|
|
 انعطاف
|
جلست بالقربِ منها.. على الحافلة.. سحبت جسدها بهدوء.. نحو النافذة.. كانت ساكنة كبحر ٍقديم.. أدرت بصري بشكل محترف.. إمعاناً في أنني أقصد و لا أقصد النظر.. لعينيها بريق آخاذ.. وشفتان شهيتان.. لكنني لاحظت كدراً خفياً ينتابها.. زحفت بجسدي نحوها.. حتى كدنا نتلاصق.. أبدت ضيقاً مهذباً.. لكني لم آبه.. واصلت زحفي حتى تفاخذنا.. أحسست برعشة طفيفة في جسدي.. وسرحت بخيالي في هذا الجسد الممتلئ بجواري.. بدأت هي تتململ وتزفر في ضيق.. ولكن لا مفر.. فالحافلة تحركت للتو ولا يزال المشوار طويلاً.. كما أنني قدرت أنها لن تزجرني بالكلام.. خوفاً من الركاب.. الذين لم يشعر أحد منهم بما يحدث في هذين المقعدين.. وبعد برهة بدأ عليها الإستسلام لهذه الحركة.. وسكنت كساعة معطلة.. نفرت منها تنهيدة عكّرت هواء المقعدين.. أحسست بالخجل.. وبحرفية ايضاً أبعدت جسدي عنها.. فتحت الشنطة السوداء.. وأخرجت صحيفة طازجة.. فتحت صفحة كنت مخططاً لها.. وبدأت أراجع نصاً منشوراً لي فيها.. واستغرقت في القراءة.. ومتابعة إذا ما كان هناك شيئاً حذف.. أو ولوج بعض الأخطاء المطبعية.. فجأة انتبهت لتلك العينين الآخذتين تقتحمان معي القراءة.. فعدّلت وضع الصحيفة لتتمكن من القراءة بسهولة.. وبإحساس خفي خمنّت أنها تقرأ معي نفس النص.. سعدت لذلك.. وانتابني احساس بالزهو.. وبطرف خفي.. وجدتها تبتسم.. واحياناً تنكتم أنفاسها.. وأخرى تنفلت منها دهشة متوارية.. وهي تتابع باهتمام.. وددت لو أصرخ و أقول لها أنا من كتب هذا النص.. وإن ما جاء فيه وقائع حقيقية.. أو أن أبوح لها بأن هذا الاسم.. في أعلى النص.. هو اسمي.."ما رأيكْ لو نرجع للوضع القديم"؟!.. بالتأكيد بعد ان تعرف هذا.. سترضى بذلك.. وقد تقبل أن ننزل سوياً في محطة واحدة.. وقد نكون أصدقاء بعد ذلك..أو أنها ستمضي معي حيث اذهب!
ثم وجدتها تفرغ من القراءة.. وتسرح ببصرها نحو النافذة ذات الزجاج المصقول النظيف.. ولم تلتفت ناحيتي مطلقاً.. بعد ذلك صرت أقلّب صفحات الصحيفة دون اهتمام.. وربما بحنق.. قطع استرسالي..فرقعات اصابعها اللدنة.. وهي تشير للكمساري بالنزول.. بهتّ- والحل؟!! هل أنزل معها..متعللاً بأنها محطتي أيضاً..ثم أبادرها بالحديث بعد أن تنزل كمحاولة أخيرة.. أم أنسى الأمر وأستعوض الله..ياللحظ السيئ.. بدأ الجسد اللدن المتناسق بالتحرك.. بعد أن توقفت الحافلة بعد صافرة طويلة مموسقة من فم الكمساري.. الذي بدا كأنه يشمت بي.. إذا كان الأمر بيدي لمنعتها من النزول.. ولجعلت من ساقيّ سجناً لها في ذلك المقعد.. ولكن بتلقائية معروفة أبعدت ساقيّ نحو الخارج.. لتنسل هي كحلم هارب.. وأنا مصعوقٌ حانقٌ أتابع ذلك الطيف الممتلئ.. لحظتها لم أشعر بركاب الحافلة ولا بثرثراتهم المملة.. أو عراكهم مع الكمساري.. فقط كنت أراقبها.. وهي تنسرب برشاقة عبر الممر إلى الخارج.. أحسست بسائل حارق ينداح في حلقي.. وقلبي ينقبض.. وتفكيري ينشل تماماً.. وجدتني أغمغم في سري.."ملعون أبوك" لماذا هكذا دائماً النساء يهربن مني.. ولو كان رجلاً غيري لانصاعت له تماماً..قطع شرودي.. راكب مقعد النص وكان رجلاً ذو بشرة سمراء.. يستميحني ليجلس إلى الداخل.. زحفت متبرماً ًبجسدي نحو مقعدها الخالي..يملؤني قرف داخلي .
طويت الصحيفة بإهمال لأدخلها في الشنطة.. حين لمحت ورقة بيضاء مطوية بعناية موضوعة على إفريز النافذة.. فتحتها.. لأجد مكتوباً عليها بخط أنثوي رقيق مألوف:
- إسماعيل ميرغني.. نصْ جميل.. هل ستكتب عنّا ؟!- ُقبلاتي!!
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 Re: انعطاف (Re: أبو ساندرا)
|
طيب مالك من اول بتتلكلك؟
و تجيب لنا شعر شنو و ما عارف شنو ياخ
شكرا على النص الجميل. استمتعتا يمين الله
فى انتظار المزيد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: انعطاف (Re: abubakr salih)
|
أبو ساندرا
بأثر رجعي...هي فعلت!
أنت قرأت.
المفارقة
هي تعرف سلفَاً!
ورطة.
أبوبكر
بدون شعر
بقيت هادئ
في إنتظار نص لم يكتمل
تحيات هادئة
أيضاً
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: انعطاف (Re: اسماعيل مرغنى)
|
قرر إسماعيل ميرغني :
صديقي إسماعيل الجميل
نعم ، فعلت
لم يدهشني تطويعك للحرف
وإمتلاكك ناصية اللغة
لكن دهشت لتفويتك تلك اللحظة
التي قلما تتكرر أو تعود
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: انعطاف (Re: اسماعيل مرغنى)
|
استاذ / اسماعيل مرغني
صباح الخير
ماعارف ليه حاسي اني انا الكنت ماسك الجريدة وقاعد اتلصق .
نص مبدع ....
ارجو ان تكتب عنكم .....كما سألت هي : هل ستكتب عنا ....؟
يديك العافية
هارون دياب
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: انعطاف (Re: haroon diyab)
|
أبو ساندرا
ولم يدهشني دعمك لي وللكثيرين
بعضهم تعرفهم
وبعضهم يعرفونك
التومات كيف؟
الأستاذ/ هارون دياب
كثير من الأصدقاء ممن قرأوا
قالوا ذلك
أنه فعل ربما يكون يومي أو حتى عادي
وهنا ربما أخذ بعداًآخر قريباً من هواجس نثرثر بها ولا تخرج
ولا زلت أتخيل شكل الكمساري!
شكراً لمشاركتك
جدا
| |
|
|
|
|
|
|
| |
اسماعيل مرغنى
أبو ساندرا
abubakr salih
haroon diyab
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست