الصادق المهدى ....تحفظات مشروعة على اتفاق السلام

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 01:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-19-2004, 08:58 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدى ....تحفظات مشروعة على اتفاق السلام



    السودان: كيف ننقذ السلام القادم من أخطاء ومخاطر الثنائية؟

    الصادق المهدي *


    تتقدم السودان مع نهايات هذا العام أخبار ونشرات وتعليقات وسائل الإعلام شرقا وغربا ، فيما يتأهب أهله مع هذا الزخم الإعلامي لاستقبال توقيع سلام بين الشمال والجنوب ، قطع طرفاه تعهدا به أمام مجلس الأمن ، الذي هاجر اليهما في جلسة خاصة له بنيروبي عاصمة كينيا ، كانت الرابعة فقط في تاريخه التي يجتمع فيها خارج مقره . وعلى كثرة الاسئلة التي تحيط بموضوع هذا السلام القادم ، وبمستحقاته ، وبمستقبل السودان وهو يضع أقدامه على الذكرى التاسعة والأربعين لاستقلاله في الفاتح من يناير القادم ، يتقدم سؤال واحد وضخم ، يكاد يبتلع في داخله ما عداه من أسئلة ، وهو: هل هذا هو السلام الذي ترقبه السودانيون، وهل له أن يصمد في ضوء معطيات وإفرازات وتجليات كثيرة ظلت تفرزها ساحة السودان السياسية ؟
    ولا أخفي أن تقديمي لهذا السؤال إنما يجيء منطلقا من مساهمات سياسية وفكرية كثيرة ، لبيت فيها دعوات كثيرة ، شرقا وغربا في منتديات وورش عمل ، وبالتالي ، فمثل هذا السؤال يتيح على الأقل تلخيص رؤيتي كسياسي تثاقف مع السياسة وفكرها لأكثر من أربعين عاما ، وليس كمجرد رئيس حزب. وأقول بذلك من قناعاتي بأن أي عمل أو جهد لا يستهدي بفكر فهو أعمى.
    ودعونا نسجل بداية ، أن فرصة السودان كبيرة لاستثمار عائدات هذا السلام، بقدر ما هناك مآزق ومحاذير كثيرة سيستصحبها وهو لا يزال في المهد ، مع أن هذا السلام قد انطلق أصلا من قناعة أن الحرب لن تحسم أمرا ، ولا يمكن أن تكون حلا ، وأن الحل لا بد أن يكون بالتفاهم والتفاوض. ولكن ، ومع ذلك ، فالطرفان اللذان خاضا غماره ، فعلا ذلك من رؤيتين متناقضتين.
    فالجبهة الإسلامية ، أو المؤتمر الوطني ، خاض معركة السلام من رؤية حزبية ، أرادت بها أن يمدد السلام من عمرها في الحكم ، من خلال التحالف مع أقوى خصومها عدة وعتادا ، وهي الحركة الشعبية ، فيما ستشتري لنفسها بالسلام حماية من الأسرة الدولية تقيها من جرائمها التي ارتكبتها في الفترة السابقة ، وبالتالي من أي ملاحقات جنائية ، وعينها هنا على سوابق كثيرة في الآونة الأخيرة وهي معروفة.
    والحركة الشعبية أرادت ومن منطلق مغاير أن يمهد لها السلام لسودان جديد وفق مصطلحات ومدلولات خطابها السياسي ، وأن هذا السودان الجديد لا بد وأن يكون (معلمنا ومؤفرقا) ، أي علمانيا وأفريقيا ، وبالتالي فجون قرنق أقدم على السلام وهو يمتطي ظهر حصانين ، حصان النظام وحصان مخاطبة المستقبل على حساب الدولة.
    أما ثالثة الأثافي مع هذا السلام ، فتكمن في الاتفاق الظاهر بينه وبين جهات أخرى على رؤيته تلك بحصانيها ، وكأن بين بنود ذلك الاتفاق أن يكون هذا السلام مؤقتا ومرحليا وله ما بعده .
    وهناك الجدلية القائمة ، لجهة أن هذا السلام القادم نفسه لم يأت من مبادرة ذاتية ، بقدر ما أتى بضغوط خارجية ، ومن بين ما يدعم ذلك أن هذا السلام لم يأخذ انطلاقاته وزخمه الا مع مجيء المبعوث الأميركي دانفورث ، والقول بذلك يأتي من كون محادثات السلام بين الطرفين ظلت تتلكأ منذ عام 1994 الى أن حوصرت في ماشاكوس ، وتم فرضها بطريقة غير ديموقراطية وخالية من الشفافية ، فيما ظل عاملا الحرص والمبادرة بيد الرافع الأميركي ، لتستمر بعد ذلك حالتا الابتسار والاستفراد المشهودتان ، فكينيا دولة المقر، استفردت بالشأن وأقصت مجموعة الإيقاد ، بل أن شركاء الإيقاد تقلصوا من بعد الى ما عرف بالترويكا الثلاثية ، فيما كان التفاوض أصلا قد تم اختزاله بين طرفين ، دعك عن عنصر ومناخ السرية الذي لازم كل مسارات العملية .
    من هنا ، كان من الطبيعي أن يحدث كل ذلك ردود أفعال ، لم تتوقف عند القوى الساسية الكبيرة التي تم تغييبها في الشمال والجنوب ، وإنما في داخل نظام الإنقاذ نفسه . فهناك المجموعة التي عرفت بمجموعة الـ 44 ، وتضم النواب الذين يمثلون مناطق التماس ، أي الدوائر الانتخابية الواقعة على الحزام الجغرافي بين شمال السودان وجنوبه ، ولهؤلاء اعتراضات كثيرة يمكن إجمالها في قولهم إنهم لم يستشاروا في الأمر. وهناك منبر السلام العادل ويضم الطيب مصطفى وآخرين ، وهؤلاء يعترضون على اتفاقية تتم مع هذا النوع من الضغوط ، وهناك غازي صلاح الدين ومجموعته باعتراضاتها التي تطعن في كل الاتفاقيات التي جاءت بعد بروتوكول ماشاكوس الذي وقع عليه غازي، وهناك ندوة الأكاديمية العسكرية التي ضمت رتبا عليا من القوات المسلحة والنظامية من بين العاملين والمتقاعدين ، وقد أبدت تحفظاتها على البروتوكولات الأمنية .
    وعلى ذلك ، إقرأ تداعيات مماثلة على صعيد الحركة الشعبية بسبب حالة الإقصاء والاستفراد التي مارستها ضد القوى الآخرى ، وكان أول ردود فعلها محاولة اقتربت من الإطاحة بجون قرنق نفسه ، وبين تلك القوى تجمع يوساب والمنتدى المدني السوداني وقوة دفاع جنوب السودان ، ولهذه القوة وزنها العسكري الثقيل ، لأنها جزء من أمن المدن التي توجد فيها القوات المسلحة السودانية ، ولها دور في حماية حقول النفط ، وقد تحالفوا مع الحكومة ضد قرنق ليس لأنهم مؤيدون للحكومة ، ولكن لأنهم معادون لأهداف الحركة الشعبية . ومن هنا فمن المستحيل أن ينظر هؤلاء أو يأتمنوا على مصالحهم في إطار هذه التسوية التي ستأتي مع توقيع اتفاق السلام .
    أما على صعيد القوى السياسية الشمالية فحدث ولا حرج ، فحزب الأمة، أكبرها مغيب ، ولتجاوز هذه العقبة أقدمت الحكومة على إنشاء منبر القاهرة لمفاوضة التجمع الوطني المعارض، وغالب فصائله شمالية، ولكن مشكلة تلك المفاوضات أن سقفها محدود ومشروط بقبول مرجعية بروتوكولات ماشاكوس ـ نيفاشا كما هي ، ومن هنا كان من الطبيعي أن كل العناصر التي تملك رؤية مختلفة ولا تقبل بهذا الشرط ، قد خرجت على تلك المفاوضات ، وبين هؤلاء البجة والأسود الحرة ، لتبقى عناصر التجمع الأخرى تطالب بأن تتم عملية تعزيز للتحول الديموقراطي في داخل بروتوكولات ماشاكوس نيفاشا ، ولكن الحكومة غير متحمسة.
    والى ذلك فمجمل هذا المشهد يوحي بأن السلام القادم يحمل في طياته تمهيدا للفشل ، ولكن وفي المقابل ، يحمل قابلية للمعاجة . وهنا أقول إنه لا مانع من اتفاق ثنائي ، ولكن لا بد أن يعرض على مؤتمر جامع ، ولا تهم التسمية هنا ، بقدر ما يكون المهم هو الصلاحيات التي سيتمتع بها ، والطريقة أو التشكيلة التي يمكن أن يتكون منها المؤتمر الجامع.
    وأجد نفسي مضطرا للتركيز على محورية هذا المؤتمر الجامع ، من قناعتي بأن هناك قضايا في غاية الحيوية وقد تجاهلتها بروتوكولات السلام . وبين هذه القضايا حقوق الإنسان إذ لا بد من بروتوكول خاص بها ، لأنها في تقديري أهم من قضايا اقتسام الثروة والسلطة ، وهناك موضوع الثقافة ، لأن قضية مثل الهوية لا يحسمها موضوع الدين فقط ، ولأن هناك قضايا أخرى خلافية في هذا المجال ، ولا يمكن القفز عليها بتركها في منطقة رمادية ، ولأنها وإذا لم تتم مخاطبتها فستفجر خلافات كثيرة ومن نوع مختلف في المستقبل . ولأن هناك أيضا المغيبين عن عمليات السلام منذ انطلاقها ، وبين هؤلاء المدنيون ، وبوسع هؤلاء وإذا لم ترق لهم الأمور أن يلجأوا الى الإضراب السياسي ، وهناك الفئات التي ما زالت تحمل السلاح ، وكل هذه فئات ستلجأ قطعا للمعارضة حين يتوافر لها مناخ أوسع من الحريات ، وبالتالي لا بد من استيعابها بالمشاركة في صناعة السلام القادمة.
    وأخيرا ، فلعلي لا أريد لمجمل الصورة أن يبدو قاتما بسبب البوح بهذه التحفظات والمخاطر التي تتهدد السلام ، فلا تزال الفرصة قائمة ومفتوحة إذا ما انفتحت لها العقول والقلوب وخرجت من دائرة لعبة الكراسي الضيقة وحصر الأمر كله في تقسيمة السلطة والثروة ، وإذا ما خلع كبار الأسرة الدولية هذه العدسات اللاصقة ، التي أراها تحول بينهم وبين النظر الدقيق الى ما يمكن أن يجعل السلام القادم مستداما وليس سلام هدنة . أقول بذلك لأن مشاكل السودان ليست نسيجا واحدا ، ولذلك فحلولها أيضا لا تحتاج لعصا موسى ، فهناك تجربة جنوب أفريقيا الأكثر تعقيدا ، وقد خرجت بسفينتها الى بر الأمان ، وهناك مشكلة لبنان ، التي امتصت باتفاق الطائف كل تعقيداتها ، وكلا التجربتين لم يأت بأي حال وليد نظر قصير ، أو ثنائية منغلقة في تعاطيه مع ما هو واقع وقائم . وأخيرا أيضا ، فعلى السودانيين، ومعهم الأسرة الدولية ، التنبه الى أن نقلة السلام القادمة ستجد نفسها ، شاءت أم أبت ، أنها تبحر في تيار عالمي غالب من النزوع نحو السلام والدمقرطة ، ومن هنا ، فأي نزوع عكسي لمقاومة هذا المد لن يغرق فقط من يلجأ لمثل تلك المحاولة الانتحارية ، من وجهة نظري ، وإنما قد يغرق السودان بحاله ، وتلك هي المشكلة ، وعلاجها في تقديري ممكن وسهل ويكمن ، كما أشرت ، في إكساب السلام القادم زخما شعبيا يخرجه من الثنائية ، بإشراك كل أهل السودان فيه ، بل وإمعانا في إكسابه الاستدامة ، وجدت نفسي أروج مؤخرا لاقتراح بأن تضمنه سائر الأحزاب السودانية ، بعد المشاركة المقترحة في صناعته ، في دساتيرها ومواثيقها ، ليس ذلك فحسب بل أني قد أقترح أيضا أن يتواضع أهل السودان من خلال أحزابهم وتنظيماتهم على أن يكون شكل الحكم لحقبة زمنية قادمة قوميا بصرف النظر عمن سيكسب الانتخابات ، مع وضع الحسبان لواقع الثقل السياسي الذي ستحدده الانتخابات القادمة ، وكل ذلك الى حين وصول السودان الى نقطة يقطع فيها أهله بأنهم قد ودعوا المرارات وتراكماتها ، ووصول الى ظرف يقطع بعدم عودتها ، فهل تراني أطالب بالمستحيل . بالطبع لا ، فأنا متفائل ، ولكني لا أتمنى أن نستبين هذا النصح بعد فوات الأوان.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de