عبد اللطـيف اللّعُــبى ....

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 12:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-22-2008, 10:58 AM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبد اللطـيف اللّعُــبى ....

    أشياء صغيرة (مقاطع)


    رجل من الجنوب
    تزعجه
    شمس الشمال.


    * *


    شبعنا
    من المقارنة
    بين المدن
    والنساء


    * *


    النظرة
    تميت
    وتحيي.


    * *


    شاهَدَتِ
    الأرضُ
    بلداناً كثيرة
    إنها تسافر فينا
    من دون جواز سفر


    * *


    أي نصيحة
    يمكن أن يقدم الليل
    العاري
    من أي حكمة؟


    * *


    تاه القطار
    كان يقلّ شاعراً


    * *


    تنام الكتب
    بعضها على بعض
    حالمة بزمن الغابات


    * *


    من اليمين الى اليسار
    تُكتب
    من اليسار الى اليمين
    اللغة المهاجرة
    تسمّى


    * *


    أجل
    إننا نتعب في أحيان
    حتى من شهواتنا


    * *


    البشر جميعاً
    يهوون ما يفاجئ
    لكنّ المشكلة
    انهم يعملون على تنظيمه


    * *


    الصمت
    ينحت الكلمات
    انه ذو ميل انتحاري.


    نقلاً عن موقع مؤسسة جذور الثقافية .
                  

01-22-2008, 11:03 AM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    عبثاً أهاجر


    أهاجر عبثاً
    في كل مدينة أرى المقهى نفسه
    وانقاد للوجه الكالح للنادل
    ضحكات الجالسين قربي
    تثقب موسيقى المساء
    تعبر امرأة للمرة الأخيرة.


    عبثاً أهاجر
    وأتأكد من بعادي
    في كل سماء أجد هلالاً
    والصمت المعاند للنجوم
    أحكي نائماً
    مزيجاً من لغات
    وصرخات حيوانات
    مع الغرفة التي ولدت فيها.


    أهاجر عبثاً
    يفوتني سرّ العصافير
    كما سرّ هذا المحبّ
    الذي يتولّه بحقيبتي
    في كلّ مرحلة.



    المصدر السابق
                  

01-22-2008, 11:05 AM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    ولد عبداللطيف اللعبي في مدينة فاس عام 1942. حصل على الاجازة في الأدب الفرنسي عام 1964 من كلية الآداب والعلوم الانسانية في الرباط، عمل مدرساً في التعليم الثانوي في الرباط . أشرف على ادارة مجلة «أنفاس» التي أسسها عام 1966 وكذلك منشورات «أطلانط». في 1968 أسس مع ابراهام السرفاتي «جمعية البحث الثقافي». اعتقل في آذار (مارس) 1972 لمدة تزيد على ثماني سنوات ولم يطلق سراحه الا في 8 تموز (يوليو) 1980. سافر الى فرنسا. ومن جامعة بودرو حصل على شهادة الدروس المعمقة 1985. عاد الى المغرب بغية تجديد الاقامة، لكن خيبته كانت كبيرة، فرحل ثانية الى فرنسا.
    - جمع عبداللطيف اللعبي بين أنواع أدبية مختلفة مثل: الشعر، الرواية، المسرح، الترجمة، والكتابة للأطفال. له حضوره المتميز في المشهد الثقافي المغربي والعربي، الى جانب حضوره على المستوى الفرنسي الدولي. يكتب عبداللطيف اللعبي باللغة الفرنسية.
    - من أعماله الشعرية: سلالة (1974)، أزهرت شجرة الحديد (1974)، عهد البربرية (1980)، قصة مصلوبي الأمل السبعة (1980(، خطاب فوق الهضبة العربية (1985)، جميع التمزقات (1990)، الشمس تحتضر (1992)، احتضان العالم (1993)، شجون الدار البيضاء (1996)، مقاطع من تكوين منسي (1998).
    - ترجم الى الفرنسية عدداً من الأعمال الشعرية والروائية المغربية والعربية اضافة الى اعداده انطولوجيات شعرية، منها (أنطولوجيا المقاومة الفلسطينية)، ومن الشعراء والكتّاب الذين ترجم لهم: محمود درويش، عبدالوهاب البياتي، حنا مينة، سميح القاسم، حسن حمدان، غسان كنفاني، محمود الماغوط.
    - ومن أعماله الروائية: العين والليل (1969)، طريق المحاكمات (1982)، تجاعيد الأسد (1989).
    - ومن مسرحياته: قاضي الظل (1994)، تمارين على التسامح (1993).


    نفس المصدر
                  

01-22-2008, 12:05 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    العزيز عبد الله شمس الدين تحياتي .
    عبد اللطيف اللعبي شاعر يجعل من الشعر حياة خارقة للممكنات العادية ، وقادرة بطاقة الشعر على تجسير ما لايمكن أن ترتقه رحلة الإنسان الفانية في مجرى العالم الطبيعي . إنه عبر الشعر يستعيد متعة الرتق لحياة تذررت ، حين يمسها بشعره العظيم فيمس بذلك نظام الأشياء والكلمات بتعبير غير عادي عن حياة عادية ، ويستعيد لحظات العمر كلها في رحلة قطار مثلا .
    مودتي
    محمد جميل
                  

01-22-2008, 10:29 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: محمد جميل أحمد)

    تجربة السجن السياسى فى الرواية العربية
    أثرت المكتبة العربية، بل والعالمية بنوعية
    أدب لا يمكن إدراجه تحت أدب السيرة الذاتية،
    ولا أدب الإعترافات، برغم أن أغلب من تناولوا
    هذه اللونية من الكتابة، إنما كانوا يدونون
    وقائعًا و واقعاً عايشوه بأنفسهم، ومروا به،
    فمثلاً هناك تجربة يوسف إدريس، و عبدالرحمن منيف،
    صنع الله إبراهيم، و شريف حتاتة، وبالطبع
    عبد اللطيف اللعبى، وإن كانت كتابات صنع الله ومنيف وغيرهم قد
    لقيت حظها من الرواج، إلآ إن تجربة اللعبى، بعميق أثرها،
    وبعمق ما تركته من ندوب غائرة فى نفسه، لم يقيض لها ما أتيح
    من إنتشار لكتابات من مرّوا مثله بتلك التجربة القاسية المدمرة .

    (عدل بواسطة عبدالله شمس الدين مصطفى on 01-23-2008, 00:18 AM)

                  

01-22-2008, 10:47 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    محمد يا جميل، محبتى ز

    أعجبتنى طروحات اللعبى فى هذا اللقاء حول الحداثة،
    والشعر بإعتباره أكثر الأشكال الأدبية تحقيقاً، وتطبيقاً
    للحداثة، بعكس الفكر، والذى لم تتاح له حرية الحركة
    والمناورة والتجريب بنفس القدر الذى حظى به الشعر،
    وعن قضية الأدب والسلطة فى تنافرهما، وتضادهما.
    إلى مضابط الحوار المنشور على موقع (نِزوى) :-


    Quote: عبد اللطيف اللعبي:لا أؤمن بنظرية الأجيال ولا أشعر بأشياء قوية تربطني بالجيل الذي أنتمي إليه


    حاوره: محمود عبدالغني


    --------------------------------------------------------------------------------


    لابد من القطيعة حتى مع من نحبهم..

    والكف عن مبايعة الرموز إلى الأبد لا زلنا

    نتعامل بكثير

    من الخجل

    مع اللغة

    وكأن طابعها القدسي

    ما زال قائما

    * : الأستاذ عبد اللطيف اللعبي هناك نوعان من الناس, نوع يريد شيئا من الحياة, ونوع آخر تريد منه الحياة شيئا. إلى أي نوع تنتمي أنت?

    ** : يجوز الوجهان إذا صح التعبير أنا أريد من الحياة نوعا من المطلق, وأن تفي بكل وعودها. لكنني مع ذلك أرفض وضع من ينتظر فقط تلك الوعود. فكما سبق لي أن كتبت ذلك. فأنا لا أنتظر من الحياة شيئا. بل أذهب باستمرار لملاقاتها. والكتابة بالنسبة لي هي تعبير عن عشقي للحياة. وعندما أكتب أشعر أنني في لحظة الحيوية الكاملة. وعندما لا أكتب أشعر وكأنني لا أعيش كأن طاقاتي الحيوية معلقة. وعندما تتوفر لحظة الكتابة, أشعر بأنني في كنه ولب الحياة. والكتابة هي بالتالي نوع من مقاومة الموت. ليس الموت البيولوجي, ولكن الموت الذي يحدث لنا عندما نسقط في اللامبالاة مثلا. فتصاب بالفتور طاقتنا على التيقظ في النزوع إلى الاستقالة من عدد من الواجبات التي تفرضها علينا الحياة. إذن لحظة الكتابة هي لحظة تركيز هائلة لطاقتنا الحيوية. أنا أطلب الكثير من الحياة , وأكيد أن الحياة هي الأخرى تطلب الكثير من الشاعر والكاتب. فأن تكون جديرا بالحياة معناه أن تتجاوب في حياتك العمومية, في ممارستك, في علاقاتك الإنسانية بما فيها الأكثر حميمية, في التصاقك الدائم بالموجودات وبكل ما يعبر عن الحياة, معناه استفسار ملكاتنا وطاقاتنا الإنسانية من سمع ونظر وشم, وحتى الطاقات غير المتعارف عليها لحد الآن. إذن, سؤالك هو في صلب رهانات الكتابة.

    * : أنت تنتمي إلى جيل وأنا إلى جيل آخر جاء بعد جيلك بكثير. ومع ذلك ها هي الصداقة الجميلة تجمعنا, والحلم الجميل يؤلف بيننا. ها نحن نجلس حول طاولة واحدة ونسعى إلى تأسيس حوار ونبش الأفكار. أريد أن أسألك : ألا ترى أن كلمة <<جيل>> كلمة ميتة? وهذا ما يجعلني أستعيض عن تعبير <<صراع الأجيال الشائع بتعبير <<الارتباط المتبادل بين الأجيال>>.?

    ** : أنا لا أومن بمقولة أو نظرية الأجيال. ولا أشعر بالمناسبة بأشياء قوية تربطني بالجيل الذي أنتمي إليه. بينما أجد مع الأجيال السابقة واللاحقة نقط التقاء واهتمامات مشتركة. أقول هذا لأنه عندما يتعلق الأمر بالإبداع تطرح فيه أمهات القضايا. وبالتالي كل جيل يحاول في لحظته التاريخية أن يعطي أجوبة عن أسئلة مرحلته, وأن ينمي إنتاجا يستجيب إلى تلك المرحلة. منذ عشرين سنة وأنا أنادي بأن يتم نوع من القطيعة مع جيلي. لا أقول إن الجيل الذي أنتمي إليه لم يحقق شيئا على مستوى التراكم المعرفي والإبداعي, ولكن رغم ملحمية تلك المرحلة أعتقد أننا في حاجة إلى دفعة جديدة, لأن الأدب قارة لم نكتشفها كلها. وصيرورة الأدب هي في الحقيقة إعادة اكتشاف تلك القارة. وإذا أردت أن أعمم, ولنترك الحقل المغربي, أرى أن الإبداع الأدبي العربي تعثر خلال العشرين سنة الماضية, فهو يعاني من نوع من الاستنزاف, حيث وصلنا إلى الباب المسدود أو الحاجز الذي يجب اختراقه. فالحقل الأدبي العربي محتاج الآن إلى خلخلة كبيرة لاسترجاع روح المغامرة, والكف عن مبايعة الرموز التي حقا أعطت الكثير ولكنها الآن أصبحت إلى حد ما عائقا أمام أي تطور. فلحد الآن (إذا حصرنا الموضوع في مجال الشعر) مازلنا نقرأ ل وعن محمود درويش وأدونيس وسعدي يوسف وكأن شيئا لم يكتب منذ ثلاثين سنة. طبعا هذه أسماء كبيرة, لكن سنة الإبداع تتطلب التطور باستمرار, بل وأحيانا القطيعة حتى مع من نحبهم. وأريد هنا أن يفهم كلامي جيدا. عندما أدعو للقطيعة فليس معنى ذلك أنني أحرض على مناوءة أو نفي ما أنجزه السلف من الكتاب والمعاصرين منهم. إن أي كاتب يحترم نفسه ووظيفته مطالب باطلاع دقيق على هذا الإنجاز, وطنيا وعالميا. فثقافة الكاتب الأدبية لها في رأيي وزنها الخاص في عمق تجربته. وهنا يكمن للأسف أحد مشاكلنا مع الكثير من الإنتاجات الجديدة. لكن ما أريد أن أصل إليه هو التدقيق في فهمي للقطيعة. إذ أنها مسألة بديهية بالنسبة لي. كل كاتب حقيقي وفي أي لحظة تاريخية يكتب فيها ينطلق من ذلك الشيء الخاص والفريد الذي يشعر به في داخله ويريد نقله للآخرين بلغة متميزة. ليس هناك تجربة إبداعية دون هذا الخاص والفريد. وعندما يستطيع الكاتب أن يكون في صلب ذلك. فهو موضوعيا في قطيعة مع التجارب الأخرى. قد نعبر عن ذلك بشكل مهذب بالاختلاف, لكنه في اعتقادي ما يسمح للتجربة أن تكون في منأى عن التقليد والمبايعة أو المرجعية الكسولة.

    * : أثرت مسألة ذات أهمية كبيرة تتعلق بجيلك. فتلك المرحلة لم تنتج لحظة نقدية لذاتها, فمازلنا لحد الآن نسمع عن بعض المواقف التي تؤكد أن جيل الستينيات, وبعده السبعينات, كان مشغولا بالإيديولوجي والسياسة. لكن الوجه الخفي من هذا الجيل هو الوعي التام بقضية الشكل, فالستينيات والسبعينيات هي المرحلة التي أنتجت روحا أدبية شكلانية بامتياز. فما طرحته مثلا مجلة أنفاس Souffles, الثقافة الجديدة, الزمن المغربي, البديل ... لم يطرح من قبل ولا من بعد.

    ** : أنا معك في هذا الرأي, فالدراسات التي كرست هذه الرؤية حول شعر الستينيات والسبعينيات مهزوزة في أغلبها وتطغى عليها اعتبارات سجالية لأنها غير مبنية على معرفة دقيقة لإنتاج تلك المرحلة. صحيح أن تعامل الثقافي مع السياسي والإيديولوجي كان حاضرا كمعطى. لكن وهذا هو الأهم خلال الستينيات تم نحت نص أدبي جديد تماما ليس فقط بالمقياس المغربي أو العربي, بل بالمقياس الكوني. وعندما أتأمل بشكل موضوعي في تجربة مجلة <<أنفاس>> أجد أنها تجربة تكاد تأتي من العدم. ليس في تجربة أنفاس مرجع, وكأنها كانت ثورة على المرجع. ومن هنا قوتها الجمالية. هذا شيء نادر في الثقافة. وهذا يحدث في عدة بلدان ومراحل, أن تأتي حركة هكذا وتقوم بنوع من الانقلاب الجذري على ما يسبقها, وتخلق لنفسها مرجعيتها الخاصة. أظن أن هذا الجانب لم يتم الانتباه إليه في المغرب في حين أن هناك دراسات في فرنسا وأمريكا وألمانيا واليابان وغيرها, قامت بمقاربة تجربة <<أنفاس>> وأبانت عن أهميتها.

    * : لقد قمتم بكل ذلك وأنتم صغار السن, لم يكن عمركم يتجاوز ثلاثين سنة. أريد أن أسألك اليوم عما تبقى من تلك <<الموجة الصاخبة>>?

    ** : أظن أن مسار الأدب في أي بلد وفي أي مجموعة جغرافية ثقافية يتطور من خلال لحظات زخم استثنائية, حيث يتفجر الوضع فيتم فيها تأسيس قيم وأشكال جديدة. فإذا قارنا مثلا تجربة <<أنفاس>> بتجربة السرياليين في فرنسا أستطيع أن أطرح السؤال : ماذا بقي من الحركة السريالية في فرنسا? لربما إن أندري بروتون ليس هو الشاعر الأكبر في النصف الأول من القرن العشرين, لكن كل ما كتب فرنسيا وعالميا وحتى عربيا تأثر بذلك الانفجار الذي حققه السرياليون في ثلاثينيات القرن العشرين. الكتابة تغيرت, الجملة الشعرية تغيرت, الصورة الشعرية لم تعد كما كانت, كل ذلك نتيجة لذلك الزلزال الذي أحدثه السرياليين. أعتقد أنه كل ما كتب بعد مرحلة <<أنفاس>> يحمل بشكل أو بآخر ملامح تلك الموجة. و عندما تفرض حركة أدبية معينة نفسها في فترة معينة, فإن ما يأتي بعدها لا يمكن الانفلات من تأثيرها. ولا تنس أن جيل <<أنفاس>> هو جيل ما بعد الاستقلال مباشرة, وأن هذا الجيل كان يحمل مهمة لم ينتبه إليها بما يجب وهي مهمة محو الاستعمار الثقافي. ففي مرحلة النضال ضد الاستعمار لم تطرح المسألة الثقافية بشكل واضح, وتم التركيز على النضال السياسي الذي أدى إلى الاستقلال. أما مهمة التحرر الثقافي فقد تحملها جيل ما بعد الاستقلال. إن المرور من الثقافة في ظل الاستعمار إلى الثقافة في ظل الاستقلال كانت مهمة جسيمة جدا وكانت تتطلب انقلابا في الحقل الفكري والثقافي.

    * : أنت تمتهن مهنة غريبة <<الكتابة>>. فأنت لا تجيد شيئا غير الإنتاج الرمزي, غير تأليف الكتب والإسهام في السجالات? ما المنفعة من وجودك? ككاتب ألا تطرح هذا السؤال?

    ** : أنا أتساءل بالأحرى لماذا نطرح هذا النوع من الأسئلة? أليس من حقنا كشعب أن يكون لنا كتاب? هل الكتابة ترف على هذه الدرجة حتى نطرح على أنفسنا جدارة مهنة الكتابة? نحن بالعكس من ذلك في أمس الحاجة إلى الكتابة والأدب والفكر أكثر من الدول الغنية والصناعية, والتي تتمتع بعدد هائل من الكتاب والأدباء والمفكرين والمثقفين والفنانين والعلماء. فما أحوجنا للكتابة مادام واقعنا المجتمعي والإنساني والطبيعي لازال حقلا بكرا. لم نتناول تجربة هذا الشعب وتاريخه وعوائده وتركيبته النفسية ولغته أيضا (بل لغاته) أدبيا وفكريا بما فيه الكفاية. خذ الحب مثلا لم نكتب عنه وفيه بعمق ودقة. اعطني رواية واحدة فيها قصة حب, بكل تمزقاته وأسئلته الصعبة وألغازه. هل نحن لا نحب? المغرب قارة إنسانية مازالت مطروحة للاكتشاف إلى حد بعيد. وسؤالك ناتج عن الأوضاع المريرة التي يمر بها المغاربة نخبا ومواطنين, الشيء الذي نتج عنه احتقار النفس. فالمغاربة أصبحوا يمتهنون احتقار الذات. لقد حان الوقت لتجاوز هذا الفصام القائم في ذاتنا.

    * : الأستاذ اللعبي بعد تلك الجولة الشيقة في عالم أفكارك وتجربتك في الحياة والكتابة أنتقل الآن إلى ما أعتبره محورا ثانيا في هذا اللقاء, ويتعلق أساسا بنوع من الكتابة يحظى بالأولوية لديك, أعني الشعر. ما هي أسرارك كشاعر? ما هي أدواتك وآليات عملك في ورشتك الشعرية?

    ** : لا أظن أن لي أسرارا خاصة في الكتابة. فالكتابة نوع من القدر إذا صح التعبير. الكتابة لغز في آخر المطاف. لماذا في وسط اجتماعي معين, في لحظة تاريخية معينة يتعاطى رجل أو امرأة للكتابة? هذا فعلا لغز يجب أن ينضاف إلى لغز الموت والحياة والحب.

    أستطيع أن أغامر بفكرة وهي أن أي مجتمع يعيش في صيرورة تطوره لحظات تاريخية دقيقة لا يصبح فيها الانتقال من وضع لآخر ضروريا بل حتميا. وأكيد أن هذه اللحظات تفرز, حسب كيمياء معينة, الأشخاص الذين سيحملون هذا التحول وبالتالي يعطونه حجما وشكلا وعمقا. نحن لسنا أنبياء أو مرسلين, نحن فقط كتاب. والكتابة شيء آخر لا علاقة له بالتبشير, لكنها تجربة لربما تحتل المركز في عملية الانتقال التي نتحدث عنها, إذ أن لها طاقة الحدس أولا بوجهة التحولات التي ستحصل, ولها ثانيا تلك القدرة على تركيز التناقضات التي يعيشها مجتمع ما (والمجتمع البشري بشكل عام). زد على ذلك أنها لا تمارس التسجيل فقط أو ما يسمى بالشهادة. إنها تساهم أيضا في بناء المشروع نفسه بما لها من قدرة على الفعل ولو كان ذلك بوتيرتها الخاصة, في الحساسية والمخيلة والفكر حتى. وهذا يحصل أيضا حتى في المجال السياسي, حيث نجد شخصا معينا في مرحلة تاريخية معينة تتركز فيه بعض التطلعات والتناقضات التي تتطلب حلا. إذن, ليس لي أسرار معينة. إني كأي آخر بدأت الكتابة وتابعت هذا الرهان. وعندما أتأمل تجربة مجتمعنا أجد الصمت المهيمن. وعندما أقول الصمت أقول إن جزءا كبيرا من مجتمعنا يعاني من الأمية, وبالتالي فهو لا يستطيع تبليغ رسالته الإنسانية, على الأقل عن طريق الكتابة. وعمليا هذه فضيحة, فشعبنا له قيم عالية, ويتمتع بروح الفكاهة وذهنية النقد, ولكنه لا يستطيع التعامل مع اللغة والكتابة لتبليغ قيمه وأفكاره وخصائصه الروحية الغنية. والنتيجة أن الكنز يضيع. وانطلاقي في عملية الكتابة كان مصحوبا بوعيي بفضيحة الصمت المهيمن ثقافيا وسياسيا. وبالنتيجة أقول إن الكتابة بالنسبة لي هي رفض الصمت وإعطاء الكلمة بعدها الثقافي والتاريخي.

    * : جاءت في جوابك أشياء يمكن التعامل معها كمفاهيم وكجميع المفاهيم هي طبعا نسبية. فرفض الصمت في فترة معينة كان هو فلسفة طلائع المجتمع والنخب, وفي مرحلة أخرى بدأت هذه الطلائع تنادي بأشياء أخرى. فمن رفض الصمت والكفاح والنضال عبر القصيدة إلى تبني الأشكال الحديثة في الكتابة, إلى الدفاع عن شكل النص وتوتراته. فعندما أتأمل مسارك يقودني تأملي إلى استفسارك حول مفهوم من المفاهيم الأساسية والتي تؤمن بها وتمارسها بشكل من الأشكال سواء في كتابتك الشعرية أو الروائية, هذا المفهوم هو الحداثة في الشعر على الخصوص, على اعتبار أن العديد من الجوانب في حياتنا لا حداثة فيها.

    ** : هذه العناصر أو المفاهيم التي تحدثت عنها أجدها في العمق مرتبطة فيما بينها. لأن الصمت ليس هو فقط نقيض الخطاب أو تناول الكلمة, إنه بالنسبة لي نوع من التكوين بالفهم التوارتي فعندما خرجنا من الاستعمار كانت المخيلة والعبقرية المغربية مجرد مشروع. والاستعمار حاول أن يمس هذا المشروع. لكن مشروع الإنسان المغربي المتعدد بدأ بعد الاستقلال. فالحركة الوطنية لم تضطلع بالمسألة الثقافية كما أسلفت. فإذن رفض الصمت يمكن ربطه عندنا بالحداثة والتحديث. فما عبر عنه في تلك المرحلة هو جسد مغربي وذاكرة مغربية وحساسية مغربية جديدة تماما وحديثة تماما. فقبل الاستقلال كان التقليد هو المسيطر في جميع المستويات. فرسم الولادة عندنا في المغرب كان حداثيا أكثر, أدق مما نسميه اليوم بالحداثة. لأنه نحت جسدا وذاكرة وكتابة ليس من العدم, ولكنه عملية تكوين.

    أما عن موضوع الحداثة كما طرحته, فهذه مقولة وصلت إلى حد الاستهلاك بعد عقدين أو ثلاثة من تناولها المستمر. أنا شخصيا أقول بدون تحفظ أن الحداثة لم تعد تهمني, , وحتى عندما طرحت في وقتها المبكر لم تكن لتعنيني نظرا للمنهج الذي طرحت به. الحداثة كما طرحناها نحن في المغرب خلال الستينيات كانت عينية وملموسة. لأن الأمر في تلك المرحلة من استرجاع الكرامة الوطنية كان يتعلق بأمر أن نكون أولا نكون فكريا وثقافيا وأدبيا. القطيعة بالنسبة لنا لم تكن شكلية. كانت قطيعة من أجل الوجود وخوض المغامرة الإبداعية انطلاقا مما كان قد تراكم عربيا ودوليا في هذا الحقل. أقولها من جديد, الكتابة كانت تعني لنا التكوين, نحت الإنسان الذي كنا نصبوا إليه, إنسانا جديدا متحررا من السيطرة الاستعمارية ومن كل ما كان يمت بصلة للتقليد, من كل ما كان ينفي عنا خصوصيتنا وتفردنا. كان الرهان هو أن يصبح المغرب (كفضاء جغرافي وإنساني وكعمق تاريخي) موضوع وبؤرة إبداع جديد كل الجدة, بدون أي عقدة وبدون أي استعلاء طبعا.

    إذن المقياس الذي أقيس به الحداثة هو ماذا يقدم كاتب معين في لحظة تاريخية محددة. هل يطور الأدب? هل استوعب لحظته وشرطه الثقافي? ثم من يحدد الحداثة? بأي سلطة? بأي آلاء? فأنت تلاحظ أن كاتبا أو شاعرا معينا يأتي ويقرر الحداثي من غير الحداثي دون وجه حق. في اعتقادي أننا قضينا الكثير من الوقت في النقاش الطويل العريض حول مفهوم الحداثة, وأنا أطالب بالرجوع إلى النقاش حول الأدب نفسه, ما هي مؤسسات الأدب? ما هو الأدب الذي نحن في حاجة إليه اليوم? تقييم ما أنتج لحد اليوم في حقلنا الأدبي, الاتفاق على الأقل على بعض القيم المرتبطة بالعملية الإبداعية. هذه هي القضايا التي تشدني شخصيا. ملاحظة أخيرة في هذا الموضوع. علينا الآن أن نقيس خطاب الحداثة المألوف بنتائجه. منها الإيجابي وهذا ما لا غبار عليه ولكن هناك أيضا السلبي, أنظر مثلا للانتاجات الغزيرة التي توضع تحت شعار الحداثة. لقد دخلنا الآن مرحلة تحولت فيها روح المغامرة التأسيسية إلى نوع من الردة: اعتماد قاموس لغوي متشابه, طغيان النزعة التجريدية, السقوط في بلاغية شعرية من نوع جديد تفوح منها رائحة القديم, النفور من الواقع باعتباره موضوعا يسيء للشعر, التباهي بالغموض كشرط من شروط الخطاب الشعري, إقحام الفكر والخطاب الفلسفي كعنصر مرافق لازم ل<<عمق>> الرؤية وهكذا دواليك. ونتيجة لكل هذا فشعرنا بدأ يفتقد تلك الشحنة الحيوية وذلك الصدق اللذين بدونهما لن يستطيع أن يصل إلى الناس, من هنا <<أزمة>> القراء التي نتباكى عليها.

    * : مسألة الحداثة مسألة إشكالية, لماذا? إنها تمارس في حياتنا بشكل جزئي. الحداثة في حياتنا مليئة بالتشوهات. خطابنا حولها سليم, لا أنكر هذا. ولكن كيف تمارس وتعاش هذه هي المسألة. وقد تحدثت عن الحداثة في الشعر لأنه الممارسة الوحيدة التي يسمح لها بأن تكون حديثة, عكس الفكر الممنوع من أن يكون حداثيا فمنذ تاريخنا العربي القديم وهذه المسألة حاضرة. فالشاعر يفعل ما يشاء وبكل حرية. يدخل على الخليفة أو الأمير ولحيته تقطر خمرا. لكن لو قام مفكر بنفس الشيء لقتل عند باب قصر الخليفة.

    ** : يحدث هذا ربما لأن وظيفة الشاعر ظلت تقليدية في العالم العربي حيث الشاعر تقليدي بالمعنيين: بمعنى الارتباط بالسلطة والمبايعة لها, هذا شيء موجود بأشكال متعددة مبطنة أحيانا وظاهرة أحيانا أخرى. ثم بحكم هذا التعامل مع السلطة هو نوع من الاحتقار للشاعر. إذن وظيفة الشاعر مازالت إلى حد بعيد تقليدية ولهذا ليس هناك احترام حقيقي له في بعض الأوساط, ويرافق ذلك عدم الوعي بخطورة الشعر في قلب الموازين ووضع الأصبع على القضايا الحساسة.

    إضافة إلى أنني لا أتفق مع الفصل القاطع بين الكتابة والممارسة الاجتماعية. تجد شعراء في حياتهم المدنية ليست في مستوى شعرهم. لنأخذ شعر نزار قباني, إنه شاعر كبير ولكن مضامينه تذهب في اتجاه معاكس للحداثة كما أتصورها. فهو لم يستطع التخلص من النظرة الماشية Machiste, الرجولية تجاه المرأة. في شعر قباني توجد ذكورية مفرطة. وهذا عنصر ينتمي بوضوح إلى الماضي. وإذا أخذنا المغرب كنموذج سنجد أن هناك قضايا عدة مثل : الديمقراطية, التحديث, حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة, المساواة ...الخ لا يمكن لهذه القضايا أن تبقى موضوعة على الرف ولا تجد لها صدى يذكر في كتابتنا, إننا بصدد معركة متعددة الأبعاد, لكن أدبنا يحوم حولها دون أن ينصهر فيها ويصبح أحد المتصارعين والفاعلين فيها. كيف يمكن تجاوز هذا الوضع? يتم ذلك في نظري مثلا عن طريق الالتفات إلى مادتنا الأساسية التي هي اللغة فكل لغة فيها أفخاخ, ومجموعة من التراكيب هي في العمق ضد المساواة والحداثة. وذلك يتطلب يقظة خاصة من طرف الكاتب تجاه اللغة ليفرز الأشياء المناقضة لتوجهاته.

    * : لقد ربطت بشكل فكري بين الحداثة وبين أداة قد تبدو شكلية في نظر البعض. إن الشاعر الحداثي, أو على الأقل الذي يستوعب الحداثة بكل ملابساتها, هو الذي يسعى بلا انقطاع إلى تفجير اللغة حسب تعبير أدونيس. ومادام عصرنا هو عصر الأفكار, ألا تسعى إلى تفجير اللغة والأفكار وأنت في طريقك إلى النص الشعري?

    ** : أنا أتفق مع أدونيس في موقفه من تفجير اللغة, شريطة أن نكون منطقيين مع أنفسنا ونذهب إلى أبعد حل في الموضوع, فرغم أننا ننادي بتفجير اللغة, فإننا في العديد من التجارب لازلنا نتعامل بكثير من الخجل مع اللغة وكأن طابعها القدسي مازال قائما, ليس في الواقع المعاش ولكن أيضا في ذهن الكاتب. ومما يشد البعض أكثر إلى هذا التعامل هو اعتبار آخر بموضع اللغة ضمن الهوية, إذ يضعون اللغة في مركز الهوية ويحددون هذه الأخيرة باللغة قبل كل شيء. هذا التحليل قد يجوز على المستوى النظري وله دون شك وجاهته عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الهوية المهددة. لكن, بالنسبة للكاتب وبالتحديد خلال عملية الكتابة, فتبجيل اللغة والمبايعة المستمرة لها, قد يصبح خطرا قاتلا. أعتقد (وهذا ما أمارسه على أية حال) أن علاقة الكاتب باللغة هي في كل الحالات, وكيفما كانت اللغة التي يكتب بها ( لغة الأم أو الأب, لغة <<أجنبية>>) علاقة صراع أولا بأول. فاللغة, وإن كانت تعتبر تراثا, تفرض عليك دائما, وتفرض عليك جاهزة, بقاموسها ونحوها وبما وضع فيها مجتمعك عبر التاريخ من مضامين وإيديولوجيات ونظرة للعالم والكون والعلاقات الاجتماعية... الخ أن تكون الوريث هذا شيء, لكن أن تكتفي بالإرث هذا شيء آخر. اللغة تحمل إذن في طياتها أكثر من قيد, والكاتب الذي ينزع للحرية والتجديد والمغامرة, عليه أولا أن يكسر تلك القيود لأن رهانه الحقيقي هو ابتداع لغته الخاصة التي يستطيع من خلالها تمرير ذلك الخاص والفريد الذي أسلفته في مستهل حديثنا. وإن لم يستطع إلى ذلك سبيلا في لغته الوطنية فأرض الله اللغوية واسعة. هذا ما فهمه مثلا العديد من الكتاب ككونديرا Kundera, وإمانويل بيكت وغيرهما. معبرين بذلك على أن الأهم في الكتابة ليس بالضرورة اللغة بل ما سينتج عن الكتابة من إنجاز في معرفة النفس البشرية وحيل التاريخ وفي الاقتراب من اللغز الذي تطرحه علينا الحياة والموت بكل قسوة. لنتنبه لشيء بسيط : أننا عندما نقرأ دوستويفسكي مثلا, مترجما بالضرورة, لا يهمنا كيف كتب بالروسية. الذي يشدنا إلى أعماله هي لغة فوق اللغات استطاع من خلالها أن يجعل من الإنسان الروسي في مرحلة من تاريخه الإنسان الكوني, شبيهنا وشقيقنا.

    * : تحدثت قبل قليل عن آفة من آفات الشعراء الكثيرة, وهي ابتلاعه من طرف السلطة. وكنت من المثقفين الأوائل الذين رفعوا صوتهم ضد هذا الابتلاع. فعلى الكاتب أن يحافظ على استقلاليته وعلى هامشه الخاص والصغير. فأخطر آفة في رأيي هي آفة المسايرة والانقياد إلى الدارج والسلطة. كيف ينقذ الكاتب نفسه من هذه الآفة? هل عليه أن يهتدي بحقيقة الأشياء أم ينصت إلى أصوات نفسه, أم ماذا?

    ** : المسألة بسيطة. إذا كان الشاعر يبايع السلطة فهو شاعر ميت. وهناك العديد من الوقائع القديمة والحديثة تبين مصير الشعراء والكتاب الذين ربطوا مصيرهم بالسلطة. فالطاقة الإبداعية تتلاشى وتزول بالولاءات. لا يمكن أن نكتب بدون القيام بالثورة على الأوضاع وعلى الجامد. الكتابة احتجاج مستمر, هي معركة دامية أحيانا مع الواقع. فبدون هذه البذرة التمردية أو العصيانية لا يكون الشعر. أنا مثلا عندما أتأمل الإنتاج الأدبي العربي والعالمي أجد أن صنف الشعراء <<الصعاليك>> هو الأقرب من مزاجي. الشاعر الصعلوك هو الذي كانت له القوة لاعتزال قومه ومن ثم بناء قيم أخرى تخصه كشخص. وهذه الاستقلالية عن كل ما هو مؤطر ومتعارف عليه, عن أية منظومة جاهزة أعتبره أساسيا في الكتابة. وما يهمني هنا هو نوعية المسعى وليس الجانب الاجتماعي في المسألة. فأنا حيوان اجتماعي كما يمكن أن يلاحظ وليس لي ميل استثنائي للعزلة. ولكنني أحرص فوق كل شيء على استقلاليتي, تلك الاستقلالية التي تريد كم جهة أن تسلبها

    مني : القبيلة , الحزب, السلطة... الخ. وهذه المسألة ليست سهلة ففي مجموعتي الشعرية <<شجون الدار البيضاء>> أطرح مثلا ضمن المعارك المطروحة عندنا, معركة الانتماء (وهو تعبير آخر عن الهوية). لماذا لا يمكن أن ننظر إلى المسألة بشكل مختلف أو على النقيض : الانتماء. أليست هذه معركة قيمة وجديرة بالتضحية? فالانتماء على قسوته ومخاطره قد تكون التجربة الضرورية التي تمنح فيما بعد للانتماء عمقه وصدقه وحريته التي يجب أن نبقى دائما حريصين عليها.

    * : فئة الشعراء اللامنتمين قلة في العالم العربي بسبب إغراءات السلطة المتعددة والمتنوعة. إضافة إلى إغواءات الشهرة, أو بالأحرى إغراءات ما سماه <<ساراماغو>> بـ<<خواء الشهرة>>.

    ** : الهامش بالنسبة لي هو المركز. أن تكون في الهامش ليس معناه أنك هامشي. أنك بالأحرى مهمش بحكم طبيعة السلط عندنا التي تفرض عليك هذا الوضع. لكن هامشك هذا هو الذي يسمح لك بأن تمارس حريتك وحقك في النقد, وأن تكون جديرا بوظيفتك ككاتب ومثقف. إنه في آخر المطاف الموقع الأخلاقي الوحيد المتاح إليك في واقع سياسي ومجتمعي لم يعترف فيه لحد الآن بالإبداع كحقيقة مضافة فبالأحرى كغذاء حيوي. إنه المنفى الداخلي الذي يجب أن نكف نحن على اعتباره مأساة قاتلة فربما كان حظنا إذ أنه يسمح بالتركيز على الأهم في الإبداع : الحضور, التيقظ, الحرية, الجهد المستمر والمعاينة الدقيقة للذات, النفاذ إلى الجوهر ونبذ المظهر, نحت اللغة وإعادة نحتها حتى تصبح لغتك أنت بالتحديد, صوتك المتفرد.

    * : دائما عندما نتحدث في مجال الأدب نجد أنفسنا أسرى لبعض المواضيع التي اعتقدنا أننا ناقشناها وانتهينا منها, من مثل هذه القضايا مسألة الآخر, القارئ. ففي <<شجون الدار البيضاء>> و<<الشمس تحتضر>> يحضر لديك هاجس الحوار مع الآخر الذي هو القارئ في هذه الحالة. فأنت تقوده من يده وتطور معه أفكارك ولغتك. الشيء الذي يجعل من قصيدتك مليئة بالطعم, وكلما كثر الطعم, كثر الصيد.

    ** : المسألة منطقية فنحن نكتب بالمادة الإنسانية لهذا الآخر, نكتب معه ومن أجله. وعندما تكون الكتابة حضورا استثنائيا في الوضع البشري وضمن قضايا الإنسان على أرض الواقع الإنساني بكل تجلياته. يكون لها أوفر حظ بأن تكون خلاقة وبأن تصل الكاتب بالآخر, الشعر لا يأتي من السماء, بل ينبت من التربة ويصعد الأرض, وطننا الأوحد. رغم أن الكتابة هي أيضا بنت العزلة والوحدانية. عندما تكون أمام صفحتك البيضاء لن يأخذ بيدك أو يشفع لك أحد. لكن تلك العزلة بدورها مليئة بالحضور الإنساني, بكل ما ادخرته خلال تجوالك وتأملك ومعاينتك لتجليات الحياة. عندما تكتب فإنك إذن في نوع من الحوار الصامت مع الآخر, إذن مع القارئ المحتمل.

    لهذا فإن الكتابة بدون قراء عملية مبتورة. زد على ذلك أنه عندما ينشر النص, فإنه يبدأ مغامرة ثانية لا تتحكم فيها أنت. إنها مغامرة تتم عبر القراء القراءات المتعددة. وهذا أجمل ما يمكن أن يحدث للنص. فكل قارئ يأتي إليه بحاجيات وتساؤلات وحرقة وجراح ورغبات أيضا. وهذا ما يسمح للنص بأن يصبح متعددا ومواكبا للحاجيات الإنسانية عبر الزمن. كل ذلك يجعلني بصراحة غير مستاء لكوني كاتب.

    * : عندما قرأت <<شجون الدار البيضاء>> ترسخ لدي انطباع بأنك تبدأ الكتابة والخلق بدافع غامض, بشيء ما ينقصه الوضوح, إلى أن تنتهي إلى تشكيل قصيدة. هل الكتابة دائما خلق من عدم?

    ** : عندما أكتب أواجه ليل الكلمات. أتأمل هذا الليل, وفج-أة تظهر نجمة معينة تقودك إلى طريق أو مسار معين. نحن لا نكتب بالواضح, ولو كان الأمر كذلك لكتبنا مقالات وتحاليل. إننا نكتب ما هو غامض فينا. وما هو مستعص علينا في الواقع وفي الذات. وما هو صامت فينا, على اعتبار أن مادة الكتابة هي الصمت, هي الصراع مع الصمت القاتل. وعندما ينفجر الينبوع يخلق عالم مدهش من الكلمات واللغة والخيالات والأفكار. وهذه من معجزات الكتابة. وقبل الآخرين يفاجأ الكاتب بما حصل وتشكل أمامه فيتأمل نصه بنوع من القلق.

    * : ارتبط اسمك في المغرب بالكاتب الجسر الذي يربط العلاقة ويقيم الحوار بين حضارتين وأنت تقوم بذلك إلى جانب شعراء وكتاب آخرين من الأشقاء العرب : أدونيس, كمال أبوديب, إدوارد سعيد, محمد بنيس... الخ. كما أن اسمك ارتبط بإنجاز الأنطولوجيات الشعرية وترجمتها إلى اللغة الفرنسية. وهذا نوع من الحوار بيننا وبين الآخر. فبعد أنطولوجيا الشعر الفلسطيني شرعت في إنجاز أنطولوجيا الشعر المغربي بالعربية والفرنسية والأمازيغية. وهذا إبحار في مياه عميقة وصعبة. أريد أن أعرف الخلاصة.

    ** : لا يمكن أن نتحدث عن خلاصات. الأنطولوجية التي اشتغل عليها منذ ثلاث سنوات هي بمثابة قراءة شخصية للشعر المغربي بكافة لغات تعبيره منذ استقلال المغرب وإلى الآن. ورغم ذاتها فإن قراءتي هذه هي قراءة موجهة للآخر وبالتالي فإني أعتبرها خدمة لهذا الشعر الذي يستحق أن يعبر الحدود ويلتحق بما هو حي في الشعر المعاصر بعامة. وأريد أن أؤكد هنا أن شعرنا يحتوي على أصوات كبيرة لا يهتم بها عندنا محليا فبالأحرى عربيا. وهذا ناتج محليا عن نزعة احتقار الذات التي سبق أن تحدثت عنها وعربيا عن النزوع, الذي وإن خف لم يختف بعد, إلى اعتبار أن القيم الإبداعية حكر على المشرق. وهي خرافة أكل عليها الدهر وشرب لكن انعكاساتها لاتزال قائمة وأعتبرها من أخطر المظاهر في واقعنا الثقافي العربي. ليس الغرب وحده الذي يرانا كهامش غير نافع بل أيضا مشرقا معينا منغلقا على أفكاره المسبقة وجهله بالآخر مدافعا بشكل عبثي عن احتكار بدون جدوى. إذن, العمل الذي أقوم به هو أيضا دفاع عن الحقيقة ووقفة بجانب المهمش المهدور الحقوق.

    أريد فقط, ليس من باب التباهي بما قمت وأقوم به أن ألفت الانتباه إلى ما أتمنى أن يصبح عندنا وظيفة من الوظائف التي على الكاتب أن يتحلى بها وهي خدمة الآخرين من زملائه. هذا يتطلب طبعا قراءة الآخرين وتتبع إنتاجهم ثم بذل الجهد من أجل تقريبهم إلى جمهور القراء. يجب أن يصبح ذلك نوعا من التقاليد الإيجابية عندنا عوض ما نلمسه للأسف من تجاهل وجهل متعمد بل من تحقير وتحامل أحيانا. إذا كنا نحلم حقا بالمجتمع المتحضر, فهذا يبدأ عندنا ككتاب بالإنصات للآخر والبحث عن مكمن القيمة والإبداعية المتميزة فيه.


    --------------------------------------------------------------------------------
    تصميم الحاسب الشامل

    --------------------------------------------------------------------------------





    نقلاً عن موقع نِزوى .
                  

01-22-2008, 11:50 PM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    بيان الأمل‎
    مهداة الى : عبداللطيف اللعبي

    كيف يتسنى لبسمة ٍ أن تختزل العالم
    للمسة يد ٍأن تطفئ عذاب جراحاتي‎
    لكلمة ترحاب عادية‎
    أن‎ ‎تدجّجني بالأمل ؟‎!

    يا فرحا يجلس قبالتي‎
    يضع رجلا على رجل ٍ‎
    يحيط‎ ‎وجهه بكفيه‎
    ويبتسم ْ‎

    خصرك أم يدايّ هما السبب ؟‏
    شعرك ِ عاديّ ٌ‏‎ ‎تماما‎
    في مسألة الحرب اختلفنا‎
    لا تطيقين بعض حماقاتي‎
    لا افهم سر بعض‎ ‎حماقاتك‎
    لكنما طول الوقت‎
    يهرع كل منا الى الآخرْ‎

    من غرفة بسيطة‎ ‎بملاءاتٍ مهترئة
    من همسنا المتواطئ‎
    نملأ العالم بالعشق ْ

    ‏( الخرطوم - 11 نوفمبر 1985 )‏
                  

01-23-2008, 00:46 AM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عادل عبدالرحمن)

    عادل يا حبيبى .....

    فجأة، وكما لحظة الكشف،
    ادرك أن كم كنت خالياً
    من الشعر الجيد،
    والخمر الجيدة،
    والأصدقاء الجيدين،
    وحبيبة لا تكن غير جيّدة .

    اللعبى دخلنى على حين غرّةٍ،
    أدركنى وأنا أعاضل رداءة الأيام،
    أبصقها برغم عطشى، وصحراء
    روحى المتّقدة بشواظ السأم.

    متمدِّداً فى قبر خيبتى يا عادل،
    وحدى، كم كنت وحدى، كم أنا وحدى
    فى هذا الزمن الحاد كالمدية .

    Quote: للمسة يد ٍأن تطفئ عذاب جراحاتي‎


    لو أن يداً إمتدت، لتغير الكثير
    من سيرة هذا العالم، لكنهن لا
    يتركن أيديهنّ إلآ عمراً واحداً فقط .


    شكراً للّعبى الذى أتى بك على .... "ملو وشّك"

    محبتى
                  

01-23-2008, 08:36 AM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    لغة أمي


    لم أر أمي منذ عشرين سنة
    تركت نفسها تموت جوعاً
    يروى أنها كانت تخلع منديلها
    كلّ صباح
    وتضرب به الأرض سبع مرات
    داعية على السماء والطاغية
    كنت في الكهف
    هناك حيث المحكوم بالأشغال الشاقة
    يقرأ في الظلال
    ويرسم على الجدران كتاب الحيوان
    ساعتان في القطار
    خلال ساعتين في القطار
    أعيد شريط حياتي
    دقيقتين في السنة كمعدّل وسط
    نصف ساعة للطفولة
    نصف ساعة للسجن
    الحب، الكتب والتشرد
    تتقاسم البقية
    يد رفيقتي
    تذوب بهدوء في يدي

    رأسها على كتفي
    بخفة يمامة
    عند وصولنا
    أصبح في الخمسين
    ويبقى لي لأعيش
    قرابة ساعة.
                  

01-23-2008, 03:41 PM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    عزيزى عبدالله شمس الدين
    شكرا على امتاعنا بعبداللطيف اللعبى الذى قرات له منذ
    عام 1995 ووجدت في شعره اللغة المعبرة المختزلة مع التكثيف
    فى البعد الشعرى للجملة
    شكرا لك على امتاعنا بقراءة هذا المناضل
                  

01-26-2008, 01:10 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: zumrawi)

    اللعبى ومن عاصروه من رفاقه المبدعين
    نحتوا حضورهم فى وجدان القراء من كل
    مناحى العالم، وبكل ألسنة الدنيا،
    كان قدرهم أن يسطع نجمهم فى تلك الرقعة
    الغريبة، وفى وقت تنامى فيه تصدّيق المبدعين
    لدعاوى الأنظمة حول إيمانها بالديمقراطية
    والحرية، والنماء وكانت النتيجة أن سكن السجن
    دماءهم، وأعمالهم، السجن الحقيقى، والسجن المعنوى، السجن
    المادى لأجسادهم، والسجن الأدبى لأعمالهم، لكن برغمٍ
    فقد خرجت إلى حناجر الجماهير، وإلى قلوبهم؛ حتى لو
    من البعيد، من منافيهم التى باتت أحنّ عليهم من الأوطان .
    اللعبى، منيف، مظفر، البياتى،الجواهرى وغيرهم هم روادنا.


    كل الود
    أخى زمراوى
                  

02-12-2008, 02:34 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    <>
                  

02-12-2008, 07:29 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    Dear Abdullah
    Thanks for this post
                  

03-04-2008, 07:18 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد اللطـيف اللّعُــبى .... (Re: Elmoiz Abunura)

    والشكر موصولٌ لك أخى المعز،
    برغم تأخر ردى عليك (لقهر
    الظروف).

    دمت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de