محــــنـه ....!!! أقراء وتعجب ..بما يحدث في دولة البترول....!

Quote: العدد رقم: 799 2008-02-02 السوداني في الجزيرة (المنكوبة) فواتير المياه تُسدّد بـ (المحاكم)..!!ٍ ولاية الجزيرة: ياسر الكردي * مدير مدرسة (يبيت) بالحراسة بسبب فاتورة المياه.. * مواطن: أدفع (45) ألف جنيه شهرياً.. ولا تصلني نقطة ماء واحدة.. الماء الذي جعل اللهُ تعالى منه كل شئ حي، والذي به يصيرالانسان انساناً، لأنّ كل عاداته وعباداته تتم به...هذا الماء رغم أنّ رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال ان الناس فيه شركاء... لكن في ولاية الجزيرة، الناس ليسوا شركاء، بل سجناء عن طريق الماء،لانّه اذا تأخّر أي مواطن عن دفع فاتورة المياه هناك لأي سبب، سيأتيه على جناح السرعة أمر تكليف بالحضور للمحكمة وهناك إما أن يدفع المتأخرات وكل رسوم المحكمة وإلا سيبقى حبيساً بالحراسة ثم السجن الى حين السداد... لا تندهشوا ففي ولاية الجزيرة أي شئ جائز. (شبكة مافي!! السواد الأعظم من أبناء الشعب السوداني يرزحون تحت خط الفقر، هذه حقيقة ولكن الفقر نفسه (خشم بيوت)، اذ لا يمكن مقارنة سكان المدن بسكان الريف، الذين يفتقرون الى أبسط مقومات الحياة، فعلى سبيل المثال فقط ماء الشرب، في معظم المناطق تضخه وابورات (بيّارات) تعمل بواسطة الجازولين لعدم توفر الكهرباء، ولا توجد شبكات لتوزيع المياه داخل المنازل مما يضطر المواطنين لنقل المياه على رؤوسهم وأكتافهم وعبر عربات الكارو من مكان ضخ المياه (البيّارة) الى منازلهم، لكن حتى اذا رضي المواطنون بنقل المياه على الرؤوس فان هذه (البيّارات) أو بالأحرى المسؤولين عنها لا يوفرونها لهم إلّا لفترة زمنية محددة بثلاث ساعات في اليوم،كأنّها ورقة امتحان كيمياء، وكل من يتأخّر ستفوته حصته وما عليه إلّا انتظار يوم جديد. (محكمة) بعد كل ذلك، هل من العدل أن يتساوى سكان قرى أم شانق و(أم تلاتة) وأم بلّى وأم عشّة وغيرهما من"الَّامّات" و اللا (أُمّات) من الجزيرة بسكان الفردوس والروضة والرياض بالعاصمة؟؟.. المنطق يقول لا ولكن الواقع يجيب بـ"نعم" وألف نعم، فسكان العاصمة يدفعون شهرياً مقابل مياه تأتيهم في منازلهم و على مدار الساعة 14.500 جنيه "بالعملة القديمة" المتعارف عليها حتى الآن.. ونفس هذا المبلغ يدفعه عداً ونقداً سكان قرى الجزيرة، مع مراعاة فارق الخدمة المقدمة ودخل المواطنين، بل أن الفرق بين هؤلاء و اولئك هو أن مواطن العاصمة اذا لم يسدد تقطع عنه الخدمة فقط، أما المواطن في قرى الجزيرة فان لم يدفع يتم اقتياده الى المحكمة ليدفع هناك قيمة الفاتورة الشهرية للمياه اضافة الى رسوم المحكمة والا بقي الى حين السداد... الاقتياد كان يتم عن طريق رجال الشرطة، لكن بعد قرار منع افراد الشرطة من الاشتراك في عمليات التحصيل انتهجت هيئة المياه بولاية الجزيرة وسيلة تعسفية اخرى هي اخذ منقولات المواطنين من تلفزيونات ومسجلات وبوتوجازات وبيعها بواسطة المحكمة لسداد فواتير المياه. مدير مدرسة (يبيت) بالحراسة.. الاستاذ مساعد عبد الله البشير، مدير مدرسة الاساس بقرية ام شانق التابعة لمحلية شرق الجزيرة حكى قصته مع حراسات فواتير المياه فقال: قبل قرار منع قوات الشرطة من الاشتراك في تحصيل الرسوم، كانت علىّ متأخّرات في فواتير المياه نتجت لأسباب متعددة ومنطقية وخارجة عن ارادتي فعلى سبيل المثال اذا وجدت احد ابنائي يئن من شدة المرض فإلى ايهما ادفع لعلاج ابنائي ام لهيئة المياه ؟ ومضى يقول في احدى الايام وبعد انتهاء يوم عمل شاق بالمدرسة حضرت قرابة الساعة الثالثة عصراً ومباشرةً دخلت في نوم عميق جراء الارهاق الكبير الذى اعانى منه نظير عمليتى الادارة والتدريس، لكن وبعد اقل من ساعة ايقظنى ابني واخبرنى بأن (ناس هيئة المياه ومعهم شرطي) ينتظروني خارج المنزل خرجت اليهم فوجدت عربة بها العديد من سكان القرية الذين عليهم متأخرات، ولأنني مثلهم اصطحبونا جميعاً وذهبوا بنا الى الحراسة التى قضينا فيها ليلة كاملة ولم يتم اطلاق سراحنا الا في اليوم التالي وبعد أن دفع لنا الأهل والمعارف قيمة فواتير المياه. التلفزيون مقابل المياه.. المواطن ابراهيم محمد التاي، ضاقت به ارض المليون ميل مربع على سعتها فهاجر مغتربا لتوفير لقمة العيش الكريم لأبنائه ومن هنالك ارسل إليهم تلفزيوناً ملوناً (24 بوصة)ماركة شارب،لعله يخفّف عليهم وحشة فراق الاب،لكن هيئة المياه كانت لهذا التلفزيون بالمرصاد... فـ (الأم) المسؤولة عن تدبير شؤون المنزل وسط زحمة إلتزامات الحياة من توفير معيشة و رسوم مدارس وعلاج وطابور طويل من الفواتير التي لا تنتهي ابداً، تراكمت عليها عدة اشهر من رسوم المياه ولأنها فشلت في سدادها نسبة لظروفها، ماكان من هيئة المياه إلّا أن اخذت ذلكم التلفزيون الملون الذي كان جليسهم وانيسهم الوحيد، وبيعه عن طريق المحكمة بمبلغ مائة الف جنيه(بالقديم)،وقد ذهب المبلغ كله الى هيئة المياه ورسوم المحكمة ولم يكن نصيب هذه المواطنة المسكينة الا اعلان مكتوب على ورق بيضاء يوضح اجراء ما حدث، فاي ظلم هذا؟. تخصّص حراسات مياه.. رمّاح النذير مبارك، ابن الـ (17) عاماً والذي يدرس بالصف الثاني الثانوي، لم يشفع له صغر سنه من دخول الحراسة لمدة يومين بسبب عدم دفع والده المسافر بإحدى ولايات السودان لدفع فاتورة المياه، فمندوب هيئة المياه، خيّر الصبي رماح بأن يدفع ما عليهم من إلتزامات مالية أو ان (يركب) مع الراكبين في البوكس المتجه للحراسة، فأوضح له رماح انه سيخبر والده المسافر ليرسل لهم المبلغ ولكنهم رفضوا مقترحه جملةً وتفصيلاً واقتادوه الى الحراسة مع مجموعة (البوكس)... فبدلاً من ان يقضى ليلته في استذكار دروسه قضاها حبيساً بالحراسة... النذير مبارك والد رماح ذكر انه بعد اطلاق سراح ابنه لم يسلم هو الاخر من حراسات المياه، فقد دخلها مرتين وذكر انه بعد توقف ظاهرة حبس المواطنين مقابل رسوم المياه تحولت الكارثة الى اعلان حضور الى المحكمة، وأمامها إما ان تسدّد ما عليك او ان يتم بيع ما تملك من منقولات. وذكر النذير انّ آخر اعلان استلمه قبل ايام فقط بالتحديد يوم 29 /12/2007 لكنه لم يذهب للمحكمة لأنّه يسعى الآن جاهداً لتوفير المبلغ حتى لا يتم بيع تلفزيونه او دولاب الملابس. إزداوجية فواتير.. المشكلة التى يعاني منها مواطنو ولاية الجزيرة هي ان قُراهم قد تمدّدت وتوسّعت وازداد عدد سكانها دون ان يقابل ذلك اى تطوير في الخدمات، فحتى القرى التى توجد بها (بيارات) وشبكات توزيع، لا تصل المياه فيها الى اطراف القرية مما يضطر المواطنين الى دفع الفاتورة مرتين، وهذا ما حدث بالضبط للمواطن الجيلي احمد محمد الصادق، حيث قال رغم اننى قمت بتوصيل شبكة المياه من حرِّ مالي لكن لم تصلنِي (نقطة) ماء واحدة منذ تأسيس منزلي قبل عدة سنوات، فأضطررت الى دفع الفاتورة مرتين، الاولى 14,500 جنيه لهيئة المياه، والثانية 30,000 جنيه لصاحب عربة الكارو الذي ينقل الماء الى منزلى من البيارة. بمعنى ان ما يدفعه المواطن الجيلى بقرية حداف من فاتورة شهرية للمياه لا يدفعه مواطن آخر يسكن بضاحية القاردن سيتى بالخرطوم، فأىّ عدل هذا ؟! مالكم كيف تحكمون؟! أصناف من أنواع العذاب عانى منها مواطنو ولاية الجزيرة، ولا يزالون.. فقبل (بدعة) الحراسات وبيع منقولات المواطنين (الغلابة) كانت هيئة مياه المدن برفاعة- تقع تحت مسئوليتها كل قري شرق الجزيرة- تنتهج اسلوباً غريباً وهو مصادرة (السيور والمانفلّة) من البيارة فتشل بذلك كامل حركتها، وهكذا الحال في كل القري التي تجوبها فلا تدع سيراً أو(مانفلة) إلّا وصادرتها رئاستها برفاعة، وذلك عقاباً لعدم دفع البعض لفاتورة المياه... وعندما يتساءل المواطنون: وما ذنب الذين قامو بدفع ما عليهم من رسوم كاملة، لماذا يتساوون في (العطش) مع الذين لم يدفعوا ؟ هنا يجئ رد المسئولين بالهيئة: الخير يخص والشر يعم.. ولكن أليس من حقنا ان نتساءل لماذا لا تطبق هذه القاعدة سيئة السمعة في عاصمة البلاد مكان اصدار القوانين، فمثلاً اذا سدّد (زيد) من الناس ما عليه من رسوم للمياه ولم يسدد (جاره) عبيد فهل سيتم قطع الماء منهما معا ؟.. في ولاية الجزيرة والى زمنٍ قريب كانت هذه المفارقة سيدة الموقف فإذا دفع 75% من سكان القرية ما عليهم من فواتير ولم يدفع البقية فإن الماء يقطع عن الجميع بدون استثناء.. (أقطعوها وريِّحونا).. عدد كبير من سكان القرى بولاية الجزيرة، أبدوا تذمّرهم من الآلية التى تتعامل معهم بها هيئة مياه المدن، رغم انهم يسكنون قرى بسيطة ومتواضعة لا تمتُّ للمدن بأيّة صلة، فهيئة مياه المدن الموجودة برفاعة والمسئولة عن تحصيل رسوم المياه لكل قرى شرق الجزيرة هذه الهيئة تريد قسرا ان تساوي بين سكان هذه القرى الفقيرة وسكان مدينة رفاعة، بل بينهم وبين سكان العاصمة الخرطوم، لكن في الالتزامات الواقعة على المواطنين فقط وليس فيما تقدّمه من خدمات... هذا الظلم البائن جعل سكان هذه القرى يشكون لطوب الارض ويرددون بكل يأس (ليت هيئة المياه تقوم بقطع المياه عنّا نهائياً وتريحنا من عذابات الحراسات والوقوف امام المحاكم وبيع منقولاتنا وبعد ذلك فليتركوا لنا العطش ليقتلنا).. الهيئة تستنكر وتدين..!! باشمهندس محمد حسن عمار، مدير عام الهيئة الاتحادية للمياه، إستنكر بشدّة حبس المواطنين بالحراسات أو بيع ممتلكاتهم لتسديد فواتير المياه، وقال إن أقصى عقوبة يمكن فرضها على المواطن هي فقط قطع الخدمة عن منزله، لكنه ذكر أن مسؤولية الهيئة الاتحادية للمياه تنحصر فى عملية توفير المِنَح والقروض ومن ثمّ توزيعها للولايات، وليس من سلطتها اصدار التوجيهات والقرارات للهيئات الولائية.. إذاً ماذا تقول هيئة مياه ولاية الجزيرة فيما يجرى فى محلية شرق الجزيرة ؟.. باشمهندس عبد الباقى نور الدائم محمد، المدير العام لهيئة المياه بولاية الجزيرة، بعد ان أطلعته على مستندات تؤكد بيع منقولات بعض المواطنين وحبسهم واستدعائهم للمحاكم بسبب فواتير المياه، قال ان مهمتهم كهيئة عامة للمياه بالولاية تنحصر فى عملية التنمية المتمثلة فى توفير مصادر المياه وتسليمها للمحليات التى تقع عليها مسئولية الصيانة والتشغيل والتحصيل، وأضاف ان ماتم من اجراءات بمحلية شرق الجزيرة مخالف تماماً لقانون الهيئة الذى ينص على أن يُسلّم المواطن فاتورة المياه، وفى حالة عدم سداده يتم انذاره بقطع الخدمة عنه خلال فترة 48_72 ساعة،و آخر الاجراءات هى قطع الخدمة عن المواطن فقط..وحتى اذا حدث تراكم للديون، فتلك اشكالية يجب حلّها بأقصى درجات المرونة الممكنة، وذلك بالتعاون بين مكتب الهيئة بالمنطقة واللجنة الشعبية، ولاينبغى مطلقاً ادخال الشرطة فى مثل هذه الحالات، بل حتى المحاكم يُفترض ألّا يتم اللجوء إليها مطلقاً،فأذا تأخّر اى مواطن عن دفع فاتورته تُقطع عنه الخدمة والسلام.. لكن مهندس عبدالباقى، حمّل المواطنين بعض المسئولية عندما قال ان المواطنين يدفعون للتعليم والصحة وحتى الرصيد للموبايل لكنهم لايدفعون للمياه رغم اهميتها للجميع.