسط، حيث أصبح الاستقطاب العرقي والقبلي هو السائد، وأضيفت إليه مظالم ومرارات، كما هو الحال مع ضحايا نزع الأراضي في مناطق السدود أو المصانع أو المشاريع الأخرى.
    ثم هناك دارفور التي يبدو أن بعض مناطقها لن تشهد انتخابات بسبب استمرار العنف ووجود مناطق خارج سيطرة الدولة، وأيضاً بسبب عزوف كثير من الناخبين هناك عن المشاركة في انتخابات يرون أنها لن تؤثر مباشرة في أوضاعهم. ولا شك أن عدم مشاركة أجزاء مهمة من دارفور في الانتخابات يؤثر سلباً على نتائجها وما تمنحه من شرعية للحكم، وهناك سباق مع الزمن للوصول إلى صيغة تسمح بمثل هذه المشاركة. ولكن مهما يكن فإن التغييرات التي وقعت في دارفور سيكون لها أثر كبير على الوضع السياسي في السودان. ففي آخر انتخابات لعبت دارفور دوراً حاسماً في منح الأغلبية التي حصل عليها حزب الأمة ومكنته من قيادة الحكومة وقتها. ولكن هذا لن يتيسر هذه المرة، ولا يدري أحد في أي اتجاه ستصوت دارفور إن فعلت، خاصة وأنها منقسمة على نفسها.
    في أي اتجاه سارت الأوضاع فإننا بلا شك سنجد أنفسنا أمام خارطة سياسية للسودان لا عهد لنا بها، وهي خارطة لن يكون فيها كاسب بلا منازع، رغم أن الخاسرين فيها سيكونون كثراً. وهذه الخارطة ستجلب معها تحديات ومشاكل يحسن بالجميع التحسب لها. ولعل أهم ما يجب التحسب له هو فشل المؤتمر الوطني في تحقيق أغلبية في الانتخابات القادمة، وهو في نظري احتمال أكثر من مرجح، رغم 'اجتهاد' نافع المقدر ومن معه في منع هذا الأمر. فإذا كان معول قادة المؤتمر الوطني هو على خطب نافع ودعاية التلفزيون القومي وبقية أجهزة الإعلام الموالي، فإنا نقول لأحزاب المعارضة: أبشروا بطول سلامة وكثرة أصوات.
    صحيح أن كثيراً ممن يظنهم المرء من العقلاء يصدقون كثيراً مما يبث في الإعلام الرسمي، حتى ولو كان مما لا يقبله العقل (ولي تجارب شخصية في هذا الصدد بسبب الحملات التي شنت ضدي في إعلام الدولة)، إلا أن الأرجح هو أن الناس يصدقون ما يريدون تصديقه. ولهذا فإن من يغشى مجالس السودانيين لا يجد إجماعاً أكبر من الإجماع حول سوء الظن بأهل الحكومة، وتداول الإشاعات غير المؤسسة أحياناً- حول ثروات هذا وسقطات ذاك. فهناك إعلام بديل 'شعبي' أقوى بكثير من إعلام الحكومة.
    هناك بالطبع ما لدى الحكومة من مغريات مالية وسلطانية، وما تبثه من خطاب إسلامي، وما عقدته من تحالفات سياسية وقبلية. وهذه بدورها تطرح أسئلة مهمة حول طبيعة المؤتمر الوطني أصلاً. فهو قد تخلى منذ بداية عهد الإنقاذ عن وصف نفسه بأنه تنظيم إسلامي، للتقية أولاً ثم بصورة جدية بعد ذلك بعد أن استقطب عناصر متنوعة من خارج الصف الإسلامي ومن غير المسلمين، فلم يعد منطقياً أن يدعي صفة الإسلامية. ولكنه من جهة يعتمد على قطاع كبير من 'الإسلاميين'، كما أنه يتحالف مع عناصر من خارجه ذات توجه إسلامي مثل السلفيين وحركة الإخوان المسلمين الموالية للتنظيم المصري وقوى أخرى ذات طابع إسلامي. ولكن تحالف المؤتمر الوطني يشمل قطاعات أخرى، منها قوى جنوبية معادية للحركة الشعبية، وتشكيلات قبلية، وأحزاب منشقة وعائلات رأسمالية.
    وهذا يطرح سؤالاً آخر: ما الذي يجمع بين هذه الأطراف؟ هل هي رؤية موحدة لمستقبل البلاد؟ أم مجرد التزاحم على غنائم السلطة؟ هناك من العامل الثاني أكثر من الأول، كما اتضح عندما انشق المؤتمر الوطني في عام 2000، فانحازت كل هذه التجمعات إلى الطرف الذي بقيت السلطة في يده. وهذا يعني أن عين هذه الأطراف لو تحسست أن السلطة في طريقها إلى جهة أخرى فلن يستبعد أن تعيد حساباتها. هذا لا يمنع أن هناك حسابات سياسية لدى هذه الأطراف تجعل تحالفها مع المؤتمر الوطني أشد صلابة، ولكن من الصعب تصور استمرار هذا التحالف إذا تحول المؤتمر الوطني إلى المعارضة.
    ولا تقتصر هشاشة كتلة المؤتمر الوطني على احتمال تقلب التحالفات، بل تتعداها إلى بنية المؤتمر نفسه التي أخذت تشهد تصدعات تذكر بما عانته الأحزاب الكبرى سابقاً، التي كانت بدورها ائتلافات قبلية-جهوية معقدة يلعب تبادل المنافع والمصالح فيها دوراً كبيراً. ولهذا كانت تتصدع عند أقل خلاف حول المناصب والمغانم. وقد شهدنا ما يشبه هذا في صفوف المؤتمرالوطني هذه الأيام. وإذا أضفنا إلى هذا ما ذكرناه من خروج الجنوب أصلاً (وهو يشكل قرابة ثلث الناخبين) من مجال إعلام الحكومة وسلطانها السياسي والمالي، فإن القدرة على استخدام إمكانات الدولة لصالح المؤتمر الوطني تبقى محدودة.
    من هذا المنطلق فإن 'حمى الانتخابات' التي اجتاحت البلاد هذه الأيام، وما شهدته الساحة السياسية من إقبال على التسجيل والترشيح، وتراجع شبح المقاطعة، كلها علامات صحة لأنها تشكل ثقة مطلوبة بالعملية الانتخابية. فهناك خطر أن تصبح دعاية المعارضة وتهويلها لسطوة المؤتمر الوطني ذات أثر عكسي تعطي المؤتمر النصر قبل بداية اللعب، فتكون المعارضة كمن سجل الهدف في مرماه. وقد حدث شيء من هذا حين بالغت دعاية المعارضة في الحديث عن التعذيب وبيوت الأشباح وغير ذلك حتى أدخلت الخوف في قلب كل معارض، وتحولت إلى دعاية لصالح الحكومة.
    ولا يعني هذا أن التجاوزات لم تقع، ولكن المتأثرين بها كانوا قلة، حيث كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في نهاية التسعينات أن العدد الكلي للمعتقلين السياسيين خلال العقد الأول من فترة الإنقاذ لم يتجاوز ألف وستمائة معتقل، وأن أكبر عدد كان رهن الاعتقال في فترة واحدة لم يتجاوز الثلاثمائة. من هذا المنطلق فإن المبالغة في التخويف من بطش النظام خدمت الحكومة وخذلت المعارضة.
    بنفس القدر فإن تهويل المعارضة لقدرات المؤتمر الوطني وسطوته قد تؤدي نفس الغرض وتخدم أجندة المؤتمر بإقناع الكل بأن المؤتمر فائز لا محالة، وبالتالي تحفيز الكثيرين للانضمام إلى صفوفه. ولا يعني هذا بنفس القدر أن المؤتمر الوطني ليست لديه هيبة وإمكانات السلطة، إضافة إلى كونه يتحكم في العملية الانتخابية عبر أكثر من مفصل، بما في ذلك الإعلام والتأمين والأجهزة القانونية. ولكن المبالغة والتهويل في إعطاء هذه العوامل أكثر من قدرها قد تأتي بأثر عكسي كما حدث في تهويل تجاوزات النظام في السابق.
    ولكن غني عن القول أن إزاحة المؤتمر الوطني من السلطة عبر الانتخابات، مهما كانت نتيجتها، غير متيسرة بصورة سلمية. وعليه لا بد من التحسب لما يمكن أن يحدث في هذه الحال.
    وهناك أكثر من حل لضمان الاستقرار وعدم عودة الصراع بعد الانتخابات. الحل الأول في استمرار تحالف المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وتحوله إلى تحالف سياسي حقيقي، ولكن هذا يتطلب تنازلات مهمة من المؤتمر الوطني تعني عملياً تخليه عن احتكار السلطة. وميزة هذا التحالف هو أنه يعطي الوحدة فرصة حقيقية. أما الحل الآخر فهو قيام تحالف بين المؤتمر وبعض الأحزاب الشمالية ذات الوزن، وهو أيضاً يتطلب تنازلات (أقل) من المؤتمر الوطني، ولكنه قد يعني بالضرورة التخلي عن حلم الوحدة.
    هناك حل ثالث قد يكون الأفضل، وهو قيام تحالف سياسي عريض يضم الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ومعظم القوى السياسية الأخرى في حكومة 'وحدة وطنية' حقيقية تتولى الحكم خلال فترة انتقالية ثانية يتم خلالها التوافق على الأسس والقواعد التي تحكم العملية السياسية في البلاد، والتصدي لبقية القضايا الخلافية مع الجنوب، والتوصل إلى حل توافقي لقضية دارفور ومعالجة أزمات البلاد الأخرى، مما يمهد السبيل أمام الانتقال المطلوب لديمقراطية مستقرة في بلد موحد. وليس تحقيق هذا الهدف بالأمر العسير إذا تحقق العزم وتخلت الأطراف عن قصر النظر.

    ' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
                  

01-27-2010, 09:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    فليكن شعار قوى التغيير : «
    ليس المهم من يفوز ولكن من نهزم؟».

    حيدر طه




    سوق الانتخابات

    لم يعد مفهوم السوق الحديث محصورا في مكان جغرافي واحد، له حدود وشوارع وعلامات، بل أصبح عالماً من النشاطات المتعددة والمتنوعة تدار من كل مكان، من كنتين صغير محشور في حي مزدحم، أو من سوبر ماركت وهيبرماركت، ومن مكاتب تجارية وأيضا أصبح يدار من منازل وغرف متواضعة، ما دام يدر مالا ويحقق كسبا عبر وسائل الاتصال الميسورة.
    كما لم يعد السوق مقيداً بنشاط تجاري تقليدي إنما تمددت نشاطاته لتصبح « بزنيس» في كل شيء، حتى دفن الموتى في معظم البلدان تحوّل إلى بزنيس، ولم تسلم الرياضة من ذلك إذ اصبح « فك التسجيلات « والانتقال من ناد إلى آخر، يتم عبر وسطاء وسماسرة وشركات ومؤسسات. وللفن باع طويل في البزنيس، من إقامة الحفلات إلى إصدار الالبومات. ويكفي أن يكون قلب هذا البزنيس « هم المتعهدون « الذين يماثلون « المقاولين» في بعض المهن والحرف والنشاطات.
    فللطيران سوق، وللسياحة سوق، وللتعليم سوق، وللاتصالات سوق، وللوعظ سوق. ولكنها جميعا أسواق مفتوحة ليلا ونهارا، لا يغمض لها جفن طيلة العام، ولا تركن إلى عطلة حتى لا يسبقها منافسون أو يخل بتقاليدها وضوابطها مغامرون.
    وللانتخابات سوق ولكنه موسمي يأتي كل أربع سنوات في الدول الديمقراطية العريقة والحديثة، ولكنه في السودان ينعقد كل عشرين عاما أو أقل قليلا. ولذلك يفتقد التقاليد الراسخة التي تستوجب احترام الانتخابات بصورة تلقائية وعفوية كأي تراث يحترم، كما تفتقد القوانين التي تصبح ممارستها واحترامها جزءا من العادة السياسية. بجانب أنها تفتقد الثقافة التي تعمق في الناخبين دورهم الطبيعي في المبادرة بالتسجيل دون أن تحثهم مفوضيات أو تشجعهم لجان تكرر حد الملل إعلانات كأنها صممت للصم والبكم والعمي.
    وثقافة الانتخابات من الثقافة الديمقراطية التي افتقدها الشعب السوداني لأكثر من عشرين عاما، حتى جاء جيلان لا يعرفان من الانتخابات إلا ما سمعوا به أو شاهدوه في وسائل الإعلام المرئية في دول لا وجه مقارنة بينها وبين السودان.
    وتختلف الأسواق من بلد إلى آخر، تختلف في التنظيم والرقي والثقافة والتخصص. فأسواق الدول المتقدمة لا تسمع فيه ضجيجا ولا ضوضاء تصم الآذان، ولا تجري فيها « طلاقات « و»حليفة بالأبناء والآباء» ولا بـ « الشرف الباذخ « ولا بالأولياء الصالحين..كل شيء فيها واضح ومعلن، الأسعار والخامات وتاريخ الانتاج ومدة الصلاحية، وتاريخ الانتهاء، ومكان الصنع، ياباني أم تايواني..لا غش إلا نادرا في سوق الاثنين الذي يعقد في أطراف المدينة ليجذب السواح والمنتجين في الأرياف ببضاعتهم الأصلية المصنوعة باليد في البيوت، وهي منتجات لها زبائن وعشاق.
    ولا تجد في انتخابات تلك الدول إلا التقاليد الراسخة التي يدعمها حكم القانون ومبدأ احترامه، لا غش ولا تزوير ولا دعاية مسرفة تثير الشكوك، ولا صرف متجاوز ما يحدده القانون، وتأكيدا على ذلك فإن القانون يطلب الإفصاح عن وسائل التمويل التي لابد من أن تكون واضحة ومعلومة ومسجلة، مليما مليما وبنسا بنسا.
    فإذا حام حولها الشك، فإن على المتضرر أن يطعن فيها لتشق طريقها إلى الصحافة، ثم لتتحول إلى التحقيقات والمحاكم ليبت فيها.
    ولذلك تصبح المقارنة غير عادلة إذا حاولنا وضع ميزان الانتخابات في الدول الديمقراطية مع ميزان الانتخابات في دولنا المتخلفة سياسيا وديمقراطيا.
    ومن مظاهر التخلف الديمقراطي والسياسي في دولنا أن القانون يوضع لخدمة أشخاص وأحزاب وهيئات خاصة وليس لخدمة المجتمع، وضمن ذلك المظهر من التخلف جاء قانون الانتخابات ومعظم القوانين التي تنظم علاقة « دولة المؤتمر الوطني « بالجماعات والأفراد الذين أصبحوا في حسابها، خلال عشرين عاما الماضية، رعايا وليسوا مواطنين، بحكم ممارسة القانون الذي تعتد به حكومة « الإنقاذ».
    ولذلك أصبح القانون المعمول به الآن هو جزء من صميم المعركة السياسية والانتخابية بين نظام يريد ترسيخ هذه القوانين المنحازة وإبقائها ليتمتع بمزيد من النفوذ والحكم والسيطرة والنجاة من المحاكمات، وقوى التغيير التي تطالب بقوانين ديمقراطية حقيقية تعبر عن مبدأ الفصل بين السلطات، وتداول السلطة، والعيش الآمن واستعادة الحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية دون نقصان. .
    فإذا كان القانون الذي يحكم البلاد منحازاً وغير عادل، فمن البديهي أن يكون قانون الانتخابات غير عادل، وقد وصفه السياسيون تأدبا بأنه مليء بالثغرات مثله مثل القوانين الأخرى التي تتمسك بها الحكومة وحزبها الحاكم كي لا يفلت من يديها زمام الحكم أو تضيع عنها بهرجة السلطة وتفقد خزائن لا تنضب.
    بهذا القانون (ناقص عقل ودين وثقة) يدخل المؤتمر الوطني سوق الانتخابات ليس كمنافس ولكن كمحتكر لسلعة قائدة ومتنفذة هي التي تقرر بالقانون من يدخل السوق ومن يخرج، من يبيع ومن يشتري، من يصبح ثريا ومن يعلن إفلاسه، من يغش ومن يصادق على الغش.
    وقد بدأ سوق الانتخابات في السودان نشاطه فعلا، بعرض كل حزب بضاعته وإن كان بعض الاحزاب جاءت متأخرة، بعد طول فترة من التأرجح بين الإقدام أو الانسحاب، اكملت خلالها بعض الاحزاب تجهيزاتها واستعداداتها لخوض منافسة يتوقع الجميع سخونتها وحدتها في جميع المستويات، لا تستثنى المنافسة على رئاسة الجمهورية بين مرشحين متكافئين بحساب الكفة التي يضع فيها كل مرشح بضاعته، الصالحة والفاسدة، ذات الصلاحية وفاقدة الصلاحية، المعطونة بدم الأبرياء وتلك المعطرة بعرق البسطاء ودموع المحرومين.
    صحيح سيدخل حزب المؤتمر سوق الانتخابات بأموال هائلة، يعرف الناخبون مصدرها تمام المعرفة. فخزائن الدولة لا تبخل على من يحمل مفاتيحها بملايين ومليارات الدولارات، ما دام الرقيب مفقوداً، إذا كان هذا الرقيب ضميرا أو سلطة قانونية أو مراجعاً عاماً. فعندما يغيب الضمير فكل ما في اليد والنفس والخيال متاح وكل ما في خزائن الدولة مستباح.
    وهذا ليس تجنيا على المؤتمر الوطني الحاكم، فنظرة إلى أعضائه وممتلكاتهم وأموال ليست أموالهم تكشف ما لديهم من ضمير، ويمكن أن يحكم الناخبون ما إذا كان ضميرهم غائبا أو ميتا أم فاسدا.
    ونهب المال العام لمدة عشرين عاما يحوّل الفقراء والبسطاء والمساكين، إلى أثرياء جدد لا تأكل- النار اموالهم» ، فهي في حصون مشيدة، وخزائن مضمرة، وبنوك بعيدة عن أعين الرقباء، مشفرة بما لا يستطيع « جن سليمان «فك شفرتها في عهدنا هذا.
    ولكن هل سينفق هؤلاء الأثرياء الجدد من مال استولوا عليه بسلطة الحكومة وقوة الدولة على الانتخابات ..؟
    لا أحد يصدق هذا الهراء، لأن من تحت يده أموال لا رقيب عليها، ومن ظل ينهب عشرين عاما، لن يستيقظ ضميره الميت لمنعه من نهش بعض مليارات ليتمم فضيلة تمثيل البسطاء الذين يعقدون عليه الأمل في رفع وسم الفقر من على جبينهم وأثقال الدنيا وأعباء العيش الضنك من على كواهلهم.
    فإذا أراد المؤتمر الحاكم أن ينفي عن نفسه هذه التهمة الرائجة فعليه أن يفصح عن مصدر الأموال وحجمها وطريقة جمعها وما إذا كانت خضعت للزكاة والضرائب، ويأتي بشهادة على ذلك، مقارنة بشهادات إبراء الذمة التى التزم بها الحكام عندما استولوا على السلطة بليل لتكون مرجعا لحساب الثروات المكتسبة خلال عقدين من الزمان.
    وتزوير الشهادات ليس صعبا على من اعتاد أن يكذب ليل نهار، دون ان يهتز له جفن أو يتلعثم له لسان، او أن يخجل من شناعة أو يستحي من بشاعة.
    وهذه التهمة الرائجة أصبحت قناعة عامة، وصلبة غير قابلة للتهشيم والتكذيب إلا إذا خضع قادة المؤتمر إلى تحقيق قضائي دقيق واستقصاء عميق يعود بالتحقيق عشرين عاما دون أن يهمل اسماً من اسماء الذين مروا على السلطة.
    ومن في يده السلطة الآن قد يسفه هذا الحديث الرائج الغائر في نفوس الناس وذاكرتهم، ويعتبره كلاماً ينساه السودانيون بعفويتهم وعفوهم بمرور الأيام وتقادم السنين.. ولكن هذا لا ينفي حقيقة ولا يستر جريمة مهما كان عفو الناس وضعف ذاكرتهم.
    فالقضية هي قضية ضمير.. ضمير لديه القدرة على أن يحاسب، ويزجر ويؤنب، ويراقب. أليس هو مكان التقوى ها هنا ها هنا.
    فسوق الانتخابات يدخله من له ضمير ومن ليس له، يدخله الصالح والفاسد، يدخله الثري ولا يدخله الفقير الذي يفتقر إلى مال ينافس مال المؤتمر الحاكم. فمن لديه من الأحزاب مثل ما للمؤتمر؟.
    نعم لدى قوى التغيير أهم من المال.. لديها قدرة الإقناع بأهمية التغيير الآن وليس بعد اربع سنوات، لديها الطاقة التي تفوق ما لدى المؤتمر الحاكم من أموال.
    فالسؤال أمام قوى التغيير هو: كيف نقنع الناخبين ببذل جهد إضافي لإحداث التغيير..؟
    فإذا كانت كفة المؤتمر سترجح بالمال فقط، فإن ذلك ليس انتخابات إنما سوق نخاسة يشترى فيه الرأي والموقف والاختيار، لأن ليس لدى المؤتمر بضاعة صالحة ليبيعها للناس، فمن اشترى اشترى ماضٍ مليئاً بالفساد، فساد الرأي والسياسة والمال والإدارة والضمير.
    ولذلك يدخل المؤتمر سوق الانتخابات وهو لا يحمل غير أموال، للمقايضة فقط، أصوات مقابل جنيهات، وهذا مبني على نهجه في دراسة التسويق التي تهدف إلى سبر الحوافز عند الناخب وكشف قنوات التواصل معه، وميول الاقتراع، وفهم كيفية تأثير المال على صوته.. وعلى أساس هذا المنهج يصبح العنصر المرجح لكفة الميزان هو المال في زمن الفقر المدقع الذي يتحول فيه البشر إلى سلعة، وهو أمر مخالف لحقيقة الأشياء والأخلاق. فالشعب السوداني شعب أبي، لم يعتد بيع نفسه ولا صوته إلا استثناءات تتضاءل أمام شرف الاختيار والقرار.
    فإذا كان المال هو المرجح في سوق الانتخابات حسب نهج المؤتمر الحاكم، فإن بقية الأحزاب لديها عناصر عديدة لترجيح كفة ميزانها، أن يكون الحافز عند الناخب هو الأمل في التغيير الحقيقي، وبناء قنوات تواصل إنسانية تعيد للمواطن قيمته كصوت ديمقراطي حر وصادق، وأن تتعرف على ميوله الانتخابية وإقناعه بصواب التغيير الآن وليس غدا، والانخراط في صفوف قوى التغيير.
    وربما أهم من كل ذلك إبداء الجدية وعدم التأرجح بين الممكن والمستحيل، وبين التحالف الصحيح والتحالف العليل، في معركة بدأت حرارتها تعلو في مناطق عديدة، وسترتفع يوما بعد يوم عندما يقترب يوم يكون الصوت الانتخابي مصيرا.
    فإذا كانت الجدية وعدم التأرجح بين المواقف والاختيارات طريقا للتواصل مع الناخبين فإن النظر في التحالفات النافعة ينبغي أن يصبح أولوية.
    فلا ضير أن يستمر التنسيق بعد الترشيحات، فالخريطة ستكون أكثر وضوحا، واختيار المرشح المناسب في المكان المناسب ستكون اكثر قربا للحقيقة والواقع والنظر.
    ولكن ما يلفت الانتباه أن حركة التنسيق بين قوى التغيير سلحفائية حتى الآن، لا تتواكب مع حركة سوق الانتخابات التي تتطلب كثافة التواصل والاتصالات، والتشاور، والتحالف والتحاور، والتنسيق في مختلف الشؤون المتعلقة بالانتخابات... فليس من اللياقة الانتخابية أن تلتقي لجنة التنسيق بين الأمة والاتحادي الديمقراطي كل يوم خميس، فأيام الله سبعة، فلماذا التقتير في الاجتماعات، فكثرتها مفيدة بشرط ان تكون عملية تخرج بقرارات قابلة للتنفيذ.
    أما التمويل فإن الشعب السوداني رغم فقر أبنائه لن يبخل على الجادين بمال أو جهد يوزاي ويساوي كل أموال المؤتمر.. فالأهم هو قناعة الناخبين بصلاحية بضاعة قوى التغيير وعدم الاستغناء عنها لأن شعارها بإيجاز هو « ليس من يفوز ولكن من نهزم؟».
    فمرشحو قوى التغيير في كل الأحزاب يصلحون لتولي المسؤولية علما وولاءً واخلاصا ووفاء وطهارة ورؤية ممن هم في الحكم الآن.. وهذا لا يحتاج إلى شهادة غير شهادة العشرين عاما الماضية.. فهي خير شاهد ودليل وإثبات.
                  

01-31-2010, 06:17 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    وبكامل وعيي السياسي ... سوف لن أصوت للمؤتمر الوطني ..! ...

    مجتبى عرمان
    السبت, 30 يناير 2010 20:25

    كنت قد كتبتُ مقالتين عن الانتخابات التي من المفترض إجراؤها في أبريل المقبل، وقد بينت أن النخبة الأصولية لا يمكنها أن تتنازل عن الامتيازات الاقتصادية والسياسية التي أشادتها وثبتتها عن طريق القهر والإذلال والطرد والإقصاء وتحويل السلطة من اجل خدمة شرائح رأس المال الطفيلي، وأيضاً من المهم جداً تبيان أن رأس النظام في حالة عدم فوزه وخسرانه للانتخابات سوف يجد نفسه شاء أم أبى ذاهباً إلى لاهاي، لذا جاءت تكتيكات الانتخابات طابعها التزوير بدءاً من الإبقاء على قانون جهاز الأمن كما هو، وإعطائه سلطات الاعتقال والمصادرة، وتصميم الدوائر الإنتخابية كما يشتهي المؤتمر الوطني. ومن الجدير بالملاحظة أن الاتفاقية قامت بتفكيك المليشيات أو انضمامها إلى أحد طرفي الاتفاقية، (الجيش السوداني) أو الجيش الشعبي لتحرير السودان، ولكن قادة المؤتمر الوطني قالوا أن الدفاع الشعبي سوف يحمي الانتخابات! فتخيلوا يا سادتي أن مليشيا شاركت في الحرب الإجرامية في جنوب السودان وحاولت تثبيت النخبة الصولية في الحكم سوف تكون حامية الانتخابات! فأين معايير الانتخابات الحرة والنزيهة؟


    ايضاً الإعلام ما زال إعلام المؤتمر الوطني وكل الكوادر الإعلامية هي مؤتمر وطني مهما ادعت من الحياد. في كثير من المرات يحاول إعلاميو المؤتمر الوطني وبكل بلاهة وضع أسئلة تحمل أفكار المؤتمر الوطني، فعلى سبيل المثال لا الحصر أينما كان الضيف على التلفزيون (القومي) من الحركة الشعبية كانت أسئلة مقدم البرامج أين أموال البترول التي أعطيت للحركة؟ من حيث المبدأ الحركة تنظيم حاكم ومن حق مقدم البرامج أن يسأل عن الأموال والكيفية التي صرفت بها، ولكن لماذا لا يسأل السادة والقياصرة الجدد عن ملاييين الجنيهات والفساد في جهاز الدولة الذي هو كالشمس لا يحتاج إلى دليل؟ فأينما اتجهت سوف تجد القصور والعمارات السوامق، وأينما جلست في مجلس سوف تجد الناس يتحدثون عن أقارب المؤتمر، والبزينيس بمليارات الجنيهات. فلماذا لا يسأل مقدم البرامج عن تلك الأموال؟


    ولماذا لا أصوت للمؤتمر الوطني؟
    أولاً لأن المؤتمر الوطني هو المسئول الأول والأخير عن تحويل الحرب الأهلية إلى حرب (جهادية) وهي حرب منذ أن بدأت، قبل الاستقلال كانت وما زالت وسوف تكون من أجل السيطرة الاقتصادية والسياسية، ولكن قادة النخبة الأصولية أعطوها الطابع الديني، مما وضع البلاد على حافة الانهيار وهددت وحدة البلاد كما قال المفكر الكبير الأستاذ محمود محمد طه، وأيضاً زادت من التباعد والانشقاق ما بين الجنوب والشمال، فإذن المؤتمر إذا فاز في الانتخابات القادمة هذا يعني ذهاب السودان وذلك لأن الحركة الشعبية لا ترضى بتزوير إرادة المهمشين والجوعى والمنبوذين، ثم ما الذي يجعلها ترغب العيش في دولة رأس نظامها مطلوب من قبل محكمة الجنايات الدولية؟


    وايضاً فوز المؤتمر الوطني (بالتزوير طبعاً) يجعل المواطن الجنوبي مواطن من الدرجة الثانية. ففي فكر المؤتمر الوطني الحقوق لا تؤسس على المواطنة وإنما على أساس التفسير الديني المنغلق. وفوق هذا، المؤتمر الوطني لا يؤمن بالديمقراطية حتى داخل التنظيم، ودونكم تهديدات نافع لأعضاء حزبه الذين أعلنوا ترشحهم كمستقلين، وأخيراً بانت الحكاية فقد وصف أبو ريدة والي شمال كردفان فيصل بأنه مستبد وظالم! فالنخبة الأصولية لا تؤمن بقيم الديمقراطية والشفافية واحترام الآخر. فنحن نحتاج الديمقراطية وثقافة تداول السلطة التي تجعل من الحاكم مسئول أمام الشعب، وليس أماماً عليهم .. ونريد الدولة التى تجعل من الإنسان قيمة في حد ذاته وأن كل شئ من أجله، حتى الدين نفسه ولكن طيلة حكم النخبة الأصولية القائم على الحديد والنار والقتل والاغتصاب وبيوت الأشباح لم نرى سوى إهانة الإنسان، والفقر والإفقار، فالنخبة الأصولية كان حصاد تجربتها في الحكم هو انهيار منظمومة القيم الأخلاقية، ومن أراد أن يتأكد من هذا عليه بالذهاب إلى قرية الأطفال (الغير شرعيين) في سوبا ويرى بنفسه. فالمواطن السوداني يعاني صباح مساء ويكابد من أجل الحصول على لقمة العيش الشريفة. فهم (أي قادة المؤتمر الوطني) لم يورثونا سوى الجوع والفقر والمذلة والإهانة، فأغلبية الشعب السوداني تحت خط الفقر. فالنخبة الأصولية قامت بتبديد ثروات (الشعب) ونهبها وسرقتها.. فهم دمروا حاضر ومستقبل البلاد، فحكمهم جعل المواطنين ينامون ويستيقظون على كابوس الغلاء وجحيم السوق والإيجارات ومصاريف المدارس التي بالرغم من بؤسها لا تقدم إلا معرفة تقليدية في قوالب جافة وناشفة وتُبلد الذهن.



    وأيضاً كيف يصوت الشعب وتحديداً الذين شاهدوا تجربة بيوت الأشباح التي لا يدانيها في قساوتها إلا التجربة النازية! وكيف تصوت نساء السودان إلى قوانين النظام العام التي هي تعبير عن شريعة الأقوياء التي تجلد النساء المهمشات والجائعات في شوارع الخرطوم ولكنها تحمي النساء اللائي يركبن العربات المظللة ويغشين المطاعم والكافتريات التي تطل على شارع النيل ويلبسن (الكتّ) و(الشريعة طرشقت)، وأنا هنا ليس ضد حرية الإنسان، فأنا أؤمن بأن البشر، نساء ورجالاً من حقهم أن يحلموا ويلبسوا ما يشاءون، ولكن فقط أردت أن أبين أن شريعة المؤتمر الوطني هي شريعة الأقوياء التي تسمح لأصحاب السلطة الاقتصادية بممارسة ما يحلوا لهم ولكنها تقمع الفقراء و (الفقيرات) اللائي لا يمتطين العربات الفارهة التي تقيهن نظرات المحرومين في شوارع الخرطوم وتقيهن سياط النظام العام في يوم لا ينفع فيه أباً ولا أماً وإنما مقدرتك الاقتصادية والسلطوية!
    أيضاً فوز أي مرشح غير المؤتمر الوطني يعني ذلك زلزلة عروش الطغاة الذين لا يسمعون صراخ الجوعى والمنبوذين والحيارى ولا يهمهم موت الآلاف في دارفور وصراخ الصغار، فما أقبح دولة نالمؤتمر الوطني التي يموت فيها البشر بالملايين وهم على قيد الحياة .. وهم أحياء، وتارة أخرى تحصدهم آلة الدولة القمعية من أمن وجيش.


    خلاصة القول أن المؤتمر الوطني أضاع البلاد والعباد، وأورثنا الفقر والجوع و كشف لنا عن الاستغلال السئ للدين .. ونسخته الطالبانية تشكل أكبر مهدد للتناغم ما بين المكونات الاجتماعية والثقافية والدينية والعرقية .. فالنخبة الأصولية وصل بها الجهل والعمى إلى تحويل البلاد إلى حرائق متواصلة وأيضاً العشرين سنة الماضية كشفت لنا الوجه المرعب للسلفية الانغلاقية وشخوصها وأحداثها الإجرامية والإرهابية التي قطعت اوصال المجتمع السوداني ووضعت الدولة على حافة الانهيار بسبب إلغاء الآخر، والنهب المنظم للثروات والقتل والتقتيل وسفك دماء الأبرياء، فالحروبات الإجرامية والإرهابية في دارفور والجنوب والتي خاضتها باسمنا وباسم الدفاع عن العروبة والإسلام، فليس هناك خطر على العروبة والإسلام أكثر من أيدلوجيا الشر والظلام التي تمثلها الجبهة الإسلامية أو المؤتمر الوطني إن شئت.


    فلكل هذه الأسباب لا يمكن أن أصوت للمؤتمر الوطني .. وإن كان هنالك قطيع من الفقراء والجهلة والأميين وحارقي البخور يمشون وراءها ... وسوف يكون صوتي لكل من يحاول بناء دولة المواطنة ... الدولة العلمانية التي تساوي جميع الأديان على قدم المساواة وتعمل على استرجاع مؤسسات الدولة المختلفة من قبل المؤتمر الوطني، ودولة القانون ... والأهم من ذلك محاربة الفساد والمفسدين واحترام كرامة الإنسان ... فالإنسان هو فوق الدين والأيدلوجيا ..! فالنخبة الأصولية هي الخطر على وحدة الوطن وهم خطرون لذلك على مستقبل (إن كان هنالك مستقبل) الحرية والديمقراطية والنزعة الإنسانية ... وسوف لن نصوت لهم ... وادعوا كل الحادبين على وحدة الوطن أن لا يصوت لهم!
    وموعدنا وطن يسع الجميع وأكثر اخضراراً وخالٍ من التعصب والموت بمعناه المادي والحسي، وتتوزع فيه الثروة كما يتوزع نور القمر حينما يكون بدراً، وخصوصاً المنتجين الحقيقيين للثروة وليس أولئك القياصرة الجدد الذين يجدونها باردة ... وفوق ذلك ليس لديهم مواهب سوى التملق لسلطان جائر
    اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد
                  

01-31-2010, 06:45 AM

جعفر محي الدين
<aجعفر محي الدين
تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 3649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    شكرا أستاذ الكيك على هذه المقالات المهمة
    ولا يفوتني أن أنبهك إلى حذف بعض المقالات المكررة فالناس هنا تمل القراءة الطويلة
    واستميحك عذرا في أن أضيف هذا المقال

    صحيفة السوداني
    http://alsudani.info/news/alsudani/index.php?type=3&id=26355&bk=1

    "البجا" يطالبون الحكومة بمعاقبة المتسببين في "مجزرة بورتسودان"
    بورتسودان: عبدالقادر باكاش

    طالبت اسر "شهداء البجا" الحكومة بعدم التستر على الجناة ومعاقبة المتسببين في ما أسمته مجزرة التاسع والعشرين من يناير 2005 والتي راح ضحيتها 23 شخصاً وشددت على ضرورة كشف نتائج التحقيق الذي أجرته وزارة الداخلية إبان الأحداث، وفيما اتهمت اسر الشهداء مؤتمر البجاء برئاسة مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد احمد بعدم الجدية في التعامل مع القضية وخداع أسر الشهداء بوعود تخديرية وتعمد تجاوزها في مناقشتها مع الحكومة المركزية، لكن مؤتمر البجا نفي هذه الاتهامات وكشف عن جهود تمت على الصعيدين الدولي والمحلي لمحاكمة الجناة، وطالب الأسر بعدم شخصنة القضية.
    تغييب الشرق
    وخرجت احتفالات ذكرى "شهداء البجا" الخامسة التي توافق 29 يناير عن صورتها المعتادة خلال السنوات الاربع الماضية التي كان ينظمها حزب مؤتمر البجا إلا أن هذا العام نظمتها أسر شهداء البجا أنفسهم وجرت أمس مراسم تأبين الشهداء وخلت منصة التأبين من منسوبي مؤتمر البجا وتحدث ممثلون لأسر الشهداء والجرحي منتقدين الحكومة في تعاملها مع ملف شهداء البجا، مطالبين بتعجيل حسم الملف ومعاقبة الجناة لـ"إشفاء غليل" الأسر المكلومة. وقال المتحدث الرسمي باسم شهداء البجا إبراهيم طه بلية أن أبناءهم ضحوا بأرواحهم فداء للقيم النبيلة ورفضاً للظلم والطغيان والتهميش وتغييب الشرق في كل المحافل، مؤكداً أنهم لن يستبدلوا دماء شهدائهم بما اسماه بـ"سلطة ديكورية وبمناصب تشريفية لا تتعدى العربات الفارهة والكراسي الوثيرة ولن نرضى أن تستغل القوى المعارضة قضيتنا لتصفية حساباتها مع الحكومة"، مؤكداً أنه ليس هناك حزب سياسيً قام بمؤازرة صادقة لقضية البجا كما أكد رفضهم لان يكونوا لقمة سائغة لـ"أنظمة ديكتاتورية تفرض نفسها بقوة السلاح تارة وبديمقراطية مزورة تارة أخرى"، ووصف بلية اتفاقية الشرق بالاتفاقية التآمرية وقال إنها لم تلب أدنى طموحات أهل الشرق. وشن بلية هجوماً عنيفاً على الحكومة المركزية وعلى مؤتمر البجا جناح موسى محمد أحمد واتهمهم بعدم الجدية في متابعة ملف الشهداء وخداع أسر الشهداء بوعود تخديرية وتعمد تجاوزها في مناقشتها مع الحكومة المركزية. نيل الحقوق وأوضح أن مسيرة النضال ماضية حتىي يتحقق النصر المؤزر وينال كل ذي حق حقه. وأضاف أن مطالب البجا تتلخص في العيش الكريم في أرضهم. وكشف عن جهود دولية جديدة تقوم بها أسر الشهداء عبر أبنائها بالخارج في الاتصال مع منظمات حقوقية للدخول عبرها بقضية شهداء 29 يناير لمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي، مشيراً إلى أن مؤتمر البجا لم يتحرك طيلة الفترة الفائتة في النطاق الدولي بشأن هذه القضية بل لم يناقشها حتى على المستوى المحلي للوصول لحلول عادلة ومنطقية فيها، وأضاف بلية أن الحكومة حاولت إحتواء أمر أسر الشهداء بمنحهم ديات وإغرائهم بامتيازات أخرى فوافقت(17) أسرة ورفضت (6)، مبيناً أن الأسر رفضت الدية التي تدفعها الحكومة دون إدانة الجناة ومحاكمتهم عبر القضاء. وإعتبر دفع الحكومة وإقرارها لمبدأ دفع الدية حجة قانونية دامغة لاعتراف بارتكابها للقتل غير المشروع للمواطنين العزل وانتقد بشدة متاجرة من أسماهم أبناء البجا الساسة. شخصنة القضية لكن مصدرا موثوقا بمؤتمر البجا برئاسة مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد أكد لـ(السوداني) أن أسر الشهداء رفضت إشراك التنظيم وخرجت عن المؤسسسية، مبيناً أن الشهداء قدموا أرواحهم قربانا لقضية كبيرة لا تخص أفرادا أو أسرا بعينها وأن إصرار بعد أسر شهداء بورتسودان على شخصنة القضية والخروج بها عن التنظيم صاحب المبادرة مؤتمر البجا هو إصرار غير حكيم وتصرف غير لائق من أسر الشهداء. وقال إن الشهداء إستشهدوا من أجل مؤتمر البجا وليس من أجل أسرهم وأكد أن السيد مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد حريص على رعاية حقوق الشهداء ومطالبة الحكومة عبر القنوات المعروفة وكشف عن جهود تمت على الصعيدين الدولي والمحلي لمحاكمة الجناة. وتضمن بيان صادر عن أسر الشهداء وزعوه في حفل الذكرى الخامسة أمس الجمعة ببورتسودان تحذيرات للحكومة بعدم التمادي في تجاوز شهداء البجا وعدم التستر على الجناة. وطالب البيان الحكومة المركزية بمعاقبة الجناة المتسببين فيما أسماه مجزرة التاسع والعشرين من يناير 2005 والتي راح ضحيتها 23 شخصاً من أبناء البجا، وتساءل عن نتائج التحقيق الذي أجرته وزارة الداخلية إبان الأحداث. وقال البيان أننا لم نشهد أو نقرأ في تأريخ الأمم والشعوب حكومة تصب جام رصاصها على رؤوس مواطنيها العزل الأبرياء المطالبين بالعدالة وبالحرية وبالمساوة في الحقوق والواجبات. وإتهم البيان حكومة الخرطوم بالعمل على محو شعب البجا من الوجود وإبادتهم وتوغر في نفوسهم الروح الانهزامية والانكسار. يذكر أن أبناء البجا خرجوا في مسيرة سلمية يوم 29 يناير 2005 ببورتسودان بعد عشرين يوماً من توقيع إتفاقية نيفاشا و13 يوماً من المفاوضات التي جرت في القاهرة بين الحكومة السودانية والتجمع والتي انتهت بتوقيع بروتوكول في 17 يناير (يفتح الباب امام التجمع للعودة الى المشاركة في الحياة السياسية في السودان والتي إنسحب منها ممثلو قادة مؤتمر البجا آنذاك إحتجاجاً على رفض التجمع لتخصيص منبر خاص لمناقشة قضية البجا في إطار التجمع وجابهت الحكومة مسيرة البجا بالعنف حيث قتلت منهم 23 وجرحت أكثر من 36 واعتقلت حوالي 20 شخصا من المتظاهرين.
                  

02-02-2010, 09:45 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: جعفر محي الدين)

    شكرا
    جعفر على المقال الرائع واقرا معى اليوم مقال الزميل حيدر طه الذى نشره بالصحافة 2/2/2010



    خيار شمشون لا يصلح لحكم السودان

    حيدر طه


    الاستفهامات متنوعة والمستغربات كثيرة تجاه ما يدور في السودان، منها ما يتعلق بالانتخابات ومنها ما يتعلق بالخيارات..منها ما حدث في الماضي وتأثيره ساري في الحاضر، ومنها ما يحدث في الحاضر والذي يحمل تداعيات وتوابع كثيفة ستحدد بدورها أجندة المستقبل وهواجسه وتحدياته. والتساؤلات والمدهشات لم تفارق السودان منذ استيلاء العميد عمر البشير على السلطة بانقلاب عسكري قبل عشرين عاما وإلى الآن، مما يوحي بأن المدهشات لم تعد مدهشة ولا الأعاجيب عجيبة من جرأة حدوثها وكثرة تكرارها.
    ففي خلال أسبوعين جرت عدة أحداث لها معاني ودلالات، ليس اهمها ظاهرة الكلاب الهجين التي- حتى الآن- لم يعرف المتخصصون والخبراء والمسؤولون في الأجهزة مصدرها ولا عددها، ولا أصحابها. والعجيب أن كل جهة راحت تنفي عن نفسها المسؤولية، وتنكر معرفتها المسبقة بوجود هذا النوع من الكلاب التي كثرت حولها الشائعات حتى بلغت ذمة الحكومة وبعض الاشخاص المتنفذين في دوائرها العديدة.
    فكانت التساؤلات منصبة بعد انكشاف الجهل بالمسؤولية في النقاط التالية:
    * هل عجزت أجهزة الأمن المتعددة عن كشف مصدر ظاهرة أثارت كل هذا الهلع والذعر وسط المواطنين في قلب العاصمة حتى أصبح عدم التجول ليلا أمر شبه رسمي؟
    * هل تخفي السلطات والجهات المعنية معلومات كفيلة بتصدع الجبهة الداخلية للحزب الحاكم في وقت دقيق لا يتحمل فيه أي اهتزازات أو ملاحقات؟
    * وهل توجد حول العاصمة مزارع أخرى غير مزارع الكلاب الهجين المتوحشة.. مثلا هل توجد مزارع سلاح، ومزارع حشيش، ومزارع إرهاب، ومزارع دبابين..وغيرها من المزارع التي لا تعرف غير نشاطات الليل باعتبار الليل لباسا كثيفا وستارا ساترا..؟
    وبالطبع يمكن أن تطول قائمة التساؤلات والمدهشات.. ليس أقلها السؤال عن الرجل الذي رشق « المنصة « بالحذاء، فخابت ولم ينجُ من هو .. وأين هو الآن.. وماذا فعلت الأجهزة به.. وهل عرض على طبيب نفساني، وهل فعلا كان يريد أن يبعث برسالة إلى الرئيس فبعث بحذائه..؟
    كلها أسئلة مشروعة.. لا يجب أن تكتم في زمن الديمقراطية والشفافية والمكاشفة، لأن من حق المواطن أن يعرف، وأهم فاصلة في سلسلة حق الحصول على المعلومات أن يتعرف الناس نية الرجل، وما إذا كان سيقدم إلى محاكمة وما إذا كان من حق المجتمع الدفاع عنه عبر « محامي» متطوع أو موكل أو معين من جهة القضاء..
    والتساؤلات لا تنقطع إذا تابع المرء تصريحات مسؤول ملف الانتخابات بالمؤتمر الوطني الذي كشف أن عضوية حزبه تصل إلى خمسة ملايين شخص..( ما شاء الله ) ..هذا كشف مطلوب، ولكن المطلوب الأكبر هو حجم ميزانية الحزب نفسه.. كم لديه من الأموال.. وأين يضعها .. في أية خزائن.. وفي أية مزارع تنبت ذهبا وفضة، وباسم من.. ومن المأمون عليها، وكيف تجرد..؟
    فإذا كان مسؤول ملف الانتخابات غير مصرح له بالكشف عن حجم أموال الحزب ومصادرها، فإنه يشكر على تحريك قضية مهمة وهي الكشف عن مصادر التمويل للاحزاب الحاكمة والمعارضة كي يتطلع الناخب على الجانب الأهم في معرفة المرشحين الحزبيين والمستقلين.. وهذا الإجراء استباقي كي لا يتنطح أحد للحديث فيما بعد عن « تمويل من الخارج» وتقع على المدعي إثبات « الخيانة الوطنية « والعمالة ضد أي مرشح يفوز في الانتخابات.
    ونظن أن خير من يتحدث عن ذلك في حزب المؤتمر الوطني هو مسؤول المال الذي دائما ما يهمل اسمه قصدا كي لا يكون تحت الضوء، ولكنه يحتل مركزا مهما في « الدوائر الجوانية « للحزب.
    ومطالبة حزب المؤتمر الوطني بالإفصاح عن حجم أمواله ومصادرها تحمل مشروعية أكبر من مطالبة أي حزب آخر، لسبب واحد وبسيط وهو لأن التداخل بين الحزب والدولة، لا حدود واضحة له، والشبهة قائمة حتى تنجلي بتصريحات أو إبراء ذمة.. ولذلك تكثر التساؤلات في هذا الجانب خاصة من الذين لا مصلحة لهم في « أموال الحزب» ولكن لهم نصيب مشروع في أموال الدولة، بحكم أنهم دافعو ضرائب وجمارك وزكاة ورسوم متنوعة الأسماء والأحجام والمنابع، لا تصلهم منها في شكل خدمات ولا النذر اليسير. فكل الخدمات مدفوعة الثمن.. صحة وتعليم ومجاري صحية وسير في الشوارع و»سواري الليل».
    التساؤلات لا تنقطع.. ولكن أرجأنا تساؤلاً واحداً له صلة بالمستقبل وهو ما اعلنته « لاهاي « بأن مجلس الامن سيتخذ قرارا بشأن تكييف قضية جرائم دافور وما إذا كانت جرائم ضد الإنسانية أم جرائم إبادة جماعية..وهو كيف تعامل حزب المؤتمر الحاكم مع قضية « لا هزل فيها « ولا مجاملات..؟
    هنا يأخذنا الحديث إلى التمعن ملياً في طبيعة السلطة الحاكمة الآن. فالمتمعن يستطيع أن يرصد عشرات الأعاجيب والمدهشات، ربما أولها أن المؤتمر الوطني زكى ترشيح الفريق عمر حسن البشير للرئاسة وهو يعلم « مأزق « هذا الترشيح بل مأزق الرئاسة في مقبل الأيام عندما تأخذ ملاحقة المتهمين في حرب دارفور منحى مختلفاً عما كان خلال العام الماضي، خصوصا وأن الدول بدأت تتقارب عبر صفقات ومساومات إقليمية ودولية لا تمنح فرصا للدول الهامشية كي تمارس نوعا من المناورات المكشوفة واللعب على حبال كثيرة، فالعالم قد برح مرحلة « الحرب الباردة». وإذا عاد لها فسيعود بنسخة منقحة لا وجود فيها للسودان..
    قضية المحاكمة الدولية للمتهمين في حرب دارفور كان من المفترض أن يكون لها حساب مختلف في دوائر حزب المؤتمر الوطني، ليس حساب العواطف ولا التحايل ولا «الفهلوة»، إنما حساب الدولة (السلطة والشعب والأرض) التي ستتأثر بأي قرار دولي يتعلق بهذه القضية الحساسة والجادة التي لا ينبغي النظر إليها كأنها أمر ثانوي أو مقضي بـ « يسر وسهولة» بحساب التفاؤل المبالغ فيه والمغالطة المتجاوزة للحد، والإدعاء الكاذب بقدرة المؤتمر الوطني وحكومته على مواجهة مثل تلك القرارات الدولية.
    مواجهة تلك التطورات تتطلب حصافة وحكمة، فات آوان الاخذ بها، بعد نشر كشوف المرشحين للرئاسة، ومن بينهم اسم المشير عمر البشير المعني مباشرة بهذه القضية المثارة في مجلس الأمن الدولي والتي ربما تنتقل من درجة إلى درجة أعلى وأخطر.
    ففي مخيلة كل حريص على أمن السودان وتماسك جبهته الداخلية ومتطلع إلى تفويت الفرصة على مجلس الأمن الدولي لملاحقة رئيس دولة، أنه كان من المفترض أن يتخلى الفريق عمر البشير عن الترشيح للرئاسة رأفة بالسودان وإعمالا للحس الوطني وتطبيقا لمبدأ التضحيات، وذلك بافساح المجال لرجل يحترمه العالم على الأقل لانطباع سائد يشبه « الخطأ الشائع» بأنه رجل ديمقراطي تخلى عن السلطة بإرادته وسلمها للمدنيين طائعا مختاراً، وهو انطباع خاطئ لأن الحقيقة غير ذلك، ولكنه انطباع مفيد في هذه اللحظة كما كان مفيداً لمنظمة الدعوة الإسلامية التي لم يتصور أحد أنها البيت الذي حاك فيه « الإنقاذيون « المؤامرة للاستيلاء على السلطة تحت سمع وبصر المشير عبد الرحمن سوار الذهب، وبشهادة كل الذين ادلوا باقوالهم من قادة «الحركة الإسلامية» خلال الفترة الماضية عندما لم يعد التستر لائقا ولا محصناً، وعندما جاء وقت الكشف عن المسؤوليات والخيانات والتجاوزات عما حدث.
    المخيلة الوطنية ترى ان أي مرشح لديه القبول الدولي المستمد من رصيد معنوي وسياسي وديمقراطي، كان من الممكن ان ينقذ الملاحقين دوليا بمن فيهم المشير عمر البشير. وتتعدد الشخصيات القادرة على فعل ذلك المعروف، سوار الذهب، الصادق المهدي، ابيل الير، بونا ملوال، فرنسيس دينق، محمد عثمان الميرغني، منصور خالد. وقائمة الحكماء تطول إذا استرسلنا في ذكر الشخصيات البارزة التي لها كلمة مسموعة في أروقة المجتمع الدولي.
    ومن يقع عليه الاختيار من بين الحكماء يستطيع ان يقنع المجتمع الدولي بأن السودان مقبل على مرحلة مختلفة بعقد سلام دائم في دارفور، وبوحدة جاذبة مع الجنوب، وبديمقراطية حقيقية « نموذجية « تعيد السودان إلى خريطة المنطقة والعالم، ليلعب دورا تصالحيا في المنطقتين العربية والأفريقية.
    ولكن يبدو ان خيار البشير كان خيار شمشون « عليّ وعلى أعدائي».. فضاعت الفرصة نهائيا بالسيناريو الذي فرضه المؤتمر الوطني باختياره عمر البشير مرشحا للرئاسة، ولم يعد هناك من ينقذ الموقف غير سيناريو مختلف تتضافر فيه عوامل وتحولات واسباب عديدة منها فوز قوى التغيير في الانتخابات، لتحسم هذا الأمر ضمن قضايا كثيرة وتحديات كبيرة ستواجه السودان في المرحلة المقبلة، بل ربما تتلاشى القضية تلقائيا بانتفاء الاسباب والمسببات للأزمة في دارفور إذا اختفى « البشير « من على المسرح السياسي حيث لم يعد لملاحقته أي نفع، حتى ولا نفع الرمزية في المحاكمة.
    فالبشير مطلوب دوليا ليس لشخصه، إنما لتنفيذ مشروع دولي ضخم تجاه السودان ساعدت حكومة الإنقاذ بوعيها في تطبيق جزء منه وهو الخاص بالجنوب ودارفور.. فإذا قدر للبشير أن يفوز فإن بقية السيناريو الدولي سينفذ تدريجيا وعلى مهل بما فيه المحاكمة التي يراد بها « محاكمة الاسلام « وليس محاكمة الحركة الإسلامية التي لعبت أدوارا مهمة في تمرير كثير من البنود الدولية وتطبيقها ليس على السودان وحده إنما على كل الحركات الإسلامية بما فيها « القاعدة « وفروعها، وما حديث التعاون الأمني ببعيد ولا بغريب عن سياق هذه الأدوار.
    وما يدل على ذلك ان واشنطن قد استجابت لتصور المدعي الدولي اورينو اوكامبو بتغيير موقفها رسميا بوصف ما جرى في دارفور بأنه « جرائم إبادة جماعية «. فهذا ما أثارته مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس في المنظمة الدولية، وهي شخصية لها وزنها وثقلها عند البيت الأبيض ووزارة الخارجية، فقد عملت تحت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين اولبرايت في دسك السودان، ولعبت دوراً مؤثراً في دعم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وهي الآن داعمة للحركات المتمردة في دارفور تحت دعاوى ومبررات حقوق الإنسان والضغط من أجل تحقيق السلام. ولذلك لم تات الرياح بما تشتهي سفن المؤتمر الوطني الذي كان يراهن على شعار « التغيير « الذي رفعه الرئيس الأمريكي باراك اوباما أثناء حملته الانتخابية، وتراجع عنه تكتيكيا أو استراتيجيا بعدما عرف صناعة وحياكة القرارات في دهاليز السياسة الأمريكية بصورة يومية ومباشرة.
    وسوزان رايس لا تخفي مواقفها تجاه النظام الحاكم في السودان، منذ أن كانت مسؤولة عن الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية، وكانت تعد من الصقور الذين يريدون إزاحة « الإنقاذ « بقوة السلاح عندما طرح الأمر على طاولة البحث قبل خمسة عشر عاما.
    فبسبب تقلب الأجواء، واتجاه الرياح فإن الظرف الآن غير موات لمرشح المؤتمر الوطني للرئاسة. وقد فشلت قيادة حزب المؤتمر في قراءة جيدة للواقع والاحتمالات، متبنية سيناريو مضلل تركز على شخص الرئيس وليس على الدولة، وتمحور حول السلطة وليس على الخيار الموضوعي المفضل، وهو أن فوز المشير عمر البشير سوف يجعله في حصن محصن من المطالبة بمثوله أمام المحكمة، بحجة أنه جاء عبر الصناديق الانتخابية وبإرادة الشعب السوداني، باعتبار أن الانتخابات تجب ما قبلها..
    ولكن هل يمنحه هذا السيناريو الحصانة أم يثير بعض الدول التي ستبدي دهشتها لفوز مرشح ملاحق دوليا، مما يثير التساؤلات أكثر من أن يعطي إجابات، وهي تساؤلات قد تضاعف الضغط على السودان للتسريع بتنفيذ السيناريوهات الأمريكية والمشروعات الدولية التي تنتظر التنفيذ، خاصة عندما يقتنع العالم أن الانتخابات ليست نزيهة ولا نظيفة وغير مقبولة إلا بما يتيح فرصة ممارسة مزيد من الضغط.
    إذن من مصلحة حزب المؤتمر الوطني أن تكون الانتخابات نزيهة ولو أدى ذلك لعدم فوز البشير، لأن من يأتي إلى الرئاسة ستكون لديه الحجة والمشروعية والمصداقية « الديمقراطية» لينقل السودان من حال إلى حال، وليقنع العالم بجدوى الحوار والمحاكمة الهجين التي طرحها الصادق المهدي، في حال لم تفلح الجهود لتجاوز دعاوى اوكامبو.
    هذا هو الطريق الوحيد الذي ينقذ السودان والبشير والمؤتمر الوطني من أزمات المرحلة المقبلة، أزمات بيد المؤتمر أو بيد المجتمع الدولي او بيد واشنطن، لا فرق لأن السبب واحد ومصدرها وحيد.
    ويمكن لقوى التغيير أن تلعب دورا مهما في تعميق وتوسيع مفهوم الانتخابات النزيهة بممارسة المراقبة على العملية الانتخابية أولا لقطع الطريق على المؤتمر الوطني بتزوير الانتخابات، وهو ما يتقنه المتدربون على التزوير لكثرة ممارسته، وثانيا للعب دور أساسي ومهم في العملية الانتخابية والانتصار للديمقراطية الحقيقية الصحيحة.
    فالمراقبة عنصر حاسم في الانتخابات.. وحجة على المؤتمر الوطني وتفويت الفرصة على الدسائس الدولية.
    أليس ذلك حافزاً للمؤتمر الوطني للتخلي عن خيار شمشون الذي لا يصلح لحكم المرحلة المقبلة
                  

02-02-2010, 09:53 AM

جعفر محي الدين
<aجعفر محي الدين
تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 3649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    Quote: إذن من مصلحة حزب المؤتمر الوطني أن تكون الانتخابات نزيهة ولو أدى ذلك لعدم فوز البشير، لأن من يأتي إلى الرئاسة ستكون لديه الحجة والمشروعية والمصداقية « الديمقراطية» لينقل السودان من حال إلى حال، وليقنع العالم بجدوى الحوار والمحاكمة الهجين التي طرحها الصادق المهدي، في حال لم تفلح الجهود لتجاوز دعاوى اوكامبو.


    هل من مدرك ؟!
                  

02-02-2010, 10:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: جعفر محي الدين)

    شكرا جعفر
                  

02-03-2010, 04:03 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الامنوقاطية وهندسة الديمقراطية (الحلقة الاخيرة) ..
    بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
    الثلاثاء, 02 فبراير 2010 19:41


    توقفت الحلقة السابقة عند تركيز الامنوقراطية علي استمالة الاعلاميين والصحافيين علي وجه الخصوص. ويتأتى علي هذه الاهتمام من محاولة النظم الشمولية السيطرة علي عقول ووعي المواطنين، وهنا يجب الامساك بأهم مؤسستين لهما فعالية وتأثير قويين: التعليم والاعلام. اما التعليم فقد ظل الاسلامويون منذ الاستقلال يعملون علي تجنيد وتوظيف معلمي العربي والدين بحكم تخصصهم، ولاحقا اهتموا بمعهد المعلمين العالي كمصدر لمعلميّ الثانويات.وعندما وصلوا الي السلطة اكملوا مخططهم في احتكار التعليم الحكومي والخاص.وتسرب الي التعليم بطريقة غير مباشرة أمنيون، بحكم وضعيتهم في التنظيم السياسي وليس مهنيا.أما المؤسسة الاعلامية،فعلينا الا ننسي أن الاسلامويين،قد ابتعثوا اعداد كبيرة لدراسة الاعلام في الولايات المتحدة الامريكية والغرب،وليس لدراسة العلوم السياسية والاقتصاد مثلا.وقد تداعوا مباشرة بعد الانقلاب من كل انحاء العالم،وحلوا محل الاعلاميين الذي تم فصلهم للصالح العام.ثم اتجهت الانقاذ الي عالم الصحافة،وهذه غابة بشرية حقيقة،تحتاج الي قدر كبير من الخبث والدهاء لاختراقها ،ولكنها ليست جيدة التحصين.وهذه الفئة تتميز حياة العاملين فيها بعدم الاستقرار المادي،فالمرتبات ضعيفة ومع ذلك غير منتظمة.وكثير من اصحاب الصحف وروؤساء التحرير يتعاملون مع هذه الفئة بطريقة اقرب الي خدم المنازل –رغم أنها نفسا واجبة الاحترام-ولكن قوانين حمايتها ضعيفة.وبسبب هذه الوضعية الهشة، يصبح كثير من الصحفيين فريسة سهلة الوقوع في الاحضان الدافئة.ويمكن بقليل من الجهد وحسن الملاحظة تقدير حجم اختراق الامنوقراطية للصحف والصحفيين.


    كانت مناقشات قانون الامن الوطني الجديد في المجلس الوطني خلال الفترة الاخيرة ،مناسبة لاختبار المواقف من الديمقراطية وحقوق الانسان.وهنا ظهر مدي الاختراق،اذ لم يحظ هذا الموضوع المصيري علي المتابعة المتوقعة من عرض ونقد وحوار علي صفحات الصحف السيارة ما عدا قلة تحسب علي اصابع اليد الواحدة.لذلك لازم الأمر كثير من الغموض والتشويش علي المستوي الشعبي.فمن البدهي ،أنه لا يوجد سوداني عاقل يمكن أن يقول بالغاء جهاز الامن الوطني،كما روج لذلك عمدا.فقد كان الجدل حول:كيف يحمي الجهاز أمن الوطن حسب تسميته،وليس أمن النظام القائم؟,كيف يكزن جهازا حرفيا ومحايدا يخدم تطور الديمقراطية ولا ينتهك حقوق الانسان؟هذا هو جوهر الخلاف،لذلك تركز النقاش حول حق الاعتقال ومدته ثم جمع المعلومات وتحليلها. ولكن أجهزة الاعلام عرضت الأمر بالتخويف بوجود "عملاء وخونة" يريدون كشف ظهر الوطن امام الامبريالية والصهاينة.


    بالتأكيد سوف يواجه السودان مخاطر وتحديات هائلة خلال الفترة القادمة،
    وسيكون في حاجة ملحة الي جهاز أمن قوي،ولكن يعمل ضمن شروط ديمقراطية.وهنا الفرق بين الامنوقراطية التي تخدم وتهيمن وبين جهاز فني متخصص في مستوي الادارات والاجهزة التنفيذية الاخري.وهنا المعضلة،فالجهاز الحالي تشكل مع الانقاذ وهي التي قامت بتطويره واعطائه مكانته الحالية ،وجندت ودربت عناصره وبالتأكيد كسبت ولاءه.وهذا الموقف الخير مع نهاية الفترة الانتقالية والتمسك به وبكل قوانينه وصلاحياته،قد يوحي بأن المؤتمر الوطني يريد ترحيل جهاز الامن معه الي المرحلة القادمة أي بعد الانتخابات.وهذا مؤشر شديد الخطورة،فالمؤتمر الوطني يتعامل وكأنه ضمن فوزه في انتخابات ابريل القادم.وهو قد حضّر مقدما الجهاز الذي سيعمل معه.ولكن كيف يكون الوضع في حالة خسارة المؤتمر الوطني للانتخابات القادمة وكيف سوف يتعامل الجهاز الحالي مع القوي السياسية التي عارضت بشدة تمرير قانون الامن الوطني واعتبرته العائق الرئيس لقيام انتخابات حرة؟ هل سوف تشهد البلاد معركة بين نظام منتخب لا يعترف بالجهاز الامني الموجود،وعلي الأقل حسب الصلاحيات الممنوحة من نظام سابق كان يتوقع الاستفادة منه؟أم هل يصبح جهاز الأمن قوة معطّلة لعمل الحكومة المنتخبة؟ وهل تقوم الحكومة المنتخبة بعملية تطهير وتغيير داخل الجهاز سوف تسبب قدرا كبيرا من التنازع وعدم الاستقرار؟


    ويبدو أن جهاز الأمن الوطني الحالي قد استشعر ظروف المرحلة القادمة، لذلك نشر اعلانات في الصحف عن وظائف للجهاز.وهذه من الحالات النتدرة ان لم تكن الوحيدة.هذا وتتطلب عملية الاختيار للوظائف قدرا عاليا من التجرد والموضوعية.وهذه عملية شديدة الصعوبة ان لم تكن مستحيلة.لأن نفس الحرس القديم أوالكوادر العليا النافذة الآن هي التي ستقوم بالمعاينات والمقابلات والاختيار.كذلك سوف تسبق المتقدمين ملفات رصدت كل صغيرة وكبيرة عن حياتهم ونشاطاتهم.ورغم النوايا الطيبة التي يبثها مثل هذا الاعلان،ولكن الواقع له كلمة مختلفة.ومن المتوقع أن تقوم الاحزاب المعارضة في حالة وصولها الي السلطة، بالقيام بنفس ما قامت به الانقاذ من تدخل مباشر في عمل الجهاز.لذلك،مثل هذه الخطوة الاستباقية أو التحول التدريجي في الاختيار والتعيين لا تجدي شيئا.


    يجب علينا أن نناقش موضوع الامنوقراطية، بنفس الطريقة التي نناقش بها ترتيبات الاوضاع في حالة انفصال الجنوب.أرجع علماء السياسة والمحللون،اسباب استيلاء الجيوش علي السلطة في كثير من البلدان العربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية الي القدرات المتفوقة التي يمتلكها الجيش مقارنة بالقوي السياسية والاحزاب.فالجيوش كانت حديثة ومنظمة ومتعلمة وشابة ،بينما شاخت القوي السياسية وصارت محافظة وتقليدية.لذلك،كانت الجيوش كقوي حديثة قادرة علي المبادرة عن طريق الانقلابات علي الاستيلاء علي السلطة بدون مقاومة.ويمكن القول بأن هذه النظرية قد تنسحب علي دور جهاز الأمن –في شكل الامنوقراطية أي في نفوذه وتمدده-باعتباره الفئة الاكثر حداثة وتنظيما وترابطا وثراءا وامكانيات وعلاقات.ومن المستبعد أن تتخلي الامنوقراطية عن دورها في مرحلة ما بعد ابريل ومجيء حكومة منتخبة.وقد يكون أقرب الي دور الجيش في التجربة التركية.فالجيش حارس الدستور في تركيا،فهل يستطيع الأمن أن يغير حارس ويصبح الحارس للديمقراطية،والحامي للوطن ضد الاخطار الخارجية الحقيقية وليست المتوهمة؟بالاضافة الي تحقيق الامن الاقثصادي أي محاربة الفساد والتهريب والغش. وكل المؤشرات تقول بأن الاحزاب المنقسمة والفقيرة لن تستطع الفوز بأغلبية مطلقة،وسوف تلجأ الي الائتلافات والترضيات المؤقتة.وفي المقابل الامنوقراطية في تمامها وكمالها،ولم تنقص قوتها ان لم تزد.وفي الفترة الاخيرة،راهن البعض علي ابعاد صلاح قوش الي مستشارية رئيس الجمهورية.



    ورأي المحللون المستجلون،في تلك الخطوة ابعادا له واضعافا لدور الامنوقراطية.ولكن(قوش)في اسابيع قليلة،كوّن هيكلة للمستشارية وجعلها اكثر من الوزارة وحشد له كوادر كفؤة.هذا وقد جمعت مستشارية الامن بين السياسة والامن بمنتهي الاقتدار والرشاقة أي بلا ازعاج واثارة للحزاب النائمة.وخلال الشهرين الماضية-خاصة بعد المسيرتين السلميتين-أدلي بآراء سياسية مباشرة،مثل استحالة اندلاع الانتفاضة الشعبية.وفي 20/1/2010 طرح (قوش) اثنتي عشر قضية علي القوي السياسية لتجنب أي صراعات يحتمل بروزها اثناء العملية الانتخابية،الي جانب العمل علي اعداد الخيارات الافضل لمجابهة النتائج السلبية المحتملة اثناء الانتخابات.بالاضافة الي ذلك،الي تشكيل آلية مشتركةبين المستشارية ومجلس الوزراء لدراسة حيار دولتين متجاورتين في حالة حدوث الانفصالزويعلق احد الصحفيين وهو علي حق تماما:-"...تمثل التصريحات ونوايا الاستشارية الامنية استباق الومن وتصويب النظرللمستقبل بواقعية استشعرها الفريق صلاح قوش الذي تجاوز محطة الاعفاء من موقعه كمدير لجهاز الامن وتمدد عطاؤه السياسي داخل حزب المؤتمر الوطني كقيادي ورجل دولة مسؤول تكبر المؤسسات في وجوده ولا يكبر حجمه ووزنه بالكرسي الذي يجلس عليه".(يوسف عبدالمنان، صحيفة آخر لحظة23/1/
                  

02-09-2010, 08:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    ابوسليم ... مناحة متأخرة

    بدموع : محمد خليل كاره

    مدخل ...
    بعد الله سبحانه ، ومعه جل شأنه، تشهد زوجتي السيدة عائشة ، كم من الوريقات مزقت ، بعد ان افرغت فيها شحنات تفيض بها الخاطرة في شأن الراحل ، بل المقيم ، الخال ابو سليم ....
    وفضلا عن هذه السيدة الفضلى ، كثيرا ما استفسر اصدقاء كثر باستهجان ، كيف لم اكتب شيئا عن الخال مذ رحل ...وقد كتب ، فيه وعنه، من كتب ..
    وكنت اكاد اهتف : اااه لو تعلمون ....
    ..........
    انا نفسي ظللت اسائل نفسي في (منولوج داخلي) ، كيف لا تفعل ذلك ؟ فترد الاخيرة على الاولى بسؤال استنكاري :
    - ومن هذا حتى يكتب عن ابو سليم ...وهو ابو سليم ..حتى لو كان شقيق امه ؟!!
    ......
    في مرحلة ما ، تنتصر نفسي على نفسي الاخرى ، فاجلس بالساعات.. ادون ما يعن ...
    وحينما افرغ ، تخرج (النفس المهزومة) لسانها مستهزئة لتتهكم :
    - هل هذا منتهى ما استطعت؟ لم تخوض غمار امر لست باهل له؟
    وتضيف : هذا شأن عظيم ..عظيم ..وانت ضئيل ..ضئيل..
    وتصطرع النفسان في دواخلي ..
    و النتيجة : كومة ورق في سلة مهملات..، تعيد ترتيبها السيدة عائشة (رضي الله عنها وارضاها) ..
    تقرأ ما فيها ، وتعجب بها وتأتيني لائمة لوامة ..ان كيف لا اخرج بذلك الى الناس وهي تحاول تشجيعي على الدفع بما كتبت الى النور..فاتصنع الاقتناع ...ولكن ..
    من يقنع النفس "الامارة بالاجادة"؟ ..التي لا تفتأ تحنث بالوعد؟ ..

    .................

    ظللت في هذه الدوامة ..بل قل هذا "الجحيم" الذي يتقد اواره – خصوصا – مع حلول ذكرى رحيل الخال العظيم ، كل عام ..
    الآن ، ومع حلول الذكرى السادسة للفاجعة (القومية) ، هدأت النفس (النقاقة) .. وانطلق القلم ليسطر بعض الشذرات
    من السيرة النيرة ، والمواقف البهية مع الخال الراحل جسدا ، المقيم ابدا بين ظهرانينا ..بعد ان عاهدت نفسي ، بل بعد ان توافقت نفساي ، على لا افرط في وريقة حملت حرفا عن الحبيب الراحل ..
    وانتقيت هنا لقراء (الاحداث) الغراء حلقتين مما كتبته ونشرتا في موقع (ابوسليم - سركمتو ) على الشبكة العنكبوتية (الانترنت).والحلقتان تجسيد درامي واختزال لعمر علاقة بين الكاتب والعاِلم الراحل في مرحلة البداية ومشهد النهاية:


    ......................

    - ويا ووميموشيو ...انكرم ويتردنقوكونو ...انيقو انيقوكا اق تاججنتامن نقو (اواه يا ميموشى لقد مضى من كان قد بقي في اخر المطاف وحيدا مثلك ... قد مضى وهو يناجي ،بل ينادي، امي وامك)..
    على (انغام) هذه المناحة كنت والغا في شهوة البكاء (وان للبكاء لشهوة) ، وانت في احضان خالتك هانم ، الاخت الصغري للراحل المقيم ، تحيط بك من كل جهة نسوة نائحات ما فرزت من بينهن غير السيدة حليمة (رضي الله عنها وارضاها التي باتت ارملة للتو ..وعنها ستسكب حبرا كثيرا في حلقات لاحقات) ويو اشة احمد (تولاها الله برحمته) ويو نبيهة عدلي ويو سلامة كوشة ، اللائي كن يتبارزن في فن ال(اجن كيري) (المناحة) ، وكأنهن عذاراوات تتسابقن في مناجاة عشاقهن في (اريس نودا) ...وعندما (انتزعك) من بينهن انتزاعا ، (النبي الصموت) الذي رحل ايضا لاحقا ، خطيب احمد عبد الرحمن (طيب الله ثراه) ، كنت قد افرغت جل شحنة الحزن المكبوت منذ تواتر اليك الخبر الفاجعة في منتصف الليلة التي قبلها ..
    وكانت ليلة ليلاء ....
    .....
    في تلك الليلة ، غرق صغارك الزغب في الربكة وقد انتفضوا من فراشهم مذعورين على صوت نحيبك ، وجلسوا حولك صامتين محولقين تنهشهم الحيرة ، وهم الذين لم يروك قط حتى مكفهر الوجه ، دعك من دموعك التي تنهمر سيلا... وجلست زوجنك تواسيك بحنان وهي تكفكف دموعها ولا تكف عن الهمهمة بان "هذه حال الدنيا وكل من عليها فان"..وترجوك ان تتجلد "على الاقل رحمة بالصغار"....
    كنت قد تلقيت للتو رسالة هاتفية من صديقك محسوب طيبة يعزيك في خالك "البروف ..فقيد سركمتو والسودان"..فاطلقت نحيبك الداوي قبل ان تهدأ قليلا وتلج في نوبات بكاء مكتوم تتخللها خواطر متداخلة ..ذكريات ..مواقف ..تأملات في الحياة والموت ..صور احباء سبقوه وسبقوك في الرحلة الابدية ..ابوك ..امك ..اختك .. اقارب ..اصدقاء ..
    "والحياة تسير" .. تطلق هذه العبارة في وهدة صبر تخطط خلالها للسفر فورا ..وبينما كنت تصب لعناتك على "سلسفيل" الغربة وانت تسلسل ترتيبات السفر: ..طلب الاجازة .. الجواز ..التذكرة ..الحجز ..تغفو قليلا قبل ان تصحو عند منتصف الليل على صوت قرع الباب .. لتجد امامك صديق عمرك عثمان جودة ومعه رهط من القاطنين معه في امارة الفجيرة التي تبعد نحو 300 كيلومترا.... وتتعانقان على الباب وتنخرطان في البكاء (الجد) لتنضم اليكما زوجتك وزوجة استاذك في الصحافة عباس القاضي وبقية القادمين من الفجيرة ، قبل ان يكفكف احدهم دموعه ويفض عناق الناحبين داعيا الى الصبر متمتما بذخيرة مكرورة مما يلقى على المسامع في هكذا نائبات .. وتنتبه لنفسك لترحب بالقادمين مع صديقك..وتفيض جلسة العزاء الصغيرة في منتصف الليل بسيرة الراحل العظيم وتندهش عندما تجد من بين هؤلاء (الغرباء) من يغالب دموعه وهو يحكي عن جانب من مواقف جمعت بينه وبين الراحل الكبير..يستأذن المعزون المغادرة متعذرين بال(دوام) – العمل - وقد شقشق الصباح .. تودعهم شاكرا، ثم تنهمك وزوجتك في اعداد حقيبة السفر لتنطلق باكرا الى مكتبك .. تستأذن للغياب يومين وتتناول جواز سفرك وتلحق في مطار دبي باول طائرة متجهة الى الخرطوم..
    وداخل الطائرة تنتابك (كاروشة) الكتابة فتمتشق القلم وتكتب الحلقة الاولى من سلسلة تقرر نشرها حال عودتك بعنوان:




    ابو سليم سواق خصوصي لـ(موشى دايان)


    - موشى بسميق اقوق (قول بسم الله..)
    - لا والله مش ممكن..
    - يا ابني اسمع الكلام
    - لا والله مش ممكن
    - خلاص على كيفك .. اركب محل ما يعجبك..


    ..وتتحكر – ايها القروي الساذج – في المقعد الخلفي في السيارة (طراز الموسكوفيتش) ، لتنطلق بكماالى نادي ابناء السكوت في السجانة ..

    السائق هو ابو سليم (تخيّل) ..وانت (متفنجخ)في المقعد الخلفي الوثير..
    يحاول ان يتجاذب معك اطراف الحديث .. يسألك عن اخبارك واخبار دراستك ... واخبار امك واخواتك في البلد ، فتجيب بجمل (تلغرافية)
    - والله كويس ..الحمد لله ...آآي ..لأ ..

    ...كنت يومذاك وصلت للتو من محطة القطار ، ودلك من دلك ، الى منزل خالك (الدكتور) في الخرطوم شرق (قرب السفارة النيجيرية).. صادف وصولك الى المنزل الحكومي (بل القصر) ، عودته - رحمه الله – من العمل .. فاحتضنك هاشا باشا محتفيا بك ..
    - (اهووووو موشى دايان هنا يا مرحبا يا مرحبا)..

    كان - عليه شابيب الرحمة - يناديك موشى دايان مقتبسا (اسم الدلع) الذي اطلقته عليك امك ميموشي)،..
    وكان لموشى دايان وزير الدفاع الاسرائيلي انذاك (شنة ورنة) ...

    وقبل ان (تغير هدومك) نادى بك لتجلس الى جانبه على (سفرة) الغداء .. وبينما كنت تتهيأ لتنهض من مكانك متصنعا الشبع قبل ان تشبع (عملا بنصائح حبوبتك يو اريا في البلد:اكل اكل الجمال وقوم قبل الرجال - وتلك قصة اخرى - )..، سألك عما اذا ما كنت راغبا في ان تصحبه الى النادي بعد ساعة او نحوها ، ريثما يرتاح قليلا ..


    طوال الطريق من الخرطوم شرق الى السجانة لم تكن منشغلا ،وانت الصبي الغر ، ببهرج ( الخرطوم بالليل) ..ايام زمان.. بل كنت غارقا في في تأملات مربكة:
    ها هوذا اذن خالك (الدكتور) الذي طالما (هرتك ) امك بسيرته منذ كنت طفلا طري العود .. بل رضيعا (تلوليك) به ..(انشا الله يا ولدي تكبر تبقى لي زي خالك الدكتور)..(سبحان الله قالو الولد خال .. خالك الدكتور برضو وهو صغير كان كده).. (والله لو عملتو كده اخلي ليكم البيت ده واسافر الخرطوم واعيش مع اخوي الدكتور)..(خالك الدكتور قال ..خالك الدكتور سوى ..خالك الدكتور ...خالك الدكتور...الخ).


    وتعود لتناجي نفسك : ها انت ذا ،لاول مرة، امام خالك الدكتور بشحمه ولحمه ..ليس ذلك فحسب ... بل هاانت ذا - ايها الصرصور- ترافقه لوحدك في مشوار قبل ان تمر ساعات على اول لقاء لك به .. وهاهو ذا يعيد الكرة ليسألك عن احوالك ودراستك وامك واخواتك.. فاحمد الله .. وتأدب وتهذب .. اخفض صوتك .. ولا تتجرأ حتى لتنظر اليه.. وحسنا فعلت عندما رفضت باصرار الجلوس الى جانبه في السيارة ..

    وتفيق من حديثك مع نفسك عندما تقف السيارة امام نادي السكوت في السجانة.. وتجد رهطا من المسقبلين وهم يحملقون فيك وقد الجمتهم الدهشة !!.. يترجل خالك الدكتور من السيارة وينشغل بالسلام على هذا وبمداعبة ذاك ..وتنزل – سعادتك – بهدوء من مقعدك الخلفي متهيئاً للسلام على الناس المحتفين بمقدم الدكتور ، بل متهيئًا لسلام الناس عليك بالاحضان وانت الضيف القادم لتوك الى الخرطوم .. وتفرز من بين هؤلاء عددا من اصدقاء خالك الحميمين (حسبما لاحظت لاحقا) ، محمد ياسين (اطال الله عمره)، وقوديب وعلي شمة (رحمهماالله) ..واخرين ..

    وقبل ان تمد يدك للسلام عليهم ، يطبق عليك شخصان من اقرب اقربائك ، تعرفهما جيدا ، ويشدانك بعنف وينتحيان بك جانبا .. ولدهشتك ، لا يسألانك عن حالك ومتى قدمت ، بل يفاجئك احدهما ليسألك بـ(نهرة):
    - انت عبيط ؟!
    - أنا؟
    - امال انا؟ ايوا انت ..


    وينتابك مزيج من الخوف والدهشة والارتباك لهنيهة ، قبل ان تعرف سبب هذا "الترحيب الفاحش" (استخدمت هذا التعبير عن قصد وسأحكي مِـْلـــحـَة ذات صلة بعد حين) ..

    - انت قاعد ورا عامل (الخال) سواق ليك ؟!



    - امال اقعد وين ؟

    - تقعد جنبو قدام ..


    - انا منو عشان اقعد جنب الدكتور؟انا ما صدقت ركبت معاهو ..كمان اقعد جنبو؟


    وتلجمك انت الدهشة عندما تجد قريبيك (الشرسين) ، وما عهدتهما كذلك من قبل ، يغرقان في الضحك ... قبل ان ُيفهماك – ايها الغشيم – انك ارتكبت كبيرة من الكبائر في فن التعامل المدني ، في غمرة اهتمامك باظهار الاحترام اللائق للخال الدكتور الذي جعلت منه من حيث لا تدري (عم عبده السواق) – حسبما عرفت لاحقا من خلال الصورة النمطية في السينما المصرية لسواق الببيه –

    .. وكان هذا اول درس في (الاوتوكيت) يتلقاه صبي غر قادم لتوه من القرية ، في اول يوم له في العاصمة...كما شكل هذا الموقف اللبنة الاولى للعلاقة (الملتبسة العجيبة) بينك وبين خالك الدكتور، فضلا عن انه(الموقف) بذر في داخلك "عقدة" طالما ستلازمك طوال رحلتك الطويلة معه.. مثلما ستروي تفاصيلها في هذه السلسلة ..ان شاء الله .
                  

02-09-2010, 04:00 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    .. ومن أين هذا العنف.. ولماذا؟

    الطعن في أهلية ترشح البشير له دلالات مهمة لـ « أولي الألباب»
    حبدر طه
    الصحافة
    8/2/2010



    تستحق مظاهر ومشاهد وحوادث العنف التي انفجرت دفعة واحدة خلال الفترة القصيرة الماضية أن يتوقف عندها المجتمع السوداني ليتأمل في أسبابها ودوافعها ومكنوناتها، ليتعرف إلى أين المسير، إذا استمرت في تصاعدها بمعدلات هندسية إذا لم يجرِ احتواؤها بسرعة. فهي ليست جرائم قتل عادية، بين معتادين على ارتكاب مثل تلك الجرائم، ولكنها تغلغلت وسط « المثقفين والسياسيين « مما يعد تغييرا جوهريا في سلوك فئة، هي بالطبيعة والتكوين قائدة لحركة المجتمع.
    فمن أين جاء كل هذا العنف .. ولماذا؟
    قد يحتاج الأمر إلى تكثيف عمليات التحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمعرفة أكثر دقة لبروز هذه الظاهرة التي تشير إلى أن المجتمع لم يعد متسامحا كما كان، وهذا سوف يبدل كثيراً في صفة « السوداني « الذي كان يميل إلى التسامح والعفو والاعتذار والتعفف والكرم والشهامة. ولكن شيء ما « غريب « تسلل إلى شرايين الشخصية السودانية.
    فخلال شهرين فقط جرت عدة حوادث تنم عن خطورة هذا التغيير الذي يمس عميقا الشخصية السودانية، في مشاشها وعصبها ومظهرها.. مثلا طالب يقتل طالبة لأنه شاهدها تضحك مع زميل آخر، وطالب يقتل طالبا آخر ويصيب آخرين عندما شعر أنه مراقب من « كادر طلابي في المؤتمر الوطني « بعد خصام وخلاف في ركن نقاش في كلية الزراعة بجامعة السودان.
    ثم توالت الأخبار عن استخدام الرصاص بين اعضاء في حزب المؤتمر الوطني في منطقة الجزيرة عندما اختلفوا حول الترشيحات والمناصب والغنائم. ثم جاء الحدث الأكبر بالعثور على الوزير السابق بالولاية الشمالية، مرشح حزب المؤتمر الوطني بحلفا الجديدة، العقيد متقاعد محمد صالحين، مقتولا داخل سيارته أمام داره بحي الأزهري جنوب الخرطوم عقب صلاة المغرب، اثر طعنات سددها له مجهولون.
    والقتيل صالحين قيادي بالمؤتمر الوطني، وشغل عدة مناصب، بينها انه كان محافظا لمحافظة نهر عطبرة، ووزيرا للشؤون الهندسية بالولاية الشمالية.
    ثم تترى الأحداث بتعرض منزل رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي الدكتور لام أكول أجاوين بالخرطوم الأسبوع الماضي لإطلاق نار من قبل مجهولين، حيث اشتبك حرس المنزل معهم دون وقوع أية إصابات من الطرفين.
    وإذا كان العنف السياسي قد تمادى إلى درجة القتل غير المبرر، فإن العنصر النسائي لم يسلم من العنف أيضا، حيث تلقت مرشحة الدائرة (6) بشندي، حياة حميدة تهديداً من مجهول عبر رسالة بجهاز الموبايل فحواها « ان تنسحب من الدائرة اذا كانت تريد ان تربي أطفالها». وتلقى زوج المرشحة نسخة من الرسالة مرسلة من الموبايل نفسه، تطالبه بإقناع زوجته بالانسحاب حفاظاً على حياته، ويقول الزوج إن الرسالة مليئة بالاستفزاز.
    هذه عينة صغيرة وموجزة من العنف الذي بدأ يسري في شرايين المجتمع منذ عشرين عاما باستيلاء « الإنقاذ « على السلطة، وممارستهم عنفا غير مسبوق تجاه الشعب السوداني، عندما أدخلوا المعارضين والمشتبه في خصومتهم واعدائهم المحتملين، إلى بيوت الأشباح وتم تعذيبهم على يد جماعات من « المتدربين والمتخصصين « في أعمال التعذيب والقتل، وهي قضايا لا تنسى بمرور الزمن وتقادم السنين، لأنها جديدة على الشعب السوداني، وآثارها ما زالت محفورة في النفوس، وفي الظهور والصدور، ولأنها أيضا شخصية تمس المرء في كرامته، بجانب أنها قضية عامة ترتبط بالعدالة والحقوق والقانون والمواطنة.
    ولذلك لم يكن مستغربا أن يتقدم استاذ جامعي شجاع إلى مفوضية الانتخابات بطعن في أهلية ترشيح الرئيس عمر البشير من قبل حزبه « المؤتمر الوطني» لخوض الانتخابات الرئاسية، المقرر لها أبريل المقبل، واصفا البشير بأنه ظالم وخدع الشعب عندما قام بالانقلاب عام 1989، بكذبة أن الانقلاب دبرته ونفذته القيادة العامة للجيش، ومسؤول عن ممارسات غير إنسانية من خلال التعذيب الذي تعرض له معارضوه في المعتقلات التي عرفت بـ»بيوت الأشباح»، واعتبره هاربا من العدالة.
    ولهذا الطعن دلالات مهمة سياسية وقانونية وإنسانية، لعدة أسباب منها:
    * إن الطعن يجيء معاكسا في الممارسة والأخلاق والطبيعة للعنف والقتل، فالطعن ممارسة حضارية، عكس « الثأر»، لأن ما ظهر حتى الآن من قتل يمكن تصنيفه في إطار عمليات الثأر الذي تولد من ممارسات سابقة، لم يكن الرد عليها متاحا في الماضي، ولكن بعد أن تهيأت الفرصة خرجت إلى السطح مشاعر سلبية وضغائن وروح انتقام بعد أن كان كل ذلك كامنا في الصدور.
    * إن الطعن دلالة قوية على ان هناك من لا يسامح في ارتكاب جرائم بهذا الحجم الذي بلغ مستوى اغتيال 28 ضابطا ودفنهم في مكان مجهول، لم يسمح لأهاليهم وأبنائهم للوصول إليه، وهو جرم بيّن وإذلال سافر لا ينسى مهما فعلت السلطة التي لم تعتذر حتى الآن عن فعلها ذاك.
    * إن اللجوء إلى ملاحقة المجرمين والمتهمين والمشتبه بهم في القيام بعمليات التعذيب والقتل خارج إطار القانون، يمنع اللجوء إلى أخذ العدالة بيد الأفراد خارج إطار القانون أيضا، وهي كلها احتمالات قد تهيأت لها الظروف الآن بعد أن ظهر ضعف السلطة في جوانب عديدة وقيدت يدها من ممارسة عنف جديد بمراقبة دولية ومتابعة إقليمية.
    * إن مناخ الحريات يعطي المظلومين فرصة التظلم إلى المحاكم والهيئات والمفوضيات كي لا ينتقل الاحساس بالظلم إلى ثورة أو إلى فوضى.
    لقد وقع ظلم كبير على عامة الشعب خلال عشرين عاما كالحة، ومريرة وصعبة عاشها كل من لم يكن ضمن رحمة دائرة « الحكومة وحزبها «، اي أن الظلم وقع على الأكثرية الكاثرة من الشعب السوداني، ونتيجة لذلك تولدت مرارات و» غبائن « عميقة في نفس الشعب السوداني، منذ تلك المرحلة وإلى الآن، ضغائن ومظالم كانت نتيجة تشريد ملايين الأفراد من وظائفهم وأعمالهم ووطنهم. فعمل الفقر عمله فيهم، فتسول من تسول، وضعف من ضعف أمام مغريات « إبليس «، وهاجر من هاجر، ليهرب بكرامته من ذل « ذوي القربى»، فمنهم من حالفه الحظ وعمل في مكان أفضل ومنهم من قبع في السودان، مضطراً، ليكون ضحية الممارسات اليومية التي تعمق الجرح وتذهب بالعقل وتحبط الروح وتشتت الذهن وتفرق الأبناء وتعري الأحوال وتشيع الرذيلة وتفشي الرشوة وتسيّد الفساد على العباد.
    وتحت القهر السياسي والأمني لم يكن احد مستعداً لرد فعل مساوٍ لتلك الممارسات أو مقاومتها بالسلاح نفسه، باستخدام العنف الفردي. فاكتفى الشعب السوداني بتشجيع المعارضة في الداخل والخارج سراً خوفا من عواقب وخيمة بزج أبنائه في تلك البيوت الكريهة. كما كان التشجيع ضربا من الأمل في التغيير واستعادة الحقوق وإعادة الروح السودانية المتسامحة والكريمة والنقية التي لم يداخلها فساد كالفساد الذي انتشر كالنار في الهشيم، بقصد إفساد المجتمع كله، كي يتدارى الفاسدون خلف المفسدة، ويتوارى اللصوص وراء الظاهرة باعتبارها شيء عام ومشاع ومتفشي.
    وكان للمعارضة فضل احتواء ظاهرة الاحباط الشخصي، ومصب موضوعي لاستقطاب ردود الفعل الخاصة في إطار وطني عام، والنجاح في نقل مفهوم الظلم الذي مارسه النظام الحاكم إلى قضية وطنية وليست شخصية، وهو ما انقذ البلاد من « تعميق ظاهرة العنف والثأر «، ولكن بقيت بالضرورة استثناءات، تؤكد القاعدة ولا تنفيها، لأن الفضائل لا تعم كل البشر، فهناك من ظل يفكر في أخذ العدالة بيده هو، وليس بيد المعارضة، ولا حتى بيد القضاء الذي لا يثق فيه كثير من السياسيين، نتيجة بانطباع عام بأن القضاء مسيس، وغير محايد، مثله مثل كل السلطات السيادية، ما دام ظل في يد « المؤتمر الوطني « يعبث بقدسيته كيفما شاء..
    وهنا تأتي دلالة الطعن في ترشيح المشير عمر البشير، لتؤكد للحكومة عدة أمور مهمة، وهي:
    * إن السودانيين لا يحبذون العنف، وإن طال أمده أو وجبت ذرائعه، لأنه سيعود عليهم بضرر واذى وحسرة. والشواهد في العالم كثيرة لا يرغبون في تكرارها واجترارها.
    * إن هناك من يميل إلى السعي إلى القضاء، مهما كان الانطباع عن القضاء، فلا يضيع حق وراءه مطالب. حتى ولو انقضت عشرون سنة على الحق.
    * إن من حق أسر الـ 28 ضابطا الذين اغتيلوا غيلة، رفع مظلمة إلى القضاء السوداني كي ينظر في القضية بعين « محايدة « يقتص من المذنب ويحاكم المجرم ويعاقب الجاني، ويعوض الضحايا. فقد كان لهؤلاء الضباط الشجعان أبناء في بطون امهاتهم، وفي المدارس وفي الحضانات. وقد ارهقت النساء في تربيتهم واعالتهم طيلة عشرين عاما.. أليس من حقهم « تعويضا « على جرم لا يسقط بالتقادم. اقترفه الحاكمون في لحظة نشوة بالسلطة وفرحة بالحكم واستمتاع بممارسة الظلم.
    فإذا كان الاعدام عقوبة تقع على الانقلابيين عموما، فإن انقلاب 30 يونيو سوف يقود أعناقاً كثيرة إلى المشانق، وصدور مملوءة بالحقد إلى «الذروة»، حيث يلقى كل مذنب عقابه. فالسوابق مهمة في القضاء والاحكام، فإذا اعدم «الإنقاذيون 28» ضابطا لمجرد محاولتهم القيام بإنقلاب، فبماذا يحاكم « «الإنقاذيون» الذين قادوا انقلاباً على الديمقراطية واستولوا على السلطة عنوة..؟
    هذا هو معنى السابقة التي وضعها الإنقاذيون للمحاكمات العادلة عندما يحين وقت القصاص.
    نعم القصاص الذي فيه حياة للناس لأنه يرد العادين فلا يشيع القتل بين العالمين. وهذا هو معنى الآية الكريمة « ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون». فالقصاص يمنع الثأرات ويوقف العنف ويعيد الحقوق إلى أصحابها.
    وهذا هو أيضا معنى ألا يسامحهم مظلوم أو طاعن مثل الدكتور معتصم عبد الله محمود الذي يلجأ إلى القضاء بصورة حضارية ليطلب اسقاط ترشيح البشير وهو يقدم الحجج القوية والاسباب البينة.. مستنداً في طعنه على 6 حيثيات حددها في التالي:
    *خداعه للشعب بإنكاره أن الانقلاب الذي قام به نفذته القوات المسلحة، ولا يتبع لتنظيم الجبهة الإسلامية إلى أن اعترف به عقب مفاصلة 1999،.الاعتراف الصريح هو إثبات لكذبة. وبما أن الكذب من فساد الأخلاق، فإن ذلك يسقط حقه في الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية.
    * وجود معتقلات سرية عرفت في البلاد باسم «بيوت أشباح»، وإن ذلك يحمّله المسؤولية القانونية عن الممارسات غير الإنسانية التي جرت في تلك المعتقلات السرية، لأن «المرشح المشير عمر البشير لم يرد الظلم عن أولئك المواطنين الذين تضرروا من التعذيب في المعتقلات السرية، التي كانت تدار بواسطة جهاز الأمن التابع لسلطته العليا، فهو قد عجز عن نصرة المظلومين وسكت عن إحقاق الحق مما يجعله غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية».
    * إعدام 28 من ضباط الجيش بتهمة «الانقلاب على نظام انقلابي» وتقديمهم «لمحاكمات متهورة لم تستغرق غير ساعات»، ونقض اتفاق تم مع بعضهم ذكر منهم «الضابط حسين الكدرو»، وحمّل البشير مسؤولية تلك المحاكمات.
    * إعدام مواطنين بتهمة المتاجرة بالنقد الأجنبي ومثّل لذلك بـ«إعدام المواطن المرحوم مجدي محجوب محمد أحمد، الذي أدين لوجود عملة صعبة في خزانة المرحوم والده» ثم التراجع عن الإعدامات والسماح بالاتجار في العملة، واتهم البشير بالتطرف في العقوبة والإفراط في القسوة ومجافاة الأخلاق.
    *الاتهامات المنسوبة للبشير بالضلوع في ارتكاب جرائم حرب في دارفور، وهي جرائم يمكن التحقق منها محليا بمحاكمات عادلة. ومجرد ورود الاتهامات يطعن في ترشيح البشير.
    * صدور مذكرة اعتقال بحقه جعلته «مقيد الحركة»، مستدلاً على ذلك بإلغائه زيارة أربع دول وتراجعه عن حضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة الأخيرة في نيويورك، وأنه سيظل مقيد الحركة لأن أمر اعتقاله حسب قوانين المحكمة الجنائية الدولية لا يسقط بالتقادم وهو الآن في نظر المحكمة يعتبر هاربا من العدالة، وهذا ما يجعل وضعه الانتخابي بـ»الحرج وستتضرر منه سمعة البلاد مما يجعله غير مؤهل لمنصب الرئاسة».
    هذا الطعن مقدمة واضحة ودليل صارخ على أن عهود العفو لم يعد واردا تكرارها، أو استرجاعها ما دام النظام لم يؤمن بفضيلة الاعتذار عن أفعال بحجم الجرائم الإنسانية، وبرهان أكيد أن الشعب قد تجاوز مرحلة « التسامح « إلى مرحلة المحاكمات والطعن والعدالة في قضية النظام وانتهاكاته، مما يعني أن مسألة المحاكمات اصبحت ثابتة في وجدان المظلومين وفي مفكرة القانونيين، إذا فازت قوائم المؤتمر الوطني أو لم تفز.
    وهذه هي دلالة الطعن الذي تقدم به مواطن شجاع وصابر، بأن هناك اتجاهاً حضارياً لمحاكمة النظام على افعاله وممارساته، دون اللجوء إلى « الثأرات « التي يمكن أن تقود البلاد إلى هاوية خطيرة لا يسلم منها أحد.
    ومن دلالات الطعن أنه يعد أول محاكمة لمرشح المؤتمر الوطني تستبق محاكمة للنظام ستكون على يد الناخبين في الانتخابات، وهي في الوقت نفسه رسالة مهمة بضرورة أن تتهيأ الظروف لمحاكمات قضائية عادلة حتى لا تبقى احقاد وضغائن وغبائن وثأرات في النفوس، وبهذا يمكن استعادة الشخصية السودانية المتسامحة والنبيلة والكريمة بعد تشوهات خطيرة ساهم فيها نظام « الإنقاذ» طيلة عشرين عاما..
    وهذا هو مقصد التغيير وغاية الإصلاح..ومطلب العدالة.
                  

02-11-2010, 03:45 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)


    مسالة
    مرتضى الغالى
    ad بتاريخ : الخميس 11-02-2010 09:25 صباحا

    من الورطات الكبرى التي جاءت بها هذه الانتخابات (بيّتة العرج) انها وضعت بعض الناس في مواضع لا يحسدون عليها، ومنهم أولئك الذين كانوا يظهرون للناس باعتبار انهم (مستقلون وقوميون).. خاصة بعض الصحفيين والكتاب الصحفيين (وآخرين من دونهم) الذين اظهروا الآن ولاءهم الخالص للمؤتمر الوطني عندما جاءت ساعة (سداد الدين)..!!



    هذا ما لا يغيب عن فطنة السودانيين... انظر كيف انجرف الجماعة إلي التأييد الظاهر والخفي للمؤتمر الوطني (الراعي الرسمي)... فهم لا يستطيعون بعد أن حمي ا########س وجاءت الساعة التي ادخرها المؤتمر الوطني لأنصاره ( الخفيين) الذين وزّعهم في عديد من المرافق...وقد بدا ذلك واضحاً من أكثر الذين كانوا يتظاهرون بوقار الحياد والاستقلالية ، فأصبحوا الآن يسيرون مهرولين على خطى (حزبهم الخفي) فهم يباركون كل ما يدعم المؤتمر الوطني، ويهاجمون القوى السياسية الأخرى بكل ما تقع عليه أيديهم وعيونهم... ومن ذلك السخرية من (إجماع جوبا) والحديث عن التحالفات وكأنها (رجس من عمل الأبالسة).. يعيبونها على المعارضة ولا ينظرون إلي تحالفات المؤتمر الوطني القائمة على شراء الإفراد، و ورعاية (قُلامات الأحزاب) التي لا يزيد أنفارها عن الخمسة، وفتح باب الاستوزار باسم البيت والعشيرة وشريحة القبيلة، وتوزيع مناصب الدولة وغنائمها على من لا يستطيع أن يجمع حوله أربعة أشخاص يدفعون السيارة المتعطّلة (عند خمود البطارية)..


    وبعض هؤلاء يحاول اغتيال سمعة الأحزاب بحديث مضحك مثل قول احدهم أن الأحزاب إذا فازت ستجعل من الربا امراً مشروعاً، وهو يعلم أن حزبه الوطني قد أجاز الربا (بأغلبيته الميكانيكية) وجعل منه تشريعاً برلمانيا له قوة القانون، ولا حجة بأنه لجأ للربا (بالضرورة) من اجل القروض الصينية أو الماليزية... فإذا كان الربا يجوز للضرورة فما هي المشكلة أن تجيزه الأحزاب وفق هذا المنطق الأعمى الذي (تليّست عيونه) على الموالاة، والمصلحة المادية والوظيفية التي تقف وراءها...!!

    لقد انكشف المستور والحمد لله عن هذه الأقلام والرموز التي كانت (تفلق) رؤوس الناس بقوميتها وحيادها ومهنيتها... وعلى رأسها صاحب المنصب النظامي الأعلى في الفترة الانتقالية الذي تسرّبت من خلال مواقفه المستترة (والتي ظهرت الآن) معظم مصائب التمكين الذي نعيشه الآن، والذي قصم ظهر البلد...انظروا كل يوم للصحف وشاهدوا واسمعوا كيف انكشف القوم في كل ما يكتبون وما يصنعون..!!

    لا مشكلة في أن يكون الشخص (مؤتمر وطني عديل) فهذا شأنه واختياره في أن يقف مع الجهة التي اغتنت وأفقرت، وارتاحت وعذّبت، وكسّرت مجاديف الوطن وتبطّرت،.. لكن أن يظاهر الشخص بأنه صحفي مستقل وسياسي مستقل وشخصية مستقلة، ثم يلعب على الناس (تحت برقع الاستقلالية) بتأييده السافر للمؤتمر الوطني فهذا هو العيب الذي يخفي تحته المنفعة الشخصية السافرة.. فليس للناس ولله الحمد (قنابير) كما تقول العبارة الشعبية الدارجة...!!
                  

02-14-2010, 04:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9333
    --------------------------------------------------------------------------------
    بتاريخ : السبت 13-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : يجب أن يقف الشعب السوداني مع أسر ضحايا (28 رمضان) ومحاصرة وإسقاط المسؤولين عن تلك الجريمة المنكرة التي لا يضاهيها في البشاعة كل ما سمعنا عن أبشع أحداث القرون الأولى ..لما بدا على أنياب هذه الحادثة من مظاهر الوحشية البالغة؛ في الفعل، وفي التوقيت، وفي إنكار العدالة، وفي مجافاة الرحمة، وفي التنكر للإنصاف، وفي خيانة العهود، وفي ممارسة (قتل الغيلة) وفي الاستهانة بالأرواح، وفي التعامل غير
    الإنساني في كيفية الإعلان عن هذه المذبحة، وفي عدم احترام مشاعر مجمل المواطنين، وعوائل وآباء وأمهات ونساء وأطفال وأقارب وعشيرة المغدورين، ثم في درجة الخسّة التي وصلت إلي إخفاء مقابر الذين تم اغتيالهم غدراً.... فهل هناك اكبر من جريمة ارتكبها انقلابيون بحق من أرادوا التصدي للمنقلبين على الشرعية.. في وقائع ارتجت لها مفاصل الإنسانية عندما وقعت الجريمة بعد اتفاق على ضمانات للمحاكمة مع وسطاء خانوا العهد وذهبوا إلي منازلهم يشربون ويأكلون ويتجشأون و(كأن شيئاً لم يكن)...!



    اسر أولئك الضحايا المغدورين الذين أرادوا حماية الشعب (من خاطفي الشرعية) أعلنت يأسها من عدالة (الأجهزة العدلية) واتجهت مباشرة للشعب السوداني الباسل ليعمل على إسقاط المسؤولين عن هذه الجريمة الدموية الكاملة، التي اكتست بكل ملامح الجبن والحطة والنذالة التي لم تسمع بها العصور الوسطى.. فقد قام أدعياء الدين بهذه المحرقة في نهايات شهر رمضان ولياليه المضمّخة بوعود بركات ليلة القدر، وعلى غرة العيد، ثم ذهب أصحاب الأيدي الملطخة بالدماء ليأكلوا سحورهم التعيس على نيّة الصوم والتقوى، ولم يدروا كيف كان حال أطفال الأبطال المغدورين، والأجنة في بطون الزوجات، والأمهات الحواني، والأسر التي عاشت الغصص وحملت مشاق تنشئة العيال في غياب العائل وفي الزمن القاسي وعبر الأعوام الطوال اللاحقة، وحسرة الأمهات والآباء الذين ماتوا بعدها بالغبن لحرمانهم من مجرد رؤية مقابر أبنائهم في رقدتهم الأبدية...!!



    اليأس من العدالة حالياً دفع عائلات ضحايا ليلة رمضان المرعبة إلي مطالبة الشعب السوداني بطلب بسيط: وهو إسقاط الطغمة التي تسبّبت في هذه المأساة التي لم تعرف أخلاق الجندية، ولا ضمير المسؤولية، ولا مواثيق الشرف ولا أبجديات العدالة .. طلب بسيط...... اسقطوا القتلة...!!!
                  

02-14-2010, 09:22 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9374
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الأحد 14-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : قرأت حواراً مع أحد جماعة الجبهة الإسلاموية القومية حول ترتيبات الانقلاب المشؤوم الذي قاموا به في يونيو السجم والرماد من عام 1989 فكادت المعدة (أجاركم الله)أن تتقيأ مصارينها ...فما أضل وأخبث الترتيبات التي قاموا بها حيث دارت كلها حول أبشع أنواع الغش والمكر وما لا يمكن أن يخطر على (بال ابليس) من خسة ودناءة ... ومثل هذه المؤامرات على الوطن – التي لا يخجلون من روايتها- ليس بمستغرب أن تفرز لنا (هذه
    النماذج من البشر) التي لا تعرف نهاية للسقوط في القيعان الآسنة، وان تبدر منها كل تلك الفظاعات التي عايشها السودان لاحقاً، وكل تلك المصائب والكوارث المدوية التي حدثت للشباب والطلاب والنساء والرجال بالفصل الجماعي من العمل، وقطع الأرزاق، وتحطيم التعليم، وقبل ذلك وبعده الأهوال التي حدثت في 28 رمضان، وفي بيوت الأشباح، وفي العيلفون وفي كجبار وفي امري وفي المناصير، وفي بورتسودان وفي دارفور، وفي الشوارع الخلفية، وفي السحل والحرق، وفي كتابة شعاراتهم بالموسى والسكاكين على أجساد الطلاب، وفي ضرب الناس بالإتاوات والجبايات، وفي سرقة التوكيلات وطرد التجار من الأسواق، وفي إفساد المصارف، وفي تقريب الانسباء والأقارب والأصهار، وفي إرسال الشباب إلي المحارق... (وأبناء البطن إلي لوزان وبلودان وكاليفورنيا وماليزيا)...


    وفي عرض الأراضي للأجانب، وفي استيراد النفايات، وفي تهريب الأموال، وفي شراء المهاجع والقصور والفيللات في مدن الدنيا ومنتجعاتها، وفي فتح شلالات الإساءات الصفيقة للمعارضين والقوي السياسية والرموز التاريخية، وفي ممارسة اسوأ التزويرات في انتخابات الجامعات والمدارس والنقابات، وفي فتح خزائن الدولة من اجل شراء الذمم وتشليح الأحزاب والبيوت الدينية والتجارية، وإنعاش أسواق الحرامية والنخاسة، وفي إزكاء نيران الحرب الأهلية.... والناس لا ينسون ولا يمكن أن يتناسوا الخطط الإجرامية في تهديم السكة حديد وهلهلة مشروع الجزيرة وتفكيك مؤسسات ومرافق الشعب العامة وبيعها قطعة قطعة بالثمن البخس لجماعتهم بعد أن هدموا النقل الميكانيكي والأشغال العامة والمخازن والمهمات ومؤسسات الرقابة والمراجعة وأحالوها إلي (خيالات مآته) حتى يسهل عليهم إعدام (ارنيك 15) والاستعاضة عن ذلك بحمل أموال الدولة في ظهور سياراتهم التي ورثوها عن الدولة (بدون تابلت)... قمَنْ مِن السودانيين لا يعلم كل هذه التفاصيل التي أحالوا بها السودان الي دولة فاشلة على شفا الانهيار، وإلى وصمة الدنيا في الفوضى والفساد؟!1
                  

02-14-2010, 10:01 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    جربوا القانون
    أفق بعيد:
    فيصل محمد صالح
    Sunday, 14 February 2010


    تسجل الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في الانتخابات، والمقاطعة لها، كثير من الملاحظات السالبة على قانون الانتخابات، وعلى سلوكيات وتعامل المفوضية وأجهزة الدولة والحزب الحاكم. وكثير من هذه الملاحظات صحيح، لكن الشكوى و"التشكي" في التصريحات السياسية وعلى صفحات الصحف وحدها لا يكفي، بل لا بد من استخدام الوسائل والأدوات القانونية التي وفرها قانون الانتخابات، حتى استنفادها، وفي القانون متسع كبير لمعالجة بعض هذه المشاكل والخروقات، إن توفرت الإرادة السياسية والعدلية.


    أظن أن الأحزاب والقوى السياسية، الزاخرة بالقانونيين، لم تطلع كثيرا على قانون الانتخابات، ولهذا أضاعت على نفسها وعلى البلاد فرصة كبيرة وحقيقية لوضع قانون الانتخابات والمفوضية أمام امتحان حقيقي، منذ فترة إجازة القانون وتكوين المفوضية واللجان العليا بالولايات، وحتى الآن.

    بعدت بلادنا عن الممارسة الديمقراطية التعددية سنوات كثيرة، ولهذا من المهم التسليم بأن الممارسات ستكون قاصرة بحكم نقص الخبرة والتجربة، وإن كانت بعض الجهات قد تعمل بسوء نية لاستغلال نقص الخبرة وقصور قانون الانتخابات، فمن المهم أيضا اصطحاب حسن النية كعامل موجود يمكن تفسير بعض الاحداث من خلاله. ويعني هذا أن الحكم بين حسن النية وسوء النية لن يتضح إلا بعد العمل على استخدام الوسائل القانونية حتى استنفادها، بعدها يصبح من حق من جرب كل هذا أن يقول إن الانتخابات لم تكن حرة ونزيهة، ليس فقط لنقص الخبرة والتجربة، وإنما لأن ذلك كان مقصودا ومخططا له.

    هناك شكاوى كثيرة من استغلال النفوذ والسلطة لبعض المرشحين، ولكن ايضا تم الاكتفاء بالشكاوى الإعلامية، رغم أن هناك فقرات واضحة في القانون وهناك نيابات متخصصة تم تكليفها بالنظر في مثل هذه القضايا وإحالتها للمحاكم.

    إذا وجدت المرشح الفلاني يستغل منصبه، ويستخدم سيارة ومباني حكومية في الدعاية الانتخابية، أو يصرف من مال الدولة على دعايته الانتخابية، ولو في شكل خدمات للدائرة، فما عليك سوى الاتجاه للنيابة لتقديم شكوى، ثم متابعة ذلك امام المحكمة، مرة واثنتان وثلاثة، ثم يمكن بعدها التصريح إن كانت النيابات حقيقية ام لا، وإن كانت المحاكم تقوم بعملها ام لا، وإن كانت هذه النصوص ملزمة وكافية أم لا؟

    هنام أجزاء كبيرة من القانون لم تختبر بعدن مثل الفصل الثامن، المواد من 65 وصاعدا والخاصة بحقوق وواجبات المرشحين والأحزاب السياسية ، والمادة 96 الخاصة بحظر استخدام إمكانات الدولة والموارد العامة لأغراض الحملة الانتخابية، ثم الفصل العاشر الخاص بالممارسات الفاسدة وغير القانونية والمخالفات الانتخابية

    إن استخدم مواطن مرشح، مثلا، امكانيات الدولة وقام بتقديم دعم ملياري لنادي رياضي شهير في يوم مبايعته باستاد النادي، فإن من حق اي مرشح رئاسي تقديم شكوى للنيابة ضد تلك الممارسة، باعتبارها استغلال لامكانيات الدولة. فإن ثبت ان ذلك المبلغ سيدفع من مال الدولة ومن جيب دافع الضرائب فإن تلك تعد ممارسة فاسدة تنطبق عليها المواد الواردة في القانون، أما لو اتضح أن المرشح سيدفع ذلك المبلغ من ماله الخاص، أو مال حزبه، فذلك أمر آخر.

    يقول أهلنا ان "الارضة جربت الحجر"، فما بال ناسنا هنا لا يريدون تجربة القانون، والاحتكام للقانون وسيادته على كل الممارسات هو واحد من أهم مؤشرات تقدم الدول
                  

02-14-2010, 10:05 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    مفوضية (الأصم) لإنتخابات ناطقة ونزيهة ...

    بقلم: فتحي الضَّـو
    الأحد, 14 فبراير 2010 16:13


    رغم الفوارق الحضارية، إلا أن ثمة قواسم مشتركة لا تختلف عليها شعوب هذه الدنيا، وهي تمثل بديهيات فيما يخص سلوكياتها وثقافاتها ونمط حياتها. نذكُر على سبيل المثال لو أن شخصاً ما توعك في أي بلدٍ من بلدان العالم، فإن رد الفعل الطبيعي يُفرض عليه الذهاب إلى المستشفي لمقابلة طبيب يُشخِّص عِلته، ومن ثمَّ يصف له الدواء المناسب لدائه. وبنفس القدر لو أن شخصاً آخراً رغب في بناء منزل، فإنه سيكون لزاماً عليه الإستعانة بمهندس معماري ليرسم له الخارطة، وقد يشرع بعدها في التنفيذ بواسطة ما نسميه بـ (البنَّا) أو المُقاول أو المُنفذ. وكذلك لو أن أباً أراد لإبنه أن يرتقي مدارج التعليم، فلابد أن يلحقه بمدرسة يشارك فيها تلاميذ آخرين طلب العلم على يد معلمين، تلك هي صنعتهم. أما وإن عقدت دولة ما العزم على إقامة إنتخابات حرة ونزيهة،.


    فبالضرورة أن تكون أُولى خطواتها في هذا المضمار تكوين مفوضية خاصة بتلك الإنتخابات. ومن المُسلم به أن يتم التراضي والتواصي حولها وتحظي بموافقة كل الذين سيتنافسون في تلك المعركة الشريفة. والذي لا جدال فيه أن مهام تلك المفوضية ستكون محصورة في وضع الأسس والضوابط والقواعد التي تكفل لها إنجاز المهمة التاريخية على أكمل وجه. ولعل قبل هذا وذاك هناك شروط ضرورية ينبغي توفرها في شاغري مناصب المفوضية أنفسهم، مثلما ورد في الدستور الانتقالي وقانون الإنتخابات، اللذين نصا على أن يكونوا من (المشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي والتجرد) وبذات القدر يمكن القول أن ثمة شروط أكثر موضوعية، ولكن لن يجدها الناس، لا في نص مكتوب ولا لوح محفوظ. تقول إنه ينبغي أن يكون عضو المفوضية من الذين يؤمنون بالديمقراطية إيمان العجائز، ومن المشهود لهم بالدفاع عنها كلما توغلت عليها الأيدي الآثمة وانتهكت حرماتها. ويفترض كذلك أنه أحد الذين عُرفوا في ساحات الدفاع عن حقوق الانسان بصولاتهم وجولاتهم التي لا تعرف التقاعس ولا المساومة ولا الإنحناء. وبالطبع لن تكون الإنتخابات حرة ولا نزيهة - مثلما تُكثر عصبتنا ذوو البأس من هذا التوصيف - إذا لم يملك أرباب المفوضية سجلاً حافلاً في العفة والنزاهة والأمانة وطهارة اليد.

    بغض النظر عن الشروط الصريحة أو المستترة أعلاه.. أُنشئت مفوضية الإنتخابات الحالية بموجب مرسوم جمهوري قضى بتعيين السيد أبيل ألير رئيساً، والبروفسير عبد الله أحمد عبد الله نائباً له، إلى جانب عضوية كلاً من: دكتور جلال محمد أحمد الذي احتل منصب الأمين العام، الأستاذة فليستر بايا، الفريق شرطة عبد الله بله الحاردلو، بروفسير محاسن حاج الصافي، الدكتور محمد طه أبو سمرة، بروفسير مختار الأصم، الفريق شرطة الهادي محمد أحمد، الدكتور أكولدا مانتير. وطبقاً للمادة 141 – (1) من الدستور الانتقالي، فقد تحددت مهام هذه المفوضية في المسائل التالية: (أ) إعداد السجل الإنتخابي العام ومراجعته سنوياً (ب) تنظيم إنتخابات رئيس الجمهورية، ورئيس حكومة الجنوب، والولاة والهيئة التشريعية القومية، ومجلس جنوب السودان، والمجالس التشريعية الولائية، والإشراف عليها وفقاً للقانون (د) أداء أي مهام انتخابية أخرى ذات صلة يحددها القانون. وفي ظل الغموض الملازم لسيرة بعض أعضاء المفوضية، كان من الطبيعي أن يتساءل الناس عن النبأ العظيم الذي كفل للسادة المبجلين احتلال تلك المواقع. ومن محاسن الصدف أن المفوضية إتبعت طريقاً حضارياً وأسست موقعاً إلكترونياً على الشبكة العنكبوتية،


    ولكن من مساويء الصدف أن الموقع المذكور لن يروي ظمأ الباحث عن السيرة الذاتية للمفوضين، عدا العضو الأخير الدكتور أكولدا مانتير. لكن يبدو أن ذلك مما لا يمكن أن يستعصي على أهل السودان، رغم الاتساع الجغرافي لبلادهم وكثرة قاطنيها من شعوب وقبائل مختلفة الألسن والسحنات. ولربما لا يعرف البعض أن ثقافة المشافهة التي اشتهروا بها، تكفل للواحد منهم إختزان ملفات في تلافيف مخه قد يعجز محرك البحث الإلكتروني (قوقل) عن استيعابها. وفي هذا الاطار لعل القليل الذي نضح، ولا يختلف حوله إثنان، بل لن تنتطح فيه عنزان، ألا أحد من العشرة الكرام المُبشِرين بإنتخابات حرة ونزيهة يمكن أن تنطبق عليه الشروط المستترة أعلاه، بل على النقيض من ذلك فقد خدم أكثر من نصفهم الأنظمة الشمولية باخلاص وتفانٍ، أما النصف الآخر فقد كان بين ذلك قواماً!

    دعك من المستتر، إذ أن المفوضية إنتهكت الشروط الصريحة وهي طفلاً يحبو. وتلك مكرمة كان قد جاد بها القانوني الضليع الاستاذ الصادق الشامي الذي لفت إنتباهم لذاك الخلل، وسطره في مذكرة مفتوحة وجهها لأعضاء المفوضية يوم 25/11/2008 ولكن كالعهد بهم لاذوا بصمت بليغ. أوضح الشامي في حيثياته أن تشكيل المفوضية (جاء منتهكاً ومتعارضاً ومتصادماً مع نص صريح في الدستور، كما وإنه يخالف ويتناقض مع القانون) وشرح ذلك استناداً على المادة 141 (1) من الدستور التي نصت على: (تنشأ خلال شهر واحد من إجازة قانون الإنتخابات القومية مفوضية قومية للدستور تتكون من تسعة أشخاص مشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي والتجرد) وأورد كذلك ما نص عليه قانون الإنتخابات لسنة 2008 والذي جاء متمشياً مع الدستور ونصت المادة 4 (1) منه على التالي: (تنشأ خلال شهر واحد من تاريخ إجازة هذا القانون مفوضية تسمى المفوضية القومية للإنتخابات تكون لها شخصية اعتبارية وخاتم عام) وخلص إلى أنه (أُجيز القانون ووقع عليه رئيس الجمهورية بتاريخ 15/7/2008 ولكن التسمية لأعضاء المفوضية لم يتم إلا في شهر نوفمبر أي بعد ثلاثة شهور من الوقت الذي حدده القانون للتعيين) ولأننا نعيش في بلد نعلم أن نقض القسم فيه أسهل من جرعة ما، لم يكن عصياً على المفوضية أن تمارس ذات العادة وهي ترمي ظهريا القسم الذي رددته أمام رئيس الجمهورية (أقسم بالله العظيم أن أؤدي واجباتي ومسؤولياتي بأمانة وتجرد لأي جهة وأن ألتزم بالدستور والقانون والله على ما أقول شهيد) بلسان حال يقول أنتم السابقون ونحن اللاحقون!

    لأن فاقد الشيء لا يعطيه أصلاً، لم يكن منظوراً من المفوضية أن تفعل شيئاً أمام سيل الشكاوي التي إنهالت عليها منذ الشروع في الخطوات الاجرائية للإنتخابات، مروراً باغلاق باب الترشيح، وانتهاءا بالنتائج التي ستطوى العملية برمتها في ابريل القادم. ولعل من المفارقات التي لن تدهش أحداً أن جميع الطعون والشكاوي كانت موجهة ضد عصبة المؤتمر الوطني. وفي واقع الأمر لم يكن ذلك بجديد في نهجها الذي خبره الناس طيلة عقدين من الزمن ظلت تدير فيه الدولة كما تدير الماسونية تنظيمها الباطني. فالناس لا يعرفون عن موارد دولتهم تلك – ما ظهر منها وما بطن – سوى أرقام تحلق في فضاءات المستحيل. ورغم تقارير المراجع العام التي تفانت على مدى عشرين عاماً في كشف التجاوزات المالية بشتى ضروبها، ورغم صور الفساد التي تنشرها الصحف بصورة علنية ومستترة، ورغم الواقع الذي يراه الناس أمام اعينهم، ويجري دواباً ويتطاول بنياناً ويتحدث نعماً، إلا أن دولة أصحاب الأيادي المتوضئة لم تجد كبش فداء واحد يكف عنها عين الحاسدين، ويبعد منها شرور الوسواسين الخناسين من بني البشر.

    ومن العجائب إن المفوضية المتدثرة بغطاء البوهيمية، كشف الاستاذ (المتقاعد) دكتور معتصم عبد الله محمود عن صورة أخرى من صور الشوفينية المستترة، جاء ذلك في مذكرة الطعن التي تقدم بها إلى قاضي المحكمة العليا، حيث شرح في فقرة منها ما تعرض له من إنتهاك لحقوقه واضطهاد لانسانيته من قِبل أحد سدنة المفوضية (عند تسليم الطعن، قابلت عضو المفوضية الفريق الهادي محمد أحمد، والذي خاطبني بحدة وانفعال بأن ليس لي حق في الطعن في مستوى الترشيح لرئاسة الجمهورية، ولكن بعد مطالبتي له بالرجوع إلى قانون الإنتخابات في مادته (45) التي تسند حقي في الإعتراض على أي مرشح أمرني بمقابلة المستشار القانوني للمفوضية. وفي نظري أن ذلك التصرف كان غير كريم ولا يليق بمسؤول تم إختياره في أعلى هيئة لإدارة العملية الديمقراطية في البلاد. وقد عبر لي شفهياً بعض المسؤولين في المفوضية بإعتذارهم عن ذلك التصرف) فتأمل يا هداك الله!

    غير أن الذي أفزعني حقاً، وأورثني هماً مقيماً جراء ما يدور داخل دهاليز المفوضية العتيدة، جاء ذكره في تحقيق جريء نُشر في صحيفة الأخبار بتاريخ 28/1/2010 عجبت بعده كيف أن الناس في بلادي يقرأون ما قرأت وينامون ملْ جفونهم عن شواردها؟ يتحدث التحقيق بصورة مركزة حول تجاوزات سافرة تجري داخل أروقة المفوضية وخاصة في قطاع التدريب، قال الصحافي في مستهل بحثه عن الحقيقة (وجدنا أن المراكز التي وقع عليها الاختيار هو مركز الاستشارات والتدريب الدولي وهو المركز الوحيد الذي انفرد بالتدريب والتثقيف الانتخابي في 12 ولاية من ولايات السودان، كما أنه نال حصة كبيرة من ميزانية التدريب) وقد أثبت الصحافي أن المركز يتبع للبروفسير مختار الأصم (ثبت بالمستندات أن المركز مسجل باسمه إلى اليوم في سجلات مراكز التدريب بوزارة العمل) ولكن الأغرب من الظاهرة نفسها اجتهاد البروفسير محاسن حاج الصافي في تفسيرها وهي مسؤولة التدريب بالمفوضية (نحن نعلم أن لبروفسير الأصم علاقة بالمركز وهو تقدم من ضمن 40 مركز تقدمت واخترناه لأن المركز قديم وبه خبرات لم نشأ أن نحرم المواطنين من خدماته) الحمد لله أن البروفسير محاسن قالت خدماته ولم تقل بركاته. ولكن صبراً يا كرام، تلك ليست آخر العجائب، فقد زاد عليها الأصم نفسه بموشح يُسكر سامعه طرباً.


    فبعد أن اعترف للصحيفة بأيلولة المركز لسيادته، قال (أنه تقدم إلي الأمين العام للمفوضية القومية للإنتخابات د. جلال محمد احمد بطلب لإعفائه من مسئولية التدريب والتوعية التي كان يتولاها حتى يتسنى لمركز الاستشارات والتدريب الدولي ان يتقدم للمنافسة) أرأيتم كيف تكون الشفافية التي تجمع بين الحسنين، إنها الشفافية التي عبرت عنها الأمثولة الشعبية في وصف من أراد أن يأكل الدجاجة و(يخم) بيضها في نفس الوقت!

    إن حدث وسألت البروفسير الأصم مثلما سأله الصحافي مستفسراً عن تلك الوضعية الغريبة فسيقول لك لأن مركز سيادته (هو المركز الوحيد في السودان المؤهل للعمل في مجال الإنتخابات) وهب إن ذلك حقيقة يا صاحٍ، فأين المنطق الذي يسند هذه الازدواجية البغيضة؟ كان من الطبيعي أن يختار واحداً من السبيلين، إما المركز وحصة الأسد التي نالها من الدراهم، أو المفوضية وصيتها الذي يجهر الأبصار. لكن أنظر كيف إلتف سيادته على هذه المعضلة بعد أن عزَّ الاختيار، إذ قال للصحافي (إن الطلب الذي تقدم به تضمن نقاطا جوهرية - على حد قوله - منها إما أن تسند مهمة التدريب والتوعية فى المفوضية القومية للإنتخابات لشخص آخر داخل المفوضية، أو يحرم المركز من التقديم والمشاركة في حصة التدريب، بجانب نقطة ثالثة بإشراك معاونين للأصم في عملية الاختيار) أي إختيار المركز. ثم هطل الحل عليه غيثاً من سماء أحد المفوضين ولكن برواية الأصم (فقد فضل الأمين العام الخيار الأول وأعفي الأصم من التدريب والتثقيف) أي أن الأصم وجلال تصورا فيما أقدما عليه إنه كفيل بدرء أي شبهة قد تنبعث من مخيلة أحد المتربصين. وحتى نساعدك يا عزيزي القاريء في فك هذه الطلاسم، نقول لك تصور أن أحداً إكتشف أن وزير الداخلية المصري حبيب العادلي له مصالح باطنية مع الشركات التي تنفذ مشروع الجدار العازل مع قطاع غزة، وحتى لا يفقد تلك الفرصة التي تدر عليه مالاً وفيراً يطلب من بيده الأمر تحويله إلى وزارة السياحة!

    في مقام آخر شاء الأصم أن يوسع من دائرة استحقاقاته الوظيفية فتمدد عائلياً بالحاق بعض أفراد الأسرة الكريمة بالمفوضية. وتلك مفارقة قال الصحافي إنه اكتشفها بمحض الصدفة، وتعرف من خلالها على آخرين يحملون نفس الأسم العائلي، والمدهش أنه عندما واجه كبيرهم الأصم بذلك قال له (أنا لا علاقة لي بالتعيين داخل المفوضية وأسرة الأصم فيها أكثر من 800 ألف شخص) ثم قلل من العمل بالمفوضية برمته (عمل المفوضية كله مؤقت وظائف شنو؟) وما يسمه هو بالمؤقت فإن موقع المفوضية كاد أن يكسبه ديمومة شرعية (يظل المفوضون في مناصبهم بالمفوضية لست سنوات، ويمكن لرئاسة الجمهورية التمديد لهم لست سنوات أخر) ولكن هب يا قارئي العزيز أيضاً إنها وظيفة ليوم واحد، هل يبيح له ذلك أن يجعل من مفوضية قومية ضيعة خاصة في بلاد يتسول الناس فيها حق العمل، بل ويفصلون منه حماية للمجتمع من شرورهم!؟ لكن دع ذلك جانباً أيها الكاظم الغيظ مثلي، وسأختم لك بالغبن الذي حرضني أساساً لكتابة هذا المقال، هل تعرف كم قيمة العقد الموقع بين الأصم ومفوضيته؟ ذلك سؤال وجهه له الصحافي بطريقة غير مباشرة (إن الأموال التي تدفع لمركزه كبيرة جدا مقارنة بالمراكز الأخرى؟) فأجابه الأصم بمنطق (شمسوني) قد يثير شهية أي محب للاستطلاع ليركض وراء الحقيقة (لماذا مختار الأصم وحده وهنالك آخرين داخل المفوضية لهم علاقة بمراكز تدريب خارج المفوضية) ومع ذلك لن أفصح لكم عن قيمة العقد تصريحاً ليس خوفاً من الأصم ولكن خشية أن يحدث لكم مكروه أكون سبباً فيه، ولكن إن شئتم المخاطرة، أقول لكم تلميحاً نقبوا عن اسم في الأرقام الحسابية، بدأت العصبة وأزلامها يحبونه حباً جماً لجمال موسيقاه!

    إن الشفافية التي يكثر من ذكرها أعضاء المفوضية المبجلين، وكذلك الإنتخابات الحرة والنزيهة التي طففت العصبة ذوي البأس في سيرتها، تتطلبان في المقام الأول كشف ما يدور داخل دهاليز المفوضية، إذ أن ابسط حقوق المواطن المتطلع لإنتخابات ديمقراطية حقيقية تحتم على من بيده الأمر أن يعلمه بميزانية هذا المفوضية؟ وكيف يتم صرف ملياراتها المبثوثة؟ هل قلت مليارات؟ الحمد لله الذي اجراها على لساني وإن لم نراها حتى اليوم ولو في الأحلام. ثمَّ على أي أسس تم اختيار هؤلاء المفوضين؟ ومن الذي اختار تابعيهم وتابعي التابعين في العاصمة والولايات؟ وأين بقية العشرة الكرام، إذ لم يسمع الناس لبعضهم حساً ولم يروا لهم صورة منذ أن تم إعلان هذه المفوضية؟ حتى الرجل الطيب أبيل ألير ظل الناس يرونه لماماً أما مودع أو مستقبل في صمت مقدس كأنه يمنح بركاته لمقبل أو مدبر من زوار المفوضية. ويخالجني شك مريب في أنه لهذا السبب تم اختياره لترؤس هذه المفوضية. ولم يكن مدهشاً في ظل ذلك الوضع الغريب أن يصول الأصم ويجول في عرصات تلك المفوضية، فهو تارة ناطق رسمي في غياب ناطق محدد من قبل المفوضية. وتارة ثانية يراه الناس في مقام من يفتي ويستفتي، وتارة ثالثة يقطع قول كل خطيب متما تشابكت المفاهيم، وأظلمت الرؤى، وصار القوم في حاجة لمن يشرح لهم الفرق بين الشمولية والديمقراطية بمنظور عصري!!

    عن صحيفة (الأحداث) 14/2/2010
                  

02-15-2010, 02:58 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9408
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الإثنين 15-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى



    : مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية قال في تدشين حملة حزبهم لهذه الانتخابات التي لن تكون حرة ولا نزيهة (نحن كنا وين وأصبحنا وين) وهو يقصد قبل انقلابهم وبعده... وإذا كان يقصد بـ(كنا وين) جماهير الشعب جميعهم وليس أعضاء حزبه فقد كان حال الشعب السوداني أفضل (قبل أن يهلوا علينا) لأننا الآن نعيش (دولة حزب) وليس (دولة وطن).. كانت والله


    المعايش والفضيلة والمزاج العام أفضل مئة مرة .. وما كان احد يستطيع أن يعتقل الناس من منازلهم وجامعاتهم إلي بيوت الأشباح، وما كان يمكن أن يؤخذ طالب من جامعته ثم يتم تعذيبه في مكان مجهول ثم يوجد قتيلاً في شارع خلفي من المدينة وعليه آثار التعذيب، ثم يتم رفض الإعلان عن التقرير الطبي في مستهل الحملات الانتخابية..!



    دارفور الوادعة ما كان بها أكثر من عشرة آلاف قتيل (حسب ما اعترفوا به) وأكثر من مليوني نازح، ولم يشهد السودان قبل طلعتهم البهية حرق آلاف القرى والمساكن، وما كان شخص واحد ينهب تسع مليارات من مصرف واحد ولا حساب ولا عقاب، وما كان الأقرباء والأنسباء يبلغون ثراء المليونيرات بالتسهيلات، وما كان يتم فصل مئات الآلاف من عملهم بدعوى (إعاقة التمكين) وما كان هناك أكثر من عشرين ألف جندي (في هذه المحمية) لأن العالم لا يطمئن على حماية الحكومة لمواطنيها.. ونحن لا نصدق ما ذكره مرشح المؤتمر الوطني من حكاية الخزانة التي وجدوها فارغة، أو أن الغذاء كان مشكلة لعامة الناس.. وحتى أمريكا (الكعبة المجرمة) أعلنت الآن انها تقوم بثلثي غذاء السودان في اقاليمه..


    .ولماذا لم يذكر مرشح الوطني انهيار التعليم والعلاج بالفلوس وموت الناس بسبب عدم تسديد الرسوم؟ ولماذا لم يذكر سعر الجنيه مقابل الدولار عندما جاءوا للسلطة؟ ولماذا لم يتحدث عن السكة حديد (كانت كيف) وأصبحت كيف؟ ولماذا لم يتحدث عن مشروع الجزيرة وحال الزراعة والريف؟ ولماذا لم يتحدث عن زرع القبلية والشرذمة والاحتكار؟ ولماذا لم يتحدث عن معدلات الفساد والاختلاسات؟ ولماذا لم يتحدث عن تهديد وحدة السودان الآن؟ ولماذا لم يتحدث عن موقع السودان اليوم في قائمة الدول الأكثر فقراً والأقل شفافية؟ وعن موقعها بين الدول الفاشلة؟ وعن ما حدث للخدمة المدنية وعن بيع المؤسسات والمرافق والأراضي وخصخصة (يا ايدي شيليني)..!!...



    إذا كان يقصد أين كان عامة المواطنين وأين أصبحوا، فتلك عتبة صعبة لا مجال للمغالطة فيها..اما إذا كان المؤتمر الوطني يقصد أين كانت جماعته وأين أصبحت الآن.. فهذا والله كلام معقول: فقد أصبح فقراء الأمس من أثرياء العالم أصحاب الفيللات والعمائر والأرصدة والتوكيلات... فقط نرجو أن يتحدث الجماعة عن تحسّن أحوالهم ويتركوا الحديث عن حال عامة الناس الآن.. بعد عشرين سنة من الهم والغم وغياب العدالة وهدر الكرامة والجوع والمرض و(الموت الأحمر)...!!
                  

02-16-2010, 10:26 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الصحافة 16/2/2010

    عشية التدشين .. بحر الدين يسأل: بأي ذنب قتلت؟

    حيدر طه



    الاغتيالات والتعذيب ليست قضية أمنية فقط إنما قضية مجتمع




    لسوء حظ مرشحي حزب المؤتمر الوطني عشية تدشين الحملة الانتخابية، أن تحدث فاجعة بحجم اغتيال طالب في جامعة الخرطوم بالسنة الثالثة كلية التربية بعد اختطافه وتعذيبه لتعيد للأذهان سيرة « بيوت الأشباح « المؤلمة، في هذه اللحظة الدقيقة التي يحاول المؤتمر الوطني التخلص فيها من سجله والتملص من تاريخه البشع . ، بل بتوجيهاته ومتابعته وحرصه على مبدأ « اضرب الكراف خلي الناس تخاف»، فأشاعت الخوف والتردد والشكوك والغبن، كما أشاعت نوعاً من الجرائم التي لا ترتكب إلا في ظل أنظمة تحرص على إشاعة الذل في نفوس الناس.
    وجريمة اغتيال الطالب محمد عبد الله موسى بحر الدين تحمل في ثناياها عشرات القضايا والمحزنات والمآسي والفواجع. فالطالب يحمل اسماً كريماً هو « محمد عبد الله « ثم يأتي اسم جده موسى ثم يليه بحر الدين.
    ألم تشفع له كل تلك المحامد في اسمه كي ينجو من الاغتيال، أو على الأقل ينجو من التعذيب ليموت في سلام.
    والمفارقة الثانية انه طالب في كلية التربية، أي الكلية التي يتخرج فيها الطلاب الذين تقع عليهم مسؤولية تربية وتعليم النشء وتوطيد العلم وترسيخ المعارف في نفوسهم. واول العلم الأدب والخلق ليرتبط التعليم بالتربية.
    فكيف نسوغ لأبنائنا من الجيل المقبل والطالع في مدارج التعليم وسلالمه أن يقتل طالب بعد اختطافه أمام شهود وجنود ثم يجري تعذيبه على منوال « بيوت الأشباح «، بأن التعليم والتربية يرتبطان كما ترتبط الروح بالجسد..؟
    كيف يمكن اقناع الطلاب ان المجتمع معافى وزميلهم الذي « يضرب به المثل في موهبة الرياضيات « يضرب حتى الموت ويرمى بين البيوت المهجورة في حي القماير لتجده الشرطة بعد يوم أو يومين..؟
    والقضية ليست سهلة كما يعتقد أحد قادة المؤتمر الوطني وبعض رجال الشرطة الذين صرحوا بأنها « جريمة عادية «. فهي ليست كذلك ولو استخدموا كل أكاديمياتهم .. فهي من الجرائم المركبة والمعقدة والخطيرة.
    فهي مركبة لأنها تجمع بين الخطف والتعذيب والاغتيال.. فهي مجموعة جرائم في جريمة، وكل منها لها حساب في القانون وفي الدين، في الدنيا والآخرة.
    فإذا تركنا حساب الدين ليوم لا ريب فيه، فإن حساب القانون هو محاسبة الجهات المسؤولة عن أمن المجتمع، الجهات التي ظلت تدعي أنها تعلم الجهر وما يخفى في النفوس والصدور والعقول، فمارست كل الانتهاكات دون أن يطرف لها جفن أو يهتز لها ضمير، بدءاً من انتهاك النفس والصدر والعقل إلى انتهاك الدماغ والجمجمة، وقد اشتهرت حادثة اغتيال الدكتور الشهيد علي فضل عندما استخدم أشباح الإنقاذ المسامير لعزقها في دماغه وهو ما أشار تقرير بعض الأطباء الشرعيين الذين عاينوا الجثة فأكدوا أنه قتل بآلة حادة تشبه المسمار، إذ وجدوا في دماغه ثقباً بحجم المسمار.
    وفنون التعذيب كثيرة وآلة التعذيب متعددة وأدواته متنوعة، وكان من الممكن أن يحكي ضحايا التعذيب الفنون التي استخدمت في تعذيبهم على أيدي « أشباح « عرف بعضهم ولم يعرف البعض الآخر.. وقد حكى لنا المناضل الشهم الأمير عبد الله عبد الرحمن نقد الله، رد الله له العافية والصحة، كثيرا من تلك الفنون، وما مرضه الحالي إلا من تلك.
    و» ملف التعذيب « لا ينبغي أن يغلق، لأن تجاهله أو نسيانه أو اعتباره من الجرائم العادية يغذي النفوس بقناعة أن التعذيب أمر عادي كما قال أحد عناصر المؤتمر الوطني بعشق هذا الداء. والدليل أننا نشهد بين حين وآخر جريمة من هذا الطابع، وتكرار النوع من الجرائم يجعلها ظاهرة لا تخص القانونيين والشرطة إنما تخص المجتمع ككل، افرادا ومنظمات وأحزاب وهيئات.
    ولأنها قضية مجتمع فينتظر أن يخرج المجتمع في تشييع جثمان الفقيد الشهيد محمد عبد الله بحر الدين ليؤكد رفضه لهذا الأسلوب، لأن حجم الجريمة بحجم الهواجس من غد يسود فيه الثأر، والتشييع مناسبة ليرفع المجتمع صوته عالياً مطالباً بالحساب والقصاص من الذين اجرموا في حق هذا الطالب الذي سوف تتساءل روحه الطاهرة : بأي ذنب قتلت..؟
    هل تمرد وحمل السلاح .. أم فكر في القيام بانقلاب عسكري، فلحق بركب شهداء إبريل، أم أنه ضايق بعض المسؤولين في معاشهم وراحتهم، أم أنه فكّر كما يفكر الطلاب بالمشاركة في العمل السياسي استعداداً وتأهيلاً لغد خال من « الانقاذيين «..؟
    أم أنه الثأر البغيض الذي يجب ردعه بكل قوة القوانين كي لا يسود كما تسود انتهاكات حقوق الإنسان ،. وردع مثل هذه الجريمة واجب على المجتمع وليس على رجال الشرطة والقانونيين فقط، فهي قضية مجتمع وليست قضية سياسية أو أمنية..
    أما كونها معقدة فلأنها تتصل بطالب من دارفور، بؤرة الحرب والصراع والمآسي. وقد حدثت الجريمة في وقت يبحث فيه أبناء دارفور قضيتهم في الدوحة، ومن المؤكد أنها رمت بظلالها الكثيفة، لتصبح « دليلاً « على صحة المخاطر الأمنية التي تلاحق أبناء الإقليم، حتى الطلاب منهم. وقد حاولت الحكومة ومؤتمرها الوطني أن تخفي حجم الجريمة وعقابيلها خلف فوران وهيجان الحملة الانتخابية. ولكن لا الحكومة ولا مؤتمرها الوطني يملكان الحس السياسي والجماهيري الذي يفطن إلى خطورة هذا الحادث ضمن سلسلة حوادث أخرى مشابهة على المجتمع.
    فالهيجان السياسي لا يخفي الحقائق والمآسي مهما علت اصوات المايكرفونات والدفوف والدلوكة والعرضة.. فالوقائع تشق طريقها دون اهتمام بصخب الانتخابات التي تكثر فيها الوعود والتمنيات. ومن صور عدم الصدق ما جاء على لسان مرشح حزب المؤتمر للرئاسة عندما قال في خطاب التدشين لحملته الانتخابية: إننا لسنا بجديدين عليكم ولا نعرف الكذب.
    ويعلم المرشح أنه لم يكن صادقا مع شعبه منذ اللحظة الأولى لاستيلائه على السلطة بالقوة المسلحة..عندما قال للصحفي المصري مكرم محمد أحمد في اليوم التالي للانقلاب: نحن لسنا جبهة إسلامية..
    اليست هذه كذبة عريضة، لا قياس لها ولا معيار في السياسة السودانية وفي شرف العسكرية السودانية..
    ولا نتجنى على المرشح، فيكفينا أن نرده إلى شهادة إثنين من الشهود اللذين لا غبار على شهادتهما الأول الشيخ حسن الترابي، والثاني د. علي الحاج الذي أدلى بشهادته الأخيرة مؤخراً يمكن العودة إليها لأنه في متناول اليد.
    وشيء آخر لا محل له في الإعراب السياسي غير نقض الوعود عندما قال أيضا « البنقولو بنعملوا. فماذا قالوا وفعلوه. هل قالوا إنهم سيفقرون السودانيين حتى تصل نسبة الفقر إلى 90%، فإذا وعدونا بالفقر والعوز والمسغبة فنعم إنهم فعلوا ما قالوا.. ونشهد لهم بالصدق والأمانة بأنهم أفقرونا حتى العظم..
    ماذا قالوا ثانيا وثالثا ورابعا.. هل قالوا بأنهم سيحفظون وحدة السودان.. أم أنهم سيفصلون الجنوب. والنتيجة لا تحتاج لنقال أو مبشر، فهي ماثلة يحاول المجتهدون والوطنيون والحريصون على وحدة السودان أن يفعلوا أقصى ما يمكن فعله كي يحافظوا على وحدة السودان « في الوقت الضائع».
    فمن ضيع وحدة السودان..؟
    ولن نتحدث عن التعليم والصحة والمجاعة والعطالة والبطالة والفساد والرشوة والرهق الجسدي والمعنوي والفكري الذي يجعل السودانيين يضربون في أرض الله الواسعة كي يجدوا مأوى ومسكناً وأمناً وسلاماً يتناسب مع سودانيتهم التي لا يريدون نسيانها أو مفارقتها.
    فماذا قدمت الإنقاذ؟
    قال مرشح الحزب الحاكم إن ما قدمته الإنقاذ في الأعوام الماضية هي البدايات..وإن الإنقاذ لم تكمل مشوارها..!!
    يا للهول!
    عشرون عاما بدايات..عشرون عاما أخطاء وخطايا.. ولم تكمل الإنقاذ بعد مشوارها، وإلى اين؟
    اليس فيهم رجل حكيم يقول لهم ولنا إلى اين بعد أن بلغت البلاد هذا الدرك من المآسي والتعب والرهق والفساد؟
    آه.. الفساد. إنه الإنجاز الوحيد الذي تحقق بسرعة وانتشر بقوة وتعمق بعزيمة الفاسدين الذين يتمنون لهذا النظام أن يطور ويعمر إلى ما لا نهاية.. فلهم فيه مصلحة لا تعوض ولا تبدل ولا تؤخر.
    لا نقول للمؤتمر الوطني وهو يقدم أوراق اعتماده المعروفة لدى كل سوداني غير منخرط في نظام الإنقاذ، انظر حولك لتعرف.. بل أنظر في نفسك لتعرف حجم الفساد والإفساد الذي استشرى في كل خدمة وانتاج وعمل حتى « الزكاة فيها محاباة «. فإذا تركنا فساد المال سنرى الفساد منذ اليوم الأول للإنقاذ حيث سيطرت لجان الخدمة والتعيين التي باشترها مجموعة من طلاب الاتجاه الإسلامي فعزلوا من لم ينتمِ للجبهة وعينوا من عرفوهم بسيماهم، وانتشرت نكات كثيرة عن « اختبارات التعيين « وذاكرة الناس الحافظة لهذا النوع من الفساد غير مثقوبة بل مليئة بالحكايات والنوادر والمفارقات.
    والحمد لله انهم تركوا بيوت العبادة حتى لا يفسدوها، فلله بيت يحميه من الفساد والافساد. اختاروا السوق ففجع بالدخلاء، ولأن للسوق قوانين ونفوس مختلفة فإنه يجمع الضدين، الفاسد والصالح..وتفرق بينهما الصلاحية والصدق والأمانة والكسب والخسارة، فهو محكوم بالعرض والطلب.. ومبدأ « عليكم بالظاهر»، كسبا وربحا وغشا وتدليسا وفهلوة واحتيالاً.
    فطبعت تقاليد السوق ومناخاته روح السياسة، فكان ما كان من شراء اصوات وقبائل وعشائر ومناطق وفرق رياضية وصوفية ما دام العرض موجوداً في بيع وعود تحت شعار « البنقولو بنعملو».
    فماذا ينتظر مرشح المؤتمر الوطني « ايام زيادة « وفي يده القلم ليقرر الآتي:
    * تخفيض نسبة الفقر من 95% إلى 70% فقط.
    * تخصيص مستشفيات للعلاج المجاني للفقراء.
    * تخصيص مدارس للتعليم المجاني.
    * تخصيص مقاعد بنسبة 70% للطلاب الفقراء في الجامعات الحكومية.
    * تقليص عدد مستشاري الرئيس إلى 15 فقط لتخفيض الميزانية على الصرف البذخي
    * تقليص عدد مساعدي الرئيس إلى 5 فقط
    هل هذه وعود تحتاج إلى فترة رئاسية جديدة.. أفعلها وتوكل يا سيادة المرشح، فهي أفضل عند الله والشعب من أن تبقى أعوام أخرى دون أن تتحقق هذه الأمنية التي تراود الفقراء الذين يملأون أرض السودان، والمتطلعين إلى التغيير الذي لا يكذب أهله.
    إن الفارق كبير بين دعاة التغيير الحقيقيين الذين بدأوا حملتهم من مواقع انصار الفقراء والمساكين والديمقراطيين والاحرار والشعبيين والوحدويين، ودعاة زيادة المهلة ومد الفترة والوعود السرابية التي لا تتحقق ولو ملكوا الزمن وتحكموا في الرئاسة..اصحاب شعار (الدايرنها بنسوِّيها). ولكن الدايرة الشعب بسويها ألم يقل الشاعر النبيه أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر..
    إنها معركة شعب من أجل التغيير والديمقراطية والأمن والسلام والوحدة كي لا يغتال طالب ولا طبيب ولا ضابط ولا صحفي ولا سياسي ولا فتاة. آمين يا أرحم الراحمين بعبادك الصالحين
                  

02-18-2010, 03:08 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صديق تاور

    شئ من حتي

    ديمقراطية جماعة (الانقاذ).. فاقد الشيء لا يعطيه

    صديق تاور

    جدد مرشح حزب المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية ورئيس الجمهورية في ذات الوقت ورئيس الحزب الحاكم، السيد/ عمر البشير، جدد في بداية حملته الانتخابية يوم السبت الماضي، التأكيد على اجراء انتخابات حرة ونزيهة بعيدا عن الغش والتدليس. وذكر ان حزب المؤتمر الوطني لا يعرف الغش ولا التزوير. كما دعا القوى السياسية الى الابتعاد عن المهاترات والشتائم والعنف خلال الانتخابات. «جريدة الصحافة ـ العدد 5960» وجريدة الخرطوم العدد 7291 بتاريخ 14/2/2010م. وكان المشير عمر البشير رئيس الجمهورية قد وجه ولاة الولايات الشمالية في اجتماع لمجلس الوزراء الى تهيئة مناخ الانتخابات لتمكين المواطنين من الادلاء باصواتهم دون تأثير او املاء، وتوفير الامن لتتم العملية الانتخابية بشكل يليق بأهل السودان، ولترسيخ ممارسة ديمقراطية راشدة تفخر وتعتز بها البلاد. آخر لحظة 29/1/2010م العدد 1248.



    ومن هنا يبرز سؤال كبير حول الصفة التي يتحدث بها السيد عمر البشير وهو يطلق تصريحاته حول حرية الانتخابات ونزاهتها. هل يتحدث بصفته رئيسا للجمهورية ام بصفته مرشحا لرئاسة الجمهورية؟ لأن الأمر يختلف بين الحالين. فاذا كان يتحدث بالصفة الاولى فإن الحملة الانتخابية ليست هي الموقع الصحيح لذلك، لانه بحسب حديث رئيس مجلس الاحزاب السياسية في الجلسة الافتتاحية لورشة بناء الثقة بين الاحزاب التي اقامها المجلس بالتعاون مع الامم المتحدة والمفوضية، فإن «السلطة في السودان الآن مقدمة للأحزاب السياسية ومتاحة لها، وتستطيع ان تتنافس من اعلى القمة، رئاسة الجمهورية ،


    الى اقل المستويات، مشيرا الى ان السلطة ليست ملكا للحكومة القائمة ولا للاحزاب السياسية، صحيفة صوت الأمة 12/2/2010م العدد «170». وبهذا المعنى فإن مجمل ما يتعلق بالانتخابات وسيرها وسلامة اجراءاتها ونزاهتها او غير ذلك، انما هو من صميم مهام مفوضية الانتخابات. ومن هنا فإن حديث المرشح لرئاسة الجمهورية عن حزب المؤتمر الوطني السيد/ عمر البشير، فيه خلط بين صفة كونه مرشحا عن حزب في منافسة انتخابية وكونه رئيسا للجمهورية كان قد قام بتعيين أعضاء المفوضيات والمجالس المرتبطة بالعملية الانتخابية. ومثل هذا الخلط يجعله في موضع الخصم والحكم في ذات الحين واللحظة بالنسبة لمنافسيه الآخرين. اما اذا كان يتحدث بصفته الثانية باعتباره مرشحا لرئاسة الجمهورية، فمن اين له بأن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة قبل أن تبدأ اساسا.


    وينطبق نفس الحال على بقية مرشحي الحزب الحاكم في مختلف المواقع والمستويات، مثل الولاة والمعتمدين والوزراء والمستشارين وغيرهم. فهؤلاء يتصرفون بازدواجية واضحة بين وضعيتهم الانتخابية باعتبارهم منافسين لآخرين من خارج حزبهم، وبين وضعيتهم بصفتهم نافذين في السلطة والدولة. وهناك شواهد وأمثلة في كل مكان على هذا الخلل الكبير. مثلا ما حدث للسيد/ حامد محمد علي المرشح المستقل لمنصب الوالي بالبحر الأحمر، حيث قامت السلطات الامنية بفض مسيرة لمناصريه «سلمية» بمدينة بورتسودان مستخدمة الغاز المسيل للدموع واعتقل العشرات منهم، بينما سمحت ذات السلطات الأمنية لمسيرة مماثلة لمناصري الوالي المترشح لمنصب الوالي عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم محمد طاهر ايلا، تقدمتها «اي المسيرة» عربات التشريف تحت حماية القوات النظامية، دون ان تشهد اي اعتراض من قبل السلطات. رأي الشعب 20/1/2010م العدد 1372 والتيار 22/1/2010م العدد 154.


    وقد سبق والي البحر الأحمر مرشح حزب المؤتمر الوطني لمنصب الوالي بولاية القضارف كرم الله عباس، الذي في معرض تناوله لبرنامجه الانتخابي امام حشد في ميدان عام قال عن قضية المياه انه تحدث مع رئيس الجمهورية ووجه بدوره «مشكورا!!» وزارة المالية الاتحادية بدفع مقدم الشركة الصينية 10% بما يعادل «6.8» ملايين دولار لتنفيذ المشروع في 36 شهرا، كما «بشَّر» المواطنين بقيام سد ستيت الواقع بين ولايتي كسلا والقضارف، وقال بدأت فعليا الدراسات الاولية فيه. اخبار اليوم 14/1/2010 العدد 5486.
    وفي الولاية الشمالية شنَّ أحد المرشحين المستقلين بالدائرة «5» للمجلس الوطني بمروي، هجوما عنيفا على مرشح المؤتمر الوطني بذات الدائرة صلاح قوش المدير السابق لجهاز الأمن الوطني ومستشار رئيس الجمهورية للامن، متهما اياه بمخالفة اللوائح وتوجيهات المفوضية القومية للانتخابات، ببدء حملته الانتخابية قبل الموعد المحدد. وانه جاء الى مروي بطائرة حكومية ما يؤكد انه يستغل موارد الدولة ووسائلها في حملته هذه. رأي الشعب 4/2/2010م العدد 1387.



    وتنطبق هذه التجاوزات وتزيد في كل المناطق التي شملتها العملية الانتخابية، ما بين ازدواجية الاحتفاظ بالمنصب العام واستغلاله للدعاية والكسب الانتخابي واستخدام امكانيات الدولة لخدمة الاجندة الانتخابية لعناصر المؤتمر الوطني مثل السيارات والعقود والسائقين والاعلام وصلاحيات المنصب الرسمي وعلاقاته وهكذا.
    وكل ما يحدث يدعم المزاعم العديدة التي ساقها معارضو حزب المؤتمر الوطني حول التزييف والتزوير وتأسيس العملية الانتخابية برمتها على تضليل في البيانات ابتداءً من الاحصاء السكاني قبل سنتين. وتدعم ايضا مزاعمها حول عدم حيدة الاجهزة التي شكلتها حكومة المؤتمر الوطني منفردة، وحول انحيازها الصريح لصالح الاخير. وقد ظهر ذلك بشكل اوضح في ولاية كردفان، حيث حملت الحركة الشعبية المفوضية العليا للانتخابات مسؤولية اية توترات قد تحدث بين الشريكين بالولاية بسبب السجل الانتخابي. وقال عبد العزيز الحلو نائب الوالي «حركة شعبية» في مؤتمر صحفي عقده بالخرطوم، إن المفوضية لم تستجب للشكاوى ولم تكترث للطعون التي تقدمت بها الحركة حول السجل الانتخابي بالولاية الذي وصفه بالمعيب ويحمل كثيرا من التجاوزات والتزوير، مؤكدا مقاطعة مجلس التحرير الثوري بالولاية للانتخابات اذا لم تُعالج التجاوزات. رأي الشعب 24/1/2010 العدد 1376. وقد سحبت الحركة الشعبية جميع مرشحيها بجنوب كردفان فعلاً.


    وسبق لياسر عرمان أن صرح بأن المفوضية القومية للانتخابات تجاهلت طعون القوى السياسية ومذكراتها حول التجاوزات، مؤكدا ان القوى السياسية طالبت بالغاء منشور تسجيل القوات النظامية، حيث لا يحق لها ذلك دستوريا، فيما قال صديق يوسف رئيس لجنة الانتخابات بالحزب الشيوعي إن ما يحدث من تجاوزات في التسجيل يمثل خرقا واضحا ويشير الى امكانية حدوث تزوير مبكر، اما كمال عمر، الامين السياسي للمؤتمر الشعبي، فقد ذكر أن ضباط صف وجنود القوات النظامية رفضوا إبراز هوياتهم لمناديب القوى السياسية، مؤكدا ان عملية التزوير باتت واضحة. رأي الشعب ـ 17/11/2009م العدد 1314.



    وبأخذ الوضع القائم في دارفور في الاعتبار مما هو عليه من عدم استقرار امني وهجمات حتى على معسكرات النزوح وتجدد الاشتباكات بين الحركات والقوات الحكومية، او بين الحركات بعضها البعض، مأخوذا ذلك مع مساعي البحث عن حل جذري للمشكلة ينزع الفتيل من هناك، فإن اجراء انتخابات بدون دارفور او باوضاعها المعروفة، وبدون جنوب كردفان بازمتها المتجددة، يعني أن العملية الانتخابية سوف تكون محصورة في مناطق محددة ومحدودة من السودان. هذا اذا افترضنا «جدلا» سلامة العملية واجراءاتها في بقية مناطق السودان، وهو افتراض نظري من أجل الجدل فقط. وحقيقة الأمر أن ما اوردناه من تجاوزات من حيث الاحصاء او تصميم الدوائر او تجاوزات السجل ينطبق على كل مناطق السودان. فقط اوردنا ما اوردناه كأمثلة. فحالات التزوير كثيرة وعديدة تعمدت المفوضية تجاهلها او سفهها لمصلحة المؤتمر الوطني بوعي كامل. وكل حالات التزوير التي ضبطت منسوبة لحزب السلطة وحده، حيث لم يرد ذكر لاي حزب آخر في تلك التجاوزات.



    واذا اضفنا الى كل ذلك مناخ الحريات المنعدمة والقبضة الامنية «الموالية» بشكل واضح والمضايقات ومصادرة ممتلكات الاحزاب، وعدم حيادية القائمين على اجهزة الاعلام الرسمي، فإننا نخلص الى ان ما يُراد له ان يكون احدى آليات تحقيق مطلب التحول الديمقراطي غير متوفر اطلاقا. فهذه الانتخابات هي تمثيلية أكثر من أي شيء. والذين يروجون لها او يشاركون فيها أشبه بمن يطلق الشائعة كي يجري خلفها. فالانتخابات بصورتها هذه هي كذبة أبريل القادمة، لأنها لم تتوفر فيها ابسط شروط النزاهة ولا شروط المنافسة الشريفة المتكافئة.
    اما ما يتعلق بالدعوة للابتعاد عن الشتائم والمهاترات، فإن الاولى برئيس المؤتمر الوطني أن يوجه الحديث الى مرشحي حزبه دون غيرهم، فقد جاء في الأنباء أن قيادات القوى السياسية المعارضة بمنطقة أمري تعتزم مقاضاة الفريق «م» صلاح قوش على خلفية توجيهه شتائم مباشرة للمؤتمر الشعبي والحركة الشعبية وصفهم فيها بـ «العواليق» بعد أن أفلس في مواجهة الانتقادات التي وجهت له من أبناء أمري في لقاء انعقد بالمنشية يوم الجمعة 5/2/2010م. رأي الشعب العدد 1389.



    بقي أن نقول ان الانتخابات بطريقتها هذه لا تخدم مطلب التحول الديمقراطي، بقدر ما توذيه، لانه تضليل للناس بأن هناك انتخابات، بينما الذي يجري ما هو اكثر من مراوغة ومناورات ليس اكثر. ففي كل الدنيا ومن خلال تجربة أهل السودان في اكتوبر 1964م ومارس/ابريل 1985م، فإن قيام انتخابات حرة ونزيهة يشترط تشكيل حكومة قومية انتقالية لفترة محددة وظيفتها الاساسية الاشراف على الانتخابات وتسليم السلطة للحكومة المنتخبة اما ديمقراطية جماعة «الإنقاذ؟!!» التي ينافس فيها القابضون على السلطة بكل امتيازاتها القابضين على الجمر بكل عذاباتهم، فإنها لا يمكن ان تكون ديمقراطية.
    ويلفنا الاستغراب من مشاركة شخصية مثل الإمام الصادق المهدي رئيس الوزراء الذي جاء بديمقراطية صحيحة في مثل هذه التجربة الشائهة المشوهة؟! ما الذي يريده الصادق المهدي بالذات؟ وماذا يتوقع من هكذا ديمقراطية؟



    فمجرد تنازل الصادق وحزبه عن شروط إقامة انتخابات نزيهة ومبرأة من الشبهات تؤسس لعودة ديمقراطية حقيقية.. يعني ذلك اقرارا منه بصحة كل ما مُورس ضده وضد حكمه وحزبه خلال العشرين عاما الماضية ابتداءً من 30 يونيو 1989م. ما الذي يبرر المشاركة في تجربة اتفقنا جميعا على انها مشوهة، وان شروط نجاحها غير متوفرة، وانها تزييف لإرادة الشعب، وتغبيش للحقيقة، وتزيين للديكتاتورية بمساعدتها على خلع البزة العسكرية ولبس ثوب مدني؟!


    الصحافة ش
    18/2/2010
    ش
                  

02-18-2010, 03:43 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9517
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الخميس 18-02-2010
    : مسالة

    مؤتضى الفالى



    : إذا تناول الناس الجريمة البشعة باغتيال طالب التربية قال بعض الناس (حذاراكم من تسييس القضايا).. طيب نحن هنا في وجه هذه المأساة الأليمة والجريمة بالغة البشاعة لا نريد أن نتحدث عنها يا سادتنا من باب المزايدة السياسية؛ فهل من حقنا أن نتحدث عنها ونلفت النظر إلي خطورتها من غير الاتهام بالتسييس من الناصحين المشفقين على المؤتمرالوطني؟؟! وهل يمكن أن نطالب بالعدالة، وان نلفت النظر إلي الدم المسفوح الذي تخضّب به هذا الشاب الذي كان مرتجى أهله وأبويه وجامعته وبلاده... قبل أن يصدر قرار من (نيابة ما) ليحظر الحديث عن هذه الكارثة التي اختار لها القَتَلة بداية حملة الانتخابات (الحرة النزيهة)...!


    من قال إن الناس ينحازون لقتل الغيلة والغدر حسب اللون السياسي؟ هذا هو الكلام (المعووج الملفوف)الذي يريد دغمسة القضية والذي يريد- بعد أن تم اغتيال طالب التربية- اغتيال القضية ذاتها، والتغطية علي الجريمة البشعة التي وقعت في (عاصمة النور الخرطوم)..وذلك لحسابات سياسية عرفناها من جماعة العنف ....وهنا لا نتحدث عن العنف الطلابي العشوائي ولكن عن (الجريمة المنظمة) التي يملك من يقومون بها البكاسي والتكاسي والسيارات المظللة وغير المظللة، علاوة على (قوة العين) والحماية التي يستشعرها القتلة وتجعلهم يتمهلون قبل القتل، ويمارسون التعذيب البطئ ،ثم يخرجون للشارع آمنين مطمئنين ويلقون جثمان الضحية بين الأحياء المأهولة بكل الثقة و(المهلة)...!


    هذه الحادثة يجب أن تكون شغل العدالة الشاغل و(قضية الوطن الأولى) فإن السماء والأرض يرتجّان لقتل نفس واحدة بريئة.. ولا يحق لأحد أن يحاول التقليل من شأنها أو أن يحاول ركنها مع عشرات من أمثالها ذهبت بدون عقاب.. ولو كان هناك عقاب على مثيلاتها لما تجرأ الذين قاموا بها على اقترافها بالاختطاف وبكل هذه الوحشية وبممارسة التعذيب قبل الاغتيال بكل دم بارد،...فهل يسكت الناس عنها؟ ثم إذا تحدثوا قال لهم أدعياء النصح: انتم تريدون استغلال الجريمة سياسياً..؟!
    ولماذا لا تكون الوتيرة أسرع في القبض على الجانين في جريمة وقعت وسط العاصمة، ولا يمكن أن يكون الفاعلين بعيدين عن متناول الأيدي لأن القرائن موجودة، والعيون ترى، والساحة التي تضم القتلة والمغدور معلومة ومعروفة..؟!


    خالص التعازي الحارة لأهل الطالب المغدور، وللسودان، وللفجر الذي كان يتطلع له هذا الفتى التي شطبت الأيدى الآثمة طموحاته وأحلامه.. وما زلنا ننتظر القبض العلني المشهود على المجرمين حتى لا يصبح الإفلات من العقاب هو الهدف الذي يغطي نشاط الناشطين في هذا البلد المنكوب.. وإنا لله وإنا إليه راجعون ...وصبراً آل موسى....!!
                  

02-19-2010, 09:29 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    أمن الدولة ودولة الأمن
    عبد الوهاب الافندى


    (1) هنالك مقولة مشهورة لأحد رواد الطب الحديث ملخّصها أن أول واجبات المستشفيات؛ ألاّ تسبِّب المرض لمن يدخلها. ويمكن نقل هذه المقولة إلى مجال الأمن، إذ إن أوجب واجبات الأجهزة المناط بها حفظ الأمن؛ ألاّ تصبح أحد عوامل زعزعة الأمن في الدولة.


    (2) لا أحتاج هنا إلى تكرار؛ ما وجَّهتُه سابقاً من انتقادات لممارسات الأجهزة الأمنية في السودان؛ منذ بداية عهد الإنقاذ، وهي ممارسات أصبحت أكبر عبء على الدولة، بحيث أن جُلَّ ما وُجِّه إلى النظام من نقد لا يكاد يتجاوز ممارسات، وتجاوزات الأجهزة الأمنية. إذ قُلت حينها أن الدولة بأكملها تحوّلت في نهاية الأمر إلى جهاز علاقات عامة لجهاز الأمن، تنفق قسطاً كبيراً من جهد، وسمعة مسؤوليها، ورصيدها الأخلاقي لتبرير سقطاته.


    (3) وما يزيد الطين بلة؛ أن معظم التجاوزات لم تكن مبرّرةً حتى من منطق أمني. فمعظم من اعتقلوا، وأسيئت معاملتهم؛ تم إطلاق سراحهم بعد وقت لم يطُلْ، واتّضح فيما بعد أن اعتقالهم لم يكن مبرراً في الأصل، ولم يعزّز أمن النظام؛ بل على العكس منح خصومه ذخيرةً وافرةً لقصفه، وحوّل المعتقلين إلى أبطال. وعليه فقد تحوّلت الأجهزة الأمنية بدورها إلى أفضل جهاز علاقات عامة للمعارضة.


    (4) العقلاء من قادة أجهزة الأمنية(وهناك عقلاء في هذه الأجهزة على الرغم من الدلائل المتواترة عن العكس)؛ كانوا أول من اعترف: أن تنامي دور الأجهزة الأمنية- هو في نهاية الأمر- انعكاس لفشل أجهزة الدولة الأخرى في القيام بواجبها. فتكليف أجهزة الأمن ملاحقة المعارضين؛ هو صدىً لفشل الحزب الحاكم في توسيع شعبيته، وتكليفها ملاحقة أصحاب التجاوزات المالية، والاقتصادية؛ نتيحة لفشل السياسات الاقتصادية، وعجز الأجهزة القانونية.


    (5) لا يخفى أن أكبر أزمة تواجه البلاد اليوم، ألا وهي قضية المحكمة الجنائية، هي بدورها انعكاس لفشل مزدوج للأجهزة، والمؤسسات الأمنية؛ التي فشلت في التصدّي للتمرّد المسلّح في دارفور عسكرياً، فسعت إلى تغطية الفشل بما هو شرّ منه، ومن ثمّ حمّلت الدولة عقابيل الفشل المزدوج من سمعتها، واستقرارها، ومواردها.

    (6) الدافع إلى استذكار هذه الحقائق؛ هو مأساة مقتل الطالب محمد عبد الله موسى بحر الدين بعد اختطافه من قبل مجهولين من مكان دراسته في كلية التربية في جامعة الخرطوم الأسبوع الماضي. ويقول زملاء الفقيد أن جهات يُعتقد أنها تتبع للأجهزة الأمنية؛ اقتادته من داخل الكلية الواقعة في شمال أم درمان، إلى جهة مجهولة قبل أن تُكتشف جثته- في اليوم الذي يليه- ملقاةً في مدرسة، وعليها آثار تعذيب. وتنفي السلطات أي صلة لها بما حدث للطالب؛ المعروف بانتمائه لحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور، وتتهم المعارضة بمحاولة استغلال الحادث لأغراض سياسية.


    (7) ولعل رواية الجهات الأمنية تكون أقرب إلى التصديق؛ لولا أنها تصرّفت كما لو كانت مسؤولة عن الحادث؛ وذلك حين تدخّلت إلى منع أسرة الفقيد من الحصول على تقرير المشرحة عن حادث القتل، وأرسلت قوات أمنية كبيرة لتطويق موكب جنازة الفقيد، وفرض دفنه في مكان حدّدته خلافاً لرغبة أسرته. وكما هو الحال في دارفور، فإن مثل هذا التصرّف على طريقة؛ يكاد المريب أن يقول خذوني؛ ما يكون أدعى للمساءلة، والانتقاد؛ إن كانت هذه الأجهزة بريئةً من التهم الموجهة إليها.

    (8) إن أوجب واجبات أجهزة الدولة من أمنية، وقانونية؛ حين تقع جريمة بشعة مثل جريمة خطف، وقتل مواطن في قلب العاصمة السودانية؛ هو أن تعلن عن حالة استنفار لملاحقة الجناة، وأن يكون انحيازها كاملاً للضحايا وأسرهم؛ لا أن تضع نفسها في مواجهة مع الأسرة؛ كما يحدث الآن.


    (9) لا يختلف الأمر لو كان الجناة من منسوبي الأجهزة الأمنية، بل بالعكس يكون الأمر أعظم، لأن الجريمة في هذه الحالة لا تكون فقط جريمة في حق الفقيد وأسرته، بل في حق الدولة، والأجهزة المعنية. فليس من مهام الأجهزة الأمنية خطف وقتل المواطنين الأبرياء، وإنما مهمتها حفظ أمن جميع المواطنين، حتى المتهمين منهم بأفظع الجرائم، إلى أن يسلّموا إلى القضاء كي يقول فيهم قوله.


    (10) وبالقطع ليس من مهام أجهزة الأمن زعزعة أمن النظام، ونشر البلبلة في أوساط الناس. ولا يمكن أن يكون هناك توقيت أسوأ لارتكاب تجاوزات من هذا النوع –إن صح أن هناك دوراً لمنسوبي الأجهزة- إذ البلاد مقبلة على انتخابات تُركّز أنظار العالم على البلاد، ويريد المؤتمر الوطني الحاكم أن يدافع فيها عن سجلّه، ويطمئن المواطنين على أن عودته إلى الحكم؛ لا تعني العودة إلى ممارسات الماضي القبيحة.


    (11) كنا نتشكّك دوماً؛ أن الأجهزة الأمنية السودانية مخترقة على أعلى المستويات من قبل جهات معادية للنظام، وإلاّ فكيف يمكن تفسير توقيت مثل هذه الأعمال؛ التي تخلق البلبلة، وتضرّ بمصلحة الحزب الحاكم في أحرج الأوقات، وهي أمور تكرّرت كثيراً؛ كما فصلنا في غير هذا المكان. هذا إن ضربنا صفحاً عن سجل طويل من الممارسات التي لا توفر للنظام أمناً، بل تزعزع استقراره- كما حدث في دارفور-، وغير دارفور(أمري، كجبار، بورتسودان، ... إلخ، والقائمة تطول).


    (12) إن أضعف الإيمان في مأساة الطالب بحرالدين؛ أن يُقال أن البلاد أصبحت فوضى؛ تفتقد أبسط مقومات الأمن، بحيث تختطف جهات مجهولة الناس في رابعة النهار، ومن حرم جامعي في قلب العاصمة السودانية، ثم تلقي جثثهم في العراء بعد تعذيبهم. وهنا أيضاً يرتفع سؤال: أين هي الأجهزة الأمنية، وما هي فائدتها، خصوصاً بعد القوانين المثيرة للجدل التي منحتها سلطات واسعة، وبعد أن أُغدِق عليها من موارد؟ ففي الحالين نريد أن نرى مساءلة، وتحمّلاً للمسؤولية ممّن حمّلوها أنفسهم، وصدق الله العظيم، فكم كان الإنسان ظلوماً جهولاً؟.


    التيار
    19/2/2010
                  

02-20-2010, 02:46 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)


    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9563
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : السبت 20-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : ...(لو لدينا فرد أو زول واحد حرامي حنشنقوا) هذه الكلمة المأثورة قالها أمس الأمين السياسي للمؤتمر الوطني... وأنا أكاد اجزم (والله من وراء القصد) أن كل من سمعها لا شك إما أن (استلقى على قفاه) مصاباً بنوبة من الضحك الهستيري، أو انه تصنّع الوقار وكَتَمَ ضحكة ملعلعة تقرقر في أعماقه، أو انه ترّحم بكل جدية على زمان المصداقية والأمانة والضمير
    السياسي، أو انه ظنّ أن هذا الكلمة قيلت في (مسرحية فكاهية) تعيد عن طريق التصوير الفني في مسرح مفتوح يضج بالمشاهدين ما فعله المؤتمر الوطني وقياداته بالسودان...!! أو لو سمعها (مؤتمرجي ناصح) لأشفق على عدم الذكاء الذي يجعل قيادات حزبه تقترب من (منطقة ملغومة) بإطلاق مثل هذه العبارات المحرجة التي لا يمكن تصديقها والتي تضر ولا تنفع المتحدث بها ولا الجماعة المُشار إليها.. أو لو كان الشخص سامع العبارة من أساتذة وخبراء العلوم السياسية لتحدث إلي نفسه عن (جليطة) مثل هذا التصريح لأنه يفارق المألوف بقوة و(يخالف المعروف).. بإعتبار أن الحديث السياسي الحصيف ينبغي أن يبتعد عن المجالات التي تتجلّى فيها عورات الحزب السياسي بصورة واضحة،حيث المفارقة كبيرة، ولصعوبة محاولة تبرئة ما لا يمكن تبرئته، أو الدفاع عن القضايا الخاسرة المعلومة لكافة أفراد الشعب لأن ذلك يجلب السخرية على القائل وعلى حزبه، أكثر ما يجلب القناعة بطهارة أيادي وذمم جماعته..!!



    كذلك لو سمع هذا التصريح جماعة من الذين يعرفون عالم المال والتوكيلات والعقارات والأرصدة والبنوك واقتناء الفيللات والقصور والبنايات في عواصم الدنيا لقفزت في رؤوسهم عشرات الأسماء التي خرجت من العدم إلي دنيا المليارات... ولو سمع هذا التصريح تلاميذ المدارس أو شباب الجامعات الذين يعرفون زملاءهم الطلاب أصحاب المليونات والسيارات الفاخرة الذين لم يزاولوا في حياتهم عملاً غير سرقة النقابات والاتحادات لتعجبوا من (تصريح الشنق).. كذلك الحال لو سمعت به أي شريحة مواطنين تسير في أي شارع، أو مزارعين في مشروع الجزيرة، أو نزلاء في سجون، أو لو سمعت به نساء المنازل المكافحات اللواتي يتجمعن حول بائع الخضار لأصبح تصريح الأمين السياسي (نكتة ذلك الصباح)..!!



    ولكن المشكلة الأكبر في هذا التصريح تنسحب على قيادات حزب الأمين السياسي الأكثر خبثاً ومعرفة بكيفية التصريحات.. فلا شك أنهم غضبوا من تصريح أمينهم السياسي لأنه يعرّض الحزب للسخرية ولا يجلب له المناصرة أوالبراءة.. وربما يتم استدعاء الأمين السياسي وتوبيخه بألا يتعرّض بالدفاع عن الحزب ومنسوبيه عبر هذه السكة التي (تودي ولا تجيب).. لأنه يكشف المستور بصورة لافته غير حكيمة.. ويضحّك عليهم الناس، ويصبح كمن يحاول تغطية فيل آسيوى بواسطة (كيس مخدة)...!!!



    -----------------------------------
    وقال الاستاذ مرتضى ساخرا من كذب اهل الانقاذ وفسادهم الذى لن يصدقه عقل من تنوعه وحجمه الهائل ما يلى

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9578
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : السبت 20-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : ...حكومة الإنقاذ أنقذتنا من أمواج الهجرة المليونية للخارج؛ الهجرة بكل أنواعها: هجرة اليأس، والهجرة الأبدية، والهجرة من اجل اللقمة، والهجرة من اجل إعاشة الأهل، و(الهجرة الناقمة) والهجرة القسرية والطوعية، والهجرة من أجل العلاج، والهجرة من اجل الزواج، والهجرة بسبب العطالة، والهجرة هرباً من الملاحقة والتعذيب، والهجرة من الهوان، و(الهجرةمن اجل غسيل الكلي) والهجرة بسبب الاحتكار وانسداد المنافذ، والهجرة منعاً لاستئساد الجرذان والبغاث، والهجرة خوفاً على النفس، والهجرة خوفاً على الوطن، والهجرة خشية على الأبناء من فساد المناخ و(قلة القيمة) والهجرة من أجل الحرية..وأنقذتنا الإنقاذ من النزوح الداخلي حتى لا يصل إلي أكثر من مليوني مواطن خارج مساكنهم، وأنقذتنا من الايدز والفشل الكلوي وتفشّى السرطانات، وأنقذتنا من غلاء المعيشة، وأنقذتنا من الجبايات العشوائية، وأنقذتنا من طوابير المتسولين الذين كانوا يسدون طرقات المدينة والأسواق ومنافذ المواصلات، وأنقذتنا من التشرّد الذي يدفع آلاف الصبايا والصبيات إلي حياة المجاري والشوارع الخلفية، وأنقذتنا من تفشّي ظاهرة اللقطاء و(الزواج الخفي والعرفي) وأنقذتنا من ارتفاع نسبة الفساد، وانهيار المؤسسات، وأنقذتنا من غياب الشفافية، ومن سرقة المصارف، ومن التعدّي الفاضح الداعر على المال العام، ومن إظلام مشاعل الريف، ومن (تشميع الزراعة والصناعة) ومن انهيار التعليم، ومن وحشة المدارس والعجز عن إجلاس الطلبة والطالبات، ومن ألغام الرسوم الدراسية المجنونة التي ابهظت كاهل أولياء الأمور، وأنقذتنا كذلك من انهيار السكة حديد، ودلالة مراكز الأبحاث الزراعية، وبيع الإدارات الهندسية، وتدمير مشروع الجزيرة، ومن تحطيم النقل الميكانيكي والأشغال العامة والمخازن والمهمات والنقل النهري، وأنقذتنا من غموض الميزانيات، وتقسيم أموال الدولة بين الوحدات الغامضة والوزراء المتنفّذين، وأنقذتنا من تشريد وتهجير المواطنين في الصحاري وإنكار حق الأهالي في أراضيهم، وأنقذتنا من القبلية القبيحة، وأنقذتنا من التعذيب في الأمكنة المجهولة، وحمت أبناءنا من الخطف والتشويه والقتل والإلقاء بهم في مواطن القمامة والخيران، وأنقذتنا من الفقر الذي كان يتقدم نحو نسبة (التسعين في المية) وأنقذت سمعتنا الإقليمية والعالمية، وأنقذتنا من المحسوبية والرشوة، ومن تمكين المحاسيب والزوجات والأبناء والأشقاء والأصهار من أموال الدولة، وحافظت على عدالة التوكيلات والعطاءات والمقاولات، وحافظت على سلامة خدمتنا المدنية، وأنقذت نظامنا العدلي من التسييس والتدخل التنفيذي، و(منعت الدولار أن يصل سعره 25 جنيها).. وأنقذتنا من اغتيال المواطنة والكرامة البشرية، وأوفت بحقوق الإنسان، وجعلت الحكم ميسماً للطهارة والنزاهة.... فكيف يتردّد الناس في التصويت لصالح المؤتمر الوطني...!!
                  

02-20-2010, 03:01 PM

عبد الناصر الخطيب
<aعبد الناصر الخطيب
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 5180

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    أستاذنا / الكيك


    تشكر للقراءات الجادة في واقع الحال


    قبل مدة كان هناك شبه اتفاق أنو الانتخابات حتكون بمرشح واحد للقوي السياسية ضد مرشح المؤتمر الوطني
    بقدرة قادر بقوا 12 - 13 مرشح وده في تصوري البداية الغلط للمعركة الانتخابية وأمال الناس إنها تؤدي للتغير




    *
                  

02-20-2010, 08:17 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: عبد الناصر الخطيب)

    الاخ عبد الناصر
    تحياتى
    كما تعلم انا اعتقد وكما عبرت خلال بوست خاص هنا ان الانتخابات التى تجرى الان وتحت لجنة الانتخابات الحالية والقوانيين المقيدة للحريات هى الفتنة التى سوف تذهب بريح السودان ..
    ولكن اتصل بى اخوة اعزاء من احزاب مختلفة بانهم متفقون معى فى بعض ما طرحت ولهم وجهات نظر احترمها اهمها بان الانتخابات فرصة للوصول الى الجماهير وتوعيتها بما حدث ويحدث فى حكم الانقاذ للوطن وتنويرهم بتفاصيل مهمة واحتمال عدم مشاركتها فى الوقت الاخير وارد ..

    اشكرك وتواصل معى
                  

02-21-2010, 10:11 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الانزلاق
    الكاتب/ أفق بعيد: فيصل محمد صالح
    Sunday, 21 February 2010


    الانزلاق نحو لغة التهاتر شئ متوقع في موسم الانتخابات، وربما غير المتوقع هو ألا نتوقع مثل هذه "الفاولات"، فقد حدثت من قبل في انتخابات سابقة، وقد تحدث مستقبلا، لكن المهم أن تكون هناك وحدات لإطفاء الحرائق في الأحزاب والإعلام تعمل من أجل وقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع.
    من بين أمثلة الانزلاق ما ورد على لسان أخينا الأكبر الأستاذ فتحي شيلا، أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني، في دمغه للسيد مبارك الفاضل بالخيانة، وهو اتهام ثقيل وصعب التقبل، لكن المؤسف أكثر أن يأتي من شيلا تجاه الفاضل، وهما رفقة عمل معارض لسنوات طويلة.

    يعلم السيد شيلا أن مجرد مفارقته للحزب الاتحادي والاتجاه نحو الوطني ستفتح عليه أبواب كثيرة وتجعله تحت العين، ثم إنه لم يفارق حزب لحزب آخر..فقطن لكنه فارق حزب المعارضة المتخندق في هذا الموقف لمدة عشرين عاما نحو حزب الحكومة الممتلئ الجيوب،وهذه أيضا ستجعله عرضة للاتهام السهل. لذلك كان عليه أن يتوخى الحذر في تحركاته وتصريحاته، لأنها ستتعرض للتفسير المتعسف في ضوء الحقائق التي ذكرناها، فما بالك بالاتهامات الواضحة عسيرة الابتلاع.
    مفارقة الشخص حزبه القديم لحزب آخر في المعارضة ربما تعتبر نقل للبندقية، بالمعنى المجازي، من كتف لآخر، وإذا كان الحزبان في الحكومة فربما تعتبر استراحة محارب أو تغيير لصهوة الجواد لمواصلة نفس الرحلة، أما الانتقال من حزب المعارضة لحزب الحكومة فأسهل تفسير لها البحث عن المغانم واستصعاب مراحل الشدة والتضييق إلى مسارح النعمة واللقمة الهنية. ولكي يثبت الشخص أنه لم ينتقل للحزب الحاكم للأسباب التي تتبادر في الذهن، يحتاج لجهد كبير ليثبت مبدئيته وأصالته، وعدم تنكره لما ظل يؤمن به من قيم ويدعو له من مبادئ، وإنه إنما وجد تجسيدا لها في الحزب الحاكم.
    واخطر ما يقع فيه المرء من مزالق هو أن ينقلب على تاريخه وعلى زملاء نضاله ورفقه السلاح، وربما يكون وضعه في هذا الموقف هو رغبة قيادة الحزب الجديد، لكنها ستكون في نفس الوقت بداية النهاية لشخصيته السياسية وربما حرقه، ولن يسمع عندها سوى عبارات "التركي ولا المتورك" أو مصطلح "النائحة المستاجرة" كما قال رد حزب مبارك الفاضل.
    وعندما خرج السيد شيلا من الحزب الاتحادي، وقبل ذلك بسنوات، كانت شكواه تنحصر في انعدام المؤسسية وغياب الديمقراطية الداخلية وسيطرة الفردية على الحزب، لكنه لم ينتقد مواقف المعارضة التي كان جزءا أصيلا منها واحد صانعيها، ولم يقل انه اكتشف أن المؤتمر الوطني هو واحة الديمقراطية وجنة النعيم، لكنه ربما وجده إطارا مناسبا للعمل من خلاله، وكفى.
    فليذكر السيد شيلا للسيد مبارك الفاضل بعض محاسنه عندما عملا سويا في التجمع الوطني، وليفعل ذلك مع بقية زملائه الذين فارقهم، وسيجد أنهم يفعلون نفس الشئ عندما تمر سيرته على أسماعهم، وسيذكرون له رفقة النضال والعمل المشترك في سنوات صعبة، وربما يكونون أكثر تفهما لخطوته بالانتقال لمكان آخر، هذا الوضع سيكون أفضل بكثير من خطوات الانزلاق الذي لا نعرف بالضبط عمق هاويته.

    الاخبار
                  

02-21-2010, 02:34 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : نسمع شعاراتكم في الحملات الانتخابية كل يوم.. لكن لسان حال المواطنين يقول: انتم والله ناس سلطة وكراسي واحتكار ولا تهمكم قيم الدين في الرحمة والعدالة والمساواة والإنصاف والزهد عن ما في أيدي الناس، ولكن تهمكم السلطة وما وراء السلطة...

    والله شاهدهم على ما يقولون.. فلا تقولوا عكس ذلك بالادعاء أنكم حريصون على شعائر الدين فهذا (اثرفأسكم على الرؤوس) وهذا هو كتابكم على مدار الأعوام التي سوّدتم فيها حياة البلاد وأظلمتم نهارها واغطشتم ضحاها....

    فكيف تقولون عكس ما يراه الناس؟؟ فهل هي صدفة أن يهبط الثراء على أي أحد منكم، سواء كان وزيراً أو في منصب كبير (بحجم عائلي) أو متوسط أو صغير أو على مستوى اللجان الشعبية أو الهيئات الرياضية أو الاتحادات الطلابية فلا يراه الناس إلا وهو (مخنوق بالمال) و(الثروة الناشزة) والأراضي والدور والعمارات التي تطل بأعناقها والاستبداد على خلق الله... ثم تقولون أنكم لا أهل سلطة ولا جاه و(هي لله هي لله)..!!


    هذه (فرية مزدوجة) عقوبتها (دبل) في الدنيا والآخرة... فما ابأس الذي يفتري على الله الكذب...يأكل ويحتكر ويتسلط ولا يراعى العدالة بين عامة الناس وبين أهل الحزب والأقارب، ثم يرفع عقيرته لينسب ما يفعل لله عز وجل، ولا يخاف من الحق سبحانه وتعالى، فهو يقوم بأفعال يعلم إلي أين يذهب ريعها ولكنه يقول (أنها لله) وهو يعلم أنها (لجهات أخرى)....!!


    مثل هذه الجرأة لا يستطيع إتيانها عتاة الطغاة المنكرين المتجبرين الذين عرفهم التاريخ ينسبون المظالم لأنفسهم ولا ينسبونها لله،... ولو علم هؤلاء الجماعة فداحة هذا الجرم بتكرار هذا النداء لتراجعوا عن ترديده في التو واللحظة وبحثوا عن شعار آخر لا تتم فيه خديعة الناس بالكذب والافتئات على خالق الكون الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور...!!


    لا لا انتم والله أهل سلطة وأهل مصلحة شخصية حزبية فئوية وأهل ثروة، وهذا ليس من الرجم بالغيب فالناس لها عيون، وتعرف ماذا فعلت السلطة بـ(فقراء الأمس) الذين كانت مواعينهم تفرغ قبل بلوغ الشبع، والآن أصبحوا من أهل (الخز والديباج) يعيشون في وادٍ والناس في واد آخر من الكدم والعدم.... فهل بلغت غفلتهم و(حسن ظنهم) ببلاهة الجماهير الدرجة التي يظنون فيها أن الناس لا يعرفون من هم أغنياء اليوم؟ وكيف أصبحوا أغنياء؟ ومن هم أصحاب الثروات والعمارات في الداخل والخارج؟ وكيف تمت المزاوجة بين الوظيفة العامة والعمل في التجارة والتوكيلات والعطاءات والعقارات ؟؟!



    لا لا لا والله انتم عكس ما تقولون... فقد طالت بكم السنوات.. و(انحسر الجليد عن اللافتات).. وذابت ثلوج الشعارات بسبب الانبعاثات الحرارية في طقس السودان.. وظهرت أنياب المصلحة الدنيوية العضوض ..!!
    اجراس الحرية
    21/2/2010
                  

02-22-2010, 04:04 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9660
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الإثنين 22-02-2010
    مسالة

    مرتضى الغالى

    : مرشح المؤمر الوطني لرئاسة الجمهورية خرج عن النص (مرتين) الأولى عندما قال في تدشين حملته الانتخابية: نحن نعمل ليوم الحساب (وهو يقصد يوم القيامة) ولا نعمل ليوم اعلان نتائج الانتخابات....!! وقد رد عليه في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية رجل ذكي من أهل السودان لا تفوت عليه مثل هذه
    العبارات التي تريد (تنويم الناس في الخط) بالشعارات الدينية التي تستخدم في غير سياقها، وقال في كلام جميل قاطع: إن الانتخابات نظام ابتدعه المجتمع البشري خلال مسيرته الطويلة لكي يحسم من خلاله مسالة الصراع على السلطة، وهو بالتالي نظام محاسبة آني دنيوي بشري يتيح للمجتمع أن يختار من يحكمه عبر آليات محددة متفق عليها (الأحزاب، البرامج السياسية، الدعاية والإعلام، الاقتراع، النزاهة، التبادل السلمي للسلطة، الالتزام بالدستور..الخ والشعب السوداني يعمل لمحاسبة الرئيس الآن وفوراً لأن حساب الآخرة تتكفّل به عدالة الله سبحانه وتعالى..!! - انتهى-



    نعم والله يا صاحبي إن الناس لا تمر عليهم مثل هذه الفخاخ والشراك التي تريد أن تتذرّع بنقل الممارسة والمحاسبة السياسية إلي (جوف الضباب) والي رحلة غامضة ( رحلة بين طيات السحاب) والي إضفاء أجواء القداسة على البشر وعلى المهام الدنيوية...!! وأكثر ما عانت منه البشرية طوال تاريخها قول الحكام: دعونا لضمائرنا واتركوا حسابنا على الله.... وهي كلمات في غير موضعها يُراد بها التهرّب من المساءلة والمحاسبة على وقائع الحياة... هنا في هذه الدنيا ...فكيف يعرض الحاكم نفسه للاختيار البشري وأصوات المواطنين ثم يريد أن يشرد من المساءلة ليقول أنا اعمل ليوم الحساب ؟!



    معلوم أن كل شخص يحاسبه الله - فرداً- على أعماله أو (جلائطه) ومرشح المؤتمر الوطني يعلم أن الانتخابات عملية دنيوية آنية بشرية ديمقراطية وآلية لتبادل السلطة ولمحاسبة المسؤولين، وانه يدخل الانتخابات ليحصل على الأصوات... وإذا حاسبنا مرشح الوطني من باب الدين الذي يتكئ عليه فماذا قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه للناس؟ هل قال لهم (إذا أخطأت دعوا حسابي لله)؟ أم قال لهم إذا اخطأت فقوّموني.. فقال له احد الناس: نعم والله لئن اخطأت قومناك بسيوفنا... فحمد الله وشكر له المواطنة الحقة والشجاعة...!!



    لقد انتهت صكوك القرون الوسطى فليفق المؤتمر الوطني ومرشحوه...



    اما الثانية فقد قال مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة انهم جاءوا بالانتخابات (من ذات نفسهم) ولم يرغمهم عليها أحد... وهذا ايضا ليس صحيحاً... الانتخابات ليست منّة من المؤتمر الوطني... ولو كانت كذلك فليسحبها ولا أسف عليها... انها هِبة نضال الشعب واتفاقية السلام الشامل... وإذا كانت غير حرة ولا نزيهة فلتغرب عن وجهنا ...فهي مثل (الحنيطير) لا يشتهيه أحد...!!



                  

02-23-2010, 03:49 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    'قمة الأحزاب' المتعثرة ومعضلة التحول الديمقراطي في السودان

    د. عبدالوهاب الأفندي

    كما درجت العادة في السنوات (بل العقود) الأخيرة من تاريخ البلاد، فإن آخر مبادرة باتجاه حل مشاكل البلاد المتعثرة جاءت من طرف خارجي، هذه المرة لجنة الحكماء الأفارقة بقيادة الرئيس ثابو امبيكي. وكانت اللجنة قد تقدمت بمقترح لقيادات الأحزاب السودانية المتنافسة في الانتخابات القادمة لعقد 'لقاء قمة' حزبي، يتداول فيه قادة جميع الأحزاب حول الطريقة المثلى لإدارة العملية الانتخابية والتعامل مع نتائجها. واقترحت اللجنة أن يتوافق زعماء الأحزاب على مبادئ والتزامات عامة لضمان سلامة العملية الانتخابية وإيجابية نتائجها. ومن هذه الالتزامات التوافق على ميثاق للسلوك الانتخابي، ومؤشرات للتعامل مع قضية دارفور، والتزام بدعم اتفاقية السلام الشامل، إضافة إلى رؤية مشتركة حول مستقبل السودان الديمقراطي.
    لا يحتاج المرء إلى طويل تأمل قبل أن يتساءل: كيف أقبلت الأطراف السياسية على اتخاذ خطوة الدخول في عملية انتخابية أساساً قبل أن تتوصل إلى توافق من نوع ذلك الذي دعت إليه لجنة الحكماء؟ فكيف يمكن أن تدخل البلاد في انتخابات ينتظر أن تقرر مصيرها ومستقبلها بدون أن يكون هناك اتفاق على مؤشرات عامة حول طبيعة هذا المستقبل وملامحه الأساسية؟ وكيف يمكن أن ينصرف الناس إلى نشاط انتخابي بدون الاتفاق على ضوابط السلوك الملزمة للجميع أثناء وبعد الانتخابات؟ وكيف يتم خوض هذه العملية الانتخابية، بكل ما يتطلبه ذلك من جدال حول قضايا الوطن الكبرى وكيفية التصدي لها، وأكبر وأخطر قضية، ألا وهي قضية دارفور، معلقة بين المماحكة والنسيان؟ وكيف تعقد الانتخابات وهناك خلاف حاد حول طبيعة الدولة ومستقبلها وطريقة تسييرها بين القوى الكبرى المتنافسة، بحيث أن فوز أي كتلة سيكون معادلاً للانقلاب العسكري، حيث ستشرع الكتلة الفائزة بتنفيذ أجندتها 'رغم أنف' الآخرين؟
    لا نماري في أن الانتخابات التي يقبل عليها السودانيون في نيسان/ أبريل المقبل هي بلا شك خطوة تاريخية مهمة، ستحدد وترسم الخارطة السياسية للبلاد لأجيال قادمة، وستكشف طبيعة التحولات التي شهدتها البلاد منذ آخر انتخابات شهدتها البلاد في عام 1986. وقد كانت تلك الانتخابات كشفت بدورها عن ملامح وطبيعة التحولات التي شهدتها البلاد منذ انتخابات عام 1986، خاصة فيما يتعلق بصعود التيار الإسلامي وتراجع دور الأحزاب الوطنية الكبرى (مع احتفاظها بالصدارة)، والكسوف شبه الكامل لقوى اليسار والكتل العلمانية، مع احتفاظها بدور سياسي 'فوق انتخابي' ما زالت تحتفظ به إلى اليوم.
    ولكن انتخابات عام 1986، مثل معظم الانتخابات التي انعقدت في السودان منذ عام 1953، شابها الغياب شبه الكامل للمشاركة الفاعلة للناخب الجنوبي، وذلك لأسباب عدة، ليس أقلها المقاطعة أو تعثر عقد الانتخابات هناك بسبب الحرب. وعليه فإن الانتخابات الحالية لها أهمية تاريخية خاصة تحديداً لأنها تشهد مشاركة جنوبية قوية، إضافة إلى الحضور القوي للحركة الشعبية على نطاق القطر، ووجود مرشح رئاسي مسنود من الجنوب، كذلك لأول مرة.
    ولكن الانتخابات لها دور محوري في العملية الديمقراطية يتعدى دور تحديد الأوزان الانتخابية للقوى المتنافسة. فالانتخابات تحدد كذلك من يحكم، وأهم من ذلك، كيف تحكم البلاد؟ ولهذا السبب فإن الانتخابات التي عقدت في السودان في ماضي عهوده لم تحقق الاستقرار وإن حققت ديمقراطية محدودة. ذلك أن استبعاد أقليات ذات وزن من العملية الانتخابية (كما حدث في الجنوب ويحدث الآن في دارفور وجنوب كردفان، وأيضاً بعض نواحي الجنوب بسبب قمع الحركة الشعبية لبعض منافسيها)، لا يؤدي إلى وضع ديمقراطي مستقر، ولا بد من خطوات إضافية، خارج العملية الانتخابية وسابقة عليها للتوافق على ثوابت لا يكون من حق حكومة منتخبة أو غير منتخبة أن تخرج عليها.
    وهناك طائفتان من الثوابت المؤسسة لأي عملية ديمقراطية، لا قيام لها بدونها. أما الطائفة الأولى فتتعلق بالحقوق الأساسية للمواطنين وحرياتهم وحرماتهم الشخصية. وهذه الثوابت تدون في الدساتير وتفصلها القوانين، ويحرسها القضاء المستقل ومؤسسات المجتمع المدني بحيث أن أي خروج عليها من أي حكومة، مهما كانت أغلبيتها الانتخابية، يواجه برفض حازم وعواقب وخيمة. أما الطائفة الأخرى فتتعلق بأمور متواضع عليها، مثل حقوق الأقليات، أو الحقوق التاريخية المكتسبة، أو حقوق بعض الأقاليم في الحكم الذاتي. وهذه أمور تقبل كتقاليد راسخة، كما هو حال وضع العائلة المالكة أو الكنيسة أو مجلس اللوردات في بريطانيا، أو يتم التفاوض عليها (وحتى 'الجهاد' من أجلها)، مثل الحكم الذاتي لاستكلندا وويلز، والوضع الخاص للكاثوليك في أيرلندا الشمالية، أو حقوق الباسك والكاتالان وغيرهم في اسبانيا، وقس على ذلك.
    في الحالة السودانية فإن مثل هذه الأمور تشمل الوضع الخاص للجنوب والأقاليم الثلاث، والوضع المرتقب لدارفور، وحقوق غيرالمسلمين. ولكن هناك أمورا لا تقل أهمية عن ذلك، منها أوضاع أنصار النظام الحالي وحقوقهم في حال ما أدت الانتخابات إلى تغيير في النظام، وهو ما تصبو إليه المعارضة وتدعو إليه.
    فهناك بون شاسع الآن بين موقف قوى المعارضة الرئيسية التي تطالب بمحاكمة وإقصاء أنصار النظام الحالي إذا آل إليها الحكم، وخطاب الحكومة الذي يقلل بدوره من شأن المعارضة وفرصها في النجاح. هذا التباعد في المواقف يعني أن أي نتيجة للانتخابات ستكون بمثابة 'انقلاب' عسكري: إما 'انقلاب' يعيد الإنقاذ إلى الحكم، أو آخر يأتي بمعارضة ذات توجه انقلابي إلى الحكم. وفي الحالين لا بد من أن تكون هناك عواقب ذات طبيعة غير ديمقراطية.
    فلو فازت المعارضة بالرئاسة والبرلمان، أو حتى بمناصب ولاة الولايات، فإن النظام القائم لن يستسلم لهذا الوضع، وسينتهج نهجاً أقرب إلى نهج موغابي في زيمبابوي، وربما أقرب إلى نهح ميانمار (بورما) التي لا تزال زعيمة الحزب الفائز بالانتخابات فيها رهن الاعتقال المنزلي بعد أكثر من عشرين عاماً على 'فوزها'. (لعلها مفارقة ذات دلالة أنني شاهدت قبل نحو أسبوعين خبراً على شاشة القناة السودانية عن وصول وفد عالي المستوى من ميانمار إلى الخرطوم لتوقيع اتفاق 'تعاون'، ولا بد أن هذه كانت فرصة 'لتبادل الخبرات'). وبنفس القدر فإن فوز الحكومة سيؤدي إلى احتجاجات غاضبة من المعارضة التي تفتي سلفاً بأن الانتخابات تعرضت للتزوير، بدءاً من نتائج الإحصاء السكاني، ومروراً بالسجل الانتخابي، والمنتظر أعظم.
    إذن البلاد مقبلة على كارثة صدام مهما كانت نتيجة الانتخابات، ما لم يتم توافق بين قيادات الأحزاب على قضايا أساسية تتعلق بالتعامل مع هذه الانتخابات وما بعدها. ومن هذا المنطلق تكتسب مبادرة لجنة امبيكي أهمية مضاعفة. وكما أسلفنا فإن المرجو كان أن تأتي المبادرة من أهل السودان أنفسهم، أو على الأقل أن تقبل المبادرات السودانية مثل ملتقى جوبا أو كنانة أوغيرها، ولكن التشاكس بين أهل مشاكوس وغيرهم حال دون ذلك. وعليه فإن أضعف الإيمان كان أن تقبل مبادرة امبيكي ويتم التعامل معها بجدية.
    من ناحية نظرية قبلت الأحزاب بتلك المبادرة، وكان من المنتظر أن تعقد 'القمة' المنتظرة يوم الخميس الماضي، ولكن المشاورات لم تتوصل على اتفاق حتى على أجندة الاجتماع، فضلاً عن التوافق على المواثيق والرؤى المفترض أن تنبثق عنه. وكان الإشكال من عدة جوانب. فمن جهة لم تتحمس الحركة الشعبية للفكرة أساساً، ولكنها لم تعارضها علناً كذلك. أما المؤتمر الوطني فرغم أنه وافق لأنه لا يريد أن يخسر امبيكي ولجنته، إلا أنه لم يقبل بفكرة أن يتعامل مع أحزاب المعارضة تعامل الند، وطلب في نهاية الأمر أن يكون هناك اجتماع 'ثنائي'، بين المعارضة من جهة والحزب الحاكم من جهة أخرى فيما سمي بلقاء 8+8 (أي يجتمع قادة الأحزاب المعارضة الكبرى الثمانية مع ثمانية من قادة المؤتمر الوطني) لدراسة التوصل إلى اتفاق. من جانبها فإن المعارضة طرحت للمناقشة مطالب يصعب الوفاء بها في الفترة المتبقية، مثل تعديل قانون الأمن الوطني وتغيير لجنة الانتخابات. وقد سعى فريق امبيكي لطرح حلول توفيقية، مثل إلزام الحكومة بألا تستخدم قانون الأمن الوطني ضد خصومها خلال الانتخابات.
    المرجو هو أن تبذل قيادات الأحزاب جهوداً أكبر للتوافق على ضرورات الاستقرار السياسي إذا كانت هذه القيادات حريصة كما ينبغي أن تكون- على ألا تتحول العملية الانتخابية إلى مقدمة لكارثة على البلاد والعباد. ولا نحتاج هنا لأن نؤكد على أن المؤتمر الوطني (ولدرجة أقل شريكه في الحكم الحركة الشعبية) تقع المهمة الأساسية والعبء الأكبر في السعي لتحقيق هذا التوافق، وذلك من موقع المسؤولية عن الحكم أولاً، ولأن هذه الأطراف هي التي لديها ما تخسره أكثر من غيرها من اضطراب الأمور.
    مبادرة امبيكي ما تزال قائمة، وهناك لقاءات واجتماعات مكثفة من أجل إنجاحها. ولا شك أن التقدم المحدود الذي شهدته جبهة المفاوضات حول دارفور قد ينعكس إيجاباً على هذه المشاورات. ويمكن للأطراف أن تتصور النتائج الإيجابية للتوافق كحافز للتحرك نحو تقريب الموافق، كما لا يخفى أن تخيل ما يمكن أن يقع لو لم يحدث توافق قد يذكر بالكوابيس التي ينبغي على الجميع الاجتهاد في ألا تشهدها البلاد.

    ' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن

    القدس العربى
    22/2/2010


    ---------------------------------------


    لانتخابات ومفاوضات الدوحة ...

    بقلم: تاج السر عثمان
    الاثنين, 22 فبراير 2010 19:45


    مع اشتداد حمي المعركة الانتخابية بدأت تنشط المبادرات لحل قضية دارفور في الدوحة ، وهذا شئ محمود، فكل مبادرة تسهم في وقف الحرب في دارفور وعودة اللاجئين الي قراهم وتسهم في وحدة السودان، تلقي منا كل الدعم والتشجيع، ولكن المطلوب هو المصداقية والجدية وعدم نقض العهود والمواثيق، بهدف كسب انتخابي عابر للمؤتمر الوطني، وهذا بلا شك سوف يعيد انتاج الأزمة بشكل اعمق من السابق.


    ونلاحظ أن المؤتمر الوطني بدأ يضيق ذرعا من النشاط الجماهيري المكثف للقوي المعارضة وحملاتها الانتخابية، وبدأ يستخدم العنف اللفظي والبدني واستخدم سلاح الدين ضد المعارضين له واستخدام قانون الأمن وجهاز الدولة لدعم حملته الانتخابية ومضايقة المرشحين الآخرين، ومن الأمثلة لذلك: تصريح مرشح المؤتمر الوطني لولاية سنار أحمد عباس أنه( اذا تكالبت علينا الاحزاب سنعلن الجهاد) (صحيفة السوداني بتاريخ: 19/2/2010م) وهذا تهديد ظاهر وواضح أنه اذا دخلت قوي المعارضة في تحالف عريض ضد مرشح الوطني، فسوف يتم استخدام العنف!!!. كما جاء في الأخبار ( أن اعضاء المؤتمر الوطني بمنطقة وداونسه بسنار رشقوا عربة الاعلام الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بالحجارة من داخل منزل مرشح الوطني بالمنطقة مما ادي الي تدميرها بالكامل، وتم اصابة اثنين من الركاب بينهما رجل كبير السن لاعلاقة له بالحزب الاتحادي الديمقراطي وأرادو توصيله لمنطقة أخري)( السوداني: 19/2/2010م)، هذا اضافة لتفتيش منزل مرشح الاتحادي الأصل هجو واستدعائه عبر الأمن لليوم الثالث واطلاق سراحه آخر اليوم بهدف تعطيل حملته الاتخابية(المصدر نفسه)، كما عطل والي سنار دولاب العمل وأمر الموظفين والعمال بحضور حشده الدعائي للانتخابات(المصدر نفسه).


    كما رفض مدير شرطة الخرطوم بحري التصديق للحزب الشيوعي بمنطقة بحري لقيام نشاطه الانتخابي لحين التشاور مع معتمد محلية بحري)( أجراس الحرية:20/2/2010م). وايضا جاء في الأخبار اعتقال 7 وكلاء لأحد مرشحي الحركة الشعبية للدائرة (13) المجلس الوطني بولاية شمال دارفور وهم وكلاء مرشح الحركة الشعبية الذي ينافس معتمد محلية (سرف عمره) اسماعيل ابكر علي الدائرة) ( أجراس الحرية: 20/ 2/2010م).
    هذا اضافة لتهديد المؤتمر الوطني بمدينة مروي لمعلمي مرحلة الأساس والثانوي بالتشريد والفصل لرفضهم استقبال مرشح الدائرة(5) صلاح قوش لتدشين حملته الانتخابية( السوداني: 19/2/2010م).
    وايضا رشح في الأخبار ان أحد ائمة المساجد في محلية المناقل درج علي اطلاق توصيف أحزاب الحركة الشعبية والشيوعي والناصريين بالملحدين( اجراس الحرية: 19/2/2010م).


    اضافة للعنف اللفظي المنفلت (غير النافع) من نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون السياسية والتنظيمية بوصف احزاب المعارضة( بالميوعة والتحلل والتفسق وفقدان (الامرة) علي نفسها)( الصحافة: 18/2/2010م).
    كل ذلك يوضح أن المؤتمر الوطني فقد أعصابه مع اشتداد حمي المعركة الانتخابية، وأن هزيمته مؤكدة اذا جّودت قوي المعارضة عملها الانتخابي وخلقت اوسع تحالف لاسقاط مرشحي الوطني.
    وايضا هناك قضية دارفور والتي تعتبر من مطلوبات قيام ونجاح الانتخابات في السودان، ويواجه المؤتمر الوطني ضغوطا داخلية وخارجية من اجل الحل العادل والشامل لقضية دارفور، ورشح في الأخبار انه تم توقيع اتفاق اطاري لوقف اطلاق النار تمهيدا للمفاوضات بين حكومة المؤتمر الوطني وحركة العدل والمساواة، وان هناك نذر اتفاق اطاري مع الحكومة حول: السلطة والثروة، والاقليم الواحد بحدود 1956م،


    والتعويضات، والحكومة القومية الانتقالية ..الخ. كما أشرنا سابقا لااعتراض علي وقف اطلاق النار والسلام، ولكن لكي يكون السلام مستداما، فيجب ان يشمل الاتفاق كل الحركات المسلحة في دارفور وكل الاحزاب والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،وضرورة المؤتمر الجامع لأهل دارفور، باعتبار ذلك هو الطريق لعدم تجدد الحرب مرة أخري، كما رسخ في اذهان السودانيين نتيجة للتجارب السابقة أن المؤتمر الوطني والغ في نقض العهود والمواثيق كما اكدت تجارب اتفاقات السلام 1997، واتفاقية جيبوتي ونيفاشا والقاهرة وابوجا، والشرق والتراضي الوطني..الخ، والتي اصبحت حبرا علي ورق، وتحولت الي مناصب، ولم يتم تحقيق جوهرها الأساسي المتمثل في التحول الديمقراطي والتنمية المتوازنة وتعزيز السلام وضمان وحدة البلاد، فما هي ضمانات تنفيذ اتفاقية الوطني مع العدل والمساواة بعد كل هذه التجارب ؟. وليس خافيا أن المؤتمر الوطني يسعي لكسب انتخابي من اتفاقه الثنائي المزمع عقدة مع حركة العدل والمساواة. ومما يشير الي أن الاتفاق ثنائي بين الجكومة والعدل والمساواة، بيان حركة جيش تحرير السودان- وحدة جوبا والذي استنكر فيه الاتفاق الثنائي و اعلن فيه أن الحركة ( في حل من اي التزام مع المبادرة في قطر)(بيان الحركة بتاريخ: 21/2/2010م بتوقيع احمد عبد الشافع، سودانيز اون لاينز)، وبيان التحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني الذي ايضا استنكر الاتفاق الثنائي والذي وصفه البيان بأنه (صفقة بين الاسلاميين)، (وضرورة الحل الشامل)، والي أن (توقيع حركة العدل والمساواة بهذه السرعة يدل علي الصفقات السرية بين الاسلاميين) (بيان التحالف الديمقراطي الفيدرالي بتاريخ:22/2/2010م ، سودانيز اون لاينز).



    كما اشرنا سابقا هناك ضرورة للحل الشامل حتي لانعيد انتاج الأزمة، وضرورة تأجيل الانتخابات حتي تتوفر مستحقاتها التي تتلخص في: الحل الشامل لقضية دارفور، والغاء القوانين المقيدة للحريات وعلي رأسها قانون الأمن،وازالة التجاوزات في الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي، وقيام مفوضية انتخابات مستقلة ومحايدة تشترك في اختيارها القوي السياسية، وفرص متساوية في اجهزة الاعلام، وفطم جهاز الدولة من المؤتمر الوطني الذي يستغل كل امكاناته لدعم حملة الوطني الانتخابية. واذا صح ماورد في صحيفة (اجراس الحرية) بتاريخ22/2/2010م( ان اجتماع مؤسسة الرئاسة توصل الي اتفاق قضي بتأجيل الانتخابات التنفيذية والتشريعية- الوالي والمجلس التشريعي-بولاية جنوب كردفان واعادة الاحصاء السكاني)، فلماذا لايتم تأجيل الانتخابات في كل السودان؟ ذلك أن اسباب التاجيل نفسها تنطبق علي بقية مناطق السودان.


    وخلاصة الأمر أن المؤتمر الوطني يواجه ضغوطا داخلية وخارجية مع اشتداد حمي المعركة الانتخابية منها: قضية دارفور والطعون التي وصل عددها ثلاثة في صحة ترشيح البشير لرئاسة الجمهورية، وضغوط المعارضة التي اشتد نشاطها السياسي الجماهيري من أجل تحقيق استحقاقات الانتخابات، وضغوط المحكمة الجنائية، وضغوط مخاطر انفصال الجنوب والذي سوف يؤدي الي تفكك البلاد وخلق عدم الاستقرار في المنطقة، مما يتطلب الغاء القوانين المقيدة للحريات وقانون الأمن وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين او العرق او اللغة أو الثقافة. وبالتالي ليس هناك مساحة كبيرة للمؤتمر الوطني للمراوغة بعد ان حاصرته المشاكل من كل جانب، وليس هناك فرصة لمواصلة الحلول الثنائية ونقض الغزل بعد ذلك، كما هو واضح من اتفاقه مع العدل والمساواة بهدف مكاسب عاجلة تعزز موقفه الانتخابي الذي بدأ يهتز تحت ضربات قوي المعارضة، ولابديل غير التحول الديمقراطية وتفكيك الشمولية وتوفير استحقاقات الانتخابات الحرة النزيهة التي تشكل الخطوة الأولي لوحدة البلاد وانقاذها من التشرذم والتشظي.
                  

02-23-2010, 09:20 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    ين الدوحة وانجمينا ومدريد وأوسلو هل من تشابه؟!

    حيدر طه
    الصحافة

    23/2/2010



    نجحت دبلوماسية غازي.. ولكن العبرة بالنتائج.. ولنا في نيفاشا مثال
    لا يستطيع أحد، مهما كان مكابراً، إلا أن يعترف بقدرة دبلوماسية المؤتمر الوطني البراجماتية على «اختراق الجمود» الذي صاحب مؤتمر الدوحة الساعي لحل مشكلة دارفور وهو الوصف الذي عن لمسؤول ملف دارفور أن يطلقه عقب وصوله من تشاد بعد جولات من المفاوضات مع رئيس حركة « العدل والمساواة « د. خليل إبراهيم.
    وقد كان عتباني دقيقاً في الوصف، إذ ما زال الاتفاق بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة مجرد « اختراق للجمود»، مما يعيد للاذهان الثنائية التي قادت بها منظمة التحرير الفلسطينية المفاوضات مع إسرائيل في مدريد المفتوحة والمعلنة والعصية على الاتفاقات والصفقات التي قادها د. حيدر عبد الشافي، ومفاوضات اوسلو التي قادها محمود عباس بسرية تامة، كانت هي الجوهر وغيرها المظهر، وكانت هي الأصل وما عداها الفرع.
    وكي لا يفهم الأمر بهذه الصورة سارع العتباني إلى نفي « الثنائية التفاوضية « عندما قال إن الاتفاق ليس خصماً على منبر الدوحة، معلناً في الوقت نفسه التزام الحكومة بالتفاوض مع كل الفصائل التي وصلت الى دولة قطر.
    ودولة قطر بما حباها بها الله من سعة صدر وحسن نية وقدرة على استيعاب الإضافات باعتبارها « دوحة « يستظل بها الجميع، فإنها لا تمانع ولا تصاب بغيرة ولا يهضم حقها أحد باعتبارها صاحبة سبق عملي في المبادرات الحية والاستكشافية للوصول إلى حلول واقعية.
    وتأكيدا على أهمية الدوحة ودورها الكبير في جمع الأطراف المتمردة والحكومة فإنها ستكون عاصمة توقيع الاتفاق الإطاري، مما يعني أن الأطراف الأخرى لن تهمش ولن تضيع حقوقها وانصبتها في السلام المقبل.
    ويعود نجاح الدبلوماسية العتبانية إلى ظروف المؤتمر الوطني خلال الحملة الانتخابية التي تظل قضية دارفور إحدى محاورها وعناصرها ووقودها ومطالبها. ولولا هذا « الدفع الرباعي « لما تحمست حكومة المؤتمر الوطني إلى تسريع الخطى نحو اتفاق، ولو إطاري أو اختراقي، فالمهم المعنى السياسي للاتفاق في وقت تحسب فيه النقاط حسابا دقيقا، وتجتر الإنجازات بما يدخل الوهم بأنها انجازات حقيقية يعيشها السودانيون في حياتهم اليومية معاشا واستقرارا وسلاما وأمنا وراحة بال. وهي كلها مفقودة ولكن « الدعاية والإعلام « تصوّرها كأنها موجودة وموفورة.
    فالإعلام الصنايعي لديه قدرة فريدة في تحويل القبيح إلى جميل، والصغير إلى كبير، والعاجز إلى قادر، والساقط إلى بطل، والمتوحش إلى وديع. ففي التجارب كثير من النماذج لمثل هذا الإعلام واقربها إلى النظر والمشاهدة هو الإعلام الصهيوني.
    مثل هذا الإعلام سيصور « اتفاق العتباني - خليل « بأنه ضربة معلم، ستسكت أصوات عديدة عن التحدث عن مشاكل دارفور في وقت صعدت فيه القضية إلى أعلى مستوى في الحملة الانتخابية، بل هي القضية التي عوّل عليها الكثيرون في توجيه ضربات متتالية في وجه حكومة المؤتمر الوطني.
    ورغم ذلك فإن ملف دارفور لن يغلق باتفاق إطاري، لأن مثل هذه الاتفاقات سبق أن ابرمت كثيرا في عواصم عديدة لم يعد إحصاؤها مفيداً أو جديداً. فالملف ما زال مفتوحا أمام ما هو آتٍ. والآتي كثير ومثير وربما يكون خطيراً على الحكومة نفسها وليس على السودان. ولكن الحكومة لا تفكر في خطورة أمر مؤجل، إنما تفكر في أمر معجل، وهو الانتخابات والفوز والسلطة والتمكين. وبعد ذلك فلكل مقام مقال.
    وهذا بالضبط هو ما دفع حركة العدل والمساواة بالاسراع لاحراز مكاسب على حساب الوقت. فلحظة الضعف التي يعيشها المؤتمر الوطني هي لحظة النزوة تجاه السلطة. وهم في الحركة يدركون هذه اللحظة الحساسة التي يمكن للحكومة أن تحقق لهم مطالبهم على طبق من ذهب. فالمؤتمر الوطني يريد كسبا عاجلاً لاستخدامه واستثماره في الحملة الانتخابية. والعدل والمساواة تريد « مكاسب « مثل تلك التي حققتها الحركة الشعبية لتحرير السودان في اتفاقية نيفاشا.
    والوقت يحكم الطرفين. كل منهما سيتعجل من أجل مكاسب لها ميزات فورية وحاسمة.
    فإذا كانت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية قامت على اساس « الأرض مقابل السلام « ثم تحوّلت تدريجيا إلى « الامن مقابل السلام « فإن مفاوضات المؤتمر - الحركة ستنهض على شعارات مبهمة ولكنها ستستقر في نهاية الأمر على « السلطة والثروة مقابل الأمن».
    ود. إبراهيم خليل يعرف طبيعة المؤتمر الوطني وقادته، فهو من أبناء هذه الجماعة لوقت طويل قبل ان تتفرق بهم السبل والنزاعات حول السلطة والمشروعية والدور والمكانة. فهو ليس بالرجل التكتيكي فقط، ولكنه استراتيجي يعرف ماذا يريد، وكيف يريد، ولماذا يريد الآن.
    ويمكن بنظرة متأنية ومتمعنة يدرك المرء أن د. خليل إبراهيم استطاع في وقت وجيز أن يفرض نفسه كحركة اساسية تتمحور حولها القضية، وبقية الحركات والمنظمات ضاعت في خضم النزاعات والانشقاقات وغرابة الشعارات وسوء العلاقات.
    فمثلا تراجعت حركة تحرير السودان التي كانت تعتمد على ظرف استثنائي بتنامي الثقل الصهيوني في الدوائر الامريكية بوجود المحافظين الجدد فانداحت الحركة في أوساط المنظمات الإنسانية التي تلعب دورا سياسيا خطيرا، لا يفهم لغة غير لغة التحدث بـ « الإسرائيليات». فتشوهت سمعتها ولم يعد أحد يرى فيها بريق أمل في المستقبل، فهي لم تتعلم من حصافة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي أدركت الخطوط الحمراء بالنسبة للشعب السوداني الرافض لأي تقارب مع المؤثرات الإسرائيلية والصهيونية التي تضر باي عمل سياسي مهما كانت دواعيه ومشروعيته.
    فخسر عبد الواحد محمد نور زعيم حركة تحرير السودان موقعه لبقائه في ظل الالتزام القديم بعلاقات بعيدة عن واقع الميدان، وقد سبقه د. إبراهيم خليل في هذا المضمار بسرعة وبتفوق.
    ولكن ما زال مبدأ « العبرة بالخواتيم « صالحاً، لأن وقت التفاوض المباشر بين الطرفين المؤتمر والحركة ضيق إذا أراد الطرفان جني ثمار تلك المفاوضات. فالحكومة تستعجل اتفاقا نهائيا مبهرا، والحركة تستعجل اتفاقا نهائيا مثمرا.
    فإشكالية الوقت ستكون عاملاً جديداً يمكن استخدامه في تكتيكات المفاوضات المقبلة. فالحكومة تريد انتخابات في وقتها المقرر، بالإضافة إلى رغبتها في إنجاز اتفاق سلام دارفور بصورة تمنحها الفرصة على ظهور البشير كبطل سلام في دارفور وليس كمجرم حرب كما اتهمه المدعي العام الدولي مورينو اوكامبو.
    فحكومة المؤتمر الوطني تتطلع إلى أن يغيّر اتفاق سلام دارفور في نظرة العالم للمرشح المشير عمر البشير، ويجب ما قبله، ويفتح الطريق لما بعده، فيستطيع الرئيس ان يجوب العالم دون خشية من شرطة دولية أو متطوعين بملاحقة « المجرمين الدوليين». وستسعى إلى ذلك بكل قوة وعزم وتنازلات لطرف حركة العدل والمساواة إذا عرفت الحركة كيفية استخدام واستثمار الوقت.
    وتختلف التكتيكات بحسب الاستراتيجيات والاهداف. فالحكومة تأتي إلى المفاوضات بثقلها كونها الماسكة على زمام السلطة، ولها في المنطقة اصدقاء وحلفاء تستدعي مناصرتهم وقت ممارسة الضغط على الوسطاء، خاصة على تشاد ورئيسها إدريس دبيي، الذي جاء إلى الخرطوم وهو قد أدرك أن الفرصة الآن مناسبة أكثر من أية فرص أخرى لابرام اتفاق سلام طويل الأجل يوفر على بلاده آفات وويلات الحروب والصراعات، ويهدئ المعارضة داخل أرضه.
    ولكن دبيي ليس وحده في ميدان الضغط، فوراءه فرنسا التي تملك مفاتيح اوروبية صالحة للاستخدام في بوابات القارة الأفريقية، خاصة وأن الأوروبيين يعملون باسلوب الصفقات وتبادل المنافع والأدوار، إذا رفعت الولايات المتحدة يدها عن بعض المناطق.
    وواشنطن المشغولة بافغانستان وإيران وباكستان لخدمة إسرائيل، ستترك قضية دارفور مؤقتا لفرنسا وألمانيا، وهي من الدول التي لا تتخذ الحرب سبيلاً لتحقيق مصالحها العاجلة والآجلة، وربما تعود بريطانيا إلى هذا النهج بعد التحقيقات والمراجعات والنقد الذي صاحب فتح ملف التدخل العسكري البريطاني في العراق.
    فالثقل التشادي الذي يزف حركة العدل والمساواة إلى «سباتة» المفاوضات ليس أقل من ثقل الحكومة التي تهرول إلى تلك السباتة بعرضة ودلوكة ونحاس في زمن الانتخابات التي تحتاج إلى حشد كل « المكاسب والإنجازات والشركاء جدد وقدامى».
    فيمكن قياس ثقل كل طرف منذ اليومين الأولين للمفاوضات.. فالحكومة تضغط من أجل توقيع اتفاق سريع قبل الانتخابات، في حين ترى حركة العدل والمساواة أن الاتفاق ليس محكوما بالانتخابات، هي ليست فيها بحكم الواقع الحالي، ولكن ستكون طرفا فيه بحكم النتائج، وهي تدرك ذلك.
    ولتدارك هذه الإشكالية طريقان الأول تأجيل الانتخابات لفترة من الزمن يعاد فيها ترتيب الأوضاع في دارفور، أمنيا وسياسيا وإداريا وعسكريا، وهذا يحتاج إلى وقت ليس بقصير.
    والطريق الثاني، أن تؤجل الانتخابات في جميع دوائر دارفور إلى ما بعد الانتخابات بتسجيل جديد للناخبين مع وضع الترتيبات اللازمة لاستقبال مرحلة السلام.
    وفي الحالتين تكون حركة العدل والمساواة قد كسبت الجولة من التفاهم على مشروع السلام إذا وقعت اتفاقيته قبل الانتخابات أو بعد الانتخابات.
    وبعد ذلك تبقى نصوص الاتفاقية وأذيالها وتوابعها، وهي ما زالت في خاصرة الغيب، يصعب التكهن بما ستحتويه لأن دخول أطراف أخرى لساحة التفاوض لن يجعلها سهلة ميسورة.
    فإذا اتخذنا مدريد مثالا ومرجعا لتكتيكات التفاوض، فإنه كان صعبا الوصول إلى سلام عادل لأن قادة التفاوض الفلسطينيين والإسرائيليين كانوا متشددين في مواقفهم، ولذلك استطاع محمود عباس بتوجيهات ياسر عرفات من اختراق جمود مدريد بالتوصل إلى اتفاق أوسلو لأن الطرفين كانا في حاجة إلى مثل ذلك الاتفاق برعاية امريكية واوروبية.
    والآن تتجدد التجارب ولكنها لا تتكرر، ففي انجمينا كانت المفاوضات تجري في العلن ولكن دون تفاصيل، فاستطاعت اختراق الجمود إلى حد التطلع إلى الذوبان..
    فمن يذوب في من؟!
    فلننتظر لنرى ما بعد الثلاثاء.. فهي حبلى بكل المفاجآت.
                  

02-23-2010, 09:21 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    خمارة في عينك!
    فيصل محمد صالح
    Tuesday, 23 February 2010

    يستحق حاج ماجد سوار أن يتم لجمه، وهو ينطلق في مستودع الخزف السوداني يكسر في القيم والتقاليد والأدبيات المشتركة لكل الشعب السوداني، ويستخدم عبارات التكفير والتخوين في تدشين الحملة الانتخابية في البحر الأحمر. هناك أحاديث منطقية عن قانون النظام العام، ومظالم وقعت على بعض النساء والرجال عند تطبيقه، وهي أحاديث تتطلب التعامل معها بجدية ومنطقية وموضوعية، بدلاً من تحويلها للمماحكات تبدأ بعبارة إنهم يريدون فتح "الخمارات" ويأتي الرد"خمارة في عينك، ثم تنطلق الكراسي والعكاكيز..!

    ولربما يكون ماجد المؤتمر الوطني هذا غراً و"متتوركا" يريد أن يثبت كفاءته، لكن عليه أن يعرف أنه مثل طفل يلعب بالنار، هو وكل خطباء الوطني، حين يستخدمون الدين في الخطاب السياسي كوسيلة للتكفير الخصوم ويظنون أنهم بمنجاة من ذلك حتى يأتيهم الطوفان. عليهم أن يعرفوا أن هناك جماعات إسلامية يمكن أن تصدر فتوى بتكفير الحكومة الحالية وكل قيادة المؤتمر الوطني واستحلال دمهم، وقد قرأت شيئاً منها، ولهم حيثيات مطولة بدءاً من تجميد تطبيق الحدود التي يعاير بها حاج ماجد الآخرين وانتهاءً بحيثيات أخرى كثيرة.
    موسم الحملات الانتخابية هو موسم أعياد وكرنفالات أفراح، يعرف الناس قيمته عندما يحرمون منه، وعندما ينظرون له كحلم جميل صعب المنال والتحقق. وعندما تدور عجلة الزمن، والأيام دول ويصبح الحلم قابلاً للتحقق، فمن الواجب الحرص على اكتمال الحلم واستدامته، بالمحافظة عليه من كل ما يهدده وقد يتسبب في فقدانه. ولن نكرر هنا نكتة رويناها سابقاً عن حكاية "شيوعيين نص النهار"، فهاهم الشيوعيون السودانيون ينعمون بثمرة نضال طويل وقاس ويبدأون احتفالاتهم منتصف النهار حتى منتصف الليل.
    هاتفني صديق قبل أيام لينقل لي بفرح أن المرشح "فلان الفلاني" تعرض للضرب أثناء سير حملته الانتخابية وكان فيما يبدو فرحاً وشامتاً. لست من الذين يكنون الإعجاب لذلك المرشح، ولو كان هو المرشح الوحيد في دائرتي لقطعت تذكرتي الانتخابية وما وضعتها في الصندوق لصالحه، ولكن لم يكن هناك من سبب يجعلني سعيداً بأن يتعرض لأية مضايقات، ببساطة لأنها لن تقف عنده وإنما ستتعداه إلى غيره من المرشحين.
    وبحساب الربح والخسارة وتكافؤ الإمكانيات، فإن الحكومة وحزبها يملكان من الإمكانيات والقدرات والأجهزة ما يمكن أن يعيق كل مرشحي الأحزاب الأخرى من الحركة. كما أن لديها من إمكانيات وتاريخ وتراث العنف ما يبز كل قوى المعارضة، لذلك فإن النهاية المنطقية لمثل هذه الأعمال ستكون دوران ساقية الفوضى والعنف لتعم الجميع، وسنكون جميعنا خاسرين.
    ليس من مصلحة أي طرف في الساحة السياسية والإعلامية أن يكدر الأجواء بأي من أشكال العنف اللفظي أو البدني، ليلعب الجميع بقاعدة اللعب النظيف، وليتركوا للشعب السوداني حق الاستمتاع بكل هذه المباريات، ثم حق الاختيار الحر النزيه.

    الاخبار
    23/2/2010
                  

02-23-2010, 04:02 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9679
    --------------------------------------------------------------------------------
    بتاريخ : الإثنين 22-02-2010
    حيدر إبراهيم علي ل(أجراس الحرية)(1-2)


    : فشل المشروع الحضاري في تحديث الإسلام وأسلمة الحداثة


    مجتمعنا(شيزوفرينك) وهذه هي الأسباب


    الطبقة الوسطى زادت عددا وانحسرت تأثيرا


    الهجرة الوافدة غير مؤثرة وعلينا أن نتحمل مسئولية سلبياتنا


    حوار :سليمان سري

    اعتبر خبير العلوم الاجتماعية دكتورحيدر ابراهيم علي ان الواقع الاجتماعي المعاش لايمكن تغييره او التخلص منه الاباعادة البناء وهذه الفكرة التي دعا لها في حوار مع اجراس الحرية قال انها تتطلب انسان جديد ودولة جديدة واشترط بان ذلك يحتاج لعملية هدم كامل لماهو موجود لكنه اكد بان ذلك ممكن مشيرا الي تجارب العالم الخارجي



    *تحولات كثيرة حدثت لمجتمعنا السوداني واصبح هنالك تنازع مابين الوازع الديني ومواكبة العالم واصبح ذلك واضحا جدا في سلوك الانسان السوداني، ماهي الاسباب التي قادتنا الي ذلك؟


    بداية انا اعتقد انه من سوء حظ الذين قاموا بالمشروع الحضاري الاسلامي انهم جاءوا في فترة متزامنة مع ارتفاع موجة العولمة وسقوط المعسكر الاشتراكي وسقوط حائط برلين، فلسوء حظهم انهم جاءوا في فترة تحولات عالمية كاملة ، فالعولمة لغت الحدود الجغرافية بين الدول ولاتستطيع اي جهة ان تقول انها تعيش داخل كهف ولن تصل اليها العولمة ، كما ان التغيرات السياسية التي حدثت، جعلت العالم فيه قطب واحد وهذا القطب وضع هيمنته الاقتصادية والسياسية، وبدا العالم يتكيف مع هذه التغيرات ويبحث لها عن حلول، هنا دخل اصحاب المشروع الحضاري في تناقض كامل مع تلك التحولات، فارادوا ان يحافظوا علي اصالتهم ويكونوا في مجتمعات حديثة، وهذه المعادلة الصعبة التي دائما يعيشها الاسلامويون هي انهم يريدون الجمع بين الاصالة والحداثة في ان واحد ،

    وهذا يتطابق مع مثل معروف عند الانجليز بانه (عايز ياكل الكيكية ويحتفظ بها في ان واحد) ، لذلك وجدوا انفسهم امام تحدي مزدوج بانه كيف نكون جزءا من هذا العالم الحديث؟ وكيف نكون انفسنا؟ وهذه المعادلة كانت تحتاج منهم لجهد كبيرجدا ،لان يقوموا بعملية مزدوجة بتحديث الاسلام واسلمة الحداثة ،في اتجاهين مختلفين يعيدوا فيها تاويل الاسلام وتاويل الدين، ويعيدوا تفسيره بالمعطيات الجديدة ،وفي نفس الوقت يفعلوا العكس ايضا بكيفية جعل الحداثة ذات طابع اسلامي، وهي تكاد تكون عملية واحدة اوصيرورة واحدة عندها شكلين، لذلك هنا دخل مجتمع مثل المجتمع السوداني في قلب هذا التناقض، فكلما انتجته الحضارة الحديثة بالذات الجوانب المادية فيها موجود بجانب ذلك لغت العولمة الحدود بانواعها المختلفة الجغرافية ،المادية ،الثقافية والفكرية والافكار اصبحت ترحل بسرعة شديدة ،لذلك في وسط هذا التحول العالمي، ظهر من يريدون قيام مجتمع اسلامي يحاول ان يكون قريبا من مجتمع المدينة ، حتي الداعين لهذا المشروع هم في قلب الحداثة ، يستخدموا ادوات حديثة ويركبوا العربات الحديثة واجهزة الاتصال (موبايل ) وهم بذلك يعتقدوا انه من الممكن ان ياخذوا النار بدون الدخان،اي ان ياخذوا المخترعات الجديدة بدون نتائجها وهي لابد ان يكون لها اثار جانبية ،مثلا اذا اشتريت تلفزيون للاسرة في المنزل يبدا سلوكك الاجتماعي يتغير مثلا زياراتك لجيرانك تقل بسبب مشاهدة ومتابعة المسلسلات والافلام لانك ستمكث في المنزل لفترة اطول يعني مهما حاولت انك تاخذ المنتوج المادي وتفصله عن نتائجه غير المادية يستحيل.
    وهنا ظهرت هذه الجماعة التي تحاول فرض الاسلام بصورة تقليدية والمجتمع يتحرك، فلذلك بقي في شكل من اشكال الرؤية المهتزة مثل الذي يشغل فيلمين في شاشة مشاهدة واحدة (بروجكتر) فيلم حداثة واخر تقليدي وينعكس الاثنان علي الشاشة وتظهر صورة غير واضحة نحن نريد ان نكون ضمن هذا العالم و نحافظ علي القديم.


    *هل ارادوا ان يعيدوا الناس للدين ؟


    ليس كذلك بالضبط هم يعتقدون انه من الممكن ان يرجع الناس للدين بصورته التقليدية في القرن الواحد عشرين وهذا مستحيل فلا بد ان يحدث نوع من التجديد في الدين نفسه فلذلك تلاحظ هنالك تحولات وهم يفتكروا انفسهم هم المهيمنون ولكن يحصل العكس فعندما تغني الناس بالجيتار ويمدحوا بالجيتار. فهم يريدوا ان يبعدوا الغناء ويتركوه لاناس معينين ويحتفظوا بالمديح ولكن عندما يجدوا المداحين يمدحوا بالجيتار ويرتدوا ملابس معينة زي واحد ، واصبح الفنانين يؤدوا المديح (يمدحوا يغنوا في نفس الوقت ) فهذه منتهي الشوشرة.


    فالاصوليون والسلفيون يعتقدون ان المديح حرام حتي مدح النبي (ص) دعك من الغناء والموسيقي لكن هؤلاء حاولوا الخلط بين الاثنين ويريدوا ان يجعلوا لها معادلة يدخلوها في اذهان الناس.
    فلذلك انا اعتقد ان هذا التناقض خلق تغيرات اجتماعية سالبة جدا لانك تريد مسايرة العصر وفي مقاومة ،فهذا الانسان يجب الا تمنعه، اقنعه لكن يجب الا تمنعه فاذا فشلت في اقناعه فلاتحرمه، لانه يمكن ان يكتشف ملايين االحيل ليصل للهدف.


    فالتغيير الاجتماعي لدينا اصبح انفصام شخصية اصبحنا مجتمع
    (شيزوفرينك) فلم ناخذ التغير الاجتماعي كاملا ولم نستوعب كل التحولات التكنولجية والثقافية والاجتماعية التي حدثت ولم نأخذ الدين كامل فمثلا نريد لفتياتنا التعليم الجامعي ولكن نريد منها في نفس الوقت ان تكون محجبة ومنقبة فنكون نحن مشغولين بان نعمل حاجتين في ان واحد فنريد ان نعمل حداثة في شكل من اشكال الاصالة وهذه عملية صعبة جدا لان الانسان يكون في صراع شديد جدا مع نفسه لان العالم حوله يتحول ومجتمعه بالضرورة مفروض ان يتحول لكن هو لايعرف الدروب التي يمكن للمجتمع ان يتحول فيها دون ان يكون في مشكلات كبيرة فنحن في عملية الصراع والمقاومة لعملية التغيير الاجتماعي تواجها صعوبات شديدة لذلك تنتج عنها الاشياء في اسئلتك التي سالت عنها مشكلتنا ان العالم من حولنا يتغير رغما عنا والحياة تتغير ونحن نكون في حالة مقاومة أوعلى الاقل نحاول ان نعمل مقاومة بين القديم والجديد وفي هذا الصراع مرة ينتصر احدهما علي الاخر، ولكن في الاخر نحن نكون مهزومين في هذه القضية ولاننا ماسكين العصاية من نصها لانه نكون دفعنا ثمن كبير وفي النهاية تخضع لهذه المتغيرات.


    *هذه التغيرات التي حدثت لمجتمعنا هنالك من يعتقد انها عملت علي الغاء ماكان يعرف بالطبقة والوسطي او انحسارها؟


    فيمايتعلق بالطبقة الوسطي وكيف تم القضاء عليها والتاثيرات التي حدثت لها هذه ظاهرة عامة في المنطقة العربية ودول العالم الثالث ،فمع ازدياد البطالة من جانب وغلاء الاسعار وظهور طبقة فاسدة طفيلية، وهي تاخذ فائض الانتاج دون ان تنتج، فلذلك تقلصت الطبقة الوسطي وهي عدديا ممكن ان تكون موجودة، ويمكن ان تكون قد زادت ،لكن مستوي معيشتها انخفض ومستوي مساهمتها الفكرية والثقافية انخفضت،زاد انشغالهم في الحياة عامة واصبحوا (جاريين وراء لقمة العيش) وهكذا فانحسار الطبقة الوسطي ممكن ان يكون السبب الاساسي له وجود طبقات طفيلية جديدة،فالدخل اصبح متاكل لايلبي الاحتياجات الاساسية بصورة جيدة ، عمليات الخصخصة للتعليم والصحة جعلت فئة الطبقة الوسطي دخلهم منخفض فعددها زاد لكن تاثيرها في المجتمع انخفض .


    لكن نحن في السودان لدينا اسباب خاصة جدا ،بالنسبة لنا واحدة من الاسباب الرئيسية الفصل التعسفي الذي طال اعدادا كبيرة من الموظفين، الذين يمثلوا الطبقة الوسطي ،وعملية الاحلال والابدال التي تمت بصورة غير مرتبطة بالكفاءة، لذلك اصبح الوضع سئ جداً ،والطبقة الوسطي اصبحت فقيرة ولايستطيع الفرد منهم ان ياكل ثلاث وجبات، اوشراء الكتب والمجلات ولايملك وسائل ترفيه كافية، العامل الثاني العطالة وانا افضل ان اسميها التعطيل لانهم هم من يتسببوا في تعطيل الناس، لان هؤلاء ليسوا عطالة بارداتهم فهم أكملوا دراساتهم الجامعية وتخرجوا ولم يجدوا وظائف.


    الطبقة الوسطي قد لاتكون نقصت عدديا لكن اقتصاديا اصبحت فقيرة ولم يعد لها تاثيرها القديم خاصة وانها كانت طبقة رائدة وطليعية اغلب الاحزاب السياسية سواء كانت قوي حديثة اوتقليدية فمثلا مؤتمر الخريجين كان يمثل الطبقة الوسطي هؤلاء كان لهم تاثيرهم الواضح جدا كانوا قاطرة تسحب بقية المجتمع كله يعني الحركة الوطنية صنعها اناس يحسبوا بالمئات لااكثرلاننا لم ناتي عن طريق كفاح مسلح او عن طريق الافكار والمفاوضات فهذه كانت تمثل الطبقة الوسطي وبالتالي حكمت بعد الاستقلال مباشرة وكانت مسلحة بالمعرفة والتعليم والثقافة وقادرة علي تنظيم نفسها.


    *هل اثرت الهجرة الوافدة علي النسيج الاجتماعي للمجتمع السوداني ؟


    انا في الحقيقة لاأبالغ في الحديث عن الهجرة الوافدة ،لانها ليست هجرة مؤثرة لهذه الدرجة، في الاول الذين جاءوا فقراء وقادمين من ثقافات نحن ممكن أن تكون ثقافتنا اكثر تعقيدا منهم، لكن نحن في السودان دائما محتاجون لاناس ادني منا نحملهم المسئولية، ونقول هم السبب في المتغيرات التي حصلت لنا، ونستطيع ان نخلق مثل هذه الحجج ، نحن دائما نخلقها لكن السؤال يبقي هل هذه الهجرة الوافدة الان خلقت تغييرات او اثرت علي النسيج الاجتماعي ؟ بالطبع لاتوجد، اين هذه الهجرة الوافدة التي احدثت تحولات ؟ عندما تحسبها تجدها غير موجودة،


    الهجرات التي حدثت في السابق استوعبها المجتمع السوداني، انا لست ضد الهجرات لكن يجب ان تكون هجرات منتجة نحن نعيش في المليون ميل مربع وتعدادنا (يايدوب) يحصل الاربعين مليون نسمة، فنحن محتاجون لهجرات يجب ان لانتحدث عن تاثيرات الهجرة الوافدة، وكاننا نريد ان نحافظ علي هذا السودان والدم الازرق النبيل واننا لانفتح المجال لاناس يغيروا فينا كانما نحن اخلاقنا عالية جدا لاتتأثر بالفقر و بالتحولات الاجتماعية فنحن مثلا نعتقد انه لاتوجد إمرأة سودانية اصيلة يمكن ان تصبح عاهرة مثلا ، و تمارس الدعارة ونعتقد أن هناك وازع ديني يمنعها ولا نعتقد أن الدعارة ظاهرة اجتماعية يمكن ان تنتج عن الفقر وعن ظروف نفسية واقتصادية معينة فلذلك نحن دائما نعتبر انه النقائص والسلبيات (مابتجي مننا نحن السودانين بل يجلب لينا مصدر خارجي) ايا كان نوع المصدر الخارجي ونحن طبعا ابناء العباس وعندنا مكارم الاخلاق واشجع ناس في العالم واكرم ناس في العالم فبالتالي هذه الاشياء لا يمكن ان تحصل لنا كسودانيين، السوداني عنده فكرة انه هو سيوبر مان (مابتحصل ليه الحاجات دي.)


    فانا لااعتقد ان هناك نوع هجرة اولا هي ليست كبيرة لهذه الدرجة وليست مؤثرة بهذه الدرجة فما في خلل عملته في التركيبة الاجتماعية في السودان فيجب ان لانحملها ويجب ان نتحمل مسئوليتنا كاملة.
                  

02-25-2010, 03:48 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9787
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الخميس 25-02-2010
    : حيدر إبراهيم علي ل(أجراس الحرية)(2-2)


    : هذا المجتمع مليء بعقد كثيرة والانسان السوداني لم يعد طبيعيا


    *الانقاذ عملت علي حيونة الانسان السوداني


    الجامعات اصبحت مصنعا لتفريخ انسان الانقاذ المعقد


    *الحل في اعادة بناء هذا المجتمع ولاسبيل للاصلاح الا بهدم الموجود.

    حوار :سليمان سري


    اعتبر خبير العلوم الاجتماعية دكتورحيدر ابراهيم علي انالواقع الاجتماعي المعاش لايمكن تغييره او التخلص منه الا باعادة البناء وهذه الفكرة التي دعا لها في حوار مع اجراس الحرية قال انها تتطلب انسان جديد ودولة جديدة واشترط بان ذلك يحتاج لعملية هدم كامل لماهو موجود لكنه اكد بان ذلك ممكن مشيرا الي تجارب العالم الخارجي
    *ما تفسيرك لتفشي ظاهرة الرشوة ؟
    قيمة العمل اصبحت متدنية والخدمة المدنية انتهت ودمرت وموظفي الخدمة المدنية اصبحوا غير منتظمين في العمل والبعض يتهرب من العمل بطرق او باخري ويعتبر ان العمل في حد ذاته لافائدة من ورائه ، ويسالوا انفسهم لماذا العمل وحتي ان البعض اذا وجد وظيفة لايعمل ولذلك ومع وجود الاعداد الكبيرة من العطالة ـ وهم في الاصل لم يجربوا العمل نفسه حتي يعرفوا قيمته مثل سائقي الامجاد والركشات
    فهؤلاء طلاب في سن معينة نسوا تعليمهم ومنهم الخريجين وفيهم اصحاب تخصصات مثل الهندسات وهؤلاء لم يكونوا خبرة في حياتهم يمكن ان يصل عمر الفرد منهم اكثر من ثلاثين سنة ولم يعمل وهذا نزيف حقيقي وهدر لامكانات حقيقية في البلد، طبعا الاختلال الثاني الاخلاقي الذي حدث عملية الاحلال والابدال التي تمت لم تكن علي اساس الكفاءة ولابالقدرات، بالولاء وهذا ينطبق عليه قول الشاعر علي نور عندما جاري الرصافي في بيت شعره
    كل امر في السودان في غير مكانه السيف عند جبانه والمال عند بخيله والمرء ليس باسبقيه قلبه ولسانه بل بدهائه وريائه
    هذه قلبت الوضع الطبيعي فالفرد اصبح بانتمائه للحزب وقدرته علي التملق يحقق مكاسبه الذاتية لكن الذي يغيظك اكثر في المشهد الذي امامك ليس لدينا مانع ان يكون للشخص انتماءات سياسية اخواني اواسلامي وغيره، لكن الانتهازيين مثل مايقال (التركي ولا المتورك) هذا نظامهم وعملهم وضحوا فيه كما يدعوا، وهؤلاء اهل السلطة يكونوا مستفيدين من هذا النوع (الانتهازي) اكثر من ناسهم (المنظمين) يعني مشغلين هذا النوع من الناس ويعطوه المهام التي اكثر مايوصف بانها (قذرة) فهم لايدافعو عن نظامهم لكن يجلبوا اناس جدد ليدافعوا لهم عن حكمهم وهؤلاء المسلمين الجدد مثل المحافظين الجدد هم يقوموا بالدفاع عنهم (وبالبلدي يشيلوا وش القباحة) احيانا النظام لايستطيع تبرير احداث معينة، لكن هؤلاء الناس يبرروها وهذه تبرز الانهيار الاخلاقي الكامل وسلم القيم الذي اصبح معكوس بتفشي الرشوة وخلافه وغياب القدوة بل القدوة غير موجودة احيانا وتؤدي دور سيئ جدا و تلعب العكس مثلا هنالك اناس يستضيفهم التلفزيون كشخصيات مجتمع ونجد ان الناس يهتموا بهم ويتم تلميعهم لكن تحس بهم مسلحين بجهل واضح جدا مثل ماقال طه حسين للورداني قال له شخص رضا عن جهله ورضا جهله عنه فيستضيفوا اناس جاهلين جدا علي اساس انهم لديهم اموال او هم رجال اعمال وهكذا واصبحت لدينا اشياء غريبة في مجتمعنا السوداني لايوجد احد يسال عن من اين لك هذا؟ واقعنا اصبح مثل علاء الدين والمصباح السحري راسماليتنا الجديدة اغلبها راسمالية طفيلية في السابق كانت الراسمالية وطنية، وبدوا حياتهم من الصفر وهم كانوا منتجين من امثال ابو العلا والشيخ مصطفي الامين عبدالمنعم محمد منهم من اشتغل مثلا في معاصر الزيوت والمصانع وغيره، لكن هنا اصبحت هنالك ظاهرة غريبة بان يقال لك فجاءة فلان اصبح غني ورجل اعمال وفجاءة هذه ضعها بين قوسين ولاتعرف تفسيرها كيف لا والجبهة الاسلامية جلبت لنا مصباح علاء الدين السحري بل حتي العلم والمعرفة اصبحت فهلوة شديدة جدا في شخص تجده لايملك لغة اجنبية ولايعرف يكتب ويعرف حتي شروط الكتابة العلمية وتسمع انه اصبح دكتور وهذا لديه ماجستير وهذا بروفسير وهذا شكل واضح من الفهلوة كما يطلق عليها الشباب هذه الايام (مشي حالك ) واصبح التعليم فيه اهتمام بالكم وليس بالكيف لايوجد اهتمام بالمعرفة العليمية ولابالجودة وبالتالي الحياة العامة اصبحت مثل التضخم الذي حصل كم مليون كذا وهي في الواقع زيادة اصفار وايضا يقال ليك انه افتتحنا كم جامعة وطبعا كم كتاب في العاصمة الثقافية كلها مسالة كمية ولاتعمل اضافات حقيقية لافي التطور فلذلك هذه مرحلة انهيار كامل ملامحها لوتشوف مثلا بن خلدون يتحدث عن الامم عندما تنهار وتلقي فيها نفس هذه المظاهر مظاهر انه سلم القيم يختل وان الناس يبدو غير مهتمين بالعمل ولابالاخلاق وبالتالي هذه كلها مظاهر ودلائل انهيار كامل والتمسك بالشعارات لايجدي مثل المماليك والايوبيين هذه كلها ممالك فيها سلطان وملك وكل هذا الي زوال فمرات الدولة ظالمة ولوكانت تقيم الدين تسقط ، والظلم هو السوس الذي ينخر في اي دولة ويعجل بنهايتها.
    *قد تلاحظ يا دكتور حيدرالانتشار الامني الكثيف الا انه هنالك فقدان الاحساس بالامن وسط المواطنين ؟
    الان نحن نناقش كل هذه الاشياء دائما، فنحن نناقش مثلا قانون الامن الوطني وهذه تسمية جميلة جدا هوفعلا امن وطني ولكن يجب ان يحمي الوطن وليس النظام فلذلك يهمني جدا ان يكون وطني وقوي جدا يقف ضد الجريمة والاعتداءات الخارجية التي يتعرض لها الوطن لكن لاتكون حمايته للنظام فالانتشار الامني الواسع مطلوب لكن يجب ان يكون من اجل زيادة الامان عند المواطن وليس زيادة الهيبة عند الدولة الانتشار الامني الذي نشاهده الان هو لزيادة العربات والنجدة هي محاولة لفرض هيبة الدولة لكن ليس ضروري زيادة هيبة الدولة لكن يجب ان تهتم بالجانب الاخرهو الامان يجب ان يكون الامان متوفرعند المواطن لكن في نفس الوقت هناك انتشار كبير للجريمة من نهب وعصابات وتزوير وانا اعتقد القوي الامنية الموجودة قادرة علي وقف تلك الجرائم لكن تجعل هدفها الاساسي حماية المواطن ونحمد للسودان بانه لم يعد مثل بقية دول اخري مثل يوغندا وكينيا لكن هذا لا يجب ان يجعلنا نردد عبارة ان السودانين ليسوا كالشعوب الاخري البعض يعتقد ان هذه جرائم يمكن ان تحدث في دول ثانية لكن في السودان لايمكن ولو تركنا الامور تمضي بهذا الشكل وبهذه الصورة سنصبح مثلنا مثل الدول التي تنتشر فيها الجريمة
    * انتشار جرائم الاغتصاب والقتل في نطاق الاسرة هل نحمل مسئوليتها للجهات الامنية والشرطية؟
    انا لدي مصطلح استخدمه دائما لكن البعض يتضايقون منه لكنه يصف الوضع في خلال العشرين سنة من عمر هذا النظام بانه اهتم بعملية حيونة الانسان السوداني حيونته بجعله مشغول بنفسه بالرغم من انه نظام مفترض ان يكون روحانيا او فيه قدر كبير من الروحانية لكنه يختزل الانسان في ان يجعله مشغولا او باحثا عن لقمة العيش مثل ماكان الانسان الاول الذي عرف بلاقطي الثمار الان نحن اصبحنا نعيش بنفس فكرة الانسان الاول اصبحنا لاقطي لقمة العيش نقضي وقتا كبيرا جدا في البحث عن لقمة العيش كذلك هذا النظام قلل مساحة الترفيه والمتعة والاستمتاع وهذا الجانب الاخر الموجود في شخصية الانسان وقام بعملية كبت شديدة جدا علي الانسان.الكبت الموجود الان محاولة لتحريم كل الاشياء الموجودة ايضا انا اعتقد من الاشياء الخطيرة الصور التي رسمها هذا النظام عن المرأة ، والجماعة الذين يقدموا الفتاوي واطلاق الاراء الدينية ارجعوا المرأة لتكون مثل الشئ الغريب سابقا وجود المرأة كان عاديا مثل زميلتك التي تجلس الي جانبك في الدراسة او في المكتب مهما ارتدت من ملابس وهذه الاشياء لم تكن تثير الانتباه لكن ما فعله هؤلاء من تشييء المرأة أي انها ليست ببشر عادي اصبحت شيئا مثيرا حسب العقل المتخلف وقاموا بتقسيم وتشريح جسدها مثلا يحددوا الشعر مثير لاي درجة وبالتالي تبدأ المرأة تشعر بنفسها كشئ مثير للشهوة والغواية والاغراء وليست انسان وهذا سلاح ذو حدين المرأة في شعورها هي نفسها لم تعد تنظر لنفسها كشخص طبيعي والجانب الاخر من الرجال بالذات في مستوي تعليمي وثقافي معين ايضا المرأة بالنسبة لهم تعني شئ غريب وشئ ساحر ويريد باي طريقة ان يخترق هذا الشئ الساحر والغامض لذلك الذهن دائما مشغول بالمرأة و(بهلاويس) معينة بما يسمي بالمرأة لذلك الذين يقعوا في جرائم الاغتصاب اذا راي اي جزء من المرأة حتي لو كانت بنت عمرها خمسة سنوات تقوم (الشياطين المدورة في راسه والصور الموجودة تسخن) وبعدها تحدث عملية الاغتصاب وبعدان يقضي حاجته الجنسية يشعر انه ارتكب جريمة كبيرة جدا ويحاول التخلص من اثار الجريمة فيقوم بارتكاب جريمة اخري بان يقتل الطفلة فلذلك هذا المجتمع ملئ بعقد كثيرة جدا والانسان السوداني لم يعد انسانا طبيعيا عادي فاصبح ملئ بالعقد والتابوهات ومحاط بالمحرمات واختلطت عليه الاشياء فعندما يفتح التلفزيون مثلا يشاهد هيفاء وهبي اونانسي عجرم وعندما يخرج الي الشارع يقابل الفتيات منقبات بالاسود فهومحروم وبقت الاشياء مفتوحة امامه وهذا الانسان المحروم يمكن ان يرتكب اي جريمة لان عقله تعطل وحدث تشويه لوجدانه فمسكين الانسان السوداني تمت حيونته في السنوات الاخيرة . وهذا النظام يستغل فكرة انه لايريد الانسان الواعي والمدرك والمحب للحياة وهذه اشياء مهمة جدا النظام يريد انسانا يائسا ومحبطا والحياة امامه ليست لها معني فهذا هو انسان الانقاذ باختصار.
    من جانب اخر الجامعات كانت مكان منابر لكن غياب المنابرـ اي مكان تكوين الوعي والراي وقبول الراي الاخر الحوار اثر علي عقول الطلاب فلابد ان يتعرف الطالب وينفتح علي العالم وعلى الكون حتي المختلفين معه دينيا اوثقافيا وبالطبع لابد انها تكون مختلفة معك ولو الانسان يستمع للافكار التي تتفق معه لايضيف لنفسه شئ. وانت تختبر عقلك بان تعرف الافكار المختلفة معك وتقبل ان تناقشها وتحاورها بالاضافة الي ان المستوي الاكاديمي منحط جدا و الجامعات اصبحت مصنعا لتفريخ انسان الانقاذ المعقد والجامعات بدلا من أن تكون امكنة للتنوير اصبحت مزارع لزيادة الحيونة بشكل اكبر مثل مزارع الدواجن وهذه مشكلة والمشكلة الاكبر ان المستقبل نفسه قاتم والمستقبل يبدا من هنا والان هل الطلاب الذين يتم تاهيلهم علميا مؤهلين علميا ولهم ثقافة واسعة ولديهم قدرة علي التفكير المستقل والاستمتاع بالحياة ولديهم امل بان الحياة تستحق ان تعاش لكن هذا غير موجود واصبحت مزارع دواجن لتخرج هذا الانسان الداجن والمحيون ليكمل المشوار لذلك نحن نقول بان الانقاذ اخذت كل الحاضر ومدت يدها وسرقت المستقبل فكونها تربي اجيالا بهذا الاسلوب يعني انها سرقت المستقبل لان المستقبل يبدا الان من هنا.
    اذن ما هو المخرج ؟
    المخرج اعادة البناء لان هذا الواقع (شكله كدا) وسيستمر بهذه الصورة لفترة طويلة ولابد في النهاية ان يؤدي هذا الواقع للانهيار الكامل. ولايوجد مخرج الا باعادة البناء بعد ان يسقط كل هذا وانا لااري اي طريقة الي الاصلاح في هذا الوضع هذا مجتمع ودولة وثقافة وبشر فقدوا قدراتهم كلها في ظروف مثل هذه واعادة البناء ليست تشاؤما حتي الايدولوجيات القديمة كانت تتحدث عن هدم القديم لبناء الجديد فنحن بدأ التهدم لدينا ذاتيا ونفكر بان البديل يكون عندنا اعادة بناء لشئ جديد لكن الموجود هذا يستحيل اصلاحه فلوكانت لدينا مهمة مستقبلية فهي كيف نعيد بناء مجتمعنا ودولتنا وثقافتنا ابتداء؟ .لكن ما هو موجود الان غير قابل للاصلاح!!.
    نحن نريد اولا مواطنا مدركا لحقوقه كمواطن وانسان عارف ومتعلم ومثقف ومحب للحياة ويريد ان يبني وطنا ويكون فيه شخصية الوطني والعالمي في نفس الوقت فالمواطن في هذا المستوي لاياتي من الفراغ فهو محتاج لدولة معينة وعندما نقول اعادة البناء ، فهذا يعني دولة جديدة وانسان جديد ومجتمع جديد وهذا ليس بالامر المستحيل ففي اليابان حصل وفي المانيا بعد النازية فهذا ليس بالجديد في تاريخ الشعوب و اعادة البناء من الصفر ممكن.
                  

02-25-2010, 11:14 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    اعادة اختراع الفشل!!

    السودانى


    الأربعاء, 24 فبراير 2010 07:03


    * يبدو من ملامح اتفاق الحكومة مع حركة العدل والمساواة انه ليس سوى اتفاق لاقتسام الغنائم والمناصب، خاصة أن خليل ابراهيم كان جزءا من النظام، وخرج بعد المفاصلة بين البشير والترابي ثم عاد الآن، ولا أحد يعرف بعد ما اذا كان الترابي جزءا من الاتفاق ام لا، بحكم علاقته الوثيقة مع خليل، وغرامه الكبير باللأعيب السرية.. (اذهب الى القصر رئيسا، وسأذهب الى السجن حبيسا).. إلخ!!
    * عند توقيع اتفاق أبوجا (تحت الضغط الأمريكى) توقع الكثيرون أن يكون مصير الاتفاق هو الفشل لانه لم يراع الحل الشامل وحقوق مواطنى دارفور، وهو السبب الذى أرغم الحركات الرئيسية على الانسحاب من المفاوضات وعدم توقعيها على الاتفاق النهائى،


    وكان مصير ابوجا، كما شهدنا - هو الفشل الذريع!!
    * وهاهو التاريخ يعيد نفسه، فالاتفاق الذى تم التوصل اليه فى تشاد (تحت ضغط الحاجة الى مكاسب عاجلة بالإضافة الى الضغط الأمريكى) وسيتم توقيعه فى قطر (للمجاملة)، وقع فى نفس أخطاء أبوجا باستبعاد أطراف أساسية فى النزاع من المفاوضات (حركة تحرير السودان،عبدالواحد) بضغط من حركة العدل والمساواة التى تريد أن تنفرد بالغنائم، بالاضافة الى بقاء أزمة حقوق المواطنين ونظام الحكم بدون حلول تقريبا!!


    * كلنا نعرف أن (حركة عبدالواحد) تستند الى قاعدة شعبية كبيرة فى اقليم دارفور بحكم انتمائها الى قبيلة الفور، أكبر القبائل الدرافورية وأكثرها تضررا من الحرب، كما أن حركة تحرير السودان (مناوى) التى وقعت اتفاق ابوجا وهى تمثل الفور ايضا، غير راضية عن الأوضاع وتعاني من التهميش، وقد سبق لزعيمها مناوي أن ترك القصر الجمهوري واعتكف مع قواته في المناطق التي تقع تحت سيطرتها في الاقليم، ومن المرجح أن تزداد أزمته مع الحكومة بعد عودة خليل ابراهيم (الذي ينتمي الى قبيلة الزغاوة)، بسبب الخلافات الكبيرة بين الرجلين والحركتين اللتين يقودانها!!


    * إذن.. فإن أكبر القبائل في دارفور وأكثرها تضررا والأكثر انتشارا في المعسكرات.. لا تزال خارج دائرة الاتفاق، مما يؤكد أنه اتفاق ناقص، ان لم يكن عديم الجدوى كسابقه، بالاضافة الى بقاء كل الأزمات الأخرى فى المشهد السياسي السوداني معلقة بدون حلول!!
    * نحن في حاجة الى نظرة شاملة تعالج كافة القضايا العالقة في الازمة السودانية، بدلا عن سياسة القطاعي التي اثبتت فشلها، مما يتطلب التروي وتوسيع قاعدة المشاركة وتأجيل الانتخابات (كما اقترحت من قبل).. وإلا فإننا لن نفعل شيئا سوى اعادة اختراع الفشل!!

                  

02-26-2010, 07:55 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    خليل ابراهيم لـ «الحياة»: لا نساوم على حقوق «المهمشين» في دارفور وغيرها وسنشارك في الانتخابات بعد عودة النازحين واللاجئين
    الجمعة, 26 فبراير 2010 07:00
    الدوحة - محمد المكي أحمد

    دعا رئيس «حركة العدل والمساواة» الدكتور خليل ابراهيم الحكومة السودانية الى تنفيذ بنود «اتفاق الإطار» الذي وقعته الحركة في الدوحة مع الحكومة السودانية في قطر يوم الثلثاء الماضي «لأن الغش يردنا الى الحرب من جديد»، مشدداً على أن «السلام هو خيار الحركة الاستراتيجي على رغم أنها الآن في قمة قوتها السياسية والعسكرية». وشدد على ضرورة تأجيل الانتخابات المقررة في نيسان (ابريل) المقبل في السودان حتى عود النازحون واللاجئون الى ديارهم، وأعلن أننا سنشارك في الانتخابات اذا تم تأجيل موعدها. ورأى في حديث الى «الحياة» أنه لا بديل عن الديموقراطية في السودان وأن الديكتاتورية تؤدي الى تخلف البلد، وأكد أن «حركة العدل والمساواة» لا تتنازل عن الثوابت وعن حقوق المهمشين والمواطنين، ولا نساوم في شأن مطالب الشعب السوداني. ونفى أن يكون الاتفاق الذي وقعته الحركة في الدوحة مع الحكومة السودانية عبارة عن صفقة ووجه انتقادات شديدة لمجموعات دارفورية أخرى وقال إنها لا تريد أن تتوحد مع حركته وتستثمر وتُسمسر في أجواء الصراع بين الحكومة السودانية و «حركة العدل والمساواة».



    وهنا نص المقابلة التي أجريت على هامش مشاركته في حفلة توقيع الاتفاق مع الحكومة السودانية في الدوحة.



     ماذا يعني توقيع حركة العدل والمساواة والحكومة السودانية على «اتفاق اطار» في الدوحة في اطار الوساطة القطرية العربية الأفريقية الدولية؟



    - من دون شك الحدث عظيم، وهو تحول كبير وانتقال من مرحلة الحرب الى مرحلة السلام، وهي مرحلة مهمة والقرار أيضاً كبير، وقد اتخذنا القرار (قرار التوقيع على الاتفاق) لأن السلام هو الخيار بالنسبة إلينا وهو قرار استراتيجي على رغم أن ظروف الحرب (بالنسبة الى حركة العدل) هي في أحسن أوقاتها، حيث إنها في قمة قوتها السياسية والعسكرية (الآن).



    وعلى رغم ذلك اتخذنا هذا القرار (قرار التوقيع على اتفاق الإطار) والإمكانات الذاتية (للحركة) ستكون ضمانة ذاتية لتنفيذ الاتفاق والسير الى الأمام ان شاء الله.



    وكنا وقعنا اتفاق الإطار (توقيعاً مبدئياً بالأحرف الأولى) في نجامينا وكان للرئيس التشادي ادريس ديبي دور كبير في انجاح التفاوض بين حركة «العدل والحكومة السودانية».



    جئنا الى قطر لتوقيع الاتفاق في شكله النهائي لأن الدوحة هي مقر المفاوضات (بين الحكومة السودانية والحركات الدارفورية)، وهي دولة حاضنة لكل العملية السلمية، ولذلك جئنا (الى الدوحة) للتوقيع على الاتفاق وسط حضور دولي كبير.



    هذا الاتفاق هو بداية لمشوار السلام، وبداية لحوار بين «حركة العدل والمساواة» والحكومة السودانية ونرجو أن ينتهي هذا المشوار الى سلام شامل وعادل ودائم ان شاء الله وليس في دارفور (فقط) بل في المنطقة كلها، كما نرجو أن يعود بالخير لكل أهلنا في السودان أين ما كانوا.



    * كيف تنظر وتقوم أبرز مضامين الاتفاق الإطاري بين «حركة العدل والمساواة» والحكومة السودانية؟



    - هذا الاتفاق استهدف أسباب نشوب الحرب (في دارفور) وقضايا اللاجئين والنازحين وحقوقهم ومستقبلهم، فمسألة اللاجئين والنازحين هي من المسائل الجانبية للحرب (من إفرازات الحرب) لكنها مهمة في اطار معالجة المشكلة برمتها. كذلك تناولنا مسألة التنمية في المنطقة لأن الفقر والتخلف من الأسباب الرئيسة لنشوب الحرب ولقيام ثورات متعددة ولفترات طويلة منذ الاستقلال (في عام 1956). كذلك تناولنا مسألة قسمة الثروة والسلطة والترتيبات الأمنية ومستقبل جيش «حركة العدل والمساواة»، كما تكلمنا عن الحواكير والأراضي وأهمية عودة النازحين واللاجئين (الدارفوريين الى مناطقهم وقراهم)، كما تكلمنا عن قضايا الهامش كله (عن المهمشين في درافور والسودان، وعن علاقة المركز (الحكومة المركزية في الخرطوم) بالأطراف (أقاليم السودان).



    تكلمنا كثيراً عن الحكم الفيديرالي (وأهميته في السودان)، كما تكلمنا عن الحريات حيث نص الاتفاق على ذلك، اضافة الى (ضرورة) التحول الديموقراطي في البلد.



    * وماذا عن قضية وحدة السودان؟



    - هذا أول بند (في اتفاق الإطار بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة)، ونحن نشدد على وحدة السودان أرضاً وشعباً، لكن هذه الوحدة مطلوبة هذه المرة على أسس جديدة، وهناك قضايا سيتم تفصيلها أثناء المفاوضات.



    * برز في اتفاق الإطار اهتمامكم بقضية الأسرى والمحكومين من منتسبي «حركة العدل والمساواة»؟



    - نحن ركزنا أولاً على وقف إطلاق النار ووقف العدائيات بين الطرفين ( الحكومة وحركة العدل)، ويشمل ذلك الأعمال العسكرية والإعلامية وغير ذلك.



    أما بالنسبة الى الأسرى فركزنا على عملية اطلاق سراح أسرى الطرفين (الحكومة وحركة العدل)، اضافة الى المحكومين والمسجونين والمعتقلين، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، حيث تم الاتفاق على اطلاق سراحهم فوراً.



    * وهل سيتم اطلاق أبناء دارفور المعتقلين فقط؟



    - لا، كل المعتقلين السياسيين من أبناء السودان، وقد طالبنا بإطلاق سراح كل هؤلاء.



    * هل تم ذكر ذلك في اتفاق الإطار؟



    - منصوص على ذلك، لكن هل يتم اطلاق سراحهم أم لا، فطبعاً التنفيذ (مسؤولية الحكومة السودانية).



    * وهل لديكم آلية لتنفيذ ما اتفقتم عليه من بنود في اتفاق الإطار مع الحكومة السودانية؟



    - حتى الآن لا توجد لدينا آلية، لكن تم النص في الاتفاق على ان تكون هناك آليات لتنفيذ الاتفاق، وأتوقع بعد توقيع الاتفاق أن نجلس (وفدان يمثلان الحكومة وحركة العدل) لنفصل آليات التنفيذ، وخاصة ما يتعلق بوقف اطلاق النار ومراقبة ذلك ومتابعة موضوع اطلاق الأسرى والسجناء.



    ونحن لدينا عدد من الأسرى، وقبل ايام تم أسر عدد كبير من (ضباط وجنود) الجيش السوداني، ونحن كنا وجهنا جيشنا (بعدم شن عمليات) لكن الحكومة حاولت أن تكسب معارك (في دارفور) فخسرت معارك وخسرت عدداً كبيراً من العسكريين، وسيكون هؤلاء ضمن الأسرى الذين سنطلق سراحهم.



    * وهل ستبادر الى اطلاق أسرى الحكومة، خاصة أنك أطلقت أسرى حكوميين بالتزامن مع توقيع حركة العدل والمساواة والحكومة السودانية على اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة في قطر قبل فترة؟



    - انا لدي استعداد لإطلاق الأسرى، وأنا لا مصلحة لي في حبس (أسر) أي سوداني لكن لا بد أن يفهموا (مسؤولو الحكومة السودانية) أنني سأطلق الأسرى ليس لأنني ضعيف، ويمكن ان يكون لدي اليوم أكثر من خمسة الى ستة آلاف أسير لكننا نحرص على اطلاق سراحهم بعد المعارك (مع القوات الحكومية)، وأنا كنت أتمسك بأسر الضباط فقط، أما الجنود فكنت أطلق سراحهم، فهم مهمشون وغرر بهم، وكنا نعالجهم ونكسوهم ثم «نفكهم» (نطلق سراحهم) وهذا كان يحدث دائماً، خاصة انه لا توجد لدينا إمكانات للاحتفاظ بعدد كبير من الأسرى.



    عموماً أطلقنا آلاف الأسرى، والمأسورون حالياً أغلبيتهم ضباط.



    * كم عددهم؟



    - عددهم كبير.



    * هناك مشكلة سودانية تتعلق بعدم الصدقية في تطبيق الاتفاقات، ماهي دعوتك في هذا الشأن للحكومة السودانية؟



    - والله أنا أقول إنني أريد أن تصدُق معنا الحكومة السودانية، لأن الغش لا يستمر، والغش يردنا للحرب من جديد، وحركة العدل أصلاً لا تساوم في شأن الثوابت ومطالب 022634b.jpg الشعب وكي يكون السلام حقيقياً لا بد من ان يكون هناك تنفيذ، ونحن سنقوم بواجبنا.



    * وهل ستلتزمون وقف اطلاق النار؟



    - نلتزم وقف اطلاق النار، ونلتزم بإطلاق الأسرى، ونلتزم بكل شيء نوقع عليه، لكن بالمقابل نريد من الطرف الآخر أن يلتزم بما وقع عليه.



    * القضية الساخنة في السودان حالياً هي قضية الانتخابات المقررة في نيسان وهي قضية جدلية بينكم وبين الحكومة السودانية، ما هي دعوتك في هذا الإطار؟



    - أدعو الى تأجيل الانتخابات وإتاحة فرصة المشاركة للعدد الكبير من النازحين واللاجئين خاصة من دارفور وكردفان (اقليم في غرب السودان مجاور لدارفور وتضم حركة العدل عدداً من القيادات من أبناء الإقليم) ويجب عدم تغييبهم عن (المشاركة) في الانتخابات.



    وحركة العدل نفسها يمكن ان تشارك في الانتخابات (إذا تم تأجيل موعد إجرائها)، ولا أرى داعياً للاستعجال في إجراء الانتخابات، خاصة اننا ندخل الآن مرحلة السلام وهناك ضرورة لعودة الملايين من النازحين واللاجئين الى ديارهم في دارفور قبل إجراء الانتخابات.



    * وهل ناقشتم هذه المسالة مع الحكومة؟



    - لم نناقشها حتى الآن، لكن طلبنا قائم وهو طلب رسمي، ونحن نريد تأجيل الانتخابات.



    * إذا قررت الحكومة السودانية تأجيل الانتخابات هل ستشاركون فيها؟



    - سنشارك ان شاء الله.



    * هناك أيضاً قضية مهمة جداً تتعلق باتهامات توجهها الى «حركة العدل والمساواة» حركات دارفورية أخرى وهي تتهمكم بأنكم تطرحون عليها فكرة الوحدة الاندماجية بهدف إقصائها، وهي ترى أن الاتفاق الذي وقعته مع مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين هو صفقة بينكم والحكومة السودانية، بهدف إطلاق يد دكتور خليل ابراهيم في دارفور، كيف ترد؟



    - أخي الكريم نحن نريد وحدة الحركات الدارفورية ونحن من دعاة الوحدة وقد طرحنا برنامج وحدة اندماجية بين الحركات كما أن تعدد الحركات أصبح مهدداً للقضية نفسها (قضية دارفور)، ويشوش على القضية، وتلك الحركات لا تتصرف بمسؤولية ولا تدفع فاتورة الحرب، ولا توجد على الأرض وتضم اشخاصاً في غالبيتهم لا علاقة لهم بما يجرى في دارفور.



    هم أشخاص كان بعضهم جزءاً من حركات (دارفورية) اندثرت، وبعضهم كان طارئاً على القضية ودخل من جديد، كل هؤلاء يقولون إنهم حركات (دارفورية مسلحة)، «أوكي» أنتم حركات؟ أنتم مجتمع مدني لم تدفعوا فاتورة الحرب، وكل الحركات التي تحارب على الأرض توحدت في حركة العدل والمساواة (برئاسته)، واصبح اسمها «حركة العدل والمساواة الجديدة».



    هذه الحركات التي توحدت في حركة العدل هي 29 حركة وتضم قيادات معروفة وقبائل عربية، وكل هؤلاء توحدوا معنا، وهناك قبائل اخرى يمثلها مثلاً سليمان جاموس كما توحدت معنا قبائل في كردفان وبينها قيادات من المسيرية (قبيلة عربية في غرب السودان)، وكلنا أصبحنا حركة واحدة.



    مشكلتنا ان المجموعات الأخرى (خارج عضوية العدل والمساواة) لا تريد أن تتوحد وهي تريد ان تستثمر وتسمسر في الأجواء التي تدور أثناء فترة الصراع المسلح بين «حركة العدل والمساواة» والحكومة السودانية.



    ونحن نحارب عنهم وهم يقولون (من دون ان يخوضوا الحرب في دارفور) أنهم حركات (مسلحة)، وهم يجدون دولاً توفر لهم السكن وتصرف عليهم وهذا يشوش علينا، وليس في برنامجهم أنه يمكن ان تدخل «حركة العدل والمساواة» يوماً ما في برنامج السلام.



    برنامجهم كله قائم على مقاومة «حركة العدل والمساواة» والتشويش عليها، وهم بعيدون عن الحرب ولا يوجد لهم أي شيء مع الحكومة السودانية، وعندما تخرج «حركة العدل والمساواة» من الحرب الى السلام فالناس «ديل» (تلك المجموعات الأخرى) ليس لديهم قضية، وعلى رغم ذلك ندعوهم لنتوحد، وأنا أمد يدي اليهم وسيجدون الفرصة والمشاركة والاحترام، لنتحول كلنا الى حزب سياسي.



    * في ضوء كل هذه التفاعلات حول قضايا السودان ودارفور خاصة، هل لديك علاقة تواصل مع القوى السياسية السودانية داخل السودان، خاصة انك وقعت اتفاقاً قبل فترة مع حزب الأمة القومي برئاسة الإمام الصادق المهدي؟



    - أنا على علاقة مع كل الأحزاب السودانية/ وقبل دخولك (الى مقر إقامته في قطر) كنت أتحدث قبل قليل مع السيد الصادق المهدي، وانا على اتصال مع كل قادة الأحزاب الموجودين في السودان، ونتعاون معهم ونفكر معاً في شأن مستقبل السودان، وأخطرهم بما يجري (حول قضية دارفور).



    العمل الذي نقوم به (في حركة العدل والمساواة مع الحكومة السودانية) ليس معزولاً (عن الشارع السياسي السوداني)، وبعض الأفراد (من منتقدي حركة العدل في حركات أخرى) يرون في ذلك انتهازية أو صفقة بين حركة العدل والحكومة، لا ليست صفقة، هذا (عمل من أجل) السلام، وهناك استحقاقات على الحكومة السودانية ان تدفعها، وكلامنا منشور ومعروف وكل الناس تعرف (ما تم من توقيع على اتفاق الإطار في الدوحة)، وكنا قدمنا دعوات لدول كثيرة جداً لحضور حفلة التوقيع على الاتفاق (الذي وقع في قطر).



    وصل الى الدوحة الرئيس الاريتري اساياس افورقي وحضر حفلة التوقيع، ودعونا الرئيس الليبيي معمر القذافي وقد اوفد وزير الخارجية موسى كوسا، ووصل الى الدوحة الرئيس التشادي ادريس ديبي، كما دعونا مبعوث الرئيس الأميركية للسودان السيد سكوت غرايشن وقد شارك في حفلة التوقيع على الاتفاق الإطاري، وقد أ بلغنا ايضاً بذلك إخواننا الفرنسيين والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي كما شاركت جامعة الدول العربية.



    ما نقوم به ليس أمراً معزولاً وهو عمل مشهود وان شاء الله يكون عملاً مباركاً.



    نحن نعمل تحت الضوء و «مافيش» تنازل عن الثوابت أو عن حقوق المواطنين.



    * هل يعني كلامك أنك ما زالت تدافع عن حقوق المهمشين وحقوق أهل أقاليم السودان الأخرى وليس دارفور فقط؟



    - سنظل في خدمة المهمشين وفي خدمة القضايا الوطنية، لا تنازل عن تلك القضايا.



    * وما موقفك من النظام الديموقراطي الذي يطالب به الشعب السوداني وقواه السياسية وقوى المجتمع المدني؟



    - لا بديل عن الديموقراطية إطلاقاً إذا أردنا ان نتقدم كما تقدمت شعوب العالم، والديكتاتورية لا تقدم بل تؤخر، والكبت يؤخر البلاد، ولا بد من حرية الكلام والنشر وحرية امتلاك وسائل الإعلام.



    هذه مسألة مهمة جداً لأن الحكومة (أي حكومة) باحتكارها وسائل الإعلام ستطلع المواطنين على ما تريد، وفي تلك الحالة سيعيش الناس في حالة فقر ليس للقروش (المال) بل للمعلومات، وهذا يتسبب في تخلف البلد، لأن الحرية تخلق ابتكارات كما انها تطور قدرات المجتمع وتطور الإنتاج الفكري والتنموي. الحكومات هي أشخاص محدودون، وإمكانات المجتمع هي اكبر من إمكانات الدول، ولذلك الحرية هي مسألة أساسية.



    * سؤالنا الأخير كيف تنظر الى الوساطة القطرية بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة؟



    - أنا أعتقد أن إخواننا في قطر بذلوا جهداً كبيراً، وانا أشكر أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني (وهو رئيس اللجنة العربية - الأفريقية الدولية المعنية بملف دارفور) ووزير الدولة القطري للشؤون الخارجية السيد أحمد بن عبدالله آل محمود.



    هم بذلوا جهداً خارقاً وصبروا واجتهدوا وصرفوا 022622b.jpg بسخاء.



    عدد الحاضرين (المشاركين في مفاوضات الدوحة) كبير جداً في هذا المحفل، سواء كانوا من الحركات (الدارفورية) أو أعضاء منظمات المجتمع الدولي، وقد صرف القطريون كثيراً من المال والجهد والتفكير، وصبروا أيضاً لأن القضية معقدة وهي من أكثر القضايا تعقيداً في العالم، والحمد لله سبحانه وتعالى فإن مجهودهم تكلل بنجاح كبير، وأعتقد أنهم الآن قاب قوسين أو ادنى من (تحقيق ) السلام (في دارفور).



    ونحن نريدهم أيضاً أن يكونوا معنا في تنمية البلد (دارفور والسودان)، لأن غياب التنمية هو الذي أدى الى الحرب، ولأنه لا يكفي فقط التوقيع على اتفاق سلام، نحن نريدهم ان يذهبوا معنا (الى دارفور والسودان) للمساهمة في التنمية.



    وهنا أوجه فائق الشكر والتقدير لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي أعلن عن انشاء بنك للتنمية في دارفور.

                  

02-28-2010, 06:03 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9860
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الأحد 28-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى

    : مستشار رئاسة الجمهورية الذي يدس انفه في كل مكان، ولا زال يكلف الخزينة العامة كلفة رحلات (الله اعلم بعائدها) ولكنها رحلات وأسفار فاقت من حيث الأميال المقطوعة ذهاباً واياباً رحلات وسياحات ابن بطوطة وماجلان وماركو بولو وابن جبير وناصر خسرو والمقدسي وماجيلان وكرستوفر كولمبوس وابن
    حوقل والكلداني وياقوت الحموى مجتمعين..!! هذا المستشار الرحّالة قال انهم سيقومون بعد الانتخابات بتثبيت المشروع الحضاري.. ثم قال ان حزبهم لا يستخدم أموال وممتلكات الدولة...!! (ولله في خلقه شؤون)..!!



    كنا نظن ان هؤلاء الجماعة قد اصابهم (قليل من الرشد) في حكاية المشروع الحضاري بعد ان عرف الناس ماذا يعني هذا المشروع؟ وماذا فعل بالسودان؟ والي أين انتهى بالسودانيين؟ حتى كره الناس سيرة (المشروعات) وسيرة (الحضارة) وتمنّوا بشئ من السخرية الشعبية اللاذعة لو الإنقاذ باعته كما تجرأت على بيع مشروعات السودان الراكزة والتي هي فعلاً مشروعات (بحق وحقيق)..!!



    بعد عشرين سنة يتحدثون عن (فترة أخرى) تمكنّهم من إقامة مشروعهم، وهم كما أشرنا يقولون في خطبهم انهم يريدون انتشال السودان في الفترة القادمة (من الحفرة) ولا ندري ما هو المنطق في ذلك بعد أن وجدوا فرصة حكم السودان لمدة عشرين سنة مع تكميم كل الأفواه واحتكار كل السلطات، ثم يريدون أن يمنحهم الشعب أربعة أعوام جديدة لينجزوا مشروعهم ويخرجوا البلاد من النفق الذي ادخلوه فيه.. ومن سخرية الدنيا والعالمين ان يكون الذين (نشلوا السودان) وغطسوا حجره هم أنفسهم من يمكن ان ينتشلوه .. فهذا هو المستحيل الذي قال عنه (ود الرضي) الشاعر المُبدع عن الغرام المستحيل والبحر الغريب الذي تطفو فيه الأحجار، ويغطس فيه ريش الحمائم؛؛ (ببحراً للحجر عوّم **وغطّس ريشة الحوّم)...!!



    هذا باب..والباب الآخر: ألا يخجل هؤلاء الناس من ترديد عبارة انهم لا يستخدمون موارد وأموال وعقارات الدولة لحزبهم وهم منذ وصولهم (ومن قولة تيت) صادروا النادي الكاثوليكي في أسوأ إجراء ينم عن احتقار ومصادرة الآخر... وإذا قال الناس: اها... بعد أن تمت مصادرة النادي المُغتصَب... لمن يؤول؟ هل يؤول للدولة أم للمؤتمر الوطني؟ وكلاهما أمر خاطئ ومؤسف كأسوأ ما يكون التنكر وأردأ ما يكون الخطأ ...!!



    على أي بند يتنقّل المؤتمرجية بالطائرات والسيارات الحكومية قي مشاويرهم الخاصة؟ ومَنْ يتبرع بأموال الدولة في المهرجانات الحزبية؟!.... هذا إذا تحدثنا عن أموال وممتلكات الدولة... ولم نتحدث عن (السواهي والدواهي) التي يعلمها القاصي والداني (من حلوق الريف لي سدودا)...!!

    -------------------------------

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9829
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : السبت 27-02-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : لا يمكن الا تكون هناك بعض كلمة في وداع الكاتب المصري وفارس القلم والسياسة والفن والتاريخ والاجتماع (يوسف الشريف) الذي رحل عن دنيا البشر قبل أيام مخلّفاً ذكري عطرة قوّية النفاذ على نطاق الحياة الصحفية والثقافية في بلاده، وكذلك بالنسبة للسودان والسودانيين خاصة، فقد كان للرجل اهتمام كبير بالسودان ومحبة خالصة لأهله، تبدو شاخصة وشامخة لكل من عرفه عن قريب أو بعيد، أو منخلال ما كان يكتبه عن السودان بمعرفة وبمحبة لا تخفى ..! وليس هذا بغريب على جسر المشاعر الذي مرّ عليه كثيرون من مصر والسودان، يؤكدون على معاني ما يربط بين (جانبي الوادي) بمشاعر صادقة عبر مجالات الثقافة والفكر الاقتصاد والسياسة والجغرافيا والاجتماع والأدب و(العلائق الباقية) والشعر الشفيف؛ حتى أن محمد سعيد العباسي كان يقول عن مصر (الناسُ فيكِ اثنان: شخصٌ قد رأى... حسناً فهام به، وآخر لا يرى).!! وهذا من طريف المعاني غايته أن الذي لا يرى جمال مصر هو ببساطة أعمى بصيرة طمس الله عينيه..!


    ما كتبه الراحل يوسف الشريف عن السودان أكثر من أن يُحصر، وقد كان يتحدث عن السودان حديث العارف المُدنف المحب الشفيق، مع الصراحة وتمحيض النصح وعدم المداراة، فلم يكن من جماعة طق الحنك بالعبارة الكسولة التي تقف عند حد (العلاقات الأزلية).... بل كان شديد الإيمان بالطاقات الكامنة في السودان، وبمنظومة القيم السودانية، وقد كان إيمانه بذلك إيمان معرفة بالسودان عبر زيارات وعلاقات ومتابعة وقراءة وتأمل وبصيرة، لذا كان لا يبالي بتقلب أجواء العلاقات أو أهواء السياسة، وقد كان نصيراً للحركة الديمقراطية في السودان، مشفقاً على ما حل به من أوشاب شموليات كادت أن تغطي على مياهه الرائقة الصافية..!


    و على صعيد سيرته الصحفية المعرفية كان الشريف صحافياً وكاتباً شاهقاً، عرف الكثير من الزعامات السياسية على الصعيدين العربي والإفريقي، كما عرف كبار الفنانين والروائيين والمفكرين والمثقفين، وقد كان محرراً عسكرياً عالي المهنية في مرحلة من حياته العملية وقام بتغطية الحروب والصراعات في اليمن والسودان والقرن الإفريقي..ومن مؤلفاته: (السودان وأهل السودان) و(اليمن وأهل اليمن) و(عبد الرحمن الخميسي) و(كامل الشناوي) وكُتب وأسفار أخريات وسجل عريض من المقالات والأعمال الصحفية والثقافية.. وسيرة ذاتية عامرة بأخلاق الفرسان .. مفعمة بمداد القلم الشريف...!!


    ------------------


    حياة الأفكار وبرامج الشعار
    : خالد فضل:

    * من قبل، نسب للدكتور غازي صلاح الدين العتباني، القيادي في الحركة الإسلامية السياسية السودانية المهيمنة سلطوياً الآن، قوله "أنّ الإسلام هو الحل شعار فضفاض". و للتأكيد على أنّ هذا الشعار عبارة عن "خيال مآتة" كما تقول العرب، أو "همبول" كما نسميه في حواشات المزارعين في الجزيرة، وهو عبارة عن أعواد على هيئة إنسان لزوم درء السارقين و نش الطير، لتأكيد مقولة د. غازي تلك، فإنّ د. حسن عبدالله الترابي، كان قد اعترف في ندوة جامعة القرآن الكريمالمشهورة عقب ما سُمي بالمفاصلة في أواخر العام 1999م و بداية الألفية الجديدة، بأنّ الحركة الإسلامية عجزت خلال عشر سنوات (98 – 1999م) في انتاج كتاب واحد في الفكر السياسي.



    * ملاحظة د. الترابي، و إفادة د. غازي، وهما من القادة الفكريين للحركة السياسية الإسلامية السودانية تؤشر إلى بؤس فكري حقيقي تعمه فيه هذه الحركة، و تعوض هذا الضمور الفكري بحركة بهلوانات دعائية، و هياج عاطفي، سرعان ما يتبدد أمام أي عمل فكري رصين يعتمد على الحقائق لا على ما يشتهي المرء.. ولعلنا نجد في استمرار أدب و فكر الأستاذ محمود محمد طه أحد النماذج الحاضرة، فبينما يعاد باستمرار التأمل واكتشاف الإمكانات الفكرية المهولة التي انطوت عليها كتابات وأفكار الأستاذ محمود محمد طه، نجد أنّ عتاة الإسلاميين، والكتاب والصحفيين المنتسبين للحركة السياسية السلطوية بشكل أخص لا يزالون يحومون حول هياكل لفظية لعبارات وجمل مستلة من سياقاتها، ضمن ما نشره الأستاذ محمود، عبارات وجمل مستهلكة تتحدث عن "كُفر" و "ردة" و "مروق" الأستاذ محمود..


    بينما الفعل السياسي و حركة السياسة في بلادنا قد أوصلت القادة السياسيين للحركة الإسلامية إلى محطات الإقرار بـ "دولة المواطنة" و "حرية الاعتقاد" و "المساواة" والاعتراف بالتعددية الثقافية و الدينية و العرقية و اللغوية.. الخ، مما يعتبر بكل تأكيد، ليس من أدبيات أو أفكار جماعات "الاسلام هو الحل كشعار فضفاض" وحتى محاولات تأصيل مثل هذه المفاهيم الإنسانية، بارت بواراً واضحاً، فنجد التخبط هو السمة الأبرز لهذه المحاولات، وما فتاوي وبيانات وما يسمى بالأوراق العلمية لبعض الجماعات المنضوية تحت راية إسلام السلطة إلا خير برهان على حالة التوهان.. فهي أي هذه الجماعات، و بدون حياء تغض الطرف تماماً عن أجزاء مهمة من أي موضوع تخوض فيه، ذلك أنّ هذه الجماعات استمرأت تجزئة الأفكار واستلال العبارات من سياقاتها الطبيعية بما في ذلك استشهادها بالقرآن.



    فبينما نجد هيئة علماء المسلمين في السودان تُصدر فتوى تنشرها كإعلان مدفوع القيمة تُحرِّم فيه الاشتراك في موكب سلمي لتسليم مذكرة لقيادة المجلس الوطني مثلاً، تغض الطرف تماماً عن "الاستيلاء على السلطة كلها بالانقلاب العسكري.. فلا تصدر فتوى مماثلة بتحريم الانقلابات مثلاً.. وهنا تنكشف ضبابية شعار الاسلام هو الحل، كما قال د. غازي العتباني، فأي منطق سليم يسوق الحجج بنظرية كلية لابد سيصل إلى نتيجة مفادها، لأنّه طالما يحرم على المسلم أن يشترك في موكب سلمي لتسليم مذكرة للبرلمان، فإنه في ذات الوقت يكون من باب أولى "يحرم على أي مسلم قيادة أو المشاركة في انقلاب على السلطة الدستورية في البلاد"!! هذا السياق المنطقي، لا تنتبه إليه جماعات الإسلام السياسي، فهي تريد التعبير فقط عن "شعارات" ربما كان لأفراد هذه الجماعات مصالح ذاتية وراء العيش تحت ظلال هذه الشعارات، دون بذل أي جهد عقلي لاستكمال شروط ملاءمة الشعار مع الواقع، وكأنّما هذه مهمة لا تقوى عليها عقولهم، أو تقصر دونها استعداداتهم الفكرية. ومن ذلك نجد أن تقصر دونها استعداداتهم الفكرية. و من ذلك نجد أن جماعة تتسمى بجماعة "الكتاب و السنة" و الكتاب هنا "القرآن" والسنة "سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. هذه الجماعة تدخل في مغالطات لا أول لها ولا آخر، فتارة تحرِّم الانتخابات، ثم لا تلبث أن تعود في لجاجها فتنسى أول فتواها، لتختم بالدعوة للتصويت للبشير.. فلا يدرك المسلم العادي الذي يتبع الكتاب و السنة، إن كانت الانتخابات المحرمة، هي ذاتها التي يجب عليه أن يصوت فيها لصالح البشير، أم أنّ الانتخابات المقصودة بالتحريم هي انتخابات نيكاراغوا مثلاً..!!



    * ثم، والنماذج على قفا من يشيل كما يقال في المثل، وحقاً صدق الترابي وهو ينعي حركته العاجزة عن ابتداع مؤلف سياسي فكري واحد، بينما الفرق الآخر من فرق السياسة والفكر ترفد الساحة كل فترة بالجديد و المفيد من الأفكار و السياقات المعقولة، مثل أطروحة السودان الجديد، كمشروع فكري سياسي معاصر يستند على حقيقة بديهية و بسيطة قوامها سؤال مفتاحي.. كيف يعيش الناس المختلفون في وطن واحد؟ دون أن يستعلى بعضهم على بعض، و دون أن يقاتل بعضهم بعضاً، بمعنى أبسط، كيف يشترك مجموع الناس في الحياة الدنيا، لأنّها تقوم على الاجتماع، ومن ثم عندما يعودون إلى خالقهم، فإنّهم يعودون أفراداً، لتبدأ دورة حياة أخرى يملك تفاصيلها الله وحده.. إزاء نقطة جوهرية كهذه يتلجلج شعار الإسلاميين السياسيين، فهم يقرون الديمقراطية التي تعني حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب، و لكنّهم في شعاراتهم يزعم زاعمهم أنّهم "محاسبون أمام الله"..


    ما هذه اللجلجة و التخبط إن لم يكن جراب الفكر خاوٍ؟؟.. كيف لمن يريد أن يتولى منصباً عاماً عبر أصوات الناخبين، ثم فجأة يستعلي عن محاسبتهم و يحتمي بشعار "محاسبة الله" نعم إنّ الله بحسب اعتقادي ـ كمسلم ـ سيسأل كل نفس عما كسبت، فهذا أمر مفرغ منه، أما اذا اتخذناه ذريعة في إدارة الشأن العام الدنيوي، فإنّ أي مختلس للمال العام من حقه أن يلجم القاضي إن تمّ تقديمه للمحاكمة، نعم سيدي أنا اختلست (7) مليارات جنيه من البنك الفلاني، و لكن لأنني إسلامي سياسي أو إسلاموي أو تحت أي صفة يختارها ـ "أخشى وأريد محاسبة الله رب العالمين" فهل يملك القاضي أي فرصة ليحاكم من يريد أن يحاكمه رب العالمين؟؟. وعلى ذلك قس.. فأي شخص متهم أو مشتبه بارتكابه أو مسؤوليته عن جرائم حرب في دارفور.. يمكنه بكل جرأة أن يقول لأي محكمة "محلية أو مختلطة أو دولية"، بلو أوراقكم واشربوا مويتا، لأنني "سأتحاكم إلى الله سبحانه و تعالى وحده.


    فهو المسؤول عن محاسبتي.. وعلى هذا النموذج، يمكن الزوغان من أي مسؤولية.. لهذا، قلت إن الماعون الفكري للإسلاميين خاوٍ، وأنّهم يستظلون فعلياً بغطاء من شعارات فضفاضة لا تصمد أمام أي تحد فكري لهذا أيّدوا ان لم يكونوا قد سعوا لاعدام الاستاذ محمور محمد طه، ولهذا نراهم الآن يولولون ويثيرون غبار الشعارات الكثيف، و يكتبون و يقولون و يهتفون بالشعار الفارغ الذي اكتشف زيفه "راعي الضأن في الخلا" كما كان يكتب المرحوم محمد طه محمد أحمد.. ولهذا تماماً تراهم الآن كالإيتام، وهم بالفعل أيتام (فكر) خاصة بعد أن انسلخ عن الحاكمين عقلهم المدبر و قائدهم المبدع الذي كان بامكانه تجويد حتى "الشعار"..!! ------------------


    اجراس الحرية
                  

03-01-2010, 03:57 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الحِساب يوم القِيَامة ...

    بقلم: فتحي الضَّـو
    الأحد, 28 فبراير


    ضمن أعماله الكثيرة كتب الكوميدي المسرحي الفرنسي جون باتيست بوكلان الملقب بـ (موليير) مسرحية بعنوان (تارتوف) وكان ذلك منتصف القرن السابع عشر (1664) وتدور وقائعها حول سلوكيات رجل دين فاسد اسمه تارتوف. كان يتمسك بالدين متظاهراً، ويتزلف بالتقوى تمظهراً، في الوقت الذي يجتهد فيه في تزيين الباطل والانصياع وراء رغباته الوضيعة من وراء حجاب. لهذا لم يكن غريباً أن تثور ثائرة الكنيسة الكاثوليكية ضد موليير ومسرحيته، إلى أن نجحت في حجبها عن العرض لبضع سنوات، وإن لم تطل.

    وبرغم تعسف الكنيسة فإن مسرحية تارتوف كما سائر مسرحيات موليير أصبحت محط أنظار الشعوب الأوروبية، وبنفس القدر أضحت مصدر إلهام لكثير من كتاب المسرح الكلاسيكي. ولأجل هذا فرض عنوان المسرحية نفسه على الواقع الأوروبي، إذ أصبحت كلمة تارتوفTartuffe في اللغة الانجليزية كما في اللغة الفرنسية، كما في بعض اللغات اللاتينية، تعني رجل الدين المُنافق أو المُرائي أو مُدعي الورع. وكذلك اشتقت منها كلمة تارترس Tartarus والتي تعني الجحيم في الميثولوجيا الكلاسيكية القديمة. ولم يكن العالم العربي استثناءً، فقد قام عثمان بك جلال (1873) بتعريبها وتمصيرها وسمَّاها (الشيخ متلوف) وفي العصر الحديث ونسبة للتأثير الثقافي بين دول المغرب العربي وفرنسا، فقد تناولها أكثر من مؤلف مسرحي وبالأخص المغاربة، منهم عبد الصمد الكنفاري باسم (سي التافي) وكذلك الطيب العلج الذي اقتبس منها اسم مسرحيته (ولي الله) وربَّ سائلٍ عن السودان وأهله. فمن عجب إنه حينما كثر فيه (التارتوفات) في العقود الأخيرة، قلَّ فيه رفاق موليير القادرين على التمام ومسرحة الواقع!



    إذا كنت مثلي – يا عزيزي القاريء – لابد وأنك ممن يتساءلون.. عن كيف أن الدِين الذي نعرفه بكل مُثله وقِيمه وتعاليمه السمحة، أصبح مطية لأناس يعبثون به كيفما شاءوا. وإن كنت مثلي - يا قارئيء الكريم – فلا أخالك إلا والحيرة قد ضربت أقطار نفسك، وأنت ترى الدِين الذي تعلمه بكل نقائه وصفائه ونبل مقاصده، وقد أضحى سلعةً عند تجار دنيا لا يخشون بوارها. وإذا كنت مثلي - يا قارئي الصبور - ممن احاطت بك الدهشة من كل جانب، وأنت تسمع المؤتفكة يصمون الغرب بالكذب والفجور والفسوق وينسون أنفسهم. وإذا عزَّ عليك التمييز بين المتدين لوجه الله والمتدين لوجه البشر، وإذا صعب عليك أن تعرف معنى الفساد في ظل دولة الاستبداد والنظام الشمولي، فتأمل حولك لترى كم تارتوف يعج بهم واقع مأفون، وهم يمشون بين الناس في خيلاء، كأنهم يريدون أن يخرقوا الأرض ويبلغوا الجبال طولاً!


    هذه وثيقة تروي محنة من مِحن العصبة ذوي البأس، والتي ما فتئت تسلسل لنا أحاجيها على مدى عقدين من الزمن بلا رحمة أو هوادة. هي قصة تحتاج لموليير، ولأننا لا ندَّعي ملكاته الابداعية، ما أيسر أن نضعها بحذفارها بين يدي القراء، وما اصعب أن تحملها وهناً على وهناً فوق ظهور أضناها المسير، وما أتعس أن تتواري الحقيقة في زمن تحجبت فيه الألسن وتنقبت فيه العقول!


    تحت الرقم/ش س أع/ قض/صادر
    الأخ أمين ديوان الزكاة الاتحادي حفظه الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الموضوع: دعم قناة الضحى

    تهديكم قناة الضحى الفضائية اطيب تحياتها، وتشكر لكم كريم تعاونكم معها. وهي قناة تهتم بنهضة الامة ورعاية قضاياها وآمال المستضعفين في الأرض، ونشأت القناة من تكاتف الخيرين من امثالكم، وتشهد بداية انطلاقتها في مارس 2007 باذن الله. وردت إلينا مساهمات مقدرة من بعض الخيرين سيكون لها سهم وافر في تأسيس القناة، لكن مايزال ينقصنا بعضاً من مال التسيير الأول. نرجو من مؤسستكم العامرة وبما عرف عنها من خير فاض على الآخرين أن تكون من المساهمين في بروز هذا الصوت الصادع بالحق إلى الوجود علما بان ميزانية القناة تبلغ حوالي 21838000 دولار امريكي. ونرفع أكفنا لله ضارعين أن يبارك في جهودكم.
    محمد حاتم سليمان/ رئيس مجلس الإدارة
    ردَّ عليها بخط يده الأمين العام لديوان الزكاة والموجهة له هذه الرسالة بالتالي نصه:
    الأخ إبراهيم حسن إبراهيم
    نؤكد على دعم الديوان لهذه القناة الدعوية وإنها ستكون اضافة عالمية للعمل الاسلامي وعليه سيكون الدعم مستمراً لها حتى ترى النور وعليه تصدق لها الان بمبلغ 50 ألف دولار خمسون ألف دولار ستكون من بند (في سبيل الله) للعام 2007 وكذلك هناك تعليق جانبي للمذكور: الأخ أبوعلي عبيد يُكتب لهم شيك من الرصيد بالعملة الحرة.
    التاريخ 2007/1/21 إنتهى


    وللذين لا يعلمون أن السيد محمد حاتم سليمان المذكور أعلاه، هو رئيس مجلس إدارة التلفزيون الذي تضفي عليه صفة القومية زوراً وبهتاناً. أما الأمين العام لديوان الزكاة فهو البروفسير عبد القادر الفادني. وبالطبع فإن القناة المشار إليها لم تر النور حتى تاريخه، وذلك أمر لا يعيننا في كبير شيء، بقدر ما الذي يهمنا ويعنينا هو كيف جعل ديوان الزكاة من هذه القناة المصرف التاسع (أبناء السبيل) اضافة إلى مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في القرآن بنص صريح؟ لن نحتار كثيراً فقد جاءت الاجابة على لسان البروفسير الفادني الأمين العام وصاحب التوجيه والتوقيع أعلاه. وقد شاء أن يفك طلاسم فعله فزاد قارئه رهقاً على رهق. وجاء ذلك في حوار أجرته معه صحيفة الحرة (10/2/2010) ونقتطف منه الجزء الذي يخص الموضوع:


    س - سبق أن دفع ديوان الزكاة مبلغاً من المال لقناة الضحى الفضائية.. فعلى أي فقه أو مصرف من مصارف الزكاة استند في ذلك؟.. والمسألة أصبحت بعد النشر رأياً عاماً؟
    ج - أنا تحدثت عن ذلك قبلاً ولكنني أقول مجدداً، أنا دعيت لاجتماع مع عدد من الخيرين، وذكروا لي أنهم بصدد إنشاء قناة دعوية، وأولئك الناس ممن يشهد لهم بالثقة تماماً، وتبرعوا لهذا العمل وطلبوا منَّا أن نتبرع لها، وقلت لهم إنني سأدفع ولكني اشترطت عليهم عندما تبدأ القناة البث أن تقدم نشاط الزكاة وكل ما يتعلق بها في السودان، وكأن الديوان شريكا فيها. وكانت أمامهم قضية استقدام بعض الأجهزة ولقد قدمت لهم مبلغ ٥٠ ألف دولار.


    س - هل عُدت للجنة الفتوى قبل أن يدفع الديوان هذا المبلغ؟
    ج - هذا بند دعوة وصُرف على منبر دعوي، ولقد أعطيت قبل ذلك اذاعة ساهرون وهي لا تحتاج الرجوع إلى لجنة فتوى، والمبلغ قدم في مجلس الأمناء ولم يقل أحد للأمين لم فعلت ذلك.
    س - بروف ولكن مرّ زمن طويل ولم تقم القناة؟
    ج - هذه ليست مسؤوليتي ولقد كتبت إلى القائمين على أمرها وقلت لهم:(عرِّفوا بأنفسكم أذكروا للناس لماذا لم تقم القناة حتى الآن) وذلك على خلفية ما نشر.
    س - بروف هل استرددت ما دفعت للديوان؟


    ج - لم أسترده ولكني سألت عنه. وأنا عندما دفعت هذا المبلغ استندت على علمي وفقهي وثقتي في هؤلاء الأخوان، واشتراطي المسبق بمشاركة الديوان في القناة عندما تبدأ بثها، وذلك بنشر أعمال الزكاة في السودان وكتبت أكثر من مرة أسأل عن سير العمل فيها خاصة بعد نشر (الحرة) المتكرر لهذه المسألة، ولقد ذكروا أنهم بصدد العمل، وأنهم في شأن إكمال التحويل مع إحدى شركات الإتصال في البلاد، وأظنهم كتبوا لكم أو لغيركم في ذلك بعد أن قلتم إنها قناة وهمية.. وأقول لكم الآن ربنا يسألني عن هذا المبلغ إن لم تقم تلك القناة ويسألهم عنه كذلك يوم القيامة.
    س - قبل سؤال الله ويوم القيامة سيادة البروف ألا يتعين عليك استرداد هذا المبلغ إن لم تقم قناة الضحى؟.


    ج - أنا سألتهم ولم يقولوا إنهم توقفوا عن العمل أو حتى عجزوا عنه حتى نطالب باسترداد المبلغ، وأنا زرت مبناهم لأتأكد من العمل ووجدت المبنى قائماً وأنتم في (الحرة) لماذا لم تتقصوا عن هذا العمل بأنفسكم وتروا أجهزتهم؟.. أليس هذا واجبكم كصحفيين؟.. ثم إن الديوان صرف على الفقراء والمساكين مؤخراً نحو أكثر من أربعمائة مليون جنيه (بالقديم) ولم تذكروها في (الحرة).. فهل تبرعنا لقناة دعوية هي القشّة التي قصمت ظهر الزكاة؟.. لماذا لا تقدموا الصورة كاملة للناس!
    بالرغم من أن هذا حديث يشرح نفسه بنفسه، إلا أن ما يلفت الانتباه أن هناك تبرعات أخري لوسائل إعلاميه سمى منها (إذاعة ساهرون) ثمَّ انظر لتلك الشروط البائسة المتمثلة في الدعاية للزكاة،. وتأمل لغة طالب العون والمساعدة، السيد محمد حاتم الذي شاء ان يضع القناة (القومية) على يمينه والضحى على يساره،

    تمعن تلاعبه بعواطف المسلمين في قوله إن القناة ستحمل آمال وآلام الضعفاء. ثمَّ يكتشف المخدوعون إنها نكصت على عقبيها، وعوضاً عن أن تصدع بقول الحق كما إدعى، إذا بها تتصدع عن الحراك، وقبل ذلك تكشف عن مواهب هائلة في كيفية تديين الاعلام الرسالي! والأمر فيما يبدو لا يتوقف عند شطآن الضحى وشمسها الغاربة، ولا عند ساهرون والليل الذي لم يعقبه صباح. فقد سألت الصحيفة السيد الفادني أيضاً عن مجموعة سيدات لهن منظمة باسم (المتحابات في الله) فكانت إجابته على النحو التالي (هي منظمة خاصة تديرها الأخت سعاد الفاتح، وهن نساء في منطقة أمدرمان، وهو عمل إن قلت لك إن غير سعاد يمكن أن تقوم به أكون كذبت عليكم.. وهي تدير هذا العمل قبل أن ندعمها من قبل الزكاة بنحو خمس سنوات. ولقد عملت مؤخراً دراسة ذكرت فيها إنها بصدد تدريب اولئك النسوة على صناعة الكيك والخبائز والحياكة والخياطة، ولديها مجموعة قادمة من سنار ستدربهن كقابلات، وكل ذلك مكتوب وموثّق.


    وكتبت إلينا خطاباً بأكثر من خمسمائة مليون جنيه، وقلنا لها إننا سندعمها بمئتين وخمسين مليون جنيه، وكتبنا لها خطاباً حددنا لها فيه صرف المبلغ في تدريب اولئك النسوة وتمليكهن أدوات العمل. ومؤخراً شهدنا عمل سعاد وحضرنا تخريجها للنسوة المتدريات وتمليكهن وسائل العمل.. وأكتبوا على لساني (يا رب يأتي علينا يوم في السودان نقدم فيه أموال الزكاة حلويات وبسكويت) ولكن هل يا ترى ذلك سيأتي في ظل العصبة ذوي البأس؟!
    غير أن الذي راعني وأرعبني في القصة أعلاه، أن البروفسير الفادني، أضاف في حديثه قسماً لم يرد في كتاب الله، وإن ورد على لسان بعض عوام أهل السودان كثيراً، إذ قال للمحرر حتى يصدقه (علي الطلاق وأنا جعلي لو قلتوا في الحرة عايزين النسوان ديل، أجيب ليكم أكثر من أربعمائة إمرأة تدرّبت ومعهن عدة الشغل.. كل واحدة شايلة شنطتها ومكنتها)! وكان البروفسير كريماً حينما كرر ذات القسم مرة أخري في معرض حديثه عن القرض الحسن لفضائية الضحى فقال (إن لم تقم القناة ولن نسترد المبلغ ورأى إخواني في مجلس الأمناء رده، عليَّ الطلاق أرد المبلغ ده للديوان حتى لو أبيع بيتي) ونحن لا نريده أن يبيع بيته، فقد يلجأ للديوان ذاته كأحد الغارمين، ولكن قوله هذا ينسخ ما جاء على لسانه في الحوار نفسه (وأقول لكم الآن ربنا يسألني عن هذا المبلغ إن لم تقم تلك القناة ويسألهم عنه كذلك يوم القيامة) وفي واقع الأمر فإن السؤال المؤجل ليوم الآخرة ليست بدعة عنده وحده، وإنما ظاهرة كثيراً ما رددتها العصبة بهدف إظهار التطهر والتعفف والزهد.

    وكنت قد اقتبست في المقال الماضي قولاً مماثلاً نطق به السيد المشير عمر البشير باستاد الهلال يوم 13/2/2010 (نحن لا نعمل ليوم إعلان نتائج الانتخابات وإنما نعمل ليوم الحساب) علماً بأن ذلك قولا تردد كثيراً في العقدين الماضيين في ألسنة كثيرة، وسيان إن كان معداً أو مرتجلاً!
    لم يبتدع الديوان مصارف جديدة للزكاة فحسب، وإنما زاد عليها بتنويع وتنغيم في جبايتها. وكنت قد سألت صديقاً من الثقاة الذين يعتد المرء برأيهم عن ملاحظاته حول الزكاة وديوانها؟ فقال لي اختصاراً بل استغراباً (هناك زكاة الراتب أي أنهم يأخذون من الأجير المستحق لأجرته مقدماً علماً بأن الزكاة حولية كما هو معروف) وقال لي صديق آخر من الذين فروا بدينهم ووظيفتهم كما هو حال كثير من مؤهلي أهل السودان في ظل العصبة ذوي البأس.. إنهم يأخذون من المغتربين أيضاً زكاة الراتب هذه. وذلك بالطبع يضاف لأتاوات كثيرة قصمت ظهر المغتربين منها رسوم إحسان لفضائية محمد حاتم نفسه، وهم الذين لم ينالوا منها سوى الاهمال. ومنها ضريبة ترعة كنانة والرهد وهي القناة التي لو كان حافروها نمل سيدنا سليمان لنبعت ماءً زلالاً منذ أمد بعيد. وهناك أيضاً دمغة لجريح لن يشفي أبداً، وقد اضيفت لها بعد (اتفاقية نيفاشا) ضريبة السلام الذي يأتي ولا يأتي. غير ان أطرف ما اتحفني به هذا الصديق القانوني، قوله إنه فوجيء أثناء اجراءات تسجيل عقار لأحد ابناء جلدتنا من الأقباط المسيحيين بموظفين غلاظ شداد كقوم عاد، قالوا أن مهمتم هي تقييم العقار لاقتطاع ما نسبته أثنين ونصف في المائة كزكاة، ولم يجد قول صديقي أن موكله مسيحي، لأن عباقرة العصبة الذين برعوا في سك المصطلحات والتسميات لم يألوا جهداً في تسميتها (ضريبة عدالة اجتماعية) ولن يسؤوهم بالطبع إنه زمن فرَّت فيه الاجتماعيات بالباب وهربت فيه العدالة بالشباك!


    دعك مني - يا قارئي الكريم - وكذا أصدقائي، فربما قال لك أهل الديوان إن شهادتنا مجروحة. ولكن ما رأيهم في قول رجل لا يُنعت بالعلمانية مثلنا، ويقول إنه يقارعهم حذوك الآية بالآية والحديث بالحديث. ففي آخر حوار أجرى معه في الأيام الفائتة على صفحات موقع (سودانيل الإلكتروني) قال السيد الصادق المهدي صاحب برنامج نهج الصحوة (الزكاة صارت ضريبة من الضرائب، وجباية من الجبايات، والمدهش أن ديوان الزكاة يطبق هذا المشروع بصورة غير منضبطة شرعياً، وتفرض الزكاة على أي معاملة تجارية حتى بين بائعات الشاي، والتي لديها دجاجة أو غنماية ترغب في بيعها، كل هؤلاء من أفقر الناس تفرض عليهم الزكاة. فالزكاة صارت ضريبة مبادلات تجارية في كل الاحوال، وبكل اسف ديوان الزكاة يتعامل بصورة غير عادلة، ومن الظواهر المؤسفة التي تبين استغلال مال الزكاة في صرف غير شرعي، هو أنني شاهدت قبل عدة سنوات بند صرف قيمته 4 مليون جنيه، عبارة عن تغيير لون عربة المدير وهذا نوع من العبث، وكذلك ادخلوا اموال الزكاة في استثمارات، فالزكاة ليست مؤسسة استثمارية او تنموية. فالزكاة مؤسسة تكافل اجتماعي، واصبحت شوارع الخرطوم والمساجد تعج بالمرضى والمعوقين والفقراء والشحاذين يطلبون المساعدة، وذلك دليل على ان ديوان الزكاة لا يقوم بدوره تجاه هؤلاء) وهل بعد الكفر ذنب يا مولاي!
    لكن ربَّ قائل أيضاً دعك من المهدي وخطرفاته. أذن ما بال الواقع الذي لا يكذب رائداً اسمه الفقر، والذي لم يبارح نسبة ال 90% منذ أن نطق بها الدكتور الترابي يوم أن كان الآمر المطاع. ففي ظل تلك النسبة - زادت أو قلت - نشرت دراسة حديثة (الصحافة 24/2/2010) كشف عنها المجلس القومي لرعاية الطفولة بالتعاون مع منظمة الطفولة السويدية، قالت إن هناك ما يزيد عن 13 ألف مشرد بولاية الخرطوم، يمثل الذكور منهم ما نسبته 78.2% والإناث 12.8%) وبالطبع يعلم الديوان علم اليقين عن أحوال أطفال المايقوما الذين يطلق عليهم فاقدي السند وعن استقبالها الرقم العشوائي الذي يقدر بأكثر من 800 طفل سنوياً.


    وكان للكاتب المبدع الفاتح جبرا قصب السبق في اثارة قضية فضائية محمد حاتم وتفرعها لقضية أطفال المايقوما وذلك في مقاله الراتب (الرأي العام 19/2/2010) وفيه طرح عدة تساؤلات بخصوص تلك القناة المزعومة، حملت مدير عام الزكاة والاعلام (الأمين علي علوة) على الرد عليه (الرأي العام 24/2/2010) لكن جاء رده خالياً من القضية الأساسية وهو يسوح في وادٍ غير ذي زرع. لكن ما يلفت الانتباة في رده، مثلما لفت انتباه المرسل له ايضا،ً تلك الأرقام غير المطابقة للنسبة المئوية الجامعة (100%) وذلك في تفصيله لها بزعم أن مجلس أمناء الديوان أجازها وهي كالتالي: الفقراء والمساكين (63%) من جملة جباية الزكاة (الفقراء 30% والمساكين 33%) العاملون عليها (14.5%) في سبيل الله (4%) المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب (8.5%) الغارمون (5%) إبن السبيل (0.5%) والمفارقة قول الفادني إن العاملين عليها والذين عددهم نحو 2500 يطالبون بزيادة مخصصاتهم إلى 17% فتأمل!



    بيد أن ما زاد حيرتي أصلاً في الديوان وزكاته، ليست مخصصات العاملين فحسب وإنما ذاك الصرح العتيد الذي سمي بـ (المعهد العالي للزكاة) ومثلي لا يستغربه فحسب بل لا يرى له داعياً، فلا مصاريف الزكاة الثمانية ولا نسبتها المحددة بـ 2.5% يحتاجان لمعهد لا يغني ولا يسمن من جوع. وأعضد قولي هذا بما استلمحته في حديث الفادني نفسه في الحوار سيد الأدلة إذ قال: (هناك اشياء أصبحت ثابتة في فقه الزكاة، وأي عامل من العاملين عليها في السودان أصبح يميز الحالات) بل أن ما يثير الدهشة أكثر من هذا وذاك، تقارير المراجع العام، التي ظلت وعلى مدى سنوات تضع الديوان في مصاف المؤسسات الأكثر اختلاساً، وبالطبع مثلي ممن لا يحسنون الظن بأصحاب الأيادي المتوضئة والأفواة المتمضمضة، لا يستطيع حديث الفادني الذي أدلى به في البحرين بتاريخ 3/4/2006 أن ينزل السكينة والطمأنينة على قلبه الجزع الهلوع. إذ قال يومذاك في رهط من المغتربين رداً على سؤال حول الفساد المالي الذي تم اكتشافه (إن العاملين في الزكاة هم بشر مثل الآخرين، ولكن ما جرى من فعل في هذا الصدد قد تمَّ حسمه، وقد وضعت كل الضوابط الإدارية بالشكل الذي لا يمكن من حدوث أي فساد من نوعه) ولك أن تكر البصر في تاريخ الحديث! وأزيدك دهشة يا من ترى الواقع بأم عينيك في قوله أيضاً (أهمية زكاة المغتربين بالنسبة لتطوير حقل العمل الطبي والصحي بالبلاد،


    وأشار في حديثه للأرقام والإحصائيات إلى أن الأموال التي دفعها المغتربون ساهمت في شراء أجهزة طبية نادرة، فضلاً عن أهميتها بالنسبة لتمزيق فاتورة العلاج في الخارج، ومن ضمن الأجهزة تلك التي تتعلق بغسيل الكلى والعمليات الجراحية الخاصة بزراعة الكلى وجراحة القلب) فتحسس قلبك يا هذا!
    بيد أنه في هذا وذاك زال عجبي تماماً حينما قرأت (سونا 26/7/2008) بياناً للديوان يعبر عن غضبة مضرية في ختام أحد انشطته (استنكر البيان الختامي لملتقي لجان الزكاة القاعدية توجيه لويس أوكامبو مدعي المحكمة الجنائية الدولية تهم للرئيس عمر البشير، وأكد البيان أن الغرض من فرية مدعي لاهاي هو تمرير أجندة الدول المعادية للسودان والنيل من كرامته وسيادته وتجربته الحضارية والروحية، التي تراعي أوضاع الفقراء والمساكين والأيتام واهل الحاجة) فأدركت حينها أن للسيد اوكامبو أجندة باطنية أخري غير تهم الجرائم ضد الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية...ألا وهي استهداف مصاريف الزكاة!!

    يتشر بالتزامن مع صحيفة (الأحداث) 28/2/2010
                  

03-01-2010, 03:06 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9917
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الإثنين 01-03-2010
    عنوان النص : عريضة الاتهام أمام محكمة الرأي العام


    : المتهم عمر حسن أحمد البشير (1)


    عبدالله محمد أحمد الصادق


    كانت الجبهة الاسلامية في الديمقراطية الثالثة جماعة سياسية لا تحترم واقع السودان التعددي الذي يقوم على الأرض والتاريخ والمصير المشترك: والتعدد واقع سابق لقيام الدول في كل زمان، فقد خلق الناس أمماً وشعوباً وقبائل، ولو شاء الله لخلق الناس أمة واحدة، ولم تكن الجبهة الاسلامية تعترف بالسودان كدولة مستقلة ذات سيادة معترف بها دولياً. فقد قال الترابي أن السودان ليس هدفاً بمعنى أنه منطلق لأهداف خارجية وأن الحدود بين الدول العربية والاسلاميةمؤامرة استعمارية، فلا تعترف الجبهة الاسلامية بسودانية السودانيين وخصوصيتهم الوطنية التي تقوم على أساس أن أي انسان يستطيع أن يكون سودانياً ولا يختلف السودان في ذلك عن سائر الدول الأخرى،


    وترى الجبهة الاسلامية ان المسلمين في الشيشان وماليزيا أقرب الينا من الولاء والبراء من شركائنا في الوطن، ويعني ذلك عدم الاعتراف بالخرائط الجيوسياسية والمواثيق والقوانين الدولية، فلم تكن الجبهة الاسلامية مؤسسة سودانية وطنية، وكان الوطن في منظورها قيمة هامشية وان ادعت القومية. وأي حزب سياسي يقوم على الاستعلاء الديني أو العرقي ويسعى لاحتكار السلطة هو في الحقيقة حركة فاشية لاتختلف عن النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا والعنصرية في جنوب افريقيا والصهيونية في اسرائيل، وتتعارض أهدافه مع مواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وقد أدخلنا ذلك في حالة من الاستقطاب والاستقطاب المضاد على حساب الحاضر والمستقبل وحق الشعوب السودانية في الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار والحياة الكريمة، ويرقى ذلك الى الخيانة العظمى وتقويض الدولة القومية لأنه يتعارض مع أهدافها ويتنافى مع طبيعتها ووظيفتها ودورها في حياة الناس، وكان ذلك صباً للزيت على النار المشتعلة منذ عام 1955م، وتجسيداً لمخاوف الجنوبيين الذين كانوا يعتقدون بأن الاستقلال سيكون بالنسبة لهم استبدال سيد بسيد واستعمار باستعمار، فقد كان مشروع الجبهة الاسلامية شكلاً من أشكال العبودية السياسية ويشمل ذلك المسلمين أيضاً.



    لم تكن الجبهة الاسلامية تخفي أنها مخلب قط لدول أجنبية ومنظمات وتنظيمات دولية تتلقى منها العون المادي والتأييد المعنوي، وقد هزم مشروع الجبهة الاسلامية القومية في انتخابات 1986م ولم تسعفها أموال المودودية الدولية التي غزتنا بجنود من ريالات ودولارات بترولية وآلتها الاعلامية الضخمة التي كانت تبتز الأنظمة العربية وتسخرها في خدمة مشروعها في السودان، وكان من الطبيعي أن تعارض الجبهة الاسلامية اتفاقية الميرغني قرنق لأن أهدافها لا تتحقق عن طريق المفاوضات، وفشلت الجبهة الاسلامية في اسقاط الاتفاقية بالطرق الديمقراطية من داخل البرلمان وتحدد موعد لوقف اطلاق النار في يوليو 1989م لكن المتهم قام بانقلاب عسكري لصالح الجبهة الاسلامية متحدياً ارادة الشعب السوداني وتبنى تنفيذ وتكريس مشرعها بقوة السلاح، لذلك فان المتهم يتحمل مسؤولية كل الجرائم التي ارتكبت في حق السودان والسودانيين بعد اتفاقية الميرغني قرنق وتتلخص في الآتي:



    - لقد استولى المتهم على السلطة في انقلاب عسكري لذلك فهو سلطة بحكم الأمر الأمر الواقع وليس سلطة شرعية ولايملك الحق في تقرير مصير السودان، وليس من حق الحكومات الشرعية المنتخبة في أية دولة في العالم النظر في القضايا المصيرية الا بمشاركة المعارضة والرجوع الى الشعب، لكن المتهم لم يصطحب معه المعارضة في محادثات مشاكوس لاصراره على تمرير أجندته الخاصة التي رفضها الشعب السوداني في انتخابات 1986م حرصاً على وحدة السودان الجغرافية والبشرية، ويعني ذلك أنه لايعترف بسيادة الشعب وحاكميته ومرجعيته انطلاقاً من مفهوم الراعي والرعية وأهل الحل والعقد بدليل أنه دشن حملته الانتخابية بقوله "نحن نعمل ليوم الحساب" ويعني ذلك أنه يعتقد بأنه وكيل عن الله في الأرض يحاسبه الله يوم القيامة. وسبق أن قال المتهم أن الذين أكلوا طريق الانقاذ الغربي شكوناهم الى الله، وهذا يعني أنه يحاكم من يشاء أمام قاضي الأرض ويحيل من يشاء الى قاضي السماء، فلماذا قضية الذين أكلوا طريق الانقاذ الغربي دون غيرها من قضايا الاعتداء على المال العام؟



    ولايمكن أن يصدر مثل هذا الكلام من انسان طبيعي، ولا يستند مفهوم الراعي والرعية على أية مرجعية يعتد بها في الاسلام، لكنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه وينتقون من كتب التراث ما يناسبهم لأنها للسلطة والمال والجاه وليست لله كما يزعمون، وتقوم الدولة في كل زمان ومكان ولدى كافة الأمم الشعوب على الحكمة القرآنية (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب) وبانتفائها تنتفي الدولة، ويتساوى في ذلك الحكام والمحكومون، وكأن ذلك مفهوم أبوبكر وعمر، وقد يستطيع الناس حماية أنفسهم من اللصوص وقطاع الطرق.. فمن يحميهم من الحكام؟.



    يقول الفلاسفة ان قانون الطبيعة هو الحرية والمساواة وأن حالها سابق لحال المجتمع، وان العلاقة بين الناس في الأصل علاقة بين كائن حر بكائن حر، ونقرأ ذلك في آيات الحرية في القرآن الكريم ونقرأه في كتاب الله المشهود وهي الحياة التي قال محمود محمد طه أنها تنزيل من رب العالمين. فلم يكن نظام الفصل العنصري في امريكا وجنوب افريقيا فطاماً طبيعياً، وكذلك الاستعمار والنازية في المانيا والفاشية في ايطاليا وماتزال الفاشية تقاوم في السودان واسرائيل، ويقول أرسطو أن الامبراطوريات كيانات غير طبيعية لأنها تقوم على قهر الأمم والشعوب واستعبادها وأي نظام لايتوافق مع قانون الطبيعة فساد وافساد في الأرض لأنه يعني تعطيل التدافع الطبيعي الذي جاء ذكره في الآية القرآنية بدليل الفتن والصراعات الدامية في العالم العربي والاسلامي منذ مقتل الخليفة الثالث والى يومنا هذا.



    مفهوم الراعي والرعية في السودان غير معلن تقية ومراوغة والهاء للمعارضة والمجتمع الدولي، بدليل أن التحقيق في الجرائم الكبرى التي ارتكبها نظام المتهم كان صورياً وكذلك الدستور وستكون الانتخابات كذلك، فالتزوير واجب في منظور المتهم وأعوانه، ولايعترف المتهم بمواثيق حقوق الانسان والقانون الدولي وهي تقوم على الانتقاص من سيادة الدول، وقد تلاشت المسافات بين الأمم والشعوب وأصبح الأمن الدولي كلاً لايتجزأ، وأصبح المجتمع الدولي أسرة واحدة اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء، وقد تجلى ذلك في هييتي في يناير الماضي،


    وأية كارثة تلحق بحقول النفط في السعودية أو حقول القمح في أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا تعني المجاعة العالمية وتوقف الحياة في العالم كله، وقال المتهم ان التحالف الدولي لانقاذ الكويت كان تحالفاً غير أخلاقي، وقد كان كحلف الفضول في الجاهلية قبل الاسلام الذي جاء في الحديث الشريف أنه كان اخلاقياً، فهل كانت الكويت تستطيع التخلص من قبضة صدام حسين؟ ولا يكون الحكم الصادر ضد المتهم من محكمة الجزاء الدولية حكماً سياسياً الا اذا كانت الجرائم التي ارتكبت في دارفور عملاً سياسياً مشروعاً بموجب قانون الراعي والرعية، ولماذا حلال في رواندا ودول البلقان وحرام في دارفور؟ ويلتقي المتهم مع حزب التحرير في أن الانتخابات حرام وأن بيعته المزعومة قائمة الى آخر يوم في حياته والا لما كانت الاتفاقيات حبراً على ورق وحبالاً بلا بقر والفعل أبلغ من القول.



    يتحمل المتهم مسؤولية كل نفس أزهقت بعد اتفاقية الميرغني قرنق وملايين الثكالى والأرامل والأيتام والمشردين والنازحين واللاجئين، واهدار الموارد في حرب لا لزوم لها، فلم يكن للحرب ما يبررها بعد اتفاقية الميرغني قرنق والاتفاق على وقف اطلاق النار. وكان المتهم يزعم أن الحرب مفروضة علينا لكنه هو الذي فرضها على الشعب السوداني، وبعد ستة عشر عاماً من الحرب قال المتهم أن الحرب ليست وسيلة صالحة للوصول الى أية مكاسب سياسية، لكنها كانت كذلك عندما أجهض الاتفاقية بانقلابه العسكري الذي كان خياراً عسكرياً، وقد هزم الروس في أفغانستان والأمريكيون في فيتنام،


    وليس صحيحاً ما يدعيه المتهم الآن حول مذكرة الجيش والأسلحة الفاسدة، فقد كانت المذكرة تقية وحيلة لخداع الضباط والجنود، وقد اعترف المتهم بالقول والفعل بأنه كان يكذب عندما ادعى القومية في خطابه الأول والرائد لا يكذب أهله، واستولى المتهم على السلطة وتدفقت عليه الأسلحة من العراق وايران والطائرات والطيارين والريالات والدولارات البترولية، ويكفي فساداً أنه كان القاسم المشترك بين العراق وايران، لكن المتمردين احتلوا شرق السودان من جنوب النيل الأزرق الى سواحل البحر الأحمر وهمشكوريب كوريب وطوكر وهددوا طريق الخرطوم بورتسودان واحتلوا الجنوب كله وأصبحت الحكومة محاصرة في جوبا وواو وملكال.


    كذباً على الناس وافتراء على الله والله لايحب المعتدين، ولولا الهزيمة المنكرة لما عاد بنا المتهم الى المربع الأول واتفاقية الميرغني قرنق التي أجهضها قبل ستة عشر عاماً فلا أرضاً قطع ولا ظهر أبقى، وذلك سلوك يشير الى عدم القدرة على التفكير المنطقي واستخلاص النتائج من المقدمات وقراءة التاريخ واستلهام العبر والعظات، لكن العقل الفاشي سجين في دائرة مغلقة لا يستطيع الخروج منها، فالخيارات أمامه محدودة لأن الفاشية لاتتقبل الواقع ولا تعترف به فليس لديها سوى منطق الصراع، وعندما تحس بالضعف تلجأ الى العنف أو التقية والمراوغة والمكر والدهاء أسوة بعبيد الله ابن زياد عندما قال لن نصل الى الحق الا اذا خضنا في الباطل خوضاً، فقد سبق عبيد الله بن زياد ميكافيلي بأربعة عشر قرناً، وكذلك كان الحجاج بن يوسف والمختار بن أبي عبيد الله الثقفي كذاب العراق. وتتجلى مأساتنا في أن ذلك يتكرر في السودان في الألفية الثالثة وفي عصر الفضاء والعلم والمعرفة.
                  

03-01-2010, 06:57 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    لقد استولى المتهم على السلطة في انقلاب عسكري لذلك فهو سلطة بحكم الأمر الأمر الواقع وليس سلطة شرعية ولايملك الحق في تقرير مصير السودان، وليس من حق الحكومات الشرعية المنتخبة في أية دولة في العالم النظر في القضايا المصيرية الا بمشاركة المعارضة والرجوع الى الشعب، لكن المتهم لم يصطحب معه المعارضة في محادثات مشاكوس لاصراره على تمرير أجندته الخاصة التي رفضها الشعب السوداني في انتخابات 1986م حرصاً على وحدة السودان الجغرافية والبشرية، ويعني ذلك أنه لايعترف بسيادة الشعب وحاكميته ومرجعيته انطلاقاً من مفهوم الراعي والرعية وأهل الحل والعقد بدليل أنه دشن حملته الانتخابية بقوله "نحن نعمل ليوم الحساب" ويعني ذلك أنه يعتقد بأنه وكيل عن الله في الأرض يحاسبه الله يوم القيامة. وسبق أن قال المتهم أن الذين أكلوا طريق الانقاذ الغربي شكوناهم الى الله، وهذا يعني أنه يحاكم من يشاء أمام قاضي الأرض ويحيل من يشاء الى قاضي السماء، فلماذا قضية الذين أكلوا طريق الانقاذ الغربي دون غيرها من قضايا الاعتداء على المال العام؟
                  

03-03-2010, 09:14 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الاتفاق الإطاري بين الحلم والواقع ....

    بقلم: رباح الصادق
    الاثنين, 01 مارس 2010 19:31

    بسم الله الرحمن الرحيم

    في الخامس والعشرين من يناير الماضي نشرت حركة العدل والمساواة الدارفورية (مشروع اتفاق إطاري لحل مشكلة السودان في دارفور) احتوى على مبادئ عامة وأسس لتقاسم السلطة، وتقاسم الثروة، والأرض والحوا كير، وشكل الدولة ونظام الحكم وطبيعة وحدة السودان، والترتيبات الأمنية وحقوق ومستقبل النازحين واللاجئين والمهجرين. وبعد شهر بالتمام والكمال وفي 25 فبراير الجاري تم توقيع (الاتفاق إطاري لحل النزاع في دارفور بين حكومة السودان وحركة العدل والمساواة السودانية) وفي هذه المساحة نتبادل المعلومات والأفكار حول الوثيقتين.


    مشروع حركة العدل والمساواة في جوهره مشروع نسخة لاحقة من نيفاشا يكررها بذات عباءتها القومية الشاملة في الخطوط العريضة، مع الحرص على القسمة الحزبية الثنائية من ناحية الاتفاق على نسب للمؤتمر الوطني وللحركة الشعبية في نيفاشا، وتحديد نسب للحركة العدل والمساواة في المشروع المقدم، وكذلك تحديد حقوق إقليمية مفصلة على مقاسات بعض المتضررين فقط؛ ففي نيفاشا تم التركيز على حقوق أهل الجنوب وفي وثيقة العدل والمساواة تم التركيز على حقوق دارفور وكردفان.

    كما غيرت الوثيقة من التنظير الأساسي في نيفاشا لدولة بنظامين فيدرالية في الشمال/ وكنفدرالية ما بين الشمال والجنوب، للحديث عن دولة فيدرالية بسبع أقاليم هي: كردفان، دارفور، الأوسط، الشمالي، الجنوبي، الخرطوم، والشرقي. على أن تجرى فترة تمهيدية بعد توقيع الاتفاق من ثلاثة أشهر تعقبها فترة انتقالية من سبع سنوات، وتكون الرئاسة في الفترة الانتقالية تناوبا بين الحركة والحكومة على رئاسة الجمهورية، وتتولى الحركة حكم وإدارة كل من دارفور وكردفان والخرطوم وتتقاسم حكم وإدارة بقية الأقاليم بنسب يتفق عليها، وتخصص نسبة 42% من الوظائف الدستوية والتشريعية والتنفيذية والقضائية العليا والخدمة المدنية في كل مستويات الحكم الاتحادي للحركة، مع إعمال معيار التمييز الايجابي بنسبة 25% في التوظيف للخدمة العامة واستيعاب الطلاب في المؤسسات التعليمية العليا لأبناء إقليمي دارفور وكردفان لفترة لا تقل عن 25 سنة، و تشارك حركة العدل والمساواة السودانية في إدارة المؤسسات المالية القومية من شركات وبنوك ومصانع وهيئات بنسبة 42% بالإضافة إلى التمييز الايجابي. بعد الفترة الانتقالية تجرى انتخابات عامة حرة وتكون الرئاسة دورية بين الأقاليم السبعة.


    على أن يوضع الدستور الدائم عبر مؤتمر دستوري تشارك فيه الأقاليم السبعة ويجرى عليه استفتاء شعبي. بالنسبة للتعويضات الفردية طالب المشروع بتعويض كل نازح ولاجئ ومهجر بخمسة آلاف يورو مع بناء منزل لائق بالمواد الثابتة فرديا، وتعويضات جماعية متمثلة في إعادة بناء وتعمير القرى والمؤسسات الخدمية.
    هذه بعض ملامح مشروع الاتفاق الإطاري الذي قدمته حركة العدل والمساواة المشتمل على مطالبات أخرى بشأن الأرض والحواكير وإعادة حدود الإقليم لما كانت عليه عشية الإنقاذ وإقرار مبدأ المحاسبة والعدالة وعدم الإفلات من العقوبة لكل من ارتكب جريمة في حق المواطنين وغيرها من المطالبات، وهي مطالبات تأتي متسقة مع اتفاق الدوحة لتبادل حسن النوايا بين كل من الحركة وحكومة السودان اسما (المؤتمر الوطني فعلا) والذي جرى في 17 فبراير 2009م. ومن غير المتوقع بالطبع أن يتم الاتفاق على كل هذه المطالبات فالحركة تقدم سقف مطالبها، والحكومة تفاوض بملف مبادرة أهل السودان الذي تم تقليص ظل الحقوق الدارفورية فيه بشكل كبير فلم تتم الإشارة لحظوظ دارفور في الرئاسة ولا مسألة الحدود ولا الإقليم الواحد ولا التعويضات الفردية والجماعية ولا مسألة المساءلة عن الجرائم.



    المفاوضات بطبيعتها تهبط بسقف مطالبات الحركة وترفع سقف الحكومة المتدني، وهناك عوامل كثيرة تلعب دورها على الطرفين مثل مجهودات الوسيط الدولي والدول اللاعبة في الإقليم، والوصول لاتفاق بين الحكومة وتشاد الراعي الأساسي للعدل والمساواة، ومناخ الانتخابات الذي جعل المؤتمر الوطني يحاول الخروج من عنق الزجاجة والملف الخالي الوفاض من الإنجازات والضاج بالاحتجاجات والتململات بملف إنجازي أو بفرقعة إعلامية حول إنجازات ولو كانت حبرا على ورق.. في هذا المناخ الذي يبحث عن إنجاز وأبواق عالية تم توقيع اتفاق الدوحة الإطاري، فما الجديد في هذا الاتفاق؟



    الجديد الذي لا يغالط عليه أحد أن هناك اختراق تم بالجلوس بين المؤتمر الوطني والعدل والمساواة أو هو استمرار للجلوس الذي وصل من قبل باتفاق حسن النوايا في الدوحة قبل نحو عام والذي خرق تعهدات المؤتمر الوطني الخرقاء بعدم الجلوس للعدل والمساواة أبدا بعد غزو أمدرمان في مايو2008م. هذه محمدة كبيرة للاتفاق الجديد. وأيضا أنه صحبه اتفاق على وقف إطلاق النار وعلى تبادل للأسرى وإطلاق سراح المحكومين وقد تم بالفعل من الجانبين بما أوقف تيار المرارات ومشاعر الانتقام المتبادلة نوعا ما. فماذا عن مضامين الاتفاق وهل تعبّر عن طموحات أهل داروفور المشروعة؟
    اشتمل الاتفاق على دستة من المواد الأولى حول وقف إطلاق النار والثانية حول إصدار عفو عام عن منسوبي الحركة وإطلاق سراح الأسرى، والثالثة حول (مشاركة حركة العدل والمساواة في السلطة على كافة مستويات الحكم وفقاً لكيفية يتم الاتفاق عليها بين الجانبين) والرابعة بتحول الحركة لحزب سياسي، والخامسة بإدماج قوات الحركة في القوات النظامية (وفقاً لآلية وكيفية يتفق عليها الجانبان)، والسادسة بتحمل حكومة السودان لنفقات قوات الحركة أثناء فترة التجميع والتدريب، والسابعة (يُعاد إلى الخدمة كل أعضاء حركة العدل والمساواة السودانية العسكريين المفصولين والمدنيين المفصولين عن الخدمة ويتم إلحاقهم برصفائهم بالكيفية التي يتفق عليها الطرفان)،


    والثامنة نصت على تعويض النازحين واللاجئين تعويضا عادلا مركزة على التعويضات الجماعية، والتاسعة (يخضع موضوع إعادة التنظيم الإداري في دارفور لمفاوضات من الجانبين للوصول إلى الاتفاق النهائي.) والعاشرة تنص بإخضاع مواضيع قسمة الثروة والأرض والحواكير لمزيد من التفاوض، والحادية عشر أن تطبيق الاتفاق ينبني (على حسن النوايا وعلى أساس تضامن وشراكة سياسية وفق مبادئ وقضايا وطنية توحد بين الطرفين) والأخيرة أن يتم إعداد البروتوكولات المنفذة وتوقيعها في الدوحة قبل 15/3/2010م.
    هذا الاتفاق إطاري لحسن النوايا والنوايا الحسنة قد تكون (دقسة) حينما يتعامل المرء مع المؤتمر الوطني لأن الأصح في التعامل معه هو: سوء الظن من حسن الفطن!
    الفرقعة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت الاتفاق لم تتناسب مع حجم المتحقق من مطالب أهل دارفور المشروعة والتي عددتها المنابر المدنية والحزبية والدراسات الدارفورية فصارت محفوظة للجميع. لقد تبنت حركة العدل والمساواة في ورقتها كثير من تلك المطالب، وبالرغم من أنها وضعت بعضها في شكل مكتسبات حزبية ورفضت أي تفاوض مع جهات أخرى وقالت إنها الوحيدة التي تمثل دارفور مما يعقد المسألة إذ ينبغي ألا يتم التركيز على من يمثل أهل دارفور من الحركات ولكن التركيز على ما هي مطالب أهل دارفور المشروعة لتتم الاستجابة لها ولتتوحد حولها كل الحركات، وحتى لو تغاضينا عن ذلك كله فإن رصيد المطالب المستجابة في الاتفاق الإطاري الموقع يكاد يؤول للصفر. وضعت لافتات عريضة وتركت التفاصيل لعشرين يوما تالية ليتم التوقيع بعدها على بروتوكولات تفصيلية ملامحها غير معلومة.


    الحل الوحيد والأمل أن يتم استصحاب المطالب المتمثلة في إعادة حدود الإقليم مع بقية أقاليم السودان، وحظ الإقليم في الرئاسة، والحواكير لما قبل يونيو 1989م، وفي حظ الإقليم في السلطة والثروة بنسبة حجم السكان، وفي التعويضات الفردية إضافة للجماعية للمهجرين والنازحين واللاجئين، وفي إعادة هيكلة الخدمة المدنية والنظامية بشكل قومي لا حزبي، وفي إعادة الديمقراطية وكفالة الحريات، وفي حسن الجوار مع دول الإقليم والوصول لاتفاقية أمنية معها، وفي عدم الإفلات من العقوبة والوصول لصيغة للمساءلة عن الجرائم التي ارتكبت في دارفور في سني الحرب والوصول لتسوية للملف الدولي.
    مسألة المساءلة هذه لها ما بعدها، فيما يتعلق بالمؤتمر الوطني ومرشحه للرئاسة، فهي مطلب حقيقي ويتطلب تنازلات حقيقية من نظام الإنقاذ. وكذلك إصغاء حقيقي للأصوات المخلصة التي ظلت تلح طارقة باب السيد عمر البشير مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة. منهم صوت الأستاذ يوسف علي النور حسن الذي كتب في مجلسة سودانايل الإلكترونية بعنوان: لأننا نحبك يا البشير اسمع ما نقول: (إذا كنت تعتقد يا أخي أنك تسير علي الدرب الصحيح فإننا نقول لك خلاف ذلك وإذا كنت تعرف أنك تسير علي الدر ب الخطأ فنقول لك إتق الله في نفسك وأهلك وفي شعبك حتي لا يذكرك التاريخ بالحاكم الفاسد فإن السمعة أطول من العمر. نحن نحبك سيدي الرئيس أكثر من الذين يكذبون خلف المكبرات لم نأخذ منك شيء ولا نريد منك شيء ولا أنت معطينا شيء ونعلم أن أوكامبو لا يستطيع فعل شيء وإن أراد فنحن نفديك بنفوسنا ولكننا لا نملك لك من الله شيئاً).



    وأخيرا ما قاله أول أمس الإمام الصادق المهدي في كلمته بعنوان (خطوة جديدة نحو جمع الشمل في ظل الحزب الأم) التي قيلت احتفالا بالخطوة المتخذة في سبيل لملمة أطراف حزب الأمة القومي، قال: (إنني أوجه نداءً مخلصا للأخ الرئيس عمر حسن أحمد البشير. نداء ليس من حزب ولا جماعة ولكن من شخص أقول: أيها الأخ الكريم إن الذين تعاملوا مع ملف المحكمة الجنائية الدولية لم يحسنوا التصرف). ثم عدد ما يؤكد وقوع جرائم في دارفور، وأن الاتهام فيها قائم ومستمر لا يسقط بالتقادم ولا بالحصانة، وأنه لا يوجد سبيل إلا أن تقف الحركة السياسية بين السيد البشير وبين مجلس الأمن وباقتناعه يقف بينه وبين المحكمة، وختم حديثه بالقول: (نحن نلتزم بتحقيق موقف سياسي موحد إلى جانب هذا التدبير وأن نقنع مجلس الأمن به في معادلة كسبية توفق بين العدالة والاستقرار. سيقول لك بعضهم لا تسمع فإن هؤلاء خصومك. ولكن مهما كان شعورنا نحوك فإن إشفاقنا على السودان غير مشكوك فيه فأمرنا ليس عن كره فيك ولكن عن حب للوطن.)
    نعم ملف دارفور يجب أن يعامل بأقصى درجات الإخلاص والمحبة الوطنية، وبعيدا عن مشاعر الانتقام والغضب، ولكن بعيدا أيضا عن أي (حسن نوايا) لا تتبعها تفاصيل وأفعال جادة فتكون بابا لريح جديدة، فالطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الحسنة، خاصة لو كان للمؤتمر الوطني طرف!.. أو كما قيل.

    وليبق ما بيننا

                  

03-04-2010, 07:40 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    الرد على حاج ماجد
    صفحات اخر لحظة - الراي
    الثلاثاء, 02 مارس 2010 10:47
    رأي:محمدأحمد الطاهر أبو كلابيش

    لقد اطلعت على ما جاء على لسان حاج ماجد سوار، أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني، في الحفل الذي نظمته دائرة شمال كردفان بالمؤتمر الوطني، على شرف عودة قيادات حركة العدل والمساوة، قطاع كردفان، وقد أوقفني ما جاء على لسان المدعو حاج سوار: «أوضح بأنهم ظلوا يرصدون كل التحركات والتفاعلات التي تعمل من أجل تهيئة كردفان للحرب، وقال للتاريخ إنه ذات السيناريو الذي اتبع في الضغط على أحمد وادي ومجموعته، ودفعهم للتمرد، هو ذات السيناريو الذي اتبع مع يوسف كوة وجعله يتمرد، وحمل سوار، والي شمال كردفان السابق محمد أحمد الطاهر أبو كلابيش مسؤولية الضغط على أحمد وادي حتى تمرد الخ».ما كنت أريد أن أدخل في هذه المسرحية السخيفة التي بطلها سوار، ولكن أجد نفسي أن المدعو سوار أراد أن يدفعني دفعاً أن أصدع بما أعلم.

    أولاً :
    ليس بيني وبين المدعو أحمد وادي، قضية شخصية لسبب بسيط: ليس هنالك ما يجمع بيني وبينه، حتى تكبر الضغائن، وليس هو نداً لي، حتى أحاول أن أنتزعه من عليائه، وكل ما في الأمر عند تسليم السيدة وزيرة المالية السابقة بعد إعفائها، عرضت عليّ ملفاً يخص أحمد وادي، به اختلاس من مال الزكاة، تم تحريك القضية فيه في عام 2007م، وهنا يعرف سوار جيداً من الوالي في ذلك الوقت، وطلبت منها - الوزيرة - أن تسلم ذلك الملف إلى جهة الاختصاص، وهو النائب العام، الذي له علم سابق بهذه القضية، ولم أتابع الإجراءات التي تمت بعد ذلك، من رفع للحصانة، وما تبعها من إجراءات، بل علمت بخروج أحمد وادي، هارباً خارج السودان، حتى لا يمثل أمام العدالة، وبعد فترة وجيزة لم تتعدّ الأيام، حضر أحمد وادي بواسطة المدعو سوار هذا، وقام بترحيله بعربات المؤتمر الوطني إلى قريته، ثم عاد إلى الخرطوم، وظهر في المؤتمر العام للمؤتمر الوطني، وقد حاول سوار وأمثاله سحب القضية بواسطة وزير العدل عبد الباسط سبدرات، الذي رفض هذا الإجراء مما دفع وادي للهرب للمرة الثانية، فإذا به يعود بعد اتصالات من هذا السوار؛ ليعود بطلاً يتم استقباله في المطار، وتقام له الاحتفالات في المؤتمر الوطني فيا سبحان الله، وأعود - اما ما جاء عن سيناريو يوسف كوة، رحمه الله، فقد سأله ذات مرة، في بيروت، أحد السذج قائلاً: قد خرجت من كردفان نتيجة لخصومات مع الفاتح بشارة وأبو كلابيش، فرد المرحوم يوسف كوة بأن هذا تقزيم لقضيته، وهو يرفض ذلك تماماً، لأنه خرج من أجل قضية كبرى، هي قضية جبال النوبة (قد تم نشر هذا في مجلة النهار البيروتية) فليت يوسف كان حياً حتى يلقم سوار وأمثاله حجراً.

    تحدث سوار عن المرونة التي يطالبني أن أتعامل بها في مثل حالة أحمد وادي، وهنا أخشى أن يكون سوار من الذين يشخصون أمراض الغير من خلال أمراضهم، فكم يكون لي الشرف أن أفتح البلاغات بنفسي، على كل من تمتد يده على المال العام، وكل من يتصرف تصرفاً غير مسؤول، وفي هذا الأمر لدي الكثير والخطر الذي يمنعني الحياء من ذكره، ولكنني أخشى على المؤتمر الوطني من أمثال الذين يسيئون إلى ولاتهم أمام الرأي العام، لأنهم وقفوا مع العدالة والحق، والذين يتسنمون مواقع تتقزم قاماتهم أمامها، وأخشى ما أخشى إن يأتي يوم يقول فيه سوار هذا: إن خروج مني أركو، ود. خليل، وقادة الشرق والعشرات من أمثالهم من دارفور، والشرق، سببه عدم مرونة البشير - أرجو أن يدرك سوار حجمه الحقيقي فنحن لم نمارس السلطة في الإنقاذ هرولة نحوها، وكذلك في مايو، فقد أتينا لمايو محمولين على أجنحة الإرادة الجماهيرية، ومن بيوت يعلمها القاصي والداني في السودان، وقد ظللنا أوفياء حتى لقبر رئيسها الآن، وما عاهدنا الإنقاذ إلا للطهر ونظافة اليد واللسان، فإن كان أمثال سوار يريدونني أن أكون غير ذلك، فليبحث عن الآخرين في ذاته. وإلى أن أعلم العلاقة التي ما بين سوار ووادي، هذه العلاقة التي افتقد فيها سوار وقاره الوظيفي سأظل أبحث إن شاء الله. وأخيراً يكفي حركة أحمد وادي ما قاله عنها خليل نافياً لها، وما ذكره ممثل الأمم المتحدة رافضاً لها، كما جاء على لسان أحمد وادي شخصياً، كما نرجو من سوار إخطارنا عن الجيش الذي كان يعده لغزو كردفان، وبالأسلحة الثقيلة، والعربات التي سلمها أحمد وادي سوار بعد كتابة هذا الاتفاق الخطير.

    ولنا عودة إن شاء الله

    والي شمال كردفان السابق

    اخر لحظة
                  

03-04-2010, 08:14 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)


    سيناريو الانتقال الى الديكتاتورية المدنية

    صديق تاور

    الطريقة التي تُدار بها العملية الانتخابية الحالية من قبل المؤسسات المسؤولة عن ادارتها «مفوضية الانتخابات»، أو من قبل الموالين للحزب الحاكم في مؤسسات الدولة المختلفة الامنية والاعلامية، او من قبل الحزب نفسه، تفيد هذه الطريقة بأن فكرة إجراء انتخابات بروح التنافس الاخلاقي النزيه غير موجودة، وأنه لا توجد ادنى رغبة لدى التيار المتنفذ القابض على الأمور داخل حزب المؤتمر الوطني في نقل البلاد من خانة الديكتاتورية العسكرية الحزبية القائمة،

    الى خانة التداول السلمي الديمقراطي الذي يستوعب الجميع ويحقق قدراً من الاستقرار مطلوب الآن، بعدما أُنهك السودان وأهله طيلة العشرين سنة الماضية أيما إنهاك، حتى صار عند مفترق طرق بين أن يبقى أو لا يبقى. فكثيراً ما تصدر أقوال وأفعال تتناقض مع فكرة التنافس الانتخابي الشريف أبطالها قادة حزب المؤتمر الوطني في الحزب والدولة، حيث هناك ازدواجية واضحة في استخدام الموقع السلطوي ضمن الدعاية الانتخابية، وهذا اول الاخطاء التي تدحض الإدعاء بوجود منافسة شريفة، فقد جرت العادة والعرف في كل بلدان الدنيا على انه عند الاعداد لانتخابات عامة تستقيل الحكومة وتشكل حكومة مستقلة ذات طابع انتقالي وظيفتها الاساسية اجراء الانتخابات وتسليم السلطة للحكومة المنتخبة. والهدف من هذه العملية واضح، اذ لا يستقيم ان يكون هناك اشخاص موجودون على قمة السلطة ويشكلون الاجهزة واللجان التي تدير العملية الانتخابية، ويضعون قوانينها ويحددون الافراد العاملين عليها، ثم في نفس الوقت يخوضون الانتخابات وهم يحتفظون بذات المواقع التي يتنافسون فيها مع الآخرين عبر آلية الانتخابات، فالمنصب نفسه لم يشغر بعد حتى يتم التنافس عليه. كما أن ازدواجية الاحتفاظ بالمنصب وخوض التنافس الانتخابي عليه في آن معاً،

    فيها ما فيها من اسغلال واضح للنفوذ يربك العاملين على أجهزة الدولة الرسمية، ويضعهم في موقف المتواطئ بنظر اي مراقب من خارج السلطة. مثلاً عند زيارة السيد عمر البشير الى منطقة ما لادارة حملته الانتخابية بصفته مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية الذي لا يزال يشغله حتى أثناء الحملة، هل يتعامل معه جهاز الدولة من شرطة وولاية وموظفين وغيرهم، هل يتعاملون معه باعتباره مواطنا مترشحا لمنصب رئاسة الجمهورية مثله مثل بقية المرشحين؟ أم يتعاملون معه بصفته رئيساً للجمهورية في حالة زيارة للمنطقة، وكيف يتصرف هو نفسه في هذه الحالة؟ ونفس الشيء ينطبق على الولاة والمعتمدين والمستشارين وغيرهم من اعضاء حزب المؤتمر الوطني الذين يخوضون الانتخابات من مواقعهم في السلطة التي تكون دائماً احدى آليات ادارة صراعاتهم الانتخابية. وهناك كثير من الحيثيات التي تدعم ما ذهبنا اليها بخصوص هذه الازدواجية في استغلال السلطة للدعاية الانتخابية، على الرغم مما يصدر من أقوال بالعمل على قيام انتخابات نزيهة وشريفة في كل مرة من المرات، مثلاً نقرأ في صحيفة «الرائد» بتاريخ 2/3/0102م- العدد 75 أنه «وجه رئيس الجمهورية مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة في الانتخابات المقبلة المشير عمر البشير، بصرف تعويضات للمتأثرين من قيام سد مروي بمنطقة المناصير، وأكد التزام حزبه بحل كافة قضايا المتأثرين والمهجرين، وتوفير الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وكهرباء بمحلية أبو حمد في الفترة المقبلة.. وكشف مرشح الدائرة «2» محمد أحمد البرجوب «مؤتمر وطني» عن تأكيد الرئيس خلال لقاء جمعه به، صرف تعويضات المتأثرين من قيام سد مروي من المناصير، وافصح في ذات الوقت عن صدور قرار بتجميد إنشاء سد الشريك الى حين موافقة مواطني المنطقة».



    وفي منطقة سقادي بولاية نهر النيل أعلن عمر البشير عن تخفيضات جديدة لتعريفة الكهرباء، وتعهد بحل كافة قضايا المزارعين المعسرين.. كما سخر من دعوة احزاب المعارضة للتكتل لاسقاط مرشحي حزبه في الدوائر الانتخابية.
    «الصحافة- 72/2/0102م، فهذا ازدواج واضح بين مخاطبة الناس من واقع السلطة وبين الدعاية الانتخابية للاستمرار في ذات الموقع، والا فبأية صفة يوجه السيد عمر البشير بصرف التعويضات للمتأثرين من السد في مروي؟ ولماذا يكون التوجيه من خلال الحملة الانتخابية؟ ومن أين للمرشح البرجوب بصدور قرار تجميد إنشاء سد الشريك، هل هو قرار دولة ام قرار حزبي حتى يعلنه للناس من خلال الحراك الانتخابي الخاص بحزب المؤتمر الوطني؟ فالقرار الذي يصدر عن رئاسة الجمهورية له قنواته الرسمية التي لا علاقة لها بمرشح أو ممثل حزب مهما كان «واصلاً»، ونفس الشيء ينسحب بالضرورة على كل مرشحي حزب المؤتمر الوطني الذين ينافسون الناس على السلطة من موقع السلطة.



    ففي سنار ذكر السيد التوم هجو مرشح الحزب الاتحادي لمنصب والي ولاية سنار، أن الوالي الحالي ومرشح المؤتمر الوطني لذات المنصب زار منطقة «مايرنو» وتبرع ببناء استاد هناك بمليارات الجنيهات، في حين أنه «أي الوالي» كان قد أعلن أمام المجلس التشريعي عن نقص في المرافق الصحية بالولاية بنسبة «57%»، كما ذكر التوم هجو أن نقابة التاكسي في سنار ألزمت عضويتها بوضع صورة مرشح الوطني للولاية «أحمد عباس» ونافع علي نافع أو التعرض لعقوبة - السوداني- 71/2/0102م العدد 0251. وفي ذات السياق استنكر عمر أبو روف «حركة شعبية»، مساعدة الشرطة بسنار لموكب الوالي في حملته الانتخابية -الأيام- 81/1/0102م.
    وهناك أيضا ممارسات من بعض الاجهزة الموالية للمؤتمر الوطني ضد منسوبي الاحزاب الاخرى هنا او هناك. مثلاً ورد أن جهاز الأمن استدعى خمسة من كوادر المؤتمر الشعبي العاملين بالحملة الانتخابية بالدائرة «81» خزان جديد، وقام بتعذيبهم وضربهم وركلهم وحلق رؤوسهم «صلع» وأجبرهم على حلف اليمين وكتابة تعهد بعدم ممارسة اي نشاط سياسي لحزبهم -رأي الشعب- 32/2/0102م العدد «6041».
    وفي مدينة النهود بشمال كردفان اعترضت الشرطة عربة الدعاية الإعلامية لحزب الأمة القومي، وقامت باطلاق الرصاص عليها، والعربة كان يقودها عضو الحزب محمد ابراهيم وعليها ملصقات وصور للإمام الصادق المهدي ومرشح ولاية شمال كردفان د. محمد المهدي حسن. صوت الامة -81/2/0102م العدد «571». أيضا ذكر سيد المقبول مساعد رئيس حزب «السودان أنا» أنهم تعرضوا لتهديدات من قبل قيادات المؤتمر الوطني، ومورست عليهم ضغوط كثيفة لإجبارهم على التنازل عن ترشيح رئيس الحزب لمنصب والي جنوب دارفور. رأي الشعب- 2/2/0102م العدد «5831».



    وفي كسلا اتهم السيد طاهر محمد علي باركوين «مؤتمر البجا» حزب المؤتمر الوطني بدعم المليشيات المسلحة بشرق السودان، قائلاً: هذه قوات غير قانونية، وتعمل على ترويع المواطنين الآمنين. وأرغمت العديد من المرشحين التابعين لحزبه ومارست ضغوطا على كوادره، مما دفعهم للانسحاب من الترشح بالدائرة الانتخابية بذات المناطق، حفاظاً على النسيج الاجتماعي. وقد جاء هذا الاتهام على خلفية تعرض موكب مؤتمر البجا الحملة الانتخابية في المنطقة لكمين من مجموعة اعتدت على الموكب ونُقل عدد من المصابين للمستشفى على إثر ذلك. -الصحافة- 22/2/0102م العدد «9695». -رأي الشعب العدد «5041». اما في مروي فقد أورد المرشح المستقل عادل محجوب حسين أن افراداً بمروي قاموا بتهديد بعض من يعملون معه في حملته الانتخابية، وقال ايضا انه جاءه مسؤول بارز في حملة قوش الانتخابية، وطلب منه التنازل لصالح الأخير مقابل مبلغ من المال. رأى الشعب 12/2/0102م العدد «4041» واذا استرسلنا في مثل هذه الجوانب فإن السفر لن ينتهي، وهي ممارسات فضلاً عن انها منتشرة على كل المستويات وفي كل مناطق السودان في الشمال، فإنها تفيد بأن مطلب قيام انتخابات نزيهة وحرة تحكمها المنافسة الشريفة ليست هدفاً من اهداف حزب المؤتمر الوطني الذي يتشبث بكرسي السلطة باية كيفية،


    ولا يريد أن يخطر بباله مجرد خاطر بامكانية فقدان هذا الكرسي، لأن المسألة بالنسبة له مصالح متشابكة ومفاسد يمكن أن تنفضح اذا جاءت اية سلطة تحكمها المؤسسية. فعلى الرغم من أن هذه الانتخابات هي إحدى الآليات المهمة لنقل الواقع من خانة الاختناق الديكتاتوري الذي ظل يحكم لعشرين عاما الى خانة المناخ الديمقراطي الذي يؤمن بالتداول السلمي الشريف، وعلى الرغم من أن تخريب هذه العملية ربما يلقي بظلاله على مستقبل البلاد بكلياته من حيث الوحدة والاستقرار، إلا أن أجندة المؤتمر الوطني تتقاطع مع تحقيق مطلب حرية ونزاهة هذه الانتخابات، ويريدها فبركة تبقى على سيطرته على الأوضاع بأية كيفية من الكيفيات.. يقول إدوارد لينو إن المؤتمر الوطني عرض على الحركة الشعبية التنازل عن الشمال مقابل أن يتنازل هو عن الجنوب. -رأي الشعب- 22/01/0102م العدد «8821»، أي أنه ساوم على صفقة تقسيم البلاد منذ وقت مبكر تضمن له الاستمرار في حكم الشمال، على الرغم من إدعاءات الوحدة ومزاعم الحرص عليها.
    والامر بالنسبة للمؤتمر الوطني بصفته حزبا حاكما مجرد طريقة للاستمرار في السلطة، سواء لكل السودان او جزء منه، وإلا فإن مطلب تحقيق مناخ حريات يضمن للجميع القبول بنتيجة التنافس ليس صعباً. لذلك نلاحظ مفوضية الانتخابات وأجهزة الإعلام الرسمي والأجهزة الأمنية تتصرف بشكل ممالٍ للمؤتمر الوطني بصفته حزبا حاكما، ولا تضع في اعتبارها وجود منافسين آخرين، بل تعتبرهم مصدر ضيق «وعكننة»، وبذلك تكون دعوة نافع للاحزاب بالتحلي بالشفافية والابتعاد عن المخادعة بقوله نريدها معركة شريفة وصادقة يقرر فيها المواطن ونحن نقبل برأيه،



    مما قاله باستاد الدامر- القوات المسلحة 81/2/0102م العدد «4302»، تكون هي دعوة عديمة المعنى، لأنه لا يصدقها العمل بل يكذبها. والاجدى به أن يوجه هذا الكلام الى اعضاء حزبه وقياداته وعناصره المتنفذة في موقع القرار بالدولة. والواضح أن التيار المتنفذ داخل المؤتمر الوطني لا يؤمن بتحول ديمقراطي حقيقي، وإنما يريد مسرحية يخدع بها الرأي العام محلياً وخارجياً بأنه يحكم استناداً على شرعية شعبية. أي أنه يبحث عن شرعية وهمية يطيل بها عمره في السلطة فقط ولو كان ذلك على حساب مصالح البلاد ومستقبلها، من هنا فإنه من الضروري عدم مسايرة المؤتمر الوطني في ملعوبه الذي اضحى اكثر وضوحاً من اي وقت مضى، لأن ما يترتب عليه سوف يكون خصماً على السودان بالدرجة الاساس، فاما أن تجرى انتخابات صحيحة تقوم على أرضية تضمن الثقة في مخرجاتها حتى ولو فاز بها المؤتمر الوطني نفسه، انتخابات تقوم على شروط عدم استغلال السلطة والنفوذ وأجهزة الدولة لصالح اشخاص بعينهم بينما يتحول الآخرون الى مجرد كمبارس. أو أن يبتعد عنها الناس.. إن أي تنازل عن شرط قيام الانتخابات على أرضية صحيحة تضمن ممارسة شفافة، هو خدمة مجانية للتيار الذي يبحث عن ديكتاتورية مدنيَّة داخل حزب السلطة.


    الصحافة
    4/3/2010
                  

03-06-2010, 08:57 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    لن يطالكم منه إلا التجهيل والبطالة!! ...

    بقلم: د.عثمان إبراهيم عثمان
    الجمعة, 05 مارس 2010 07:31


    سيتناول المقال الثاني من هذه السلسلة التجهيل والبطالة التي لاقاهما الشعب السوداني منذ قيام انقلاب الإنقاذ في 30 يونيو 1989م وحتى الآن؛ ومع ذلك امتدح المواطن عمر حسن أحمد البشير مرشح حزب المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية ثورة التعليم العالي كإحدى الانجازات العظيمة للانقاذ، فأوضح أن عدد الجامعات قبل الإنقاذ لم يتعد الخمس جامعات: ثلاث بالخرطوم، وواحدة بالجزيرة، في حين أن جامعة جوبا كانت نازحة بالخرطوم. أما الآن فقد غطت الجامعات كل ولايات السودان الخمسة والعشرين، وأن العدد الكلي لمؤسسات التعليم العالي الحكومية، والخاصة، قد بلغ حوالي المائة والعشرين جامعة، وكلية؛ مما يدل على أن برنامج الحزب للانتخابات العامة في مجال التعليم، سوف يستند على هذه الانجازات غير المسبوقة، أو كما قال.

    قبل أن نرد على الدعاية الإنتخابية التي تفضل بها مرشح حزب المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية؛ ولكى "نعمل فرشة" لردودنا تلك، نستميح القارئ عذراً بالسماح لنا باستعراض أوضاع الجامعات الخمس قبل الإنقاذ من حيث تنميتها، وتطورها، المادي، والبشري، ورعايتها للطلاب. سوف أتطرق لأوضاع جامعة الخرطوم فقط، كمثال، بحكم أنني كنت لصيقاً بها لفترة تقارب الثلاثين عاماً؛ وأحسب أن الأمر كذلك ينسحب على بقية الجامعات، والمعاهد، الحكومية.

    في البدء لابد أن أشير أن الدولة السودانية، سواء في عهودها الديمقراطية أو الشمولية (حكومتا نوفمبر ومايو)، قبل إنقلاب الإنقاذ المشؤوم، كانت تلتزم إلتزاماً صارماً ببنود ميزانيتها السنوية، وأن الصرف من بند على آخر يعتبر فساداً يعاقب عليه القانون. ففي جامعة الخرطوم، وحتى قيام الإنقاذ، كانت الأقسام العلمية المختلفة تضع احتياجاتها السنوية، والتنموية، والتطويرية، من أساتذة، ومساعدي تدريس، وكتب، وأجهزة، ومعدات، وكيماويات، وحتى النثريات اليومية، وغيرها، وترفع لوزارة المالية عبر إدارة الجامعة العليا، وعمادة الكلية، لتضمن الميزانية العامة للدولة، بفصولها: الأول المعني بالمرتبات، والأجور، والثاني(أ) المتعلق بالتسيير، مثل: توفير مستلزمات العملية التعليمية والثاني(ب) لجلب السلع الرأسمالية، من أجهزة، ومعدات، وعربات، وغيرها ،



    والثالث الذي يهتم بالتنمية في شكل مشروعات عمرانية، وتطويرية. وعندما يبدأ العام المالي، يتم الصرف منها حسب البنود الواردة فيها. يتم ذلك بمراقبة لصيقة من قبل المراقب المالي للجامعة. وأذكر أنه في أوائل ديسمبر 1988م – آخر ميزانية قبل قيام الإنقاذ -، طلب وكيل الجامعة، وسكرتير شؤون الأفراد من رؤساء الأقسام الحضور للإدارة كي يلتمسوا احتياجات إضافية، حسب بنود الميزانية، بغرض صرف ما تبقى من أموال تخص تلك البنود. بغير ذلك سوف تسترجع تلك الأموال، التي لم تصرف، لوزارة المالية، وفي الغالب تخصم من ميزانية العام المقبل، بحسبان أن ميزانية ذلك العام كانت متضخمة. تقوم عمادة شؤون الطلاب كذلك برفع كل المستلزمات السنوية الخاصة بسكن، وإعاشة جميع طلاب الجامعة بغير استثناء، بالإضافة إلي مستلزمات كل الأنشطة اللاصفية، وبما في ذلك، بالطبع، ميزانيات الاتحاد، والروابط الأكاديمية. أما أمين المكتبة بالجامعة فيرفع كذلك احتياجاتها – حسب منظور الأقسام العلمية – من كتب مرجعية، ودراسية، ومعاجم، ودوريات علمية عالمية محكمة.

    أما فيما يختص بتأهيل، وتدريب أعضاء هيئة التدريس، فتعين الجامعة أميز خريجيها كمساعدي تدريس – لن يثبتوا كأعضاء هيئة تدريس إلا بعد حصولهم على درجة الدكتوراة، وليس الماجستير-، فتبتعثهم، دون تأخير، إلى أرقى الجامعات العالمية المرموقة لنيل الدرجات العليا من ماجستير، وزمالة، ودكتوراة، في مختلف التخصصات العلمية، والأدبية، والعلوم الإنسانية والطبية، والهندسية، والزراعية. اللافت أن معظم هؤلاء المبعوثين كانوا على نفقة حكومة السودان، مع قلة منهم يحصلون على تكاليف دراستهم،

    ومعاشهم عبر اتفاقيات ثنائية مع مؤسسات عالمية. عند عودتهم، وبعد حصولهم على درجة الدكتوراة، تعقد لهم لجنة تعيينات برئاسة مدير الجامعة تفحص جميع شهاداتهم – بكالوريوس، ماجستير، دكتوراة، بالإضافة إلى تقرير المشرف على رسالة الدكتوراة، وتقارير رئيس القسم، وعميد الكلية المعنيين، وعميد كلية الدراسات العليا؛ بغرض مضاهاتها مع لائحة الجامعة الصارمة لتعيين أعضاء هيئة التدريس؛ مما يضمن انضمام أميز الحاصلين على درجة الدكتوراة لهيئة التدريس. ولي تجربة شخصية مع هذه اللجنة لا بد من إيرادها لتوضيح الصورة: بعد حصولي على درجة الدكتوراة، وعودتي إلى السودان تقدمت بتفاصيل شهاداتي لتلك اللجنة، فرفضت تعييني بوظيفة عضو هيئة التدريس المخصصة لقسم الكيمياء، ولم يشفع لي أنني كنت مبعوثاً من قبل الجامعة، على نفقة الدولة للتحضير في ذلك التخصص، الذي حدده القسم، فأوصت بإعلانها في الصحف اليومية، فقد يأتي شخص آخر يحمل نفس التخصص الدقيق الذي طلبه القسم، وبشهادة بكالوريوس (Basic Degree) خالية من أي رسوب، بحجة أن تفاصيل شهادة البكالوريوس خاصتي تضم رسوباً في مادة برمجة الحاسوب المساعدة(Ancillary) لمادة الكيمياء.



    حدث ذلك رغم علمهم بعدم وجود شخص بهذا التخصص الدقيق، وأن مادة برمجة الحاسوب هي مادة إضافية، وملحقة بدراسة الكيمياء، ولذا لم تقف حجر عثرة في حصولي على درجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الأولى، ولم تكن عقبة في تعييني مساعداً للتدريس، لأبتعث إلى بريطانيا لنيل الدرجات العليا على نفقة حكومة السودان. يعكس هذا التمرين حرص إدارة الجامعة على تميز أساتذتها، والذي يتمظهر في مستوى درجة البكالوريوس (الدرجة الأساسية)، أو عنق الزجاجة، وليس بأي درجات عليا من ماجستير أو دكتوراة، التي لا تعكس أي نبوغ أو عبقرية كما يتخيل البعض.


    إن إيفاء جامعة الخرطوم في الماضي، مثلها مثل بقية الجامعات، والمعاهد العليا الحكومية، بكل متطلبات العملية التعليمية، في أشكالها المختلفة، ومكوناتها البشرية، والمادية، هو ما قاد لتميز، وبروز خريجيها أكاديمياً، وسياسياً، وهو أمر متوقع كنتيجة طبيعية لهذا التعليم النوعي المجود؛ ساعدهم في ذلك، بالطبع، إجادتهم للغة الإنجليزية، التي كانت لغة التدريس بمؤسسات التعليم العالي. ولذا فلا غرابة في: أن تتخطفهم المؤسسات الحكومية، والخاصة، حتى قبل أن يكمل بعضهم متطلبات تخرجهم بصفة رسمية؛ كما كانت وفود الدول العربية تزور السودان في أزمنة التخرج هذه للتعاقد مع الخريجين الجدد كل عام. فتعيين هؤلاء الخريجين المتميزين لم يكن حكراً على المؤسسات الوطنية أو العربية، ولكن كان هناك نصيب للشركات العالمية؛ فأذكر أن شركة شيفرون الأمريكية كان تعين كل عام عدد من خريجي قسم الجيولوجيا، ليس كي يعملوا في مشاريع استكشاف البترول بالسودان، ولكن أيضاً بمناطق العالم المختلفة التي تعمل بها، ولذا لم تستغن عنهم عندما انسحبت من السودان كنتيجة لحرب الجنوب،


    وإنما وزعتهم على مناطق عملها في أفريقيا، وآسيا وأوروبا؛ ليس ذلك فحسب بل إنها أهلتهم لنيل الدرجات العليا على نفقتها. مثال آخر: الدكتور محمد جمال الذي أبتعث من قبل قسم الجيولوجيا لنيل درجة الدكتوراة بالولايات المتحدة، بعيد قيام الإنقاذ، والآن يعمل بوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، بعد أن أقنع الأمريكان بعلو كعبه العلمي، والبحثي. وهنالك أيضاً خريجون كثر من كلية العلوم وكليات الجامعة المختلفة يحتلون مواقع مرموقة في المؤسسات العالمية العلمية، والبحثية، والمهنية.

    لقد استطال سردنا لحال مؤسساتنا التعليمة العالية، وكذلك المستويات الراقية لخريجيها، قبل انقلاب الإنقاذ المشؤوم. والآن أسمح لي عزيزي القارئ، باستعراض ما فعله مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية، وعصبته المنقذة، من تخريب لمؤسساتنا التعليمية الراسخة، وما نتج عن ذلك من مخرجات بائرة على المستوى المحلى، والإقليمي، والدولي، ليس ذلك فحسب بل يريدون استكماله في الخمس سنوات القادمة.

    استهلت الإنقاذ ثورة "التحطيم العالي" عام 1989/1990م، بمضاعفة القبول بالجامعات الخمس القديمة، دون أن توفر أي مستلزمات، بشرية كانت أو مادية، لمقابلة الزيادة في أعداد الطلاب، كما فرضت تعريب المناهج، مع إهمال تام لبرامج بناء القدرات، وتوفير الكتب، والمراجع، لمقابلة مطلوبات إنفاذها، مع علمهم التام – دكتور إبراهيم أحمد عمر وزمرته - بالآثار السالبة، والمدمرة لتلك الخطوتين على المستوى الأكاديمي للخريج. فحتى مستوى كرة القدم يتدنى إذا لم يصرف عليها بسخاء؛ فما بالك بالمستويات التعليمية إذا لم تتوافر معيناتها. فهل كان صعباً إصدار هذين القرارين، دون أي التزام بمتطلباتهما؟ وهل إصدار هذين القرارين بصورتهما تلك يعد إنجازاً؟ الخطوة التالية في "إنجازات" الإنقاذ المزعومة، كانت في العام الذي يليه، وذلك بمضاعفة عدد الجامعات فصارت عشراً؛ حيث ظل متوسط الإنفاق العام على التعليم العالي كنسبة من الدخل القومي (46,0%) ثابتاً تقريباً؛


    ولكن تمت الخطوة على حساب الدعم الذي كان يقدم لطالب جامعة الخرطوم؛ حيث انخفض الإنفاق عليه بنسبة 38%؛ عند إنفاذ برنامج ترشيد السكن، والإعاشة بالجامعة، عام 90/1991م؛ وعلى حساب كل الميزات التي كان يتمتع بها في عام 1991/1992م، فانخفض الإنفاق عليه مجدداً بنسبة 49%؛ عندما ألغي برنامج الإعاشة بالكامل، وصار السكن نفسه لا يتم إلا بمقابل رسوم يدفعها الطالب. تمادت العصبة المنقذة في "عواستها" بزيادة عدد الجامعات بنسبة 130% في عام 1993/1994م، لتصير ثلاثة وعشرين، بزيادة ضئيلة (21%) في نسبة الإنفاق علي التعليم العالي من الدخل القومي (0,51%)، وعلى حساب المعينات التعليمية التي كان يتلقاها طالب جامعة الخرطوم، والتي انخفض الدعم الحكومي لها في الفصل الأول ليبلغ 32%، فتلجأ الجامعة لسده من مواردها الذاتية؛ كما تساهم الدولة فقط بحوالي 4% من موازنة الفصل الثاني (أ): التسيير، مثل: توفير مستلزمات العملية التعليمية، فيتوجب على الجامعة توفير 96% من تكاليفها، الأمر الذي عادة ما يربكها. وتغطي الدولة فقط حوالي 1,0% من موازنة الفصل الثاني (ب): السلع الرأسمالية، من أجهزة، ومعدات، وغيرها؛ فتسد الجامعة العجز (9,99%) فيه من مواردها الذاتية. أما موازنة التنمية للمشروعات العمرانية، والتنموية فتغطى بنسبة 100% من موارد الجامعة الذاتية، حيث لم تشارك الدولة منذ عام 93/1994م، بأي مبالغ في تمويل مشاريع الجامعة التنموية.



    وضع كهذا حرى به أن يرتبط بتدن مريع في المستويات الأكاديمية. فبرغم عجز الدولة البين؛ إلا أنها ما فتأت تطلب كل عام، زيادة في الأعداد المخططة للقبول بكليات الجامعة المختلفة. الجدير بالذكر بأن الصرف علي الفصل الثاني بشقيه، لا يتم وفق خطط، وميزانيات، تعدها الأقسام، والكليات حسب حاجتها، كما كان في الماضي، وإنما عبر أمزجة، أو أوعية، غير مؤسسية؛ فتغيب بنود الميزانية، ويختلط الحابل بالنابل،- حال الإنقاذ في كل مرافق الدولة - ، فيعم الفساد، والإفساد، ليصير السودان من أكثر دول العالم فساداً. قد يسأل سائل: كيف حلت الإنقاذ معضلة المشروعات العمرانية للجامعات الجديدة بولايات السودان المختلفة؟ تفتقت عبقرية العصبة المنقذة عن فكرة ألمعية توهم بها الشعب السوداني بإعمال فلسفة تربوية حديثة تقتضي إعادة هيكلة السلم التعليمي للتعليم العام بزيادة سنوات التعليم الأساسي لأقصى حد ممكن، لتصير ثمان، ومن ثم زيادة عدد السنوات التي يقضيها الفاقد التربوي بالمدرسة، فتصبح سنوات التعليم الثانوي ثلاثاً فقط، وليس ستة. بهذه الفكرة المبتكرة، يمكن بناء فصلين من القش، أو الطين، أو الطوب - حسب المنطقة: العمارات، الحاج يوسف، رفاعة، عد الفرسان - بمدارس الأساس، وإحلال المدارس الثانوية العليا بمباني المدارس الثانوية العامة، لتسكن الجامعات الجديدة في مباني المدارس الثانوية، التي أصبحت غير مشغولة تماماً؛



    ومن ثم فلا حاجة لتشييد مباني الطوابق المسلحة، باهظة التكلفة، ومن ثم فإن كل المطلوب هو لافتات مضيئة تدل على اسم الجامعة وسنة التأسيس، لتصبح رقماً ضمن أهم إنجازات الإنقاذ في العقدين الماضيين. هكذا تتم الانجازات في العهد الإنقاذي "المبروك"، بكل هذه البساطة، والأريحية. يتسق نوع ذلك التفكير مع كشفه الأستاذ أحمد عبد الرحمن محمد بأن انقلاب الإنقاذ كان بسبب خوفهم من المحاسبة، وليس لأن لهم مشروعاً حضارياً يستند علي الشريعة الإسلامية يودون تطبيقه. فنسوا أمر الشريعة تماماً لسنوات خلت، والآن يعودون إليها لاستغلال العاطفة الدينية عند الناخب السوداني، ولكن هيهات، فقد خبرنا ألاعيبكم طوال العقدين الماضيين.



    هذا ما كان من أمر توفير المستلزمات المادية لثورة "التحطيم العالي" الذي اضطلع به مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة في العقدين الماضيين؛ أما فيما يتعلق بالإيفاء بمتطلبات الموارد البشرية، فصدرت التوجيهات للجامعات القديمة باستنساخ شهادات الماجستير، والدكتوراة، ضعيفة المستوي، ليلتحق حملتها بالهيئات التدريسية لتلك الجامعات؛ فلم يعد حملة الدكتوراة وحدهم الذين يضطلعون بالتدريس، والبحث العلمي، فقد لحق بهم أيضاً حملة الماجستير الذين أصبحوا يتولون كذلك مهام رؤساء الأقسام، وعمداء الكليات. ولم لا؟ أفلم تصبح هذه الجامعات مدارس ثانوية عليا جداً؟


    اللافت أن حملة الدكتوراة صاروا يعينون من غير أي فحص لشهاداتهم الأساسية، وليدرسوا كل المواد بالقسم؛ ولما لا؟ أفلم تتمازج التخصصات بالجامعات بعد التدهور الذي أصابها جراء إنفاذ سياسة التعريب، وإدخال مطلوبات الجامعة. وهذه أيضاً فكرة مشرقة لحل عقدة التخصصات التي أثقلت كاهل الجامعات؛ ولا يهم أن انحطت المستويات، فالعبرة بعدد الخريجين،وليس بنوعهم، عند أهل هي لله لا للسلطة ولا للجاه؛ الذين صاروا يرتلون فصولاً من الكتاب المقدس، عقب تلاوة آيات من الذكر الحكيم، كما حدث عند تدشين مرشحهم الرئاسي لحملته الانتخابية باستاد الهلال؛ فما رأي هيئة علماء المسلمين في ذلك؟

    بعد كل الذي سردته، لست في حاجة لأقول أن إنجازات الإنقاذ في محور التعليم العالي، قد قادت لتدني المستويات، فالحكم لك، أعزك الله. ولكن أود، قبل أن أختم مقالي هذا، أن الفت انتباهك لأمور بسيطة عبر أسئلة من شاكلة: هل قرأت الرسائل النصية التي يرسلها المشاهدون – جميعهم من مخرجات ثورة "التحطيم العالي" - لقنواتنا الفضائية؟ ألم تصبك بالقيء؟ هل تابعت ما يكتبه طلاب الجامعات بفعاليات أسابيعهم الثقافية؟ ألم تلحظ ضحالة أفكارها، وركاكة لغتها العربية؟ هل تعلم أن حوالي ألف خريج تقدموا لوظائف بإحدى المؤسسات فلم ينجح منهم إلا قلة لا تفوق أصابع اليد الواحدة؟ هل سمعت بأن دول الخليج لا تعترف إلا بستة من مؤسساتنا التعليمية التي تفوق المائة؟ هل تعلم أن الليبيين الذين تحصلوا على شهادات عليا من إحدى جامعاتنا العريقة قد ووجهوا بعدم الاعتراف بها في بلادهم؟ وأنا هنا لا لكي أوجه اللوم للطلاب، فهم ضحايا هذه السياسات، بقدر ما ألقي بالمسؤولية على واضعيها، الذين نالوا أرقى أنواع التعليم، واستمتعوا بالسكن، والإعاشة المجانيتين، فضنوا بها جميعاً على أبناء شعبهم من الغبش، والمهمشين.

    قد نلتمس العذر لمهندسي ثورة "التحطيم العالي" إذا ما أوجدوا وظائف لجيوش خريجي هذه الجامعات قديمها وحديثها، ليس ذلك فحسب، بل إنهم وقفوا حجر عثرة في سبيل توظيفهم فيما أتيح من وظائف، تارة بإشهار الملف الأمني – يعده زملاؤهم الطلاب من منسوبي المؤتمر الوطني - في وجوه السواد الأعظم من مخالفيهم في الرأي، وتارة أخري بوصمهم، إقليمياً، وعالمياً، بتدني المستوي الأكاديمي؛ فلا أطعموهم، ولا تركوهم يأكلون من خشاش الأرض؛ لتصل نسبة البطالة بين الخريجين إلي 48%، حسب آخر تقرير عن وزارة العمل؛ وأترك لك عزيزي القارئ تقديرها إذا كنت من الذين يساورهم الشك حيال التقارير الحكومية. إن ما يدعو للأسف أن المهندسين الزراعيين في بلد المليون ميل مربع ذو الأراضي الخصبة المنبسطة، والمياه الوفيرة؛ إما عاطلون عن العمل أو يمتهنون مهناً أخري مثل قيادة "الركشات". ينطبق نفس الحال علي الأطباء في بلد يعاني الفقر، والمرض خاصة في الأقاليم؛ فتجدهم زاهدين عن مواصلة المشوار، بسبب تخلي وزارة الصحة عن استيعابهم وفق هياكل وظيفية مجزية، ناهيك عن الاضطلاع بمهمة تدريبهم، وتأهيلهم المكلفة. أما خريجو كليات العلوم، والآداب، والاقتصاد، والقانون، وما أكثرهم، فالشارع أولي بهم؛ ما عدا "أولاد المصارين البيض" منسوبي المؤتمر الوطني، فالوظيفة في انتظارهم، حتى وإن كانوا أقل كسب أكاديمي، وأدني مستوى من رصفائهم. أما يدعوا للشفقة على مصير هذا الشعب المغلوب على أمره، فهو ما أدلى به وزير الدولة للعمل بأن هنالك 450 ألف وظيفة شاغرة بقطاعي التعليم العالي، والصحة، لا ترغب العصبة المنقذة في شغلها؛ ربما بسبب الملف الأمني لبقية الخريجين بعد أن تم توظيف جميع منسوبيهم، أو أنها محجوزة للمساومة في معترك الانتخابات؟ فإلي هذا الحد تبغض العصبة المنقذة الشعب السوداني، ولا تريد له الخير؟

    مما لاشك فيه أن العصبة المنقذة تعلم علم اليقين بفشل سياساتها في محور التعليم العالي، ومع ذلك تصر على تسويقها كأحد أهم إنجازاتها (صحيح الاختشو ماتو). ليس هذا ما يبعث على القلق، ولكنها مأساة تعويق الموارد البشرية لأجيال قادمات، هي ما يغض مضاجع من في قلبه ذرة من حب لهذا الوطن. ألم أقل لكم: لن يطالكم منه إلا التجهيل والبطالة.
                  

03-06-2010, 04:36 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=10070
    --------------------------------------------------------------------------------
    || بتاريخ : السبت 06-03-2010
    : مسالة

    مرتضى الغالى


    : مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية فهمنا من حديثه انه يصف قوى تحالف جوبا بأنهم (بلباصين) فأنظر بالله إلي قلب الأمور و(تعليق الصورة بالمقلوب) ولفت الأنظار بصورة خفية غير مقصودة إلي (شمائل) المؤتمر الوطني وكأن شيئا لم يكن.. وكأن الناس لم يعايشوا هذا النظام وقادته وأهله لمدى عشرين عاماً من (البلبصة المستدامة) على أنغام المعاناة وعلى الترهات وعلى الأكاذيب وعلى الاحتكار وعلى الظلموالمحسوبية والجرأة على طرد جميع المواطنين من ساحة العمل والتجارة بعد احتكروا كل المنافذ وقفلوا عليها بالضبة والمفتاح...!!


    فمَنْ من السودانيين لا يعلم عن (بلبصة) هذا النظام من اليوم الأول للانقلاب عندما (بلبصوا) على كافة الشعب السوداني وخدعوه وقالوا انه ليس بتدبير (الجماعة إياهم) مع أن كل الشعب - ومعه طيور الروابي- كان يعلم ويردّد مع الشاعر المصري الظريف كامل الشناوي (لا تكذبي إني "رأيتكما معا".. ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا)...!!


    من هم البلباصون؟ ومن هم الذين اقنعوا نميري بإلغاء اتفاقية السلام في عام 72؟ وما هذه المحبة لنميرى ؟ وما هذا الإيحاء العاجز بأن (الأحزاب البلباصة) هي التي أقنعته بان ينقلب على اتفاقية السلام؟ وهل كان نميري اصلاً يقتنع برأي أحزاب المعارضة ويسمع لها حتى يقتنع بكلامها وينزل على رغبتها ويلغي (عشان خاطرها) اتفاقية السلام عام 72 كما يقول مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة!!


    ثم ما هذا التهديد والنكير والوعيد الذي يصدر كل مرة من قيادات المؤتمر الوطني بأنهم سيبترون الأصابع ويقطعون الرقاب و(الأوصال) وكأنهم مصاصو دماء من العصر الجليدي لا مسؤولين في دولة مدنية... فهل هذا كلام يقوله قادة سياسيون في مخاطبة الشعب والأحزاب والقوى السياسية والمدنية بقطع الأعناق والأطراف وكأنهم يحملون في ايديهم (سواطير اسبارطا) وصكوك المعرفة والغفران..؟! ما هذه اللهجة المتخلفة الغارقة في تصوّرات الدماء والأشلاء والتي دفع ثمنها بالفعل مواطنون أعزاء في دارفور وفي الشرق وفي الشمال وفي الوسط وفي بيوت الأشباح التي يتلبّد فيها (السياسون الملثمون) ويمارسون التعذيب بأياديهم وليس فقط بأوامرهم....!!


    لقد شبع الناس من (بلبصتهم) وآن لهم أن يرحلوا ويريحوا الشعب منهم.. ويحملوا معهم قاموسهم اللفظي الذي أعادنا إلي (سنة أولى جاهلية)...!!
                  

03-06-2010, 04:49 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=9986
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكا || بتاريخ : الأربعاء 03-03-2010
    : بيوت الاشباح .. حتى لاننسى

    كمال الصادق


    : اعادت طريقة اغتيال الطالب الشهيد محمد موسى عبدالله بحر الدين الشهر الماضي وما تعرض له من تعذيب حتى الموت على يد جهة لايزال التحقيق جار لتحديدها وصفتها اعادت التذكير بجرائم التعذيب وضرورة التصدى لها وكشفها وفضحها والعمل على تقديم مرتكبيها للمحاكمة وبعيدا من قضية الطالب الشهيد وحتى لاننسي نذكر هنا بمثالين لحالات التعذيب في بيوت الاشباح الاولى للاستاذ المحاميالصادق الشامي القانوني البارز والناشط في مجالات حقوق الانسان نشر بالزميلة الايام بتاريخ 29 يوليو2008 قال في جزء منها :


    شباب في مقتبل العمر عذبوا حتى الموت فما ضعفوا ولا وهنوا وذهبت ارواحهم فداء لهذا الوطن ونذكر منهم د. علي فضل ومنهم من وضع في برميل ملئ بالثلج حتى تجمدت أطرافه وتلفت شرايينه فبترت ساقه ونذكر المحامي عبد الباقي عبد الحفيظ وتعرض الكثيرون لأصناف وأساليب ونماذج من التعذيب لا يقرها ضمير حي ولا دين ولا قيم ولا خلق سوي


    ( لقد اخذوني والثلاثة الذين اعتقلوا معي معصوبي الاعين إلى غرفة ضيقة وقفل علينا بابها من الخارج وكنا نشعر بوجود مياه تحت أقدامنا وراوائح نتنه وكريهة وحر شديد .. وبعد قفل باب الغرفة نزعنا الاربطة عن أعيننا فوجدنا اننا محتجزون في دورة مياه قديمة بها مياه راكدة ولم يكن من الممكن ان نجلس في تلك المياه وهي تغطي حتى منتصف الساق ..وكان لزاماً أن نباشر في غرفة تلك المياه واخراجها من تحت باب ذلك الحمام القديم وبالفعل نزعنا ما كنا نرتدي من قمصان او عمائم وجلابيب وبدأنا في شطف تلك المياه بغمس ملابسنا فيها ثم عصرها تحت الباب حتى تخرج تلك المياه الآسنة ...


    كما ذكرت فقد كنا نعيش في ذلك المرحاض النتن بمساحته البالغة الضيق وافتقاره إلى التهوية ومع بواقي الفاصوليا المتراكمة واجسامنا المتسخة وملابسنا القذرة ولم نكن قد سمح لنا بالحمام او الاغتسال طوال تلك الفترة بخلاف ما قد نغسل به أفواهنا من ذلك الابريق الملوث. ولا شك ان رائحتنا كانت منفرة ولكن أشد ما كان يحز في نفوسنا سخرية اولئك الحرس منا عند فتح الباب لمناداتنا لتناول (السندوتشات) أو لأخذ أحدنا لدورة المياه فكانوا يجعلون اصابعهم على أنوفهم ويخاطبوننا بقولهم (أنتم بني آدمين أم جيف)؟ وهم يعلمون انهم سبب كل تلك القذارة وما نكابده من ألم ومشقة.
    النموذج الثاني ايضا نشر بالزميلة الايام وصحف عربية وهي رسالة للدكتور فاروق محمد ابراهيم للرئيس عمر البشير بتاريخ 13 نوفمبر من العام 2000 تقول (إن ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 1989م ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الانتخابات أن الذين قاموا به ليسوا فقط أشخاصا ملثمين بلا هوية تخفوا بالأقنعة, وإنما كان على رأسهم اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ, والدكتور نافع علي نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ,


    وكما ذكرت في الشكوى المرفقة التي تقدمت لكم بها بتاريخ 29 يناير 1990 من داخل السجن العمومي وأرفقت نسخة منها لعناية اللواء بكري, فقد جابهني اللواء بكري شخصياً وأخطرني بالأسباب التي تقرر بمقتضاها تعذيبي, ومن بينها قيامي بتدريس نظرية التطور في كلية العلوم بجامعة الخرطوم, كما قام حارسه بضربي في وجوده, ولم يتجشم الدكتور نافع, تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم, عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق أن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم,



    وعن زمان ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة, ثم عن أماكن تواجد بعض الأشخاص - كما ورد في مذكرتي- وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأفعال وأقوال أعف عن ذكرها. فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول فنجان قهوة في نادي الأساتذة. على أي حال فإن المكانة الرفيعة التي يحتلها هذان السيدان في النظام من ناحية, وثبات تلك التهم من ناحية ثانية, يجعل حالة التعذيب هذه من الوضوح بحيث تصلح أنموذجا يتم على نسقه العمل لتسوية قضايا التعذيب, على غرار ما فعلته لجنة الحقيقة والوفاق الخاصة بجرائم النظام العنصري في جنوب أفريقيا )
                  

03-08-2010, 05:01 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    المرشح البشير ... يترشح شهيداً!!. هل تقبلون؟!! ...

    بقلم: أبوذر علي الأمين ياسين


    الأحد, 07 مارس 2010 20:00


    لعله من الصعب على المرشح أن يخسر أمام منافسيه خاصة بعد عشرين عاماُ من احتكار الرئاسة. لكن الخسارة ستكون أكبر إذا خسر الانتخابات وخسر فرصة أن يستشهد في سبيل الله بعد أن فقد فرصة الاستشهاد من أجل الوطن. ويبدو أن المرشح الرئاسي عمر حسن البشير موعود بالخسارة على كافة الأصعدة إلا من فرص (محصورة) ، كما أن فرص الشهادة أمامه مما يُكره عليه المرء ولا يأتيه باختياره الحر. وهكذا وعد الله لعباده من ضيَّع وضَّيق على الناس حريتهم أورثه الله الضياع والضيق في حريته.


    أمام حشد من شباب حزبه بأركويت الأربعاء الماضي بعد أن أعلن تحديه لمحكمة الجنايات الدولية وقدرته على مواجهة اتهامات الجنائية، ووصفها والقوى الغربية بالكاذبة "... سخر البشير من ترويج عدم قدرته على مغادرة البلاد وسعي بعض الجهات لاختطاف طائرته مقراً بأنه يأمل في اصطفائه شهيداً لأجل الدين والوطن" – الأحداث الخميس 4 مارس الماضي وقال البشير ".. نحن لا نخشاهم وسنستمر في السفر لأن الموت يمكن أن يكون بالحمى أو الملاريا أو حادث سير ولكن الموت السعيد أن نموت شهداء لنلتحق برفقائي الذين استشهدوا " بحسب ما أوردته صحيفة الحياة اللندنية بنفس التاريخ السابق. وأمام هذا التحدي (الجهير) للمرشح عمر البشير، نستغرب عجزه وهو (الرئيس) عن مقاومة وليس (تحدي) المبعوثين الدوليين الذين (يصرون) على عدم التعامل معه مباشرة ناهيك عن مقابلته مقابلة ترحيب عابرة داخل دولته وليس عبر مطارات العالم!!. فقرايشن برغم من أنه المبعوث الذي يتداول مع الحكومة في أخطر الملفات وأكثرها حساسية إلا أنه لم ولن يقابل البشير!!، فثمن ذلك أن يفقد صفته كمبعوث وربما تترتب على ذلك خسائر أفدح تطال حتى مستقبل قرايشن ليس السياسي فحسب بل على كافة مجالات النشاط وفرصه. وعليه فالعاجز عن التعاطي مع التحديات التي افرزها اتهام محكمة الجنايات الدولية (داخل بيته) وحدود سلطته، فإنه أعجز عن غيرها.


    هناك الكثير من المدهشات في خطاب المرشح البشير الانتخابي!!، ولعله من المدهشات بين يدي الانتخابات أن يعرض المرشح نفسه ويسوقها (كشهيد)، فالذي يتحرى الشهادة ويجتهد في نيلها يخرج لها حيث هي أقرب منالاً ، بالتأكيد الانتخابات ليست مجال ولا سوق شهادة. بل الانتخابات سوق عرض يقبل عليه الناس إذا وجدوا فيه ما يرجون على مدي فترة الرئاسة القادمة والتي هي بضع سنين، ولن يرغب ناخب في انتخاب شهيد خلال هذه المدة المحدودة، أني كانت هذه الشهادة باختياره (الحر) أو (بإرغامه) عليها. خاصة وأن التحديات التي تواجه البلاد تحتاج قائداً ذو حكمة وعزم، قائد يشاور الناس ولا يفرض عليهم رؤيته، قائد يتحرى الحق والعدل، قائد غير نزاع لحرب قومه الذين انتخبوه، قائد لا يتعامل مع من اختاره وصوتوا له (كملف أمني) ولا يعاملهم وينظر لهم إلا وهم مهدد له. وكل ذلك يفتقده البشير وبجدارة. ولكن دعونا نقف قليلا أمام خطاب الاستشهاد الانتخابي هذا!!، كونه خطاب جديد يستحق عليه المرشح البشير حق (الملكية الفكرية)، كونه خطاب لم نسمع به لا في الأولين ولا الآخرين. فلم نسمع يوماً أحد أنبياء الله أو النبي محمد(ص) ولا أحد الخلفاء الراشدين قد قدم مرشح أو نصب قائد لأنه سيكون (شهيد)!. ولم نعرف في وعبر تاريخ الإنسانية لا في النظم (الديكتاتورية) أو الديمقراطية من تقدم أو قدم نفسه أو تم اختياره زعيماً أو لأي موقع على أساس أنه (شهيد). أما الطريف الذي لم ينتبه له المرشح البشير أن الانتخابات (شهادة) حيث يشهد الشعب على اختياره الحر (غير المزور)، ويلفظ إلى مزبلة التاريخ من هو غير أهل لاختياره (الحر). وذلك تحدي كبير أمام البشير الذي لم نعد نعرف أمرشح هو للرئاسة أم للشهادة؟، لكنا نرغب في معرفة معايير الشهادة التي رسمها لنفسه ومدى استيفائه لشروطها.


    قال البشير في خطابة أمام شباب المؤتمر الوطني بأركويت "... بأنه يأمل في اصطفائه شهيداً لأجل الدين والوطن". حسناً لنقف على معايير الشهادة (لأجل الدين) ومدي استيفاء المرشح البشير لشروطها. ومرة أخرى نقف على معايير الشهادة لأجل الوطن ومدى استيفاء المرشح البشير لشروطها.
    المعلوم من الدين بالضرورة أن الحرية أصل التدين قبل أن تكون أصل الحياة. وأن الله الذي خلق الإنسان أطلق له حرية أن يؤمن به أو يكفر. حرية للإنسان فيها ما اختار هو فقط وليكون وفقاً لتلك الحرية مسئولا عن اختياراته. بل من كان بلا حرية وبلا اختيار حر، رفع الله عنه القلم، فلا يسأل ولا يحاسب لأنه أرغم على ما أتى بغض النظر عن حسنه أو قبحه، حلاله أو حرامه. فلا دين بلا حرية. وعلى هذه القاعدة (الأصولية) يثبُت أن الذين يضيقون على الناس في حرياتهم (لن) يكون لهم حتى حق(الترشيح) لنيل الشهادة فمن كان بلا رصيد كيف له أن ينال الشهادة أو أن يكتب في زمرة الشهداء. والحرية أصل الحياة فقد (دخلت النار) امرأة في هرة حبستها ولم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض. والمرشح البشير أتى أكثر وأفظع من ذلك تجاه (شعبه) في دارفور وما يزال (متهماً) مطلوباً أمام محكمة الجنايات الدولية بسبب ذلك. وهذا معيار آخر يبعده بل يخرجه عن نطاق المرشحين لنيل الشهادة من أجل الدين. خاصة ونحن نعلم أن الإسلام يحرم قتل النفس، ومن قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعاً والمرشح البشير اعترف بقتل (10000) بدرافور. كما حبس ملايين آخرين بالمعسكرات وكأنه يستلهم خطة المرأة التي قتلت تلك الهرة.


    ودينياً أيضاً قبلت حكومة المرشح البشير التعامل (بالربا) في القروض والتي أسس من بعض أموالها (السد الرد). والطريف هنا أن (علماء الدين) الذين يحرمون (حق تقرير المصير) أحلو الربا الذي عارضه المجلس الوطني بما في ذلك (علماني الحركة الشعبية)، لكن حجية العلماء أمضى من قرارات المجلس الوطني الممثل للشعب والرقيب على السلطة التنفيذية!!. ومن يحل الربا أو يتعامل وفقاً له ليس له أن يكون شهيداً (شهيداً) . لكن الأكثر طرافة أن (السد) لم ينشأ بنية تعمير الأرض وخدمة الناس. بل (للرد) على محكمة الجنايات الدولية!!؟. وهذه سياسة تنحصر وتدور وتتعلق (بشخص) تبنى له السدود و المشروعات (للرد) والدفاع الشخصي عنه وليس من أجل تعمير الدنيا وخير الناس الذي يحكمهم!!، ثم يريد أن يكون شهيداً ويسوق نفسه للناس وفق ذلك ليختاروه رئيساً!!!؟. وهذا بؤس شديد.


    حسناً وماذا عن الشهادة من أجل الوطن؟!!. المرشح البشير وعلى مدى عشرين عاماً، لم يخض حرباً ضد أي دولة أو جهة خارجية معادية!!. وجيشه ظل يحارب السودانيين الجنوبيين، وحارب السودانيين في دارفور، وفي الشرق. حتى تشاد المجاورة والتي ظل طيرانها الحربي يغير على بلاده لم يخض ضدها حرباً!!. بل أكتفت القوات المسلحة بإصدار البيانات التي تُعلم الناس بالغارات المعادية وتتوعد بالرد ثم لا شئ. والشرطة تطلق النار على المتظاهرين في بورتسودان وكجبار، وتقمع كل تحرك أو احتجاج جماهيري. والأمن يستهدف أهل وقوى السودان السياسية والمدنية، في الوقت الذي ينسق ويخدم ملفات الإرهاب الأمريكية (ويعتز)بذلك!!. حسناًً دعونا نُهمل كل ذلك لنسأل ماذا عن حلايب؟. لم يُقدم المرشح البشير خلال عشرين سنة على فعل أي شئ تجاه حلايب لا حرباً ولا سلماً!!، وكذلك تجاه منطقة الفشقة على الحدود مع الجارة اثيوبيا. فهل بعد هذا يمكن الحديث عن (شهادة) من أجل الوطن؟. أم أن حلايب والفشقة ليست من مهددات بقاء المرشح البشير على رأس الدولة؟. صدقوني لن يكون المرشح البشير يوماً شهيداً من أجل الوطن. فمن يهمل حلايب والفشقة فلا شئ عنده هام بعدهما، إن لم يكن على استعداد لتقديم تنازلات أكثر وخصماً على وطنه لحماية بقائه على رأس الدولة ، أو حماية آخرين حاولوا اغتيال رئيس دولة مجاورة وكان الثمن هو السكوت على حلايب والفشقة تحديداً.


    الواضح أن أمام البشير فرصة واحدة وأخيرة لتحري الشهادة وأن يكتب عند الله والشعب شهيداً. هي أن يسلم نفسه لمحكمة الجنايات ليتضرع له الشعب ويدعو له بالبراءة. لكن قبل ذلك عليه أن يعتذر وعلناً لكل شعب السودان وبالأخص لأهل دارفور والجنوب، ولكل من ظلم من الأمن أو الفصل التعسفي، أو قتل في دولارات ورثها ولم يسرقها ووجدت بخزنة منزله. ولعل الشعب من بعد ذلك ينسى له ما أتي بدارفور، وتجاهله لشعبه وسعي حكمته الدءوب على إذلال وتفقير وتجويع شعبه، بفرض الأتاوات، وجعل كل الخدمات الأساسية من علاج ودراسة بالمال. ولعل الشعب ينسى له ما نالت على يدي أركان حكومته دول الجوار من محاولات اغتيال فاشلة، وحروب بالوكالة.
                  

03-10-2010, 10:25 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    لماذا تأجيل الانتخابات؟

    حيدر طه


    دعاة التأجيل يريدونها ديمقراطية مؤسسة الركائز قوية البناء صادقة التوجه
    تختلف المواقف تجاه الانتخابات بين رؤيتين وحركتين وتوجهين، الأول يرى في الانتخابات إمكانية لاستمرار بقائه في السلطة، بصورة منفردة أو بشراكة حزبية أو ائتلاف جديد بمشروعية جديدة تغلق باب الجدل حول «شرعية السلطة» بعد أن يختار الشعب السوداني ممثليه ورئيسه وولاته.


    وهذا الطرف يرى أن الانتخابات امتداد لوضعه بما تأهل له في الواقع، خلال الفترة السابقة، وتذوق أطايب السلطة وعرف كيف يستثمرها لـ «التمكين» في الحكم، بقوة السلطة نفسها جيشا وشرطة وأمنا ومناصب وإدارات وخزائن ومقرات واراضٍ وإعلام ممدود في القطاعين العام والخاص.
    وهذا الطرف يمثله حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان والقوى المتحالفة معهما منذ خمس سنوات. وهما حزبان لم يعد تشغلهما الشعارات البراقة والبرامج الخدمية، بقدر ما تشغلهما مسألة البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة.


    فكل من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حاز على السلطة، وتمكن من الهيمنة على زمامها والتمسك بها والبقاء فيها بحيلته وقدرته على استخدام ما لديه من أوراق سياسية وعسكرية وأمنية ومالية ودبلوماسية وتحالفات خارجية. وإذا كان حزب المؤتمر الوطني يرى أنه الأكثر تأهيلاً للبقاء في السلطة فترات مقبلة، فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان درست الخريطة بدقة، واكتشفت أن الشعارات القديمة لا تفيدها كثيرا، إنما المفيد هو الواقع الذي يحكم المستقبل، باعتباره منطلقا لا يمكن القفز عليه، إلا بشكل مختلف من الممارسة السياسية، والحركة لا ترغب في مثل تلك الممارسات خارج إطار اتفاقية نيفاشا إذا طبقت كما ينبغي.
    فالحركة الشعبية عبر خطابها الحالي، السابق للانتخابات والحالي، لا راضية بما تحقق وما سيتحقق بنوع من التوافق مع المؤتمر الوطني..



    ومن بنود هذا التوافق أن تجرى الانتخابات في موعدها، والاستفتاء في موعده، حيث لا يرى الشريكان أي مبرر للتأجيل رغم أن مبررات التأجيل كثيرة إذا كانت القوى السياسية- باستثناء المؤتمر الوطني وشركائه- تنظر للانتخابات باعتبارها آلية من آليات التأسيس لمرحلة مختلفة شكلا وجوهرا، لأنها ستؤسس لنظام ديمقراطي حقيقي يعبر عن إرادة الشعب السوداني وليس جزءا من الشعب السوداني.
    ولذلك كان مبرر تأجيل الانتخابات لدى الطرف الثاني في المعادلة السياسية المعارضة هو أهمية اكتمال النصاب الوطني كي تأتي الانتخابات معبرة عن إرادة سودانية جماعية حقيقية، تؤسس لمرحلة جديدة، لحما ودما وعظما وروحا. وقد يرى البعض أن المعارضة وجدت في التأجيل تكتيكا كي تتأهل وتتأهب بترتيب بيتها واستجماع طاقاتها ومعالجة قصورها لخوض الانتخابات، مدركة أن الحزب الحاكم وشريكه استثمارا السلطة بصورة جيدة للتأهل والتأهب لخوض الانتخابات بنفس هادئ و«لعب» مريح.


    وكان من المفترض أن تستثمر المعارضة أوراقا كثيرة في يدها أو في يد الآخرين، وقد حاولت في مؤتمر «جوبا» أن تشكل مع الحركة الشعبية ورقة رابحة إذا اقتربت الحركة من المعارضة قليلا، ولكن يبدو أن الحركة استخدمت المعارضة بذكاء التاجر الذي يحسب ما لديه في المخازن للتحكم في السوق، طلوعا ونزولا.
    ولم تفتر همة المعارضة من السعي إلى الحركة الشعبية لما يجمعهما من هموم وبرامج وتوجهات مرحلية.. ولكنها حسبت الحسبة خطأ إذ لم تحصِ ما بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من مصالح هي المرجحة لكفة الميزان.


    وربما صدم البعض في مواقف الحركة الشعبية التي لم تستجب لمطالب المعارضة بتأجيل الانتخابات، بل عملت على تأكيد إجرائها في موعدها كاستحقاق «نيفاشي» أكثر منه استحقاق وطني يهدف إلى بناء «أسس جديدة» لديمقراطية حقيقية وإرادة مكتملة.
    وبالتأكيد الخطأ ليس في حسابات المعارضة فقط، ولكن في قراءة توجهات الحركة الشعبية التي تبدلت عدة مرات دون إفصاح صارخ أو انعطافات حادة، حتى بدا للجميع أن الحركة الشعبية تعمل بمفردها لمفردها، وهي لا تحتاج إلى حلفاء استراتيجيين أو شركاء دائمين، بقدر ما هي محتاجة لشركاء مرحليين وحلفاء مؤقتين، لأن كل مرحلة لها قراءة مختلفة عن الأخرى، وكل مناسبة لها مدعوونها، فلا خلط بين المراحل ولا مزج بين الحلفاء.


    وهكذا هو حال المؤتمر الوطني الذي ينظر إلى الانتخابات برؤية مختلفة عما تحمله المعارضة من رؤى، لا تدخل في إطار التكتيكات والمراوغة أو المناورة، إنما التأجيل قضية تهم الوطن والدولة ككل، باعتبار الانتخابات آلية ديمقراطية لتأسيس مرحلة جديدة، بأفق جديد.
    وكان الخلاف دائما حول هذه القضايا التأسيسية، التي ينظر لها البعض على أنها جزء من ممارسات سياسية ترتبط بالتنافس، في حين هي مختلفة في المضمون إذ أنها ترتبط بالتأسيس.
    وقضايا التأسيس لا ينبغي أن تخضع إلى المناورات ولا إلى العجلة إذا كانت هناك فرصة لتجويد الركائز وتمتينها كي لا يرهن السودان نفسه إلى تقلبات الظروف السياسية والمكايدات المرهقة.


    فماذا يضير المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إذا تأجلت الانتخابات ستة أشهر أو تسعة أشهر؟
    فإذا كان يعتقد أنه خلال ستة أو تسعة أشهر يمكن أن تنفرط قوة المؤتمر الوطني أو تضعف الحركة الشعبية بدخول عناصر جديدة غير مرئية الآن، فإن ذلك خوف لا ذريعة له ولا مبرر يسنده.
    والظاهر أن عدد الأحزاب التي طالبت أو دعت للتأجيل هي الأكثرية التي يفترض أن يسمع صوتها حتى في ظل احتكار المؤتمر الوطني للسلطة الشمولية، لأن الهدف من الانتخابات والاستفتاء والممارسة السياسية حزبية أو مستقلة، حكومية أو شعبية، هو لصالح الاستقرار السياسي والأمني والدستوري.
    ونظن أنه بعد عشرين عاما من التحكم فى السلطة بقوة «الأمر الواقع» يجب أن يختبر المؤتمر الوطني قوته بعيدا عن السلطة وأجهزتها إذا أراد أن يستوثق من وضعه وحاله وأنصاره وسياساته. مثلا أن يتدثر بالشجاعة ليفتح باب التسجيل مرة أخرى، ويسحب يده من أجهزة الإعلام ويتركها للمسؤولين ليديروها بمهنية وعدالة ومسؤولية وطنية.



    وواقع الأمر أنه ليست هناك عدالة في توزيع فرص المرشحين لاستخدام وسائل الإعلام الرسمية، فصور البشير والمقاطع والفقرات الخاصة بترشيحه للرئاسة تملأ شاشات القنوات الفضائية بما فيه الجهاز الرسمي، دون أن يستحي الإعلام الرسمي من انحيازه الفاضح لمرشح الرئاسة، وهو الأمر الذي كشف مبكرا عن عدم عدالة في توزيع فرص الدعاية الانتخابية.
    وبالطبع تحايل المؤتمر الوطني على ذلك بغطاء قنوات مستقلة، وهي في الحقيقة مملوكة لقيادات في الحزب الحاكم، وما غفل الناخبون عن هذا التجاوز أو الحيل، ففي مخيلتهم أن كل تلك القنوات محكومة بحزب حاكم.
    ولكن هل هذا يفيد الديمقراطية أم يفيد حزباً يريد البقاء في السلطة فترات أخرى يدري إنها ليست للوطن ولا للشعب ولا لله، إنما للمصالح الشخصية. وهذا بالطبع ليس اتهاما ولا تغولا إنما هو واقع عاشه السودانيون منذ اكثر من عشرين عاما. ويعلمون علم اليقين تفاصيل كل مسؤول نهب مالا عاما وسرق قوتا ليس قوته واستولى على حقوق الغير.



    وهذه السيرة لا يكل السودانيون عن ذكرها كلما شاهدوا مسؤولا فضحه الله بأفعاله الفاسدة، فيطرحون ملفه المحفوظ عن ظهر قلب، ويجترون قصصا وحكايات، كلها تدور حول الرشاوى والتسهيلات والمحسوبيات والمفاسد والاحتكارات.
    فالفساد الرائج والشائع يزكم أنوف السودانيين، و«يهري أكبادهم» ويمغص قلوبهم بالغبائن ويحزنهم ويحبطهم، لأن أبواب العدالة مقفلة بالضبة والمفتاح، وسبل الشكوى مسدودة.
    فهل يحلم السودانيون بديمقراطية حقيقية تؤسس لمرحلة جديدة في ظل هذه الممارسات؟
    لا شيء يتغير في السودان بوجود المؤتمر الوطني في الحكم ممسكا بزمام السلطة يديرها كيفما يشاء دون حساب.
    ولذلك يدعو الطامحون إلى تغيير حقيقي إلى تأجيل الانتخابات، كي تكون مقدمة صادقة وحقيقية لتأسيس مرحلة ديمقراطية لا رجوع عنها أو تمرد عليها أو انتفاضة ضدها


    ---------------------------------------


    في الشأن العام

    أوقفوا الحرث في بحر الانتخابات حتى لا تبتلعكم أمواجها

    سعاد ابراهيم احمد


    اعتقد أن أحزاب المعارضة، خاصة الكبيرة منها، لا زالت تجهل قدرها السياسي، ولا تثق في جماهيريتها حتى بعد ان تجلى ذلك واضحا لكل ذي عين ونظر. فالكيفية التي استقبلت بها الجماهير قياداتها من زعماء تلك الأحزاب، رغم غيبتهم عنها لعقدين من الزمان تكفى دلالة على ذلك. فقد كدنا نصدق ما ظلت تشيعه بعض من قيادات المؤتمر الوطني، من أن حزبها افلح في القضاء على أحزاب المعارضة، وأزالها من الخارطة السياسية للأبد، بعد أن أعمل سياساته الماهرة في تشتيت شملها، وبعثرة صفوفها وشل حركتها. فالمؤتمر الوطني أفلح فعلا في مصادرة ممتلكات الأحزاب المعارضة مادية وعينية، ومن بعد التفت إلى القيادات بتلك الأحزاب، واستعمل ذات أسلحة ترغيبه وترهيبه، فأفلح مرة أخرى في دفع بعضها للانسلاخ من أحزابها والانضمام إليه. وركن المؤتمر الوطني إلى قناعته بأنه قد قضى على تلك الأحزاب نهائيا، بعد أن أضاف إلى ما أصابها به من ضعف سابقا، فحرمها من بعض قياداتها التي بإمكانها معالجة ذلك الضعف.


    ولم يدر بخلده أن انسلاخ تلك القيادات كان انسلاخا فرديا، لم يخسر الحزب الذي تعرض له أكثر من فرد واحد، وبالتالي لم يكسب المؤتمر الوطني أكثر من فرد أيضا. وطبعا لا يغيب عن البال فوائد أخرى قد يجنيها المؤتمر الوطني من الأفراد أصحاب الثراء، الذين سيضيفون لثروته الثرية مزيدا. ولعل كل جهد ومجاهدات المؤتمر الوطني في اتجاه القضاء على أحزاب المعارضة والإقعاد بها سياسيا، كان من أجل أن تعجز عن منافسته في الانتخابات الماثلة حاليا. وبما ان النجاح في العملية الانتخابية يحتاج إلى إمكانات مادية وبشرية، فقد نجح المؤتمر الوطني في تجريد أحزاب المعارضة من الأولى، الإمكانات المادية، لكنه فشل فشلا ذريعا في الثانية الإمكانات البشرية، فقد تكشف أن كل الانسلاخات التي أحدثها في صفوف الأحزاب لم تؤثر على قواعدها، التي ظلت صامدة وصامتة لعشرين عاما، وما أن بدأت عملية الالتقاء بقياداتها العليا، حتى هرعت إليهم سريعا وبذات حماسها وولائها القديم.



    فقد كان للقاء زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، بمدن شرق السودان أكثر من دلالة. أولا ان الطائفية التي يعلنون الحرب عليها سرا وعلانية، لا ولن يمكن القضاء عليها كما يدعى البعض، وقد جربت حكومة مايو ذلك الأمر من قبل ولم تفلح، بل ربما زادت الحرب عليها من ولاء جماهيرها وتمسكها بقياداتها. ثم ان الجماهير الحاشدة التي خرجت لمقابلة قائدها بكسلا، ودون دفع من سماسرة الحشود المصنوعة التي تعودنا عليها كثيرا، تدل على أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل لا زال في كامل عافيته السياسية، ولا زال يحتل موقعه القديم الذي عرفته به الجماهير، مما يؤهله للمنافسة الواثقة في الانتخابات القادمة، وعلى قدم المساواة مع المؤتمر الوطني، وليته يصرف النظر عن كل ما أصابه في ماله ورجاله من ذات المؤتمر الوطني الذي سينافسه، ولا ندرى ان كانت قناعات المؤتمر الوطني بأنه قد امتلك ميدان سباق الانتخابات القادمة وانفرد به،


    ومن بعد أصبح واثقا من حتمية الفوز فيها، ومنفردا أيضا، لا زالت قائمة، أم اقتنع بأن هنالك من يستطيع الوقوف في وجهه، فيهيئ نفسه لكل المفاجآت المتوقعة؟
    وبمقدار ما تحقق للاتحادي الديمقراطي الأصل من اكتشاف لجماهيريته الباهرة، يجب أن تسعى الأحزاب العريقة الأخرى لإثبات وزنها الجماهيري منذ الآن، خاصة وقد لاحت بشائر ذلك في الاستقبالات التي حظيت بها قيادات تلك الأحزاب رغم ما يوضع في طريقها من عراقيل. فهذه الأحزاب التي ظن المؤتمر الوطني انه قد أنهى عمرها السياسي، تستطيع أن تنافسه في هذه الانتخابات وهى مطمئنة على مقدرتها على إحراز فوز فيها يمكنها من المشاركة في الحكم بأية نسبة كانت، تمنع المؤتمر الوطني من الانفراد به. وبالطبع لا ننسى الحركة الشعبية وشعبيتها بين جماهيرها وجماهير المهمشين الذين تبنى مرشحها لرئاسة الجمهورية كل قضاياهم، وهى قادرة قطعا على الفوز، ليست بمناطق جماهيرها بالولايات الجنوبية وربما بغيرها من مناطق الشمال..


    غير أن مشكلة أحزاب المعارضة تنحصر وتتمحور في عدم اهتمامها بعنصر الوقت، فقد أهدرت تلك الأحزاب جل وقتها في الصراع مع منافسها المؤتمر الوطني، وغمره بسيول من الاتهامات التي لا يدحضها ولا يكف عن خلق الأجواء التي تقود إلى المزيد من أمثالها. فأحزاب المعارضة تقول بأن المؤتمر الوطني لا يكتفي بامتلاكه لكل مطلوبات الإعداد لخوض الانتخابات، من سلطة وثروة، وبعد أن جردها من كليهما، فهو لا يكف عن عرقلة حركتها وإبطاء مسيرتها. وكان آخر العراقيل، المنشور الذي أصدرته المفوضية القومية للانتخابات، الذي يطلب من تلك الأحزاب الحصول على تصديق لكل فعل سياسي من سلطات الحكومة، التي هي حكومة المؤتمر الوطني المنافس لها. وقد رأت الأحزاب في ذلك المنشور خدمة للمؤتمر الوطني، الذي لن يطلب إذنا لنشاطاته السياسية من نفسه، ومن ثم يساعده ذلك في إسراع خطواته متقدما الجميع. وقد رفضت الأحزاب تلك الشروط وقامت بتسيير موكب، لتسليم مذكرة اعتراضها للمفوضية، ولم تتذكر ذات الأحزاب كم من المذكرات الاحتجاجية قد سلمت للمفوضية، وكم منها تمت الاستجابة له، أو الإجابة عليه، حتى تأمل في نجاح تصيبه مذكرتها الأخيرة؟ فالوقت الذي تعمل أحزاب المعارضة على إضاعته في الاجتماعات التي أصبحت مكررة، للخروج بمختلف الاحتجاجات والمذكرات التي ما أثمرت نفعا، يستثمره منافسها المؤتمر الوطني في خلق المزيد من المشاكل التي تصرفها عن واجبها الأساسي والاهم، الاستعداد للمنافسة، بالبحث عن كل الطرق التي تقود إلى الفوز فيها.



    وليس أدل على إهدار الوقت من جانب المعارضة، أكثر من الحديث الممجوج عن إمكانية مقاطعة الانتخابات من جانبها، والتي ظل تاريخ اتخاذ قرارها ينتقل من شهر إلى آخر، بدءاً من العام السابق وحتى منتصف مارس من هذا العام. ولو قدر لسائل ان يسأل احزاب المعارضة عن الجديد في العملية الانتخابية، الذي يدعو إلى مقاطعتها الآن، ولم يكن موجودا بالأمس، فلا أظنه سيجد إجابة مقنعة على ذلك. ولو تركنا الحجج التي تحججت بها المعارضة في حديثها عن مقاطعة الانتخابات، مثل أخطاء التعداد السكاني، وكيفية تقسيم الدوائر الجغرافية، والسجل الانتخابي المضروب، وأخيرا اتهام وسائل الإعلام بعدم الحيادية، كيف كان لأحزاب معارضة ان تنافس حكومة في قمة السلطة، وبيدها بجانب الثروة، القلم الذي لن تكتب به إلا ما يوصلها إلى تحقيق كل أهدافها، وفى مقدمة تلك الأهداف وعلى رأسها، الفوز الكاسح في الانتخابات القادمة؟ فذلك الهدف بالنسبة للمؤتمر الوطني قصة حياة أو موت سياسي. أما وقد قبلت تلك الأحزاب أن تنافس الحكومة وهى حاكمة، وتملك كل شيء بما في ذلك الأشياء التي صادرتها منها، فليس هنالك أي مبرر يسمح لها بمقاطعة الانتخابات الآن.




    واعتقد ان اى حديث عن مقاطعة الانتخابات الآن وبعد أن قطع الإعداد لها كل تلك المسافات، لن ينظر اليه أكثر من كونه هروبا من المعركة. ومتى هربت احزاب المعارضة من ميدان المعركة فإنها بذلك ستخليه للمؤتمر الوطني يصول ويجول فيه وحده، ويصل إلى كل أهدافه من فوز كاسح كما يتمنى، وعودة شرعية للانفراد بالسلطة، ولن تجد حينها، ما يحميها من تسلطه الشرعي عليها ولن تلوم إلا نفسها. فأحزاب المعارضة، وبقليل من التنسيق بينها، وبعد أن تأكدت جماهيريتها، تستطيع أن تحقق الفوز الذي يؤهلها لمشاركة المؤتمر الوطني في الحكم وبمستوى مريح جدا. فقط مطلوب من تلك الأحزاب الصمود أمام مخططات المؤتمر الوطني، خاصة بعد ان اكتشف ان جهوده في بعثرة جماهيرها وعزل القيادات عن قواعدها، قد باءت بالفشل، ومن ثم سيلجأ إلى مخزونه من الوسائل الأخرى والمناسبة التي ستحرم تلك الأحزاب من فرصتها في المنافسة المتكافئة معه متى استجابت لمخططاته.



    فقد تقدمت أحزاب المعارضة وفى مقدمتهم حزب الأمة القومي، باقتراح تكوين حكومة قومية تشرف على الانتخابات، حتى يتم ضمان حريتها وعدالتها ونزاهتها، حين يتساوى في إطارها المتنافسون بلا حاكم أو محكوم. وقلنا حينها إن تنفيذ ذلك الاقتراح يمثل رابع المستحيلات، لأن المؤتمر الوطني لن يتنازل عن سلطته وهى في يده، لينافس عليها مرة أخرى بين أيدي احتمالات الفشل والنجاح. فهل يعقل أن يقدم المؤتمر الوطني على انتحار سياسي وبمحض إرادته؟ ثم من الذي قال بأن احزاب المعارضة ستقبل على تلك الحكومة القومية بهدف خدمة الهدف الأسمى، قيام انتخابات حرة ونزيهة، ودون ان تقحم فيها صراعاتها الداخلية المشتعلة بين قياداتها، والخارجية الممتدة بين بعضها البعض؟ وما دامت تلك الفكرة قد رفضت سدى ولحمة لاستحالة الاستجابة لها من جانب المتضرر الأوحد من تطبيقها، المؤتمر الوطني، يصبح الطرق على أبوابها حتى الآن، مجرد مزيد لإهدار الوقت المهدر أصلا، وضرره أكثر من نفعه، رغم ذلك لا يمر يوم إلا وتطالعنا الصحف بالدعوة للحكومة القومية التي وصفت المطالبة بها، بأنها محاولة ممن يدعون لها، للوصول إلى السلطة قفزا فوق خوض الانتخابات العاجزين عن خوضها.



    وأحزاب المعارضة لا تكف عن الشكوى من عدم حيادية مفوضية الانتخابات، التي جيء بها من اجل أن تحقق العدل بين الأحزاب المتنافسة، في الحصول على كل الفرص المتصلة بالتحضير لخوض العملية الانتخابية ودون تمييز بينهم. فرأت أحزاب المعارضة ان المفوضية منحازة للمؤتمر الوطني الحزب الحاكم، ليس ذلك فحسب، بل اتهمها بعضها بأنها عبثت بمرشحيه في قوائم النساء، وذلك اتهام كبير على المفوضية الإسراع بدحضه حتى لا يفقد الآخرون الثقة فيها. فقد عودتنا المفوضية على ألا تستجيب لاستفزاز ولا تجيب على استفسار. كما أن تلك الأحزاب ترى أيضا عدم حيادية وسائل الإعلام التي تم تتويجها بما عرضته الصحافة اليومية من احتجاج حزب الأمة القومي الذي رفضت الإذاعة القومية بث خطاب زعيمه قبل أن تجرى عليه بعض التعديلات، ومن ثم نصبت قيادة الإذاعة نفسها معلما للغة العربية، يقوم بتصحيح الموضوعات الإنشائية التي يتقدم بها المرشحون لبثها، فيعمل قلمه فيها لشطب ما يرى عدم مناسبته أمنيا أو غير ذلك، وينسى سيادته أن مسؤولية كل ذلك تقع على عاتق كاتب الموضوع وليست مذيعه. ثم لماذا ينتظر بعض العاملين بالأجهزة الإعلامية من المعارضين أن يتغنوا بمحاسن المؤتمر الوطني، وكأنهم ما سمعوا بالتبخيس والتخذيل والإساءة، التي ظلت تطلقها قيادات المؤتمر الوطني في حق الأحزاب المعارضة، التي يطالبونها بأدب الخطاب في حضرة المؤتمر الوطني.



    وفى ظل كل هذه المشكلات والتعقيدات، رأى الإمام الصادق المهدي، المخرج الوحيد من عواقبها، عبر ميثاق شرف تتواثق عليه كل الأحزاب المتنافسة في الانتخابات، بحيث يلزم الجميع بخوض تلك الانتخابات بكل النزاهة والشفافية المطلوبة، الأمر الذي يفرض عليهم جميعا قبول نتائجها والاعتراف بها من جانب الرابح والخاسر، أما إذا تم رفض ذلك الاقتراح من أي حزب فإنه يعنى احتمال تخطيطه للتزوير أو التلاعب بالنتائج. وإلا ما الضرر الذي سيتعرض له ذلك الحزب إن قبل والتزم بخوض الانتخابات بكل الصدق والأمانة، بما يبعدها عن عواقب غياب مثل تلك السلوك، من مصائر غيرها ببلدان أخرى شاهدنا وسمعنا بوسائل الإعلام المختلفة، ما خلفت انتخاباتها من دمار وخراب لمواطنيها ولأوطانها، عندما يرفض المهزوم الهزيمة حتى إن كانت حقيقة. هذا وبما أن قيادات المؤتمر الوطني هي الأعلى صوتا في الدعوة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، فلن تكتمل فوائد تلك الدعوة إلا بقبول ميثاق الشرف المقترح هذا، فَلِمَ يتم رفضه وَلِمَ تقولون ما لا تفعلون؟

    الصحافة 10/3/2010
                  

03-11-2010, 07:57 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    شئ من حتي

    صديق تاور
    الصحافة 11/3/2010

    وزارة التعليم العالي تضحي بالمبعوثين

    &#1645; أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قراراً في الأسابيع الفائتة لكل الجامعات، يقضي بوقف تمويل البعثات الخارجية لمنسوبي الجامعات لعام 0102م، والاقتصار على دعم تذاكر السفر فقط، على أن يتحمل المبعوث تدبير أموره بطريقته الخاصة. وعللت الوزارة هذا القرار بتراكم المستحقات المتأخرة للمبعوثين للسنوات السابقة، ما يحتاج الى مبالغ طائلة لتغطيتها، هذا القرار يعني أن على المبعوث الذي يود مواصلة دراسته والتأهل الى درجة علمية أعلى، أن يعتمد على مصادره الذاتية في مقابلة نفقات الإقامة والإعاشة والمواصلات والرسوم الدراسية والسكن والتأمين الصحي، وكل المستلزمات الضرورية الاخرى. وهذه النفقات تعادل على أقل تقدير مبلغ ألف يورو للشهر الواحد في أي بلد كان. ولا ندري لماذا كل هذا الكرم الفياض من الجهة التي أصدرت هذا القرار العشوائي بتحمل تذاكر السفر فقط. فهذه لا تسوى أى شيء في مقابل متطلبات البعثة واحتياجات المبعوث. وهل يا ترى من استطاع أن يدبّر أموره في كل تلك النواحي يعجز عن تدبير تذكرة سفر واحدة ذهاباً واياباً؟! ومقابل هذه التذكرة هناك تعهد يكتبه المبعوث بأن يلتزم بالعمل بعد انتهاء البعثة ضعف المدة التي أمضاها فيها.



    ومن المهم هنا أن نؤكد على جملة أشياء تتعلق بموضوع الابتعاث والتدريب والتأهيل في قطاع التعليم العالي.
    &#1645; أولاً: أنه ومع التوسع غير المدروس في الجامعات والمعاهد والكليات التي تجاوزت الثلاثين مؤسسة في أقل من عقدين، فإنه من الطبيعي أن يقابل التوسع، إذ صار أمراً واقعاً، زيادة موازية في الطلب على الكوادر المؤهلة التي تتصدى لمهمة إدارة هذه المؤسسات من نواحي التدريس والبناء والبحوث والتواصل مع المجتمع والمشاركة في التنمية وهكذا. فهذه المؤسسات ليست هى بنايات ولافتات فقط. ولا هى أناس يجيئون ويروحون صباحاً ومساءً بلا هدف، ولا هى مجرد تدريس تقليدي يقوم على السبورة والطباشير. فمهام مؤسسة التعليم العالي كبيرة وجادة أكبر من كونها مادة للكسب السياسي أو مجاملة هؤلاء وأولئك. وقوام أية مؤسسة من هذا النوع هو الكادر البشري من سلك هيئة التدريس المعد إعداداً متكاملاً يمكِّنه من الاضطلاع بدوره نحو الطلاب والمؤسسة والمجتمع.


    &#1645; ثانياً: أسهم القرار الكيدي الذي اتخذ قبل سنتين بتقليص سن التقاعد لأساتذة الجامعات الى الستين بدلاً من الخامسة والستين، أسهم هذا القرار في فقدان مؤسسات التعليم العالي كوادر أساسية كان يُعتمد عليها في بناء وتسيير الأقسام والكليات والإشراف على الدراسات العليا وإدارة البحث العلمي.
    وفي ذات الاتجاه أدى الوضع المتردي لشريحة أساتذة الجامعات من حيث الرواتب وانتظام المستحقات المالية الاخرى وكذلك رداءة البيئة الجامعية إداريا على وجه الخصوص، ادى كل ذلك الى نفور عدد كبير من الأساتذة والتحاقهم بجامعات خارجية اقليمية وعالمية يضمنون فيها بيئة عمل صحية واحتراما لمكانتهم وتقديرا لجهودهم. ومحصلة هذين العامين هى نقصان الكوادر التدريسية والبحثية في الجامعات كلها الى ما دون الحد الادنى، خاصة اذا وضعنا في الاعتبار أن تعويض النقص باستيعاب خريجين في قطاع مساعدي التدريس والمحاضرين يكاد يكون غائباً تماماً، وينحصر في ذوي الحظوة واولى القربى وأهل الثقة فقط. ويتمظهر هذا الجانب بصورة عامة في الحديث الذي لا ينقطع عن تردي التعليم العالي ورداءة مخرجاته.


    &#1645; ثالثاً: هناك إقرار من جميع أصحاب القرار في الوزارة أو في الجامعات أو في الحكومة، بضعف البنية التحتية للغالب الأعم من هذه لمؤسسات من ناحية المباني والأجهزة والدوريات وكل وسائل البحث الجاد، وبالتالي فالغالب الأعم من هذه المؤسسات غير مهيأ لتلبية النقص الحاد والمُلح في أعضاء هيئة التدريس والباحثين بالجامعات السودانية، وهو نقص لا يحتمل التأجيل لأنه يرتبط مباشرة بكفاءة أداء المؤسسات وبأهلية الخريجين. وهذا يحتم فتح المزيد من فرص الابتعاث وتسهيل مهام الأساتذة المبتعثين حتى يتأهلوا في الفترة المقررة لهم ويلتحقوا بزملائهم في الداخل وتحمّل الأعباء معهم.


    &#1645; رابعاً: وضعت الوزارة ضوابط جديدة بزعم تجويد مخرجات الدراسات العليا داخلياً، وذلك باشتراط أن يقوم طالب الدكتوراة بنشر أبحاثه في دوريات عالمية قبل مناقشة الرسالة، وهذا شيء جيد إذا تهيأت له الأسباب، ولكن بقراءة هذا الشرط مع العوامل المذكورة سابقاً، فإنه يبدو من الصعوبة أن يتحقق، خاصة اذا وضعنا في الاعتبار بيئة المكتبة والدوريات والمعمل وظروف الأستاذ المشرف نفسه إن وُجد. عليه والى أن يتحقق هذا الوضع فإن الحل المنطقي هو فتح المزيد من فرص الابتعاث لشريحة الاساتذة الجدد، حتى يتدربوا في بلدان تضمن بيئتها الجامعية لدارس الدراسات العليا فرصة النشر قبل مناقشة الرسالة، وبالتالي فإن المعالجة هى من نوع وضع العربة أمام الحصان. وواضح أن الجهة التي كانت وراء إصدار القرار الأخير الخاص بالمبعوثين لم تخضع القرار للدراسة ولم تخضعه لحيثيات ومعطيات علمية بالحقائق والارقام قبل أن تصل اليه وتصدره. ويقيننا أنه اذا جرت دراسة دقيقة أو غير دقيقة بخصوص الكوادر التدريسية في الجامعات ومسألة تأهيلهم، فإن النتيجة كانت سوف تأتي عكس ما جاءت عليه. الغريب أن الوزارة هى وزارة للبحث العلمي، ولكن الواضح أنها لا تمارس هذا البحث العلمي في عملها بأي مستوى من المستويات، وهذه مصيبة المصائب.


    &#1645; خامساً: من الاستحالة على أية جامعة أو مؤسسة بحثية أن تستغني عن التواصل مع المحيط الاكاديمي الخارجي، سواء بالابتعاث او بالمشاركة في الانشطة العلمية، أو بتبادل الزيارات والخبرات، او بالبحوث المشتركة أو غيره.
    فالمعرفة لا تتأتى ولا تتطور بالانكفاء والانغلاق، بل بالعكس، بالاحتكاك والتفاعل مع الآخرين، لأن ما يمكن انجازه في سنين عن طريق الانكفاء يمكن انجازه في شهور أو اسابيع عن طريق الانفتاح والتواصل مع الآخرين، فحتى في البلدان التي تمتلك ناصية العلوم لا تجد مجموعة بحثية من بلد واحد، بل تجد فيها الياباني والاميركي والصيني والايطالي والروسي وهكذا. ويعتبر هذا التنوع من مؤشرات قوة فريق البحث العلمي نفسه. فالمعارف من حيث تلقيها وتلقينها هي مدارس وثقافات، وبالتالي فتلقي اي فرع من فروع العلوم من مدارس مختلفة يضمن القدرة على التجدد والتجويد والإبداع في الحقل المعني من المعرفة.. بينما الانكفاء يعزل حملة المعرفة ويجعلهم أشبه بالفرق الرياضية المحلية التي لا تقوى على القيام بأداء يضاهي المستوى العالمي.


    &#1645; سادساً: يعيش مبعوثو التعليم العام من الجامعات المختلفة اوضاعاً اقل ما توصف به انها غير انسانية، فالوزارة والجامعة تبتعث اشخاصاً من سلك هيئة التدريس الى بلدان قصية وفي مهام عصية لا تقبل الاستهوان او الاستهتار، ثم تتركهم هناك في مواجهة ظروف معيشية قاهرة هم وأسرهم، حيث يكون على المبعوث أن يسدد الرسوم الدراسية قبل البدء فيها، عليه أن يسدد ايجار المسكن بانتظام دونما اية اعذار، وعليه أن يضمن علاجه وعلاج اسرته بتسديد التأمين الصحي إجباريا في بعض البلدان. وعليه أن يؤمن قوت يومه، وفوق كل هذا وذاك عليه ألا يتعثر في دراسته بل ينجزها بنجاح في أقصر مدة. وفي مثل هذا الحال يتشتت ذهن المبعوثين وجهدهم ما بين ادارة التدريب وادارة التمويل في وزارة التعليم العالي، وايضا وزارة الخارجية والسفارة في البلد المعني. وفي كل حلقة من هذه الحلقات هناك مطاولات و«جرجرة» أكثر من الحلقة الاخرى، وكأنما يُبتعث هؤلاء للحصول على درجات عليا في «البهدلة» وامتهان الكرامة والاذلال، وما يحدث معهم لا يحدث مع اي مبعوث من اي بلد آخر، لأن كل ذنب هؤلاء هو انهم يحملون الجنسية السودانية في زمن تعجز مفردات اللغة عن وصفه. وعلى سبيل المثال اضطر احد المبعوثين في دولة اوروبية الى سداد فاتورة «0182» يورو رسوم الإقامة السنوية حسب شروط الاقامة في ذلك البلد، وعندما قدم مستنداته وأوراقه لإدارة التدريب بالوزارة قابلته بسطور قليلة مفادها «لا توجد اعتمادات مالية لمقابلة هذا البند». وبالتالي فعلى هذا المبعوث أن يبحث عن كوكب آخر يجد فيه اعتمادات مالية لبند الإقامة الباهظ هذا، والى الآن هناك تراكم غير مبرر لمستحقات المبعوثين السودانيين في بلدان العالم المختلفة. فالابتعاث للخارج ليس تجربة جديدة يرتادها السودانيون لأول مرة حتى يتخبطون هكذا، وهناك نماذج وأمثلة لا يمكن حصرها من التسويف والمماطلة والاستهتار الذي يُقابل به مبعوثو التعليم العالي في سبيل الحصول على استحقاقاتهم للبعثة ما بين التدريب والسفارة. وفي أحيان كثيرة يحمل المبعوث مستند تحويل المبالغ الخاصة به عن شهر كذا وكذا والتي غالباً ما تكون متأخرة جداً، ويتصل على السفارة لاستلام المبلغ، ليواجه بمغالطات من موظفي السفارة بهذه الحجة أو تلك.



    وما حدث مع المبعوثين مما ادى الى التراكم، يستوجب وقفة جادة للتحقيق والمساءلة والمحاسبة اينما وُجد الخلل. فالمبعوثون هم عاملون بالدولة، وقد تم ابتعاثهم وفقاً لإجراءات ادارية ومالية واضحة، وبالتالي ليس هناك أي سبب يجعلهم يتعرضون الى ما يتعرضون له من اذلال واهانة طيلة سني ابتعاثهم. وبعضهم يتحصل على مستحقاته بعد انتهاء البعثة بسنين او لا يحصل عليها نهائياً. وهناك خلل وخلل كبير، وعلاجه لا يكون بالتضحية بعدد من المرشحين للابتعاث، وانما بتحصيل مستحقاتهم من الدوائر الرسمية المسؤولة عنها، ابتداءً من وزارة المالية ووزارة التعليم العالي وحتى وزارة الخارجية. هذا هو مثلث الرعب الذي تغرق فيه استحقاقات المبعوثين، وهي حقوق وليست عطايا او صدقات حتى يتم تقديمها بمنة وتفضُّل.


    ومسألة تأهيل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات عن طريق الابتعاث الخارجي «الكلي أو الجزئي» هي مسألة ضرورية لضمان استمرارية العملية التعليمية نفسها على مستوى الجامعات السودانية ككل، وضرورية أيضاً لتجديد الدماء فيها، وكذلك لضمان المواكبة وعدم التكلس في قوالب أكاديمية يمكن أن يتجاوزها الزمن في أية لحظة، وضرورية كذلك لتأسيس علاقات بين المؤسسات الاكاديمية السودانية ورصيفاتها إقليمياً وعالمياً. فالامر ليس نزهة أو ترفاً، وإنما هو من صميم متطلبات نهضة البلد وتطوره. والتحاجج بشح الموارد المالية انما هو فرية لا يمكن تصديقها او بلعها. فرواتب منظومة الحكومة في اية ولاية مثلاً «والٍ ونائبه ووزراؤه ومعتمدون، ومستشارون..إلخ» لشهر واحد فقط تضاهي استحقاقات مئة من مبعوثي التعليم العالي لسنة بكاملها تقريباً. فهل تأخرت مستحقات من بيدهم القلم ولو مرة واحدة عن موعدها؟ بكل تأكيد لو حدث ذلك لقامت الدنيا ولم تقعد.


    وبتقديرنا أن القرار الذي اتخذ بشأن تعطيل تمويل الابتعاث، قرار غير موفق، بل وفيه من الخطورة ما يهدد مستقبل التعليم العالي برمته، وعلى الجهة التي استصدرت هذا القرار أن تعيد النظر فيه وتفكر بجدية ومسؤولية، بدلاً من أن تدفن رأسها مثل النعامة في الرمال وتترك عورتها في العراء.
                  

03-18-2010, 10:41 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    شئ من حتي

    المفوضيَّة القوميَّة لمناصرة المؤتمر الوطني في الانتخابات
    صديق تاور
    الصجافة

    &#1645; لا أحد يستطيع أن يحدد من الذي يتحدث بلسان الآخر بخصوص الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية، حزب المؤتمر الوطني «الحاكم» أم المفوضية القومية للانتخابات، فالتناغم بين الاثنين في التصريحات المواقف هو من الانسجام بما يجعل الفرق يكاد يكون منعدماً بينهما. وليس ادل على ذلك من موضوع إجراء الانتخابات في موعدها أو تأجيلها بالنسبة لدارفور ورئاسة الجمهورية وجنوب كردفان وكل السودان، وكذلك موضوع حرية العمل السياسي وتقييد الحملات الانتخابية عن طريق «السلطات المعنية»، وكذلك النظر الى الدستور والقوانين المؤثرة في الحراك الانتخابي، ثم موضوع الفرص المتكافئة في وسائل الإعلام والمنابر الرسمية، وموضوع توظيف إمكانات الدولة لخدمة بعض المرشحين ومن فئة الحاكمين بالطبع، وهكذا.
    وعلى سبيل المثال تجتمع حيثيات عديدة لتؤكد بأن الاوضاع في اقليم دارفور بصورتها الحالية لا تساعد على إجراء انتخابات حقيقية.. فالحرب الأهلية المستعرة لأكثر من ست سنوات لا تزال مستمرة بكل كوارثها ومآسيها وإفرازاتها وتبعاتها، سواء من حيث تواصل الاقتتال بين القوات الحكومية والحركات المتمردة في بعض المناطق، أو بين الحركات بعضها البعض لاثبات الوجود وأحقية التفاوض، أو من المتفلتين وحركات النهب المسلح وقطاع الطرق، أو الصدامات المسلحة بين القبائل هنا أو هناك. والمظهر الماثل هو قرى محروقة ومواطنون نازحون إما في أطراف المدن أو متكدسون في معسكرات في انتظار حل جذري يوقف الاقتتال ويحقق الأمن، وبانتظار عمل إسعافي لإعمار القرى المدمرة يساعد ضحايا الحرب الاهلية على العودة الى قراهم. وهو ما تلخص في البرنامج الانتخابي لمرشح حزب المؤتمر الوطني لمنصب والي جنوب دارفور عبد الحميد موسى كاشا، بتأكيده على أنه في حال فوزه سيعمل على استتباب الأمن وملاحقة المتفلتين وحسم الخارجين على القانون، وأنه سيكون سيفاً مسلطاً عليهم. وأنه سيعمل على تقنين حمل السلاح عبر الإدارة الاهلية. ولم يفت عليه أن يدعو مفوضية العون الإنساني لكيما تعمل على إعمار قرى العودة الطوعية إعماراً «حقيقياً!!!». صحيفة «قضايا الساعة» العدد «61» بتاريخ 12/2/0102م.
    وإذا اضفنا محاولات البحث عن حل سلمي عبر التفاوض مع إحدى الحركات المؤثرة في الاوضاع على مستوى الاقليم والسودان ككل، في ما يعرف حالياً بمنبر الدوحة، والمطالبات المستمرة من كل الاطراف السياسية والأهلية والمسلحة بأرجحية حل مشكلة دارفور على عملية إجراء الانتخابات فوق جماجم أهل الاقليم، فإن المنطق السليم يقول بضرورة تجميد العملية الانتخابية في دارفور إلى حين تهيئة الأسباب التي تمكن من اجرائها على أسس صحيحة. والطرف الوحيد الذي فارق الكل كعادته دائماً هو حزب المؤتمر الوطني. فقد كشف ياسر عرمان أن الحركة الشعبية «الشريك في الحكم» كانت تقف مع الرأى المطالب بتأجيل الانتخابات باعتبارها ستعقّد الحل السياسي في دارفور، ولكنها اصطدمت بإصرار المؤتمر الوطني على رفض التأجيل. «الصحافة»- 61/3/0102م- العدد «0995»، وهو ما أكده نافع علي نافع بقوله إن المؤتمر الوطني «وليس المفوضية» لن يستجيب للاصوات التي تنادي بتأجيل الانتخابات بحجة تحقيق سلام دارفور الذي اصبح واقعاً لا محالة «من وجهة نظره هو بالطبع»، مشيراً إلى أن ولايات دارفور أكثر «جاهزية؟!!!» لخوض الانتخابات القادمة. «الصحافة» 72/2/0102م- العدد «2795».
    ولم تجد المفوضية القومية للانتخابات إلا أن تساير رغبة حزب المؤتمر الوطني «الحاكم» بالضد من رغبة كل أطراف العملية السياسية المعنية بأمر دارفور، إبتداءً من مواطني دارفور أنفسهم الذين تتعلق عيونهم بحل جذري يحقق لهم الأمن والاستقرار والطمأنينة، ويعيد الحياة الى صورتها الطبيعية كأولوية قصوى الآن.. حل يسوقهم إلى قراهم وأماكن زرعهم ورعيهم، ويسوق أولادهم وبناتهم إلى المدارس، ويؤمّن لهم العلاج والمياه، ويؤسس لهم حكم القانون الذي يحمي أرواحهم من القتل الفوضوي، قبل أن يسوقهم الى صناديق الاقتراع. فالانتخابات ليست عملية ميكانيكية يقوم فيها الناس بإلقاء قصاصات من الورق داخل صندوق اقتراع وينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن، ولا هى إجراء لمجرد الالتزام ببند من بنود اتفاقية نيفاشا، الانتخابات الحقيقية هى آلية مهمة ذات مستهدفات ترتبط بإشراك كل المكون الوطني في البلد في تقديم خارطة سياسية معبرة تعبيراً «حقيقياً» عن اختيارات أهله ورغباتهم بوعي مبرأ من التضليل والإغراء والابتزاز.
    ولكن عندما انتقل سجال التأجيل أو عدمه الى منطقة اخرى بحيثيات ذات نتائج عكس ما هو في دارفور، لم تفعل المفوضية الموقرة أكثر من البحث عن موقف حزب المؤتمر الوطني لتسايره، حتى ولو كان ذلك مع التأجيل. فقد أصدرت المفوضية القومية للانتخابات قرارها رقم «17» لسنة 0102م القاضي بتأجيل الانتخابات جزئياً في ولاية جنوب كردفان، وهو القرار الذي انبنى على أساس مقاطعة الحركة الشعبية للانتخابات في الولاية وسحبها لكل مرشحيها على كل كافة المستويات، احتجاجاً على الإحصاء السكاني وترسيم الدوائر والسجل الانتخابي. وقد أعلنت مؤسسة الرئاسة هذا القرار قبل أن تسمع به المفوضية نفسها لا على مستوى الولاية ولا على المستوى المركزي. فقد أعلنه كل من د. رياك مشار وعلي عثمان في اجتماعات مجلس حكماء جنوب كردفان قبل ثلاثة أسابيع من صدوره كقرار من المفوضية. وكانت القوى السياسية بجنوب كردفان قد عبرت عن رفضها لتدخل مؤسسة الرئاسة في عمل المفوضية، لأن ذلك يذهب استقلاليتها وحياديتها. كما أنها رفضت أية معالجات مبنية على ثنائية الشراكة في العملية الانتخابية. وهذه نقطة مفهومة تماماً حيث أن الجهة الوحيدة «افتراضاً» المسؤولة عن العملية الانتخابية وتفاصيلها ومخرجاتها وإدارتها هى المفوضية، وما مؤسسة الشراكة إلا طرف مثل بقية الاطراف السياسية المشاركة في الانتخابات، ولكن ما حدث على صعيد جنوب كردفان يقول بأن المفوضية هى مؤسسة حكومية تُدار بواسطة مؤسسة الرئاسة، وأنها تعمل وفقاً لتوجيهاتها وإملاءاتها دونما ادنى قدر من الاستقلالية أو الحيادية.
    وأخطر ما في المعالجة التي اعتمدتها مفوضية الانتخابات على مستوى جنوب كردفان، هو سماحها لمرشحي الحركة الشعبية بإعادة ترشيحاتهم مرة أخرى بعد أن كانوا قد سحبوها وقُفل باب الترشيح «نهائياً». ولا ندري ما هو الأساس القانوني الذي استندت عليه المفوضية في ذلك.
    وبالنظر إلى تأجيل الانتخابات فالنصوص القانونية واضحة بلا لبس، وتربط الأمر أكثر بالحالة الأمنية وحالة الطوارئ، وهذا في دارفور أوضح من الشمس، ومع ذلك تجاهلته المفوضية، بينما في جنوب كردفان فالقوى السياسية من غير الشريكين بادرت بالاتصال بالمفوضية، وقدمت لها جملة تحفظات بخصوص التأجيل الجزئي وإعادة الإحصاء جزئياً، وعبرت عن تأثرها كشركاء في العملية الانتخابية بهذه العملية، ولكن المفوضية ضربت بذلك عرض الحائط ومالأت إرادة من شكلوا المفوضية وعينوا القائمين عليها. وفي رد المفوضية على مذكرة الاحزاب السياسية الاخيرة «بتاريخ 01/3/0102م» ورد بخصوص منشور المفوضية الخاص بتنظيم الحملات الانتخابية: «وبالرغم من أن المفوضية تستلهم مبادئ الحريات الواردة في اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي وقانون الاحزاب وقانون الانتخابات، إلا أننا في نفس الوقت لا نملك أن نتجاهل القوانين السارية وبالأخص قانون الإجراءات الجنائية. وماثل أمام أعيننا ما حدث من مواجهة بين قوات الأمن وقوى المعارضة التي مُنعت مسيرتها من الوصول الى المجلس الوطني».
    والسؤال هو لماذا النظر الى القانون بالجانب الذي يخدم أجندة الحزب الحاكم تحديداً، إذا كان ذلك يتعارض مع الأطراف الأخرى مجتمعة، ويتعارض مع مبادئ الحراك الانتخابي نفسه. فكثير من الأحزاب تشكو من مضايقات أمنية وتضييق على منسوبيها أثناء حملاتهم الانتخابية، ويستخدم القانون الجنائي لسنة 1991م لمصلحة حزب واحد فقط هو حزب المؤتمر الوطني.. مع العلم بتضارب هذه القوانين مع الدستور، وبالتالي فالأوجب أن تنبه المفوضية الجهات التي تستخدم هذه القوانين لقمع الآخرين والحجر على نشاطهم، أن تنبههم بتعارض ذلك مع متطلبات العملية الانتخابية، لا أن تطلب من الآخرين تحمُّل تبعات عدم التزامهم بها.

    (عدل بواسطة الكيك on 03-18-2010, 10:42 PM)

                  

03-20-2010, 05:13 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    مبارك الفاضل حفيد المهدى .. لا للدوله الدينيه تانى شنو الفاضل ؟! ...
    بقلم: تاج السر حسين
    الجمعة, 19 مارس 2010 07:16


    عزيز أنت يا وطنى برغم قساوة المحن.

    هذا الشعب السودانى العظيم البطل يمرض ولكن لا يموت، وفى كل مرة وبعد أن يصيب الناس الياس والأحباط يهب من غفوته ويؤكد للعالم بأنه فعلا يمرض ولا يموت.

    من قبل وبعد 16 سنه من حكم جعفر النميرى الشمولى الديكتانورى وتحت ظل أحد اقوى الأجهزة الأمنيه فى المنطقه وبعد انتفاضة ابريل مباشرة شكلت محاكمه للواء عمر محمد الطيب النائب الأول لرئيس الجمهوريه ورئيس جهاز الأمن القومى (الأسبق) وبعض معاونيه فى قضية تهريب اليهود الفلاشا من السودان لأسرائيل، وقتها كان يزور السودان وفد حقوقى وقانونى مصرى مكون من اساتذة اجلاء وخبراء قانونيين، فذهلوا من تلك المحكمه التى وقف امامها رئيس المجلس العسكرى (سوار الذهب) وأدى التحية العسكريه احتراما للقاضى وللمحكمه وأدلى بشهادته وهو وقتها يعتبر (رئيس الدوله)، وعلق الأساتذه القانونيون المصريون مذهولين قائلين :

    "هل يعقل ان تعقد مثل هذه المحكمه وعلى هذه الدرجة من العداله والمهنيه والثقافة القانونيه فى بلد كان محكوم لمدة 16 سنه بنظام ديكتاتورى"؟

    وبالأمس وخلال ندوة السيد/ مبارك الفاضل المهدى شعرت بالفخر والأعتزاز للشجاعه والطريقه التى قدم بها السيد مبارك نفسه وأنتقد نظام الأنقاذ ولم يترك له شيئا مستغلا مساحة الحريه المتاحه لأول مره بصورة حقيقيه لا كما كان يظن الكثيرين فى السابق وكنت اختلف معهم واقول لهم ما هو متاح مقبول للنظام الحاكم ولولا ذلك لما سمح به.

    فالسيد/ مبارك الفاضل بالأمس مثل (ضمير) الشعب السودانى العظيم، وقال ما لم يكن يقال الا خارج الوطن عن فساد معروف وبالتفاصيل الدقيقه خاصة ما اورده عن البنوك والفساد الذى لم يحدث فى تاريخ السودان من قبل.

    ومن هنا ارسل التحايا الحاره والتقدير الأكيد للرجال والنساء مفكرين وصحفيين الذين شاركوا فى تلك الندوه داخل السودان وتحدثوا بشجاعه منقطعة النظير دون خشية أو وجل.

    وفى اعتقادى الخاص ومن يشاركنى فى هذه الرؤيه، ودون شك جال بذهنهم الكثير من الخواطر والأسئله، منها على سبيل المثال لو سمح النظام بمثل هذه الديمقراطيه من قبل اما كفانا شرالمحكمه الجنائيه والبحث عن العداله بعيدا عن حدود الوطن، ولأخترنا ان يحاكم المتهمين امام محاكم سودانيه طالما انها توفر العداله فى جو ديمقراطى حقيقى؟

    ومنها الا يشعر حتى المؤيدين للأنقاذ خاصة من ابناء الفترة الأنقاذيه الذين لم يتذوقوا طعم الديمقراطيه من قبل على قلتهم بأن الديمقراطيه تشعر الأنسان بكرامته وعزته ومكانته وانه انسان حتى لو لم توفر له الخبز؟

    الا يستحق منا الشهداء الأبرار الذين قدموا للفداء انفسهم بايديهم وجعلوا مثل هذا اليوم ممكنا، وأن يجهر مبارك الفاضل حفيد المهدى من خلال قناة سودانيه، داخل السودان (بلا) داويه للدوله الدينيه التى سوف تؤدى لأنفصال الجنوب وتهدد وحدة البلاد كله وتجعل منه (صومال) جديد؟

    نعترف كنا فى السابق نعارض مواقف السيد/ ميارك الفاضل، ونعارض مواقف السيد / الصادق المهدى، لكن من حقهم علينا الآن ان نشيد بمواقفهم الصلبه المنحازه للحق دون تسويف فى هذه اللحظات التاريخيه الحاسمه من عمر الوطن، وفى ذات الوقت ندعو باقى القوى السودانيه فى الأحزاب والحركات ان تحذو نفس الحذو حيث لا زعامه ولا أحترام ولا مكانه لقائد لا يشعر بالمخاطر التى تهدد الوطن فى هذه المرحله، وكل من يغرد خارج السرب سوف يعزل نفسه وسوف يسئ لتاريخه وتاريخ حزبه.

    وكل سودانى لا ينكر ذاته ومطامحه الشخصيه وينسى خلافاته ويتسامى فوق جراحاته وخصوماته هذه الأيام، ولا يعمل من أجل أن يبقى الوطن سالما وآمنا وموحدا فهو (خائن) لهذا الوطن ولتاريخه ولأنسانه العظيم الذى يستحق كل تضحية.

    وهذه سانحه ندعو فيها الحركات الدارفوريه وفى مقدمتها حركة العدل والمساواة التى لا ينكر أحد انها الأقوى أن تتبنى نهجا يسمح بجمع كافة الحركات الدارفوريه فى بوتقة واحده وتحت مسمى جديد لا يعزل احدا ولا يقلل من شان حركه وأن تسحب البساط من تحت اقدام المؤتمر الوطنى وأن تفرض شروطها العادله التى تعيد لأهل دارفور أمنهم وسلامتهم وتعيد لهم حياتهم الطبيعيه فى مدنهم وقراهم وأن يصبحوا جاهزين للمشاركه فى الأنتخابات.

    وعلى ذكر الأنتخابات فان ما يردده المؤتمر الوطنى ومن يريدونه جاثما على صدر الوطن بصعوبة تأجيل الأنتخابات اذا كانت هنالك ضرورة لذلك يجافون الحقيقه ولا ينظرون للأمور ابعد من تحت اقدامهم، فطالما تم تأجيل الأنتخابات فى دارفور وفى جنوب كردفان يمكن كذلك تأجيل الأنتخابات فى كافة انحاء السودان وفق اتفاقية نيفاشا نفسها وبرضاء الشريكين، مع استثناء للجنوب حتى يمارس اهله حقهم المشروع فى الأستفتاء فى وقته المحدد له والذى نتمنى ان يخرج لصالح الوحده الطوعيه التى يجب الا يفرط فيها أى سودانى بل يجب أن يعمل لها كل سودانى حر شريف ديمقراطى قلبه مبرأ من الحقد والغل وعقله سليم ومتوازن ولا يعانى من عقد.

    مرة أخرى احى مبارك الفاضل المهدى على شجاعته وجهره بقول الحق (لا للدوله الدينيه) التى انتهكت باسمها اعراض الناس وأهين واذل شرفاء الرجال والنساء وشرد بسيف الصالح العام الخبراء فى جميع المجالات الذين تلقفتهم دول العالم الأول والثانى والثالث.

    وأنه لأمر محزن ومؤسف ان يضطر السودانيون للقبول بمحاكمة نفر منهم فى الخارج بسبب عدم توفر العداله أو الجو المناسب لتحقيقها داخل السودان، وفى ذات الوقت يقع الأختيار على قاض سودانى ويوضع على قمة القضاء فى اماره متقدمه ومتطوره مثل دبى، حتى صدق المثل الذى يقول بأن زامر الحى لا يطرب أهله.

    شكرا للسيد مبارك الفاضل وشكرا لكم بنى وطنى الشرفاء الأنقياء، فقد اثلجتم صدورنا بالأمس وأزلتم عنها حزن والم 20 سنه وسوف يبقى مكانكم دائما فوق الروؤس.

    آخر الكلام:-

    كلمات الشاعر (الحسين أونسه)

    عزيز انت يا وطني برغم قساوة المحن

    برغم صعوبة المشوار ورغم ضراوة التيار

    سنعمل نحن يا وطني لنعبر حاجز الزمن

    حياتك كلها قيم تتوج همة شماء

    فكم فى الدرب من ضحو وكم فى الخلد من شهداء
                  

03-22-2010, 08:20 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    سجون الـ سي اي اي السرية بالسودان ... امتحان جديد للسيادة؟!. .

    . تقرير: أبوذر علي الأمين ياسين
    الاثنين, 22 مارس 2010 06:41


    مرة أخرى تقف الحكومة عاجزة عن الدفاع عن نفسها تجاه (فضيحة سيادية) من الدرجة الأولى!!. فقد كشفت صحيفة فرانكفورتر روشاو الألمانية عن وجود (سجون سرية للسي آي أيه) بالسودان ضمن(66) دولة أخرى، وأوردت الخبر عدد من الصحف السودانية (الرأي العام ، الصحافة، أجراس الحرية 10 مارس الماضي) . فقد عجزت الحكومة السودانية عن الرد على ما أوردته الصحيفة الألمانية، بل إن الرد الذي أوردته

    (صحيفة الرأي العام) على صدر خبرها الذي حمل عنوان " الشرطة تنفي وجود سجون سرية أمريكية داخل السودان" يفضح الحكومة السودانية أكثر ويؤكد ضلوعها بل وولوغها في بيع السيادة!!؟، إذ جاء بخبر الرأي العام أن (قوات الشرطة تنفي) وليس وزارة الداخلية أو وزيرها!، وجود سجون سرية أمريكية بالسودان. وأورد الخبر أسم د. محمد عبد المجيد الطيب (المتحدث بأسم الشرطة) وليس (الداخلية)!!؟. وليس هذا كل شئ بل رد د. محمد عبدالمجيد لا علاقة له بموضوع السجون السرية الأمريكية!!، وهذا غريب قبل أن يكون مدهشاً؟!!، فقد حمل خبر (الرأي العام) عنه قوله "... أن قوات –يونميد- والأمم المتحدة ليس لهما سجون في السودان. ووصف ما ورد بالصحيفة الألمانية بأنه عار من الصحة!!؟.


    لكن الصحيفة الالمانية لم تتحدث عن سجون لقوات (اليونميد) أو الأمم المتحدة!، بل عن سجون لمنظمة الاستخبارات الأمريكية السي آي أيه. والواضح من كل هذا أن الحكومة تخاف الفضيحة لكنها لا تتورع في بيع السيادة!!. فبعد فضيحة الغارات الاسرائيلية على الشرق التي فضح سماح الحكومة بها المبعوث الأمريكي غرايشن أمام الكونجرس والذي أفاد في معرض دفاعه عن الحكومة السودانية وتأكيد مدي تعاونها أنها وبحسب غرايشن "...و في سياق ردوده على أسئلة النواب في اللجنة الفرعية للكونجرس الأمريكي أثناء الإدلاء بشهادته، فقد سئل حينها عن مدى قناعاته في التغيير الذي طرأ على الحكومة السودانية؟ فأجاب بثقة الواثق فيما معناه (إنها تحولت من داعم للإرهاب إلى محارب له، بدليل تعاونهم في القضاء على إرهابيين كانوا يحملون شحنات أسلحة قادمة من إيران في طريقها إلى منظمة حماس في قطاع غزة" (راجع مقال فتحي الضو بعنوان: خالد مِشعل: صَهْ يا كنارُ فإن لحَنُك مُوجعٌ! –هنا وهناك بشبكة الانترنت).


    وإذا علمت أن الغارات كان أولها في 11 يناير وثانيها في 20 فبراير والثالثة وليست الأخيرة وقعت في 8 مايو العام 2009م، يتضح لك أن السيادة السودانية في عهد الإنقاذ والمؤتمر الوطني تباع ليس للسي آي أيه الأمريكية بل أيضاً لإسرائيل. أما حلايب والفشقة فقد باتتا علامات دامغة لبيع الإنقاذ والمؤتمر الوطني للسيادة. للدرجة التي اقترن ذكرهما بحادثة محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، وأن ثمن سكوت دولتي الجوار إثيوبيا التي جرت بها وقائع المحاولة، ومصر التي استهدف رئيسها عن ملاحقة المتورطين فيها، ظل هو التنازل لهما عن حلايب والفشقة. حتى مفوضية الانتخابات أعلنت إجراء الانتخابات بدائرة حلايب، ولكن ليس في حلايب ذاتها، حيث ترفض مصر اعتبار حلايب سودانية. وظلت الحكومة صامتة صمتاً يؤكد أن السيادة السودانية بحلايب والفشقة أصبح هي ثمن لإسكات الدولتين عن المطلوبين في محاولة اغتيال الرئيس المصري. وفضائح الإنقاذ السيادية لا تقف عند هذا الحد بل لها عمق وتاريخ تجاوز عامه العاشر الآن!!، فقصة (الشراكة الاستخباراتية) التي أقامها جهاز الأمن السوداني مع السي آي أيه تعود للعام 2001م، ويؤرخ لها بأحداث 11 سبتمبر الشهيرة، التي أفزعت الإنقاذ وهددت عرشها وخشيت من ضربة أمريكية باتت قريبة خاصة بعد ما حدث بأفغانستان، وفيما بعد العراق. وتلك قصة روتها بتفاصيل صحيفة (الشرق الأوسط: السبـت 21 ربيـع الأول 1426 هـ 30 ابريل 2005 العدد 9650- في تقرير لكين سيلفرستون) حمل عنوان : (مسؤولون أميركيون وسودانيون: الخرطوم وواشنطن أصبحتا حليفتين في الحرب ضد الإرهاب وتعقدان اجتماعات استخبارية سرية).


    حيث أوضح كين سيلفستر أنه كان لل(سي آي أيه) محطة سرية بالخرطوم في نوفمبر العام 2001م، وأن جهاز الأمن السوداني سمح وداخل السودان ب(...استجواب أعضاء في تنظيم «القاعدة» كانوا يقيمون في العاصمة السودانية، واجري التحقيق في منازل آمنة أعدها جهاز الأمن الوطني، الذي احضر المشتبه فيهم إلى ضباط «اف بي آي». من ضمن الأشخاص الذين حقق معهم كلونان محمد بايزيد و مبارك دوري). كما (..وسمح جهاز الأمن الوطني لمكتب المباحث الفيدرالي بالتحقيق مع مدير بنك الشمال)، وسلمت ملفات خاصة بالبنك للمحققين الأمريكيين!. كما (..أكدت مصادر سودانية وأميركية أن حكومة البشير سلمت إرهابيين مشتبها فيهم إلى أجهزة أمن دول عربية، بما في ذلك مصر والسعودية وليبيا... ومن بين هؤلاء الذين تم تسليمهم للسعودية شخص سوداني الجنسية اسمه ابو حفيظة وهو ناشط في «القاعدة» ..

    وقد حكمت عليه السلطات السعودية بالسجن لارتكابه «أفعالا إرهابية ضد منشآت حيوية في المملكة»). كما أوضح كين سيلفرستون بتقريره أنه (..وإلى جانب تعاونها منذ 11 سبتمبر، فإن أجهزة الأمن والاستخبارات السودانية سمحت بجمع معلومات عن الجماعات المتطرفة المشتبه فيها في دول لا تستطيع العناصر الأميركية العمل فيها بفاعلية... واعترف وزير خارجية السودان مصطفى عثمان اسماعيل، في مقابلة، أن جهاز الأمن الوطني كان آذان وعيون وكالة الاستخبارات المركزية في الصومال التي تعتبر ملاذا للمتطرفين الإسلاميين ) كما أوضح سيلفرستون أن مسئولا كبيرا في جهاز الأمن الوطني السوداني التقى (.. في واشنطن مع مركز مكافحة التجسس في وكالة الاستخبارات المركزية لمناقشة الوضع في العراق، طبقا لمصادر على علم بالمحادثات). كل هذا دفع قياديا أمريكيا بالسي آي أيه للصراخ (..«إنهم لم يبلغونا فحسب بهوية الأشرار، بل أحضروهم لنا. يا الهي،


    لا يمكننا إقناع الفرنسيين بعمل مشابه») بحسب سيلفرستون. الواضح من كل ما أورده كين سيلفرستون بالشرق الأوسط أن جذور قصة السجون السرية تعود إلى الخلفية التي تحكي قصة (الشراكة الاستخباراتية) بين جهاز الأمن الوطني السوداني والسي آي أيه الأمريكية ومنذ العام 2001م. لكن لماذا خجلت الحكومة ولم ترد بوضوح على المعلومات التي أوردتها الصحيفة الألمانية؟، في الوقت الذي يتباهي جهاز الأمن بعلاقاته مع وكالات الاستخبارات في أكثر من دولة كما جاء في تصريح شهير لصلاح قوش للزميلة درة قمبو بليبيا ونشر بصحيفة الأحداث. أما المدهش أمام كل هذه المعلومات هو أن كل التحركات الاحتجاجية بما فيها المسلحة التي أطرافها سودانيون يرفضون سياسات الحكومة تجاه إقليم ما أو إقامة مشروع سد أو تسيير مسيرة لتسليم مذكرة، تواجه بأنها تهديد للسيادة والدولة!. في حين أن العمالة والارتزاق والتنازل عن السيادة لدول أخرى يمسى (شراكة استخباراتية) بل ويتباهي به من هم خلفه!!!؟. والغريب أن (السيادة) لها حجية قانونية واسعة داخل السودان وفي مواجهة المعارضين، وخاصة في وجه الصحافة التي دائماً ما تواجه (بالبند الخامس) من (ميثاق الشرف الصحفي) إذا ما توجهت الصحافة بالنقد لمواقف وسياسيات وتوجهات الرئيس البشير، بل لا يعترف مجلس الصحافة ولا يقبل التعامل على صفحات (صحف) مع المواطن عمر حسن أحمد البشير (كمرشح)!!، ويحاجج بأنه ووفقاً للقانون يجب على الصحافة التعامل معه كرئيس فقط!!، وأن كونه مرشحاً يجري وفقاً لقانون آخر هو قانون الانتخابات ومجلس الصحافة غير معني بهذا القانون!!!!؟. كما أن نقد الرئيس أو المرشح عمر البشير يعتبر ووفقاً لمجلس الصحافة وميثاق الشرف الصحفي (إساءة) لرمز السيادة!!؟. لكن المؤلم أمام فضيحة السجون السرية أن السيادة لا يحميها (ميثاق شرف صحفي)!!.

                  

03-23-2010, 07:56 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    خطوة على الطريق
    الكاتب/ أفق بعيد: فيصل محمد صالح
    Tuesday, 23 March 2010


    حديث الدكتور عبد العظيم كبلو، رئيس اتحاد الأطباء، في صحف اليوم يحمل تباشير جديدة، ويعطي أملا في أن هناك أصواتاً عاقلة تفهم ما يحدث بالضبط، وتعرف مآلاته، وتحتاط بالتالي للعواقب باتخاذ خطوات إيجابية لامتصاص النتائج السلبية. قال الدكتور كبلو إن هناك مطالب حقيقية عادلة للأطباء، وهذا هو الحق الأول، لأنه لم يشأ في أن يخوض فيما خاض فيه خائضون من قبله من الوزارة والحزب الحاكم واتحاد الأطباء، حيث أنكروا الحقوق ورموا الاتهامات الباطلة على الأطباء النواب المضربين. ثم أنه أعلن اعترافه بكل الأجسام المطلبية الموجودة، في إشارة واضحة للجنة النواب، والاستعداد للحوار والتفاوض معها، وهذا هو الحق الثاني، ليس لأنه أعطى شرعية للجنة التي صنعت شرعيتها من قاعدتها، ولكن لأنه تفهم الواقع واعترف به وتفاعل معه.


    ثم مضى الدكتور كبلو في مناقشة المشاكل والمطالب وتقسيمها إلى عاجلة وآجلة، وقدم بعضها على البعض الآخر، واختتم بمناشدة لرئيس الجمهورية لرفع أجور الأطباء.

    نتفق أو نختلف مع نقيب الأطباء، لا مشكلة في ذلك، ولكن ما يقوله واضح وصريح في وجود مشكلة ووجود مطالب، وحتى لو لم يتفق مع لجنة النواب في طريقة تعاملها مع القضية فليست هذه مشكلة، كما أن اللجنة ليست مطالبة بالاتفاق معه بالضرورة.

    مثل هذه الأصوات العاقلة ضرورية ومطلوبة في كل أزمة، لأن القضايا المطلبية لن تتوقف، وطالما عجزت النقابات المهجنة والاتحادات"المقطوعة من الرأس" في تمثيل العاملين والتعبير عن المطالب العادلة لمنتسبي المهن المختلفة، فالحاجة ستدفعهم لابتداع أشكال ولجان ومسميات تتحدث باسمهم وتدافع عن حقوقهم. ولا يهم هنا الاتهامات المعلبة الجاهزة التي يحاولون بها دمغ كل قضية ووصم كل مطالب، هؤلاء مسيّسون، هؤلاء سيسوا القضية، القضية عادلة ولكن ما شأن الأحزاب بها!؟.

    وهذه الاتهامات ناتج العقل الشمولي الذي يجرم الحزبية والانتماء للأحزاب، وحتى عندما يعيش في وضع ديمقراطي يقنن التعددية الحزبية، فإنه يعجز عن فهمها واستيعابها، ويمارس ضلاله القديم في التعمية واتهام الناس بالباطل وتخويفهم. انتماء أي شخص لأي حزب لا يمنعه من التفاعل مع قضايا مجتمعه، بل على العكس هو يشكل لديه دافعاً أكبر للاهتمام بالقضايا العامة. والسادة الذين يتهمون الناس في المنابر، هم أنفسهم حزبيون عقائديون ، ولولا حزبيتهم وعقائديتهم لما جاءوا للمناصب التي جاءوا إليها، رغم هذا فهم لا يستحون من اتهام الناس بالانتماء الحزبي، صح هذا الانتماء أم لم يصح.

    والبدعة الثانية في رفض واستهجان تضامن القوى السياسية مع القضايا المطلبية العادلة، ولو سكتت الأحزاب وممثلوها لتمت معايرتهم بهذا الصمت، وإن تكلموا قالوا لهم ما شأنكم بالأطباء المضربين؟ فيا سبحان الله. السياسي الحقيقي ، وليس أرزقي السياسة، يجب أن يكون معنياً بكل قضايا بلاده وفئات شعبه المختلفة، كما يجب أن يكون حاضراً ومتفهماً عند أي قضية، وقادراً على محاورة أصحاب القضية ومعرفة تفاصيلها واتخاذ موقف محدد منها.

    هل يمكن بعد هذا أن يزايد بعض المسؤولين في الوزارة والحكومة وخطباء الحزب الحاكم ثم كتبة العرائض الصحفية من القول بأن لا قضية للأطباء؟

    لقد وضع الدكتور كبلو قدمه في المكان الصحيح، ونتمنى ألا يكبلها كابح حتى تنتقل لمربع الحوار وتفهم المطالب.

    الاهبار
                  

03-24-2010, 08:15 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    لمن نصوت؟ سؤال المصير في الانتخابات السودانية ..

    بقلم: د. عبدالوهاب الأفندي
    الأربعاء, 17 مارس 2010 16:46


    كما هي العادة في كل انتخابات عامة، وبخاصة الانتخابات السودانية، فإن الخيارات المتاحة للناخب ليست هي بين الفاضل والأفضل، ولكنها بالأحرى بين أهون الشرين. فكل الأحزاب والشخصيات التي تعرض نفسها للناخب فيها من العيوب ما يجعل رفضها قراراً لا يحتاج إلى لحظة تفكير، حتى ينظر المرء إلى البدائل. وعليه فإن التحدي أمامنا هو استبعاد أسوأ الخيارات حتى لا تحيق بالبلاد كوارث جديدة هي آخر ما تحتاجه.



    وهنا نجد أن هذه الانتخابات لا تواجهنا فقط بقيادات حزبية نود لو أن بيننا وبينها بعد المشرقين، وإنما كذلك بخيارات كلها كارثية. فالتصويت للحزب الحاكم يعني ترجيح (حتى لانقول تأكيد) احتمال انفصال الجنوب، إضافة إلى استمرار الممارسات التي قادتنا من كارثة إلى كارثة، وتحميل البلاد والعباد أوزار قوم لم ينتخبوهم من قبل، ولكنهم إذا انتخبوهم يكونون من المشاركين لهم في أوزارهم السابقة واللاحقة. أما إذا تم إسقاط حكومة المؤتمر الوطني كما يريد الكثيرون، فهذا يعني ببساطة دخول البلاد في حرب أهلية جديدة، لأن الإنقاذيين لن يسلموا ليسلموا كما نصحهم من قبل السيد محمد عثمان الميرغني، وإنما سيتمسكون بالسلطة حتى آخر رمق.



    إذن فالناخب السوداني لا يجد نفسه فقط أمام الخيار بين السيء والأسوأ، وإنما كذلك عواقب التصويت لمن قد يكون أقل سوءاً. وهذا يضع على كاهل الناخب مسؤوليات جسام في التفكر في عواقب الإدلاء بصوته، مما يشكل نوعاً آخر من الظلم في حق المواطن والوطن. فعندما تتخندق أحزاب بعينها في قلب السلطة كما يفعل مختطفو الطائرات، ثم تقول للناس أنا أو الطوفان، فإنها تضع الناخب في موقف لا يحسد عليه. وهذا هو تحديداً ما يفعله المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، كل في محيط نفوذه. ورغم أن قانون الانتخابات يحظر مشاركة الأحزاب التي تحتفظ بميليشيات، فإن الحزبين الحاكمين في السودان لا يحتفظان بميليشيات فقط، بل هما في الواقع ميليشيات بواجهة حزبية تكاد تكون شفافة.



    فقبل أن تكون هناك الحركة الشعبية لتحرير السودان كان هناك الجيش الشعبي. ولا يمكن لأي شخص أن يكون قيادياً في الحركة الشعبية ما لم يكن قد أبلى من قبل بلاء حسناً في الميدان واكتسب رتبة عسكرية عالية. نفس الشيء يمكن أن يقال عن المؤتمر الوطني، حيث هو في حقيقة الأمر واجهة للجناح العسكري للحركة الإسلامية (سابقاً) والأجهزة الأمنية التي تهيمن من وراء ستار على الأمر. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الحركتان لم تتورعا عن استخدام ميليشياتهما في المنافسة الانتخابية، كما حدث في الجنوب من منع للمرشحين من الوصول إلى مناطق نفوذ الحركة، وكما يحدث في مواقع كثيرة في الشمال مما هو معلوم للجميع.



    ولكن الأمر لا يقف عند شركاء الحكم المتشاكسين الذين كان يأمل البعض أن يكون اختلافهما رحمة، فاتضح أن للاختلاف حدود حينما يصل الأمر إلى المصالح المشتركة، وإنما لأحزاب المعارضة الكثيرة مشاكلها أيضاً. هناك أولاً مشكلة الحجم وما يتبعه من تأثير للصوت. فهناك خطر حقيقي بأن "يضيع" صوت الناخب إذا صوت لأحد الأحزاب الصغيرة. ويجب هنا أن نفرق بين أحزاب وأحزاب. فلا يمكن مقارنة حزب عريق له وزنه السياسي ودوره التاريخي، مثل الحزب الشيوعي السوداني، بطوفان الأحزاب الجديدة التي ملأت الساحة، في انشقاقات ذات طابع شخصي من أحزاب أخرى، أو ك "دكاكين" للتجارة السياسية.

    ولكن هذا لن يمنع أن الحزب الشيوعي، رغم أنه أحد أكثر الأحزاب نفوذاً على الساحة السياسية، لن يحصل على مقاعد كثيرة في الانتخابات، إلا إذا عقد تحالفات مع أحزاب أخرى. وهذا يطرح سؤال: هل يصوت المرء لحزب معين لمجرد تسجيل موقف، أم من أجل تحقيق نتائج معينة؟ بمعنى آخر، هل التصويت موقف أخلاقي و"شهادة" يدلي بها الناخب، أم هو عمل استراتيجي يرمي عبره إلى تحقيق نتائج معينة؟ فإن كانت الأولى فإن واجب الناخب هو التصويت للحزب الذي يراه الأصلح، حتى لو كان عاقبة ذلك أن صوته سيضيع هباء، وأن الحزب الأسوأ سيصل إلى السلطة كنتيجة لذلك. أما إن كانت الثانية فلا بد إذن من استخدام حق التصويت بحكمة وذكاء.



    أما إذا جئنا إلى الأحزاب الكبيرة فإننا نواجه مشكلة أخرى، تتعلق أولاً بمدى قدرة هذه الأحزاب على كسب دعم المواطنين، حتى في قواعدها التقليدية. فهذه الأحزاب تواجه انقسامات متزايدة، وما يشبه اليأس من قبل أنصارها، خاصة أمام عجز القيادات عن تجاوز خلافاتها وترتيب البيت الحزبي. وكثيرون أخذوا يتساءلون: إذا كانت هذه الأحزاب عاجزة حتى تنظيم نفسها وتجاوز خلافاتها (وفي حال الحزب الاتحادي الديمقراطي، حتى عقد مؤتمر واحد) فكيف يرجى منها أن تتصدى لمشاكل البلاد المعقدة وإيجاد الحلول لها؟



    ولا يقل الحال سوءاً على الساحة الجنوبية، حيث تتشرذم المعارضة، وتعاني من انقسامات ذات طابع قبلي أو جهوي، أو (في كثير من الأحيان)، شخصي. وكما هو الحال في الشمال، فإن هذه العوامل تتداخل. ففي كثير من الأحيان قد يتطور خلاف سياسي داخل حزب معين إلى صراع شخصي بين القياديين. وتكون المرحلة التالية أن صراع القيادات سرعان ما يتحول إلى صراع قبلي حين يستنجد كل طرف بالقبيلة. وقد حدث هذا في حالة الجيش الشعبي لتحرير السودان، حين تفجر الصراع بين يدي انشقاق الناصر الشهير حول أسلوب القيادة، مما أدى إلى محاولة انقلاب للإطاحة بالعقيد قرنق الذي اتهم وقتها بالممارسات الدكتاتورية والإخفاقات الميدانية. ولكن بعد فشل الانقلاب وانشقاق الحركة، تخندق كل طرف وراء سنده القبلي. ونرى نفس الشيء يتكرر في دارفور اليوم.



    في الشمال والجنوب معاً، هناك استقطاب حاد من علاماته التنابز بالألقاب، واللعن والتخوين، وعدم قبول الآخر. فحينما يطالع الأمر بعض ما تجود به المنابر الاسفيرية التي جعلها الله سواءً للناس العاكف والباد، لا يجد المرء اختلافاً كبيراً بين لغة متطرفي أنصار النظام وكثير من خصومهم. فالكل يرى في الآخر "محور شر" ولا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً، والكل يتوعد الآخر بالويل والثبور وعظائم الأمور. ولعل الانطباع الذي يأخذه المتصفح لبعض مساهمات من يسميهم الصديق مصطفى البطل "مناضلي الكيبورد" هو أن القوم لو أتيح لهم قدر من السلطة مهما قل فإنهم سيجعلون نافع وصلاح قوش يخجلون من أنفسهم لما قصروا فيه من قمع وبطش بالخصوم.



    ولا جدال في أن مثل هذه العقلية الإقصائية "التكفيرية" (وإن كان التكفير هنا علمانياً) لا تمهد لأي تحول ديمقراطي حقيقي. فالديمقراطية لا تحل بدار قوم إلا إذا كفوا ليس فقط عن تقتيل وسجن وتشريد بعضهم البعض، بل أيضاً عن التهديد والوعيد بذلك. فإذا كانت هناك معارضة تبشر بأن وصولها إلى الحكم يعني فتح السجون ونصب المشانق لمن هم في السلطة في اليوم، فإن الأمل في أن يسلم هؤلاء الحكام السلطة للمعارضة لن يكون كبيراً، اللهم إلا إذا كان هؤلاء الحكام من "الاستشهاديين". ونحن نشك كثيراً في أن حكام البلاد الحاليين من أنصار مدرسة الاحتكام إلى القدر أو الناخبين حين يتعلق الأمر بمكتسباتهم الشخصية والسلطوية، ناهيك عن أرواحهم وسلامتهم الشخصية.



    وإذا كانت هذه التعقيدات التي تحير أفضل العقول لا تكفي، فهناك إشكالية دارفور المستمرة، ليس فقط لصعوبة عقد الانتخابات هناك في ظل عدم الاستقرار الأمني ومقاطعة حركات التمرد والقوى السياسية الأهم، بل أيضاً لأن المشكلة تلقي بظلالها على البلاد بكاملها وتهدد مستقبلها. فغياب دارفور الحاضرة في كل مكان عن الانتخابات سيخلق مشاكل كبيرة في مجالات أخرى، ليس أقلها نقصان شرعية الحكم والأثر السالب على مستقبل الوحدة. أما حضورها الجزئي عبر انتخابات غير مكتملة فإنه سيعوق جهود البحث عن حل مقبول للأزمة، لأنه قد يستخدم من قبل أطراف بعينها للحديث عن شرعية دارفورية جديدة.



    هناك إذن معضلات كثيرة تواجه الناخب السوداني بين يدي الانتخابات المقبلة، ليس أقلها التفكير في أي المرشحين أقل سوءاً، وقبل ذلك وبعده عواقب التصويت لهذا الطرف أو ذاك، حتى لو اتضح أن المرشح المعين أو حزبه هما الأصلح. فقد يؤدي التصويت للأصلح إلى انتخاب الأسوأ، أو قد تؤدي نتيجة معينة إلى كارثة عظمى. بل إن كل الخيارات قد تؤدي إلى كوارث، بما في ذلك الامتناع عن التصويت.



    ولكن من جهة أخرى فإن الانتخابات القادمة هي أهم انتخابات تشهدها البلاد، لأنها أول انتخابات سيتحدد مصير البلاد بموجبها مباشرة. فقد كانت هناك انتخابات مصيرية من قبل، خاصة انتخابات عام 1953 التي كان الخيار المطروح أمامها هو إما الوحدة مع مصر أو الاستقلال. ولكن تلك الانتخابات لم تحدد مصير البلاد مباشرة، وإنما عبر آليات آخرى. فرغم أن أنصار الوحدة مع مصر فازوا وشكلوا الحكومة، إلا أن القرار اتخذ عبر البرلمان بعد ذلك بعامين، وأيد الاستقلال وليس الوحدة. أما هذه المرة، فإن الانتخابات سيكون لها أثر حاسم مباشر على مستقبل البلاد بمجرد الإعلان عن نتائجها. فهي ستحدد هوية وأحجام القوى السياسية التي سيكون لها النفوذ الأكبر في رسم مستقبل البلاد، وستكشف عما إذا كان الجنوب سيتوجه بجدية نحو الانفصال أم سيبقي باب خيار الوحدة مفتوحاً. وقبل ذلك وبعده، فإنها ستحدد ما إذا كانت البلاد ستخطو خطوات خجلى باتجاه الاستقرار والتحول الديمقراطي، أم ستنتكس نحو حرب أهلية تكون عاقبتها الصوملة.



    لهذا فلا مفر من أن يتحمل الناخبون مسؤوليتهم. وقد توصلت بعد طويل تأمل إلى توصية أود أن أتقدم بها للناخبين حول من أراه الأقل سوءاً من بين المتنافسين على معقد الرئاسة. ولكني لن أعلن عن هذه التوصية اليوم، وإنما آمل أن أقوم بذلك في الوقت المناسب.

    Abdelwahab
                  

03-26-2010, 12:41 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات ...تحكى عن واقع السودان الحقيقى ...ادخل واقرا (Re: الكيك)

    كلام الناس

    أين الحكمة والعقل..؟

    نور الدين مدني
    [email protected]

    * منذ ان انقلب الهرم الوظيفي وظهور اثرياء الإنفتاح الذين جاءوا عبر التسهيلات التي منحتها لهم سياسات التحرير الاقتصادي التي طبقت اسوأ تطبيق فالقت بظلالها السالبة على القطاعات الاكبر من المواطنين وفي مقدمتهم موظفو الخدمة المدنية تضاعفت معاناة كل المواطنين الذين يقعون في دائرة الخدمة المدنية بمن فيهم الاطباء.
    * الاطباء الذين كانوا حلم غالب الشباب والطلاب عندما كانت الحياة الاجتماعية والاقتصادية طبيعية بلا تجاوزات ولا خروقات تسببت في هذا الوضع الاقتصادي المأزوم اصبحوا يعانون مثل غيرهم من المواطنين من ضغوط المعيشة والتزاماتها المتزايدة.
    * بدأت معاناة هذه المجموعة من الاطباء الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للدخول في اضراب لنيل حقوقهم بعد اشهر من تعيينهم، فقد استمروا لاكثر من ستة اشهر لايصرفون حتى مرتباتهم دعكم من المخصصات الاخرى وقد اثرنا شكواهم في ذلك الحين وتمت معالجتها بعد حين.
    * للأسف فان اهل المؤتمر الوطني يستعجلون إصدار الاحكام وتصنيف كل من يرفع صوته مطالبا بحقه تبدأ باتهامه بالتآمر وقد تنتهي بتكفيره حسب موضة الفتاوي السياسية التي بدأت تخرج في الآونة الاخيرة في مواجهة المعارضين السياسيين.
    * التصريحات الادارية التي صدرت مع بداية تنفيذ الاضراب حملت اشارات الى ان توجيها رئاسيا قد صدر بفصل الاطباء المضربين ورغم نفي وزارة الصحة فصلها للاطباء إلا ان اخبارا اخرى اكدت وجود حالات فصل للاطباء في عدد من الولايات الامر الذي أزم الموقف اضافة للتحرشات السياسية والامنية الاخرى التي لم تكتف بازالة خيمة الاطباء في الميز وانما إستمرت محاصرة الميز والضغوط على الاطباء لاجبارهم على رفع الاضراب.
    * استبشرنا خيرا باللقاء الذي اعلن عنه بين المسئولين في وزارة الصحة وبين الاطباء لمعالجة الموقف ولكننا فوجئنا بقرار وزارة الصحة وقف التفاوض مع الاطباء المضربين ورهنها عودة التفاوض برفع الاضراب فيما دعت لجنة الحكماء التي تضم كبار الاطباء برفع الحصار الامني على ميز الاطباء وهذا امر ضرروي لتهيئة اجواء التفاوض بين المسؤولين في وزارة الصحة وبين الاطباء المضربين.
    * اننا نطالب المسؤولين بوزارة الصحة الذين دعوا على لسان وزير الدولة بوزارة الصحة بروفيسور حسن ابو عائشة الى ضرورة استخدام الحكمة والعقل للوصول الى تسوية لهذه المعضلة ان يلتزموا هم انفسهم بروح الحكمة والعقل في مواجهة ابنائهم الاطباء الذين اضطروا للاضراب لاسباب كان يمكن معالجتها بقدر ضئيل من الاموال التي تصرف ببذخ على الحملات الانتخابية وغيرها من مصروفات التمكين الحزبي.

    السوداني
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de