دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ...
|
خيبة في بنطلون ffخيبة في بنطلونfff
عزت القمحاوي
الثلاثاء القادم هو الموعد الذي حددته محكمة الخرطوم لمعاودة نظر قضية الصحافية السودانية لُبنى أحمد الحسين بتهمة ارتداء ملابس (فاضحة) وهذا هو التوصيف الجنائي، ولا نعرف هل نضحك أم نبكي عندما نعرف أن الملابس الفاضحة هي البنطلون! وقد ضربت الزميلة الصحافية مثلاً للفعل الثقافي والسياسي عندما اختارت الطريق الأصعب من ثلاثة طرق كان بوسعها السير فيها، منذ اللحظة التي اقتحمت فيها شرطة النظام في الثالث من الشهر المنصرم قاعة احتفال بالخرطوم واقتادتها مع اثنتي عشرة فتاة أخرى إلى قسم الشرطة لارتدائهن السراويل. وكان من الممكن أن تتقبل لبنى الجلد كغيرها وتعود إلى بيتها في صمت، وكان بوسعها أن تتحصن بوظيفتها في بعثة الأمم المتحدة لتنجو بسروالها، مثل سراويل كثيرة مستثناة وبينها سراويل ضابطات الشرطة كما صرحت هي في المحكمة الأربعاء الماضي. لكنها رفضت الخيارين، واختارت أن تمضي في طريق محاكمة قضائية بوصفها مواطنة سودانية، وأن تجعل من قضيتها مناسبة لفضح قانون العقوبات السوداني، الفضفاض بدرجة تغني النظام عن ملاحقة كاتبة سياسياً طالما بالإمكان تشويهها اجتماعياً. لكن فضفضة القوانين التي يحيكها (ترزية) محترفون في الأنظمة الهزلية لا تصلح لإخفاء عري هذه الأنظمة. مضحك أن يكون هناك في الألفية الثالثة من يعتبر البنطلون، ذلك الزي العملي، لباساً فاضحاً، والأكثر إضحاكاً أن يكون هذا في القارة السودانية متعددة الأعراق والديانات والعادات الاجتماعية. منذ الاستقلال عام 1956 لم تعرف الحكومات في السودان ما يتطلبه حكم بلد على هذه الدرجة من التنوع الخلاق؛ فسارت الأمور من سيئ إلى أسوأ على أيدي الدكتاتوريات والديمقراطيات القبلية على السواء، حتى وصل البلد اليوم إلى مفترق طرق خطير بعد واحد وعشرين عاماً من استنزاف قدراته في ظل نظام متخم بالعجائب وأعجب ما فيه هو البقاء كل هذه المدة في حكم شعب مولع بالحرية اجتماعياً وسياسياً، مولع بالتغيير. ولم يكن للنظام أن يحقق هذا الرقم القياسي في البقاء إلا بتعاون الضابط والفقيه، أو بمعنى أصح إلا برفع المصاحف على مدافع الدبابات، وقمع المسلمين باسم دينهم وقمع المسيحيين وأصحاب الديانات المحلية المتعددة باسم دين لا يدينون به! لكن القمع الذي يمارسه النظام السوداني ليس من شاكلة القمع الذي يمارسه ملالي إيران، وليس لدى النظام مشروعه الوطني الذي يتحدى به العالم. مشروعه الوحيد هو البقاء، وقد عاش حتى الآن بثمن باهظ، حيث يتقوت من لحم السودان ودمه، ملتهماً الأرض السودانية التي تتآكل إقليماً بعد إقليم. وهناك استحقاق انتخابي كان من المفترض أن يتم هذه الأيام، وتم إرجاؤه إلى نيسان/ أبريل المقبل وسط تنديدات المعارضة التي تتهم النظام بعدم الشرعية لانتهاء أجله، ووسط شك الغالبية العظمى في إمكانية إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية في الموعد المقترح، بسبب الاحتقان والاحتراب في غرب وشرق وجنوب السودان. وبعد عام واحد من الانتخابات المشكوك في إمكانية إجرائها من الأساس (وماذا عن الشك بالنتائج إذا جرت؟!) هناك التحدي الأخطر في تاريخ السودان وهو استفتاء الجنوبيين الذي سيحدد مصير السودان، استمراراً في الوحدة أو تقسيماً، طبقاً لاتفاق عام 2005 ، ولا تبشر سنوات الاختبار بخير قد يأتي به الاستفتاء، ليس فقط بسبب عدم تحسين الخدمات في الجنوب أو بسبب الاضرابات التي لم يمنعها الاتفاق وأخطرها معارك ابيي التي شردت نحو خمسين ألف شخص في العام الماضي، ولكن أيضاً بسبب ما رآه الجنوبيون من إدارة الأزمة في دارفور. وليس هذا التآكل الداخلي ببعيد عن تململ دول حوض النيل السبع غير العربيات بشأن حصة مصر والسودان من مياه النيل، بحجة أن الاتفاق القائم تم في زمن الاستعمار وأنه لم يعد ملزماً لدول المنبع (إثيوبيا، رواندا، تنزانيا، بوروندي، كينيا، والكونغو). والصحيح أن محاولة دول المنبع تعديل الاتفاق ليست إلا صدى لتراجع دور مصر الافريقي والفراغ السياسي السوداني. وقد يكون لإقالة وزير الري المصري وعالم المياه د.محمود أبو زيد في آذار/ مارس الماضي علاقة بتعثر هذا الملف، لكن إقالته لم تغير في الوضع شيئاً، لأن المفاوضات تعتمد على موازين القوى لا على زيد أو عبيد. وقد انتهت جولة مفاوضات بالإسكندرية الأسبوع الماضي إلى طريق مسدود، وأرجئت ستة أشهر. وبين انتخابات مؤجلة ومفاوضات مؤجلة لا يبدو أن النظام السوداني مهتماً بإحكام زناره، أو تدعيم شرعية وجوده، لأنه مشغول بشرعية بنطلون لبنى! qla القدس العربى
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
اصبحت قضية الزميلة لبنى قضية عالمية يحتفل بها العالم كمثال لقوانيين سيئة السمعة فى البلاد المتخلفة والتى يجب محاربتها مثلها مثل قضايا الخفاض الفرعونى والزار والشعوذة والسحر وكل ما هو ضار بالمجتمع .. هذا الكاتب الذى كتب عن قضية لبنى ما كان له معرفة ما يدور داخل المجتمع السودانى الذى يعانى اليوم من فوضى القوانيين وتفسيرها وضبطها فى بلد عرف عنه ان له علماء فى كل التخصصات ودائما يسالون عن التردى الذى يصيب السودان ويسمعون عنه كل يوم وان السودانيين معروفون فى كل مكان بالادب والثقافة العالية والعلم الغزير .. دائما ما اواجه بهذا السؤال مع الاستغراب مما يحصل فى بلادنا العزيزة ..مالكم يا سودانيين ايه الحاصل عندكم ...؟ بنت لابسة بنطلون تجلدوها كمان ...ولا اعرف من اين ابدا له القصة والحكاية والرواية التى تشاهدونها منذ عشرين عاما .. وهم بالطبع لم يسمعوا بقصص وقصص اخرى اكثر غرابة واضحاكا ... عن اشخاص طولبوا باثبات الزواج من زوجاتهم من عسكرى لا يفقه شىء فى الدين والعلاقات الاجتماعية فى مجنمع مختلط كله سماحة ... كان والى وقت قريب لا يعتقد ان نهدى او فخذى المراة عورة ولاينظر الى ذلك بهذا المنظار الجنسى الضيق وانما بنظرة الاخ وحامى حمى العروض التى كانوا يفتخرون بها .. اقول لهم ان لبنى تحاكمهم بقوانينهم وتكشف مدى تفكيرهم وسوف تنتصر وينهزمون ويحاولون بقدر الامكان الان الابتعاد عن هذه المحاكمة التى تكشفهم وعقليتهم كل يوم امام المجتمع المحلى المستنكر والعالمى المستغرب .. ولبنى بشجاعتها تصر على اتمامها الى اخرها لتحقق هدفها فى الانتصار النهائى بموقف يدهشهم ويسحق افكارهم البالية .. نتواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
خالد التجانى كتب مقالا رصينا محللا لتقرير صندوق النقد الولى عن الاقتصاد السودانى وما يحصل فيه فى صحيفة الصحافة اول امس .. اترككم للمقال ومن ثم نعلق على اكبر سرقة فى التاريخ لمعاصر لغائدات نفط تقدر ب 35 مليار دولار
المقال نص راي نهاية (حالة إنكار).. السودان في قبضة (الصندوق) مجدداً
خالد التجانى
عندما بلغت الأزمة المالية أوجها في منتصف سبتمبر من العام الماضي بانهيار كبريات مؤسسات التمويل الأمريكية على خلفية أزمة التمويل العقاري الممتدة, تسابقت الإدارات الاقتصادية للدول في أركان الدنيا الأربعة بحثاً عن سياسات تقيها تداعيات تلك الأزمة، فقد كانوا حصيفين يدركون أنه في عصر العولمة الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية، إذا عطست نيويورك، أو واشنطن فلا محالة أن العالم أجمعه سيصاب بالزكام، وتتداعى له الدول بالسهر والحمى، ولذلك نجحت العديد من الدول في تلافي الآثار المدمرة لتوابع الزلزال الأمريكي على اقتصاداتها، وإن لم تنجو منها تماماً، ولكنَّ تحسُّبَها كان كافياً ليجنبها أسوأ الاحتمالات. ولكن وحدهم عرابو الاقتصاد السوداني كانوا يغردون خارج السرب، فقد أنفقوا وقتاً ثميناً ليس للتحسب لتبعات زلزال الأزمة المالية التي بدأت أمريكيةً وما لبثت أن عمت القرى والحضر في أركان المعمورة، ولكن في محاولة عبثية لإثبات أن السودان لم يتأثر بالأزمة، ولن يتأثر بها، بل وسمعنا اقتصاديين مرموقين في قمة الإدارة الاقتصادية للبلاد وهم يضعون نظرية جديدة مفادها أن السودان نجا من الأزمة المالية لأن منشأها أمريكي، وبما أن الولايات المتحدة تفرض عقوبات اقتصادية على السودان أدت لانقطاع العلاقات بين البلدين، وبالتالي فإن السودان سيكون خارج نطاق الأزمة، أو بالأحرى تبين لهم أخيراً أن للعقوبات الاقتصادية فوائد لم تكن منظورة. وأكثر من ذلك لم يكتف عرابو الإدارة الاقتصادية في البلاد بنفي تأثر البلاد سلباً بالأزمة، بل طفقوا يروجون لفكرة أن السودان المحصن بالاقتصاد الإسلامي بات مستعداً لتصدير تجربته للعالم المتخبط في أتون الازمة العالمية. وما كان في ذلك بأس ولا مندوحة لو أن الأمور سارت على ما يشتهيه العرابون. ولكن لأن التمنيات لا تصلح في إدارة الاقتصاد ما لبث أن صحت الإدارة الاقتصادية على آثار الأزمة العالمية وهي تطرق بابهم بشدة بفعل انهيار أسعار النفط، ولأن الاعتراف بالتقصير والخطأ فضيلة لا يمارسها أحد من المتنفذين في بلادنا، فقد بدأ المسؤولون عن الإدارة الاقتصادية يتراجعون على استحياء من وهم عدم تأثر السودان بالأزمة العالمية، وبدأوا يتحدثون عن تأثير محدود غير مباشر بسبب الانخفاض الحاد في عائدات النفط، حسناً.. وماذا يملك الاقتصاد السوداني في السنوات العشر الماضية سوى العائدات النفطية التي تشكل ثلاثة أخماس إيرادات موازنة الدولة، وخمس وتسعين بالمائة من الصادرات؟. وبدأنا نسمع عن ضرورة تقليل الاعتماد على النفط بعد أن وقع المحظور، وأهمية تحريك قطاعات الإنتاج الأخرى، ولكن بعد أن نضب زيت العائدات النفطية السهلة. لم يكن عيباً أن تقر الإدارة الاقتصادية بان البلاد لا محالة ستتأثر بالأزمة العالمية لأنها ليست جزيرة معزولة، ولكن آفة الغرور، وإدارة الاقتصاد بعقلية الفهلوة السياسية أدت لأن يضيع على السودان وقت ثمين في اتخاذ السياسات والإجراءات الصائبة لتجنب الكارثة المحدقة، لقد تسبب تباطوء وتأخر المسؤولين عن إدارة القطاع الاقتصادي في التجاوب مع تلك التطورات المعلومة لأن تتعرض المكاسب والإنجازات الاقتصادية التي تحققت على مدى السنوات الماضية إلى الخطر ولأن تتبدد سدى. وليس في ما أوردناه آنفاً تجنياً على أحد، فقد نشر صندوق النقد الدولي على موقعه في شبكة الإنترنت (خطاب حسن نية) من الحكومة السودانية تطلب فيه تعاونه، وأن يضع برنامجها الاقتصادي تحت مراقبته للأشهر الثمانية عشر المقبلة، أي من مطلع الشهر الجاري وحتى نهاية العام القادم، والواقع فإن الخطوة في حد ذاتها ليست جديدة، ولا هي المرة الأولى التي ترسل فيها الحكومة السودانية (خطاب حسن نية) طالبة التعاون مع الصندوق ووضع برامجها الاقتصادية تحت رقابته، إذ أنه أمر معهود منذ أن استعاد السودان عضويته المعلقة في مطلع العقد الحالي، ودخل في تعاون معه في برامج تهدف للمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي، ومعالجة ديون السودان الثقيلة. غير أن الجديد هذه المرة في خطاب (حسن النية) هو اعتراف مسؤولي الإدارة الاقتصادية في البلاد بصورة واضحة ولا لبس فيها بتأثر السودان بالأزمة العالمية مما أدى إلى (تقلص عائدات النفط بشدة، وتقلص الاستثمارات الخارجية المباشرة)، وذهب الخطاب أبعد من ذلك حين طلب إخضاع السياسات والإجراءات الاقتصادية المالية التي تنوي الحكومة اتخاذها لتقليل أثار الأزمة العالمية على السودان لرقابة الصندوق، مع الاستعداد لاتخاذ إجراءات إضافية بالتشاور مع الصندوق إذا تطلب الأمر ذلك. وكما هو متوقع فقد تلقف خبراء صندوق النقد الدولي الطلب الحكومي وطفقوا يوصون بوصفات الصندوق المعروفة بشدة مراراتها، وآثارها الوخيمة المجربة والتي لا تحتاج لأن تساق عليها الأدلة، فقد عرفها السودان من قبل ومضى في التجاوب معها ولم تحقق إصلاحاً اقتصادياً قط، بل كانت سبباً مباشراً لأن يدفع غمار السودانيين ثمناً باهظاً لها على الرغم من الزعم من أن برامج الصندوق تهدف إلى تخفيف الفقر. فقد رسم خبراء الصندوق صورة قاتمة للأوضاع الاقتصادية في البلاد على خلفية تأثير الأزمة العالمية، وتضمن برنامجهم الذي أعدوه بعد زيارتين للسودان في الأشهر الماضية، احتمالات مخيفة لمآلات الوضع الاقتصادي إذا لم يتم تداركه، لكن ما يثير الحيرة أن الإجراءات التي اقترحوها فقيرة إلى درجة كبيرة، فهي تركز على زيادة الجبايات الضريبية، وعلى تعويم سعر الصرف. ولا أدري ماذا سيفعل المسؤولون في القطاع الاقتصادي إزاء هذه التطورات، فالإجراءات الموصوفة من قبل الصندوق تعني تعسفاً في جباية الضرائب في وقت غير ملائم على الإطلاق، فالمؤتمر الوطني يضع كل بيضه في سلة الانتخابات المفترض أن تُجرى في غضون بضعة اشهر، وليس سراً أن من شأن ذلك أن يبدد الاستثمار السياسي الضخم للمؤتمر الوطني ويبعثره بين يدي أزمة اقتصادية لم يتحسب لها أبداً، فقد ظل الحزب الحاكم على الرغم من كل مشكلاته السياسية يباهي بأدائه الاقتصادي، وهو ما يقر له به الكثيرون، غير أن كل تلك الإنجازات الاقتصادية مهددة بفعل تداعيات الأزمة العالمية التي فاقمتها (حالة الإنكار) للتأثر بها.. التي تبناها المسؤولون هنا، ولم تستبين النصح إلا ضحى الغد. ويزيد من آثار الوضع الاقتصادي الخانق إزدياد قبضة سياسات الصندوق التي تفتقر إلى الشعبية تماماً؟ ويبدو أن المؤتمر الوطني الذي تحسب لكل رياح مناوئيه السياسيين، لم يتوقع أبداً أن تهب عليه من تلقاء حراس بوابته الاقتصادية القلعة التي طالما اعتبرها متينة. وتاتي خطوة لجوء الحكومة إلى صندوق النقد الدولي في هذا الوقت العصيب لتعيد طرح تساؤلات مهمة طالما طرحت بشان سلامة إدارة الاقتصاد السوداني سواء من ناحية السياسات، أو الأداء التنفيذي في إدارة القطاع، فقد رأي العديد من الخبراء والمهتمين أن فورة النمو التي ظلت تشهدها البلاد في السنوات العشر الماضية لم تكن دلالة على رشد السياسة الاقتصادية للحكومة، وساعد في ذلك أن المداخيل الضخمة غير المسبوقة في الاقتصاد السوداني التي وفرها النفط، سواء لجهة دعم ميزان التجارة الخارجية ورفده بعائدات عملة صعبة كبيرة خاصة مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، أو في دعم إيرادات الموازنة، أسهمت بصورة واضحة في إغفال المشاكل الهيكيلية الحقيقة التي يعاني منها الاقتصاد السوداني. لقد بح صوت الخبراء والمختصين وهم ينبهون منذ أن أطل فجر عصر النفط على البلاد من مغبة الخضوع لإغرائه، والركون إليه دون اهتمام بقطاعات الإنتاج الحقيقية في بلد يذخر بموارد طبيعية هائلة في الزراعة بشقيها، وكان محتماً أن يصاب الاقتصاد السوداني بالمرض الهولندي المعروف لأن من بيدهم امر إدارة الاقتصاد تجاهلوا تلك النصائح ليس لعدم معرفة بتبعات ذلك، فمن بينهم خبراء اقتصاديون مرموقون، ولكن لأن مشكلة الاقتصاد السوداني في عهد الحكم الحالي لم يكن يدار بأولويات وحسابات اقتصادية، بل غلبت عليها الأجندة السياسية وحسابات الربح السياسي القصير الأمد، واستخدامها في إطالة عمر الحكم، على حساب المعالجات الاقتصادية العلمية طويلة الأثر، وقد رأينا مثالاً لذلك تلك الأموال التي أهدرت فيما عُرف بالنفرة الزراعية التي حققت فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهدافها، لتستبدل لاحقاً بالنهضة الزراعية التي لم يثبت حتى الآن أنها حملت تغييراً حقيقياً يؤدي إلى نهوض فعلي، فالعقليات والآليات والأدوات نفسها التي أفشلت برنامج النفرة الزراعية هي نفسها التي تقف حجر عثرة أمام إنطلاقة ناجحة للنهضة الزراعية، ولا نطلق القول هنا على عواهنه، ويكفي مقارنة ما كان منتظراً تحقيقه وما تحقق بالفعل لنصل إلى هذه النتيجة، وتأتي قمة المفارقة حينما سمعنا في الفترة الماضية بعد أن فاق مسؤولو الإدارة الاقتصادية في الحكم من سكرة أموال النفط السهلة وهم ينعون على أنفسهم عدم الاستفادة من أموال النفط في تحريك قطاعات الإنتاج الحقيقية التي لا تعتمد عليها حياة أغلبية السكان فحسب، بل تشكل طوق النجاة، ومنصة الإنطلاق الحقيقة للاقتصاد السوداني، ومشكلة الحكم الإنقاذي هي آفة الإصرار على فريق محدد من المسؤولين لا ترى لهم بديلاً مهما فشلوا في مهامهم، وحتى النجاح لا يبرر الخلود في كراسي الحكم، فإدخال دماء جديدة لازم لنقل هواء جديد للعقول لتأتي بأفكار جديدة. وليس سراً أن هناك تساؤلات كثيرة تُطرح عن أين ذهبت أموال النفط، فحسب تقارير رسمية فإن عائدات صادرات النفط في السنوات الخمس الماضية بلغت أكثر من اثنين وثلاثين مليار دولار، وإذا اضفنا إليها النفط المستهلك محلياً، وعادة ما يوازي نحو خمس الصادرات، فإن جملة عائدات النفط حققت قرابة الأربعين مليار دولار في السنوات الماضية، والسؤال هل تحققت نهضة ونمو يوازي هذه المبالغ الهائلة، يشير المسؤولون عادة إلى مشروعات التنمية العديدة التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، وتلك حقيقة لا مراء فيها، ولكن الثابت أيضاً أن معظم هذه المشروعات تم تمويلها بقروض خارجية، لقد أعلن بعض المسؤولين في الحكومة أن الإنقاذ لم تورط البلاد في ديون خارجية ولكن ذلك ليس صحيحاً، فأكبر هذه المشروعات وهو سد مروي الذي كلف أكثر من ثلاثة مليارات دولار، جرت استدانة أكثر من خمسة وثمانين في المائة من تمويله من الصين والصناديق العربية، وعلى ذلك قس معظم المشروعات الكبيرة، ولذلك لا غرابة أن ترتفع ديون البلاد الخارجية إلى أكثر من أربعة وثلاثين مليار دولار، صحيح أن جزءاً كبيراً منها ديون سابقة، وخدمة ديون وجزاءات، لكن الصحيح أيضاً أن معدل ارتفاع ديون السودان الخارجية ظل يرتفع في السنوات الماضية بمعدل كبير يبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً، ونحن هنا لا نوجه اتهاماً ولكن نشير فقط إلى إثبات ما أوردناه سابقاً من إدارة الاقتصاد بأولويات سياسية، فترهل الجهاز الإداري للحكومة، مركزياً وولائياً، والإنفاق الضخم على الأجهزة الأمنية والعسكرية في ظل استمرار الحرب الأهلية في دارفور، فضلاً عن الصرف الضخم أيضاً على استحقاقات اتفاقية التسوية في الجنوب، وفي دارفور جزئياً، كلها جعلت من إدارة الاقتصاد السوداني خاضع للطوارئ السياسية. ومن التشوهات العميقة الأثر التي يعاني منها الاقتصاد السوداني تدخل الدولة في تفاصيل الأنشطة الاقتصادية مما جعل القطاع الخاص الحقيقي مسخاً مشوهاً موجوداً رسماً بلا دور فاعل، فعلى الرغم من أن الحكومة أعلنت رسمياً تبني سياسة التحرير الاقتصادي منذ بواكير التسعينيات، إلا أن ما يحدث فعلاً لا يعدو معنى كون أن الحكومة خرجت من الباب لتدخل من الشباك عبر شركات ومؤسسات يسيطر عليها متنفذون متحررون من القيود الحكومية ويتمتعون بامتيازات لا حصر لها، مما جعل القطاع الخاص مكبلاً في منافسة غير عادلة ولا شريفة، وشهدنا شركات شبه حكومية تسيطر على مفاصل العمل الاقتصادي، تعطي فتاتاً لمن ترضى بإدخاله في لعبتها، وهكذا أصبح الاقتصاد الفعلي يدار من خارج المؤسسات الرسمية دون حسيب أو رقيب، وتحولت وزارة المالية والاقتصاد الوطني المنوط بها الولاية على المال العام، والولاية على إدارة الاقتصاد الوطني إلى متفرج، ومجرد إدارة خزانة، فقدت السيطرة على ولاية المال العام، وعلى إدارة العملية الاقتصادية. ما أكثر ما يمكن أن يقال في شأن الأوضاع الاقتصادية المنذرة بخطر عظيم، وحالة الهرج والمرج السياسي التي تسود البلاد لم تترك فرصة لمعتبر في تدبر المآلات الخطيرة للتدهور الاقتصادي، والرجاء أن تكون العودة إلى صندوق النقد الدولي طلباً للإنقاذ كافية لتقرع جرس التنبيه عن هذه الغفلة، ولئن كان دائماً من الممكن أن تفلح الفهلوة في إدارة الصراعات السياسية، ولكن من المؤكد أن إدارة الاقتصاد أمر مختلف تماماً لا تفلح معه حالة الإنكار ولا التصريحات النارية، ولا أنصاف المواقف، ولا التمنيات، الاقتصاد علم بدائل يقوم على حسابات دقيقة، وما يحتاجه السودان أكبر من انتظار وصفة أو عون من صندوق النقد الدولي، المطلوب بصراحة تحول جذري في سياسات وإدارة القطاع الاقتصادي، وإلا وقع المحظور.
الصحافة تعليق ------------
المبلغ المسروق من هذا التحليل يتجاوز مبلغ 34 مليار فلو اضفنا مبلغ الدين الذى تمت استدانته من الدول العربية والصين لمشروع الخزان والذى لم يكلف اكثر من خمسة مليار ولو قلنا شوية الكبارى ونعطيها اثنين مليار ومعها شوارع ضيقة تقتل الانسان ولا تقدم له ما يتمناه يصبح مجموع الميلغ الذى صرف حوالى 7 مليار من اصل الدين البلغ 20 مليار ولو اضقنا منها 15 مليار للميلغ الذى سرق من عائدات البترول والبالغ 34 مليار يصبح المبلغ الذى سرق من الشعب السودانى 54 مليار دولار مع دين يبلغ 34 مليار اخرى .. تيقى هذه اكبر سرقة فى التاريخ
-------------------
وهذه تعليقات قراء الصحيفة على هذا المقال
التعليقات 1/ هاشم علي الجزولي - ( السودان) - 30/7/2009 السؤال المطروح أين ذهبت عائدات النفط أعطيك مثال واحد ويتمثل في أستيراد الاثاث الفاجرأو الفاخر عل علي حساب المصنع محليا هل تعلم أن شركه واحده أستوردت معدات أجلاس طلاب بمبلغ 7مليار جنية ونوعيتها ليست جيدة بل باالعكس الطلاب والطالبات يشكو من أنها ليست مريحة تخيل لو صنعت محليا كم عدد الاسر التي سو ف تستفيد خاصة شرائح الحرف الصناعية وأنظر ألي غرف النوم وغرف الجلوس الفاخرة في المعارض شيء أخر هناك ظاهرة الاحتكار تدفع المليارات لتجفيف السوق من سلعه معينه بواسطه جهات أو شركات وتخزن لفترة ثم تطرح ثانية بعد أن يرتفع السعر وكمثال الاسمنـــت الان أنظروا وراقبوا من المشتري ؟ أما عن دعم السلع أو المعدات التي لها علاقة بوسائل الانتاج أنظر لحال المصانع وحال أصحاب الورش في المنطقة الصناعية الحال ينذر بكارثة أصبحت الثروه في أيدي قلة ولاهم لها الا جمع المزيد والعطاله في زيادة وتفشت ظاهره المخدرات كما حذر منها وزير الداخليه وهذة مرحلة متأخرة لحاله الاحباط التي لازمت الشباب والذي مستقبلة في مهب الريح هذا مردود الوضع الاقتصادي
-------------------------------------------------------------------------------- 2/ الفرطوق - (السودان ) - 30/7/2009 شكرا خالد التجانى على المقال الرائع 34 مليار ضاعت سدى والبلد حالها كشوف مديونة مثل المبلغ الذى ضاع واضعنا فرصة تاسيس بنية تحتية تساعد على نمو البلد ووبل انتهت كل المشاريع الاقتصادية وتحطمت وانهارت منذ مجىء الانقاذ وحتى اليوم وهذا الانجاز والاعجاز بفضل الكذب والخداع والسرقة والفساد الذى يزكم الانوف وهو فساد محمى بقوة السلطة لا غير اين ضاعت مليارات الاحتياطى فى ظرف وجيز كما قال تقرير الصندوق الاسلوب معروف جربناه مع الاخوان قبل كل انتخابات فى اجامعات يسرقون المال ويخفونه قبل بدء الانتخابات ويعيدونه اذا فازوا واذا فاز غيرهم لن يستطيع فعل شىء بل عليه دفع الديون اسلوب محوظ منذ حياة الطلاب والاتحادات التى فاز فيها الاخوان ..
-------------------------------------------------------------------------------- 3/ somer Basheer - (uae) - 30/7/2009 والله يا دكتور هؤلاء القوم قد أمهلهم الله كثيرا - لقد ظغوا وأفسدوا في الأرض أيما إفساد وظغوا إيما ظغيان. لقد بددوا موارد البلد وأخشى إن يؤاخذنا الله بذنوبهم - لقد عاثوا في الأرض الفساد. حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم. أنظر لصورهم في التلفزيون كيف إنها بائسة وكالحة بالرغم من النعم التي يرفلون فيها -إنه أكل السحت وأكل الحرام لقد عميت أبصارهم حتى صاروا كالذي يتخبطه الشيطان من المس ومن كثرت تشبثهم بالدنيا راحوا هذه اليام يصبغوا في شعر رؤوسهم ولحاهم. ولكن ما عليك فلوسنا موجودة في إثاث فاخر في المكاتب وعربات الدفع الرباعي والفلل في دبي وماليزيا وآخر صيحاتهم يرسلوا عوائلهم لتستأجر شاليهات لقضاء عطلة الصيف في دبي وماليزيا - وآلوا أيه أنه البنت لبنى مش لابسة كويس.
-------------------------------------------------------------------------------- 4/ دنكس - (السودان -نيالا) - 30/7/2009 ادارة الاقتصاد في عهد الانقاذ كانت دائما وفقا لوصفات صندوق النقد الدولي القاسية بدليل تأثيرها الواضح علي المجتمع والذي لاتخطئه العين رغم انها لم تقدم من قبل الصندوق ولكن مع سياسات الخصخصة للمشاريع العامة والخدمات الضرورية تدخل الحكومة كمثتسمر عبر مؤسساتها العامة حيث لكل مؤسسة وحدة استثمار فمثلا الجيش صاحب الميزانيات المفتوحة يستثمر في عدة مجالات فنادق+نقل (شاحانات)+سلع------الخ وهذا علي سبيل المثال فقط كل المؤسسات العامة لديها استثمارات وللاسف معظمها لايدخل الخزانة العامة للدولة بالرغم من التشوهات التي احدثتها في الاقتصاد القومي.فالقرار السليم تصفية هذه الاستثمارات علي الاقل سيجعل هذه الؤسسات تنصرف لاداء مهامها التي من اجلها توافق المجتمع لانشائها
-------------------------------------------------------------------------------- 5/ عوض عبدالله الزين - (السودان) - 30/7/2009 نغضب عندما يوصف الكيزان بانهم تجار الدين ,وان بنوكهم بنوك العيش (اي تضارب في الذرة والفحم).بل ندافع عنهم ونتمني ان يحكموا السودان عبر صندوق الانتخاب ويقيموا دولة العدل والحكم الراشد .لكنهم للاسف اغتصبوا السلطة بليل .واقاموا فينا حكما مستبدا وظالما ,الغوا مجانية التعليم والصحة ,فصلوا الاف الكفاءات تعسفيا(لصالح العام) و استبدلوهم باخرين عديمي خبرة و كفاءة فانهارت الخدمة المدنية ,وبعد فشلهم في ادارة مؤسسات الدولة قاموا بخصخصة القطاع العام بل حولوه لشركات خاصة تتبع لهم, تسيطر علي كل مفاصل الاقتصاد.كان الجواز السوداني رمزا للطيبة والسلام في جميع انحاء العالم,في عهدهم اصبح ينظر الينا بشك وريبة ,لما لا والخرطوم فعهدهم صارت دارا لكل معارضا لوطنه و قصة كارلوس و بن لادن معروفه.عملوا علي احيا النعرات القبلية فتفشت العنصرية بشكل مقرف.اضاعوامثلث حلايب بهوسهم وسوء تفكيرهم,في عهدهم انتقصت سيادتنا بجحافل القوات الدولية التي انتهكت عذرية مدننا.اخيرا اقتتلوا فيما بينهم من اجل السلطة والثروة النفط فكانت الضحية دارفور,و يعملون الان علي تقسيم السودان حتي يضمنوا استمرارهم في الحكم.اضاعوا السودان عندما حكموه بعقلية اتحادات الطلاب ,لا بعقلية الكبار حكمة و رحمة . حقا انهم تجار الدين
-------------------------------------------------------------------------------- 6/ ابو اسامة - ( السعودية .... الخبر) - 30/7/2009 الدكتور خالد لك الود .. مقال مخيف والله وزاد الهم على الهم العلينا . وكلما قلنا الوضع إنصلح تانى نرجع خطوات وخطوات . والجماعة يادكتور اقتصادهم الفهلوة والتصريحات الغير مسؤلة ودى مصيبة كبيرة جدا جدا نسال الله السلامة .
-------------------------------------------------------------------------------- 7/ البخاري هجو - (السودان) - 31/7/2009 هذا اقتصاد متوقع في اي نظام غير منتخب وغير مراقب ومحاسب غض النظر عن اي صفة يطلقها علي نفسه
-------------------------------------------------------------------------------- 8/ م-عبدالقيوم - (السودان) - 31/7/2009 د .حالد اذا غاب اب شنب لعب ابوذنب كل هذا متوقع لعدم الرقابه وعدم الحساب والعقاب واين الامانه واين العهد واين الوعد واين الصدق الست هذه من صفات ---------المنافقون اين هؤلاء من الاسلام واين الاسلام منهم ناسال الله الطف في القضاء ونصر الفقراء الغرباء
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
القاهرة الاول من اب (بترا) -ناشد الاتحاد العام للصحفيين العرب اليوم السبت الرئيس السوداني الفريق عمر حسني البشير الغاء محاكمة الصحفية السودانية لبنى احمد حسين المعروضة للمحاكمة بسبب ارتدئها البنطال حيث اعتبر من قبل المحاكمين ( فعلا فاضحا).
وقال الاتحاد في بيان بهذا الصدد ان القاء القبض على الصحفية ومحاكمتها بسبب انها كانت ترتدي بنطالا هي اجراءات بالغة القسوة معتبرا المحاكمة التي ستجري للصحفية والتي تكون عقوبتها40 جلدة وغرامة مالية بأنها محاكمة عير عادلة وتسيىء الى سمعة السودان وسماحته خاصة وان الصحفية السودانية معروفة بمواقفها الوطنية.
وشدد الاتحاد في بيانه على رفضه القاطع لتطبيق عقوبة الجلد على النساء في تهم قال انها تفتقر الى الشرعية القانونية اوالدينية. ---------------------------------- تعليق
رغم اننا فى السودان نملك اتحادا للصحفيين معبن من قبل الحكومة او ينحاز للحكومة ويقف مسافة بينه واعضاء مهنة الصحافة فى السودان ...الا انه لم يقف مع صحفيةمطلومة يقف معها اليوم كل الصحفيين فى السودان والدول العربية مستنكرين ما يجرى لزميلة لهم .. اتحاد صحفيى الحكومة فى السودان اراد التوسط ليحفظ ماء وجه الحكومة فى المقام الاول واتحادهم الكسيح فى المقام الثانى لكن لبنى كانت اشجع منهم رفضت الوساطة مثلما رفضت الحصانة لتكشفهم امام الراى العام المحلى والعالمى وكل الصحفيين الشرفاء داخل وخارج الوطن ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الاقتصاد السوداني في عيادة صندوق النقد الدولي تشخيص.. وروشتة 1-3 ترجمة: سيف الدين عبد الحميد
تنشر (الصحافة) فيما يلي نص تقرير فريق هيئة موظفي صندوق النقد الدولي بخصوص السودان وهو التقرير الذي أعدته إدارة الشرق الاوسط وآسيا (بالتشاور مع الادارات الأخرى)، وأجازه جوان كارلوس دي نانا ودومينيك ديسرويل، والتقرير وإن كان لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مجلس الادارة التنفيذي لصندوق النقد الدولي أو حكومة السودان، إلا أنه يحمل وجهة نظر مبنية على معلومات وقراءة تحليلية للواقع الاقتصادي. و(الصحافة) إذ تنشره تفتح الباب لمزيد من الحوار حول صد الأزمة الاقتصادية، والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وحماية احتياطات النقد الأجنبي وإعادة تكوينه.
التطورات الرئيسة ضربت الأزمة العالمية السودان بشدة من خلال انهيارٍ حاد في عائدات النفط، فهناك مخاطر من الإنجازات الكبيرة للأعوام السابقة يمكن أن تعرَّض للخطر فيما يتعلق بالحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والنمو القوي، فلقد انهارت احتياطات النقد الأجنبي بشكلٍ حاد إلى أقل من أسبوعين من الواردات. توصيات هيئة الموظفين *المناقشات حول برنامج جديد مراقب من قبل هيئة الموظفين مركزاً على صدِّ الأزمة. وتكون أهداف برنامج ال18 شهراً الجديد المراقب من قبل هيئة الموظفين (يوليو 2009 ــ ديسمبر 2010م) هي: (i) الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي و(ii) حماية احتياطات النقد الأجنبي وإعادة تكوينها، فحصول السودان المحدود على التمويل الأجنبي يعني أن عملية ضبط الواردات وأوجه الإنفاق أمرٌ محتوم. *المرونة في سعر الصرف ضرورية لضبط التسويات الخارجية. فمن المرجح أن يكون التأثير الشفاف لسعر الصرف على مستوى الأسعار محدوداً وذلك على ضوء التردي في أسعار الغذاء العالمية وعلى ضوء السياسات النقدية والمالية المشددة. وفوق ذلك فإن شروط الصدمة التجارية المصاحبة لأسعار النفط المنخفضة قد خفضت من سعر صرف الموازنة بحيث اقتضت مرونة أكثر، ويجب أن تزال بنهاية العام قيود الصرف التي أدخلت في الآونة الأخيرة. *يجب التشديد بدرجة كبيرة على السياسة المالية، فالانهيار الحاد في الفواتير النفطية يعكس الحاجة لفعل الكثير لتعزيز العائدات الضريبية. فهناك حاجة ملحة للشروع في عمل مراجعة شاملة لنظام السياسة الضريبية والتحرك بسرعة نحو الآتي (i) تخفيض حجم الإعفاءات في ضريبة القيمة المضافة (ii) إصلاح ضريبة الدخل الشخصي (iii) بلورة قضايا السلطة الضريبية مع الحكومات الولائية. ويجب زيادة الصرف الأساسي إذا ما تحقق تمويل أجنبي إضافي أو إذا فاقت العائدات المستويات البرنامجية. *يجب مراقبة مستوى الاقتراض واجب السداد مراقبة دقيقة، ويجب أن يكون في حدود 700 مليون دولار أمريكي في عام 2009م. *ستنخفض الدفعات لصندوق النقد الدولي انخفاضاً حاداً في 2009م على ضوء موقف السودان الصعب في عملية التبادل الأجنبي، ويجب أن تزيد تسديدات الديون في 2010م إذا تحسن موقف الاحتياطات. المخاطر إزدادت المخاطر بالنسبة لاستقرار الاقتصاد الكلي ازدياداً كبيراً. فيجب على السلطات بالنظر للشكوك المرتبطة بالأزمة أن تستجيب بسرعة للظروف المتغيرة لتتفادى إجراء تسويةٍ مخلَّة في ميزان المدفوعات. 1. مقدمة 1. بات السودان يحافظ على تعاونٍ لصيق مع الصندوق لما يربو على عقدٍ من الزمان: ويدل على ذلك الأداء الجيد بصورة عامة تحت البرامج المتتالية المراقبة بواسطة هيئة الموظفين والتسديدات للصندوق التي تجاوزت الالتزامات واجبة السداد. فقد ردَّ السودان للصندوق 50 مليون دولار أمريكي في عامي 2007م و2008م في الوقت الذي بلغت فيه الالتزامات واجبة السداد 26 مليون دولار أمريكي عام 2007م و18 مليون دولار عام 2008م. 2. حدثت المفاوضات حول برنامجٍ جديد مراقب من قبل هيئة الموظفين على خلفية الكساد العالمي الذي أثر تأثيراً بالغاً على السودان وساهم في انخفاض كبير في احتياطات النقد الأجنبي: فالأزمة العالمية ضربت السودان ضرباً مبرِّحاً وذلك عبر انهيارٍ حاد في شروط تبادله التجاري، فالنفط قدم 60 في المائة من العائدات الحكومية و95 في المائة من الصادرات في عام 2008م، وهو يقدم حوالى 98 في المائة من عائدات جنوب السودان. فاحتياطات النقد الأجنبي انخفضت انخفاضاً حاداً في الوقت الذي قلبت فيه المماطلاتُ السياسية المكاسبَ التي تحققت في عام 2007ــ 2008م رأساً على عقب في بيئةٍ متغيرة تغييراً سريعاً. إن استجابة السلطات المستأنية للانهيار في أسعار النفط ــ خاصة التماطل في تبني سياسة معدل تبادل مرنة والتشدد غير الكافي في السياسة المالية ــ ساهمت في تردي وضع الاقتصاد الكلي والخسارة الجسيمة في احتياطات النقد الأجنبي. 3. المباحثات السياسية التي تركز على إيقاف الأزمة: إن أهداف برنامج ال18 شهراً الجديد المراقب من قبل هيئة الموظفين (يوليو 2009 ــ ديسمبر 2010م) هي: (i) الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي مما يعد شرطاً مسبقاً لحماية شرائح السكان الأكثر ضعفاً و(ii) حماية احتياطات النقد الأجنبي وإعادة تكوينها تفادياً لتسوية خارجية حادة ومكلفة. إن حصول السودان المحدود على التمويل الأجنبي يعني على أية حال أن ضبط الأداء الكبير في الواردات وأوجه الإنفاق أمرٌ محتوم. II. التطورات الاقتصادية الأخيرة 4. ظلت مؤشرات السودان الاقتصادية برغم ضعف ربع السنة الأخير قوية خلال عام 2008م في الوقت الذي عكست فيه اتجاهات التضخم التطورات الحادثة في أسعار الغذاء العالمية: ويقدر النمو الحقيقي في إجمال الناتج المحلي بحوالى 7 في المائة في 2008م مع نموٍّ غير نفطي بنسبة 8.5 في المائة مقارناً بـ10 في المائة ناتجَ إجمالٍ محلي في 2007م مع نموٍّ غير نفطي بـ7.5 في المائة لذات العام. فالنمو غير النفطي الزائد الذي يحركه قطاع الخدمات قد أعاض عن إنتاج النفط المنخفض. لقد انخفض تضخم الاثني عشر شهراً إلى 8 في المائة بنهاية عام 2008م بعد أن بلغ ذروته لدى 25 في المائة في أغسطس مسايراً للحراك الحادث في أسعار الغذاء العالمية. 5. الأداء المالي في الثلاثة أرباع الأولى من عام 2008م كان أداءً مُرْضِياً ولكنه تضمن نقاط ضعف: فعائدات النفط القوية (التي حفزتها الطفرة في أسعار النفط في الثمانية أشهر الأولى من العام) والضبط المشدد على معظم الإنفاق ذي الطابع التقديري أبقى على العجز الشامل داخل حدود البرنامج، وكان هذا رغماً عن نقص واحد في المائة من إجمال الناتج المحلي في العائدات غير النفطية ذات الصلة بالبرنامج بسبب الأرباح المنخفضة التي تسيطر عليها الحكومة وكذلك بسبب الإقرار الصعب لنظامٍ ضريبيٍّ يعكس إعفاءاتٍ واسعة النطاق. ومن ناحية الإنفاق كانت التحويلات المرتبطة بالنفط أعلى مما يتصور، فهي متماشية مع زيادة أسعار النفط والحصة المرتفعة في إنتاج النفط لمزيج [دار] الموجود في الجنوب. وفوق ذلك فقد كانت فاتورة دعم الوقود البالغة 0.7 في المائة من إجمال الناتج المحلي أعلى مما هو مبرمج بحيث عكست بصورة أولية الفجوة المتسعة بين الأسعار العالمية وسعر تسليم المصفاة بنهاية 2008م. إن الحيز المالي الذي أحدثته عائدات النفط العالية والتقليل من الإنفاق ذي الطابع التقديري قد استغل لتخفيض المتأخرات المحلية ولسد النقص في حساب استقرار العائد النفطي بأكثر من أهداف البرنامج. 6. حمّل الانخفاض الحاد في أسعار النفط في الربع الرابع من العام ضغطاً كبيراً على المال العام مفضياً إلى بعض التراكم في المتأخرات: إن التدني في العائدات النفطية مصحوباً بالضعف المستمر في الأموال غير النفطية والتشديدات التمويلية اقتضت انخفاضاً حاداً في الغطاء الإجمالي للموارد الحكومية. لقد وضعت أدوات ضبط الإنفاق المطلوبة نظام ضبط الالتزام الذي أدخل في مطلع العام قيد الاختبار مع تجاوز وحدات الميزانية لأسقف الإنفاق الصارمة التي تم فرضها. وفي بعض الحالات استخدمت وحدات الميزانية مخصصات سلعها وخدماتها لدفع نفقات الالتزامات غير ذات الأولوية تاركة المتأخرات تتراكم في المنصرفات المتكررة والمهمة مثل فواتير المرافق العامة. ونتيجة لذلك ظهرت متأخرات جديدة في الربع الأخير من 2008م تقدر بـ0.4 في المائة من إجمال الناتج المحلي بحيث رفعت جملة المتأخرات إلى 1.7 بليون جنيه سوداني (1.5 في المائة من إجمال الناتج المحلي) بنهاية 2008م مقارنة بـ2.6 بليون جنيه سوداني (2.8 في المائة من إجمال الناتج المحلي) بنهاية 2007م. 7. شرعت السلطات سلفاً في تنفيذ أداء الضبط الذي اقتضاه انهيار سعر النفط وقيود التمويل الملزمة: وتشير معلومات مالية أولية في مارس 2009م إلى أن تنفيذ الإنفاق كان حوالى 60 في المائة من ميزانية 2009م للربع الأول من العام تماشياً مع أسقف الإنفاق الصارمة وأولوية الصرف. ومن ناحية العائد فقد كانت عائدات النفط نصف التقديرات ربع السنوية للميزانية ولكن العائدات غير النفطية كانت أكثر قوة (برغم البطء في النمو الاقتصادي) مع ناتجها الذي بلغ ما ينيف عن 90 في المائة من المستويات المدرجة في الميزانية. ويعكس هذا بشكلٍ ملحوظ جهداً في تحصيل عائدات أكبر بواسطة إدارة الضرائب والجمارك كما يعكس أثر انخفاض قيمة سعر الصرف على ضرائب الوارد. 8. دفعت قيود تبادل العملات الأجنبية سلطات الصندوق لأن تطلب من كبار دائني السودان إعادة جدولة خدمات الديون الخارجية واجبة السداد في 2009م: وعبَّر بعض الدائنين عن رغبة متحفظة في إعادة جدولة التزامات السودان لمدة عام أو عامين في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات مع دائنين أخر. وفي بعض الحالات أفضى عدم دفع خدمات الديون إلى المماطلات في الدفعات المُجَدْوَلة. 9. تعافى النمو النقدي إلى حدٍّ ما عقب البطء الحاد في 2007م بما عكس جزئياً الانخفاض في المتأخرات الحكومية: فقد نما حجم النقد الكلي بنسبة 16 في المائة واحتياط النقد بنسبة 22 في المائة في 2008م. أما النمو في رصيد القطاع الخاص فقد ظل منخفضاً بشكلٍ أكبر طالما أن الأموال التي تتاح من خلال تصفية المتأخرات الحكومية خفضت من طلب الأعمال التجارية للائتمان. هذا وتعكس معلومات الثلاثة أشهر الأولى من 2009م استمرار هذه الاتجاهات، فبنهاية مارس انعكس نمو 12 شهراً من النقد الكلي بنسبة 17 في المائة نسبةً للانخفاض الحاد في صافي الأصول الأجنبية، في الوقت الذي انعكس فيه نمو ائتمان القطاع الخاص بنسبة 13 في المائة تماشياً مع انتهاء الخطوط الائتمانية من قبل البنوك الأجنبية. 10. الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية في الربع الأخير من 2008م عكس اتجاه الزيادة في احتياطات النقد الأجنبي التي تحققت في بداية العام: إن أسعار النفط العالمية العالية في التسعة أشهر الأولى من عام 2008م رفعت العائدات الحكومية وقادت إلى زيادة في صافي الاحتياطات العالمية من 1.1 بليون دولار أمريكي بنهاية 2007م (1.2 أشهر من تغطية الوارد) إلى حوالى 2.0 بليون دولار أمريكي في مايو ــ أغسطس ــ متزامنة مع ذروة أسعار النفط العالمية. وعلى أية حال فإن الضبط غير الكافي للانخفاض الحاد في أسعار النفط (مصحوباً بالتدخل الثقيل للبنك المركزي) ساهم لاحقاً في إلغاء هذه المكاسب مع هبوط صافي الاحتياطات العالمية إلى ما تحت 1.0 بليون دولار أمريكي (1.2 شهراً من الواردات) بنهاية العام وإلى حوالى 300 مليون دولار أمريكي (أقل من أسبوعين من الواردات) بنهاية مارس 2009م. وقد فرضت سلطات الصندوق قيوداً على التبادل في بداية 2009م لكبح طلب الواردات. 11. عكس سعر الصرف مرونة أكبر في الأشهر القليلة الماضية: ففي نهاية 2008م لم يخفض البنك المركزي إجمال عرضه من تبادل العملات الأجنبية إلى السوق رغم مكاسب تبادل العملات الأجنبية المنخفضة انخفاضاً ملموساً، واضعاً بذلك حداً للضبط الهادف في سعر الصرف (انخفاض قيمة بنسبة 4 في المائة في مقابل الدولار الأمريكي من نهاية أغسطس إلى نهاية ديسمبر 2008م). وتضاءل لاحقاً دعم البنك المركزي لسوق العملات الأجنبية مساهماً بذلك في انخفاض سريع لقيمة سعر الصرف (8 في المائة في مقابل الدولار الأمريكي من يناير إلى أبريل 2009م). وتشير المعلومات الأولية لنهاية أبريل إلى أن الفاقد في احتياطات النقد الأجنبي قد توقف. 12. تكشف مؤشرات القطاع المالي ضعفاً مستمراً بيد أن بعض علامات التحسن في حالة ظهور: لقد انخفضت القروض الكلية متخلفة الدفع إلى 22 في المائة بنهاية 2008م مقارنة بـ26 في المائة بنهاية 2007م ويعزى ذلك جزئياً إلى الانخفاض في المتأخرات الحكومية المحلية المتراكمة في 2007م. ويعزى كثيرٌ من مشاكل القروض متخلفة الدفع إلى بنك أم درمان الوطني المملوك للدولة وهو المسؤول عن أكثر من نصف القروض متخلفة الدفع و28 في المائة من التسليف المصرفي. إن الاحتياطات القروضية للقروض متخلفة الدفع والتي ظلت باقية لدى حوالى 15 في المائة في 2008م قد زادت إلى 20 في المائة بنهاية مارس 2009م عقب المبادرات الأخيرة الهادفة إلى تعزيز الضوابط المتعقلة حول تزويد القروض. وعلى أية حال فإن نسبة الكفاية المالية قد تدهورت من 22 في المائة بنهاية 2007م إلى 11 في المائة بنهاية 2008م ويعزى ذلك الانهيار بدرجة كبيرة إلى بنك أم درمان الوطني (وُضع مستوى الحد الأدنى المطلوب في نسبة 12 في المائة من الأصول المعرضة للخطر). نواصل
الأحد 2 أغسطس 2009م، 11 شعبان 1430هـ خبراء : لابد من معالجة لسياسة التحرير.. تراجع النقد الأجنبى ... ضعف الاستثمارات وعدم التخطيط السليم .. الخرطوم: رجاء كامل كشف تقريرصادر من صندوق النقد الدولى عن هبوط حاد في احتياطيات النقد الاجنبي في السودان من( 2) مليار دولارفي منتصف العام الماضي الى 300 مليون دولار في مارس من العام الجارى ، واوضح التقرير ان هذا المبلغ لا يغطي سوى وارادات البلاد لمدة اسبوعين، وعزا الصندوق هذاالانخفاض الحاد في الاحتياطي الى انخفاض اسعارالنفط وهوسلعة الصادرالرئيسية الى جانب التدخل القوي من الحكومة للمحافظة على النقد الاجنبي، وذكر التقريران على السودان بذل الجهود لتقوية النظام المصرفي الذي اثقلته الديون الهالكة، وحذرالصندوق من ضعف الارادة السياسة اللازمة لتنفيذ هذه التوصيات. ودعا الصندوق الحكومة بازالة كافة القيود على تبادل النقد مشيراً الى ان انخفاض سعرالجنيه السوداني مقابل الدولارقد يزيد في اسعارالوارادات وهذا يؤثرعلى تكلفة المعيشة ومعدلات التضخم. وقال الصندوق ان على الحكومة خفض الانفاق الحكومي وان يقلل تدريجيا من تدخلاته في سوق النقد الاجنبي وهذا مايؤدي الى تدهورالعملة مقارنة بالدولار من 4% في الربع الاخيرمن العام 2008 الى 8% في الربع الاول من هذا العام. من جانبه اكد المراجع العام السابق لحكومة السودان محمد على محسى فى حديثه للصحافة ان هنالك ازمة حادة فى النقد الاجنبى فى بنك السودان مما ينعكس هذا على عمليات النقد الاجنبى كلها من استيراد وتداول وغيرها من المسائل المتعلقة بهذا الجانب، مؤكد ان هذا الانخفاض سيؤدى الى وقف الاستيراد والذى بدوره يؤدى الى شح فى السلع فى الاسواق ذلك من جراء وقف الاستيراد اضافة الى ان السلع الموجودة فى الاسواق سترتفع اسعارها وتضاعف عشرات المرات طالما ان الاستيراد توقف وبالتالى الذى لديه سلعه سيربح منها اضعافاً مضاعفه و يضيف محسى ان الاستثمار سيتأثر ذلك من خلال احجام المستثمرين وتخوفهم لان المستثمر يأتى الى البلاد لكى يربح ويرسل ارباحه الى الخارج وطالما هنالك شح فى النقد الاجنبى لايقدر ان يحول هذه الارباح مما يؤدى الى احجامه عن الاستثمار ، ولتلافى هذه الآثار هنالك تدابير لابد ان يراعى لها ويرى محسى ان التخطيط السليم هو احد التدابير المهمه التى يمكن ان نواجه بها هذه المعضلة ذلك عن طريق معرفة الدخول والمنصرفات والفوائد ويكون من خلال جداول وحسابات لكن للاسف لايوجد تخطيط الامر الذى ادى الى كل هذا الانهيار «والمسائل ماشه بالمباصرة» وقال على البلاد الاهتمام بزيادة الموارد وإحداث معالجات في سياسات الاستيراد، موضحا أن صندوق النقد لم يقدم شيئاً ملموساً للبلاد طوال الفترة الماضية. وحول موقف احتياطى البلاد من النقد الاجنبى فى تراجع اسعار النفط عالميا اوضح بدرالدين محمود نائب محافظ بنك السودان المركزى ان الازمة المالية اثرت على تراجع اسعار النفط ولكن حتى الآن لدينا احتياطى مقدر من الموارد يكفى للمحافظة على استقرار سعر الصرف وتغطية الاحتياجات الاساسية والضرورية ونقوم بمتابعة ومراقبة الوضع لضخ المزيد اذ لزم الامر، مشددا على سعيهم لدعم وتشجيع الصادرات غير البترولية من خلال دعم برامج ومشاريع النهضة الزراعية باعتبارها المخرج الاساسى لدعم موارد البلاد لتتمكن من المنافسة فى الاسواق العالمية، ودعا الى وضع سياسات حكيمة لمعالجة الاشكالات التى تواجه الاقتصاد كافة من معالجة سياسات الوارد وتشجيع الصادر واعطاء الاولويات لزيادة الموارد بالتركيز على الزراعة بجانب التركيز على استيراد مدخلات الانتاج بدل استيراد السلعة التى تنتج داخلياً داعياً الى عدم التعويل على الصندوق والسعي الى تطوير الموارد. ودعا الدكتورسيد على زكي وزيرالمالية الاسبق فى تصريحات الى احداث توازن او معالجة لسياسات التحرير وعدم الضغط على المواطن بجانب ضرورة وضع سياسات عاجلة للمحافظة على العملات الاجنبية وعدم تشريدها الى الخارج، وضرورة وضع سياسات مرنة لجذب المستثمرين،وقال اليسع محمد عبدالله خبير مالى الخيار ليس فى وجود نقد اجنبى معتبرا انها مسألة رمزية وان التحدي الماثل الآن هو ايجاد نظام نقدي ومالي قوى مستقر مما يؤدي لتعظيم حركة الاموال في الاقتصاد وبالتالي يحرك القطاعات الانتاجية بجانب ايجاد آلية تضمن التخصيص الأمثل للموارد في الاقتصاد الوطني والعمل على ضمان الاستقرار النقدي حتى يكون للعملة الوطنية قوتها وقيمتها الحقيقية وزيادة ثقة الجمهور بها ويمكن ذلك عن طريق العديد من السياسات التي تؤدي في نهاية الامر الى زيادة احتياطات البلاد من العملات الحرة وبالتالي زيادة قوة العملة الوطنية ، مشيراً الى أن السياسات المتواصلة لتخفيض العملة المحلية منذ 1978م وحتى نهاية التسعينات كانت وبالاً على السودان فقد دمرت القطاعات الانتاجية (الزراعية والصناعية) وفاقمت التضخم وقلصت الصادرات وانتجت المزيد من الانهيار في العملة الوطنية. ومن جانبها قالت الدكتورة نجاة يحي المحاضر بجامعة شرق النيل إنه نسبة لارتباط السودان واعتماده على البترول في دفع ميزان مدفوعاته ولأن البترول انخفضت اسعاره بصورة كبيرة الأمر الذي اثر على حجم كتلة النقد الأجنبي الداخلة لخزينة الدولة وقالت إننا في السودان لنا مشاكل ارتفاع الاستهلاك مقابل الانتاج ونحن لا نعتمد على المنتجات غير البترولية التي انخفضت بصورة مريعة في الآونة الأخيرة واضافت إن زيادة الإنفاق الحكومي له أثر كبير كما ان للضوابط الأخيرة التي اصدرها البنك المركزي للحسابات الحرة بالمصارف السودانية لها اثر على قلة النقد الأجنبي بالجهاز المصرفي مما أدى لظهور سوق سوداء للعملات الحرة . اما البروفسور عصام بوب قال بالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة فإن السلطات النقدية في الولايات المتحدة بدأت في فرض سيطرة محكمة على الكتلة النقدية التي تعد أحد الحلول التي يراها الاقتصاديون بصورة منطقية.وقال إن ميزان المدفوعات بالنسبة لحسابات رأس المال في السودان يميل بأثر سلبي وأن السودان يحتاج إلى دفع كميات أكبر من احتياطه للنقد الأجنبي مقابل مدفوعاته ومستوردات البلاد المختلفة وهذا مؤشر لضعف الوارد من الدولار إلى خزائن الدولة إذ إن الوارد للبلاد من النقد الأجنبي في حالة تدهور مستمر وقال بوب ان مبيعات النفط السوداني يتم سداد اثمانها بالدولار ويتم تحويل تلك العملة مرة أخرى لليورووهذا الأمر اقتصاديا له اثر سالب على مؤشرات النقد الأجنبي بالسودان إذ إنه يميل في صالح الطلب عليه مما يؤدي لارتفاع سعره تلقائيا. وكان خطاب الحكومة الى صندوق النقد الدولي قد اقربتأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السوداني بتقلص إيرادات البترول والاستثمارالأجنبي المباشربينما نصت مذكرة السياسات الاقتصادية المرفقة مع الخطاب على الإجراءات التي ترغب الحكومة في تبنيها لتقليل تأثيرالأزمة المالية على اقتصاد السوداني لمدة (18) شهراً للفترة من يوليو 2009م وحتى ديسمبر 2010م بالتركيز على تعزيزالنمو الاقتصادي والمحافظة على استقرارالاقتصاد الكلي وتراكم احتياطيات النقد الأجنبي. الصحافة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الخميس 2 يوليو 2009م، 10 رجب 1430هـ العدد 5784 خريطة طريق للانتخابات والاستفتاء
الطيب زين العابدين 05052008055111User44.gif http://www.alsahafa.sd/admin_visitors.aspx أهم حدثين سياسيين يحددان مستقبل السودان في المدى القريب والمتوسط هما الانتخابات العامة في أبريل من العام القادم والاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان في يوليو 2011م، وتكاد تكون كل الاختلافات والتوترات التي تحتدم في الساحة السياسية اليوم تدور حول التأثير على هذين الحدثين الهامين بالنسبة لمستقبل البلاد. كل القوى السياسية تريد أن تجير هذين الحدثين بصورة أو أخرى لأهدافها السياسية ومصلحتها الحزبية، وهذه نظرة ضيقة ستؤدي بالضرورة إلى استمرار التوترات والنزاعات إلى ما بعد إجراء هذين الحدثين لعدة سنوات قادمة وربما لعدة عقود. وكيفما تعقد الانتخابات ويجرى الاستفتاء يكون مستقبل السودان إلى الاستقرار والتوحد أو إلى الاضطراب والتفكك. إن أسوأ السيناريوهات التي تهددنا هي أن تقوم انتخابات مختلف عليها من القوى السياسية وناقصة لا تشمل كل السودان ومقاطعة من قبل بعض القوى السياسية. هذه انتخابات من الأفضل أن لا تقوم أصلاً لأن نتائجها خطيرة على السلام والاستقرار ووحدة البلاد. وأسوأ السيناريوهات بالنسبة للاستفتاء أن لا يقوم في موعده الذي حدد له في اتفاقية السلام الشامل دون تراضٍ على ذلك بين الشريكين أو أن تفرضه الإدارة الحالية في الجنوب دون انتظار حكومة منتخبة أو أن يعلن برلمان الجنوب الانفصال عن الشمال دون اللجوء إلى استفتاء شعبي. كل هذه السيناريوهات متوقعة بل إن بعضها قد صرح به بعض قيادات الحركة الشعبية ونواب البرلمان في الجنوب، وأي معالجة لقضية تقرير المصير في الجنوب دون اتفاق وطني ستكون لها تداعيات خطيرة من بينها الحرب على الحدود وفي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ويتحمل المؤتمر الوطني تداعيات تلك السيناريوهات بصفته الحزب الحاكم لعشرين سنة، وكل الأوضاع السياسية التي نعيشها الآن هي نتيجة سياساته التي اتخذها منفرداً طيلة تلك السنوات الماضية. وليس هناك من بديل لتفادي تلك السيناريوهات السيئة سوى الوصول إلى حلول وسطى حول المسائل العالقة بالنسبة إلى إجراء الانتخابات والاستفتاء، والمؤتمر الوطني بحكم قبضته على مقاليد السلطة هو القوة السياسية الرئيسة التي تستطيع أن تقود البلاد إلى حل توافقي حول تلك المسائل أو تحاول أن تمضي إرادتها منفردة كما فعلت في مرات كثيرة ماضية دون نجاح كبير في معالجة المشكلات. ما هي المسائل العالقة بالنسبة للانتخابات والاستفتاء والتي تحتاج إلى توافقٍ وطني واسع؟ بالنسبة للانتخابات هي: التعداد السكاني الذي تعترض عليه الحركة الشعبية وترفض أن تقوم الانتخابات على أساسه كما تتشكك في دقته بعض فصائل دارفور؛ أزمة دارفور التي لا يبدو أن الفصائل المسلحة في دارفور (الموقعة وغير الموقعة) تستعد لخوضها؛ تعديل القوانين المقيدة للحريات والتي يتمنع المؤتمر الوطني في تعديلها وفقاً لدستور السودان الانتقالي؛ ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب بناءً على الحدود التي تركها الاستعمار في 1/1/1956م والتي تأخرت كثيراً رغم أهميتها بالنسبة للتعداد السكاني وتقسيم الدوائر الجغرافية وتوزيع عائدات البترول وإجراء الاستفتاء، وما انفكت الحركة الشعبية تطالب بتعجيل ترسيم الحدود. لا ينبغي إحداث تغيير في نتائج التعداد بقرارات سياسية فهذا يفتح باباً واسعاً لا ينتهي إلا بإلغاء التعداد كلية، ولكن يمكن الاستفادة من السجل الانتخابي لاختبار دقة التعداد فإذا اتضح أن هناك مفارقات كبيرة تستحق المعالجة فلا بأس من معالجتها، ولكن صحة التعداد شهدت عليها الدول المانحة والأمم المتحدة وهيئات الرقابة الدولية. لا ينبغي أن تقوم انتخابات عامة دون مشاركة كاملة من أهل دارفور، ولم يبدو من الحزب الحاكم أي مجهود كبير في معالجة الأزمة بل يقوم بدور المنتظر لتحركات المجتمع الدولي وذلك بالرغم من التوصيات الجيدة التي تضمنها «اتفاق التراضي الوطني» بين الحزب الحاكم وحزب الأمة القومي وتوصيات ملتقى أهل السودان في كنانة، والتي كان ينبغي التحرك على أساسها لمعالجة الأزمة. إن مبادرات المجتمع الدولي والإقليمي لحل أزمة دارفور لا يعفي الحكومة من مسئوليتها الوطنية والسياسية والأخلاقية تجاه معالجة مشكلة داخلية تسببت في تفاقمها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. ليس هناك من سبب يمنع تعديل القوانين المقيدة للحريات خاصة قانون جهاز الأمن الوطني الذي يعطيه حق الحبس والتفتيش والحجز ومصادرة الممتلكات، وما زال القانون محل جدل كثيف لأن المؤتمر الوطني لا يريد أن يلتزم بما جاء في الدستور من أن خدمة الأمن الوطني «مهنية وتركز في مهامها على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية». وقضية ترسيم الحدود مازالت سارية منذ وقت طويل وتحتاج إلى الاستعجال فيها ومعالجة ما يقف في طريقها من عقبات حتى تكون أساساً لإجراء الانتخابات والاستفتاء في مواعيدهما. وينبغي للحركة الشعبية أن تتقبل قرار محكمة لاهاي كاملاً ولا تسعى لفتح النقاش حول حقول هجليج مرة أخرى، وهل تتبع للشمال أم الجنوب؟ فقد قضت المحكمة أن حدود منطقة أبيى من الناحية الشرقية التي تضم حقول هجليج تمتد على خط مستو على طول 29 درجة إلى خط عرض 10 (درجات) و 10 (دقائق) و 10 (ثانية) شمالاً إلى حدود كردفان «على ما جرى تحديده في 1 يناير 1956م». فليس هناك مجال للقول بأن هجليج قد خرجت من منطقة أبيى ولكنها يمكن أن تعود إلى الجنوب من داخل لجنة الترسيم التي طلب منها تخطيط حدود 1/1/56 لأن المحكمة قد أخرجتها من منطقة أبيى على أساس حدود 1/1/56. أما الاستفتاء على تقرير المصير لأهل الجنوب فإن أهم قضاياه هو قانون الاستفتاء، ولا أجد سبباً منطقيا يربط الاستفتاء بالاتفاق على قضايا ما بعد الاستفتاء كما يقول المؤتمر الوطني فتلك قضية أخرى ينبغي مناقشتها والاتفاق عليها ولكنها ليست جزءً من قانون الاستفتاء الذي يحكم وينظم إجراءات عملية الاستفتاء. ولا أفهم مطالبة المؤتمر الوطني بأن لا يتم الانفصال إلا إذا صوّت له ثلاثة أرباع الناخبين الجنوبيين فذاك شرط غير مسبوق في نظم الاستفتاء، ولا يمكن أن تكون وحدة طوعية تلك التي يصوت ضدها أكثر من نصف الجنوبيين ولكنها لم تبلغ نسبة 75% من الناخبين حتى ينالوا حق الانفصال! وفي ذات الوقت أعجب لموقف الحركة الشعبية التي تريد أن تقصر التصويت في الاستفتاء على المواطنين في الجنوب، ولا يحق للجنوبيين في الشمال أن يشاركوا في ذلك التصويت. لقد اعترضت الحركة على التعداد السكاني لأنه قلل من أعداد الجنوبيين في الشمال، فكيف تدافع عن كثرة أعدادهم، مع أن ذلك لا يحرمهم المشاركة في الانتخابات حسب أعدادهم الحقيقية إذا ما سجلوا أنفسهم في كشوف الانتخابات، وتريد في نفس الوقت حرمانهم من المشاركة في أهم تصويت لهم منذ الاستقلال يقرر مصيرهم بالعيش في دولة منفصلة أو متحدة مع الشمال؟ ولا ينبغي على الحكومة أن تحاول وضع العراقيل أمام الاستفتاء أو التأثير على نتيجته بصورة غير عادلة أو شفافة، يكفيها أنها فشلت في جعل الوحدة جاذبة لمعظم الجنوبيين. ولو أعلن برلمان الجنوب الانفصال اليوم لما استطاعت الحكومة أو قواتها المسلحة فعل شئ لمنعهم من ذلك، والنتيجة أن نصل إلى انفصال متوتر لا يخلو من تجدد النزاع بين شقي البلد! وبجانب الاستفتاء على مصير الجنوب هناك مسألة المشاورة الشعبية من قبل سكان ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر المجلسين التشريعيين المنتخبين ديمقراطياً في كل منهما، وموضوع المشاورة هو مدى صلاحية بنود اتفاقية السلام الشامل وتنفيذها، وإذا قررت أي من السلطتين التشريعيتين قصوراً في ترتيبات الاتفاقية عليها أن تتفاوض مع الحكومة القومية بغرض استكمال النقص. ولا أرى أن تتنازل الحكومة عن هذه الصيغة كما هي أياً كانت نتيجة الاستفتاء على الجنوب. أما إذا استعصى الوصول إلى اتفاق وطني واسع حول قضايا الانتخابات والاستفتاء العالقة فيمكن التفكير في حلٍ جذري خارج اتفاقية السلام الشامل وهو تقديم الاستفتاء على الانتخابات، وهذا ما تريده قيادة الحركة في الوقت الحاضر. وعندها نحتاج إلى اتفاقية جديدة لكنها بين القوى الشمالية إذا ما اختار الجنوب الانفصال، وهو ما يرجح حتى الآن. ولا ينبغي للمؤتمر الوطني عقب الاستفتاء أن يندفع إلى عقد انتخابات متعجلة لأنه يرى فرصة ذهبية لكسبها، وهو الذي حكم البلاد لعقدين من الزمان دون أن يعرض نفسه لانتخابات تعددية حقيقية! فالوضع في الشمال بعد اختيار الجنوب للانفصال يحتاج إلى تكييف جديد ومعادلة أخرى تختلف تماماً عن اتفاقية السلام الشامل؛ وهذا وضع يأخذ بعض الوقت ويستلزم فترة انتقالية محدودة تستدعي إعادة هيكلة ولايات الشمال واقتسام السلطة والثروة بينها بصورة متوازنة لكل الأقاليم والمشاركة في الحكم من قبل الأحزاب والفصائل التي حملت السلاح ومنظمات المجتمع المدني. وبدون ذلك سيجد السودان الشمالي نفسه في سنة أولى إنقاذ مرة ثانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله! الصحافة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
ونحن نوثق لابد ان نشوف ناس الحكومة وكتابها برضه علشان نكون موثقين عدلين ونوريك عينة كمان من الراى الاخر والذى لم يحد غير الكذب والخداع كمثال لهذا المقال الذى وجدته فى صحيفة اخر لحظة ..بدون اسم ونحن نوثق للاجيال القادمة عن نوعية وتنوع الافكار واراء بعض الناس وهم يغمطون الحقيقة ويوردون الكذب ...
اقرا هنا ..وشوف جنس دا
العدد رقم: 1075 2009-08-02
محاكمة لبنى أم الشريعة؟.. دعوة لرفع فساتين الفتيات باسم النضال والدفاع عن الحريات
في خدمتها الأخبارية «العالم هذا الصباح» يوم الأربعاء الماضي خصصت هيئة الإذاعة البريطانية خدمة خاصة للمحاكمة التي تشهدها العاصمة السودانية الخرطوم للصحافية لبنى أحمد حسين، وقالت الاذاعة إن محاكمة الصحافيين تمثل انتهاكاً لحقوق التعبير وحرية تداول المعلومات وتناهض الدساتير العالمية والمنظمات الطوعية والحقوقية بتضييق الحكومات على الصحافيين وملاحقتهم في ما يُنشر ويُبث ويُذاع من أخبار وتعليقات وآراء. وتغاضت هيئة الإذاعة البريطانية عن ذكر الأسباب التي بموجبها تتم محاكمة الصحافية. بيد أن الإذاعة تحدثت عن حرية المرأة وعقوبة الجلد التي يعتبرها الغرب تمثل إذلالاً مهيناً للإنسان، بينما تنص عليها الشريعة الإسلامية لدرء المفاسد وحماية قيم المجتمع. إتجهتُ لمباني محكمة الخرطوم شمال لثلاثة أسباب، أولها مسؤوليتي الأخلاقية تجاه الصحافيين الذين انتخبوني ممثلاً لهم مع اخوتي الآخرين في الاتحاد العام للصحافيين السودانيين. ثانياً لمتابعتي قضايا الزملاء في المحاكم ومخافر الشرطة واهتمامي بحرية التعبير ثالثاً للحصول على المعلومات من مصادرها بعيداً عن اجهزة الإعلام التي يجمِّل بعضها القبيح ويقبِّح الجميل كما يروق لها وتوجهاتها الفكرية والثقافية.. في فناء محكمة الخرطوم شمال كان الحشد النسائي والشبابي طاغياً عليه من لا صلة لهم بالإعلام والصحافة .. كثّفت الحركة الشعبية، الشريك الثاني في الحكومة، من وجودها، وبطبيعة الحال وخلافاً للمألوف كانت الحركة الشعبية تقف في ضفة مواجهة للحكومة.. ياسر سعيد عرمان والأستاذ عبد الله تيّه نائب رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم ودينق كوج. وقبل دخول المحكمة كانت السيدة د. مريم الصادق المهدي معتكفةً داخل سيارة فخيمة تصدر صوتاً أقرب للأنين وهي تبعث الهواء الرطب لمن بداخلها والسموم الحارقة في وجه جنود الشرطة المرابطين في فناء المحكمة... كانت السيدة سارة نقد الله ومولانا كمال عمر، الناطق باسم المؤتمر الشعبي، وحشد من المحامين وعدد قليل من الصحافيين .. فائز السليك، خالد عبد العزيز ومحمد الاسباط .. وشكل رؤساء التحرير غياباً جماعياً عن (محكمة القرن) وحدث الساعة، حيث وقفت الصحافية لبنى أحمد حسين في قفص الاتهام وجلس القاضي بأبهة العدل وراء المنصة التي يحترمها الشاكي والمتهم.. القضية المعروضة أمام المحكمة لا علاقة بينها وحرية التعبير ولا مهام الصحافي، وتندرج تحت سقف قضايا أمن المجتمع والنظام العام (المسكوت عنها في الغالب) لاعتبارات اجتماعية وأخلاقية، فالمتهمة في القضية (لبنى أحمد حسين) لم يُقبض عليها في قضية نشر أو حق في التعبير أو نشاط سياسي مناهض للدولة، كانت في نادٍ أو مقهى يغني فيه المطربون وتتداول جمهرته (الشيشة) وساء شرطة النظام العام مظهر فساتين الفتيات و(البناطلين) وبيد شرطة النظام العام لائحة تمت إجازتها في نوافذ التشريع بولاية الخرطوم بحظر تمدُّد الحفلات الليليّة بعد الساعة الحادية عشرة مساءً.. تم القبض على الفتيات وأُُخذن لمقر الشرطة وبنصوص اللائحة والقانون تم جلد كل المخالفات للنظام العام، لم تحتج إحداهن ربما لتجاربهن السابقة .. خذي نصيبك من (السيطان) فذاك أخف من كشف الحال والإساءة للأسرة، لكن لبنى أحمد حسين رفضت الجلد لأنها صحافية وتعمل في بعثة الأمم المتحدة (اليونميس) أو (اليونميد) كلاهما (عند العرب صابون) .. أما حصانة الصحافي فقد تم تقييدها في ما يتصل بأداء واجبه المهني، فالصحافي الذي يقتل نفساً بحق أو بغير حق يتم القبض عليه كقاتل، والصحافي الذي يعالج اليأس طول الليل بالراح - كما قال د. محمد الواثق في أم درمانه التي تحتضر - يتم القبض عليه ويودع في المخفر حتى بزوغ الفجر ويُجلد مع السكارى كمواطن... والصحافية التي تمتهن بيع الشاي عليها تحمل تبعات (الكشة)، ومن ترتاد المقاهي الليليّة لا حصانة لها ولا تُعتبر تؤدي واجباً له علاقة بصنعة الإعلام، ولكن إذا نفّذت شرطة النظام العام حملة في الأحياء الطرفية نهاراً أو الأحياء الراقية ليلاً ووجدت صحافياً بيده كاميرا وأوراق وجهاز تسجيل فإننا نقف مع الصحافي الزميل لأنه يؤدي واجبه المهني، فهل كانت لبنى أحمد حسين عندما تم إلقاء القبض عليها تحمل كاميرا وأوراق وجهاز تسجيل وهي تحقق في النادي الليلي عن دواعي خروج الفتيات في هجعة الليل لتزجية الفراغ في تلك الأندية؟ وقفت السيدة لبنى أمام القاضي وقالت إنها محصنة من القبض والمحاكمة باتفاقية خاصة بوجود قوات الأمم المتحدة في السودان وهي موظفة في (اليونميس أو اليونميد) .. لينهض سؤال عن مغزى الحصانات التي تُضفى على الأجانب والعاملين في المؤسسات الأجنبية من سفارات وبعثات ومنظمات؟ ما هي حدود تلك الحصانات؟ وماذا عن حالات القتل والمشاجرة والسُكْر والإزعاج العام في دولة إسلاميّة اختارت أغلبيتها تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية، وأمام الرافضين لخيار الأغلبية خيارات يصعب تعدادها هنا. قالت السيد لبنى إنها ستتقدم باستقالتها من وظيفتها في الأمم المتحدة لتواجه عقوبتها المنصوص عليها في القانون، ورفع القاضي الجلسة إلى الإثنين (بعد غد) لمواصلة السير في القضية التي لبست عباءة سياسيّة صارخة وأخذت نصيبها من الترويج (التضليلي)، فالقضية لا علاقة لها بالصحافة وحرية التعبير ولا النضال السياسي أو حقوق المرأة (الكانت ضايعة) !! أو محاربة الحكومة، ولكن القضية تأخذ ثلاثة أبعاد: - أولها البُعد القيمي .. المناهضون للقبض على فتيات الشيشة والأندية لهم دوافعهم لدمغ النظام بما يسمى (الطالبانيّة) والسعي لإثبات تهم الغرب عليه بالتضييق على الحريات الشخصيّة ومحاولة الإلتفاف على الحقائق والنيل من التوجه الإسلامي لإثبات صحة وواقعيّة المطالبين بعلمانيّة الدولة وإلغاء الشريعة حتى تسهر العاصمة حتى الصباح وهي تحتسي الفودكا والجعة البلدية (المريسة)، ولهؤلاء الحق في النضال من أجل ما يبتغون!!. البعد الثاني سياسي، فالحركة الشعبية ظلت تناضل من أجل حقوق المهمشين والأطراف ومن أجل سودان ديمقراطي تعددي .. ولكن أن تدافع الحركة الشعبيّة عن (اسكيرتات) الفتيات وتنصب نفسها حامي (الشيشنيات) فتلك قصة (جديدة لنج) لأن النضال الذي يبدأ بالقضايا الكبيرة وينتهي بالفساتين (وحجر الشيشة) .. وما بين (الحجر) و(المعسِّل) أشياء وأشياء، وتلك تجربة جديدة في النضال لم نسمع بها من قبل .. وأن يصبح كمال عمر، القيادي البارز في المؤتمر الشعبي، منافحاً عن سيدة قُبضت في منتصف الليل بنادٍ أو مقهى .. فللأستاذ كمال عمر الشكر والتقدير وهو يتواضع بمستوى مرافعاته من الطعون الدستورية إلى الطعون في لوائح النظام العام وقوانينه.. وأن تصبح السيدة المربية سارة نقد الله مسانداً لقضية لبنى أحمد حسين .. فتاريخ الأنصاريات لم يشهد بهذا، ولكن لكل مرحلة نساءها.. كان البُعد الخارجي في قضية لبنى أحمد حسين حاضراً وعشرات الدبلوماسيين ومنسوبو الأمم المتحدة قد هبّوا لمقر المحكمة ليشهدوا ماذا تفعل طالبان أفريقيا بامرأة تعمل لصالح الأمم المتحدة أو موظفة في إحدى وكالاتها.. وهل ما يحدث في المحكمة من كثافة الوجود الأجنبي يندرج تحت بند مراقبة القضاء الوطني .. أم متابعة قضية من اهتمامات وأسباب وجود قوات اليونميس في الخرطوم؟ هل ما يجري في محكمة الخرطوم شمال محاولة لمحاكمة الشريعة الإسلامية ومحاكمة الإنقاذ والحركة الإسلامية وقد رُفعت أمام المحكمة لافتة تقول: (لا لجلد النساء) والشعارات الاعتراضية هنا موجهة للقائل (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)، ومن نصوص القرآن في القضايا الحديّة استنبط العلماء تشريعات الجلد في القضايا المخلّة بالآداب العامة، حيث يمثل اللبس الخليع وتعاطي (الشيشة) للفتيات مظهراً ينم عن الانحطاط الأخلاقي... غاب اتحاد عام المرأة السودانية وغابت منظمات المجتمع المدني من غير دعاة (...) وحضرت كل طوائف المعارضة السياسيّة والاجتماعية والنصف الثاني من الحكومة لإرهاب دعاة الشريعة (باليونميد) وبالإعلام والقناع الدولي، لكن ممثلي شرطة النظام العام كانوا ثباتاً أكثر من الذين تداعوا للمحكمة من كل فج عميق في محاولة لرفع فساتين الفتيات باسم النضال والدفاع عن الحريات حتى تسقط حكومة هزمت حملة الأمطار الغزيرة وهزمت التحالف الثلاثي وشرب قاضي لاهاي من ماء نصفه كدر وطين .. ونصفه الآخر يصعب علينا وصفه .. لكن تبقى قضية لبنى أحمد حسين نزاعاً محدوداً بين شرطة أمن المجتمع المعنيّة بالحفاظ على القيم الاجتماعية وحماية الأسر، ومن يناهضون مشروعات الاصلاح الاجتماعي من قوى أغلبها ترفع شعارات الإصلاح السياسي قبل الإصلاح الاجتماعي، وما تشهده المحاكمة من حشود لمنظمات مجتمع مدني أمام طاولة مولانا مدثر الرشيد ما هي إلا حالة من مظهريات الصائدين الكثر، كلٌ يبتغي هدفه من خلال (لبنى أحمد حسين) التي ظهرت أمام المحكمة ببنطال وبلوزة ساترة لا تثير الآخرين. لكن شرطة أمن المجتمع لها أسبابها وحيثياتها والتي أصبح مطلوباً منها الإجابة على السؤال ماذا يجري في مقاهي الشيشة وحفلات الليل؟ السيدة لبنى أحمد حسين وفريق الدفاع عنها وأبواق الإعلام الخارجي تردد أنها مهددة بالجلد (40) سوطاً لكن مثل هذه القضايا حينما تعرض أمام القضاء عقوبتها الغرامة وحسن السير والسلوك، وهي عقوبة أكثر قسوة من الجلد لتجاوزها حيِّز المسكوت عنه لإشاعة النبأ للعامة وفي ذلك ضرر بالغ بالفتيات والسيدات أخف منه عقوبة الجلد التي نُفذت بحق صُويحبات لبنى عشية القبض عليهن ليلاً بالخرطوم.
اخر لحظة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الإثنين 3 أغسطس 2009م، 12 شعبان 1430هـ العدد 5785 الاقتصاد السوداني في عيادة صندوق النقد الدولي تشخيص.. وروشتة 2-3 ترجمة: سيف الدين عبد الحميد تنشر (الصحافة) فيما يلي نص تقرير فريق هيئة موظفي صندوق النقد الدولي بخصوص السودان وهو التقرير الذي أعدته إدارة الشرق الاوسط وآسيا (بالتشاور مع الادارات الأخرى)، وأجازه جوان كارلوس دي نانا ودومينيك ديسرويل، والتقرير وإن كان لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مجلس الادارة التنفيذي لصندوق النقد الدولي أو حكومة السودان، إلا أنه يحمل وجهة نظر مبنية على معلومات وقراءة تحليلية للواقع الاقتصادي. و(الصحافة) إذ تنشره تفتح الباب لمزيد من الحوار حول صد الأزمة الاقتصادية، والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وحماية احتياطات النقد الأجنبي وإعادة تكوينه. III. المناقشات السياسية أ. نظرة عامة 13. ركزت المناقشات على تصميم برنامج 18 شهراً مراقبٍ من قبل هيئة الموظفين للفترة من يوليو 2009م إلى ديسمبر 2010م. ويهدف البرنامج إلى معالجة نقاط الضعف الناتجة عن بروز اختلالات الاقتصاد الكلي في نهاية 2008م بما يضمن استقرار الاقتصاد الكلي ونموه وإعادة تكوين احتياطات النقد الأجنبي والتقليل من اعتماد السودان على عائدات النفط. إن الأهداف المقدارية شبه السنوية المقترحة لنهاية ديسمبر 2009م علاوة على المحدِّدات الهيكلية قد فُصِّلت في الجدولين «1» و»2» من مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية المرفقة. ويضع البرنامج تصوراً لعمليات تقييم شبه سنوية تقوم بها هيئة الموظفين. ب. السياسات الاقتصادية الكلية النمو والتضخم 14. من المتوقع أن ينزل النمو الحقيقي لإجمال الناتج المحلي إلى النصف في 2009م في الوقت الذي يتصور فيه أن ينخفض التضخم إلى الأرقام الآحادية. إن الأزمة العالمية ستؤثر على الاقتصاد السوداني من خلال أسعار النفط المنخفضة، فمن المتصور أن يزداد إنتاج النفط الكلي إلى حدٍّ ما في 2009م ولكن من المرجح أن يتقاعس القطاع غير النفطي بدرجة كبيرة نسبة للاستبطاء العالمي وأثر سياسات الطلب المحلية الهادفة لاحتواء ضغوط الواردات في وجه احتياطات النقد الأجنبي المتدنية. إن كلا القطاعين الخدمي والزراعي سيتأثران بانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وربما يتأثران بالانخفاض الأبطأ للمتأخرات المحلية. ومن المنظور أن يصبح النمو الحقيقي الكلي لإجمال الناتج المحلي في حوالى 4 في المائة في 2009م (وسيرتفع ارتفاعاً طفيفاً إلى 5 في المائة في 2010م). ومن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 9 في المائة بما يعكس أسعار غذاءٍ عالمية منخفضة وسياساتٍ مالية أكثر صرامة. السياسة المالية 15. المطلوب استراتيجية ضبطٍ متوسطة المدى بالنظر إلى عائدات النفط الأضعف بشكلٍ ملحوظ. ويتصور أن تكون عائدات النفط السنوية في 2009ــ 2012م بنقاط إجمال ناتج محلي أقل من 2005ــ 2008م بنسبة مئوية قدرها 6 نقاط. وطالما أن العجز الكبير الجاري ليس خياراً بالنسبة للسودان بالنظر إلى وضع ديونه الهش لذا يجب أن يعالج أغلب الفجوة الإيرادية من خلال الإجراءات الضريبية وإجراءات الإنفاق. إن ضرائب السودان المنخفضة بالنسبة لنسبة إجمال الناتج المحلي تجعل تنظيم الإعفاءات الضريبية أمراً ملحَّاً، الشيء الذي قد ينتج عائداتٍ إضافية بنسبة 2ــ 3 في المائة على الأقل من إجمال الناتج المحلي خلال الفترة 2009ــ 2012م. أما ما تبقى من ضبط الأداء فيجب أن يأتي من جهة الإنفاق بواسطة إصلاح مشروع الدعم الشامل وتحسين استهداف الإنفاق الاجتماعي وإعطاء الأولوية الأفضل لأوجه الإنفاق الأساسية. 16. الميزانية المصادق عليها للعام 2009م كانت ميزانية توسعية، فقد تصورت الميزانية عجزاً نقدياً كلياً بنسبة 6.9 في المائة من إجمال الناتج المحلي وعجزاً أولياً غير نفطي بنسبة 9.1 في المائة من إجمال الناتج المحلي غير النفطي. ورغم عائدات النفط المنخفضة بشكلٍ ملحوظ فقد جسدت الميزانية نفقات كبيرة على الأجور والاستثمار والتحويلات إلى الولايات فضلاً عن نفقات الانتخابات التي تجرى لمرة واحدة. وقد تم تأجيل إصلاحات السياسة الضريبية المهمة مثل التخفيض في جملة إعفاءات ضريبة القيمة المضافة وتخفيض الجزء المعفى من مدفوعات ضريبة الدخل الشخصي. وعلى أية حال فإن هذا التأجيل تم التعويض عنه جزئياً بإجراءات أخرى مثل الزيادة في معدل ضريبة القيمة المضافة بالنسبة للاتصالات الهاتفية (من 15 في المائة إلى 20 في المائة) وإدخال رسوم تحسين بنسبة 5 في المائة على الواردات ذات التعريفة غير الصفرية. وفضلاً عن ذلك فقد زيد الرسم الضريبي على السيارات. 17. على أية حال فإن بعض المتغيرات الرئيسة ضمن ميزانية 2009م طغت عليها الأحداث اللاحقة، وتحديداً فإن الميزانية قد أعدت مستخدمة فرضية سعر نفط عالمي بقيمة 65 دولار أمريكي للبرميل بحيث تمخضت عن تقدير إيراد نفطي بحوالى إجمال ناتج محلي أعلى من تقديرات النظرة العالمية للطاقة لأبريل 2009م بنقطتين مئويتين. أضف لذلك فإن مصادر نصف المنصرفات الخارجية المقترحة التي تستهدف ميزانية الإنفاق الأساس كانت غير محددة موحية بأن فرضيات التمويل الأجنبي لم تكن واقعية. وإذا كانت المنصرفات منسجمة بشكلٍ واسع مع الاتجاهات السابقة فستبرز فجوة تمويلية في الميزانية بنسبة 4 في المائة تقريباً من إجمال الناتج المحلي في عام 2009م. 18. تقر سلطات الصندوق بأن الضبط المالي أمرٌ محتوم للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي. ووفقاً لذلك فإن السلطات تعتزم تقليل حجم العجز النقدي إلى 4.8 في المائة من إجمال الناتج المحلي وتقليل حجم العجز في الالتزامات بنسبة 4.2 في المائة (مقارنة بعجز نسبة 8.8 في المائة من إجمال الناتج المحلي بموجب الميزانية المصادق عليها والتي قدرت بأسعار النفط الحالية). ويشير هذا إلى جهدٍ في ضبط الأداء بما يفوق 4 في المائة من إجمال الناتج المحلي بالنسبة للميزانية المصادق عليها. ويضع البرنامج أيضاً تصوراً لتخفيضٍ أكثر من المتأخرات بنسبة 0.6 في المائة من إجمال الناتج المحلي لكي يخفض الرصيد الماثل إلى حوالى واحد في المائة من إجمال الناتج المحلي بنهاية 2009م. ولاحظت سلطات الصندوق الصعوبات في تنفيذ خطوةٍ ماليةٍ صارمةٍ كهذي في بيئة نموٍّ بطئ وضغوط قاعدية من قبل الحكومات الولائية التي تواجه التحويلات المرتبطة بالنفط والمنخفضة انخفاضاً حاداً. وعلى أية حال أقرت السلطات ــ بالنظر إلى الحصول المحدود على التمويل الأجنبي ــ بأن لديها خياراً ضئيلاً سوى التشديد على السياسة المالية بالنسبة للميزانية المصادق عليها. وتم الاتفاق على زيادة الإنفاق الأساسي والتحويلات للحكومات الولائية إذا تحقق التمويل الأجنبي الإضافي وإذا زادت عائدات النفط على مستويات البرنامج. فإذا تجاوزت أسعار النفط 70 دولار أمريكي للبرميل (بالنسبة لمزيج النيل) ضمن سياق المراجعة الأولى فستقترح البعثة ادخار جزء من فائض عائد النفط لكي تعزز احتياطات عالمية. 19. سيجرى معظم ضبط الأداء في جهة الإنفاق رغم أنه تم التصور لبعض إجراءات العائد أيضاً. وسيكون الإنفاق الأساسي والتحويلات للحكومات الولائية الأكثر تأثراً نسبة لارتباطهما بعائدات النفط والتمويل الأجنبي المتاح. ويتصور البرنامج أيضاً استقطاعات تقديرية بحوالى 0.7 في المائة من إجمال الناتج المحلي ويتم هذا الاستقطاع بدرجة كبيرة في السلع والخدمات. وتشمل إجراءات العائدات الجديدة (فوق تلك الإجراءات التي دمجت سلفاً في ميزانية 2009م) زيادة في الضرائب على المشروبات والسجائر وتعزيزاً معتبراً لجهود تحصيل الضرائب. وأكدت هيئة الموظفين أن النظرة الجديدة لعائدات النفط قد سوَّغت إجراءاتٍ ضريبية ملحَّة لحماية البرامج الاجتماعية والتنموية الضرورية ولإقرار ضغوط إنفاق إضافية مرتبطة بالسلام ( تشمل تلك المقدمة من جهة الحكومات الولائية) ولمواجهة نقصٍ محتمل في العائدات. وأوصت البعثة على وجه الخصوص ــ ضمن أشياء أخرى ــ بالآتي: (i) إصلاح ضريبة الدخل الشخصي بتخفيض الجزء المعفى من الضريبة وإزالة الإعفاءات عن الأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين و(ii) إزالة إعفاءات ضريبة القيمة المضافة الممنوحة للقطاعات المحلية الرئيسة (مثل قطاع الكهرباء) ولواردات السلع النهائية التي تستورد بواسطة جهات عامة وخاصة منتقاة. وتخطط سلطات الصندوق لدراسة هذه المقترحات في إطار مراجعة شاملة للسياسة الضريبية تنتهي بحلول أكتوبر 2009م. 20. يسعى البرنامج لتخفيف أثر ضبط الأداء على الشرائح الأضعف من السكان. ولهذا الغرض فإن البرنامج يعمل على الآتي (i) المحافظة الكاملة على غطاءات منصرفات الدعم الاجتماعي الموضوعة في الميزانية (ii) السماح بالإنفاق الكامل للعائدات [فوق المبرمجة] على المنصرفات الرئيسة وعلى التحويلات للحكومات الولائية (iii) المناداة بإدخال مشروعٍ وقائيٍّ نهائي هادف ليحلَّ محلَّ الدعومات الشاملة. الترتيبات النقدية وتنظيم سعر الصرف 21. يعتبر وجود برنامج نقدي يسمح باستئناف الائتمان للقطاع الخاص أمراً ضرورياً. وفي الوقت الذي تعي فيه سلطات الصندوق بالحاجة لإعادة تكوين احتياطات النقد الأجنبي والحفاظ على التضخم في الأرقام الآحادية وتخفيض القروض متخلفة الدفع لكنها أكدت على أهمية توفير السيولة الكافية للقطاع الخاص، خاصة بالنظر إلى بروز أزمة الائتمان المرتبطة بالتدفقات الأجنبية المنخفضة. وفي هذا السياق فإن من المتصور أن يكون نمو النقد الاحتياطي بنسبة 12 في المائة ونمو النقد الكلي بنسبة 18 في المائة في 2009م، وستسمح هذه الأهداف بنموٍّ كافٍ في ائتمان القطاع الخاص بحوالى 22 في المائة خلال عام 2009م. 22. تعتبر مرونة سعر الصرف ضرورية لحماية احتياطات النقد الأجنبي وإعادة تكوينها. ومن المتوقع أن يتسع عجز الحساب الجاري بحوالى 10 في المائة من إجمال الناتج المحلي في 2009م بحيث يعكس عائدات أدنى في صادر النفط. ولكن من المرجح أن يكون التمويل الأجنبي المحدد أعلى مما هو في السنوات الأخيرة بسبب المشاريع الجارية سلفاً. ووفقاً لذلك فإن البرنامج المراقب بواسطة هيئة الموظفين يستهدف زيادة في صافي الاحتياطات العالمية إلى ما يبلغ 600 مليون دولار أمريكي (0.8 أشهر من الواردات) بنهاية 2009م. أما الهدف الموضوع لعام 2010م فسيأخذ في الحسبان التحسن الأخير في أسعار النفط، كما أن مرونة سعر الصرف تعدُّ أمراً جوهرياً لمقابلة هدف الاحتياط العالمي خاصة إذا نظرنا إلى أن ظروف الصدمة التجارية المرتبطة بأسعار النفط المتدنية قد قللت من قيمة سعر صرف الموازنة الحقيقي. وفوق ذلك فهناك تبادل بين المرونة الأكبر في سعر الصرف والحاجة إلى قبضة مالية إضافية مشددة مع وجود مخاطرة في أن القبضة المالية المشددة قد تتمخض عن متأخرات في الإنفاق. وفي الوقت الذي أقرت فيه سلطات الصندوق بهذا التبادل واتفقت على اتباع سياسة سعر صرف مرنة لكنها عبَّرت عن قلقها بأن مرونة سعر الصرف الكبيرة قد تساهم في ضغوط التضخم. واعترفت البعثة بأثر التبادلات في سعر الصرف على الأسعار الكلية بيد أنها قالت إن أسعار الغذاء العالمية المنخفضة مرتبطة بسياسات نقدية ومالية صارمة يجب أن تساعد على تخفيف ضغوط التضخم في هذا المنعطف. واتفقت السلطات على إزالة الهامش النقدي الموضوع على خطابات الاعتماد واعتمادات الواردات والقيود المفروضة على شراء النقد الأجنبي لأغراض السفر وذلك بنهاية 2009م. ج. الإصلاحات الهيكلية الإصلاحات المالية 23. تعتزم سلطات الصندوق الشروع في مجموعة طموحة من الإصلاحات الهيكلية تهدف إلى زيادة العائدات غير النفطية وتحسين نوعية الإنفاق الحكومي. وسيتم إكمال مراجعة شاملة للسياسة الضريبية بحلول أكتوبر 2009م بهدف تحديد إجراءات ملموسة لتخفيض إعفاءات ضريبة القيمة المضافة تخفيضاً حاداً ولزيادة التحصيل في ضريبة الدخل الشخصي ولحسم قضايا السلطة الضريبية في ما يلي الحكومات الولائية ولتفعيل حصة الحكومة الصافية من قطاع النفط. وستشمل إصلاحات إدارة العائدات استخدام رقم وحيد لهوية دافع الضريبة عبر وكالات العائدات وتدشين نظام إعادة تمويل لضريبة القيمة المضافة بالنسبة لدافعي ضرائب الأنشطة التجارية الكبيرة وتبني مبادئ تقييم متناغمة مع منظمة التجارة العالمية للتقديرات الجمركية المرتاب في صحتها. والإصلاحات المهمة متوقعة أيضاً في مجالات الإدارة المالية العامة وسياسة الإنفاق بحيث تشمل بشكلٍ ملحوظ إعادة تنظيم وزارة المالية والاقتصاد الوطني وتحديثها وتمديد تبويب ميزانية 2001م المتعلق بدليل إحصاءات المالية الحكومي إلى الولايات الشمالية وتعديل نظام تسعيرة البترول نحو صيغة ضبط أوتوماتيكية. إصلاحات القطاع المالي 24. إن الإصلاح والتطور المستمرين للقطاع المالي ضروريان للتوقعات متوسطة وطويلة المدى للسودان. وفي الوقت الذي تم فيه إحراز بعض التقدم لكن ضمان سلامة النظام المصرفي يشكل الهدف المهيمن. وسيتم إعداد خطة عمل لإعادة هيكلة بنك أم درمان الوطني بنهاية 2009م فيما يتعلق بإجراءاتٍ معينة بناءً على توصيات مراجعة مستقلة. والمطلوب من البنوك التجارية أيضاً أن تنسجم مع اللوائح الموجودة حول كفاية رأس المال وتزويد القروض متخلفة الدفع. د. الديون الخارجية والعلاقات مع الدائنين 25. يظل تعليق ديون السودان الخارجية يمثل قلقاً خطيراً. فجملة الدَّيْن العام والدَّيْن المضمون ضماناً عاماً يقدَّر بحوالى 34 بليون دولار أمريكي بنهاية 2008م حيث ازداد بحوالى 15 بليون دولار منذ نهاية عام 2000م. ويعكس حجم الزيادة تعزيزاً أكثر للمتأخرات لنادي باريس والدائنين الآخرين من غير نادي باريس، كما يشمل أيضاً بعض المسحوبات الجديدة من الدائنين العرب المتعددين والثنائيين ومن الصين والهند أيضاً. وقد عبَّرت سلطات الصندوق عن قلقها من أنه وبالرغم من مرور عقدٍ من التعاون حول السياسات والمدفوعات لكن لم يحرز تقدم ملموس حول تخفيف عبء ديون السودان الخارجية ــ رغم إعفاء الديون المقدم لبلدان أخرى في ظروف مشابهة ــ بما يحدُّ بصورة قاسية من آمال السودان في تلبية أهداف تنمية الألفية. 26. وافقت سلطات الصندوق على الحاجة للحفاظ على الاقتراض واجب السداد إلى الحد الأدنى. وأكدوا على أن تقليص القروض واجبة السداد كانت محدودة في السنوات الأخيرة وأن هذه القروض ربطت بصورة عامة بمشاريع تنمية محددة. وفي عام 2008م وقعت الحكومة عقداً بـ426 مليون دولار أمريكي بديْنٍ واجب السداد معظمه من صناديق التنمية الإقليمية. وذكرت السلطات أن الحيز المالي المحدود (ويعزى في الغالب إلى الانخفاض في أسعار النفط) وعدم الحصول على أشكال إضافية أكثر من القرض الميسر واحتياجات التنمية الملحة المرتبطة باتفاقيات السلام المختلفة جعلت بعض الاقتراض واجب السداد أمراً ضرورياً. وأقرت سلطات الصندوق بالقلق بشأن الاقتراض واجب السداد وأشارت إلى أنها بصدد تحديد هذا الاقتراض إلى 700 مليون دولار أمريكي في 2009م. وسيستخدم هذا الاقتراض لتمويل البنى التحتية ومشاريع التنمية الاجتماعية في مجالاتٍ مثل الطاقة وتكرير النفط والإمداد المائي والنقل. وتكون أقسام الديون في البنك المركزي ووزارة المالية مسؤولة عن مراقبة المعلومات وجمعها فيما يلي ردِّ كل الاقتراض الخارجي والإيفاء به. 27. سلطات الصندوق ملتزمة بالحفاظ على تعاونٍ لصيق مع الصندوق ولكنها تعتزم تخفيض المدفوعات على ضوء موقف السودان الصعب حيال تبادل العملات الأجنبية، فقد كانت مدفوعات السلطات للصندوق منسجمة مع التزامهم في 2008م ولكن نسبة لموقف السودان غير المريح حيال تبادل العملات الأجنبية فإنهم يعتزمون تخفيض مستردات الديون إلى 10 مليون دولار في 2009م. وأشارت السلطات إلى أن مستردات الديون ستزداد في عام 2010م إذا تحسن موقف الاحتياطات، كما قامت السلطات أيضاً بتخفيض مستردات الديون إلى دائنين أخر وطالبوا بإعادة جدولة خدمة الديون من دائنيهم الجدد الرئيسين. وعبَّرت السلطات عن عزمها على مواصلة التعاون مع الصندوق في هذا الخصوص بيد أنها أوضحت أن المدفوعات الرمزية لم تكن حلاً هادفاً لالتزامات السودان للصندوق إذ إن نصيب الأسد منها في شكل ديون متأخرة لا رأسمال أصلي. وستظل التزامات السودان المالية المتأخرة أولوية قصوى بالنسبة للحكومة. وأخيراً فإن السلطات تؤكد موقفها بأن دفعات خدمة الديون يجب أن تعزى إلى تخفيض مال حساب الموارد العامة بدلاً عن عزوها للديون كما هو مفوض بموجب بنود الاتفاقيات. نواصل الصحافة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الاقتصاد السوداني في عيادة صندوق النقد الدولي تشخيص.. وروشتة 3-3 ترجمة: سيف الدين عبد الحميد
تنشر (الصحافة) فيما يلي نص تقرير فريق هيئة موظفي صندوق النقد الدولي بخصوص السودان وهو التقرير الذي أعدته إدارة الشرق الاوسط وآسيا (بالتشاور مع الادارات الأخرى)، وأجازه جوان كارلوس دي نانا ودومينيك ديسرويل، والتقرير وإن كان لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مجلس الادارة التنفيذي لصندوق النقد الدولي أو حكومة السودان، إلا أنه يحمل وجهة نظر مبنية على معلومات وقراءة تحليلية للواقع الاقتصادي. و(الصحافة) إذ تنشره تفتح الباب لمزيد من الحوار حول صد الأزمة الاقتصادية، والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وحماية احتياطات النقد الأجنبي وإعادة تكوينه. IV. تقييم هيئة الموظفين 28. إن الوضع الاقتصادي للسودان سيكون وضعاً صعباً في 2009م: فالأزمة العالمية أثرت تأثيراً بالغاً على أساسيات الاقتصاد الكلي للسودان بتخفيضها عائدات النفط بشكلٍ حاد، وفي نفس الوقت فإن استجابة السلطات البطيئة للبيئة المتغيرة وبالأخص التدخل الثقيل المتواصل في سوق العملات الأجنبية قد ساهمت في ظهور انتكاسةٍ ملحوظة في الموقف الخارجي. فالسلطات السودانية لديها خيار ضئيل لتشديد السياسات الاقتصادية الكلية بدرجة كبيرة وذلك لأن الحصول على المساعدة الخارجية محدود. وفي غياب ضبط الأداء الهام هناك مخاطر من أن الإنجازات الكبيرة للسنين الماضية ــ فيما يتعلق بالحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والنمو القوي ــ يمكن أن تعرَّض للخطر. 29. هناك حاجة للشروع بشكلٍ حاسم في بذل جهدٍ لضبط الأداء المطلوب: فالبرنامج يتصور ضبط أداءٍ للاقتصاد الكلي في وقتٍ مناسب وبشكلٍ منظم لحماية الموقف الخارجي من خلال مجموعة سياسات مالية ونقدية وسياسة سعر صرف معززة بصورة تعاونية مع حماية البنى التحتية الرئيسة وبرامج دعم الشرائح الفقيرة بالقدر الممكن. إن سلطات الصندوق جديرة بالثناء لتبني هذا البرنامج قبل إجراء الانتخابات المقرر لها بداية عام 2010م. وبالنظر إلى الأمام فإن التنفيذ القوي للبرنامج يعتبر ضرورياً. 30. الجهد المالي الكبير أمرٌ لا مناص منه: إن معظم جهود ضبط الأداء يجب أن تركز على تخفيض الإنفاقات الحكومية وبشكلٍ خاص على تحويلات الحكومات الولائية وعلى الإنفاق الرئيس نسبة لارتباطهما المباشر بعائدات النفط وبالتمويل الأجنبي المتاح. فهذه الإنفاقات يمكن أن يكون لها أثرٌ عكسي على النمو وعلى المجموعات السكانية الضعيفة. ووفقاً لذلك فإن البرنامج يدعو لإنفاقٍ كامل للعائدات [فوق المبرمجة] على مشاريع البنى التحتية وتحويلات الحكومات الولائية، ويؤكد على أهمية إدخال مشروعٍ وقائيٍّ نهائيٍّ هادف ليحلَّ محلَّ مشاريع الدعم الشامل. وفوق ذلك فإن البرنامج يتصور تخفيض المتأخرات المحلية الموجودة لإيقاف تكرار المشاكل التي شوهدت في 2007ــ 2008م والتي ساهمت في إضعاف نشاط القطاع الخاص. 31. تتطلب إدارة السياسة النقدية المرونة بالنظر إلى التغيرات الجارية في الظروف الاقتصادية: إن انخفاض تدفق العملات الأجنبية وعملية صك عملة الجنوب تجعل من الأهمية بمكان مراقبة التطورات النقدية عن كثب للتأكد من تحقيق أهداف التضخم والاحتياطات العالمية. 32. تعتبر مرونة سعر الصرف ضرورية لحماية احتياطات تبادل النقد الأجنبي وإعادة تكوينها: إن شروط الصدمة التجارية الأخيرة خفضت من قيمة سعر صرف الموازنة الحقيقي مؤكدةً الحاجة لمرونةٍ أكبر لسعر الصرف وإلا فستكون هناك حاجة لقيود مالية أكبر يمكن أن تفضي إلى تراكم متأخراتٍ محلية. إن التدخل المستدام في سعر الصرف وإدخال قيود للتبادل لن تعالج المشكلة الأساسية للطلب الزائد على تبادل العملات الأجنبية ولذا يجب تفادي هذا التدخل. وفي ذات الوقت فإن الاتجاه المتردي في أسعار الغذاء العالمية والحراك الأبطأ في الطلب المحلي يجب أن يساعدا على تقليل مخاوف التضخم ذات الصلة بالمرونة الأكبر في سعر الصرف. وترحب هيئة الموظفين بقرار السلطات القاضي بإلغاء قيود التبادل والمزاولات المتعددة للعملة الناشئة من فرض حدٍّ أدنى على الهوامش النقدية بالنسبة لخطابات الاعتماد وفرض سقفٍ على التحويلات بالنسبة لأغراض السفر. وتوصي هيئة الموظفين ــ بالنظر إلى أن هذه الإجراءات تعتبر مؤقتة وغير تمييزية وتم تبنيها لأسباب متعلقة بموازنة المدفوعات ــ بالمصادقة على هذه القيود ومزاولة التعامل في العملة حتى نهاية 2009م. وسيتم قريباً إصدار ملحق مختصر مع قرار مقترح حول هذه القيود قيود التبادل ومزاولة التعامل في العملة. 33. على الجبهة الهيكلية فإن الإصلاحات الضريبية مطلوبة لتوسيع أساس العائدات: لقد كان هناك تقدم مهم في السنوات الأخيرة نحو تخفيض الإعفاءات الضريبية وتبسيط النظام الضريبي وتحسين إدارة الضرائب. ولكن الانهيار الحاد في عائدات النفط يؤكد أهمية بذل جهدٍ أكبر لتعزيز العائدات، وبالأخص هناك حاجة ملحة لإجراء مراجعةٍ شاملة للسياسة الضريبية والتحرك بسرعة في اتجاه (i) تخفيض إعفاءات قيمة الضريبة المضافة، (ii) إصلاح ضريبة الدخل الشخصي (ويشمل تخفيض الجزء المعفى من الضريبة وإزالة الإعفاءات عن الأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين فما فوق)، (iii) توضيح قضايا السلطة الضريبية مع الحكومات الولائية. وترحب هيئة الموظفين بنية الحكومة في الشروع في إجراء مراجعةٍ كهذي ولتعزيز جهود التحصيل الضريبي بدرجة كبيرة. 34. يجب زيادة الجهود أيضاً لتقوية النظام المصرفي: ومن الضروري إيجادُ حلٍّ سريع لبنك أم درمان الوطني المأزوم إذ سيظل الموقف المالي لهذا البنك موضوع اهتمام فقد تدنت مؤشرات سلامته أكثر في عام 2008م. وترحب هيئة الموظفين في هذا الخصوص بتأكيد هدف السلطات على التحرك نحو إعادة هيكلة بنك أم درمان الوطني واستخصاصه. 35. يجب مراقبة مستوى الاقتراض واجب السداد بعناية: فسقف ال700 مليون دولار على التعاقد في الديون واجبة السداد يسعى لموازنة الحاجة لتمويل الاستثمار المهم ومشاريع الحد من الفقر بالنظر إلى حصول السودان المحدود على المساعدات الميسرة في الوقت الذي يُحدُّ فيه من الاقتراض واجب السداد على ضوء وضع الديون. وتحث هيئة الموظفين السلطات على التقليل بالقدر الممكن من التعاقد في الديون واجبة السداد أو ضمانها طالما أن مثل هذا الاقتراض يضعف من تحمل الديون وقد يؤجل مشاركة الدائنين في عملية إعفاء ديونٍ محتملة. 36. تلحظ هيئة الموظفين نية السلطات في تخفيض المدفوعات للصندوق في 2009م: إن الشكوك مرتبطة بالأزمة المالية العالمية وإن مستوى احتياطات النقد الأجنبي الضعيف للسودان يجعل من الصعب في هذا المنعطف الإبقاء على الإيفاء بالديون في ذات المستوى من الأعوام الماضية، ولكن مستحقات الصندوق من الديون ستزاد في 2010م منسجمةً مع التحسن المتوقع في موقف الاحتياطات. وتحث هيئة الموظفين أيضاً على المحافظة على الوضع المفضل لدائني الصنوق وأن ترد المدفوعات إلى الصندوق على أساسٍ أكثر انتظاماً. 37. ترى هيئة الموظفين أن البرنامج سيلبي بالنسبة للعام 2009م معيار مشروطية دفعية الائتمان الأعلى فيما عدا المستوى المقترح للاقتراض واجب السداد: ويعتبر البرنامج المراقب من هيئة الموظفين أداةً قيِّمةً لدعم حافز الإصلاح وهو يحتوي على إجراءاتٍ مهمة لتقوية الضبط المالي ودعم تطوير القطاع المالي. وسيكون مهماً البناء على هذه السياسات والإسراع بتقوية الاقتصاد الكلي وتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي في 2010م. وبالأخص يجب على السلطات متابعة توصيات مراجعة السياسة الضريبية ومشروع إعادة هيكلة بنك أم درمان الوطني. 38. إن البرنامج المراقب من هيئة الموظفين معرَّضٌ لمخاطر كبيرة: فبالنظر إلى الشكوك المرتبطة بالأزمة والحصول المحدود للسودان على التمويل الأجنبي والموقف الضعيف لاحتياط تبادل العملات الأجنبية فإن على السلطات أن تستجيب استجابة سريعة للظروف المتغيرة لكي تتفادى موازنة مضطربة لتسوية المدفوعات. ويعتبر ضعف الحل السياسي للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والدفع بالإصلاحات الضرورية مخاطرة كبيرة أخرى بالنسبة للبرنامج. وبالنظر إلى مرحلة الدورة الانتخابية فإن بعض الإجراءات الهيكلية الأكثر طموحاً للسياسة الضريبية وسياسة الإنفاق ستواجه بمخاطر التأجيل حتى نهاية 2010 أو 2011م. مرفق: نصُّ خطاب اتفاقٍ مبدئي بتوقيع 1. د. عوض أحمد الجاز وزير المالية والاقتصاد الوطني و2. الدكتور صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان المركزي لعناية المدير الإداري لصندوق النقد الدولي. التاريخ: 18 يونيو 2009م واشنطن 20431 السيد/ دومينيك ستراوس ـ كان المدير الإداري لصندوق النقد الدولي لقد حافظ السودان على تعاونٍ لصيقٍ مع صندوق النقد الدولي خلال السنوات الماضية. وقد أعاننا هذا التعاون على تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى المحافظة على الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو وتخفيض حدة الفقر مما يعتبر ضرورياً لدعم السلام والمصالحة على نطاق البلاد. ولقد تأثر السودان مثله مثل بلدانٍ أخرى كثيرة بالأزمة العالمية التي خفضت عائدات النفط والاستثمار الأجنبي المباشر تخفيضاً حاداً. وقد أوضحنا في مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية المرفقة الإجراءات التي نزمع الشروع فيها للتقليل من أثر الأزمة العالمية على اقتصادنا. وهذه السياسات والإجراءات ستدعم بواسطة برنامج ال18 شهراً الجديد والمراقب من قبل هيئة الموظفين والذي يغطي الفترة من يوليو 2009م إلى ديسمبر 2010م. وسيكون التركيز على النمو الاقتصادي المستديم والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وإعادة تكوين احتياطات النقد الأجنبي. وترى الحكومة وبنك السودان المركزي أن السياسات والإجراءات الموضحة في مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية المرفقة كافية لأن تحقق هذه الأهداف بيد أن الحكومة والبنك المركزي سيكونان مستعدَّيْن لاتخاذ إجراءاتٍ إضافية قد تكون مناسبة لهذا الهدف. وسيتشاور السودان مع الصندوق حول تبني هذه الإجراءات وقبل مراجعات السياسات المضمنة في مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية وفقاً لسياسات الصندوق حيال هذه المشاورات. ونحن ننوي إعلان هذه التفاهمات وتفويض صندوق النقد الدولي لنشر هذا الخطاب و مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية المرفقة وتقرير هيئة موظفي صندوق النقد الدولي. وإننا ملتزمون بتعزيز التكامل الاقتصادي داخل السودان ومع المجتمع الدولي على السواء، بيد أن نجاحنا يعتمد جزئياً على مستوى الدعم الذي يقدم إلينا من المؤسسات المتعددة ومن شركاء التنمية. وسنظل نأمل في أن يقر المجتمع الدولي بالجهود الكبيرة التي بذلناها خلال العقد الماضي فيما يتعلق بالتعاون حول السياسات والمدفوعات، كما نأمل أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءً ملموساً حيال إعفاء ديون السودان أسوةً بالإعفاء الذي قدِّم لبلدانٍ عديدةٍ أخرى.
مخلصكم 1. د. عوض أحمد الجاز وزير المالية والاقتصاد الوطني 2. د. صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان المركزي a
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
مسالة مرتضى الفالى
بواسطة: admino بتاريخ : السبت 08-08-2009 06:46 صباحا كل كلمة اسمعها عن السكة حديد ترنّ في أذني، وتجعل شعر رأسي يقف في حالة (استاندباي) ..فمازلنا نرى ان هذا المرفق يواجه اهمالاً شنيعاً من الجميع، مع انه حياة هذا البلد و(صمّام وحدته الجاذبة).. وبالامس قرأنا لأحد الزملاء كلمة يروي فيها حكاية عن ايام انضباط السكة حديد .. فقد كانت السكة حديد بمثابة الساعة التي (يظبط )الناس عليها حركة الصادر والوارد، وامدادات الغذاء، ولأنها ايضاً كانت (صامولة) الحياة الاجتماعية في السودان..قال في حكايته انه تصادف ان كانت هناك (كبايتان) من كبابي السكك الحديدة المشهورة التي يُكتب على جنباتها (اس ار) الرمز المعروف لـ(سودان ريل ويز) سكك حديد السودان.. فضاعت احدى الكبايتين (في ظروف غامضة) وبدأت التحقيقات الجادة من الادارة حول (هذه العُهدة) وعُقدت اللجان، ودارت مكاتبات حول هذه الكباية بين الخرطوم وعطبرة لمدة ثلاثة شهور....
ومهما كانت التفاصيل ونهاية القصة فإن الشاهد في هذه القضية هو مدي الانضباط الذي كان يسود هذا المرفق، علاوة على الاهتمام الكبير بالعُهدة الحكومية.. والآن لو عقدنا مقارنة بين ضياع هذه الكباية وبين الأحوال السائدة حالياً في سكك حديد السودان؛ كيف يكون الناتج؟! أخشى ان يقول لي أحد المواطنين ان هذه الحكاية كانت تشير الي ضياع كباية وبقاء السكة حديد، لكن الآن يا صاحبي لقد ضاعت السكة حديد وبقيت الكباية..!
احد العارفين بما يدور في السكة حديد هذه الأيام كتب وقال ان السكة حديد مدينة حالياً للتأمينات الاجتماعية بما مقداره 35 مليار جنيه، تم اقتطاعها من رواتب العاملين لما بعد التقاعد، وعجزت الادارة عن سدادها، كما عجزت عن سداد الرواتب في مواقيتها، ورافق هذه الأوضاع ان اعتزل المدير العام للسكة حديد العمل واعتكف في داره.. وكان ان اعلنت النقابة العامة للعاملين الاعتصام، وتساءل الرجل عن اسباب عدم الوفاء بمال التامينات، وعن سؤ حال الهيئة، وقال هل يا ترى هو عجز الادارة؟ ام ان الدولة لم تنظر لهذا المرفق الاستراتيجي من زاوية اهميته القصوى وأدواره القومية الخطيرة، فأدخلته ضمن مؤسسات التمويل الذاتي؟ ام ان السبب الخصصة وادخال الشركات الخاصة في قضبان القطارات، ومنحها الامتيازات على حساب (ما تبقى من السكة حديد) وتساءل مرة أخرى عن ادارة الاستثمار بالهيئة، وكيف تتم عمليات البيع والتأجير، وعن حوافز ادارة التسويق، وهل يحصلون فعلاً على حافز شهري مقداره 13% ؟! وهل هناك فعلاً ايجارات وهمية من الباطن لموظفي الهيئة انفسهم؟ وتساءل عن حقوق المعاشيين الذين يُراد اخلاء مساكنهم؟؟
..على كل حال اذا كان هذا هو الحال: فلا داعي عن السؤال عن مصير (الكباية التانية) ؟! اجراس الحرية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
د. حيدر إبراهيم:
جلد النساء بين القانون وفوبيا الفتنة،
د. حيدر ابراهيم علي
ssc_sudan @yahoo.com
تمثل قضية الصحافية السودانية، الاستاذة لبني احمد حسين، تجليات لواقع سياسي واجتماعي مركب وشديد التعقيد يجمع عددا من الظواهر،مثل:- توظيف الدين لتكريس الاستبداد واذلال الانسان السوداني؛ ومحاولة إخفاء عقد الكبت والحرمان في تشريعات وقوانين تدعي الاخلاقية والنقاء والتطهر الدينيين؛ اختزال الاخلاق والشرف في جسد المرأة والتغاضي عن مظاهر فساد الذمم وتجاوز الامانة والصدق ممايتجسد في نهب المال العام والترف في بلد معدم وفقير يعتمد علي منظمات الاغاثة "الكافرة". وتكشف القضية عن تحديات تواجه نظام اسلامي يأتي في القرن الحادي والعشرين.فكيف يمكن له التعامل مع تزايد الحريات وعالمية حقوق الانسان الاساسية والتي اصبحت حضارة بشرية شاملة لكل الناس. وهذا اختبار حقيقي لقدرته علي الاجتهاد والتجديد وفهم قضايا جديدة في ظروف متغيرة ومعقدة.فقد طرحت قضية لبني سؤالا مباشرا عن موقف الاسلامويين الاصيل من قضية حقوق المرأة واحترام كرامتها وتكليفها الديني.فالنظام الاسلاموي منفصم تماما، فهو يعين وزيرات ونائبات برلمانيات وقاضيات وفي نفس الوقت يحكم بجلد اخريات في مكان عام بدعوي خدش الحياء!
وتقع القضية ضمن مخطط متكامل لايديولوجية نظام اسلاموي قمعي يكبت كل اشكال المعارضة والاختلاف بآليات تجمع بين الصيغ الفاشية والدينية. فمن المبادئ التي ارتكز عليها نظام الانقاذ منذ البداية ‘العمل علي اذلال الانسان بقصد كسر أي روح للمقاومة والصمود نهائيا.وكانت أول انجازاتهم بيوت الاشباح،وحازوا علي عار مبادرة أول من أدخل التعذيب النفسي والبدني الممنهج في تاريخ العمل السياسي السوداني الحديث. كما شهد السودان بعد الانقلاب أطول نظام حظر تجول، ومازالت الحفلات والنشاطات الليلية – وبعد عشرين عاما – ممنوعة بعد الساعة الحادية عشر ليلا.ودشن الاسلامويون عهدهم الجديد بحملات تخويف وترويع قصدوا ان تترك أثرها علي أكبر عدد من المواطنين ولاطول فترة.وهذا اسلوب فاشي:المبالغة في العقوبة لكي يطال أثرها الكل.وفي هذا الجو، تم اعدام اثنين من المواطنين بتهمة حيازة عملة اجنبية، وبعد فترة قصيرة كانت الصرافات الخاصة تملأ البلاد وتتاجر علنا في العملة.فالمسألة ليست سياسة اقتصادية ولكنها اساليب للارهاب والترويع،ولقد نجحوا فيها.وفي ابريل 1990 تم اعدام 28 ضابطا بتهمة القيام بانقلاب.وكان الحكم والتنفيذ سريعا،وبرر احد اعضاء النظام بأنهم قصدوا استباق الوساطات والتدخل! وبعد ذلك كان اعلان الجهاد في الجنوب وما تبعه من هوس،وموت الآف الشباب وتزويجهم لبنات الحور في الجنة. وعاش السودانيون لفترة اجواء اقرب الي روايات الواقعية السحرية.واكتملت خلالها عملية الاذلال والاهانة المستمرة، وخلط ذلك بتطبيق الشريعة.وكانت محاولة لقدسنة وتديين القمع والعسف من جهة ،واشعار الآخر بالذنب والعار لانه يقف ضد الاسلام.وهذه حيلة لتبرئة الذمة والكذب علي الله.وفي سياق هذه العملية الكبري والشاملة، كانت المرأة هي الاولوية والهدف الاستراتيجي للقهر والاذلال.
ظلت المرأة تمثل هاجسا وعقدة في عقل ونفس المتدين التقليدي والمحافظ. وهذه الوضعية هي امتداد لفكرة الخطئية الاولي،والتي اضاف اليها الفقهاء المسلمون المحافظون تراثا ضخما استند عليه الاسلامويون السودانيون وهو الذي شكل كامل نظرتهم للمرأة،وموقفهم العملي.ونجد الكثير من الاحاديث والمرويات والقصص، الذي يسند الصراع الاساس والمستمر بين المرأة والرجل في التاريخ الاسلامي . ويتكرر الاستشهاد بمثل هذه الاحاديث التي تحذر من النساء:"إتقوا الله واتقوا النساء فإن أول فتنة بني اسرائيل كانت من النساء."(صحيح مسلم،ج4،ص2098).وحديث آخر:-" ما يئس الشيطان من ولي قط الا أتاه من قبل المرأة".ويروي حديث:-"أكثر أهل جهنم من النساء". أو :-" ما تركت من بعدي فتنة أضر من النساء". وهكذا تكون تراث ضخم من الاحاديث المماثلة والشروحات والفتاوي،أصبح الاساس لثقافة فقه المرأة.واتسع هذا الفقه ليشمل كل المخالفين والمعارضين ،أو من يمثلون خطرا علي النظام السائد والأمر الواقع.واستطاعت النظم والاسر الحاكمة المتعاقبة توظيف فقه القمع في صراعاتها السياسية.ولكن لم تنجح تماما في المجال الاجتماعي وبالذات في التعامل مع المرأة.فقد ظلت المرأة- العدو المراوغ مبثوثة في ثنايا وتلافيف المجتمع والحياة:- في الأسرة،والسرير،والشارع ،والحمامات العامة،والقصور،والحريم،والآن في المكاتب،والجامعات والمدارس،ومناسبات الافراح والاحزان،وف الاوزون وعفراءوحي مايو وسوق ليبيا. فالمرأة لا تمثل حزبا أوفرقة دينية أوجماعة أو مذهب يمكن مواجهته وسحقه كما حدث لكثير من الجماعات والفئات المثيرة للقلق وعدم الاستقرار.ويصعب تحديدها ومعرفتها كحقيقة وكيان ملموس يمكن التعامل معه بحسم نهائي.ومن هنا تنامت فكرة أبلسة وشيطنة المرأة، والتي تحمل وزر كل الازمات والخيبات والهزائم باشكالها.وهي تحمل مسؤولية كل شئ سالب،وصارت جزءا من المؤامرة الغامضة التي لم يقطع حول مكوناتها.لذلك، لم يكن غريبا أن تحتل مسائل وشؤون ومشكلات المرأة كل هذا الحيز الغالب في الفقه الاسلامي ،وفي الفتاوي،واجهزة الاعلام المستقبلة للأسئلة،وفي الندوات والمؤتمرات والملتقيات الدينية، ومجالات الوعظ والدروس الدينية. وحين نقارن كثافة فقه المرأة مع ميادين المعاملات والعبادات الاخري، نلاحظ بسهولة أهمية اشكالية ومشكلات المرأة في العقل والحياة الاسلاميين.
يأتي جلد النساء، ومن بين ذلك احتمال جلد لبني، في قلب الصراع التاريخي الطويل والمعارك المستمرة بين الرجل المسلم الخائف والمتوجس وغير الواثق من نفسه ومن المرأة.ولاحظ ان المتدين هو الاكثر خوفا وقلقا من "كيد النساء العظيم"،وبالتالي يجد في البحث عن الوسائل الناجعة لتحصين نفسه ضد هذا المخلوق العجيب والاستثنائي.ويصل الي العنف والاذلال من الوسائل الناجعة،ولذلك سكب كثيرا من المداد في النقاش حول طريقة الضرب الذي أمر بها الاسلام! وقد استغل الرجال الخائفون موضوع النشوز كمدخل لممارسة العنف في اطار المنزل اولا حتي اتي اجتهاد النظام العام الآن.ومن الآيات التي أثارت نقاشا مستفيضا واسئلة غير منقطعة الآية:-" فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا.(سورة النساء:34).
فالمتدين مازال يري في المرأة في الشيطان الاكبر،رغم نسبة الصفة الي الولايات المتحدة الامريكية، وبالذات المرأة المتحررة. لذلك، قد يكون البنطال سلاح أمضي وأشد فتكا من صواريخ كروز،في عقل المتدين المتعصب، لأنه يهدد حصون العقيدة والاخلاق. والمتدين المتعصب،غالبا ما يجد نفسه في حالة استعداد،حسب المعني العسكري، توقعا لاختراقات المرأة المفاجئة للقيم وسنن الحياة والاهم من لذلك تهديدها لنظام الكون والطبيعة والذي وزع الادوار والوظائف بين المرأة والرجل.ويحصن المتدين نفسه بترسانه من القوانين والاعراف وثقافة اضهاد وتفرقة تزيد – دون توقف – من ضعف وهشاشة المرأة.ويوظف اباحة الدين لضرب المرأة،رغم التقييد والشروط، لتمرير عنف الرجل ضد المرأة وجعله عاديا لأنه شرعي.وهذه تبريرات شديدة الخطورة تهدف لتطبيع العنف ضد المرأة كسلوك عادي.وقد يعتبر ضمنا جزءا من "عاداتنا وتقليدنا، والتي يخلط فيها الدين.
هدد تعليم المرأة وخروجها الي العمل،ومشاكتها السياسية وفي الحياة العامة،ومنافستها للرجل كما يظهر في نتائج الشهادة وفي الجامعات؛مبدأ " القوامة" لفقدان مبرراتها الاقتصادية والاجتماعية .والموقف من اتفاقية "سيداو"مصدره هذا التهديد المتزايد، رغم المبررات والحذلقات الدينية.وفي محاولة لاثبات استمرار القوامة،يبتكر الرجال عموما والمتدين علي وجه الخصوص،وسائل عنف يظنها دليل قوة واسترجاع لمكانة مفقودة.وما الضجة التي يثيرها قانون النظام العام حاليا الا احدي تجليات خوف الفقد وتراجع المكانة.ولابد لنا من أن نفرق بين العنف والقوة،فالمتعصب المتدين ليس قويا ولكن يستخدم العنف كآلية دفاع عن الذات وهذا موقف ضعف يبادر فيه الشخص بالاعتداء لحماية النفس.والعنف يختلف عن القوة لعدم التكافؤ والتساوي بين الاطراف.اذ يحرم الطرف المضطهد والممارس عليه العنف من كل ادوات المقاومة والرد.وعندما المتدين المتعصب في السلطة،فهو يوظف البؤس النفسي للجموع المحرومة من الملذات أو حتي ضرورات الحياة الاساسية؛ ويمزجه مع العواطف الدينية، ويجيّش هذه الجماهير البائسة لتسانده في عنفه.
يلاحظ – تاريخيا – وجود علاقة طردية بين انحطاط الدولة والمجتمع من جهة، وبين ازدياد العنف والقمع ضد المرأة.فعلي سبيل المثال،نجد أنه بعد سقوط الخلافة العباسية،وغلبة الترك والديلم والتتار، ظهر نظام الحريم،ونجد السلطان الذي يصدر منشورا،بأن كل إمرأة تسير كاشفة وجهها في الطريق بغير نقاب،يقص شعرها بالموس زتمتطي حمارا بالمقلوب ،وتعرض في الاسواق العامة بين تصفيق الصبية وصياح المتفرجين(جمال البنا كتاب الحجاب،ص 126)
ظل الرجل عموما خائفا من المرأة رغم الحديث عن ضعفها،ولان الرجل المتدين المتعصب هو الاكثر خوفا وهلعا فقد انشغل بالبحث عن آليات تغييب ومحو وشطب المرأة رغم وجودها المادي – الفيزيقي.وادخل هذا الأمر المتعصبين في معادلة خطيرة وغير اسلامية،اذ اختزلوا المرأة في جسد فاتن وجامح،دون روح وبالتالي عقل يضبطه وينظمه.رغم تأكيد الاسلام بأن الانسان(وهذا يعني الرجل والمرأة علي حد السواء)روح وجسد.ولذلك حرم الرهبانية في الاسلام.ولكنهم لم يعترفوا بروح المرأة،وبقي خوفهم وهوسهم تجاه جسد المرأة.وتوصل المتدينون الي فكرة العورة( تعور العين) لوصف المرأة واحيانا حتي صوتها،مع أن العورة لغة هي سوءة الانسان وكل ما يستحيا منه.وركز المتدينون كل جهدهم علي محاربة هذا الجسد الملعون،فكان الحجاب والنقاب للاخفاء والغاء الوجود المميز للشخصية الفردية،ثم الختان لتشويه الجسد وانقاص الشهوة أو بترها مثل العضو الذي يظنون أنه المسبب لها.وفي بعض الحضارات القديمة كان حزام العفة.ويدخل الحرمان من العلم والمعرفة ضمن آليات الغاء الروح.وضمن هذه الاستراتيجية،كان الحديث عن زنا العين أو العين الزانية.ولذلك،انشغل العقل المتدين بموضوع الملبس والزي.ورغم خصوصية الأمر،وثانويتة ضمن مشاغل الحياة والوجود الاخري،الا ان المتدينين انشغلوا كثيرا وشغلوا الجميع بهذه القضية الهامشيةوجعلوا أهم من مشكلات الفقر والتخلف والسلام والديمقراطية. وجعلوا من الحجاب معركتهم المقدسة الكبري.
قصد المتدينون والمتعصبون من خلال فرض الحجاب تحقيق هدف تشيؤ المرأة أي جعلها شيئا،باساليب عديدة من بينها:- تنميط المرأة من خلال الغاء ومنع الاختلاف والتنوع بدءا من الملبس.لذلك، تبدو لنا كل النساء المحجبات والمنقبات شيئا واحدا.وهذا التنميط لا يتعلق بالشكل فقط،فالحرمان من حق حرية اختيار الملبس المختلف،يعني بالضرورة سحب حق الاختيار في كل المجالات: الحكم،الساسة،الاسرة، المجتمع ... الخ.ولكن من يتابع التاريخ،يلاحظ أن المرأة ادركت هذا المخطط الذكوري.ولم تكن سلبية أو خاضعة في هذه المعركة بل كانت متحدية ومستفزة بسبب ادراكها لعقدة المتدين.فهناك ثأر قديم وخالد لم يحسم،توضحه كثير من الاسئلة المحيرة للرجل مثل :- كيف نجحت حواء الضعيفة في تضليل أو اقناع آدم لارتكاب المعصية؟وكيف أدخلت إمرأة العزيز ،النبي يوسف السجن؟وقد يفسر هذا الصراع سبب الانتقام والتشدد في الغاء ومحو المرأة.لذلك،اعتبر الكثيرون منهم أن جميع بدن الحرة عورة ولايجوز للرجل أن ينظر الي شئ منه الا الوجه والكفين لأنها تحتاج الي كشفها لاجل البيع والشراء والاخذ والعطاء.ويؤكد ابن تيمية ان الحرة كلها عورة الا وجهها وكفها،وعورة الأمة ما لا يظهر غالبا كالبطن والظهر والساقين.ولابد من ملاحظة هذه التفرقة بين الحرة والأمة،فالاخيرة تعتبر تماما شيئا أو متاعا وليس انسانا. ويرد في الأثر :-" أن للمرأة في عمرها ثلاث خرجات:خرجة لبيت زوجها حين تهدي اليه،وخرجة لموت أبيها،وخرجة لقبرها".
ومن اشكال المقاومة المضادة،استخدام المرأة للغة الجسد التي ترعب الرجل، وبالذات المتدين،من خلال اهتمام المرأة المسلمة"الحرة" بالزينة وابراز محاسنها. وفي التاريخ تراث ضخم لهذه المعركة،وهو ملئ بالدروس والعبر التاريخية لهذه العلاقة المعقدة والملتبسة.وتورد كتب التراث كثيرا من مواقف النساء المسلمات،نورد بعضها علي سبيل المثال.ففي العصر الاموي زاد اهتمام النساء العربيات ومولياتهن بملبسهن واشكالهن من خلال التزين في الثياب والهندام والهيئة، ورغبن في اقتناء الحجارة الكريمة واللآلي وأنواع الحلي.ويكتب أحد المؤرخين:-"وبلغ ببعضهن ابتدعت موضة خاصة، فقد كانت سكينة بنت الحسين تصفف شعرها بشكل جميل خاص عرف فيما بعد بالجمة السكينية،وقد شاعت هذه الموضة.واخذت النساء في هذا العصر يلبسن القمصان الاسكندرانية الرقيقة والثياب الرقيقة والثياب القوهية المصفرة تكاد تكشف عن اجسادهن، وأخذن يضعن علي وجوههن الحجب أو الخمر الرقيقة".(عمر كحالة:المرأة في عالمي العرب والاسلام.دمشق،دار الرسالة،1979،ج2 ،ص160).
وظهرت في التاريخ الاسلامي الكثيرات من المتمردات،ومن اواسط أكبر الأسر والرائدة في الاسلام،رفضن بطرائقهن الهيمنة والحجب،باستخدام نفس آليات الرجال،بصورة مقلوبة.فاستخدمت بعض النساء لغة سلاح الجسد للمقاومة بتصعيد خوف الرجل وكشف ضعفه، من خلال الاغراء والتمنع. فقد جاءنا في الرواية عن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وأمها أم كلثوم بنت ابي بكر،أنها:"من أندر نساء عصرها حسنا وجمالا وهيئة ومتانة وعفة وأدبا.وكانت لا تحتجب من الرجال فتجلس وتأذن لهم بالدخول عليها".وعن ابن اسحاق عن ابيه،فقال:-" دخلت علي عائشة بنت طلحة، وكانت لا تحتجب من الرجل،وتأذن كما يأذن الرجل ، فعاتبها مصعب بن الزبير في ذلك،فقالت:إن الله تبارك وتعالي وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضلي عليهم فما كنت والله لاستره والله ما في وصمة يقدر أن يذكرني بها".وفي رواية اخري:-"قال أنس بن مالك لعائشة بنت طلحة:إن القوم يريدون أن يدخلوا عليك فينظروا الي حسنك؛فقالت:أفلا قلت لي فالبس ثيابي؟(أي أن تتزين)وكانت من أحسن النساء وجها في زمانها". ومن تحدياتهن للرجل في معركة الفتنة والاغواء،لباس النساء الغلاميات للسراويل في العهد العباسي(ولم يجلدن!).
وفي بعض الاحيان قلبت المرأة مصدر الفتنة والاغراء،وحاولت تحويل الرجل الي شئ جميل فقط .فقد جاء في العقد الفريد لابن عبد ربه:-"نفي عمر بن الخطاب،نصر بن عجاج الذي تقول المصادر أنه احسن الناس وجها وشَعرا،وقد فتن نساء المدينة بجماله ،حتي ترنمت بحسنه إمرأة بشعر:- ألا سبيل الي خمر فأشربها أم هل سبيل الي نصر بن حجاج.
************************
ظل الصراع الجنسي ممثلا في فتنة المرأة، في المجتمع الاسلامي،يغلب علي الصراعات الاجيماعية الاخري،حتي الطبقية والاثنية .وفي السنوات الاولي ومع التحول الجديد الذي أحدثه الاسلام،برزت قضايا وضعية المرأة وكيفية التعامل معها،الي صدارة اهتمام المسلمين.وحتي السنة الثامنة لم يحدد موقفا واضحا،حتي فرض الحجاب في هذا العام،ليبدأ جدل جديد لم يتوقف حتي اليوم.وللمفارقة،في مطلع القرن الماضي،وفي مفتتح حوار الاصلاح،قفزت قضية الحجاب والسفور لتكون اولوية ومتقدمة علي القضايا السياسية والاجتماعية الاخري.والآن عادت قضية الحجاب مجددا بعد قرن من الزمان،حين وجد المسلمون أنفسهم يواجهون تحدي العولمة وهم عزل من أي رصيد حضاري حديثزوكالعادة اعتبر أغلب المسلمين أن أهم حصونهم هو المرأة مستودع الشرف والقيم والاخلاق،وبالتالي فهي الهاجس والخوف الاول والاصيل.ونقل المسلمون قضية الحجاب الي العالم الغربي،وشغلوهم بها.وفي الداخل،يأخذ الجدل حول منع أو إباحة الحجاب،جهدا ووقتا أكثر من نقاشات الديمقراطية وحقوق الانسان مثلا. ولم تعد الدول التي فرضت تطبيق الشريعة هي الوحيدة المتحمسة والمتعصبة،ولكن تنافسها جماعات دينية كثيرة ذات أثر اجتماعي وثقافي أقوي احيانا من السلطة السياسية.فالمرأة لم تعد محاصرة في ايران والسودان والسعودية وقطاع غزة فقط،بل في كل المجتمعات التي تنتشر فيها جماعات التعصب والهوس الديني.وفي حالات تمتع المتدينين بشرعية استخدام العنف أي كونهم سلطة سياسية،فقد سنوا قوانين للقمع والاضطهاد وعلي رأسها فرض الحجاب.ومثلما يأخذون علي فرنسا منع الحجاب،فهم يفرضون الحجاب أي ليس اختيارا حرا؛من خلال قوانين واجراءات ادارية والاقصاء عن العمل وحق الحركة،وكل حقوق المواطنة العادية التي قد تتطلب الاختلاط مع الرجال.وهنا تقف السلطة السياسية مع الرجل لصد الفتنة والغواية والاثارة والاغراء عنه.
وفي الحالة السودانية،استخدمت السلطة الاسلاموية آليات مقتبسة من النازية،مع فارق التطور الاجتماعي والتاريخي في الحالتين.أقصد بذلك،فكرة اعادة صياغة الانسان السوداني والتي هي في الاصل غير مسبوقة غير في المانيا الهتلرية.وكانت وزارة التخطيط الاجتماعي ياشراف علي عثمان محمد طه،قد انشءت بكل تفريعاتها وترهلها الاداري لكي تقوم بعملية ضبط وتوجيه كل مناحي حياة الفرد السوداني.وعلينا الاننسي ان حكومة الانقاذ قد وصلت حد مواعيد النوم والاستيقاظ(البكور).وضمن هذا التوجه جاء قانون النظام العام - حقيقة - ضد كل السودانيين وليس ضد المرأة فقط،كما قال أحد المسؤولين مبررا قضية لبني،دون ان يقصد عمومية الضرر طبعا.ولكن المرأة السودانية كانت مستهدفة،حيث حاصرها قانون النظام العام وشرطة أمن المجتمع والشرطة الشعبية بالاضافة لبعض المعتوهين الذين يقفون بسياطهم ،في مواقف المركبات العامة ،لترويع الفتيات.ويساند كل هذا،جهاز إعلامي موجه دينيا يبث الفتاوي والدروس الدينية يقدمها رجال ونساء يحملون صفة الدعاة.ويكاد موضوع المرأة يغطي كل زمن البث.ثم يكمل النظام التعليمي خطة تشيؤ المرأة ومحو الانسان فيها.فالفتيات فرض عليهن زي مدرسي شبه عسكري ،أقرب الي ملابس فرق الصاعقة.يضاف الي ذلك،مناهج تعليمية مليئة بمقررات تكرس دونية المرأة،وتعيد انتاج فكر سلفي معاد للمساواة وتكريم النساء.ومن الواضح أن نظام الاسلامويين السياسي في السودان قد انحاز للفهم المحافظ والمتخلف للدين مدعيا أن هذا هو صحيح الدين.ومن البدهيات أن انتشار هذا الفهم أو التأيل بين قطاعات واسعة من السودانيين،جاء من قهر السلطة،وليس من صحة واقناع الاجتهاد وحسن التأويل. وهكذا اكتملت ايديولوجية الاذلال الخاص بالمرأة ضمن الاذلال العام للانسان السوداني، بتركيز ومتابعة تتحسب لأي حراك أو تحرر نسوي تهدد منظومة قيم الرجل المتدين الخائف من المرأة الانسان.وغاية هذه الايديولوجية أن تبقي النساء مصدر الشهوة والاغراء والفتنة المسيطر عليها،وليس شقائق الرجال.
يختلط في سلوك وفكر المتدين المتعصب،تجاه المرأة،السياسي والقانوني مع النفسي والاجتماعي والثقافي.فهناك داعمات نفسية لاواعية تقبع خلف السلوك المتقنع بحماية الدولة والدين معا.ولكن حين نذهب أبعد من القشرة والاقنعة،تنكشف دوافع ومحفزات أخري.إذ يمكن القول،أنه قد تصدي لقضايا المرأة والمجتمع أناس لا تخلو سيرهم الذاتية من محطات للكبت الجنسي والخيبة العاطفية والحرمان،وما ينجم عن ذلك من عقد نفسية ذات اصول جنسية ونسائية.فالمجتمع السوداني – عموما – ذكوريا يفصل وظائف واهتمامات المرأة عن الرجل.وهذا يجعل العلاقات الطبيعية بين الجنسين،حتي علي المستوي البرئ والعادي،صعبة إن لم تكن غير ممكنة.وقد ساء هذا الوضع في السنوات الاخيرة مع تصاعد التزمت الديني والذي يصل قمته لدي بعض الشباب الذي يرفض النساء حتي ولو كن في عمر امهاتهم.وفي مثل هذا المجتمع الاحادي الجنس والذي يجعل مدخلين منفصلين للجنسين في أعرق الجامعات،لابد أن يسود التوتر في الشارع علاقة الجنسين.ورؤية الانثي الغريبة يصعّد كل عقد العمر،ولا يتم التعامل مع المرأة خارج البيت كوضع طبيعي.ورغم ضرورات الحياة وتطور المجتمع مما اقتضي زيادة وجود النساء في الشارع؛الا أن ذلك أثار كثيرا من العقد الكامنة والظاهرة،والتي تجلت في تنامي الدعوات للحجاب وتقليص وجود المرأة في الحياة العامة أي المحو والاخفاء.
لم يقلل إنتشار الحجاب والنقاب في الشارع والحياة عموما من خوف وفزع المتعصبين دينيا.فهم يشكون دوما من الانحلال والتفسخ،وان كل ذلك لم يؤد الي قتل الفتنة والشهوة والاغواء. فقد استمرت المعركة الازلية،اذ كان الرجل العصابي المتدين يظن القدرة علي لملة المرأة – الجسد داخل العباءة أوالزي الاسلامي ،كما يسمونه.ولكن حتي المرأة المحجبة أو النقبة استمرت في توظيف لغة الجسد واللبس في معركتها لهزيمة الرجل نفسيا واجتماعيا.فقد جعلت المرأة من الحجاب موضةفهناك حجاب لندن مثلا،وظهور انواع الطرح الشفافة والملابس المطرزة بالخرز اللماع الجاذب للانتباهزثم تضاف الي ذلك العطور النفّاذة المثيرة للخيال والميقظة للرغبات.كما تستخدم العين،المسموح باظهاها،وتجعل منها مهاجما مركزيا في الصراع،وهنا يلعب الكحل والعناية بالاهداب دورا استراتيجيا رغم تغطية كل بقية الجسد.كما لا يستطيع الرجل التحكم وتقييد طريقة المشية والحركة.وقد كان الحجاب لدي المتدينين آخر العلاج.
جرب المتعصب المسكين العاجز كل الوسائل العنيفة واللطيفة ولكنه لم يشعر ابدا بالامان والثقة.ومن هنا يمكن أن نعتبر سن قانون النظام محاولة اخيرة ،يفترض أن تكون ناجعة،لكي يتم سد ثغرات تحقيق المحو الكامل للمرأة الانسان بكل ممكناتها خاصة الشريرة.وقد يحقق هذا القانون من خلال الجلد والاهانة والاذلال عملية التشيؤ وافراغ المرأة من انسانيتها،خاصة حين ترقد علي الارض وتتلوي من الألم ويتفرج ويضحك عليها العامة.ويبقي قانون النظام معلقا علي رؤوس الجميع،ويسقط عليهم حين تريد شرطة أمن المجتمع ومن خلفها المنظرون والايديولوجيون والسياسيون من سدنة المشروع الحضاري الذين يخشون انهياره الكامل والنهائي.ويبقي القانون كشبح يلاحق "المنفلتات" وغير الملتزمات بالزي الاسلامي؛باعتبارهن قنبلة موقوتة تهدد المشروع الحضاري من خلال تشجيع الخروج عن نمط المرأة التي يريدها المشروع،كما يخربن خطة اعادة صياغة الانسان السوداني.
ورغم التعويل علي قانون النظام في الردع والانضباط،وهذا ما اعطاه سلطات واسعة وناجزة؛الا أن القانون لم يستطع وقف نسبة الاصابة بالايدز ولا انقاص عدد الاطفال اللقطاء في دار المايقوما،ولا تجفيف تدفق المخدرات علي المدن ولا في الجامعات والمعاهد التعليمية.والاهم من ذلك،أننا ما زلنا نتسائل هل يندرج الفساد المالي والاداري وسرقة المال العام،وأكل اموال اليتامي والمشردين واللاجئين والنازحين في مواد قانون النظام العام؟الا تخدش سرقة الاموال العامة المكشوفة والمعلنة في تقارير مراجعهم العام،الحياء الوطني والنخوة الدينية؟ولم نسمع مطلقا – طوال عمر النظام الاسلاموي – بجلد أي سارق لاموال الشعب رغم حواادث الاختلاسات وخداع البنوك الراتبة.ومن الواضح أن قانون النظام العام يساهم في اختزال الشرف والاخلاق في بضع سنتيمترات من القماش ترتديها فتاة؛ ويتجاهل كثيرا من القيم والسلوكيات والاتجاهات التي تشكل منظومة الاخلاق للمجتمعات الراقية والمتدينة حقيقة.والحركة الاسلاموية السودانية لانها قاصرة وعاجزة في ميدان الاجتهاد الديني،فهي تأخذ أقصر الطرق لاعادة صياغة الانسان السوداني:طريق القانون والاجراءات التعسفية والقمعية،واستعمال السوط بدلا عن العقل والمنطق والاقناع.فهي تري ان السوط اصدق إنباءا من الفكر لأنها فقيرة ومجدبة فكريا ودينيا وثقافيا.
كشفت ممارسات قمع النساء خلال سنوات حكم الاسلامويين عن سلوك أقرب الي المرض النفسي والعصاب منه الي تطهير المجتمع.ويظل جلد طالبات جامعة الاحفاد بام درمان،يمثل عارا مقيما لأهل النظام،يلاحقهم لمسلمين وسودانييين.فالسوداني الذي كان يفتخر بأنه مقنع الكاشفات،اصبح يجلد النساء في مكان عام بقصد التشهير والتخويف وباسم الدين.ولكن ذلك التصرف لم يكن دافعه دينيا ولا قانونيا ،بل "تلبد" خلفه عقد نفسية ومشاعر بالتفاوت الاجتماعي،كانا هما الدافع الحقيقي الخفي في تلافيف العقل الباطن.فمن المعلوم أن طالبات الاحفاد – عموما – يمثلن واقعيا أوتصورا،في المخيال السوداني،البورجوازية الاقتصادية – الاجتماعية والبرجوازية الجمالية،ان صح استعارة المصطلح .وهذا التميز والامتياز يمثل في الضفة الاخري،قدرا من الحقد والغبن والشعور بالحرمان.اذ نجد أن عناصرها - في الغالب- ومن بينهم جنود وضباط،آتين من الريف والضهاري،وينتمون الي فئات اجتماعية فقيرة ومحرومة من أبسط الحاجات الاساسية اللازمة للبقاء.وجاءت بهم ظروف الهجرة والعمل الي العاصمة،والي مهنة تمكنهم من مشاهدة كل تفاصيل المجتمع.وعند مرورهم الرسمي اليومي،كانوا يرون كرنفالات الملابس،ويستنشقون العطور الباريسية التي تخترق غبار العرضة وعوادم بصات امبدة.وفي احدي المرات،اختلطت الغيرة الدينية مع الرغبات المكبوتةمع مشاعر الحرمان الاجتماعي،مع حقيقة "جميلة ومستحيلة".واعقب الصبر الطويل،الترصد حتي تم الظفر بالطالبات في حالة هجوم بكل اسلحة الفتنة والغواية والاغراء ضد المتعصب العنيف الخائف.واشهر عليهن سلاح رسمي: خدش الحياء العام أو استفزاز المشاعر الدينية.وهي تهمة ضعيفة تدل علي المسكنة والعجز والخوف لدي المتدين،والذي يستنجد بقانون النظام العام الذي اخترعه لمثل هذا اليوم.وقد تم اذلال الفتيات واهانة بشريتهن،بينما كان يتلذذ بالمنظر الجلادون والمتفرجون.
تقود النقطة السابقة الي العلاقة بين الألم واللذة ،وقد ترددت الفكرة كثيرا عند فرويد وعلماء التحليل النفسي اللاحقين.لذلك،فإن عملية الجلد التي تمارس في السودان،وتحت كل المسميات ووفق أي مرجعية،مثقلة بتداخل الألم واللذة في العقل الباطن للمتدين العصابي والعنيف.فهو يجد في ألم الضحية لذة قد تقارب ممارسة الجنس مع المضروب،في خياله.ونحن امام نمط سلوكي يجمع بامتياز بين السادية والماسوشية(أو المازوخية)،يلتذ بتسبيب الألم،وهذا يجعله في نفس الوقت مثل القابل لالمه الذاتي بلذة.وقد يمثل الجلد وسيلة لامتلاك جسد المرأة وحق التصرف فيه دون ارادة صاحبته،وهو سلوك أقرب الي الاغتصاب.ولكنه وجه لفكرة التمكين الاسلاموية علي مستوي آخر في السلطة المطلقة علي كل مقدرات المواطن أو المواطنة .وهناك وسيلة آخري للامتلاك ينشط فيها الاسلامويون وهي تعدد الزوجات رغم كل تشديد الدين في مسألة العدل بين النساء.ولكنها ممارسة مزدوجة لتشيؤ المرأة.فالزوجة القدية انتهت صلاحيتها،والجديدة يتم شراؤها بالمال دائما لأنه ليس في الرجال الكهول ما يغري غير أموالهم وممتلكاتهم.والغريب في مسألة التشيؤ من خلال التعدد الزوجي ،هو استبطان وقبول النساء الاسلامويات لفكرة الامتلاك والتشيؤ.
لابد لنا من أن نتساءل عن حكمة مشروعية اختيار الجلد كعقوبة مع امكانية التعزير من خلال الغرامة أو السجن‘خاصة وان عقوبة الملبس ليست من الحدود القاطعةاعود مرة اخري ،لتأكيد اننا امام عقد نفسية وجنسية تدفع اصحابها للاستمتاع بجلد المرأة ومتابعة طريقة تألمها بشبق ولذة.وذلك لان المشرعين والمنفذين لا يستندون علي نص شرعي قاطع بوجوب الجلد.ولا توجد بينات،لأنهم لا يستطيعون تحديد ما هو الزي الفاضح الذي يستوجب العقوبة؟ويقول احد مسؤولي شرطة أمن المجتمع مفسرا:-" الزي الفاضح هو الزي الضيق والشفاف والمثير للشهوة الجنسية".فالضيق والشفاف نسبي تماما،وهل توصلت الشرطة لتيروميتر خاص لقياس ارتفاع أو انخفاض الشهوة الجنسية؟فهذه بدورها مسألة نسبية تعتمد علي ثقافة الشخص ونظرته للمرأة المثيرة وغير المثيرة.ومن ناحية اخري،يقر كل المجتهدين المحدثين امثال الشيخ محمد الغزالي وجمال البنا ومحمود شلتوت وحتي يوسف القرضاوي ،عدم وجود ما يسمي بالزي الاسلامي.وأن الاسلام لم يضع قواعد محددة للملابس الشرعية،وان كل ما ورد في القرآن الكريم من اوامر في هذا الخصوص هو ستر المرأة لجسمها.وفي حديث قريب للشيخ نصر فريد واصل،مفتي الديار المصرية الاسبق،يقول:-"...كل ما يستر جسم المرأة ولا يظهر شيئا من مفاتنها ولا يفصل أعضاء جسمها، فهو مباح". ومن كل ما تقدم ،تنفضح دينية النظام في السودان،المزيفة،فهو يسعي الي التمكين باسم الدين ،ولا يسعي الي نشر الفضيلة وتطهير المجتمع.ولا لترك مهمة فهم وتفسير الدين للفقهاء والمفكرين وليس للشرطة.
إن قضية الصحفية لبني احمد حسين،هي قمة توظيف الدين في اذلال وإهانة الانسان السوداني، وليس المرأة فقط.ولكن المرأة السودانية تجسد فوبيا الفتنة والغواية،لذا تحتاج لعنف اكبر للدفاع عن الذات الخائفة.وفي النهاية،تبقي المحاكمة وسيلة تكريس للنظام الثيوقراطي الذي غادر كهوف العصور الوسطي ليبتلي به السودان في نهاية القرن العشرين.فالحاكمون لم يعدوا يهتمون بأي مرجعية دينية حقيقية وأصيلة،ويكتفي منظروهم في الاعلام بترديد شعار أننا نطبق الشريعة،وهذ خصوصيتناولا يحق للآخرين التدخل في شؤوننا.فمتي أصبح جلد النساء في ذكري مرور اربعين عاما علي نزول الانسان علي سطح القمر،خصوصية سودانية؟إنهم يؤكدون الفوات التاريخي الذي نعيشه،ويقدمون سودانا خارج التاريخ الفعلي للبشرية.ونحن كسودانيين نعيش مأزق الدولة الدينية التي تمارس الابتزاز علي مواطنيها،لأنهم حين يعارضونها يتهمون بمعصية الله ورسوله.وهذه خطورة الدولة الدينية التي لم نستطع تجنب قيام وحين قامت تقاعسنا عن تغييرها،وبالتالي أضعنا سنوات حاسمة من عمر الوطن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
Quote: المناهضون للقبض على فتيات الشيشة والأندية لهم دوافعهم لدمغ النظام بما يسمى (الطالبانيّة) والسعي لإثبات تهم الغرب عليه بالتضييق على الحريات الشخصيّة ومحاولة الإلتفاف على الحقائق والنيل من التوجه الإسلامي لإثبات صحة وواقعيّة المطالبين بعلمانيّة الدولة وإلغاء الشريعة حتى تسهر العاصمة حتى الصباح وهي تحتسي الفودكا والجعة البلدية (المريسة)، ولهؤلاء الحق في النضال من أجل ما يبتغون!!. البعد الثاني سياسي، فالحركة الشعبية ظلت تناضل من أجل حقوق المهمشين والأطراف ومن أجل سودان ديمقراطي تعددي .. ولكن أن تدافع الحركة الشعبيّة عن (اسكيرتات) الفتيات وتنصب نفسها حامي (الشيشنيات) فتلك قصة (جديدة لنج) لأن النضال الذي يبدأ بالقضايا الكبيرة وينتهي بالفساتين (وحجر الشيشة) .. وما بين (الحجر) و(المعسِّل) أشياء وأشياء، وتلك تجربة جديدة في النضال لم نسمع بها من قبل .. وأن يصبح كمال عمر، القيادي البارز في المؤتمر الشعبي، منافحاً عن سيدة قُبضت في منتصف الليل بنادٍ أو مقهى .. فللأستاذ كمال عمر الشكر والتقدير وهو يتواضع بمستوى مرافعاته من الطعون الدستورية إلى الطعون في لوائح النظام العام وقوانينه.. وأن تصبح السيدة المربية سارة نقد الله مسانداً لقضية لبنى أحمد حسين .. فتاريخ الأنصاريات لم يشهد بهذا، ولكن لكل مرحلة نساءها.. كان البُعد الخارجي في قضية لبنى أحمد حسين حاضراً وعشرات الدبلوماسيين ومنسوبو الأمم المتحدة قد هبّوا لمقر المحكمة ليشهدوا ماذا تفعل طالبان أفريقيا بامرأة تعمل لصالح الأمم المتحدة أو موظفة في إحدى وكالاتها.. وهل ما يحدث في المحكمة من كثافة الوجود الأجنبي يندرج تحت بند مراقبة القضاء الوطني .. أم متابعة قضية من اهتمامات وأسباب وجود قوات اليونميس في الخرطوم؟ هل ما يجري في محكمة الخرطوم شمال محاولة لمحاكمة الشريعة الإسلامية ومحاكمة الإنقاذ والحركة الإسلامية وقد رُفعت أمام المحكمة لافتة تقول: (لا لجلد النساء) والشعارات الاعتراضية هنا موجهة للقائل (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)، ومن نصوص القرآن في القضايا الحديّة استنبط العلماء تشريعات الجلد في القضايا المخلّة بالآداب العامة، حيث يمثل اللبس الخليع وتعاطي (الشيشة) للفتيات مظهراً ينم عن الانحطاط الأخلاقي... غاب اتحاد عام المرأة السودانية وغابت منظمات المجتمع المدني من غير دعاة (...) وحضرت كل طوائف المعارضة السياسيّة والاجتماعية والنصف الثاني من الحكومة لإرهاب دعاة الشريعة (باليونميد) وبالإعلام والقناع الدولي، لكن ممثلي شرطة النظام العام كانوا ثباتاً أكثر من الذين تداعوا للمحكمة من كل فج عميق في محاولة لرفع فساتين الفتيات باسم النضال والدفاع عن الحريات حتى تسقط حكومة هزمت حملة الأمطار الغزيرة وهزمت التحالف الثلاثي وشرب قاضي لاهاي من ماء نصفه كدر وطين .. ونصفه الآخر يصعب علينا وصفه .. لكن تبقى قضية لبنى أحمد حسين نزاعاً محدوداً بين شرطة أمن المجتمع المعنيّة بالحفاظ على القيم الاجتماعية وحماية الأسر، ومن يناهضون مشروعات الاصلاح الاجتماعي من قوى أغلبها ترفع شعارات الإصلاح السياسي قبل الإصلاح الاجتماعي، وما تشهده المحاكمة من حشود لمنظمات مجتمع مدني أمام طاولة مولانا مدثر الرشيد ما هي إلا حالة من مظهريات الصائدين الكثر، كلٌ يبتغي هدفه من خلال (لبنى أحمد حسين) التي ظهرت أمام المحكمة ببنطال وبلوزة ساترة لا تثير الآخرين. لكن شرطة أمن المجتمع لها أسبابها وحيثياتها والتي أصبح مطلوباً منها الإجابة على السؤال ماذا يجري في مقاهي الشيشة وحفلات الليل؟ السيدة لبنى أحمد حسين وفريق الدفاع عنها وأبواق الإعلام الخارجي تردد أنها مهددة بالجلد (40) سوطاً لكن مثل هذه القضايا حينما تعرض أمام القضاء عقوبتها الغرامة وحسن السير والسلوك، وهي عقوبة أكثر قسوة من الجلد لتجاوزها حيِّز المسكوت عنه لإشاعة النبأ للعامة وفي ذلك ضرر بالغ بالفتيات والسيدات أخف منه عقوبة الجلد التي نُفذت بحق صُويحبات لبنى عشية القبض عليهن ليلاً بالخرطوم.
اخر لحظة |
عزيزنا الكيك الاقتباس أعلاه من مقال لصحفي مجهول الهوية نشره بصحيفة (آخر لحظة) كما تفضلت بنقله هنا ولا يمكن أن يمر دون تعليق. .. وأمام كم الاسفاف الذي ينضح بالمقال فقد إحترت كيف أركز على أهم (السفاهات) التي وردت به، وما اقتبسته هو نموذج فقط ، وليس حصرياً على أي حال!.
قبل أن أعلق عليه أود التذكير بأن هذه الصحيفة تحديداً شنت قبل أشهر حملة تشهير غريبة .. سخيفة ومؤسفة من نوعها إدعت فيها .. (بالأحرى إتهمت ) عدداً من زملاء المهنة بأنهم على علاقة مشبوهة بجهات أجنبية تستخدمهم لقاء أموال مدفوعة الأجر، وكان على قائمة من جاءت صحيفة (آخر لحظة) بأسمائهم الأستاذة لبنى أحمد الحسين وآخرين من أشرف الأقلام نزاهة ووطنية، وقد قوبلت هذه الفرية في أوساط الحقل الصحفي السوداني باستهجان بلغ حدوداً من الغضب والشجب ما حدى بهيئة تحرير (آخر لحظة) لكتابة إعتذار (يريق ماء الوجه) لا أكثر ولا أقل!.
اليوم يتكرر الفعل بشكل أفدح، حيث تتهم زميلة للصحفيين (بأخر لحظة) ودونما مواربة أو ديبلوماسية حصيفة بأنها ومن كنً معها في ذلك الحفل الاجتماعي لسن فوق الشبهات! وبالمقال أعلاه والذي ينز بذاءة وتجريماً كريهاً وقذفاً مقذعاً للمحصنات، وكأن لسان حال كاتبه ( المجهول ) يقول أن لبنى ومن تواجدن معها في ذلك الحفل الاجتماعي لسن سوى( بنات ليل عديل كدا)!. هؤلاء هم حراس الفضيلة باسم الاسلام وتقاليد المجتمع ، (حملة الأقلام) لمهنة من أهم واجباتها الدفاع عن الحقوق المشروعة للفرد والمطالبة بتفعيل القوانين التي تكفل هذه الحقوق! . وقبل أن نطالب صحيفة (أخر لحظة) بالكشف عن كاتب المقال إن كان بهذه الشجاعة التي تؤهله للدفاع عما كتب .. دعونا أولاً نرفع الصوت جهيراً لكل حادب ومهتم :- أدركو ا مهنة الصحافة في السودان .. أدركوها!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: حسن الجزولي)
|
الاخ حسن الجزولى مشكور على مشاركتك القيمة اذكر فى زيارتى الاخيرة للسودان قابلت الاخت لبنى فى صحيفة اجراس الحرية وكان معى الاستاذ مرتضى الغالى واخبرتنا بانها ذهبت للنيابة لفتح بلاغ فى الشخص وتلك الاجهزة التى افترت عليهم مما ذكرته انت هنا فى صحيفة اخر لحظة وحكت لنا كيف انها وجدت العراقيل التى وضعت امامها فى هذا الاتجاه ..منذ ذلك الوقت وهى مستهدفة .. اشكرك لانك تذكرت هذا الامر الهام تحياتى لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الاخت سارة عيسى تتميز دون كثير من الكتاب بذاكرة ثاقبة فى افعال وسلوك الاخوان المسلمين وهى ذاكرة مهمة لمن يريد ان يعرف كيف يتصرف هؤلاء القوم مع الاحداث سواء كانت ايجابية او سلبية بالنسبة لهم لو قرات هذا المقال لعرفت الانفصام الذى يعيش فيه هؤلاء القوم بين الفرح والغضب الجد والهزل الصحيح والخطا الكذب والحقيقة سوف تتوه فى دهاليز الاخوان اقرا وتعجب
فرحة (غرايشن) ... بقلم: سارة عيسى الثلاثاء, 11 أغسطس 2009 13:20
رحم الله الأستاذ/أحمد سليمان المحامي ، فعندما تم إدراج إسم السودان في قائمة الإرهاب في بداية التسعينات رقص رجال الإنقاذ على أنغام هذا القرار وأعتبروه شهادة حية تثبت أن المشروع الحضاري على حق وغيره هو الباطل ، والدليل على ذلك شهادة أمريكا الكافرة ، فرح الإتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم بهذا القرار كثيراً وقرر المضي في سيرة الجهاد حتى ولو حسبته أمريكا إرهاباً ، في الخارج كانت القيادة السياسية تتعامل مع هذا القرار من بوابة أن اليهود والنصارى لن يرضوا عن المسلمين حتى يتبعوا ملتهم ، المحصلة من كل ذلك أن رجال الإنقاذ سعوا بكل ما يملكون لوضع السودان في هذه القائمة ، لذا ليس علينا لعن باقان أموم ووصفه بأنه العراب الذي يقف كحجر عثرة بين العلاقات السودانية الأمريكية ، فالرجل قال أن مستقبل هذه العلاقة يرتبط بالسلام الشامل في السودان من بينه تطبيق إتفاق السلام الشامل في الجنوب وحل أزمة دارفور ، ومن الذي لا يريد غير ذلك ؟؟ هذه العلاقة يجب أن تكون بين الشعوب وليس بين الأنظمة ، لا نريدها أن تكون علاقة حصرية مرتهنة لرموز مع فعلت مع شاه إيران أو الرئيس النميري ، رجال الإنقاذ يريدونها على هذا النحو ، لذلك فرحوا بالتصريحات الخاطئة للجنرال غريشن وأعتبروا أن ما قاله عن المحكمة الدولية يستحق الثناء ، نظرة نظام الإنقاذ لعلاقته مع أمريكا لا تتجاوز إطار إخراج الرئيس البشير من مأزق المحكمة الدولية ، فهي لا ترتقي إلى مستوي تقديم التكنولوجيا وقروض التنمية ، لذلك ليس باقان أموم هو الوحيد الذي يرفض هذه العلاقة المشبوهة بل الجميع يرفضونها ، ولا نريد أن يكون ثمن هذه العلاقة هو الخيط الأمني فقد حيث يسافر " الجوالة " بين السودان وواشنطن وهم يحملون في حقائبهم قوائم المطلوبين ، خير هذه العلاقة لا ينعكس على الجميع ، و نعود الآن لكلمات الأستاذ/أحمد سليمان المحامي عندما صدر قرار إدراج السودان في قائمة الإرهاب ، فقد كان هو العاقل الوحيد في جوقة المجانين ، حذر الأستاذ/سليمان من تداعيات هذا القرار وقال بالحرف الواحد :إن صدر هذا القرار فمن المستحيل شطب إسم السودان من هذه القائمة ، فالرجل كان واقعياً أكثر من علي كرتي وعبدالباسط سبدرات وربيع عبد العاطي ، فهؤلاء فرحوا لصدور القرار ورقصوا له واليوم يرفعون رايات الحزن السوداء مطالبين برفعه ، هرولت الإنقاذ نحو مائدة نيفاشا ووقعت إتفاق السلام مع الحركة الشعبية وطردت " المهاجرين " العرب وسلمت بعضهم للحكومة الأمريكية لكن الحال بقى كما هو عليه ، بالفعل هناك أجنحة داخل الإدارة الأمريكية تتناطح على ملف السودان ، فالعسكريين من المحافظين الجمهوريين يرون أن تطبيع العلاقات مع السودان مهم لأنه يقوم بمهمته على أكمل في محاربة الإرهاب ، وهذا التيار ينتمي للحزب الجمهوري ، أما الإدارة السياسية الديمقراطية فهي ترى العلاقة من منظور آخر ، فهي لا تريد أن تتورط في دعم نظام ديني وعنصري متطرف في أفريقيا ، فهي تخشى فقدان الميزان الأخلاقي في قياس الأمور وخاصةً بعد إقتناع الرئيس أوباما أن ما جرى في دارفور هو إبادة جماعية ، إذاً هو الرئيس الثاني في الولايات المتحدة الذي يصف ما جرى في دارفور هو إبادة جماعية ، لذلك كان من المستحيل عقد هذا الزواج بصورة رسمية ، وما متاح لنظام الإنقاذ هو زواج المسيار –كما حدث في أيام إدارة الجمهوريين – يضمن لأمريكا تعاون السودان في مجال الإرهاب ، وهذه العلاقة تكون بلا نفقة أو تكلفة معيشة ، فالجنرال غريشن لم يقل أنه تراجع عن اقواله بل قال أن تصريحاته تم تفسيرها عن طريق الخطأ ، أي أنه قال الشيء نفسه ولكن اذن سمعته خطأ ، فهو لم يقل أنه مع رفع إسم السودان من قائمة الحظر بل أنه كان يقصد رفع الحظر جزئياً عن السودان ممثلاً في الجنوب ، كما أكد دعمه للمحكمة الدولية ، إذاً هي فرحة لم تكتمل ، بعد أمتلأت الصحف بتصريحات غريشن ، وبعد المدح والثناء ، والمؤتمرات الصحفية الجمة للغازي صلاح الدين الذي أتى بهذا النصر الكبير ، اليوم أنقلب المشهد تماماً ، هناك حسرة وحرقة وبكاء وعويل ، أو باللغة الدارجة " سكلبة " ، فلم يجد رجال الإنقاذ سوى باقان أموم لتوجيه اللوم إليه .
سارة عيسي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
أزمة في جامعة كسلا بعـد فصل«75» طالباً الخرطوم: كسلا: علوية مختار
اصدرت جامعة كسلا قرارا بفصل 75 طالبا على ذمة احداث مايو الماضي، والتي علقت معها الدراسة بالجامعة. وحذر الطلاب المفصولون من انفجار الاوضاع في حال اصرار الادارة على تنفيذ القرار، واعتبروا ان القرار سياسي بحت ،لكن عميد شؤون الطلاب وعضو لجنة المحاسبة الدكتور عصام الدين مصطفى، دافع عن القرار، رافضا دمغه بالسياسي. وقال لـ «الصحافة»، ان الاحداث الاخيرة بالجامعة احتاجت الى وقفة ، لا سيما وانها صاحبتها اعتداءات ومحاولات لمنع انسياب الدراسة، واشار الى أن الاوضاع تفجرت فجأة وبدواعٍ سياسية وليست اكاديمية، كما يزعم الطلاب. وذكر ، ان الطلاب كان امامهم الطرق السلمية في قيادة حوار مع ادارة الجامعة بدلا من اللجوء الى العنف، واكد ان الباب لا زال مفتوحا امام الطلاب المفصولين للطعن في القرار اما باستئناف او الاسترحامات. الا ان عددا من الطلاب المفصولين اكدوا ان مدير الجامعة رفض قبول الاستئناف الذي رفعوه، ورفض مطالبهم،وقال احد الطلاب ويدعى ابراهيم مختار «للصحافة»، ان قرار لجنة المحاسبة بالجامعة التي شكلت علي خلفية احداث مايو ،قضى بفصل 75 طالباً منهم 5 فصلا نهائيا ، وآخرين يتراوح ما بين الفصل لعامين وعام، الي جانب الانذار النهائي . واكد ان الاحداث جاءت نتيجة لاستنفاد الوسائل السلمية من مذكرات احتجاجية حول اللائحة الجديدة للجامعة، ومطالبات لعقد مؤتمر اكاديمي لمناقشتها، لا سيما وانها تمثل اجحافا في حق الطلاب. واعتبر الاعتصام حقا شرعيا للطلاب، وواحدا وسائل الضغط ،وحذر ابراهيم من ان يسهم القرار في تفجير الاوضاع بالجامعة، واشار للغضب والاحتقان والشعور بالظلم الذي ينتاب الطلاب، وتوقع ان تحدث مشكلة في القريب العاجل. وقال، ان الشرطة منعت الطلاب من الدخول الى الحرم الجامعي بحجة انها اغلقت بمناسبة شهر رمضان المعظم. وذكر ان التجمهر قد تم عقب اعلان القرار، وتم تفريقه بواسطة السلطات. الي ذلك، ادان مؤتمر البجا قرار الفصل ،واعتبره سلبا للحريات. وقال القيادي في مؤتمر البجا عبدالله موسى «للصحافة»، ان رئيس الحزب ومساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد سيستدعي وزير التعليم العام لاثارة تلك القضية.
الصحافة الأحد 23 أغسطس 2009م، 3 رمضان 1430هـ العدد 5805
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الإثنين 24 أغسطس 2009م، 4 رمضان 1430هـ العدد 5806 بشفافية (لا يا شيخ) حيدر المكاشفي [email protected] أذكر قبل نحو ثلاثة أعوام وتحديداً في أعقاب حادثة الاغتيال البشعة لشهيد الصحافة محمد طه، أن إحدى الصحف المحلية سقط اسمها من الذاكرة سألته في معرض مقابلة صحفية أجرتها معه تطلب تعليقه على جريمة الاغتيال البشعة تلك، ربما للعلاقة الحقيقية أو المفترضة التي تجمع هذا الشيخ الشاب المتشدد بالجماعة التي سيرت ضد الشهيد المظاهرات مطالبة برأسه لمجرد نشر صحيفته لمقال عن طريق الخطأ هو شخصياً لم يكن على علم به واعتذر عنه في اليوم التالي، ولكن رغم ذلك لم تهدأ ثائرة هؤلاء الغلاة المتطرفين، وتلك قضية أخرى ندعها الآن جانباً ولنعد إلى اجابة عبد الحي على السؤال، قال الشيخ الذي ينسبه البعض لطائفة الحشوية، والحشوية طائفة يقال أنها لا تعرف من الإسلام إلا القشور ولا تستمسك منه إلا بالمظاهر، بينما يعتبره بعض آخر أفضل من يدعو إلى المحجة البيضاء بكل وضوح وجرأة بلا (لولوة) ودون أن يشق للدين (دريبات) أخرى، المهم أنه لا يهمنا تصنيف هذا الشاب الشيخ هنا بقدر ما يهمنا كلامه الذي قال فيه ما معناه (فأنا أنقل من الذاكرة) وذاكرتي ليست في مستوى آلة الفوتوكوبي ولكنها على أية حال أفضل بكثير من الغربال، قال إن جريمة اغتيال محمد طه لا يقرها الدين كما لا يجوز أخذ القانون باليد وبمثل هذه التصرفات الخرقاء ستتحول البلاد إلى فوضى، فالحادثة بشعة ومستنكرة مافي ذلك شك وفيها خروج أيضاً على القيم السودانية، الله الله، الشيخ يعترف بالقيم السودانية ويستشهد بها فما ألطفك يا رب وأرحمك، أما عندما ووجه الشيخ بسؤال مباغت عن مشاركته في إصدار فتاوى إهدار الدم بما في ذلك هدر دم الشهيد محمد طه، انبرى الشيخ وكأنى به قد (قمز) في تلك اللحظة من وخزة السؤال، إنبرى للتحدي وليس للدفاع فهو لا تغيب عن مثله القاعدة الذهبية (الهجوم خير وسيلة للدفاع)، متحدياً كائناً من كان أن يأتيه بأي ورقة أو قرطاس عليها أو عليه توقيعه على أي كلام يحمل أي معنى يدل على إهدار الدم، وباختصار غير مخل وتفسير غير متهجم فان الشيخ باجاباته تلك يريد أن يقول لنا انه حين يدعو إلى الله إنما يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فانك لا تهدي من أحببت دعك ممن تكره والله يهدي من يشاء وهذا هو بيت قصيدنا الذي (سنقنص) به للداعية الذي يشابه الداعية عبد الحي في الكثير، محمد عبد الكريم والذي لن تكون نتيجة دعوة مثل تلك التي أطلقها بمسجد الجريف غرب إلا مجازر بشعة مثل حادثة اغتيال الشهيد محمد طه التي استنكرها وبرئ منها صنوه ونديده الشيخ عبد الحى... ولهذا لم أجد أفضل وأبلغ ما أرد به على الشيخ محمد عبد الكريم، من ردود الشيخ عبد الحى التي أتينا عليها فيما سبق، فليس أفضل من يواجه الشيخ إلا شيخ مثله ينادده في السن ويوافقه في الفكر (شيخ لاقى شيخاً)، ولهذا يحدونا أمل في أن نسمع استدراكاً من الشيخ عبد الكريم مثل الاستدراك الذي سمعناه من قبل من الشيخ يوسف رغم ما عليه من مآخذ قد تهبط به إلى مستوى إبراء الذمة من أن يكون له دور ولو في توفير الأجواء والبيئات الحاضنة ومن ثمّ المفرخة لمثل هذه الجرائم، إذ لا يكفي التبرؤ وحده في مثل هذه الحالة بل لا بد كذلك من تبرئة المنهج الذي تقوم عليه دعوة أمثال هذين الشيخين من الخطل والخطر الذي يقود حتماً إلى مثل هذه الفظائع طال الزمن أم قصر... الصحافة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: عبدالكريم الامين احمد)
|
شكر عبد الكريم واعطيك حاجة سريعة كدة من نوع الفساد الذى لا يمكن تصوره انزلته فى عينات من الفساد
واقرا هذا الخبر وانظر للكمية واخفاء اسم المهرب لتعرف ان ان السارق ليس شخصا عاديا وانما من اللصوص الجدد الذين تعودوا على التجارة بمثل هذه الاساليب والسؤال هل هذه هى المرة الاولى لهذا المهرب بالطبع لا لانه لولا التمرس لما تجرا بهذه الكمية العائلة .. افرا الخبر
ضبط أكثر من (8) آلاف كيلو ذهب بمطار الخرطوم
تمكنت إدارة جمارك مطار الخرطوم أمس من ضبط (8) آلاف و(977) كيلوجرام ذهب بالسفريات الداخلية وتم حجز المضبوطات وفتح بلاغ بنيابة الجمارك. وأشاد العميد شرطة أزهري إبراهيم مدير إدارة جمارك مطار الخرطوم بالضباط والرتب الأخرى العاملين بالإدارة لقيامهم بدورهم على أكمل وجه في حماية مقدرات الوطن اقتصادياً وأمنياً.
الرى العام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
عيون وآذان (هل أحلم من جديد؟) الإثنين, 31 أغسطس 2009
جهاد الخازن أقترح وحدة سياسية واقتصادية بين مصر والسودان وليبيا.
لن أختار مسميات لا أفهمها أو تحمل أكثر من معنى، فأتجنب اقتراح وحدة فيديرالية أو كونفيديرالية أو اندماجية، وأقول إنني أريد للدول الثلاث وحدة أكبر من الاتحاد الأوروبي وأقل من الولايات المتحدة الأميركية.
إذا كانت لي سياسة مــنذ كنت صغيراً فهي أنني وحدوي من منــازلهم، فقد آمنت بوحدة عربية رخوة من دون أن أنتمي الى حزب أو فصيل أو قطــيع. ورأيت حلم الوحدة يتحقق ثم ينتــهي كابوســاً منع تكرار التجربة.
وبقيت وحدوياً من دون أحلام، وسرَّني أن تستمر الإمــارات العربية المتحدة، والمنطق يقول أن تستمر لأن ما يجمع الإمارات الأعضــاء أكـثر كثيراً مما يفرقها، مع حكمة الشيخ زايد في تجنب وحدة مكبّلة تخنق أعضاءها، أو مفككة ليس فيها غير اسمها.
مصر والسودان وليبيا تكمل إحداها الأخرى اقتصادياً، والوحدة بقيادة مصر ستخرج السودان من عزلته واتهامه بإبادة الجنس ومواجهة محكمة جرائم الحرب الدولية، وستنهي أربعين سنة من حكم العقيد معمر القذافي في ليبيا كلها عجاف، وهي حتماً ستفيد مصر، والشعب الليبي الصابر...
هل أحلم من جديد؟ كلنا يعرف أن الأخ العقيد زحف على مصر طلباً للوحدة وردّه رؤساء مصر، وأعرف شخصــياً أن مــصر أخذت جانب المشير عمر البشير في خلافه مع الشيخ حسن الترابي، حتى انتصر الأول وتفرد بالحكم. ومصر إذا قادت الدولة الموحدة الجديدة فهي ستضفي عليها عقلانية تفتــقر اليها ليبيا اليوم، واعتدالاً غاب عن الحكم السودانــي في السـنوات الأخيرة.
بما ان مصر تقيم علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل فإن الوحدة المقترحة تعني إخراج دولتين عربيتين مهمتين من خط المواجهة مع اسرائيل، وفي هذا إغراء كافٍ قد يخفف من المعارضة الإسرائيلية، والأميركية التالية، غير أنني أرجح ان الفاشست في الحكم الإسرائيلي واللوبي اليهودي وأتباعه وعملائه في الكونغرس الأميركي، وقيادات أوروبية تدعي الحياد، لن تتحمل قيام دولة عربية واحدة تضم حوالى 142 مليون نسمة و5.2 مليون كيلومتر مربع من الأرض الزاخرة بالثروات الطبيعية على حدود اسرائيل، والدول الثلاث فيها بترول أكثره في ليبيا، وتملك قوى بشرية مؤثرة، أكثرها في مصر، والسودان يوفر أرضاً زراعية للجميع.
لا أريد أن أنتقد النظام الليبي من جديد، فأنا أحاول أن أشجعه على طلب الوحدة، ثم أذكّره بأنه بعد 34 سنة من انتهاج سياسة معينة شملت مغامرات عسكرية في تشاد وغيرها ولوكربي ومقهى لا بل في برلين والشرطية ايفون فلتشر في لندن انقلب على نفسه ودار 180 درجة وتخلى عن برنامج نووي خيالي، ثم كانت الاحتفالات الليبية باستقبال ارهابي مدانٍ، وأثبتت ان النظام لم يغير جلده ولا يستطيع تغييره.
السودان كان مسرح كارثة انسانية فظيعة، وحتى إذا قبلنا إصرار المشير البشير على أنه بريء من ابادة الجنس في دارفور، فإنه يبقى مسؤولاً بصفته رئيس الدولة، وهذا من دون أن ندخل في تفاصيل أي حرب أو سلام مع الجنوب، أو فرض حكم ديني متزمت على البلاد من دون تفويض شعبي واضح.
اعتقد أن وحدة وادي النيل وليبيا ستفيد الدول الثلاث، وأمن اسرائيل، واقتصاد الدول المعنية كلها في الشرق والغرب، ثم أعود الى القول، على رغم الفوائد الواضحة للجميع، إن الأعداء الظاهرين والمستترين لن يقبلوا وحدة عربية ناجحة لأنها ستشجع على تقليدها في مناطق عربية أخرى، والمصلحة البعيدة المدى لهؤلاء أن يبقى العرب متفرقين متخلّفين مختلفين جاهلين ضعفاء.
كان لنا في السودان تجربة سياسية عربية يتيمة عندما تخلى المشير عبدالرحمن سوار الذهب طوعاً عن الحكم بعد انتفاضة 1985. ومع 40 سنة من الحكم في ليبيا ربما فكر الأخ العقيد أن يركز على تأليف الكتب وان ينشر مانفستو الوحدة العربية الجديدة، شعراً إذا أراد. والمشكلة ستكون في مصر حيث تميز حكم الرئيــس حسني مبارك دائماً بالحذر الشــديد في التــعامل مع القريب والبعيد، وبتجنب المـــغامرات من أي نوع، غير أن الرئيس المصري في الثمانين ولا يرجى سوى حسن الختام، وهو إذا قاد مسيرة شعبية للوحدة سيجد تأييداً فورياً في كل بلد عربي، لا الدول المعنية الثلاث فحسب، وسيسحب البساط من تحت أقدام المتطرفين الذين يحاولون قيادة الأمة نحو الهاوية.
إذا بدأ الرئيس مبارك فهو سيسترجع دوره قائداً لسلاح الطيران في حرب العبور، والدول الثلاث ستبقى بأسمائها ضمن المجموعة الدولية، وستبقى لها برلمانات محلية وقوانين ككل ولاية أميركية، ولكن تصبح السياسة الخارجية والاقتصادية واحدة متكاملة، مع ديموقراطية للجميع.
هل أطمع أن تكون الوحدة أيضاً في التعليم ضمن نظام عصري يلبي حاجات الأمة كلها؟ أعتقد أنني أحلم كثيراً، فلم يبقَ لنا غير الحلم.
الحياة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
مغازى غازى وفتوحاته المكية ... بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل الأربعاء, 02 سبتمبر 2009 12:08
غربا باتجاه الشرق مغازى غازى وفتوحاته المكية مصطفى عبد العزيز البطل [email protected] (1) هناك غازيان لهما (مغازى) فى الشأن السودانى العام، هما الدكتور غازى صلاح الدين والمحامى غازى سليمان. وفارق بين الغازيين. الغازى الاول يوصف بأنه قيادى فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، والثانى كان حتى وقت قريب يوصف بأنه قيادى فى حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان. (قيادية) الاول ثابتة ومؤكدة تعضدها الشواهد والبراهين، أما (قيادية) الثانى ففيها قولان، اذ يصح عندى ان ابن سليمان لم يكن قط، فى يوم من الايام، قياديا فى الحركة الشعبية لتحرير السودان، وان الادوار المنسوبة له فى هذا المضمار مفتعلة ومنتحلة، فقط لا غير. الغازى الاول عنده سيرة ذاتية حقيقية تقول انه مجاهد حمل السلاح ووقف فى جفن الردى ذات يوم دفاعا عن عقيدته (الاسلاموية)، فكاد ان يهلك دونها. وقد تواترت الاحاديث، حسنة المتن والاسناد، تشهد وتعضد الروايات عن وقفة الرجل وثباته يوم أن كان الرجال قليل. أما الغازى الثانى فعنده سيرة ذاتية (مضروبة) تقول انه مناضل حمل السلاح ذات يوم وانتظم فى كتائب الثورة الاريترية التى جاهدت قوات الاحتلال الاثيوبى على عهد الامبراطور هيلاسلاسى. وهى نضالات جاء ذكرها فى بعض كتب (الاسرائيليات)، وروج لها البعض فى السودان، ولكن لم يشهد عليها قط شاهد عدل. الشهود العدول شهدوا فقط بأن الرجل كان قد حاول – كعادته فى خطف الأدوار – ان ينتحل لنفسه، ضربة لازب، دورا (قياديا) فى انقلاب الرائد هاشم العطا فى يوليو ١٩٧١، فلما انهزم الانقلاب وانحسر ظله ورأى غازى رايات النميرى تعلو من جديد، وعلم ان تحتها المشانق والسجون، قبض أطراف جلبابه فوضعها بين أسنانه وأطلق ساقيه للريح، ولم يتوقف عن اللهاث الا بعد ان عبر الى عمق الاراضى الاريترية، وهناك وجد بين اهلها من أعانه، بعد استجمام، على مواصلة الرحلة الى عدن، عاصمة جمهورية اليمن الجنوبي، آنذاك، حيث أقام لاجئا ريثما انجلى غبار الردة المايوية. (2) كتب رئيس تحرير (الاحداث)، الاستاذ عادل الباز، ضمن مقاله الاسبوع الماضى يشكو ويستهجن ويندب على الحركة الشعبية لتحرير السودان القرار الذى اصدره مكتبها السياسى، عقب اجتماعه فى جوبا خلال الاسبوع الثالث من اغسطس ٢٠٠٩، بفصل الاستاذ غازى سليمان من عضوية الحركة. وهو القرار المسبّب بحسب صيغة البيان ب ( خروج [المفصول] على الخط السياسى العام للحركة الشعبية ومشاركته فى أنشطة هدامة ضدها). كتب عادل بلغة حزينة تتقطع لها نياط القلوب، يراجع الحركة فى قرارها: ( هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ يا ترى كيف تجرأت الحركة على الاقدام على مثل هذه الخطوة؟) ثم أضاف: ( حين كان للنضال ثمن كان غازى سليمان يشرع صدره ويقابل المحن بشجاعة يحسد عليها). ثم مضى عادل لا يلوى على شئ ليقدم لقارئه مثالا مُعبراً يعزز به مقالته عن شجاعة غازى ونضاله يوم ان كان للنضال ثمن، فكتب: (لا ازال اذكر يوم جمعنا غازى فى مكتبه قبل نيفاشا بكثير لنستمع لقائد الحركة جون قرنق المتمرد الذى كان سيخاطبنا. هذا فعل لا يقدر عليه يومئذٍ الا غازى سليمان. كثير من المناضلين تحت رايات الحركة لم نسمع لهم صوتا تلك الايام ... هل هذا جزاء المناضلين من قادة الحركة؟ ماذا يقول الناس عن حركة ما أن تمكنت فى السلطة حتى دفعت بقادتها للمجهول؟) ثم انقلب عادل الى صاحبه غازى معزياً ومواسياً وناقماً على قلة الوفاء فى زماننا الأغبر هذا: ( يا غازى لا تحزن فالسلطة دائما بلا ذاكرة وهى بنت اليوم لا تتعامل بعملات فاقدة الصلاحية مثل الوفاء والاخلاص، فهذه قيم لا مكان لها من الاعراب ...) المثال الذى قدمه رئيس تحرير الاحداث عن واقعة المؤتمر الصحفى للراحل جون قرنق الذى كان مفترضاً عقده بمكتب المحامى غازى سليمان، والذى اتخذ منه عادل دليلا ينطق بتاريخ غازى البطولى، يستحق ان نقف عنده لهنيهة لأسباب عدة. واحدة منها أن هذا المؤتمر جرى ولعهد طويل ترويجه فى الاوساط السياسية والاعلامية السودانية لتلميع صورة الاستاذ غازى سليمان وأضافة الرتوش ولوازم الماكياج اليها، ومن ثم اعادة انتاج المحامى الكبير وتسويقه كمناضل قومى ورمز ثورى. ولكن أحدا من الصحافيين او السياسيين او غيرهم من المراقبين، من معاصرى هذه الواقعة، (باستثناء بعض الفاعلين فى الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولأسباب سنستبينها بعد لحظات)، لم يسع يومها الى سبر غور الواقعة وتقصى أبعادها وتحرى الحقائق من امرها بغية تمحيصها من الاوهام والخزعبلات! لماذا؟ لأن (المؤمن صديق)، ولأن الحاجة كانت ماسة وقتها الى أبطال وزعامات كاريزمية وهالات ثورية. كيف؟ سنرى بعد ان نعود الى الحكاية فنحكيها من أولها بغرض التذكير، فالذكرى تنفع الشعوب التى تشكو من ضعف الذاكرة. فى يوم من شتاء العام ١٩٩٩ وزع الاستاذ غازى الدعوات للصحف ووكالات الانباء والفضائيات والمراسلين الاجانب لحضور مؤتمر صحفى يعقد فى مكتبه بوسط الخرطوم، يتحدث فيه الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ويجيب فيه على أسئلة الصحافيين، وذلك عبر وسائط الكترونية. وعندما بدأ المدعوون من اهل الصحافة والاعلام فى التوافد الى المكتب حضر رجال الأمن وقاموا باعتقال الموجودين ومن بينهم غازى نفسه، ثم اطلق سراح الجميع بعد ساعات على ان يشخصوا امام القاضى فى وقت لاحق. وما ان جاء يوم الشخوص حتى فوجئوا (أو بالاحرى فوجئ اغلبهم اذ من المؤكد انه كان بينهم من لم يُفاجأ) بالنائب العام آنذاك، الاستاذ على محمد عثمان ياسين، يأمر بسحب الاوراق من أمام المحكمة وصرف النظر عن القضية بأكملها. من الأسئلة الملحة التى ترد على الذهن هنا: اذا اخذنا فى الاعتبار ان زمان المؤتمر الصحفى المفترض للزعيم جون قرنق الذى دعا له غازى بمكتبه بالخرطوم كان نوفمبر ١٩٩٩، وهو زمان كانت فيه سلطة الانقاذ فى ذروة جبروتها وغرورها وتحديها للعالم بأسره، ناهيك عن معارضى الداخل، وكانت أجهزتها الامنية الضاربة فى عز سطوتها، تأخذ بناصية المعارضين أخذ عزيز مقتدر وتسومهم سوء العذاب، فكان الناس يساقون لأوهى الأسباب الى حيث يؤخذون أخذاً وبيلا فى بيوت الاشباح، وكانت الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدفاع الشعبى من ناحية والجيش الشعبى لتحرير السودان من ناحية اخرى مستعرة فى أوج لظاها، إذا وضعنا ذلك كله فى الاعتبار فهل يعقل عاقل ان تأذن السلطات - او ان تقف مكتوفة الايدى - وهى تشهد قائداً لحركة عسكرية متمردة، فى شرعتها، وفى حالة حرب معلنة مع الدولة، يخاطب رجال ونساء الصحافة والاعلام وينفث افكاره (الهدامة) فى مكتب محامٍ بوسط الخرطوم؟! لا أظن. اذن ما الذى حدا بمحامٍ حصيف وحاد الذكاء مثل غازى الى ابتدار ذلك الموقف، والاعلان عنه على نطاق واسع، والتعامل معه باعتيادية شديدة وكأن قيام المؤتمر الصحفى الموعود أمر طبيعى وروتينى ولا غبار عليه؟ لماذا لم يقصر المؤتمر الصحفى على مجموعة مختارة من الصحفيين الشرفاء دون اعلان، حتى لا يعلم به ويجهضه رجال الامن؟ الم يكن ذلك هو المتوقع من رجال يفترض عنهم انهم خبروا دروب النضال ضد الانظمة الشمولية؟ العلم عند الله وعند المحامى الحصيف الحاد الذكاء! ولهذا كله فإنه عندما اكتملت فصول الرواية الملهاة وبلغت تمامها، واخذ المحامى الكبير يمشى الهوينا فى شوارع الخرطوم وبين مجالسها متقمصا شخصية البطل الوثيق الصلة بالقائد جون قرنق، والذى تهابه الانظمة ولا يهاب احدا، كان بعض الناشطين من الكوادر السرية للحركة الشعبية فى الداخل يجهدون لتحرى أمر المؤتمر الصحفى الاسطورة ويسعون لفض مغاليقه. كانت المهاتفات والمكاتيب تدور بين هؤلاء وبين عناصر الحركة فى جنوبى السودان وفى المنافى بنيروبى وأسمرا. وكان السؤال الذى ينتصب وحيدا مثل السيف هو: هل صحيح انه كانت هناك فعلا تدابير معدة لمؤتمر صحفى يخاطب فيه جون قرنق الصحفيين والاعلاميين بالداخل من خلال دائرة الكترونية بمكتب المحامى غازى سليمان، أم أن الأمر كله لم يتعد كونه مسرحية من ابداعات مخرج عبقرى؟ وعند التشاور مع قيادات الحركة فى الخارج وسؤالها عن حقيقة الأمر فوجئ هؤلاء بأنه لا يوجد قيادى واحد من القريبين من القائد جون قرنق أو من الذين يلازمونه ملازمة الظل سمع أصلا عن أية ترتيبات متعلقة بالمؤتمر الصحفى المزعوم، او علم عن أى لقاء او اتصالات ربما تكون قد جرت بين غازى وقرنق. والأنكى من كل هذا انه اتضح لهؤلاء المتحرين الباحثين عن اجابات شافية للغز العجيب أن قرنق نفسه كان فى التاريخ المعلن للمؤتمر فى مكان ما على الحدود السودانية الكينية لا تتوفر فيه اية وسائل اتصالات حديثة! واخيراً آثر الباحثون عن الاجوبة، على التساؤلات القائمة بشأن المؤتمر الصحفى المزعوم، الركون الى نظرية توصل اليها بعض المراقبين. تستند النظرية على واقعة حدثت قبل أشهر من دعوة غازى المعلنة للصحفيين لحضور مؤتمر قرنق الصحفى بمكتبه. كان مسرح الواقعة هو جامعة ام درمان الاهلية حيث نظم اتحاد طلابها بنجاح مذهل وبصورة مفاجئة أمر خطاب مباشر وجههه القائد جون قرنق الى طلاب الجامعة. وكانت هذه هى المرة الاولى، التى يخاطب فيها قرنق قوى داخلية عبر الوسائط الالكترونية الحديثة وحرب الجنوب فى اوج استعارها. وكان المحامى غازى سليمان من ضمن حضور تلك المناسبة الطلابية التى دُعى اليها عدد من الشخصيات السياسية والنقابية. وقد شوهد غازى وهو يتجه الى المنصة بصورة غير متوقعة أثناء مخاطبة قرنق للطلاب ويحاول اختطاف سماعة جهاز الاتصال والحديث الى جون قرنق. ولكن الطلاب المنظمين للمناسبة رفضوا السماح له باستخدام جهاز الارسال، فأصر الرجل على استخدام الجهاز والحديث الى قرنق، غير أن الطلاب ازدادوا اصرارا على منعه، أما لاسباب تخصهم، او لانهم لم يقتنعوا بالسبب الذى قدمه لهم المحامى الذى كان يتحرق شوقا – بصورة لافتة للنظر - لمخاطبة قائد الحركة الشعبية. خلاصة النظرية تقول بأن المحامى الكبير ربما استقى فكرة عقد مؤتمر صحفى مع قرنق فى مكتبه عبر الوسائط الالكترونية، من التجربة الناجحة لطلاب الجامعة الاهلية، وهى التجربة التى فاجأت رجال الامن وقتها مفاجأة استراتيجية. ولكنه فى حالة مؤتمره الصحفى المشار اليه نزع عن الحدث، عمداً وبمحض ارادته، عنصر المباغته واجهض روح المفاجأة بأن اصدر اعلانات عامة نشرها فى كل المحافل وجهها للكافة، ومن ضمنهم – بطبيعة الحال - رجال الامن! (3) كذلك فإن من بين الاسئلة التى ظلت تطرح نفسها باستمرار السؤال البرئ: متى بدأت علاقة المحامى غازى سليمان بالحركة الشعبية لتحرير السودان؟ وقد ظل هذا الامر شاغلا، او قل هاجسا، لعدد كبير من المهتمين بالتوثيق للمسارين العسكرى والسياسى للحركة الشعبية. ثم وجدت التساؤلات طريقها للصحافة حيث ظلت الاسئلة حول تاريخ علاقة الرجل بالحركة تلاحقه فى الحوارات الاعلامية ردحا من الزمن. والالحاح فى السؤال من قبل المراقبين مصدره بصورة اساسية التناقض الشديد بين رواية غازى نفسه من ناحية وروايات القيادات الجنوبية والشمالية ذات الأدوار التاريخية فى تأسيس وقيادة الحركة. للمحامى رواية واحدة لا يحيد عنها وهى انه عضو أصيل فى الحركة، وأنه كان على علاقة وطيدة بقائدها ورمزها التاريخى جون قرنق منذ بداية الثمانينات. وتعبير (بداية الثمانينات) من التعابير الثابتة عند غازى، ولكنه لا يحدد قط تاريخا بعينه. بداية الثمانينات تبدأ من العام ١٩٨١ وتنتهى فى ١٩٨٣أو ١٩٨٤، اما العام ١٩٨٥ فيقال فى وصفه (منتصف الثمانينات). ونحن نعلم ان الحركة الشعبية تم تأسيسيها واعلان المانيفيستو الخاص بها فى ١٩٨٣ وجاءت انطلاقتها الحقيقية فى ١٩٨٤، فلا بد اذن وفقا للتقدير الزمنى أعلاه ان غازى كان من المؤسسين للحركة. المشكلة الوحيدة هنا هى ان قادة الحركة ممن عرفوا زعيمها جون قرنق ولازموه منذ ذلك التاريخ، بما فيهم القادة الذين كانوا مسئولين عن الاتصال وتوجيه كودار الحركة السرية ونشاطاتها داخل السودان، لا يذكرون قط انهم شاهدوا غازى فى صفوف الحركة اوتعاملوا معه او حتى سمعوا باسمه قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل عام ٢٠٠٥! (4) فى حوار اجرته معه صحيفة ( الوطن ) فى ٢٩ مارس ٢٠٠٩ وجه المحرر نفس السؤال الى المحامى الكبير فقدم غازى اجابة جديدة اشتملت على مفاجأة استراتيجية ألقت بأضواء كاشفة على تاريخه النضالى. قال الرجل انه انضم الى الحركة الشعبية (قبل أعلانها). أى والله، قبل اعلانها، اى قبل تأسيسها! جاءت الاجابة فى مقام الرد على "المتخرصين" الذين شككوا فى أن للرجل عضوية معروفة او علاقة حقيقية بالحركة، حيث قال: ( أنا عضو فى الحركة الشعبية لتحرير السودان قبل اعلانها ويشهد على ذلك رجل الاعمال قرنق دينق اقوير. وعندما التقيت مع الدكتور جون قرنق فى ثمانينات القرن الماضى كانت الحركة الشعبية فكرة). وأضاف استطرادا فى الرد: ( على العموم انا استهجن الحديث بأن الحركة لا تعرفنا. هم فعلا لا يعرفوننا لأن الذي يعرفنا هو جون قرنق دى مابيور، و د. جون قرنق لا يكشف اوراقه لأى شخص). ومن بركات هذه الاجابة على السيد غازى انها توفر له ملاذاً آمنا من كل التساؤلات التى ظلت تحلق حوله بشأن تاريخ التحاقه بالحركة الشعبية. طالما ان اللقاء مع جون قرنق تم قبل تأسيس الحركة نفسها، وأن جون قرنق – بحسب غازى - (لا يكشف اوراقه لأى شخص)، فبالتالى لم يعد بوسع القادة الآخرين الذين زعموا بأنهم لم يروه او يسمعوا به كعضو فى حركتهم قبل عام ٢٠٠٥ الا ان يطبقوا شفاهم وان يلزموا الصمت. القائد جون قرنق مات، والموتى لا يتكلمون، وحتى اذا تكلموا، فما هو الضمان ان يصرح لنا جون قرنق بالحقيقة عن عضوية غازى الأصيلة فى حركته، فاذا كان الرجل لا (يكشف اوراقه) وهو حى، فكيف سيكشفها وهو ميت؟ ولكن المشكلة محلولة بعون الله، فالسيد غازى لديه شاهد واحد حى وهو تاجر جنوبى اسمه دينق أقوير! فليمت المتشككون بغيظهم اذن، فكفاح الرجل المسلح فى صفوف الحركة الشعبية منذ مرحلة التأسيس، بل وما قبل التأسيس، ثابت ومؤكد. ليس ذلك فحسب بل هو كفاح ممهور بالدم، فقد حمل غازى السلاح (سرا بطبيعة الحال) وحارب جنبا الى جنب مع القائد العظيم قرنق. كيف لا وقد قال غازى عن نفسه وعن الحركة معاً فى ذات الحوار الذى اجرته معه صحيفة الوطن: ( هذا تنظيم دفعت أنا من دمى غالياً من أجله). و عبارة (دفعت من دمى) يصح تفسيرها أيضا بأن المحامى الكبير ربما تبرع بكميات من دمه وبعث بها فى انبولات بلاستيكية الى مستشفيات الحركة الميدانية، ولكننا نغلب الظن انه حمل السلاح وقاتل فعليا، جنبا الى جنب مع القائد المجيد جون قرنق. غير أن "المتخرصين" من قادة الحركة الشعبية ما انفكوا يرددون فى مجالسهم الخاصة أن علاقة غازى بالحركة بدأت فى العام ٢٠٠٥، وذلك عندما كان يلتقى بهم ويلح فى طلب مقابلة الدكتور قرنق إلحاحا جاوز الحد. وأنه أكثر وقتها من الاحاديث التى تمجد قرنق وحركته. وتلى ذلك ان زكاه لعضوية الحركة فى ذلك العام الاستاذ ياسر عرمان. وعندما قام الدكتور جون قرنق، عقب توقيع اتفاقية السلام الشامل، بتشكيل اللجنة التى عرفت باسم (لجنة العشرة) والتى وضع على رأسها القائد عبد العزيز الحلو، وأسند اليها مهمة إختيار الشخصيات المناسبة والمؤهلة والحائزة على الكفاءات والمهارات المناسبة، وتقديم اسمائها كمرشحين لشغل المناصب الدستورية القومية والولائية التى اسندتها الاتفاقية للحركة، بادر الدكتور منصور خالد بترشيح المحامى غازى سليمان لدور برلمانى، وجاء فى حيثيات الترشيح ان الرجل ( بمواقفه المتحدية للانقاذ وخبرته القانونية سيكون مفيدا للحركة داخل البرلمان)، وأيده فى ذلك الاستاذ ياسر عرمان. وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على تعيين غازى عضوا فى البرلمان الاتحادى خصما على حصة الحركة، وهو تعيين ترتب عليه لاحقا اختياره لتولى منصب الرئيس المناوب للجنة التشريع والشئون القانونية بالبرلمان (من خلال توليه لهذا المنصب دفع غازى بقرار عزل ياسر عرمان من عضوية البرلمان في صيف عام 2007. يا لسخرية الاقدار)! قبل ذلك التعيين كان هؤلاء "المتخرصون" يشيعون أن غازى لم ينل قط مقعدا فى اى مؤسسة من المؤسسات الحاكمة للحركة الشعبية، فلم يكن عضوا فى المكتب السياسى للحركة، ولا مجلسها الوطنى، بل انه لم يكن حتى عضوا فى المؤتمر القومى العام الثانى للحركة المنعقد فى مدينة جوبا فى مايو ٢٠٠٨، والذى حضره الفان من الاعضاء، من بينهم خمسمائة من شمال السودان. كما أنه ليس عضوا فى مجلس التحرير الوطنى. والى ذلك فإنه لم تعرف للرجل اى صلة بجماعة أمبو التى ضمت اول مجموعة من المثقفين السودانيين تتواصل مع الحركة الشعبية عام ١٩٨٨، بالاضافة الى ذلك فانه لم يكن معروفا لدى اى من عناصر الحركة التى اشرفت على مشروع لواء السودان الجديد، الذى كان موجها بالاساس لاستقطاب وتعبئة القوى الشمالية فى تسعينات القرن الماضى. (5) اكثر ما شد انتباهى فى تصريحات المحامى غازى سليمان لصحيفة الوطن قوله عن نفسه: ( نحن مناضلين من الدرجة الاولى، وسنظل مستمرين فى نضالنا بالرغم من تطاول الادعياء الجدد من مناصرى ما يسمى بالنظام العالمى الجديد من أمثال اوكامبو وممثليه والطابور الخامس فى السودان، وانا لهم بالمرصاد). قلت لنفسى: ايه الكلام الكبير ده؟ لكننى تذكرت اننى امام مناضل شامل. مناضل محترف، والمناضلون الشاملون المحترفون يناضلون من كل الزوايا وفى كل الاتجاهات. ولكن ادهشنى استخدام الرجل للفظة "الطابور الخامس". فقد جاء علينا حين من الدهر كان "الطابور الخامس" صفة تطلقها صحافة الجبهة الاسلامية، ومن بعدها صحافة العصبة المنقذة على المشتبه فيهم من المتهمين بالتعاطف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. وها قد أطل علينا فجر جديد رأينا فيه غازى سليمان يحمل ذات الخاتم، ليطبع ذات التهمة على جبين منتقديه من المتشككين فى صلاحية اوراق اعتماده كقيادى فى الحركة الشعبية. مهما يكن من شئ فقد حزمت الحركة الشعبية امرها واصدرت قرارها بفصل غازى، والقرار من حقها بلا ريب. الحركة حرة فى ان تتخذ لنفسها ما تشاء من قرارات بشأن عضويتها. وغازى نفسه حر فى ان يتخذ بإزاء القرار ما يناسبه من المواقف، الخيارات أمامه مفتوحه، ومنابر النضال فى بلادنا على قفا من يشيل. طيب وما هى المشكلة؟ مفيش مشكلة. من قال ان هناك مشكلة؟! عن صحيفة ( الأحداث)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
الصحفى الكبير الاستاذ صديق محيسى كثير من الشباب السودانى الجديد لم يسمع به لان فترة غيابه خارج السودان طالت مع طول الظلام فى ليلنا الطويل طولا يجنن لا نورا ظهر فى سماه لا نجمات يضون كما قال الفنان الخالد النعام ادم اهدى لكم هذا المقال الرائع هدية للذين يريدون كيف كان السودان والسودانيين فالتحية الى الاستاذ صديق محيسى ..فى غربته .. ونتمنى ان يعود هذا الزمان الجميل بعد كشف الغطاء واضاءة الانوار ...
مذكرات في الثقافة والصحافة ... بقلم: صديق محيسي الخميس, 03 سبتمبر 2009 17:58
[email protected]
كانت مدينة وادمدني مسرح الصبا وبوح الفقر في امسيات العمرالغارب ترقد علي ضفاف النيل منتشية مثل ظلال وارفة تناغم اشجارها , لم تكد عيوننا في ذلك الزمان الذي مضي تتفتح علي حقائق الحياة حتي بدأنا نستعد لتعلم ان نكون ثوريين في عالم تتكون في باطنه الثورة.
في او اخر الخمسينات وانا شاب في اوج الفتوة والتطلع التحقت بالحزب الشيوعي السوداني و من خلالة تعلمت كم هو مهم ان يكون للفرد دور في صنع الحياة الجديدة التي وعدتنا بها الاشتراكية , وبها ومعها ايضا تفتحت عيوني علي الثقافة المغايرة, فقرأت بانبهارعظيم لآول مرة مكسيم جوركي , وتشيكوف, وتولسنوي , وجورجي امادو, وبابلو نيرودا , وناظم حكمت, وريتشارد رايت, وارنيست همنغواي , وجيمس بولدين , وغارسيا لوركا , هؤلاء الذين كان الفقراء امثالنا يتحركون, ويتنفسون داخل صفحاتهم , في غمرة هذا النهم الجامح , التهمنا في العالم العربي شعر, وقصص وروايات, الشقيقان ابراهيم عبد الحليم, ومحمد عبد الحليم , وكان لديوان عاصفة النيران لعبد الرحمن الخميسي ورواية الارض لعبد الرحمن الشرقاوي اثرا ساحرا علي اخيلتنا الطرية , كانت مصر اشعاعا من التنوير يتسلل الينا من كل مكان, من هناك عرفنا صلاح عبد الصبور,واحمد عبد المعطي حجازي, ويوسف ادريس , والفيتوري , وجيلي عبد الرحمن,وتاج السرالحسن, ومحي الدين فارس , ومحي الدين محمد ذلك المفكرالسوداني الذي لايزا ل يعيش بالقاهرة , والذى اول من اطلق صرخة التغييرفي واقع التخلف العربي ومن العراق قرأنا محمد مهدي الجواهري( اتعلم ام انت لا تعلم بأن جراح الضحايا فم ) , وعبد الوهاب البياتي ( الشمس والحمر الهزيلة والذباب, وحذاء جندي قديم يتداول الايدي وفلاح يحدق في الفراغ) وبدرشاكر السياب ( عيناك غابتا نخيل ساعة السحر او شرفتان راح ينأي عنهما القمر ) , ونازك الملا ئكة, وجبرا ابراهيم جبرا , وبلند الحيدري , وفي سوريا , و شوقي بغدادي ,وزكريا تامر, ومحمد الماغوط, , وسليمان العيسي, ومن لبنان طالعنا مجلة الاداب لسهيل ادريس, والثقا فة الوطنية لمحمد دكروب, ومجلة الطريق لمهدى العامل, وتعرفنا علي جورج حاوي وادونيس, ويوسف الخال ,والاخوين حسين وكريم مروة, وانسي الحاج , ومطاع صفدي,وسنية صالح.وجورج طرابيشي , ومن فلسطين رافقنا معين بسيسو , وفدوي طوقان, وسميح القاسم , ومحمود درويش.
كان الشعر والثورة يملكان قلوبنا , ويؤججان اخيلتنا الغضة لدنيا جديدة تنتشلنا من وهدة الفقرالاليف الي رحاب الاشتراكية والعدالة الموعودة , محمد عبد الحي, وعلي يسن, وعصام البوشي, وعمر محمد الحاج وسعيد احمد خير يرحمه الله, ثلة من الاصدقاء التقت علي طريق الادب والفن في زمن كانت الجريدة والراديو هما وسيلتا الاتصال الوحيدتان للمعرفة, سوق مدني الذي تشقه شوارع اسفلت ثلاثة, الرئيسي منها يؤدي الي المكتبة الوطنية التي يملكها عيسي عبد الله هي ملتقانا , وملتقي مفتشي الغيض القادمين من مشروع الجزيرة , والطلاب القادمون من مدرسة حنتوب الثانوية في عطلة الخميس والجمعة , بصات الاغريقي الحمراء قادمة من الخرطوم تحمل الصحف والمجلات , وموظفون وعمال خرجوا لتوهم من الري , وورشة 114والمحكمة والبوستة , وشركة النور, كان خليطا من الافندية, والطلبة, والعمال, ولاعبو الكرة , وشرطيون علي رؤوسهم قلنسوات اشبه برؤوس القرانيق, واخرين بجلابيب بيضا , ومانديل حمراء يحصون انفاس الشيوعيين وكل معارضي حكومة عبود , رائحة القماش الجديد والزيت , والفول تتخلل الشوارع المبللة بالامطار, ونهيق الحميرالساهمة الي اعلا يسمع من اطراف المدينة, واصوات احمد المصطفي , وحسن عطية , وعائشة الفلاتية , والتاج مصطفي , والخير عثمان, وعبد الحميد يوسف تنبعث من مقاهي ود العود, وبوزمات, وود الفكي , اسطوانات مشروخة اشبه بكحة قديمة لمصدور تعافي , لكنها تفعم الجو بجلال ساحر , ومسرة غامرة , عتالة يفرغون من الصباح الي المساء بظهورمحنية شاحنات شائخة تحمل اقمشة الدمورية والدبلان والكاكي,ونساء كخيال الظل يجلسن تحت رواكيب من القش يبعن الزيت, والودك, والسمنة البلدية لاعراب مشعثون قادمون من القري المجاورة , في ذلك الزمان الغارب تعرفت علي الصديق الشاعر محمد عبد الحي محمود رحمه الله عندما كان طالبا في المدرسة الاميرية الوسطي, حتي التحق بحنتوب الثانوية شرق النيل , كان والده عبد الحي محمود مديرا لمصلحة المساحة ورئيسا لاتحاد الكرة في منطقة الجزيرة, وتلك وظيفة كان لها التجلة والاحترام في المجتمع , محمد بدراجته اللامعة وهيكلة الرقيق وعينيه اللتان يشع منهما بريق الشعر والذكاء , كان يزورني بأنتظام في بيتنا في قشلاق البوليس, تلك الجدران المقشرة المجدوعة في اطراف المدينة, بيوتنا التي تستند علي بعضها كخراف مذعورة لم تكن كبيوتهم في الحي البريطاني الذي اصبح بعد السودنة الحي السوداني ,اريج الفل والياسمين, والزونيا, واشجارالسيسبان تفوح من هذه المستوطنة التي يسكنها كبار الموظفين, وبيوتنا التي تفوح منها رائحة روث الاغنام والجمال والدجاج , تلك الكائنات التي اوشكت ان تشاركنا السكن والمأكل , كان محمد عبد الحي دائم الحضورالي, يجيئني بمجلة الاداب, ودواوين السياب, والبياتي وخليل حاوي, وشوقي بغدادي , واخر اصدارات بيروت, كنا نقضي الساعات في قراءة الشعر, وتبادل الاراء في الصور, والاوزان, والبناء الفني للقصيدة
,شعراء العراق الذين رادتهم نازك الملائكة بدواويينها المتتابعةعاشقة الليل1947وشظايا ورماد1949وغرارة الموجة1957وكان الي جانبها بدر شاكر السياب الذي كان اصدر اكثر من ديوا ن في العراق الي ان نشرت له مجلة شعر ديوانة التاسيسي انشودة لمطر 1960 وينطبق الامر نفسه علي عبد الوهاب البياتي الذي انتقل من ملائكة وشياطين واباريق مهشمة 1954 الي اشعار في المنفي57 19 وكلمات لاتموت1960ويكتمل المشهد العراقي بدواوين بلند الحيدري التي كان صدر منها اغاني المدينة الميتة, وكان ذلك في السياق الذي ظهرت فيه قصائد ادونيس في سوريا ثم بيروت ا بتداء من قالت لي الارض مرورا بقصائد اولي1957واوراق في الريح1958الي جانبه الشاعر السوري شوقي بغدادي الذي اصدر اكثر من قلب, و حينا يبصق دما 1955 وكان نزار قباني يواصل انجازاته الشعرية التي بدأت مع طفولة نهد 1948وسامبا1949.
في ذلك الزمان اصدرت مجلة شعر اول ديوان لقصيدة النثر لانسي الحاج بعنوان( لن)1960وكان في العام نفسه الذي نشرفيه شوقي ابوشقرا ديوانه الثاني خطوات الملك بعدعام واحد علي ديوانه اكياس الفقراء,وماء لحصان العائلة وهو العام كما يقول الدكتور جابر عصفورالذي تأكد فيه حضور قصيدة النثربصدور الديوان الاول لكل من جبرا ابراهيم جبرا تموز والمدينة , ومحمد الماغوط حزن علي ضوء القمر, لم تكن حركة الشعر المصرية منفصلةعن انجازات شعراء السودان خصوصا الذين عاشوا في مصر واصبحوا رأ س حربة الابداع الشعري محمد الفيتوري اصدر ديوانه اغاني افريقيا1955 محي الدين فارس الطين والاظافر 1957وتوالت دواوين الشعر صلاح عبد الصبور الناس في بلادي احمد عبد المعطي حجازي مدينة بلاقلب
في حديقة كعكاتي المطلة علي النيل ينضم الينا الشعراء الزين عباس عمارة, وعبد المجيد عبد الرحمن,وفضل الله محمد , وشيبون الذي اختارلنفسه مأساة فاجعة معلقا عنقه بعمامة في بيت صديق له بالحصحيصا , ويحي جاد كريم جحا يرحمه الله , ذلك الذي تفيض منه السخرية والطرف الحكيمة, فصارفي المدينة كالحكواتي يتداول رواياته الناس في كل مكان , حديقة كعكاتي السوري القادم من حلب تحتضن كل ظهيرة وجوها اذا غاب احدها افتقد ه الجميع , كمال عربي جراح العظام الشهير الذي رحل اخيرا, عباس ابا سعيد الدبلوماسي المتقاعد , معتصم محمد حسين الذي هاجر الي امريكا وانقطعت اخباره سنينا , ابراهيم عبدالله فنى الخراطة بمشروع الجزيرة والدفاع القوى فى فريقنا فريق النصر حاج رضوان رئيس النادى, وخالد ابكر ذلك الساعاتى الحاذق المحدق طوال اليوم فى عقارب الزمن ,فاروق كشة الذى اختار رفاعة كنهاية لرحلته كما اختار مصطفى سعيد قريته على النيل, عبد السميع عمريرحمه الله,محمدعبد الله مرسال القاضى والمحامى الذى يشبه زوربا , محمد ابو الكيلك يرحمه الله واسماء اخري غابت عن الذاكرة, كان زمانا غامرا في البراءة يفيض بالصفاء والحب, محمد عبد الحي شاعريته الاولي حبت في مدني, ووقفت علي ساقيها في الخرطوم , ورسخت حروفها بعد نيله الدكتوراه , من حديقة كعكاتي تفتقت رابطة ادباء الجزيرة, عقدنا اجتماعها الاول في منزل عبد الحميد البوشي عام 1958, ذلك العالم الموسوعة الذي كان يعّلم الناس اللغة الانجليزية, عبد الحميد البوشي هامس الصوت له ابتسامة طفل ,قريب الشبه بملوك الفراعنة القدامي, في صومعته داخل جامع البوشي يتحدث الفارسية والالمانية ويدرس اللغة الهيروغلوفية القديمة , ويرصد النجوم بمناظيرة الغريبة, في صومعته تلك اخترناه اول رئيس لرابطة ادباء الجزيرة, محمد عبد الرحمن شيبون امينا عاما, ومحمد عبد الحي مسئولا ثقافيا, اقمنا اول ليلة شعرية في مكتبة البلدية القي فيها شاعر الجزيرة الفذ الهادي احمد يوسف قصائد يتقطر منها الوجد,واضحك فيها جحا الناس بقصيدتة الساخرة عن لوممبا يقول فيها ( يا لوممبا يا لوممبا, مهما تشومبي يرقص سمبا, انت اللمبة يالوممبا )
في بداية ستينات القرن الماضي, كان محمد عبد الحي معجبا ايما اعجاب ببدر شاكر السياب, ولوركا, وناظم حكمت, وظهر ذلك في قصائده الاولي مثل واقعة هكس التي كانت قريبة الشبه من القصيدة التي كتبها ناظم حكمت بأسم الشيخ بدر الدين, ذلك التركي الذي كان يدافع عن الفلاحين ضد الاقطاعي خوركان في ديار بكر, ففي واقعة هكس حاول عبد الحي ان يعطي صورة لجنود المهدي مضرجين بدماء النصر وهم يقاتلون الجنود المصريين والشركس والالبان الذين جاؤا من ورا لافق, ومن عالم لوركا اخذ عبد الحي روح المأساة التي قادت الشاعر المغدورالي مصرعة بالرصاص ببنادق جنود فرانكو, كان مقتل فرديريكو غارسيا لوركا يحملنا الي تخوم غرناطة مقاتلين في صفوف الجمهوريين,ويعطينا القوة والامل في هزيمة اول ديكتاتورية في السودان,وعبد الحي البرجوازي الذي كان يسكن الحي البريطاني الراقي لم تكن قصائده تعجبنا كثيرا, فكنا نري ان قصائد النضال يجب ان يكتبها شعراء كادحون فقراء امثالنا, ويدور داخل هذا المفهوم نقاش مستمر دون وجوده, فاروق كشة الذي يكتب القصة القصيرة يسخرمن عبد الحي بصوت هامس ان هذا البرجوازي لا صدق في شعره لانه لايؤمن بالمباديء الثورية , وعثمان جعفر النصيري بنظراته الحادة, وثوريتة المتوترة الصادقة يري ان التجربة الشعرية الاصيلة لابد وان تنبع من وسط العمال والمزارعين الذين يصنعون لنا الحياة, كان عبد الحي سريع الغضب اذا انتقد احد شعره, فهو يري علي عكس مانري انه ليس ضروريا ان يكون الشاعر شيوعيا كناظم حكمت, وبابلو نيرودا, ولوركا حتي تكون تجربته صادقة, يقول انني احب هؤلاء الشعراء, احب صورهم الفنية وموضوعاتهم التي يتناولونها , ولكنى لست مستعدا ان اضع علي معصمي قيودا ايدويولجية, لست مستعدا ان اكون عضوا في الحزب الشيوعي, كل له تجربته ورؤيته للحياة, فأنا حر في ان اعبرعن نفسي كما اري التعبير.ورؤية عبد الحي التي رفضناها عدنا وقبلنا بها بعد اربعة عقود من الزمان ,كان هو علي صواب, وكنا نحن علي خطأ فهو قرأ المستقبل, ونحن اكتفينا بقراءة الحاضر.
في مطلع ستينات القرن الماضي حمل التاريخ صورا من المعارك الايديولوجية , الماركسية بقيادة الاتحاد السوفيتي قلعة الاشتراكية ,والراسمالية تمثلها الولايات المتحدة الامريكية قلعة الامبريالية, هذه هي كانت التسميات السائدة في ذلك الزمان, ثقافة كان من المستحيل الفرارا منها فضاء ملتهب احاط بكل شيء, السياسة, والاقتصاد, والاداب, والفنون,وفي غمرة خيبة الامل التي اصابت شعوب العالم الثالث من رفض الاستعمار المتعدد الجنسيات الوفاء بوعده في منحها استقلالها بعد ان قاتلت بجانبه النازية في الحرب العالمية الثانية , نشأت حركات التحريرالوطني في غيرصورها التقليدية , وكان محتما ان يتبع هذا الزخم من الشوق الي الحرية ارادة قوية في نيل الحقوق الوطنية, تجلي ذلك في وجوه شتي كان ابرزها الاداب, والفنون, اي الشعر, الرواية, المسرح, القصة القصيرة, حركة النقد , ثمة لغة جديدة في الادب بدأت تحل محل رومانسية اولت اهنماماتها للطبيعة كان علي رأسها مصطفي لطفي المنف######## وجبران خليل جبران, وميخا ئيل نعيمة وغيرهم كثيرا من التهويميين , لم يكن السودان بعيدا عن هذه المؤثرات, فقد هبت علينا رياح التغييرمن جهة الشمال, من مصر اول دولة عربية ظهرت فيها الحركة الشيوعية علي يدي اليهودي هنري كوريل, ا ختارت الشيوعية السنتها في الاداب والفنون مثلما ما اختارت ذلك في السياسة , والاقتصاد , والعلوم الاجتماعية,من القاهرة عرفنا الادب الاشتراكي, والنقد الاشتراكي من محمد مندور, وسلامة موسي ومحمود امين العالم, وعبد العظيم انيس, اللذان صدرا كتابا مشتركا باسم( في الثقافة المصرية ), واحدث ذلك الكتاب تحولا كبيرا في مفاهيم الفنون الابداعية, واثار نقاشا واسعا حول دور الادب في التحرر من الاستعمار , وما اذا كان الفن للفن, اوالفن من اجل الحياة , رياح الواقعية الاشتراكية حملت الينا في السودان اولي بذورالتحول من رومانسية غارقة في الطبيعة, وتهويمات الاحلام, وادب المناسبات, والاخوانيات الشعرية, الي مفاهيم جديدة في جعل الابداع احد اهم وسائل النضال ضد الاستغلال والاستبداد , سمعنا دوي اشعارجيلي عبد الرحمن وتاج السر الحسن في ديوانهما المشترك قصائد من السودان, والفيتوري في اغاني افريقيا, ومحي الدين فارس في الطين والاظافر, كنا نشعر بالفخر والاعتزاز ونحن نسمع عن شعراء سودانيون يسهمون في نهضة الشعر العربي الحديث, جيلي عبد الرحمن كان رئيسا للقسم الثقافي بصحيفة المساء, محي الدين فارس كان محررا في الجمهورية خاض معارك في مجلة الاداب مع نزار قباني واطلق عليه شاعر الفراش , الفيتوري ظل يدافع عن افريقيته وسط اتهامات له بالعنصرية ظل ينفيها امام مثقفين عرب كانوا لايعرفون شيئا عن افريقيا سوي سوادها .
في عام 1960 وصل محمد مفتاح الفيتوري لاول مرة الي السودان منهيا غربة دامت ما يقارب الثلاثين عا ما , الفيتوري الذي بزغ نجمه الشعري في مصروالعالم العربي, واعتمدت ثورة يوليو المصرية قصيدته ( اخي في الشرق في كل وطن) في المنهج الدراسي الجديد للثورة,عاد الي السودان بدعوة من حكومة عبود, التقاه اللواء طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل في احدي زياراته الي القاهر ةوطلب منه المجيء الي بلاده ليسهم في الحركة الادبية , وصل الفيتوري الي مطار الخرطوم في عام1959 وكان في استقباله الراحلان احمد اسماعيل شيلاب, وطه عبد الرحمن, وهما شاعران وموظفان في الوزارة , تسلم الفيتوري رئاسة تحريرمجلة هنا امدرمان التي تغير اسمها فيما بعد الي مجلة الاذاعة والتلفزيون, كان ذلك حدثا كبيرا في الاوساط الادبية اذ يعود شاعر مثل الفيتوري الي ارض الوطن, عندما ذهبنا اليه في مكتبه بوزارة الاعلام, سعيد احمد ,ومحمود محمد مدني ويوسف عيدابي, وعثمان الحوري وعبد الرحيم الشبلى , وصافحناه احسسنا كأنما نصافح مخلوق من كوكب اخر, كان السرور يملؤنا ونحن امام هذا الرجل القصير , جاحظ العينين, سريع الخطى والكلام , قلق الحركة , تخرج الكلمات من فمه كنقاط المطر, قدمنا له انفسنا كشعراء شباب معجبون به وبشعره وانتهي اللقاء بدعوة منه لنا في مطعم فندق الشرق المشهور يومذاك , كان الفيتوري ولايزال شديد الاعتداد بشاعريته , يجيد الالقاء المرافق بالحركة كانه يقف علي خشبة مسرح, يحرك يديه ملوحا بها في الهواء ,متوعدا الطغاة منتهكا بلاطهم, وعروشهم ينازل استبدادهم بكلمات صاخبة وحارقة, اختارالفيتوري حي بري عندما وصلت زوجته الفلسطينية المصرية من غزة استاجر بيتا هناك, واشتري سيارة ايطالية ماركة فيات , كان يطوف بنا شوارع الخرطوم ليلا ننتقل من حديقة الي حديقة, ومن فندق الي فندق, يغدق علينا بالمال في نهاية كل سهرة عاصمية , لم يدخل الفيتوري في معارك ادبية مع الحرس الشعري الذي كان يقوده الشاعرصخم الجثة منير صالح عبد القادر الذي اطلق عليه محمودابوالعزائم اسم ايفان الرهيب, كما فعل ذلك زميله محي الدين فارس , تعامل الفيتوري مع الساحة الادبية بأستعلاء شديد , ولم يكن يسهرمع الشلل الادبية التي ميزت عصرالستينات, كانت معظم سهرات الفيبتوري تتم مع محمد احمد محجوب وتوفيق صالح جبريل,و قيلي احمد عمر, ومصطفي راشد كيشو ملك الفنادق الذي كان الفيتوري يسميه بتاجر النوم , ومع ذلك فانه كان يفضل دائما ان يكون معنا نحن الشباب حيث الاحترام والاطراء المستمر, امتازالفيتورى بدرجة جيد في تغيير مواقفه السياسية, والارجح انه لم يكن سياسيا اصلا, ولايتعاطي السياسة بقدر ما يمكن ان تقدمه له من مصالح, وهذا ماحدا بالشاعر الكبير ركوب موجة الثورة لينقلب كلاعب سيرك حازق علي نظام عبود عندما اطاحت به ثورة اكتوبر الشعبية, سارع وكتب لمحمد وردي نشيد اصبح الصبح , عينت الثورة الفيتوري رئسيا لتحرير, مجلة هنا ام امدرمان الفنية وبقدارته الصحفية المميزة زاوج الفيتوري باسلوب وخيال صحفيين بين الفن والادب , فنقل المجلة من مجلة تهتم باخبار الاذاعة والفنون الي مجلة شاملة تهتم بالشعر والمسرح والقصة القصيرة , فاقبل عليها المبدعون من كل جنس, ولما كانت لاتوجد في البلاد اصلا مجلة ثقافية فان الفيتوري خلق من هنا امدرمان ذلك المنبر الثقافي الذي يلتقي فيه صوت الغناء مع الشعر مع المسرح مع النقد, استمر الفيتوري يراس تحرير المجلة حتي اسقطت الثورة الشعبية العارمة في الحادي والعشرين من اكتوبر عام 1964نظام الرئيس عبود وعودة الديمقراطية مجددا الي البلاد فعين الفيتوري رئيسا لتحرير صحيفة النيل لسان حزب الامة بالرغم من انه لم يكن عضوا في هذا الحزب لكنه سرعان ما اختلف مع حزب الامة ليلتحق بجريدة الناس كمدير لتحريرها ومن هنا ك كتب رباعياته المشهورة بيدبا والملك التي يهاجم فيها من طرف خفي الصادق المهدي, وجريدة الناس التي التحق بها الفيتوري كان معروف عن صاحبها محمد مكي محمد بموالاته للسياسة الامريكية في المنطقة و كانت تنشر مقالات من مكتب الاتصال الامريكي في الخرطوم ضد الثورة الفيتنامية باعتبارها ثورة شيوعية يؤيدها الاتحاد السوفييتي وليس ثورة وطنية ضد محتل اجنبي , وضد الثورة في الجنوب اليمني علي الاستعمار البريطاني, غادر الفيتوري السودان في بداية السبعينات بعد ان استولي النميري علي الحكم , وذهب الي ليبيا بعد قيام ثورة القذافي حيث حصل هناك علي الجواز الليبي وصار ملحقا اعلاميا لليبيا في عدد من سفاراتها بالخارج في المغرب وروما والقاهرة وبيروت , وللذين لايعرفون الفيتوري فانه
وعندما كتب الفيتوري مرثيته الشهيرة في عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني الذي اعدمه النميري طلب الاخير من السلطات اللبنانية طرده من بيروت , فخير الفيتوري بين تسليمه الي السودان , او الذهاب الي دمشق فغادر الي دمشق ومنها جال في بلاد العالم . ملأ الفيتوري سماء بيروت شهرة وسحب الاضواء عن كثيريين من شعراءها, كان الفيتوري متمردا علي الوجود كله, يعيش في لاهوت الوجد الصوفي ويغني للثورة من داخل هذا الوجد
حين يأخذك الصمت منا
فتبدو بعيدا
كأنك راية قافلة
غرقت فى الرمال
تعشب الكلمات القديمة فينا
وتشهق نار القرابين
فوق رؤوس الجبال
وتدور بنا أنت
يا وجهنا المختفي
خلف ألف سحابة
فى زوايا الكهوف
التى زخرفته الكآبة
ويجر السؤال .. السؤال
وتبدو الإجابة نفس الاجابة
****
ونناديك
تغرس أصواتنا
شجرا صندليا حواليك
نركض خلف الجنائز
عارين فى غرف الموت
نأتيك بالأوجه المطمئنة
والأوجه الخائفة
بتمائم أجدادنا
بتعاويذهم حين يرتطم الدم بالدم
بالصلوات المجوسية الخاطفة
بطقوس المرارات
بالمطر المتساقط فى زمن القحط
بالغاب والنهر والعاصفة
****
قادما من بعيد على صهوة الفرس
الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية
يافارس الحزن مرغ حوافر خيلك
فوق مقابرنا الهمجية
حرك ثراها
انتزعها من الموت
يافارس الحزن
كل سحابة موت
تنام على الأرض
تخلقها ثورة فى حشاها
انتزعها من الموت فارس
الحزن
أخضر
قوس من النار والعشب
أخضر
صوتك بيرق وجهك قبرك
لا تحفروا لى قبرا
سأرقد فى كل شبر من الأرض
أرقد كالماء فى جسد النيل
أرقد كالشمس فوق
حقول بلادى
مثلى أنا ليس يسكن قبرا
****
لقد وقفوا ..
ووقفت
لماذا يظن الطغاة الصغار
وتشحب ألوانهم
أن موت المناضل موت القضية ؟
أعلم سر احتكام الطغاة الى البندقية
لا خائفا .. ان صوتى مشنقة
للطغاة جميعا ..
ولا نادم .. ان روحى مثقلة بالغضب
كل طاغية صنم
دمية من خشب
وتبسمت .. كل الطغاة
ربما حسب الصنم الدمية المستبدة
وهو يعلق أوسمة الموت فوق صدور
الرجال ..
انه بطلا ما يزال
وخطوت على القيد
لا تحفروا لى قبرا
سأصعد مشنقتى
وأغسل بالدم رأسى
وأقطع كفى
وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر
فوق حوائط تاريخه المائلة
وأبذر قمحى للطير والسابلة
****
قتلونى وأنكرنى قاتلى
وهو يلتف بردان فى كفنى
وأنا من؟ سوى رجل
واقف خارج الزمن
كلما زيفوا بطلا ..
قلت: قلبى على وطنى
غائب والعيون عليك اشتياق
هائم خمرك الذكريات العتاق
كلما عانقتك مرايا الوجوه
تبعثرت فوق زجاج العناق
يا سحابا من اللحم والعضم
ينخر في حلم عاصف لا يطاق
غير هذا الزمان زمانك
فاللحظة انطلقت والشفاه
(عدل بواسطة الكيك on 09-03-2009, 04:37 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
فيما يلى البيان الختامى للقطاع الساسى بالمؤتمر الوطنى نورده ومن ثم نعلق عليه فقرة فقرة ..
نقلا عن اخبار اليوم
البيان الختامى والتوصيات لمؤتمرالقطاع السياسى بالمؤتمر الوطنى أرسلت في 23-9-1430 هـ بواسطة admin
البيان الختامي والتوصيات
تحت شعار وطن واحد آمن وناهض شمل القطاع السياسي بكل اماناته ومكوناته من المعنيين بالعلاقات السياسية بين المؤتمر والقوى السياسية الاخرى وعلماء وفقهاء القانون والعدالة والمحامين والمهتمين بحقوق الانسان والمعنيين بروح العمل والفريق والادارة العامة للمرافق والعاملين والمقيمين بالخارج والعاملين السابقين بالسلك الدبلوماسي والعاملين بروابط الصداقة الشعبية العالمية إلتام كل اولئك في امسيتين رمضانيتين مباركتين في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك 1430هـ بالقاعة الدولية بقاعة الصداقة بالخرطوم. اكد المؤتمر على ان المؤتمر الوطني حزب رائد وقائد في الساحة السياسية يتولى مسؤليات كبيرة في ادارة شئون الوطن ويقدم رسالة جادة وتجربة حية مفتوحة للنقد والتقويم.
2- ان اهل السودان قادرون على المساهمة في القضايا الاقليمية والدولية وانه قد آن الاوان للاعلان عن روح جديدة تقوم على رفض الوصاية. 3- يدعو المؤتمر الى ابتدار اليات وافكار ومشروعات تسهم في تواصل الاجيال وتلم شعثها وتصلح من شأنها. 4- يرحب المؤتمر بالحوار والرأى الاخر ويدعو الى تأسيس تجربة سياسية تعددية ذات تنافس شريف ويدعو الى حوار واسع خاصة في الجنوب دون خشية او تضيق ويرفض الحريات المنقوصة. 5- يدعو المؤتمر الى حكم قومي راشد لفتح الافاق لكافة شرائح المجتمع ومنظماته ومؤسساته للاسهام في الوطن وتنميته. 6- يؤكد المؤتمر الوطني بان الحكم الراشد لا يتأتى الا بمؤسسات راشدة ومسؤولة وليس من خلال حزب واحد وانما احزاب متعددة مبنية على الشورى والمؤسسية. والمؤتمر هو ينهي اعماله يؤكد ان جلساته كانت وقفات جادة لتقويم الاداء ومتابعة التفاصيل والقضايا سعيا للتجويد والاتقان وان مناقشاته ومداولاته اسفرت عن توصيات في عدد من المحاور في الشأنين الداخلي والخارجي. اولا : في محور السياسة الداخلية : أ- محور وحدة التراب السوداني : 1- وحدة الوطن هي احدى الثوابت الوطنية الاساسية وقد ناضل الشعب السوداني دافعا عنها طوال تاريخه النضالي فقدم الشهداء من كل ولاياته وشرائحه الاجتماعية فداء لترابه ودحرا لمؤامرات المستعمر وصونا للارض والعرض. 2- العمل على التعريف بميزات اتفاقيات السلام وغرس قيم السلام والوحدة الوطنية واشاعة الحرية ومبادئ الحوار والديمقراطية في اطار التعددية والتنوع. 3- التأكيد على قيام الانتخابات في موعدها المضروب والحرص على شفافيتها لافراز حكومة قوية ذات سند شعبي مؤهلة لادارة عملية الاستفتاء القادم. 4- عمل خطة مفصلة لتحقيق الوحدة تشمل (الابعاد السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الشعبية والتوسع في اشراك القوى الجنوبية مع التركيز على الوحدويين). 5- يعمل قادة المؤتمر وجماهيره في الجنوب متحالفين مع الوطنيين الوحدويين من ابناء الجنوب المخلصين في الاحزاب الجنوبية وخاصة في الحركة الشعبية والاحزاب القومية : يعملون في صف واحد من اجل ان يظل الجنوب قويا في دولة قوية لا كيانا ضعيفا هزيلا تعصف به الاطماع الاجنبية والصراعات الدموية والتخلف والبؤس والمجاعات كما يريد له بعض المنتفعين من مخططات اعداء الوطن. 6- يحرص المؤتمر على اقناع شركائنا في الحركة الشعبية باحترام الاتفاقية التي وقعت عليها وعدم المساس بحقوق الحكومة الاتحادية خاصة في مجال حماية الحدود الوطنية وكافة المسائل السيادية الاخرى وقبل ذلك اقتناعها بالعمل من اجل الوحدة كاولوية وفقا لما جاء في الاتفاقية الى ان يقرر الجنوبيون كافة في مصيرهم. 7- يحرص المؤتمر الوطني على تنفيذ بنود الاتفاقية الشاملة والتقيد بنصوصها فيما يتعلق بانتشار قوات الحركة الشعبية في المناطق الشمالية الثلاث والكف عن التحريض على زعزعة الاستقرار في هذه المناطق. 8- يعمل المؤتمر وجماهيره في الجنوب على انجاز التحول الديمقراطي مع جماهير شعبنا في الجنوب. 9- يعمل المؤتمر على ترسيخ دعائم الحكم الراشد لاصلاح التشريعات والنظام القضائي ومحاربة الفساد وضمان الحريات العامة خاصة حرية المعتقدات الدينية واحترامها وحرية الرأى والتعبير والعمل السياسي. 9- يعمل المؤتمر من اجل تنمية الجنوب ونشر الخدمات وتخطي اثار الحرب والشمالية لتحقيق الامن والاستقرار في كافة مناطق الجنوب. 2- فيما يخص الاوضاع في دارفور فان جهود المؤتمر ستنصب في الفترة القادمة على ازالة اثار المشكلة نهائيا ولابد من اشراك ابناء دارفور جميعا في الحل وصولا الى رتق النسيج الاجتماعي وبسط سيادة الدولة كاملة والتي لم تجد اهتماماً في الفترة الماضية وسيوظف طاقاته الشعبية للعمل من اجل ترقية الحياة الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة اثار الفقر والمجاعات والجهل والمرض. 11- تعمل كوادر المؤتمر في الجنوب والشمال على مواصلة جهود السلام واجراء المصالحات بين المجتمعات الجنوبية والفئات الجنوبية اداريا وامنيا وعسكريا وذلك وفقا للمسارات الآتية : أ – المسار السياسي : 1- التفاوض نبذا للعنف. 2- تنفيذ ملتقى اهل السودان ومخرجاته. ب- المسار الانساني : 1- رعاية العمل الانساني في المعسكرات مع السعي لانهاء عملية النزوح . 2- توجيه قيادات دارفور الملتزمة بقيادة هذه الحملة في مناطقهم. 3- توفير التمويل اللازم لانجاح هذا المسار : بتأهيل المنظمات الوطنية للاسهام في اعادة الحياة لطبيعتها. - الالتزام بالتعهدات المالية التي قطعتها الدولة لانفاذ بنود قسمة الثروة في اتفاقية ابوجا. 4- وضع تصور لتحديد خيارات النازحين بين الرجوع الى مناطقهم او السكن في المدن الكبرى المجاورة او تخطيط المعسكرات وما جاورها. وفي اطار ذلك يتم تنفيذ توجيه السيد رئيس الجمهورية بمنح التعويضات المناسبة للذين يعودون لقراهم. ج- مسار التصالحات ورتق النسيج الاجتماعي توظيف ابناء دارفور من عضوية المؤتمر الوطني لحل قضية دارفور بالتركيز على قضايا تحقيق الامن والمصالحات وحل مشاكل النازحين كل في ولايته لتحقيق الاهداف الآتية 1- تعبئة دارفور للانتقال والتحول الى كمال الالتزام الديني وموجهاته في حرمة الارواح والاموال والاعراض.ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
-: التوصيات والبيان الختامي لمؤتمر القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني أرسلت في 24-9-1430 هـ بواسطة admin
تحت شعار وطن واحد آمن وناهض شمل القطاع السياسي بكل اماناته ومكوناته من المعنيين بالعلاقات
السياسية بين المؤتمر والقوى السياسية الاخرى وعلماء وفقهاء القانون والعدالة والمحامين والمهتمين بحقوق الانسان والمعنيين بروح العمل والفريق والادارة العامة للمرافق والعاملين والمقيمين بالخارج والعاملين السابقين بالسلك الدبلوماسي والعاملين بروابط الصداقة الشعبية العالمية إلتام كل اولئك في امسيتين رمضانيتين مباركتين في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك 1430هـ بالقاعة الدولية بقاعة الصداقة بالخرطوم. اكد المؤتمر على ان المؤتمر الوطني حزب رائد وقائد في الساحة السياسية يتولى مسؤوليات كبيرة في ادارة شئون الوطن ويقدم رسالة جادة وتجربة حية مفتوحة للنقد والتقويم. 2- ان اهل السودان قادرون على المساهمة في القضايا الاقليمية والدولية وانه قد آن الاوان للاعلان عن روح جديدة تقوم على رفض الوصاية. 3- يدعو المؤتمر الى ابتدار اليات وافكار ومشروعات تسهم في تواصل الاجيال وتلم شعبها وتصلح من شأنها. 4- يرحب المؤتمر بالحوار والرأى الاخر ويدعو الى تأسيس تجربة سياسية تعددية ذات تنافس شريف ويدعو الى حوار واسع خاصة في الجنوب دون خشية او تضييق ويرفض الحريات
المنقوصة. 5
- يدعو المؤتمر الى حكم قومي راشد لفتح الافاق لكافة شرائح المجتمع ومنظماته ومؤسساته للاسهام في الوطن وتنميته.
6- يؤكد المؤتمر الوطني بان الحكم الراشد لا يتأتى الا بمؤسسات راشدة ومسؤولة وليس من خلال حزب واحد وانما احزاب متعددة مبنية على الشورى والمؤسسية. والمؤتمر هو ينهي اعماله يؤكد ان جلساته كانت وقفات جادة لتقويم الاداء ومتابعة التفاصيل والقضايا سعيا للتجويد والاتقان وان مناقشاته ومداولاته اسفرت عن توصيات في عدد من المحاور في الشأنين الداخلي والخارجي. اولا : في محور السياسة الداخلية : أ- محور وحدة التراب السوداني : 1- وحدة الوطن هي احدى الثوابت الوطنية الاساسية وقد ناضل الشعب السوداني مدافعا عنها طوال تاريخه النضالي فقدم الشهداء من كل ولاياته وشرائحه الاجتماعية فداءا لترابه ودحرا لمؤامرات المستعمر وصونا للارض والعرض. 2- العمل على التعريف بميزات اتفاقيات السلام وغرس قيم السلام والوحدة الوطنية واشاعة الحرية ومبادئ الحوار والديمقراطية في اطار التعددية والتنوع.
3- التأكيد على قيام الانتخابات في موعدها المضروب والحرص على شفافيتها لافراز حكومة قوية ذات سند شعبي مؤهلة لادارة عملية الاستفتاء الق 4 - عمل خطة مفصلة لتحقيق الوحدة تشمل (الابعاد السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الشعبية والتوسع في اشراك القوى الجنوبية مع التركيز على الوحدويين) . 5- يعمل قادة المؤتمر وجماهيره في الجنوب متحالفين مع الوطنيين الوحدويين من ابناء الجنوب المخلصين في الاحزاب الجنوبية وخاصة في الحركة الشعبية والاحزاب القومية : يعملون في صف واحد من اجل ان يظل الجنوب قويا في دولة قوية لا كيانا ضعيفا هزيلا تعصف به الاطماع الاجنبية والصراعات الدموية والتخلف والبؤس والمجاعات كما يريد له بعض المنتفعين من مخططات اعداء الوطن.
6- يحرص المؤتمر على اقناع شركائنا في الحركة الشعبية باحترام الاتفاقية التي وقعت عليها وعدم المساس بحقوق الحكومة الاتحادية خاصة في مجال حماية الحدود الوطنية وكافة المسائل السيادية الاخرى وقبل ذلك اقتناعها بالعمل من اجل الوحدة كاولوية وفقا لما جاء في الاتفاقية الى ان يقرر الجنوبيون كافة في مصيرهم.
7- يحرص المؤتمر الوطني على تنفيذ بنود الاتفاقية الشاملة والتقيد بنصوصها فيما يتعلق بانتشار قوات الحركة الشعبية في المناطق الشمالية الثلاث والكف عن التحريض على زعزعة الاستقرار في هذه المناطق.
8- يعمل المؤتمر وجماهيره في الجنوب على انجاز التحول الديمقراطي مع جماهير شعبنا في الجنوب. 9- يعمل المؤتمر على ترسيخ دعائم الحكم الراشد لاصلاح التشريعات والنظام القضائي ومحاربة الفساد وضمان الحريات العامة خاصة حرية المعتقدات الدينية واحترامها وحرية الرأى والتعبير والعمل السياسي. 9- يعمل المؤتمر من اجل تنمية الجنوب ونشر الخدمات وتخطي اثار الحرب لتحقيق الامن والاستقرار في كافة مناطق الجنوب. 2- فيما يخص الاوضاع في دارفور فان جهود المؤتمر ستنصب في الفترة القادمة على ازالة اثار المشكلة نهائيا ولابد من اشراك ابناء دارفور جميعا في الحل وصولا الى رتق النسيج الاجتماعي وبسط سيادة الدولة كاملة والتي لم تجد اهتماماً في الفترة الماضية وسيوظف طاقاته الشعبية للعمل من اجل ترقية الحياة الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة اثار الفقر والمجاعات والجهل والمرض. 11- تعمل كوادر المؤتمر في الجنوب والشمال على مواصلة جهود السلام واجراء المصالحات بين المجتمعات الجنوبية والفئات الجنوبية اداريا وامنيا وعسكريا وذلك وفقا للمسارات الآتية : أ – المسار السياسي : 1- التفاوض نبذا للعنف. 2- تنفيذ ملتقى اهل السودان ومخرجاته. ب- المسار الانساني : 1- رعاية العمل الانساني في المعسكرات مع السعي لانهاء عملية النزوح
2- توجيه قيادات دارفور الملتزمة بقيادة هذه الحملة في مناطقهم. 3- توفير التمويل اللازم لانجاح هذا المسار : بتأهيل المنظمات الوطنية للاسهام في اعادة الحياة لطبيعتها. - الالتزام بالتعهدات المالية التي قطعتها الدولة لانفاذ بنود قسمة الثروة في اتفاقية ابوجا. 4- وضع تصور لتحديد خيارات النازحين بين الرجوع الى مناطقهم او السكن في المدن الكبرى المجاورة او تخطيط المعسكرات وما جاورها. وفي اطار ذلك يتم تنفيذ توجيه السيد رئيس الجمهورية بمنح التعويضات المناسبة للذين يعودون لقراهم. ج- مسار التصالحات ورتق النسيج الاجتماعي توظيف ابناء دارفور من عضوية المؤتمر الوطني لحل قضية دارفور بالتركيز على قضايا تحقيق الامن والمصالحات وحل مشاكل النازحين كل في ولايته لتحقيق الاهداف الآتية 1- تعبئة دارفور للانتقال والتحول الى كمال الالتزام الديني وموجهاته في حرمة الارواح والاموال والاعراض
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قالوا ...وقلنا ...وقلنا ليه ...تعليق على اخبار ومقالات ... (Re: الكيك)
|
آهٍ من قيدك أدمى مِعصمي! ... بقلم: فتحي الضَّـو السبت, 19 سبتمبر 2009 23:05
في اعقاب توقيع رؤساء تحرير الصحف السياسية والاجتماعية والرياضية على ميثاق الشرف الصحفي يوم 15/9/2009 توقعت كل الصحف أن تكون الخطوة تمهيداً لرفع الرقابة القبيلة. ومضت إلى ابعد من التكهن، بالقطع إلى أن الإلغاء سيتم في اجتماع متوقع بين رئيس جهاز الأمن والمخابرات الفريق مهندس محمد عطا المولى واللجنة المشتركة المناط بها متابعة تنفيذ ميثاق الشرف الصحفي، وذلك بعد يومين من مناسبة التوقيع المشار إليها. لكن صحيفة (الأحداث) رأت فيما يرى الحالم أن في التطورات المذكورة ما يستحق الإحتفاء بشكل خاص واستثنائي، فصنعت من الخبر سبقاً صحفياً، وكانت الوحيدة التي صدرت في يوم الاجتماع المزمع عقده بين الطرفين المذكورين بعنوان رئيسي وجاذب في نفس الوقت (غداً صحافة بلا قيد) وزيَّنت به صدر عددها الصادر يوم الخميس الماضي 17/9/2009 ولم تخف على قرائها في صدارة الخبر إنها بَنَت حساباتها كلها على التوقعات، والتي يعلم الجميع بأنها قد تصيب مرة وقد تخيب مرات، وكانت الأخيرة أرجح، إذ خرجت الصحف مجتمعة في اليوم المتوقع فيه إنعقاد الاجتماع المفصلي بخبر تأجيله إلى يوم الأحد القادم 27/9/2009 مما يعني تعليق أمر الرقابة إلى حين، لكن السيد على شمو رئيس اللجنة قلل من مخاوف الإرتداد (الصحافة 18/9/2009) بقوله إن (تعديل موعد الاجتماع لن يؤثر على الاتجاه العام نحو رفع الرقابة، بإعتبار أن بسط الحريات امر مبدئي لا تراجع عنه) وفي ذات السياق أبدى كمال عبد اللطيف غبطة وسرور للخطوة التمهيدية (الرأي العام 18/9/2009) وذلك في رسالة لرؤساء تحرير الصحف قال فيها إن (إنفاذ مضامين الميثاق سيجعل من استمرار التواثق بين الجهات ذات الصلة كافة أمراً ميسوراً ليحل الضبط المهني الراشد والرقابة الذاتية والمعايير الصحفية محل التدخلات الإدارية والإجراءات الاحترازية للرقابة القبلية) وأضاف مؤكداً (الجميع يتفق على أنّ الرقابة القبلية استثناء في النظام الصحفي الذي جرى تأسيسه بروح رشيدة على قاعدة الحرية والمسؤولية)! وللتنويه فإن علامة التعجب من عندنا!
أياً كانت الإرهاصات فتلك مؤشرات توضح أن الرقابة القبيلة ربما تصبح في ذمة التاريخ قريباً، وريثما يحدث ذلك نتوقع أن ينهض نصراء الأنظمة الشمولية وصناع الديكتاتوريات ليحمدوا للحكومة الرشيدة مكرمتها التي جادت بها على البلاد والعباد، وسيقولوا لنا أن الخطوة جاءت نتيجة طبيعية لتطور في مسيرة ظافرة كانت حافلة بالإنجازات والإعجازات، سيوهمنا هؤلاء أن الرقابة القبيلة لم تكن ذات الرقابة التي مثلت لهم ملاذاً آمناً، مارسوا تحت سقفه كل أنواع التدجيل والتطبيل والنفاق السياسي، سيؤكد هؤلاء أن رفع الرقابة جاء نتيجة مثابرتهم المتواصلة ونضالاتهم المستمرة، ذلك ليس بغريب طالما أننا نعيش في زمن عجيب، زمن تعفَّرت فيه المثل وتعفَّصت فيه القيم، فالذين جاءوا على ظهر دبابة وداسوا على الديمقراطية بجنازيرها الثقيلة، صاروا اليوم أكثر الناس حرصاً علي الديمقراطية، لدرجة بات ينعتون فيها الذين كانوا سداتها ولحمتها يومذاك بالديكتاتوريين. والذين كانوا يوصفون عندئذٍ بأنهم غير شرعيين أصبحوا اليوم هم الشرعيون ويسبغون اللا شرعية على شرعيي الأمس. والذين كانوا ينادون بالإنفصال بالأمس وأعدوا له القوة ورباط الخيل والجند المجندة، بدأوا يوهمون الخلق أنهم هم الوحدويون اليوم في حين أن وحدويي الأمس هم الإنفصاليون. ومع ذلك ما كان ينبغي لنا أن نستعجب أو نندهش أو نستغرب، أليس نحن في أمةٍ قال عنها شاعرها الفحل المهندس على نور: كل أمريء في السودان يحتل غير مكانه/ المال عند بخيله والسيف عند جبانه!
بإسم الوطنية دائماً ما ترتكب الأنظمة الشمولية خطايا كبيرة في حق الوطن والمواطن، وهي في سبيل ذلك تنصب نفسها رقيباً على أناس خلقهم الله في الأصل أحرارا. وتجعل من الولاء للوطن ولاءاً لها، ويعتقد القائمون عليها أن الاختلاف معها معارضة للوطن بنقص في الوطنية. ولسنا في حاجة للقول إلى أن الأنظمة الضعيفة هي التي تحتمى من وراء الرقابة لتداري بها سوءاتها، ولسنا في حاجة للتذكير إلى أن الأنظمة التي قننت الفساد وجعلت له سنناً وفرائض هي التى تتوارى خلف الرقابة لأنها تخشى الحساب والمحاسبة، ولسنا في حاجة لضرب مثلٍ بأنظمة دالت دولتها لأنها توهمت بأن الرقابة تمنحها قوة مطلوبة. ولسنا في حاجة للإستدلال بأنظمة استبدادية ظنت أن الرقابة تسبغ عليها شرعية مفقودة. فالرقابة هي وسيلة العاجز وسلاح الضعيف، يسنها من يخشى دحض الافتراء بالحجة، ويقرها من يخاف مواجهة الادعاء بالمنطق، والرقابة هي إنتقاص لحقوق المواطنة لأنها تميز فئة على أخرى. ويعجب المرء من أولئك المزايدين الذين لا يسألون أنفسهم: لماذا هم على حق وغيرهم على باطل؟ لماذا هم في المكان الصحيح وغيرهم في المكان خطأ؟ لماذا هم وطنيون وغيرهم خونة وطابور خامس؟ أليس من المحتمل بذات المعايير أن تكون الفرضية معكوسة؟ بمعنى لماذا لا يكونون هم من ضل الطريق نحو مصلحة الوطن وغيرهم أصابها؟ نعم، لقد عرف التاريخ الإنساني كثير من أنماط الحكم، ولكن أُتُفق على أن اسرعها زوالاً تلك التي توسلت الرقابة بغية الاستمرار في السلطة، ولجأت إلى البطش والقمع وتكميم الأفواه بهدف البقاء على دستها!
بالطبع لم تكن فترة الرقابة القبلية هي أسوأ فترة في تاريخ الصحافة الإنقاذية فحسب، ولكنها الأسوأ في تاريخ الصحافة السودانية على الإطلاق، ذلك لأنها مورست بطريقة عشوائية تقاصرت وتقازمت حتى عن ما درجت عليه الأنظمة الشمولية من معايير ومقاييس. إذ انه ليس سراً إنها أوكل أمر تنفيذها لكوادر أمنية لا تتمتع بالوعى السياسي والثقافي والفكري الذي يجعلها تستطيع تحديد ماهية الخطوط الحمراء التي تخشى السلطة المساس بها، الأمر الذي وضعها في أحايين كثيرة في مواقف حرجة إنعكست سلباً على هيبة النظام. وخلقت له عداوات كان في غنى عنها حتى بالنسبة لأقلام ظلت تماليه وتؤيده ظالماً ومظلوماً. ومن دون الصحفيين الذين أدركوا المأساة بعين بصيرة، فالقراء أنفسهم كثير ما إكتشفوا التناقض المريع على صفحات الصحف، فالممنوع في صحيفة مرغوب في أخري. وتبعاً لذلك ظلت المادة المحظورة هي محط أنظار القراء، بلسان حال يقول لن تستطيعوا إستغفالنا أو الاستخفاف بعقولنا! والمفارقة أن الأنظمة الاستبداية تغفل تماماً فرضية أن الرقابة لا تحجب عن المواطنين معرفة الحقائق فحسب، وإنما تحجب عنها هي نفسها معرفة اتجاهات الرأي، بحيث لا تستطيع بوصلتها تحديد مسارها أو حتى معرفة قبولها من عدمه عند مواطنيها، ولهذا نعتقد أنها تستعيض عن ذلك بتكريس آليات القهر والقمع والبطش والتجبر!
من مفارقات التراجدكوميديا أن الأنظمة الاستبداية لم تدرك أن الرقابة نفسها بتلك الصورة الكلاسيكية لم تجد نفعاً، وهي في ظل تقنية متطورة تعد ضرباً من ضروب العبث، لاسيما، فقد اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن المادة الممنوعة تصبح أكثر انتشاراً، وبوسع القاريء الحصول عليها من قبل ان يرتد إليه طرفه، ولن يكلفه الأمر شيئاً سوى الجلوس أمام شاشة صغيرة، ونقرة خفيفة على جهاز الحاسوب. كذلك فقد حطمت التكنلوجيا (تابو) نشر مواد بعينها وجدت ملاذاً وحضناً دافئاً في الصحافة الإلكترونية، وهي التي جعلت القاريء مشاركاً في إنجاز العمل الصحفي. وذلك إما بالتعليق المباشر في حده الأدني، أو بتوجيه الرأي العام في حده الأعلى، ولعل الأخير هذا ما حدث بالضبط قبل أشهر قليلة خلت. وذلك في المهمة التي أنجزها النظام المعروف بإسم (تويتر) وهو الوسيلة المبتكرة التي خصصت لتبادل المعلومات والأخبار بشكل فوري، فبعد أن كانت مقتصرة على تبادل رسائل عادية بين أشخاص حريصون على الارتباط ببعضهم البعض، تحولت إلى أداة أكثر فاعليه في سير وأخبار الحياة العادية. فعندما بدأ شباب التظاهر في شوارع مولدافيا في أبريل الماضي، تحوَّلت (توتير) من مجرد فضاء إلكتروني لتبادل الرسائل إلى أداة سياسية، وتكرر السيناريو في إيران مؤخراً حيث وجد الآلاف الذين نزلوا للشوارع احتجاجاً على نتائج الانتخابات ضالتهم فيه، وذلك بعد أن أوصدت السلطات الإيرانية أخبارهم بالرقابة التي فرضتها على وسائل الإعلام، فأصبحت (توتير) هي وسيلة الاتصال الرئيسية مع العالم، وساعد في ذلك أن خدمتها التي لا تحتاج حصول الشخص على بريد إلكتروني، إضافة إلى أنه يمكن توجيه الرسائل القصيرة عن طريق الهواتف النقالة أيضاً. ولعل في هذا وذاك ما يكشف خطل الرقابة بصورتها النمطية التي ذكرنا!
إن الذين يعتقدون في تحول ديمقراطي في ظل قوانين قمعية واهمون، والذين يظنون امكانية تحول ديمقراطي في كنف عصبة لا ترى في الآخر مواطناً يشاركها الحقوق والواجبات هم حالمون، فذلك أمر لن يتأتى إلا إذا رأوا نهر النيل وقد غير مجراه وأصبح يجري من الشمال إلى الجنوب. وفي ضوء هكذا معطيات نحن براء من قوم يحسنون الظن بهذه العصبة التي لم تحسن الظن يوماً في مواطنيها. فالتحول الديمقراطي الحقيقي لا يأتي في طبق من ذهب، وبخاصة أن المخاطب لم يدر ما كنهها ولم يمتثل لها يوماً لا في أقواله ولا أفعاله. فإذا شاءت العصبة ذوي البأس تغيير هذه الصورة الكئيبة ما عليها سوى إبراز الجدية المطلوبة في إلغاء الرقابة، فهي تدرك أنه بدون ذلك لن تستطيع أن تسمع صوت الآخر إن شاءت، ولن يستطيع هذا الآخر توضيح آرائه في القوانين التي تؤدي إلى التحول الديمقراطي المزعوم طالما الرقابة مشرعة أجنحتها. بل في تقديري أن فكرة إلغاء الرقابة لن يستقيم أمرها إلا إذا تبعتها خطوات أخري ملازمة، أهمها تهيئة المناخ للصحفيين أنفسهم لإنتخاب كيان ديمقراطي حر، يمثلهم تمثيلاً حقيقياً ويعبر عن تطلعاتهم وهمومهم المهنية والوطنية، فالاتحاد الحالي يعد ذراع من أذرعة السلطة. وينفس القدر ينطبق عليه ما ينطبق على تابعه المسمى مجلس الصحافة والمطبوعات، علماً بأنه من الصعب تحديد مهامه وواجباته ووظيفته. إن جاز لنا أن نتمدد أكثر في النصح فإننا نأمل بقرار يلغي وزارة الإعلام برمتها، ليس لأنها عبء على خزينة الدولة، فتلك موبقة تشاركها فيها كثير من أجهزة ومؤسسات العصبة، ولكن لأنها وزارة لم تنجز شيئاً في تاريخها هو تكريس الديكتاتوريات وتشوبه الديمقراطيات، وفي الحالة الراهنة عاطلة تقاسمت جهات كثيرة مهامها، بل حتى وزيرها الذي يفترض أن يكون ناطقاً رسمياً بإسم حكومته، لم يجد آخرون حرجاً في أنفسهم بسلبه هذا الدور، فأصبح لا وجود له حتى في وسائل الإعلام التابعة لوزارته!
إن كينونة الانسان لن تكتمل إلا بحرية الرأي والتعبير، إننا نشعر بالخجل حينما نتحدث عن أمر تحزمت وتلزمت فيه الشعوب المتحضرة وقطعت فيه قول كل خطيب منذ مئات السنين. وما كان لها أن تبلغ تلك الدرجة الرفيعة من الرقي والتحضر إلا لأنها أكدت لمواطنيها إنسانيتهم بمنحهم حقوقهم كاملة غير منقوضة، بما في ذلك الحق النبيل الخاص بحرية الكلام والتعبير عن الرأي. ولم يكن ذلك منحة لشعوب استمطرت الرزق من سماوات حكامها، وإنما جاء ذلك عبر تضحيات جسام ونضالات مُهرت فيها الأرواح رخيصة. ففي بريطانيا يرجع بداية تكريس المفهوم إلى القرون الوسطى، أي بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني عام 1688 ونصبت الملك وليام الثالث حيث أصدر البرلمان البريطاني قانون (حرية الكلام في البرلمان) وفي فرنسا تم إعلان حقوق الانسان والمواطن عام 1789 عقب الثورة الفرنسية ذائعة الصيت، ونص على أن حرية الرأي و التعبير جزء أساسي من حقوق المواطن، أما في الولايات المتحدة فوثيقة الحقوق 1791 التي تشكل العامود الفقري للدستور الأمريكي، يتضمن البند الأول فيه حرية الكلام للأبد. بيد أنه لن تجد ما هو أكثر بلاغة في تجسيد هذه الحرية من قول الفيلسوف جون ستيوارت ميل (1873-1806) الذي قال (إذا كان كل البشر يمتلكون رأياً واحداً وكان هناك شخص واحد فقد يملك رأياً مخالفاً فإن إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة) ولكن لماذا نستعين بآراء أشخاص ظلوا محط لعنات العصبة أحياءاً وأمواتاً، طالما ترك لنا سيدنا عمر بن الخطاب ما لن نضل بعده أبداً في باب الحقوق والواجبات، ذلك في قولته المشهورة التي سبقت استيوارت بمئات السنين (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) ومنَّا إلى العصبة التي تدعى الاقتداء بدين عمر بن الخطاب في الظاهر، وتهرب خلسة من دنياه في الباطن!!
عن (الأحداث) 20/9/2009
| |
|
|
|
|
|
|
|