دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !!
|
تأملات في الأموية الجديدة واستقالة المفكر الإسلامي في السودان د. عبدالوهاب الأفندي
أحرص دائماً على متابعة اسهامات المفكر والأكاديمي السوداني المغترب محمد وقيع الله رغم عدم معرفتي الشخصية اللصيقة به، وذلك لأني أراه من البقية الباقية من المفكرين الإسلاميين في السودان الذين ما زالوا يستخدمون عقولهم ويؤدون فرض الكفاية في إبقاء جذوة الفكر التي كادت تخبو في كثير من مناحي الحياة في السودان حيّة. ولا يعني هذا بالضرورة أنني أوافقه فيما يقول، بل لمجرّد التقدير لمن يسهمون في رفع مستوى الحوار مهما كان خلافنا في الرأي معهم، وهو ما أشرت إليه في تعليقي على مساهمات الدكتور منصور خالد، وقبل ذلك الدكتور فرانسيس دينج. فنحن أحوج ما نكون في هذا الأيام إلى إحياء فريضة التفكير وإعمال العقل والاشتغال بالتأمل العميق في أمور دنيانا وآخرتنا. وليس هناك عندي تفريق مع ذلك بين الجدية في إعمال العقل والالتزام الأخلاقي. أولاً لأن الجدية الفكرية بما تتطلبه من صرامة في إعمال المنطق والتزام جاد بتحري الصدق والموضوعية والبحث المضني عن الحقيقة هي في حدّ ذاتها التزام أخلاقي. وثانياً لأن المفكر الذي يستحق الاسم هو الذي يبعد نفسه عن الشبهات، وأبرزها شبهة النفاق أو التربح أو الخيانة لأمته وشعبه. أما من خلا من ذلك فإنه لا يستحق صفة المفكر ببساطة لأنه لن يتورّع عن لي عنق الحقيقة ليرضى السلطان أو يحقق مكاسب شخصية. ونحن نسير في ذلك على سنة السلف الصالح الذين كانوا لا يأخذون العلم أو الحديث أو الفقه عن أي شخص عرفوا عنه شبهة تهاون أخلاقي مهما بدا تافهاً. تصوروا إذاً صدمتي حين تابعت مساهمتين متتاليتين للأخ وقيع الله خلال الأسابيع القليلة الماضية أعلن في أولاهما استقالة أخلاقية عن إصدار الأحكام، وفي الثاني استقالة فكرية-أخلاقية حين صرح برضوخه المعلن لما وصفه الدكتور الطيب زين العابدين بعسكرة التنظيم الإسلامي في السودان وتحويله إلى مليشيا تأتمر بأوامر الأجهزة الحكومية. جاءت المداخلة في معرض رثائه للقيادي الإسلامي الراحل مجذوب الخليفة عليه رحمة الله. وكما لاحظ القراء فإنني لم أعرض لسيرة مجذوب عقب رحيله بتعليق لأنني لم أسعد بمعرفته سوى لقاء عابر لم يتم فيه تعارف. ولكن ما أفاض به العارفون به من مديح له أثار قلقي، خاصة ما ورد في التعليق المتسفيض للأخ الدكتور غازي صلاح الدين من تعريض بماكيافيلته التي يبدو أنها اشتهرت بين أقرانه. ولكن الأخ وقيع الله عاد فأكد هذا الانطباع، وزاد بأن أعطاه تأصيلاً «إسلامياً» رفع هذا المسلك إلى أعلى سلم القيم الإسلامية. وبحسب وقيع الله فإن مجذوباً اعترض على نقده للدولة الأموية في محاضرة ألقاها في مصر في عام 1985، مذكراً إياه «بأن جهاد الأمويين الذي تواصل لأكثر من قرن من الزمان في سبيل نشر الإسلام يغفر لهم كل ما قد يؤخذ عليهم من أخطاء، ولو كانت من قبيل الخطايا الجسام. ثم قال إن كثيراً مما ينسب إلى الأمويين من الجرائر والمظالم والمفاسد هي أساطير من نسج خيال خصومهم العباسيين وأقوال الغلاة القالين من زمر الروافض والخوارج». ويضيف وقيع الله: «وقد صدق الدكتور فيما قال فهذا ما حدث فعلاً في التاريخ، إذ أن تاريخ الأمويين لم يكتبوه هم، وإنما كتب بأقلام خصومهم غير المنصفين، ولا يمكن للمرء أن يقبل على دراسة مثل هذا التاريخ إلا بتحفظ شديد وبدراسة تفاصيله على ضوء النتائج الباهرة لعهد الأمويين. لقد كانت ملاحظات الدكتور الخليفة سديدة حقاً، وقد اقتنعت بها فيما بعد واستفدت منها كثيراً في تعديل موقفي من الأمويين. وعندما اتيح لي قبل سنوات قلائل أن أقوم بتدريس تاريخ الدولتين الأموية والعباسية في الجامعة استفدت من ملاحظات الخليفة هذه وهدتني كثيراً في البحث والتأمل ومراجعة التاريخ على ضوئها. وقد انتهيت من مراجعاتي لتاريخ الأمويين إلى أن أجدى ما فعله سيدنا معاوية رضي الله عنه هو أن أوقف دورة الخلافة الراشدة، ذلك أن المجتمع الإسلامي أخذ يحترب من حولها حرباً شديدة طاحنة بما أنذر بتمزيق المجتمع الإسلامي وتبديده وإخراجه من دورة التاريخ. لقد ألغى سيدنا معاوية دورة الخلافة الراشدة عندما انقضى أجلها، ولم يعد المجتمع الإسلامي يرتفع إلى آفاقها العلى، وشيّد ملكاً ركيناً حصيناً ثبّت به دعائم الوضع السياسي الإسلامي، ومهّد به سبل انتشار الإسلام في الآفاق، وفتح بحالة الاستقرار السياسي التي أرساها ورسّخها مجالات نضج الحضارة الإسلامية وتقدمها ورقيها، ولم يك كل ذلك ممكناً من دون استقرار وملك قوي كملك الأمويين.» ولم ينس وقيع الله أن يذكرنا بدوره -وهذا هو بيت القصيد- بأن «هذه الفكرة التي ذكرها الدكتور الخليفة يوم ذاك تلخص جوهر موقفه السياسي العملي الواعي. فالسياسة عنده ليست شعارات ولا أوهاماً ولا مثاليات معلقة يتغنى الناس بها بينما هم في الأوحال غارقون. إن السياسة عنده فن الممكن في خدمة الناس، وليس فن الممكن في التشبث بالحكم، وهو في كل ذلك ملتزم بقيد الأخلاق لا ينفك عنه طرفة عين.» قبل التعليق على هذا الرأي لا بد أن نضيف مداخلة تالية للأخ محمد وقيع الله وردت في مقابلة أجرتها معه شبكة المشكاة الإسلامية (لا يوجد تاريخ على النص المنشور في الموقع) جاء فيها: «أعتقد أن الحركة الإسلامية التي تقودها الدولة الانقاذية في السودان هي حركة واسعة المدى وحركة تحول اجتماعي بمعناه الواسع، وهي الآن تؤسس مجتمعاً إسلامياً من كافة النواحي ثقافةً وأدباً وسلوكاً، وتبذل محاولات جادة تشمل تأسيس اقتصاد إسلامي وبنوك إسلامية، وتجري محاولات لا بأس بها لأسلمة المناهج التربوية والإعلامية. وعموماً أعتقد أن المشروع الإنقاذي الإسلامي مشروع قوي وناجح وفاعل». وهنا تساءل المحاور قائلاً: «في إجابتك نرى بعض التداخل والتضارب. فمن يقود الآخر: الحركة الإسلامية تقود الإنقاذ أم العكس؟!». أجاب وقيع الله لا فض فوه: «الذي يدرك دواخل الأمور يعرف لا محالة أن الدولة الإنقاذية تقود الحركة الإسلامية.. فهي أقوى من الحركة الإسلامية، وهي تؤدي من وظائف الحركة الإسلامية حتى على المستوى التربوي أكثر مما تؤديه الحركة الإسلامية، ومن ناحية عامة يمكن أن أقول بإطمئنان إن الحركة الإسلامية لا سلطان لها على الإنقاذ، ولا يوجد لديها خيار إلا أن تقوم بدعم الإنقاذ. هذا هو خيارها الوحيد ولذا فإن على منظري الحركة الإسلامية الصغار أن يكفوا عن لغوهم ومزاعمهم أن الحكومة والمؤتمر الوطني قد سلباها القياد، وعليهم أن يدركوا أن الحركة الإسلامية الحقيقية هي الحكومة وجيشها وقوات أمنها لا هم». هنا نرى التسلسل المنطقي للإشادة بالإنقلاب الأموي وتمثله فكراً وسلوكاً في رموز حكم الإنقاذ، وهذه الدعوة الواضحة للاستقالة الفكرية والأخلاقية من قبل كل مفكر إسلامي «صغير»، الذي ما عليه بحسب الأخ محمد وقيع الله سوى أن يقدّم نفسه للتمام وأن تصرف له بدلة عسكرية (كما فعل الكثيرون حقيقة لا مجازاً) ثم ينتظر أن تصرف له الأوامر من الجيش والأمن عن كيفية التفكير وموضوع التفكير. فالمفكر بحسب وقيع الله يجب أن يكتب بالأوامر، ويصل إلى نتائح تفكيره بالأوامر. وإذا قالت القيادة الإنقاذية إن أميركا قد دنا عذابها سار في الشارع مع الهتافة والمنشدين، أما إذا قالت نفس القيادة إن التعاون الأمني مع المخابرات الأميركية فرض عين على كل مسلم ومسلمة، سارع بتقديم التبريرات لذلك. أما إذا ارتكبت المجازر في دارفور وغيرها وهجر الملايين وعرض الوطن (وحكومة الإنقاذ نفسها) للخطر، فإن واجب المفكر أيضاً هو التسليم والبحث عن الأعذار في المؤامرات الأميركية التي سمعنا قبل قليل إنها الصديق الصدوق الذي لا يضن عليه بسر ولا خدمة. إن من حق من شاء أن يستقيل من فريضة التفكير وواجب إصدار الأحكام الأخلاقية، ولكن هذا لا يمكن أن يكون مطلباً يفرض على الآخرين في أمة الشهادة التي أمر الله تعالى كل فرد فيها بأن يكون من الشهداء بالقسط القوامين لله. ولأمر ما لا نأخذ اليوم ديننا عن معاوية ولا المأمون، وإنما نأخذه من الخلفاء الراشدين أو البقية الباقية من أهل الصدق من المحدثين والفقهاء الذين قتلهم أو قاتلهم أمراء السوء. وهناك فرق بين التماس العذر لمعاوية وغيره ممن قصر عن قيم الإسلام، وبين الاستنتاج الماكيافيلي بأن هذا التقصير هو الغاية التي يجب أن يسابق إليها المتسابقون. ولكن دعنا في هذا المقام من الحديث عن المثاليات وعن العودة إلى النقاش المتعمّق في دروس اندثار الخلافة الراشدة والانقلاب الأموي، فهذا أمر يحتاج إلى نقاش منفصل نعد بالتطرق إليه في مقالة قادمة إن شاء الله. ولنكتف هنا بتأمل عبر الماضي القريب، ولنأخذ تجارب يبدو أنها متضاربة، ولكنها سارت كلها على طريق واحد. فهناك أولاً تجارب الأحزاب الشيوعية التي قامت بدون استثناء بتسليم قيادها إلى طغمة أمنية-عسكرية حوّلت الحزب إلى فرع لجهاز الأمن (وحوّلت كثيراً من الأحزاب الشيوعية حول العالم إلى فرع من هذا الفرع). وعلى هذا النهج نهج آخرون، هم قريبون منا مكاناً وثقافة، متمثلين في الحركة اليسارية-القومية في العهد الناصري والحركات القومية في العراق وسوريا. في كل هذه البلاد أسلم الحزب قياده لطائفة من الانقلابيين المحترفين، بينما تحوّل كل المفكرين والمنظرين (وما أكثرهم) إلى مجرّد شعراء بلاط وضباط علاقات عامة في حضرة الدكتاتور الواحد. وكانت النتيجة بلا استثناء، وهي أن هذه الحركات اندثرت باندثار النظم التي أسلمت لها قيادها، ونالت كراهية الشعب الذي حملها أوزار ما ارتكبه جلاوزة النظام. ونحن نحمد الله أن علماءنا ومفكرينا الأوائل لم ينتصحوا بنصيحة الأخ وقيع الله وأسلافه من النواصب الذين رأوا تأليه الحاكم ومرجعيته التي لا ترد في أمور الدين، بل تحركوا باستقلال عن السلطان لبيان مقتضى تعاليم الدين والقواعد الأخلاقية التي يقوم عليها، وإلا لكان الإسلام لحق بالشيوعية وبقية العقائد المندثرة، مثل الأديان الفرعونية والبابلية والساسانية التي انقرضت بانقراض الدول الراعية لها. ولا نقول جديداً أو نكشف مجهولاً حين نقول إن الإسلاميين في السودان، حتى لو لم يتبعوا نصيحة وقيع الله، في خطر عظيم من اندثار حركتهم التي ستتبعها اللعنات لأجيال قادمة لمجرّد صمتهم عن ما يرتكب باسمهم من كبائر. ففي العراق مثلاً لم يدفع البعثيون وحدهم فاتورة نظام صدام القمعي، بل إن العرب السنة كلهم يقاسون تبعات ذلك رغم أن أكثرهم كانوا من ضحايا النظام، وذلك لمجرّد أنهم استكانوا ولم يبكروا بالإنضمام للمعارضة لذلك النظام الذي كان يحكم باسمهم زوراً وبهتاناً. ولا يزال كثير من أبرياء الألمان والصرب والهوتو يدفعون فاتورة لا علاقة لهم لأن مظالم ارتكبت باسمهم. هناك سبب قوي بأننا لا نسمع اليوم -على كثرة المذاهب والنحل الإسلامية- من يزعم أنه على مذهب معاوية بن أبي سفيان أو عبدالملك بن مروان، ناهيك عمن يتباهى بأنه على مذهب يزيد أو الحجاج أو زياد بن أبيه. وبالمثل فإننا لن نسمع في المستقبل -ولا نسمع اليوم- من يفتخر بأنه من أتباع صلاح قوش أو من حواريي نافع على نافع، إلا إذا كان الأخ وقيع الله ينوي أن يكون أول مؤسسي هذه المذاهب، رضي الله عنا وعنه. وبالنسبة للبقية من الإسلاميين فإنه ما لم ينتفضوا على هذا الوضع وينأوا بأنفسهم عما يجترح باسمهم، فإنه لن يضرهم شيئاً أن يتبعوا وقيع الله في التعبّد في محراب أهل السلطان، وأن يتخذوا قادة الأجهزة الأمنية أرباباً من دون الله جرياً على أهل الملل السابقة ممن نعى عليهم القرآن اتخاذ أحبارهم ورهباناً أرباباً من دون الله. ذلك أن تعطيل العقل واتباع قيادات الضلال من غير هدى هو عين الشرك والظلم العظيم الذي لا يغتفره الله تعالى لإنسان
تأملات في (أفندية) الأفندي عبد الوهاب الأفندي:
جلاوزة الإنقاذ السابقون: مالكم كيف تحكمون؟!
د. محمد وقيع الله [email protected]
لم التق بالاخ العلامة الاستاذ الدكتور عبد الوهاب الافندي الا لقاءين عابرين ما زدنا فيهما على كليمات المجاملة بعد السلام. ولكني اقرأ كتاباته الرصينة الناضجة منذ ان كان طالبا بمدرسة بربر الثانوية. ولو رجعت الى اوراقي القديمة لألفيت له مقالات منذ ذلك العهد البعيد. واني لمقدر جد التقدير لعلم الأفندي ولآرائه ولتقلباته الفكرية ولقلقه الكثير، وقد ظللت ادافع عنه في المجامع حتى عهد قريب. وفي الاسبوع الماضي عرفت انه يقرأ مقالاتي أيضا وان له في بعض رأي حسن، ذلك لأني لم اتخل عن قضية الفكر كما قال، ثم ذكر انه يأخذ على اشياء كثيرة خطيرة، قال اني اعلنت عن بعضها في معرض حديثي عن مناقب سيدي الشهيد مجذوب الخليفة. ويبدو ان ثنائي على الشهيد مجذوب هو الذي أثاره بالدرجة الأولى، لأنه أظهر في مقاله بعض ما يستبطنه من ضعن وغيظ على الشهيد العزيز. وآية ذلك أنه لم يزل يتجرأ – والناس بعد يقدمون العزاء في الفقيد الشهيد - على وصفه بالمكيافلية التي تعني فيما تعني عدم الالتزام بقيود الاخلاق!
خلفية الأفندي:
والاشياء الذي ذكر الافندي انه يأخذها علي، وقام بالرد عليها ردا عنيفا مشفوعا بالهجوم المتطرف والبذاءة اللفظية، هي اشياء تقولها علي ولم اقلها قط. ولكنه اراد من ذلك ان يواصل ادارة معركته (المتأخرة زمانا) مع نظام الحكم الإنقاذي، عبر مقالي، او عبر شخصي، وهذا امر ارفضه تماما، فأنا لا ادافع عن نظام الحكم الحالي، على علاته، ولا ارضى بممارساته السيئة. بل انتقدها نقدا شديدا. وارجو ان يكون الدكتور الافندي قد قرأ المقابلة التي استشهد بمقطع منها، وهي المنشورة على الموقع الإسلامي السوداني، بعينين اثنتين لا بعين واحدة، وإذن لاهتدى فيها إلى مواطن نقدي الصريح والعنيف- أحيانا- لبعض سياسات وممارسات الإنقاذ، حيث اتهمت هذه الحكومة، وهذا مجرد مثال، بأنها تكاد تكون أشد حكومات العالم في التقتير في الصرف على نظام التعليم العام. وقد ذكرت اشياء اخرى من هذا القبيل، ارجو ان يراها القراء اذا تكرمت احدى الصحف اليومية، واعادت نشر ذلك اللقاء. فأنا أستطيع ان انتقد الإنقاذ نقدا شديدا موجعا قد لا يستطيعه أمثال الأفندي، وذلك لاني صاحب قضية ومصداقية، ولست موظفا دبلوماسيا او اعلاميا (وقد جمع الافندي في تاريخه بين هاتين الصفتين معا) فأنا لا امتهن مهنة الدفاع عن النظام، ولا أزين اخطاءه، ولا أجعل رزقي يأتيني من هذا السبيل، كما كان رزق الأفندي يأتيه – في سالف الأوان - من هذا السبيل!
ولم يسبق أن قلت ما قاله الأفندي على لساني من ان على كل مفكر إسلامي ان يقدم نفسه للتمام، وان تصرف له بدلة عسكرية، ثم ينتظر ان تصرف له الاوامر من الجيش والأمن عن كيفية التفكير، وموضوع التفكير، وألا يكتب الا بالاوامر العسكرية، وألا يصل الى نتائج تفكيره إلا بهذه الاوامر. فهذه صلابة وجه وجرأة متهورة من هذا الأفندي في الدس والافتراء علي، يزيد فظاعتها انها جاءت وهو صائم.
إن شيئا مما اورده هذا الأفندي لم يرد في مقالي الذي كتبته في الحديث عن مجذوب الخليفة، ولا في المقابلة الصحفية التي اشار اليها، ولم يرد عني في اي معرض آخر، ولكن (أخلاق) الأفندي الكريمة، سوغت له ان يختلق كل هذا، وأن يتقوله على لساني، حتى يجد شيئا يهاجمني به، وحتى يطهر نفسه عن عقدة التلبس في خدمة الإنقاذ في التسعينيات، حين كان موظفا دبلوماسيا برتبة (حقيقة لا مجازا) في خدمة الإنقاذ، في عز أيام سطوتها وبطشتها الأولي، يدافع عنها، ويقدم لها الاستشارات عن أفضل الوسائل لمواجهة المعارضة. ولا يزال من زملاء الأفندي القدامى، من أهل الانقاذ الأوفياء، ممن لم يبدلوا أو يغيروا، من يروي من حكاياته، أنه كان يقدم لهم نصائحه، بضرورة التشدد مع المعارضين الى اقصى حد ممكن، وذلك حتى تفنى المعارضة، ويبقى نظام الإنقاذ الذي يفتئت عليه الآن!!
كان الأفندي آنها يخرج على وسائل الإعلام بإفادات مضللة ينفي بها تعرض المعارضين للتعذيب، ويشكك في شكاواهم وشهاداتهم، وسجلات ذلك كله موجودة ومحفوظة، وكان يقول في معرض دفاعه عن نظام الإنقاذ إن وضع حقوق الإنسان في السودان أفضل من كثير من دول الجوار، وظلت تلك اللازمة هي حجته – وبئس الحجة- في الدفاع عن الإنقاذ.
لقد كان الافندي حينها موظفا دبلوماسيا اعلاميا، وقد أوكلت اليه ادارة الحملة الاعلامية للدفاع عن النظام، وكان يتلقى اوامره المباشرة أو غير المباشرة، من نافع او من هو في مقامه، وظل يؤدي عمله هذا حتى اذا انقضت مدته، وطلب اليه ان يرجع إلى السودان، كما رجع زملاؤه المجاهدون الكرام، طلب هو ان يبقى في لندن – استثناء كأبناء الذوات! – ولما لم تكن اللائحة الدبلوماسية تسمح بذلك، دخل في مساومة مع اهل الانقاذ، عسى ان يخرجوا له العمل الإعلامي الخارجي من حوزة العمل الدبلوماسي، ويولوه أمره، ليديره بعيدا عن المنصب الرسمي، ولما يئست آخر محاولاته انقلب على الانقاذ هجوما مقذعا مستمرا حتى اليوم!!
الوضع الاخلاقي الصحيح:
لقد كان الوضع (الاخلاقي)، الصحيح الذي يليق بمثقف دبلوماسي شريف، يحتم على مثل الأفندي ان يبادر فيعلن استقالته المدوية، متى ما رأى اعوجاجا في النظام الذي يخدمه ويدافع عنه، لا ان ينتظر حتى تنتهي مدة خدمته الرسمية، ثم يطلب امتدادا لها، ثم ينكفىء بعد ذلك. فهذا تصرف يصعب تقديره او احترامه او ادراجه في ضمن التصرفات الوطنية (الاخلاقية) السليمة. ومن هذا يستبين لنا أن الافندي كان يطيع رؤساءه في الانقاذ، حتى آخر لحظة في مدة خدمته لهم، ثم طاب له أن يغدر بهم من ثم. وهذا الشخص هو الذي لا يستحي أن يقدم لي دروس (الأخلاق) اليوم، أنا الذي لم اتلق في يوم من الايام أي اوامر، من اي واحد من الذين ذكرهم في مقالته الوعظية العاصفة. ولا يجرؤ أي واحد منهم، ولا يحق له، ان يوجه الي أي امر او نهي.
لقد اشتهى الدكتور الأفندي ان يحشد اسم الأخ الكريم الدكتور نافع، والاخ الكريم الفريق غوش في مقام التشنيع علي. ألا فليعلم الاخ الكريم الافندي أنني لا اعرف الاخ نافع (شخصيا) ولا هو يعرفني. وأما الأخ الفريق صلاح عبد الله غوش فهو الآخر لا اعرفه (شخصيا)، وان كنت قد التقيته قبل اشهر، فقال إنه يعرفني، وذكر أنه كان يحضر محاضراتي الإسلامية قديما. وقد التقيته لسبب خاص، لكي اشكو له تعديات وأضرار عديدة وايذاءات وتهديدات بالتعذيب والقتل جاءتني من قبل جهاز الامن والمخابرات الوطني.
ومن هذا يتضح أن نظام الحكم الحالي الذي ادافع عنه، وسأظل أدافع عنه ما حييت، إذا استمر كما هو، هو النظام الوحيد الذي عاصرته وتأذيت منه على الصعيد الشخصي اشد الاذى وأبلغه، فلقد عارضت وعاديت نظام النميري في معظم سنيه، وما نالني منه كبير أذي، وعارضت نظام الصادق المهدي، طوال سنيه، وما نالني منه ادنى اذي. أما نظام الإنقاذ فهو وحده النظام الذي لحقني منه الأذي البليغ، ولكني مع ذلك لم أنقلب عدوا له، لأنني لا أحسب الأمور على المستوى الشخصي البحت، كما يحسب الافندي حساب الارباح والخسائر الشخصية (في الرتب والمرتبات!).. وإني وإن نالني من هذا النظام، ومن رويبضته وزعانفه المرذولة، اشد الاذى، فإنني لن اتحول عن مناصرته، التي لا القى منها مكسبا الا اذى هذا الافندي وشيعته. وهذا أمر لا يهمني كثيرا فالقضية عندي قضية مبدأ أؤمن به، إذ أؤمن بضرورة الاستقرار في حكم السودان، وهو ما ذكرته في معرض رثائي للشهيد مجذوب.
سادتنا الأمويون:
ولقد قلت حينها إن مجذوبا، رحمه الله، كان من انصار مبدأ الاستقرار السياسي، وهنالك ذكرت أني احب الامويين لأجل ذلك، وقلت إني معجب اشد الاعجاب بقيام سيدنا معاوية ببسط الامن وقمع الفتن، وهو الامر الذي جنب الحضارة الإسلامية مصائر الاندثار المبكر. فهذا هو فضل الأمويين على المسلمين وعلى البشرية. ولكن هذا الأفندي يسوغ له ان يشجب سادتنا الامويين، ويسوغ له كذلك ان يقيم تعارضا(وهميا) بين سيدنا معاوية وبين سادتنا الخلفاء الراشدين. وهذه محاولات لا يتجشمها الا من قصر في دراسة تاريخ الإسلام او قرأه باحدى العينين. لأن سيدنا معاوية كان مرضيا عنه وعن سيرته في السياسة لدى سيدينا ابن الخطاب وابن عفان عليهما الرضوان، وقد تركاه يحكم اقليم الشام، ولم يعزلاه عنه على كثرة ما عزلا من الولاة والحكام. ومنذ اول عهده في حكم الشام ابدى سيدنا معاوية تمام الفهم السياسي القويم. فحين قدم عمر إلى الشام وافاه معاوية بموكب عظيم انكره عليه ابن الخطاب قائلا: لم تفعل هذا؟! لقد هممت ان آمرك أن تمشي حافيا الى الحجاز! فرد معاوية رد السياسي المقتدر الأريب: إنا بارض جواسيس العدو فيها كثر، فيجب ان نظهر من عز السلطان ما يكون فيه عز للإسلام واهله، وما يرهب أعداء الإسلام، فان امرتني فعلت، وان نهيتني انتهيت! فأجازه عمر على تلك الخطة بقوله: لا آمرك ولا انهاك. ولما قال رجل لعمر: ما احسن ما صدر الفتى عما اوردته فيه، رد عمر قائلا: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه!! فهكذا كان معاوية مجازا ومرضيا عنه من قبل عمر، لا كما يزعم الأفندي في مقابلته بين معاوية والراشدين. وقد اثبت التاريخ ان سياسة القوة العادلة التي اتبعها سيدنا معاوية كانت مصدر خير عميم للمسلمين. وبالتالي فإن أكثر مسلمي اليوم مدينين لمعاوية بالفضل، وإذا كان هذا الأفندي لا يقر لمعاوية بالفضل، فإن أحبابه من الروافض ينكرون كذلك فضله وفضل ابن الخطاب ويسبونه وهو الذي أدخل أجدادهم في الإسلام!
ولما كان مجالنا لا يتسع للتفصيل في فضل سادتنا الأمويين الآن، فإن ما يهمني هو الحديث عن أمر الإستقرار السياسي الذي بسطوه. ويهمني ان أقول إن الاستقرار السياسي امر لازم لكل نظام سياسي او اقتصادي. ومبحث الاستقرار السياسي دار عليه القول في كثير من نظريات الفلسفة السياسية الوسيطة والحديثة. وإذا اشرت الي كتاب هوبز الشهير (التنين) فسيسارع الأفندي بلهجته الوعظية (الأخلاقية) الجديدة ليقول إني معجب به وبفلسفته، ولكني لا يمكن ان اعجب بإلحاد هوبز أو لادينيته، ولا بتفضيله لحكم الطغيان، وإنما أشير إلى بنائه الفلسفي المنطقي المهيب الذي شاده لاقناع الناس في عصره – المائج بالحروب الأهلية- بضرورة بسط الأمن، وقد تنبهه الغرب لأهمية ذلك الهدف، الذي بتحقيقه بدأت نهضة الغرب الحديث.
وهذا المعنى الذي تعب في الوصول اليه هوبز هو الذي ارشدنا اليه الشرع الحنيف بنصوص محكمات، وشرحه لنا سيدنا الماوردي في كتابه المعجب(الأحكام السلطانية)، كما شرحه لنا سيدنا ابن خلدون في ( المقدمة) الفذة لتاريخ لإنسان، فنحن اتباع هؤلاء السلف الصالح، ومادة اهل السنة والجماعة، لا ننازع الحكام، ما اقاموا فينا الشرع وأقاموا الصلاة، بل نطيعهم ولا نتمرد عليهم، حتى ولو ظلمونا، وهذا ما يبين عنه بعض ملامح وضعي الشخصي المتأزم مع جهاز الامن والمخابرات الوطني، فإنني لا اميل قط ولا ارتضي ان اتمرد على النظام أو أن ادعو إلى تقويضه أو تبديله لمجرد اني اختلفت معه في شأن من الشؤون، او لمجرد أنه ظلمني، او منعنني عطائي (كما في وضع الافندي) الذي حرم العطاء. وإلا فلو كلما اختلف المرء مع نظام الحكم (لسبب شخصي محض) ثار عليه، وافترى عليه الكذب، وعمل على تقويضه، لما ثبت نظام اصلا، ولعمت الدنيا الفوضى وساد البوار.
من يقود من؟!
واتساقا مع حرصي هذا على الاستقرار وعدم التنازع مع حكم الإنقاذ دعوت إسلاميي السودان قاطبة لدعمه، وهذا ما أضرم غيظ الأفندي وفجر غضبه, وقد قلت ذلك لما سألني السائل: من يقود الآخر في السودان: الحركة الإسلامية تقود الإنقاذ أم العكس؟! فقلت: إن الذي يدرك دواخل الأمور يعرف لا محالة أن الدولة الإنقاذية تقود الحركة الإسلامية. فهي أقوى من الحركة الإسلامية، وهي تؤدي من وظائف الحركة الإسلامية حتى على المستوى التربوي أكثر مما تؤديه الحركة الإسلامية. ومن ناحية عامة يمكن أن أقول باطمئنان إن الحركة الإسلامية لا سلطان لها على الإنقاذ، ولا يوجد لديها خيار إلا أن تقوم بدعم الإنقاذ. هذا هو خيارها الوحيد ولذا فإن على منظري الحركة الإسلامية الصغار أن يكفوا عن لغوهم ومزاعمهم أن الحكومة والمؤتمر الوطني قد سلباهم القياد، وعليهم أن يدركوا أن الحركة الإسلامية الحقيقية هي الحكومة وجيشها وقوات أمنها لا هم.
هذا نص ما قلته، وإني إذ قلته فلم يكن ذلك في صيغة دفاع عن هذا الوضع الغريب الشاذ لواقع الحركة الإسلامية السودانية. وإنما جاء قولي وصفا لذلك الواقع، واستنتاجا منه، ومحاولة لمعالجته، وهو على علاته واقع غير مثالي، وإني لست عنه براض ولا اشيد به. فهو الواقع المهزوز هو الذي خلفه الامين العام السابق للحركة الإسلامية، بعدما قام بحل اجهزة الحركة، وابقى مع ذلك على نفسه امينا عاما لها، ورئيسا مستترا على البلاد، وذلك من دون ان ينتخبه احد او يعينه في ذلك المنصب. وهذا وضع خاطئ سواء بمقاييس السياسة الشرعية أو الوضعية. والمحاولة التي جرت من قبل حكومة الانقاذ، هي محاولة لتصحيح هذا الوضع قدر الامكان، وتبعا لذلك اندمجت كثير من عناصر الحركة الإسلامية الإيجابية الفاعلة ذات الخبرة والإخلاص، مع جهاز الحكم والجيش والامن. وإذا اطلقت أنا اسم الحركة الإسلامية على هؤلاء، فهذا إنما يأتي من قبيل إطلاق صفة الحركة الإسلامية ووظيفتها عليهم. وأما من أرادوا ان يبقوا في حطام التنظيم القديم، فهؤلاء هم الحائرون الذين اطلقت عليهم تسمية المنظرين الصغار، وهؤلاء هم الحالمون الواهمون الذاهلون الذين ما برحوا يظنون ان هنالك تنظيم قوي للحركة الإسلامية السودانية، كما كان الامر في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان، ولذلك فهم لا يكفون عن بث الشكوى وتفجير التساؤلات، وهؤلاء هم الذين خاطبتهم ودعوتهم للكف عن كل ذلك، وللتوجه العملي الجدي لدعم الانقاذ, وهؤلاء جميعا هم ضحايا تسرع الامين العام السابق، الذي بادر بحل التنظيم من اجل ان يحكم هو قبضته بمفرده على مفاصل الحكم، وحتى اذا عجز عن ذلك، وهزم في مقارعته لتلاميذه، عمد الى خطة المكر، ودعوة شمسون، لتحطيم النظام، ونشر الفوضى، يناصره في ذلك ويشايعه بدعواته هذه التخريبية الضاربة في التشاؤم والعدمية هذا الأفندي الهمام!
إن هذا التوجه الذي يقوده بعض دعاة النقمة والخراب، هو الذي يزعجني أشد الإزعاج، ويدعوني لكي أمعن في تأييد هذا النظام. وهنا يطيب لي أن أقول إنه إذا كان نظام الإنقاذ الذي يحكم السودان الآن نظاما علمانيا (يكتفي بفصل الدين عن الدولة ولا يحارب الإسلام ودعاته) لدعمته كذلك، طالما انه نظام قوي يبسط الامن، ويمنع الفتن، ويحقق الاستقرار، ويمهد لنهوض الاقتصاد. أما وقد اصبح نظاما إسلاميا صميما فقد اصبح دعمه حقا على أولي الألباب.
هل أمسى شيعيا؟!
وهكذا فإني أؤيد نظام الإنقاذ لسبب مبدئ وجيه، لا علاقة له بشخصي ولا بالأشخاص الآخرين، فمهام هذا المشروع الكبير تعلو – في نظري- على شؤون الأشخاص الفانين، فكلنا عابرون في هذه الدنيا، وقد انقضت معظم آجالنا، ولذلك فلا هم لي على الصعيد الشخصي سوى أن أستثمر بقية عمري في خدمة الإسلام. ولذلك فقد استسخفت حديث الأفندي بأني أسعى لخدمة أشخاص سماهم، فقد سمح له حسن تأدبه أن يقول عني إني ازمع ان اؤسس فرقة سياسية مذهبية باسم نافع او غوش، وهما شخصان يعرفهما هو اكثر مني، وسبق له ان عمل تحت أمرتهما او في خدمة من كانوا تحت أمرتهما. وشاء للأفندي حسن خلقه كذلك أن ان يصمني بالتعبد في محراب الأمن، كما شاء له حسن ديانته ان يصفني بالشرك، ويزعم اني اتخذ من قادة الأجهزة الأمنية أحبارا ورهبانا من دون الله.
وأعجب من ذلك فإنه قد اتهمني بالنصب، (والنصب مصطلح شيعي ذميم صكوه لوصف من زعموا أنهم يكرهون سيدنا علي بن ابي طالب وأبنائه وآل بيته، أو لمن رفضوا نصب علي للخلافة قبل أبي بكر، وعمر، وعثمان، والنواصب ملعونون في أدبيات الرافضة ودينهم وموصوفون بأنهم أكفر من اليهود والنصارى). ولا أدري أين قرأ لي هذا الأفندي، أو سمع مني قولا اشتف منه كراهيتي لآل البيت، فأنا فرد من أهل السنة والجماعة، الذين يفوق عددهم المليار إنسان، ولم تبدر من أحدهم كلمة واحدة في الحط على آل البيت، فإننا نوالي صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جميعاً ونَمحَضُ آل البيت مزيد تمجيد، وتكريم، وولاء. ومصطلح النصب لا يستخدمه أهل السنة والجماعة لوصف بعضهم بعضا، ولكن هاهو الأفندي يحشره في دائرة أدبيات أهل السنة والجماعة, وأرجو أن يكون قد استخدمه عن جهل بدلالته، اما إن كان الأفندي قد أمسى (شيعيا) بعد أن أصبح (شعبيا) فذلك انقلاب آخر ضمن انقلاباته الفكرية الكثيرة لا يدهشني في شيئ.
إن جميع ما سبني به الأفندي في العبارات السابقة إنما هو تلفيق فاضت به سخائمه المشتطة، ورشحت به عدوانيته الفائرة. ولا أحتاج إلى أن أدافع عن نقسي أمام القراء إزاء تلك المفتريات، إذ لم يقرأ أحد منهم شيئا مثل ذلك بقلمي، وهي مفتريات لا يصدقها إلا الأفندي الذي افتراها ومن كان على شاكلته وشيعته، ومن كان مدفوعا بدوافعه الوخيمة. وفي حالة الأفندي بالذات فقد تراكبت عده عوامل دفعت به إلى هذا النـزق, أولها ما أسلفت الإشارة إليه من كراهيته الشديدة للشهيد مجذوب، رحمه الله، وقد أبدى الأفندي هذه الكراهية عندما قال إنه قد انزعج لكثرة ما مدح مجذوب بعد وفاته، وكان قبلها بسطر قد قال إنه لم يكتب عن مجذوب لأنه لا يعرفه، فإذا كان لا يعرفه فلماذا ينزعج من مدح الناس له؟! وما أدراه إن كان ذلك المدح صحيحا أم لا ؟! وثاني تلك العوامل عداوة الأفندي المستعرة لنظام الإنقاذ الإسلامي ومن يدافعون عنه من أمثالي، وهي عداوة ستعمر قلبه طويلا فيما يبدو. وثالثها، وهو الأم، والأهم، سعيه الحثيث لتنظيف ملفه الشخصي من عقدة دعم الإنقاذ، ولكني أطمئن الأفندي أنه مهما فعل في عداء الإنقاذ، فإن زملاءه من أساتذة الجامعات البريطانية، شديدي الحساسية من ممارسات أنظمة الحكم في دول العالم الثالث، وغير شديدي الحساسية من مارسات حكومتهم هم، لن ينسوا له سابقته في دعم الإنقاذ!
وأما رابع الأسباب التي حدت بصاحبنا إلى اجتراح هذا الردح والسباب، فهو ائتمار الشرذمة العقلية المتبقية في حزب المؤتمر الشعبي على شخصي، وقد بلغني من حين خبر يقين يفيد بأنهم على وشك أن يشنوا حملات إشاعات واتهامات مبطلات على شخصي، وما هذه المقالة الحمقاء التي سطرها يراع الأفندي إلا طليعة هذه الحملة الباغية. ولهذا الأفندي ولشيعته من الشعبيين أٌقول إني في انتظار ما تتقولونه وتختلقونه من إفك، ولن أتوانى في الرد عليه ودحضه، وسألقاكم، أقوى لقاء. سألقاكم وظهري مستند تماما إلى الحائط، ويداي نظيفتان، لم تتلوثا بعطايا، ولاهدايا، من حزب، أو شركة، أو سفارة، أو نظام. سألقاكم وسأُنفِذ إلى أسماعكم، وقلوبكم، كل ما في كنانتي من حديد سهام الكلام.. وعلى المتقين السلام..
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
Quote: وبحسب وقيع الله فإن مجذوباً اعترض على نقده للدولة الأموية في محاضرة ألقاها في مصر في عام 1985، مذكراً إياه «بأن جهاد الأمويين الذي تواصل لأكثر من قرن من الزمان في سبيل نشر الإسلام يغفر لهم كل ما قد يؤخذ عليهم من أخطاء، ولو كانت من قبيل الخطايا الجسام. ثم قال إن كثيراً مما ينسب إلى الأمويين من الجرائر والمظالم والمفاسد هي أساطير من نسج خيال خصومهم العباسيين وأقوال الغلاة القالين من زمر الروافض والخوارج». |
اذا كان مجذوب الخليفة قد وجد العذر للدولة الاموية التي يحاول ان يشبه نظامه بها فمن يجد العذر لنظام انقاذه الذي نعايش جرائمه الان ؟!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
شكرا للاخ الكيك لايراد هاتين المقالتين المهمتين.
اعتقد ان الدكتور الافندي قدم فكرا مميزا. الفكرة الاساسية للافندي دعوته للحركة الاسلامية لنفض يدها عن نظام الانقاذ الاستبدادي الفاسد. الاستاذ وقيع الله فشل في الرد علي هذه الفكرة الاساسية و من ثم ولج في الملف الشخصي للدكتور الافندي و هذا حيلة العاجزين.
المرحوم مجذوب الخليفة كان بشهادة نظرائه من قيادات الحركة الاسلاسية منكافيليا. الدكتور الافندي استشهد بغازي صلاح الدين . و مجذوب كان متخصصا في التزوير و قد اعترف هو بذلك بل كان يباهي بذلك من باب الشطارة. و عليه فالمذهب الميكافيلي تسير عليه الانقاذ اليوم.
الافندي لم يخطئ في اي كلمة سطرها في هذا المقال. و دعوته للحركة الاسلامية لتتخذ موقف ايجابي في مواجهة اجرام و فساد نظام الانقاذ هي دعوة قوية و لها دلالاتها و اتمني ان تعود الحركة الاسلامية من خانة اعداء الشعب السوداني الي الصف الوطني.
من ينكر ضلالات الانقاذ و فسادها و تجبرها ينكر ضوء الشمس و ينكر كل حقيقة.
شكرا الكيك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: Omer54)
|
الاخ عمر اشكرك على المرور على هذا البوست والتقييم ولكن ازيدك شوية معلومات فى محاضرته التى ذكرها وقيع الله فى القاهرة كنت احد شهودها فى نادى الوافدين بالقاهرة وكان المتحدث الاخر معه الاستاذ محمود الفضلى رحمه الله وتحدث الاستاذ الفضلى حديث العارفين عن الاستقلال ورموزه وشخصياته والدور الذى قاموا به وعلى راسهم السيد عبد الرحمن والسيد على .. وعنما جاء الدور لمحمد وقيع الله اتهم السيدان على و عبد الرحمن المهدى بالعمالة للانجليز والاستعمار وقال كعادة الاخوان ..ان الاستقلال كان ناقصا .. وعندما رفعت يدى محتجا على مثل هذا القول وطالبا التعليق على ما قال رفض الاخوانجى الذى كان يدير الجلسة اعطائى فرصة التعليق ولكنى انتظرته الى نهاية الندوة وتناقشنا انا وهو فى هذا الموضوع الذى اثاره وهنا تدخل احد الاخوان طالبا منه عدم الرد على واحد مجنون من امثالى واشتبكت مع ذلك الاخوانجى وكانت فرصىة ليتخلص من مواجهة وتفنيد حقائق .. النقطة الثانية التى اخذها على وقيع الله بعد الانتفاضة وكنا حينها نعمل فى دائرة الصحافة متضامنيين لاسقاط الترابى وكنت اتولى امر الاعلام وقع فى يدى منشور تم توزيعه من اعضاء الجبهة الاسلامية او فى الحقيقة فتوى بتكفير الختمية الذين وضعوا ايديهم مع الملاحدة من الشيوعيين والبعثيين والليبراليين من اعضاء حزب الامة لاسقاط الترابى وفوجئت بان الفتوى مذيلة باسم العبد المفتقر لله محمد وقيع الله ..الاستاذ بجامعة امدرمان الاسلامية وفى ذلك الوقت لم يكن استاذا وانما معيد باحد الكليات فهو هنا كفر وكذب ودافع عن الترابى بالحق والباطل واستغرب هنا محاولته الابتعاد عنه ووصم خصمه الافندى بهذه الصفة ..سبحان الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: Mustafa Mahmoud)
|
المؤتمر الوطنى من فقه الضرورة الى فقه الضرر عبد الرحيم عمر محى الدين
ذات يوم من أيام عام 1995م كنا جلوساً بأمانة المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم حيث كان يجمع الدكتور الجميعابي بين الأمانة العامة للمؤتمر الوطني والأمانة العامة للحركة الإسلامية بولاية الخرطوم, كنتُ يومها أتولي متطوعاً أمانة القطاع الثقافي بالمؤتمر الوطني والقطاع الاجتماعي بالمكتب التنفيذي للحركة الإسلامية بالخرطوم.. في مكتب الأمين العام جلسنا, ثلة من قيادات الحركة الإسلامية, الجميعابي , عبيد الأمين الفكي , محمد البشير عبد الهادي , محمد عبد الرحمن بابكر, المهندس عثمان يوسف, المهندس المعتز بالله الخليفة, عبد الرحمن الجاك وآخرين إن لم تخني الذاكرة... انضم إلينا من الأمانة الاتحادية الأخ عادل عوض..قلتُ لهم في تلك الجلسة : ( أنني أشعر أن المؤتمر الوطني أراد الاحتفاظ بنا في مواقع لا تقدم ولا تؤخر أي أنه أراد استفراغ جهدنا بمواقع أقرب للملهاة!).. فرد الأخ عادل عوض بالقول: أنهم في المؤتمر الوطني قد استوعبوا أكثر من 50% من قطاعات الشعب السوداني داخل أجهزة الحزب والدولة المختلفة حيث صار المواطن إما عضواً في اللجنة الشعبية أو أمانة المؤتمر الوطني أو لجان الزكاة أو جمعيات القرآن الكريم أو اتحادات الطلاب أو قطاعات المرأة أو بسط الأمن الشامل أو مجالس المحلية أو مؤتمر المحافظة ثم مؤتمر الولاية...إلخ وبذلك يكون معظم أفراد الشعب مربوطين بصورة أو أخرى بأجهزة المؤتمر الوطني وحكومته وآلياتها!. مثل هذا التفكير عادة ما يصلح في بداية الثورات الأيديولوجية التي ترفع شعارات تطهرية تدعو عبرها للإصلاح ومحاربة الفساد والسعي لاستيعاب طاقات الشباب وتوجيهها للإنتاج وإحداث التنمية الحقة.. فالإنقاذ قد جاءت بشعارات قوية وكان خطاب الرئيس عند الانقلاب قوياً ذكر فيه أنه قد جاء لإنقاذ السودان الذي وصفه بأنه (جنازة بحر)..وكانت الثورة في أيامها الأولي مفخرة وقدوة شدت لها كل دول العالم وهم يرون البشير يحمل الطورية ويتقدم مواطنيه في حفر ترعتي ( كنانة والرهد) ثم يتبعه الولاة والوزراء وكل منهم يريد أن يتقدم خطوة أبعد في التجرد ونكران الذات. كان العمل في صفوف الإنقاذ يومها طوعياً غابت عنه المغانم والأطماع والأهواء. ولكن دارت الأيام دورتها وتعدت الإنقاذ مرحلة التأمين وانتقلت إلي مرحلة التمكين حيث أصاب الناس شيء من الدعة والخلود للراحة والسعي نحو ملذات الدنيا وجمع رياشها ... أصاب هذا الداء القيادات فتنافست القواعد( وما أنا إلا من غزية) ( وإذا كان رب البيت علي الدفوف ضارباً فشيمة أهل البيت كلّهم الرقص)..تحولت نظرية إلهاء الشعب وشغل كل فرد بلجنة من اللجان لم يعد هذا العمل طوعياً وإنما بالمقابل! فالثورة بعد أن كانت تبحث عن التأمين والتمكين فقد أصبحت الآن تبحث عن الإستمرارية والديمومة مما جعل الفاتورة عالية جداً.. في سبيل البحث عن الخلود والاستمرارية يغيب الرشد السياسي وتغيب النظرة الفاحصة الإستراتيجية ويصبح التكتيك والمراوغة هي الأصل.. ولأن التكتيك الذي لا ينبني علي إستراتيجية واضحة يتغير ويتبدل وينتقل من النقيض إلي النقيض.. فالقيادة يهمها أن تحفظ ولاء الغالبية العظمي من الجماهير لها, أما كيف يتم ذلك؟ فهذا لا يهم!..أبناء الحركة الإسلامية أصبحوا ينافسون قياداتهم في التسفار وجمع الأموال وتعدد الوظائف والمهام والتكليفات واللجان.. أضرب لذلك أمثلة كثيرة.. ماذا يعني أن يكون الشخص أميناً لوزارة أو موظفاً في الدرجة الأولي في الدولة بكامل مخصصاته من سيارة ومرتب مريح وخلافه ثم يصبح أميناً أو مديراً لهيئة أو منظمة من شاكلة المنظمات الاستثنائية التي تحدث عنها الدكتور غازي صلاح الدين في مقالاته بـ ( الصحافة) تحت عنوان: (صورة لمستقبل السياسة السودانية), حيث يقول عنها:
( لقد أثبتت التجربة أن الكيانات التي تنشأ بصلاحيات استثنائية ولا تنضبط بضوابط الرقابة المعلنة سرعان ما تتحول إلي محور تنظيمي منافس. ولأنه تكوين يقوم بمهمة استثنائية ويملك صلاحيات استثنائية ويتمتع بوضع استثنائي خارج دوائر الرقابة فإنه سرعان ما ينمو ويتضخم ويحتل مساحات متوسعة على حساب الأجهزة التنظيمية المشروعة. وتظل تلتف فروعه وأغصانه حتى تحبس ماء الحياة حتى عن الذين يمدونه بها. وفي تلك اللحظة ينتقل ولاؤه إلي آخرين يمدونه بموارد الحياة).. ربما تكون موارد الحياة التي يتحدث عنها غازي هي تلك الامتيازات ذات الوضع الاستثنائي الذي يقع خارج دائرة الرقابة(!!).. لماذا ينال هذا الموظف الكبير الذي يتمدد في إدارة هذه الأجسام والمؤسسات الاستثنائية التي لا ندري من أين يأتي تمويلها ؟(!!).. لماذا يتقاضى الفرد في هذه المؤسسات راتباً شهرياً يعادل راتب ثلاثة بروفيسيرات في أعرق جامعاتنا في الوقت الذي لا يحمل فيه هذا الفرد غير شهادة الليسانس؟ لماذا المكاتب التي تضارع الصوالين الكبيرة علاوة علي تجهيزها بكل المعينات من المأكولات والمشروبات بأنواعها..هل هذه المرتبات تأتي من المالية؟! وما هو وجه الشرع في استحلالها إن كانت تأتي من المالية؟!.. قـُدر لي أن أزور أحد مديري هذه الهيئات الخاصة فخلتُ نفسي داخل فندق خمسة نجوم .. إذن لماذا نطالب الجماهير بالتقشف وربط الأحزمة علي البطون... هذا قد انعكس على المستوى السياسي.. حيث أصبح لكل معتمدية مجلس تشريعي يتقاضى رئيسه حوالي الثلاثة مليون جنيه شهرياً بينما يتقاضى الأعضاء مرتبات شهرية .. وليت هذه المبالغ تأتي من وزارة المالية لكان ذلك أهون ولما أحوجنا للحديث عنه ولكنها تأتي من الجبايات والضرائب التي تجاوزت اللحم وكسرت العظم.. وهذا ما جعل دكتور فيصل حسن إبراهيم والي شمال كردفان يقول في حوار (آخر لحظة) معه الخميس 12/12/2006 : ( في بعض المحليات الفصل الأول يمثِّل 77% من إيرادات المحلية والفصل الثاني حوافز ومكافآت وبذلك تذهب كل أموال الشعب للموظفين... إذا كان المواطن يدفع الضرائب والزكاة ويدفع على الرخص والجبايات وكل هذه الأموال تذهب مرتبات للموظفين! كيف يمكن تنمية الريف؟)( لا يمكن أن أشتري سيارة للمعتمد بمبلغ 200 مليون جنيه في محلية بدون موارد) انتهى! ولكن أخي فيصل تتوسع الآن ولاية النيل الأبيض رغم فقرها وتنشئ المزيد من المحليات لأن المؤتمر الوطني أصبح لا يفرق بين فقه الضرورة وفقه الضرر ولا يدرك القاعدة الفقهية ( لا ضرر ولا ضرار).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
مؤتمر الحركة الاسلامية والحقيقة الضائعة عبد الرحيم عمر محى الدين
يعتبر الصدق والأمانة من الأبجديات التي يقوم عليها الإسلام عامة والعمل الإسلامي علي وجه الخصوص.. ولقد ظللنا منذ التحاقنا بالحركة الإسلامية منذ32 عاماً نخاطب مستمعينا من الطلاب في جامعة الخرطوم علي وجه الخصوص والجامعات والمعاهد الأخرى وجماهير الشعب السوداني بعبارة : ( نخاطبكم من منبر الاتجاه الإسلامي منبر الصدق والأصالة ذلك الرائد الذي لا يكذب أهله) وأتذكر عبارات المعتصم عبد الرحيم في نهاية سبعينيات القرن المنصرم وصوته يجلجل في جنبات نشاط جامعة الخرطوم مخاطباً الطلاب بقوله : ( نحن عندما نحدثكم نصدقكم القول لأن ديننا يأمرنا بالصدق ويقول لنا إن الصدق يدعو إلي البر والبر يدعو إلي الجنة و إن المرء لا يزال يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً.. وأن الكذب يدعو إلي الفجور وأن الفجور يدعو إلي النار وأن المرء لا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)!!. دارت في خلدي هذه المعاني والقيم والذكريات وأنا أتصفح إعلاناً مدفوع القيمة بالعزيزة ( آخر لحظة) بتاريخ 7/ أبريل/2007 تحت عنوان ( الحركة الإسلامية السودانية: بيان صحفي), يتحدث البيان عن انعقاد مجلس شورى الحركة الإسلامية في الفترة 5-6 أبريل/2007 حيث استمع المؤتمرون إلي تقرير الأمين العام حول الأداء التنفيذي للحركة الإسلامية في نصف العام المنصرم وإلي خطة العمل المستقبلي....إلخ كما أصدر مجلس شورى الحركة الإسلامية توجيهاته للعاملين في حقل الحركة في الولايات بتوسيع أنشطة الدعوة وبرامجها!والاهتمام أكثر ببرامج التواصل مع المجتمع السوداني! والاهتمام بالفئات الضعيفة!! والمساهمة في تخفيف حدة الفقر!! وتكثيف الرعاية الاجتماعية!!ثم الحديث عن التحديات التي تواجه المسلمين من قوى البغي والاستكبار....إلخ. ثم ختم البيان ببيت القصيد حيث: ( أبدى مجلس الشورى التزامه بدعم المؤتمر الوطني في العمل السياسي...إلخ).. وملاحظاتنا على الحركة الإسلامية إجمالاً وعلي هذا المؤتمر علي وجه الخصوص تندرج في الآتي:
(1)
: لقد تعرضت الحركة الإسلامية لأكبر خيانة في تاريخها قام بها أمينها العام حسن الترابي ورئيس مجلس شوراها إبراهيم أحمد عمر عندما قاما بحلها بعد قيام انقلاب الإنقاذ مباشرة, ذلك الحل الذي اعترف به إبراهيم أحمد عمر وهو مدون وموثق في كتابي ( الترابي والإنقاذ: صراع الهوية والهوى).. وقد وصف القيادي الإسلامي البارز الأستاذ يوسف فضل الله ذلك الحل بأنه أكبر خيانة للحركة الإسلامية في تاريخها الطويل.. لأن الحركة يقوم بحلها مؤتمرها العام وليس شخصان فقط!. ومنذ ذلك الحين توارت واختفت الحركة الإسلامية التي جاءت بانقلاب الإنقاذ في 30/يونيو/2007 وحلت محلها هيئات ديكورية هيمن عليها المتغلبون من أهل السلطة والشوكة والسلطان والسيف والذهب.
(2)
بعد الانشقاق الذي وقع في صفوف المؤتمر الوطني والذي تبلور بتأسيس حزب المؤتمر الوطني الشعبي بقيادة الدكتور الترابي في يونيو/2000 هرعت مجموعة المؤتمر الوطني لاستقطاب قواعد الحركة الإسلامية حتى لا يستقطبها الترابي ونظمت مسرحية الكيان الخاص للحركة الإسلامية !! تلك المسرحية التي لا يشبهها في تاريخ المخادعة السياسية والغش إلا مسرحية التحكيم علي هامش معركة صفين سنة 36هـ بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان حيث قام عمرو بن العاص بخديعة أبي موسى الأشعري معلناً عزل علي بن أبي طالب وتنصيب معاوية بدلاً عنه..نعم إن التاريخ يعيد نفسه فقد تقرر في مؤتمر القطاع الخاص للحركة الإسلامية سلب الحركة الإسلامية مرجعيتها في مراقبة ومحاسبة وتعيين وعزل أعضائها وممثليها في الحكومة.. الحركة لم تطلب محاسبة ومراقبة وتعيين وعزل كل وزراء الحكومة بل طالبت أن تراقب وتحاسب الذين يحكمون باسمها ويتكئون علي تاريخها وجهادها ! ولكنها لم تـُحْرَم من ذلك فحسب بل مرروا عبرها وثائق أعدها الأمويون الجدد من إخوتنا ( الكبار- الصغار) وعرضوها علي الرئيس ليبدي ملاحظاته عليها قبل أن تـُعرض علي مؤتمر الكيان الخاص لإجازتها ( أنظر مقابلتنا مع عبد الرحيم علي في كتابنا ( الترابي والإنقاذ: صراع الهوية والهوى)! ثم عـُرضت علي عَجَل وتمت إجازتها ليسود منهج الكنيسة وفصل الدين عن الدولة ليصبح المؤتمر الوطني هو المرجع الوحيد ولا صلة للحركة الإسلامية به من بعيد أو قريب لدرجة أن إبراهيم أحمد عمر قد صرح بأنه: ( لا يحق لأي فرد من أفراد الحركة الإسلامية أن يكون عضواً بالمؤتمر الوطني إلا إذا تم تصعيده من الحي الذي يسكن فيه) وكأن إبراهيم أحمد قد رشحه أهالي حي العمدة وودنوباوي ليصبح أميناً عاماً للمؤتمر الوطني..منذ تلك اللحظة وذلك المؤتمر تحولت الحركة الإسلامية على مستوى القاعدة إلي مجموعة هتيفة ورصيد جماهيري لإخواننا ( الكبار- الصغار) وحددوا دورها في الدعوة الشاملة والذكر والذاكرين وتزكية المجتمع و(تخفيف حدة الفقر!!!) وتـُركت السلطة لقيصر ليسيرها ثلاثي ( القبلية السوق العقلية الأمنية) بلغة التجاني عبد القادر.
(3)
في المؤتمر المشار إليه حاول البعض أن يتذكر أن للحركة الإسلامية دوراً هاماً لابد أن تلعبه في مراقبة السلطة ومحاسبتها ولابد أن ترجع لها سلطات المحاسبة والرقابة والتعيين خاصة بعد أن أزكمت رائحة الفساد وشيوع القبلية الأنوف وبعد أن كثر الحديث عن اختراقات أجنبية داخل جسم الحكم وبعد أن تحولت العاصمة إلي قنبلة موقوتة..حاول ابن الحركة الإسلامية الهمام الذي قامت علي يده نهضة الطلاب الإسلاميين بعد المصالحة الوطنية في 7/7/1977 ذلكم هو السيد/ رزق الذي حاول أن يقود مبادرة إدخال السياسيين من أبناء الحركة الإسلامية إلي بيت الطاعة!! وربما ظن رزق أن أمينه العام سيقف معه ويسانده في هذا التوجه! لكن هنا تدخل السيد/ الرئيس ( بالألف واللام) ليعلن أن للسودان رئيساً واحداً معرف بالألف واللام (الرئيس)! وليس هناك رئيس سواه وأن الحركة الإسلامية دورها محدد في الدعوة وتزكية المجتمع والجهاد (!!).. ثم أردف سيادته هذه مسألة قد حسمتها وثائق الحركة الإسلامية منذ تأسيس الكيان الخاص..(!!) لقد نسي السيد/ الرئيس ( أخونا الكبير) أن هذه الوثائق قد وضعتها مجموعة القصر ولم تضعها أو تناقشها قواعد الحركة الإسلامية وأنها قد عُرضت عليه قبل أن تعرض على القواعد وقد أجازها هو قبل أن يجيزها مؤتمر الكيان الخاص ثم عُرضت علي المؤتمر في مسرحية جامعة دُعيت لها كل الأحزاب السودانية وفي جو عاطفي ديماجوجي لتكتشف الحركة أن مجموعة القصر قد أخذت منها كل شئ بينما لم تعطها شيئاً واحداً... بعد تدخل الرئيس الحاسم والذي ربما اشتم منه أن الأمر وراءه مؤامرة من نائبه أمين الحركة.. لكن أمين الحركة الإسلامية أراد أن يزيل شك الرئيس حول إي مؤامرة تحاك ضده خاصة بعد الخلافات الشهيرة بين صقور القصر.. هنا قام أمين الحركة لينفي أي خلاف بينه وبين الرئيس ذاكراً أنه في عنقه بيعة للسيد الرئيس...وهنا تأتي الإجابة الشافية أنه لا بيعتان في وقت واحد؛ إحداهما للرئيس والأخرى لأمين الحركة الإسلامية ولا عودة للازدواجية إذن علي الحركة الإسلامية أن تسجل نفسها ضمن مجموعة اسكوفا للمنظمات الطوعية.. وعفواً أخي رزق It is too late.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
الصحافة 22/9/2006
المحبوب عبدالسلام في منبر «الصحافة» (1) تجربة الإسلاميين في السودان بين الاتحاد السوفيتي والعراق اعدها للنشر: قرشي عوض عاد الى أرض الوطن أكثر الاسلاميين صراحة ووضوحاً. وهذه صفة قبلها المحبوب عبدالسلام في منبر »الصحافة« نهار الاحد الماضي وارجعها الى أنه كان الأعلم ببواطن الامور. الشئ الذي دفعه أن يرد على الزيف بمرارة ، فالرجل لعب دوراً اعلامياً مهماً في الصراع الذي ضرب صفوف الحركة الاسلامية وانحاز هو فيه الى جانب شيخه. في هذا الحوار مع الصحفيين بالصحيفة تناول الرجل التجربة في مجملها بكثير من الشفافية والوضوح الذي وصل الى درجة الاعتراف بأن الوصول الى السلطة عبر الانقلاب لم يكن الخيار الأفضل وقتها رغم المبررات التي يسوقها البعض تبريراً لذلك. ابتدر المحبوب حديثه: لقد ظللت أصول في الصحافة السودانية وهذه الصحيفة خصوصاً خلال الاتصالات المستمرة كلما استجدت احداث تستدعى التعرف على مواقف القوى السياسية، كما إن هذه الصلة مع هذه الصحيفة جاءت نتيجة لتغطيتها لاخبار المعارضة في الخارج حتى قبل أن تنضم أطياف منها للحكومة. كما أود أن اشير في هذه المقدمة الى ضرورة الحوار عموماً، وقد صرحت لبعض الصحف اني خرجت في ظرف خاص وكان ظرفاً عصيباً وقتها وعقب الاعتقالات وسط صفوف المؤتمر الشعبي في عام 2000م، لكنني عدت فوجدت ظروف الوطن أصعب بكثير عن الظرف الشخصي والحزبي الذي خرجت فيه. فالانسان في ساحة الخارج يستطيع أن يرى الاجندة الخارجية افضل وتتاح له فرصة الاتصال بالذين يصنعون هذه الأجندة. وقد قضيت الأشهر الثلاثة الماضية في تجوال. وقد كنت إبان زيارة الفريق سلفاكير ومني اركوي مناوي في واشنطن وكان متوقعا حضور آخرين، مثل السيد الصادق المهدي ورغم إن الحياة السياسية في امريكا معطلة نسبة للعطلة لكن كان الملف السوداني ساخناً جداً. وبعد ذلك جئت الى بريطانيا واتصل هذا الاهتمام وقد حضرنا سمنارات عن التعليم في السودان وكذلك الايدز ، لكن كانت واضحة جداً الاجندة التي تحيط بالسودان، ويتطور الأمر الأن كما ترون ليصبح مواجهة مع المجتمع الدولي وتتعقد أزمة دارفور التي كانت أمامها آفاق حلول وتبدو الساحة السياسية متشرذمة أكثر مع أن كل الظروف تستدعي أن يبحث الناس عن ارضية مشتركة. ولذلك هذه الضرورة مدعاة للحوار، وصحيح أنه في عهد المواجهة بيننا وبين النظام كانت تصريحاتنا مصوبة الى هذا الشأن. وكلكم تعلمون انها كانت عنيفة وكثير من الذين كتبوا عن زيارتي هذه للسودان كانوا يرون انه ينبغي أن يتغير خطاب المواجهة والمعارضة الضيق بين حزبين كانا حزباً واحداً الى مسألة تتصل بهم الوطن العام. هذا هو الرأى الذي لمسته وهو الرأي الذي أجده اقرب الى نفسي. وانتم أهل الرصد والمتابعة ويهمني جداً بعد هذا الغياب الطويل أن اسمع رأيكم وتعليقاتكم واتعلم منها واستفيد أكثر كما يمكن أن تتعلموا وتستفيدوا من ارائي المعروفة لديكم نسبة لأن الحوار بيننا موصول واكتفي بهذا القدر واشكركم على الدعوة وشكراً جزيلاً. ü من المحرر: شهد المنبر عدداً من المداخلات من قبل الصحفيين وفي رده على الاسئلة قال الاستاذ المحبوب عبدالسلام: الحقيقة في مرات عديدة تكون اقرب الى الخيال وكما قيل ان واقعنا اليوم اعقد من مسرحيات شكسبير والتي حينما تقرأها. تتوصل الى انه لا توجد عقد أكثر من ذلك لكن الواقع دائماً يطرح سؤال شكسبير وهو نكون أو لا نكون. وهذا السؤال يطرح على مستوى السياسة محلياً ودولياً وفي مرات يطرح على مستوى الفرد العادي. وفيما يتعلق بالخلاف في صفوف الاسلاميين والذي يرى البعض انه عبارة عن مسرحية فإنه حقيقة. وهذا الخلاف رغم مراراته وما ترتب عليه من خسارة للمشروع نفسه، لكنه جعلنا نعيد النظر في التجارب التي تشبه تجربتنا وطبعاً هنالك تجربة مماثلة قريبة وهى تجربة الحزب الشيوعي مع مايو. لكن كانت لدينا قناعة بأننا لا نشبه الشيوعيين في ذلك. وان العسكريين الذين تحالف معهم الشيوعيون مختلفين عن العسكريين الذين تحالفنا معهم ، وكانت هذه القناعة التي يمكن أن تكون وهما قد ظلت مسيطرة علينا. وانا ظلت لدى قناعة بأن الشخص الذي تربى في المؤسسة العسكرية لا يمكن أن يكون مثلنا نحن الذين نشأنا داخل الحركة الاسلامية ، وهذه القناعة قد عبر عنها الرئيس البشير. حيث ذكر أنه انتظم في الحركة بعد أن اصبح رائداً في القوات المسلحة ، والذي يصبح رائداً في القوات المسلحة لا يمكن أن يصبح أخاً مسلماً. وهذه قناعة علمية ، لكن كما قلت ان الوقائع جعلتنا نعود للتجارب المشابهة. فمثلاً أنا ما كنت أعلم أن »لينين« الذي عاش قليلاً جداً بعد انتصار الثورة في اكتوبر سنة 1917م وهو كان منظرا من الطراز الأول وكان معروف عنه انه كان يدخل المكتبة في الصباح ولا يخرج منها الا في الليل. وقالت صاحبة المكتبة في زيورخ انه عندما غاب ذلك الرجل الذي يجلس هنا انه قام بثورة . ومع ذلك حُرم من أن يقدم مساهماته النظرية لاعتلال صحته فقضى السنوات الاخيرة معتقلاً من قبل ستالين وهو جورجي وليس روسيا وتحمسه للقومية الروسية كان أمرا غريبا جداً عكس لينين الذي كان روسياً ويهودياً من ناحية أمه ، وكان يعجب بتجارب اليهود في شمال روسيا. و»لينين« التمس التماساً أن يقدم ورقة في المؤتمر الثاني والعشرين في الاصلاح ولم تقدم. وحينما مات أصدر ستالين القرار بتحنيطه وتحويل ضريحه الى متحف واطلق اسمه على الساحات. ونحن لم نستطع أن نمضي بخلافاتنا الى تمثيلية مثل هذه . والذي يجعل الأمر اقرب للخيال كذلك ان الحركة الاسلامية السودانية دبرت أمورا كثيرة مثل الانقلاب دون أن يخرج سرها من صفها. فلذلك بدأ الصف متسقا وقوىا جداً. وعلى المستوى الاجتماعي كان يبدو أنه تنظيم متصل يتزاوج فيه الناس من غرب السودان الى شماله ، وبدأ كأسرة كبيرة واحدة بحجم الوطن وهذا صحيح الى حد ما وكل مجموعة جمعتها ظروف عمل كانت العلاقات بينها على مستوى الأسر ولم ينقطع الاتصال ابداً. فمثلاً أنا اعرف عادل الباز منذ أن جاء الى جامعة الخرطوم حتى هذه اللحظة وقس على ذلك وبالتالي كانت العلاقة ملتحمة وقوية ولذلك كونها تتباين الى هذا الحد فهذا كان امراً غريباً. التجربة الاخرى التي قرأتها هي تجربة حزب البعث، وايضاً ما كنت اعلم ان ميشيل عفلق غادر سوريا والعراق وذهب الى البرازيل وجلس في منزل لعدة سنوات وهو وسبعة من أبنائه وهو مؤسس الفكرة كلها وليس الحركة فقط. وعندما عاد حدث جدل كثير في عودته من قبل عناصر النظام العراقي. وعندما قالوا له تحدث في أي شيء إلا في السياسة الى ان قضى. فالانشقاقات داخل الاحزاب العقائدية بين الفئات التي تختلف بحكم تكوين العنصر خاصة اذا كانوا عسكريين ومدنيين وفق التربية التي جاءت من الفكر الغربي. حيث ان العسكري لم ينشأ على الفكر العربي ولا فكرة الفتوحات الاسلامية او فكرة الجهاد. فالتباينات الجوهرية موجودة. أمر آخر هو ان كثيرا من الصراعات كانت مكتومة في الداخل. أما السؤال لماذا انا اكثر الناس صراحة فيما اكتب؟ فهذا يرجع الي ان انني على علم بالتفاصيل ولذلك انا شاهد على التزييف الذي قام به الطرف الآخر الذي كان يبحث عن حجج ، والتزييف الذي يعلم الحقيقة مرير وهو مدعاة لتبين الحقيقة وليس رد الفعل وقد يكون ذلك بكلمات »مرة«. لكن نظل في اطار هذا السؤال ، فمثلاً في العام 1995 طرح موضوع الحريات العامة والتوالي السياسي وكان واضحاً داخل المجموعة الصغيرة التي كانت تدير البلاد ان الدكتور حسن الترابي بدأ يطرح لها اهمية ان تحكم البلاد بدستور ، ولابد من بسط الحريات في هذا الدستور. وفي التدرج نحو هذا الدستور لابد ان تحدث اشياء كثيرة جداً. وهنالك خلاف بدأ منذ حل مجلس قيادة الثورة ، ففي عام 1993 عندما دعا الترابي لحل مجلس قيادة الثورة بدأ الامر غريباً خاصة عند العسكريين وقالوا للاسلاميين انه بالرغم من استلام عناصركم لمواقع بعد ان لبسوا الزي العسكري لكن لماذا لم تظهروا بانفسكم؟ لانكم لا تجدون قبولا عند الجماهير. والقبول تجده العناصر المحايدة التي ترتدي الزي العسكري وكان هذا القبول مستمرا حتى العام 1993 لكن شيخ هذه الحركة فقيه دستوري ويعلم ان حتى عبد الناصر قد تخلى عن زيه العسكري منذ وقت طويل لأنه يعلم ان هناك تدرجا دستوريا سيحدث ولا توجد ثورة تستمر. في عام 1995 طرح الترابي موضوع التوالي السياسي أو الحريات العامة وكان رأي كثير من العسكريين وكثير من المدنيين ان الوقت لم يحن بعد. وكانوا يعتقدون ان الاحزاب الموجودة في الخارج لها مرارات واحقاد ، واذا عادت للسودان ستعود بأموال وبسند اجنبي وستعصف بهذا المشروع ، وتم تداول عبارات سودانية مثل »بعد ما لبنت ما تدوها الطير«. أو »خلونا نطلع البترول نأكل فيه خريف خريفين« ، حتى بعد ذلك تأتي حريات الترابي، وما الى ذلك ، وجوهر الموضوع انهم لا يريدون حريات في هذا الوقت. ثم جاء حدث ليس سعيداً للانقاذ »لكنهم« حولوه الى حدث سعيد. وهو احتلال الكرمك وقيسان وهذا مع بداية تكوين الجسم الجديد للحركة الاسلامية والذي كان به 60% من القادمين مثل بدر الدين سليمان وعبد الباسط سبدرات وابو القاسم محمد ابراهيم واسماء اخرى من التجار وشيوخ الطرق الصوفية. كلهم دخلوا معنا في مجلس الشوري الخاص. وفي اليوم الذي كان مقرراً ان يطرح فيه موضوع الحريات في مجلس الشورى كان احتلال الكرمك وقيسان وكان الجو مشحونا ومتوتراً وكان من الصعب الحديث عن الحريات. لكن قناعتنا لم تتغير وتأخر هذا الموضوع الى العام 1998 وكثير من الغضب من قبل الاخوة العسكريين تركز على المؤتمر الوطني. فمثلاً د. غازي صلاح الدين امين المؤتمر الوطني بمثابة سكرتير الحزب الحاكم ، وهذا منصب في الانظمة الشمولية كلها يأتي قبل الرئيس ، وهو في الاتحاد السوفيتي الحاكم الحقيقي وكذلك في التجارب البعثية ، لكن غازي صلاح الدين في قائمة البروتكول رغم 140 ، وكان موجودا في لجان خاصة جداً مثل لجنة المحاسبات والتعيينات العليا ، لكنه ما كان يدعي بل كان يسأل من هو اقرب منه للفكر الشمولي مثل الدكتور مجذوب الخليفة في تعيين فلان أو علان ، في حين ان غازي عضو اللجنة وليس مجذوب. وهذه مجرد اشارة الى تهميش المؤتمر الوطني. فالصراع كان محتدما لكنه تبلور في عام 1998 حول موضوع التوالي. وطبعاً كثير من الذين وقعوا عليها كانوا مع طرح الحريات وكانوا من جماعة الشيخ حسن الترابي وكانوا يعتقدون انه مادام الترابي اصبح الامين العام وخرج التنظيم كله للعلن بما فيه من قادمين وقدامى فينبغي ان يجئ فيه من يمثل التنظيم. وكان رأي الترابي رغم انه لم يعلنه لكنه ما كان يريد ان يشكل حزبا اقوى من الحكومة ، وكان سيكون اقوى منها لو استعان بمجموعة غازي صلاح الدين وامين حسن عمر وسيد الخطيب ، لكن الترابي كان يريد للأمر ان ينزل بالتدريج ، وقد اقترح الترابي قيام وزير للأمن يحاسب امام البرلمان ولم نكن نعتقد ان موضوع الاعتقالات بالكثافة التي تشوه المشروع والذي يفترض فيه انه مشروع بلاغ ورسالة ودعوة. ويمضي المحبوب إلى القول:إن مذكرة العشرة تولدت من الخلاف بين التطبيق المتدرج للدستور او نزول الديكتاتورية على سلالم انيقة كما يريد الترابي وما يجعل من الامر يبدو وكأنه يبدو تمثيلية بعض الاطروحات التي قدمها الشيخ، فقد طرح في محاضرة مستقبل التيار الاسلامي لثلاثة عقود قادمات طرح رؤية ان الحركة الاسلامية نفسها ربما تتحول الى اكبر معوق للمشروع الاسلامي. وهذه الرؤية طرحها منذ وقت مبكر. ونحن في اوائل الثمانينات كنا نضيق ذرعا بطرح الاخوان المسلمين ونعتقد ان مجلة مثل مجلة الدعوة تلجأ كثيرا للتاريخ والسجون والآلام وليس لديها طرح جديد وكنا نستغرب من ان ضياء الحق حينما اراد تطبيق الشريعة اول من وقف ضده هم القضاة الشرعيون وهذا ما دفع شيخ حسن ان يقول في محاضرة لطلاب الجامعات ان الحركة التي حملت المشروع لمصالحها يمكن ان تتحول الى طائفة تعوق المشروع. وهذا يحدث في الحركة الاسلامية وفي غيرها من الحركات وكثير من الحركات التي تبدو اليوم حركات تقليدية كانت حركات تجديد وبعث للدين. الترابي اشار الى هذه الافكار التي توصل اليها من خلال قراءته للتاريخ، وقد رجع اليها الناس باعتبار انها تمثيلية مع ان الخلاف حقيقي. وانا دائما انه بغض النظر عن ان الترابي كان يريد ان يكون رئيسا للجمهورية وغيره يريد ان يكون وزير خارجية ان هذه كلها كانت مظاهر الخلاف لكن جوهر الخلاف كان على قضية الحريات العامة وحول قضية اخرى تشكل فرعاً منها وهي قضية اللامركزية والتي تعني بسط سلطات زيادة بمعنى انتخاب الوالي بدلا من تعيينه. ثم موقف آخر اخلاقي يتمثل في العهود التي عقدناها مع الجنوب وتلك التي كتبناها في الدستور. هذه هي الاشياء الجوهرية في الخلاف وما تبقى مجرد مظاهر له ثم ثار حوله كثير من اللغط ساعد على تغبيش الرؤية. لكن ملامين لاننا لم نكتب هذا الامر. ونحن الآن نعمل على ذلك. وهذه اجابة مختصرة على السؤال والذي هو شائك ومعقد لكن استطيع القول إن لدينا خطة قبل الثورة تشير الى اهمية الانتقال للديمقراطية بعد 3 سنوات. أما السؤال عن لماذا لم تمكث قيادة المؤتمر الشعبي داخل السودان؟ تقريبا الشعبي هو الحزب الوحيد الذي يحتفظ بكل جسمه داخل السودان والذين خرجوا افراد محدودين وانا حينما حضرت الى بريطانيا كانت تقريبا كل الاحزاب موجودة هناك وكانت هنالك احزاب بأكملها موجودة في الخارج فالحزب الشيوعي مثلا اغلبه كان موجودا بالخارج وكذلك عدد كبير جدا من الاتحاديين وكذلك من حزب الامة في حين هذا لم يحدث للمؤتمر الشعبي. واذا نظرت في سجلات اللجوء للدول الغربية ستجد مئات من الاحزاب الاخرى مقابل عدد محدود جدا من المؤتمر الشعبي. ايضا هنالك هجرة حدثت نتيجة لأزمة دارفور وكانوا اعضاء يوما ما في المؤتمر الشعبي لكن الهجرة في الاول كان فقط علي الحاج وابراهيم السنوسي وانا خرجت قبلهم وعاد السنوسي قبل ان يكمل العام. لكن ظللنا في الخارج لاننا نحتاج الى قبول لان مسألة التراجع عن الحريات في الداخل كانت واردة في اي لحظة لكن استطيع ان اقول ان العودة الطوعية قد بدأت والآن لا يوجد في الخارج غير الدكتور علي الحاج وحسب قرار الحزب يفترض ان يعود وممكن ان يحدث ذلك في اي لحظة مع ان هنالك بعض المواقف النفسية والسياسية من النظام قد تمنعه لكن القرار الحزبي صدر بعودته للوطن. كما اننا كنا نحتاج ان نتمايز عن المؤتمر الموجود برمزية وجود الترابي في السجن والكلام الشرس الذي كنت اقوله. ايضا هنالك احد من الاخوة ذكر انه لا يصدق ان مسألة الموقف من الحريات العامة يشكل قناعة لدى الحركة الاسلامية. لكني اقول له ان القناعات الفكرية دائما يصعب على المرء ان ينافق فيها. واذا قرأت حديث الترابي في برلمان 1968 ستجد موقفه من الحريات العامة وايضا اذا قرأت كتاب الامام ستجد نفس الموقف الواضح من الحرية كما يتضح نفس الموقف في محاضراته طيلة فترة الثمانينات ونحن ننكب جمع كتاب اسميناه الاعمال السياسية الكاملة تشمل كل اعمال الترابي الفكرية السياسية والتي بدأت بعد المصالحة الوطنية الى اليوم. وهذا جهد يجب القيام به لمعرفة مدى صحة موقف الترابي من الحريات. الامر الطاريء في تقديري هو الانقلاب وكبت الحريات. يمكن ان التقدير السياسي وكذلك الموقف كان خطأ. وهو ان تمسك السلطة لفترة ثم تبسطها وانا شخصيا اعتقد ذلك لكن معظم الناس كانوا يعتقدون ان الاسلام كان سيعصف بها كما حدث في الجزائر لان الغزو الثقافي الذي حدث كان اكبر من قيمة الديمقراطية. اما السؤال عن الشراسة في الكتابة فقد كانت رد فعل من مواقف اتخذها النظام فكانت هنالك تصريحات للرئيس ومساعديه بأن الرؤوس لا بد ان تقطع وكان هذا يستدعي ردا شرسا منا في ذلك الوقت لكن العنف والشراسة في الخطاب السياسي والمهاترة والسباب كلها اشياء غير سليمة مهما يكن موقف الآخر وهو تعود في تقديري الى ان السودانيين لا يحتملون الآخر وكذلك الساحة العربية عامة. لكن قطعا المواجهة في فترة معينة قد تكون الموقف السياسي السليم ولا بد منها. أما مقولة أن الحركة الاسلامية حركة امريكية مقولة قديمة جدا. وكان الشعار المعروف في الجامعات بأن الاخوان جهاز فاشستي وهو هتاف يساري مشهور. وكان في ذلك الوقت الاتحاد السوفيتي خارجاً من الحرب الثانية وهو متحالف مع دول الحلفاء ضد المحور كان الناس متأثرين بشعارات مناهضة الفاشية. لكن بمجرد ان ظهرت المعركة بين عبد الناصر والامريكان اصبح تصنيف الاخوان بأنهم صناعة امريكية في الشرق الاوسط وهذه المقولة ظل يكررها القائد القذافي في كثير وغيره من الحكام الذين كانوا يقهرون الاخوان. وطبعا اذا وضعت اي افتراض وبحثت له عن المسوغات والمبررات فانك ستجدها. واذا اردت ان تصف الحركة السودانية الاسلامية بأنها امريكية ستجد اكثر من 150 حصلوا على شهادة دكتوراة من الجامعات الامريكية لكن الموقف من الحركة الاسلامية خصوصا المؤتمر الشعبي من قبل الغرب هو موقف سلبي جدا وهم حينما يتوصلون ان انهيار النظام سيعني وقوع السلطة في يد المؤتمر الشعبي فانهم سيفكرون مائة مرة في دفع النظام الى الانهيار كما هو حادث في دول اخرى مثل مصر والجزائر. والآن بعد 11 سبتمبر ظهرت كثير من المواقف العقائدية التي كان فيما مضى يتم التعبير عنها بصورة مخفية فالصراع الحضاري محتدم بيننا وبينهم وانا ادعو الاخ الذي طرح هذا السؤال ان يقرأ كتباً قديمة لمفكر اسلامي هو مالك بني نبي يتحدث فيها عن الموقف الغربي عن المشروع الاسلامي عامة، لان موضوع الحضارة الغربية مسألة معقدة وهم لا يمكن ان يصنفوا حركات اسلامية تمثل تيار شعبي يحكم بالاسلام ويعتبر الحياة العامة جزء من الدين. لكن الشق الآخر من السؤال وارد وهو ان نهاية ما اسميناه بالمشروع الحضاري كانت نهايته اهتزاز في القيم التي قام عليها المجتمع السوداني وهي القيم التي نعول عليها كاحتياطي وحيد ولا نملك غيرها، وكما قال الطيب صالح نحن لسنا بغداد ولا القاهرة او مكة او المدينة حتى نبني حضارة اسلامية لكن نعتقد ان لدينا قيم اسلامية ناتجة عن التلاقح والانفتاح. وكنا نعتقد ان لدينا مكون خاص يمكن ان يقدم شيئا وكنا نسير من احسن الى احسن باتجاه تكوين قومية سودانية في الجيش والمدارس والخدمة المدنية بل ان الطوائف نفسها شكل ارقى من القبيلة ثم ارتفعنا الى ولايات حديثة مؤسسة على افكار وليس على زعيم. وحتى عندما كتب كتاب الرق في السودان من قبل عشاري وبلدو اقيمت حوله ندوة في جامعة غربية وتحدث فيها صلاح احمد ابراهيم موضحا الفرق بين الرق تاريخيا والرق الذي عرفه العالم العربي والاسلامي والرق الذي عرفه السودان. واشار الى موقف نوعي ونحن لا يوجد فرق في الواننا بين الابيض الافريقي نحن بعضنا من البعض رغم حدوث بعض المصائب في تاريخنا وهي قابلة للتجاوز. لكن للأسف ارتدينا الى الجهويات وفي بداية الانقاذ عقد مؤتمر اهل السودان شارك فيه معظم شيوخ القبائل بحضور شيخ حسن ود. عون الشريف قاسم وتوصلوا الى ان اصول السودانيين واحدة رغم التباين. لكن يجب ان لا ننسى ان السودان حديث التكوين والنزعة التقليدية فيه قوية والوطنية هشة والارتداد عنها سهل. وبالتالي فان تقسيم الاحزاب بغرض اضعافها يحدث فوضى. وكانت فكرة مؤتمر النظام الاهلي هي تطوير الظواهر الايجابية في القبيلة حتى لا يحدث انفلات وقد ناقش مؤتمر اهل السودان مسائل مثل انتخاب زعيم القبيلة. مثلا اذا قرأت الاستراتيجية القومية الشاملة ستجد استراتيجية الاخلاق وقد بدأنا تطوير قياس التدين وقيلت معايير كثيرة جدا.. وكنا نقدم اوراقا علمية في الاشياء تتباين فيها الاخلاق السودانية والتدين. عموما كان لدينا مشروع متكامل في بلد تجربتها محدودة وكذلك امكانياتها والتجربة وضحت انها متى ما كبتنا العنصر الايجابي فإن العنصر السلبي ينمو وهذا ما حدث وهو ان الانقاذ كانت دولة فكرة وبلاغ وتم تحويلها الى دولة استبداد ويجب علينا ان نكتب كتابا نوضح فيه ماذا خسر الاسلام والسودان بانهيار تجربة المشروع الحضاري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
الاخ والزميل نادر السيوفى رئيس اتحاد الطلاب بمصر السابق واخو مسلم ملتزم يشكو اخوته لطوب الارض ويعتذر عما حاق بالاخرين منهم ابان وجودهم معا بالسلطة اقرا ما قال وشوف ما حصل له من اخوته فى الله ...!
دولة (المواطنة) أم دولة (آل وطنى)
الوظائف القيادية للمركز القومى للمعلومات (أنموذجاً) ... !!!! نادر يوسف السيوفى [email protected] بسم الله الرحمن الرحيم
مادار فى وظائف المركز القومى للمعلومات يعكس الظلم بأبشع صوره كما يجسد إستهانة بعض (الكبار) بكل قيم العدالة والمساواة والمواطنة وتكافؤ الفرص التى ينص عليها الدستور كما يؤكد إستهانتهم وإزدرائهم حتى بالمؤسسات التى ينشئونها على أعينهم ووفق إرادتهم فلا يعبئون بتخطى إجراءتها وكسر قراراتها متى مالم تصادف هواهم !!!! .... إن ما لازم إجراءات التعيين التى جرت فى الوظائف القيادية بالمركز القومى للمعلومات التابع لمجلس الوزراء لمما يؤكد نفسية القهر والتسلط والرغبة فى الإذلال لدى بعض المسؤولين كما يؤكد فى المقابل نفسية الإذعان والعجز المميت لدى البعض الآخر من المسؤولين وتهربهم من مواجهة مسؤولية أعمالهم وإيثارهم للوظائف والمراكز المرموقة على الصدع بالحق ومواجهة المواقف كما يفعل الرجال!!!
بدأت القصة - قبل قرابة العام - بالإعلان فى الصحف عن التقديم لوظائف قيادية بالمركز القومى للمعلومات ولما كانت إحدى الوظائف تحت مسمى مدير قسم العلاقات الدولية والتى هى مجال تخصصى الأكاديمى حيث أحمل درجتى الدبلوم العالى والماجستير فى العلاقات الدولية من جامعة الخرطوم كما أنها أيضاً و فى نفس الوقت مجال خبرتى العملية فى السنوات الأخيرة (إذ عملت فى مجال التعاون الدولى والعلاقات الدولية والإتصالات الدولية فى الشركة السودانية للإتصالات طيلة الخمس سنوات الأخيرة ) لذلك تقدمت لهذه الوظائف وكلى أمل فى المنافسة لخدمة السودان من خلال ثغرة المعلوماتية ذات الأثر الكبير فى حياة الناس إذا ما أحسن توجيهها لخدمة المجتمع ... ولكن ما الذى حدث فقلب الأمور رأساً على عقب , إليكم القصة العجيبة المثيرة بتفاصيلها :-
فى البدء تم إخطارى - بعد بضعة شهور على التقديم - بالإختيار فى القائمة القصيرة للمرشحين و التى شملت نحو 90 مرشحاً تم ترشيحهم من ضمن أكثر من 350 متقدماً .....
قمنا يوم الجمعه 21 رمضان الموافق 13/10/2006م / الساعه 10:30 ص بإجراء إمتحان إختبار القدرات بمركز تطوير الإدارة والذى كان والحق يقال إمتحاناً للقدرات بحق أبدع القائمون على مركز تطوير الإدارة فى وضعه , حيث تم إخطارى صباح الثلاثاء الموافق 17/10/2006م تليفونيا بإجتياز الإمتحان من ضمن 26 مرشحاً فقط تمكنوا من إجتياز الإمتحان بنجاح ...
تم إعلان موعد إنعقاد المعاينات للمتقدمين: الساعة 11 ص الخميس الموافق 19/10/2006م بمبانى المركز القومى للمعلومات بحضور ومشاركة مدير عام مركز تطوير الإدارة ومدير أكاديمية إتصالات بالسودان وبحضور العميد م) محمد الأمين مدير الإدارة الإدارية والمالية بالمركز القومى للمعلومات) وكانت النتيجة توصية من اللجنة بتقلدى لمهام الوظيفة بحسبانى الأفضل من بين المتقدمين لهذه الوظيفة .... .
تم إخطارى بالمقابلة الخاصة بالجوانب العملية فى مجالى الإتصالات والمعلومات حيث جرت المعاينة العملية صباح الإثنين الموافق 13/11/2006م بمركز الشهيد الزبير للمؤتمرات وكانت النتيجة مطابقتى للمطلوب فى المتقدمين من ناحية المعرفة والمعلومات الفنية و التقنية.... .
دعانا السيد المدير العام للمركز القومى للمعلومات يوم الإثنين الموافق 4//12/2006م: - الساعة 11 ظ لمقابلته والإجتماع معه بمكتبه حيث تم إبلاغنا بالإختيار للوظائف القيادية بالمركز حيث تم إبلاغى بإختيارى لوظيفة مدير قسم العلاقات الدولية بالمركز كما أخطرنا المدير العام للمركز بأن إجراءات التعيين جارية مع وزارة العمل وديوان شئون الخدمة بل زاد على ذلك بدعوته لنا بالبدء فى المداومة بالعمل فى المركز لمعرفة طبيعة العمل والتعرف على الزملاء وبيئة العمل أو كما قال ..!!! كما تحدث لنا عن الآمال الكبيرة العراض المعقودة علينا فى المرحلة القادمة خاصة وأن هنالك قرضاً صينياً أم لعله منحة صينية فى الطريق وبمئات الملايين من الدولارات كما ذكر فى إفادته لنا , قمت فى نهاية الإجتماع بناء على طلبهم بتسليم السكرتارية أصل الشهادات المطلوبة ....
دعانا السيد سؤدد محمود حسين المدير العام المكلف للإجتماع به فى مكتب المدير العام للمركز وذلك يوم الإثنين الموافق 22/1/2007م - الساعة التاسعة ص وبحضور بقية الزملاء الذين تم إختيارهم للعمل كرؤساء أقسام بالمركز وتم إبلاغنا بصدور قرار التسكين فى الوظائف القيادية الممهور بتوقيع اللواء الركن اليسون منايا مقايا وزير العمل حيث تم تسكينى فى الدرجة الثانية القيادية متقدماً على كل زملائى بحكم الخبرة والمؤهل الأكاديمى أما زملائى الباقين فقد تم تسكين خمسة منهم فى الدرجة الثالثة وواحد فى الرابعة وواحد فى الخامسة كما أخطرنا السيد سؤدد محمود حسين بأنه قد تم رفع القرار للسيد كمال عبداللطيف وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء المشرف على المركز وذلك لرفعه للمصادقة عليه من رئيس الجمهورية وطلب منا توقيع إقرار بالموافقة فى مدة لاتتجاوز ال 24 ساعة توطئة لصدور القرار الجمهورى ....
قمت بتسليم الإقرار بالموافقة على إجراءات التعيين والوظيفة فى اليوم الثانى مباشرةً بعد أن قمت بإخلاء طرفى من الجهة التى كنت أعمل بها ونزلت فى إجازتى النهائية وقد يحسب البعض بأننى قد تسرعت فى هذا الإجراء ولكننى كنت أظن أن الأمر جد ليس بالهزل وقرار وزير العمل بالتسكين فى الوظائف رأيته بأم عينى فلا مجال للتردد إذن اليس كذلك ..!!!
قمت بالإتصال بالمركز بعد شهر وبالتحديد يوم 25/2/2007م للإستفسار عن موقف التعيين وعلمت أنه قد تم إكمال الإجراءات لكافة زملائى وتعيينهم بينما تم إستبعادى من التعيين وذلك من قبل وزير الدولة كمال عبداللطيف رغم أنه وللسخرية قد تمت المباركة على تلك الإجراءات من قبل وزيره الأعلى السيد دينق ألور وزير شئون رئاسة محلس الوزراء .!!!
قمت بتاريخ 27/2/2007م بكتابة خطاب للسيد مدير المركز القومى للمعلومات أوضحت فيه أن قرار إستثنائى من قرار التعيين وإبعادى عن الوظيفة قد ترتبت عليه آثار سالبة معنوية ومادية على شخصى وعلى اسرتى وطلبت من سيادته التكرم بتوضيح أسباب هذا الإبعاد مع توضيحى له بإحتفاظى الكامل بحق المقاضاة قانونياً واللجوء لكافة الوسائط الإعلامية ومنظمات حقوق الإنسان محلياً ودوليا ًللحفاظ على حقوقى التى نص عليها الدستور والمواثيق الدولية ومن قبل ذلك شريعة السماء التى قال فيها المولى لله عزوجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبيرٌ بمَا تَعْمَلُونَ ) سورة المائدة الآية 8 .
لم يجب السيد أحمد عبدالقادر مدير المركز القومى للمعلومات على خطابى طيلة الستة شهور الماضية رغم كثرة إتصالى بهم مباشرةً وتليفونياً بل ولم يرحب حتى بإستقبالى فى مكتبه للإجتماع به لتوضيح حقيقة ماحدث بل تهرب تماماً من الرد والمقابلة وآخر ماجاءنى منه وبصورة قاطعة أنه لن يرد على خطابى وباقى العبارة معروف ( يعنى كان ماعاجبك أشرب من البحر ..!!! ).... أما الوزير فلم يرد أيضاً على الطلب المسبب لمقابلته رغم حسن ظن صديقى الكاتب الصحفى الشهير الذى أوصانى بمقابلته ..!!!
أما لماذا حدث كل ذلك من قبل وزير الدولة كمال عبداللطيف ولماذا تم تجاوز كل هذه الإجراءات التى إستغرقت أكثر من 7 شهور من التقديم إلى إعلان النتيجة بل لماذا تم تجاوز الدستور نفسه الذى ينص على تكافؤ الفرص والتساوى فى حقوق المواطنة للجميع ولماذا تم تجاوز قرارات لجنة الإمتحانات والمعاينات بل لماذا تم تجاوز قرار التسكين فى الوظائف الممهور بتوقيع وزير العمل اللواء أليسون منايا مقايا ؟؟.... وتتطاول قائمة الأسئلة الحرجة إلى لماذا تم تجاوز التوصية الإيجابية بالتعيين من قبل جهاز الأمن الوطنى والمخابرات الذى أجبنا على إستمارة تفصيلية من قبله فى إحدى مراحل المعاينات كما أجرى تحقيقاً وفحصاً ميدانياً دقيقاً حول المتقدمين وصلوا فيه حتى للحى الذى أقطن به بل حتى للمنزل الذى اسكن فيه آنذاك بحى المعمورة .........
الموضوع ياسادتى ببساطة أن السيد كمال عبداللطيف والذى يشغل إلى جانب وظائفه المرموقة الخطيرة العديدة المتعددة التى تنوء بحملها الجبال يشغل أيضاً منصب خطير متنفذ لعله أخطر من كل تلك الوظائف مجتمعة فهو رئيس جهاز الأمن الشعبى للنظام الحاكم وماأدراك ماهو جهاز الأمن الشعبى ..!!! ولذلك فالسيد كمال عبداللطيف يرى فى شخصى الضعيف مهدداً أمنياً خطيراً للأمن القومى وذلك لإنتمائى الفكرى والسياسى الجهير غير المستتر والذى أفاخر به للمؤتمر الشعبى وهو بالطبع لن يسمح بوجود (الأعداء) وفى دوائر نفوذه (كمان !!!) ... ولكن نقول له لماذا (قومة النفس) والإخراج الردئ المتعجل ألم يكفكم ماحدث من تخبط فى وظيفة مدير عام مشروع الجزيرة وألم يكن من الممكن أن يتم الإبعاد فى مرحلة القائمة القصيرة بل ألم يكن من الممكن أن يتم التعيين لهذه الوظائف - وهى من الخطورة بمكان كما تبين لنا - كغيرها مباشرة بدون إعلان عام ثم ماذنبنا إذ لم يكن من الشروط للتقديم لهذه الوظائف الإنتماء للمؤتمر الوطنى والتى إذاً حينها ما كنا قد تقدمنا أصلاً.... ألم نترك لكم سيدى الدولة وبهرجها ووظائفها إيثاراً للباقية على الفانية و تمسكاً بما نراه صحيحاً ومبدئياً...؟؟؟ ثم بالله عليكم أين كنتم أنتم جميعاً عندما كنت وبالأرادة الطلابية الحرة المستقلة التى لاتشوبها شائبة تزوير أو تلاعب بالأرقام فى ثمانينيات القرن المنصرم رئيساً للإتحاد ورئيساً للمجلس الستينى للإتحاد العام للطلاب السودانيين بمصر وهم حينها أكثر من 17 ألف طالب أى ربما يفوقون طلاب الجامعات بالداخل مجتمعين آنذاك واين كنتم عندما جيئت أيضاً بذات الإرادة الحرة والشورى أميناً سياسياً للجبهة الإسلامية القومية بولاية كسلا فى الديمقراطية الثالثة وأين واين ...؟؟؟ وهنالك أشياء ومواقف لم يحن الأوان لقولها وكشف الستار عنها بعد ...؟؟؟
اذن فالدولة بلا مواربة كما تشى تصرفات السيد كمال عبداللطيف وأضرابه هى دولة آل ( وطنى) وليست دولة (الوطن والمساواة) كما هو منصوص فى الدستور بأى حال وهى دولة سمو الحاكمين بأمرهم (هم) وليس بامر (الدستور والقانون) ...!!! والدولة إذن ليست دولة المواطنين السودانيين من أمثالنا وهى دولة بذات القياس والمنطق لامكان للكفاءة فيها ولامعنى للإمتحانات والمعاينات التى يسهر عليها أؤلئك النفر المجتهد الجاد فى مركز تطوير الإدارة وأضرابهم فى شتى المؤسسات بل و لامعنى حتى لتوصيات الأجهزة الأمنية الرسمية وتقاريرها فالكلمة والصوت العالى للسادة والكبراء (أسياد البلد) .. والرسالة واضحة جلية (البلد بلدنا ونحنا أسيادها والماعاجبو مرة أخرى يشرب من البحر...!!!) ولامعنى لمناطحة الكبار كما قال لى ذلك الأستاذ الجامعى الذى يحتل موقعاً مرموقاً فى دست الحكومة (لامعنى للمناطحة فهؤلاء لايعبئون بأمريكا ذاتها وهذا مايحير الأمريكان أنفسهم !!! ) بل لاجدوى حتى من السؤال كما قال لى المدير التنفيذى للمركز حينما تضجرت فى إحدى المرات من عدم الرد على خطابى وطلبت تحويلى لمقابلة الوزير (لاأحد يجرؤ على سؤال الوزير فقد فعلها من قبل أحد المواطنين فسأل عن خطابه فجاءه الوزير غاضباً حفياناً ...) وها أنا أسأل وألح فى السؤال فكيف سيأتينى الوزير ياترى ...؟؟؟ !!!
عزيزى القارئ ....أكتب عن هذه الحالة الخاصة بحسبانها قضية ذات طابع عام فى ذات الوقت وهى قضية عايشت كل تفاصيلها كما أن شهودها الكثر موجودون .. أكتب عنها وليست لدى أدنى رغبة فى الإلتحاق بهذه الوظيفة بل وحتى بالمركز القومى للمعلومات على إطلاقه فتلك أجواء مسمومة عافانا الله منها وتلك وظيفة قد صرفها الله عن قلبى تماماً (وفى السماء رزقكم وما توعدون ) لكنى أكتب هذه الكلمات صدعاً بالحق بالصوت الجهير وأملاً فى أن لاتتكرر هذه الظلامات مرة أخرى والظلم ظلمات وأصدقكم القول فلقد شعرت حقاً بمرارة وفداحة الظلم الذى تعرض له الآف المفصولين من قبل لأسباب سياسية من قبل إخوة لى فى الحركة الإسلامية ودولة الإنقاذ ولعل فى ماحدث بعض التطهير فقد صمتنا كلنا آنذاك عن ذاك الظلم بل لم نعى حتى خطورته إبان فورة العقائدية تلك وكما قلت فى خاتمة خطابى الذى رفض السيد أحمد عبدالقادر مدير المركز مجرد الرد عليه كما رفض السيد الوزير مقابلتى أيضاً (لقد كان ظنى العريض بأننى أعيش معززاً مكرماً فى وطن إسمه السودان طالما قدمت له وأهلى الكثير من العرق والدماء وأننى أتمتع فيه بكافة حقوق المواطنة ولكن الذى حدث قد أشعرنى بأننى أعيش فى وطن أجهله ولا أعلم عنه شيئاً فهل فعلاً الوطن للجميع ؟؟؟!! )....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
المؤتمر الوطنى ومازق نيفاشا عبد الرحيم عمر محى الدين اخر لحظة 18/10/2007
لقد كانت عيدية الحركة الشعبية لشعب السودان الجديد هي أن تفسد عليه فرحته بصومه يوم صام وبفطره يوم أفطر صبيحة الأول من شهر شوال.. كانت زوابع ومفرقعات الحركة الشعبية السياسية التي نتجت من اجتماع مكتبها السياسي بجوبا كانت لا تقل ألماً وإرهابا عن ضرب مصنع الشفاء بواسطة الصواريخ الأمريكية عام 1998.م. والغريب أن زوابع ووعود الحركة الشعبية قد جاءت مباشرة بعد زيارة الموفد الأميركي إلى السودان أندرو ناتسيوس الذي أعلن أن بلاده قلقة حيال تصاعد التوتر بالمناخ السياسي الراهن بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، بسبب التأخير في تنفيذ بنود الاتفاقات ذات الصلة بترسيم الحدود والمشاركة في حقول النفط، مشيرا إلى احتمال تجدد الاشتباكات وعسكرة الحدود. إن أندرو ناتسيوس قد وضع اللمسات الأخيرة وبارك قرارات المكتب السياسي لتمثل العصا على ظهر الحكومة السودانية وهي تستعد لمفاوضات الحركات المسلحة في إقليم دارفور في المؤتمر الذي تستضيفه الجماهيرية الليبية في 27/من شهر أكتوبر الجاري..وهذا ما عبرت عنه الولايات المتحدة من باب (قتل الميت والسير في جنازته) وذلك عندما عبرت عن قلقها من الأزمة في السودان، ووصفتها بأنها ضربة للسلام في دارفور!!. نعم أن ينسحب 19 وزيراً ومستشاراً ووزير دولة من حكومة الوحدة الوطنية هذا يعني ضربة قوية للحكومة المركزية وهي تقبل على مفاوضات ترعاها دول كبرى.. وأن تجتمع الحركات المسلحة في جوبا برعاية الحركة الشعبية من أجل التنسيق وتوحيد جبهة المعارضة للحكومة هذا يؤكد التخطيط الأمريكي لمحاصرة الحكومة وجرها للتوقيع على كافة شروط حركات دارفور في اجتماع طرابلس القادم وهذا ما أطلق عليه الدكتور نافع عبارة ( السعي لإفراغ الإنقاذ من محتواها).. نعم الآن كل الحركات المسلحة التي كانت تعارض في الماضي علي حدود السودان الجنوبية والغربية والشرقية جميعها قد أضحت داخل الخرطوم وفق اتفاقيات سلام هشة .. الحركات قد دخلت في شكل مدني سلمي ولكن مليشياتها مازالت تمتلك السلاح والذي ربما قد تم تهريبه مبكراً للعاصمة الخرطوم ليوم محسوب ومخطط في الأجندة الأمريكية!.. وإلا لماذا انزعجت الحركة الشعبية من حملات تفتيش السلاح التي بدأت قبل أيام في العاصمة.. إن الدعاوي التي أوردتها الحركة غير مبررة وغير مقنعة ولم تسبقها إرهاصات أو مذكرات أو إنذار بوقت معلوم للانسحاب من الحكومة إذا لم تنفذ المتفق عليه.. لماذا الإصرار علي تغيير لام أكول و ما أضعفها من حجة تلك التي أوردها الرفيق المناضل الإعلامي البارز عرمان من أنهم لا حظ لهم في التلفزيون القومي وهو يعلم أن إمكانات الحركة الشعبية المالية تؤهلها لإنشاء قناة أكبر وأوسع من قناة الجزيرة بل إن مبلغ الستين مليون دولار التي دار حولها جدل كثيف وانتهت إلي عبارة ( خلوها مستورة) يمكن أن تنشئ فضائية لا تقل عن CNN أكثر من ثلاثة مليار دولار تسلمتها الحركة الشعبية ولم نر لها أثراً تنموياً على إنسان الجنوب بل حتى الذين تم ترحيلهم للجنوب بدأوا العودة من جديد للشمال! وأما الحديث عن تردى الخدمات وغياب مرتبات العاملين في الدولة على قلتهم في الجنوب فحدث عنه ولا حرج.. أين ذهبت هذه الأموال؟؟! هذا السؤال يطرحه إنسان الجنوب الذي تحاول الحركة إلهاءه بمواقف تفتقد الأصالة والجدية.. أما المؤتمر الوطني فلربما أدرك العديد من الأخطاء القاتلة التي وقع فيها وهو يوقع اتفاقية نيفاشا.. لقد كان واحداً من الأخطاء القاتلة التي وقع فيها المؤتمر الوطني هو إبعاد رجل استراتيجي حصيف بقامة الدكتور غازي صلاح الدين الذي ثبَّت أمر الشريعة في شمال السودان في اتفاق مشاكوس الإطاري لتصبح الشريعة والاعتراف بها في صلب التشريعات.. تم استبدال ذلك الفارس بحاطبي ليل من بعض أولاد أمريكا الذين قضوا معظم أوقاتهم الدراسية في أمريكا عمالاً في طلمبات الوقود أو سائقي تاكسيات في أمريكا أو عمالة محلية في الملحق الديني السعودي وقد عاد الكثيرون منهم من غير مؤهلات أكاديمية وإن كان الكرم السوداني يطلق عليهم الألقاب العلمية مثل « دكتور» هؤلاء ظن علي عثمان أنهم علماء استراتيجيات وخبراء مفاوضات يتقنون لغة الغرب وحيلته ومكره ودهائه ولكنهم فشلوا في كل شئ لأنهم لم يكونوا مؤهلين لذلك ولم ينجحوا إلا في حصاد مئات الآلاف من دولارات النثريات فعادوا أثريا مفاوضات ولا فرق بين أثرياء المفاوضات وأثرياء الحرب... بربك كيف وقع هؤلاء بأن تذهب مليارات البترول لحركة تسيطر عليها قبيلة واحدة بمساعدة بعض الأفراد من قبائل محدودة ولا يملك حتى رئيس الجمهورية ولا وزارة المالية ولا مجلس الوزراء حق مساءلتهم عن كيفية صرف هذه الأموال..؟؟!! أي رشد سياسي هذا.. ولقد رأينا وزير الدولة إدريس عبد القادر يشكو أن الحركة قد منعت الحكومة من تحصيل الجمارك.. إنه الهوان الآتي من تلاميذ الأمريكان من أبناء جلدتنا الأخوان الذين تحولوا من خبراء إلي تلاميذ يتلقون من أصدقاء الإيقاد ومخابرات أمريكا والإتحاد الأوربي محاضرات عن كيفية التفاوض والحوار!! وللحقيقة إذا كانت هذه المفاوضات قد افتقدت رجلاً مثل غازي صلاح الدين فقد افتقدت فارساً يساوي مجموع أولاد أمريكا هو الدكتور علي الحاج الخبير بشئون الجنوب ومسؤول ملفها بالحركة الإسلامية حتى الانشقاق.. لكن المؤامرة كانت كبيرة حيث تم إبعاد الكثيرين ليحل محلهم أناس ستصبح اتفاقية نيفاشا لعنة عليهم في يوم من الأيام ولن ينسى التاريخ لهم تساهلهم في تضييع حقوق السودان وأراضيه وتعريض العاصمة لحرب أهلية وشيكة الحدوث.إنهم قد وضعونا أمام اتفاقية وقعوا على أنها نهائية وغير قابلة للمراجعة وملزمة وأن المحكمين قراراتهم نهائية وملزمة والآن يحاول أولاد أمريكا إعادة قراءة الاتفاقية ولا يصدقون ما وقعوا عليه. غفر الله لك أخي علي لِمَ أذِنـْتَ لهم!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
لا لانسحاب الجيش من مناطق البترول عبد الرحيم عمر محى الدين اخر لحظة 27/10/2007
ما يجري الآن في الساحة السياسية من توترات مفتعلة من قبل الحركة الشعبية ليس فيه مساحة للمزايدة السياسية والكيد والمكر والشماتة من قبل خصوم الإنقاذ السياسيين والإعلاميين ضد ثورة الإنقاذ الوطني ورموزها السياسيين, وذلك لأن نتائج ومآلات ما يجري إن لم يجد جبهة داخلية متحدة هي الفوضى السياسية واشتعال الفتنة وربما اشتعال الخرطوم وبعض المدن الهامة بصورة تجعل الخرطوم تأتي بعد مقديشو وبغداد مباشرة. صحيح إن للإنقاذ أخطاء كبيرة وصحيح جداً أن اتفاقية نيفاشا قد خلقت دولة داخل دولة وشملت نقاطاً قاتلة للإنقاذ لم يفطن لها أثرياء المفاوضات الذين رافقوا النائب الأول يومئذ بصفتهم رجال إستراتيجية وعلوم سياسية وعلاقات دولية وفقهاء قانون دولي ودستوري لكن كانت المفاجأة أننا رأيناهم مثل طلاب الكتاتيب يجلسون أمام رجال الاستخبارات الغربية ليعلموهم فن التفاوض وكيفية الحوار, حتى قال أحدهم: ( كثيراً ما نقضي أوقاتنا في لعب الورق وجلسات الأنس حتي يخرج علينا شيخ على ويطلب منا ترجمة هذا أو عمل هذا).. لذلك جاءت الاتفاقية تحمل في طياتها ليس عناصر فناء الإنقاذ كدولة ورموز فحسب بل فناء الوجود الآمن المستقر لشمال السودان الإسلامي ذو النكهة العربية. فمن الأخطاء القاتلة في الاتفاقية أنها قد منحت خمسين بالمائة من أموال البترول لحركة سياسية لا يفرق الكثيرون من قادتها وعناصرها بين الحساب الشخصي الخاص في البنوك وبين حساب الدولة العام.. فتحول الحساب العام لحساب خاص لذلك طالعتنا الصحف في العام المنصرف بحسابات بعض قادة الحركة في نيروبي تلك الحسابات التي تحتوي على ملايين الدولارات.. ثم فجر الأخ الرئيس مسألة الستين مليون دولار (نثريات الجيب) لأثرياء الحرب.. ثم كانت المفاجأة هي أن الحركة قد تسلمت ما يزيد عن ثلاثة مليار دولار وهو نصيبها من عائدات البترول ولكن المواطن الجنوبي لم ير لهذه المليارات أثراً في البنيات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطرق وتحسين بيئة المعيشة بل حتى مرتبات العاملين في الدولة لم تصرف للكثيرين منهم بينما شهدت أحياء الخرطوم الراقية شراء كثيف للعمارات والبنايات الفاخرة. ما كان لمثل هذا أن يحدث لو فطن مفاوضو الحكومة ونصوا على إيداع عائدات البترول في صندوق أسموه ( صندوق إعمار الجنوب) ويخضع لمراقبة وتوجيه بصورة مباشرة حتى يتم التأكد من أن هذه الأموال قد ذهبت للتنمية الحقيقية و لرفع التهميش وآثار الحرب من الجنوب وجلبت الرفاهية والاستقرار لأنسان الجنوب, لو حدث هذا لما تساءل الأخ على عثمان ورجالات الدولة عن: أين ذهبت أموال البترول التي مُنحت للجنوب؟. أما ثالثة الأثافي التي حوتها الترتيبات الأمنية في الاتفاقية فهي ما يتعلق بانسحاب القوات المسلحة السودانية من مناطق البترول(!!).. وما كان لسياسي حصيف أن يوقع على هذا البند.. لأن قيادات الحركة الشعبية التي جاءت بنفسية المحارب المنتصر الذي انتزع في المفاوضات أكثر مما كان يطمح فيه وهو يحمل السلاح ويشعل الحرب, هذه الحركة لم تبلغ الرشد والنضج السياسي بعد فإعلامها يقوده الرفيق المناضل جيفارا أفريقيا عرمان الذي ما زال أسيراً لديماقوقية وجدلية صراع الطبقات وسيطرة الطبقة العاملة رغم أنه قد يمم وجهه شطر أمريكا بدلاً من روسيا أو كوبا.. هذه الحركة منذ أيامها الأولى في الخرطوم بدأت تحدثنا عن نواياها في تحويل خط تصدير البترول ليتم تصديره عبر شرق أفريقيا بدلاً من ميناء بورتسودان على البحر الأحمر, ثم بدأوا يحدثوننا عن أنهم غير ملزمين بأي اتفاق في مجال البترول بين الحكومة والشركات العالمية لذلك نراهم قد أنشأوا ( شركة النيل الأبيض للبترول والتي وقعت علي اتفاقية لتنقيب البترول في مربع تم تخصيصه سلفاً لشركة توتال الفرنسية!! ثم بدأوا يعلنون رفضهم لتبعية مناطق البترول لحكومة الشمال.. لذلك إذا تم انسحاب القوات المسلحة من مناطق البترول فسيعقبه بعد أقل من شهر فوضى اقتصادية في الشمال ربما تقود إلي حرب أو زوال الإنقاذ بصورة نهائية وبذلك يكون رجال نيفاشا قد حفروا قبر الإنقاذ بأيديهم!! وقد تسألني كيف يكون ذلك؟؟!!.إذا كانت صادرات البترول تمثل أكثر من 70% (سبعين بالمائة) من إيرادات الميزانية ومن واردات السودان من النقد الأجنبي فإن أي انسحاب للقوات المسلحة من مناطق البترول قبل الاستفتاء في عام 2011 سيجعل الاقتصاد السوداني في كف عفريت. فليس مستبعداً أن تتهور الحركة باحتلال آبار البترول تحت مسمى غياب الشفافية في حسابات البترول وتعلن إيقاف تصدير البترول حتى تحسم كل القضايا العالقة بما فيها أبيي وغيرها من القضايا المثارة الآن. عندها سيدخل السودان في أزمة اقتصادية وستصطف وتتوقف الحركة لانعدام الوقود وسيرتفع سعر صرف الدولار وستعجز الحكومة عن صرف مرتبات العاملين فيها وسيتبع ذلك فوضى في الأسواق وربما حركة إضرابات ومظاهرات وربما عصيان مدني.. لذلك أي انسحاب للقوات المسلحة من مناطق البترول يعني مخاطرة باستقرار السودان وكذلك الذهاب بنظام الإنقاذ.. لذلك يجب أن يعاد النظر في مسألة البترول حتى بعد الاستفتاء فلو قـُدر للجنوبيين أن يختاروا الانفصال فلابد أن يبقى استحقاق الشمال في البترول لمدة خمسة وعشرين سنة قادمة لأن هذا البترول قد تمت كل مراحل التنقيب والاكتشاف والتصدير فيه بأموال الشمال فلا يمكن أن يترك بهذه الصورة الظالمة للإقليم الجديد.. إن نيفاشا ليست قرآناً حتى لا تراجع بل إن القرآن نفسه قد غيَّر الله فيه بعض الأحكام التي لا يطيقها العباد فكان الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم. إذن لابد أن يتجرأ الشماليون ويطرحوا ضرورة مراجعة نيفاشا بدلاً من المماطلة والتسويف.. فعندما نزلت آيات البقرة ( لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) شقَّ ذلك على المؤمنين فكيف يحاسبهم الله على مجرد النوايا التي لا يصاحبها عمل.. فنسخ الله حكم هذه الآية بآية: ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).. فهذه الإتفاقية فيها عنت ومشقة على أهل الشمال والجنوب ولابد أن تراجع بصورة تضبط نصيب الجنوب المالي في البترول حتى يذهب للتنمية وتحفظ للشمال نصيبه في البترول ولو حصل الانفصال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
حوار مع الدكتور الطيب زين العابدين حول الإسلام والديمقراطية (1-4) الديمقراطية التي أبيتها البروفيسور جعفر شيخ إدريس
أنا شاكر للدكتور الطيب زين العابدين بتفضله بمناقشة رأيي في الديمقراطية في عموده، وشاكر له على ما أبدى نحوي من مشاعر طيبة وما نسب إليّ من فضل، وواعد له بأن يكون كلامنا في هذا الأمر المهم إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل بقدر المستطاع بعون من الله تعالى وتوفيقه، وبما أن الدكتور لم يقصر كلامه على الرد على ما قلت بل تعرّض لأمور أخرى تهمه وتهمني كثيراً فسأنتهز هذه الفرصة لبيان رأيي فيها. فأنا إذاً شاكر لجريدة (الصحافة) أيضاً لتفضلها بنشر هذه الآراء.. أقول بعد هذا إنه بالرغم من أن الدكتور الطيب أقرّ مشكوراً بأنني قلت في المحاضرة بأنني إنما أتحدّث عن الديمقراطية بمعنى حكم الشعب لا عن ما صار مرتبطاً بها في الواقع وفي أذهان كثير من الناس من وسائل كالانتخابات وغيرها، وبدلاً من أن يحصر مناقشته لي في هذا المعنى الذي حددته، بدأ يتطرق إلى مسائل أخرى لا علاقة لها بكلامي الذي هو موضوع مقاله. ظن الدكتور مثلاً أن عدم تطرقي في تلك المحاضرة إلى المسائل التي يعتقد أنها هي المهمة معناه عدم الاهتمام بها أو التقليل من شأنها، بل افترض أنني منكر لها كلها، وأنني لذلك ربما كنت من دعاة الدكتاتورية، لأنه قد وقر في ذهنه كما وقر في أذهان الكثيرين أن البديل للديمقراطية بمعنى حكم الشعب هو حكم الفرد الدكتاتور المستبد الحاكم برأيه. ومعاذ الله أن يكون هذا رأيي أو رأي أي إنسان يؤمن بأن الحكم لله، لأنه إذا كان لا يؤمن بحكم الشعب كله بديلاً عن حكم الله فكيف بربكم يرضى بحكم فرد أو أفراد منه؟ الديمقراطية في نظر الدكتور الطيب هي نظام الحكم المطبّق في معظم الدول الغربية والمتمثّل في الانتخابات التعددية النزيهة والتداول السلمي للسلطة وحكم القانون والشفافية وحرية التعبير والتنظيم وحقوق الإنسان، وإنشاء الحقوق والواجبات على أساس المواطنة. أريد أن أطمئن الأخ الطيب وقراءه بأنني لست من حيث المبدأ معترضاً على شيء من هذا (ماعدا مسألة المواطنة) لأنني لا أرى فيها شيئاً يتعارض مع الإسلام، بل أعتقد أن بعضها كاختيار الحاكم وحكم القانون هو من صميم الحكم الإسلامي. ما الذي أعترض عليه في الديمقراطية إذاً؟ هذا موضوع خطير أرجو من القراء أن يأخذوه بجد وأن يهتموا به اهتماماً أكثر من اهتمام الدكتور الطيب. الديمقراطية نظرية وتطبيق، أما النظرية فتقول إن الحكم للشعب. هذا هو المعنى اللغوي للكلمة لأنها كما تحدثنا المراجع مؤلفة من كلمتين يونانيتين هما ديموس وكراتسي. وهذا هو المعنى الذي تجده في كل القواميس ودوائر المعارف والكتب المدرسية. وهذا هو العنى الذي يعد معياراً تقوم به الأمور التي جعلها الدكتور الطيب ويجعلها الكثيرون هي الديمقراطية. وهو المعنى الذي يقوم به مدى قرب الواقع أو بعده عن الديمقراطية. وهذا هو المعنى المتفق عليه بين كل دعاة الديمقراطية بمن فيهم الدكتور الطيب )من غير أن يشعر فيما يبدو(. أما التطبيق، أي كيف تحوّل تلك النظرية إلى واقع يكون فيه الحكم فعلاً للشعب فأمر مختلف فيه. الديمقراطية الأثينية -وأثينا هي أم الديمقراطية- كانت ديمقراطية وصفت بالمباشرة واعتبرت هي المثالية، لأن المواطنين كانوا يجتمعون جميعاً على رأس جبل كل عدة أشهر ليقرروا ما يشاؤون. لكن حتى تلك الديمقراطية لم تكن حكماً للشعب بالمعنى الحقيقي لأن من سموا بالمواطنين كانت تستثنى منهم فئات كثيرة من المجتمع منها النساء، فكانت نسبة الذين يجتعون لا تبلغ ربع السكان. أما الديمقراطيات غير المباشرة السائدة في الغرب الآن فهي أبعد ما تكون عن حكم الشعب لأن الذين يقررون في أمره إنما هم الرؤساء أو النواب المنتخبون. ومن البديهي أن حكم الرؤساء والنواب ليس هو حكم الشعب. فأنا معترض على النظرية الديمقراطية التي تقول إن الحكم للشعب لأساب ثلاثة: أولها: أنها نظرية لا يمكن تطبيقها سواء بالطريقة اليونانية القديمة أو الطريقة الغربية الحديثة. أنا آسف إذا كان الدكتور قد فهم من نقدي للديمقراطية وتحذير المسلمين وغير المسلمين منها إنما هو نقد لتطبيق من تطبيقاتها. إن نقدي يا دكتور منصب على النظرية نفسها بغض النظر عن أي محاولة من محاولات تطبيقها. إنني أريد أن أقول للناس-المسلمين منهم وغير المسلمين- ما قاله ويقوله مفكرون غربيون كثيرون إنكم تخدعون حين تظنون أنكم أنتم الذين تحكمون. إن أنظمتكم السياسية تقول لكم إن الحكم لكم لكن الحقيقة أن الذي يحكمكم هم جماعة منكم يحكمون باسمكم. وفي هذا يقول الدكتور روبرت دال أعظم منظري الديمقراطية في الولايات المتحدة بل ربما في العالم، والذي قال أحدهم عنه إذا تحدّث دال عن الديمقراطية فعلى الجميع أن يصغوا. يقول دال هذا إن الديمقراطية المطبّقة في الولايات المتحدة ليست هي حكم الشعب كله، ولا هي حكم أغلبيته، ولا حكم قلة منه وإنما هي حكم عدد كثير، ولذلك أقترح أن يسمى نظام الحكم الأمريكي بالبولياركية polyarchy- كلمة يونانية معناها العدد الكثير. يستغر الدكتور من مثل هذا النقد للديمقراطية ويتساءل كيف يمكن أن يؤمن إنسان يشيء يستحيل تطبقه. أقول وهل الضلال يا دكتور إلا الإيمان بما لا حقيقة له؟ ألم يقل الله تعالى عن المشركين من العرب «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ».. (العنكبوت:42). ألم يقل عن المشركين من أهل الكتاب: «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ».. (المؤمنون:91). الضلال أن تؤمن بشيء لا حقيقة له، ثم تتصرّف في الواقع على افتراض أنه حقيقة. ثانياً: لأن الديمقراطية مبدأ شكلي إجرائي لا محتوى له. أعني أن الديمقراطية لا تشترط في القرار أكثر من أن يكون قد جاء بإجراءات ديمقراطية صحيحة، ولذلك فإن القرار يمكن أن يكون في غاية الديمقراطية لكنه في غاية الظلم. لست أدري لماذا ينسى أناس من أمثال الدكتور الطيب أن غزو العالم غير الغربي بما في ذلك العالم الإسلامي ونهب خيراته وإذلال أهله كان بقرارات ديمقراطية أصدرتها برلمانات منتخبة انتخابات حرة ونزيهة. وها نحن نرى في أيامنا هذه كيف أن غزو أفغانستان ثم العراق كان بقرارات ديمقراطية لا شك في ديمقراطيتها. وقرارات كثير من البرلمانات الغربية بإباحة كل أنواع الفحش بما في ذلك الزواج المثلي كانت قرارات ديمقراطية. والله إن المرء ليكاد يجزم بأن الظلم الذي ارتكب في حق الناس من المسلمين وغير المسلمين باسم الديمقراطيات الغربية ظلم لم يسبق أن ارتكبته في حقهم كل أنواع الأنظمة الدكتاتورية الظالمة. ثالثاً: وهو الأمر الأهم الذي ركّزت عليه في محاضرتي هو أن الإيمان بأن الحكم للشعب -سواء كان ممكناً أم غير ممكن- هو أمر يتناقض مع الإيمان بالله تعالى، لأن أول لوازم الإيمان بالله هو الإيمان بأن الحكم لا يكون إلا له، وأعني بالحكم هنا الحكم التشريعي، لا الحكم التنفيذي. فالله تعالى هو الذي يحكم تشريعاً والناس هم الذين يحكمون بما أنزل تنفيذاً. يسألني الطيب متحدياً «ما قول الشيخ جعفر إن وجد أن معظم المسلمين في شمال السودان يرغبون في تطبيق النظام الديمقراطي خاصة بعد أن اكتووا بتجربة الإنقاذ الشمولية الإسلامية؟». أقول للدكتور أولاً، إن وصفك للإنقاذ بالشمولية ليس وصفاً علمياً لأنك تعلم وأنت الرجل المختص بعلم السياسة أنها ترجمة لكلمة توتالتيرينزم totalitarianism وهي مركبة من كلمتين total أي الشامل أو الشمول وكلمة authoritarian أي الاستبداد. فالحكومة الشمولية كما تحدثنا المراجع السياسية هي التي ترى أن من حقها أن تقضي هي وحدها في كل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الثقافية. والتي لا يكون لها معارض، كما كان الشأن في حكومات الاتحاد السوفيتي. إن حكومة الإنقاذ مهما كانت عيوبها ليست شمولية ولو كانت كذلك لما سمحت لك ولا لي بنقدها. لكن كلمة الشمولية أصبحت تطلق عند العامة في السودان مجرّد تعبير عن السخط على الحكومة. كنت ذات مرة بصالة الوصول بمطار الخرطوم وكان أحدهم يدخّن فأشرت له إلى اللافتة التي تمنع التدخين، فقاطعني آخر قائلاً للرجل «يا زول دي حكومة شمولية أعمل الدايرو». ثم أعود لموضوعنا فأقول للدكتور إذا قال لي المسلمون إنهم يريدون الديمقراطية فسأقول لهم ما قلت قبل قليل، إن الديمقراطية بمعنى أن تكونوا أنتم أصحاب السلطة التشريعية العليا فأمر مخالف للأصل الذي يقوم عليه دينكم. وأما إذا كنتم تريدون الاحتكام إلى شرع الله وتجعلون كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هما قانونكم الأعلى الذي يحكم كل ما تصدرون من قوانين بما في ذلك الدستور، وقررتم أن يتضمّن هذا الحكم مبادئ ووسائل مثل الانتخابات وحكم القانون والشفافية وغيرها، فسأقول لهم: أصبتم جزاكم الله خيراً ولكن لماذا تسمون حكم الله هذا بالديمقراطية وأنتم تعلمون أن الديمقراطية إنما تعني حكم الشعب؟ إن هذا خطأ من ناحيتين أولاهما أنه تسمية للأشياء بغير اسمها، وثانيتهما أنه حتى لو كان الاسم موافقاً فهو اسم يوناني لأمة وثنية وأنتم مأمورون بأن تخالفوا أمثالهم وتثبتوا هويتكم الإسلامية. ألا تقرأون في كتاب الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ».. (البقرة:104). كان أهل المدينة يستعملون كلمة راعنا في خطابهم للنبي صلى الله عليه وسلم قاصدين بها ارعنا سمعك، لكن اليهود كانوا يستعملونها في خطابهم له قاصدين بها الرعونة فنهى الله المؤمنين أن يستعملوا كلمة من كلماتهم ذات معنى صحيح لأن اليهود كانوا يقصدون بها معنىً ذميماً. فكيف يستعمل المؤمنون كلمة لأناس وثنيين يعنون بها معنىً ذميماً، بل شركاً قبيحاً، ليدلوا بها على حكم الله؟
حوار مع الدكتور الطيب زين العابدين حول الإسلام والديمقراطية(2-4) وسائل ومبادئ بين الديمقراطية والإسلام بروفيسورجعفر شيخ إدريس أذكّر القراء بأنني قلت في مقالي السابق بأنه لا اعتراض لي من حيث المبدأ لا التفاصيل على المسائل التي جعلها الأخ الدكتور خطأً هي الديمقراطية ما عدا مسألة جعل المواطنة هي الأساس. وهذا أوان الدخول في شيء من التفاصيل. أما الانتخابات فإنها في شكلها الحالي وسيلة استحدثها الديمقراطيون ليختاروا بها حكامهم الذين يفترض أن يحكموهم باسمهم. والوسائل تابعة للغايات. فإذا كانت الغاية في الديمقراطية هي اختيار من يحكمون باسم الشعب فإن الغاية في النظام الإسلامي هي اختيار من يحسن الحكم بما أنزل الله تعالى. مبدأ اختيار هذا الحاكم حق من حقوق الأمة، فقد أورد البخاري في صحيحه خطبة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحذّر فيها المسلمين من الذين يريدون أن يغصبوهم حقهم بمبايعتهم لأحد من غير مشرورة المسلمين ويقول فيها إن الذي يفعل هذا لا يبايع هو ولا الذي بايعه. أما كيفية الاختيار فمتروكة فيما يبدو لاجتهاد المسلمين بحسب ظروفهم. والذي أراه أن أقرب ما يحقق الهدف الإسلامي من الانتخابات في عصرنا هو مايلي: أولاً: أن لا يكون اختيار الحاكم المسلم كاختيار الرئيس الأميركي لأنه اختيار يؤثر فيه المال وتؤثر فيه وسائل الإعلام. ثانياً: بما أن الحكم المراد هو حكم الله لا حكم الشعب، فيجب أن تكون الغاية من الانتخابات هي اختيار أصلح الناس للحكم بما أنزل الله، وهذا يقتضي اشتراط بعض الشروط في المنتخِب (بكسر الخاء) والمنتخَب (بفتحها). ثالثاً: أقرب ما يحقق هذا الهدف في نظري هو النظام الذي تبدأ الانتخابات فيه على مستوى محلي وصغير جداً، مستوى يعرف فيه الناس بعضهم فلا يتأثرون كثيراً بدعاية حزبية أو غير حزبية، ولا يحتاجون فيه لمال. المنتخبون على هذا المستوى المحلي ينتخبون مجالس أعلى منهم وتلك المجالس تنتخب مجالس، وهكذا يتطوّر الأمر بطريقة هرمية حتى يصل إلى المجلس التشريعي الأعلى الذي ينتخب حاكم البلاد ويكون من حقه إقالته بشروط توضع في الدستور. حكم القانون.. لماذا أعترض على حكم القانون وهو إنما يعني العدل بين الناس وبالعدل قامت السموات والأرض وعلى العدل يقوم بنيان الدين كله. وهل وجدت من تعبير عن ما يسمى بحكم القانون أروع من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها». لماذا أستجدي من الديمقراطية الغربية هذا المبدأ العظيم الذي هو من صميم ديني؟ والشفافية لماذا أتقمشها هي الأخرى من فضلات الديمقراطية، وأنا أقرأ في تاريخ ديني كيف كانت في عهد خلفاء النبي الراشدين؟ ألا يقرأ كل منا الآن كيف كانت مناقشات الصحابة في أمر الردة كتاباً مفتوحاً؟ وإذا كانت الديمقراطية بحسب تعريف الدكتور زين إنما هي الشيء الممارس في الدول الغربية الديمقراطية، فأين بالله تجدها في نظام يكذّب رؤساؤه بوش وبلير كذبات بلقاء على رؤوس الأشهاد في العالم عن أسلحة الدمار الشامل؟ وحقوق الإنسان إذا لم تجدها في كتاب الله فأين بربك تجدها؟ إن الإنسان لا يوجد في الواقع مجرّداً وإنما هو دائماً إنسان بصفة معينة والقرآن والسنة فصّلا حقوق الناس آباءً وأمهاتٍ، أولاداً وأقارب، مؤمنين وأهل كتاب، مصالحين وأعداء. وبينا أن هذه الحقوق كلها إنما هي عطاء من الرب لعباده. أما الفكر الغربي العلماني فلا يزال يبحث حائراً عن الأساس الذي ترتكز عليه تلك الحقوق بعد أن فصل بين الدين والسياسة. ولا يزالون حائرين في كيفية التوفيق بين مبدأ ديمقراطي يقول إن الحكم للشعب، ومبدأ لبرالي يقول بل هنالك حقوق للأفراد لا يجوز حتى للأغلبية أن تتغوّل عليها أما مبدأ فصل السلطات الذي كان أول من دعا إليه المفكّر الفرنسي مونتسكيو فإنه ليس دعوة إلى فصل كامل بينها لأن ذلك أمر متعذّر وغير مفيد إن أمكن، ولذلك يضيفون إليه مبدأ آخر هو أيضاً مقترحات مونتسكيو. والمبدآن مطبقان إلى حدٍّ ما في الولايات المتحدة. فالرئيس هو الذي يرشّح قضاة المحكمة العليا للمجلس التشريعي. والقضاة ملزمون بالقوانين التي تصدرها هذه المجالس، والرئيس الذي يفترض فيه أن يكون أداة تنفيذية من حقه أن ينقض ما يصدره المجلس التشريعي بشروط معينة. الغريب أن من المفكرين الغربيين من يرى أن مبدأ فصل السلطات هو الذي يساعد على دكتاتورية السلطة التنفيذية. أما في الإسلام فإن التشريع الأساس إنما هو في كتاب الله وسنة رسوله، وهما فوق كل السلطات. وقد نبهني قبل سنين الأخ الدكتور توفيق الشاوي القانوي المصري الضليع أنه تبين له أنه إذا كان القاضي في النظام الديمقراطي مستقلاً عن السلطة التنفيذية، فإن التشريع نفسه (القانون) مستقل في الإسلام حتى عن السلطة التشريعية. والحاكم في الإسلام له بعض السلطات التشريعية المحكومة بشرع الله، لكنه هو نفسه يحاكم أمام القضاء بحكم الله. أما ما يسمى بحرية التعبير فأمر لا يمكن أن يخلو منه نظام مهما بلغ من درجات الاستبداد، ولا يمكن أن يطلقه نظام مهما بلغ من درجات الحرية، فالعبرة إذاً إنما هي بما يمنع أهو بحسب هوى السطة الحاكمة أم بحسب مصلحة الناس. الممنوع قطعاً في الإسلام هو ما حرمه الله تعالى من كل أنواع التعبير، وما عدا ذلك فالحكم فيه بأن الأصل في الأشياء الإباحة، مسألة أخرى اهتم بها الإسلام هي أنه يهدي الناس إلى التعبير المفيد، وينهاهم عن كل أنواع التعبير السيء باللسان كان أم بغير اللسان. فالله تعالى يأمرنا بأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ويذكّرنا بأنه لا يحب الجهر بالسوء من القول، وهكذا. أما تداول السلطة فليس في النظرية الديمقراطية أو تطبيقاتها الغربية ما يوجبه كما رأيت بعض الناس عندنا في السودان يظنون، بل من حق الشعب أن ينتخب حزباً معيّناً في كل مرة حتى لو بلغت عشرات السنين، وأما الأفراد فإن بعض الدول كالولايات المتحدة رأت أن لا تعطيهم أكثر من فرصتين لرئاسة الدولة. وأما التداول السلمي للسلطة فهو الأمر الطبيعي الذي نراه كثيراً حتى في الحكومات غير الديمقراطية. أقول إذا كان خير ما في الديمقراطية بهذه المعاني التي يحصرها فيها الدكتور الطيب موجوداً في ديننا فلماذا نذهب لنتقمشه من فضلات الفكر الغربي؟ لماذا لا ندعو إليها باعتبارها شيئا من ديننا، وإذا كان لا بد من تسميتها باسم يناسب العصر فلماذا لا نجتهد ونتواصى باختيار اسم لها؟ ما أظن أن الدكتور الطيب سيقول إن الذي دعاه إلى ذلك هو فشل زملائه الإسلاميين الذين تقلدوا الحكم في تحقيق هذه المثل. إن من يكون على يقين من الحق لا يتركه لأن منتسباً إليه تنكّر له أو قصّر في العمل به. إن الحق يظل حقاً آمن به المؤمنون أو جحده الكافرون، عمل به العاملون أو تنكّر له المتنكرون.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
لو غير ذات سوار انتقدتني: الاستقــــرار السيــــاسي وعبقريــــة الإنقـــــاذ! د. محمد وقيع الله الصحافة 31/10/2007
كتبت الأستاذة رباح مقالين طويلين في تلخيص مقالين، هما مقال الأفندي ومقالي، وأضاعت وقتاً كبيراً من وقت القارئ الذي يفترض أنه قد قرأ المقالين سلفاً، أو أن بإمكانه أن يسترجعهما إن شاء، وقد كان الأجدر برباح أن تقدّم جوهر المقالين للقارئ، وتستخلص نقاط الارتكاز الأساسية في المادة محل التلخيص، بعد أن تقرأها بوعي قراءة فاحصة، عدة مرات، وذلك حتى تهتدي لما يسمى في علم المناهج بالخيط الناظم للأفكار، أو ما يدعونه أحياناً بالإنجليزية The Main Theme، وذلك بدلاً من أن تهيم على غير هدى، وبلا معيار دقيق، بين زحمة التفاصيل، والهوامش، والأمثلة التي غصَّ بها المقالان، وهو الأمر الذي أدى بها في النهاية إلى تجاهل، وتناسي، وتفادي الأفكار الكبار التي سطّر من أجل تبيانها المقالان. كان بإمكان رباح أن تقول إن مقال الدكتور الأفندي قد نهض على فكرة كبرى مؤداها أن على الإسلاميين السودانيين أن ينفضوا من حول نظام الإنقاذ لأنه أصبح يقوده أفراد قليلون، يمثلون ما اسماه بـ(سوبر تنظيم)، ذلك التنظيم الذي أخذ يرتكب كافة ضروب الأخطاء والتجاوزات باسم الإسلاميين. وإن مقال الرد الذي كتبه محمد وقيع الله قد ارتكز على فكرة (الاستقرار السياسي) المهم لأي تطوّر سياسي أو اقتصادي، وقد جعل من تلك الفكرة سبباً لتأييده القوي لنظام الإنقاذ الإسلامي، ودعا لذلك الإسلاميين السودانيين بكافة توجهاتهم لدعم هذا النظام، وبعد أن تفرغ رباح من تلخيص مثل هذا، كان بإمكانها أن تشرع في الرد على الأفندي وعليَّ كما تشاء، ولكنها أضاعت معظم الوقت في التلخيص (الطويل)، الذي لا يعطيها إلا درجة المرور، إذا أشرف على تصحيح ملخصها أستاذ صارم ذو فطنة في قضايا المنهج، وأساليب الجدال، والتحرير الصحفي! خارج الموضوع وبعد ذلك أضاعت رباح وقتاً آخر على القارئ إذ راحت تتحدّث خارج الموضوع أو في حواشيه البعيدة، حيث قالت إنها لم تعرف كاتباً كبيراً لامعاً مثل الافندي إلا في عام 2002م عبر صحيفة (الصحافي الدولي)، وأفادت بأنها عرفتني في العام الماضي عبر اللقاء الذي أداره معي الأستاذ صلاح شعيب، (وقد كتبت هي في الرد عليه مقالاً، تجاهلته ولم أرد عليه). فهي تبيّن بذلك عن قدرها المتواضع في عالم القراءة والكتابة، ومع ذلك تتخذ من جهلها أداة للتعالي علينا، لأنها بنت الأكرمين، التي تمن علينا إن عرفتنا، مع أننا نكتب ونحاضر من قبل أن تولد هي بزمان طويل! دفاع خاسر عن الأفندي وقد انتظرت رباح لفترة من الزمن عسى أن يقوم الأفندي بالرد على ردي الصاعق عليه، ولما رأت أنه قد قبل بالهزيمة، وآثر الانسحاب من السجال، نادماً على ابتداره إياه بالعدوان، أتت هي لتربح المعركة لصالحه، وهيهات! فكيف دافعت رباح، دفاعاً غير رابح، عن هذا الأفندي؟! لقد قالت إن الأفندي لم يتقوّل شيئاً على لساني. ولكن رباح لقلة مهارتها في الكتابة، وقلة مراجعتها لما تكتب، زلت زلة كبرى وفضحت نفسها بنفسها، إذ قالت إن المفكر الإسلامي «ما عليه بحسب الأخ محمد وقيع الله سوى أن يقدّم نفسه للتمام وأن تصرف له بدلة عسكرية (كما فعل الكثيرون حقيقة لا مجازاً)، ثم ينتظر أن تصرف له الأوامر من الجيش والأمن عن كيفية التفكير وموضوع التفكير. فالمفكّر بحسب وقيع الله يجب أن يكتب بالأوامر، ويصل إلى نتائح تفكيره بالأوامر».. وهذا الكلام خليط من كلامها وكلام الأفندي، وكلاهما قال عبارة «وبحسب وقيع الله»، فإذاً الكلام منسوب إليّ، سواء من قبل الأفندي أو من قبل رباح، وسواء كان بالنص أو بالمعنى، وليس ثمة فرق كبير بين الإثنين. لأنك عندما تقول بحسب فلان، فإنك تعني أن هذا كلامه إما بالنص أو بالمعنى، وإلا فماذا تعني غير ذلك؟! صحيح، إن الأفندي لم يضع هذا الكلام بين أقواس كما قالت محاميته رباح، ولكنه نسبه إليّ على كل حال، والأفندي نفسه لم يتجرأ على أن ينكر أنه نسب إليّ ما لم أقله، فكيف تتطوّع هذه (الكاتبة!) لتنفي عنه ما ساقه في حقي من زور؟ قراءة خاطئة وكما أخطأت رباح في قراءة ما قال الأفندي، فقد أخطأت في تلخيصها لمقالي، وبرهنت على قلة فهمها لمجمل المقال، وجاءت بأخطاء عديدة في استعراضها له وفي تعليقاتها عليه. وهذا مثال من الأمثلة يكفي عن ما سواه. قالت رباح :«ثم تحدث عن سادته الأمويين وبيّن فضلهم و(الاستقرار السياسي الذي بسطوه) منعاً للفوضى، وتطرّق لحجة الدفاع عن الإنقاذ ضد (دعاة النقمة والخراب) وهم برأيه الأمين العام السابق للحركة الإسلامية». وهذه قراءة خاطئة للنص كما هو واضح، فالنص يتحدّث عن جماعة لا عن فرد واحد، فقد استخدمت في تعبيري كلمة دعاة لا كلمة داعية. ومن ذكرته رباح بالتحديد هو شخص واحد من أشخاص كثر، من دعاة النقمة والخراب، من بينهم أبوها، الذي دعا ولا يَنِي يدعو إلى النقمة والخراب، وهو بلا ريب من أكثر من أسهموا في إشعال النيران في جنبات هذا الوطن، مرة بحجة محاربة النميري، ومرة بحجة محاربة البشير، والصادق هو من أبرز الذين صنعوا ظاهرة قرنق، وقد قدّمه الصادق لمن منحوه السلاح من العرب والروس، وظل يشجعه في تمرده وتخريبه. وكل إنسان قتله جون قرنق، فإن الصادق مسؤولاً جزئياً عن دمه. وإذا كان الصادق قد اشتكى، وأظنه لا يزال يشتكي، من أن صحيفة (ألوان) هي التي أضعفت عهده إلى حدٍّ بعيد، فإن الصحيح هو أن يقول إن جون قرنق هو الذي أضعف حكمه إلى آخر حد، حيث قام باحتلال المدن واحتلال معظم أرض جنوب السودان في عهده، وجون قرنق هو الذي أضعف الصادق مرة أخرى عندما أرغمه على أن يتنازل عن صفته كرئيس للوزراء، من أجل أن يمن عليه بلقاء. ومع ذلك لم يرض قرنق عن الصادق، ولم يلن له حتى بعد أن جمد له العمل بشرع الله. ثم ما مرت سنوات قلائل حتى عاد الصادق -وكأنه لم يستوعب شيئاً من درس الماضي- ليشجّع حركة التمرد والتخريب التي كان يقودها قرنق. وقد فعل ذلك بعد أن أصبح رئيساً مخلوعاً مثل النميري، وانضم إلى ما كان يسمى في الماضي الغابر بالتجمع اللا وطني لتخريب الوطن وسرقة عربات المواطنين. وأمسى الصادق -بعد هروبه في لا تهتدون- أحد أشد أعضاء التجمع حماسة للتخريب، وتمادى في غيه هذا زاعماً أنه لن يسمح لحكومة الإنقاذ الوطني الإسلامي، أن تستخرج البترول من باطن الأرض، وبعد أن استخرجته الحكومة رغماً عن أنفه، عمل على التصدي لخطوط تصديره وتفجيرها في شرق السودان، وفجر بعضها في عمل إرهابي تخريبي استنكره حتى بعض أعداء السودان الشرفاء! وهذه مجرّد نماذج فقط من مساهمات هذا الشخص في التخريب، وهي وحدها تدرجه بجدارة في عداد من أطلقت عليهم في مقالي صفة (دعاة النقمة والخراب)، فهم أشخاص كثر، وليس شخصاً واحداً، كما فهمت رباح من المقال! الإستقرار السياسي وهؤلاء الناقمون المخرّبون، لا يريدون استقراراً في الوطن، وإنما يبتغون نشر الفوضى التي تدمّر انجازات الإنقاذ، وتمهّد لهم هم طريقاً للوصول إلى الحكم (ويا حبذا الإمارة ولو على الحجارة!).. إنهم يريدون أن يحكموا الوطن الخراب، ولا يريدون أن تعمّره وتنهض به الإنقاذ، ولذلك فهم لا يفتأون يحاولون تحطيم النظام السياسي الإنقاذي بتحطيم استقرار الوطن، أي تحطيم الواقع المادي الذي تتحرّك فيه الإنقاذ، وهم يعرفون أن الاضطراب السياسي الذي يريدون إشاعته في الوطن هو أسوأ كابوس يمكن أن يفزع رأس المال الأجنبي ويطرده بعيداً عن الإسهام سواء في عمل القطاع العام أو الخاص في السودان. ولكن عبقرية الإنقاذ الساطعة جعلت العكس ممكناً، حيث بذلت جهدها كله لإنجاح التنمية الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي أخيراً إلى الإستقرار، وهذا ما نجحت الإنقاذ فيه بامتياز، وكلما نجحت الإنقاذ في هذا المسعى، كلما توطّد الإستقرار في الوطن، وذلك رغم التحفز الدائم لرجال الأحزاب المفسدين من دعاة النقمة والخراب لتدمير البلاد. وفي شأن النهضة فإننا نحب هنا أن نرجع إلى إحصاءات المنظمات النقدية الدولية الموثوقة، كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وكلها تتفق على أن السودان يحقق معدل نمو أكثر من (6%) وهو من أعلى المعدلات في العالم. وهذا معدل أداء لا يمكن أن ينتقده أو يزايد عليه، من كان الاقتصاد السوداني في عهدهم (1986-1989م) يشهد تراجعاً شديداً، وكان معدل التنمية في عهدهم يسجل بالسالب في احصاءات هذه المنظمات. ولا عجب في ذلك البتة فقد كان الصادق بنفسه يشارك في نشر الفوضى السياسية حتى خلال فترة حكمه، ولا يتخذ قراراً ولا ينفذه إذا اتخذه، ولا يحاول أن يحل أي مشكلة من مشاكل البلاد التي كان يزعم أنه مقدور عليها جميعا، ولذلك تفرغ لحل مشكلة الحرب الليبية التشادية، ومشكلة الحرب العراقية الإيرانية. وأشهر قرارات الصادق التي لم ينفذها، هو بلا ريب، قراره الشهير الذي اتخذه بإلزام آل المهدي بإرجاع التعويضات التي أعطاهم إياها وزير ماليته الدكتور بشير عمر. وقد دافع نواب حزب الأمة في الجمعية التأسيسية عند ذلك مليا عن بشير عمر، وقراره، ولما لم يقنع دفاعهم أحدا من النواب أو الشعب، استسلم الصادق، واتخذ قراراً أمر آله فيه بإرجاع التعويضات الضخمة التي أخذوها من خزانة الشعب عن غير وجه حق، ولكن- حتى اليوم- لم ينفذ آل المهدي هذا القرار فللشعب في أيديهم دين لابد أن يقضوه! عبقرية الإنقاذ وقد قلنا إننا نفضّل أن نرجع إلى الاحصاءات العلمية الموثوقة، بعيدا عن الكلام التعميمي السطحي، الذي يتردد أحياناً على أفواه بعض المعارضين غير الموضوعيين (وليس كل المعارضين كذلك بالطبع، ففيهم أناس لهم منطق رزين، رصين، ونستفيد حقاً مما يقولون). وحسب الاحصاءات العلمية التي قدمتها المنظمات الدولية المحايدة، فقد قفز إجمالي الدخل القومي السوداني من(10.3) بليون دولار في عام 2000م، إلى (18.5) بليون دولار في عام 2004م، إلى (23.3) بليون دولار في عام 2005م. وفقز مستوى الدخل الفردي في السودان من (310.0) دولار سنوياً في عام 2000م إلى(522.0) دولار في عام 2004م، إلى(640.0) دولار في عام 2005م. (أي أنه تضاعف خلال خمس سنوات). وارتفع إجمالي الناتج المحلي في السودان من(12.4) بليون دولار في عام 2000م الى (21.6) في عام 2004م, وإلى(27.7) بليون دولار في عام 2005م. ) World Development Indicators database, April 2006 المصدر: وقد جاء في الاحصاءات العلمية العالمية الموثقة أن السودان قد دخل قائمة الدول العشر الأسرع نموا في هذا العام، واحتل المرتبة الخامسة من بين هذه الدول العشر الأوائل، وهي على التوالي: غينيا الاستوائية، والصين، وإيرلندة، وفيتنام، والسودان، والمالديف، وشيلي، وغويانا، ومانيمار، وكوريا الجنوبية. فهل احتل السودان في تاريخه مقاماً مثل هذا، أم أن هذا حدث لأول مرة في عهد الإنقاذ؟! إننا لا يمكن نتجاهل هذه الأرقام الموضوعية التي أعدها اقتصاديون متمرسون يعملون في واحدة من كبريات المؤسسات الاقتصادية النقدية الدولية، لنقبل الكلام النقدي العصبي (غير الموثّق بالأرقام) الذي أدلت به (المهندسة) رباح؟! فما أدلت به رباح من كلام غاضب ساخط، هو كلام غير موضوعي، وهو من شاكلة كلام بقايا وفلول المعارضين الموتورين، الذين يسعدهم حقا أن يتخلف هذا الوطن، ويشقيهم أن يتقدم ولو خطوة واحدة إلى الأمام، ويحسبون أن كل ناحية تطور في الوطن إنما هي كسب للإنقاذ، وخصم على رصيدهم هم في المعارضة، فهم يراهنون على فشل الإنقاذ، لا على قوة صفهم أو جدوى برامجهم. وهم لشدة كرههم للإنقاذ يودون من صميم قلوبهم، أو أن ينهار الوطن لتنهار معه الإنقاذ، ويأتون هم للحكم والسلطة، ولو على الأنقاض! وليس لهؤلاء السياسيين المعارضين الانتهازيين، من شفقة على المواطن، او الوطن، فكأنما خلق الوطن، وخلق قاطنونه من أفراد الشعب، كي يأتوا هم ويحكموه، ويحكموهم! ولذلك فقد استغربت كثيرا حديث رباح عن الفقر والفقراء، وزعمها وزعم ابيها من قبل، أن احوال الموطنين لم تتحسن، وهو قول مناقض لإفادة الأرقام الموثقة سالفة الذكر التي أفادت بتضاعف مستوى الدخل الفردي خلال الخمس أعوام الماضية. وقد عجبت كثيراً لزعمهما المتكرر ان البترول لم يسهم في تحسين أحوال المواطنين. ورداً على ذلك أقول إنه لو لم يكن للبترول السوداني من فضل إلا أنه قد كفى لتيسيير مئات الآلاف من السيارات التي نراها في شوارع الخرطوم لأوفى وزاد على الوفاء. هذا مع ملاحظة أن عدد سيارات الخرطوم قد تضاعف خلال الأعوام القليلة الماضية نحو عشرة أضعاف، وكاد يصل عددها إلى نصف مليون سيارة، كما تفيد لغة الأرقام، وكما قد تفيد النظرة الخاطفة لمن ينكرون لغة الأرقام، فهل هذه السيارات الكثيرة المتكاثرة تسير بالماء؟ أم بالهواء؟ أم إنها تسير بالبترول الذي استخرجته بعبقريتها وعزمها وحزمها -وقبل ذلك وبعده بفضل الله تعالى- دولة الإنقاذ؟ هذا ولا نريد أن نذكر الناس -وهم لم ينسوا بعد- بصفوف البترول والخبز التي لم تنته إلا عندما جاء عهد الإنقاذ! الأمويون والمهديون إن الاستقرار السياسي، هو رفيق للتقدم الاقتصادي، وقد كان من عبقرية الانقاذ، كما ذكرنا، أنها تمضي قدما في تحقيق الاستقرار السياسي، عن طريق تنفيذ خطط ناجحة للتنمية الاقتصادية. ومهما يكن الأمر، فإن هذا يؤكد أهمية توطيد الاستقرار السياسي في البلاد، لأنه هدف وغاية. وقد ذكرت حديث الاستقرار السياسي بصورة إلماحية، في ثنايا مقالي في رثاء الشهيد مجذوب الخليفة، رحمه الله، حيث ذكرت أنه قد كان من شأنه أن فطنني إلى فضائل الأمويين بتوطيدهم للإستقرار السياسي بعد عهد الفتن الكبرى. وقد التقط الأفندي هذه الفكرة ليشنع عليّ ويهاجم الأمويين بأسلوب فج، وتابعته رباح فهي تقول: «المدهش الثاني أن وقيعاً استنكر على الأفندي دفاعه عن الإنقاذ بحجة أن ملف الحريات في ظلها أفضل من جاراتها، باعتبارها حجة بائسة، بالرغم من أن وقيعاً لا يرى في تلك الانتهاكات أصلا مشكلة ذات بال لو جاءت من نظام «أموي» يحقق الإستقرار. ولكن الحجة الأكثر بؤساً هي اعتراف وقيع الله بأن لنظام الإنقاذ جلاوزة وجلادين ومظالم كان الأفندي يخفيها ويضلل بشأنها، بل هو نفسه من ضحاياها، لأنه النظام الذي نال منه العنت الأكبر بدون أن يرتكب جرما يستحق عليه ذلك». حقاً إنني استنكرت على الأفندي تزويره للواقع الذي كان يعايشه، وقد كان عليه أن يكون أمينا ويذكر الواقع على علاته ولا يزوره. وهو واقع كنت أعرفه ولا أدافع عنه، ويشهد على نقدي له بعض أعضاء حزب الأمة بواشنطون، ممن كنت التقيهم كثيرا وأحاورهم، وقد أرني بعضهم علامات التعذيب في جسده. ولكني كنت اقول لهم دوما إن الخطأ متبادل، فلا المعارضة بريئة من العمل الا أخلاقي، ومن التآمر حتى مع الشيطان -كما يقولون هم بأنفسهم- ضد الإنقاذ، ولمّا كان النظام بهم رحيما. هذا ما كنت أقوله لهم جميعاً، وهم أحياء وشهود. ولم أقل أبداً إن الانتهاكات -لا في عهد الأمويين ولا في عهد الإنقاذ- ليست ذات بال، كما تتقول على هذا القول اليوم رباح! إن الذي قلته هو إننا ينبغي أن ننظر إلى الصورة العامة الشاملة بكاملها في تقويم أي عهد من العهود. وقد قلت هذا في سياق ردي على التفكير التبسيطي الاعتباطي الذي تناول به الأفندي عهد الأمويين، حين شاء أن يركز على تجاوزات بعض طغاتهم كالحجاج، وأن يتجاهل إنجازات الأمويين الدعوية والحضارية الكبرى التي نحن لها جد مدينون. وهذا النمط من التفكير يقود في العادة إلى أحكام غير عادلة وغير متوازنة وغير صحيحة. ومثال ذلك أنا كنا نستمع ونحن صغار إلى حكايات جداتنا من عهد أن كن صبايا في ظل الدولة المهدية، وكن يحدثننا عن جندها كيف كانوا يقتحمون البيوت، في المتمة، وما جاورها، وينهبون الأموال، ويعذبون الناس، ويقتلونهم، ويبقرون بطون الحوامل، ويقذفون بالولائد إلى الهواء، ويتلقونهم بالحراب. وهذه الوقائع التي حكتها لنا الجدات قد لا تصح، وإن صحت فقد لا تكون بهذا القدر من الشناعة والفظاعة، وإن كانت فإنها ليست هي الوجه العام للدولة المهدية. وبالتالي فإن من الظلم أن نحكم في شأن الثورة المهدية بمثل هذه الأمور وحدها، وإلا كانت أذهاننا وتجاربنا محدودة كأذهان وتجارب جداتنا. ولحسن الحظ فقد دخلنا المدارس، وتلقينا دروسا أفضل وأشمل عن الثورة المهدية، وقرأنا كتابين جيدين عن تاريخ السودان، أولهما سطره المؤرخ والمفكر الإسلامي الأصيل مندور المهدي، رحمه الله، وثانيهما حبره المؤرخ والمفكر الإسلامي القدير ضرار صالح ضرار، حفظه الله، ومنهما عرفنا الحكم الصحيح الإيجابي في شأن الثورة المهدية، وهو الحكم الذي تعضد وتقوى باطلاعانتا اللاحقة في الموضوع. وهذا ما قصر عنه الأفندي ورباح اللذان يستخدمان في شأن الحكم على الأمويين، والإنقاذيين، ما يشبه أذهان وخبرات الجدات. فالأمثلة التي استشهد بها الأفندي مستلة في معظمها من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وهو كتاب أدب وسمر وغناء، وقد وصف المؤرخ العظيم الخطيب البغدادي مؤلفه بأنه: «أكذب الناس، كان يشتري شيئاً كثيراً من الصحف، ثم تكون رواياته منها». وقال الإمام ابن الجوزي في شأنه: «ومثله لا يوثق بروايته، يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهوون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه». ومن كان هذا شأنه من كُتاب اللهو، ومروجي حكايات العبث، فلا تؤخذ منه أحكام تقويم التاريخ. وحال الأفندي في الاستناد إلى كتاب الأغاني، أفضل من حال رباح التي تأخذ مروياتها من صحف المعارضة، وكتّابها المشبوهين، الذين باعوا اقلامهم في كل سوق، حتى باعوها أخيراً في سوق الإنقاذ، بعد أن تعبوا ويئسوا من المعارضة، وبارت أقلامهم شر بوار. هذا ولا أستبعد أن يعوّد الأفندي نفسه ليبيع قلمه في سوق الإنقاذ تماماً كما فعل زملاء له عاصروه بلندن! ودعاة التطرّف والتكفير لقد كان الأفندي ورباح، مشتطين كلاهما في الحكم على الإنقاذ، ومن يدافع عنها من أمثالي، فقد أعمى الغضب الأفندي حتى رماني بالشرك، ثم اتهمني بـ(النصب)، وبكل مذمة خطرت بباله. ثم جاءت رباح لتدل على أن لها نصيباً من حسن أدب الأفندي ودينه، فها هي تسوق الآية التي نزلت في وصف الكفار لتصفني بها، ولكني أقول في حقها ما قلتُ في حق الأفندي آنفاً، إني آمل أن تكون رباح قد ساقت هذه الآية: «كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ» من دون أن تفقةه معناها. أما إذا أصرت رباح على صحة فهمهما للآية، فعليها حينئذ أن تسأل مفسراً للقرآن الكريم، غير أبيها، ليدلها على الفهم الصحيح للآية. ولو سألت رباح - دون ذلك - شخصا عاديا يجيد قراءة المصحف الشريف، لدلها على أن الآية تبدأ هكذا: «وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً...» فهي إذاً آية أتت في وصف الكفار، وهي مخصوصة بهم، ولا يجوز أن يصف بها المسلمون بعضهم بعضاً على الإطلاق ولفائدة عموم القراء -من دون رباح- أقول: إن الإمام الطبري، رحمه الله، قد قال في معنى هذه الآية: «حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد». كمثل الذي ينعِق»، مثلٌ ضربه الله للكافر يسمع ما يقال له ولا يعقل، كمثل البهيمة تسمع النعيقَ ولا تعقل، «و.. فهي إذاً نص صريح في وصف الكفار، ولا يجوز استخدامها في حق المسلمين، اللهم إلا إذا انضمت رباح إلى قواعد جماعات التكفير المتطرّفين الذين تعوزهم الحجة ويخونهم المنطق فيتهمون الناس في عقائدهم، وهؤلاء لا يتهمون الناس عادة في عقائدهم إلا كي يستبيحوا دماءهم، ويبرروا أعمال الإرهاب الشنيعة التي يرتكبونها باسم الدين، وهو من أعمالهم براء، فهل لرباح قدوة في أمثال هؤلاء؟! لقد بدا ذلك كثيراً في مقالها المحشو بألفاظ التطرّف والشطط والجنوح إلى التكفير، وقد رددنا على بعض ما في مقالها ببعض الرفق، ولولا أن ذات سوار انتقدتني، لكان الرد أشد وأنكأ: ولولا أن يُظَنَّ بنا غُلوٌ لزدنا في المقال من استزادا!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
رسالة مفتوحة إلى الأستاذ علي عثمان محمد طه: ( 3-4) صديق محمد عثمان/ لندن [email protected] الإزوداجية!!
بأثر من فورة الندية السياسية وخشونتها، كنا قبل "الثورة" الإنقلاب نتوهم العداء في بعض بني وطننا، ولكن الإنقلاب وضعنا مباشرة وغصبا أمام الحقيقة .... فالندية السياسية مهما بلغت حدتها تخلق نوعا من الإلفة، لدى الإنسان السوي، لذلك توقعنا بعد الإنقلاب أن نتحرر سريعا من حمية الندية السياسية لنخترق مسام الجلد التخين للعجوز الأستاذ التجاني الطيب، لنرى هناك إيمانا بقضيته ينتزع التقدير مهما إختلفنا معه، وأن نبصر دون حاجة إلى ميكروسكوب، وطنية مركوزة في الجينات الوراثية للسيد الصادق المهدي لا يستطيع منها فكاكا مهما راح "يهتدي" أو عاد "ينتدي".
ولكن لدهشتنا كانت الإنقاذ تكبر سنا ويقل عقلها، وكنا نخشى من سفه الشيخ الذي لا حلم بعده. ونحن الذين كنا نحسب أنه كلما كبرت سنك السياسية انفتق أفقك ليستوعب أن إختلاف أخيك الإنسان معك ينطلق من إختلاف موقفيكما جغرافيا وزمانيا ونفسيا ليس إلا...
نعم ... الإنقاذ منذ البداية كانت إنقاذين واحدة تمشي بين الناس بالحوار والمجادلة حتى الساعات الأولى من الصباح، حول التحول الديمقراطي اسسه وفرضياته، وأخرى ما فتئت تلهث وراء المرحوم الدكتور عمر نورالدائم، وعندما يرهقها صعودا في سلم علاقات إجتماعات باهظة التكاليف والوقت، تقرر إعتقاله ولا يعجزها تلفيق الأسباب.
إنقاذ رسخت عقيدتها،قبل الإنقلاب وبعده، بوحدانية الخالق ووحدة الإنسان، فهي تسعى بالحوار وراء جون قرنق، وصيف العبور لما يضع أوزاره بعد، إنقاذ لاتصنف الخصوم السياسيين أعداءا، ولا تشرك الأعداء برب العالمين مهما بدا أنهم فوقنا قاهرين، وأخرى تخشى مزاحمة الخصوم السياسيين فلتجئهم إلى حضن الأعداء ثم تشرخ حلوقنا بصراخ العمالة، ليس وطنية منها ولكن لأنهم زاحموها على أبواب الذين يكبرون في نفسها الأمارة بسوء الإستعلاء على أولي القربى!!!
كنا نفرح بحوارات الغنوشي وجورج حبش وشفيق منير وخورشيد أحمد، ونحلم بأن نيران تجربة قبائل اليساريين والقوميين العرب ستلجم غلواء تيارنا الصاعد، ونسعد لرحابة صدر الرئيس عرفات أمام تعنت موسى ابو مرزوق ورفضه 48% من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونستبشر خيرا بالوحدة اليمنية ولا يهمنا غضب "كبار" إقليميين، وسوء قصدهم في تفسير موقفنا من حرب الخليج، فقد صدقت نبؤتنا بخطورة تسليم اللحي للقوة الأمريكية الغاشمة وتسليم العقول للمكر الإنجليزي العتيد، ولم تكن ترهبنا رهبة "كبار" دوليين من إنقلابنا الذي يتحول ثورة تعيد تشكيل العلاقات الإقليمية والفكرية، ولا كنا في حاجة إلى صور الأقمار الصناعية تثبت "تورطنا" في دعم حركات التحرر المجاورة، فالعين بالعين ومنقستو أظلم..
ولكن إنقاذا أخرى كانت "تخم التراب فوق رأسها"، كلما حطت طائرة الرئيس عرفات في مطار الخرطوم، أما إذا أضيف إلى عرفات جورج حبش وأبومرزوق، فلربما كتب متنبئ الإنقاذ مناحة يضاهي بها بنونة بت المك.
السفير الأمريكي وحده تأخر في إكتشاف أن شارع على عبداللطيف أكثر أمنا من شوارع نيروبي التي لا يأمن فيها على موظفيه المحليين من الكينيين دع عنك الأمريكيين منهم، لأن ال CIA تتحدث سواحيلي لدواعي المهنة فقط يتكسب منها بعض نابهة الطبقة الوسطى الأمريكية، الذين قعد بهم ميراث الفقر عن أبواب هارفارد، ولكن العودة إلى الخرطوم ليست كالخروج منها، أما شيفرون التي باعتنا إمتيازها ناقصا المعلومات الفنية المهمة لإستخراج البترول ، فقد كانت في أتم الثقة أنه سيظل كنزا ينتظر عبقريتها التقنية.
أما البريطانيون فقد كانوا أكثر تخلفا في إكتشاف أن المتعجرف ألان قولتي قد كلفهم الكثير حين أساء التقدير وأخرجهم من شبكة التغطية لسنوات غالية، فعاقبوه بدحرجته من مرشح لمنصب مندوب في الأمم المتحدة إلى سفير في تونس يصطاف في حمامامتها الدافئة على الأبيض المتوسط، ويضجره البيات شتاءا هناك.
الإدارة الأمريكية شق عليها حوار الإنقاذ فطفقت تلطم وتخبط "الشفاء" عشواء، ولكنها حين يسكت عنها الغضب تبذل الوسطاء في سبيل الحوار، ولكن إنقاذا أخرى كانت مستعدة لتسليم مفاتيح "بيت المقدس" من أجل العيون الزرق التي ليس في طرفها حور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
بيننا
رباح الصادق حوار سميع وأصم (4-4)
جلاوزة الإنقاذ الحاليون.. مالكم كيف تحكمون؟
أبقينا على مسائل لم نعقّب عليها في ردّ الدكتور وقيع الله علينا وهي: مسألة الجندر.. وكون وقيع الله انتقدته «ذات سوار» فكفّ من غلواء قلمه وإلى أي مدى التزم الدكتور في هذه الفكرة التأصيل الإسلامي؟ متنوعات من رمايات أضافها الدكتور وقيع الله مصداقاً لقولنا إنه في حبه الأبدي للإنقاذ لا يسمع ولا يرى! وقديماً قيل الحب أعمى يقوده مجنون، وقيل: حبك الشيء يعمي ويصم، وهذه المقولة الأخيرة يؤكدها الدكتور وقيع الله! ذات السوار.. ووقيع الله كان خليل فرح قال: عزة ما اشتهت نوم الحجال ولا السوار بكى وفي يمينا جال.. فالسوار يرمز هنا للأغلال، ولست في هذا المقام بذات سوار. ولكن الدكتور وقيع الله في صلف ذكوري ند عن قلمه بلا استحياء من موجة العدل النوعي التي تعم الدنيا، ولا حياء من كونه داعية باسم الاسلام والناس يتهمونه زوراً بالتقليل من شأن النساء، قال: لو غير ذات سوار انتقدتني. فليعلم أنه مأمور وكافة المسلمين بأخذ دينهم من ذات سوار. وهو يتبع ديناً أول من آمنت به ذات سوار، وأول شهيدة فيه ذات سوار، واستمع فيه الرسول لمشورة ذات سوار، فكانت الحديبية الفتح الحقيقي للإسلام، وحينما اختلف الصحابة اتبع بعضهم ذات سوار في واقعة الجمل ومضى يحارب خلفها.. فلا يقللن من قلمنا إن أمسكته يد بسوارها، وكان من منن الله علينا أننا حالما كتبنا تصدى لكتابتنا اثنان من الذكور، ولما أوغلنا تصدى لها أربعة بالتمام والكمال، فليتخذ الدكتور وقيع الله كامل راحته في الرد علينا وليأت بجيش ذكوري معه لو أراد إن في ذلك تمام (كيفنا)!، فسوارنا لا يحطن من شأننا ولا يقللن من ثقتنا في مواجهة قلمه الصلف بذكورته إذ لا يعد الخير ولا الحق ولا الجودة عند الله باللحية ولا بالشارب! رمايات متفرّقة يقول وقيع الله إشارة لأنني لم أعرفه إلا بعد مقابلة الأستاذ صلاح شعيب معه ولم أعرف الأفندي إلا عام 2002م عبر صحيفة الصحافي الدولي: «فهي تبيّن بذلك عن قدرها المتواضع في عالم القراءة والكتابة، ومع ذلك تتخذ من جهلها أداة للتعالي علينا لأنها بنت الأكرمين التي تمنّ علينا إن عرفتنا مع أننا نكتب ونحاضر من قبل أن تولد بزمان طويل». أما أننا لم نعرف الدكتور وقيع الله إلا في حوار الأستاذ صلاح شعيب فهذا حق فليغفر لنا جهلنا به من قبل ولا وقع بأيدينا مما كتب شيئاً حتى ولو كان يكتب بعمرنا، وربما كان ذلك راجعاً كما رأى لقدرنا المتواضع في الإطلاع أو كان لقدره المتواضع (كيفا) في الكتابة ولا أبرئ نفسي من الجهل، أما قوله إننا لم نتعرّف على الأفندي إلا في الصحافي الدولي فتزوير، إذ كنت أحيل القارئ لكتاباتي السابقة حول الدكتور الأفندي عام 2002م، وفي تلك الحلقات التي بلغت خمس تطرقت للتعريف بالدكتور الأفندي وبكتاباته التي هي على غرار (جبل الجليد) كما قلت إذ يظهر في عالمنا العربي والإسلامي جزء يسير منها فقط وغالبيتها باللغة الإنجليزية. فكلامي كان عن تعريفي للقارئ به تفصيلاً ولكتاباته وخطه الإسلامي التنويري ولم يكن تأريخاً لمعرفتي به، وهذا فرق بيّن.. ولا يمكن بحال أن أمنّ على قامة فكرية كالأفندي ولا حتى مجربي الأفكار بالمعرفة، إذ يُنْقِص مني الجهل بهم ولا أدري كيف قفزت للدكتور وقيع الله هذه الفكرة الجهنمية؟ وأشار وقيع الله إلى أنه لم يرد على مقالي تعليقاً على مقابلته الشعيبية تلك، وكان الأجدر به أن يرد لو كان يملك رداً إذ أنني أظهرت أداءه لشهادة زور في حق الصادق حين بنى نقد خطه الديمقراطي كله على كونه يسمح للناس بتقبيل يده، وهذه إحدى مفتريات هذا الوقيع التي لا أول لها ولا آخر. وبمناسبة ذكر الصادق، يقول وقيع الله (والدها)، ولا أجد مسوغاً للرد عليّ بما يعتقده والدي إذ «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ».. ونحن لسنا في حفلة تعارف نحن نكتب على صفحات صحيفة رصينة، فإن شاء قال رئيس الحزب الذي ننتمي له، أو زعيمنا الذي نتبع، لو جاز للتلاميذ توجيه الأساتذة الذين نصبوا أنفسهم قسراً، ولا ضير، إذ التعليم بالمفهوم الحديث عملية تبادلية! وعلى العموم أحب وقيع الله أم لم يحب فقد اختير الصادق من منظمة وطنية باعتباره رجل الديمقراطية في السودان للعام 2006م، واختير في ذات العام ضمن أعظم مائة قائد مسلم في القرن العشرين من خارج الحدود، وبارك له هذا الاختيار كل السودانيين الذين شفيت قلوبهم من المرض حتى من غير مناصريه الحزبيين، ولن أفرغ حبراً أكثر في الدفاع عن الصادق لأن كلمات وقيع الله في حقه مثل نفخ نملة على لهب بغابة لتطفئه، أو تشبيه الإمام المهدي عليه السلام «ناري هذه أوقدها الله وأعدائي حولها كالفراش كلما اقتربوا منها أحرقوا بها وصار أمري فاشياً»! حول الإنقاذ نحن لن نغرق أنفسنا أيضاً في الرد على (عبقرية الإنقاذ) التي تفضّل بشرحها الدكتور وقيع الله، فقد أشار لأرقام الدخل القومي وارتفاعه ولم يكلّف نفسه ببحث الارتفاع الأكبر في الأسعار ليدرك ما نتحدّث عنه من زيادة معاناة الجماهير، ويغفر له أنه لا يأتي بلادنا إلا زائراً فلم يدرك أن أعداد السيارات التي تضاعفت تضاعفت بأكثر منها نسبة العطالة وعدد المتسولين والغارمين في حراسات الشرطة والبائعين أثاثاتهم وكتبهم بل حتى أعراضهم لسد الرمق، فنحن لا ننكر تضاعف عدد المثرين ثراءً فاحشاً من محاسيب الإنقاذ، ولكننا نرجوه ألا يغالطنا في تضخم أكبر لأعداد الفقراء والمساكين والمغبونين وما كانت أحداث الإثنين الأسود في مطلع أغسطس 2005م إلا أحد أوجه ذلك الغبن، كما أشار أهل البصائر والابصار. ولكن هب أن ادعاءات الدكتور القاطن في أقصى العالم وأتانا يسعى قائلاً إن أهل الإنقاذ حققوا الاستقرار فلا تسمعوا بالحديث عن دارفور أو كجبار أو آلاف الجنود الأجانب في أركان البلاد أو عشرات قرارات مجلس الأمن وفق الفصل السابع باعتبار بلادنا تهدد أمن وسلم العالم أو غيرها.. كل ذلك من أراجيف المعارضين الموتورين، هب أننا صدقنا الشاهد الذي لم ير شيئاً هذا، فهل يكون حكم الإنقاذ هو الأجدر بالتأييد بالرغم من أنه له جلاوزة ويخوّف الناس ويعذبهم، بل وأضاف في مقاله الأخير إنه يشتري أقلامهم وإن كان لم يقلها بالحرف إلا أن حديثه حول كتّاب المعارضة المشبوهين «الذين باعوا أقلامهم في كل سوق حتى باعوها أخيراً في سوق الإنقاذ بعد أن تبعوا ويئسوا من المعارضة» يؤكد ذلك. وفي الحقيقة فإن هؤلاء في نظرنا هم الذين أنهكتهم الوقفة مع الحق وضيقت عليهم الإنقاذ فيمن ضيقت، فالتجأوا لسد رمقهم أخيراً بالتكسّب لدى الإنقاذ نفسها فهي تشتري التأييد وتكري الذمم، ويؤكد كلامنا قوله «ولا أستبعد أن يعود الأفندي نفسه ليبيع قلمه في سوق الإنقاذ تماماً كما فعل زملاء له عاصروه بلندن!». وهل تحتاج حكومة الحق والصدق والعدل لمن يبيع لها قلمه؟ ولكن الباطل لجلج! ومن ضمن ما خاض فيه وقيع الله الحديث حول (دعاة النقمة والخراب) في مقابل الإنقاذيين. ويتجاهل أقوال زملاءه في (الحركة الإسلامية) الكثيرة، وأسوق هنا أقوال شاهدين فقط من أهلها كعينة. قال الأستاذ عبد الرحيم عمر محيى الدين بعد رواية أحداث مؤسفة داخل دواوين الدولة وفي ولاية النيل الأبيض: «إن المؤتمر الوطني أصبح لا يفرّق بين فقه الضرورة وفقه الضرر ولا يدرك القاعدة الفقهية (لا ضرر ولا ضرار)». وقال الأستاذ محمد أحمد عثمان في قصيدة طويلة بعنوان (يا ولدي لا تركب معنا) أدان فيها الإنقاذ: الشعبُ تغيّر.. عرف الغثّ وعرف المُنْكر. وكلُ شعارات التهليل.. كانت يا ولدي تضليل. فلماذا يا ولدي لا نخجل؟! ولماذا لا نرحل؟! صرنا يا ولدي نتلوّن مثل الحرباء. صرنا يا ولدي راحِلةً جرباء. صرنا مثل القُنْفذ نتكوَّر. صرنا يا ولدي نَتَبلْور. صرنا نتشظى نتجَّمد نتحجَّر. صرنا يا ولدي نتكرر. وقال: وبعد سقوط (المشروع). وبعد جريرة صمتْ. أصبحنا يا ولدي من فرط العجز.. نخشى حتى رؤية باب الحق. نخرصُ يا ولدي عن قولة حق. نخشى أن نرفُضَ أو نَحْتَّجْ. نخاف الحبسْ: نهاب الأسر. ومن فرط الخوف.. صرنا يا ولدي نسكت من أجل فتات.. نموت أمام الموت مئات المرات. صرنا يا ولدي لا نقرعَ صوت العقل.. لا نعبدُ إلا رأي الفرد.. أما حديث وقيع الله أن الأفندي وجد نقد الأمويين في كتاب الأغاني فإننا نسأله: من الذي كان وراء مؤامرة قتل الحسن بن علي بالسم ألم يكن معاوية بن أبي سفيان؟ ومن الذي ذبح الحسين في كربلاء؟ ألم تكن جحافل ابنه يزيد؟ لو لم يرتكب الأمويون من جرائم سوى قتل سيدي شباب أهل الجنة لكفاهم ذلك تدليلاً على ظلمهم وابتعادهم عن فضيلة العدل: أهم فرائض الإسلام السياسية!! رمتني بدائها وانسلت! يرمي وقيع الله الأفندي بدائه وينسل فيصفه بالسخائم المشتطة وبالعدوانية الفائرة ويشهد الله والقراء من بعده أن هذه الكلمات تنطبق على قلمه هو. كما رمانا بالجهالة وما رمانا به مفرّق في كتاباته، ومن جديد، ينتقد وقيع الله ذكرنا لآية قيلت في حق الكفار، وقد اقتبسنا التشبيه فيها، ويؤولها بأننا تكفيريون، مع أنه وبحسب شهادة الأستاذ معالي أبو شريف فإن الدكتور وقيع الله وزّع إبان المعركة الانتخابية عام 1986م منشوراً ممهوراً بإمضائه كأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية كفتوى (بتكفير الختمية الذين وضعوا أيديهم مع الملاحدة من الشيوعيين والبعثيين والليبراليين من أعضاء حزب الأمة لإسقاط الترابي).. يقول معالي: «وفي ذلك الوقت لم يكن أستاذاً وإنما معيداً بإحدى الكليات فهو هنا كفّر وكذَبَ ودافع عن الترابي بالحق والباطل واستغرب هنا محاولته الابتعاد عنه ووصم خصمه الأفندي بهذه الصفة.. سبحان الله». أما تهمتنا بالتكفير فقد كنا قلنا إن القرآن أورد الآية في وصف (حالة الانفصال بين الشخص وبين ما حوله وفشله في إدراك ما يدور بسبب من عمى الأيديولوجية أو الغرض أو كليهما) اقتباساً لفكرة الشخص الذي تعميه أفكاره ومعتقداته المسبقة وتصمه عن رؤية الحق والاستماع إليه.. فهل يعقل أن يحسب كلامنا هذا على أننا كفّرنا وقيع الله؟! قارئي الكريم.. هل نتحرّك نحن وهذا الكاتب في لغة واحدة ومنطق واحد.. أم أن جلاوزة الإنقاذ الحاليين هؤلاء لن ندرك يوماً كيف يحكمون؟! وعلى العموم لقد أدركنا عبر هذا التبادل لماذا صمت عن الرد الأفندي، وأول الأسباب حسب اعتقادنا أن وقيع الله يرد على نفسه بنفسه لكأنه لا يعي ما يقول، والثاني أنه لا جدوى من محاورته ولا إضافة إذ يظل يلوك كلامه الممرور المتروك.. وربنا قال: «إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ». وليبق ما بيننا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
وما خفي كان أعظم بتاريخ 18-10-1428 هـ القسم: أحاديث فى السياسة والمجتمع /موسى يعقوب على هامش لقاء سرت الحالي في الجماهيرية كان من حظ مراسل صحيفة (الاحداث) السودانية ان يحصل على إفادات وتصريحات من مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني يدور لها الرأس وينفلق الدماغ. ففي الوقت الذي يتهاوى فيه ويتساقط مسؤولو الـ (CIA) في واشنطن وتنفتح نيران جهنم على سجونها السرية في البلاد الاوروبية وتثور ثائرة العالم على معتقل (غوانتنامو) في خليج كوبا يقول السيد مدير الجهاز ـ وبلا مناسبة ـ ان صلات جهازه المتينة بالـ (FBI) والـ (CIA) إضافة الى (البنتاغون) أو وزارة الدفاع الامريكية حالت دون اتخاذ مواقف واجراءات مدمرة ضد السودان ..!! ثم تكر المسبحة ويمضي الحال في ذلك الاتجاه حتى يقر الرجل بالتحفظ على بضع عشرات من غير السياسيين لدواعٍ امنية، حيث يقوم الجهاز ـ هكذا قال ـ بالتعاون مع ائمة ودعاة بما يسهم في تغيير مفاهيم العديد منهم متخذاً من الاجهزة المخابراتية المصرية مرجعاً ونموذجاً في مثل تلك الاحوال. انها تجربة (غوانتاناموهية) سودانية يمكن ان تضاف لسجون الـ (CIA) السرية في بلاد اخرى كثيرة وهي في هذه الحالة كارثة بالغاً ما بلغ مردودها وعائدها. ذك انها تضعنا مع فظائع السياسة المخابراتية الامريكية في مصاف واحد، وذلك ما لا يشرف أي بلد عربي اسلامي او (عالمثالثوي) عانى من سياسة امريكا الخارجية وحروبها الاستباقية التي لم تجلب عليها سوى الخسران المبين، ونحسب ان سودان اليوم الذي مارست عليه امريكا بمعلوماتها الاستخبارية الخاطئة فقصفته بالصواريخ واستهدفته بكل الوان العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية لم يبلغ ما هو عليه اليوم من تقدم واحترام للذات والكرامة الوطنية الا باصراره على ان كل ما لا يقتله يقويه ويشحذ فيه الهمة وليس غيره بحال من الاحوال. ان التعاون والانفتاح على من يستحق امر لا عيب فيه بل مطلوب، بيْد ان طلب السلامة او الاحتماء مما هو مدمر بمقايضة المبادئ والمواقف هو ما يجب البعد والنأي عنه ولو بشئ من الخسارة لا تمر علينا لحظة إلا ونراه يسعى الينا ويقترب منا. فالأمر اكبر مما يمكن دفعه بعلاقة مع اجهزة مذمومة ومقبوحة عند اهلها، غير اننا نخشى ـ وقد قال السيد المدير ما قال وبغير مناسبةـ ان ما خفي كان اعظم ..! اخبار اليوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
طبائع أنصار الاستبداد د. عبد الوهاب الافندي
في حوار دار بيني وبين أحد العلماء الأجلاء الذين أكن لهم الاحترام (رغم صعوبة هذا في الآونة الأخيرة)، أشبعني سماحته لوماً وتقريعاً على نشري لما نشرت حول الوضع في السودان في كتابي "الثورة والإصلاح السياسي في السودان". وكانت حجته في ذلك أن النصيحة لحكام المسلمين يجب أن تكون في السر، لأن التصريح بها يعتبر تشهيراً. واستشهد على ذلك بحوار يروى أنه دار بين عمر بن الخطاب وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما، حين أراد عمر أن يصرح برأيه في حكم شرعي معين في أثناء الحج، فطلب منه عبدالرحمن أن يؤجل ذلك الأمر حتى يعود إلى المدينة. وكانت الحجة أن مثل هذه الأمور لا يجب أن تناقش في محفل عام مثل الحج يغشاه العوام وكل من هب ودب، بل ينبغي أن يكون منبر التداول فيها مقتصراً على وجوه المهاجرين والأنصار في المدينة ومن في حكمهم من أهل العلم والفضل. سألت الشيخ الجليل عن ما هي تحديداً النقاط في كتابي التي كان يرى أنه لا يجوز تناولها في العلن، فاعترف بأنه لم يقرأ الكتاب، واحتج على ذلك بأنه لم يتلقَ مني نسخة كهدية. ولكنه أكد على أن مبدأ نقاش الخلاف في العلن مخالف للإسلام كما أظهرت ذلك نصيحة ابن عوف لعمر وانصياع عمر لها. قلت لصاحبنا إن ابن عوف قد أخطأ رحمه الله إن كان يعني أن انتقاد أخطاء الحكام لا يجب أن تتم في العلن، لأن هذا قد يكون نتيجته اعتقاد الخلف بأن ما ارتكب من خطأ كان صواباً، وأن العلماء الأجلاء قد ارتضوه. وبالفعل فإننا نجد أن بعض متأخري الفقهاء مثل الماوردي قد استخدموا هذا المنطق، كما فعل حين استشهد بتوريث عبدالملك بن مروان الحكم إلى أبنائه في وجود عدد من كبار العلماء والتابعين الذين لم يسجل منهم اعتراض على هذا الأمر، مما يعني أنه لا يخالف الشرع. ولم يضع هؤلاء أي افتراض بأن هؤلاء العلماء ربما يكونون قد اعترضوا في السر، لأن مثل هذا الاعتراض وعدمه واحد. ومن هذا المنطلق فإن الإنكار سراً على جرم يرتكب علناً هو في حكم السكوت عليه، وبالتالي المشاركة في الإثم. وفي قصة أصحاب القرية التي كان أصحابها يعدون في السبت أن الله تعالى حين أهلك العادين ألحق بهم الساكتين عليهم رغم براءتهم من الإثم المباشر، ورفضهم للمشاركة فيه، ولم ينجُ إلا الذين كانوا ينهون عن السوء. هذه المقدمة ضرورية للتذكير بالسبب الذي من أجله اخترنا التصدي لبعض المقولات التي تسعى لإعطاء تبرير ديني لبعض تجاوزات الحكم في السودان وغيره، وتعمد إلى تجييش قراءات ملتوية للتاريخ الإسلامي لهذا الغرض، بينما أعرضنا عن التصدي لما كتب من ترهات وتجريح شخصي تبرع به قوم لا يعلمون. وليس ذلك فقط لأن من يجترحون هذه الأكاذيب يكفوننا المؤونة فيردون على أنفسهم بأنفسهم، كما لاحظت الأستاذة رباح الصادق في تعليقاتها الموفقة (جريدة الصحافة 4 نوفمبر 2007)، ولكن لأن الذي يشغلنا ليس ما تنضح به الأواني مما تحمل، كما لا يشغلنا تسبيحهم بمدح حكام السعودية والسودان وكل جبار عنيد، فهذا أيضاً شأنهم. ولكن ما لا نقبله هو الإساءة للإسلام وتاريخه وتعمد تحريف الدين لتبرير منكر حاضر. وتحضرني هنا حكاية سمعتها من زميل لنا كان من تلاميذ هيكل في جريدة الأهرام قال لنا إن هيكل كان يقول للصحفيين الجدد الذين يلتحقون بالمؤسسة: إنني لا أعبأ بمن لا يكتب أي مساهمة في الصحيفة ولن أسائله، لأن من لا يكتب يحطم نفسه، وهذا شأنه. ولكنني أدخر أشد العقوبة لمن يقدم مساهمات رديئة، لأن مثل هذا الشخص يحطم الأهرام، وهذا ما لا أسمح به. وبنفس القدر فإننا لا نصرف أي وقت في التصدي لمن شاء أن يحترف النفاق ومدح الحكام طمعاً أو خوفاً، أو كما يدعي البعض، لأنه يهوى هذه الممارسة لوجه الله (وهي درجة غريبة من الانحطاط هي في نظري أسوأ من النفاق طمعاً أو رهبة، لأنها تشبه حالة عاهرة تقول إنها تمتهن البغاء حباً في الحرفة لا طلباً للمال). أما حين يتطور النفاق لمرحلة يجيش فيها الدين لغرض تزيين الباطل، فهذا ما يصبح السكوت عنه إثماً. وتشويه التاريخ الإسلامي لأغراض آيديولوجية هي صناعة جديدة قديمة لمحترفي التأويل، ولكنه دائماً يفضح نفسه كتأويل متنطع متهالك. فعلى سبيل المثال فإن الاحتجاج بأن تاريخ الأمويين تم تشويهه من قبل خصومهم لا يحتاج حتى إلى إدانة عمر بن عبدالعزيز لممارسات قومه وقولته المشهورة بأنه لو جاءت كل طائفة بجباريها وجاء الأمويون بالحجاج لكفاهم. فشهادة عمر رضي الله عنه قد تكون مجروحة لأنه قد يصنف "معارضاً" عند هؤلاء للنظام الأموي الراشد. ولكن يكفي فقط أن يقتطف المرء جملة واحدة من خطبة عبدالملك بن مروان المشهورة في حجة عام 75 للهجرة (بعد أن حاصر جنوده بقيادة الحجاج مكة المكرمة التي حرمها الله تعالى وقصفوا الكعبة بالمنجنيق وكفي به إثماً مبيناً) حين قال: "أما بعد، فإني لست بالخليفة المستضعف (في إشارة لعثمان رضي الله عنه) ولست بالخليفة المداهن (الإشارة إلى معاوية) ولا بالخليفة المأفون (يعني يزيدَ)." وهنا فإما أن نقبل إدانة عبدالملك لمؤسسي العهد الأموي، أو نعتبر هذه الإدانة تجريماً له لانحرافه عن نهجهم الميمون. والحقيقة هي أن كلا الخيارين متاح، لأن إدانته لأسلافه بالقول تنسجم مع إدانته لنفسه بالفعل. مهما يكن فإن تزيين باطل الاستبداد بمختلف الذرائع لا يقل إثماً عن جرم الاستبداد دون الأمة بالرأي والسلطان والمال، بل لعله شر منه. فالحاكم المستبد لا يبقى حيث هو إلا بوجود أعوان عليه وكثرة ساكتة عن حقها. وقد أكثر الناس في الكتابة عن طبائع الاستبداد وأشكاله. ولكن هناك مبحث لا يقل أهمية، هو طبائع أنصار الاستبداد من المتملقين والمنتفعين وكثير ممن ألفوا الاستكانة وقعدوا عن طلب حقهم. ومن علامات أنصار الاستبداد استصغار نفسهم أمام أهل السلطان، مهما صغر شأنهم ومكانتهم. أما فكرة الندية، ناهيك عن التسامي، فهي بعيدة كل البعد عن مخيلتهم. ومثل هؤلاء يرون كل وظيفة مغنماً، ويرون الحاكم سيداً متصرفاً في مال الأمة لا خادماً من خدامها. وبخلاف الرعيل الأول من المسلمين الذين يهددون الخليفة بتقويم اعوجاجه بالسيف وينتهرونه ويرفضون طاعته لمجرد اشتباههم في أنه فضل نفسه عليهم بشيء يسير، فإن هؤلاء لا يرون بأساً باستئثار المسؤول بالأمر إذا ألقى إليهم ببعض الفتات. بل إن حال هؤلاء يقصر حتى عن متأخري شعراء العصر العباسي من محترفي مدح الحكام، الذين كانوا لا يقبلون الإهانة حتى من ممدوحيهم الخلفاء، شأن دعبل الخزاعي حين غاضب المأمون فأنشأ يقول: أيسومني المأمون خطة ذلة أو ما رأى بالأمس رأس محمد؟ إني من الملأ الذين سيوفهم قتلت أخاك وشرفتك بمقعد! وللأسف فإن الحركة الإسلامية السودانية شهدت تحولاً بهذا الاتجاه حتى قبل أن تجتاحها جائحة الإنقاذ. وتعود جذور هذه المشكلة كما ذكرنا من قبل إلى نشأة ما أطلقناه عليه "السوبر-تنظيم" داخل الحركة، وهو تحالف بين الجناح العسكري والجهاز المالي فيها على شكل تنظيم سري داخلي غير معروف لغالبية أعضاء الحركة فضلاً عن أن يكون منتخباً من قبلهم كما تقتضي لوائح الحركة. وقد أعطى هذا الوضع لقيادة الحركة سلطة غير خاضعة للمساءلة في التصرف في موارد الحركة. ومن ذلك تعيين الأعضاء المتفرغين وتحديد مخصصاتهم، وترشيح الأعضاء للمنح الدراسية في الخارج أو للوظائف في المؤسسات المالية التي تملكها أو تتحكم فيها الحركة، ثم للوظائف في الدولة في فترة المصالحة مع نظام النميري. من ناحية المبدأ فليس هناك اعتراض على إعطاء مثل هذه الصلاحيات لقيادة منتخبة لولا ثلاثة تحفظات مهمة. التحفظ الأول هو ما يمكن أن تلحقه هذه الممارسات من تشويه في عمل هذه المؤسسات المفترض فيها أن تكون خاضعة لمعايير معينة تحكم عملها. أما الثاني فهو أن القيادة المنتخبة شكلاً أصبحت قناعاً للتنظيم السري الذي تساعد هذه الممارسات في تكريس سلطانه وقبضته على الأمور. أما التحفظ الأخير والأهم فهو أن سريان هذه الممارسة يخلق عقلية وسط الأعضاء أطلقت عليها في وقت سابق "عقلية أحد"، أي الميل إلى التسابق إلى الغنائم والتنافس عليها مع إهمال الواجب المتمثل في النضال الفعال من أجل المبادئ، وليس أقل هذه المبادئ مبدأ محاسبة المسؤولين في قيادة الحركة. ذلك أن هذا الوضع يخلق نوعاً من الفرز يجعل أعضاء القيادة في معظم الأحيان في مقام الموظفين، مما يؤثر على دورهم الرقابي، كما أنه يؤدي إلى إبعاد المنتقدين وتقريب المؤيدين للقيادة بالحق وبالباطل. وغني عن القول فإنه مع قيام نظام الإنقاذ وما تبعه من حل لأجهزة التنظيم الرقابية حتى في دورها الشكلي، وتولي السوبر-تنظيم كل السلطات بدون أي واسطة، فإنه هذا التدهور بلغ غايته. ذلك أن انقلاب الثلاثين من يونيو لم يكن انقلاباً على الدولة فقط، بل أيضاً على الحركة. وكنا قد طالبنا منذ البداية بتصحيح هذا الوضع وإعادة هياكل الحركة إلى الوجود كواجب لا بد منه للتمهيد للمنافسة الديمقراطية المحتومة. فالوضع الاستثنائي الذي خلقته الإنقاذ غير قابل للدوام، كما أن الآمال بإنجاز "هندسة سياسية واجتماعية" تغير وجه المجتمع بالكامل هي من قبيل الأوهام. ولم يكن (ولن يكون) هناك بديل لبناء تنظيم سياسي فاعل قادر على المنافسة في العملية الديمقراطية، لأن الاعتماد على الاستبداد والفساد والإفساد كطريقة للاستمرار في الحكم (بغض النظر عن الاعتراضات الدينية والأخلاقية عليه) هو منهج فاشل لا مستقبل له مهما بدت المظاهر عكس ذلك. من هذا المنطلق فإن أنصار الاستبداد في وادٍ ونحن في وادٍ آخر بعيد حين يجادلون من موقع القبول بهذا الانقلاب المزدوج وعقلية أحد التي لم ترَ في الوضع سوى المسارعة لاقتسام الغنائم، وتعتمد تأليه الزعماء واعتبارهم من أولياء النعمة وأصحاب السمو (والملاحظ أن نفس هذه الفئة هي التي تسارع إلى التزلف إلى أمراء آل سعود وتمتاح عطاياهم). وفي مقابل هؤلاء كانت هناك جماعة ترى أن العمل من أجل الوطن وخدمة قضايا الإسلام هي من الواجب الذي لا ينبغي التعامل معه على أنه باب من أبواب التكسب، ويتعاملون مع القيادات المفترض على أنها كانت منتخبة من قبلهم تعامل الندية، باعتبار الجميع خداماً للشعب وجنوداً للقضية. ونحن في هذا على مذهب دعبل الخزاعي في أننا نحن الذين وضعنا هؤلاء حيث هم، إذ لوجلس البشير ونافع وعلي عثمان في بيوت آبائهم، أو تدثروا بعصبياتهم القبلية أو العسكرية، أو ببطانتهم من المنافقين الذين يتقوون بهم اليوم، لما تمكنوا من تولي رئاسة مجلس بلدي في مناطقهم، فضلاً أن يضعوا أنفسهم حكاماً يتحدثون باسم الأمة. وبنفس القدر فإننا قد فقدنا الثقة فيهم ونريد منهم أن يعودوا من حيث أتوا. فقد يئسنا من صلاحهم وإصلاحهم، فهم لا يفتون تصيب البلاد بسببهم قارعة بما كسبوا، كما أنهم لا ينتصحون لناصح مشفق، ولا يسمعون لآمر بمعروف، كشأن سلفهم عبدالملك بن مروان الذي قال في خطبته التي أشرنا إليها: " ألا وإني لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم وإنكم تحفظوننا أعمال المهاجرين الأولين ولا تعلمون مثل أعمالهم وإنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه." وفي مثل هؤلاء قال الله تعالى: "وإذا قيل له اتقٍ الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد." وكفى بجهنم سعيراً.
الصحافة 13/11/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
المحبوب عبد السلام وحوار المراجعات الكبري الدولة لا تشبه الحركة الاسلامية !! الحريات كانت فكرة مركزية في مشروع الحركة ولكنها تعطلت!! الصراع بين التقليديين والتقدميين الاسلاميين حسم لصالح الترابي مبكرا إستعمال القوات المسلحة أضر بمشروع الحركة الاسلامية الخرطوم: خالد سعد تواصل (إيلاف) ما انقطع من محاولتها فتح ملف أزمة العقل السياسي السوداني، وفتح الملفات المسكوت عنها عند القوى السياسية المختلفة، وتستمر في سبر أغوار ملف الحركة الاسلامية. وتحاور في هذه الحلقة الاستاذ المحبوب عبد السلام أحد ابرز المثقفين في الحركة الإسلامية والذي ظل قريبا لوقت طويل من زعيم الحركة وقائدها الدكتور حسن الترابي، حتى وصف بأنه صدى للترابي من شدة التصاقه بشخصية وافكار الزعيم المثير الجدل. في هذا الحوار يتحدث المحبوب عن تبلور الفكرة الاساسية لمشروع الحركة الاسلامية السياسي، ومراحل تشكله، ويرصد أهم الروافد التي تاثرت بها الحركة من الداخل والخارج، وصراعاتها الداخلية بدء بصراع مجموعة العمل العام والتربية مرورا بصراع التقليديين والتقدميين في الحركة، وكل ذلك قبل قيام الحركة بأهم خطواتها على الاطلاق وهي الوصول الى السلطة في 30 يونيو 1979م. وهنا الجزء الاول من الحوار: # كيف تبلورت الفكرة الأساسية التي نشأت عليها الحركة الاسلامية في السودان؟ الحركة الاسلامية التي تأسست في السودان كانت بعض من حركة صحوة إسلامية واسعة في كثير من أنحاء العالم العربي وفي سائر أنحاء العالم الاخرى، وهي ظاهرة إحياء واحيانا نسميها صحوة وأحيانا نطلق عليها البعث واحيانا النهضة، وهي عودة للإصول لاحياء العناصر التي تصلح للخروج من التخلف ووهدة الحاضر، وبهذا المفهوم هي ظاهرة انسانية وظاهرة إسلامية، فهي حركة صحوة في التاريخ تنشأ من النظر الذي يقارن بين حالة التخلف والوهدة التي تعيش فيها الامة في قرن من القرون وبين ماض الامة مثل العهد الراشد، وما ينبغي عليه أن تكون عليه الامة كما نقرأ ذلك في القران. وهذه مشاعر طبيعية تسير في نفوس الناس وتستجيب الى الواقع. بهذا المعنى نحن في السودان بعض من دورة أول القرن، وبالنسبة لمصر حصل ما يسمى بعصر النهضة العربي ويمكن ان تحسب فيه عدد من الاسماء حتى العلمانيين لكن لابد ان تحسب محمد عبده، جمال الدين الافغاني، ورشيد رضا وجاء حسن البنا ليكون تلميذ لرشيد رضا، وكلهم كانوا يستشعروا المباينة الفظيعة بين واقع العالم الاسلامي المتخلف وبين الحضارة الغربية القوية المستعمرة للعالم الاسلامي والمستبدة بقواتها العسكرية والمتفاخرة بجامعاتها وحكوماتها الديموقراطية، التقدمية كانت عقيدة حتى في الدول الرأسمالية، ولكن في العالم الاسلامي كان الناس ينظرون فيجدون التخلف والزلة والاستعمار، فقامت حركة في مصر وصفها مالك بن نبي ان الفرق بين البنا والافغاني أي ان الاخير كان يدعو الى جامعة سياسية إسلامية تحي الخلافة فيما البنا أسس مجتمع، ومحمد عبده كان يريد إصلاح عبر تغيير المناهج في الازهر. هذا المناخ قطعا كان مؤثرا على السودان تأثر بهذا الحركة من خلال الصحف والكتب والذين درسوا في مصر خاصة في الازهر. وقامت الحركة في السودان في المدارس الثانوية، إذ كانت تستشعر هذه المباينة من تخلف العالم الاسلامي وتقدم العالم الغربي، والاستعمار والزلة من حولنا، لكن كذلك كانت الحركة تستشعر التحدي الذي مثلته قوى اليسار في ذلك الوقت، فقامت حركة في المدارس الثانوية أشبه بالجمعيات الدينية، وتطورت بعد ذلك في جامعة الخرطوم بسبب قضايا سياسية مثل الاستقلال والوحدة مع مصر، كل هذه القضايا انضجت الحركة الإسلامية ولكن قامت منفتحة إذ جاءتها تأثيرات حتى من خارج مصر مثل الباكستان والهند الجزائر، كذلك فالنخبة السودانية كانت شديدة المثابرة في العلم ولديها وعي جيد بما يدور في العالم الخارجي. # هل كان تأثر الحركة بالقضايا الخارجية اكبر من تفاعلها مع الشأن الداخلي؟ لا. فنشأة اول خلايا الحركة الاسلامية في المدارس الثانوية (حنتوب) كان بتأثير مباشر من تأثير المد اليساري وظهور أصوات الماركسيين والقوميين، وعندما جاء الاسلاميين الى الجامعة أصبحوا أكثر وعي بالقضايا الوطنية السودانية، أما من حيث التأثير الخارجي، أسرد لك حادثة حصلت عند صدور أول منشور فكري لأول خلية في الحركة الاسلامية، وكتب المنشور في مدرسة حنتوب بخط اليد، وكان المنشور صفحة من كتاب حياة محمد حسين هيكل، وواضح أنه لم يكن لديهم مصادر فكرية أو ثقافية يأخذوا منها، ولكن لديهم وعي بالتيار العام. أما دخول العنصر الخارجي، فحدث في مرحلة متأخرة من نشأة الحركة التي كان لها جسم كبير نسبيا في الثانويات وجامعة الخرطوم، ولكن كانت هنالك حركة خارج الحركة الاسلامية المعروفة، تدعو الى دستور اسلامي تبناها الشيخ علي طالب الله والشيخ عوض عمر الأمام الشقيق الأكبر للأستاذ يسن عمر الامام، هؤلاء كانوا رافد اخر، ولكن بعد فترة جاء رافد من مصر هم الأخوان المسلمون المصريون وطلاب درسوا في مصر، هذه الروافد الثلاث شكلت الحركة الاسلامية المعاصرة. وعندما تعرض الاخوان المسلمون الى انتكاسة وغبتلاءات بعد إغتيال حسن البنا، واصبح واضحا أن العالم الغربي لا يقبل أمر مشروع إسلامي بسهولة، ويتعرض لكثير من المواجهات، وهذا أعطى درس للحركة الاسلامية في السودان، وهي نفسها تعرضت لهزات، مثلا الامين العام للحركة الرشيد الطاهر رحمه الله كان جزء من إنقلاب الحركة لم تكن على علم به، وحصل انشقاق كبير خرجت منها مجموعة التحرير الاسلامي مثل بابكر كرار وميرغني النصري، هؤلاء كانوا متاثرين بالفكر الاشتراكي، ولكن الاخرين إستمروا وبدأ الفكر الاسلامي الذي تنتجه الحركة الاسلامية في مصر منتظم اكثر مثل رسائل البنا وكتب عبد القادر عودة وسيد قطب دون ان تكف مصادر أخرى باكستانية وهندية وجزائرية. # إذن بدأ التأثير الخارجي على الحركة أكبر في الستينات من القرن الماضي؟ التاثير الخارجي بدأ ينتظم منذ الخمسينات، ولكن لم يحدث أن أصبحت الحركة السودانية بعض من الحركة الاخوانية العربية، بمعنى ان الحركة الاخوانية المصرية وفقا للائحة مكتب الارشاد فالتنظيم له الحق في انشاء فروع في البلاد العربية، ولكن السودان لم يصبح فرعا لتنظيم الاخوان المسلمين كما حصل في بلاد اخرى، كالاردن أو سوريا أو فلسطين. وبالتالي نشأت الحركة الاسلامية في السودان بروافد ثلاث احدهما الداخلي وكان تأثيره قويا. # متى تشكل المشروع السياسي للحركة الاسلامية في السودان؟ بعد ثورة إكتوبر وفترة منتصف الستينات ظهرت لأول مرة مساهمة الحركة الاسلامية السودانية الأصلية في مشروع الاحياء الاسلامي في العالم العربي، وظهرت جبهة الميثاق، ففي مصر ترشح حسن البنا للانتخابات مرتين، ولكن لم يحصل عمل جبهوي حول برنامج، وما حدث في السودان كان بتأثير مباشر من نظام عبود العسكري، ويقول الرواد انه عندما قامت ثورة إكتوبر كانو قد قطعوا شوطا كبير في التفكير بشان التطور النوعي، والتواثق حول برنامج للدستور الاسلامي. # هل أنتج هذا التفكير في هذه المرحلة مشروع إسلامي سياسي؟ صحيح في عهد عبود لم تك الحركة الاسلامية معارضة سياسية كبيرة تهدد النظام، كانت لديهم جريدة إسمها الاخوان المسلمون واوقفت، ولكن في بعد ثورة إكتوبر كان للحركة مشروع إسلامي سياسي ظهر بشكل كبير في فكرة جبهة الميثاق، وإبتدروا فكرة العمل السياسي وإن كان دستور الحركة لم يعدل الا في الثمانينات، وطبعا هي كلها تجارب بالغة الجدة، فكان الهم هو إنشاء تحالف إسلامي متعدد من كافة التيارات، وهو تحالف مركب نوعا ما وفيه ما يشبه التناقضات، لذا نشأ كانت فكرة جبهة الميثاق نواة لعمل سياسي كبير.ونتيجة مباشرة لذلك نشأ الصراع بين الظاهر والباطن، فالحركة أصلا كانت تقوم بنشاطها سريا وداخلي واضطرت لإنشاء كيان علني مثل بقية الاحزاب وكان هو جبهة الميثاق. # ما هو تأثير الصراع بين الباطن والظاهر في الحركة؟ بدأ هذا الصراع بعد عودة الدكتور جعفر شيخ إدريس من الدراسة بالخارج، ومن قبل كان هنالك صراع منذ الخمسينات بين مدرسة العام ومدرسة التربية، كان بعض الناس يؤمن بان تتفاعل الحركة مع المجتمع ونعطي كثير من طاقة الحركة للمجتمع لكن كان اخرين يرون بضرورة تربية العضو تربية خاصة وهو اثر من تاثيرات الجماعات الاسلامية في باكستان، مثل حفظ القران كاملا ومجلدات الحديث لذلك ظلت عضوية الجماعات الاسلامية في نطاق محدودة جدا تسكن حي واحد في اسلام أباد، وعندما جاء الدكتور جعفر شيخ ادريس وكان أستاذ فلسفة بخلفية سلفية، لكنه بعد ان سافر للدراسة في بريطانيا أصبحت فيه عناصر كثيرة من الفكر المنفتح، ولكنه عندما جاء الى السودان كان قد فاتته ثورة إكتوبر وهو طبعا تاريخيا متقدم على حسن الترابي، وبعد عودته وجد الترابي نجم قومي على مستوى السودان وحاز على اعلى اصوات الخريجين يناطح المحجوب والأزهري وأصبح ظاهرة سودانية، وكانت هذه مسألة كبيرة على شخص جعفر شيخ إدريس كان يعتقد أنه يجب أن يكون الترابي خلفه، فأثار قضية انه يجب أن لا يكون رئيس جبهة الميثاق والأمين العام للأخوان المسلمين شخص واحد، ويذكر الناس في ذاك الوقت أنه كان يصرح للصحفيين في الجمعية التأسيسية ولا يترك كل الامور للترابي، وكانت هذه بداية الصراع بين الباطن والظاهر. # هل هو نفسه الصراع بين التقليديين في الحركة وما يمكن أن نصفهم بالحداثيين أو الذين درسوا في الخارج من أعضاء الحركة؟ الصراع بدا بين مدرسة العمل العام والتربية، وكان هنالك صراع مجموعة بابكر كرار وبقية الحركة ولم يكن إسم الترابي ظاهرا بشكل بارز في هذا الصراع، ولكن إسم الترابي ظهر في صراع منتصف الستينات ولم يكن صراع ذو تعبيراته فكرية تقديمية واخرى تقليدية، ولكن كانت هناك عناصر مثل على عبد الله يعقوب الذي أسس منظمة الشباب الوطني في مقابل إتحاد الشباب السوداني، وجاءت هذه المنظمة بمواهب كبيرة احدثت ظاهرة داخل جبهة الميثاق احدثت إنزعاجا داخل الحركة التي اعتادت العمل المغلق والتقليدي، ولكن التجديد الذي احدثه الترابي بدأ في السبعينات، ولكن قضية المرأة بدأها الترابي في الخمسينات في محاضرة قدمها في الابيض وأصلها بعد ذلك في رسالة المرأة، وقامت المؤتمرات التنظيمية نتيجة للصراع بين مجموعة العمل العام والتربية، وحسمت الحركة الصراع لصالح الترابي ووحدت له الحركة وأصبح قائدا للاخوان وقائدا للجبهة، وبعده مباشرة خرجت مجموعة جعفر شيخ ادريس وكونت تنظيم سري خاص بها ولكن جاء انقلاب 1969 وأعتقلوا جميعا، وصوب الشيوعيين وفرضوا الحصار والاضطهاد على الحركة الاسلامية، وحينئذ كانت القضايا اكبر من عمل عام وقضية تربية. وبالتالي لم يك هنالك صراع بين الذين درسوا في الخارج أو التقدميين وبين ما يسمون بالتقليديين، لذا أنا ضربت مثالا بالدكتور جعفر شيخ ادريس الذي درس بالخارج. ولكن الصراع الشخصي مع الترابي دفعه للبحث عن أردية فكرية تقليدية أخرى. # إذن متى بدأ هذا الصراع؟ الصراع كان موجود، ولكنه نضج بعد رسالة المراة للترابي في 1975م، وبرزت أصوات كبيرة وكثيرة تكفر الدكتور الترابي، وعندما خرج الترابي في المصالحة جاءت بقية اراء الترابي، وفي هذه الفترة سادت (بحبوحة في الفكر) بالحركة الاسلامية غير معهودة في حركات الاسلام الأخرى، وجاءت عناصر للحركة تعمل في مجال الفنون والاداب والاقتصاد والسياسة، كلها كانت عناصر تجديد تثير أسئلة واعتراضات، وعندما خرج السيد صادق عبد الله عبد الماجد كان هنالك بيان فكري تحدث عن فتاوي الترابي واخذوا فروعا من اصل من محاضرة القاها الترابي، مثل حديث الترابي وزواج الكتابي من المسلمة والردة، المناخ الفكري نفسه كان خصب اثيرت كثيرة من الاسئلة والاجوبة واحدثت زلزلة في أصحاب التفيكر التقليدي. ولكن تبلور صراع داخل المعتقلات، تبنته العناصر الأصغر في الحركة الذين اعتقلوا من جامعة الخرطوم وام درمان الاسلامية وجامعة القاهرة، وتأسس فكر جديد كان من رواده أمين حسن عمر وحافظ جمعه سهل رحمه الله وأسماء اخرى مثل سيد الخطيب مثلوا تيار منفتح جدا لا يشبه صورة الاخ المسلم التقليدي، وهذا المظهر التجيدي بدأ في المعتقل، وتصدوا لهذا الفكر عناصر تقليدية جاؤوا من خلفيات دينية تقليدية من المعهد العملي ودرسوا في الجامعة الاسلامية ولكن هذا لا يعني ان كل من تخرج من الجامعة الاسلامية تصدى لهذا الفكر فمنهم من دعم تيار التجديد، كذلك تصدى لهذا الفكر التجديدي من جاؤوا من السعودية مثل عصام احمد البشير الذي كان كثيرا ما يثير هذه المساءل بشدة لاراء الترابي التجديدية، ويقول ان الترابي يريد ان يشكك في السنة وغيرها، وقاد ذلك لانشقاق تنظيمي، وأستفاد المنشقون من ألق صادق عبد الله عبد الماجد داخل الحركة رغم أنه شخص لا يشبه المدرسة التقليدية في تفكيره وسلوكه، وكانت له اراء حادة ضد النميري، ثم جاء من الكويت بعد المصالحة لكنه كان يضمر موقفا حادا من النميري ضد النميري ويرى ان لا تكون الحركة جزء من النميري، كما كان له شديد الإخلاص للحركة الام في مصر فهو درس هناك والتقى الشيخ سيد قطب وتأثر به كثيرا. # متى تبلور مشروع الحركة السلامية بشكل واضح؟ تبلور في فترة السبعينات كمشروع مؤسس على فكر استراتيجي ينظم مسيرة الحركة استراتيجيا وهذا الذي ادي للتغيير في إنقلاب 1969م، فهم درسوا الواقع السوداني ورأوا فيه كثير من الفراغ وأن الحركة يمكن ان تنجح لملأ هذا الفراغ وإستلام السلطة، وأصلا الفكرة كتبت متكاملة في المعتقل في منتصف السبعينات وحدثت فيها مراجعة شاملة، مثلا بعد إكتوبر كان الترابي ان المناخ غير ملاءم لإستلام السلطة ولكن اخرين كانوا يظنوا ان الموضة في العالم من حولنا هو الانقلابات وتتقدم المؤسسة العسكرية ولابد من التهيأ لها بتنظيم خلايا عسكرية، الترابي كان يرفض ذلك ويذكر لك أنه دخل المعتقل عام 1969 قبل رئيس الوزراء وقبل وزير الدفاع وكأنما كان الانقلاب ذو الصبغة القومية يصوب أسهمه نحو الاسلاميين بشكل اساسي في برنامجه ومنذ ذاك الحين بدأ التفكير يتجه نحو أن الاسلام لن يأتي بالطوع اي بالانتخابات أو الاقتراع، قد يأتي بثورة شعبية ولكن يجب أن يكون مسنودا بالمؤسسة العسكرية، وتطورت الحركة في مجال العمل العسكري الاستخباراتي، وبالطبع يتذكر الناس اننا كنا في الجبهة الوطنية التي حاربت النميري، في يوليو 1976 واعطانا ذلك خبرة عملية في العمل العسكري والأمني. # ما الذي جاء بمشروع الحركة في 89 أهو التيار التجديدي أم تيار التقليديين؟ أي حركة تتأثر وفق ظروف نشأتها، فالحركة نشأت في الجامعات والمعاهد والمدارس والموظفين، بمعنى إنها كانت حركة نخبوية وصفوية، لكن كان لابد ان تتحول الحركة الى جذور المجتمع أي تحويل الحركة الى حركة جماهيرية في القطاعات الرعوية والزراعية والصناعية، وظهر ذلك في الجبهة القومية الاسلامية، ويبدو أن ذلك سارع في أن تفكر الحركة في تنفيذ مشروعها الاستراتيجي، لكن التفكير المتسق مع نظم الحركة واجراءاتها وتفكيرها كان هو الوصول الى السلطة عبر الانتخابات، لكن كما قلت لك إذا حدث فراغ يملأه التنظيم الأقوى وهو الجيش، وفي ظل حكومة الصادق المهدي كانت هنالك فراغات كثيرة، ونحن اصبحنا التنظيم الاقوى من الدولة، وقويت عندنا أجهزة الامن والمعلومات، وهذه أجهزة سلطوية بحكم تربيتها وتفكيرها، وكانت هذه الأجهزة تريد المسارعة لإستلام السلطة. لذلك كان تيار مكاتب المعلومات والمكاتب الخاصة هو الاعلى في قيادة الحركة نحو الوصول الى السلطة. # الان بعد 17 عاما من حكم الاسلاميين، هل تعتقد ان الحركة الاسلامية كانت لديها مبررات كافية للانقضاض على نظام ديموقراطي؟ المبرر الاكبر كان هو أن الاسلام لن يصل للسلطة عبر صناديق الاقتراع، لكن اخر ما حدث في الظاهر هو مذكرة للجيش تتحدث عن مطالب، وباطنا كانوا يتحدوث عن ضرورة إبعاد الجبهة الاسلامية من الحكومة حتى ينصلح حال البلاد الاقتصادي وتحسين علاقات السودان الخارجية، خاصة وأن الجيش كان يتعرض لهزائم متتالية. لذلك ثاروا ضد الجبهة وكانت هذه اخر عبرة في أن الاسلام لن يصل الى السلطة عبر صندوق الاقتراع. لكن الان وبعد 17 عاما، نقول أن أستعمال القوات المسلحة في السياسة مضر جدا لمشروع الحركة الأسلامية في المجال الفكري قبل المجال السياسي. # هل كان قرار الإنقلاب العسكري قرار سياسي أم قرار العسكرييين في الحركة؟ كل الحركة كانت تخطط وتقود وتنفذ مشروع الانقلاب العسكري في عام 1969م. # هل إكتمل المشروع السياسي بعد الوصول الى السلطة؟ بل بدأ منذ ذلك الحين، لكن صحيح ان أصوله وملامحه كانت موجودة، فالشورى كانت تمارس بشكل واسع في التنظيم الاسلامي، كان تنظيم لا مركزيا حقيقيا منذ منتصف السبعينات، كان لأمناء التنظيم في الولايات سلطات أصيلة غير مفوضة، كنا نريد لهذا أن يحدث في حكمنا السودان، كنا نريد أن نقيم حكم إتحادي فيدرالي حقيقي في السودان، كان ذلك خطوة كبيرة جدا، ولكن فشلنا بالطبع في مسألة الحريات والشورى. # لماذا فشلتم؟ لان الدولة لا تشبه الحركة، الدولة تحدياتها كبيرة أكبر من قدرات الحركة، فالحركة أصبحت كشخص يريد أن يبسط يديه ليحيط بالجدار ويظل الجدار أكبر منه، ونحن نقول انه عندما جئنا للسلطة كان لدينا في الحركة عشرات الخبراء والمختصين والخريجين ومد شعبي ضخم، ما من حزب وصل للسلطة كان لديه مثل هذا التاييد الشهبي مثل ما حصل مع الحركة الاسلامية بعد 1989م، هذا السند الشعبي أمام مشكلات السودان كان يحتاج منا لعودة سريعه للشعب وأشراك واسع للشعب، وبدل من أعتقاله وتكميمه كان يجب أن ن نبسط اليه الحريات والسلطات، هذه عبرتنا الان في المؤتمر الشعبي، فنحن إذا قدر لنا الفوز في انتخابات سنعطي اغلب المقاعد لأحزاب اخرى حتى وإن كانت معارضة أو أوزانها صغيرة، وان نشترك جميعا في حكم السودان. بالطبع المعارضة من جانبها كانت لها معنا قصة، فمنذ الحكومة الانتقالية كان هنالك نزاع شديد بيننا وكانوا يسموننا السدنة، وعندما جئنا في الإنقاذ هم في نظرهم نحن عدونا على حكمهم، وهم في نظرنا كانوا الذين منعونا من المشاركة العادلة في السلطة، فكان بيننا حدة شديدية، كانوا يريدون إسقاط الانقاذ في خمسة عشر يوما وكنا نحن نريد أن نقمعهم نهائيا ونخرجهم من الساحة، وهو للاسف ما حدث. # هل ساهمت كل الحركة في هذا الاتجاه؟ تقريبا كل الحركة، فعندما طرح موضوع الانقلاب للتصويت صوت كل أعضاء هيئة الشورى ما عدا صوت أو صوتين من اربعين صوت. # هل أخطأت الحركة في بداية مشروعها السياسي في السلطة بتصويب أسهم العداء للغرب؟ فيما يتعلق بالسياسة الخارجية نجحت الانقاذ في إخفاء هوية الانقلاب الحقيقية وهي الهوية الإسلامية، وكسبوا تأييد مصر التي جلبت تأييد كل العالم العربي، وأما بقية العالم فقد كان قد تطور الى كره الانقلابات وتحفظ ازاء الانقلاب في السودان، وبعد حوالي عام إنكشف أمر طبيعة الانقلاب عقب إعلان التشريعات الاسلامية والدعوة للدفاع الشعبي، إذن فالعالم الغربي أصبح لا يحتاج لمبادرته العداء فهو الذي بادر الانقاذ بالعداء، رغم أن الانقاذ بذلت مجهود كبير جدا - سرا وجهرا- لتلطيف علاقتها مع العالم الخارجي، لكن العالم كان يعرف أن هذا مشروع اسلامي وخطر عليه في المنطقة. # ما صحة زعم بعض الاسلاميين بأن مشروع الحركة السياسي أختطف من قبل بعض اعضاءا بعد الوصول الى السلطة؟ انا لا أستعمل كلمة إختطاف، الذي حدث هو ان كثير من الاخوة التي تبوأت مناصب عليا في الدولة لم يك لها وعي بالبرنامج الاسلامي، وكان هؤلاء يتعتقدون أن المشروع الاسلامي هو فقط أن تحكم الشخصيات التي تنتمي للحركة السلامية، أما أن يكون هنالك برنامج حريات عامة وفيدرالية حقيقية وقسمة موارد وسلطات بين الشمال والجنوب وسياسة خارجية، كل هذه المساءل لم يكونوا على وعي بها، ولذلك عندما شعروا ان موضوع الحريات سيجلب تحدي اليموقراطية، حينئذ ستتعرض مواقع العسكريين والذين تخرجوا من مكاتب المعلومات الخاصة بالحركة، الى خلخلة. وكانوا يقولون(الدنيا بألف خير) لماذا نعرض هذا النظام المستقر والمحبوب شعبيا الى كل هذه الخلخلة، وكان واضحا أن هؤلاء لم يقرأوا جيدا مسيرة العالم والاطراف كانت تنضج، والترابي عندما دعاهم الى الحكم الاتحادي قال لهم حتى لا يتفجر السودان، فمظالم الهامش بدات منذ الخمسينات وبدأت تنظج خلال حكم الانقاذ، فكان لابد من تحقيق مطالب الهامش والاطراف، والعالم الخارجي نفسه كان يدعو الى الديموقراطية والحريات وحماية حقوق الانسان. # هل الحريات كانت تمثل فكرة مركزية في مشروع الحركة الاسلامية؟ بل هي فكرة مركزية، بمعني أنه عندما قام الترابي بتجديد أصول الفقه كان العمق في ذلك هو موضوع التوحيد، والإنسان إذا لم يكن حرا لا يمكن أن يعبد الله سبحانه وتعالى، فإذا خير الانسان بين الحرية والوحدة سيختار الإنسان الحرية، فكانت هذه فكرة مركزية، ولكن السؤال هو لماذا تعطلت فكرة الحريات في الحركة السلامية، هذا هو السؤال المشروع، فالتنظيم نفسه كانت به حريات ضخمة، أولا فالترابي أخذ إسم المرشد العام والقى به جانبا وأسماه الامين العام وعمل مكتب تنفيذي وشورى، لكن عندما إنتقلنا الى السلطة لم تنقل بكل هذه المفاهيم. # كيف يمكن توصيف ما حدث للحركة وهي في السلطة، هل هو إنشقاق سياسي ام هو فكري؟ هو إنشقاق حول قضايا فكرية سياسية، مثل قضية الحريات العامة، فعندما جئنا لدستور 1998م، كان الشهيد الزبير ومعه ثلة كبيرة في الهيئة القيادية بما فيها الرئيس صوتت بأن يكتب في الدستور أن هنالك حزب واحد هو المؤتمر الوطني، الترابي كان يقول: لا يمكن بعد ألف عام نكتب دستور إسلامي دستور نحتكر فيه الجرية لحزب واحد، ماذا نقول لأعضاء الحركات الاسلامية الموجودة في السجون والمضطهدة من الأنظمة الديكتاتورية، لكن الترابي هزم في الهيئة القيادية، وابلغ اعضاء الهيئة القيادية انه أذا أختارت الشورى العامة خياركم فإنه سيستقيل من الامانة العامة.وقال لهم مكثتم في السلطة عشرة سنين الان يجب ان تختبروا أنفسكم، فإذا لم ياتيكم شيطان من الخارج، سيجئكم الشيطان من الداخل يشتتكم. # هل كان للحركة الاسلامية رؤية واضحة حول وحدة السودان؟ نجن وقعنا ميثاق السودان 1987م وهو تأسيس العلاقة في السودان على المواطنة وليس على الدين ولم نكتب في الدستور أن من السودان دولة إسلامية او رئيس الجمهورية يجب ان يدين بالاسلام، والفكرة تطورت في إتفاقية فرانكفورت مع الحركة الشعبية وهي أن المواطنة تقوم بالحرية والطوع، فإذا كان هنالك إقليم يرى انه ليس بعض من السودان ويريد حق تقرير مصيره لا احد يستطيع منعه منذ لك، وهو تطور سياسي وفكري ولكنه مكلف نفسيا، لأن الوطن الذي تسلمناه واحدا من الأجداد نريد تعريضه للتقسيم بالاستفتاء، طبعا اول الانقاذ لم يكن تحدي وحدة السودان مطروح بشدة، لكن الان حتى في دارفور ترتفع اصوات تنادي بالاستقلال، كنا نظن اننا في دارفور أغلبية من العضوية ومن المؤيدين من خارج العضوية، كنا نظن قطعا سنكسب وحدة الجنوب، والاقاليم الاخرى مطمئنين من جهتها، ولكن وعينا لم يك كافي بأن وحدة السودان لا تتم الا بالاستماع الى مظالم الاطراف، مثلا مأساة جبال النوبة، كنا نظن أن دعاية معادية من الغرب، ولكن الحقيقة كانت هنالك مظالم، حتى داخل الحركة الاسلامية كانت هنالك تفرقة عنصرية اخرجت شخص مثل بولاد، وكان ينبغي ان نقرأ الدروس، لكن حتى الان يعتقد الناس في الوسط ومنهم المثقفين ان الحديث عن ماسي دارفور هو من تصوير العداء الغربي. في الجزء الثاني من الحوار الذي ينشر الاسبوع المقبل: المحبوب عبد السلام يتحدث عن: بديل الترابي و(أولاد امدرمان) في الحركة الإسلامية !! ويقول: أهل الغرب جاؤوا للمؤتمر الشعبي بسبب قضية الحكم الاتحادي ويراهن: جميع أعضاء الحركة في الحكومة يؤيدون الشعبي فقط تمنعهم المصالح الاقتصادية والاجتماعية
في الجزء الثاني من حوار المحبوب عبد السلام لست محبطا ولكن أخشى على السودان من سيناريو الفوضى!! الإسلاميون أخطأوا في تأسيس الحركة على شخصية الترابي كلنا في الحركة الاسلامية نتحمل مسؤلية أزمة دارفور (أولاد أمدرمان) قادوا تيار التجديد وأنحاز غالبيتهم للمؤتمر الشعبي!! الخرطوم: خالد سعد تحاول إيلاف في في الجزء الثاني من الحوار المطول مع الاستاذ المحبوب عبد السلام، التعرف أكثر الى رؤيته حول عدد من قضايا السودان السياسية والفكرية، وتقرأ معه رؤية حزب المرتمر الشعبي للقضايا الانية، ومشكلات الحزب، كما تتحدث اليه عن القضية المثيرة للجدل والمتعلقة ببديل الترابي في المرحلة المقبلة، ورغم أن المحبوب نأى من الحديث عن شخصيات بعينها تستعد لخلافة الدكتور الترابي في زعامته لحزب المؤتمر الشعبي، الا انه كشف ان الترابي راغب بشدة في مغادرة موقعه في قيادة الحزب من اجل التفرغ لاعماله الفكرية، ولكنه قال ان قيادات كثيرة في الحزب ترى ان يتسمر الترابي الى حين إجراء الانتخابات المرتقبة لأهمية رمزية الرجل في هذه المرحلة. وتحدث المحبوب هذه المرة عن قراءته لمستقبل السودان، وعبرعن خشيته من وقوع السودان في فوضى كبيرة، داعيا القوى السياسية كافة الى ما أسماها منصة التأسيس لأنقاذ البلاد من التقسيم وإبعاد حزب المؤتمر الوطني من الانفراد بالسلطة. واعترف المحبوب بأن حزبه يواجه مشاكل تنظيمية ومالية، ولكنه أرجع كل ذلك للظروف التي أنشأ فيها الحزب، موضحا أن إبتعاده عن القيام بأعباء تنظيمية محددة داخل الحزب ليس إحباطا من أوضاع حزبه ولكن لظروف عملية متعلقة ببقاء خارج السودان للدراسة. وتاليا نص الحوار: # أنتم الان في المؤتمر الشعبي كأنكم تعيدون أخطاء الماضي، فهنالك حديث عن سيطرة جهوية محددة على حزبكم؟ أصلا الحزب إنشق لسببين الاول حول الحريات العامة، والثاني قضية الحكم الاتحادي، فكان طبيعيا أن يخرج الذين كان سينصفهم الحكم الاتحادي الى المؤتمر الشعبي، فجاء كثير من أهل الغرب وأصلا كانوا كثيرين في الحركة الإسلامية، كذلك كل أهل الشرق من الإسلاميين الى الحزب. # ولكن البعض يرى أن من جاؤوا اليكم يريدون إستخدام الحزب كأداة لتنفيذ أجندتهم الجهوية؟ بالضرورة أن يعوا أن الحزب يدعو للحريات والحكم اللامركزي في الثروة والسلطة، كذلك فإن الحزب لم تتاح له فرصة لينمو ككيان طبيعي، بل تعرض أعضاءه للسجن ودوره وصحفه للمصادرة، والحقيقة أن كافة أعضاء الحركة الاسلامية مع برنامج حزب المؤتمر الشعبي فقط تمنعهم علاقات سياسية ومناصب ومصالح إقتصادية ومصالح إجتماعية.لكن الطلاب مثلا ليس لديهم مثل هذه المصالح وكذلك قطاع النساء، لذلك هؤلاء هم جاؤوا الى المؤتمر الشعبي. # هل لدى المؤتمر الشعبي برنامج سياسي واضح الان، وما هي أبرز ملامحه؟ نعم، لدينا البرنامج العام للحزب وفيه كافة التفاصيل، ولكننا منذ اليوم الاول واجهتنا قضية عدم القبول من القوى السياسية المعارضة التي حملتنا مسؤولية العشر سنوات الماضية، ولم يصدقونا وأعتبرونا جزء من النظام مهما ادعينا اننا أنشققنا عن النظام لأهداف ومبادئ، ولكنهم في الواقع صدقونا بعد أن دخلنا معهم السجون وعندما أكدنا على برنامجنا الذي يدعو الى المشاركة واحترام الاخر وليس إستئصاله كما كان في السابق، كما أننا نؤمن بقضايا الحريات وقضاياه الفكرية، وقد حصل تغيير في قضايا تجديد الفقه السلامي والتعامل مع التراث الاسلامي. طبعا الحزب أيضا لديه مشاكله التنظيمية ولديه مشاكل المال في بلد اصبحت أنشطة الحياة مكلفة للغاية. # ما هي رؤية حزبكم لقضية الوجود الاجنبي الجديد بدارفور وإنفصال الجنوب وغيرها من القضايا التي تشغل الساحة الان؟ طبعا كل هذه الاحداث أعراض للمرض وهو إحتكار السلطة لحزب واحد والانفراد بالسلطة، نحن دعونا منذ مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية عام 2001 الى العودة لمنصة التاسيس بمشاركة كل القوى السياسية لتقرر في مستقبل السودان، فإذا أردنا تقسيم السلطة وتقسيم الثروة نقوم بذلك في وقت واحد لكل أهل السودان، وبعد نيفاشا كان الرئيس يقول ان الحكومة ستطبق نيفاشا على كل السودان، ولكن ما هو المعيار السكان ام مساحة الاقليم؟ دارفور مثلا اكبر من الجنوب مساحة، وسكانها اكثر من سكان الجنوب، إذن نمنحها اكثر من 28% في السلطة واكثر من 51% من البترول، ولكن وقعنا في مأزق ان الكيكية لا تقسم مرتين، للأسف بعد كل هذه التجربة لابد ان نعود الى منصة تأسيس السودان بالمشاركة، فعندما ذهب غازي ووقع ميشاكوس لم يفوضه اهل السودان جميعا، كذلك عندما ذهب علي عثمان لتوقيع نيفاشا لم يكن معه يستطيع أن يواجه رئيس الوفد برأي أو بنقاش حول موضوع، فهم بحكم موقعهم السياسي او الفكري صغار، رغم ان كانت بالمؤتمر الوطني عناصر أخرى يمكن أن تصوغ إتفاقية افضل من تلك التي وقعت في نيفاشا، ونائب الرئيس كان حريصا على ان يأخذ الملف من غازي صلاح الدين حتى يستعمل هذا الملف في تجيير علاقته مع العالم وهذه كلها أعراض لمرض التمسك بالسلطة. # الم تكن ازمة دارفور نتيجة مباشرة لإنشقاق الاسلاميين؟ لم يكن من الضروري أن تحدث مأساة فقد كان تمرد محدود، صحيح دارفور هي جزء من أزمة نتحمل مسؤوليتها جميعا، فالحركة الاسلامية كانت قوية في دارفور، وقوة الحركة كانت تساعد على ان تظل دارفور متماسكة، لكن الفوضى ارتدت الينا والظلم إرتد الينا، وعندما كانت الحركة الاسلامية واحدة كنا متماسكين، خليل إبراهيم نفسه كان وزير صحة وقال ان اهله يموتون بالامراض وهو يدافع عن الحكومة لأنها حكومة الحركة الاسلامية، ولكن الحقيقة ان حركة العدل والمساواة لم تكن هي المشكلة الوحيدة فقد قامت حركة عبد الواحد ومني قبل حركة العدل، وساهم في تفاقم الازمة رد الفعل العنيف للحكومة لانهم ظنوا ان حركة العدل هي المؤتمر الشعبي، وظن ت الحكومة ان ما حدث في رواندا لم يعلم العالم درس المسأة الانسانية. # ما هي قراءتك لمستقبل السودان القريب بعد إجراء الانتخابات؟ أولا لأول مرة المس لدى المواطن العادي توجس من ان السودان مقبل على الفوضى كثير من الناس لديهم هذا الشعوور، يمكن ان يحدث ذلك، لا ادري بالضبط ما الذي سيحدث بعد نزول 26 الف جندي في دارفور، هل سيحصل كما حدث في جنوب العراق بأن تكون دارفور منطقة مغلقة لمدة عشر سنوات؟ طبعا هم اذا دخلوا لن يخرجوا، وقد كان مطلب أحزاب المعارضة الرئيسي عندما التقوا اعضاء مجلس الامن في الخرطوم هي تحديد موعد رئيسي لخروج القوات الدولية. لكن في القرار 1769 سكت الغرب عن ذلك. ثانيا، لا ادرى .. هل ستجرى إنتخابات في دارفور أم انها لن تجرى؟، إذا قامت إنتخابات والحكومة بهذه الحالة فإن الحكومة يحتمل أن تزور الانتخابات، والغرب لن يرضى بذلك فقد صدم الغرب من ابوسانجو لانه زور الانتخابات، لكن ايضا الموجدوين الان في الحكومة يخشون أن يقدموا الى المحاكم الدولية ويعتقدون أن التامين الوحيد هو السلطة لذلك لن يتخلوا عنها في الانتخابات. # وماهو السيناريو المقابل لذلك؟ أن تتوحد القوى السياسية لاسقاط المؤتمر الوطني، نحن جبهتنا الداخلية مفككة، الدول الكبار كلها ترى أنه لابد من انتخابات، كذلك إذا ركزت قوى دارفور على اجراء الانتخابات فأن العالم سيتجاوب معها وإذا تمسكت القوى السياسية خاصة الحركة الشعبية بوجود مراقبين دوليين لأن الحكومة لا تخاف الا من العالم الخارجي. # معروف ان لديك علاقاتك مميزة بقيادات الحركة الشعبية، كيف يبدو المزاج الجنوبي بشأن نظرته نحو قضية الوحدة والانفصال؟ هم يتحدثوا أن للشمال دور كبير للوحدة، ولابد من دعم عربي لتنمية الجنوب، وللاسف هذا الوعي غير موجدود في المؤتمر الوطني او الدول العربية، وموجدود بشكل اكبر لدى القوى السياسية الاخرى، الحركة ايضا تتحدث عن وحدة واصرت عليها، الوحدويون اغلبهم هجر البلاد، لكن لحسن الحظ الامين العام للحركة فاقان أموم وحدوي صميم رغم كل شئ، وهنالك عناصر وحدوية اخرى في الحركة مثل الهادي الرشيد، مالك عقار ياسر عرمان عبد العزيز الحلو ومنصور خالد ، وهذا التيار إنسحب، فقد بعثر ذهاب الزعيم جون قرنق الحركة الشعبية، ولكن عندي أمل في عودة هذه العناصر لكي تعيد تحالفها مع الوحدويين. # لماذا فشلت الحركة الإسلامية في ايجاد بديل لزعامة الترابي؟ بسبب البيئة السودانية نفسها، فالترابي شخصية غير طبيعية في التاريخ الانساني، فهو شخصية تأتي مرة واحدة كل ألف عام أو كل مائة عام، بأفكار جديدة وأصياة، الترابي شخصية إستثنائية بكل المعايير، ولديه كاريزما غير عادية، وأصبحت اراءه سياسة عليا للحركة، لكن البيئة في السودان لا تساعد في ظهور مدارس فكرية تحدث حركة نشطة في أفكار الترابي، للأسف نحن لم نطور افكار الترابي ولكننا ظللنا نكررها، وهي لكي تتطور تحتاج الى نقاش. # غياب مثل الترابي.. الا يؤثر على الحركة خاصة وأن الترابي يعتبر رمز لكافة الاسلاميين؟ لدينا عبرة قريبة هي تأثيرات وفاة زعيم الحركة الشعبية جون قرنق على الحركة الشعبية مثلا، إذن بالتأكيد يؤثر غياب شخصية مثل الترابي ولكن الخطأ هو تأسيس حركة على شخصية حتى وإن كان هذا الشخص لديه افكار رئيسية وأصيلة لا تتكرر، لكن لابد للحركة من أن تتفاعل معها، والامر كله متعلق كما قلت بالبيئة السودانية الغير خصبة لانتاج مفكرين وعلماء، مثلا بعد وفاة عبد الله من تحسب في السودان عالم في اللغة العربية.رغم ان فرص البحث ووسائله متاحة وفعالة. ما يتعلق بالمستقبل القريب والبعيد انا أرى انه سيحدث تفاعل كبير مع أفكار الترابي وستخرج مدارس جديدة.وهذه نتيجة دائما تترتب على الحكم العسكري منذ سقوط الخلافة الراشدة، لأن الديكتاتورية العسكرية تعتمد تيار في الفكر أشد التيارات محافظة وتقليدية وتحاصر التيارات الاخرى التي فيها خصوبة فكرية، أنظر الى التاريخ الاسلامي مفكر كالجاحظ لم يتقدم كثيرا ومفكر مثل بن خلدون ليس في التيار الرئيسي مثل الشافعي او مالك بن حنبل. فيما يتعلق بخلافة الترابي فإن رأيه الشخصي هو أن يذهب ويترك الامانة العام لشخص اخر ولكن كثير من قيادات الحركة يقولون أن تستمر هذه القيادة على الاقل حتى الانتخابات القادمة لرمزية الترابي واهمية زعامته في هذه الفترة، ولكن بشكل عام فإن قضية القيادات ذات الكاريزما الشخصية اصبحت غير موجودة في العالم، مثلا الان ما هو الفرق بين توني بلير وغوردن براون، حتى ساركوزي فاز في تيار اليمين على حساب دوفيلبان ذو الشخصية الكاريزما. # لماذا يبقى المحبوب خارج السودان؟ لأسباب عملية، فلدي دراسة اعمل عليها فإذا اكتملت اعود الى السودان. # مالذي يستفيده الحزب من وجود كوادر مهمة في الخارج مثل المحبوب والدكتور علي الحاج؟ لابد لأي حزب أن يكون لديه عناصر في الخارج، لتقوية إتصالاته الحزب الخارجية، كل هؤلاء الموجودين في المؤتمر الوطني الان لن يجدوا سبيل لاستثمار علاقاتهم بعد خروجهم من السلطة.. انا كنت صحفي اكتب في مجلات خارجية اوصلتني الى اوساط كثيرة مع اهل البلد الاصليين من الاوربيين واستثمرت هذه العلاقات الان، لكن التحدي امامي كبير لأننهم يعتقدون ان الحزب يطرح رؤى أصولية، لابد ان ابزل جهود اكبر أن القيم الاسلامية هي القيم الفطرية التي يتجه اليها العالم الان، اما الدكتور علي الحاج فلديه اسباب موضوعية شخصية حيث يعتقد أن كان هنالك مشروع اسلامي اقسم عليه هالناس ولكن القسم حنث به وهو لايريد ان يكون يقسم ويحنث مثل بني اسرائيل وهذا موقف موضوعي كما ان بقاءه في الخارج يفيد حزب المؤتمر الشعبي. # لماذا ترفض القيام بأعباء تنظيمية؟ فقط لأني غير مقيم في السودان. # يبدو انك محبط؟ هذا غير صحيح، أنا عندما أعود الى السودان أكون لدي نشاط يومي، ولكن اعرف جيدا انه ليس محبذا ان تظهر كل يوم في وسائل الاعلام كما يفعل البعض في المؤتمر الوطني، فهذا يبغض الناس ولا يحببهم، ولكن بحكم تجربتي الطويلة في العمل السياسي لا اتشاءم ولا اركن للكسل. # هل مايزال المحبوب صدى للدكتور حسن الترابي؟ الناس يعرفونني كإعلامي أكتب بشخصية مختلفة ولغة مختلفة، لكن كثير من العناصر التي كانت بالقرب من الترابي انحازت للجانب الاخر وكثير منهم الان يتبنون أفكار الترابي حتى عصام أحمد البشير الان يتحدث عن الوسطية ويدعو الى جواز زواج المسلمة من كتابي. # لماذا لجأ الترابي مؤخرا الى إصدار الفتاوي الاسلامية بدلا من تقديم الافكار السياسية التي عرفت بجرأتها؟ الترابي فيه شخصية المفكر والسياسي، الذين يكرهونه في السياسة يقولون أنه أسوأ سياسي واحسن مفكر إسلامي، وفيه جانب فكر كبيرة ولديه نظرية متكاملة تظهر منها فروع في الاراء وهو لايحب ان يسميها فتاوي، وهذه الاراء لابد ان تقدم الان لانها نضجت في نصف قرن، لكن الجديد أن هذه الافكار لاول مرة تتبلور حولها مدرسة حقيقية. # (اولاد امدرمان) من الاسلاميين من هم؟ وهل يشكلون تيار لوحدهم داخل الحركة الاسلامية؟ هو لم يكن تيارا، كانوا مجموعة من الاصدقاء(الشلة) جمعتهم العلاقات الاجتماعية في الاساس قبل العلاقة التنظيمية او السياسية، وعندما حدث الانشقاق غالبهم كان مبدأي في مواقفه وانحاز للمؤتمر الشعبي. أعتقد فيما يتعلق بالسياسة فأولاد امدرمان لم تكن لديهم مخاوف فقد كان لديهم تأمين ضد مظاهر السلطة ومظاهر الثراء فهذه امور لا تدهشهم ليس مثل اخرين. وبالمناسبة فقد قرأت دراسة طريفة لتركيبة نظام صدام حسين، حيث قالت الدراسة ان أهم أسباب الفساد في نظام صدام السابق كان هو التفكير في هم المنزل هذا الهم ليس عندنا غالبهم ليس لديهم هذا الهم. فيما يتعلق بالتجديد فإن غالب ابناء امدرمان من اعضاء الحركة الاسلامية مثلو التجديد سالبا أم موجبا ، كما أن لديهم شفرة يتعاملون بها.ولديهم زيهم المختلف وجودهم مع بعض داخل الحركة أثار عديد من الاشياء. وأم درمان وجودها مركزي ليس لانها افضل مدينة ولكنها مدينة حضرية من قبل خمسين عاما ونشانا في بيئة افضل من بقية السودان وكنا محظوظين أن نشأنا في هذه البيئة. # هل صحيح أن امدرمان مدينة مصنوعة؟ انا درست علم الاجتماع ولم اجد هذا المصطلح، وكلمة مصنوعة هي ليست اساءة، الجامعة مثلا مصنوعة لانه تنشأ بطريقة منظمة، يدخلها الناس ويخرجون منها، ولكني اظن أن الاخ عبد الله حمدنالله الذي قال هذا الحديث يقصد أن دور الثورة المهدية في إنشاء مدينة أم درمان، ولكن مصطلح مدينة غير مصنوعة غير معروف ولا يعني انها مدينة مزيفة وعبد الله حمدنالله نفسه يقول أنه يحب امدرمان. # أين أنت الان من أبناء جيلك؟ إذا كنت قد ظللت في المؤتمر الوطني كان سيكون لدي المناصب، ولكني لم اكن حريصا على ذلك، كنت حريص على دور فكري، أنا أتفق مع المفكر الالماني ماكس فيبر أن الانسان لا استرزق من السياسة، إذا استرزقنا من السياسة سنخلق طبقة من المتعطلين والمتبطلين كما حدث من عدد في الدول، فإذا استرزقت من السياسة سيكون ذلك على حساب مواقفي ومبادئ، انا بعيدا عن المناصب لا تخيفني التهديدات التي تخص الرزق والحياة والمعيشة.
