لمحات من حياة الرجل الذي أحب حضرموت (محمد سعيد القدال)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-21-2008, 04:04 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لمحات من حياة الرجل الذي أحب حضرموت (محمد سعيد القدال)

    Quote: رحلة قلم .. لمحات من حياة الرجل الذي أحب حضرموت
    د. محمد سعيد القدال .. تكريماً ووفاءً بعد رحيله
    علي سالم اليزيدي
    رحل المغفور له ،بإذن الله، الرجل الذي عشق حضرموت وعاشها في وجدانه كل حياته حتى مماته، إنه الدكتور الاستاذ الجامعي المترجم والمفكر محمد سعيد القدال، ابن الشخصية الشهيرة في تاريخ حضرموت القدال باشا، الذي عاش وعمل في زمن جعله مميزاً في علاقاته وسيرته العامة، فما الذي أتى بالقدال الأب الى حضرموت؟ ثم كيف سار الابن نحو حضرموت أيضاً؟.. لنبدأ الحكاية؟
    في عام 1934م انشئ معهد بخت الرضا لتدريب معلمي المرحلة الابتدائية في السودان ومن ضمنهم الشيخ سعيد القدال، ونجح في الأداء ولفت الانتباه، وهذا جعله يلفت انتباه المستر (قريفث) عميد بخت الرضا، وعندما طلبت حكومة حضرموت ان يرشح أحد رجال التربية السودانيين ليساعد في النهوض بالتعليم، رد المستر قريفث: «لقد وجدت لكم الشخص المناسب»، ورشح الشيخ القدال للعمل في حضرموت.
    وصل الشيخ القدال ميناء المكلا صباح يوم صائف من عام 1939م، ومكث بها حتى عام 1957م عندما بلغ سن التقاعد، وغدت حضرموت لهذا الرجل موطناً آخر، وكانت تجربة غنية وفريدة من حياته، وصلها شاباً وخرج منها شيخاً، وظلت حضرموت باقية في وجدانه ونظم فيها أغنى شعره وأغزره، مكث يقود النظام التعليمي إلى عام 1950م، وكتب عنه د. محمد عبد القادر بافقيه عام 1951م خطياً في حفل تكريمه عندما انتقل من ناظر معارف إلى وزير للسلطنة القعيطية «لقد نجح الشيخ القدال كناظر معارف، وهذا حسبه من الفخر»، وذكر كتاب صدر عام 1994م عن التربية والتعليم في الشطر الجنوبي من اليمن، إن أرقى ادارة تعليمية في المحميات الشرقية الأربع: الواحدي - المهرة - الكثيري - القعيطي، هي ادارة معارف حضرموت التي يرأسها القدال.
    هذا من قصة الأمس وتفاصيلها شأن آخرين، ولكن ماذا بشأن عاشق حضرموت الآخر محمد سعيد القدال، المترجم وابن المكلا والصديق للجميع..
    لعلي أدفع بعض دين حضرموت
    سعى د. محمد سعيد القدال إلى ملاحقة كل ما ينشر ويكتب عن الحضارم وحضرموت، ويعمل على ترجمته أو صياغة الأبحاث داخل حضرموت عندما عمل سنوات في جامعة عدن وعاش بالمكلا، أمامي لهذا المترجم ثلاثة كتب، الأول بعنوان (حضرموت ازاحة النقاب عن بعض غموضها) تأليف دانيال فان درميولين والدكتور فون فيبسمان، الأول قنصل هولندا في جدة، والثاني جغرافي ألماني زار حضرموت صيف 1931م، وقال القدال الابن هنا: لماذا قمت بترجمة هذا الكتاب؟ من عام 1995م أحضر لي أحد السودانيين أثناء زيارة لجامعة بيرقن بالنرويج هذا الكتاب لمعرفته بصلتي بحضرموت، والسبب الثاني انه يساعد في فتح باب الدراسات الاجتماعية حول أوضاع حضرموت التي كانت وما آلت إليه، والسبب الثالث ان الكتاب يصور انطباعاً صادقاً، والسبب الرابع ان المسافة قد تباعدت من العقود الأخيرة بين القارئ الحضرمي والقارئ العربي عامة واللغة الانجليزية، وهنا تقريب تلك الشقة التي تباعدت.
    وكتب وأخيراً لعلي بهذه الترجمة ادفع بعضاً من دين حضرموت علي منذ ان احتضنتني يافعاً عام 1940 حتى استضافتي للعمل بها عام 1993م. واشار هنا بقوله: والأمر الذي يتبع ما هي الاهداف التي دفعت قنصل هولندا للقيام بهذه الرحلة إلى حضرموت؟
