في الذكري التاسعة والأربعين علي انقلاب عبدالرحيم شنان - 2 مارس 1959.وخفاياها..وأسرارها!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 00:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-17-2008, 00:29 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في الذكري التاسعة والأربعين علي انقلاب عبدالرحيم شنان - 2 مارس 1959.وخفاياها..وأسرارها!

    صراع الجنرالات على السلطة (1):

    إبراهيم عبود و17 نوفمبر:
    انقلاب مارس على انقلاب نوفمبر والأقدمية لم تكن السبب الوحيد!!
    _______________________________________________________

    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved

    د. محمود قلندر

    دراسة في وقائع الولوج الأول
    لجيش السودان دار السياسة
    شنان ختمي ومحي الدين اتحادي والهدف أحمد عبد الوهاب الأنصاري
    انقلابا 2 و4 مارس
    ديموقراطية عسكرية في ثنايا انقلاب
    كاد محي الدين أن يقصي عبود ديموقراطياً
    وكما هو الحال، وكما هي طبيعة الانقلابات العسكرية السياسية في كل زمان ومكان، فإن الطاحونة دارت أول مادارت لتأكل دقيقها..
    فبالرغم من القبضة الحديدية التي أدار بها عبود شأن السودان، فإن الرجل كان يعاني في الجيش من مشاكل عسكرية الطابع، خلفتها انعكسات سودنة القيادات بعد رحيل الإدارة البريطانية، وعمقتها المكونات الشخصية للفريق عبود، كما تداخلت معها مسائل مزاجية وخلافات عمل.. مع بعض "الأميرالايات".
    وكانت هذه الأبعاد مجتمعة، وراء قرار استبعاد محي الدين أحمد عبد الله من المجلس الاعلى في بداية تحرك نوفمبر ، رغم أنه حسب رتبته وأقدميته، كان يستحق أن يكون عضواً في المجلس الأعلى، طالما كان الشرط الأساسي للعضوية هو الأقدمية العسكرية.

    والواقع إن القادة العسكريين لم يكونوا جميعهم على حالة من التوافق والانسجام.. وهو أمر- في تقديرنا- يتفق مع الطبيعة البشرية، حيث للنفس ميلها ونفورها.
    وقد كان أولئك القادة بشراً تراوحت المشاعر فيما بينهم باختلاف الشخصيات. فبالاضافة إلى أن عبود كان له رأي غير إيجابي في محي الدين، كما ذكر ذلك محي الدين نفسه، فإن الأمور بين القائد ونائبه لم تكن عسلاً على لبن أيضاً، فشنان -في مذكراته- مثلاً يشير إلى أن عبود كان بادي السرور -حينما أعلمه محي الدي وشنان في صباح انقلابهما الذي نحن بصدده- أنهما قاما باعتقال أحمد عبد الوهاب.
    انقلاب 2 مارس.. الأهداف..

    رغم ملابسات المزاج والعلاقات الشخصية، فإنه يمكن القول بأن مسألة المواقع القيادية والمناصب وحدها لم تكن وراء حركة محي الدين وشنان المعروفة بحركة 2 مارس. بل كانت هناك دوافع وأسباب سياسية ساقها مدبرا الانقلاب، وأشارا إليها في عدة مناسبات. إذ كانت هناك صراعات داخلية ذات بعد سياسي بين أعضاء مجلس عبود الأول، وهي صراعات قال عنها المشاركون فيها إنها قصدت إبعاد النفوذ الغربي عن الحكومة والبلاد، واستبعاد نفوذ حزب الأمة الذي كان يمثله نائب قائد الجيش اللواء أحمد عبد الوهاب.

    وإذا أخذنا هذه الدوافع السياسية التي جاءت في حيثيات التحقيق مع قادة انقلاب نوفمبر حول الانقلاب على الانقلاب، فإنه يمكن القول بأن انقلاب عبود كان بذلك قد تجاوز واقع أنه أمر عسكري بتسلم السلطة، وبذلك فقد دخلت السياسة الثكنات العسكرية من بوابتها الرئيسية.

    كان هناك حديث كثير أيامها- عن أهداف انقلاب مارس وحيثياته، فقد قيل إن الهدف الأساسي من الانقلاب هو السير على نهج مصر وطريقها، والعمل على التقارب معها، والابتعاد عن الطريق الذي انتهجه حزب الأمة بقبول المعونة الأمريكية، والتي كانت وقتها من دلائل ارتباط "الرجعية العربية" بالاستعمار. وبذلك يمكن تفسير مطلب الانقلابيين الأساسي في إزاحة نائب القائد العام باعتباره مطلباً سياسياً وليس عسكرياً بحتاً. فقد كان عبد الوهاب من أنصار حزب الأمة، والمقربين من عبدالله خليل، المحرض على الانقلاب الأساسي. بل وهناك من المعلومات ما يدل على أن عبد الله خليل، خاطب في الأساس أحمد عبد الوهاب بفكرة الانقلاب، ولكن عبد الوهاب آثر أن لا يتجاوز عبود كرتبة أعلى وقائد عام، ومن ثم فقد أوعز لخليل التحدث إلى عبود.

    ومهما كان من أمر الأسباب، فقدكانت هناك اتصالات مستمرة بين محي الدين والأميرآلاي (وقتي) عبد الرحيم شنان حول الموقف السياسي، واتجاهات المجلس الأعلى، وقد وجد الأثنان نفسيهما متوافقين في الرؤى و الرأي حول وجوب التغيير.
    ويلخص الأميرآلاي شنان ذلك التوافق في شكل الأهداف التي جعلتهما يتحركان سوياً في الثاني من مارس، وتلك الأهداف هي:
    ________________________________________

    * تصفية الحكم القائم
    * تكوين مجلس ثورة يضم العميدين محي الدين وعبد الرحيم شنان ، والبكباشيين محمود حسيب وأبوبكر فريد.
    * اختيار مجلس وزراء من قبل لجنة قومية، واقترحت أسماء بشير محمد سعيد ومحمد أحمد عبد القادر وعلي حسن عبد الله كأعضاء.
    * وضع دستور دائم وعودة الجيش إلى ثكناته..

    تحرك ونجاح.. ثم تراجع:
    ____________________

    يشير محى الدين وشنان إلى أنهما أسميا تحركهما ذلك "الثورة التصحيحية"، معبرين بذلك عن رغبة في تعديل المسار من اتجاه سياسي إلى آخر. فقد تمكن قائدا الحركة التصحيحية، من الوصول إلى الخرطوم ومحاصرتها. إذ دخلت قوات محي الدين القادمة من القضارف، وشنان القادمة من شندي، الخرطوم ليلة الثاني من مارس، وقام العميدان عند دخولهما العاصمة باعتقال ثلاثة من أعضاء المجلس هم أحمد عبد الوهاب، وعوض عبد الرحمن صغير، وحسين علي كرار، ثم قاما بتوزيع قواتهما على مداخل العاصمة.. مسيطرين بذلك عليها تماماً.

    بعد تأمين الاستيلاء ، توجه محي الدين وشنان إلى منزل الفريق عبود، حيث قاما بتقديم مطالبهما بحل المجلس.. وإعادة تكوينه..
    رفض عبود وحسب قوله فإنه -أي عبود- "شخط في محي الدين" وطلب منه أن ينتظر حتى الصبح ليجتمع القادة وينظروا في المطالب التي جاء بها محي الدين وشنان..
    وحين التقى القادة صبحاً، لم تجر الرياح بما اشتهى العميدان المتمردان.. إذ أقنعهما أعضاء المجلس- على طريقة الأجاويد السودانية- بأن يطلقا سراح الضباط الثلاثة ، وأن يعيدا قواتهما إلى قيادتيهما، على أن يجري البحث في تنفيذ مطالبهما، على أن يعتبر المجلس الأمر وكأنه لم يكن.

    وكان المجلس في الواقع يدبر لاعتقال محي الدين وشنان حال عودة قواتهما المحاصرة العاصمة، ولكن العميدان فطنا للأمر، فتمكنا من الانضمام للقوات والعودة إلى قيادتيهما في كل من شندي والقضارف

    4 مارس.. انقلاب لإنقاذ الانقلاب الفاشل..
    ________________________________________

    لما أدرك محي الدين وشنان أن حركة 2 مارس كانت كالمنبت، لا أرضاً قطعت ولا ظهراً أبقت، وأنهما باتا مهددين بالاعتقال، قررا العودة مرة أخرى إلى الخرطوم بقواتهما لاستكمال انقلاب أثنين مارس في الرابع من مارس. فمحي الدين وشنان إذن قادا انقلابين الأول في الثاني من مارس وهو ذلك الانقلاب الذي تم تذويبه في خضم اجتماع القادة..أما الثاني فهو تحرك الرابع من مارس الذي استكمل ما توقف عنه تحرك الثاني من مارس.

