|
|
 اقراوا هذا المقال وسيعجبكم
|
كتب خالد فضل فى الصحافه
خالد فضل
* ما فتئ الإنقاذيون يصورون في إعلامهم وأحاديثهم أن أي معارض لهم إنما هو معارض للوطن، أي وطن؟ هذا سؤال يحتاج لتدقيق، فالذين تمت احالتهم للصالح العام على أيام الإنقلاب الأولى لم يثبت ضد أحدهم معارضته للوطن، فقل لي بربك كيف يكون معارضاً للوطن، أستاذ جامعي يلتزم بتدريس طلابه المقرر المرسوم، ويشرف على البحوث العلمية؟ كيف يكون معارضاً للوطن عامل يقف الساعات الطوال خلف ماكينة مصنع غزل ونسيج بالحاج عبد الله، ومهندس وقاضٍ وضابط شرطة وضابط جيش وضابط إداري ومفتش زراعي... إلخ، وكل واحد أو واحدة منهم/منهن يؤدي عمله بإخلاص وتجرّد ونزاهة، ليجد على مكتبه أو في محل عمله سطوراً قليلة موقّعة من أعلى رأس سلطة في الوطن بإحالته للمعاش لصالح الوطن؟؟ أي وطن؟ أي وطن؟؟ والوظائف التي تشغر يتم سدها مباشرة بآخرين يكنون الولاء لتنظيم الإسلاميين صاحب فكرة وتنفيذ الانقلاب بأغلبية مجلس شوراه، فهل هذا هو الوطن؟ أي الحزب؟ ولذلك فإن معارضة المؤتمر الوطني تدخل مباشرة في معارضة الوطن؟ ماذا عن الحركة الثورية في الجنوب والشرق والغرب وجبال النوبة والأنقسنا هل كل هؤلاء الثوار معارضون للوطن؟ وما الوطن إذا لم يكن جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وشرق البلاد.. ما الوطن إذا اعتبرنا أن د. جون قرنق وكل الحركة الشعبية تقف ضده، ومني أركو وعبد الواحد محمد نور وخليل إبراهيم وغيرهم من أبناء دارفور يقاومونه، وجبهة الشرق ومبارك سليم وآمنة ضرار وموسى محمد أحمد، والنيل الأزرق ومالك عقار وجميع وجوه الثوار حاربوا ويحاربون ضد مَنْ؟ هل حاربوا ويحاربون ضد الوطن؟ ماذا عن مولانا الميرغني وحزبه الاتحادي، والشيوعي السوداني والصادق المهدي وحزب الأمة، والبعث والتحالف الفيدرالي والقيادات الكبرى في الجيش ما قبل 30 يونيو والنقابات ما قبل 30 يونيو، وهم قوام التجمع الوطني الديمقراطي، وهل كل هؤلاء كانوا ضد الوطن؟ ماذا بقي إذاً من الوطن إذا كانت تعارضه الجزيرة أبا وود نوباوي وخلفاء الختمية وعضوية الاتحادي الديمقراطي، وكوادر الحزب الشيوعي ورفاق البعث وطلائع الفتح وقوات التحالف السوداني؟
* لقد ظل إعلام الإنقاذ يردد اسطوانة مكررة عن أعداء الوطن، وعندما ينظر الأب يجد أن ابنه المناضل يدخل ضمن هذا الوصف، وأن ابنته المقصية من عملها للصالح العام يشملها هذا التوصيف وأن صغير العائلة الطالب الجامعي الذي اغتيل في مظاهرة أو لمطالبته «لفرش» مرتبة من القطن يأوي إليها في عنبر سكن جامعي، هو في التصنيف الإنقاذي عدو للوطن، لقد شمل مصطلح العداء للوطن كل من لم ينتم للانقلاب أو يؤيده أو يسانده، لدرجة أصبح من العسير التفريق بين الوطن وحزب الانقلاب.. فمظاهرة تطالب بنيل حقوق مشروعة في بورتسودان تعتبر عداءً للوطن يستحق مرتكبو إثمه الاغتيال قنصاً بقوة مبعوثة خصيصاً من العاصمة.. أما المواطنون في جوبا فإنهم يستحقون السحق لأنهم أعداء للوطن يأوون المتمردين على الوطن.
* إن من حقي كمواطن سوداني يعتز بوطنه أن أسأل، هل من عداء الوطن أن أنادي بالديمقراطية في تداول السلطة سلمياً وفي كفالة حقوق الإنسان كما أقرتها البشرية عبر الإعلان العالمي والعهود والمواثيق الدولية، الحق في الحياة وفي التعليم وفي الغذاء وفي التعبير والتفكير والتنظيم والنشر والبحث العلمي والماء الصالح للشرب والمحاكمة العادلة، هل من العداء للوطن المفترض الدعوة للعدالة بين جميع الناس في هذه البلاد دون تمييز عرقي أو عنصري أو نوعي أو ديني أو ثقافي، أم هل من العداء للوطن المناداة بإطلاق الحريات العامة، حرية الصحافة وحرية الحصول على المعلومات وحرية طرح الآراء وتداولها، وهل في تعريف العداء للوطن أن تكون إدارة البلاد قائمة على منهج الشفافية فلا يتم صرف جنيه واحد من المال العام دون أن يكون لأي مواطن الحق في معرفة من أين جاء كيف تم تحصيله وإلى أين ذهب وفي ما صُرف ومن أهدره ومن اختلسه ومن ضيّعه، وهل من العداء للوطن النضال من أجل أن يتم الفصل في الاختصاصات بين السلطات الرئيسية في الحكم، السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، فهل المناداة بنزاهة وحيادية القضاء عمل غير وطني يستحق اللعنة، هل الدعوة لأن تلتزم أجهزة الضبط كالجيش والأمن والشرطة بالقوانين الديمقراطية وبنصوص الدستور الذي هو القانون الأعلى في البلاد هل في ذلك عداء للوطن؟ هل في الدعوة لأن تكون الأجهزة العدلية وعلى رأسها وزارة العدل قمة في العدالة والنزاهة وأن يتولاها الأكفأ والأقدر والأنزه.. هل في تلك الدعوة طعنة غدر في صدر الوطن؟
* أم في المقابل.. هل الإنتماء للوطن وادعاء الوطنية يكمن في موالاة الباطل بالحق والباطل، في إقصاء كل مخالف في الرأي وحرمانه من حقه في العمل وتشريد إسرته والحكم عليه بالاعدام المعنوي والنفسي، واعتقاله وتعذيبه.. هل واجب الإنتماء للوطن يقول إن موالاة عصابة انقلابية هو صك البراءة ومقاومة هذه الشرذمة هو الخيانة؟ هل الإنتماء للوطن يتم عبر بيوت الأشباح، واذاقة المعارضين مرّ العذاب وتحطيمهم جسدياً ومعنوياً؟ هل الإنتماء للوطن يرسّخ ببيع الممتلكات العامة بصورة جزافية، دون أن يعرف المواطنون لماذا وأين وكيف ولمن بيعت؟ أم هل من فروض الولاء للوطن أن تحتكر الوظائف كلها لبعض أبناء الوطن ينتقلون بينها كما الفراشات بين الزهر يمتصون رحيق هذه المؤسسة أو تلك ثم يذهبون للأخرى وهكذا دواليك؟ هل من صالح الوطن تدني الخدمة المدنية، وفقدان هيبة الخدمة العسكرية، ومرمطة السلطة القضائية، واهدار قوة الصحافة وكسرها وجعلها خاضعة ذليلة، وهدم البنيان المدني من منظمات وأحزاب وكل أوجه التنظيم المدني.. فهل هذا هو الانتماء للوطن؟ نهب المال العام والفساد والإفساد وشراء الذمم والولاءات.. قل لي بربك سيدي وعزيزي القارئ.. هل أنت ضد الوطن أم هم؟
....
|
|
 
|
|
|
|
السنجك
اسعد الريفى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست