المقال الثلاث لهذا القلم الرائع / د ناهد محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 01:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-12-2008, 06:01 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المقال الثلاث لهذا القلم الرائع / د ناهد محمد الحسن

    المحاربات3
    د.ناهد محمد الحسن
    ركضت الأيام كالخيول الأصيلة لتسقطني كالراهبة في أقدارٍ جديدة ودون (ليلى)، فلقد قررت أخيراً أن تسجن نفسها في رجلٍ وحيد تاركة نضالات الزواج العرفي للأخريات، كل شيء حدث فجأة.. عريس من دنيا المهجر الأوروبي متعجل ويرغب في الزواج بجامعية فاتنة بالتأكيد.. حين رأى (ليلى) لم يستطع دونها صبراً.. في البداية أرقت بهاجس علاقاتها الجنسية المتكررة وما تركته بالطبع من آثار ففوجئت بأنها سبق لها الزواج.. ضحكت يومها في وجهي وقالت:
    - حتى وإن لم أكن متزوجة فلن يحسَّ بذلك... صدقيني الرجال بلهاء بما فيه الكفاية لينخدعوا، ما دمت قادرة على أن تريهم في الفراش فزع الليلة الأولى.. حتى زوجي ورغم عذريتي وقتها أستطيع أن أؤكد أنه لم يخرج من تلك الليلة بشيء ملموس وعصى على الحيل..!
    لا تستغربوا (فليلى) وصويحباتها من جعلن شراء الأنواع الجيِّدة من الصمغ شبهة..! لا أدري من أين وصل ذلك السؤال إلى حلقي وقتها فقد كنت دائماً على الحياد وإن انحزت لشيء فهو ليس خيِّراً أبداً، همست بصوت لا يشبهني..
    - وما ذنبه...؟! لفظتها دون تعاطف حقيقي وكأنني أتلمس لها أعذاراً للسقوط.
    حدَّقت فيَّ بنظرات دامية وكأنها طعنت للتو.
    - وما كان ذنبي أنا..؟ الرجال من قدحوا زناد هذه الحرب وعليهم أن يصطلوا بنارها..
    ألححت في التنقيب -وإن كان بريئاً...ردَّت بحسم- الأبرياء في العادة هم الذين يتحملون أوزار الحروب.. فالبراءة بحد ذاتها خطيئة لا تغتفر.
    قالت هذه العبارة بطريقة من عمَّر سلاحه وأطلق، وعلى عينيها لاح وهج المعارك المستعرة.. ونحن نغرق في رائحة البارود فكَّرت: قليلون هم الذين يسقطون بمحض إرادتهم (فليلى) كالغالبية سقطت سهواً فمع ذلك الفوران الجسدي في وقت البلوغ حامت حولها الأفواه الجائعة، ولأنها كانت وقتها في حصن حصين من براءتها وأهلها إضطر أحدهم للزواج بها.. ولأن حسابات الحاجة والعزوف عن الزواج بدأت تتطرق إلى عاداتنا ما عاد الأهل راغبون في التقصّي عن أصل العريس وفصله ليكتشفوا بعد الزواج أنه بلا موارد وعاطل عن العمل تعوله ثلاث زوجات أخريات! وبعد أن قضى منها وطراً عادت إلى أهلها كسيرة انتهكت طفولتها وكرامتها. ولأن الوعي الديني في بلادنا صارت له أيدٍ طويلة، أغلقت البيوت الحمراء، ضج الرجال برغباتهم فوجهوا طاقاتهم للقنص.. دون أن يفرِّقوا بين الحرمات... الجارة، القريبة والقاصية التي لا تثقل الضمير، (ليلى) خدعها ابن عمها دون أن يكترث لذكريات (دخري الحوبة) و(مقنع بنات العم).. فخرجت من أحابيله تتلوى بالحيل..
    قالت بأسى:
    – غشاء رقيق كالذي يحيط بالبيضة هو ما كان يحمي كرامتي..! حبي الوحيد الذي منحته ثقتي اجتهد ليعلمني كيف أنني الآن بلا عوائق..
    رحيل (ليلى) عذابات لا يمكن احتمالها... رغم كل شيء كانت تأويني وتخاف علي، لا شيء يعصمك أكثر من خوف إمرأة ساقطة، تحجل أمامك بمشي أعرج كافٍ لإعطائك فكرة عن عثرات السقوط ومخازيه.. أحبتني كالأم وأغدقت على تضامنها الإنساني والمادِّي.. لا تستغربوا ففي هذه الأزقة المتعفِّنة تبرز المعالم الإنسانية بوضوح سافر بعد أن تسقط الأقنعة..
    لا أدري كيف إنزلقت (لبنى) من ذاكرتي لترفرف أمامي كالملاك.. وكأنها كانت تتبعني، سألتني الإنضمام إلى جمعية (المحاربات) الفنية وهي واثقة أن هذا هو الزمن النفسي الأكثر ملاءمة (فالخيط بنقطع محل رقيِّق) ولأني كنت بطبعي (رازَّة ونطّاحة) أعياني البحث عن بعض النزاهة، فأجبتها بطريقتي البذيئة في تمييع القضايا:
    - لا بأس.. لكنني فقط أخشى أن أخذلكم فنضالي سينزلق مع ثيابي عند أول رجل أقابله، وكما ترين لن أصلح وقتها أكثر من مبررات يستخدمها خصومكم للنيل منكم...
    (لبنى) كان لها إلحاح الدائنين اليهود وأنا لم يكن لدىَّ ما ألحُّ عليه غير المماطلة، مما جعلني أقابل عرضها بمشاركتهم السكن بفجور متعمد:
    - أنا لا أحب الفتيات الشاذات..!
    رمقتني بابتسامة خبيثة قبل أن تجيب:
    - لا تخافي فعلى أية حال لست الطراز الذي أفضله!
    طريقتها الذكية في إلتقاط الدعابة والرد عليها بكل هذا الجمال هي ما جعلني أوافق، فقضاء الوقت بصحبة الأذكياء على الأقل ليس بالأمر الصعب، وفتاة لها طعم فمي كانت تحتاج (للبنى) بقدرتها على التقافز فوق أسطح المزاج تاركة آلاف الدوائر الحلوة خلفها..! لكن الدوائر التي يصنعها حجر لطيف سرعان ما تنحسر ولا يبقى من (لبنى) عندما تتحدث كفتاة جادة إلا صوت إرتطام الحجر بمخيلتي.. فالحياة بين أبناء الكنبة الأولى كانت تمضي أصعب مما تصورت... لم يكن بمقدوري أبداً أن أتدخل، فقد كان العمر الذي يخدعك بشعور أنك قادر على تغيير العالم... عذرتها حين رأيتها تتألم وهي ترى الساسة في بناطلينهم الجينز وهرطقتهم وبصاق التبغ الذي يقاطع أحاديث الأركان... حظها..! لم يكن الزمن الذي يسهِّل عليك رؤية حكام ووزراء يكبرون... لكن ما لها وأشعارنا؟ لطالما أحببت (سارتر) وكرهت الإلتزام, أما أن تلمز (بودلير) و(رامبو) فهذا ما كنت أعدّه إساءة شخصية... فهي لم تشعر يوماً ببودلير كما شعرت به، أنا على يقين من أنه وقف على ذات المكان الشاهق من ذاته وتساءل:
    - لم نشق بآلام أكبر مما عشنا من عمر؟
    لقد كان قدرنا، أن نحس فقط ونتألم فليست هناك لعنة أكبر من كوننا شعراء نقوم في الحياة بوظيفة لها مخصصات إبليس..
    كان من الصعب، أن أفجع (لبنى) في أحلامها فاكتفيت بالإشفاق عليها وابتلعت ما راودني من أفكار وفاتني أن الشفقة بالضبط هي ما تحتاجها (لبنى) لتواصل معاركها.. كل شيء ما زال يقظاً في تلك الصحراء المليئة بالفخاخ...! تكتيك (الحارث بن عباد) الذي حسم به (حرب البسوس) -فقد انتصر بزهو أعدائه قبل الظلام- لا بد أنه كان في دم أحد الفاتحين العرب والذي ضاجع به جدة (للبنى) وما يهمنا هنا أكثر من شرعية المضاجعة والهوية العرقية لبلادنا أن (لبنى) صفعتني بشفقتي حين قالت:
    - الفنّانون هم الأشخاص الذين يعوَّل عليهم في تغيير المجتمع، وأنتم هنا لا تقومون بأكثر مما قام به أهل الكهف غير أن نومكم ليس مباركاً أبداً لأنه تناوم عن الأخلاق والمبادئ والفضيلة، تتبعون دون وعيٍّ منكم شاذاً بطفولة شوهتها الإنتهاكات الجسدية...
    كانت تتحدث بحماس وكنت أتأملها بضياع، حتى وهي تلمز (رامبو) لم أشأ الرد عليها كي لا أسمم حماسها فقد كنت قادرة على إحباط جيل!
    تركتها للزمن، فسرعان ما ستختبر صوتها وهو يضيع في العالم الكبير أما نضالها فسيتكفل به لصوص الأهداف النبيلة (الأيادي اليتيمة)، شراسة الآخر، السياسات المحددة والصراع من أجل لقمة العيش... ففي أيِّ مكان من حياة لبنى تراني قد خسرت رهاني..؟ نزيهةً أقول: على عرض حياة لبنى القصيرة، كانت أشبه بنوح في عناد دعوته.. قدِّر لي أن أرها تحيا وتموت فقط لأعرف كم كانت نبيَّة..!
    ما زلت أذكر ذلك اليوم.. كانت منهمكة في إعداد مادة لركنها الثقافي عن حقوق المرأة.. فكرَّت في بعض التسلية، فرحت أرسم قياس العدسات حول عينيها لأريها بخبثي كيف تبدو كعانسٍ معقدة..! ولما كادت تفسد حيلي بتجاهلها.. استدعيت بعض مدخراتي من الجديَّة والحكمة فليس هناك يوم أبيض من اليوم الذي أشاكس فيه (لبنى):
    - المصيبة أنَّك جادَّة..! كي ندافع عن أيِّ قضية يجب أن نكون بالنزاهة الكافية، فالقضايا التي يسندها تاريخ مهزوز وثأر حاقد، يموت ثأرها معها، لكن القضايا المبدئية يجب أن تستند إلى العلم والعدل والأهداف النبيلة، نحن مورفولوجيا وبيولوجيا نقص يحتاج إلى تمام.. كتعرجات قفل الباب، تحتاج للمفتاح، كما يحتاجها لفتح أبواب الحياة الحقيقية على مصراعيه.. بطريقتك هذه هل تعرفين من هم أعضاء حزبك القادمين... نساء مطلقات، زوجات مغدورات وحبيبات مخدوعات.. ليتحول حزبك الجاد إلى برنامج (فشِّ غلِّك) الكوميدي.. صدقيني ما نحتاجه حقيقة هو معرفة ما ينقصنا وينقص الرجال لننجو من كل هذه الترهات التي تسكننا..
    وأنا أتحدث رأيت وجه (لبنى) يحاكي وجه فارس سرق منه ثأره فشعرت بمسؤوليتي تجاهها.. فلم يكن عليَّ أن أزهو بحكمتي هكذا أمام أحزان نيئة..!
    ولما كنت قادرة على الدفاع عن قضيَّة المرأة وضدها وحتى على الحياد لم أبخل على صديقتي ببعض المواساة فربتُّ على ثأرها بكلماتي.. وأنا أنفض يدي من قضايا الإنسان والإصلاح الاجتماعي...
    - رغم هذا عليك أن تناضلي فالرجل لا يحب المرأة المثقفة ولا الذكية.. يريدنا أقل إدراكاً ليستغلنا في سخرته..!
    نامت (لبنى) مطمئنة على ثأرها بعد أن أيقظت أسئلتي.. أليس حزن (لبنى) حزني وثأرها ثأري..! فليكن..! طريقتها في القصاص لا تروقني فهي قد تسهم في توعية المجتمع وربما الحصول على العدالة والمساواة لكن ليس بمقدورها أن تشفي أيَّ غليل... أضاءت هذه الأسئلة الطريق إلى قبوي المظلم. هناك حيث ترقد ملايين الجذور الملتوية والمليئة بالسموم... فهل كانت بحاجة لأيِّ قانون طبيعي أو بيويولوجي ليشرح لها كيف تنضح هناك في رأس الثعبان الذي يقف في شمس الهجير ليباغت طيراً يدرك جيِّداً أنَّه لا يحمل من براءة هذا الاسم غير عقل صغير.. كما إنه يرجوه لأكثر من قيلولة..! لكل هذا أنا آسفة يا لبنى.. ربما لأنني كنت طوال الوقت أغرِّد خارج السرب وعلى طريقتي المشينة، التي تساوي الأبرار بالخطاه.. ذلك لأن حربكم خارجكم وحربي معي.. شعواء أكثر من أيِّ حربٍ خبرتها، لا أدري حتى.. متى ستضع أوزارها!!





                  

01-12-2008, 09:41 PM

جمال السنوسي
<aجمال السنوسي
تاريخ التسجيل: 09-14-2002
مجموع المشاركات: 6372

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقال الثلاث لهذا القلم الرائع / د ناهد محمد الحسن (Re: زهير عثمان حمد)

    تعظيم سلام د. ناهد


    وشكرا زهير




    جمال
                  

01-13-2008, 04:56 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقال الثلاث لهذا القلم الرائع / د ناهد محمد الحسن (Re: جمال السنوسي)

    شكر جمال علي المرور
                  

01-14-2008, 01:25 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقال الثلاث لهذا القلم الرائع / د ناهد محمد الحسن (Re: زهير عثمان حمد)

    جمال,شكرا على المرور
    شهادة اعتز بها من رجل جاد ودقيق..شكرا على كل شئ
    ناهد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de