    أما أسباب العودة إلى الخرطوم ومحاصرتها مرة أخرى، فإنها تعود إلى حقيقة أن شنان ومحي الدين علما أنه وبالرغم من إقرار المجلس الاعلى بمبدأ عفا الله عما سلف لتجاوز المحنة والفتنة، فقد تواترت الأنباء بأن اللواء أحمد عبد الوهاب، طالب باعتقال ومحاكمة شنان ومحي الدين كمتمردين.. وبذلك فقد صار مصيرهما قيد ضغوط أحمد عبد الوهاب وعوض صغير وحسين كرار، وثلاثتهم ذوو نفوذ واسع في رئاسة الأركان..

    ومن ثم، فقد أعاد العميدان التفكير والتدبير، وعقدا العزم على المعاودة مرة أخرى، فأصبح عليهما صبح الرابع من مارس وكلاهما على طريق الخرطوم، مصممين هذه المرة على إزاحة عبد الوهاب بالقوة. وحسب ما نملك من معلومات، فإن العميد شنان قاد منفرداً حركة السيطرة على القيادة العامة، وتمكن بعدد قليل من الجنود- من محاصرة المجلس الأعلى أثناء اجتماعهم الصباحي، وفرض عليهم تقديم استقالاتهم جميعاً عدا الفريق عبود.ثم طالب العميدان بعد ذلك بأن يكون اختيار عضوية المجلس الأعلى بالانتخاب من قبل القادة، وليس بالأقدمية المطلقة.

    ديموقراطية في المجلس العسكري.
    ----------------------------

    واستجابة لمطالب العميدين المتمردين، اجتمع القادة في العاصمة بعد يومين وقاموا بالتصويت الديموقراطي على عضوية المجلس الجديد، وذلك بعد أن تم ترشيح أسماء من قبل كافة الضباط.. وبموجب ذلك الاقتراع الديموقراطي العسكري التاريخي.. خرج الثلاثة المختلف عليه: أحمد عبد الوهاب، وحسين على كرار، وعوض عبد الرحمن صغير..

    ودخل المجلس العميدان المتمردان وثالثهما المقبول الأمين الحاج..
    وهكذا تم تكوين مجلس عسكري أعلى جديد، تبوأ فيه محي الدين وشنان مقعدين مهمين، كما تقلد فيه القائمقام المقبول الأمين الحاج مقعداً آخر، وأصبح هؤلاء الثلاثة مركز القوى الحقيقي في حكومة نوفمبر منذ ذلك التاريخ.

    وبالرغم من كل ما يقال عن دوافع محي الدين وشنان الذاتية في انقلاب مارس، فإنه من الملفت حقاً أنهما تحركا وفق خطة سياسية، واضحة المعالم، فهمالم يطالبا بدخولهما المجلس واكتفيا بذلك، بل طلبا بحل المجلس، ثم طالبا بأن يرشح الضباط كافة عدداً من القادة ليكونوا أعضاء المجلس الجديد.

    وقد اشتملت مطالب محي الدين وشنان أيضاً على إطلاق سراح الضباط المحاكمين في انقلاب 1957.. وهو الانقلاب الذي قاده كبيدة وجرت محاكمة مخططيه وسجن عدد من الضباط وضباط الصف فيه.

    ثم إن محي الدين وشنان، طالبا بإبعاد أحمد عبد الوهاب لأسباب سياسية واضحة.. إذ لم يكن هناك من لا يعرف صلة عبد الوهاب بحزب الأمة، ومن ثم فقد جرى حساب نفوذه في المجلس باعتباره نفوذاً لحزب الأمة
    أما العضوان الآخران اللذان أزيحا من المجلس نتيجة لحركة 4 مارس، فهما أيضاً من المقربين من الأنصار وحزب الأمة..

    وكان واضحاً أن تحركات محي الدين وشنان لم تستهدف عبود، بل سعت كما يقول شنان في مذكراته إلى الوقوف الصلب مع عبود وحمايته - بما عرف عنه من طيبة ولين جانب- من تأثير أحمد عبد الوهاب..

    ديموقراطية عسكرية.
    -------------------

    لا يمكن أن نمر عفواً على تلك الواقعة التاريخية التي قل ما يشار إليها ، وهي واقعة اختيار أعضاء المجلس الأعلى ديموقراطياً من قبل الضباط...
    الواقعة تستحق الوقفة والتأمل لسببين..
    فهي أول سابقة يقوم فيها جيش بالاختيار الديموقراطي للقيادة السياسية للبلاد، والبلاد ترزح تحت ديكتاتوريتهم..
    وهي أول سابقة يقوم فيها عسكريون بالانقلاب على عسكريين، ويقبلون أن تفرض قيادة الانقلاب بالاختيار الديموقراطي..
    وهي سابقة تدلل في رأينا على وجود تنظيم وتخطيط، وراء هذا العمل، ونعتقد أن تنظيم الضباط الأحرار لم يكن بعيداً عن ذلك، فعدد من الضباط الصغار المنفذين لتحرك 2 و4 مارس، كانوا من أعضاء تنظيم الضباط الأحرار.
    ومهما كان من سوابق الحدث، فقد كان الأمر حقيقة... فقد جرى الترشيح للمجلس الأعلى من قبل كافة الضباط، وقام القادة بالاقتراع على اختيار عشرة كأعضاء في المجلس..

    وقد كانت نتيجة التصويت الديموقراطي العسكري كما يلي:
    عبود و محي الدين عبد الله 14 صوتاً
    حسن بشير و المقبول الأمين 12 صوتاً
    أحمد عبد الله حامد و البحاري 11 صوتاً
    طلعت فريد ورضا فريد وشنان 8 أصوات
    أحمد عبد الوهاب 6 أصوات
    وهكذا خرج -بالديموقراطية العسكرية- الثلاثة الذين أراد العميدان المتمردان إخراجهما بالقوة.. فقد خرج حسين على كرار وعوض عبد الرحمن صغير نتيجة التصويت، أما أحمد عبد الوهاب، والذي حصل على أقل الأصوات، فقد قيل أنه رفض أخذ عضوية المجلس، بينما هناك قول بأنه تم الاعتراض عليه ..

    ومهما كانت الوسيلة، فقد خرج عبد الوهاب من المجلس وأحيل إلى التقاعد..
    وكما يبدو من خارطة التصويت، فإن محي الدين أحمد عبد الله، تساوى مع الفريق عبود في الأصوات، إذ كان من المفترض أن صاحب الأصوات الأعلى هو رئيس المجلس..
    ولما كان الأمر في غاية الحساسية، فقد تنازل العميد محي الدين لعبود من رئاسة المجلس، حافظاً له من حرج خوض انتخابات ثانية .. ومن ثم استمر عبود رئيساً في انقلاب جديد ..
    ثم مضت سفينة نوفمبر لتبحر في مزيد من الأنواء..

    انقلاب 22 مايو 59 :
    _________________________
    __
    لم يسعد ذلك التحول الذي حدث في مراكز القوى بدخول محي الدين وشنان نتيجة انقلابي 2 و4 مارس 59، بقية أعضاء المجلس، الذين رأوا ضابطاً متواضع الرتبة مثل القائمقام المقبول الأمين الحاج يحتل موقعاً سيادياً وسطهم. كمالم تعجبهم تلك الضغوط التي أخذ يمارسها شنان ومحي الدين داخل المجلس، ولكنهم أحنوا رؤوسهم للعاصفة التي أثارتها مصفحات وناقلات الجنود القادمة براً من القضارف وشندي.

    ومن ثم فإن روح التوافق لم تسد إلا لزمان قصير داخل مجلس عبود، إذ أن شنان ومحي الدين، لم يكونا سعيدين بما حققا من خلال تحركهما المشترك في مارس، كما أنهما- حسبما قالا فيما بعد- شعرا بأن سياسات مهادنة الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية كانت مستمرة. كما أن نائب القائد العام الجديد، حسن بشير نصر،لم يكن مختلفاً كثيراً في تصرفاته ومحاولاته للانفراد بالسلطة عن سابقه اللواء أحمد عبد الوهاب.

    وكان تنظيم الضباط الأحرار قد أقر هو الآخر خطة استلام السلطة بعد أن يئس من الإصلاح من داخل المجلس. ومن ثم فقد تم وضع الخطة بحيث تشارك فيها نفس القيادتان الشرقية والشمالية، معتمدين في ذلك على نفوذ عضوي المجلس الأعلى محي الدين وشنان على تلك الوحدتين، ووجود عدد كبير من شباب الضباط الموالين للتنظيم في القضارف وشندي.

    وبذلك التقت رغبة العميدين بنوايا تنظيم الضباط الأحرار، ليعود أبطال تحرك مارس 59 ليقودوا تحركاً جديداً في مايو من نفس العام..
    ولكن لم تسلم الجرة هذه المرة...

    فقد كان بعض أعضاء المجلس العسكري لعبود يتحسبون ويتوقعون تحركاً مثل هذا من شنان ورفيقه. ومن ثم فقد جرى تسليط أجهزة الأمن عليهم لترصد وتتابع تحركاتهما وترصد تبادل الرسائل المشفرة بين الخرطوم وكل من القضارف وشندي.

    وفي يوم الحادي والعشرين من مايو، اليوم المضروب لتنفيذ الانقلاب، تحركت قوات حامية القضارف بقيادة الصاغ أحمد محمد أبوالدهب واليوزباشي عبد الله الطاهر بكر لتنفذ دورها المتفق عليه حسب خطة مسبقة. وقد تمكنت تلك القوة من الوصول إلى مشارف الخرطوم، بيد أن انكشاف أمر المؤامرة المرصودة من قبل أجهزة الأمن أفشلتها، ووجد محي الدين قواته في وضع حرج، حاول بعدها أن يعيد تلك القوات إلى رئاستها بالقضارف.

    أما قوات شندي فإنها لم تتحرك بسبب فشل المقدم عبد الحفيظ شنان- الذي أوكل إليه الضباط الأحرار قيادة قوة شندي نحو الخرطوم، فشل في إقناع ضباط شندي بتحريك قواتهم صوب الخرطوم، ومن ثم فقد علمت قائد قيادة شندي- ألأميرألاي أبودقن- بما حدث وتم اعتقال الضباط.
    فشل ومحاكمة وسجون

    وبفشل محاولة مايو 59، وجد أعضاء مجلس عبود العسكري الفرصة سانحة للتخلص من محي الدين وشنان وأفكارهما الراديكالية- بالمقارنة-. وبالرغم من أن عدة محاولات قد جرت لإقناع إبراهيم عبود بتطبيق مبدئه الأثير " عفا الله عما سلف" -للمرة الثالثة- والعفو عن الضالعين في محاولة الانقلاب، فقد برز تيار قوي داخل المجلس الأعلى اعترض على لين عبود تجاه الانقلابيين، وقام المجلس الأعلى-بالتصويت- على محاكمة جميع الضالعين. فقبل عبود مكرهاً بذلك. ومن ثم فقد تشكلت عدة محاكم عسكرية لمحاكمة عضوي المجلس والضباط الضالعين في (مؤامرة مايو 59)، بما فيهم أعضاء المجلس الثلاثة أحمد عبد الله حامد، ومحي الدين وشنان.

    وقامت أجهزة الإعلام بمتابعة و تقديم وقائع محاكمة عضوي المجلس اللذين لم يتوانيا في انتهاز فرصة الإعلام ليعبرا عن رؤاهما ويعلنا أسباب تذمرهما من سياسات المجلس العسكري غير الوطنية ( أو كما قالا). وقد شدت تلك المحاكمات الجمهور واستحوذت على إهتمامه لما كشفته من صراع داخلي في المجلس الأعلى لنوفمبر، في الوقت الذي أراد المجلس العسكري من إذاعته لتلك المحاكمات أن تكون وسيلة من وسائل إكساب الحكم نوعاً من الشرعية في عيون المواطنين.

    وصدرت أحكام تلك المحاكم في سبتمبر من عام 59 متضمنة الإعدام لقادة الحركة، بما فيهم عضوي المجلس، إلا أن حكم الإعدام خفض إلى السجن المؤبد بعد ذلك.

    وبذلك حكم بالمؤبد على كل من محي الدين أحمد عبد الله، عبد الرحيم شنان، عبد الحفيظ شنان، حسن إدريس، محمد علي السيد وأحمد أبوالدهب بدلا من الإعدام.

    وقد بلغ مجموع الضباط المحاكمين في انقلاب مايو 59 إثنين وثلاثين ضابطاً كانت من بينهم أسماء لامعة مثل الصادق محمد حسين وعبد البديع كرار ، الطاهر إبراهيم، محمود كيلة علي صالح سوار الدهب، عبد السلام أحمد صالح، عبد الله الطاهر بكر وكمال بحيري.

    أما اللواء احمد عبدالله حامد ، عضو المجلس الأعلى الثالث، فقد تمت محاكمته بالطرد من القوات المسلحة لما أفادت به التحقيقات عن علمه بالمحاولة وتقاعسه عن التبليغ عنها. وقد ثبت من خلال التحقيق أن محي الدين وشنان اتفقا على توليه رئاسة مجلس الثورة حسماً للخلاف حولها فيما بينهما.

    وهكذا دخل أعضاء المجلس الإثنان السجن وتقلبت بهم الأنواء بين سجون شندي وسواكن لبعض الزمان. بينما دخل نظام نوفمبر مرحلة جديدة من عمره، من بعد محاكمة الرفاق والزج بهم في السجون.. ظن فيها أنه مقبل على سنين من الهدوء والاستقرار
    ولكنه كان ظناً بلا يقين.. فقد كمن الزمان لهم بجديد كان على بعد بضع شهور.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de