|
|
 محن السودانيين وشوقي بدري المفتري عليه !!
|
لقد تابعت مثل آلآف القرآء مقالات شوقي بدري التي اتخذ لها عنوان محن سودانية , والتي كشف فيها المستور عن عيوبنا , والمسكوت عنه من احوالنا والتي يتداولها الناس سراً في منتدياتهم واسمارهم مع انها شائعة , ومنها ما هو تاريخ مسطور في الكتب وهي اخبار وحقائق وبأيدي او اقوال قائليها انفسهم , ومنها ما هو معاصر ماثل ويشهد عليه شهود احياء . ولم يخب ظني في شوقي عندما اهديت كتابي (امدرمانيات) الي اهل امدرمان والي شوقي خاصة , ولقد جاء مقاله عن الطائفية موجعاً وقاسياً علي الذين توجعهم الحقائق العارية دون تزويق ومداراة , فمذاق الحقيقة مر كالحنظل عند البعض , ولقد رد بعضهم علي الكاتب فلم ينفوا حرفاً او يدحضوا ما أورده من معلومات عن قادة الطائفية والسياسة معلومة للقاصي والداني , فالشمس لا يطفئها ذر الغبار والتاريخ لا يتغير ولا يتبدل بالأهواء والمجاملات والتعتيم .
ويحضرني حادثان عن الطائفية في صباي الباكر , ونحن علي مائدة الغذاء مع الوالد , يرحمه الله , وكان اليوم وقفة العيد , قال لنا الوالد ان نصلي العيد غداً مع السيد علي في الخرطوم , فرد عليه اخي الكبير أنور متسائلاً : لماذ نصلي العيد مع السيد علي ؟ ووبخه الوالد بل اتهمه بقوله : انت ملحد ولا ايه ؟ وكان الوالد اتحادياً منذ حزب الاشقاء والحزب الوطني الاتحادي , وعندما ادمج الزعيم الازهري الحزب في حزب الشعب الديمقراطي حزب الختمية مال اليهم البعض نزولاً علي مقتضيات السياسة . والحادثة الثانية حدثت عندما كنت اعمل في مدينة الدوادمي في السعودية وكان بها مجموعة من انصار جماعة السنة المحمدية , ودعوا الشيخ الهدية وكان في الرياض في زيارة للسعودية لزيارة الدوادمي والالتقاء بأنصار الجماعة ووجهوا الدعوة لنا للغداء , وجاء الشيخ , يرحمه الله , وكان بشوشاً ودوداً وجاء معه نائب الجماعة الشيخ ابوزيد , وبعد صلاة العصر التي أمّنا فيها استاذ الدين السعودي في ثانوية الدوادمي والذي قدمه للصلاة شيخ الهدية , وكلنا جلوس علي البُسط علي الارض تحدث الينا شيخ الهدية سارداً تاريخ جماعة انصار السنة المحمدية في السودان ومسيرته فيها , وقال انه بدأ حياته صوفياً منتمياً الي احد الطرق الصوفية ولكنه تركها وكفر بها بعد ان كان شيخ الطريقة يأمر المريد بأن يطيعه طاعة عمياء وان يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي المُغسّل . وهذا ما يحصل بالفعل فالشيوخ يضعون انفسهم في ذات القداسة بل هو التأليه والتي لم تكن لرسول الله (صلعم) , بل نص القرآن علي حرية العقيدة ( من شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر ) (الكهف) , و ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (البقرة) .
كان محمد احمد عبدالله المهدي يقول ( من انكر مهديتي فقد كفر) , مع ان اركان الايمان في الاسلام التي اذا انكر الانسان ركناً منها يعد كافراً وهي ستة والايمان بالمهدي ليس منها , وهذا من حديث الشيخ المضوي عبدالرحمن من ذرية الشيخ ادريس ود الارباب ومن تلامذة الازهر النابغين , وقد قال هذا من جملة عدة اسباب ارتياباً في دعوة المهدي , كما ان كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه كما اخبر عن ذلك النبي (صلعم) . وهذا لا ينتقص من مكانة محمد احمد بن عبدالله كزعيم وقائد وطني عظيم حرر السودان من نير الاستعمار التركي وأقام اول دولة سودانية خالصة .
لقد قتل الطغاة الدكتاتوريون من اول ابراهيم عبود الي جعفر النميري انتهاء بعمر البشير ملايين السودانيين في مجازر مشهودة في الجنوب وجبال النوبة والانقسنا ودارفور التي خاض فيها ادوات الجبهة من الجنجويد في دماء المسلمين الابرياء من المدنيين من النساء والرجال والاطفال , وأعملوا في المواطنين ايذاءً بالتعذيب والقتل في بيوت الاشباح والقمع والبطش وقطع ارزاق الناس وهم يهللون ويكبرون . الي اي دين او ملة ينتمي هؤلاء ؟! انهم ومن والاهم شياطين الانس .
انني لم انتم الي اي حزب سياسي او طائفة دينية لقناعتي بأن الالتزام يقتضي من المرء ان يقف مع اخيه مظلوماً او ظالماً بأن يرده عن الظلم , ولكن بدلاً عن ذلك يعينه علي الظلم ان كان متحزباً ومتعصباً , ويكون مبدأه ( انا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد ) , ومما زهدني في التحزب ايضاً انتفاء الديمقراطية في داخلها, فلا يؤخذ فيها برأي القواعد في الحزب او الطائفة وما علي العضو الا الامتثال والطاعة لكلمة ورأي رئيس الحزب او الطائفة مهما كانت وذلك اذا جاءت الاشارة من السيد , او الخط من الحزب , مثلما في الجيش فأن علي الواحد التنفيذ ثم يتظلم بعد ذلك , وقائد الطائفة او الحزب سرمدي البقاء في المنصب سواءً بالوراثة او الانتخاب الصوري , ومع ذلك اديت واجبي الوطني ونلت جزائي فصلاً من الدراسة في الثانوي وفي الجامعة بعد ذلك .
لم يجد الذين ردوا علي شوقي سوي السب والشتم شأنهم في ذلك شأن المخنثين الذين يجيدون هذا الضرب القذر من القول . ان شوقي من الرجال الشجعان القلائل المتبقين من السودانيين الذين يجهرون بالحق ولا يكتمون الشهادة ولا يداهنون ولا يتملقون , وهو ليس بشيطان اخرس ساكت عن الحق . وهو نظيف لم يتلوث ولم يتذلل لأي من كان لقاء دريهمات في سبيل اغفاء او تغييب ضميره عن قول الحق واظهار الحقيقة للعالمين . هو من صباه الباكر عاش من كد يده زارعاً وحواتياً وعتالياً . نظر النبي (صلعم) الي كف خشنة لرجل وقال ما معناه ان هذه يد يحبها الله ورسوله , ولئن نعا عليه شانئوه بأنه خالط الطبقات السفلي في المجتمع فهذا لا يشينه فهؤلاء الناس مواطنون اولاً وآخراً وفي كتابه (حكاوي امدرمان) , تجد لهؤلاء الناس شهامة ورجولة وغيرة يفتقدها الذين يلوذون بالشيوخ ويقدسون البشر ويخونون دينهم وآخرتهم , والذين يقتاتون علي فتات موائد الحكام والمتنفذين لقاء منافع ومصالح زائلة , او الذين يسرقون البعير ويقطعون يد سارق رغيف الخبز ليسد جوع بطنه , وها هي الارقام المهولة التي نقرأها كل يوم في الصحف تتحدث عن الاختلاسات بالمليارات من مال الشعب المستقطع بالجبايات الظالمة حتي من الضعفاء من بائعات الشاي والكِسرة , بينما الشعب السوداني بأكمله عدا القلة الفاسدة المفسدة واقع فريسة الجوع والمرض والجهل .
المحنة الكبري يا اخي شوقي في السودان هم هؤلاء العينة من البشر الفاسدين المفسدين , وهم السبب في تخلفنا وافقارنا وقعدوا بنا في ذيلية الامم وذلك منذ استقلاننا منذ اثنين وخمسين سنة وحتي الان .
هلال زاهر الساداتي
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
هلال زاهر الساداتي
Saifeldin Gibreel
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست