سوداني سفيرا للنمسا !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 01:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-06-2008, 06:06 PM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سوداني سفيرا للنمسا !

    طارق الطيب، الكاتب السوداني المقيم في النمسا، اختير اخيرا سفيرا ثقافيا للعام الجديد ، حيث سيمثل النمسا في المحافل الدولية ومن ابرزها المنتديات واللقاءات العالمية التي ستعقد في إطار إقرار البرلمان الاوروبي بان يكون هذا العام عام الحوار الثقافي العالمي . (الشرق الاوسط).
    السفير طارق الطيب



    وهنا ديوان شعره وعنوانه بعض الظن
                  

01-06-2008, 07:54 PM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Faisal Al Zubeir)

    ترجمة، فيينا، النمسا- 28-12-2007
    طارق الطيب سفيرا ثقافيا للنمسا
    European Year of Intercultural Dialogue 2008

    تم اختيار طارق الطيب ليكون سفيرا ثقافيا ممثلا عن النمسا لعام 2008 إلى جانب باولو كويلهو وتشارلز أزنافور وهيننج مانكل وغيرهم؛ فقد أقر البرلمان الأوروبي هذا العام 2008 ليكون عام الحوار الثقافي العالمي والذي ستقام فيه العديد من المبادرات والأنشطة الثقافية العالمية، وقد رشحت وزارة التعليم والفنون والثقافة النمساوية طارق الطيب ليكون ممثلا لدولة النمسا لهذا العام في المحافل الدولية التي ستقام في هذه المناسبة.
    ----------------------------------------------------------
    الروائي السوداني طارق الطيب يقهر أمراض العصر، ويهاجر إلى بيت النخيل!
    القاهرة -
    إذا كان شهريار عصره وأوانه قد غلبته حكايا شهرزاد، فإن شهريار هذا العصر والأوان ذو نزعة مادية عنصرية، يقتل في الإنسان روحه، وينزع عنه إنسانيته، ويجرده من كرامته. وقد جاء الروائي السوداني الأصل؛ المصري المولد والنشأة؛ النمساوي الجنسية؛ الدكتور طارق الطيب بروايته الجديدة «بيت النخيل» (الصادرة في 400 صفحة عن الحضارة للنشر بالقاهرة) ليثبت أنه بمزيد من الحكي يمكن التغلب على متاعب هذا العصر وأمراضه، حيث جاءت الرواية معبرة عن الاغتراب باعتباره الموضوع الأكبر للأدب، ومحاولة قهر الاغتراب عن طريق بطل الرواية الذي سافر إلى النمسا (بلاد الأنس والجمال) وهو لا يملك في دنياه إلا كتاب «ألف ليلة وليلة»، وأغنية أسمهان الشهيرة «ليالي الأنس في فيينا»، وبعض ذكرياته الأليمة، لكنه يملك زاداً وفيراً من ملكة القص. وإذا كان حمزة؛ بطل روايته السابقة «مدن بلا نخيل»؛ قد تجرع مرارة الفقدان بسبب أمراض العالم الثالث، بل البلدان الأقل نمواً، فإنه في «بيت النخيل» يمزجها بأمراض العالم الأول ويقارنها بها، ويتصدى لها بمزيد من الحكايا، لعله يتصدى بالفن؛ وبالهجرة الروحانية إلى بيت النخيل؛ لهذا الكائن الخرافي العملاق المسمى بالاغتراب، فتعود للإنسان إنسانيته المفقودة!
    والدكتور طارق الطيب من مواليد القاهرة في عام 1959 من أب سوداني وأم من أصول سودانية مصرية، وقد عاش طفولته في حيّ عين شمس، وتعلم في كتّاب الشيخ علي قبل أن يلتحق بمدرسة الإمام محمد عبده الابتدائية، وتخرج في عام 1981 في كلية التجارة بجامعة عين شمس، وانتقل في عام 1984 إلى فيينا التي يقيم فيها حتى الآن، وقد درس فيها الاقتصاد والعلوم الاجتماعية، وحصل على الدكتوراه في العلوم الاجتماعية والاقتصادية عن أطروحته «نقل الأخلاق عن طريق التكنولوجيا: الصراع بين الهوية والربحية»، ويعمل حالياً كمدرس ومحاضر في فيينا، وفي جامعة العلوم الإدارية بمدينة كريمس. وقد حصل د. طارق الطيب على المنحة التشجيعية للدولة أكثر من مرة، ونشر أعماله في العديد من المجلات والدوريات العربية، وترجمت أعماله لأكثر من لغة، ومن كتبه المنشورة: «مدن بلا نخيل» (رواية)، «الأسانسير» (مسرحية)، «الجمل لا يقف خلف إشارة حمراء» (مجموعة قصصية)، وغيرها.

    (عدل بواسطة اسعد الريفى on 01-06-2008, 08:00 PM)

                  

01-06-2008, 08:02 PM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: اسعد الريفى)

    الريفي : شكرا على المرور:
    تحياتي

    ليت الزميلة اشراقة مصطفى تكتب لنا عن طارق. وعن تجربتهاهي حيث فازت بجوائز ثقافية .فهما سفيران يشرفان السودان في مجال الثقافة.
                  

01-06-2008, 08:03 PM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: اسعد الريفى)

    فخرا آخر وعقبال نشفوك (اوباما) آخر في النمسا يا طارق
    ولا نشوف اشراقة مصطفى .
                  

01-06-2008, 08:07 PM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Faisal Al Zubeir)

    طارق الطيب في مقدونيا كاتبا.. وكتابا
    اخبار الادب السنة - 639 ه - العدد 1426 رمضان من 6 - م 2005 أكتوبر
    شارك الكاتب والشاعر السوداني النمساوي طارق الطيب في مهرجان ستروجا العالمي للشعر الذي عقد مؤخرا في مقدونيا، تزامنت مشاركة الطيب هذا العام صدور كتاب شعري له في اللغة المقدونية بعنوان 'حجر أكبر من السماء'.
    وقد درج المهرجان علي ترجمة سبعة كتب كل عام لسبعة كتاب من العالم يكرم منها أربعة تكريما خاصا داخل المهرجان وكضيف شرف في مهرجان هذا العام دعي الكاتب والشاعر الأمريكي العالمي المعروف ويليام ستانلي ميروين المولود في العام 1927 والذي يعيش منذ اوائل السبعنيات في هاواي وتم تكريمه بشكل لافت للنظر. وقد اعتاد رئيس الجمهورية برانكو كرفينكوفسكي افتتاح الاحتفال سنويا وحضور القراءة الكبري والاستماع للشعراء ودعوتهم الي مقره الخاص للتحادث معهم.
    صدر كتاب الطيب في غلاف أنيق للرسام المقدوني فاسكو تاشكوفسكي الذي تم تكريمه أيضا في هذا المهرجان. ونقل الديوان الي المقدونية الشاعر المقدوني افتيم كليتينكوف وهو مدير المهرجان في الوقت ذاته.


    ============================================================================

    الشرق الاوسط الاربعـاء 15 رمضـان 1428 هـ 26 سبتمبر 2007 العدد 10529
    طارق الطيب لـ : الفحولة العربية أمر بائس يسخر منه الغرب
    بعد حصوله على الجائزة العالمية للشعر
    طارق الطيب: البحر هو الأصل والشاطئ استثناء


    الخرطوم: شذى مصطفى

    طارق الطيب من الأدباء السودانيين المهاجرين الذين نجحوا في المشاركة الإيجابية في المشهد الثقافي الغربي بفضل تعدد مواهبه أدباً وتشكيلا. له تسعة أعمال منشورة بالعربية من شعر ورواية ومسرح كما ان له كتبا ونصوصا مترجمة الى عشر لغات أوروربية. حصل على عدة منح أدبية من النمسا، منها منحة «إلياس كانيتّي الكبرى» ومنحة «ليترار ميكانا الأدبية» في عام 2005 و«المنحة التشجيعية الكبرى للدولة» لعام 2001. شارك بدعوة من النمسا في معرض فرانكفورت عام 1995 كممثل عن الكتاب المقيمين في النمسا من أصل غير أوروبي، ونشر في دوريات وأنطولوجيات في أكثر من عشرين عاصمة عربية وأوروبية. وروايته الأولى «مدن بلا نخيل» المترجمة إلى الفرنسية، دخلت في مقرر مدارس الليسيه الفرنسية بمدينة لاروشيل للمرحلة الثانوية هذا العام. يقيم في فيينا منذ 25 عاما ويعمل حاليا محاضرا في جامعة جراتس بالنمسا. «الشرق الأوسط» تحاور طارق الطيب بعد حصوله على الجائزة العالمية الكبرى للشعر في رومانيا لعام 2007 مطلع الشهر الحالي.

    > حدثنا عن جائزة الشعر العالمية الكبرى ببوخارست ومشاركتك بها؟

    ـ بدأت فكرة أكاديمية «شرق ـ غرب» قبل ثلاثين عاما، بالتحديد عام 1977 من قِبَل الشاعر الروماني وراعي الفكرة دوميترو إيون والشاعرة كارولينا إليكا. ويقام هذا المهرجان المعروف باسم «كورتا دي آرجيش» سنويا. توقف نشاطه لمدة 21 عاما ليعود مجدَّدًا بدءًا من عام 1997 واستمرَّ بلا انقطاع حتى الآن.

    حين دعيت إلى المهرجان في رومانيا أوشكتُ أن أعتذر؛ فقد كنتُ عائدا للتو من سويسرا من مهرجان المتنبي، وفي غضون ستة شهور كنت قد سافرت في بلدان الدنيا أكثر مما ظننت، هذا غير اللقاءات الأخرى داخل النمسا. وكان من حسن حظي أنني وافقت على حضور المهرجان الروماني، لأشارك ضمن أكثر من أربعين شاعرة وشاعرا، كلهم على مستوى رفيع، كل واحد منهم كان جديرا بالفوز بالجائزة الكبرى. تقدم أكاديمية «شرق ـ غرب» أربع جوائز أخرى فرعية بجانب الجائزة العالمية الكبرى للشعر: جائزة البلقان للشعر، جائزة شرق ـ غرب للفنون، الجائزة الوطنية للأدب، والجائزة الأوروبية للشعر. وقد فاز من قبل بهذه الجائزة العالمية الكبرى للشعر العديد من الأسماء المعروفة مثل مخايل رينجيوف من مقدونيا، مانويل دياز مارتينيز من كوبا، جون إف دين من آيرلندا، ساتوكو تامورا من اليابان، أنطونيو بروبيتا من إسبانيا وغيرهم. فوجئتُ بالحصول على الجائزة في الليلة الأخيرة ولم أكن أبدا أتوقعها، وكنت قبلها بدقائق، أكثر من سعيد بأن أحصل على تكريم خاصٍّ عن قصائدي المقروءة ـ مع شاعر من البرتغال وشاعرة من النمسا ـ إضافة إلى عضوية تكريمية لي بأكاديمية «شرق ـ غرب».

    >ماذا تناولت قصيدتك التي نالت الجائزة الأولى؟

    ـ الجائزة العالمية الكبرى في الشعر لا تُعطى عن قصيدة واحدة. هم تنبَّهوا لي بعد قصيدتي الأولى التي ألقيتها في اتحاد الأدباء في بوخارست في اللقاء الأول، وقال لي رئيس الأكاديمية ـ في اليوم الأخير ـ إنهم كانوا قد أضافوا اسمي لقائمة المرشحين بعد هذه القراءة الأولى. تمَّ منحي هذه الجائزة بناء على القراءات التالية لي ومراجعة اللجنة لأعمالي ونشاطاتي ومراجعة سجل الأعمال والقصائد المنشورة لي في الأنطولوجيا الرومانية لعام 2007 وفي صفحتي الشخصية، فضلا عن ذلك، ذكر لي الشاعر دوميترو إيون أنه كان يعرفني من لقاء سابق في مهرجان ستروجا العالمي في مقدونيا في عام 2003، وأنه يتابع كتاباتي وكان قد قرأ لي ديوانا بالمقدونية، نُشِر عام 2005 ضمن الكتب السبع، السنوية، التي ينشرون فيها كتابا واحدا من كل قارة.

    >هل تشكل تلك الجوائز تحديا للكتابة أم تراها مرفأ وصلت إليه بعد عناء؟ وهل تساعد تلك الجوائز في تقريبك من القراء الغربيين؟

    ـ الجوائز ليست ترفا في جوهرها وإنما مسؤولية إضافية على عاتق الكاتب. الغبطة هنا مؤقتة؛ لأن الأعمال التالية سيُنظر لها بكثير من النقد والتمحيص والكاتب سيصاب بنوع من الحذر والحساسية.

    الجائزة ليس لها مقابل مادي على غرار الجوائز الغربية من الدول الغنية؛ فرومانيا ما زالت دولة خارجة من عبء سياسي ثقيل الوطأة، واقتصاديا ما زالت تجاهد للوقوف على قدميها. الجائزة الكبرى معنوية أكثر منها مادية؛ لذا فهي ليست مرفأ ليركن الشاعر قاربه وأدوات صيده ويخرج بحوته الكبير مُباهيا. وقد ذكرتُ في هذا السياق قبل أيام قليلة بأنني ما زلت أسبح في بحر الكتابة، ما إن أصل لشاطئ حتى أبحث عن غيره. اعتقادي بأن البحر هو الأصل والشاطئ استثناء. واستراحتي الاستثنائية على الشاطئ قصيرة للغاية، فقط لأتأمل معنى البَرِّ، قبل أن أرمي بنفسي مجددا في الأصل.

    أرى أن الجوائز الأدبية تشكل تقريبا وتعريفا للقراء الغربيين والشرقيين على السواء. الجائزة تخلق فضولا للتعرف بغير المشهورين، وهذا فضول حسن ويرغبه كل شاعر وكاتب؛ يُسعده أن يرى أن عمله الأدبي أو الفني عليه قبول وأن هناك من يقرأ ويتابع، وإن كان الغرب أفضل منا بمراحل في تقييمه للأعمال ومسارعته بعمل ترجمات وإرسال دعوات للكتّاب لتقديم أعمالهم بأنفسهم قبل موتهم وطلب نماذج من كتاباتهم للمشاركة في دوريات وأنطولوجيات جادة تحترم الكاتب.

    > برأيك ما هي الموضوعات التي تشغل شعراء العصر الحالي؟ البحث عن الروح المفقودة، معاناة الإنسان رغم التقدم؟ وذلك بعد أن ضلت بوصلة الشعراء جزر الحب التي كانوا يبحثون عنها.

    ـ الشغل الشاغل لقليل من شعراء العصر الحالي هو البحث عن طريق جديد للتواصل الإنساني مع البشر عبر المكتوب؛ عبر الفن بمعنى أوسع. الروح ضلت في كثير من الأحيان وكثير من الأمكنة، والتواصل الطبيعي بين البشر يتجه ليصبح من الاستثناءات. أكثر كلمة يمكن أن تسمعيها الآن من شخص هي كلمة «أنا مشغول!»، لم يعد أحد يقدّر أهمية الوقت المستقطع للأصدقاء والأحباء، لم يعد هناك ما أسميه «حق الوقت للآخرين».

    العولمة ربما كانت على صواب في بداية توجهها الإنساني، لنكتشف بعد أعوام قليلة أنها أضحت «مصيبة». نحن نعيش في عالم واحد، لكنه متشرذم، قريبين مجازيًّا لأقصى حَدٍّ من بعضنا البعض، لكن كل واحد منا يعيش في جزيرته الخاصة مع نفسه داخل عالمه الافتراضي النائي.

    جزيرة الحب ما زالت موجودة، لكن الزمن تغير ووسائل الوصول تغيَّرت؛ والتواصل والتكامل بين الفلاح والعالم والصانع والشاعر والسياسي والاجتماعي والاقتصادي .. إلخ يتجه للانقراض. الدورة البشرية الطبيعية في انقطاع. هذا التشرذم والتشظي في الأدوار يخلق بالتأكيد مسخا اجتماعيا وشروخا اقتصادية يصعب ترميمها.

    >عيشك مغتربا عن وطنك قد يحصر «ميدان» مؤلفاتك في الغربة واختلاف الثقافات؟ فكيف أثرت حياتك الخاصة على نوعية كتاباتك؟

    ـ هذا التصور والافتراض غير صحيحين بالمرة. الاغتراب ليس ابتعادا فيزيقيا عن الوطن. الاغتراب هو الابتعاد الروحي عن الوطن وعن الأصول. كيف يمكن لي ذلك وأنا ما زلت أتحدث لغتي العربية كل يوم وأقرأ بها، استمع لها وأتابعها وأشارك بها. الثقافة الجديدة أضافت إلى ثقافتي الأصلية وحسَّنت منها وطعّمتها وتزاوجت معها. لا أوافق على مقولة «اختلاف الثقافات». الثقافة مَعينٌ واحد عظيم لا ينضب، متاح لكل من يطلب. الموسيقى مثلا ثقافة لا تحتاج إلى ترجمة، الرسم والنحت لا يحتاجان إلى ترجمة. الاختلافات قد تكون في أشياء مثل اللغات وأساليب الحياة والعادات والتقاليد والمظاهر الخارجية.

    فيينا عرَّفتني بالكثير وفتحت أحضانها لي بعد أن فَهِمَتْني وفهمتُها، وكنت أعلم أنني أنا الغريب عنها وليست هي الغريبة، وأن أول شروط هذا الزواج هو مهر غالٍ، قبلته، فأكسبني جَمْعُهُ خبرة عظيمة أفادتني.

    أما تأثير البيئة الجديدة على حياتي وأدبي؛ فهذا وارد وضروري. عالمي الجديد منحني مجالا خصبا للرؤية عن قرب وعن بعد، فسهُلت بعده الكتابة، بعد أن فهمتُ الحياة هنا بعاداتها وتقاليدها، بجمودها ومرونتها، بجمالها الكثير وقبحها القليل، بسهولتها وصعوبتها، ببريقها وانطفائها.. إلخ. كل هذا لا بد أن يكون مؤثرا وينبغي أن يظهر في كتاباتي بوضوح، خصوصا أنني استوعبت الآن ـ وأظن ذلك ـ هذا العالم الذي لم يعُدْ بَعْدُ جديدا عليَّ؛ فأنا أعيش فيه منذ ربع قرن. كنت وما زلت أخشى الكتابة عما لا أعرف في فيينا. الآن أكتب بإصرار وبكل حرية.

    > ما هي اهتماماتك الرئيسية ككاتب؟

    ـ محاولة الوصول بما أكتب إلى عدد مناسب من القراء الجادين، مما يؤسس محاورات مباشرة ويؤدي إلى فهم متبادل وكسر حدود الانغلاق الإنساني المعتم. الكاتب ليس بطلا. الكاتب له دور أساسي على الأمد الطويل وفي غاية الأهمية، ولا بد أن يكون له دستوره الخاص وبرلمانه الأدبي الأوسع في غير شكله السياسي.

    >يقولون إن في كل عمل روائي لأى كاتب جزءا من الأوتوبيوجرافي؟ ما تعليقك؟

    ـ كتبت قبل أسبوعين التالي: «لكل نصٍ مكتوبٍ منّي ثلاثة أطراف: طرفٌ من الواقع وطرفٌ من الخيال وطرفٌ أخير لم أدركه بعد. هذه الخلطة تأتي عفويًّا وقد يفسدها غلبة طرفٍ على آخر». هذا الطرف الذي أقصده من الواقع لا بد أن يكون فيه من السيرة الذاتية قبسٌ. ليس بالضرورة بحذافيره، فما يهم من السيرة الذاتية هو ذلك القالب الفني المبتكر. حتى الخيال، هو ـ بالضرورة ـ استجابة شرطية للواقع ومؤسَّس على خبرة عالية مكتسبة. والأدب المميز ينبع من هموم شخصية لصيقة بفكر الأديب وبالإحساس بما يعاني الآخَر، سواء بالتجربة الفعلية أو بالمشاركة الوجدانية. ما أكتبه في أعمالي الأدبية هو بالضبط ما أريد إيصاله للقارئ، وليس التعليق اللاحق مني أو التحليل والتفسير لما كتبت! لا أرى أن هذه مهمة الشاعر.

    > «بيت النخيل»، «مدن بلا نخيل»، «الجمل لا يقف خلف إشارة حمراء»، نجد أن النخيل والجمال هي الملامح الخاصة للبيئات العربية، هل تشعر بالنوستالجيا وأنت تضمِّن هذه الملامح عناوين كتبك؟

    ـ من الطبيعي أن أشعر بالحنين إلى بيئتي التي خرجتُ منها، وهذا وضع صحي. لكن يجب أن يكون المردود أعلى في استعمالي لأشياء أو ملامح من البيئة العربية؛ فالأدب استثمار فني ويجب أن يكون هناك عائد من هذا المستثمَر وإلا تآكل أصل رأس المال الأدبي.

    لا أحب الاستخدام المجاني أو (الإكزوتيكي) لملامح البيئة العربية، لستُ في معرض كتابة سياحية أو «إثارية» ـ من إثارة. البيئة التي نشأتُ فيها غنية لأقصى الحدود، صحيح أن البساط الاقتصادي الداعم لها قد سُحب من زمن، لكن هذا الاجتماعي من القوة والغنى بحيث انه صمد وسيصمد لأجل طويل. ليس هناك أي عيب في الحنين الفعَّال. أما حنين الهم والبكاء على الأطلال فليس لهما عندي محل من الإبداع.

