|
عيد العشاق.. هل يكفينا يوم واحد للإحتفال بالحب؟!!
|
عيد العشاق.. هل يكفينا يوم واحد للإحتفال بالحب؟!!
اليوم يحتفل العشاق بعشقهم .. إنها ذكرى فالنتاين ( عيد الحب)!! الحب .. بما يحمله من مشاعر مرهفة حساسة، وعواطف نبيلة راقية ، أساس تكوين الشخصية، تميز به الإنسان عن غيره من الكائنات، فهو أساس تكوين تلك النطفة في رحم الأم ... وكما يقول عنه فناننا الكبير وديع الصافي: " عليه اتعمر أساس الكون، وأيَ نبي بالحب ما بشر. " لذا لا يمكننا النظر إلى تلك الأحاسيس والعواطف على أنها أشياء ملموسة نكيفها كيفما نشاء، ونجعل لها من المظاهر ما نريد بما يتوافق مع تطور الحياة والمجتمعات، أو بما يتلاءم مع صرعات الموضة السائدة في زمن العولمة اللاإنساني في بعض جوانبه، والتي جعلت حتى هذه العاطفة تقبع في فخ الاستهلاك، وتنزل إلى جانب بضائع أخرى في اقتصاد السوق..!!! ولأن الحب أسمى وأرقى المشاعر بمفهومه الإنساني العام، فهو لا ينحصر ضمن إطار واحد أو اتجاه واحد أو شخص واحد( امرأة ورجل)، لكن الشائع أنه اتخذ في المنظور العام هذا المنحى أيامنا هذه أكثر من باقي الاتجاهات الإنسانية الأخرى. فهل يعقل أن نحصر عواطفنا، ونعبر عن مشاعرنا بيوم واحد من العام نسميه: عيد الحب...؟؟!! جميل أن يكون لهذه العاطفة السامية والمقدسة يوم تحتفل به الإنسانية جمعاء على وجه البسيطة.. كما نحتفل بعيد الربيع- النيروز- مثلاً، ولكن شريطة ألاَ تقتصر هذه الاحتفالية على جزء من تلك العاطفة، بل أن تشمل كل العلاقات الإنسانية، وأن تعود الحميمية للحياة والعلاقات الاجتماعية بعد أن هربت منها اللحمة والتعاطف والمودة، وأوشكت أن تقضي نحبها في زمن الاستهلاك والاستلاب والعولمة.. فكيف لنا أن نحتفل بعيد الحب وكل ما حولنا يشير إلى تلاشي المفهوم الإيجابي- الاجتماعي في الحياة، ليحل محله النفاق الذي يغلف كل تعامل بين البشر..؟!! كيف لنا أن نحتفل بتلك المشاعر في زمنٍ أُتخمنا فيه بطالة وفقراً وانتهازية..؟ أين نجد الحب في زمن اقتصاد السوق والانفلات من كل الضوابط بحجة التطور واللحاق بركب الحضارة...؟! أين الحب في زمنٍ يجعل كل شيء حتى الهواء النظيف، حكراً على من يملك المال..؟! لا عمل، لا علم، لا حياة إلاَ لمن استنزف لقمة عيشنا ومشاعرنا!! أين الحب الذي نقيم له احتفالية سنوية في زمنٍ تلاشت فيه القيم الإنسانية والأخلاقية جراء اللهاث وراء الربح الجنوني والصرعات والابتذال حتى في الحب مما حول تلك العاطفة السامية وانفعالاتها لمجرد كلام فيه من الإسفاف ما لا يستطيع حتى غير العاقل التعامل معه وبه... كما حولها الاستهلاك إلى عري جسدي وروحي وأخلاقي... يجعلنا نتقزز من تلك الصور الخليعة، والرسائل القصيرة على شاشات الفضائيات المشبوهة..؟! أين الحب في بلاد صدَرت لنا ما يسمى بعيد الحب، لتستورد وتستبيح ثرواتنا وآمالنا وأحلامنا تحت بند الديموقراطية..؟! بلاد ترتكب أفظع الجرائم بحق الإنسانية جمعاء، لا قيمة فيها لأية مشاعر إلاَ انتصار الربح الناتج عن دمار ودماء الشعوب..؟! كيف لنا أن نرعى احتفالية فخمة بعيد الحب، وأبناء الأسرة الواحدة، أو الشعب الواحد الذي يقتدي برسوله حين قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه..." وبعضهم يحب لنفسه كل ما يمكن أن يمنعه عن أخيه بحجة الشريعة وصونها...؟! أيُ حب قائم على المنفعة والثروة وضرب أواصر العلاقات الإنسانية والاجتماعية من خلال تبني مظاهر العولمة ومفاهيم السوق دون أدنى اعتبار لإنسانية الإنسان وعمقه الروحي.؟؟! أيُ حب لا تقبله الفتاة إلاَ مغلفاً ومحاطاً بالجاه والثروة على حساب ذاتها وإنسانيتها وأنوثتها، فقط لأنه يمتلك المال..؟! وهل يمكن أن تتحول أو تختزل المشاعر ليوم واحد، وهدية فخمة مؤطرة بشريط أحمر..؟ هذا اللون الذي كان على الدوام رمزاً للحب الصادق، ورمزاً للثورة على الظلم..!! هل يعقل أن يتحول لرمز الكسب السهل من جيوب مراهقين ما أخذوا من العولمة إلاَ ما هو تافه ورخيص..؟؟!!
|
|
|
|
|
|