    واطرف ما جاء مع هذه الاسباب للمترجم د. القدال ان مؤلف الكتاب الهولندي يقول عن الحياة الاجتماعية الحضرمية: الحياة هنا ديمقراطية، ففي غرفة الاستقبال يجلس العبيد والخدم والاطفال وصاحب الدار. وكرر: المواطنون العاديون يجتمعون في مجلس الأغنياء ويأكلون معاً.
    وهناك كتاب آخر ألفه وهو (السلطان علي بن صلاح القعيطي) بمعية الاستاذ الكريم والشيخ المثقف عبد العزيز علي القعيطي، الذي اظهر نصف قرن من الصراع السياسي في حضرموت (1898 - 1948) وهو هنا يخضع لشهادة الدكتور صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي، إذ يقول عنه: «لقد ارتبط القدال الابن بحضرموت منذ سنوات عمره الأولى، ووفاء لدور والده ولتلك السنوات الجميلة، فإنه يواصل الطريق الذي بدأه والده وان كان باتجاه آخر، ويقدم مصادر جديدة حول تاريخ حضرموت، وقد فجر كتاب علي بن صلاح القعيطي الكثير من الصدى حول ما تضمنه الكتاب من خفايا وقضايا وارتباطات داخلية وخارجية للسلطان المبعد ودار الحكم والجوار والانجليز.
    الكتاب الثالث الذي أمامي هو الشيخ القدال باشا (معلم سوداني من حضرموت.. ومضات من سيرته 1903- 1975). وقد أهداني إياه أثناء التقائنا في كوالامبور لحضور المؤتمر الدولي حول دور وتأثير الحضارم في جنوب شرق آسيا عام 2005م.
    وفي هذا الكتاب انجز عملاً رائعاً لمرحلة وواقع التعليم والسياسة أيضاً أثناء وجود والده هناك، وأراد من هذا الكتاب الذي احتاج إليه التاريخ انصاف هذا الرجل ورفاقه وكل الانجازات التي لا يزال الحضارم يستعيدونها من ذاكرتهم، وهي أيضاً ذاكرة لا تنتهي.
    ماذا قال لي ذات يوم؟
    أثناء وجودنا في ماليزيا 2005م وهو يحضر المؤتمر الدولي عن هجرة ووجود الحضارم في الأرخبيل الأندونيسي، تشارك النقاش مع الباحثين المعنيين بهجرة الحضارم واعداد دراسة بعنوان (THE HARAMI DIASPORA AND ITSIPACT ON THE PECULIARITY OF HADRAMOUTH) وهي تعني خصوصية حضرموت ودراسة حول القضاء على الصراع القبلي والثأر في حضرموت.
    ولكم أسعدني ان أحتفظ بشريط مسجل لهذا اللقاء، إذ قال لي د. محمد سعيد القدال حول ما أعده عن حضرموت يومئذ من رد على سؤال كيف نقدم هذه الخصوصية: باختصار الوضع الجغرافي له أثره في الصراع القبلي، الساحل ضيق بينما الجبال الصحراوية موطن صراع، والمناطق الوسطى خليط والتراتب الاجتماعي له خصوصيته، شد انتباه الباحثين وعالم الاجتماع الشهير عبد الله بوجراكين، وهو من أصل حضرمي ومن أول من بحث في هذه الظاهرة (حريضة من وادي حضرموت) وفسروا وضع السادة والمشائخ والقبائل الحموم وسيبان ويافع وخصوصية حضرموت البارزة في القيادات المستنيرة في النصف الثاني من القرن 20، والدعوة إلى الاصلاح والهجرة.
    وقد شلكت دراسته هذه التي أعدها بالتعاون مع صديقه الاستاذ عبد العزيز علي القعيطي أهمية، وفتحت نقاشاً مهماً من يومها وسيظل أيضاً.
    وترجم أيضاً تقرير (Little) عن المسح الجيولوجي غرب المكلا 1925م، واظهر الكثير من أسرار حضرموت. نعم أحبها وفتح قلبه لها. وقال لي في كوالالمبور ما يزال لحضرموت دور كبير تلعبه أبعد من مكانها، وظل لدى سؤال قال لي نصفه هناك ووعدني بالنصف الثاني في المكلا، وسبق القدر والحمد لله.
    هذه الأسطر هي بعض الوفاء منا له مع تعزية، وجبت من د. صالح باصرة والأستاذ عبد العزيز القعيطي عبر «الأيام».
                  

02-21-2008, 05:49 AM

عبدالرحمن الخليفة

تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لمحات من حياة الرجل الذي أحب حضرموت (محمد سعيد القدال) (Re: خليل عيسى خليل)

    الاستاذ/خليل عيسى

    لك التحية

    موصولة لروح القدال

    الذى تفاعل مع حاضرة وماضية ومستقل غيرة .
                  

02-23-2008, 06:47 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لمحات من حياة الرجل الذي أحب حضرموت (محمد سعيد القدال) (Re: خليل عيسى خليل)

    صحيفة السودانى

    Quote: أحاديث وذكريات..الجميلة... الجميلة
    كامل عبد الماجد
    ... رحل أستاذنا القدال
    كنت وأبناء جيلي بمدرسة حنتوب من الذين أسعدهم الزمان بمعلمين أجلاء كان بينهم الأستاذ محمد سعيد القدال الذي رحل إلى رحاب الله الشهر الماضي.. ألتقيته قبل رحيله المفاجئ بأسبوعين بمباني صحيفة السوداني وقطع حديثه معي اتصال جاء على هاتفه.. وما ظننت ان رصيده في بنك الحياة أوشك ان ينفد وان ذاك اللقاء كان اللقاء الأخير.. كان عليه الرحمة بجانب تدريس مادة التاريخ رئيساً للشعبة، أذكر لليوم طريقته المتفردة في التدريس التي حببت لنا فيما حببت مادة التاريخ وسمت بنا عبر أحداثه إلى مرافئ الاعتزاز بالوطن والهيام به فاستطال التاريخ في داخلنا يظلنا بظلال قيم الفداء والحرية.. كان خارج فصل الدراسة قليل الكلام كثير الوداد مع تلاميذه يميل إلى المرح والسخرية برغم ما يبدو عليه من مظهر صرامة يخفي رقته وطبعه الأليف.. انتقلنا من حنتوب إلى جامعة الخرطوم وسرعان ما لحق بنا وأكمل الدكتوراة وأنخرط في التدريس بها شأنه شأن عدد من أساتذتنا بحنتوب وأذكر منهم أستاذنا إبراهيم الزين صغيرون وأستاذنا محمد الشيخ مدني وأستاذنا حمد النيل الفاضل والحديث عن ذلك العقد النضيد من المعلمين الذين أسعدنا زماننا بأخذ العلم منهم يطول وأنوي ان تيسر لي أمر الطباعة تأليف كتاب عنهم فمنهم من ذهب من حنتوب إلى ماهو أكبر من جامعة الخرطوم فالأساتذة الإجلاء أحمد محمد صالح وإدريس البنا اختيرا في عضوية مجلس السيادة ومأمون بحيري أصبح اشهر وزير تقلد حقيبة المالية بالسودان، هذا بخلاف الذين ذهبوا سفراء مثل عبد الله علي جابر ووكلاء مثل الطيب السلاوي والمجال لا يتسع لتعقب آثارهم جميعاً وليكن ما أوردت على سبيل المثال.
    ويعتبر أستاذنا الراحل عليه الرحمة من المؤرخين الذين حفظوا للأمة تاريخها وقد وقف في صف واحد بمؤلفاته عن التاريخ السوداني مع كوكبة أفذاذنا من أبناء السودان البررة من كتاب التاريخ:
    عبد القادر الكردفاني
    بابكر يوسف مخائيل
    السيد عبدالرحمن المهدي
    علي المهدي
    التجاني عامر
    مكي شبيكة
    محمد إبراهيم أبو سليم
    يوسف فضل
    عصمت زلفو
    عبد الله علي إبراهيم
    ميمونة مرغني حمزة
    حفظ هؤلاء الأفذاذ وغيرهم من اللاحقين تاريخنا فاستحقوا عرفان الأمة وأوسمة الدولة.
    واني لأجد متعة لا تدانى وأنا أقرأ مؤلفات أستاذنا الراحل عن تاريخ المهدية لسلاسة أسلوبه في الكتابة وفنه في الرواية وكأنه يكتب بريشة الشعراء ومن مؤلفاته:
    المهدية والحبشة
    السياسة الاقتصادية للدولة المهدية
    الرؤيا الثورية في فكر المهدي
    الإمام المهدي لوحة لثائر سوداني
    وفي لوحة لثائر سوداني يقول:
    "سمينا هذه الدراسة لوحة ولم نسمها سيرة أو تاريخ حياة، وليس هذا باعتذار عن قصور هذه الدراسة ولكنه تحديد لواقع الحال، ثم أخذت الأسئلة تترى، كيف نشأ محمد أحمد وكيف تطورت شخصيته وكيف خرج من جو الصوفية إلى جو المهدية وكيف تفاعل مع مجتمعه حتى تم ذلك الخروج وماهي العوامل التي كان أثرها كبيراً على نفسه والتي دفعته إلى دروب من الحياة كانت جديدة على كثير من معاصريه، وكيف استطاع شاب في الخامسة والثلاثين من العمر ان يقيم الأرض على حكم أجنبي بغيض وان يقود الآلاف في معارك عنيفة ويحمل لواء النصر خفاقاً طوال أربع سنوات؟ كلها أسئلة حاولنا الاجابة عليها قدرما اسعفتنا المصادر وتركنا بعضها ليتصدى لها من هو أقدر على ذلك ولم نخف اعجابنا بالرجل فانفعلنا معه حين أنفعل وسرنا معه عندما سار وحططنا رحالنا بجانبه حين حط رحاله بعد طول سرى ويبرز سؤال آخر: كيف يلعب الفرد دوراً كالذي لعبه المهدي في حياة السودان؟ هل يستطيع الفرد ان يحرك التاريخ بذلك الصخب الذي فعله المهدي؟".
    هكذا كان يكتب وهكذا كان يدرسنا عليه الرحمة.. يخرج من الزمان والمكان بخياله الأخاذ وينضم جندياً في جيوش المهدي ويصحبنا معه إلى هناك ونحن في طور اليفاعة أكثر دهشا للبطولة والجسارة والفداء العظيم يؤجج هذا انتماؤنا للأسر الأنصارية التي أنخرط أوائلها في جيوش المهدية فمنحهم المهدي العظيم شرف الامارة والقيادة.. يكتب أستاذنا الراحل في الاهداء لكتابه (لوحة ثائر سوداني).
    (كنت تزهو في ذراع الثائر المهدي سيفاً
    يحتسي المحروم منه قطرات الشهد صيفاً
    كان سيفاً أحمر الحد صقيلا)
    ربما قصد جده لا أدري، ولكنني ظللت أقول انه قد عنى أيضاً جدي أمير المهدية الشهير الأمير محمد الزين.. ويغني المغني وكل متلقي يعتقد انه المقصود.
    ذهبت في معية صديقنا عبد الباسط سبدرات يوم رفع فراش مأتم أستاذنا القدال بمنزله الفسيح بضاحية كافوري وقد تبارى الخطباء من أصدقائه أهل اليسار يعددون مناقبه وكان في الناس أستاذنا عبد الباسط عبد الماجد فقلت لنفسي ماذا عساه ان يقول وهو والراحل الذي تربطه به المصاهرة ومهنة التعليم والصداقة الحميمة يمثلان خطين في الفكر متوازيين.. وقف الأستاذ عبد الباسط عبد الماجد وأرتجل كلمة في حق صديقه غاية الأدب الرفيع والترحم على الذي يمضي إلى الله (كنا نختلف في التوجه والفكر ولكننا نلتقي في النوايا الخالصة لما نعتقد أنفع للعباد والبلاد.. والنية الخالصة والتجرد واحترام الناس وقبول تباينهم في الرؤى كانت بعض ديدن الراحل).. وأستاذنا عبد الباسط عبد الماجد معروف بفصل الخطاب واتزان الحديث ان اتفق أو أختلف مع الذي يتحدث عنه. وهكذا تودع بلادنا أستاذنا محمد سعيد القدال.. نسأل الله ان يجزيه عن طلابه وبلاده خير الجزاء ويشمله بغفرانه ورحمته ويسكنه جنانه التي عرضها السماوات والأرض ويلهم ذويه السلوان وحسن العزاء.
    • في بيت ود القرشي
    رتب لنا صديقنا المهندس الراقي الطيب سوار جلسة فنية عذبة بمنزل الشاعر المبدع محمد عوض الكريم القرشي.. كان هذا قبل أعوام قليلة خلت.. وكنت عندئذ محافظاً لبارا والطيب وزيراً للشؤون الهندسية والدكتور بابكر محمد توم وزيراً للمالية.. أتردد عليهما من بارا القريبة ويبدع الطيب كعادته في البحث لنا عن برامج ونحن بعروس الرمال الجميلة.. وعروس الرمال انجبت قادة المهدية الأفذاذ وآزر أهلها المهدي وساروا معه في موكبه التاريخي صوب الخرطوم ولولا أهل كردفان ما كان للمهدي ان يملأ التاريخ صخباً وجلجلة وانتصارات باهرة.. والابيض مهد الفن الرفيع والثقافة والصحافة والأدب فهي مدينة الفاتح النور زعيم الصحافة الاقليمية في افريقيا ومدينة الموسيقار العظيم جمعة جابر رائد فرقة فنون كردفان وهي مدينة الشاعر الفذ ود القرشي والشاعر الفذ محمد علي الأمي والشاعر الفذ محمد المكي إبراهيم. وفي مجال الأدب الصوفي هي منشأ الطريقة الاسماعيلية وحاضرة الطرق القادرية والتجانية والابيض عرفت عبر تاريخها كأكبر مركز محاصيل زراعية ساد في قارتنا الافريقية ثم ضرب انحاءها جفاف الساحل فباد المركز وانفض سامره وكان الأستاذ الكبير المؤرخ الشاعر التجاني عامر عليه الرحمة قد زار مدينة حلفا حيث ألفى هناك الشاعر الطيب العباسي يعمل قاضياً مقيماً هناك فأحسن استقباله والاحتفاء به ولما عاد للخرطوم انشأ قصيدة يشكره فيها ويذكره بعهدهما الجميل بالابيض.
    (هذا الصديق ابن الصديق وجدته يقضي بحلفا
    اضفى إلي كما عهدت مكارماً شتى وعطفاً
    وتهلل الوجه الطليق ففاض ترحيباً ولطفا
    وتسللت ذكرى الابيض بيننا تنثال زحفا
    وتألقت كالبدر مكتمل السرى ويشع نصفا
    أيام كنا نرشف الكلمات مثل الكاس رشفا
    قالوا خبت نار الابيض وازدهار الزهر جفَّا
    وتقلصت بعد التمدد وازدحام القوم خفَّا
    والمستراد العذب للغادين صار اليوم منفى
    ومجالس الأنس الأليفة لم تعد للناس الفا
    لهفي على ماضي العروس ولم أزل ازداد لهفا
    والأرض مثل الناس تأكل عمرها وتموت حتفا).
    والقصيدة طويلة ولكنني اخترت منها ما يشير إلى انحسار الاشعاع الاقتصادي والثقافي للمدينة وقد رد الشاعر الطيب العباسي على الأستاذ التجاني عامر بقصيدة تخير لها ذات القافية
    (ايقظت شعري يا ابن عامر بعد ما قد كان أغفى
    ذكرتني ايام كنا نرشف الكلمات رشفا
    أيام كنا قد وقفنا عمرنا للفكر وقفا
    نشتار ما نختار من روض النهى أدباً وظرفا
    ونداك أيام الابيض يا صديقي ليس يخفى
    قد كنت للعافين أكثرنا بهم براً واحفى
    وإذا طغى بحر الحياة فإن بيتك كان مرفا).
    جلسنا ليلتنا تلك في منزل ود القرشي وقد استقبلنا صديق عمره وصهره باهي نور وكوكبة من أصدقاء الشاعر القدامى واحطنا بكل شئ عن ذلكم الشاعر الكبير.. كيف كان يصنع الشعر والألحان وما معنى الاشارات التي ترد في بعض قصائده ويستعصي على المتلقي فهمها.. كيف نشأت ثنائيته مع المطرب عثمان الشفيع.. ولماذا ذهبت حنتوب الجميلة إلى المطرب الراحل الخير عثمان.. أحسن باهي نور وصحبه استقبالنا وبالغوا في الكرم والحفاوة كدأب أهل الابيض.. ويرحل عن الدنيا ود القرشي والشفيع ويلحق بهم قبل أعوام قليلة خلت باهي نور وتبقى الذكرى.. تبقى ذكرى تلك الفترة النضرة التي ازدهر فيها الفن في الابيض.. والسؤال إلى متى تبقى الذكرى؟ هل لجيل أبنائنا علاقة بهذا الأمر؟ .. ونخرج من بيت القرشي وباهي نور وأبناء القرشي وصحبه يودعوننا والليل في هزيعه الثاني والابيض في سكون ونمضي للقصر حيث ننزل ليعود لنا بعد سويعات الطيب سوار لصلاة الفجر وابلاغنا ببرنامج المساء.. ما أطعم تلك الأيام.. يا زمان هل من عودة هل؟ مع احترامي وتقديري لحكومات كردفان التي تعاقبت من بعدنا.. أرسل لزملائي في حكومة الوالي المقتدر محمد الحسن الأمين تحياتي وقد تفرقت بهم جميعاً السبل ونترحم على روح صديقنا الحميم الدكتور آدم علي وزير الصحة آنذاك الذي مضى إلى رحاب ربه مؤخراً.
    (حنتوب الجميلة) قال محدثي (هي إحدى الأغنيات التي أنشأها ولحنها ود القرشي في رحلاته التجارية بين الابيض وود مدني وكان يتوقف في كل مدينة ويحتفي به أصدقاؤه وقد كان له في كل مدينة أصدقاء.. وبوصوله تعيش تلك المدينة أبهى أماسي الفن والشعر والغناء.. وقد ألف ولحن قصيدة حنتوب في أمسية بود مدني بحضور المغني المبدع الخير عثمان.
    وعلى ذكر حنتوب : نقيم بإذن الله أمسية حنتوبية أسميناها أمسية الحنين والذكرى أمسية الأربعاء القادم 27/2/2007 بكلية قاردن سيتي على شارع معرض الخرطوم الدولي ونهيب بأبناء حنتوب تشريف الأمسية.. ونطمع ان يشرفنا الرئيس نميري وشيخ حسن الترابي والسيد محمد إبراهيم نقد ومولانا خلف الله الرشيد والفريق عبد الماجد حامد خليل ورموز ذلك الجيل العريق.. ينسق معنا أصدقاؤنا في القوات المسلحة اللواء باب الله واللواء الشيخ مصطفى والقنصل مصطفى عبادي واللواء إبراهيم محجوب واللواء شرف الدين علي مالك، وفي الحفل تكريم للشاويش محمد محمود صول المدرسة الشهير والذي نهيب بزميلنا بله أحمد العبد باصطحابه للحفل.
    مع تحياتي
                  

02-23-2008, 06:49 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لمحات من حياة الرجل الذي أحب حضرموت (محمد سعيد القدال) (Re: خليل عيسى خليل)

    صحيفة السودانى


    Quote: على شرف أربعينه..القدال: كان بدري عليك

    محمد المهدي بشرى
    لقد أسعدني الحظ مع الكثيرين من زملائي وأبناء دفعتي طلاب المرحلة الثانوية والجامعية أن نكون جميعاً تلاميذ لأكثر من أربعين عاماً لمعلم من طراز نادر، هو الراحل محمد سعيد القدال، عليه رحمة الله، فقد كانت الحصة الأولى في صباح خريفي في عام 1966م في ثانية (شوقي) في مدرسة الخرطوم الثانوية دخل علينا بمحياه الطلق والبشوش، وسرعان ما ساد الفصل هدوء عميق احتفاءً بأستاذ التاريخ القادم حديثاً للمدرسة، وبدأ يقدم للحصة متحدثاً عن تاريخ أوروبا الحديث. ولم يكن يقدم معلومات لنتلقفها بل دخل مع الفصل في حوار موضوعي كان يقوده ببراعة واقتدار، وكانت الأسئلة من شاكلة (ما هو التاريخ) وكيف يدرس المرء التاريخ وبتمعن في أحداثه، وكيف يتحرك التاريخ ولماذا حدثت حربان عالميتان في أقل من نصف قرن، وهكذا عرفنا أن التاريخ ليس سلسلة أحداث تحدث هنا وهناك كما كنا تقرأ في الكتب من المراجع الكلاسيكية، وبنهاية الحصة الأولى كان جميع طلاب الفصل قد وعوا أول درس واكتسبوا نظرة موضوعية تجاه التاريخ، وكانت الفكرة الأساسية أن الإنسان هو صانع التاريخ وأنه ما من حدث يقع صدفة، ولكن عادة ما تكون هناك أسباب ودوافع لهذا الحدث. أما بالنسبة لي فقد ازداد شغفي بعلم التاريخ وظللت أتوق لحصة التاريخ التي يقدمها أستاذ القدال بسلاسة، وكان هذا هو الدرس الأول.
    وعندما انتقلت من مدرسة الخرطوم الثانوية الى حنتوب في السنة الثالثة أسعدني الحظ مرة أخرى بأن أتشرف بالتتلمذ على يدي أساتذة أجلاء مثل القدال وإبراهيم الزين صغيرون، بل وتعمقت صلتي بهؤلاء النفر الكرام حيث كنت أقوم بخدمتهم في منزل ابن عمي ونسيبي أستاذ مادة الفنون الجميلة بالمدرسة الفنان التشكيلي البارع عبد الرزاق الطيب، عافاه الله وأسبغ عليه ثوب الصحة، حيث درج هؤلاء الأساتذة بحكم كونهم عزاباً على زيارته بمنزله وهو المتزوج من شقيقتي، كان هذا مما قربني أكثر لهم وازددت محبة واجلالاً لهم، فقد كانوا كاخوان الصفا، كانوا بعلمهم الغزير على درجة من التواضع والبساطة، وكان أكثرهم بشاشة وميلاً للدعابة. محمد سعيد القدال، وكان هذا يغريني بالتقرب إليه، لكنني في داخل الفصل كنت أفاجأ بصرامته وجديته وكأنه لم يكن ذلك الشخص البشوش الضاحك، وكان هذا السلوك في ذاته درساً بليغاً لشخصي، وهو أن لكل مقام مقال، ولم يكن القدال مع غيره من أساتذة المدرسة يتسامحون في الانضباط واحترام تقاليد المدرسة الرصينة التي تركها أساطين المدرسة مثل هاشم ضيف الله ونمر وعبد الباقي محمد.. مرت السنوات وظللت تلميذاً لأستاذي الجليل كما ظل هو تلميذاً في مدرسة تاريخ السودان حيث أعد أطروحة الماجستير وانكب بعدها على دراسة تاريخ المهدية -مجال تخصصه- وأنجز فيه أطروحة دكتوارة تناولت الوضع الاقتصادي للثورة المهدية، وهي أطروحة تنم عن عقلية فذة وتحليل عميق وموضوعية، ومرة أخرى رماني الدهر في طريق أستاذي حيث صار التاريخ مجال تخصصي الى جانب اللغة العربية، وعندما فكرت بعد سنوات من التخرج في إعداد أطروحة دكتوراة آثرت أن أربط بين التاريخ والفولكلور، فكان أن أعددت مشروعاً لأطروحة الدكتوراة تتناول سيرة الخليفة عبد الله التعايشي كما جاءت في التاريخ الشفاهي، وبالطبع لم يكن أنسب من أستاذي للإشراف على مثل هذه الرسالة، واقترحت الأمر على أستاذتي في قسم الفولكلور في معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية سيد حامد حريز، وعبد الله علي إبراهيم وأسعدهم الاقتراح إذ كانوا يحملون بجذب مؤرخ في قامة القدال إلى حقل التاريخ الشفاهي، وعندما ذهبت إليه محاولاً إقناعه بالفكرة بادرني بعفوية وصدق قائلاً: "يا زول أنا لا بعرف تاريخ شفاهي ولا حاجة من حاجاتكم القايمين فها مع ناس حريز وعبد الله". وبالفعل رفض تماماً لصدقه من نفسه ولمعرفته بقدراته على الرغم من أن الأمر لم يكن بالصعوبة التي تصورها، وخسرت أستاذي كمشرف على الرسالة لكنني لم أخسر الصديق، وكان كل هذا درس من دورسه التي لا تحصى بالنسبة لي، فالقدال لا يتحمس إلا لأمر يقع في حدود اهتمامه ومزاجه فهو لزمان طويل ظل أسيراً للمدرسة الإنجليزية في التاريخ وهي مدرسة تقدس الوثيقة والمصادر الكتابية، وقد ظل هذا حاله، لكنه فيما بعد تخلّص من أثر هذه المدرسة، واقتنع بجدوى الاعتماد على المصادر الشفاهية، وقد سجل نقداً مريراً للمدرسة الأوروبية التي كان واحداً من أميز طلابها خاصة في انحيازها للمصادر الكتابية، سجل هذا بكل شجاعة وأبانه في الطبعة الثانية من كتابه المهم (تاريخ السودان الحديث).
    وهكذا مرة أخرى تعلمت من أستاذي الجليل ضرورة أن يجوّد الباحث أدواته ومناهجه بالمراجعة والنقد وألا يتجمد في موقف بعينه.
    وعندما أصدر مؤلفه الموسوعي والمهم (تاريخ السودان الحديث) في طبعته الثانية كتبت كلمة بصحيفة (الأيام) أعبر عن سعادتي بالكتاب، وكان مصدر سعادتي تراجع أستاذي عن العديد من قناعاتي خاصة ما يتعلق باستخدام المصادر الشفاهية، كما ذكرت، وكذلك خروج المؤلف من التاريخ السياسي إلى التاريخ الاجتماعي بل وتاريخ الغناء والرياضة، لكن كلمتي لم تكن أكثر من تقريظ تلميذ محب لأستاذه، وسألته فيما بعد عن رأيه فيما كتبت، فأجاب بأنها لم تعجبه لأنني أكثرت من المدح ولم ألتفت إلى نواقص الكتاب! وكان هذا واحداً من دروس لا تحصى تعلمتها من أستاذي الجليل، تواضع العلماء وحرصهم على التعلم.
    أستاذي القدال طبت حيّاً وميتاً
    ويا آل القدال صبراً
    ويا رحمة الله اهطلي على قبره بالشآبيب
    محمد المهدي بشرى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de