أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى]

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-21-2008, 09:24 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى]

    مالي أكتم حباً قد برى جسدي لمدينتي بل والله محبوبتي بورتسودان التي ليس يرضيني سواها ولا أبتغي بها بدلاً بالدار داراً ولا الجيران جيرانا وألا ليت شعري هل أبيتّن ليلة بديم جابر إني إذن لسعيد.
    لقد فرقت بيننا الأيام يا مدينتي يا سميرة روحي ووجداني وطال العهد بك ولم يعد لأفئدتنا المحزونة غير أن تقتات على شتات الماضي وعلى الخيال والأحلام والأمل والذكرى، أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى]
    بقلم / محمود دليل

    مالي أكتم حباً قد برى جسدي لمدينتي بل والله محبوبتي بورتسودان التي ليس يرضيني سواها ولا أبتغي بها بدلاً بالدار داراً ولا الجيران جيرانا وألا ليت شعري هل أبيتّن ليلة بديم جابر إني إذن لسعيد.
    لقد فرقت بيننا الأيام يا مدينتي يا سميرة روحي ووجداني وطال العهد بك ولم يعد لأفئدتنا المحزونة غير أن تقتات على شتات الماضي وعلى الخيال والأحلام والأمل والذكرى، أمل لقياك وذكرى أيامك ولياليك وشخصياتك وأحداثك ومغانيك وأزمع إنشاء الله أن أكتب عن كل ذلك في حلقات متتابعات تحت مسمى [أيام وليالي بورتسودان] لا للتوثيق فلست مثل مؤرخيك كضرار صالح ضرار ومحمد أدروب أوهاج بل للتعبير عن حنين طائر وحيد غريب كم قد هزّه شوقٌ إلى سكنٍ فبكى للأهل والسكن فهي إذن على سبيل الاستشفاء والتداوي بتناول جرعات كبيرة من الذكريات والوقوف على الأطلال التي تبكي الغيوم على عرصاتها والتمشِّي بنحو مراتع الطفولة والصبا أو كما يقول عبد الرحمن الريح على لسان حسن عطية :-
    لو إنت نسيت
    أنا ما نسيت
    نشأتنا الأولى
    أيام جهالتنا
    وزمن الطفولة
    فكأني الساعة أكتب ما يمكن أن يكون الحلقة الأولى ولتكن بعنوان [يوم في حياة مدينة بورتسودان].
    في ذلك اليوم البعيد في السابع عشر من نوفمبر عام 1962م كان الصباح قد أطل من وراء القرون ليجد المدينة قد أخذت زخرفها وإزيّنت والأعلام ترفرف في أعمدة الشوارع والأسواق وعلى واجهات البيوت والشركات والمصالح الحكومية والناس من كل حدب ينسلون نحو ساحة المديرية التي تجلّت هي الأخرى في أحسن ما تقدر عليه من زينة إيذاناً ببدء الاحتفال بعيد الثورة في عهد الفريق إبراهيم عبود.
    في مشية كبرياء وعزة وجلال تقدم السيد معتمد جبال البحر الأحمر والأميرألاي مصطفى الزئبق الحاكم العسكري للمدينة لتفقد قرقول الشرف ومن ثم صدحت الآلات النحاسية لفرقة [موسيقى البلك] بأشهر المارشات الحماسية من صناعة المرحوم القائمقام موسيقار أحمد مرجان مثل مارشات [كرري] و [زمن دنيا] و [سعيد خِشِنْ] و [ود الشريف] و [أربعة نوبة ميري] و [شلكاوي كبير] و [شلكاوي صغير] و [مندى] و [علي دينار] و [السلطان عجبنا] و [بنداوي] و [كريشاوي] و [جبلاوي] أو من صياغة المرحوم بكباشى موسيقار عوض محمود محمد مثل مارشات [سيريا] و [همجاوي] ومارشات المرحوم إسماعيل عبد المعين مثل مارش [الطير يحوم فوق الرمم] كما قد عرفنا تلك المسميات فيما بعد أما النغمات فقد كنا نحفظها بل نعرفها كما نعرف آباءنا وإخوتنا وأقراننا من طول ما تابعنا تلك العروض الخلاّبة في زمن الصبا الباكر.
    نعم على رنين وإيقاعات تلك الموسيقات العسكرية الحامية تحرك الطابور بالخطوة الاستعراضية يطأ الثرى مترفقاً من تيهه تحف به الجماهير الحاشدة لها ضوضاء وجلبة ومشت في المقدمة تشكيلات مشاة سلاح [البطارية 19] يلبسون جُبة التشريفة الكاكي المكوية سيف تعلو هاماتهم القبعات المزدانة بالريش الكثيف الزاهي ذو اللونين الأحمر والأخضر تليهم وحدات سلاح البحرية في زي الاستعراض الأبيض بالأزرق وتتقدم من خلفهم القوات الراكبة لسلاح البطارية 19 محمولة على أرتال من شاحنات بدفورد الضخمة تجر وراءها كوكبة من قطعات المدفعية المقطورة.
    وكان أفراد فرقة "موسيقى البلك" بقيادة المايسترو المرحوم العم عبد الله الصول يرتدون جلود النمر فوق زيهم الرسمي فهي الدهر تضفي عليهم أبهة ومهابة عجباً كيف لم يضع الزمن على صورهم وأشكالهم غشاوة فما برحت أراهم بوضوح بعين خيالي ينقرون بعصيهم الرفيعة تلك على طبلاتهم وينفخون في آلاتهم البراقة الصداحة الأعمام عبد الله أمان وجادين وعبد الماجد وعثمان الحوري وأبنعوف ودبشك ولد جادين وعثمان سعيد وحسن صفارة وعبد الله الأمين وعبد الرحمن عثمان والد صديقنا عثمان الحلبي وغيرهم رحمهم الله أحياء كانوا أم موتى.
    كان خط سير طابور الاستعراض يبدأ من ساحة المديرية ويتجه غرباً بمحاذاة جنينة البلدية ثم ينعطف شمالاً بشارع قهوة النصر حتى موقع تمثال عثمان دقنة في الركن الغربي لمبنى المجلس البلدي المطل على إجزخانة بيومي ثم ينثني غرباً بطول شارع الشريفة قلب المدينة الخافق بالحركة والحياة حيث تقع على جانبيه العديد من المعالم البارزة والنقاط الشهيرة مثل الجامع الكبير ومطبعة البحر الأحمر لصاحبها القطب الإتحادي الفخم المرحوم يحي القسين وحي الموظفين في بيوت الحجر قبالة الفنار حارة الأديب القاص دكتور أمير تاج السر وشركة باعبود للبواخر والملاحة والمدرسة الشرقية وحي السوق وحي العظمة وديم مدينة حيث مضارب وربوع الشاعر حسين بازرعة والشاعر وعازف الكمان عثمان ماقيت والفنان صالح حلمي والفنان التشكيلي الرسام أبو الحسن مدني هذا في الجانب الشمالي أما في الجانب الجنوبي فثَم بار الإغريقي ينّي وقهوة البرلمان ومطعم ناس طمبل وشركة المبشر ورئاسة الشرطة ونادي الخريجين ونادي الشبيبة ومجمع التربية البدنية والنقل الميكانيكي وديم بوليس ونادي شل ونادي العمال والمنطقة الصناعية حتى يعمل الطابور "إنصراف" على مشارف ديم عرب في الفضاء الذي يحتله الآن مبنى نادي فريق الثغر الرياضي حيث تصطف شاحنات كبيرة لنقلهم إلى معسكراتهم وثكناتهم.
    ما يزال ذلك الصبي الصغير يذكر بأنه في ذلك اليوم فيما كانت القوات تقترب من بنك باركليز وهي تحمل البندقية "مارك 4" كتفاً سلاح والسونكي الطويل في أعلاها يتلألأ في ضوء الشمس يكاد سنا برقه يخطف الأبصار وأرتال عربات المدفعية تتمخطر في تشكيل "قطار" وقد اختلطت أصداء المارشات بصليل صاجات النحاس ودوي الطبول وصرير أحذية الجنود على الأسفلت وكانت يومئذٍ مزودة في أسفلها بمثل حدوة الحصان وفي لحظة انفعال إذن إنتزع ذلك المواطن عمامته من رأسه ولّوح بها في عنف وهو يهتف في صوت متهدج "عشت يا سوداننا، عشت يا سوداننا" ويتوالى مرور عربات الكرنفال المغطاة بالزهور والأغصان وجريد النخل تتبعهم جموع الفرق الرياضية وأندية التربية البدنية.
    في تلك الأثناء يكون المعتمد والحاكم العسكري وكبار رجال المديرية يطوفون على المستشفى وعلى السجن العمومي يوزعون الحلوى والفاكهة على النزلاء ثم ينفلت الناس إلى [الحمام الإنجليزي] لرؤية عروض السباحة والقفز والغطس من سباحين مهرة مثل طاهيرو التكروني أو الهوساوي الذي كان يقطن في ديم تكارين الكائن بالقرب من حي الجنائن حي الأديب الراقي المهذب النبيل الصمت الرزين السمت دكتور عبد الله محمد سليمان بدر شاعر أغنية الفنان الطيب عبد الله :
    عود لينا
    يا ليل الفرح
    داوي القليب الانجرح
    خليهو يفرح مرة يوم
    طول عمره ناسيه الفرح
    وفيما تشرع كل السفن الراسية على أرصفة الميناء في إطلاق صافراتها المبحوحة في جو إحتفالي بهيج يسارع الناس للانتشار على شاطئ البحر لمشاهدة سباق القوارب الذي يقوم به صيادو السمك مثل عثمان هريدة صديق أخوالنا محمد سعد النور أبو لمبة وأحمد ومصطفى عبد الفراج وحسن إسماعيل ويضفي على الاحتفال المزيد من البهجة اشتراك قدامى السماكين مثل الأعمام أبو مدينة من ناس ديم سواكن والد أصحابنا أونور وحسن أبو مدينة والعم محمود أبو علي والد صديق الطفولة بمدرسة ديم موسى الأولية جيلاني محمود أبو علي ومحمد عثمان خميمي وصالح حبشي الماهر في اصطياد الأخطبوط وخميس بخيت أخو ناس الله جابو وأمين الدنقلاوي وتوفيق الذي لا يكاد يفارق منطقة الدريق والأخوان محمد و حمد أوكير والنور شقيق على مكرفس ومحمد موسى شقيق الأخ هارون موسى وأربعتهم من أبناء الحي في ديم جابر وكان المركب الفائز بالسباق في ذلك اليوم هو المسمى [الجمل] وهو من أملاك علوي العشي.
    وحوض السباحة أو الحمام الإنجليزي كما تسميه العامة هو من مخلفات الإنجليز وان طراز بناءه الفكتوري الفخيم وموقعه المرموق المطل مباشرة على الميناء والمتعرّض دوماً لنسيم البحر قد أغرى كل الحكومات اللاحقة بالاستحواذ عليه حيث أصبح في عهد النميري [كازينو البحر الأحمر] وهو اليوم [نادي الضباط] وماذا عساه يكون في غدٍ أما تجيب سيدي ؟!!
    ويكون مسك ختام اليوم عصراً في الساحة الشعبية التي تتحول إلى ما يشبه المربد أو الجنادرية أو سوق عكاظ فهاهنا حلقات الطرق الصوفية ينشدون أهازيجهم ويرجحنُّون مع إيقاعاتهم الجامحة وهناك عروض الفنون الشعبية: رقصة الكمبلا ورقصات الهدندوة والبني عامر وفي موضع آخر الجالية الهندية تشارك بفاصل من الغناء الشجي والرقص الشيق والحضارم يلعبون بالمزمار وفرقة أبناء الفلاتة تقدم رقصة الـ "بايا فَدا" المصحوبة بالغناء الجماعي وقرع عصي اللاعبين ببعضها البعض بينما هم يستديرون تارة نحو اليسار وتارة نحو اليمين بينما جلس العازفون في الوسط يضربون بشدة على طبول من صفيح ضربات سريعة متلاحقة.
    وفي تلك الدائرة العامرة حيث تنبعث أصوات الدلاليك والزغاريد تجمهرت نسوة جئ بهن من الديوم الجنوبية بقيادة المرحومة العمة [حاجة كنتوشة] يغنين أغاني التم تم مثل :-
    الليلة وين لي وين
    يا عيني أنا
    عجبوني كالو العين
    يا عيني أنا
    وأيضاً كذلك مثل :-
    طلعت القمرة
    الخير يا عشانا
    تودينا لأهلنا
    بسألوك مننا
    ثم يأخذن في ترديد الأغنيات التي تمجد قائد الثورة مثل [عبود يا جبل الحديد].
    بين المرح والسرور يلتف مندوبو الفرق والجاليات حول المنضدة التي يحف بها الرسميون حيث يشرعون في السحب عشوائياً من تلك المظاريف المغلقة المكتنزة بالجوائز المالية ويتوقف مقدار المبلغ المسحوب على الحظ فحسب وهكذا تتوالى الضحكات والتعليقات.
    وحقّ لبورتسودان ورب الكعبة أن تحتفل بثورة نوفمبر فقد تحقق لها من الإنجازات ما لا تخطئه إلا عين المبصر الذي نفسه بغير جمالٍ فلا يرى الوجود شيئاً جميلا ومن تلك الإنجازات تشييد مصفاة البترول وصوامع الغلال وتأسيس سلاح البحرية لحماية شواطئنا الطويلة على ساحل البحر الأحمر والتي تمتد لأربعمائة ميل من [بئر شلاتين] شمالاً إلى [رأس كسّار] جنوباً كذلك إنشاء شركة الخطوط البحرية السودانية "سودان لاين" والتي سرعان ما اتخذت سفنها سبيلها في البحر سرباً لو رآها الشاعر علي محود طه لهتف متعجباً وهو رافع من دهشةٍ بصرا :-
    يا ابن القباب الحمر
    ويحك من رمى بك
    فوق هذي اللجة الزرقاء
    من علّم البدوي
    نشر شراعها
    وهداه للابحار والإرساء
    كما تمت سفلتة شوارع المدينة مع تعهد نظافتها وغسلها وإنارتها وتشجيرها بأشجار النيم والنخل باسقات لها طلع نضيد واستمرت بستنة جنينة البلدية و "حديقة عبود" قبالة سينما الخواجة بشتى أشكال الورود والأزاهير الفواحة تتطاير حولها أسراب الفراشات والنحل الأنيق والأطيار ترفرف مغردة على أفنان أشجار الزونيا واللبخ والبرازيل والتمر هندي والحنة وجوز الهند فيما في الأمسيات تعلو وتهبط من النوافير زخات من الماء مختلف ألوانه فيه انتشاء للناس ولا سيما معشر العشاق والذين أحسب أن لسان حالهم يقول [على النجيلة جلسنا طربنا وإتآنسنا عن الهوى إتحادثنا].
    وتمادت سلطات البلدية في حسن صنيعها حتى أصبح لبورتسودان يومئذٍ مرأى وملامح المدن العالمية السياحية المليحة فهي والله قد غدت قاهرية الأطراف باريسية الحشا سويسرية العينين رومية الفم فلا غرو أن كان ناس الخرطوم يقصدونها لقضاء شهر العسل وكانوا يتخيرون تلك الأيام والمواسم بين أدبار الخريف وإقبال الشتاء حيث يخيم الغيم طوال اليوم والرذاذ لا يني يتناثر في سكون والنسيم الحلو يغدو ويروح رطبا رطبا وطالما شهد شارع الشاطئ إذن عروسين مسرورين متشابكي الأيدي يمران مر السحابة بطاء المشي لا يتحدثان إلا همساً وابتساماً لمثلهما يتغنى عثمان حسين من كلمات السر دوليب أن :-
    ريدتنا ومحبتنا
    وليالي هنانا
    إنشاء الله تدوم ونتهنى
    ونعيش في وفانا
    ومثل مواطنيه فقد كان الرئيس الفريق إبراهيم عبود مغرماً أيضاً بمدينة بورتسودان فخوراً بها وآية ذلك أنه كان يحرص أن يصطحب إليها كبار زوار البلاد مثل جمال عبد الناصر والرئيس اليوغسلافي تيتو والرئيس السوفيتي برجنيف للفرجة على معالمها والقيام بنزهة بحرية على متن اليخت الرئاسي الذي شيدت فيه أرضية كبينة الجلوس من الزجاج للتمتع برؤية الأسماك الملونة تسبح بين أرجاء الحدائق المرجانية متجاورات أو متفرقات أحادا من هريد وناجل وهامور وشاعور وبياض وعربي وشريفي وديراك وفارسي وجاجلوم وعيصموت وسيجان وبهار وهبابر وغيرها.
    بلى فإن سائر ربوع وأمصار السودان إن لم يصبها وابلٌ من رخاء عهد عبود فطل، وحسبه أن مظاهرات أكتوبر 1964 ضده لم تندلع من أجل السكر أو رغيف الخبز أو صفوف البنزين، كان زماناً رغداً وعيشاً بلهنياً ولذا فإن زمراً من الخضرجية والجزارين والتجار والمتسببين والمتسوقين ورواد المقاهي والمارة من المواطنين عندما شاهدوه يمشي في السوق في ضحى ذلك اليوم احتشدوا حوله مرحبين ملوحين بأيديهم ويهتفون [ضيعناك وضعنا معاك]!!
    الرب وحده من يعلم ماذا كان يدور بخلد الرئيس في تلك اللحظة المباغتة وثلة من الشعب الذي هتف ضده بالأمس حافين من حوله يهتفون له اليوم فهل يمكن أن تكون قد عبرت بذهنه في تلك الومضة بضع كلمات قالهن حسين بازرعة وغناهن عثمان حسين وإن لم يكن في مثل هذا الموضع :-
    كانت كنوز الدنيا ملكك
    وكنت لك
    ومعاً في جنّات الهنا
    مستقبلي ومستقبلك
    أم قد خطر على قلبه هذا البيت من الشعر لأحمد شوقي [بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنُّوا عليّ كرام].
                  

01-22-2008, 08:22 AM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Quote: لقد فرقت بيننا الأيام يا مدينتي يا سميرة روحي ووجداني وطال العهد بك ولم يعد لأفئدتنا المحزونة غير أن تقتات على شتات الماضي وعلى الخيال والأحلام والأمل والذكرى، أمل لقياك وذكرى أيامك ولياليك وشخصياتك وأحداثك ومغانيك وأزمع إنشاء الله أن أكتب عن كل ذلك في حلقات متتابعات تحت مسمى [أيام وليالي بورتسودان] لا للتوثيق فلست مثل مؤرخيك كضرار صالح ضرار ومحمد أدروب أوهاج بل للتعبير عن حنين طائر وحيد غريب كم قد هزّه شوقٌ إلى سكنٍ فبكى للأهل والسكن فهي إذن على سبيل الاستشفاء والتداوي بتناول جرعات كبيرة من الذكريات والوقوف على الأطلال التي تبكي الغيوم على عرصاتها والتمشِّي بنحو مراتع الطفولة والصبا


    شكرا لك أخي محمود دليل ونحن في انتظار الحلقة الثانية بشوق حار وجارف، التي تتحدث عن أدباء ومثقفي وفناني المدينة، وكذلك الحلقة الثالثة التي تتحدث عن المجرمين والرباطة المشهورين في بورتسودان، والمفاجأة المدوية في الحلقة الرابعة التي وعدتنا بها.
    احكي يامحمود ولا تبخل علينا عن الحي الرائع ديم جابر، أولاد شرف، أعمامنا مصطفى عبدالفراج وحسن اسماعيل وحسن شل، نادي الزمالك ومحمد خير وباب زنك والصيني وخلافهم، أولاد جاح عيسى، سليمان وأخوه عبداللطيف وصاحبه أزهري شارقمة, وازهري روشة وحاج بوش وهاشم ودالعز وعمر اللورد قبل ان تخطفه كوريا مونج، وكذلك استاذ السر واستاذ رجب والتاج الحكم.. والشاعر الرائع ابراهيم عمر وحسن عبود "جنابو" خريجوا مدرسة ديم برتي الرائعة.
    عرج بينا يا محمود على ناس مصطفى حاج جمعة ومحمدية وأيام العزف على ألة الكمان، ولا تسنى قصة تأسيس نادي المريخ من داخل الحي، وجنينة جوني وقصة حسين فضل مع إحدى حسناوات الحي.
    وأدلف بنا لو تكرمت مباشرة نحو أسرة "دليل" المشهورة، ابتداء من المرحوم عبدالوهاب، مرورا بعمر الصحاف، وام عواطف، انتهاء باللواء جدو دليل مدير السجل المدني.
    وأخيرا وليس آخرا... لا تنسى كوريا العجيبة!
                  

01-22-2008, 08:50 AM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Quote: وتمادت سلطات البلدية في حسن صنيعها حتى أصبح لبورتسودان يومئذٍ مرأى وملامح المدن العالمية السياحية المليحة فهي والله قد غدت قاهرية الأطراف باريسية الحشا سويسرية العينين رومية الفم فلا غرو أن كان ناس الخرطوم يقصدونها لقضاء شهر العسل وكانوا يتخيرون تلك الأيام والمواسم بين أدبار الخريف وإقبال الشتاء حيث يخيم الغيم طوال اليوم والرذاذ لا يني يتناثر في سكون والنسيم الحلو يغدو ويروح رطبا رطبا وطالما شهد شارع الشاطئ إذن عروسين مسرورين متشابكي الأيدي يمران مر السحابة بطاء المشي لا يتحدثان إلا همساً وابتساماً لمثلهما يتغنى عثمان حسين من كلمات السر دوليب أن :-
    ريدتنا ومحبتنا
    وليالي هنانا
    إنشاء الله تدوم ونتهنى
    ونعيش في وفانا
                  

01-23-2008, 08:29 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Up
                  

01-23-2008, 09:00 AM

haroon diyab
<aharoon diyab
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 23215

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    محمود دليل
    صباح الخير
    ودي تحية من كوريا مونج




    تحياتي
    هارون دياب
                  

01-23-2008, 11:03 AM

elnadeif
<aelnadeif
تاريخ التسجيل: 07-17-2002
مجموع المشاركات: 172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    هكذا تثرى الساحات . فهذه هي الاعمال المشرفة بحق وحقيقة بعيدا عن العويل والبكاء والضرب تحت وفوق وعبر الحزام... ادام الله عزك يادليل.
                  

01-24-2008, 12:11 PM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    وما تنسى يا محمود حي الشجرة ناس كوبري وترتار وحاج حمدو



    الكلام الجد
    رسالة سودانية من السعودية

    ماهر مكي
    كُتب في: 2008-01-24

    [email protected]


    تعقيبا على ما نشرته في هذه المساحة الاسبوع الماضي حول تكريم بورتسودان لنجم حي العرب السابق في عصره الذهبي عبد الرحمن كبرى وصلتني الرسالة ادناه من مجموعة فاعلة ومقدرة في مجال الصحافة والاعلام في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية واتشرف بهم وبرسالتهم الاولي فمرحبا بهم وبرسائلهم جيمعهم.
    الاستاذ ماهر مكي
    لك التحية والتقدير
    قرأت ما سطره قلمك عن ضرورة تكريم اللاعب الفذ عبد الرحمن كبرى الذي قدم من رابطة الديوم الجنوبية وبالتحديد فريق النسور حيث تشرفت بزمالة اللاعب وقتها منتصف السبيعينيات عندما كنت العب مع فريق القاش بديم كوريا.
    اضم صوتي لصوتك ونحن مجموعة من منطقة بورتسودان في السعودية يمكننا ان نساهم مساهمة مقدرة وفعالة من اجل انجاح هذا المهرجان .. وايضا بعض الاخوة في قطر من ضمنهم الاخ خليل ثاني والشاعر الكبير النور عثمان ابكر والروائى الرائع امير تاج السر وخلافهم من ابناء المدينة المنتشرين في بقاع الدنيا فما رأيك ؟ ارجو اعطاء رقم هاتفي للاخوة المنظمين لهذا المهرجان للتواصل معي وتقبل تحياتي
    الشيخ صالح الشيخ
    ننشر الرسالة كاملة مع رقم الهاتف مع استعدادنا لتسهيل المهمة اكثر والكورة في ملعب لجنة تكريم النجم عبد الرحمن كبرى ببورتسودان والزميل هاشم بابكر.

    ماهر مكي
                  

01-24-2008, 07:38 PM

haroon diyab
<aharoon diyab
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 23215

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: الشيخ صاح محمد)

    استاذ محمود دليل وضيوفه الافاضل
    مساء الخير
    طبعا نحنا ناس كوريا مونج ديل ضعيفين جدا قدام اي حاجةليها علاقة باللديوم الجنوبية....

    Quote: قرأت ما سطره قلمك عن ضرورة تكريم اللاعب الفذ عبد الرحمن كبرى الذي قدم من رابطة الديوم الجنوبية وبالتحديد فريق النسور حيث تشرفت بزمالة اللاعب وقتها منتصف السبيعينيات عندما كنت العب مع فريق القاش بديم كوريا.

    ومن منا ينسئ السهم الملتهب اللاعب الفذ عبد الرحمن كبري والذي اذا كان وافق ان يلعب لاتحاد جده في تلك الفترة التي انتقل فيها الي الهلال العاصمي لكان الان لايقل شان من ماجد عبد الله وسامي الجابر ....وكان وجد من الرعاية والاهتمام مايجعله علم علي راسه نار ....لكن هكذا ديدننا لانهتم بنجومنا عندما يأفلون من الملاعب.....وكم من اللاعبين انتهت بهم الحياة في اسواء الظروف العائلية لااتمني ان يكون كبري من ضمنهم او اي نجم من نجوم ذلك الزمن الجميل .
    تجدوني علي اتم الاستعداد للمساهمة في انجاح هذا الاحتفالية والتي اتمني ان تستمر لتشمل كل من قدم لهذه المدينة وعلي كل الفعاليات الشعبية ورجال الاعمال وابناء بورسودان في جميع الاصقاع التنادي لانجاحها ....ويمكنكم التواصل معي عبر الايميل:
    [email protected] او عبر الموبايل 009745510689 وانا علي استعداد للتنسيق مع ابناء بورسودان بالدوحة الكابتن نبيل الطيب ومحمد الصافي زملاء الكابتن كبري في حي العرب لتقديم ماترونه مناسبا لانجاح هذا المهرجان والذي اتمني ان يكون نقطة الانطلاق لتكريم جميع الرياضيين ولايجب ان ننسئ او نغفل نجمنا الكبير الطاهر حسيب ورفيق دربه النجم الخلوق عبد الله اوهاج ......
    ساعود بمزيد من التفصيل
    شكرا محمود دليل ....شكرا الشيخ صالح ....شكرا ماهر مكي
    التحايا النواضر
    هارون دياب
    الدوحه -0 قطر
                  

01-24-2008, 01:01 PM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    وأنظر يا محمود ماذا كتبت المشاهير اليوم:

    افتتاح طريق عطبرة/ هيا / يورتسودان امام حركة المرور الاثنين القادم

    سيتم افتتاح طريق عطبرة هيا بورتسودان امام حركة المرور اعتبارا من يوم الاثنين القادم المرافق الثامن والعشرين من الشهر الجارى
    وقال المهندس حامد وكيل مدير الهيئة القومية للطرق والجسور فى تصريح لوكالة السودان للانباء ان اعمال التشييد للطريق قد اكتملت و سيتم السماح لمرور الشاحنات والبصات والمركبات العامة بسهولة ويسر
    واضاف سيادته ان الطريق تم تشييده بمواصفات عالية الجودة وانه يساعد فى تقصير المسافة بين الخرطوم وبورتسودان ب 400 كيلو مترا من الطريق القومى القديم (الخرطوم / مدنى/ بورتسودان مشيرا الى ان هذا الطريق يعتبر ايذانا لبدء مرحلة جديدة لتاريخ الطرق بالبلاد
                  

01-24-2008, 08:59 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: الشيخ صاح محمد)

    عزيزي (أبو الزفت) تحياتي
    شكرا لنقل هذا المقال الجميل لكاتبنا الرائع محمود دليل الذي سعدنا بأيامه معنا في مدينة ينبع البحر ، لسنوات طويلة . نحن موعودون بمتابعة شيقة في الحلقات التالية . وهذه الحلقات أيضا تنشر بجريدة الخرطوم كل يوم سبت .
    مودتي لك . وتحياتي للأستاذ محمود دليل
    محمد جميل
                  

01-27-2008, 11:49 AM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: الشيخ صاح محمد)

    Quote: تخفيض تذاكر(الخرطوم -بورتسودان) بافتتاح طريق هيا غداً

    اعلنت غرفة البصات السفرية باتحاد غرف النقل عن تخفيض اسعار تذاكر السفر ما بين الخرطوم -بورتسودان من (49 الى 46) جنيهاً ابتداء من يوم غد الاثنين عبر الخط الجديد (عطبرة _هيا _بورتسودان) والذي يختصر المسافة بنحو (400) كيلو متر عن الحالي.

    وقال رئيس غرفة البصات السفرية احمد علي عوض لـ(الرأي العام) امس ان الغرفة قررت تخفيض اسعار التذاكر من الخرطوم الى بورتسودان وبالعكس الى (64) جنيهاً عبر الخط الجديد والذي سيفتتح يوم غد الاثنين بدلاعن (94) جنيها مضيفا ان عددا من الشركات سوف تدشن سفرياتها عبر الخط الجديد، واشار الى ان الطريق الجديد يتوقع له ان يسهم في تقريب المسافة ما بين الخرطوم وبورتسودان عن الطريق الحالى (الخرطوم _ مدنى_ بورتسودان) ويسهم في تقليل الضغط عليه




    نقلا عن الرأي العام


                  

01-24-2008, 11:33 PM

انتصار محمد صالخ بشير
<aانتصار محمد صالخ بشير
تاريخ التسجيل: 02-23-2005
مجموع المشاركات: 1288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Quote: مالي أكتم حباً قد برى جسدي لمدينتي بل والله محبوبتي بورتسودان التي ليس يرضيني سواها ولا أبتغي بها بدلاً بالدار داراً ولا الجيران جيرانا وألا ليت شعري هل أبيتّن ليلة بديم جابر إني إذن لسعيد.


    لى بديم جابر ذكريات طفولة لا تنسى بين اهلى وعشيرتى منتقلة بين ديم موسى وديم جابر وكوريا

    شكرا لبعث هذا الحنين من الزمن الجميل ياليت يعود يوما

    انتصار
                  

01-26-2008, 08:36 AM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Quote: اتمني ان يكون نقطة الانطلاق لتكريم جميع الرياضيين ولايجب ان ننسئ او نغفل نجمنا الكبير الطاهر حسيب ورفيق دربه النجم الخلوق عبد الله اوهاج ......


    شكرا أخي هارون دياب على هذه الروح الرياضية، واضم صوتي لصوتك فعلا حان الأوان لتكريم نجوم بورتسودان الأفذاذ، ويجب أن تكون للمغتربين من أبناء المدينة دور ومساهمة فعالة في التكريم، ولا تنسى الدوليون منهم مثل عوض حكام وعمر بين وشمس الدين، وكذلك روح النجم الفذ الذي لم تنجب ملاعب بورتسودان مثيلا له لاعب الوحدة آدم رحمة، ونحن في انتظار اتصال من اللجنة المنظمة بالداخل بخصوص تكريم بكري وسأنسق معك بخصوص كيفية الدعم.
    تقبل تحياتي
    الشيخ صالح
                  

01-26-2008, 08:48 AM

haroon diyab
<aharoon diyab
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 23215

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    الحبيب / الشيخ صالح
    صباح الخير
    Quote: شكرا أخي هارون دياب على هذه الروح الرياضية، واضم صوتي لصوتك فعلا حان الأوان لتكريم نجوم بورتسودان الأفذاذ، ويجب أن تكون للمغتربين من أبناء المدينة دور ومساهمة فعالة في التكريم، ولا تنسى الدوليون منهم مثل عوض حكام وعمر بين وشمس الدين، وكذلك روح النجم الفذ الذي لم تنجب ملاعب بورتسودان مثيلا له لاعب الوحدة آدم رحمة، ونحن في انتظار اتصال من اللجنة المنظمة بالداخل بخصوص تكريم بكري وسأنسق معك بخصوص كيفية الدعم.


    وانا في انتظارك ....لنقوم بواجبنا تجاه من زرعوا الفرح طويلا في نفوسنا .
    التحايا
    هارون دياب
                  

01-26-2008, 12:59 PM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Up
                  

01-26-2008, 03:00 PM

انتصار محمد صالخ بشير
<aانتصار محمد صالخ بشير
تاريخ التسجيل: 02-23-2005
مجموع المشاركات: 1288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    up
                  

01-28-2008, 02:51 PM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    هل تذكر نجيل ملعب بورتسودان الأسوأ في البلد كلها يا محمود؟ هذه المشكلة في طريقها إلى الحل النهائي، أقرأ معي ماورد في الرأي العام اليوم:

    وفد رياضى كبير يصل الخرطوم
    اتحاد بورتسودان يبحث اعفاء رسوم النجيل الصناعى مع المالية والجمارك
    وصل وفد رفيع يمثل اتحاد كرة القدم بمدينة بورتسودان وذلك من اجل التباحث مع وزارة المالية وادارة الجمارك في الاعفاء الكامل لمعدات النجيل الصناعي لاستاد بورتسودان والذى وصل فعلياً للميناء خلال الايام الماضية، وفي انتظار اجراءات التخليص والتسليم من قبل الشركة التركية المنفذة.. الوفد برئاسة الاستاذ عبدالخالق مبروك امين الخزينة والسادة محمد احمد ابوالقاسم وفيصل احمد عثمان وازهرى ابورباح ويتوقع ان ينضم لهم خلال اليوم السيد محمد ابراهيم حميدة سكرتير الاتحاد..

    وبعد الدور الكبير الذى بدأته حكومة الولاية في شراء النجيل الصناعي وبمبالغ باهظة تفوق المائتي الف دولار رغم امكانات الولاية الشحيحة فان الامل بات كبيراً في اعفاء كامل من الأخ وزير المالية والسادة ادارة الجمارك بقيادة الرياضى المطبوع سعادة الفريق صلاح الشيخ وعلى وجه السرعة حتى لا يقع الاتحاد المحلي تحت طائلة عقوبات التعاقد مع الشركة التركية بسبب التأخير في التخليص الذى من المتوقع ان يكتمل سريعاً لاهمية المشروع بالنسبة للرياضيين في المدينة وعلى رأسهم والي البحر الاحمر محمد طاهر ايلا واعضاء حكومته الموقرة..

    مما يجدر ذكره ان تكلفة تركيب النجيل قد بلغ مائتي الف دولار ساهمت بها حكومة الولاية كاملة ويقوم بالتنفيذ شركة «زوزوم» التركية والتى وقعت عقداً مع اتحاد كرة القدم ممثلاً في الاستاذ عبدالخالق مبروك امين الخزينة وتضم حكومة البحر الاحمر عدداً من الرياضيين على رأسهم عيسى كباشي وزير التربية والتعليم نائب الوالي المعتمد لمدينة بورتسودان والاستاذ سيدي قبسة والمعتمد بالولاية مولانا عوض الله ابراهيم وكان لهم دور كبير في هذا العمل العظيم..
                  

01-30-2008, 11:29 AM

الشيخ صاح محمد

تاريخ التسجيل: 11-27-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    up
                  

02-02-2008, 08:27 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الثانية]
    بقلم / محمود دليل

    كم ذا يخيل لي بأن بورتسودان هذه مدينة رزينة حييّة شديدة الخفر مثل عذراء بتول في خدرها ولذا فهي دوماً هكذا مطرقة الهامة تكاد لا تكلم الناس إلا رمزاً عن نفسها أو أعلامها أو مشاهيرها وإلاّ لو شاءت لنادت ربها نداءً خفياً أن أحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي بأنني طالما قد أجاءني المخاض إلى جذع نخلة الإبداع فوضعت بطني الولود ما وضعت من جموع المبدعين من هم قرة عين لي وللوطن فمنهم الأدباء والصحفيين والوراقين والشعراء وأصحاب صناعة الغناء والباحثين والرسامين والشطار والظرفاء والفكاهيين.
    فمن شعراء المدينة النابغة البورتسوداني المرحوم دكتور محمد عثمان جرتلي المرهف الرقيق الحاشية المتحبّب الذي كان يقول بأن الحسن لقلبه هو كالغذاء أو الكساء والذي دفنت أشعاره معه في قبره أو أمست رماداً في حادثة حريق منزله بحي "ترانسيت" ولا سبيل إلى جمع آثاره إلاّ إذا حصُّل ما تبعثر في صدور أصدقائه قبل أن يصيروا إلى ما صار إليه ويا حسرتاه على ذلك الإرث الثّر الذي لم يبق منه سوى النذر اليسير مثل قصيدة [غريب في عيد الميلاد] :-
    في ليلة الميلاد
    في هذا المكان الزاخر
    وحدي الغريب بحانة الأفراح
    أبكي حاضري
    قد مرّ أمسي بالسعادة
    وانطوى في خاطري
    وهناك محمد نور محمد شريف صاحب قصيدة [تأملات] إحدى مختارات كتاب [قصائد من الشرق] لحسان أبو عاقلة أبو سن وهناك النور عثمان أبكر صاحب ديوان [صحو الكلمات المنسية] والعم خوجلي أبو الجاز والد اللاعب الشهير عماد خوجلي الذي امتدح يوماً العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز بقصيدة له عصماء فأجازه جوائز سنية وأحسن صلته وهناك الشاعر الرومانسي حسين محمد سعيد بازرعة مؤلف ديوان [البراعم] و [سقط متاع] وصاحب أروع الأغنيات العاطفية آناء الخمسينات والستينات مثل [ليلة الذكرى] و [القبلة السكرى] و [حِليله الفرقة من بكرة] و [قصتنا] و [شجن] و [عازف الأوتار] و [أنا والنجم المسا] و [ليالي القمر] و [ناداني غرامك] و [لا تسلني] ولله ما أظرفه وما أرقه وهو يقول في المقطع الثاني لهذه الأهزوجة :
    لا تسلها
    فهي حلمٌ عابر
    طاف بذهني
    لا تسلها كم تعانقنا
    على رقّة لحن
    وقضينا الليلة الأولى
    حديثاً وتمني
    ودونكم الشاعر الكهل العم محمد الحسن ذلك السنجك الظريف المتصابي الذي يذكِّر المرء بنزوات [ود الريس] فقد كان يتعشق حسناء حديثة السن موظفة دولة قد شغفته حباً وإن كان من جانب واحد أوقف كل شعره عليها ومن قصائده فيها [يا الغرامك لي جسمي ناحل] التي تغنى بها أولاً عوض الجاك ثم خوجلي عثمان، تجرأنا وسألناه يوماً وقد جلسنا صدفة بجانبه في البص الصديق محمود أبو وأنا، سألناه بكل شقاوة المراهقين إن كانت تلك الصبية تعلم بأنه يحبها ؟!!
    فأجابنا كمن يستخف بنا وبقلة عقولنا [بورتسودان كلها عارفة معقول هي تكون ما عارفة] ؟!!
    وهل أتاك حديث الأديب دكتور عبد الله محمد سليمان؟! في حي الجنائن كان مولده وكانت هناك نشأته في كنف الخضرة والماء مهد الإلهام الأزلي فهو كاتب مجيد متقن غير أنه مقل في إنتاجه كأم الصقر وليس مكثراً كبغاث الطير، ومثلما تحمل كل نجمة ضوءها معها فهو بهذا الضياء الخاص يعيش راغباً عن أضواء الشهرة وهو بعد شاعر غريد وإن لم تشتهر له سوى قصيدة [ليل الفرح] للفنان الطيب عبد الله ولا تثريب عليه فالعبرة بالكيف وليس بالكم فعمرو بن كلثوم التغلبي كان من أصحاب القصيدة الواحدة [ألا هبي بصحنك فأصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا]. والشاعر السوداني المغمور الذكر إسماعيل عبد الرحيم هو صاحب القصيدة اليتيمة [ليلة اللقيا] أي - فؤادي بات هيمانا بخمر الحب نشوانا- ومهدي الأمين هو الآخر كم نام ملء جفونه عن قصيدته الوحيدة [في سكون الليل] وسهر الخلق جرّاها يستحسنونها وما بال شاعرنا مبارك عبد الوهاب إنه لم يقل سوى قصيدتين اثنتين فحسب ولكنهما كفتاه أما الأولى فهي:
    ظالمني وطول عمري
    ما ظلمتك يوم
    وتلومني يا قاسي
    وكان حقي ألوم
    وأما الثانية الأخرى فهي :
    حياتي حياتي أحبك أنت
    كحبي لذاتي
    أحبك أنت لحبك أنت
    معاني الحياة
    تلك القصائد الفرائد فطن إليها أحمد المصطفى وأدرك كنهها فهو يتغنى بها جميعاً، عن مثل عبد الله محمد سليمان إذن وعن مثل أولئك الشعراء المقلين يقول محمد المهدي المجذوب [لقد فرض الشعر سلطانه عليهم ولم يفرضوا أنفسهم على سلطان الشعر].
    وماذا أيضاً لو جلسنا ساعة نتحدث عن ذلك الأديب الحسن المنظر والحسن الجوهر لبهاه وأناقته المتناهية التي تسر الناظرين ولتوفره على مقدار وافر من صنوف المعارف والعلوم مع تمتعه بحسن البيان والتبيين، نعم الوجيه عبد العزيز الكابلي والد الفنان عبد الكريم الكابلي خريج كلية غردون والذي كان يعمل موظفاً بمصلحة الجمارك ثم بشركة جلاتلي والذي كان علاوة على علمه وأدبه رجل صالون من الطراز الأول وفناناً متعدد المواهب يضرب بالعود ويتغنى بالأغنيات السودانية والعربية مثل [يا جارة الوادي طربت وعادني ما يشبه الأحلام من ذكراك] ومثل [يا شراعاً من وراء دجلة يجري] كما اشترك في تمثيل مسرحيات "عطيل" و "تاجر البندقية" وأخرج مسرحية [تاجوج] ، وكان منزله قبلة نجوم المجتمع الذين يقدمون من الخرطوم فقد كان ينزل عنده الحاج الفنان محمد أحمد سرور وفضل المولى زنقار وإبراهيم عبد الجليل ومعاوية محمد نور ومحمد أحمد محجوب الذي كان يقول له مفتوناً به [تكلم يا كابلي أو غنِّ فهما سيّان]!!
    وهناك الروائي والشاعر المجيد محمد جميل أحمد همد من الجيل الجديد والذي أرى أن يُحشر الناس ضحى كي تفاخر به القبيلة البورتسودانية لنبوغه وغزارة ونضارة زرعه الذي استوى على سوقه يعجب القراء في الصحف والمجلات المحلية والخليجية والعربية والمنتديات الإلكترونية وكذلك لفوزه بالمركز الثاني في مسابقة [جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي] عن مركز عبد اللطيف ميرغني بروايته [بر العجم] في أكتوبر عام 2005م.
    وعسى أن أشير في الأسطر التالية ببنان الاستحسان إلى الأديب القاص الطبيب الشاب أمير تاج السر صاحب أحسن القصص مثل [مرايا ساحلية] و [نار الزغاريد] و [كرمكول] التي فرقعت قنابل الانبهار في سماء الأدب بكل ألوان قوس قزح كفرقعة الألعاب النارية.
    و إذ ما أمسيت "أنده" أسماء أدباء مدينتي فكأنني أرى الساعة كوكبة أولئك [الفرسان الثلاثة] وأسمع صهيل وحمحمة خيولهم، محمد صالح ضرار وقاسم صالح ضرار وضرار صالح ضرار أحد الشعراء "البستانيين" الذين عملوا على تشجير وتزهير وتجميل وجداننا البكر في المدرسة الأولية بمثل نشيده الجميل ذاك :-
    يا كناراً
    قد تغنى في القفار
    ينشد الألحان آناء النهار
    في حقول القطن زاهي الاخضرار
    أما هذين العلمين الفردين فهما الأديب الباحث المرحوم عبد القادر أوكير القاضي وصنوه المرحوم إبراهيم محمد حمو خريج مدرسة سواكن الابتدائية والموظف بشركة التلغراف الإنجليزي [الأيسترن] وصاحب الندوة الأدبية التي جذبت إليها كل من جاء إلى العمل في بورتسودان أو سواكن مثل أحمد عثمان القاضي وأحمد السيد الفيل وغيرهم فهم كثر.
    ومن أديبات البلدة الأستاذة نفيسة مصطفى الشرقاوي صاحبة إصدارات [خلجات] و [كان الحديث همساً] و [الصدى] و [همسات الوجدان] و [شموع تحترق]، ثم الكاتبة الوجدانية خلود مبارك كبيدة والصحفية المهاجرة شادية حامد إبراهيم.
    ومن الصحفيين والكتّاب أيضاً لواء "م" دكتور محمود قلندر والصحفي المتمرد دكتور سيد أحمد نقد الله الذي قال عنه إسماعيل العتباني أثناء عمله معه في جريدة [الرأي العام] قال: [ روّضت أكثر شاب متوحش في أفريقيا ] !! وهناك وما يدريك من هناك فيصل محمد صالح وهاشم مداوى الذي هجر الصحافة إلى السلك الدبلوماسي وماهر مكي وصالح محمد حجير وأستاذ عمر قبسا وعلي مختار المشرف على صفحة الأدب في مجلة الإذاعة آناء الستينات وشقيق لاعب الاتحاد عمر مختار وصهر الأخ عبد الغفار شريف أحد أعمدة الدبلوماسية الشعبية في مدينة جدة، هذا وثم ثلة من كتاب صحيفة الوطن السعودية والاقتصادية ناس الشيخ صالح وحسن أبو زينب ومصطفى شعيب من أسرة باجوري العريقة أصحاب قهوة [دي كايرو] الكائنة في سوق ديم تكارين أو حي الشجرة، في زمن الصبا الماضي بمدرسة ديم برتي الابتدائية عرف مصطفى شعيب بتسديداته القوية في مباريات كرة القدم ولذا فقد أطلق عليه أقرانه لقب [صاحب الصواريخ] ابتدع اللقب أخونا أحمد الجار.
    وفي المدينة نهضة مسرحية ظلت تؤتي أكلها كل حين منذ أن أنشأ السيد "حسين ملاسي" شقيق المناضل السياسي علي ملاسي، أول فرقة مسرحية في بورتسودان عام 1927 قامت بتمثيل مسرحيات :
    [الفارس الأسود] و[الذبائح] و[روميو وجوليت] و[أمير الريف] على خشبة مسرح نادي السواكنية بموقعه الفريد الراقي في الضاحية الشرقية لحي العظمة غير بعيد عن بيوت الدكاترة والاسبتالية وحي الممرضين وجنينة عبود أو حديقة الشهيد محمد الخليفة وسينما الخواجة والمدرسة الأميرية والمدرسة الأهلية التي كان حسين ملاسي أحد مؤسسيها ولله در النخلة الملاسية كم قد ساقطت علينا رطباً جنياً من مثل هذه الأعمال الخيرية أو من فيض قصائد شاعر الوطنية أيام الاستعمار حسب الله ملاسي أو روايات الأديب هاشم علي ملاسي مثل رواية [دموع الرجال غالية].
    ثم قدمت المدينة في مقبل أيامها أسماء من المسرحيين مثل أحمد البكري وسر الختم موسى أو الإعلاميين مثل محجوب محمد أحمد اللتاوي بالتلفزيون القومي وفي فن الكوميديا محمد عثمان شلة عضو فرقة الهيلاهوب وهو من أسرة فنية إذ أن أخواله من قدامى فناني بورتسودان وهما مصطفى وحسين فضل.
    وفي مضمار إبداعي آخر فهناك النحات والرسام الشهير ابو الحسن مدني والفنان التشكيلي عادل مبارك كبيدة شقيق زميل الدراسة بالمدرسة الأميرية الوسطى وفي بورتسودان الثانوية الحكومية خالد كبيدة وزميل العمل بمصفاة البترول الفتى الفيلسوف يعقوب كبيدة الذي كان يلقب بـ [سقراط].
    وإذ ما برحنا ندور في رحاب الطبيعة الحالمة وما تحتويه من زهور متبسمة وطيور مترنمة فهناك الفنان الانطباعي والمصور حسن حامد محمد هساي والذي له عدة معارض ومشاركات محلية وعربية ودولية كان أولها معرضه الشخصي الأول في القنصلية بجدة وكان بعنوان [من ربوع السودان].
    وإذا ابتغيتم يا هؤلاء أن تروحوا عن نفوسكم بأهازيج تتجملون بها فاستمعوا وانصتوا لما كانت المدينة تشدو به في لياليها من الغناء المطرب من كل صدّاح محسن للغناء ومخجل للطيور والظباء فممن برع في صناعة الغناء وأدواته عازفي الكمان عثمان ماقيت ومحمد يحي شمنقر وعازف الكمان مصطفى الحاج جمعة صاحب مقطوعة [القافلة] المسجلة بالإذاعة وكان قد بدأ التعلم على العزف مع أقرانه من صبية الحي في [ديم جابر] مثل الموسيقار محمد عبد الله محمدية وكمال إسماعيل وعمر مكاوي ونور الدين حماد وهو أعسر يعزف على الكمان بيده اليسرى.
    ومن المغنين المطرب المثقف صلاح محمد نور من أهل البر الشرقي والذي قام بتلحين وأداء رائعة محمد سعد دياب :
    "بدون أن ندري"
    "وبدون وعد منتظر"
    "نسج الزمان أميرتي"
    "أحلى حكايات العمر"
    والفنان الراحل صالح الضي قبل هجرته من بورتسودان إلى الخرطوم، كان يعمل نجاراً بالمنطقة الصناعية وكان يسكن في [ديم طردونا] مع فتية من أنداده من بينهم المرحوم [حسن شل] الذي صاهر أسرتنا فيما بعد وأصبحنا أخوالاً لعياله، ويحكى أن صالحاً في تلك الأيام قد داهمه الهوى من حيث لا يحتسب فصادف منه قلباً خالياً فتمكنا فقال في ذلك شعراً يُتغنى به مثل [يا عيني] و [يا جميل يا حلو] و [الدنيا الجميلة جماله وهم].
    لا عجب فقد كان مشبوب العاطفة شديد التشبُّب والتشبث بأحبته حفيّاً بهم شأنه شأن الشاعر علي محمود التنقاري إذ يقول في قصيدته [قلبي المأسور] للفنان الراحل محجوب عثمان :
    هم أنسي وسلوتي
    هم أزاهر روضتي
    وهم بواعث غبطتي
    وهم مرادي وبغيتي
    تصطفيهم مهجتي وفؤادي الأسروه
    وجار ناس صالح في [ديم طردونا] المرحوم هاشم ود الديم قد كان فناناً أيضاً اشتهر آنذاك بأغنية [القطار القام خلّى القليب حيران] عندما كنّا صغارا كنا نشاهده يأتي لزيارة خالنا [أبو لمبة] في ديم جابر وهو يركب مع أخيه محمد ود الديم في اللوري السفنجة الذي كتب عليه سائقه الصامت محمد عبارة [سر الفتنة] كمن يود أن يبوح تلميحاً لا تصريحاً أن:
    حبيت وانجرحت
    من أول حبيب
    كاتم السر ما بحت
    ورضيت بالنصيب
    ومن ذلك الجيل أيضاً الفنان المهندم العم محمد عبد الله بشير طوكراوي كان بالنهار يعمل سائقاً بالبلدية مع ناس والدي عليه رحمة الله، وإذا جنّ عليه الليل فهو المخلوق الرقيق الأنيق والعندليب الصدّاح بأحلى الألحان والأغنيات مثل: [يا منقة حدائق التاكا] و [لينا أيام ما شفناه مساء اليوم قابلناه] وهما من أشعاره ومن وحي تجاربه العاطفية الكثيرة المثيرة فقد كان صريع غوان تأسر هندٌ لبه وتسحر ناظريه بثينة أو الرباب ولذا فقد تعددت زيجاته ممن طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع، كما كان قد قام بتلحين وآداء أغنية :
    آخر عهدي بيهو
    يوم ودعني سافر
    يا ما بكيت عليهو
    وكان قد وجدها منشورة في مجلة الإذاعة وهي من كلمات إبراهيم عبد القيوم الذي كان يعمل حائكاً في سوق مدينة الأبيض وقد نازعه الفنان صلاح مصطفى في تلك الأغنية ولكن طوكراوي وجد من ينصره مثل الشاعر المحامي حسين عثمان منصور صاحب مجلة [الصباح الجديد] والصاغ آنذاك التاج حمد مراقب عام الإذاعة.
    وفتي [ديم المدينة] الوسيم صالح حلمي كان يتغنى من كلمات صهره عازف الكمان عثمان ماقيت بمثل أغنية:
    يا قمر يا قمر
    عودّت عيني السهر
    سافر وساب قلبي انحسر
    فاقد الدليل فاقد الأثر
    وعزاي في نغمة وتر
    تبكي وتقول
    آهـ يا قمر
    وعثمان ماقيت اليوم قد تديّن وباع الضلالة بالهدى وأصبح في جيش ابن عفان غازياً ولكنني ما زلت أذكر تلك الجلسة النادرة في منزله في حي "عنيكش" بمدينة جدة، وكان فرحاً مسروراً في تلك الأيام بزواج كبرى كريماته وبقدوم صديق عمره شقيقي الأكبر المرحوم عبد الوهاب دليل لأداء العمرة.
    في جو بورتسوداني عابق بغلالات البخور الزاكي العبير أكلنا الصيادية بالسمك وشربنا القهوة المظبوطة بالقرفة والحبهان والزنجبيل وفيما مضى ذلك الفنان يتغنى لنا وسط استحساننا ومشاركة بعضنا له فجأة تناول عثمان ماقيت العود منه وجسّ أوتاره وأصلح فيها ما شاء ثم اندفع يغني أغنية مشهورة من التراث البجاوي غناها بلغة الهدندوة التي يتقنها ومعناها كما ترجمها لنا وهو بين الضحك والطرب والابتسام [الجمل الأبيض ما تبيعوه ولو عاوزين تبيعوه شاوروني] وهي من الأغنيات المنسية للفنان الشعبي المرحوم آدم شاش صاحب أغنية [سوي الجبنة يا بنية في ضل الضحوية] أما صهر عثمان ماقيت الفنان صالح حلمي فهو الآخر قد هجر الرجز وطهّر الثياب واعتزل الغناء وأصبح مؤذناً "حسن الصوت" في مسجد ديم المدينة.
    الفنان المخضرم الزبير إبراهيم كان وما يزال يعمل بناءً اشتهر بأداء أغنياته الخاصة مثل: [أنا ليك وإنت ليّ بالناس ما عليّ] والفنان فاروق صديق فاز بالجائزة الأولى في مسابقة فنية بالخرطوم عام 1974 بأغنية:
    جارتنا بت حارتنا
    كبرت واتملت فتنة
    يمكن فيها قسمتنا
    وهناك طبعاً الفنان إدريس الأمير صاحب الشهير من الأغنيات مثل [سواكن] و [زاهي في زيك في وسامتك] وهناك أسير المحبسين فنان [ديم كوريا] الكفيف البصر المرحوم علي عبد الرسول الذي عُرف بترديد أغنيات صلاح مصطفى القديمة من كلمات الشاعر محجوب سراج مثل :
    أنا أحسن أوادعك وتوادعني
    ما دام حبك حيضيعني
    وأيضاً كذلك مثل هذه الأغنية من كلمات الشاعر المرحوم مسعد حنفي :
    هل تذكري نزهتنا
    في المقرن سوى
    بين الزهور
    نتساقى كاسات الهوى
    ومن حبّات ذلك العقد الفريد من المغنين قدامى ومحدثين الأخوين حسين ومصطفى فضل وعبد الرحمن أبا من حي الشاطئ وحداد الصائغ وحيدر بورتسودان ومحمد موسى "جاك" والفاضل بشير والتوم وعادل مسلم ومحمد عثمان "أماني" من ديم الحجر ومحمود أبّو والأستاذ عامر توفيق الذي كان في صباه وبداياته يعزف بالصفارة في الحفلات بين الفواصل الغنائية وطاهر الجاك العامل بشركة موبيل والذي نقش على عوده كلمة [مغرورة] وهي عنوان إحدى أغنياته لعله يشير إلى ملهمة عنيدة بعيدة المنال من اللاتي قال فيهن يزيد بن معاوية [من رام مِنّا وصالاً مات بالكمد] أو كما قال محمد عوض الكريم القرشي على لسان عثمان الشفيع:
    عشقته من نظرة
    وهو قلبه خالي
    كيف الطريقة
    البيها يتم وصالي
    وبعد إذ فعلت تلك الأوتار فعلتها باللب والقلب وأشعلت فيه النار من جمرة الحب نعرج الساعة إلى عالم الحقيبة إلى حيث الرق ونقراته ونقرشاته، فها هنا فرقة [أولاد سلبونا] ناس قدورة وعبد الحليم عبد الرضي أما شقيقهم الأكبر أستاذ الجغرافيا عبد الحفيظ فوددت لو أنكم سمعتموه معنا في تلك الليلة الأدبية بمدرسة بورتسودان الثانوية الحكومية عندما عزمنا عليه أن يتغنى لنا فتأبّى ساعة ثم حرّك لسانه حادياً :-
    يا أنة المجروح
    يا الروح حياتك روح
    الحب فيك يا جميل
    معنى الجمال مشروح

    كأن الفنان محمد أحمد سرور قد بُعث!!
    وهناك [فرقة ترانسيت] بقيادة أبو القاسم وعبد العظيم دوكة وفرقة ناس كرار ويعقوب وشريف خليط من أولاد سلالاب وسكة حديد وفرقة ناس آدم الفاضل وعبد الكريم البعيو وفرقة ديم جابر بقيادة الفنان عوض مكي وعازف الدربُكة عبده وعازف البُنقُز عثمان حواية شقيق عازف الكمان محمدية والشيالين عبد الوهاب عبد النبي وعبد الله حسن ركس وجارنا عز الدين محمد الله جابو و [كاتب السطور]، وهذا وثم فرقة أولاد [ديم سواكن] ناس أمين أبو علي وشيبة شبشب البشوش الخفيف الدم والظل وفرقة ناس جيفارا والتاج حمزة بين مضارب كوريا مونج وكوريا عرب.
    قيل بأن امرأة مسترجلة هي شيخة إنداية عندما علمت بأن البوليس قد داهم منزل صاحبتها وألقى عليها القبض وقام بدلق كل المريسة في الشارع قالت متغضبة متهكمة [البوليس قلب الحجر]!! ولكن أيتها العمة إن كان الأمر كما تزعمين فإن قلوب أفراد البوليس في بورتسودان إذن هي من نوع الحجارة التي يتفجر منها الأنهار وبعضها من النوع الذي يشقق فيخرج منه الماء وذلك لرقة قلوبهم ورقة أكبادهم فإنهم يغنون ويطربون الناس ولديهم فرقة جاز ولسلاح البحرية أيضاً فرقة جاز وكان مغني هذه الفرقة هو زميل الدراسة بالمدرسة الأولية حيدر عوض عبد الجبار كان وسيماً أنيقاً ضاحك المقلتين نبيل السواد لامعه طاغي الحضور كدونجوانات هارلم عليه رحمة الله حيث قضى نحبه عام 1978 في حادث غرق باخرتهم بين بورتسودان وجدة مع قرابة العشرين بحاراً من بينهم عوض زفتاوي من ديم كوريا ومحمد أبو بكر من حي الشاطئ.
    آهـ وهذه [فرقة السماكة] بقيادة أحمد عبد الله والتي تخصصت في أداء الأغاني الحجازية وأهازيج الصيادين في مراسي ساحل البحر الأحمر وهؤلاء محمد طاهر بيلة ومحمد بدري ويحي أدروب ، درجوا على ترديد الأغنيات البجاوية بالرطانة ويتجاوب معهم الناس كما يتجاوبون مع تغريد الطيور وهديل القماري والحمائم وهم يجهلون ما تقول، لو أننا عُلمنا منطق الطير لاكتشفنا عالماً مدهشاً من الشعر والقوافي والقصيد ولكنا عرفنا مثلاً كيف يناجي أبو قيردون المتيم الولهان صاحبته الجميلة ومستحيلة أم قيردون أبقول التاج مصطفى [نور العيون إنتي الأمل طال الفراق وأنا في اشتياق كيف العمل] أم بقول محمد وردي [لو بتحلم في منامك قول أحبك].
    ربما سأل سائل بأمر واقع هل ينبغي أن لا يكون لكل تلك الأشعار والأغنيات والأغاريد ملهمات فاتنات من غيد المدينة وحسناواتها؟! فبالرغم من حقيقة ما كل الناس ينظرون إلى ليلى بعيني قيس ولا إلى بثينة بعيني جميل أو إلى [بدور القلعة] بعيون أبو صلاح وإلى [الملهمة] و [إنصاف] بمقلة عبد الرحمن الريح ولكني أذكر بضع ملهمات بورتسودانيات قيلت فيهن قصائد أصبحت أغنيات مشهورة لأن [الحب لو بلغ المدى كشفته عين المبصر] كما يقول الهادي العمرابي أو لأن [الحب كالعطر وللعطر افتضاح] كما يقول عمر الحاج موسى أو كما قال حسين بازرعة بطريقة مباشرة :
    وحكينا لكل قلبٍ معنّى
    قصة حب
    من قديم الزمان
    نقل الطير والرواة صداها
    ثم بات الصدى بكل مكان
    فمن الملهمات فقد كانت هناك الفتاة الفاتنة [ف] من ديم طردونا ويقول من شاهدوها بأنها ما تزال إلى اليوم ذات هيئة وجمال شبب بها ابن حارتها الفنان صالح الضي وتهالك عليها وكان إذا رضي عنها غنى لها [يا جميل يا حلو الدم الشربات مكملو] وإذا غاضبته قال منشداً :
    الدنيا الجميلة
    جمالها وهم
    أزيد في الشوق
    ويزيدني ألم
    ويمضي في القصيدة وهي من شعره حتى يدعو عليها في ثورة غضب:
    حرمتني ليه ومصيرك
    إنت يوم تُحرم
    تذوق المر
    وجمالك الغاريك يتحطم
    فقد كانا كثيراً ما يتلاحيان مثلما كان يحدث بين عبد الرحمن الريح ومحبوبته :
    طيلة الأيام
    في اصطلاح وخصام
    مرة تدنيني
    تقترب مني
    ومرة تهجرني
    تبتعد عني
    أما الثانية فهي [أ.ع] ملهمة الشاعر الكهل السنجك محمد الحسن القائل فيها أغنية [يا الغرامك لي جسمي ناحل] وكان يهاجر إليها من مسكنه بسلبونا أقصى شمال بورتسودان إلى حيها في ديم كوريا في أقصى الجنوب وهي عنه تلهّى وكان شقيقها والذي هو صديقنا "معاوية" يضحكنا بقوله [والله عمك ده جنّنا كلما نفتح الباب نلقاهو قدامنا] !!
    وبحكم النشأة في نفس الحي فقد رأيت الصبية الحلفاوية [نبيلة] التي أذهلت الشاعر المغمور العم [عبد الرحمن] عن نفسه فلا يعقل مالاً ولا عيالاً وكتب فيها =وهي لا تعلم حتى اليوم= مقطوعات حلوة كرباعيات الخيام مثل قوله :
    لغة الهوى
    منها انكوى
    قلبي وأسهده النوى
    كما قال فيها أيضاً قصيدة :
    الصغير الشال فؤادي
    يا ناس
    بي ريدو إزداد سهادي
    هو ما حاس
    هو صغير وجماله آسر
    السمرة لونه داعج المحاجر
    ده المالكني وسلب رشادي
    ده خلاص
    لي لقاه
    أنا ما عندي حيلة
    وكتين أقابله
    أنا ما عندي حيلة
    غير أشوف عينيه الكحيلة
    إما رائح وإما غادي
    باحتراس
    وأما [ف.م.ر] الثالثة الأخرى فهي من حسان حي الشاطئ هام بها الشاعر [م.س] عندما جاء إلى بورتسودان أوائل السبعينات للعمل في مصلحة البريد والبرق ومن قصائده فيها [أكتب لي يا غالي الحروف] التي يتغنى بها صلاح مصطفى ولعل طيفها ما برح يترآءى له من بين أحرف وسطور ديوانه الأخير [ملامح من الوجه القديم] .
    ورابعة الجميلات [ف.ص] فهي سمراء قامتها هيفاء كانت آناء الستينات تعمل موظفة في شركة جلاتلي رآها =من أصبح زوجها فيما بعد= الفنان [ح.ف] فعلقها وعلقته وتمكن حب كل واحد منهما من قلب صاحبه وتغنى فيها بأغنيته التلفونية العجيبة [تو دبل ايت سفن آلو حبيبي] ويعرف المخضرمون في المدينة بإن هذا هو رقم قسم الحسابات في شركة جلاتلي.
    ويا من سمع بأغنية [يا ظبية الثغر الأديبة ذوق وأدب وجمال وطيبة] فإنها قيلت في المرحومة [ر.م.ج] من فاتنات ديم سواكن في الزمان الأول ومن الموصوفات في قومها بالعفاف ومكارم الأخلاق وهكذا مضت وخلّفت وراءها ما شئت من ذكر حميد.
    [ع.م] من ظباء ديم المدينة كانت تعمل بإجزخانة ناصر حيث يحج إليها المعجبون رجالاً وعلى كل ضامر ولكنها هاجرت فجأة إلى روسيا للدراسة وخلت الصيدلية من الزبائن فقد كان أكثرهم إذن يشتكي وما به داء وكان الشاعر الشهير [ع.ف] الذي جاء إلى بورتسودان لتدريس اللغة الإنجليزية بالمدرسة الثانوية الحكومية يحبها في صمت وعندما علم برحيلها المفجع جاء حتى وقف جزعاً على أطلالها ودمنها في موضع الصيدلية الخالية ثم قال قصيدته [هجرة طيور الداندريس وعيون عاشق] ما لقلبها فهو كالحجارة أو أشدُّ قسوة فإن سفرها المفاجئ لم يكن آخر "مقلب" يتجرعه معجبوها الكثر بل إنها عادت من الاتحاد السوفيتي بعريس "لقطة" من بعض المبتعثين فبالرفاء والبنين.
    وهناك ملهمات بورتسودانيات مجهولات خلدهن محمد بشير عتيق في شعره حيث جاء إلى بورتسودان بين عامي 1936 و 1937 للعمل بمصلحة السكة الحديد فنظر إلى ما لم تر عينه من قبل من الجمال الشرق سوداني [ما بين الطويلة الغيداء والعتيقة الأدماء والسمراء اللعساء من ذوات القدود المهفهفة والأوساط المخنصرة وحسن زيهن وشكلهن وما عندهن من الحياء والتخفّر والدلال والتعطر] أو كما قال خالد بن صفوان يصف نساء البصرة والكوفة ولم ينشب أن أنشأ هناك بعض أشهر قصائده التي لحنها وغناها كرومة مثل : [حلمك يا جميل] و [بين اشتياقي وصدّها] و [أرجوك يا نسيم روح ليهو بأشواقي صرح ليهو] ومثل :
    يا ناعس الأجفان
    أنا من صفاك مسحور
    بالله إنت ملاك
    ولاّ من حسان الحور
    فكم في ديوم المدينة وأحيائها وحواريها من حوريات وملهمات منقوشة أسماءهن بالحبر السري على قلوب المتيمين من المبدعين الصامتين من ذوي الأرواح الهيمانة التي طالما قد ظمئت وحنّت للتلاقي حتى أنها لتهوى النوم من غير نعسةٍ لعل لقاءً في المنام يكون.
                  

02-03-2008, 08:48 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    الاخوان والاخوات سوف تكون جميع الحلقات القادمة في عذا البوست
                  

02-03-2008, 08:46 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    شكرا عزيزي (أبو الزفت) ومن خلالك الشكر لأستاذنا محمود دليل
    شكرا أستاذي الكريم محمود دليل على ذلك الوصف الذي لا أستحقه والإطراء الذي أملاه عليك حسن ظنك الجميل ....
    طالما تمتعنا كثيرا ببيانك يا أستاذ محمود ، فهو من البيان الذي يستضييء بلغة القرآن وأسلوبه الذي حين يتخلل الكلام البشري يضيء معانيه بمجازه العظيم . ولئن كان (الرائد) يونس محمود يتأول القرآن لوجه (الإنقاذ) ويضمن معانيه وألفاظه في كلامه السياسي وسبابه (للأسف) فأنت يا أستاذ محمود تتأول القرآن خالصا لوجه الأدب والبيان .
    ولطالما قرأت مقالاتك بنفس الصحيفة(صحيفة الخرطوم حين كانت تصدر من القاهرة) في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي على ملأ من الأمة ومشهد من العامة في شارعنا بديم كوريا، والطريف كان معنا (أحد أبطالك فيها) ممن ذكرتهم في ذلك الوقت واليوم من أمثال أخوناالأستاذ الفنان وصديق صباك (محود أبو) ـ الذي استلف مني ديوان بدر شاكر السياب ولم يعيده لي حتى اليوم ـ
    أنت يامحود لا تكتب فحسب ، بل أنت ترى ، ومن راى ليس كمن كتب ، والوصف البانورامي لمدينة بورسودان هو انتصار حميم للذاكرة . ذاكرة هذه المدينة التي تآكلت وكادت أن تضيع محاسنها بعد أن هجرها أهلها في الآفاق .
    ولعلك يامحمود حين تذكر أستاذنا المرحوم الفنان إدريس الأمير عادة تذكره كفنان ، ومع أن ذلك ذلك جزء من شخصيته أو هو رأس جبل الجليد في ذلك العملاق . فإن إدريس الأمير بالإضافة إلى أنه كان يكتب قصائده ويلحنها ويؤديها ، كان أيضا باحثا موسوعيا في تراث شرق السودان ، وثراث القبائل، وتراث المهدية في شرق السودان ؛ خصوصا أشعار (الشيخ محمد طاهر المجذوب) ـ الأب الروحي للبطل عثمان دقنة ـ وكذلك تاريخ بدايات تكوين بورسودان وأسباب هجرة الناس أليها . ولقد ترك المرحوم إدريس الأمير العديد من المخطوطات في هذا الصدد . ومنها بين يدي مخطوط كتابه (بورتسودان ... وأغنيات في ضمير الأمة) الذي استلمته من الأستاذ المهذب عبد الغفار الشريف بجدة (وأحد أعمدة الديبلوماسية الشعبية) كما وصفته ، والآن أشتغل على تحقيقه وأتمنى أن ينشر خلال هذا العام بإذن الله . ففيه معلومات وأحداث وشخصيات محلية وسودانية وعربية وعالمية مرت ببورسودان فعرفتهم ذاكرة المدينة ونساهم الناس .
    ولا أكتمك سرا يا أستاذي أن مقالاتك التي توثق لذاكرة المدينة فنيا واجتماعيا وثقافيا كانت بصورة من الصور ، المخزون الغزير لبعض أحداث روايتي (بر العجم) .
    ما أتمناه يا أستاذي ـ وكنت بالطبع قد حدثتك في ذلك طويلا ـ هو محاولة جمع هذه المقالات في كتاب ليتسنى نشرها ، وتكون بذلك ساهمت كثيرا في توثيق المعلومات والأحداث التي قد يأتي من أيناء هذه المدينة ومن أجيالها القادمين ، من يحولها إلى روايات وأفلام ومسرحيات تكون أكثر تعبيرا بأساليبها الفنية الخالدة .
    ونحن بانتظار بقية هذه الحلقات التي تنشر أسبوعيا بجريدة الخرطوم (كل يوم سبت) وخصوصا حلقة (فتوات بورسودان ومفرتكي حفلاتها في ذلك الزمن الجميل) والحلقة التي ستتحدث فيها عن أظرف مبدعي الضحك والفكاهة في تاريخ بورسودان / بلدياتنا : المرحوم جابر سعيد
    مودتي
    محمد جميل

    (عدل بواسطة محمد جميل أحمد on 02-03-2008, 09:01 PM)

                  

02-11-2008, 09:37 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Up
                  

02-26-2008, 06:56 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الثالثة]
    بقلم / محمود دليل

    هذه المدينة الرمز هي بالنسبة لي ليست محض بلدة من الطوب واللبّن والحجر والآجر والحديد والأسمنت يحدها البحر والسهل والجبل بل كائن حي من صلصال من حمأً مسنون سواه الله ونفخ فيه من روحه أحبه كأشدّ ما يحب المرء أمه وأبيه وصاحبته وبنيه، أكتب عنها هذه الحلقات كأنني أكتب إليها خطابات غرامية حميمة فحواها [أنا في شخصك بحترم أشخاص وطبعاً عندي احترامك خاص].
    وهؤلاء الأشخاص ليسوا هم فقط جموع الأدباء والشعراء والفنانين والكُتّاب والصحفيين والمؤرخين والباحثين الذين جرى ذكرهم في الحلقة السابقة بل أيضاً زمرة الفتوات والظرفاء وعقلاء المجانين ومشاهير المتسولين ودهماء الناس وحشوتهم والذين هم مدار حديثي في هذه الحلقة الثالثة.
    فتوة أولاد بورتسودان لا تخلو من ظرف وتتمثل في فرتكة الحفلات وبيع تذاكر السينما في السوق الأسود. وتمثلت فتوة أولاد الجيل الجديد في العمل عساكر في سلاح البحرية بعد إنشائه عام 1961 أو في ركوب البحر بالعمل كبحارة حيث يعودون ببناطيل الجينز والأحذية ذات العنق الطويل والنظارات والسلاسل والساعات الفاخرة والوشم في ظاهر اليد أو السواعد وفي جعبتهم قصص وحكايات المغامرات في الموانئ التي يمرون بها مما يلهب خيال القاعدين والمتخلفين، ومن أشهر مفرتكي الحفلات الثنائي الشرير (شيبة ونقرة) و [شيبة عبيد] الذي أصبح فيما بعد مديراً لشئون الموظفين في شركة جلاتلي.
    بيد أنه كان من أظرف فتوات بورتسودان في الزمان الماضي الحكم المخضرم العم عثمان علي الشهير بـ (عثمان عفش) .. أسمر البشرة داكنها مديد القامة متين التركيب كرجال المظلات أنيقاً (لبيساً) يمشط شعره على طريقة تسريحة ابراهيم عوض الشهيرة، تميزت مظاهر فتوته في ترويع اللعيبة المشاغبين وتأديبهم، أي لاعب يسئ معه الأدب داخل الملعب يقول له من بين أسنانه متوعداً إياه (انت لو راجل بعدين أطلع معاي الخور)!! واللاعب الذي يتجرأ ويطلع معه الخور ينال علقة معتبرة تنسيه اسمه ومن عساه يكون يثوب بعدها إلى رشده ولا يتعرض لعثمان عفش بسوء لا هو ولا اللعيبة الآخرين عملاً بالقول العربي المأثور (أنج سعد فقد هلك سعيد).
    المرحوم عمر بخيت ود السلطان كان في شبابه مقداماً جرئ القلب قبل أن تقعده (الثمانون والخمر) سمكري ماهر في صنع شنط الحديد كان يقول لنا مزدرياً إيانا، إنتو أولاد الزمن ده أولاد؟ إنتو جيل (أقنعني) ديل! والله نحنا في أيامنا واحد عضانو حمرة ما يقدر يدخل ديم جابر، فنضحك بشدة لحكاية الأذن الحمراء هذه.
    المرحوم عبد الرحمن الدُّراشي فوراوي حداد، صناعته عمل الكوانين من البراميل القديمة تنطبق عليه القصيدة الحلمنتيشية التي صاغها بعض رواد الأنادي في مدح زميل لهم :
    "ما زار المساجد"
    "حاشاه ما ديِّن "
    "في الإنداية تلقاهو مطين"
    إذ أن الدراشي كان يأخذ حصيلة يومه ويغشى الأنادي حيث يعب عباً من [العيش البودر الكرميش] حتى يصل مرحلة (التطيُّن] وكلما استيقظ من غفوته جذب البرمة إليه وإتكأ و "قرطع" أربعاً في أربع ثم يدخل الحي بعد الغروب [يمشي وأرجله مطوية شللاً مشي الأوز التي تأتي من الصين] فينحدر ناحية بيوت الشايقية في الطرف الغربي من الحارة على الخور تتبعه زفة من الصبيان وهو يهتف وهم يهتفون من بعده [لا شايقية بعد اليوم] ويضحك الناس بما فيهم أصحابه الشايقية الذين أراد أن يتحرش بهم، ثبت أن الميت يسمع نعال آخر المشيعين ولكنه لو كان يراهم لكان الدراشي قد شاهد بأن الشايقية قد مشوا في تشييعه وتبادلوا حمل نعشه مع الناس وشاركوا بصوانيهم أيام الفراش و [دفعوا في الكشف] وأن الإمام الذي صلى على جنازته هو الشايقي [شيخ عبيد].
    وهناك فتوات السينما ناس هاشم أكلاي وفوزي التكروني العملاق الذي كان يعمل في تربيط شحنة اللواري السفرية وعوض الله من أولاد الجنائن جار ناس دكتور عبد الله محمد سليمان، كان قصيراً ضخماً أسود مثل [جنى الفيل] وعندما كنا في المدرسة الأولية قام الأخ عبد العظيم فرج الذي يعمل الآن مترجماً في الهيئة الملكية في مدينة ينبع السعودية قام بتأليف قصيدة طريفة طويلة في ذم عوض الله انتشرت بين كل المدارس والأحياء أذكر منها :
    "عوض الله"
    "يا عوض الله"
    "كمل دجاج الحلة"
    "عوض الله لو تشوفو"
    "يأكل الخروف بي صوفو"
    "عوض الله ود أخونا"
    "بطنو حجر طاحونة"
    في نهار يوم شديد الحر صادف التلاميذ والد عوض الله يقود عربته الكارو تصايح التلاميذ يا عم وصلنا معاك فتوقف لهم حتى صعدوا ثم فرقع صوته فوق رأس حماره وسارت العربة سيراً حثيثاً وما هو إلا أن حانت منه إلتفاتة فرأى الأخ عبد العظيم مؤلف القصيدة في هجاء ابنه فزجره زجراً عنيفاً آمراً إياه بالنزول.
    وهناك فتوات الديوم الجنوبية ناس المرحوم حسن أبو كبك وأبو عضل وعمر دليل ومحمود تاج السر شقيق الحكم مجذوب تاج السر و "السر الهواري" الأعور صاحب النظارة السوداء الذي كان يتعمد ارتداء الرداء الشورت لإظهار عضلاته وأرجله الضخمة كأرجل البعير ومحجوب جرماكي من [أصحاب الكيف] يقول لك والسيجارة إياها قد فعلت فعلتها [والله أنحنا لو ما القسمة شخصيات]، كان عندما يصل وأفراد شلته إلى مكان الحفل يعلن عن حضورهم بطريقة تنم عن التحرش [أنحنا جينا وحريقة في المابينا] كان ولا شك فاتكاً كاسراً حاد الطبع حديد اللسان ولكنه إذا مرت به فجأة في بعض دروب الحي [فلانة الفلاني] التي يحبها –من جانب واحد- ويصبو إليها تفارقه فتوته وهمبتته ويتحول إلى مخلوق رقيق مرتبك قليل الحيلة ويبهت حتى لا يكاد يجيب أو كما يقول محمد مفتاح الفيتوري :
    في حضرة من أهوى
    عبثت بي الأشواق
    حدقت بلا وجه
    ورقصت بلا ساق
    وما كذب إذن سيد عبد العزيز وما غوى إذ يقول في قصيدة [أنة المجروح]
    الحب ده
    نار في الجوف
    زي الزناد مقدوح
    منه الجبابرة تلين
    لصوت بلابل الدوح
    وهناك فتوات ديم مدينة وسكة حديد ناس عبد الله كامل وبلال وكمال المليجي وكمبال والجزار.
    وحسن أبو سويط وغيرهم وفتوات مصنع الشيخ مصطفى الأمين ناس فتحي سعيد وموسى بحر وجمعة الهوساوي وفتوات خور كلاب ناس السمكري وأولاد خالد خيري وفتوات سلاح البحرية ناس عيسى آدم هدل والله جابو بخيت وعلي صباح وعمر ونيس وعطا المنان حسين وهاشم هتك وفتوات سوق ديم تكارين ناس آدم بلكاشي وفتوات سوق ديم سواكن ناس [زكريا شيخ السوق] وهو فلاتي قوي البنية من سكان حي دار السلام يحفظ النظام في [ركن الركيبين] في مقهاه بسطوته وشدة بأسه فقد كان صاحب قبضة فولاذية لو أهوى بها على رأس جحشٍ لشجّه.
    "شيبة ونقرة" حولته الصدفة المحضة من مفرتك حفلات وفتوة يأخذ حقه بيده إلى صديق للشرطة!! فقد تشاجر يوماً أحد المواطنين مع رجل شرطة في سوق الخضار واستل المواطن سكينه وسددها إلى الشرطي فتلقاها شيبة ونقرة فبقرت بطنه واندلقت إمعاؤه واسعف سريعاً إلى الاسبتالية حيث نجا من الموت بأعجوبة، وعندما تماثل للشفاء وخرج من المستشفى قامت الشرطة بتكريمه وقدمت له كأساً تذكارياً فخماً وصدحت فرقة موسيقى البوليس في الحفل الذي أقيم له أمام منزلهم في حي الشاطئ وإذ مر ما مر من الزمان ثم أن شيبة ونقرة ارتكب يوماً جنحة قد تدينه فما كان منه يوم نظر القضية في المحكمة القروية إلا أن جاء يحمل كأسه معه فشفع له.. ما أظرفه.
    كأن المتسولين في بورتسودان لا يسألون الناس إلحافاً فلو رأيت المدعوة [حمدة] الشابة البيضاء الكفيفة متدثرة في أطمارها جالسة القرفصاء منذ سنين عند مدخل السوق في ذلك الركن القريب من دكان عبد ربه وقهوة نائر يتردد صدى صوتها [الله فرجه قريب يا حمدة].
    وكان هناك أخ وأخت هدندويان معاقان قصيري الأرجل والأيدي والقامات والأطراف معوجة ومتداخلة بعضها في بعض كانا يتسولان بلهجة هي خليط من الرطان التبداوية والعربية [اللأهوك كراماهوك فرينيهوك] كانت قلوب الناس وأفئدتهم في ذلك الزمان عامرة بالرحمة والشفقة والرأفة فعندما شاهد العجلاتي العم أحمد عبد الله الحاج ما يعانيانه من صعوبة المشي ومشقة التجوال قام بتجهيز دراجتين صغيرتين لهما ابتغاء مرضاة الله.
    وتعال لا نخرج من عالم المتسولين حتى نتذاكر نموذجين آخرين، نعم المدعو [بشارة] القصير البدين الذي ولد بلا ذراعين، أما والله لو علم الخواجات بشأنه لكانوا أدرجوا اسمه في كتاب جينيس للأرقام القياسية، إذ إنه لا يأكل ويشرب بأصابع قدميه فحسب بل يلعب بهما الكوتشينة ويفوز على أصحاب السواعد السوية، وعجبت للناس رغم علمهم بإقامته على لعب الميسر فإنهم ما ينفكون يتصدقون عليه بما تيسر نقداً أو عيناً !!
    ثم ذلك الرجل الأسود النحيل الطويل الصامت دوماً كان يرى في الصباح الباكر مرتدياً الصديري فوق الجلابية الضيقة يدخل من دكان إلى دكان حاملاً في يده مبخراً من ذلك النوع المصنوع من الأسلاك الرفيعة لا يتكلم قط بل يقوم بتبخير الحوانيت بدخانه الكثيف ثم يتوقف برهة يحدق في أصحابها أعطوه أو منعوه!
    أما عن فئة المعتوهين فأكتب عن شخصيات حقيقية ظلت حية في خيالي منذ طفولتي وصباي في أزقة وحواري بورتسودان أو من مشاهداتي في السوق الكبير الذي ما عرفنا دروبه إلا بعد الدخول إلى المدارس الوسطى، وأكتب طبعاً دون محاولة "التنظير" لشرح ظروف ودواعي جنونهم فما أنا دكتور حسبو سليمان أو الحارث بن كلدة، إنما الله أحمد أن عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير من خلق تفضيلا.
    من بين تلك الشخصيات المدعو "عطية" حارس مقبرة النصارى الذي كان الناس يشيعون بأن سبب اختلال عقله هو أنه أثناء ممارسته لعمله في إحدى الليالي هاجمه "بعاتي" كان مختبئاً له بين شواهد القبور والحبوبات يزعمن أن بعاعيت النصارى أشد خطراً من البعاعيت أولاد البلد كنا صغاراً وكان ذلك يصيبنا بالذعر والهلع.
    كان عطية شخصاً غامضاً غريب الأطوار يسكن وحيداً في بيت كالخرابة يقع عند أطراف الحي ليس له سوى الوساوس سمار وندمان، لا يرى إلا قبيل الغروب ذاهباً إلى المقبرة في مشيته التي هي أقرب إلى الهرولة يرتدي دوماً بنطلوناً وقميصاً أسودين وقبعة سوداء مشدودة أبداً لأسفل حتى أنها لتغطي الأذنين ويحمل حربة طويلة في يده.
    وكان الصبية يتربصون به ليصيحوا فيه بملء فيهم "عطية"قنانيـ....و مية" !! فيهيج وتراه مزبداً يطاردهم وهو مشرعاً رمحه يوشك أن يسدده إلى ظهر أحدهم إلا أنه مع جنون عقله فما أعجب طيبة قلبه فقد كان يتردد في آخر لحظة فينثني ولا يرمي!
    ومن بين تلك الشخصيات أيضاً رجل معتوه شبيه بأهل الكهف من حيث الأظافر والشعور الطويلة والعيون المفتوحة التي لا ترى شيئاً! ومع ذلك فهو دائم التسكع والتوقف بين الأحياء قد يراك الصبح في "ديم التجاني" ويراك الليل في "ديم سواكن" لذا فإن الأولاد يطلقون عليه "تاكسي الغرام" والناس ينسجون حوله الأساطير زعموا أن أحد السياح التقط له صورة فورية وهو في أسماله البالية تلك فظهر في الصورة نظيفاً حليقاً مقلم الأظافر يرتدي إحراماً أبيضاً كأنه ذاهب للحج أو العمرة!!
    يوسف من أولاد الجنائن من عقلاء المجانين بل "مثقفيهم" تراه فلا تخال أنك أمام امرئ يتخبطه الشيطان من المس لولا ذهوله عما حوله وإهماله هندامه ومحادثته نفسه، في أحد أيام يناير 1991 كنا ذاهبين إلى "ديم عرب" لشراء الخراف بمناسبة "كرامة" والدتي عليها رحمة الله عندما قابلناه في الخور يحمل إبريقاً ذاهباً إلى الخلاء أو منصرفاً منه فاستوقفناه نسالمه ولا يعلم أحد مقدار ما اعتراني من دهشة وحيرة مما أسمع من كلام عجيب يخلطه بآيات وأحاديث ونصوص أدبية لا يخرم منها حرفاً!! وكان ينتقل من موضوع إلى موضوع لا يتوقف ولا ينظر إلينا قط بل يحدق أمامه فقط في أشجار "العشر" و "المسكيت" التي تتكاثف على جانبي الخور.
    "الجنرال" معتوه أركان حرب! حبشي السحنة والملامح لو رأيته لحسبته تؤام الإمبراطور "هيلاسلاسي" لشدة التشابه بينهما.
    يقضي سحابة يومه يتجول بين برندات السوق وقد ارتدى بدلة عسكرية قديمة مع علامات حمراء على "الكاب" وعلى الكتفين ونياشين هي حفنة من "طقاشات" زجاجات البيبسي كولا تتدلى متأرجحة من الجيب الأيسر لسترته، لعله جندي قديم فقد عقله في حرب طاحنة أو لعله مصاب بـ "جنون العظمة" مثل المدعو "عباس أفندي" الذي جاء ذكره في كتاب "الأنداية" للأستاذ الطيب محمد الطيب وكان ناس السوق يعرفونه ويألفونه وبعضهم يلقي عليه التحية بطريقة عسكرية على سبيل "التريقة" ولكن الجنرال يتمشي صامتاً ولا يجاريهم في مزاحهم ربما احتراماً لرتبته ومكانته.
    وكان هناك رجلاً آخراً ممن أضاع عقلاً يعيش به مع الناس، إنه عملاق ضخم الكراديس عظيم الخلقة كأنه مصارع أسبارطي، شديد سواد البشرة كث شعر الرأس واللحية أشعثهما لا يفارق شارع الجامع الكبير تراه هناك يضرب بعصاه الظلط وهو يصيح "دق العب"!! "دق العب" أي أضرب العبد وعبثاً تتلفت حولك فلا تجد ذلك العبد الآبق الذي لا تنفع معه إلا –وصفة المنتنبي- "لا تشتري العبد إلا والعصا معه" والحمد لله رب العالمين أن ضربات ذلك الرجل القوي المتين كانت تنهال على الأسفلت المستكين وليس على المواطنين.
    أما تلك المرأة محمرة العينين بنية الأسنان "أم العوض" فإن جنونها موسمي يظهر في حفلات "الزار" التي تغشاها أو تقام لها فلا والله ما أنسى منظرها تتوثب راقصة وهي ترتدي البدلة والبرنيطة وتحمل العصا وتدخن الكدوس خلال ذلك في خيلاء وفنجرة وإلى ظرفاء وظريفات المدينة في الحلقة القادمة.
                  

02-27-2008, 07:02 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

                  

03-05-2008, 01:06 PM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

                  

03-05-2008, 03:40 PM

mo
<amo
تاريخ التسجيل: 03-11-2002
مجموع المشاركات: 1187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    أقسم لك صادقا يا (ابا الزفت ) بأني ومنذ أن عرفت هذا البورد ولذت به لم أقرا موضوعا بهذه السلاسة والموضوعية والحس الأدبي الرفيع ...فهي لوحة في جمال بيانها ... سند في تواريخ سردها ...أدب (ذكريات) من الطراز الأول ...وظللت مشدوها من الكلمة الأولي ....وأنت تضع بورتسودان كشريط سينمائي متحرك ...وتذكرت حيدر عوض وهو كما وصفته طويل القامة وسيم المحيا يغني مع فرقة جاز البحرية وخلفه عزالدين علي الاورغن وكانت هي المرة الاولي التي (يطأ ) فيها الاورغن بورتسودان ...أو حتي (حمدة ) ذات (الرداء الأبيض)...
    ذاكرتك قوية ...ومتسلسلة ...وأسلوبك الأدبي أخاذ وجاذب ...مرة أخري أنه من أفضل ماكتب في هذا البورد ودمت سيدي ....أنت رائع ومدهش ...

    (عدل بواسطة mo on 03-05-2008, 03:48 PM)

                  

03-11-2008, 06:41 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    Up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de