لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 10:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2008, 01:21 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة

    فى البدء هذه مجموعة من المقالات والمواضيع عن الصراع فى دارفـور لمختلف الكتاب من بينهم أخوة لنا فى سودانيز أون لاين.
    وهى لاتعبر عن رأى فى هذة القضية الشائكة حيث أتفق مع البعض وأختلف مع الآخر.
    ختامآ أتمنى من الأخوة الأعضاء المشاركة بالرأى والرأى الآخـر/
    تقديرى إحترامى للجميع.
                  

02-27-2008, 01:24 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    دار فور .. الجغرافيا والتاريخ

    إعداد / همام عبد المعبود


    يقع إقليم دارفور، أكبر أقاليم السودان، أقصى غرب السودان، وتمثل حدوده الغربية الحدود السياسية للسودان في تلك الجهة مع ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد.
    وتبلغ مساحة إقليم دار فور أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع ( 510 ألف كيلو متر مربع)، حيث تمثل مساحته خمس مساحة السودان ( ‏20%‏ من مساحتها)، وتسكنه عرقيات إفريقية وعربية؛ أهمها "الغور" التي جاءت تسمية الإقليم منها، و"الزغاوة"، و"المساليت"، وقبائل "البقارة" و"الرزيقات".

    وتعتبر قبائل المساليت و فور والزغاوة من أكبر الجماعات العرقية الأفريقية التي تسيطر علي دارفور، ولأبنائهما تاريخ طويل من الصراع حول الأراضي وحقوق الرعي مع الرعاة من القبائل العربية‏,‏ فإن هذا الصراع لم يظهر بصورة واضحة حتى السبعينات بفضل وجود آليات تقليدية لحل المنازعات‏,‏ وجدت نتيجة القوانين الموروثة من عهد الإدارة المصرية‏(1898‏ ـ‏1956).‏
    ونظرا للمساحة الشاسعة للإقليم وضعف الحكومات المركزية في الخرطوم فقد انتشر السلاح في الإقليم وتفاقمت النزاعات القبلية ‏.‏

    ويبلغ عدد سكان إقليم دار فور نحو‏6.7‏ مليون نسمة، وجميع سكانه مسلمون "سنّة"، وقد انقسم الإقليم منذ عام ‏1994‏م إلى ثلاثة أقاليم متجاورة ومختلطة الأعراق‏ وهي الغرب والشمال والجنوب‏، و تبلغ نسبة الجماعات الإفريقية نحو‏60%‏ بينما تبلغ نسبة العرب الـ ‏40 %‏ الباقية‏.
    ويقطن في الريف ‏75%‏ من سكان دارفور، بينما يمثل الرعاة الرحل حوالي‏ 15%‏، والباقون يقيمون في بعض المدن، مثل الفاشر، ونيالا، وزالنجي .

    وقد انضمت منطقه دارفور إلى السودان عام‏ 1916‏ إلا أن ذلك لا يعني أنها لم تكن تابعة للسودان قبل ذلك، حيث إنها خضعت للعهد المصري من خلال الزبير باشا ود رحمة في الفترة من ‏1884‏ إلى ‏1898‏، ثم دانت للدولة المهدية من ‏1884‏ إلى‏ 1898‏، وبقيت مستقلة كفترة انتقالية قصيرة في الفترة من ‏1898‏ إلى ‏1916‏ تحت حكم السلطان علي دينار إلى أن عادت للخضوع للحكم الثنائي منذ عام‏ 1916‏ وحتى استقلال السودان عام ‏1956.‏
    ويعاني السودان من مخاطر كبيرة تهدد كيانه المستقل وتؤجج الإثنيات‏,‏ والعرقيات المتعددة والتي يصل عددها إلي‏572‏ عرقية تلك المخاطر خاصة مع وجود أكثر من‏30‏ حركة تمرد في السودان تسعي جميعها للانفصال وتكوين دويلات مستقلة مما يعني في النهاية انتهاء وحدة البلاد‏.‏

    وتنقسم القبائل في دارفور إلى قسمين هما : "القبائل المستقرة" وهي تلك القبائل الموجودة في المناطق الريفية مثل: "الفور" و"المساليت" و"الزغاوة"، و"الداجو" و"التنجر" و"التامة"، وغالبيتهم من الأفارقة، ويتكلمون لغات محلية إضافة إلى العربية، وبعضهم من العرب، والقسم الثاني هو: "القبائل الرحل" وهي تلك القبائل التي تتنقل من مكان لآخر بحسب وجود الماء والرعي، وهي قبائل وفدت للمنطقة مثل : "أبالة" و"زيلات" و"محاميد" و"مهريه" و"بني حسين" و"الرزيقات" و"المعالية"، و غالبيتهم عرب يتحدثون اللغة العربية، ومنهم أيضا أفارقة.
    جذور التمرد

    والتمرد في دارفور جذوره تاريخية وتعود لمئات السنين، والغريب أنه لم ينجم عن اضطهاد عرقي ولا اضطهاد ديني ولكنه نتج عن موقع دارفور المتاخم لتشاد ومصر وليبيا وأفريقيا الوسطي مما جعلها منطقة للقبائل الرحل مثل قبيلة الزغاوة التي عرفت بالترحال‏,‏ والقتال ولكنها استقرت في دارفور منذ عدة قرون بعد أن اعتنقت الإسلام وتحول أفرادها إلي التحدث بالعربية ومع ذلك ظلت مصدر قلق نظرا لقوة وشراسة أبنائها، وعليه فإن أكثر من 85% من الصراعات القبلية في السودان يدور في دارفور .
    وعلاوة علي التمرد في الجنوب فإن السودان به نحو‏30‏ مجموعة متمردة تتوزع علي معظم الأقاليم تقريبا منها المجموعات التي تنتمي للبيجا في الشمال الشرقي وهم من المسلمين الصوفيين وولشيلوك والنوبة‏,‏ ودارفور علاوة علي حركات التمرد الجنوبية‏,‏ والتمرد في أعالي النيل‏.‏

    والأمر في السودان لا يقتصر علي دار فور فحسب، فمنذ عام ‏1983‏ تشهد مناطق عديدة في السودان وبينها جبال النوبة التي تمتد علي مساحة ‏80‏ ألف كيلومتر في وسط السودان حربا أهلية بين المتمردين في تلك المناطق والحكومات المتعاقبة في الشمال ‏.‏ وقد حصدت تلك الحروب أرواح أكثر من مليوني شخص‏.‏ ومازال سكان جبال النوبة يطالبون بحكم ذاتي يعقبه استفتاء لتقرير المصير‏.‏
    أما في جنوب السودان التي تعد من أكثر المناطق طلبا للانفصال بقيادة جون جارانج فقد كان الغزو الإنجليزي للسودان وإقامة الحكم الثنائي فيه هو بداية التحول في تاريخ جنوب السودان إذ مهد الطريق للدول الأوروبية لدخول السودان وسعي الحكم الأجنبي الاستعماري منذ البداية جاهدا لمحاربة الإسلام والحد من انتشار اللغة العربية وكان من الواضح أن هذه السياسة تسعي إلي فصل الجنوب عن الشمال بإيهام الجنوبيين بأنهم مضطهدون من قبل الشماليين ووضع العديد من السياسات لبث التفرقة بين الشمال والجنوب.

    وهناك أيضا مشكلة في شرق السودان‏,‏ وتمرد من قبائل البجا‏, ‏وتتهم الحكومة السودانية اريتريا باستغلال مجموعات من البجا لإثارة قلاقل في تلك المنطقة وذلك بهدف ممارسة ضغوط علي الحكومة السودانية خاصة في ظل توتر العلاقات بين البلدين‏.‏
    أصل الحكاية

    كانت أسباب النزاعات في دارفور ترجع دائمة لأسباب طبيعية مثل الاختلاف علي الرعي والأرض‏,‏ وليس لأسباب عقائدية لأن سكان دارفور كانوا منذ دخولهم الإسلام مخلصين له‏,‏ ومن اجله حاربوا في صفوف الخلافة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولي مما جعلهم عرضه لانتقام بريطانيا بعد الحرب وشهدت دارفور التمرد تلو الآخر منذ الستينات من القرن الماضي بإيعاز من أبناء الإقليم المقيمين في الخارج فكان هناك تمرد حركة سوني وتمرد جبهة نهضة دارفور‏,‏ وجبهة الدكتور دريج وحرير وأخيرا تمرد حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان والتحالف السوداني الديمقراطي الفيدرالي‏,‏ وهذا الأخير كان محركه الأول هو الرغبة في اقتسام عائدات البترول برغم ان الديون الخارجية للحكومة المركزية تصل إلي ‏24‏ مليار دولار بينما يبلغ إجمالي عائدات البترول السنوية ملياري دولار‏,‏ ومما يؤكد ذلك أن هذا التمرد لم يظهر إلا بعد ظهور البترول في جنوب ووسط السودان‏.‏
    وفي العقود الأخيرة تكاتفت عدة عوامل وأدت إلي اشتعال الصراع بصورة واضحة‏,‏ وأهم هذه العوامل :-

    1- فترات القحط والجفاف‏.
    2- التنافس علي الموارد الضئيلة‏.

    3- سهولة الحصول علي الأسلحة وهو ما أدى إلي إراقة المزيد من الدماء في نزاعاتهم المحلية.
    4- إلي جانب عامل سياسي مهم حدث في عام ‏1994‏ عندما أعيد التنظيم الإداري لإقليم دارفور وتم بمقتضاه منح أفراد الجماعات العرقية مناصب في السلطة‏,‏ وهو ما رأته طائفتا المساليت و فور بمثابة تقويض لدورهما في الإقليم الذي يشكلان أغلبية سكانه‏.

    كل هذه العوامل السابقة أدت إلي اشتعال الصراع‏,‏ حيث نشبت الاشتباكات الطائفية المسلحة في غربي دارفور وغيرها في عامي ‏1998,‏ و‏1999‏ حين بدأ العرب الرحل في النزوح مع قطعانهم نحو الجنوب قبل الوقت المعتاد‏,‏ ونتيجة لذلك اندلعت الاشتباكات بين الطائفتين‏,‏ حيث أحرق ما يزيد على ‏60‏ قرية من قري طائفة ‏(‏مساليت‏),‏ وقرية عربية واحدة ‏..‏ كما قتل ما يقرب من‏ (69)‏ من أبناء المساليت في مقابل‏ (11)‏ عربيا‏,‏ ونزح نحو ‏(خمسة آلاف)‏ من أبناء المساليت إما إلي بلدة ‏(جنينة‏)‏ أو‏(‏ تشاد‏).
    ورغم المصالحة والاتفاق علي دفع تعويضات للجانبين عن طريق زعماء القبائل المحلية‏,‏ إلا أن الاشتباكات تجددت في عام ‏1999‏ عندما نزح الرعاة الرحل مجددا نحو الجنوب قبل الوقت المعتاد لذلك‏,‏ واتسمت الاشتباكات في ذلك الوقت بالمزيد من سفك الدماء‏,‏ حيث تعرضت ‏125‏ قرية من قري المساليت للإحراق والهجمات‏,‏ وسقط العديد من القتلى والجرحى‏,‏ وكان من بين القتلى عدد من زعماء القبائل العربية‏,‏ وتدخلت الحكومة السودانية عسكريا‏,‏ وتم عقد مؤتمر مصالحة آخر تم فيه الاتفاق علي تعويض خسائر طائفة مساليت وخسائر العرب‏.‏

    وفي أوائل عام ‏2003‏ دخل الصراع منعطفا جديدا‏,‏ حيث قام متمردون من جيش التحرير السوداني وحركة العدل والمساواة بمهاجمة أهداف حكومية في إقليم دارفور متهمين الحكومة السودانية بالتحيز لصالح العرب ضد الأفارقة السود المساليت والفور‏.‏
    التنظيمات المسلحة‏

    هناك ثلاثة تنظيمات مسلحة في دار فور ترتبط بشكل أو بآخر بالقتال الجاري الآن في دارفور، وتعتبر "جبهة تحرير السودان"‏ وجناحها العسكري "جيش تحرير السودان‏" التنظيم الأكثر نشاطا والذي تنسب له معظم العمليات العسكرية، ويترأسها محامٍ سوداني شاب هو عبد الواحد محمد نور الذي ينتمي إلى قبيلة الفور، بينما يحتل "أركو مناوي‏"‏ موقع أمينها العام، ومعظم القادة العسكريين في صفوف الحركة كانوا ضباطا سابقين في الجيشين السوداني والتشادي.
    وتنتقد الحركة التهميش الذي تعرض له إقليم دارفور واستبعاد أبنائه من قسمة السلطة، وانعدام الخدمات الأساسية فيه، كما تنتقد هيمنة ما تسميه بالوسط النيلي على أقدار السودان، وتنادي بحكم ذاتي موسع، وإعادة بناء السودان على أسس جديدة.

    التنظيم الثاني هو "حركة العدالة والمساواة"‏ التي يقودها‏ "خليل إبراهيم"‏ المقيم الآن في لندن، بينما يقود عملياتها العسكرية‏ "التيجاني سالم درو"‏ وهو ضابط سابق اختلفت المصادر حول هويته الأصلية وهو هل تشادي أم سوداني‏.‏
    وتدعو‏ "حركة العدالة والمساواة"‏ إلى فصل الدين عن الدولة وبناء سودان جديد مدني وديمقراطي، كما تتحدث عن تحالف المهمشين ضد سلطة المركز وإتاحة دور أساسي للمهمشين في عملية إعادة الصياغة هذه‏.‏

    التنظيم الثالث هو "حزب التحالف الفيدرالي"‏ الذي يتزعمه أحمد إبراهيم دريج، وهو سياسي سوداني من غرب السودان ينتمي إلى قبيلة الفور، وقد لعب دريج أدوارا بارزة في السياسة السودانية منذ النصف الثاني للستينيات إلا أن حزبه بقي جهويا على الدوام يحمل مطالب دارفور.
    ومن الواضح أيضا أن المجموعات القائدة للعمليات العسكرية ما زالت في مرحلة تذويب الخلافات العسكرية والسياسية وإن كانت تلتقي مع بعضها البعض، وأيضا مع الحركة الشعبية التي يقودها قرنق في مسعى مشترك -هو محاولة إنشاء حزام أو طوق دائري يعتمد على تجميع الأطراف للقضاء على مركزية الوسط السوداني‏ .‏

    وعلى الرغم من أن حركتي‏ "تحرير السودان"‏ و‏"‏العدالة والمساواة"‏ قد قامتا ببعض المعالجات التوضيحية أو التصحيحية لنفي صفة القبلية أو الإثنية عنهما لأنهما يدركان أنهما لا يمكن النظر إليهما خارج سياق الصراع القبلي في دارفور‏.‏
    ميليشيات الجنجويد

    يقصد بكلمة "جنجاويد" : الرجل الذي يركب جوادا ويحمل مدفعا رشاشا، وغالبا ما يرتدون ثيابا بيضاء مثل أهل السودان، ويركبون الخيل، ويهاجمون السكان والمتمردين معا في دارفور .
    وعلى حين تتهم حركات التمرد الثلاثة في دارفور ووكالات الإغاثة الدولية الجنجاويد بأنهم أعوان الحكومة وتابعوها، وأنهم عرب يشنون هجمات عنيفة على الأفارقة السود، تنفي الحكومة ذلك، وتقول: إنهم يهاجمون قواتها أيضا .

    وينسب إلى هذه الميليشيات أنها تقوم بعمليات قتل واغتصاب وتشويه ونهب وإحراق البيوت، وتشريد الأشخاص، وكان نتيجة ذلك أن فر نحو مليون نسمة من ديارهم بينما قتل مالا يقل عن‏ (10)‏ آلاف شخص‏,‏ بالإضافة لتعرض الآلاف لخطر المجاعة في المخيمات .
    دار فور مملكة إسلامية

    كانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة تَعاقب على حكمها عدد من السلاطين، كان آخرهم السلطان علي دينار، وكان للإقليم عملته الخاصة وعلَمه، حتى سقطت في الحقبة التركية .
    وقد قاوم أهل دارفور الحكم التركي الذي استمر نحو 10 سنوات، كما شهد الإقليم عدة ثورات؛ أشهرها ثورة السلطان هارون التي دحرها غردون باشا عام 1877، وثورة مادبو بمدينة الضعين، وثورة البقارة. وعند اندلاع الثورة المهدية سارع الأمراء والزعماء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت استقلالها مجددا.

    ولم يدم استقلال الإقليم طويلا؛ حيث سقط مجدداً تحت حكم المهدية عام 1884 الذي وجد مقاومة عنيفة حتى سقطت المهدية عام 1898، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور.
    وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى أيد سلطان دارفور تركيا التي كانت تمثل مركز الخلافة الإسلامية؛ الأمر الذي أغضب حاكم عام السودان، وأشعل العداء بين السلطنة والسلطة المركزية، والذي كانت نتيجته الإطاحة بسلطنة دارفور وضمها للسودان عام 1917.

    وقد تأثر إقليم دارفور -كما يقول الكاتب مأمون الباقر- بالثقافة الإسلامية قبل دخول المستعمرين؛ فأقيمت المدارس الدينية لتعليم القرآن والشريعة الإسلامية، وتم إرسال العديد من أبناء الإقليم إلى الدراسة في الأزهر الشريف؛ حيث خصص "رواق دارفور" منذ تلك الفترة .
    ويذكر التاريخ عن السلطان علي دينار أنه كان يكسو الكعبة المشرفة سنويا، ويوفر الطعام لأعداد كبيرة من حجاج بيت الله الحرام، فيما يعرف بـ"قدح السلطان علي دينار" أو "أبيار علي".

                  

02-27-2008, 01:26 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    إقليم دارفور
    قسم البحوث والدراسات

    تقدر مساحة دارفور بخمس مساحة السودان، وتحد الإقليم ثلاث دول: من الشمال ليبيا ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، فضلا عن متاخمته لبعض الأقاليم السودانية مثل بحر الغزال وكردفان من الشرق.

    والغالب على إقليم دارفور كثرة المرتفعات الجبلية وأهمها جبل مرة حيث يوجد أكثر الأراضي الدارفورية خصوبة. كما ينقسم الإقليم إداريا إلى ثلاث مناطق: شمال دارفور وعاصمته مدينة الفاشر، وجنوب دارفور وعاصمته مدينة نيالا، وغرب دارفور وعاصمته مدينة الجنينة.

    وتكثر في منطقة دارفور غابات الهشاب الذي يثمر الصمغ العربي فضلا عن حقول القطن والتبغ في الجنوب الغربي من الإقليم. وتتم في بعض مناطقه زراعة القمح والذرة والدخن وغيرها. ويمتاز دارفور بثروة حيوانية كبيرة قوامها الإبل والغنم والبقر. وقد تضررت هذه الثروة عندما ضرب الجفاف الإقليم في بداية السبعينات. وفضلا عن الحيوان والزراعة فإن بالإقليم معادن وبترولا.

    دارفور والنزاع
    كثيرا ما عرف إقليم دارفور صراعات بين الرعاة والمزارعين تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف، فالتركيبة القبلية والنزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة كانت وراء أغلب النزاعات، وغالبا ما يتم احتواؤها وتسويتها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة.

    ففي عام 1989 شب نزاع عنيف بين الفور والعرب، وتمت المصالحة في مؤتمر عقد في الفاشر عاصمة الإقليم. ونشب نزاع ثان بين العرب والمساليت غرب دارفور عامي 1998 و2001، وتم احتواؤه باتفاقية سلام بين الطرفين وإن كان بعض المساليت آثر البقاء في تشاد.

    ويمثل إقليم دارفور نظرا لحدوده المفتوحة ولمساحته الشاسعة ولوجود قبائل عديدة لها امتدادات داخل دول أفريقية أخرى، منطقة صراع مستمر. وقد تأثرت المنطقة بالصراع التشادي-التشادي والصراع التشادي-الليبي حول شريط أوزو الحدودي، وبالصراعات الداخلية لأفريقيا الوسطى فراجت في إقليم دارفور تجارة السلاح، كما تفاعلت قبائل الإقليم مع تلك الأزمات.

    ويعتبر دارفور قاعدة تشاد الخلفية فجميع الانقلابات التي حدثت في هذا البلد الأفريقي تم تدبيرها -حسب المصادر التي رجعنا إليها- من دارفور، ما عدا أول انقلاب أطاح بفرانسوا تمبلباي الذي كان أول رئيس لتشاد بعد استقلالها عن فرنسا. فالإطاحة بالرئيس فيليكس مالوم أو غوكوني عويدي ونزاع حسن حبري مع الرئيس الحالي إدريس ديبي ارتبط بإقليم دارفور الذي كان االقاعدة الخلفية للصراعات التشادية الداخلية.

    ويشكل الإقليم نقطة تماس مع ما يعرف بالحزام الفرنكفوني (تشاد، النيجر، أفريقيا الوسطى، الكاميرون) وهي الدول التي كانت تحكمها فرنسا أثناء عهد الاستعمار، لذلك يسهل -حسب المراقبين- فهم الاهتمام الفرنسي بما يجري في الإقليم في الوقت الراهن.
    ___________
    الجزيرة نت
    المصادر:
    1 - أرشيف الجزيرة نت


                  

02-27-2008, 01:28 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    دارفور.. جذور ومآلات الصراع المسلح

    بقلم/ عادل عبد العاطي

    -جذور الأزمة وإركيولوجيا الصراع
    - خريطة القوي الحزبية والأيدلوجية
    -القوى الأساسية في التمرد المسلح
    - من المعارضة السياسية إلى الحرب الأهلية

    وصلت الأزمة السياسية والإنسانية في إقليم دارفور في أقصى غرب السودان, إلى مراحل خطيرة من تطورها, تبدت في ارتفاع وتائر العمل المسلح واستهدافه المدنيين, مما أدى إلى نزوح أكثر من مليون مواطن من سكان الإقليم إلى دولة تشاد المجاورة ووجودهم في معسكرات اللاجئين البائسة التي ملأت صورها وسائل الإعلام المختلفة, ومعاناتهم تحت ظل ظروف قاسية من انعدام أبسط الضروريات, بل مواجهة العديد منهم -وخصوصا الأطفال والعجزة- خطر المجاعة هناك وكأنهم كانوا يهربون من خطر الموت بالسيف إلى موت آخر بطيء لانعدام ما يسد الرمق.

    كما تتحدث الأخبار عن ممارسات التطهير العرقي وحرب الإبادة التي تنسب للحكومة وحلفائها من مليشيات جنجويد ضد بعض الإثنيات من سكان الإقليم. وعلى خلفية كل هذه المأساة يطل التدخل الأجنبي برأسه سعيا لحل المشكلة من قبل بعض أطرافه، أو استغلالها لمصلحة بعض المتدخلين الآخرين, فيما تبدو النخبة السياسية والاجتماعية للإقليم والسودان عاجزة عن التعامل مع هذه الأزمة التي انفجرت بقوة لم تكن في الحسبان.

    فما حقيقة ما يدور بإقليم دارفور؟ وهل الصراع فيه لا يزال صراعا عسكريا– سياسيا بين أطراف معارضة والحكومة المركزية كما كان في مبتداه؟ أم تحول إلى حرب أهلية طاحنة يختلط فيها الصراع حول الموارد المحدودة بالنزاع حول هوية السودان وتوجهه القومي؟ ومستقبل العلاقات الإثنية فيه في ظل مكبوتات العلاقات المتخلفة وترسبات الصراعات القديمة بالجيوبوليتيكا الحديثة مما يهدد بقيام محرقة عرقية تتراجع أمامها أهوال رواندا وبوروندي.

    جذور الأزمة وإركيولوجيا الصراع

    عملية التنمية في دارفور كانت معتقلة حيث إن حصة الإقليم من المشاريع الحديثة الصناعية والزراعية تكاد تساوي صفرا وما يدخله من الميزانية العامة لا يتناسب مع إسهام الإقليم فيها

    يكاد معظم المحللين يتفقون على أن إقليم دارفور قد عانى تهميشا واضحا من قبل الحكومات المركزية في الخرطوم على مدار تاريخ السودان المستقل, رغم إسهامه الكبير في الدخل القومي السوداني بثرواته الحيوانية والنقدية.

    ويبدو نمو دارفور معتقلا حيث أن حصة الإقليم من المشاريع الحديثة الصناعية والزراعية تكاد تساوي صفرا، وما يدخله من الميزانية العامة لا يتناسب مع إسهام الإقليم فيها. كما أن مستوى التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية في دارفور متدن للغاية.

    ويشكو العديد من مواطني دارفور من تعرضهم للتمييز السلبي تجاههم من بعض المواطنين في وسط السودان وذلك رغم اشتراكهم في الإسلام. وتعزو الأطراف المختلفة ذلك التمييز لواقع سحنتهم الأفريقية وثقافتهم المتميزة ولكونهم يشغلون في الغالب أعمالا يدوية وخدمية بسيطة, مما يتعالى عليه أبناء الوسط. ويجد الكثيرون مثالا على هذا الاستعلاء في المقولة الدارجة المنتشرة في وسط السودان والتي تقول "البجي من الغرب ما بسر القلب".

    ويمكن أن تكمن بعض أسباب التوتر في علاقة بعض نخب ومواطني الوسط مع أهل دارفور في كون الأخيرين كانوا السند الأساسي للثورة والدولة المهدية التي ناضلت وحكمت في أواخر القرن التاسع عشر.

    وقد شهدت العلاقة بين الدولة المهدية بقيادة الخليفة عبد الله التعايشي الذي ترجع أصوله لغرب السودان وبعض تكوينات الوسط القبلية توترا حادا ألقى بظلاله على حساسية العلاقة بين بعض مجموعات الوسط المعروفة بـ"أولاد البحر" أي النيل وأبناء دارفور وكردفان المعروفون بـ"أولاد الغرب".

    وقد شهد الإقليم في تاريخه الحديث ظاهرة الصراعات القبلية على موارد الأرض والماء المحدودة في ظل الانفجار السكاني وتزايد أعداد المواشي وانعدام أي شكل من أشكال تنمية الموارد وتحقيق الخدمات ورفع الوعي العام.

    وقد اكتسب صراع الموارد هذا شكل النزاع بين القبائل الرعوية المترحلة ذات الأصول العربية في مجملها، والقبائل الزراعية المستقرة ذات الأصول الأفريقية متخذا بذلك شكلا عرقيا مما سيسميه البعض لاحقا صراع الهوية.

    كل هذه العوامل أدت إلى تأزيم الأوضاع الاجتماعية والسياسية في دارفور وإشاعة ثقافة العنف والحرب والتي وإن كانت جزءا من الثقافة السائدة في المجتمعات التقليدية القبلية فإن انفجارها بهذا الشكل اليوم يعلن سقوط مختلف المشاريع التنويرية والرجوع القهقرى إلى جيوش وحروب القبائل بعد حوالي 60 عاما من استقلال البلاد.

    خريطة القوى الحزبية والأيدلوجية
    لقد كان إقليم دارفور مواليا تقليديا لحزب الأمة وذلك لانتماء الغالبية من أهله لطائفة الأنصار التي تقودها أسرة المهدي. وقد كان الإقليم بمثابة منطقة مغلقة لنفوذ ذلك الحزب حتى منتصف السبعينيات, رغم محاولات اختراقه من طرف القوى والأحزاب العقدية والإصلاحية التي ركزت في دعايتها على إهمال الحكومات المركزية وقيادة حزب الأمة لقضايا تطوير الإقليم, فكان أن قامت فيه جبهة نهضة دارفور كتنظيم جبهوي نهض به المثقفون أساسا، واهتم بأبناء الإقليم كذلك الشيوعيون والإخوان المسلمون من جناح حسن الترابي.

    ويبدو أن الحركة الإسلامية قد استطاعت أن تحقق اختراقات مميزة للإقليم وخصوصا وسط الشباب والمتعلمين وذلك بعد نشاطهم المشترك في إطار الجبهة الوطنية المعارضة لنظام نميري.

    وقد سجل الإسلاميون انتصارا كبيرا لهم، بإدخال ثلاثة نواب لهم إلى البرلمان من دارفور في انتخابات عام 1986 في أول كسر لاحتكار حزب الأمة لدوائر الإقليم من قبل القوى العقدية الجديدة.

    وقد دعم الإسلاميون من أبناء دارفور انقلاب 30 يونيو/ حزيران 1989 الإسلامي، وانخرطوا في مؤسساته. ولكن عدم وجود أي مشروع تنموي لدارفور وأسلوب القبضة الحديدية الذي استخدمته الحكومة في التعامل مع دارفور والصراعات بين أطراف النظام وتبلور الصراع بين الإسلاميين كصراع بين أولاد البحر والغرب, قد أدى إلى ابتعاد أغلب الدارفوريين عن الحكم بينما انضم من تبقى منهم لجناح الترابي وانفض الشارع الدارفوري عن الجانبين.

    وفي ظل انحسار النفوذ التقليدي لحزب الأمة بدارفور وتضعضع نفوذ الإسلاميين فيها, بدأت في الظهور تيارات جديدة أكثر ثورية، إذ بدأت مجموعة موالية للحركة الشعبية لتحرير السودان بالنشاط في دارفور بقيادة المهندس داود يحي بولاد, والتي انهزمت في أوائل التسعينيات وأعدم قائدها.


    أدت الصراعات القبلية والتحيز الحكومي ودعاية الحركة الشعبية في مخاطبة المهمشين والأفارقة إلى تمترس مقابل وسط بعض أبناء القبائل الزنجية، فتهيأت بذلك كل الظروف لانفجار الأوضاع

    كما نظم أحمد إبراهيم دريج وشريف حرير حزب التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني الذي اعتمد بصورة رئيسية على أبناء دارفور وكردفان، وانضم للتجمع الوطني المعارض في منتصف التسعينيات.

    بالمقابل فقد كانت تختمر تحت السطح نزعات عرقية تقوم على أساس الصراع القديم بين القبائل الرعوية والزراعية, أو العرب والزرقة وقد أسفرت تلك النزعات عن تكوين تنظيم التجمع العربي في الثمانينيات, وتنظيم قريش الغامض في التسعينيات.

    من ناحية أخرى أدت تلك الصراعات القبلية والتحيز الحكومي ودعاية الحركة الشعبية الرامية إلى مخاطبة المهمشين والأفارقة إلى تمترس مقابل وسط بعض أبناء القبائل الزنجية في دارفور فتهيأت بذلك كل الظروف لانفجار الأوضاع.

    القوى الأساسية في التمرد المسلح
    انطلقت العمليات العسكرية في دارفور في فبراير/ شباط من العام الماضي باستيلاء مجموعات مسلحة مجهولة على حامية قولو في جبل مرة, ثم انطلقت العمليات العسكرية بسرعة فائقة إلى مدن كتم والفاشر وغيرها, وهو ما أذهل كل المراقبين واللاعبين بمن فيهم الحكومة السودانية التي تعرضت قواتها لهزائم ماحقة علي يد المتمردين طوال شهور العام السابق.

    ورغما عن التكهنات المختلفة ومحاولات العديدين تصنيف القوى المسلحة حسب موقعهم من الصراع, فقد اتضح أن المجموعات المقاتلة متعددة وذات قيادات مختلفة ظهرت من بينها حركة تحرير السودان بقيادة أمينها العام مني أركوي ميناوي, وحركة العدالة والمساواة بقيادة خليل إبراهيم, ومجموعة متمردة من أبناء القبائل العربية, ممن لم يتفقوا مع قادة التمرد الآخرين, وانضموا لاحقا للحكومة لكي يشكلوا النواة لما عرف لاحقا بمليشيات "الجنجويد".

    وقد كان التمرد معزولا في البداية عن القيادات الدارفورية القديمة؛ ويبدو أن تنظيمه الأساسي وهو حركة تحرير السودان, قد أسس من قبل شباب لهم تجربة سياسية ضعيفة وعلاقات عالمية محدودة ولكن لهم خبرة عسكرية وموارد مالية قوية. بينما اتجهت أصابع الاتهام للمؤتمر الشعبي وحسن الترابي بالوقوف خلف حركة العدالة والمساواة وأفلحت الحكومة في تحييد المتمردين من القبائل العربية؛ وجرهم إلى صفوفها.

    الحكومة من جانبها تعاملت مع التمرد باستخفاف في البداية؛ وأصرت على أنه هجمات من قبل قطاع الطرق؛ وهي بهذا قد أغلقت الأبواب أمام أي حل سياسي في بداية الصراع. وفي المراحل اللاحقة ركزت الحكومة على أن حركة تحرير السودان مدعومة من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان وإريتريا وأطراف خارجية أخرى ذكرت منها بعض عناصر الجيش والمخابرات الليبية والتشادية، وأن حركة العدالة والمساواة إنما هي من بنات أفكار وتنفيذ خصمها العنيد حسن الترابي.

    من المعارضة السياسية إلي الحرب الأهلية
    بعد حوالي عام ونصف من اندلاع العمليات المسلحة في دارفور تدهور الوضع في هذا الإقليم تدهورا مريعا, حيث تكاد العمليات العسكرية بين قوات الحكومة والمتمردين تكون قد توقفت؛ بينما ازدادت وتوسعت العمليات ضد المدنيين والقائمة على أسس عرقية وقبلية.

    وتنسب معظم العمليات ضد المدنيين إلي مليشيات الجنجويد؛ وهي مليشيات تضم عناصر من القبائل العربية الدارفورية والوافدة؛ وتتحرك علي ظهور الخيل والجمال وقد دعمت من قبل دوائر نافذة في الحكم لمحاربة التمرد وإن كان يبدو أنها تتحرك وفق حسابات خاصة بها.

    ويرجع بعض المحللين أهداف هجمات الجنجويد المريعة إلى طرد العناصر الزنجية من أراضيها وإحلال قبائل وافدة من خارج السودان مكانها. بينما نسبت بعض الانتهاكات لحركات التمرد وخصوصا حركة تحرير السودان على هامش بعض عملياتها العسكرية.


    دخلت أميركا بكل ثقلها لدفع الأطراف المتقاتلة إلى التفاوض, والضغط على الحكومة لحل الجنجويد والتوصل إلى حل شبيه بما تم في نيفاشا, بينما دخلت الأمم المتحدة من باب المساعدات الإنسانية

    ويبدو واضحا من خلال ذلك انخراط عناصر إقليمية مختلفة في الصراع الدائر في دارفور, حيث نسبت أقوال لمسؤولين بالحكومة السودانية يتهمون فيها عناصر من المخابرات التشادية والليبية ودولة إريتريا بدعم التمرد, بينما تتهم حركات التمرد الحكومة التشادية بمحاباة الخرطوم وتتردد أقوال عن مشاركة عناصر من دول أفريقية شتى في الصراع المسلح بدارفور بينها عناصر من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأوغندا.

    إن كل هذه العوامل أدت إلى تحويل الصراع من طابعه كمعارضة مسلحة لحركات سياسية ضد الحكومة المركزية إلى كونه حربا أهلية يتصارع فيها في المقام الأول أبناء دارفور من عرب وأفارقة, وتلعب فيها أياد أجنبية دورا خفيا ويدفع ثمنها الفادح المواطن الدارفوري البسيط.

    ويبدو المجتمع الدولي متحركا في اتجاه حل الأزمة في دارفور, وذلك بعد فشل الأطراف السودانية في وقف الاقتتال والانتهاكات تجاه المدنيين ومواجهة اللاجئين لظروف حياة قاسية حركت ضمير العالم. وبعد فشل الأطراف الإقليمية ومن أهمها تشاد في إيصال الأطراف المتقاتلة إلى اتفاق.

    وقد دخلت الإدارة الأميركية بكل ثقلها لدفع الأطراف المتقاتلة للتفاوض, والضغط على الحكومة لحل الجنجويد وتقييدهم والوصول إلى حل شبيه بما تم التوصل إليه في نيفاشا, آملة أن تقدم هذا الجهد كنجاح عالمي يحسب لها في الانتخابات القادمة في مقابل فشلها في العراق. بينما دخلت الأمم المتحدة من باب المساعدة الإنسانية حينما عجزت عن تقديم حل عادل وناجع للأزمة تلتزم به كل الأطراف.
    ــــــــــــــــــ
    كاتب سوداني
    المصدر: الجزيرة



                  

02-27-2008, 01:31 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    دارفور.. ماذا يجري على يسار العالم العربي؟!

    من هم قادة حركات التمرد في دارفور؟ وماذا يريدون؟!

    ضياء الدين بلال**

    الأسماء التي صعدت على سلالم "الشهرة" مع صعود المجموعات المناهضة "للمركز" لجبل مرة: عبد الواحد محمد نور والدكتور خليل إبراهيم وشريف حرير والتجاني سالم درو.. هي تقابل في فعلها المجموعة التي دخلت الغابة الاستوائية في الثمانينيات صمويل قاي توت ووليم نون وجون جارانج دي مبيور وعبد الله شول.. ولكن الفارق الأساسي باستثناء التجاني درو فالمجموعة الدارفورية هي مجموعة مدنية غير عسكرية، ولها ارتباطات تنظيمية أو ميول سياسية عرفت بها في نطاق دوائر حراكها المحدود بالدراسة أو السكن أو العمل التنظيمي!!

    فالمجموعة الجنوبية التي شكلت نواة الحركة الشعبية خرجت من المدرسة العسكرية الرسمية.. والمجموعة الدارفورية خرجت من أوعية الأحزاب السياسية، ولكن كلتيهما قررت الدخول للنادي السياسي النخبوي عبر بوابة العمل العسكري وصواعد الرصاص تحت مبرر واحد؛ وهو أن أوعية العمل السياسي في السودان مصممة بحيث يصبح معها الصعود إلى مراقي القيادة أمرا فائق العسر لأمثالهم من "المهمشين"!!

    والذي صعد بالمجموعة الدارفورية لجبل مرة مغاضبة "للمركز" هو شعورها بالتهميش داخل أحزابها، ومثال لذلك الدكتور خليل إبراهيم عضو المؤتمر الوطني والوزير الإنقاذي لسنوات طوال.. أو تلك التي تشعر "بتهميش" حزبها، وابتعاده عن مناطق الكسب، ومثال لذلك الدكتور شريف حرير الرجل الثاني في الحزب الفيدرالي الذي يترأسه محمد إبراهيم دريج!!

    إذن حالة الشعور "بالتهميش" تمتد وتتسع من دائرة الذات لتشمل النطاقين القبلي والجهوي فيتداخل العام بالخاص؛ لذا كان الدكتور خليل إبراهيم من الذين أعدوا الكتاب "الأسود"؛ ذلك الكتاب الذي ظهر في عام 1999 أثناء تصاعد الخلافات داخل الحزب الحاكم قبل انقسامه.. والذي أثار جدلا واسعا بتقديمه تقييما عرقيا لشاغلي المناصب القيادية في الدولة!

    وجاء ذلك الاعتراف في أول حوار أجري معه بلندن بعد أحداث دارفور بصحيفة "الحياة"؛ حيث قال: "منذ الاستقلال حكم السودان 12 رئيسا جميعهم من الإقليم الشمالي، ولم يرأس السودان أي شخص من دارفور أو الشرق أو الجنوب.. قررنا التأكد من ادعائنا بسيطرة مجموعة صغيرة على البلاد، فأجرينا إحصاء نشرناه في الكتاب الأسود"!!

    إذن الفارق الأساسي بين تمرد الجنوب وتمرد دارفور هو أن الأول بدأ عسكريا ثم "تسييس" ولكن الثاني بدأ سياسيا ثم "تعسكر".. فالعسكريون في الجنوب هم الذين استقطبوا المدنيين للصراع، ولكن هل ستسير المعارضة الدارفورية في الاتجاه المعاكس؟!

    أوجه الشبه بين تمرد الجنوب والغرب

    هنالك تشابه كبير بين منفستو التأسيس للحركة الشعبية الجنوبية وحركة العدالة والمساواة الدارفورية؛ فكلتاهما حدد عدوا مشتركا وهدفا واحدا، وأعلن كل طرف منهما عن وجود تقارب وتنسيق بينهما، ولم يستبعد الطرف الآخر حدوث ذلك مستقبلا..

    البيان الذي أصدرته الحركة الدارفورية بعد عملياتها العسكرية الذي ذكر الأستاذ عادل عبد العاطي في مقال له بصحيفة "سودان نايل" الإلكترونية أنه كتب بلغة إنجليزية رفيعة، أكد تحالف من أطلق عليهم: المهمشين ضد سلطة "المركز"، ودعا البيان لفصل الدين عن الدولة، وبناء سودان مدني ديمقراطي تلعب في بنائه وإعادة صياغته القوى المهمشة الدور الأساسي..

    وهذه المفاهيم واللغة تتطابق تماما مع ما جاء في منفستو تأسيس الحركة الشعبية حيث ورد في فصله الثاني "أن المعني بلفظة "الشمال" في كل هذا المنفستو هي المناطق في شمال السودان التي أصبحت فيها التنمية الهامشية ضرورية حتى يتسنى استخراج الفائض بأقل تكلفة بواسطة الأنظمة الاستعمارية.. وبهذا المفهوم فإنها تضم مديرية الخرطوم، ومديرية النيل الأزرق القديمة، ولا تضم أيا من المناطق الأخرى في شمال السودان؛ فمديريات دارفور وكردفان وكسلا والشمالية القديمة هي مناطق متخلفة تستوي في ذلك مع المديريات الجنوبية الاستوائية وبحر الغزال وأعالي النيل والتي تعرف حاليا بجنوب السودان.. وأن ما عرفناه بالمناطق المتخلفة في شمال السودان هي أكثر المناطق التي تعرضت للخداع والإهمال من أنظمة الأقلية والشلل الحاكمة في الخرطوم، إن أنظمة شلل الأقلية هذه استغلت دائما قضايا القومية والدين لعزل الكفاح في الجنوب عن كفاح المناطق المتخلفة في الشمال"!

    هدفهما ضرب مركزية الوسط

    إذن.. منفستو الحركة الشعبية وبيان معارضة دارفور الجبلية يربط بينهما مسعى مشترك يسعى لما يسميه محمد أبو القاسم حاج حمد في كتابه "السودان.. المأزق التاريخي وآفاق المستقبل" لإنشاء حزام أو طوق دائري حول مركز الوسط السوداني اعتمادا على تجميع الأطراف وفق منهج النضال المسلح للقضاء على مركزية الوسط السوداني!!

    ففي حوار خليل إبراهيم الذي سئل فيه عن علاقة حركته بالحركة الشعبية.. أجاب "نتحدث عن المظلمة الواقعة على غالبية أبناء السودان وهنالك تنسيق، ونتفق أن البلد فيه ظلم واستعمار، وعلى ضرورة انتهاء هذه السيطرة على مقادير البلد"!!

    وعندما سئل ياسر عرمان بصحيفة "الأيام" عن علاقة الحركة بما يحدث في دارفور أجاب: "لا يمكن أن نساعدهم.. لأنهم بعيدون عنا جغرافيا، وليس سياسيا"!!

    والذي يتضح من التصريحات الصحفية والبيانات التي تصدر من معارضة الجبل أن ما يحدث في دارفور تقوم به مجموعات متعددة، بعضها ذات طابع قبلي تنتهي أجندته في حدود جغرافية دارفور.. والبعض الآخر تتمدد أجندته لتصل "الخرطوم"، وأن المجموعة القائدة للحركة العسكرية في دارفور ما زالت في مرحلة تذويب الخلافات الفكرية والسياسية بينها.. ووضح ذلك في تضارب التصريحات والمسميات ما بين "حزب العدالة والمساواة" و"حركة تحرير دارفور" إلى "حركة تحرير السودان".. فبعد أن تبنى الدكتور خليل العمليات العسكرية المستهدفة لرموز الدولة في دارفور تبنى شريف حرير العمليات ذاتها بالكامل، ثم عاد وتحدث بعد ذلك عن وجود تحالف دارفوري عريض قام بها.. وبعد فترة وجيزة هاجم شريف حرير الدكتور خليل، ونفى أن يكون له دور في أحداث دارفور، وعرض بانتمائه السابق للإسلاميين.. أما خليل حينما سئل عن علاقة حركته بتحالف حرير الفيدرالي أجاب: "لا توجد علاقة تنظيمية أو علاقة تنسيق.. نحن حركة مستقلة، وحتى هذه اللحظة يعمل كل طرف منفصلا عن الآخر.. ما يجمعنا أننا جميعا مهمشون، ويمكن أن يلتقي المهمشون في المستقبل".

    ففي الوقت الذي يؤكد خليل وجود تنسيق بينهم وبين الحركة الشعبية ينفي وجود تنسيق بينهم وبين حزب حرير الفيدرالي، وهو أقرب إليهم جغرافيا وسياسيا!!

    خليل وأزمة "التوزير"

    الدكتور خليل إبراهيم كان من القيادات الوسيطة في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية؛ حيث انحصر دوره في المناصب الولائية؛ حيث عمل وزير صحة بدارفور والنيل الأزرق، ووزير تربية، ثم أصبح مستشارا لحكومة بحر الجبل ومقرها جوبا، وقدم استقالته من هذا المنصب في 1999.. والبعض يرد الاستقالة إلى خلافات الإسلاميين بعد مذكرة العشرة وانقساماتهم الحادة في تلك الفترة وميول خليل للمؤتمر الشعبي.. وآخرون يقولون -ومنهم الأستاذ جبريل عبد الله القيادي بالمؤتمر الوطني بدارفور في حوار أجري معه بصحيفة "الوفاق"-: "خليل كان قياديا تنظيميا بدارفور قبل أن يصبح وزيرا، وكان قد فقد بعض المنابر في دارفور، وحدثت مواقف سيئة بينه وبين ولاة دارفور المتعاقبين، وبسببه أُعفي الوالي بروفوسير التجاني حسن الأمين، ثم جاء الدكتور يونس الشريف الحسن فقابله خليل بالقبلية، ومنها اضطرت السلطات لنقله لولاية أخرى".

    من الحركة الإسلامية للحركة الشعبية

    شيء ما.. ووضع محدد هو الذي يتسبب في إحداث تلك النقلة الكبيرة التي تجعل عددا من الإسلاميين الدارفوريين ينتقلون وبفجائية محيرة من خلايا الحركة الإسلامية إلى صفوف الحركة الشعبية (حركة جارانج).. إذا كان ذلك بالانخراط فيها مثل ما فعل المهندس داود يحيى بولاد في عام 1991م.. أو بالتنسيق معها مثل ما تفعل حركة العدالة والمساواة الآن والتي يقودها من لندن الدكتور خليل إبراهيم ومن جبل مرة الضابط التجاني سالم درو.. أو بالتحالف معها مثل مسعى المؤتمر الشعبي في فبراير عام 2001م بتوقيع مذكرة تفاهم.

    والفجائية والحيرة تأتيان من أن الحركة الإسلامية والحركة الشعبية تمثلان طرفي نقيض لبعضهما البعض.. وكل منهما تؤسس خطابها على مناهضة مشروع الآخر والسعي لإقصائه خارج الحلبة السياسية!!

    وقد بدأت ظاهرة خروج بعض القيادات الدارفورية من الحركة الإسلامية في أواخر الثمانينيات، فيما خرج الدكتور فاروق أحمد آدم وإبراهيم يحيى من الجبهة الإسلامية، والتحقا بالحزب الاتحادي الديمقراطي، ثم جاء بعد ذلك خروج بولاد وخليل وغيرهما.. وأقرب تفسير لهذه الظاهرة أن هنالك إشكاليات دقيقة "ومسكوتا عنها" تعتمل التركيب السياسي والاجتماعي لبناء الحركة الإسلامية التي تقوم أواصر العلاقة فيها على الأخوة الإسلامية، وتمتد وتتسع لنطاق أممي غير محدود.. ولكن تلك العوامل تغير منطق العلاقة حتى تضيق وتضيق الانتماءات لحد الانغلاق على الإثني والقبلي والجهوي.

    العلاقة بين الترابي وخليل

    يروي محمد عبد الشافع مدير مكتب خليل أن الدكتور الطيب محمد خير أقام مأدبة عشاء على شرف عودة خليل، ودار في الجلسة نقاش ساخن عن الانقسام، وكان خليل متعاطفا مع الدكتور حسن الترابي.. ويروي عبد الشافع أن الدكتور الطيب برر لخليل إبعاد الترابي بأنهم وضعوا في موقف حرج؛ إما التضحية بالدولة وإما بشيخ حسن! وأنهم اختاروا التضحية بالشيخ.. ويقول عبد الشافع: إن رد خليل كان حاسما (كان يجب أن تضحوا بالدولة؛ لأن الشيخ حسن هو الذي أتى بالدولة)!!

    من هذه العبارة المنسوبة لرجل كان لصيق الصلة بخليل حيث عمل مديرا لمكتبه لسنوات طوال في الجنوب والنيل الأزرق والخرطوم.. تقترب شبهة علاقة خليل بالمؤتمر الشعبي للتصديق.. وإن كان ابن عمه عبد العزيز بشير محمد ينفي نفيا قاطعا علاقة خليل بالمؤتمر الشعبي..

    وكذلك نفى خليل نفسه هذه العلاقة في حوار "الحياة" اللندنية.. وصدرت تصريحات من قيادات "الشعبي" تنفي العلاقة؛ مثل تصريحات عبد الله حسن أحمد ومحمد الحسن الأمين التي أثبتت عضوية خليل في المؤتمر الشعبي، ولكنها نفت علاقتها بالحركة التي يقودها في دارفور، ووصفت من قبلهما بأنها أمر يخصه وحده. وبعد أحداث جبل مرة بأيام وبروز اسم خليل إبراهيم كقائد سياسي لتلك المجموعة عقد اللواء محمد عطا نائب مدير جهاز الأمن الوطني لقاء بالصحافة في 5 مارس، استبعد أن يكون للمؤتمر الشعبي دور في أحداث دارفور.

    ورغم النفي المتكرر لدور المؤتمر الشعبي (حزب الترابي) في الأحداث فإن هنالك مؤشرات يقدمها البعض كدليل على علاقة ما يحدث في دارفور بالمؤتمر الشعبي.. فهنالك رؤية تشير إلى أن ما يحدث في دارفور من أحداث هو الجانب العملي "غير المنصوص عليه" في اتفاق جنيف بين الحركة الشعبية (حركة جارانج) والمؤتمر الشعبي.. بحيث يقوم المؤتمر الشعبي بفتح جبهة عسكرية في الغرب بحكم أن عددا كبيرا من عضويته من تلك المناطق.. وذلك بتشكيل تحالف على أساس اتحاد الأطراف على "المركز" لتغيير معادلة السلطة والثروة في السودان.. وأصحاب هذا الرأي يستدلون على مذهبهم ذلك بعدة مؤشرات:

    الأول: أن الصراع في الحزب الحاكم أخذ في بدايته طابع الصراع على أمور ولائية تتعلق بانتخاب الولاة، وأن الترابي عبر جولاته الولائية قبل المؤتمر العام الذي سبق الانقسام سعى للاستنصار بالولايات لمقارعة المركز، واستطاع حشد 10 آلاف ضد أصحاب مذكرة العشرة.

    الثاني: الترابي في مقال له نشر في صحيفة "الشرق الأوسط" كتبه من داخل محبسه في كافوري بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أشار لمجموعات إثنية محددة بأنها مظلومة لحد يقارب ما يحدث في جنوب أفريقيا.

    الثالث: أن البيان الذي أصدره المؤتمر الشعبي عقب أحداث دارفور ونشر في موقع "آخر لحظة" على الإنترنيت لم تتم فيه إدانة الأحداث؛ بل ذهب في اتجاه تبريرها بعبارات عامة دون تحديد يجر على قيادة الحزب بالخرطوم مساءلات أمنية.

    الخلاصة

    وبعد الاستماع لإفادات وحجج ومعلومات عديدة عن نفي أو إثبات علاقة حركة المساواة بحزب المؤتمر الشعبي يمكن الانتهاء إلى التالي:

    نعم.. للمؤتمر الشعبي "علاقة ما" بحركة خليل، من الصعب تحديد حدودها القصوى والدنيا أو ترسيم فواصلها الخضراء والحمراء.

    فخليل له علاقة وطيدة بالدكتور علي الحاج، وقيل: إن بداية توتر علاقاته التنظيمية وصعود خطابه الاحتجاجي كان عندما استبعد الدكتور علي الحاج من أن يكون مرشحا لمنصب النائب الأول بعد الشهيد الزبير محمد صالح.

    نعم.. قد يكون خليل وحركته التي تتضارب المعلومات عن تاريخ نشأتها على علاقة بالمؤتمر الشعبي في بدايتها، ولكن من المؤكد أنه لم يعد يتحكم في مساراتها وبرنامجها الذي يتطلب تخفيض الخطاب الديني العقدي، وترفيع الخطاب الإثني والقبلي لحد ملاءمته مع الجغرافية الثقافية لمناطق غرب السودان.. وبهذا يكون الترابي الذي فقد السيطرة على الذين أتى عبرهم للحكم في عام 89.. قد فقد كذلك السيطرة على الذين يريد أن يعارض بهم.. فخليل الذي قال إنه ينسق مع الحركة الشعبية، وخليل الذي يسعى لتدعيم علاقاته الأوربية يريد أن يتخلى عن أعباء حمل أطروحات الإسلام السياسي..

    لذا مالت أطروحات حركته في اتجاه العلمانية، حتى موقع حركته على الإنترنت كان باللغة الإنجليزية.. وكذلك بيان التأسيس ذكر الأستاذ عادل عبد العاطي في موقع "سودان نايل" أنه كتب بلغة إنجليزية رفيعة.. هذه مؤشرات أولية تدل على أن حركة المساواة تريد أن تبعد نفسها بحد كاف من الثقافة العربية الإسلامية، ومن إرث حركات الإسلام السياسي!!



                  

02-27-2008, 01:34 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    دارفور.. ماذا يجري على يسار العالم العربي؟!

    دارفور.. التاريخ والقبائل والجنجاويد

    محمد جمال عرفة **

    يقع إقليم دارفور في أقصى غرب السودان، وتشكل حدوده الغربية الحدود السياسية للسودان في تلك الجهة مع ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد، وتسكنه عرقيات إفريقية وعربية؛ من أهمها "الفور" التي جاءت تسمية الإقليم منها، و"الزغاوة"، و"المساليت"، وقبائل "البقارة" و"الرزيقات". وتمتد جذور بعض هذه المجموعات السكانية إلى دول الجوار، خاصة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.

    وكانت دارفور في السابق مملكة إسلامية مستقلة تَعاقب على حكمها عدد من السلاطين، كان آخرهم السلطان علي دينار، وكان للإقليم عملته الخاصة وعلَمه، ويحكم في ظل حكومة فيدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم، وكانت هذه الفيدراليات مستقلة تماما حتى سقطت في الحقبة التركية.

    وقد اتجه أهل دارفور خلال الحكم التركي الذي استمر نحو 10 سنوات لأسلوب المقاومة، وشكل الأمراء والأعيان حكومات ظل كانت مسئولة عن قيادة جيش دارفور الموحد الذي كان يشن عمليات المقاومة ضد الجيش التركي. كما شهد الإقليم عدة ثورات؛ من أشهرها ثورة السلطان هارون التي دحرها غردون باشا عام 1877، وثورة مادبو بمدينة الضعين، وثورة البقارة. وعند اندلاع الثورة المهدية سارع الأمراء والزعماء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت استقلالها مجددا.

    ولم يدم استقلال الإقليم طويلا؛ حيث سقط مجدداً تحت حكم المهدية عام 1884 الذي وجد مقاومة عنيفة حتى سقطت المهدية عام 1898، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور.

    وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى أيد سلطان دارفور تركيا التي كانت تمثل مركز الخلافة الإسلامية؛ الأمر الذي أغضب حاكم عام السودان، وأشعل العداء بين السلطنة والسلطة المركزية، والذي كانت نتيجته الإطاحة بسلطنة دارفور وضمها للسودان عام 1917.

    وقد تأثر إقليم دارفور -كما يقول الكاتب مأمون الباقر- بالثقافة الإسلامية قبل دخول المستعمرين؛ فأقيمت المدارس الدينية لتعليم القرآن والشريعة الإسلامية، وتم إرسال العديد من أبناء الإقليم إلى الدراسة في الأزهر الشريف؛ حيث خصص "رواق دارفور" منذ تلك الفترة، كما كانت هناك نهضة ثقافية وفكرية ساهمت في تلاحم القبائل.

    ومما يذكره التاريخ عن السلطان علي دينار أنه كان يكسو الكعبة المشرفة سنويا، ويوفر الغذاء لأعداد كبيرة من الحجاج فيما يعرف عند سكان الإقليم بـ"قدح السلطان علي دينار" أو "أبيار علي".

    وقد مرت على إقليم دارفور الكثير من التطورات والتدخلات التي أثرت على اختلاف ثقافات المنطقة وتنوع أعراقه، خصوصا مع توطن قبائل من الرحل من غير سكان الإقليم، ومع ظهور الدول الأفريقية نتيجة التقسيم الجغرافي وتعاظم الصراعات المسلحة في المنطقة بدأت تظهر أنواع من الانعزال المكاني والانعزال الاجتماعي والانعزال الفكري.

    وأصبح أكثر من 85% من الصراعات القبلية في السودان يدور في دارفور.. تلك المنطقة التي تمتد على مساحة 510 ألف كيلومتر، ويبلغ عدد سكانها ما يقارب 6 ملايين نسمة!

    وساهم في تصاعد هذه الحروب والصراعات المسلحة عدة أمور إضافة إلى التركيبة القبلية التي تتحرك في فضائها الأحداث الدامية في الفاشر والجنينة وقولو وكرنوي؛ بحيث يمكن القول بأن ما حدث نتيجة أخطاء بشرية وتدخل خارجي.

    فليس سرا أن إدخال السلاح بكميات كبيرة لهذه المنطقة الملتهبة في العديد من الصراعات الداخلية (لمواجهة حركة التمرد الجنوبية)، وفي الصراعات الخارجية (القتال في تشاد وأفريقيا الوسطى) أدى لانتشار تجارة السلاح في المنطقة.

    ويروي الأستاذ جبر الله خمسين فضيلي في استطلاع لصحيفة "الحياة" السودانية -وهو محام من أبناء دارفور- رواية عن أول دفعة من السلاح دخلت دارفور بكميات كبيرة؛ حيث يقول: "الجبهة الوطنية التي كانت تقود المعارضة ضد حركة مايو بزعامة الرئيس جعفر نميري أدخلت كمية كبيرة من السلاح.. عندما كانت تعد لانتفاضة 2 يوليو 1976م.. وقد خزنت هذا السلاح في 20 حفرة بوادي هور على مسافة بضعة كيلومترات من بئر مواطن كباشي يدعى ود الفضل.. تقع في وادي هور.. هذا السلاح تسرب لدارفور عندما بدأ الحوار بين الجبهة والنظام حول المصالحة يومها.. ولتأكيد حسن نيتها وجديتها أهدت الجبهة الوطنية هذا السلاح للجيش وأرشدت على مكانه.. وبالفعل ذهبت قوة من الجيش -القيادة الغربية بالفاشر- لإحضار ذلك السلاح، ولكنها وجدت بعض الحفر أخليت، وأخذ منها السلاح، وذهب لأيادي المواطنين من أبناء دارفور.. وكانت هذه هي بداية انتشار السلاح في دارفور.

    أما الدفعة الثانية من السلاح التي دخلت دارفور فقد جاءت مترتبة على النزاعات التشادية؛ حيث كانت دارفور مسرحا ومعبرا للسلاح بين الخصماء والجهات الداعمة لهم.. بل إن التداخل القبلي في المناطق الحدودية وعدم وجود موانع طبيعية للفصل بين البطون السودانية وغيرها شجع العديد من القبائل الحدودية المشتركة على العبور إلى داخل الأراضي السودانية لنصرة فروع القبيلة، والوقوف معها في صراعاتها ضد القبائل الأخرى.

    ويقول مؤرخون سودانيون: إن تسليح المليشيات العربية من المسيرية والرزيقات منذ عام 1986م من قبل حكومة الصادق المهدي "بهدف مواجهة تمدد حركة جارانج"، واستمرار التسليح في عهد الرئيس البشير لمواجهة التمرد في جنوب السودان قد ساهم أيضا بصورة كبيرة في انفلات الأمن في دارفور.

    القبائل في دارفور

    تنقسم القبائل في دارفور إلى "مجموعات القبائل المستقرة" في المناطق الريفية مثل: "الفور" و"المساليت" و"الزغاوة"، و"الداجو" و"التنجر" و"التامة"، إضافة إلى "مجموعات القبائل الرحل" التي تتنقل من مكان لآخر، ووفدت للمنطقة مثل: "أبالة" و"زيلات" و"محاميد" و"مهريه" و"بني حسين" و"الرزيقات" و"المعالية". وغالبية سكان دارفور مسلمون "سنّة".

    وغالبية القبائل المستقرة من الأفارقة، ويتكلمون لغات محلية بالإضافة للعربية، وبعضهم من العرب، أما غالبية قبائل الرحل فهم عرب ويتحدثون اللغة العربية، ومنهم أيضا أفارقة.

    وقد عاش الرحل والمجموعات المستقرة وشبه الرعوية والمزارعون في دارفور في انسجام تام منذ قديم الزمان، وهناك علاقات مصاهرة بينهما، واعتادت مجموعات الرحل التنقل في فترات الجفاف إلى مناطق المزارعين بعد جني الثمار، وهذه العملية يتم تنظيمها في اتفاقيات محلية بين القبائل، وإن لم يخلُ الأمر -في أوقت الجفاف والتصحر- من بعض المناوشات المتكررة بين الرحل والمزارعين في نطاق ضيق، سرعان ما كان يجري حلها.

    ولم يسمع أحد أن الاختلافات الإثنية والثقافية بين هذه المجتمعات التي تم استغلالها بصورة واسعة في هذا الصراع كان لها دور في أي خلافات بين مجموعتي القبائل المختلفة؛ حيث كان يتم حل النزاعات في مؤتمرات قبلية تنتهي بتوقيع اتفاقيات المصالحة بين أطراف النزاع، غير أن النزاعات والحروب القبلية اتسعت بصورة كبرى مع الوقت، وتشعب النزاع، وتدخلت أطراف دولية وإقليمية.

    ففي 1989 اندلع نزاع عنيف بين الفور (أفارقة) والعرب، وتمت المصالحة في مؤتمر عقد في الفاشر؛ مما أخمد النزاع مؤقتا، ورعى اتفاقيةَ الفاشر -التي أنهت الصراع- الرئيسُ السوداني الحالي عمر البشير الذي كان قد تولى الحكم عام 1989 بعد انقلابه على النظام القائم في الخرطوم آنذاك.

    كما اندلع صراع قبلي آخر بين العرب والمساليت في غرب دارفور بين عامي 1998-2001؛ مما أدى إلى لجوء كثير من المساليت إلى تشاد، ثم وقعت اتفاقية سلام محلية مع سلطان المساليت عاد بموجبها بعض اللاجئين فيما آثر البعض البقاء في تشاد.

    لغز ميليشيا "الجنجاويد"

    كلمة "جنجاويد" مكونة من ثلاثة مقاطع هي: "جن" بمعنى رجل، و"جاو" أو "جي" ويقصد بها أن هذا الرجل يحمل مدفعا رشاشا من نوع "جيم 3" المنتشر في دارفور بكثرة، و"ويد" ومعناها الجواد.. ومعنى الكلمة بالتالي هو: الرجل الذي يركب جوادا ويحمل مدفعا رشاشا.

    وهؤلاء غالبا ما يلبسون ثيابا بيضاء مثل أهل السودان، ويركبون الخيل، ويهاجمون السكان والمتمردين معا في دارفور، وهناك روايات عن نهبهم أهالي دارفور، واستهدافهم قبيلة الزغاوة الأفريقية التي خرج منها أحد زعماء حركات التمرد في دارفور، وعن مطاردتهم في الوقت نفسه للمتمردين على حكومة الخرطوم.

    وعلى حين تتهم حركات التمرد الثلاثة في دارفور ووكالات الإغاثة الدولية الجنجاويد بأنهم أعوان الحكومة وتابعوها، وأنهم عرب يشنون هجمات عنيفة على الأفارقة السود من قبائل الفور والمساليت والزغاوة.. تنفي الحكومة السودانية ذلك بشدة، وتقول: إنها لا ولاية لها عليهم، وإنهم يهاجمون قواتها أيضا.

    وينسب إلى هذه الميليشيات أنها تقوم بعمليات قتل واغتصاب وتشويه ونهب وإحراق عشرات الآلاف من البيوت، وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص، ويقال: إن عددهم صغير جدا، ربما بضعة آلاف، لكنهم مسلحون تسليحا جيدا بالرشاشات ويركبون الخيل والجمال، وأن هدفهم من مهاجمة القبائل الأفريقية هو طردهم من بيوتهم، وإجبارهم على التخلي عن موارد المياه والمراعي المهمة للقبائل الرحل ذات الأصول العربية.

    ويقال: إن الجنجاويد يعيشون على الرعي، وإنهم تعرضوا لضرر كبير بسبب التصحر الذي قلل من موارد المياه والمراعي في دارفور بشكل ضخم، وإنهم يهاجمون رجال القبائل الأفريقية؛ لأن منهم يخرج العدد الأكبر من مقاتلي حركات التمرد: جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة اللتين تمثلان المجموعتين المتمردتين الرئيسيتين في دارفور، وإن هدفهم بالتالي هو القضاء على التمرد من خلال ضرب هذه القبائل
                  

02-27-2008, 01:36 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    مليشيا مسلحة بدارفور
    الجنجويد
    سيدي أحمد بن أحمد سالم

    أصبحت مليشيا الجنجويد عنصرا بارزا في خريطة دارفور العسكرية والاجتماعية وتتهمها حركتا التمرد بالإقليم (حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة) بأنها الذراع العسكري لحكومة السودان في دارفور وهو أمر تنفيه الخرطوم إذ ترى فيهم جماعة مسلحة غير خاضعة لأي جهة. وكثر الحديث عن هذا التنظيم في وسائل الإعلام وعلى ألسنة المهتمين بالشأن السوداني.

    معنى الكلمة
    لم نجد تفسيرا متفقا عليه لكلمة الجنجويد فالبعض يجعلها لفظا منحوتا من العبارة "جن على جواد" والبعض يقول بأنها نحتت من ثلاث كلمات تبدأ كلها بحرف الجيم وهي: جن وجواد وجيم ثلاثة (G3) السلاح المعروف. في حين يربطها البعض بصعلوك من عرب دارفور يدعى حامد جنجويت مارس الحرابة مع عصابته ضد القرى الأفريقية في الثمانينات من القرن الماضي فأدخل الرعب في قلوب السكان. ومهما تعددت تفاسير اللفظ فإن له معنى مشتركا بينها جميعا وهو أنها جماعة مسلحة بدارفور يحملها أكثر من طرف مسؤولية الإخلال بالأمن في الإقليم.

    نشأة الجنجويد
    ظهر بإقليم دارفور في عام 1987 تحالف موسع يشمل كل القبائل ذات الأصول العربية بالإقليم أطلق عليه اسم "التجمع العربي" ويضم 27 قبيلة كان الهدف منه الحد من نفوذ قبائل الشمال العربية أي الجعليين والشايقية والدناقلة. وقد توسع التنظيم ليشمل بعض قبائل كردفان ذات الأصول العربية وليأخذ التنظيم الجديد اسم "قريش". وصدرت عن هذا التنظيم بيانات توضح -إن كانت صحيحة- نزعة عروبية عنصرية. واتهمت حكومة الصادق المهدي في الثمانينات ومن بعدها حكومة البشير الحالية بأنها ترعى هذا التنظيم في حين اتهمت الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق بأنها تسعى لتسليح قبيلة الفور في إقليم دارفور لمواجهة حكومة الخرطوم. ومن هنا أخذ الصراع في دارفور منحى عربيا أفريقيا بعد أن كان محصورا في مواجهة بين الرعاة والمزارعين. وفي هذا السياق نشأت مليشيا الجنجويد التي تتهم بأنها الذراع العسكري للقبائل العربية بدارفور وهو أمر دابت تلك القبائل العربية على نفيه. ويربط بعض المراقبين نشأة الجنجويد بالحرب التشادية-التشادية في الثمانينات حين واجه الرئيس التشادي الحالي إدريس دبي خصمه حسين حبري، فجند كل طرف بعض المليشيات من أبناء القبائل العربية القاطنة بشرق تشاد فبرزت مليشيا الجنجويد.

    أقسام الجنجويد
    ينقسم الجنجويد إلى قسمين: قسم أصغر بشمال دارفور يتكون من عدة مليشيات تابعة للقبائل العربية أو الأبالة وهي التي تمتهن تربية الإبل. وتذكر بعض المصادر أن جنجويد الشمال استباحوا مدينة كتم في أغسطس/ آب 2003. ويتركز القسم الأكبر من الجنجويد بجنوب دارفور وهم من أبناء القبائل العربية المعروفة بالبقارة أي التي يغلب عليها تربية البقر ويقدر عددهم بأزيد من 5 آلاف مسلح. يتحصنون بجبل كرقوا بأقصى جنوب غرب دارفور. وتتهم مليشيا الجنجويد بأنها شاركت إلى جانب قوات الجيش السوداني في الحملة ضد المهندس داؤود يحيى بولاد -من قبيلة الفور- وقد قاد تمردا عام 1991 متعاونا مع جون قرنق زعيم الحركة الشعبية ومنشقا عن الجبهة القومية الإسلامية بزعامة حسن الترابي، وقد قمعت حملته وأسر وقتل.

    نزع السلاح والاعتقال
    طالب مجلس الأمن الدولي الحكومة السودانية بداية أغسطس/ آب 2004 في قرار بشأن دارفور نزع أسلحة مليشيا الجنجويد وضرورة تعقب الضالعين في القتل والنهب والاغتصاب. وقد برز اسم الشيخ موسى هلال ناظر قبيلة المحاميد العربية بدارفور بوصفه زعيم الجنجويد وقد رفع متمردو دارفور اسمه في صدر قائمة قالوا إنهم من قاموا بالتطهير العرقي من الجنجويد‏.‏ وقد تبنت أميركا اتهام الشيخ موسى هلال بتزعم الجنجويد وهو أمر ما فتئ هلال ينفيه عن نفسه.
    _______________
    قسم البحوث والدراسات - الجزيرة نت
    المصادر
    1 - أرشيف الجزيرة نت



                  

02-27-2008, 01:45 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)






    زعيم الجنجويد المفترض في حوار استثنائي
    التاريخ: الأحد 18 تموز/يوليو 2004
    الموضوع: العالم العربي والاسلامي


    مقابلة ـ موقع إيلاف ـ 18/7/2004
    الخرطوم ـ الطاهر حسن التوم وبكري مدني

    هذا الرجل الآن يشغل كل العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وحتى مجلس الامن ، إنه الشيخ موسى هلال زعيم عشيرة المحاميد بدارفور. ويخفي موسى هلال تحت هيئته "المدينية" روح بدوية متمرسة وشرسة ، حاول جاهداً وهو يرد على أسئلتنا أن يبدو حذراً وكأنه يخشى الدخول في إجابات محظورة وأجتهد أكثر في السيطرة على توتره الذي ظهر عندما ضغط بأسنانه على غطاء قارورة المشروب الغازي حتى ثناه . وموسى هلال رجل تحيط به الحراسة مشددة ، أحسسنا ونحن ندلف إلى مكتبه داخل بناية وسط الخرطوم إنه إختاره كذلك لأسباب أمنية. ونستطيع أن نقول أن الرجل تحكم في إجاباته ويعرف بالضبط ماذا يريد أن يقول . في ما يلي حوار تنفرد به " إيلاف":

    *في خضم الحديث الطاغي هذى الايام عن الجنجويد نسأل لماذا الشيخ موسى هلال بالذات تحوم حوله الشبهات بزعامة هذه الجماعة؟
    الجنجويد مصطلح في دارفور (غرب السودان) يعني لص وقاطع طريق وهم مجموعة من صغار النفوس الذين يتسرب اليهم السلاح من دول مجاورة ولقد نفيت مراراً وتكراراً علاقتي بالجنجويد.




    * وهل اتهامكم عائد الى ان قبيلتكم لم تعتذر من الاعمال التي يقوم بها الجنجويد؟

    حتى هذه غير صحيحة فنحن اكثر قبلة تضررت من حوادث الجنجويد وذلك راجع الى اننا قبيلة رعوية والنهب اصلاً يستهدف الرعاة ولقد نهبت منا اموال كثيرة وقتل منا كثيرون بواسطة الجنجويد وكما يستهدفنا الجنجويد يستهدفنا التمرد الذي تقوده قبائل الزرقة ( الزغاوة والفور والمساليت) وهؤلاء دمروا لنا عدة قرى وعملهم هذا منظم لبناء اقتصاد من اجل اهداف سياسية وسلطوية معروفة لدينا.

    *شيخ موسى هل انت مصاب بالقلق نتاج اتهامك بزعامة الجنجويد؟

    (ضحك ) لست مصاباً بالقلق ولن اصاب به طيلة عمري لاني لست زعيماً للجنجويد ولا علاقة لي بهم وانا زعيم عشيرة معروفة تاريخياً

    *من خلال معرفتك بالمنطقة هل للجنجويد منطقة محددة ينطلقون منها؟

    الجنججويد لا يرتبطون بقبيلة معينة ولا مكان محدد هم مجرد لصوص متشردون في كل دارفور واؤكد بأني ضدهم!!

    *على ذكرك الزغاوة في صف التمرد ذكرت سابقاً علاقة رحم تجمعك بهم فما هي؟

    الزغاوة طبعاً (خشم بيوت) ومنهم البديات وعلاقتي بالاخيرين علاقة دم ورحم والتقى معهم في الجد الخامس وتجمعنا غير ذلك علاقة تاريخ واعراف مشتركة واذكرهم وانا صغير يأتون لوالدي ويطلبون منه المساعدة في مناسبات الزواج ودفع الدّيات وهذه الصلة مستمرة حتى الان بيننا وبينهم.

    * عودة لموضوعنا الرئيسي (الجنجويد) البعض يتحدث عن مهارة لهم فائقة في القتال وترى في ذلك حكايات اقرب للاساطير فهل ما يروي عنهم صحيح؟

    اعود فأقول ان الجنجويد مجرد لصوص يحملون اسلحة ويستخدمونها غدراً ولكن البدو بصورة عامة وبحكم تكوينهم وبيئتهم يجيدون استخدام السلام وركوب الخيل في الغرب او الشرق.

    *شيخ موسى هل تعرف للجنجويد قيادة موّحدة ؟

    لا اعرف لهم قيادة موّحدة فهم عبارة عن جماعات من اللصوص تسير في الخلاء وتجدهم من مختلف القبائل في مجموعة واحدة وليس لهم زعيم واحد.

    *ولماذا يرتدي الجنجويد زيّاً موحداً ان كانوا اصلاً ينتمون لقبائل عدة؟

    ليس للجنجويد زياً موحداً والشال الذي يغطون بهم وجوههم من اجل اخفاء الملامح وحتى هذا الشال وطريقة لبسه جاءت من الخارج.

    *وهل رصدت من ابناء عشيرتك من انضم للجنجويد؟

    لا اجزم بذلك وربما هناك (نفر او نفرين) ومثلهم انضم للتمرد ولا يخلو مجتمع من شواذ.

    *فيما يتردد يا شيخ موسى ان الجنجويد يستهدفون القبائل غير العربية فالى اي مدى هذا صحيح؟

    لا استطيع ان احكم بهذا ولكن اعرف اننا ايضاً مستهدفين من الجنجويد ..

    ويقال ايضاً ان الجنجويد متسلحين باسلحة متطورة فمن اين لهم بهذا السلاح المتطور؟

    والله لا ادري ولكن الحدود مفتوحة مع دول الجوار ولا اجزم بأن كل الجنجويد يحملون اسلحة متطورة ولا اعرف كذلك بقية اسلحتهم وحتي الجيش ليس مسلحاً تسليحاً موحداً وعموماً اقدر ان اقول ان الجنجويد مسلحين وهذه حقيقة ولا يمكن ان يكونوا غير ذلك.

    *يتردد ان موسي هلال مطلوب حياً او ميتاً لدى الغربيين لدي مقابلتك لرموز غربية هل تعزز لديك ما يتردد؟

    ابداً فانا التقيت مع عدد من الاجانب منهم ممثلين لحكومات واخرين لمنظمات ولم احس منهم بأتجاه كهذا وانا ادافع عن نفسي في وجه معلومات خاطئة مراد منها تشويه سمعة من وقفوا في وجه التمرد وأحسب ان الجميع اخيراً يقفون على الحقائق داخل وخارج السودان.

    *من بين من التقيتهم كان سفير بريطانيا بالخرطوم فما الذي دار بينكما ؟

    السفير طرح عليّ العديد من الاسئلة حول ازمة دارفور وكان لقاءاً ممتازاً خلص الى ان مشكلة دارفور معقدة جداً وان على زعمائها ان يجبوا ما يجري ببيان ممهور بأسمائهم ووافقت على ذلك.

    *شيخ موسى هل هناك قبائل ( زرقة) يفقون الى جانبك؟

    (اجاب بذكاء).. هناك زرقة يقفون الى جانب الحكومة التي اقف الى جانبها.

    - وهل تلعب دور المنسق في ذلك؟

    بوصفي زعيم عشيرة اعتبر منسقاً وان لم اكن منسقاً بالمعنى المتعارف عليه مركزياً .

    * وقوفك الى جانب الحكومة هل يعني انك منتمي سياسياً؟

    انا زعيم عشيرة كل حكومة تأتي ثم تمضي عليّ وانا كذلك ولن املك رأي لاتجاه سياسي معين!!

    *ربما يجمعك بالحكومة الدين؟

    انا معتدل ومرن وهذا اصل الدين والذي هو دين حوار واحمد الله على اني مسلم ومتصوف علي الطريقة التيجانية

    *شيخ موسى البعض يتحدث عن تطهير عرقي في دارفور وانت تحدثت عن تهديد للوجود العربي فيها فالي اي شئ ارتكزت في دعواك؟

    كلامي مبنى على منشورات واعلام على مستوى الداخل والخارج والكثير من الاجندة والشواهد تؤكد ذلك وقبائل الزغاوة والفور والمساليت يعد استهدافها للدولة اصبحت تستهدفنا وهذا عمل عرقي وعنصري يجعلني اجزم بأن هناك تهديد للوجود العربي في دارفور.

    *ربما كان ذلك سبب تضامنكم مع الحكومة في رد التمرد والسؤال بكم فارس شاركتم الدولة في هذا العمل؟

    مشاركتنا في الدفاع الشعبي مثلها مثل مشاركة الاخرين وكوننا نجند ابناءنا في القوات النظامية فهذا حق من حقوقنا .

    *قيل انك ذهبت الى عزاء يخص صلاح الغالي بمعية مسلحين وكانت زيارة كأنها استعراض للقوة؟

    انا حتى الان لم اذهب لعزاء عمنا صلاح الغالي في من استشهدوا من ابنائه بسلاح التمرد وهذه معلومة كاذبة من اساسها ، وان كنت قد عزيت العم صلاح الغالي هاتفياً..

    *شيخ موسى ما هي علاقتك بالصحف، هل تقرأها .. وهل لك من يدافع عنك اعلامياً، وهل قرأت اتهامك من الاعلام الغربي؟

    اولاً ليس لدينا جماعة دفاع اعلامي وان كان بعض ابنائنا في الصحف يتصدون لقضايانا بالتصحيح والبيان وعموماً انا اتابع الصحف.

    * وهل يتلقي الشيخ موسى اي دعم حكومي؟

    الحكومة لم تقدم لي اي دعم مادي ولكنها تصرف على عساكرها ومنهم ابنائنا في شكل مهام عسكرية ورواتب وحتى هذه لا تأتي عن طريقنا وانما عن طريق المؤسسات المعروفة في القوات النظامية.

    * كيف يرى زعيم المحاميد الطريقة الى حل الازمة بدارفور؟

    بالحوار ووضع السلاح.

    * وهل تتوقع من الاخرين وضع سلاحهم؟

    رغم ان هذا فعلاً قرار رئاسي الا ان الامر ليس سهلاً ولكنه يمكن ان يتم عبر الإدارة الأهلية والجيش .

    *وماذا عن أسلحتكم أنتم؟!

    نحن بطبيعتنا مسلحين ومنذ عهد الإنجليز فقد كنّا نحمل (بندقية) التي كان يتسلح بها الجيش والسلاح ما جديد علينا ومعنا في ذلك أغلب القبائل وسوف نلتزم بما يتواضع عليه الجميع.

    *كم حولك من الحرس؟

    في دارفور يجب أن يكون مع كل زعيم عشيرة حرس، ومعي حرس يصل عددهم إلى الثلاثين وذلك حتى يكون للزعيم هيبة وسط تلك الأجواء غير الأمنية

    *وهل حرسك الشخصي يلازمك حتى في الخرطوم؟!

    نعم بل حتى وأنا معتقل وأنت تعلم الجو الذي أعيش فيه.

    *هذا يعني أن حرسك من عشيرتك؟!

    هم في الأصل عساكر ولكن بينهم من أبناء عشيرتي .

    *وهل أنت مطمئن في ظل هذا الوضع؟!

    مطمئن جداً!

    *أنت الآن تقيم بالخرطوم كيف تدير شئون عشيرة بدارفور؟!

    علاقتي بدارفور علاقة لصيقة ووجودي بها أكثر من وجودي بالخرطوم.

    *شيخ موسى إذا طلبت الحكومة الأميركية تسليمك هل تتوقع أن توافق الحكومة السودانية على ذلك؟

    هذا أمر يعني الحكومة و لا أستطيع تقديره، ولكن إن كان القانون الدولي يوافق قانون بلدي فلا أعتراض لدي من المثول أمامه للدفاع عن نفسي، والأميريكان في النهاية بشر يحكمهم أيضاً القانون.

    *هل تدير في الخرطوم أو غيرها عملاً تجارياً؟!

    لكن لدي ركشة (دراجة هندية هندية لنقل الافراد ) ونسميهم "شوايل" والشايلة عندنا هي الناقة التي يتركها الرجل لأهل بيته .

    *وهل لزعامة العشيرة عائد مادي؟!

    أيضاً لا ... وعائدها أدبي فقط ولكن الأهل دائماً يساندونني في المناسبات فأنا ممثلهم.

    *وهل يتطلع الشيخ موسى هلال من بعد زعامة العشيرة إلى زعامة سياسية؟!

    انا لست طالب سلطة!!!

    *رأيك في هؤلاء؟.

    صدام حسين؟!

    أنا لا أميل للرجل الذي لا يمتلك الحكمة واحسب أن صدام كان سبباً في إشكالات بلاده والتدخل الدولي فيها.


    *الدكتور جون قرنق؟

    أدعوه للعمل على إستقرار البلد ووحدتها.

    *في بطاقة عائلية حدثنا عن زوجاتك؟!

    أنا متزوج من ثلاثة نساء الأولى إبنة عمي والثانية جعفرية من النيل الأبيض والثالثة من قبيلة الرزيقات وكنت متزوجا قبلاً من أخرى من قبيلة البديات الزغاوية ولكنني إنفصلت عنها لخلاف اسري .

    *وماذا عن الأبناء؟!!!

    لدي من الأبناء بحمد الله واحد وهو الأكبر بالجامعة ولي إبنة في مرحلة الإنتقال من الثانوي للجامعة وإثنين باالثانوي والبقية بالمرحلة الابتدائية .

    *وبطاقتك الشخصية... الميلاد ... المراحل التعليمية؟

    أنا من مواليد بواكير الستينات ودرست الأولية بأم سيالة والوسطى بكتم والثانوية بأم درمان.

    أخيراً أي المنافذ يطل منها الشيخ موسى هلال للترويح عن نفسه؟

    أنا أحب الشعر والغناء والموسيقى واستمع للفنان محمد وردي....




    (عدل بواسطة يسرى معتصم on 02-27-2008, 01:50 AM)

                  

02-27-2008, 01:53 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    حركة تحرير السودان






    عبد الواحد محمد نور زعيم حركة تحرير السودان


    قسم البحوث والدراسات

    تتكون حركة تحرير السودان من مقاتلين ينتمون أساسا إلى قبائل الزغاوة والمساليت والفور، وهي من أبرز القبائل الأفريقية بإقليم دارفور.

    وعرفت الحركة في البداية باسم "جبهة تحرير دارفور" وكانت عضويتها مقصورة على بعض أبناء قبيلة الفور الأفريقية. وبعدما انفتحت على أبناء القبائل الأخرى بالإقليم أطلقت على نفسها الاسم الحالي وذلك يوم 14 مارس/ آذار 2003.

    وقد أصبح للحركة حضور عسكري حينئذ حيث استطاعت انتزاع بلدة قولو غرب دارفور من أيدي القوات الحكومية نهاية فبراير/ شباط 2003، كما احتلت بلدة الطينة على الحدود التشادية نهاية مارس/ آذار التالي. وينبغي ألا نخلط بين حركة تحرير السودان الخاصة بإقليم دارفور وبين الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامة جون قرنق في الجنوب.

    وكان تمرد المهندس يحيى بولاد -وهو من قبيلة الفور ومن كوادر الجبهة القومية الإسلامية- وانضمامه إلى حركة قرنق وتحصنه بجبل مرة في إقليم دارفور، عاملا في اندلاع التمرد المسلح. ومع أن حركة بولاد حوصرت بسرعة وانتهت بإعدام قائدها عام 1992 فإن ذلك لم يمنع من انتشار روح التمرد في القبائل الأفريقية بالإقليم. فعرفت التسعينات قيام متمردي حركة تحرير السودان بأعمال عسكرية في الإقليم.

    وإلى جانب حركة تحرير السودان توجد "حركة العدل والمساواة" ذات التوجه الإسلامي ومعظم أنصارها من القبائل الأفريقية أيضا. وترى الحركتان أن حكومة الخرطوم تنحاز إلى القبائل العربية بالإقليم وتهمل تنمية دارفور، فضلا عن اتهامهما إياها برعاية وتسليح مليشيات الجنجويد التي تقوم بالنهب المسلح ضد القرى الأفريقية. وفي 8 أبريل/ نيسان 2004 وقعت حركة تحرير السودان اتفاقية وقف إطلاق النار في تشاد لمدة 45 يوما، لكنه بقيت معطلة.

    زعامة حركة تحرير السودان
    قاد المحامي عبد الواحد محمد نور -وهو من قبيلة الفور وكان عضوا في الحزب الشيوعي السوداني- حركة تحرير السودان منذ إنشائها ونشطت مليشياته المسلحة في جبل مرة ثم التحق بجنوب السودان ووصل كينيا ثم إريتريا. ويشغل منى أركوى -وهو من قبيلة الزغاوة- منصب الأمين العام للحركة واشتهر كقائد ميداني له علاقات وثيقة بالنظام الإريتري.

    وفي يونيو/ حزيران 2004 أعلن بعض أعضاء حركة تحرير السودان عزل عبد الواحد محمد نور ومني اركو من منصبيهما وفق قرار صادر عن مؤتمر ضم 560 من كوادرها السياسية والعسكرية انعقد في وادي هوار شمال دارفور. وينفي المسؤولان هذا العزل ويؤكدان على بقائهما زعيمين للحركة.
    _______________
    الجزيرة نت
    المصادر:
    1 - أرشيف الجزيرة نت
                  

02-27-2008, 01:55 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    ثاني حركة تمرد بإقليم دارفور
    حركة العدل والمساواة



    الدكتور خليل إبراهيم محمد






    قسم البحوث والدراسات

    حركة العدل والمساواة حركة تمرد في إقليم دارفور وهي ثاني أهم تشكيلة سياسية عسكرية بعد حركة تحرير السودان. وإذا كان الفور هم من أسس حركة تحرير السودان فإن أبناء قبيلة الزغاوة قد أسسوا حركة العدل والمساواة.

    نشأت الحركة في ظل انشقاق عرفته حركة تحرير السودان سنة 2001. ويرأس تلك الحركة الدكتور خليل إبراهيم محمد، وهو وزير سابق للأمن في حكومة الرئيس السوداني عمر البشير.

    أصدر خليل إبراهيم -قبل تأسيس الحركة- مؤلفا بعنوان "الكتاب الأسود" عام 1999 وتم توزيعه سراً ولم يكن يحمل اسم مؤلفه.

    ويحتوي الكتاب على تقويم عرقي للوظائف والمناصب العليا في السودان، ذاهبا -حسب ما في الكتاب- إلى أن مجموعة سكانية صغيرة تسيطر على البلاد وأن سكان أغلب المناطق وعلى رأسها إقليم دارفور مهمشون.

    كما يبين أن 800 من أصل 887 وظيفة، يشغلها موظفون شماليون. وقد اتُهم الترابي وأنصاره بتأليف الكتاب حتى أكد رئيس حركة العدل والمساواة أنه هو من أصدره.

    العدل والمساواة والتمرد
    أصدرت الحركة بيانها التأسيسي عام 2001 وبدأت نشاطها العسكري في فبراير/ شباط 2003 إلى جانب حركة تحرير السودان.

    وتذهب الحركتان إلى أن حكومة الخرطوم تهمش إقليم دارفور بعدم السعي إلى تنميته وعدم العدالة في توزيع ثرواته، كما تزعمان أن الحكومة ترعى مليشيات الجنجويد المتهمة من قبل الحركتين بأنها تشن غارات على القرى المسكونة من طرف القبائل الأفريقية.

    من جانبها تتهم القبائل العربية في الإقليم حركة العدل والمساواة بأنها تمارس ضدها ما تدعي الحركة أن الجنجويد تقوم به ضد القرى الأفريقية.
    ____________
    الجزيرة نت

                  

02-27-2008, 01:58 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    دارفور : حول جذور المشكلة واسبابها ومآلاتها .. الفصل الثاني


    احمد ضحية
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 1181 - 2005 / 4 / 28


    الفصل الثاني :

    تراكم المشكلات وانفجار الازمة ..


    الازمة في دارفور ومشروع الجبهة الاسلامية ..


    ثمة تعقيد منهجي يجده الباحث في مشكلات دارفور , اذ ان من الصعب فرزها وتقسيمها وفقا لفترات زمنية محددة , للامساك بعوامل تفاعلاتها , وامتلاك قوانين تطورها , فمشكلات دارفور بعد 30 يونيو 1989 ترتبط جذريا بمشكلاتها , على عهد الحكومة الديموقراطية الثالثة . ومشكلاتها في تلك الفترة ترتبط كذلك بمشكلاتها في العهد المايوي , وهكذا .. كل حلقة من مشكلات دارفور , تفضي لحلقة اخرى في الحقبة التى تليها . ومن هنا كل المشكلات التي عانت منها دارفور قديما , تنهض في تشكيل حاضر دارفور الكارثي .
    شهدت دارفور حقبة من الازدهار في حواضرها , كتب عنها الرحالة وارخوا لها في انبهار . . الا ان هذا الانبهار , تخللته فترات خراب , نتيجة الصراع بين السلطة الحاكمة , والخارجين عليها , وبسبب القبائل المتناحرة . الا ان خرابها دائما كان تاليا لهزيمة السلطة الحاكمة من قبل قوى خارجية ( هزيمة الادارة الاهلية من قبل المركز ) واول خراب معروف لدارفور كان في 1874 , اثر هزيمة السلطان ابراهيم قرض , على يد الزبير باشا . تلى ذلك سلب ونهب للديار , وتهجير قسري الى مصر .
    وقد سار على هذا المنوال كل الادارات التركية المتعاقبة , على حكم دارفور .وما تبع ذلك من ضنك في سبيل القضاء , على ثورات متتالية . من المنادين بالسلطة , من ابناء دارفور . وخربت دارفور ثانية ابان الحكم المهدوي , فرغم انها ناصرت الثورة المهدية منذ اندلاعها , الا انها ذاقت الامرين بسبب سياسة الخليفة للتهجير القسري مما ادى الى اخلاء المنطقة سكانيا ( وهو ما يفسر وجود الملايين من ابناء دارفور في الوسط ) . وقد تجسدت نقمة دارفور ضد المهدية في ثورة ابو جميزة سبتمبر 1888 حتى فبراير 1889 . التى التف حولها الالاف .
    وبعد القضاء على ثورة علي دينار في 1916 نهضت في 1921 ثورة الفكي عبد الله السحيني التي ارهقت الانجليز .وحركة داؤود بولاد في 1991 والتي اثارت رعب الجبهة الاسلامية (1) .اذن تاريخيا , انطوت دارفور على روح الثورة والتمرد , اسهم في تغذية هذه الروح , بعد الاقليم , ووقوعه في ظل السلطة المركزية ,مما اسهم سلبا .اذ ادى الى ان تظل دارفور حبيسة انغلاقها على الفقر والجهل والمرض , الى جانب وقوعها في تخوم الزحف الصحراوي , وتعرضها للجفاف في فترات مختلفة , ما ترك اثارا عميقة .اذ انحسرت الارض الصالحة للزراعة , واعترت التركيبة السكانية تغييرات ( خاصة ان دارفور ظلت طوال تاريخها تستقبل هجرات من غرب افريقيا وغيرها ) بسبب النزوح من شمال دارفور وغربه , الى الجنوب والجنوب الغربي , الى جانب النزوح للاسباب ذاتها من تشاد المجاورة اما بسبب الجفاف او الحرب ..
    وهكذا شكل الضغط السكاني على اقليم منهار تنمويا , عاملا مهما في انفجار الازمة ( صراع الموارد ) فالموارد رغم محدوديتها , تزاحم عليها عدد كبير من مختلف البقاع ...
    اذا اضفنا الى ذلك سمات المجتمعات التقليدية ( المجتمعات القبلية ) كمجتمعات قابلة للاحتراب , الاى سبب من الاسباب : ( مثل المشكلا التي تنشأ بين الرعاة والمزارعين ) , نجد ان مجتمعات دارفور , لم تهدأ حالة الصراع القبلي فيها , الا لتنفجر مرة اخرى ..
    وهنا ينبغى ان نتوقف قليلا عند بعض المفاهيم المنهجية , حول المجتمعات القبلية او الاثنيات ..


    الجماعات السلالية الثقافية :



    من المصطلحات التي تسللت الى الفكر السياسي .من القاموس الاجتماعي , مصطلح الاثنية , او الجماعات السلالية , والذي يعني : جماعة ذات تقاليد ثقافية مشتركة . تتيح لها شخصية متميزة , كجماعة فرعية في المجتمع الاكبر , لهذا يختلف اعضائها من حيث خصائصهم الثقافية عن الاخرين , في جماعات اخرى . او في المجتمع . وقديكون لهم فضلا عن ذلك لغة خاصة او دين خاص , واعراف مميزة . وربما يكون الشعور بالتوحيد ك " جماعة متمايزة من الناحية التقليدية " اهم ما يميز هذه الجماعة بوجه عام (2) وعلى خافية ما تقدم في الفصل الاول , فان الاقليات العرقية او الدينية او الثقافية , يمكن ان تصاب بخوف ظاهر ذلك ان المجموعة العرقية الكبيرة , الي يمكن ان تدعي ان الدولة ملك لها (او هي دولتها ) - او تابعة لها - ذراعها القوي ), وبالتالي فان الاقليات يمكن نعتها , في هذه الحالة بالطابور الخامس , كما حدث ويحدث مع اهالي دارفور غير العرب . اليوم وللمرة الثانية . اذ ان نميرى قد اسماهم من قبل بالعنصريين والمرتزقة في 1976(3) .
    من المفيد هنا ان نشير الى ان الدولة في السودان , تعتبر كل المجموعات غير العربية " اقليات " - واتحفظ هنا على هذا المفهوم. , اذ اعتقد ان هناك مجموعات تمثل قوميات , وفقا للمفهوم الاوروبي التقليدي للقومية . والمجموعات العربية تساكن هذه " الاقليات " - والذين هم وكلاء للحكومة المركزية "- الصفوة الاسلاموعربية - في الجغرافيا التي يقطنونها مع هذه الاقليات " المجموعات العربية - المجموعات غير العربية " لكن هذه الفرضية في المحك العملي تتعثر , الا في عهد الجبهة الاسلامية القومية , اذ انها ترتبك " تاريخيا " بفعل بعض الوقائع , ففي فترة المهدية وعندما جعل المهدي , الخليفة عبد الله التعايشي في المرتبة الاولى ( وغني عن القول ان الخليفة من عرب دارفور ) اثار ذلك حفيظة المجموعات العربية الشمالية = اولاد البحر " الاشراف" =عرب الدرجة الاولى , فعبر عن هذا الغبن شاعرهم الحردلو :
    ناسا قباح من الغرب يوم جونا + جابوا التصفية ومن البيوت مرقونا .
    اولاد ناسا عزاز متل الكلاب سوونا + يا يابا النقس يا الانجليز الفونا .(4).
    ومن هذه الكلمات ينضح الاستعلاء ويتضح مدى العنجهية القبلية التى وصلت بالحردلو وعشيرته من الاشراف الى درجة الاستنجاد بالانجليز للخلاص من بني جلدتهم امثال الخليفة التعايشى . ويمكن التوقف طويلا عن عبارة مثل ( اولاد ناسا عزاز ) لاستكناه فحوى المحتوى المعرفي والدلالي لها ,(5) في الواقع القبلي الاستعلائي للعرقيات السودانية الشمالية , ونظرتها للاخر غير الشمالي , فهو ليس من سلالة حسب ونسب ( ليس عزيزا ) مثلهم ..
    ولقد عاشت مجتمعات دارفور عبر تاريخها حالة من الصراعات , التي تتجدد بين فترة واخرى (6) ولكن باستمرار كانت تعالج , ضمن تقاليد واعراف المؤسسة القبلية التقليدية , لهذه المجتمعات ." الادارة الاهلية " , وهي اعراف وقوانين مستمدة من كتاب " دالي" .
    ولم تتطور مشكلات دارفور , لدرجة حرب طاحنة بين معسكرين (العرب ضد غير العرب ) , الا ابان ديموقراطية الصادق المهدي (86-1989) والفترة التي تلت ذلك , اى عهد الحكومة الاسلاموية الراهنة . وفي كلتا الفترتين وقفت الحكومة مع القبائل العربية ضد غير العرب , ولذلك لدى فرزنا لمشكلات دارفور , يمكننا الاشارة الى ان المرحلة الحالية هي اسوأ مراحل الخراب في دارفور , بسبب سياسات الحكومة منذ 1989 من جهة . وبسبب تواطؤها السافر مع حلفائها من القبائل العربية و" الجنجويد " من جهة اخرى ..


    المشروع الاسلاموي للانقاذ :



    منذ استقر امر السودان للانقاذ ( الجبهة الاسلامية القومية ) وهي لا تشذ عن سابقاتها من الانظمة العسكرية , باعتبارها لدارفور مركز معارضة محتملة . لذلك توجهت نحو دارفور كملف امني عاجل . فكانت اولى مهامها ضرب البنية التحتية للمجتمع الدارفوري . حتى يسهل تفكيكه واعادة تشكيله من جديد . من خلال سياسة الاستقطاب والتصفية . ومن هنا جاء تفكيكها للادارة الاهلية . واثننتها للسياسة , بمجهوداته المختلفة ا التى رمت الى تكريس الاثنية , وواصلت الجبهة الاسلامية مشروعها التدميري في دارفور .بواسطة احد ازرعها القوية ( دكتور خليل ابراهيم - زعيم ما اطلق عليه : حركة العدالة والمساواة ) فقد كان هذا الرجل , يشغل منصبا قياديا في الحزب الحاكم - والذي يواجه الى جانب حركة وجيش تحرير السودان , مجموعات الجنجويد والمليشيات العربية المتحالفة مع الحكومة في الخرطوم . والتي استطاعت ان تضم الى صفوفها ( مليشيات الجنجويد ) بمساعدة الحكومة محاربين مرتزقة اسلامويين من الدول المجاورة ( تشاد - موريتانيا - بنين ) , لاعانتها على حملة السلاح من ابناء دارفور .
    وكلمة جنجويد قديمة الاستعمال في دارفور , وتعني الشباب المنفلت من قبيلته . والذي لا يتورع من ارتكاب الجرائم , من نهب واعتداء على الغير . وعلى الرغم من المطالب الاوروبية , والامم المتحدة بوقف هذا النشاط ضد المدنيين , والسيطرة على المتمردين . الا ان الحكومة وجنجويدها ومليشياتها العربية لم تابه لذلك , مستقوية بدعم دول الاقليم العربي , لموقفها في المؤسسات الاقليمية والدولية .
    ويلاحظ ان نشاط هذه المليشيات , قد امتد الى داخل تشاد , ما جعل الرئيس التشادي " ادريس ديبي " يطالب الحكومة السودانية بوقف الهجمات التي يشنها حلفاؤها الجنجويد انطلاقا من حدود ها للتخريب في تشاد (7) . وهكذا استطاعت الجبهة الاسلامية , تفجير كل الازمات المختزنة في البنى الاجتماعية , بوتائر متسارعة , وذلك لطبيعتها الايديولوجية الاسلاموعربية . في جغرافيا تعج بالتنوع والتعدد والتباين . ولان مفهوم الدين الاسلامي في السودان , ولد متطابقا مع مفهوم "الهوية / العروبة " حمل خطاب الانقاذ هذا الملمح المأساوي للثقافة الاسلاموعربية في السودان . فالدين العربي / الاسلام . والعرقية / سيطرة النخبة الاسلاموعربية . وسما تجربة الانقاذ منذ استيلائها على السلطة . وكان ذلك احد عوامل انقسامها =اولاد الغرب ضد اولاد البحر .
    وجدت الحركة الاسلامية في السودان في 1989 , السودان على مشارف التفكك , وبدلا عن محاولة التعامل بروح المسئولية تجاه الوطن الواحد .والجدية لمعالجة هذا الوضع المأزوم , مضت لتصعيد الحرب في الجنوب وتصعيد القلق والتوتر في دارفور , ومحاولة سحق جبال النوبة .
    هكذا عمدت الجبهة الاسلامية لاعتماد الخيار العسكري , لحسم المشكلات الحقيقية والفعلية التنموية في الهامش . وهنا ينبغي علينا بدء ادراك طبيعة الحركة الاسلامية في السودان .. والتي دفعتها لاحقا للتعامل مع دارفور بهذا الشكل . وعلى النحو الذي نشهده الان ..
    فاقم السلوك السياسي للجبهة الاسلامية في دارفور من الازمة , فقد عمد الاسلامويون الى اعادة تقسيم الادارات الاهلية بغرض الكسب السياسي واضعاف الخصوم " حزب الامة " , ما ادي الى تنامي العصبية , فقد حلت الهوية العرقية - في التقسيم الجديد - محل الهوية الاقليمية , التي كانت سائدة في الماضي , والتي كانت تستوعب الهويات العرثية على تعددها (8) .وقد جرى هذا التقسيم في المناطق الهامشية عموما . دون الاعتبار الى ان هذا المليون ميل مربع ( مساحة السودان ) به حوالي 570 قبيلة تستخدم 595 لغة محلية . وقد اعاد الباحثون تصنيف هذه القبائل في 56 او 57 فئة اثنية , على اساس الخصائص اللغوية والثقافية والاثنوغرافية الاخرى . وقد قلص تعداد 1955 هذا التنوع باعادة تجميع المجموعات الاثنية الى ثمان محموعات رئيسية : العرب 39% - النوبا 5% - النوبيون 5% - الجنوبيون الشرقيون 5% - والاجانب 7% ومعايير تقليص هذا التنوع بالتصنيف واعادة التصنيف ليست واضحة دائما واعتباطية غالبا .
    لكن ماهو كاف وله صلة , هو حقيقة ان هذا التنوع اللغوي موجود داخل دولة واحدة , تطمح مثل غيرها لان تكون دولة قومية . معظم هذه المجموعات القبلية لها مناطق محددة تقليديا وتحمل اسمهم ( دارفور - انتماء للفور ) وهي رغم التفاعل المتصل مع المجموعات الاخرى - تعيد انتاج نفسها اجتماعيا في استقلال عنها . ولذلك هناك تغيرات يحفزها التفاعل مع مجموعات اخرى ضمن الاطر الاقليمية والقومية , وتلك التي تحدث بسبب الحراك السكاني , بالهجرة الى اجزاء اخرى في القطر , وهناك ما يحدث نتيجة تاثير مؤسسات وسياسات الدولة وينتج عنه درجة كبيرة من الاستمرارية الثقافية والمرونة الاجتماعية - الثقافية , والتي هي موجودة داخل كل مجموعة على حدة , فقد تختفي بعض اللغات مثلما حدث للبرتي والبرقيد في دارفور . لكن التقاليد الثقافية تبدي ثباتا كبيرا عبر الزمن .
    وقد حلت اللغة العربية محل اللغات الاصلية للمجموعتين اعلاه . لكن التقاليد الثقافية , واشكال التنظيم الاجتماعي , التي هي من فرادة البرتي والبرقيد , تميز هاتين المجموعتين عن جيرانهما , مثل عرب الزيادية الابالة . او المسيرية او مربي الماشية شبه المستقرين . وبينما تتشارك هذه المجموعات في الارض فهي تعيد انتاج ثقافتها ولغتها بمعزل عن الاخرى .حتى اللغة العربية ليست شيئا متجانسا , فهي تبدى تباينات كبيرة في اللهجات مثل : عربي الفور - وعربي جوبا . والعربية السودانية افصحي - والعربية الكلاسيكية . الخ ... بل هناك تباينات كبيرة في اللهجات , حتى في اقليم مثل دارفور (9) .
    لم تعتني الجبهة الاسلامية بالحقائق التى يطرحها هذا الواقع المتنوع .ثقافيا والمتباين حضاريا , فقدمت نموزجها ( المشروع الحضاري) وفقا لالتباس : تطابق ( الهوية / الدين ) متغاضية عن كون الدين , لا يمكن ان يحل محل الهوية , بحكم طبيعة كل منهما . فالدين نص , والنص تأويل ( معنى ) , تأويل مولد للدلالة , ينصب فيه الانسان ذاته مصدرا للمعرفة (10) . وتاريخ الحركة الاسلامية تميز باحداث وفترات معينة , شكلت مراحل الصعود والهبوط والنمو والركود , وقد حدد الترابي ما اسماه ( معالم سيرة الحركة الاسلامية الحديثة في السودان ) بحسب عهود ومراحل : " عهد التكوين " ( 49 - 1955 ) في الاوساط الطلابية ., بالاضافة الى رافد شعبي محدود , متأثر بحركة الاخوان المسلمين المصرية .
    تأسس اول مؤتمر عام للاخوان في عام 1954 . وتم اختيار اسم الاخوان المسلمين . ثم كان عصر الظهور الاول (56 - 1959 ) حيث توصلت الحركة الى اهم اسباب انتشارها مستقبلا , وهي العمل الجبهوي او التحالفات الواسعة , على اساس برنامج عام . لذلك كان قيام " الجبهة الاسلامية للدستور " في ديسمبر 1955 . تلى ذلك ما اسماه " عهد الكمون الاول " ( 59 - 1964 ) وحتى فترة الحكم العسكري الاول , ثم عهد الخروج العام ( 1964- 1969 ) اى فترة الديموقراطية الثانية . وتاسست خلال هذه الفترة جبهة الميثاق الاسلامى . في ديسمبر 1964. حيث تم اختيار حسن الترابي , امينا عاما لها . بعد ذلك يبدأ ما يسميه عهد المجاهدة والنمو ( 69 - 1977 ) اى من انقلاب نميري حتى المصالحة معه . واخيرا عهد " النفح " الذي يمتد حتى انقلاب يونيو 1989 (11) وهو امتداد لعهد التمكين ( ابتداء من الاستيلاء على السلطة في 1989 ) .
    تكمن اشكالية افكار الترابي , في تحقيق هذا التوازن الدقيق بين الوحي والنص من جهة , والتاريخ والواقع من جهة اخرى . ويستنجد بقاموس من مفاهيم يستعملها دون تعريفها او تحديدها اصطلاحيا . فهو يكتب عن تجديد الدين او الفقه او الفكر الديني , وتتداخل كلمات " تدين " , " فقه " , " فكر " و" دين " . وتستخدم في سياقات مختلفة , فهو يجد حرجا احيانا في الحديث عن تجدد الدين , ما يعني ضمنيا التقليل من ثباته وتعاليه . ولذلك يفضل مفهوم الفكر الاسلامي (12) ويستعجل الترابي قيام حكم اسلامي , وهنا يعني الحدود الشرعية فقط . فهو يقول بان نحكم بالاسلام , ثم نفكر في تطوير السياسة الدينية وتجديدها , اى كأنه بالتجريب والخطأ , مما لا يصح في المجتمعات الانسانية , وقد يصح في المعامل والمختبرات . وعلى كائنات اخرى .
    فهو يرى ان الحيل الشائعة لتعويق اقامة النظام الاسلامي , الاعتراف بضرورة التمهيد له , باجراء دراسة عميقة , حتى نتبين مقتضى الدين , فنطبقه حكيما غير معيب , مراعاة لخطر الدين ووقاره , وعدم اقحامه بعفوية وحذرا من تشويه الاسلام والتنفير عنه (13)
    يرى الترابي ان اولويات السياسة للتيار الاسلامي , ان يجاهد لتغيير النظم اللادينية . الظالمة . وهو يتبسط في اطوار الجهاد والاساليب المتخذة في معارضته النظم القائمة .
    ونجد ان الحركة الاسلامية السودانية , منذ نشأتها وحتى وصولها الى السلطة . جربت ممارسات كثيرة في العمل السياسي , قربتها من هدفها , اى الوصول الى السلطة , ولم تكن الوسائل ذات اهمية كبيرة , من ناحية اتساقها مع الغاية , لان الغاية السامية المتمثلة في احياء الدين وتطبيق حكم الله , كانت تبرر الوسيلة (14) وعلى الرغم من ان الحركة الاسلامية لم تعلن , خلال الستينيات موقفا معاديا من الديموقراطية , بصورة مباشرة . الا ان حقيقة استراتيجية الحركة , تقوم على تحويل السودان الى دولة اسلامية , تحكم بقوانين الشريعة الاسلامية , فقد قادت الحركة منذ نشأتها معركة من اجل الدستور الاسلامي منذ 1955 (15) ورأت الحركة الاسلامية في اعلان نميري القوانين الاسلامية سبتمبر 1983 , نجاحا لاستراتيجيتها .
    وينتقد الصادق المهدي هذه القوانين : " جاءت مخالفة لكل اقوال الدعاة الاسلاميين وارائهم . بدأت بتطبيق الحدود ولم تسبق ذلك اية اجراءات وقائية , كما تخلت عن وسائل الاثبات الشرعية المتشددة , لذلك اكثرت من اقامة الحدود . فقد قطعت ايدي اكثر من مائة شخص . في ظرف عام واحد . - جاءت مهدرة لكل الضمانات ضد العثرات والتشوهات , فلم تستند الى الاجتهاد والشورى وتأمين الحقوق لغير المسلمين . - انها لدى الفحص الدقيق تمثل تلاعبا خطرا بالاسلام , في كل المجالات : تصورا وتقنينا وممارسة .(16) ومن مفارقات السياسة في السودان , عودة الترابي على الرغم من كل ذلك الى الساحة السياسية . تحت اسم جديد " الجبهة الاسلامية القومية " التى دخل بها انتخابات 1986 , محرزا بها لواحد وخمسين مقعدا في البرلمان . ما اهلها لان تكون القوة الثالثة , بعد الامة والاتحادي . ومن ثم استيلائه بهذه الجبهة على السلطة في 1989 .
    يظل الاسلاميون مهمومين بقضية اثبات تمايزهم عن الايديولوجيات الاخرى , لذلك يأخذون اشكالا معينة , ويحاولون اعطاءها محتوى اصيلا , اى اسلاميا ( عروبة واسلامية دارفور ) فعلى الرغم من الانتخابات في السودان , طالب قادة الجبهة بضرورة البيعة للرئيس المنتخب . كما بايع الاسلاميون الرئيس السابق جعفر نميري , وكما بايعوا الجنرال البشير لاحقا , فور انتخابات المؤتمر الوطني , وهو التنظيم السياسي الوحيد (17) .
    بطبيعتها الزئبقية هذه , نستطيع ان نفهم لماذا فعلت الجبهة الاسلامية ما فعلت في السودان , ودارفور على وجه الخصوص . فبالنتيجة ما فعلته في دارفور , وجه اخر لذات العملة التى تداولتها في جنوب السودان . فبهذه الطبيعة الزئبقية كثفت الجبهة الاسلامية من التجنيد والاستقطاب لابناء اقليم دارفور . مستغلة في ذلك متناقضات البنى الاجتماعية , كبنى " تصوغ" وتتحكم في مجتمعات دارفور القبلية التقليدية ., التى ارتبط وجدانها الثقافي بالميثولوجيا والماورائيات , بحيث تحكم وجودها المادي الانطولوجي .
    وبتمكنها من الاستقطاب الكثيف , في اوساط المتعلمين ورموز العشائر اخترقت هذه المجتمعات بمشروعها ( الحضاري المزعوم ) ..
    لقد كان العربي " الاصلي " " المهاجر " الذي يبشر بالاسلام في سلطنتي الفور والفونج , رجلا من العامة , مهنته الاساسية التجارة . وما كان يبشر به لم يكن نظرية معقدة , او فلسفة اسلامية تشريعية عالية . بل بالاحرى ضربا فلكلوريا من الاسلام . فقد تكيف هذا الاسلام مع التقاليد الاجتماعية الثقافية التى كانت قائمة .
    يلاحظ ان النمط المبكر للاسلام في السودان , الذي قدمته تلك السلطات , تميز بسمة تغييرية محدودة , وعلى العكس اثرت فيه الظروف التى احتك بها , ونجد الدليل على ذلك في حقيقة ان ملوك الفور قد استوعبوا ممارسات احسن ما تعرف به هو انها غير اسلامية . وعلاوة على ذلك تحمل حقيقة ان المجموعات الاثنية والقبلية تحمل داخل حدود هاتين السلطنتين المبكرتين . قد كانت ضمنا مستقلة داخليا في شئونها السياسية , حتى الشريعة الاسلامية التي مورست في بلاطي الفونج والفور لم تكن تتطابق والحدود السياسية لهاتين السلطنتين المبكرتين , بمعنى توفير اطار قانوني تفويضي موحد (18) .
    وبينما تمكنت الجبهة الاسلامية من احداث اختراق كبير في دارفور , على حساب القوى التقليدية الطائفية ( خاصة الامة ) , مضت لانجاز سيطرتها التي بدأتها منذ 1985. بسيطرة عناصرها الريعية وشبه الريعية , التي نفذت بتجربة المشاركة في ادارة جهاز الدولة وخبرت امكاناته الهائلة ودخلت في شراكات مع رأس المال الاقليمي ( العربي الاسلامي ) . استطاعت هذه العناصر التي استفادت من ضعف الحكومة البرلمانية (85 - 1989 ) في قطع الطريق امام اى محاولة , لتنظيم مؤتمر دستوري , لحل ازمة البلاد , واستولت على السلطة - بعد ذلك - استثمرت النخبة الاسلامية الصاعدة للحكم , فشل الاحزاب التقليدية في ادارة دفة الحكم بكفاءة ومسئولية وحسم , كما قامت بتحييد وتوظيف لا مبالاة قواعد الاحزاب تجاه قياداتها , فطرحت نفسها في صورة شعبوية , تطهيرية . كمدافعة عن هوية الوطن المهددة , وتوجهت بخطابها الشعبوي للمركز والهامش في ان (19) بصورة خاصة لحشد التأييد , وبناء قاعدة النظام الاسلامي (20) فقد كان اعضاء الجبهة الاسلامية يرون , جوهر الدعوة وقضية الاسلام , اكبر من الوسائط التنظيمية ووراء دائرتها , بل اولى من الهيئة الكلية لجماعتهم , ولأن الحياة لا تنفذ صور ابتلاءاتها وظروفها , يقول الترابي : " فاذا انطبقت الجماعة في نظامها مطلقا , اوشكت ان تجمد وتقعد به عن الاستجابة لمقتضيات الظروف المتجددة , ومن ثم لابد من قدر من المرونة والحرية , وتوازن االنظام . تتيح هامشا من المبادرات والطلاقة , لتتبلور مقترحات جديدة , في شكل التنظيم "(21) كانت نتيجة المرونة , التوجه نحو التوسع والتمكن من اختراق دارفور , اعتمادا على مرونة ( انتهازية ) تنظيم الحركة الاسلامية , والاستعداد الفطري لابناء الاقليم , على خلفية مسعى هذا التنظيم , لتحويل نفسه لتنظيم" واسع مستوعب ومتطور " .
    وهكذا استخدمت الحركة الاسلامية , خطابها الاسلاموي في الاستقطاب والتعبئة . هذا الحديث عن الخطاب الاسلاموي , لا يتطابق مع النص القرآني - على خلفية المرونة - " او الاسلام " الدين في اصوله المتفق عليها . بل هو قراءة تأويل للنص القرآني او الدين الاسلامي , تحكمه الظروف التاريخية وتحينه . وهذا يعني انه يقيم صلة ما بالنص القرآني , والسنة مرجعية في الاقناع . ولكن الخطاب الاسلاموي في السودان , المعاصر . محكوم بدلالات هذه التسمية . فهو اسلاموي وليس اسلاميا . بمعنى انه قراءة لجماعة سياسية تسمي نفسهخا الجبهة الاسلامية (22) او الحركة الاسلامية او الى اخرهخ من مسميات تطلقها على نفسها بين وقت واخر. اذ تستولى الايديولوجيا على الدين , لدى الاسلامويين . وتوظفه كاملا وجيدا , كما تريد. وبآليات متعددة , تسخر لغته ومفاهيمه وافكاره . وهنا نقف لنفرق بين الحركة الفكرية والحركة الايديولوجية , فالاولى تنتج الافكار , من خلال جهد المفكرين " اما الايديولوجيا " فعلى العكس من ذلك تحاول تثبيت افكارها , لتعبئة الجماهير بفاعلية .
    صفوة القول ان الحركة الاسلامية في السودان , نجحت في كل ما خططت له , خاصة وراثة مواقع القوى الطائفية - نسبيا , وتمكنت من تعبئة الجماهير , ففي 19/ 4/ 1989 , ارادت الجبهة الاسلامية , ان تصعد مواجهاتها مع الحكومة الديموقراطية , الثالثة , فيما يتعلق بالحسم العسكري لمشكلة الجنوب , فاستحدثت سابقة خطيرة , حبست الانفاس هلعا وتحسبا واستنكارا , فقد قام مؤيدوها من كوادرها المنظمة بتسيير مظاهرة في حي الثورة بام درمان , اتجهت فورا الى كنيسة للمسيحيين , واضرموا النيران في داخلها وانحائها واحرقوها .. وفي رد فعل سريع وغاضب , تجمع المسيحيون واتجهوا الى احد المساجد الذي ابتنته وادارته منظمة الدعوة الاسلامية .. واحرقوه (23) وعندما سألت صحيفة " الشرق الاوسط " في وقت لاحق (9/5/1989) علي عثمان محمد طه , عن اتهام السودانيين للجبهة , باشعالها لحرب دينية , قال تلميذ الشيخ , ان الجبهة دعت لتلك المظاهرات , الا ان مظاهراتها كانت منضبطة . وما علمنا الا يومها ان الكنائس وبيوت العبادة المسيحية , تنفجر وتحترق تلقائيا , كطلمبات البنزين او مستودعات الغاز الطبيعي , جراء تفاعلات الضغط والحرارة . هكذا بلا فاعل من بني البشر (24) .
    تحاول الجبهة الاسلامية القومية كتعبير عن الاسلام السياسي المعاصر , ان تكتب او تصيغ ايديولوجيا للاسلام في السودان . ولكن تدعي انها تعيد صياغة تاريخ الاسلام في السودان , والفرق كبير بين الايديولوجيا والتاريخ , فهي " الجبهة " تقوم بعملية حذف وتحوير , واعاد
    ة تأويل لكثير من الحقائق التاريخية , كي تصل الى غرضها , فهي تكتب التاريخ حسب رؤية مسبقة تؤمن بها , وتتمنى ان يكون بديلا عن الواقع , فهي تدعي ان ممارستها السياسية منذ 1989 هي تطبيق للاسلام وشرع الله , ونهج الرسول واصحابه , وفي نفس الوقت ترى ان هذا الوضع , هو امتداد لتاريخ الدولة الاسلامية السودانية ( مثل الفور - الفونج ) (25) ومن هنا جاء مشروعها الحضاري مفتقرا للعقلانية , ومعبرا عن واقع افتراضي لا وجود له الا في ذهن الترابي شخصيا وتلامذته (26) ولذلك اصطدم هذا المشروع الي يعج بالمتناقضات , بالواقع العملى . وعبر سقوطه لدي تطبيقاته العملية , عن حالة كارثية لكل السودان . ووضع مأساوى في دارفور بصفة خاصة . , فقد هيأت الاخطاء المتراكمة , للنظم المتعاقبة , تجاه دارفور . لهذا الوضع الكارثي , الذي يتهدد الانسان ويمزق ارضه .
    وما تحمله الشبكة الدولية للمعلومات موثقة عن دارفور , اثر زيارات ميدانية , للمنظمات الدولية لهو مخيف جدا . ففي 18/6/2004, وبعد ان بلغ التطهير العرقي , الذي تمارسه مليشيات الحكومة وقواتها جنبا الى جنب مع الجنجويد .هددت دولة تشاد بالتخلي عن لعب دور الوسيط , بين الحكومة السودانية و " العصابات المسلحة " , كما افادت ايرين " اذ ان هذا الصراع تخطى الحدود السودانية , واخذ يلقي بظلاله على الجوار - خاصة الحدود الشرقية لتشاد - واكد احمد علامي , مستشار الرئيس ادريس ديبي الشخصي , بعد لعبه دور الوسيط في المشكل السوداني , قائلا ان الجنجويد يقاتلون جنبا الى جنب مع القوات الحكومية السودانية . وقد حاولا تجنيد القبائل التشادية العربية في قواتهم . مما تسفر عنه حرب اثنية بين المجموعات غير العربية والمجموعات العربية الاقليمية الاخرى , واذا لم يتم حسم الجنجويد , فان نشاطها سيكون بمثابة احياء لحركة مشابهة في تشاد
    توقفت عن محاربة الحكومة التشادية , فهذه الحركة تشابه الجنجويد وتشترك معها في الفوضى . واكد علامي ان السياسات , التي انتهجتها حكومة السودان , تسبب (FNTR)ت في هذا الوضع .. وقال الدبلوماسيون ان استمرار الصراع على المدى الطويل . سيسفر عن كارثة لا يمكن لتشاد ان تنفصل عنها , سيما وان التركيبة الاثنية , في دارفور هي نفسها في المناطق الحدودية التشادية , وقدرت الوكالة الدولية للاجئين ان 200,000 لاجيء من دارفور عبروا الحدود نحو تشاد , بعد ان دفعتهم القوات الحكومية بمساعدة الجنجويد بمهاجمة قراهم وتدميرها , كما قدرت ان اكثر من مليون شخص قد اجبروا على النزوح عن ديارهم خلال 16 شهرا من الصراع المسلح .
    وحسب " ايرين " ان كثيرا من التشاديين العرب المناوئين , والمعارضين للحكومة التشادية على اتصال بالجنجويد , وقد سافروا الى السودان بشكل متكرر في الاشهر القليلة الماضية , واحد عناصر . يعمل قائدا لاحد فرق الجنجويد . وعدد المناوئين الزغاوة , من بينتهم اسرة ديبي نفسه يشعرون ان تشاد يجب ان تفعل شيئا , لدعم انسبائهم في الطرفFNTR
    الاخر من الحدود السودانية , والذين يحملون السلاح ضد الحكومة السودانية (27) وتكشف هذه المعلومات عن خطورة الوضع الانساني في دارفور , وعلى الجانب الاخر من حدودها مع تشاد , كما يشير الى اندلاع حرب اقليمية ,تضاعف من حجم المأساة الانسانية بهذه المنطقة من العالم .
    بينما يحدث كل ذلكتساهم فيه الحكومة دون ان يطرف لها جفن , من بشاعة الصرا ع الدموي , الذي تخوضه صفا الى صف الجنجويد . تماما مثلما وقفت تتفرج على قرى المساليت وهي تتعرض للحرق , ويتعرض سكانها الى الابادة الجماعية منذ 1995 .
    لقد مثل حل الادارة الاهلية في دارفور على عهد نميري (1971) علامة فارقة في تاريخ استقرار دارفور منذ ضمها الانجليز الى جغرافيا السودان , فقد ترتبعلي هذا القرار العشوائي , للسيد نميري , وضع الاساس لتمزيق المجتمع والارض . لعدم كفاءة الضباط الاداريين , ولكونهم غرباء عن هذا المجتمع . بعيدين عن روحه . ما راكم المشكلات والازمات , وجعل القضايا المصيرية , في مثل هذه المجتمعات المشحونة بالتوتر معلقة . لتصبح الجرائم مختلفة عما اعتادت عليه هذه المجتمعات ( نقلة نوعية في الجريمة ومكررة ) تضيق بها اضابير المحاكم , من تراكمها وتعقيداتها , الى ان تفجر الوضع تماما , بتراكم مزيد من الاخطاء , بما يشبه التلاعب بحياة الناس . والاستهانة بكرامتهم الانسانية وثقافتهم وارضهم .
    فالسياسات المنظمة للجبهة الاسلامية . المتمظهرة في المشروع الحضاري سيء السمعة . تعارضت تماما مع المبدأ العام . الذي على سبيل مجموعة من الخيارات , متاحة للتعاطي مع الواقعة الاساسية للتعددية . مثل انواع مختلفة من الفدرالية , او الحكومات التي تحمي الاقليات , وقد ينتقي نظام دستوري معين , ايا من الخيارات التي تعتبر الافضل لطبيعة وظروف التعددية للبلد المعني . وسوف يكون هذا شرعيا ومتمشيا مع الدستورية , كمعيار للديموقراطية للدرجة التي يصبح فيها الخيار المنتقى مواتيا لتحقيق الوظيفة السياسية للدستور . ومن الضروري ان تتاح فرص متساوية لكافة المواطنين , الذين يرغبون في نقض او تغيير اى جانب من نظرية ممارسة الخيارالنتقى (28) تناقضت الجبهة الاسلامية مع هذا المبدا العام لعدم شرعيتها ." جاءت بانقلاب عسكري على نظام ديموقراطي منتخب " . كما انها , تتناقض في منطلقاتها كتنظيم , مع مفهوم الحزب السياسي " قامت على اساس ديني - لاحقا تحولت الى العرقي ايضا " . في واقع متعدد ومتباين مثل السودان . ولذلك كان ن الطبيعي جدا , ان تؤول الامور في السودان ودارفور بصفة خاصة , الى ما آلت اليه .
    خاصة ان دارفور مهيأة لهذا الوضع الكارثي , الذي نشهده الان , منذ ان عرف ابنائها الهجرة الى ليبيا , وتمكنوا من شراء السلاح الالي , من مدخرات اغترابهم , الى جانب الصراعات المسلحة , بين القبائل التي لم تهدا الا لتنطلق مرة اخرى . مضافا اليها الجريمة , التي ترتكب بواسطة السلاح . والبعد الخارجي في الصراع " ليبيا - تشاد " . وكذلك دور السودان في الصراعات النمتعلقة بالجوار , في فترات مختلفة . " تشاد - ليبيا - افرؤيقيا الوسطى " .
    فانتشار السلاح في الاقليم ذاد من الشحن والتوتر بين المجموعات المختلفة , مما اسهم في تغيير طبيعة الصراع لاحقا . فتحولت الصراعات من نهب مسلح " كما كانت تطلق عليه الحكومة " الى صراع قبلي اشعلت نيرانه واذكته الحكومة ذاتها .
    هكذا وجدت الجبهة الاسلامية المسرح معدا . لتلعب دورها فيه . ففي ابريل 1989م وفيما كانتالحكومة مشغوله بسقوط "الجكو"(29) والمعارك مع الالحركة الشعبيه التي انتقل مسرحها الي جنوب كردفان عند منطقة "ام سرديف" التي تبعد 110 كيلومترات من كادوقلي,
    كانت تشاد تلتهب,ففي 1989/1/4م احبطت حكومة حسين حبري انقلابا عسكريا,عبر الانقلابيون الحود الي السودان, فأرسلت الحكومة الشرعية وفدا الي الخرطوم لمقابلة رئيس الوزراء الصادق المهدي,بغرض تسليمه رسالة خطية من الرئيس حسين حبري. وصل الوفد التشادي الي الخرطوم وظل نزيلا بالفندق الذي حل به دون ان يتمكن من مقابلة السيد الصادق المهدي, ومن انجمينا كانت خطوط الهاتف مشغولة تطالب الوفد ببذل مذيد من الجهد لاتمام تلك المقابله..كانت تشاد تريد من السودان ان يسلمها قادة الانقلاب ملهذا السبب فضلا عن الضغوطات الليبية الشديدة والتي بلغت حد لي الزراع فأن الحكومة السودانية قررت تجاهل الوفد الزائر(29).
    IRIN
    ويكشف هذا,ومقروءا مع اوردته مدي تعقيد العلاقات السودانية/التشاديه..فالبلدان ظلا غير مستغرين يعانيان من الحروبات الداخليه,والصراعات المسلحة, والانقلابات العسكرية,اذا اضفنا ذلك وجود قبائل مشتركه هي طرف في الصراع الذي يدور اليوم في دارفور, يمكننا استقراء,ان الوضع في دارفور ما لم يتم تداركه فهو مقبل علي كارثة انسانية كبيرة تتخطي حدود دارفور الي داخل تشاد,وربما تشمل افريقيا الوسطي لاحقا.
    وعلي الرغم من المعرفة التامة لكل الحكومات السودانية,وادراكها لتعقيدات العلاقة مع تشاد,المتاخمه لاقليم دارفور المأزوم,بدلا من ان تععمل علي استقرار الامن فعلت العكس,فالمعارضة الشمالية في عهد نميري,سربت السلاح الي دارفور(سلاح ليبي), وتحركت بجزء منه لاسقاط نظام نميري في الخرطوم وابقت الجزء الآخر منه في دارفور(30) ليستخدم لاحقا في الصراع المسلح في هذا الاقليم المنهك تنمويا
    تضافر هذه العوامل العديدة وتراكمها عبر فترات مختلفه اسهم في ارتكاب مذيد من الاخطاء,ومراكمتها لتصبح اللغة المتداولة في الصراعات المحلية بدارفور هي لغة السلاح, وتصبح بذلك مهيأة لاي حرب كبري طاحنة بين قبائلها(31). وهو ما لعبت عليه الجبة الاسلامية(صب الزيت في النار) بتأسيسها في جهاز الامن العام لما يسمي بقسم (امن القبائل) الذي عمل علي تفتيت القبائل غير العربية,كما فعل الصادق المهدي من قبل, ومنحها اراضي القبائل غير العربية, وفقا لما اشارت به الدراسات الخاصة بقسم أمن القبائل.
    ويبدو ان الاسلامويين كانوا يخططون منذ وقت مبكر لكي يكون السودان حقلا لتجاربهم السياسية ذات المسوح الديني. يقول الترابي:- من حسن حظنا في السودان اننا في بلد ضعيف التأريخ ,ضعيف الثقافة الاسلامية الموروثة, وقد تبدو تلك لاول وهلة نغمة ,ولعلها نعمة. اذ لا تقوم مقاومة شرسة لتقدم الاسلام المتجدد,ذلك في مرحلة الانتقال(32) ويبدو ان مرحلة الانتقالالتي يقول بها الترابي , هي مرحلة " ازمة النظام الاجتماعي ", التي قال بها الراديكاليون الماركسيون من قبل , في طبعة مختلفة .
                  

03-01-2008, 05:07 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: يسرى معتصم)

    شكرا يسرى معتصم على ايراد هذه المقالات والكتابات المهمة
    وعلى الاتيان بمقالي المتواضع فيما بينها

    كنت ايضا قد كتبت مقالا لموقع اركماني
    اعتقد انه يمكن ان يكون مكملا لذاك المقال الذي كتبته للجزيرة نت


    ويمكنك ان تجده هنا :
    http://arkamani.org/newcush_files/socioeconomic_issues/abc-darfur.htm
                  

03-01-2008, 06:31 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: Abdel Aati)

    قراءة تاريخية في سيرورة الصراع في دارفور

    عادل عبدالعاطي

    2004/7/31





    لمحة عامة عن إقليم دارفور

    دارفور تحت الحكم الإنجليزي وفي العهد الوطني

    التدهور البيئي في دارفور والصراعات القبلية

    الحكومات المركزية تقدم دارفور قربانا لمصالحها الإقليمية والعالمية

    النهب المسلح والانفراط الأمني وسياسات التجاهل والقبضة الحديدية

    نظام الإنقاذ واستفحال الازمة في دارفور

    المعارضة المسلحة في دارفور وخطر الحرب الأهلية

    الصراع في دارفور : صراع غلي الموارد لا صراع هُويَّة


    لمحة عامة عن إقليم دارفور

    يقع إقليم دارفور فى أقصى غرب السودان، ما بين خطي العرض 10- 16 درجة شمال وخطي الطول 22-27 درجة شرق، وتصل مساحته الاجمالية الى 160 ألف ميل مربع، أي، ما يساوي مساحة فرنسا، وتشكل حدوده الغربية حدود السودان الخارجية مع عدة دول، ومن بينها مصر (قبل الترسيم لحدود الإقليم)، وليبيا، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى.



    ويدين سكان إقليم دارفور بالإسلام. وتسكن الإقليم مجموعات قبلية وعرقية واثنية مختلفة، تصل عند البعض الى 170 مجموعة اثنية، من أهمها الفور والتى أخذ الإقليم اسمه منها، وقبائل البقارة العربية مثل الرزيقات والبني هلبه والمعاليا، وقبائل الزغاوة والميدوب والمساليت والتنجر والداجو والقمر الحامية الخ، وكذلك قبائل الأبالة العربية مثل المهرية والزيادية والمحاميد الخ، ويتقاطع العديد من هذه المجموعات مع امتدادات لها فى الدول المجاورة، وخصوصا دولة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى .



    وقد قامت فى إقليم دافور قديماً ممالك مستقلة، من أهمها سلطنة الفور، والتى استمرت فى الوجود منذ القرن الخامس عشر الميلادي، واندثرت فى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تحت ضغط التركية والمهدية، ثم انبعثت فى العام 1898 على يد السلطان علي دينار، وواصلت الوجود حتى العام 1917، حيث انهزمت نتيجة للتفوق الحربى الإنجليزي، وقد كان إقليم دارفور بذلك آخر إقليم يُضم للسودان تحت الاحتلال الإنجليزى الذى سيطر على أغلب أجزاء البلاد فى العام 1898.



    ويتميز إفليم دارفور الذى يتوزع مناخه ما بين المناح الصحراوي وشبه الصحراوي فى الشمال، والسافنا الفقيرة فى الوسط، والسافنا الغنبة في الجنوب، باحتوائه علي وديان ومجاري مائية متعددة، وتضاريس سهلية وجبلية مختلفة، ومن بينها أعلى هضبة فى السودان، وهى الهضبة التى تسمى بجبل مرة، والتى يصل ارتفاعها الى ثلاثة آلاف متر.



    ويعمل أهل دارفور عموماً بالرعي والزراعة، وتكاد الأنشطة الإنتاجية تتوزع مناطقياً وقبلياً فى وحدات ايكولوجية- اثنية، حيث يعمل سكان الجزء الشمالي من الإقليم من قبائل عربية في رعي الابل (الأبالة)، بينما يعمل سكان القطاع الأوسط من الفور والقبائل غير العربية الأخرى المستقرة فى الزراعة، بينما يعمل سكان المناطق الجنوبية من القبائل العربية فى رعي الأبقار (البقارة).



    دارفور تحت الحكم الإنجليزي وفي العهد الوطني

    تميز إقليم دارفور عبر التاريخ بوجود وحدة سياسية، عبرت عنها الدولة الفيدرالية لسلطنة الفور، كما تشكلت فى الإقليم بيئة ثقافية اجتماعية ميزته عن باقي أجزاء السودان، رغماً عن الأصول العرقية المختلفة لسكانه، وحركات الهجرات الكبيرة داخل الإقليم وخارجه، واختلاف نمط النشاطات الاقتصادية فيه.



    وقد تعامل الاستعمار الإنجليزي بحذر مع إقليم دارفور، وهمشه بصورة كبيرة، ومارس فى أجزاء منه سياسة المناطق المقفولة، وذلك خوفاً من انتشار الروح الثورية والنزعات الاستقلالية الكامنة فى دارفور، والتى عبرت عنها ثورة الفكي عبدالله السحيني فى 1921، والانتفاضات التى تلتها، وولاء دارفور للإرث المهدوي المناضل. هذه الروح الثورية عبرت عنها دارفور بإعلان استقلال السودان من مدينة عد الغنم (عد الفرسان)، عبر شخص المناضل الوطني السيد عبدالرحمن دبكة.



    أما العهد بعد الكولونيالي فقد تميز باهمال وتهميش مماثل للإقليم ومواطنيه وقضاياهم، حيث لم تهتم الحكومات المتعاقبة بانشاء البنية التحتية في دارفور (بناء الطرق، وتوفير الطاقة الكهربية، وحفر آبار المياه الخ.) كما لم تهتم بتوسيع التعليم ولا بتوفير الخدمات الصحية والبيطرية الخ، وفى ذلك لم تختلف الحكومات العسكرية عن المدنية، بما فيها حكومات حزب الأمة المختلفة، صاحب الأغلبية الكاسحة فى الإقليم، والذى ظلت دارفور تقدم له الدعم السياسي والعسكري عبر العقود.



    فى كل هذا اعتمد مواطنو دارفور علي أنفسهم، عن طريق نشاطاتهم الإنتاجية التقليدية فى مجالي الرعي والزراعة، وأداروا شئونهم وخلافاتهم عن طريق الإدارات الأهلية، بكل محاسنها ومساوئها، وعلموا بعض أبنائهم عن طريق مدخراتهم وبالجهد الذاتي، فيما رفعت الدولة يدها عن واجباتها نحوهم تماماً.



    بالمقابل فقد أسهم مواطنو دارفور ايجابياً في كل النشاط الوطني والاجتماعي، حيث شاركوا فى النضال ضد الدكتاتوريات، مثل ديكتاتورية عبود والتى قاومها أهل الإقليم سواء بدعم حزب الأمة، أو عبر منظمة سوني، وجبهة نهضة دارفور، أو دكتاتورية مايو والتى سجل أهل دارفور أنصع السطور فى مقاومتها منذ البدء، مروراً بمشاركة أبنائهم فى حركة الشهيد محمد نور سعد، وانخراط كامل الإقليم فى انتفاضة دارفور فى 1980-1981، أو غيرها من المساهمات.



    كما كان لدارفور اسهام كبير فى الدخل القومي السوداني والناتج القومي وعائدات الصادر، حيث يسهم الإقليم بمحاصيل نقدية مهمة، ترجع عوائدها والفائض منها الى الخزينة المركزية مثل السمسم، والصمغ العربي، والكركدي، وحب البطيخ، إضافة الي اسهامه الهام بالثروة الحيوانية، وكذلك الاسهام بمنتجات البترول المستخرج فى الإقليم.



    ان واقع التخلف والتهميش الذى عانت منه دارفور فى خلال العهد الوطني، والذى انعكس سلباً على مواطنيها من مختلف الأصول القبلية وفى جميع مناطق دارفور، إنما تتحمل مسئوليته فى المقام الأول النخب العسكرية والمدنية الفاشلة والأنانية التى حكمت السودان، والمنحدرة غالباً من مناطق الوسط النيلي، والتى هيمنت علي الحكومات المركزية، وسيطرت علي جهاز الدولة، واستخدمته مصدراً لتراكم الثروة واحتكار السلطة.



    من بين هذه النخب تتحمل قيادة حزب الأمة الأسرية الطائفية مسؤولية مباشرة، والتى يفترض لكل تاريخ دارفور النضالي والداعم لهم، وارتباط أهل الإقليم التاريخي بطائفة الأنصار وحزب الأمة، أن يجدوا اهتماماً أكبر بهم من قيادة ذلك الحزب، فكان جزاؤهم منه جزاء سنمار. كما تتحمل المسئولية أيضاً بعض القيادات الدارفورية ممن وضعت نفسها مطية لمختلف الأحزاب الطائفية والعقائدية والأنظمة العسكرية، تستخدمهم مخلب قط فى سياساتها المعادية لمواطني دارفور.



    التدهور البيئي في دارفور والصراعات القبلية

    أدى الاهمال الواضح للحكومات المتعاقبة لقضايا الإقليم، وعدم وجود أي تصور تنموي لها، والتعامل العدمي مع واقع التدهور البيئي فى دارفور، والذى هو جزء من التدهور البيئي العام فى منطقة الساحل، مرتبطاً بالزيادة المطردة فى عدد السكان ورؤوس المواشي والحيوانات، الى كارثة بيئية وسياسية خطيرة ضربت إقليم دارفور، بدءاً من أوائل السبعينات فى القرن الماضي، ولا تزال مستمرة الى اليوم.



    أدى هذه التدهور البيئي، والذى سببته ظواهر طبيعية مثل الجفاف والتصحر، والتى لم تجد أية برامج لتجاوزها والحد منها، وكذلك انعدام الإدارة الجيدة للموارد المتوفرة الشحيحة، واهمال وتآكل أو انعدام وجود المؤسسات المعنية بحماية البيئة وتطوير الموارد، مثل برامج حماية الغابات والغطاء النباتي، وحماية التربة الخ، ومؤسسات الارصاد الجوي، واستغلال المياة الجوفية، واستصلاح الأراضي الخ، الى ان يواجه مواطن دارفور الطبيعة منعزلاً وفى ظل أدوات ضعيفة، فكان لا بد له من الانهزام.



    أدى هذا الى هجرات واسعة من مناطق شمال دارفور، من القبائل الرعوية، الى مناطق وسط وجنوب دارفور، الأمر الذى أفضى الى تكدس سكاني كبير فى منطقة ذات إمكانيات بيئية وإنتاجية محدودة، فقاد هذا الى تدهور مماثل فى الموارد بتلك المناطق، نتج عن الاجهاد الرعوي والزراعي، والرعي الجائر وقطع الأخشاب وتدمير الغطاء النباتي، الخ.



    فى ظل هذا الوضع انفجرت الصراعات الاثنية والقبلية بين المجموعات المختلفة، طوال أعوام السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، والتى لم يمض عام دون أن تنفجر فى تلك المنطقة أو تلك، من مناطق دارفور حيث يتم التماس والصراع علي موارد محدودة، بين مجموعات تبحث عن الماء والكلأ والأرض لأفرادها وقطعانها.



    فى كل هذا لم تتتخذ هذه الصراعات طابعاً عنصرياً، وإنما كانت تتم إما بين المجموعات الرعوية والمجموعات الزراعية، أو بين مختلف المجموعات الرعوية، وكانت بالقدر نفسه الذى تدور به بين المجموعات غير العربية والعربية، تدور أيضاً بين المجموعات العربية فيما بينها ، أو بين مجموعات غير عربية مختلفة.



