|
Re: في زمن الغفلة.. (Re: محمد يوسف الزين)
|
-2- قصة أخرى..
في زمن الغفلة كبر ن.ع ودخل احدى كليات الجامعة الأشهر... ن.ع محدود الذكاء الأكاديمي!..نعم ، محدود الثقافة!..نعم ، فقير شديد الفقر..نعم ، مقهور من الأب والأخوة الكبار..نعم ، يسكن احدى العشوائيات..نعم. ن.ع وسيم الوجه..نعم ، له شكل وقور..نعم ، له ابتسامة آسرة..نعم ، منافق..نعم ، كذاب وحقود..نعم ، ملئ بالعـُقد..نعم.
..... في زمن الغفلة دخل ن.ع احدى كليات الجامعة الأشهر وتعرف على اثنين هم م و ح ، كان يتقرب الى الثنائي الأشهر في الكلية حتى جعلوه يركب معهم العربة البوكسي وهو الذي لا يعرف الا التعلق بابواب الباصات ، دخل ن.ع المسجد مع اصدقاء العربة البوكسي الجدد بعد أن كان لا يعرف المساجد الا وهو يتابع "جردل" "زلابيا" الصدقة أو بعض صلوات الجمعة التي جروه من أذنيه اليها ، أنزله البوكسي في كثير من "الصيوانات" والاجتماعات وحمل فيه الكثير من المايكرفونات وسافر به لكثير من المعسكرات ، لم يدخر ن.ع جهداً في الهتاف فاينما ينزله البوكسي هو يهتف ويأكل ويملأ بطنه.
...... في زمن الغفلة ركب ن.ع العربة البوكسي وأقنع أهل حيه وبيته الفقراء بأنه صار شديد الأهمية خاصة وانهم رأوهو وقد أخرج سلاحاً في آخر زواج في الحي ورأوه كذلك يجلب جوال سكر للبيت الفقير ، وسكت عنه القهر واصبح ن.ع تعلوه ابتسامة وهو يطوف شوارع الحي ولكن ليست هي نفس الابتسامة التي يصافح بها اصدقاء البوكسي فالاخيرة ابتسامة خطيرة تصاحبها سبحان الله وجزاك الله خيراً. كيف ووجهُ الوسيم ولحيته يقسمان معه.
..... في زمن الغفلة وجد ن.ع نفسه يركب مع أصدقاء البوكسي في طائرة متوجهة نحو الاحراش والحرب ، خاف ن.ع وكاد الرعب أن يقتله ولكن نجح في أشد اختبار لمواهبه التي يخفي بها داخله ، في الاحراش كان رفيقيه يقرآن القرآن من صدورهم ويصلون الليل كله وينظمون القصائد ويهبون نفسهم لله ولكن عندما تنظر لهم الثلاثة لا تستطيع أن تميز أيهم أكثرهم صلاحاً وأكثرهم شجاعة ناهيك عن تبين النبت الفاسد المنافق. وفي اليوم الثامن أو التاسع فقط من ركوب الطائرة الجهادية تفجر لغم أرضي ، صعدت الأرواح التي تتقدم المتحرك واستشهد اثنين فقط والثالث كان بعيداً قليلاً (يبول) فنجا.
.... في زمن الغفلة نجا ن.ع واركبوه أول طائرة متوجهة نحو العاصمة سليماً معافى واستقبل استقبال يليق بأخ الشهيدين وربتوا على كتفه وذكروه بالصبر والاحتساب ، ركب ن.ع عربة أفضل من البوكسي وتخرج من الجامعة ، عين ن.ع مديراً غير مؤهلاً ليست وظيفة صيوانية أو مايكروفونية ولكن وظيفة نقلته من حيه وأذل بها كل من قهره ، وفي احدى ليالي زمن الغفلة تزوج ن.ع ابنة الوالي.
..... في زمن الغفلة صاهر ن.ع الوالي وأصبحت عنده كرش كبيرة وصار غير مضطراً أبداً أن يستخدم كل مواهبه الوسيمة وحنجرته الهتافية الذهبية ، اشترى ن.ع باصات سفرية ودكتوراة بدون أن يدفع قرشاً واحداً ، عُين ن.ع في منصب تنفيذي كبير ملأه بالمساعدين وبرجال البوكسي ولكن ليس هم أولئك الذين فارقهم حين كان (يبول) وليس من جاء بهم الان هم مثله فقد تعب وكد واجتهد ولم يكن للزمان غفلة.
| |
|
|
|
|