*هذا حوار اجرته جريدة ايلاف السودانيه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
لو غير ذات سوار انتقدتني (2)
اعتذار الأفندي .. هل يقبل منه؟! د. محمد وقيع الله [email protected] لم تفهم رباح عبارة ذات سوار التي جعلناها عنوان المقال. واستعانت على فهمها بأقرب مصدر بين يديها ولم يعنها، وهو ديوان خليل فرح. والمعنى الذي تناوله عبقرينا العظيم من اللفظ هوغير ما تعنيه العبارة بهذا التركيب، وهذه العبارة هي عنوان لقصة قديمة أوردها كتاب (الأمالي) لأبي علي القالي. وإذا رجعت رباح إلى هذا الكتاب، فستتحسن لغتها المفككة، كما ستستبين المنطق، وتعلم أن القصة تدور حول شهامة الفارس العربي، الذي يرفق بذات السوار، ولو كانت من أُولاتِ (الكِجار) ، لأنها في الأصل ضعيفة في فن الحوار. وهكذا قال الله تعالى:" أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ " . . فهذه هي جلية الأمر في العبارة، وننتقل منها إلى سواها، لنرى ضعف حجج رباح في الجدال وسوء مرافعتها عن الأفندي الذي آثر أن يتستر وراءها.
التأويل والتقويل:
لقد كنت اتهمت رباح كما اتهمت هذا الذي يتستر وراءها، بنحْلي أقوالا لم أقلها، فماذا كان ردها غير القويم؟! قالت رباح:" ليس صحيحا أنني تقولت على وقيع الله، كما ليس صحيحا أن الأفندي تقوّل عليه وللأفندي كما لنا مطلق الحرية في فهم كلمات وقيع الله بالمعنى الذي نراه تأويلا".. أي أن لهما الحق كل الحق في أن يفسرا كلامي كما يروق لهما. وفي هذا النص خطأ مزدوج. فقد كذبت رباح أولا عندما زعمت أنها لم تكذب علي, وهي قد كذبت عندما قالت إن المفكر الإسلامي ما:" عليه بحسب الأخ محمد وقيع الله سوى أن يقدّم نفسه للتمام وأن تصرف له بدلة عسكرية (كما فعل الكثيرون حقيقة لا مجازاً) ثم ينتظر أن تصرف له الأوامر من الجيش والأمن عن كيفية التفكير وموضوع التفكير. فالمفكر بحسب وقيع الله يجب أن يكتب بالأوامر، ويصل إلى نتائح تفكيره بالأوامر" .. وهذا مزيج من عبارات الأفندي وعبارات رباح حيث أعان بعضهما بعضا على صياغة هذا الإفك. والقول الذي قالاه عني لم أقله، ولم أقل أي قول يشبهه ، قد رددت على الفرية في الحلقة الماضية من المقال، ولكن رباح ما تزال تماري في هذا المدى، وعليها ان تعترف بلا مزيد مكابرة أنها قد كذبت علي، مثلما اعترف الأفندي بصمته وهروبه من الموضوع بأنه قد كذب علي.
وأما الوجهة الثانية من خطأ رباح فهو قولها بمبدأ (التأويل الحر) الذي استفادته رباح من قراءتها غير المرشدة للكتاب اليساريين المصريين المتمردين على أحكام القرآن من أمثال حامد نصر أبو زيد وغيره من أرباب الضلالة المناورين على القرآن الكريم، فهم الذين أشاعوا في الوسط فتنة التأويل الحر للقرآن الكريم بغية أن يحرفوا معانيه ويقولوه ما شاؤوا من الأباطيل.
ولرباح أقول: إنك لا تملكين الحق في ان تفهمي كلامي كما تشائين، بل يجب عليك ان تفهميه على ظواهره، وعلى معانيه المباشر، الذي تدل عليها ألفاظه العربية الواضحة، وأن تفهميه كما أردته أنا، لا كما توحي إليك أفكارك المِراض. وكلامي الذي قلته كلام واضح لا يحتاج إلى أدنى تأويل. والنصوص عادة تفهم على ظواهرها، ولا تؤول إلا إذا جاءت القرائن القوية تدل على ان الظاهر غير مراد منها. فالتأويل لا يلجأ إليه الناس إذن إلا استثناء. ومعناه الاصطلاحي:" حمل اللفظ على المعني المجازي، أو الاستعمال الكنائي، بينما التفسير قصر اللفظ على معناه الحقيقي". والمعنى التأويلي هو معنى احتمالي دائما وغير مقطوع به، ولا يلجأ إليه القارئ الحصيف إذا كان النص الذي بين يديه ذاتي الوضوح، فالإسراف في التأويل تعنت وهذر من قبيلة اليساريين الفكرية وما كان يجوز لرباح ان تلج فيه، وأخشى ما أخشى إن استهواها ولجَّت فيه، أن تلج به الى عوالم الهندسة التي تتخصص فيها، فتقوم بتأويل نظرياتها ومعادلاتها ومقولاتها كما تشاء تماما مثلما أولت أقوالي كما تشاء!
لماذا ترد رباح على نص لم تقرأه ؟!
ولأن رباح – وكذلك الأفندي- لا يملك أي منهما نصا يدينني به. فلذلك يلجآن إلى التأويل المنكر. وهاهي رباح تقر بذلك. فبدلا من ان تعترف بأنها قد تقولت علي، إذا بها تتنطع أكثر وتقول إني أؤول كلامك كما أريد ( بمعنى أن لي الحق أن أقوِّلك ما أريد) !! وإذن فما هو النص الذي قلته أنا، وأولته أنت هذا التأويل البعيد؟! أرني هذا النص أولا حتى أحاكمك على صحة تأويلك من بطلانه. ولكن حتى هذا فإنك لا تملكينه، إنك لا تملكين النص الذي تأولين!!!
وأما لنص الآخر الذي زعمت أني كفرت به الختمية، فإنك باعترافك لم تطلعي عليه،
والشخص الذي قلت إن اسمه معالي ابو الشريف ، وهو الشخص الذي رويت عنه فانه كان قد حدثك بما رويت عنه فقد كذب عليك كذبا أبلق. فأنا لم اكفر احدا من الختمية على الإطلاق، وهم اهلي وعشيرتي فكيف أكفرهم، والذي حدث أني حذرتهم من الانسياق وراء دعاوى الشيوعيين والبعثيين القائلة بعدم صلاحية الشريعة الإسلامية، وشرحت لهم نصوص القرآن التي تتحدث عن حكم من يرفض حكم الله، وهي نصوص محكمة معروفة. وقد كذب عليك أبو المعالي هذا ان كان قد حدثك بأني قد ذيلت النصيحة بغير اللقب العلمي الذي اتخذه لنفسي، واحبه حبا جما وهو لقب (خادم العلم الشريف بجامعة ام درمان الإسلامية). فأنا خادم للعلم سواء كنت معيدا أو بروفسورا. وقد كذب عليك المعالي هذا ان كان قد حدثك باني كنت معيدا في الجامعة آنذاك، فقد كنت محاضرا احمل درجة الماجستير، واحاضر في معظم الصفوف الدراسية، وقمت بتدريس اكثر من 90% من طلاب الجامعة وطالباتها. هذا ولم تكن هذه الوظائف، ولا هذه الدرجات العلمية، مما يزدهيني في يوم من الأيام. ولم اكتب يوما من الأيام أني احمل هذا اللقب العلمي او ذاك ، ويشهد على ذلك محررو الصحف والمجلات الذين يتلقون مقالاتي ويضيفون إليها تفضلا منهم اللقب العلمي الذي احمله ولا افتخر به ولا اعتز به ولا أراه غيرني في شيئ!
وعودا إلى رواية هذا الشخص بالمعالي، فلا ادري كيف اجزت لنفسك ان تردي على نص لم تطلعي عليه؟! فهذا سلوك مستهجن، وسلوك غريب غاية الغرابة، وليس له من علاقة من أي جانب بأي أدب من آداب الكتابة، وهو سلوك يتنافى مع ناحية أخرى مع توجيهات ديننا الحنيف الذي يأمرنا بالتبيُّن إزاء الخبر الذي يأتي به الفاسق .
ولفائدة رباح والمعالي هذا أقول إن لفظ الفاسق في سياق هذه الآية الكريمة لا يعني المعنى الذي يتبادر إلى ذهنيهما ابتداء، وانما يعني الراوي المرجف، غير المتثبت، الذي يلفق الأخبار ويزورها كما يشاء!
القراءة بعين واحدة:
وكما تهوى رباح التأويل، وتصغي إلى تلفيقات قول الزور، فهي تهوى القراءة بعين واحدة. ومثال ذلك أنها كانت قد وعظتنا بمقاطع كثيرة من رسالة ابن تيمية الشهيرة عن (الحسبة)، تحدث فيها عن أهمية عدل الحكام مع الرعية، وضرورة نصح الرعية للحكام، ولا شك أن ما وعظتنا رباح به في هذه الناحية أمر طيب للغاية، ولكن ما بالها لم تقرأ لابن تيمية في الرسالة عينها قوله الذي وازن به قوله السابق، حيث دعا إلى الصبر على جور الحكام فقال: " كان من العلم والعدل المأمور به الصبر على ظلم الأئمة وجورهم، كما هو من أصول أهل السنة والجماعة، وكما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المشهورة عنه لما قال: " إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض". وقال: "من رأي من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه". إلى أمثال ذلك. وقال: "أدوا إليهم الذي لهم، واسألوا الله الذي لكم". ونُهوا عن قتالهم ما صلوا؛ وذلك لأن معهم أصل الدين المقصود، وهو توحيد الله وعبادته، ومعهم حسنات، وتركُ سيئات كثيرة. وأما ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ، أو غير سائغ ، فلا يجوز أن يزال، لما فيه من ظلم وجور، كما هو عادة أكثر النفوس تزيل الشر بما هو شر منه، وتزيل العدوان بما هو أعدي منه، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم، فيصبر عليه كما يصبر عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على ظلم المأمور والمنهى في مواضع كثيرة، كقوله: "وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ على مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" وقوله: "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ" وقوله: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا". وهذا عام في ولاة الأمور وفي الرعية، إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، فعليهم أن يصبروا على ما أصيبوا به في ذات الله، كما يصبر المجاهدون على ما يصاب من أنفسهم وأموالهم".
فهذا القول البصير المعتدل الحكيم المسؤول الذي جاد به إمام فحول المتقين ابن تيمية – كما وصفه الشوكاني– لم تره العين الأخرى لرباح، ولذلك لم تعظنا به. ونحن لنا قدوة حسنة في ابن تيمية، إذ أوذينا من أعوان السوء من زعانفة الإنقاذ، ومن قبل البؤر الأمنية المنحلة الفالتة من سلطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ولكنا اعتصمنا بوصايا ابن تيمية وسيرته، فهو لم ينخلع عن طاعة الحكام ولم ينقلب عليهم، لمجرد أن بعض (جلاوزتهم وسفهائهم وبؤرهم الأمنية المنحلة) قد جاروا عليه وسجنوه. ولم يحافظ ابن تيمية على ولائه للحكام وطاعته لهم وحسب ( ويحافظ بالتالي على الاستقرار السياسي) ، وإنما قاتل في صفوف حكام الإسلام أعداء الإسلام في موقعة (شقحب)، ولم يقاتل حكام الإسلام من صفوف الكفار كما فعلت الأحزاب السودانية الفاجرة في حربها على نظام الإنقاذ الإسلامي، حيث لم يتورع بعض أقطاب المعارضة الفجار من أن يطيروا في طائرة مادلين أولبرايت ويدلونها على عورات المسلمين ويحالفوا في هذا المسعى كل من له حقد مبين على هذا الدين!
أين الأفندي من سقراط ؟!
لقد كان ابن تيمية يحافظ على مبدأ (الاستقرار السياسي) وعلى أمن بلاد الإسلام، وعلى أصول الدين الحنيف. وقد كان مثل ابن تيمية من استشهد بهما الافندي، والأفندي من كليهما براء، وهما سقراط وأحمد بن حنبل. وقد كلاهما كانا من ابطال الفكر الإنساني العظام، وكلاهما أوذي من قبل النظام السياسي الذي عاش في ظله، ولكنه صبر على الظلم، ولم يتمرد على النظام السياسي، ولم يدع الى تقويضه. لقد اتهم سقراط بالدعوة الى توحيد الإله، وحوكم بموجب النظام القضائي الديمقراطي الأثيني، وقبل بالحكم الذي صدر عليه راضيا، واعترض على محاولة تلاميذه تهريبه من السجن، بحجة انه لا يريد ان يعارض أو يقوض الحكم الديمقراطي الذي حاكمه بالإعدام!
وأما أحمد بن حنبل فقد اضطهده المأمون وصحبه المعتزلة بسبب رأيه الصائب في توحيد الصفات، وقد تمسك ابن حنبل برأيه القويم، وتحمل العذاب الأليم، وظل مع ذلك يدعو في صلاته للمأمون بما أنه خليفة للمسلمين، وبما أنه كان يحارب الغزاة الطغاة الروم، وهنأه يوم انتصر عليهم في يوم (عمورية) الخالد. ولم ينتهز فرصة تلك الحرب وأجواء الأزمة الخانقة التي كانت تلف بلاد الإسلام، لكي يحرض الروم على المسلمين، مثلما فعلت بعد ذلك بعض أوساط المعارضة السودانية التي دعت كل من هب ودب لكي يغزو أو يقصف بلاد السودان. ومثلما يدعو الأفندي الآن في المؤتمرات المشبوهة إلى تقويض حكم الإنقاذ، و(لمعلومية) الأفندي أقول له إن بيدي الآن ورقة بحثية تآمرية خطيرة بقلمك، تتحدث عن فيها سيناريوهات تحطيم الإنقاذ، قدمتها لأحد الجهات البحثية، التي تعتمد عليها الجهات الغربية في صنع قرراتها المعادية للسودان. وهذه الورقة قد بعث إلي بها قبل أسابيع أكاديمي بريطاني ساخط على صنيع الأفندي هذا، وليس لي بهذا الأكاديمي البريطاني ولا له بي أدنى معرفة شخصية، غير أنه قرأ نقدي للأفندي، فأراد أن يعزز حججي ضده بهذا البحث. هذا وربما استعرضت مفاصل هذا البحث المشبوه مع القراء - ان شاؤوا - ذات يوم من الأيام.
ولهذا أقول إن الأفندي شخص بعيد جدا في خصائصه عن سقراط. وليست له كرامة ابن حنبل بالتأكيد، وبتطاوله علي استحق مني هذا النقد. وعلى نفسها جنت براقش كما يقولون. وليس صحيحا ما زعمته رباح من أني أتجنى على الافندي. فمما لا يدل على نباهة رباح حديثها في هذا المدى عن مناهج النقد الفني التي بمقتضاها يـ:" توقع البعض أن يكون الرد على كل صاحب رأي في حدود أفكاره، وحول هذه الفكرة التي تمثلها في مدارس النقد الفني فكرة (موت المؤلف) والانصراف عن خلفيته وأثرها في كتابته" .. فما الذي أدخل مدارس النقد الفني هنا ؟! إننا نحن لا نتحدث لا في المسرح ولا في الرواية ولا في الشعر ولا في الفولكلور ولا في مسائل النقد الادبي ولا أي شيئ من هذا القبيل. إنما نحن في إطار جدل سياسي لا علاقة له بالفن من قريب أو بعيد. ولا توجد مدرسة نقدية فكرية في العالم تمنع من التعرض لشخص المؤلف. فالمؤلف هو فكرته ذاتها، وهو الأسلوب الذي عرضت به الفكرة على الناس، وهو الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عما قال.
ولنفرض أن ما قالته رباح صحيح وأن الكُتَّاب ينبغي ألا يتعرض بعضهم لسيرة بعض، فلماذا صمتت إذن عن الأفندي عندما نزل بكل تبجحه، ووقاحته، وافترائه، وكذبه، ليكتب عني؟! وغضبت الغضب كله عندما رددت عليه؟! أهي الأخرى تقرأ بعين واحدة مثله أم هي صفة الكيل بمكيالين المعهودة عند رباح وعند رهطها من السياسيين المحترفين؟!
اعتذار الأفندي:
لقد صمتت رباح عن الأفندي وعدوانه لأنها ترجو أن ينضم إلى رهطها عن قريب، وراهنت عليه رهانا شديدا، وسعت في استتابته لتمنحه صك غفران، ولكن على شرط شرطته، وهو ان يعلن اعتذاره عن قيامه بخدمة الانقاذ. وهنا طالبته رباح باعتذار لم تطالب به شيعتها وابيها. حيث لم يعتذر أفراد شيعتها- أولا- عن اخذهم التعويضات بدون وجه حق، ولم يعتذروا - ثانيا- عن عدم ارجاعهم لتلك التعويضات كما وعد الصادق في خطابه في الجمعية التاسيسية في تلك الايام. ولا شك ان لرباح قدوة في هذا الشأن في أبيها الذي طالب قبل فترة قصيرة الشماليين بأن يعتذروا للجنوبيين، فلما سأله سائل أن يعتذر هو رفض رفضا باتا، فمثله لا يعتذر، وأتباعه أكلة التعويضات بغير وجه حق لا يعتذرون، والمطلوب من الغير فقط ان يعتذروا عما يراه هو، وتراه رباح من خطأ القول والفعل!!
ومهما يكن فقد اضطر الافندي اخيرا ليقدم اعتذارا عن اشتراكه في اعمال الانقاذ. ولكنه لم يقدمه استجابة لطلب رباح، وإنما – وهذا الأرجح- بسبب الضغط الساحق الذي مارسناه عليه. وهو اعتذار غير مقبول، لأنه اعتذار غير أخلاقي، وغير نبيل، فالمرء ذو الحس الأخلاقي العالي يتطوع بالاعتذار فور اكتشافه لخطئه ولا يماطل ويتهرب إلى أن يقابل بمثل ما قابلناه به من الضغط السحيق.
وحتى في هذه الحالة فإن الافندي قد دس اعتذاره على استحياء في سياق القول وهو يتحدث عن أخطاء الإنقاذ فقال:" والتي نستغفر الله من وزر المساهمة في سيء أعمالها". وقد ظن أن هذا يكفي لكي يمسح كل تقاريره الإعلامية المضللة للإذاعة البريطانية وغيرها من أجهزة الإعلام. وظن أنه باعتذاره هذا قد أرضى أقطاب المعارضة ونجا من سخطهم القديم عليه، وفي الحقيقة فإنه لا يدري كم فتح على نفسه من ابواب الاستحقاق، فكل من كذب عليه الافندي في الماضي – وهو ما يزال يكذب!- يستحق اعتذارا خاصا منه، وكل من قام الافندي بالتمويه على قضيته يستحق اعتذارا شخصيا منه، وبعد ذلك يبقى من حق الشخص المجنى عليه أن يقبل اعتذار الأفندي او يرده على وجهه.
المقال المهذب:
هذا وقد لاحظ القراء أن الافندي قد صاغ مقاله الاعتذاري التنازلي الاخير بلهجة في غاية التهذيب. ولكن هذا ما لا يعفيه من المساءلة الحادة لأنه إن كان باستطاعته ان يكتب بمثل هذا الأدب الشديد، فلماذا أسأء القالَةَ في مقاله الأول الذي جلب عليه كل هذا البلاء؟! هذا ولا يدعونا تنازل الافندي واستسلامه لأن نغض النظر عن فساد تبريره لتعاونه مع الانقاذ حين قال:" ومن هذا المنطلق تعاونا مع الحكومة الحالية على أساس مبادئ وأهداف مشتركة عمادها أولاً دفع الضرر الذي كان يحيق باستقرار بل وجود الوطن حينها، ثم محاولة إيجاد صيغة توافقية تخرج البلاد من أزمتها". وإذا صدقنا هذا الزعم من الأفندي فإن السؤال الذي لابد ان نوجهه إليه هو: هل تم اكتشافك لعدم جدوى التعاون مع الانقاذ على أساس مبادئ وأهداف مشتركة - بمحض الصدفة!- يوم انتهت فترة خدمتك، واستلمت آخر شيكاتك من سفارة السودان بلندن، أم أن إنهاء وزارة الخارجية السودانية لخدمتك معها ورفضها للمساومة معك، كان هو سبب اكتشافك لفساد الانقاذ، وتخليك عن خدمتها، والتفرغ من ثم لمهمة نقدها بالحق وبالبهتان، وهما عندك سيان؟!
عودة إلى التطرف والتكفير:
ونترك شأن الأفندي لنعود لشأن رباح، فهي ما تزال تتجرأ على النصوص القرآنية وتنتتزعها من سياقاتها انتزاعا منكرا وتبترها كيف تشاء. وتعترف رباح بذلك عندما تبرر خطأها هذا قائلة:" أما تهمتنا بالتكفير فقد كنا قلنا إن القرآن أورد الآية في وصف (حالة الانفصال بين الشخص وبين ما حوله وفشله في إدراك ما يدور بسبب من عمى الأيديولوجية أو الغرض أو كليهما) اقتباسا لفكرة الشخص الذي تعميه أفكاره ومعتقداته المسبقة وتصمه عن رؤية الحق والاستماع إليه. فالكفار منعتهم معتقداتهم بآلهتهم عن الإيمان بالله وصموا وعموا عن كلام الرسل، ووقيع الله منعته معتقداته الأيديولوجية من رؤية باطل الإنقاذ وصم وعمي عن كل نصح أمين ومنه نصح الأفندي له!" . وقولها هذا إنما هو من قبيل تحريف الكلم عن مواضعه، فالقرآن لم يقل ذلك القول للتعبير عن حالة الانفصال بين الشخص وبين ما حوله وفشله في إدراك ما يدور بسبب من عمى الأيديولوجية أو الغرض أو كليهما كما زعمت رباح، فمن أين أتت رباح بهذا التفسير (أو التأويل)؟!! وقد كنا نصحناها من قبل بألا تستشهد بالقرآن الكريم إلا بعد أن تراجع مفسرا – غير أبيها- ليبين لها وجه التفسير. وهذه الآية بالذات لها معنى محدد أوردناه في الحلقة الماضية نقلا عن شيخ المفسرين الإمام الطبري، فهل نترك قول الطبري لنقبل قول رباح؟! أم ماذا ؟! وإننا إن قبلنا قول رباح في تفسير الآية (أو تأويلها!!) فلابد أن نبيح لكل من هب ودب، أن يستخدم هذه الآية لوصم من يخالفه في الرأي قائلا إنه: "كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ"، وهذا لعمر الحق عبث أي عبث بجلال قدر القرآن الكريم!!!
لقد أخطأت رباح هنا خطأ بليغا بانزلاقها في حِمى التكفير، وعليها أن ترعوي عنه، كما أن عليها أن تستجيب لتوجيهاتنا لها بالبعد عن هذا الحمى الوخيم، لأنها عادت واستشهدت في خاتمة مقالها الأخير بآية أخرى استشهادا معيبا، وهي الآية القائلة:" إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ" وتمام الآية الذيذ لم تورده رباح هو:" والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون".
ويقول الإمام الطبري في تفسير الآية ( لا تأويلها كما يحلو لرباح!!):" يقول الله تعالى ذِكرُه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يكبرنّ عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربهم والإقرار بنبوّتك، فإنه لا يستجيب لدعائك إلى ما تدعوه إليه من ذلك إلا الذين فتح الله أسماعهم للإصغاء إلى الحقّ وسهَّل لهم اتباع الرشد، دون من ختم الله على سمعه فلا يفقه من دعائك إياه إلى الله وإلى اتباع الحقّ إلا ما تفقه الأنعام من أصوات رعاتها، فهم كما وصفهم به الله تعالى: صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ. والمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ يقول: والكفار يبعثهم الله مع الموتى، فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتا ولا يعقلون دعاء ولا يفقهون قولاً، إذ كانوا لا يتدبرون حجج الله ولا يعتبرون آياته ولا يتذكرون فينزجرون عما هم عليه من تكذيب رسل الله وخلافهم" .. فهاهي رباح تعود مرة ثانية لوصف من يختلف معها في الرأي بما وصف به القرآن الكفار .. فهل تظن رباح أن قولها في (بيننا)هو من قول الله تعالى، وأن من يختلف معها في تلك الزاوية القلمية يختلف مع الله تعالى؟!
لقد كنا نظن أن هذا المنطق الطائفي العيي يستخدم (حصريا) مع الأميين وأشباه الأميين، ولكن ها نحن نراه يستخدم في الصحف السيارة مع جمهرة القراء المتعلمين المثقفين!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
الصحافة 18/11/2007 من النافذة يا أيها الإسلاميون.. اتحدوا أحمد ابو الحسن محمد كلما قرأت مقالاً للحاج وراق أو الدكتور حيدر إبراهيم أو مؤمن الغالي وخالد فضل وخامستهم امرأة -وهم من الأقلام الراتبة- إلا ويحضرني التساؤل عن ماذا يا ترى كان سيكتب هؤلاء إن لم تقم الإنقاذ ولم تولد الحركة الإسلامية أو (الإسلاموية) كما يقول حيدر إبراهيم في مصطلحه الركيك. إذ المعلوم أن الناس تمارس الكتابة للإفصاح عن أفكارهم ورؤاهم في قضايا مجتمعاتهم الحاضرة والمستقبلة قبل الحديث عن أفكار الآخرين. ولكن بقايا اليساريين (المتآمرين) ما عادت تستهويهم أحاديث الآيديولوجيا وعرض الأفكار والخطاب المنهجي عن الإشتراكية والبرامج، فقد زهدوا في الوصول (بفكرهم) إلى عقول القراء وقلوبهم بعد الانهيار السوفيتي الشهير وأفول نجم الفكر اليساري (ماركسياً كان أو بعثياً أو قومياً عربياً). وهذا الإنهزام (النفسي) جعلهم يتجهون بكامل أسلحتهم نحو الجدل السياسي واتخاذ عدوٍ (يفشون فيه غبينتهم) بعد أن تحطّمت السفينة التي كانت تبحر بهم إلى أرض الأحلام الماركسية وجنة الخلد الاشتراكية. ولما كانوا لا يستطيعون الإستمرار في اتخاذ الرأسمالية عدواً بعد تجربة سبعين عاماً من الفشل في مواجهتها، ولمتغيرات دولية أخرى، لم يكن أمامهم إلا إتخاذ الإسلام عدواً، وبما أنهم لا يمتلكون (الجرأة) للإفصاح عن هذا العداء في وسط ومجتمع إسلامي، فقد تواجهوا صوب الحركة الإسلامية ودويلاتها التي أقمت في أفغانستان وإيران والجزائر والسودان، فأصبح أصل البلاء عندهم -كما يقول حيدر إبراهيم- هو في الحركة الإسلامية التي لا يرون لها حسنة واحدة قط!! وأصبح لا موضوع لهم (مطلقاً) خلاف الإنقاذ والحركة الإسلامية. فلم تعد هناك -في منظورهم- قضايا قومية أو عالمية أو حتى إقليمية تستحق الحوار والتحليل فقد نسوا تماماً اليهود وفلسطين وأميركا والنظام العالمي وتأثيراتها على سياسات المنطقة، ولم يعودوا يهتمون بالدور الاستعماري الجديد للأمم المتحدة والشركات العابرة للقارات، ولم تعد تعبر خاطرهم قضايا الأمة العربية والأفريقية (ولا أقول الإسلامية) فحيدر إبراهيم لا يعترف بوجودها!! وحتى على المستوى الوطني لم يعودوا يطرحون مقترحاتٍ ودراساتٍ وحلولاً للمشكلات القائمة اقتصادية أو اجتماعية أو تربوية أو علمية، فالهدف والجهد كله متجه في بقية أعمارهم (الزائلة) نحو هدم الحركة الإسلامية سواء كانت في السلطة أو في المعارضة. ولما كانوا قد ضيّقوا بذلك أفقهم السياسي وانحصرت كتاباتهم وتحليلاتهم في هذا الاتجاه، فقد أصبحت مقالاتهم (تكراراً) مملاً بدرجة أنك تستطيع أن تحصر عشرين مقالاً في مقالة واحدة فقط، تكون كافية لتوضيح المقصود حتى بذات ألفاظها ومفرداتها! وكل هذا استدعى (الاسلوب الشتائمي) الذي برع فيه (تحديداً) كل من الدكتور حيدر إبراهيم ومؤمن الغالي، فأفلتت كتاباتهم من قيود المنطق والتحليل الرصين وإيراد الحجج المستندة على مرجيعة الفكر الإسلامي في وجه الإحتجاج على الحركة الإسلامية، فتحوّل أدب الحوار الى (شتائم وسفاسف) غطت كتاباً كاملاً للدكتور حيدر إبراهيم نرجو أن نتوافر على التعليق عليه -تفصيلاً- في مقالات قادمات بإذن الله. إنها ظاهرة تصفية الحسابات لا حوارات القضايا الوطنية. ولذا يتم استغلال كل حدث ليخدم هذه الأغراض كما حدث في الأزمة السياسية الأخيرة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حول إنفاذ بنود اتفاقية السلام، فقد اتخذ (اليساريون) خطاً عدائياً سافراً ضد المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بعمومها، وتأييداً (أعمى) لكل مقولات الحركة الشعبية، ذلك لأن النظر ما كان يُراد له أن يصوّب إلى المشكلة باعتبارها أزمة سياسية وطنية تتطلّب الحل، وإنما هي (فرصة) واتت ينبغي أن (تستغل) في تصفية الحسابات السياسية مع الحركة الإسلامية، هذه النزعة (الثأرية) هي التي تحكّمت في كتاباتهم بالدرجة التي غفلت عن خروقات الحركة الشعبية للاتفاقية، والتي لم تستطع الحركة ذاتها انكارها. فالاتفاقية لم توجب على المؤتمر الوطني وحده سحب بقايات القوات المسلّحة من الجنوب وإنما أوجبت أيضاً سحب قوات الحركة الشعبية من الشمال في النيل الأزرق وجنوب كردفان والنيل الأبيض وهي أضعاف عدد القوات المسلحة. والاتفاقية لم تلزم القوات المسلحة بالإنسحاب من مناطق البترول قبل تشكيل القوات المشتركة التي أخرت تكوينها وتدريبها وانتشارها الحركة الشعبية ذاتها! والاتفاقية لم تلزم أي طرف (بالبصم) على تقرير الخبراء بشأن قضية أبيي، إذ لم نسمع يوماً (بخبراء أجانب) قرروا في شأن قضية وطنية بهذه الخطورة، وإنما هم جهة مستشارة (فقط) وتبقى للسلطة السياسية حق الأخذ بتوصيتهم وآرائهم أم لا. ولو جاء رأي الخبراء عكس ما تشتهي الحركة الشعبية وحلفاؤها لما اعترفت به ورفضت الإلتزام به تماماً. بل حتى السيد النائب الأول أصبح يتحدّث بلسانين: أحدهما خرج به من الاجتماع الذي انعقد بينه وبين الرئيس البشير يوم 3/11/2007م حيث أكد أن الطرفين تجاوزا الأزمة «تماماً» واتفقا حول «كل» القضايا العالقة عدا أبيي والتي أوضح أنه سيجري التداول حولها خلال الاجتماعات الرئاسية المقبلة (الصحافة 4/11/2007م)، ولكنه عاد وتحدّث بلسان آخر في مركز ودرد ولسون الدولي في واشنطن، حيث قال: إن المحادثات من أجل عودة الوزراء إلى الحكومة لم تحقق أي تقدم! متجاهلاً بذلك تماماً تطميناته للشعب السوداني عبر التلفزيون السوداني والفضائيات التي بشرهم فيها بتحقيق تقدّم في المباحثات بشأن الأزمة مع شريكه!! (الصحافة 10/11/2007م) ستة أيام (فقط) كانت كافية لنقل الأزمة من خانة (الأمل) إلى محطة (اليأس)، ولكنه الفارق بين ما ينبغي أن يقال داخل السودان وما يجب أن يقال في الولايات المتحدة وفي حضرة كونداليزا رايس!! وقد ظلت الحركة الشعبية طوال تاريخ شراكتها مع المؤتمر الوطني، تتكلّم بلغتين أحداهما داخلية والأخرى في المنابر الدولية، ولكل ثمنها! أما قضية «وَهَم» ما يسمى بالتحوّل الديمقراطي، فهو (عنقاء) لا يؤمن بها المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية ولا الكتّاب اليساريون الذين عاشوا عمرهم كله يحملون لواء الدعوة لـ(دكتاتورية البروليتاريا) ويتطلّعون إلى تطبيق النموذج السوفيتي والشرق أوربي والعراقي في السودان، والآن وبعد أن تلاشت أحلامهم مع انهيار امبراطورية النموذج الرشتراكي، جاءوا يتمسّحون (كالأجرب) بجدار الديمقراطية اللبرالية التي ظلوا يحاربونها ويصفونها بالإستغلال والإمبريالية والرأسمالية البغيضة طوال فترة شبابهم وكهولتهم!! فهل زالت عن الديمقراطية اللبرالية سوءات سبعينيات القرن الذي مضى؟! إن الشيوعيين واليساريين لا يستحون! وكيف يستحي من الناس من لا يستحي من الله؟! يا أيها الإسلاميون، عليكم أن تدركوا أن المعركة بينكم وبين أهل اليسار (بكل قبائلهم) هي معركة (كسر العظم السياسي). والنزعة الاقصائية والاستئصالية التي يتهمون بها الحركة الإسلامية هم الذين أوجدوها مذهباً وطبقوها واقعاً في كل دول مشرقنا العربي التي استطاعوا الوصول إليها، فماذا فعل الشيوعيون والقوميون المتحالفون مع النميري في العام الأول من انقلاب مايو 1969م، وماذا فعلوا في الجنوب اليمني قبل الوحدة؟ وماذا فعل البعثيون بالآخرين في العراق وسوريا؟ وماذا فعل القوميون المصريون والليبيون بمن ليسوا على مذهبهم السياسي بعد انقلاب يوليو 1952م وانقلاب الفاتح من سبتمبر 1969م؟ هذا غير الذي فعله بنو جلدتهم (الفكرية) في شرق آسيا وشرق أوربا وأفغانستان وأميركا الجنوبية، وفي كل بلاد الدنيا التي أُبتليت بسلطة الفكر اليساري حتى ولو لم يزد عمرها عن الثلاثة أيام (كما حدث أيام هاشم العطا وجماعته)! ومع ذلك يجد كتّاب الأعمدة من أهل اليسار (الجرأة) لتيحدثوا عن التحوّل الديمقراطي ويتسربلوا بسرباله وهم اتباع أسوأ مذهب وأنمظة دكتاتورية وقمعية عرفتها الشعوب في القرن العشرين التي لا تزال ذكرياته ماثلة!! تلك هي حقائق المواقف التي ينبغي أن تتعامل معها الحركة الإسلامية، الحقيقة القائلة بأن الكل يتاجر بقميص الديمقراطية، ويكفي أن الدكتور حيدر إبراهيم -ذا الهوس الديمقراطي- يحمد لأميركا والغرب والقوة العسكرية بالجزائر الإطاحة بحكم جبهة الإنقاذ الإسلامية التي جاءت باختيار شعبي حر مباشر، إذ أن الشعب -في نظره- ليس حراً في اختيار الحركة الإسلامية!! تماماً كما هو فرح جداً بالإنقلاب على حكم حركة حماس الإسلامية بفلسطين رغم أنف الخيار الشعبي (الديمقراطي)! وقل مثل ذلك في كل خيارات الشعب الإسلامية!! فهؤلاء (الظلاميون) -كما يصفهم- لا حق لهم في الحكم حتى ولو اختارهم الشعب بكامل قواه العقلية! ألم أقل لكم إن الديمقراطية مجرّد (وهم إعلامي) في تفكير هؤلاء القوم (ينافقون) به الرأي العام ويضحكون به على ذقون السذّج والبسطاء، إن (النفاق اليساري) يبلغ من هذا الرهيط مبلغاً كبيراً فهم يقتاتون عليه صباحاً ومساء. فإذا كانت قبائل اليساريين قد اتحدت جميعها -رغم تناقضاتهم الفكرية والتاريخية والشللية- واتخذوا من الحركة الشعبية -بقوتها السياسية والعسكرية- حصان طراودة الذي يحاولون به اختراق جدران الحركة الإسلامية وهزيمة مشروعها ومستقبلها ووجودها باعتبارها العدو (الأول والأخير) -بعد التصالح مع الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي واليهود- فإن الحركة الإسلامية (بكل أجنحتها) مطالبة بالإرتفاع إلى مستوى إدراك خطورة معركة الوجود هذه والاتحاد الإستراتيجي لمواجهة هذه الموجة الزاحفة نحوهم إعلامياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً خاصة وأن وراءهم الولايات المتحدة والدول الغربية (خاصة فرنسا وبريطانيا) بكل ثقلها المادي والإعلامي وقوتها العسكرية وهيمنتها الدبلوماسية والسياسية على المنظمات الدولية والحكومات الدائرة في فلكها. وما القوة الهجين إلا طلائع المقدّمة! فالحركة الإسلامية محتاجة إلى إعادة قراءة ثلاثة كتب تنبئ عن حقائق (المؤامرة) التي أشرنا إليها: صدام الحضارات، لصمويل هنتنغتون، و(نهاية التاريخ) لفوكاياما، و(الدول الفاشلة) لنعوم تشومسكي، إذ أنها ليست مجرّد كتب للتحليل السياسي، وإنما هي (اصلاً) -باستثناء كتاب نعوم تشوسكي- تقارير ودراسات وبرامج وضعت لخدمة التخطيط الاستراتيجي اللازم لهيمنة الولايات المتحدة والنظام العالمي الجديد، والتي تقوم على أن القرن الواحد والعشرين هو قرن المواجهة بين حضارتين فقط: الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية! وكل الأقلام اليسارية وأقلام الحركة الشعبية (وقوتها السياسية) اختارت منذ الآن وضع خدمتها تحت تصرّف الحضارة الغربية ومؤسساتها التي يطلق عليها (المجتمع الدولي) الذي يكثر الحديث عنه الأستاذان حيدر إبراهيم والحاج وراق وتوابعهما في الصحافة السودانية. إن معركة الحركة الإسلامية هنا في السودان ليست مع الولايات المتحدة وإنما مع ممثليها داخل البلاد في المؤسسات السياسية والإعلامية (تحديداً)، فعلى الإسلاميين (المؤتمر الوطني- المؤتمر الشعبي- الاخوان المسلمون- انصار السنة)، وحلفائهم من الأحزاب ذات البرامج الإسلامية الوصول إلى تحالف عريض حول القضايا الاستراتيجية والثوابت الإسلامية والوطنية، بعد إعادة التقويم لكامل التجربة الإنقاذية وإيضاح مواطن الضعف والخلل والفساد.. مؤسسات وبرامج وأفراداً لاجتثاثها، وذلك وفق قواعد الإصلاح الخمس: 1) عزل ومحاكمة كل رموز الفساد المالي والإداري انطلاقاً من تقارير المراجع العام. 2) إحلال الكفاءة الإدارية والفنية مكان الولاء السياسي، فالولاء للسودان لا للنظام. 3) توسيع دائرة الحريات مع ضبط الخروج على القانون والعرف الأخلاقي الحميد. 4) نقل التنمية والخدمات إلى الأرياف والولايات بعد أن أُتخمت العاصمة الخرطوم. 5) استقلال السياسة والعلاقات الخارجية عن التبعية والارتهان للولايات المتحدة. وخير للإنقاذيين قبول نقد (الناصحين)، عوضاً عن المكابرة التي تبعد عنهم أهل الصلاح والتقى وتغري بهم الأعداء والحاقدين، فأقلام الطيب زين العابدين وعبد الوهاب الأفندي والتجاني عبد القادر وحسن مكي والمحبوب عبد السلام وأمثالهم من الإسلاميين الناقدين للتجربة تأتي من بوابة (الحرص) على مسيرة الإسلام وإصلاح إعوجاج تجربة الحركة الإسلامية السودانية والسعي لتوحيد الصف الإسلامي لمواجهة (العربدة) المحلية (والمؤامرة) الدولية تجاه الإسلام كنظام للمجتمع والسلطة. ولذا فمن مصلحة الحركة عموماً والإنقاذ تحديداً الاحتفاء بهذه الأقلام والاستماع إليها والتعامل الموضوعي مع تحليلاتها من زاوية أنها تصب في خانة الإصلاح والتمكين، وذلك امتثالاً لمقولة الخليفة الراشد «رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي».. وإننا لنعلم أن هنالك جوقة من (المنافقين) حول أهل السلطة يزيّنون لهم الأمر بخلاف ذلك، حتى يضمنوا بقاءهم في المواقع التي احتلوها دون استحقاق، وهم ذاتهم الذين استثمروا (المفاصلة) وزادوا من رقعة اتساعها حتى تحوّل الاخوة إلى أعداء! وقديماً كان (المنافقون) أشد بلاءً على المجتمع والدولة الإسلامية الوليدة بالمدنية من الكفرة المارقين، فعلى الحركة الإسلامية أن تحذّر أولئك بأشد مما تحذّر هؤلاء (هم العدو فأحذرهم» .. كما قال القرآن. إن وحدة الحركة الإسلامية أصبحت من ضرورات المرحلة، إذا أردنا أن نبرئ ذمتنا من تكاليف الأمانة التي حملناها اختياراً ولا تغرنّكم كثرة جلبة الباطل (الإعلامية) فإنه غثاء لا يثبت أمام سيل الحق إذا جاء قوياً جارفاً. وما استشرى إلا من خلال عيوب النظام والجماعة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
د. محمد وقيع الله ومشكلة العـقـلية الإسلاموية عبد الله الأمين- المحامي
مقدمة: العقلية الإسلاموية هي العقلية التي لا تميّز بين اتخاذ الإسلام كوسيلة للحياة العليا، واتخاذه كوسيلة للحياة الدنيا، أو قـل هي التي لا تميّز بين اتخاذ الإسلام كدين يُـتـقرّب به إلى الله تعالى، وتــُنـال به مرضاته، وتصان به حقوق ومصالح عباده، وتساس به الحياة الدنيا وفق قيم الدين -قيم الحق والعدل والمساواة- فتساق به نحو الحياة العليا، وفـقـاً للحديث النبوي الشريف (الدنيا مطية الآخرة)، وبين اتخاذ الإسلام كوسيلة للحصول على مكاسب الدنيا، من سلطة وثروة وما إلى ذلك، على حساب حقوق الآخرين، وعلى حساب قيم الدين.. والعقلية الإسلاموية، إذا ميّزت بين الإسلام كدين تساسُ وفـقه الدنيا، والإسلام كدنيا يـُسيـَّس لها الدين، فإنها تختارالأخير، تختار الإسلام كوسيلة للدنيا.. ثم إن العقلية الإسلاموية، سواء كانت لا تميّز بينهما، أو كانت تميّز وتختارالأخير، فإنها في الحالتين تـتخذ الإسلام وسيلة للدنيا أو تؤيد من يتخذونه وسيلة للدنيا، علمـاً بأن اتخاذه كوسيلة للدنيا لا يستطاع إلا عن طريق التمسّك بالفهم الخاطئ له، الذي يشوّهه، ويظهره بمظهر الظلم والإجرام والفساد، ومن ثم ينفّر الناس عنه، مما يعني أن اتخاذ الإسلام كوسيلة للدنيا إنما هو عملٌ ضد الإسلام نفسه مثـلما هو ضد الحقوق والمصالح المشروعة لمن يقع عليهم الظلم والإجرام والفساد.. ومن سمات العقـلية الإسلاموية أيضـاً ما يلي: 1) احتقار عقل المرأة، والنظر إليها كمخلوق ناقص العقل والدين، وجسده وصوته عورة، وغير قابل للرشد، ولا يستحق المساواة بالرجل، بل ولا يستحق الخروج من وصاية الرجل، ولن تفلح أمة تضعه في منصب حكم أو قضاء، وذلك كله على سبيل الفهم الخاطئ لبعض النصوص الإسلامية التي أخرجت من سياقها التاريخي والجغرافي، وجُـرّدت من حكمتها المرحلية، وعُـمّمت على جميع الأزمان والأماكن بما يخالف الفهم السليم للإسلام. 2) التفكير الشمولي والاستبدادي الذي يوافق على فرض المشروع الإسلاموي على شعب متعدد الأديان والثـقافات، بل ومتعدد المذاهب داخل الدين الواحد، والتفكير الأناني الذي يستهين بحياة الآخرين وسلامتهم وحقوقهم فلا يرى في القتل والتعذيب والإجرام، الذي يرتكب في حقهم، أمراً كافيـاً للقول بفشل الأنظمة السياسية التي ترتكبه. 3) التفكيرالتجريمي الذي يسئ الظن بالجميع فلا يؤمن بوجود دوافع إنسانية أو عدلية أو اهتمام بالمصلحة العامة، لدى أحد، فالعـقـلية الإسلاموية، لأنها تتخذ مواقفها على أساس السعي إلى الاستئثار بالسلطة وبالثروة دون الآخرين، وتدعي غير ذلك، إنما تظن أن كل خصومها يتخذون مواقفهم على نفس الأساس وإن زعموا غير ذلك. 4) التفكيرالسطحي الذي يحتجب بالمظاهر عن الجواهر، وتختلط عنده الوسائل بالغايات، ولذلك يهتم فقط بزيادة حجم الثروة الوطنية دون أن يهتم بعدالة توزيعها بين المواطنين، كما يرى في مجرّد النمو الاقتصادي، دونما إصلاح سياسي، ودونما عدالة في توزيع الثروة، استـقراراً سياسياً، ودليلاً على النجاح، وعلى العبقرية في إدارة شؤون الحكم، كما يرى في إنشاء الطرق والكباري، والمباني الضخمة، ومشاريع الاستثمار المختلفة، وصناعة أو استيراد السيارات الفارهة، وما إلى ذلك، إنجازات قـيّمة في حدّ ذاتها، ومعياراً لقياس نجاح الحكومات، ومن ثم فهو يؤيد الحكومة التي تنجز مثـل هذه المشاريع حتى لو كانت تخفي عن الشعب كمية البترول الذي يُصدّر، وحجم عائداته النقدية، وأين تذهب، وهل يتم توزيعها وفق سياسة عادلة ورشيدة، أم إنما يذهب بعضها إلى جيوب أعضاء الحزب الحاكم ومحسوبيهم، وبعضها في أغراض الدعم السياسي والأمني والعسكري لحكومتهم، وبعضها في أغراض التمكين الاقتصادي لعضويتهم وحلفائهم ومن يدعمون سلطتهم من أفراد الطبقة البرجوازية، وبعضها في إنشاء الطرق والكباري التي تيسر حركة السيارات الفارهة لهم ولداعميهم... إلخ. وقيع الله وتزييف التاريخ: كتب د. محمد وقيع الله مقالاً في الرد على الأستاذة رباح الصادق المهدي، بعنوان: (لو غير ذات سوار انتقدتني.. الاستقرار السياسي وعبقرية الإنقاذ) نشر بهذه الصحيفة بتاريخ الأربعاء 31/10/2007. ومما جاء فيه قوله: «ومن ذكرته رباح بالتحديد - يشير هنا إلى د. الترابي-هو شخص واحد من أشخاص كثر من دعاة النقمة والخراب، من بينهم أبوها -يعني الصادق المهدي- الذي دعا ولا يني يدعو إلى النقمة والخراب، وهو بلا ريب من أكثر من أسهموا في إشعال النيران بين جنبات هذا الوطن، مرة بحجة محاربة النميري، ومرة بحجة محاربة البشير» انتهى.. ولستُ مدافعـاً عن الصادق ولا عن الترابي، بل وأرى أنهما، مضافاً إليهما أتباع الأخير، هم من صنعوا محنة هذا الوطن، ولا يزال تلاميذ الترابي، الذين انقـلبوا عليه وطردوه من حظيرة السلطة، يصنعون المحنة ويصرون على ابقـائها، إذ يرفضون التحوّل الديمقراطي الحقيقي لأنه سيحول بينهم وبين الاستئثار بالسلطة وبالثروة، ولكن الذي يهمني هنا هو محاولة تزييف التاريخ.. فالواقع أن من كانوا يسمَون بالإخوان المسلمين، والذين ظلوا يـبدلون اسماءهم حتى انتهوا إلى (المؤتمر الوطني) و(المؤتمر الشعبي)، قد شاركوا الصادق في محاربة النميري، في أحداث (المرتزقة) عام 1976، حيث التقت أطماعهم، آنذاك، مع أطماع الصادق، في محاولة العودة إلى السلطة، وقد كانوا قبل مايو يشاركون الصادق محاولة تمرير مؤامرة (الدستور الإسلامي) المزيّف، التي كانت تهدف إلى تمكينهم سوياً من الاستئثار بالسلطة وبالثروة، بلا منازع، فجاءت مايو لتنسف مشروعهم، وتمزّق دستورهم المزيّف، فاشتركوا في محاربتها، عن طريق تدريب (المجاهدين) وتسليحهم وإرسالهم إلى الخرطوم لإشاعة الفوضى وقتل الأبرياء عسى أن تسقط مايو فيعودوا هم إلى السلطة، فلماذا وكيف يدافع وقيع الله عن (المؤتمر الوطني) في مواجهة رباح الصادق بالقول بأن الصادق قد أسهم (في إشعال النيران بين جنبات هذا الوطن، بحجة محاربة النميري) دون أن يذكر أن (المؤتمر الوطني) نفسه، تحت اسم (الإخوان المسلمين)، قد كان شريكـاً في هذا الإشعال؟ ومما جاء في المقال أيضاً قوله: «والصادق هو من أبرز الذين صنعوا ظاهرة قرنق، وقد قدمه الصادق لمن منحوه السلاح من العرب والروس، وظل يشجعه في تمرده وتخريبه، وكل إنسان قتـله جون قرنق، فإن الصادق مسؤول جزئياً عن دمه» انتهى.. ولكن وقيع الله يعلم أن الإنقاذ قد أبرمت اتفاقية سلام، مع د. جون قرنق وحركـته الشعبية، تنص على وقف العدائيات وعلى مشاركة الطرفين فيما سمي بحكومة الوحدة الوطنية، ووقيع الله يعـلن تأييده للإنقاذ، ويشيد بـ(عبقريتها، وانجازاتها، واستـقرارها السياسي) ولا يذكر أنه يختلف معها في التصالح مع قرنق، ومع ذلك يصف الراحل المقيم قرنق بالتخريب، وبأنه من قام بقـتـل الأبرياء من أبناء الوطن، فكيف يستقيم ذلك مع اتفاق السلام ووقف العدائيات؟ أليس ذلك من أمثـلة التناقض؟.. وأما من حيث المحتوى فهو مثال لتزييف التاريخ، فالواقع أن قرنق وحركته الشعبية قد كانوا يحاربون من أجل قضية عادلة، هي قضية العدل والمساواة بين أبناء الوطن، في السلطة والثروة وكافة الحقوق الدستورية، مع إعطاء الجنوب حق تقرير المصير، ليستخدمه في حالة عجز النخبة الحاكمة في المركز عن تحقيق العدل والمساواة، ثم إنهم في حربهم قد التزموا بقدر الإمكان بالقوانين والمواثيق الدولية في تفادي ضرب المدنيين وتجنب الإضرار بهم.. فماذا فعلت (الإنقاذ) في حربها ضدهم؟ رأت أن تستخدم فيها الدين كما تستخدمه دوماً في أغراضها السياسية (لا بديل لشرع الله) فأعلنت (الجهاد) وحوّلت الحرب إلى حرب دينية، بين مسلمين وكفار، وصارت تقبض على الشباب من البصات والحافلات والأسواق، وتسوقهم إلى مراكز التدريب بالقوة، ثم إلى مواقع الحرب، وجنّدت حتى النساء، وأقامت (أعراس الشهيد) وأثارت الفتنة الدينية، والعنصرية، بين أبناء الوطن، فعملت بذلك على تمزيق النسيج الاجتماعي، وتمزيق الوطن، ولقد ورد في الحديث النبوي: (الفتنة نائمة، لعن اللهُ من يوقظها) وجاء فيه أيضاً: (الفتنة أشـدُّ من القـتـل). وقيع الله وشرع الله: ومما جاء في مقال وقيع الله أيضاً قوله: «ومع ذلك لم يرض قرنق عن الصادق ولم يلن له حتى بعد أن جمّد له العمل بشرع الله» انتهى.. فما هو (شرع الله) الذي جمّده الصادق سوى قوانين سبتمبر؟ فهل الذي جمّدها هو الصادق وحده أم أن كافة القوى السياسية قد اتفقت على تجميدها، باستـثـناء (الجبهة الإسلامية) التي ظلت تنادي بتطبيقها بغرض الكسب السياسي، ثم لم تستطع تطبيقها عندما وصلت إلى السلطة؟ ثم ألم تجمّدها حكومة سوار الذهب قبل أن تواصل تجميدها حكومة الصادق؟ ثم هل هي تمثـل شرع الله حقاً؟ هل شرع الله مجرّد قانون عقوبات (حدود وقصاص وتعاذير) أم إنما هو دين مكتمل، بكل بما يحوي من أخلاق وقيم ومثـل وتربية وتوعية وعدالة ومساواة... إلخ، قبل أن يكون قانون عقوبات؟ ثم هل يقضي قانونه على الزاني المحصن بعقوبة (الاعدام) شنقاً كما نصت قوانين سبتمبر، أم إنما يقضي عليه بعقوبة (الرجم) بالحجارة؟ هل يوافق الإسلام على استبدال عقوبة (الرجم) بعقوبة (الاعدام) شنقاً أو حتى بعقوبة (القـتل) بالسيف؟ لقد نصّ الإسلام على عقوبة (القـتل) لجرائم أخرى، وقد كان يستطيع أن يجعلها عقوبة أيضاً لجريمة زنا المحصن إذا أراد، ولكنه أراد لهذه الجريمة عقوبة (الرجم) بالتحديد، ولقد استبدلتها قوانين سبتمبر بعقوبة (الاعدام) شنقاً كما استبدلت عقوبة خيانة الأمانة -وهي في الإسلام تعذيرية وفقاً للحديث النبوي (ليس على مختلس ولا منتهب ولا خائن قطع)- بعقوبة حدية هي قطع اليد، وغير ذلك كثير، ثم إن قوانين سبتمبر قد وُضعـت لتطبّق على مجتمع بعيد كل البعد عن الإسلام، قبل بعث الإسلام فيه، مما يعني أن تطبق على غير أرضية من التوعية ومن التربية ومن العدالة في توزيع الثروة، فتطبق بذلك على الفقراء والمساكين، فلا تعدو مزيداً من الظلم والقهر الذي يمارسه الأغنياء المتخمون على الفقراء الجائعين، فما الذي جوّز لوقيع الله أن يسميها شرع الله سوى التفكير السطحي الذي يحتجب بالمظاهر عن الجواهر؟ ومما جاء في المقال أيضـًا قوله: «ولكن عبقرية الإنقاذ الساطعة جعلت العكس ممكناً حيث بذلت جهدها كله لإنجاح التنمية الاقـتصادية التي يمكن أن تؤدي أخيراً إلى الاستقرار، وهذا ما نجحت فيه الإنقاذ بامتياز» انتهى.. والواقع أن سياسات التحرير، والخصخصة، واقتصاد السوق، والرأسمالية الطفيلية المشتطة، التي اتبعتها الإنقاذ، إنما هي أسوأ سياسات اقتصادية تطبّق في السودان منذ الاستقلال، لأنها إنما تركز الثروة في أيدي قلة قليلة، بينما تترك الأكثرية الساحقة دون مستوى خط الفقر، ولا سيّما إذا كانت هذه السياسات مصحوبة بفساد سياسي، ثم إن النجاح الاقتصادي، حتى لو كان حقيقياً، فإنه لا يؤدي إلى الاستقرار ما لم يصحبه إصلاح سياسي، وهذا ما فشلت فيه الإنقاذ بامتياز. وقيع الله ودخل الفرد: ومما جاء في المقال أيضاً قوله: «وحسب الاحصاءات العلمية التي قدمتها المنظمات الدولية المحايدة، فقد قفز إجمالي الدخل القومي السوداني من (10.3) بلايين دولار في عام 2000، إلى (18.5) بليون دولار في عام 2004، إلى (23.3) بليون دولار في عام 2005، وقفز مستوى الدخل الفردي من (310) دولاراً سنوياً في عام 2000، إلى (522) دولاراً في عام 2004، إلى (640) دولاراً في عام 2005، أي أنه تضاعف خلال خمس سنوات» انتهى.. ولقد أورد وقيع الله هذه الاحصاءات تحت عنوان (عبقرية الإنقاذ) وضمن سياق يستشهد بها فيه على النمو الاقتصادي السريع في عهد الإنقاذ، وهناك أمر بديهي هو أن (مستوى دخل الفرد) إنما يقاس في هذه الاحصاءات عن طريق قسمة الدخل القومي الإجمالي على عدد السكان، ويكون حاصل القسمة هو (مستوى دخل الفرد) وحيث أن الدخل الإجمالي، في الواقع، لا يوزّع على السكان بالتساوي، بل وفي عهود الفساد السياسي يذهب جله إلى قلة قـليلة، بينما لا (ينوب) الأكثرية منه سوى الفتات، فإن (مستوى دخل الفرد) الاحصائي هذا لا يصلح كدليل على مستوى الدخل لدى كل الأفراد، ولا لدى أغـلبهم، ولا لدى نسبة كبيرة منهم، ولذا فلا عبرة به، فإذا كان الاقتصاد إنما ينمو ويتحسّن لصالح قـلة قـليلة دون الأكثرية، فما هي أهمية نموه وتحسنه؟ ومما ورد بالمقال أيضاً قوله: «ولذلك فقد استغربتُ كثيراً حديث رباح عن الفقر والفقراء، وزعمها وزعم أبيها من قبل أن أحوال المواطنين لم تتحسن، وهو قول مناقض لإفادة الأرقام الموثـقة سالفة الذكر التي أفادت بتضاعف مستوى الدخل الفردي خلال الخمس أعوام الماضية» انتهى.. ألم أقل إن العقلية الإسلاموية موسومة بالتفكير السطحي، فها هو وقيع الله يفوته الإنتباه البديهي إلى كيفية حساب (مستوى الدخل الفردي) في مثـل هذه الاحصاءات والأرقام، مما سلف بيانه، فيستغرب الحديث عن وجود فقراء بالسودان الآن -بعد ارتفاع (مستوى الدخل الفردي) في الاحصاءات- والواقع أن الفقراء والعاطلين، عطالة سافرة أو مقنعة، منذ أواسط العقد الأخير من القرن الماضي وحتى اليوم، إنما هم الأغلبية، ولا يخفون على مراقب، والواقع أيضاً أن الفقراء في عهد الإنقاذ قد أخذوا يزدادون فقراً، كلما تقدّم الوقت، بينما أخذ الأغنياء يزدادون غنىً. وقيع الله والسيارات الخاصة: ومما ورد في المقال أيضاً قوله: «وقد عجبتُ كثيراً لزعمهما المتكرر أن البترول لم يسهم في تحسين أحوال المواطنين، ورداً على ذلك أقول إنه لو لم يكن للبترول السوداني من فضل إلا أنه قد كفى لتسيير مئات الآلاف من السيارات التي نراها في شوارع الخرطوم لأوفى وزاد على الوفاء، هذا مع ملاحظة أن عدد سيارات الخرطوم قد تضاعف خلال الأعوام القليلة الماضية نحو عشرة أضعاف، وكاد يصل عددها إلى نصف مليون سيارة». انتهى.. فقـل لي بربك أيها القارئ ماذا يجني الملايين، ممن لا يملكون سيارات خاصة، من تسيير مئات الآلاف من السيارات الخاصة، سوى زحمة السيارات في الشوارع بما يعيق حركة المركبات العامة التي تحملهم؟ علماً بأن أغلب سير السيارات الخاصة، التي يستخدمها-بحسب وقيع الله- مئات الآلاف من أصحابها، إنما هو بغرض التنزّه والترفيه وغيره من الأغراض الكمالية، وأن كمية البترول التي تهدر في ذلك إنما تكفي لنقل الملايين، لأغراضهم الضرورية، عبر مركبات عامة.. وحتى المركبات العامة قد كان يجب أن تكون بصات واوتوبيسات، وليس حافلات وركشات، لأنها تحمل عدداً أكبر من الركاب، وبالتالي تنقل العدد المطلوب نقله، باستخدام عدد أقـل من المركبات، وبذلك تقلل من كمية البترول المستهلك، ومن حجم ازدحام السيارات في الطرق، في آنٍ معاً، وذلك فضلاً عن أن السيارات الخاصة والمركبات الصغيرة، الكثيرة، إنما تسهم في تلويث البيئة، وفي الاحتباس الحراري، بأكثر مما تفعل البصات والاتوبيسات القليلة. ومما جاء بالمقال أيضاً قوله: «فهل هذه السيارات الكثيرة المتكاثرة تسير بالماء؟ أم بالهواء؟ أم إنها تسير بالبترول الذي استخرجته بعبقريتها وعزمها وحزمها -وقبل ذلك وبعده بفضل الله تعالى- دولة الإنقاذ، هذا ولا نريد أن نذكّر الناس-وهم لم ينسوا بعد- بصفوف البترول والخبز التي لم تنته إلا عندما جاء عهد الإنقاذ». انتهى.. فهل الإنقاذ هي من أوجد البترول في باطن الأرض؟ اللهم لا، فهل استخرجته بأيدي رجالها؟ اللهم لا، فإذا كان التعاقد مع أيِّ شركة أجنبية، لتستخرجه، إنما ينص على سداد حساب الشركة من البترول نفسه، بعد استخراجه، فهل في مثـل هذا التعاقـد أية صعـوبة، أو يحتاج إلى (عبقرية وعزم وحزم)؟ اللهم لا.. وأما صفوف البترول والخبز في العهد الحزبي، قبل الإنقاذ، فإن من أهم أسبابها الصراعات الحزبية، والقلاقل، التي كان يثيرها الإسلامويون، ويشغلون بها الحكومة عن استخراج البترول وعن غيره من الأعمال النافعة، حتى استولوا هم على السلطة، فنشروا المظالم والمآسي والفتن، واستخرجوا البترول، ولكن ليس لصالح الشعب، بل لخدمة أغراضهم هم. وقيع الله والاستقرار السياسي: ومما جاء في المقال أيضاً قوله: «إن الاستقرار السياسي هو رفيق للتقدم الاقتصادي، وقد كان من عبقرية الإنقاذ، كما ذكرنا، أنها تمضي قدماً في تحقيق الاستقرار السياسي، عن طريق تنفيذ خطط ناجحة للتنمية الاقتصادية، ومهما يكن الأمر فإن هذا يؤكد أهمية توطيد الاستقرار السياسي في البلاد، لأنه هدف وغاية». انتهى.. فهل تكفي التنمية الاقتصادية وحدها لتحقيق الاستقرار السياسي، دون أن يرافقها ولو الحد الأدنى من الإصلاح السياسي؟ كلا ولا كرامة.. إن الحد الأدنى، على الأقل، من الإصلاح السياسي أمر ضروري من أجل الاستقرار.. وهذا الحد الأدنى يقتضي أولاً معالجة المظالم الدينية والعرقية والسياسية وإزالة آثارها والعمل على نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي واحترام القانون، ويقتضي ثانياً المساواة بين المواطنين في الدستور وفي القانون، مع سيادة حكم القانون، ويقتضي ثالثاً العدل في توزيع الثروة، وذلك بأن يكون أهم وأغلب وسائل الإنتاج، ومرافق الخدمات، ومشاريع التنمية، مملوكاً للقطاع العام، لا للقطاع الخاص، مع توزيع هذه الوسائل والمرافق والمشاريع على مختلف المناطق الجغرافية، وتوسيع فرص العمل والوظائف فيها، وأن يكون معيار التعيين الكفاءة وليس الولاء، مع التقريب بين مستويات الأجور والمرتبات، وذلك يبدأ برفع الحد الأدنى للأجور وخفض الحد الأعلى، بحيث لا يزيد الفرق بين أعلى مرتب (مرتب رئيس الجمهورية) وأدنى مرتب (مرتب خفير أو فرَّاش) عن سبعة أضعاف، مثلاً، أو عشرة أضعاف، كبداية، ثم تتجه السياسات، كلما تحسن الوضع الاقتصادي، إلى رفع الحد الأدنى للأجور بمعدل أكبر مما ترفع به الحد الأعلى، بحيث تضيق الشقة بين الحدين إلى أن تضيق إلى أقصى حد ممكن، مع دعم وتوسيع فرص العلاج والتعليم وغيرهما من الخدمات الحياتية الضرورية، في كافة أنحاء البلاد، وتطبيق كافة السياسات الأخرى مما يدخل في معنى العدل في توزيع الثروة.. ذلك هو الحد الأدنى من الإصلاح السياسي، وبغيره لن يكون هناك استقرار سياسي في السودان. وقيع الله وحقوق الناس: ومما ورد بالمقال أيضاً قوله: «وكن يحدثـننا عن جند المهدية كيف كانوا يقتحمون البيوت، في المتمة، وما جاورها، وينهبون الأموال، ويعذبون الناس، ويقتلونهم، ويبقرون بطون الحوامل، ويقذفون بالولائد إلى الهواء، ويتلقونهم بالحراب، وهذه الوقائع التي حكتها لنا الجدات قد لا تصح، وإن صحت فقد لا تكون بهذا القدر من الشناعة والفظاعة، وإن كانت فإنها ليست هي الوجه العام للدولة المهدية، وبالتالي فإن من الظلم أن نحكم في شأن الثورة المهدية بمثل هذه الأمور وحدها». انتهى.. وتهمني من هذا النص عبارته الأخيرة، والتي تعني أن هذه الجرائم حتى لو صحت وكانت بهذا القدر من البشاعة، فلا تكفي وحدها للحكم بفشل الدولة التي ترتكبها، فهل رأى الناس مثـل هذه الاستهانة بأرواح الناس وسلامتهم وحقوقهم؟ قال تعالى: «من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناسَ جميعاً».. وقال النبي الكريم: «المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم». وقيع الله وعقـل المرأة: ومما ورد في المقال ختاماً قوله: «وقد رددنا على بعض ما في مقالها ببعض الرفق، ولولا أن ذات سوار انتقدتني، لكان الرد أشد وأنكأ». انتهى.. فهو إذاً لا يرى المرأة إلا كذات سوار، لا ذات عقل، أي أن مجالها المظاهر والزينة، وليس الحوار الفكري، فهو يراها كأنثى فقط، لا كإنسان مكتمل العقل، فإذا دخلت حلبة الصراع الفكري، فقد دخلت في نظره مجالاً لا تملك أدواته، ولذلك فهو يعلن عن رفقه بها في هذا المجال.. ألم أقـل إن العقلية الإسلاموية لا تحترم عقل المرأة، وتراها (ناقصة عقل ودين) حتى في الألفية الثالثة؟؟ وتنشأ عيوب العقلية الإسلاموية، في مجملها، من الفهم الخاطئ لبعض النصوص الإسلامية المرحلية، التي أخطأ المفسرون من فقهاء السلف فهمها، حيث نظروا إليها كنصوص مجرّدة، فأخرجوها من سياقها التاريخي والجغرافي، وجرّدوها بذلك من حكمتها المرحلية، وعـمموها على جميع العصور، بما يخالف الفهم السليم للإسلام. الصحافة 20/11/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
تأملات في (أفندية) الأفندي عبد الوهاب الأفندي:
جلاوزة الإنقاذ السابقون: ما لكم كيف تحكمون؟! (2 ــ3) د. محمد وقيع الله
لاذ عبد الوهاب الأفندي كثيراً بالصمت إثر ردي الصاعق عليه، وفضّل أن يختبئ وراء رباح الصادق المهدى، ثم لما أدرك أن كتابة رباح لا تغني عنه شيئاً، جاء ليدافع عن نفسه بنفسه بالأكاذيب الصراح. وقد ساق في مقاله الأخير قصة لا تعنيني ولا علاقة لي بها، إذ زعم أن عالماً من العلماء طلب منه ألا ينصح الحكام في العلن وأن يساررهم إن استطاع، وزعم أن ذلك العالم ساق له قصة عبد الرحمن بن عوف مع عمر دليلاً على ما قال. وزعم الأفندي أنه سأل ذلك العالم: «عن ما هي تحديداً النقاط في كتابي التي كان يرى أنه لا يجوز تناولها في العلن، فاعترف بأنه لم يقرأ الكتاب، واحتج على ذلك بأنه لم يتلقَ مني نسخة كهدية».. وهكذا شاء الأفندي في قصته المختلقة هذه أن يصوّر ذلك العالم الذي جادله ضعيفاً سخيفاً بلا حجة ولا دليل، وأيُّ عالم في الدنيا يقوم بنقد شيء لم يقرأه، ولماذا يحترمه الأفندي إن فعل ذلك؟ لقد اختلق الأفندي هذه القصة ليوحي من طرف خفي بأن كل نقاده هم كذلك.
الاختلاق غير الضروري:
وقد زعم الافندي أن هذه المقدّمة المختلقة غير الضرورية :«ضرورية للتذكير بالسبب الذي من أجله اخترنا التصدي لبعض المقولات التي تسعى تعمداً لإعطاء تبرير ديني لبعض تجاوزات الحكم في السودان وغيره، وتعمد إلى تجييش قراءات ملتوية للتاريخ الإسلامي لهذا الغرض». وهذه أكذوبة أخرى لأنه لم يقم أي شخص -لا انا ولا غيري- بإعطاء تبرير ديني لبعض تجاوزات الحكام في السودان. وإلا فمن هو هذا الشخص؟! وماذا قال؟! ليجيبنا عن ذلك هذا الأفندي المولع باختلاق الاقوال!!
وكقاعدة عامة أقول للأفندي إن الإسلاميين السودانيين الذين اعرفهم -هم بحق- كما وصفهم أخونا وصديقنا الشهيد محمد طه محمد أحمد قوم أنوف لا يرتضون الذل ولا الضيم، ولا يقبلون الدنية ولا التبعية، ولا يسمحون لأحد أن يسومهم خطة خسف أو هوان، فلم يترددوا أبداً في أن يطيحوا بزعيمهم السابق حسن الترابي عندما حاول أن يفرض عليهم إرادته بلا دليل أو برهان. وإذا كان شخص كحسن الترابي صاحب الامكانات الكبيرة والتاريخ الطويل، لم يتمكن من تطويع إسلاميي السودان، فإذاً لا يستطيع أحد كائناً من كان بعده أن يفرض إرادته عليهم، هذا فضلاً عن أن يقبلوا بها طوعاً، كما يزعم هذا الافندي، ويتسابقوا كي يجدوا لها تبريرات من الدين الحنيف والتاريخ الإسلامي المجيد كما يزعم هذا أحد دجاجلة هذا الزمان العجيب، وإلا فليدلنا هذا الافندي بالتحديد عمن قام بتبرير الخطأ؟! وما هو الخطأ الذي قام بتبريره هذا الشخص؟! وإلا فليكف هذا الافندي عن هذا الضرب من التعميم الذميم والاختلاق اللئيم.
الاضطرار إلى أضيق الطرق:
ولكن هذه مجرّد أمنية حالمة، فنحن لا نطمع حقاً في أن يكف هذا الأفندي عن الاختلاق، فهذه هي بضاعته المزجاة، فلم يبق له إلا أن يلقي القول على عواهنه، وأن لا يخرج من مأزق أو محنة (أخلاقية) إلا ليدخل في مأزق أومحنة (أخلاقية) جديدة. هذا وإذا أراد الأفندي أن يتحدّث عن حالتي أنا الذي أجابهه الآن واضطره إلى أضيق الطرق وأحرجها، فإنني قد انتقدت الإنقاذ مراراً وما زلت أنتقدها أشد النقد ولن أكف عن ذلك أبداً، وما ذلك إلا لأني مسلم حر مسؤول أمام الله تعالى وحده، ولست أخشى أحداً لا في الإنقاذ ولا سواها، ولست مقيداً ولا مغلول اليد بعطايا الإنقاذ، فإني لم أبع في سوق الإنقاذ شيئا، ولم أشر منها شيئا، لا بدرهم ولا دينار. ولذلك فلا شيء يدعوني البتة كي أجد تبريرا لأخطاء الإنقاذ سواء من الدين أو من غير الدين، وفي كل أحوالي فأنا أرى أمور الإنقاذ بعيني الاثنتين: عين الرضا وعين السخط، وهذا ليس شأن الأفندي الذي ما كان يرى الإنقاذ جميعها إلا بعين الرضا، وقت أن كانت تسبغ عليه الرتب وتغدق عليه من المرتبات، فلما انقضى ذلك كله ومضى وحرم منه الافندي ما عاد يرى الإنقاذ إلا بعين السخط العميم.
السعوديون وخدمة الإسلام:
والأفندي الذي يدعي أن له نصيباً من ادب الاسلام، وتربية الإسلام، لا يتردد في ان يشبه خصومه بالعواهر، فقد قال أخزاه الله: «وبنفس القدر فإننا لا نصرف أي وقت في التصدي لمن شاء أن يحترف النفاق ومدح الحكام طمعاً أو خوفاً، أو كما يدعي البعض، لأنه يهوى هذه الممارسة لوجه الله (وهي درجة غريبة من الانحطاط هي في نظري أسوأ من النفاق طمعاً أو رهبة، لأنها تشبه حالة عاهرة تقول إنها تمتهن البغاء حباً في الحرفة لا طلباً للمال). وهذا النوع من التفكير الانتهازي ليس غريباً على الأفندي.
والأفندي لشدة ضعفه وجزعه وارتعاشه من نقدي إياه بسوط الحق، وتعقبي المستمر الذي لن يتوقف لأباطيله ومهازله، لا يزال ينزلق بلغة الخطاب الصحفي من منحدر إلى منحدر أحط. فإذا أخذنا عليه في المقال الردي الماضي أنه قد لجأ إلى استعارة ألفاظ السباب من عند أحبابه الشيعة الروافض، فإنه قد هوى الآن إلى مسلك أوطأ من ذلك بكثير. وإلا فماذا يقول القراء الكرام في من ينزل بلغة الحوار الصحفي إلى هذا الدرك المتردي سوى أنه شخص لا حظ له لا في أدب الجاهلية ولا أدب الإسلام. ومن ناحيتي أقول إنني لم أكن أعرف شخصا (محترما) قبل اليوم يحب الحديث بألفاظ غير محترمة ويستطيبه إلا هذا الأفندي (المحترم)، فقد نضح أخيرا بخير ما يحتويه إناؤه، وإنه لنضح (عفيف نظيف!) يرشحه كي يحتل وظيفة (محترمة) بصحيفة (آل رباح) التي قال أحد إعلامييها حديثاً شبيهاً بحديث الأفندي هذا في موقع (سودانيز أون لاين) قبل أسابيع!
هذا وإن في هذا الانحدار اللفظي للأفندي فوق ما فيه من سوء الأدب وقلته كذب مزدوج. وآية ذلك أن هذا الأفندي كان عاش سنوات طويلة يعمل في مجلة (إرابيا) السعودية، يمدح فيها السياسات السعودية ويشيد بها، بمناسبة وبغير مناسبة، ثم عمل بعد ذلك في مجلة (الأموال) السعودية رئيساً لتحريرها، وظل أيضاً يمدح السياسات السعودية، ويشيد بها بمناسبة وبدون مناسبة، ولكن ما أن تعطلت تَانَك المجلتان، حتى انقلب على مستخدِميه السعوديين، وكأنه ما أكل من رفدهم وعطائهم من قبل. ولكن من يعرف طبع الافندي فإنه لا يستغرب منه مثل ذلك الصنيع، لأن هذا هو دأبه الدائب، وطبعه الغالب، فهو يغدر بكل من يخدم لديه، ويعض اليد التي تطعمه!
وإن هذه للمحة واحدة -مجرّد لمحة واحدة فقط- من تاريخ الافندي الطويل، هذا التاريخ الذي يريد ان يطمسه وينكره، وكأنه ما كان قط. تماما كما يريد الأفندي ان يطمس وينكر كل تاريخه في خدمة دولة الإنقاذ وكأنه ما كان على الإطلاق. وبمناسبة تمجيد الأفندي للسياسات السعودية في مجلة (إرابيا) فأذكر أني لما التقيته لقاء عابراً في الخرطوم في عام 1987م سألته سؤالاً سريعاً عن مقاله الذي أشاد فيه بكتاب محمد جلال كشك (السعوديون والحل الإسلامي) فأنكر أنه كتب مقالاً في هذا المعنى، ولما أكدت له أنني قد قرأت المقال، وذكرت له شيئاً من محتواه، تراجع وأقرّ بكتابته له.
فلماذا أنكر الأفندي كتابته لذلك المقال في مدح السياسات السعودية إذاً؟ لقد أنكره لسبب (أخلاقي) وجيه (متسق مع حسابات الافندي الأخلاقية الوجيهة الكثيرة!) وهو أن العطاء كان توقف عنه في ذلك الحين، وذلك بعد أن توقفت مجلتا (إرابيا) و(الأموال) عن الصدور، ولو استمر صدورهما لما انكر الافندي مقاله ذاك، بل ربما تفاخر به وسلك به مزيداً من (سبل العيش)!!
وفي هذه الناحية فقد أراد الافندي ان يرميني بدائه الانتهازي الوبيل وينسل. حيث أنني لم ارتزق في أي يوم من الأيام بمدح مخلوق ولا بهجاء مخلوق. ولم أقل في الإشادة بالسعوديين حرفاً واحداً عن ملق أو مداهنة. ولم أقل عنهم شيئاً أنكره اليوم ولا غدا. ولم أقل فيهم إلا ما لا يتردد كل مؤمن صادق الإيمان سليم القلب والجَنان في الصدع به. لقد قلت في معرض رثاء شيخ الإسلام محمد هاشم الهدية: «لقد التقى الهدية بأفكار السلف الصالح عند زيارته لمكة المكرمة، زادها الله كرامة وشرفاً ومجدا. وكان ذلك في عام 1946م، أي بعد نحو عشرين عاماً من وصول السلفيين النجديين إليها. وكانوا قد دخلوها محرمين، لا فاتحين، وذلك بعد أن منعهم أهل البدع القبوريون من دخولها لعشرات السنين. وقد دامت خدمة السعوديين لمكة وحرمها المقدس منذ ذلك اليوم العظيم الذي دخلوا فيه مكة بزعامة ناصر الملة عبد العزيز بن سعود. ومن يومها ظلت مكة والمدينة مراكز راسخة لبث العقيدة السلفية الصحيحة. حيث أصبح الحجيج يتلقى معالم تلك العقيدة الناصعة من دعاتها في حِلَق الحرمين الشريفين، بعيداً عن تلفيقات وفتن عداتها المغرضين».
فهل في ذلك أي لون من ألوان الملق أو النفاق؟! لقد اسس السعوديون كما يحدثنا التاريخ الحديث دولة وطيدة من نثار دويلات وإمارات صغيرة متقاتلة متناحرة، وأنهوا عهد الفوضى السياسية التي ضربت ذلك الإقليم لعدة قرون، وأشاعوا (الاستقرار السياسي)، وأمّنوا الحجيج، ونشروا الكتب السلفية الصحيحة، وعلى رأسها كتب ابن تيمية وابن القيم، ووسعوا عمارة الحرمين الشريفين وجددوها، وأقاموا الجامعات الإسلامية، وغير ذلك من انجازات كثيرة تحسب لهم على هذا الصعيد. فأنا أشيد بذلك ولا أتردد في الإشادة به، لأنني لست مصابا بحساسية بعض الكتاب الذين يتجنبون قول الحق حتى لا يتهمون بهذا الاتهام أو ذاك، فأنا بحمد الله أملك من الشجاعة القدر الكافي، وأقف على كلمتي التي قلتها ولا أنكرها، ولست كهذا الأفندي الذي ينكر كلامه ويتراجع عنه كلما توقف عنه العطاء!!
الصحافة 12/11/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
تأملات في (أفندية) الأفندي عبد الوهاب الأفندي: جلاوزة الإنقاذ السابقون: ما لكم كيف تحكمون؟! (3 ــ3) د/ محمد وقيع الله
استحقاق لا مجاملة:
وأما إن كان في نفس الأفندي شيء من فوزي بجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية المعاصرة، فإنني قد كتبت لها بحثا أشاد به كل من قرأه. وقد قال المتابعون لهذا الشأن إن هذا بحث فريد رائد في الموضوع، وأخبرتني هيئة الجائزة بأنهم لم يستطيعوا أن يشركوا معي في الجائزة شخصا آخر، لأن الفرق بين بحثي والبحوث الأخرى كان كبيرا جدا. ونفس هذه الملاحظة ذكرتها هيئة الجائزة القطرية (جائزة الأمير القطري الأسبق علي بن عبد الله آل ثاني للدراسات الشرعية) التي فزت بها بعد ذلك، وضمنتها الهيئة في الإعلان الصحفي عن خبر الفوز، فقالت إنه استحق أن يكون فائزاً وحيداً بالجائزة. فأنا فزت -بحمد الله وفضله- بجائزة نايف عن استحقاق لا عن مجاملة. ولم أكن أعرف أحداً من هيئة جائزة ولا هم يعرفونني بالطبع، وكل ما هناك أنني قرأت خبر الإعلان عن موضوع الجائزة، وكانت لي الرغبة في متابعة الموضوع المعلن عنه، فكتبت البحث، وأرسلته إليهم بالبريد، وجاءني خبر الفوز منهم بالتلفون، وعرفت أنهم قد أخضعوا بحثي مع البحوث الأخرى لعدة محكَّمين، وكل هؤلاء المحكمين وضعوا بحثي في المقام الأول. فهذا ما كان من أمر فوزي بالجائزة وأنا أكره بطبعي الحديث عن نفسي إلى أن اكرهني للحديث عنه هذا الافندي الهمام. وقد كان من شأن بعض أصدقائي الخلّص أن قالوا إن هجوم الأفندي غير المبرر عليّ كان سببه فوزي بهاتين الجائزتين، لا مجرّد دفاعي عن الإنقاذ، ولكني لا أميل كثيراً إلى تصديق ما يقولون. السوبر- تنظيم والمايكرو- تنظيم: ذلك أن الأفندي كما قلت عنه في المقال السابق لا هم له إلا الهدم والخراب وتحطيم دولة الانقاذ، التي يزعم انها قد فسدت، وان الحركة الإسلامية التي جاءت بها قد فسدت كذلك. وفي تطوير الافندي لنقده للإنقاذ إثر استغنائها عن خدماته في الدبلوماسية والإعلام، ورفضها لمشروع الشركة التجارية التي اقترحها لتقوم -برئاسته- بالدفاع عن الانقاذ، جنح إلى الإشارة إلى وجود تنظيم سري خفي، وكرر حديثه عما سماه بـ(السوبر- تنظيم) الذي يقود الإنقاذ. وهذه التسمية خاطئة، فمثل هذا التنظيم معروف في نظريات العلوم السياسية باسم (القانون الحديدي للأوليغاركية)، أي المجموعة الصغيرة التي تتحكّم وتتنفّذ. وهذه النظرية هي إحدى النظريات القليلة جداً التي صحت في علم السياسة. وهذا التنظيم التحكمي (الأوليجاركي) تنظيم صغير جداً، وأحرى أن يسمى (مايكرو- تنظيم)، لا (سوبر- تنظيم). والأفندي نفسه يكاد يقر بذلك إذ يتناقض في وصفه لهذا التنظيم بالضخامة والخفاء، وهما وصفان لا يجتمعان ولا يتسقان!! ومثل هذا التنظيم التحكمي (الأوليجاركي) الصغير موجود ومعروف في كل أحزاب وتنظيمات العالم وليس في الإنقاذ وحدها. وقد تحدّث في نظريته عالم السياسة السويسري المعروف روبرت مايكل، ومؤدى هذه النظرية أن جميع الأحزاب السياسية ينتهي أمرها إلى تنظيمات صغيرة مغلقة، وتحكمها نخبة من القادة السياسيين المحترفين وشبه المحترفين. وقد أسس روبرت مايكل نظريته هذه اعتماداً على بعض العوامل التي اختبر تأثيرها وتسبيبها لصعوبة تطبيق الديموقراطية التامة في الأقطار الغربية، ومن هذه العوامل اتساع المدن والحواضر، وتعقد مسائل الحياة الحديثة، وعدم امتلاك المواطن العادي للمعرفة التامة بمسائل السياسة، وقلة رغبته في شؤونها المعقدة. وهذه العوامل هي التي تعطي الفرصة الكافية للنخب السياسية (الأوليجاركية) لتقوم بإنشاء تنظيم صغير خفي يتحكم في السياسة في جميع بلدان الديمقراطية الغربية بلا استثناء. وقد تحدث عن هذه النظرية ذاتها ولكن بسند مختلف الفقيه الدستوري الفرنسي موريس دوفرجيه فذكر أنه طالما أن قادة الأحزاب الديموقراطية هم الذين يختارون النواب المرشحين، فإنهم يسيطرون بالتالي على إرادة النواب ويتولون توجبه سلوكهم السياسي بالبرلمان، وهكذا تؤدي العملية الديموقراطية في خاتمة المطاف إلى تكريس السلطة بأيدٍ قليلة متمكّنة هي ايدي قادة الحزب، فهذا الشيء موجود إذاً حتى في الديموقراطيات الغربية ولم تبتدعه الإنقاذ!! فهل يجهل الأفندي كل هذا؟! أم يتجاهله؟! أم هي عادته التي لا يتخلى عنها في القراءة بعين واحدة هي التي منعته من النظر إلى هذه النظرية المحكمة، وذلك ليتمهّد له الطريق ليلج ويوغل في عدوانه ونقده الأثيم لدولة الإنقاذ؟! وفي كبوة كبرى من قلم الافندي قرر أن الظاهرة التي يسميها (السوبر- تنظيم) قد وجدت في إطار الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ فقال: «وتعود جذور هذه المشكلة كما ذكرنا من قبل إلى نشأة ما أطلقناه عليه (السوبر- تنظيم) داخل الحركة، وهو تحالف بين الجناح العسكري والجهاز المالي فيها على شكل تنظيم سري داخلي غير معروف لغالبية أعضاء الحركة فضلاً عن أن يكون منتخباً من قبلهم كما تقتضي لوائح الحركة. وقد أعطى هذا الوضع لقيادة الحركة سلطة غير خاضعة للمساءلة في التصرف في موارد الحركة. ومن ذلك تعيين الأعضاء المتفرغين وتحديد مخصصاتهم، وترشيح الأعضاء للمنح الدراسية في الخارج أو للوظائف في المؤسسات المالية التي تملكها أو تتحكم فيها الحركة، ثم للوظائف في الدولة في فترة المصالحة». وفي حديث الافندي عن ما أسماه بـ (السوبر- تنظيم) فقد أورد نفسه مرة أخرى موارد العطب الشديد. لأننا إزاء حديثه هذا مضطرون إلى أن نواجهه بسؤالنا المنطقي: إذا كنت تعرف أمر هذا (السوبر- تنظيم) المفزع من قديم الزمان فلماذا سكت عنه ولم تنتقده في الوقت المناسب عندما كنت في خدمة الإنقاذ؟! بل لماذا لم تنتقده قبل ذلك عندما كتبت أطروحتك للدكتوراة، تلك الأطروحة التي جعلتها كلها في تمجيد حسن الترابي زعيم ما تسميه بـ (السوبر- التنظيم) الذي تتحدث عنه وتنتقده الآن؟! لقد كان من شأني أن اطلعت على أطروحتك تلك التي كتبتها في تمجيد حسن الترابي، في نصيها الأصلي الذي قدمته للجنة امتحان الدكتوراة، وذلك الذي استخرج منها وتكون منه الكتاب الشعبي الذي صدر بعنوان (ثورة الترابي)، ولم أجدك في أي من هذين النصين قد وجهت أي نقد لما تسميه الآن (سوبر- تنظيم). إنك أيها الأفندي لماذا لم توجه إلى هذا (السوبر- تنظيم) الذي تشن عليه النكير اليوم أي نقد قبل أن تغادر مكرهاً خدمة الدولة الإنقاذية، وتفقد رتبها، ومرتباتها، وبدلاتها السخية. لقد خشيت آنها أن تنتقد هذا الذي تدعوه (سوبر- تنظيم)، لأنك كنت تتلقى تعليماتك من هذا (السوبر- تنظيم)، فهو الذي اختارك للعمل في وزارة الخارجية، لتحسين صورة نظام الإنقاذ في الخارج وتسويغ ممارساته، وإلا فقل لي من الذي اختارك للعمل بوزارة الخارجية غير هذا (السوبر- تنظيم)؟! دعبل الأفندي: وهكذا هو الأفندي طوال عهده انتهازيا من الطراز الاول، يفصل كتاباته ويحوكها حسب مقتضيات ظروف الخدمة. ولعله أمر ذو بال وعبرة أنه قد حدثنا في مقاله البذئ الأخير أنه قد اختار لنفسه -وبئس ما اختار لنفسه- دِعَبْل الخزاعي إماما ومرشدا، فقال: «ونحن في هذا على مذهب دعبل الخزاعي في أننا نحن الذين وضعنا هؤلاء حيث هم، إذ لو جلس البشير ونافع وعلي عثمان في بيوت آبائهم، أو تدثروا بعصبياتهم القبلية أو العسكرية، أو ببطانتهم من المنافقين الذين يتقوون بهم اليوم، لما تمكنوا من تولي رئاسة مجلس بلدي في مناطقهم».. فكأنه يريد بمنطقه هذا أن يقنعنا أنه هو الذي جاء بجهاده بهؤلاء الأماجد من أعيان الحركة الإسلامية إلى قمة السلطة والحكم! ودعنا قبل أن نتصدى لتكذيب هذه الفرية وتسفيهها، أن نتحدث قليلا عن هذا الشاعر الشيعي الرافضي الخبيث المدعو دعبل الخزاعي الذي نصبه الافندي قدوة له وإماما. فهو شاعر عاش في العصر العباسي، وكان يغلو غلوا عظيما في آل البيت، ويقدسهم أشد التقديس، ويسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد وصفه المؤرخ الكبير ابن خِلِّكان فقال: «كان بذئ اللسان مولعاً بالهجو والحط من أقدار الناس، هجا الخلفاء، الرشيد والمأمون والمعتصم والواثق ومن دونهم». وقد اتصل دعبل الخزاعي بهرون الرشيد، ومدحه بقصائد ذائعة، وأكل كثيراً من رفده، ثم لما مات هجاه بشعر ذائع أيضاً. وفي هذا رو« عبداللّه بن طاهر الخبر فقال: «وما بلغ الشاعر دعبل، ان الرشيد مات حتى كافأه على فعله بأقبح مكافأة»، إذ هجاه وأقذع في الهجاء، فهو في صنيعه هذا كالأفندي سواء بسواء، والأفندي في صنائعه كلها مثله سواء بسواء!! (وبقي لنا أن نتحدث في المقال القادم -بإذن الله- عن جهاد الأفندي المزعوم في إطار الحركة الإسلامية السودانية).
الصحافة 22/11/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
من د. عبدالوهاب الأفندي
ردا على اكاذيب محمد وقبع الله
السيد رئيس تحرير جريدة «الصحافة» المحترم
لقد دأب المدعو محمد وقيع الله على نشر مقالات في صحيفتكم الغراء احتوت على أكاذيب وافتراءات في حقي رددها أكثر من مرة. فقد جاء في مقاله بتاريخ 27 سبتمبر ما يلي: « لقد كان الافندي حينها موظفا دبلوماسيا اعلاميا، وقد أوكلت إليه ادارة الحملة الاعلامية للدفاع عن النظام، وكان يتلقى اوامره المباشرة أو غير المباشرة، من نافع او من هو في مقامه، وظل يؤدي عمله هذا حتى اذا انقضت مدته، وطلب إليه ان يرجع إلى السودان، كما رجع زملاؤه المجاهدون الكرام، طلب هو ان يبقى في لندن- استثناء كأبناء الذوات! - ولما لم تكن اللائحة الدبلوماسية تسمح بذلك، دخل في مساومة مع اهل الانقاذ، عسى ان يخرجوا له العمل الإعلامي الخارجي من حوزة العمل الدبلوماسي، ويولوه أمره، ليديره بعيدا عن المنصب الرسمي، ولما يئست آخر محاولاته انقلب على الانقاذ هجوما مقذعا مستمرا حتى اليوم!! الوضع الاخلاقي الصحيح: لقد كان الوضع «الاخلاقي»، الصحيح الذي يليق بمثقف دبلوماسي شريف، يحتم على مثل الأفندي ان يبادر فيعلن استقالته المدوية، متى ما رأى اعوجاجا في النظام الذي يخدمه ويدافع عنه، لا ان ينتظر حتى تنتهي مدة خدمته الرسمية، ثم يطلب امتدادا لها، ثم ينكفىء بعد ذلك. فهذا تصرف يصعب تقديره او احترامه او ادراجه في ضمن التصرفات الوطنية «الاخلاقية» السليمة. ومن هذا يستبين لنا أن الافندي كان يطيع رؤساءه في الانقاذ، حتى آخر لحظة في مدة خدمته لهم، ثم طاب له أن يغدر بهم من ثم. ثم وعاد وردد في مقاله بتاريخ 22 نوفمبر نفس المقولة حيث جاء في مقاله ما يلي: ( إنك أيها الأفندي لماذا لم توجه إلى هذا «السوبر- تنظيم» الذي تشن عليه النكير اليوم أي نقد قبل أن تغادر مكرهاً خدمة الدولة الإنقاذية، وتفقد رتبها، ومرتباتها، وبدلاتها السخية). ويفهم من هذا أن انتقادي لحكم الإنقاذ جاء بعد مغادرتي الوظيفة الرسمية التي يزعم أنني غادرتها مكرهاً. وقد زاد وقيع الله في مقاله بتاريخ 21 نوفمير حيث اتهمني صراحة بالكذب تعليقاً على ما أوردته عما دار بيني وأحد العلماء الأجلاء ممن لا يزالون على قيد الحياة، وفي حضرة شهود آخرين أحياء، دون أن تكون له بينة تؤيد كلامه، كونه لم يكن شاهداً للحوار المذكور، مما يفهم منه أنه يقول للعالمين أنني شخص معروف بالكذب. والله تعالى أعلم بأينا الكذاب الأشر: من يروي حدثاً هو طرف فيه وكان شاهداً عليه، ومن يرمي القول على عواهنه بدون تثبت. إضافة إلى ذلك فإن هذا الشخص زعم كذباً أنني أنكرت كتابة استعراض كتاب محمد جلال كشك «السعوديون والحل الإسلامي»، وهذا محض افتراء، لأنني أولاً لا يمكن أن أنكر هذا الاستعراض النقدي لكتاب قيم، وهو استعراض أفتخر به كما أفتخر بكل ما كتبت. وثانياً لأنني كمسؤول تحرير عن القسم السياسي في مجلة آرابيا، ثم مدير تحريرها، كنت مسؤولاً عن كل ما ينشر فيها حتى لو يخطه قلمي. وإنني حتى اليوم أفخربكل حرف صدر في آرابيا التي كانت بحق من أفضل المطبوعات التي عملت بها. وحتى يعلم القراء أيضاً من الكاذب، فإنني أطلب من صحيفتكم نشر التصحيح التالي: أولاً: إنه لم يحدث قط أن طلبت مني الخارجية السودانية أو أي جهة حكومية أخرى العودة للسودان في أي وقت. ثانياً: إن فترة خدمتي لم تكن انتهت لأنني كنت، بخلاف الملحقين الإعلاميين الآخرين- موظفاً دائماً في سلك الخارجية السودانية. وبالتالي فإنني لم أقدم طلباً بتمديد خدمتي حتى يرفض، كما أنه لا صحة لمقولة إن الحكومة رفضت طلباً لي لإنشاء شركة أو أي طلب آخر ذي طابع شخصي. ثالثاً: إنني لم أكتب كتابي الناقد لبعض ممارسات الحكم بعد أن تركت الخارجية، بل إنني كنت عند نشر الكتاب ما زلت ملتحقاً بسلك الخارجية السودانية، وظللت بعد ذلك لأكثر من عام. وعليه فإنه لا صحة إطلاقاً لما ورد بأنني لم أجاهر بنقد للحكم حتى نهاية خدمتي، فقد كتبت ما كتبت من تحليل نقدي لأزمة الحركة الإسلامية وأنا ما زلت في الخدمة وليس بعد تركها. رابعاً: إن نشر الكتاب لم يؤد إلى إقالتي من الوزارة، بل بالعكس، إن الأخ د. مصطفي عثمان «وهو حي ناطق بحمدالله» اتصل بي يسألني إن كنت مستعداً لقبول عرض منصب سفير في أي من الدول الغربية. خامساً: إنني طلبت التخلي عن وظيفتي الدبلوماسية بمحض إرادتي، وقدمت استقالتي من الخارجية أيضاً طائعاً مختاراً، وكان ذلك بعد نشر الكتاب وليس قبله. سادساً: إن كل هذه المعلومات موجودة في سجل وزارة الخارجية، وهناك شهود أحياء يعرفون كل تفاصيلها، على رأسهم مولانا علي محمد عثمان ياسين الذي كان قد ضغط علي بحكم الصداقة بيننا ليثنيني عن طلب استقالتي الأول في عام 1993 حين ما جاء سفيراً إلى لندن، والأخ الدكتور غازي صلاح الدين، والأستاذ على عثمان محمد طه وغيرهم. سابعاً: إن كتابي «الثورة والإصلاح والسياسي في السودان» لم يكن أول ولا آخر تناول نقدي يدعو لإصلاح الأمر في البلاد، لأنني كتبت مقالات ناقدة في الصحف السودانية وفي صحف الحياة والقدس العربي، إضافة إلى المذكرات الداخلية التي يشهد عليها الأخ غازي والشيخ الترابي ود. الصادق الفقيه وغيرهم. وبحمد الله فإنني اتبعت دائماً المنهج الأخلاقي المتسق مع الولاء للإسلام ومبادئه، حيث أنني بدأت «ومعي إخوة آخرون كرام» بالنقد الداخلي والنصح عن طريق الحديث المباشر مع كبار المسؤولين والاجتماعات «التي عقد العديد منها في منزلي في لندن في حضور الشيخ الترابي وعلى عثمان وغازي صلاح الدين وعشرات من الإخوة الأحياء» ثم المذكرات. وبعد أن لم يفد كل ذلك خرجنا إلى العلن بالنصح البناء، وعندما لم يجد ذلك اعتزلنا متبرئين بعرضنا وديننا. وقد فصلت ذلك في رسالتي الأخيرة لوزراة الخارجية حينما تم استدعائي للعودة إلى الخدمة في مطلع عام 1997، والرسالة موجودة في ملفات الخارجية. ثامناً: من المضحك أن يقال إنني كنت أتلقى التعليمات من نافع أو غيره، لأننا كنا نعتبر أنفسنا شركاء في الحكم لا أجراء. وفيما يتعلق بنافع شخصياً فإن أول لقاء لي معه كاد أن يتحول إلى اشتباك بالأيدي بعد احتجاجي على اعتقال مراسل «البي بي سي» ألفريد تعبان، وكانت هذه المشادة علنية، لأنها تمت في رئاسة مجلس الوزراء بحضور مدير مكتب الرئيس وقتها السفير نصر الدين وعدد من الإخوة. فنحن لم نكن نخشى يوماً قول الحق، وإن كان أمثال وقيع الله يعتبرون الوظيفة الدبلوماسية مغنماً فإننا ما كنا نقبل بها لأنها دون مقامنا بكثير والحمدلله، لو أننا كنا نعتقد ،مخطئين للأسف- بأننا أمام مشروع أخلاقي ديني كبير لا نستنكف بأن نكون جنوده في أي موقع. تاسعاً: إننا بحمد الله لا نتاجر بديننا ولا بأعراضنا ولا بأخلاقنا، ولا عذر لنا عند الله إن فعلنا، لأن الله يسوق إلينا الرزق بغير جهد منا، وعروض الوظائف تأتينا في عقر دارنا، خاصة بعد أن خلق الله تعالى البريد الإلكتروني. وإننا حين جئنا إلى بريطانيا طلباً للعلم والرزق لم نأت مبعوثين من جامعة سودانية أو جهة حكومية نكثنا بعهدنا لها ورفضنا العودة كما فعل البعض، غفر الله لنا ولهم. الرجاء نشر هذه التصحيحات في مكان بارز في صحيفتكم،. ولو أن غير الصحافة اجترحت علينا هذه الجناية لكان لها معي شأن آخر، ولكننا نربأ بهذه الصحيفة الرصينة أن تكون منبراً لهذا الهراء والكذب الصراح، ولعل المحررين في هذه الصحيفة يهتمون أكثر بمستوى ما ينشر حتى لا تتلوث صفحاتها بما يحط من مقام مطبوعة في مكانتها من غث الكلام وساقط القول. صحيح إن قراء الصحيفة قادرون على التمييز بين ساقط القول وسديده، ولكن البعض قد تجوز عليه بعض المقولات التي يتم تهريبها وسط الشتائم باعتبارها حقائق. على سبيل المثال فإن الأخ العزيز الأستاذ راشد عبدالرحيم حين قام بالرد على افتراءات المرحوم محمد طه محمد أحمد في حقي «وقد كان رحمه الله وغفر له أول من نشر هذه الفرية بغير علم» أخذ على سبيل المسلم مقولته بإنهاء فترة خدمتي ولام الحكومة على ذلك! وقبل فترة لم تطل اتصل بي أحد الأصدقاء ليواسيني لأنه قرأ في صحيفة «الرأي العام» أن السلطات الأمريكية رفضت منحي تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة، وهي فرية لا أساس لها من الصحة، خاصة وأنني لا أحتاج إلى تأشيرة أصلاً لزيارة أمريكا! هذا إضافة إلى أن المقال المذكور في «الرأي العام» زاد كذباً وقال إنني منعت من زيارة الولايات المتحدة حين كنت دبلوماسياً في الخارجية السودانية، وهو ما لم يحدث قط. وهذا ما يستوجب المسارعة بتفنيد الأكاذيب حتى لا تنتشر على ألسنة الجهال ويعم شرها. مع تحياتي أخوكم عبدالوهاب الأفندي لندن الخميس، 22 نوفمبر
الصحافة 25/11/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
تحت الضــــــوء
بقلم علي اسماعيل العتباني
emai:[email protected] ثوار (النفخة) اليهودية.. و(ترابي) السودان الجديد
المهرولون.. سيناريو الفوضى والتخريب
ماذا يريد (الشيخ) بعد أن صفق له الشيوعيون؟
حكمة البشير تقول (لا غالب ولا مغلوب).. والخاسر هو الوطن
زعيم المؤتمر الشعبي يحركه العطش للوظيفة السياسية
--------------------------------------------------------------------------------
لعل معظم الزوار الذين غابوا كثيراً عن السودان وزاروه في الفترة الأخيرة ترتسم علامات التعجب والدهشة على وجوههم بسبب ما يرونه من مظاهر النهضة.. سواء كان ذلك في سريان الكهرباء.. أو في الجسور المبنية على النيل.. أو في الطرق الممتدة محلياً أو قارياً.. أو في ظاهرة البناء العمراني.. أو النظافة النسبية التى تعم العاصمة والمدن.. مع ملاحظتهم للتمدد السكاني الرأسي وتضخم أعداد المواطنين في العاصمة. ولكن يبدو ان الناقمين والحاسدين لا يعجبهم ـ كما يقولون ـ العجب ولا الصيام في رجب.. ولذلك يحاولون التقليل من هذه العلامات والمظاهر والقياسات والاشياء.. ولكننا نقول ليت التقليل يقف عند الكلام.. الذي أصبح سلعة تباع وتشترى.. والناس أحرار في ان يشتروا السلعة التى تناسبهم.. ولكننا عندما نذكر ظاهرة الثورات المسلحة التى إجتاحت السودان شمالاً وجنوباً فلا يكون الحديث هنا للبيع والشراء.
--------------------------------------------------------------------------------
محاولات التخريب
وعندما نقول شمالاً، نقصد تلك التمردات التى برزت في شكل قطع طرق وإختطاف في كردفان.. وكذلك المحاولات التى ظهرت من قبل ومحاولات قطع الطريق القومي في شرق السودان.. وتفجير انبوب النفط.. وما حدث من دمار شامل في دارفور.. وما حدث ويحدث في جنوب السودان.
ولعلنا نريد أن نخلص إلى جملة مختصرة في ذلك.. ولعل هذه الجملة كي تطمئن إليها النفوس لا بد لها من البحوث والدراسات الكثيرة والمتعددة.. وقد بدأت هذه الابحاث تبرز خاصة تلك المتعلقة بدور اسرائيل في المسألة الجنوبية.. وبدور اسرائيل في مسألة دارفور.. وبدور اسرائيل شرقاً وغرباً وشمالاً.
ولذلك لا عجب ان لامس الرئيس البشير هذه القضية.. ذلك ان اسرائيل تحس ان بينها وبين السودان ثأرات وتصفية حسابات.. لأن السودان هو القطر العربي الوحيد الذى لم يطبع مع اسرائيل.. وهو القطر الوحيد الذى يحتفظ بعلاقات طيبة بحركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية.. وهو كذلك القطر الوحيد الذى ينظر بموضوعية إلى مسألة العلاقات مع إسرائيل، ويعرف تماماً ان قطار التطبيع الذى شمل معظم الدول العربية تم بلا ثمن وبلا تضحيات وبلا مقابل إيجابي على الشعوب.
ولذلك لا عجب ان هرول بعض من من يسمون أنفسهم بالثوار ودفعوا فواتير غالية من أجل أوهام البروز والقيادة وعانقوا «الشيكل» الإسرائيلي.. باعوا تاريخ أمتهم وقرآنها وتعاليمه.. وباعوا الثورة الفلسطينية كما باعوا النهضة الافريقية.. وباعوا السودان وخربوا وحرقوا ودمروا وقتلوا.. باسم الثورة تارة.. وباسم السودان الجديد.. وباسم تحرير دارفور.. ولكنهم في الحقيقة مجرد «نفخة» إسرائيلية.. وفقاعة امبريالية.. ولعبة من صناعة النظام الدولي الجديد.. ولعلنا نعتقد ان هذه «اللعبات» ستستمر.. وان التدخلات الغربية في السودان ستتكثف رغماً عما قيل في الاعلام عن ان الادارة الامريكية وبخت النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير على وصفه الجارح لاتفاقية السلام، وأوصته بأن يمضي في المشوار إلى الانتخابات.. وإلى ان تبرز قيادة جديدة للجنوب منتخبة، وطمأنته على ان الادارة الامريكية ستوافق على رؤية أهل الجنوب سواء كانت انفصالاً أو إتحاداً أو فدرالية.
ولذلك لا عجب ان هدأت النخبة الجنوبية.. وهدأت الاصوات التى أرادت التصعيد واشعال الفتنة.
يبيعون الوطن
ولكننا نتساءل لماذا لا يحب بعض ابناء البلد أهلهم.. ويكرهون تراب بلدهم.. ويبيعون سمعة بلدهم من أجل دريهمات أو وظائف.. بل من أطرف ما سمعنا ما حدث في المحاكم البريطانية، حينما رفضت تلك المحاكم طلب منح حق اللجوء السياسي لخمسة من ابناء دارفور بحجة ان الأمن مستتب في السودان ويمكنهم ان يرجعوا إلى المخيمات ويعيشوا مع اللاجئين أو النازحين.
ولكننا نسأل أهل دارفور في الخرطوم.. وأهل السودان كافة.. هل يمكن أن يكون هناك آلاف من المطلوبين من ابناء دارفور للحكومة أو الدولة السودانية، وهي التى مهدت للقاء منى اركو مناوي وعبد الواحد محمد نور في قلب مدينة الفاشر.. بل ان كبير مساعدي رئيس الجمهورية قبل توقيعه لأبوجا كانت قواته قد دمرت طائرات السودان السبع، وقتلوا في معركة الفاشر اكثر من سبعين من منتسبي القوات المسلحة. وهو الآن كبير مساعدي رئيس الجمهورية.. فاذا كان الأمر كذلك، كيف يكون هناك مجرد جالية سودانية لا حول لها ولا قوة مطلوبة للدولة السودانية.. ونسأل.. أين سفارات الاتحاد الأوروبي.. وأين سفير بريطانيا من ذلك؟..
الدولة السودانية ليست ضد هؤلاء الناس.. والحكومة السودانية ليست ضد هجرتهم ولا ضد سعيهم لنيل مباهج الحداثة.. ولعلنا نعرف الكثيرين الذين يريدون تأشيرة الدخول إلى بريطانيا وأوروبا وإلى امريكا والعالم الجديد.
ولكن المفروض ان لا يربط المرء تحسين أوضاعه، أو ان نيله للتأشيرة بصك بيع بلاده.. وتشويه سمعة أهله وبلده.. وقضية بعض شباب دارفور طالبي اللجوء في المحاكم البريطانية التى خسروها في آخر مراحل التقاضي، تكشف ان العالم بدأ ينتبه ان هنالك تضخيماً لما يجرى في دارفور.. وان هنالك كذباً وبيعاً ومتاجرة وغشاً باسم دارفور.. بل ان المجموعات الموالية للوبي السوداني والبريطاني كسبت قبل ذلك قضية أخرى.. وهي قضية ان الاعلانات المدفوعة القيمة عن دارفور كلها كاذبة ومبالغ فيها وجاء المحضر ليؤيد ذلك.
الوثائق والحقائق
إذاً.. نحن نعلم ان هنالك وثائق سرية داخلية، وان الحكومة والسفارة البريطانية تعرف تماماً ما يجري في دارفور.. ولكنها لا تريد ان تصارح الاعلام.. ولا تريد ان تقول الحقيقة في أنه لا خوف على أهل دارفور لا في الخرطوم أو الفاشر.. وان الذين خسروا القضية مسكونون بكراهية أهلهم وبلدهم.. ومع ذلك يعلنون أنهم قادمون لتحرير دارفور أو السودان.. وبعضهم لم ير بلده أو أهله أو يرسل لهم حتى بضع دريهمات في السنوات العشر الأخيرة.. وبعضهم تبرأ عملياً من بلده.. مما يجعلهم حالة دراسة لماذا يكرهون واقعهم.. وروايات استاذنا الأديب الطيب صالح تكشف ان الشخص السوي يحب أهله وجيرانه ومجتمعه كما قرأنا في «موسم الهجرة إلى الشمال» وفي «بندر شاه» وغيرهما..
المناصير نموذجاً
وها نحن نرى ان الحالات السوية يمكن ان تعالج.. فأهلنا «المناصير» حينما تحدثوا عن ظلم الدولة لهم لم يحرقوا بيوتهم.. ولم ينزحوا عنها.. بل أصروا على الاستمساك بها، إلى أن تراجعت الدولة فنصرتهم جزئياً أو كلياً وهو ليس المهم.. ولكن المهم ان الانسان الحريص على أهله وبلده وعلى دينه لا يمكن ان يبيع ذلك بدراهم معدودات.. ومع ذلك فإننا نريد لأزمات السودان ان تطوى ونرايد للأزمة بين الحركة الشعبية والحكومة ان تطوى ملفاتها من أجل الانسان الجنوبي.. ومن أجل انسان السودان.
ويبدو، ان «الإخراج» في هذه الازمة اهم من المحتوى.. ولذلك فإن حكمة الرئيس البشير جاءت بنظرية «لا غالب ولا مغلوب».. فالخاسر هو الوطن.. وقد قرأنا ذلك من خلال كلماته في المؤتمر القومي للمؤتمر الوطني، ومن خلال مؤتمره الصحفي..
بوصلة الترابي
ولكن مع ذلك وفي إطار هذه الأزمة لنا ان ندخل في حوار موضوعي مع الدكتور حسن عبد الله الترابي.. باعتباره الشيخ الذى تعلمنا منه الكثير.. والذى كنا نضعه نموذجاً للمشيخة الدينية.. ونموذجاً للقيادة الوطنية.
ونسأل.. ماذا يريد الدكتور حسن الترابي؟.. خصوصاً بعد ان دخل دار الحزب الشيوعي، وصفق له الشيوعيون وقالوا له الباب مفتوح فلا تغيب.
ولكن على ماذا تشير «بوصلة» الدكتور الترابي.. وعلى ماذا تشرق أنوار الدكتور الترابي.. وما هو مشروعه.. هل يريد فعلاً خدمة أغراض الثقافة الاسلامية وإشاعة ثقافة الحوار.. وإذا كان ذلك كذلك، فمرحباً بالدكتور حسن الترابي في نادي الحوار والعيش المشترك وثقافة الاعتراف بالآخر.. وإذا كان الدكتور حسن الترابي يريد ان يدفع بنا والاسلاميين في إتجاه الدخول في الحوار مع الشيوعيين واللا دينيين من أجل بسط المشروع الاسلامي، فمرحباً بذلك ونحن في انتظار المزيد.. ولكن هل هذه أجندة الدكتور الترابي؟.. أم فقط يريد إستخدام القدرات الشيوعية ويوظف ما بقى من طاقتها الحركية في تأديب تلاميذه.. وهل يؤمن الدكتور حسن الترابي حقيقة بالحريات والديمقراطية. أليس في دواخل الدكتور الترابي وجدول أعماله الخاص إلا الديمقراطية.. ونسأل أية ديمقراطية يعني؟.. خصوصاً وقد تم تجريب الدكتور الترابي، فكان مع حل الحزب الشيوعي.. وكان مع «إمامة» الرئيس النميري.. وكان يضحك على من سجنهم معه في كوبر بمن فيهم نقد والتجاني الطيب والميرغني والمهدي.. وكان مع بيعة الرئيس البشير التى عمل ان تكون وراءها بيعة له.. وكان مع عرس الشهيد ثم إنقلب على ذلك..
عطش.. وهوس
وعلى ما يبدو أن أجندة الترابي ومشكلته بالرغم من علمه وفقهه وأسبقيته غير المنكورة، أنه يتحرك بواعز المتعطش للوظيفة السياسية الكبرى، والتى وصلت عنده لدرجة «الهوس».
ولعل كل تلامذته لا يتفاجأون عندما يرون الدكتور حسن الترابي وقد أصبح ترابي السودان الجديد.. وترابي ثورة دارفور.. وترابي ثورة الحريات.. وآخرها التنسيق مع الحزب الشيوعي.. وأصبحت أياديه ممدودة إلى كل بؤر المنغصات السياسية..
ولكن قبل هذه المفاجآت.. على الترابي ان يلحق تلاميذه وحواريه الذين أصبحوا مدمنين لتقلباته.. وأصبحت صدماته محببة تزيل الغشاوة والكآبة التي تحجب عنهم مغزى تقلباته العديدة في التعامل.. وإصراره الممنهج على إقتلاع أى شئ ضد أهوائه.. حتى رأينا أتباعه يهرولون إلى صلاة العيد في «ود الترابي». ويتركون كل صلوات المؤمنين في الخرطوم ميممين نحو «ود الترابي» تلك القرية الوادعة على النيل الأزرق لاداء صلاة العيد هناك خلف الدكتور الترابي.. مروعين حتى أهل بلدته الهادئة الذين لهم صلاة تجمعهم وتوحدهم.. ولكن لا يأتي الدكتور الترابي إلا ليشق عليهم حتى على أهل بيته.. ويقسّم أهالي ود الترابي إلى قسمين بمجتمع مستورد من خارج ود الترابي. وتصلي ود الترابي صلاتين للعيد.. وكأنه اراد ان يضاعف أهله وجمهوره ولكن من أين.. ليس من أبناء ود الترابي الذين لهم صلاتهم.. ولكن من أتباعه من أنحاء العاصمة المختلفة.
فنان خالد
وهكذا.. يظل الدكتور حسن الترابي يمارس هواياته في ضرب السودانيين بعضهم بعضاً.. والميت منهم قد لا يعني عنده شئ.. والحي مجرد مطية تسخر تارة في عرس الشهيد، وتارة في دار الحزب الشيوعي..
وبالنسبة إلى جمهوره فإنه يبقى «فنان» خالد.. هم دائماً مع الموسيقى والألحان ولا تهم الكلمات والمعاني.. ولايهم المحتوى سوى أن نفى السمعيات أو تلاعب بالمقدسات.
ومع ذلك فإننا نحترم الدكتور حسن الترابي لاعتقادنا بأن تسعين بالمئة من أفضال بناء الحركة الاسلامية تعود إليه.. ولكن للأسف فإن البطانة التى حوله الآن لا تقول له أيها الشيخ الوقور إنك أخطأت هنا.. ولا تقول له أيها الشيخ الفقيه إنك تجاوزت السقف الأحمر.. ولعلها مشكلة أن تتحول العلاقة بين الشيخ والاتباع في الحركة الاسلامية إلى صلة بين شيخ ومريديه في طريقة صوفية، أو إلى إصابة بفوبيا العاطفة والاعجاب بكاريزما البطولة والشخصية، لدرجة الانتحار والفناء فيها.
ولكن مع ذلك نقول للرئيس البشير ان كل ما لا يقتلك يقويك.. وأن كل هذه المؤامرات سواء كانت شرقية أو غربية.. وكل هذه الجرعات السامة أعطتك مناعة، وأعطت أعوانك والانقاذ حصانة، فلذلك لا عجب أن البلاد الآن في أفضل اوضاعها الاقتصادية.. وان الحركة الشعبية التى ارادت ان تفجر موقفاً هاهي تدخل بيت الطاعة مرة أخرى.. وأن الأرض تهتز تحت أقدام متمردي دارفور وبدأوا يخسرون البيئة العالمية.
ولكن مع ذلك نقول ان الصلح خير، وهو الأفضل. وعلى السودانيين ان يستعينوا بالحوار، وان يدخلوا في السلم كافة ويحافظوا على مشروع السودان، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، بالانتخابات وبتقرير المصير. الراى العام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
لترابي: المجموعة الحاكمة في السودان «كرّهت الناس في الإسلام»
الترابي: الحكام في العالم الإسلامي «خونة وناقضو عهود» والسودان صار بلد «نحس وخيانات»
الخرطوم: اسماعيل ادم لندن: مصطفى سري واصل الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي هجومه العنيف على حكومة الرئيس البشير من خلال زيارته التي يقوم بها الى الولاية الشمالية، وقال ان المجموعة الحاكمة الان في السودان «كرّهت الناس في الاسلام» بانتهاج السلوك المشين. واضاف «هؤلاء حللوا الربا بواسطة فتوى من احد شيوخها». وقال ان السودان بات بلد «نحس وخيانات» سيما بعد تجاوز الحل الداخلي للأزمات واللجوء الى إشهاد العالم على الخلافات والاتفاقيات والاستعانة برؤساء دول كانوا أنفسهم لاجئين في السودان، وهاجم الدول العربية لتخليها عن الشريعة والتعامل بالربا والارتهان للغرب، ووصف الحكام في العالم الإسلامى بـ«الخونة وناقضي العهود». وقال لمواطني منطقة «امري» الذين تم تهجيرهم من مناطقهم الاصلية بسبب قيام سد في المنطقة «انتظروا حقوقكم فى الآخرة»، وجزم بان المحكمة الدستورية في البلاد لن تردها لهم «لأنها مأمورة». واضاف «توقعت ان يكون حالها أفضل لكن فوجئت بتردي خدمات المياه والصحة والتعليم»، ومضى الى القول «هذا استهتار وخم المواطنين». واستنكر الترابي ما اعتبره تستر المسؤولين تحت الحصانات، وقال «لا توجد حصانات يوم القيامة». ووجه انتقادات الى لجنة تعمل للوفاق الوطني برئاسة الرئيس السوداني السابق المشير عبد الرحمن سوار الدهب، وقال «إنها ظلت تنتظر منذ شهور إشارات من رئيس الجمهورية ومساعده نافع علي نافع»، وقال بأنه طلب من رئيسها مناصحة المشير عمر البشير خاصة وانهما يحملان ذات الرتبة العسكرية. الى ذلك، وقع «24» حزباً سياسياً من بينها حزب الامة القومي والشيوعي والمؤتمر الشعبي بمنزل الصادق المهدي رئيس حزب الامة المعارض على ميثاق الهيئة السودانية الشعبية للدفاع من اجل الحريات الى جانب «32» منظمة مجتمع مدني واتحاداً، وقال السكرتير العام للحزب الشيوعي المعارض محمد ابراهيم نقد عن الاحزاب الموقعة: نحن دائما في حالة تحد لجمع الصف ومنازلة من يحكمون السودان بما لا يتناسب وطبيعة أهله، ودعا الى ضرورة النضال ضد القوانين المصادرة للحريات. 27/11/2007 الشرق الاوسط
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
العدد رقم: 738 2007-12-04
بين قوسين زيارة الترابي إلى مروي
عبد الرحمن الزومة كُتب في: 2007-12-02
على عادة زعيم المؤتمر الشعبي السيد الترابي في إثارة (غبار) على كل منشط من مناشطه، وذلك في محاولة فيما يبدو لسد النقص في ذلك المنشط، فقد مارس الشيئ نفسه ابان زيارته لمروي. وبما أن كل الدلائل والشواهد تؤكد أن الزيارة كانت ذات مردود كارثي (بالنسبة له طبعاً) فقد حاول اثارة ضجة حولها وذلك لصرف الأنظار عن النتائج المحبطة (أيضاً بالنسبة له) لتلك الزيارة وذلك بالادعاء أن السلطات قد (ضايقته) وضيقت عليه مما أثر على برنامج الزيارة، والعكس تماماً هو الذي حدث! يقول المسؤولون في المحلية إن المؤتمر الشعبي في مروي قد تقدم بطلب لإقامة ثلاثة لقاءات سياسية لزعيم حزبهم: واحدة في مروي (الميناء البري)، وأخرى في كريمة وحدد لها الساحة التي تقع أمام الإستاد، والثالثة في أمري (القرية 3 ميدان كرة القدم). ولقد حضر أمين الحزب الاجتماع مع سلطات المحلية ووافق على الترتيب أعلاه. هذا هو واجب السلطات المحلية بالولاية وقد قامت به على خير ما يرام ووفرت للرجل كل وسائل الراحة والحماية والحراسة، اذ كانت عربتان مدججتان بالسلاح على أهبة الاستعداد لحمايته. بالفعل أقيمت الندوات الثلاث في الأزمنة والأمكنة، غير أن الذي (ضايق) الرجل وكبار قادة حزبه المرافقين ليس هو ترتيبات السلطات المحلية بل هو (الحضور البائس) الذي جذبته الندوات والمتحدثون!. كان الحضور في الندوات الثلاث كالآتي وألفت نظر السادة القراء الى أن الأرقام التي سأوردها هنا ليست تقريبية بل هي عملية تعداد (على داير الرأس): في مروي (200 شخص).. في كريمة (220) شخصت. في أمري (270) شخصاً، مع ملاحظة أن الأعداد المذكورة تشمل أفراد الأمن الذين كانوا يقومون بواجبهم الروتيني في مثل هذه المناسبات، ولقد (تبرعتُ) للمؤتمر الشعبي بإضافتهم الى حضور الندوة ولا أريد أن أكشف عددهم، غير أنهم لا يقلون عن عشرة في كل ندوة. يبدو ان الرجل قارن ذلك الحضور (المتواضع) بالحشود الهادرة التي استقبلته في آخر زيارة له (أيام عزه) فقال لمستمعيه انه سيبدأ من (أول وجديد)! علق أحد الخبثاء قائلا: حسناً لكن يا مولاناً (مافيش وقت)! تحدث الرجل و(أفتى) بتحريم العمل في جهاز الأمن الوطني وهو نفس الجهاز الذي يحميه في حله وترحاله ويحمي تراب الوطن وإنسانه، ثم هاجم المؤتمر الوطني وقال انه صرف لكل عضو في المؤتمر العام الأخير مبلغ (اثنين مليون جنيه) على أقل تقدير! أنا كنت عضواً في هذا المؤتمر ولمدة ثلاثة أيام كنت (مبطل أشغالي) ولم أصرف (ولا مليم) وكتبت عن المناسبة ومنذ تصريح الرجل في مروي سألت أكثر من (خمسين) عضواً مثلي شاركوا ولم يستلموا (استحقاقاتهم) التي قال عنها (الشيخ)، عليه فإننا نطلب من الرجل (مساعدتنا) في تحصيل تلك الاستحقاقات اذا كان متأكداً من (معلوماته)، وإن كان العكس فإني أنصحه ألا يورط نفسه ولسانه بهذه الطريقة. من ضمن ما أثاره الترابي عن ندوة مروي أنهم طالبوا بإقامتها في (السوق) مع ان المسافة بين السوق ومحل اقامة الندوة حوالي (500 متر)! سألت أحد كبار المسؤولين في المحلية عن اتهامات الرجل (بأنكم أثّرتم) على برنامج زيارته. قال لي الرجل: ان (التقصير) الوحيد هو أننا لم نقم بحشد الجماهير له.
السودانى ش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتنة السلطة والجاه....الهمز واللمز بين الاخوان !! (Re: الكيك)
|
رسالة لشيخ على اخر لحظة
ترددت كثيراً قبل كتابة هذه السطور، فالرجل الذي أخاطبه ليس بالرجل الهين وانا شخصياً أكِنّ له قدراً كبيراً من الإحترام والتجلة كيف لا.. وهو شيخنا الذي تربينا على كلماته الرصينة.. القوية فكان قدوتنا الذي نفخر بأن نكون من تلاميذه وتلميذاته وحيرانه، فيا شيخنا لك العتبى حتى ترضى ولكن ظرف الحال هو ما اضطرني الى توجيه هذا العتاب لك أنت خاصة دون سواك وذلك لعشمنا فيك وعلمنا التام بأنك لا ترضى عن الظلم خاصة اذا كان موجهاً لأخواتكم في الله وأخواتكم في طريق الدعوة والحرية والسلام.
إنضممت الى الحركة الإسلامية منذ بواكير الصبا، ولم أكن قبلها بعيدة عنها فمبادئي وأخلاقي نمت على حب الدعوة الى الله وانتهاج طريق المصطفى «صلى الله عليه وسلم» لذلك لما عرضت عليّ الفكرة من قبل إحدى صديقاتي بالمرحلةالثانوية وجدتني أقبل عليها بحماس شديد بل وصرت في مدة لا تتجاوز الشهرين من أبرز (الأخوات) المعروفات بالمدرسة والمنطقة التي أسكن فيها وصرت اشارك في المناشط الدعوية خاصة بمسجد المدرسة، ومساجد الأحياء من تحفيظ للقرآن وتجويد له، وجلب علماء الدين الى دور المؤمنات التي انشأناها لتعليم النساء أمور دينهن، هذا في الجانب الدعوي أما بالنسبة للسياسي فقد انخرطت في اتحاد المدرسة واصبحت نائبة رئيسة الاتحاد والسكرتير الخارجي للاتحاد، ونشطنا في تجنيد الأخوات بالمدرسة حتى صار نصف الطالبات بالمدرسة منضويات تحت لواء (الحركة الاسلامية)، ولما جاءت ثورة (الإنقاذ) وتم تكوين المؤتمر الوطني كتطور طبيعي للحركة الاسلامية أيدنا الكيان الوليد ودعمناه بكل الوسائل وفرحنا وأخرجنا الطالبات لمسيرات التأييد والمباركة واندمجنا في أمانات (المؤتمر) بالمحليات وقدنا حملات الإنتخابات وكنت في آخر حملة لانتخاب رئيس الجمهورية ونواب المجلس البرلماني، عضوة بغرفة عمليات الانتخابات بمحليتنا ومسؤولة عن قطاعي الطالبات والشابات بالمحلية اللائي كانت نسبة أصواتهن هي المرتكز الاساسي لفوز الحزب وفوز المشير عمر حسن أحمد البشير بالدائرة.
المهم بذلت وبذلت مثلي الكثيرات من (الاخوات) كل ما لديهن من جهد لتمكين حزبنا الكبير حتى يساهم بدوره في الارتقاء ببلادنا ويعمل على راحة ورفاهية الوطن والمواطن وكنا نأمل أن تهتم بنا الثورة وتهتم بنا الدولة التي بذلنا ومازلنا نبذل في سبيل تمكينها الغالي والنفيس إعلاء لرايةالله، ولكن ويا للأسف.. انفرد (أخواننا) الرجال بكل شيء.. ولم يبقوا لنا شيئاً...!
وأنا هنا دائما استرجع دعاء الرسول «ص» واستقطع جزءاً من النص والذي يقول فيه (اللهم اني اعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال). نعم يا شيخ علي.. (قهر الرجال) فنحن منذ انضمامنا لركب (الحركة الاسلامية) ثم (المؤتمر الوطني) وكل ما حولنا يقوده الرجال، من الاتحادات والقطاعات المختلفة للحركة والمؤسسات والمراكز ومن والوزارات والشركات الخاصة فقط وزيرة واحدة هي الاستاذة سامية أحمد، و لم يبقوا لنا شيئاً، رغم أنهم يستهلكوننا حين العمل والتعبئة والانتخابات لكننا نحتسب لله ونصمت، وظللنا نسمع في مؤتمرات الشورى بأن مكان المرأة (محفوظ) وأن هناك نسباً محددة للمرأة في كل القطاعات.
ولكن عندما نعود إلى أرض الواقع نجد أن هذه النسب لا تساوي نسبة (1%) فقط والباقي يسيطر عليه الرجال ..«اللهم إني أعوذ بك من قهر الرجال» نعم يا (شيخ علي).. أخواتكم في الله مظلومات ومقهورات، كثيرات منهن لا يجدن الوظائف والمؤسف أن الجهات التي يذهبن اليها يسيطر عليها اخوانهن في الله أو (كما يدعون) أما بالنسبة إلي فقد وصلت إلى حالة من اليأس والقنوط لا يمكن وصفها ولولا بقية الايمان لدي وعلمي أن رحمةالله واسعة، وأملي بأن معنا شيخنا وقدوتنا (علي عثمان) الذي أعلم بأنه لا يرضى عن الظلم خاصة لاخواته في الله، ذهبت ابحث عن كل الطرق للقائك ولكنني أعود أردد اللهم إني أعوذ بك من قهر الرجال).
فكل إخواننا الذين لجأت إليهم حتى أصل اليك دائماً يتذرعون بالحجج الواهية ومنها عدم قدرتهم على ذلك!! وأنا أعلم علم اليقين بأنهم لو أرادوا ان يوصلوني اليك لفعلوا ولكن الكل اصبح يؤثر مصلحته الخاصة.
(شيخ علي) : كم أعجبت بك وأنت ومعك نفر كريم في رمضان المنصرم تقومون بزيارة بعض الشخصيات الوطنية في اطار برنامج الراعي والرعية، وكم سالت دموعي ساخنة وانا اتضرع الى الله بأن أكون واحدة ممن تقومون بزيارتهم في هذا البرنامج الخير، حتى أنقل لك واقع المعاناة التي أعيشها وتعيشها معي أعداد كبيرة من (اخواتكم في الله)، وليس لهن من معية بعد الله سواك فهل - يا شيخ علي - يتحقق حلمي بأن أراك يوماً ما؟! التحية موجهة للأخ الهندي عز الدين.. صاحــب القلم الجــرئ.. والكلمــة الصادقة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أختكم في الله ع.ف.
| |
|
|
|
|
|
|
|