    فى كل هذا، فقد قامت الدولة المركزية بدور سلبي، وكما لم تقم بأية مجهودات للتنمية وتطوير البنى التحتية وحماية الإقليم من آثار الكارثة البيئية، فانها لم تتدخل لتطويق الصراعات القبلية، وإنما تركت أمر حلها للقيادات القبلية والمحلية، والتى كانت تبذل وسعها لحل تلك الصراعات وفق العرف المحلي، لكن استمرار التدهور البيئي وضعف الموارد كانا السبب الرئيس للصراع، مما لم تكن تلك القيادات الأهلية تملك إمكانية حله حلاً جذرياً.



    الحكومات المركزية تقدم دارفور قرباناً لمصالحها الإقليمية والعالمية

    وكأن كل هذا لم يكن كافياً، فقد أدخلت الحكومات المركزية دارفور فى معمعة الصراعات الإقليمية والعالمية، وجعلت منها معبراً وحديقة خلفية لمختلف القوى المسهمة فى الصراعات فى الغرب من الإقليم، أي، فى الجماهيرية الليبية، ودولة تشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطي.



    فقد قامت حكومة المشير نميري بالتدخل المباشر فى النزاع التشادي – التشادي، والتشادي الليبي تنفيذاً لمخططات عالمية ليس للمواطن الدارفوري أو السوداني عموماً مصلحة فيها، فدعمت قوات القائد حسين هبري، وساعدته فى الوصول الى السلطة فى تشاد، وفى الحرب ضد ليبيا من بعد، ووضعت نفسها بذلك كأحد أطراف النزاع، وأدخلت دارفور الى محرقة الصراعات التشادية المريرة.



    وبعد انهيار نظام المشير نميري، غيرت حكومة الصادق المهدي تحالفاتها، واتجهت لتاييد ليبيا، وذلك لرد بعض ديونها القديمة والجديدة للعقيد القذافي، ومن ضمنها دعمه لحزب الأمة في السبعينات، ودعمه لحملة حزب الأمة الانتخابية فى 1986، ففتحت إقليم دارفور أمام قوات الفيلق الإسلامي المتعددة الجنسيات والموالية لليبيا، وكذلك أمام قوات القائد التشادي بن عمر، وغيرها من القوى والجيوش والمليشيات.



    أما نظام الإنقاذ فقد قام بدعم قوات القائد إدريس دبي، وساهم بدور كبير فى دعمه وتوفير الحماية والعمق له فى إقليم دارفور حتى نجح فى الاطاحة بالرئيس حسين هبري، واعتلاء سدة الحكم فى تشاد مع أوائل التسعينات.



    أدت هذه التدخلات غير المسئولة، والسماح للجيوش الأجنبية بدخول الإقليم والتحرك فيه والضرب منه والهرب إليه، الى ان تتوفر بالإقليم كميات هائلة من الأسلحة الحديثة، كانت تتوفر من فلول كل جيش مهزوم، والى تقوية نزعات ثقافة الحرب والقتال فى دارفور، والى الدفع بقبائل كاملة من دارفور لمحرقة الصراع فى تشاد دعماً لهذا الطرف أو ذاك.



    إن الحكومات المركزية، بدلاً عن أن تغلق الحدود الغربية وتحميها بقوة، وان تتخذ موقفاً متوازناً من أطراف الصراعات التشادية، وأن تنأى بنفسها عن التدخل فى شؤون الدول الأخرى، قد ارتضت لنفسها أن تصبح مخلب قط للقوى الإقليمية والعالمية، فى حروبها الباردة والساخنة، وان تستخدم إقليم دارفور فى كل ذلك، وتقدمه قرباناً لمصالحها الضيقة وغير الوطنية، وأن تدفع بمواطنيه الى خيارات لم يختاروها، ولا تنسجم مع مصالحهم الحقيقية ولا رغباتهم.



    النهب المسلح والانفراط الأمني وسياسات التجاهل والقبضة الحديدية

    أدى الانهيار البيئي المتصاعد، وهجرة العديد من القبائل من مناطقها التقليدية، والتفكك الذى تم فى مؤسسة القبيلة، وخصوصاً بعد انتقال قبائل كاملة للعيش فى المدن، وتوفر السلاح بصورة واسعة، ودخول عناصر أجنبية على الإقليم من فلول القوات التشادية والأفريقية المختلفة الى دارفور، كل ذلك أفضى الى بروز ظاهرة النهب المسلح وسيلةً لكسب العيش وأسلوباً جديداً للحياة.



    وقد انتشرت ظاهرة النهب المسلح، التى تعتمد على ارث نظام الهمبتة القديم، ولكنها خالية من كل أخلاقيات الهمباتة، لتمارس من عناصر ناشذة عن مجموعاتها القبلية، تدعمها عناصر من خارج الإقليم، لتمارس تجاوزاتها بقسوة وعنف ضد المواطن الدارفوري المغلوب على امره. وقد هناك عناصر من القبائل العربية وغير العربية والمختلطة، ومن القبائل الزراعية والرعوية، ومن العناصر الوافدة والمحلية، ولم تكن بأية حال ظاهرة مرتبطة بقبيلة معينة، كما أراد بعض العنصريون والمتحيزون أن يذهبوا من بعد.



    وأمام التسليح الجيد لعصابات النهب المسلح، وتمرس أعضائها علي فنون القتال، وضعف اهتمام الحكومة المركزية بالأمن فى الإقليم، واهمالها لقوات الشرطة، أخذت عصابات النهب المسلح تزذاد قوة مع بزوغ فجر كل يوم جديد، وكانت تكسب العديد من معاركها أمام الشرطة، وتحولت الى كارثة أمنية خطيرة تهدد كل الإقليم وطرقه وحركة البضائع والمسافرين فيه.



    قامت حكومة الصادق المهدي بتجاهل هذه الظاهرة، حتي عندما تناولتها، نظرت لها بمعزل عن الأزمة الشاملة فى دارفور، ولم تقدم أية برامج شاملة لاستعادة الأمن فى دارفور ومحاربة الظاهرة وجذورها وتجفيف منابع السلاح فى دارفور استجابة لمصالحها الإقليمية ودفعها الثمن لما قدم لها قديماً وحديثاً.



    رأت سلطة الإنقاذ من جانبها أن تلجأ الى أسلوب القبضة الحديدية، فأرسلت رجلها المشهور بـ "الطيب سيخة"، لكيما يحل المشكلة الأمنية فى دارفور، وذلك باستخدام القوة الغاشمة العمياء، دون أية برامج اجتماعية وثقافية أو تعاون مع القوى الأهلية والمدنية فى الإقليم، فكان لزاماً أن تنتهي سياسته بالفشل، وأن يظل النهب المسلح والانفراط الأمني سائداً فى دارفور.



    من الجهة الثانية فقد عمدت الإنقاذ الى اتهام قبائل بعينها، بممارسة النهب المسلح، استجابة لدعاويها وتحيزاتها العنصرية، وكأن قبيلة كاملة يمكن أن تكون عصابة. كما ان الإنقاذ قد وصفت كل محاولات الانتفاض ضدها فى دارفور، وكل بذور المعارضة السياسية لها هناك، بأنها عصابات نهب مسلح، فميعت بذلك الحدود ما بين الصراع السياسي والصراع الأمني، وأفسدت من حيث زعمت الاصلاح.



    نظام الإنقاذ واستفحال الازمة في دارفور

    أسهم نظام الإنقاذ لقسط وافر فى استفحال الأزمة فى دارفور، وواجهت دارفور على يديه أقسي أشكال المعاناة والاضطراب والدمار، مما لايشبهه إلا الخراب المتحقق بعد هزيمة السلطان إبراهيم قرض على يد الزبير باشا فى 1874 وانهيار السلطنة، والدمار الذى لحق بدارفور أيام المهدية، والحروبات والتفريغ الذى تم لدارفور وسكانها آنذاك، وغيرها من فترات.



    كان تنظيم الإسلاميين فاعلاً فى دارفور قبل أن يصل للحكم بانقلابه العسكري فى 1989، حيث شارك بدور كبير فى الأحداث فى دارفور، من موقع المعارضة والحكم، متدخلاً فى الصراعات القبلية بانحياز واضح للقبائل العربية، وداعماً للتجمع العربي هناك، في سبيل توسيع نفوذه في دارفور، وخلق موطئ قدم له هناك. وقد تميزت استراتيجيات الإنقاذ فى دارفور بالتناقض، وإن كانت كلها مضرة بالإقليم ومواطنيه، فقد عمدت الإنقاذ الى اضعاف الإقليم وسكانه، فكان أن عمدت الى اقتطاع الجزء الشمالي من الإقليم وضمه الى الإقليم الشمالي، كما قسمت دارفور الى ثلاث ولايات (أقاليم)، ما لبثت ان قسمتها هى الأخرى الى محافظات لم تراع فيها الإرث الإداري للإقليم عبر التاريخ.



    كما عمدت الإنقاذ الى تكسير القيادات التقليدية والإدارة الأهلية فى دارفور واضعافها، وأحلت محلها قيادات وسيطة وجديدة تابعة لها، بحسبان أن القيادات التقليدية تابعة لحزب الأمة، كما أتت بالعديد من القيادات العليا من خارج الإقليم، من كوادرها المشهورة بالعنف والصلف، وفى ظل انعدام أي اهتمام بتنمية دارفور أو قضايا مواطنيها.



    كما سعت الإنقاذ من جهة ثانية، الى استيعاب دارفور فى مشروعها الحربي التوسعي، وذلك عن طريق استغلال أبناء الإقليم فى حربها فى جنوب السودان، فكان ان كونت قوات الدفاع الشعبي ومليشيات الفرسان ودعمت قبائل جنوب دارفور العربية ومليشيات المراحيل لتقاتل لها الحركة الشعبية فى مناطق التماس، فى استمرار لسياسة الصادق المهدي الفاشلة. وقد قام الإسلاميون من أبناء دارفور بدور قذرٍ فى تأسيس هذه المشروع الحربي وقياداته واستخدام أهليهم فيه.



    من جهة أخرى فقد تجاهلت الإنقاذ الصراعات القبلية، وفى بعض الأحيان اتخذت جانب قبيلة أو مجموعة قبائل ضد أخرى، وسكتت عن سياسة القتل الجماعي والتهجير التى تمت ضد قبائل الفور والمساليت الخ.، وذلك فى سعيها لتكسير البنية التقليدية في دارفور، واضعاف حزب الأمة، وشغل أهل دارفور بأنفسهم كيلا يطالبوا بحقوقهم المشروعة فى التنمية والتطور وحكم أنفسهم وبلادهم.



    كما تعاملت الإنقاذ بصورة عسكرية بحتة تجاه قضية النهب المسلح، وحاولت الالقاء بمسئوليتها على عاتق مجموعات بعينها، فى استعداء واضح لها، حتى فى هذا المجال، لم توفر الإنقاذ النية الكافية والإمكانيات الوافرة لمحاربة الظاهرة وتحقيق الأمن فى دارفور، رغم جعجتعها عن الأمن واستعادة هيبة الدولة الخ، وذلك لأن كل هذا لا يدخل ضمن برامجها المخططة لدارفور.



    يمكننا الآن بيسر ان نقول بأن استراتيجية الإنقاذ تجاه دارفور، قد قامت على رفع يد الدولة تماماً عن مهامها فى بناء وتأهيل البنية التحتية ومعالجة الأزمة البيئية فى الإقليم، وعلى تكسير العلاقات التقليدية فى دارفور، وعلى التمترس وراء قيادات وقبائل بعينها، ضد القسم الآخر من سكان دارفور، وعلى اشاعة ثقافة الحرب والعنف فى دارفور، واستغلال أبناء دارفور ونوازعهم الدينية احتياطياً عسكرياً وأمنياً وسياسياً لها ضد خصومها من الحركة الشعبية وقوى المعارضة الأخرى.



    المعارضة المسلحة في دارفور وخطر الحرب الأهلية

    اندلعت المعارضة المسلحة فى دارفور ضد النظام، بعد ان بلغ تسليح القبائل والصراعات بينها حدها الأقصى، وعندما استمرت سياسات التصفية العرقية لقبائل بعينها، وبعد ان افتضح بؤس ولؤم وخطل البرنامج "الإنقاذي" لدارفور، وبتأثير من تجربة المعارضة المسلحة فى الجنوب، ونشاط عدد من القوى السياسية التى أرادت جر دارفور الى الصراع مع النظام. كانت حركة داؤود يحى بولاد فى أوائل التسعينات محاولة مبكرة لهذه المعارضة، وإن ضرها ارتباطها المباشر بالحركة الشعبية لتحرير السودان، وقيامها فى وقت لم ينكشف فيه البرنامج الإنقاذي ضد دارفور، كما لم يتم فيه الانقسام فى السلطة الإنقاذية الحاكمة، والذى وقف فيه معظم إسلاميي دارفور ضد جناح البشير – علي عثمان ومع جناح الترابي – علي الحاج.



    فى مطلع عام 2003 اندلع القتال فى صورة تمرد سياسي ضد النظام، قادته ثلاث قوى أساسية فى جبل مرة وكرنوي وأرقو، وقد توحدت قوات جبل مرة وكرنوي – وادي هور- فى اطار حركة تحرير السودان، بينما نجحت الحكومة فى ضم قوات الجنجويد المتمردة فى أرقو الى صفها.



    يعاب علي المعارضة المسلحة تشتتها وسعي جميع الأطراف للكسب الحزبي منها، فقد تأسست حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وتسابقتا فى الميدان العسكري ونسبة الانتصارات لهما، بينما حاول الحزب الفيدرالي طويلاً كسب المعارضة الى صفه، كما تدخلت أطراف من حزب الأمة والمؤتمر الشعبي فى الصراع، فخلقت حالة من البلبلة السياسية والتشويش عاقت وحدة البندقية الدارفورية ضد النظام.



    بالمقابل فقد انتقل الإنقاذيون مباشرة الى الهجوم المضاد، حيث شنوا هجوماً سياسياً كاسحاً على التمرد وقادته، وجذبوا الى صفهم أحد شرائحه المهمة "الجنجويد"، ثم بداؤا فى استمالة بعض القيادات والمليشيات العربية لضمهم لصف النظام، فى اتجاه تحويل الصراع الى حرب أهلية فى دارفور، بدلاً عن ان يكون صراعاً لمجمل الدارفوريين ضدهم وضد سياساتهم.



    ان ضعف الخطاب السياسي لحركات المعارضة الدارفورية، والانكفاء الاثني والقبلي لبعضها، ووقوع بعض حركات المعارضة فى تجاوزات ضد المدنيين، ووقوف حزب الترابي يلعب من الخلف وراء احداها، وعدم التنسيق مع أي قوى معارضة مسلحة أخرى فى الشرق أو الجنوب عند انطلاق القتال، قد أعطي الفرصة والوقت والمبررات لحكومة الإنقاذ لتبني وتنفذ سياستها القائمة علي مبدأ فرق تسد، والهادفة الى قطع الوشائج التاريخية بين القبائل فى دارفور، والرامية الى اغراق دارفور فى بحر من الدم.



    إن الصراعات القبلية على الموارد المحدودة فى دارفور قد حولتها الأنظمة الحاكمة ودعاية الحركة الشعبية ومختلف القوى المغامرة الى صراع اثني ثقافي، كما أن المعارضة المسلحة التى انطلقت ضد النظام، قد تحولت نتيجة لاستراتيجية النظام الكريهة وأخطاء الثوار الى تمترس قبلي وعرقي، فاتحة الباب أمام اندلاع حرب أهلية واثنية شاملة فى دارفور.



    إن حصيلة النزاع المسلح فى دارفور خلال عام ونصف لهى حصيلة مروعة الى حد كبير. فقد قتل عشرات الآلاف من المواطنين، واحرقت مئات القرى والحلال، وتشرد فى داخل دارفور وخارجها ما يفوق المليون مواطن، ودمرت عشرات آبار المياة والأراضي الزراعية والبساتين، ونهبت المحصولات والمواشي والممتلكات، وتسلح الجميع، وانطلقت المليشيات تعيث فساداً، فى ظل المشاركة الفاعلة والأساسية فى مسلسل الدمار والتخريب هذا من قبل حكومة الخرطوم.



    الصراع في دارفور : صراع غلي الموارد لا صراع هُويَّة

    إن الصراع فى دارفور فى مجمله هو صراع على الموارد الشحيحة، هذه الموارد التى تتناقص باستمرار، في ظل الزيادة الكبيرة فى عدد السكان وعدد حيوانات الرعي من ابل ومن ماشية. إن الإقليم، حسب مختلف الدراسات، كان قد تجاوز مرحلة التوازن البيئي فى نهاية السبعينات، وما عادت الأشكال التقليدية للزراعة والرعي، وخصوصاً فى ظل واقع الجفاف والتصحر المتزايد، بقادرة على ان تمارس دون تدمير كامل للبيئة، وصراعات لا حد لها على موارد الماء والأرض المفقرة باستمرار.



    لقد تجاهلت الحكومات المركزية المختلفة، بدءاً من حكومة المشير نميري ومروراً بحكومات الصادق المهدي وانتهاءً بحكومة الإنقاذ الحالية، التدهور البيئي المتصاعد فى الإقليم – وفى مناطق أخرى من أقاليم السودان - وبدلاً من حل المشكلة فى اطار برامج لمجابهة التدهور البيئي ولتطوير الموارد وادخال أنشطة اقتصادية جديدة وتقنيات جديدة للإنتاج، عمدت الى التركيز على مظاهر الأزمة، وهى قضايا النهب المسلح والاحتراب القبلي، والتى هى نتائج ملازمة للأزمة البيئية – الاقتصادية – الديمغرافية فى دارفور.



    لقد كانت الصراعات فى دارفور موجودة منذ القدم، ولكنها فى ظل ظروف التوازن البيئي كانت محدودة وتحل عبر الأدوات والقيادات التقليدية وبنظم التعويض والديات، وكانت العلاقات جيدة بين مختلف اثنيات دارفور، تدعمت بالزواج المختلط والعلاقات المتشابكة بين القيادات والمواطنين، فى ممارسات من التسامح الاثني لا تعرفها بقية اقاليم السودان.



    إن محاولات تحوير الصراع الآن الى صراع اثني بين قبائل دارفور غير العربية والعربية، أو صراع على الهُويَّة بين أفريقانية السودان أو عروبته، هذا الصراع البائس والمزيف، والذى يحاول البعض أن يحله عسكرياً وفى دارفور وبأيادي الدارفوريين، إنما تعبر عن قصر نظر سياسي ومعرفي، وتجاهل للوقائع الموجودة على الأرض، ولا يقدم أي اسهام فى الحل الجذري للأزمة، والكامن فى تطوير الموارد واعمار الإقليم.



    إن مختلف التنظيمات المتطرفة والمتخلفة، مما يسمي بالتجمع العربي فى دارفور، وتنظيم قريش، والتنظيمات التى تدعي للتمترس الزنجي–الأفريقي، إنما تسجل قراءات خاطئة للأزمة، وستعمل على تصعيدها وتحويلها الى محرقة وتصفية عرقية، على غرار ما حدث فى رواندا. جدير بالذكر ان معظم هذه التنظيمات المتطرفة إنما أتت فكرتها من خارج دارفور، وتجد الدعم أساساً من قوى غير دارفورية، سواء كانت بعض أجنحة الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو الجناح العنصري الفاشي من نخبة الشمال المتعربنة.



    إن الحل الصحيح يكمن فى وحدة أهالي دارفور، والنضال المشترك بين مواطنيها من أجل تطوير موارد الإقليم وحسن إدارتها وتنويعها، ومواجهة التدهور البيئي المتصاعد، وحفز مبادرة سكان الإقليم من أجل العمل والانتاج والادخار والاستثمار، كما فى تحقيق السلم الاجتماعي والذى يجعل كل ذلك ممكناً. على المستوى السياسي يبدو من الأهمية بمكان انتزاع حق مواطني الأقاليم فى إدارة أقاليمهم بنفسهم، وفى المساهمة العادلة فى إدارة كامل الوطن السوداني، على قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين من مختلف الأقاليم.





                  

03-01-2008, 06:34 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لـلـتـوثـيـق : دارفــور أصــل الـحـكـايـة (Re: Abdel Aati)

    شكرآ جزيلآ الأخ والأستاذ/ عادل عبدالعاطى
    أتمنى أن تمدنى بالكثير عن مشكلة دارفور
    لك كل التقدير والإحترام
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de