    > الأدباء العرب المقيمون بالدول الغربية رسموا صورا مبهمة عن الحياة الغربية تركَّزت معظمها على العلاقة بالجنس الآخر؟ ما رأيك؟

    ـ هنا تَجَنٍّ كبير، فالكثير من الأسماء الجيدة وظَّفت كتابتها في السياق الإبداعي الأدبي الحر، فأفادت واستفادت. ما حصل هو التالي: وهنا نقطتان أساسيتان للتوضيح والفصل.

    إن المجتمعات الأوروبية ليس لديها هذه المحرمات الموجودة لدينا في الكتابة. وإننا ما زلنا غير متعوِّدين على الكتابة في هذه المجالات «عربيا». لأننا أيضا لم نتعوَّد في عصرنا الحديث على القراءة في هذه الموضوعات. الجانب الجنسي هو في الحقيقة الجانب الأثير، فهذا الجانب لبعض ممن ليس لديهم ثقافة ومعرفة بالغرب يُعتبر أسهل طرق المفاوضات البشرية. والتناول السطحي للجنس والفحولة العربية في الغرب أمور ما زالت مُسيطرة على عقول القليل من الكتَّاب ونبراسهم العتيد لتفوقنا الأكيد لبطولات الغازين الفاتحين ومن تبعهم من القراء الغاوين. وهو أمر بائس يضحك عليه الغرب ليلا نهارا وأنا أيضا.

    > النقاد الغربيون يقولون إن أدب المهاجرين ببلادهم نادرا ما يعكس أو يوضح ثقافة الجذور لهؤلاء، لذا يظل الأدب الشرقي والثقافة الشرقية مشوهة بالنسبة إليهم ولم تخرج عن إطار شَهرَزَاد وشهريار.. ما رأيك؟

    ـ من يقول هذا القول لم يقرأ كل الأدب الموجود. أنا أعاني في بعض الأحيان من أنني أكتب كتابات لا توجد بها هذه «التحابيش» الشرقية والتوابل «الشهرزادية» والوصفة النسوية المتحذلقة. البعض هنا ـ وهم الأبعد عن الأدب ـ قد لا يتذوَّقون هذا الأمر؛ فإن كتبتُ عن موظفة تعاني الأمرَّيْن في عملها فيقولون: معلوم! فزوجُها هو السبب، أقول ولكن زوجها متوفى. يقولون إذًا هو رئيسها في العمل، هو ذاك الذكر المجرم المتسلِّط، أقول إن رئيسها سيدة.. وهكذا (هذا لا يعني أنني أدافع عن تجاوزات لتناقضات صارخة وهيمنة ذكورية لا أنفيها)، لكني أكره مسألة تلوين الأدب حسب المزاج ووضعه في إدراج: هذا شرقي وهذا غربي، هذا صيني وهذا افريقي، وتلك هي سمات كل أدب!

    طبعا يطلع علينا البعض هنا بين يوم وليلة بكتاب يسمِّيه ما يشاء ويضع فيه هذا الخلطة السحرية التي توجد فيها كل المحسنات الشرقية المثيرة والطباق الشهرياري العجيب ليُخرجوا لنا كتابات تدوِّي لكنها لا تُعمِّر.

    >وبرأيك ما مدى الإقبال على الأدب الشرقي في الغرب؟

    ـ الإقبال على الأدب الشرقي في الغرب في شقين كما ذكرت في جواب سابق. إقبال يبحث عن الجديد والمغاير والمكمل ويستمتع به ويؤيده ويستفيد منه، وهذا مقبول ومطلوب. وإقبال آخر على طريقة «الجمهور عايز كده» يرغب في «بهارات» الخلطة الشرقية السياحية المؤقتة، يستهلكها الشخص كمن يستهلك مشروبا يستمتع به، وهذا الإقبال الأخير يكسب في بعض الأحيان رنينا أعلى رغم صدأ المعدن ورداءته.

    >العرب في النمسا وجودهم أقل ممَّا هو في بقية الدول الغربية؟ هل هناك أسماء عربية وافريقية نجحت في وضع بصمتها فى المشهد الثقافي النمساوي؟

    ـ النمسا ظلت لعدد كبير من العرب القادمين مجرد محطة للانطلاق إلى مكان آخر. الكثير من الموجودين هنا ما زالوا يتحدثون لغتهم الأم فقط، أو إلى جانب لغاتهم الأم: اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، ورغم العمر الطويل في هذه البلاد، فالبعض ما زال مُصرًّا على أنه في حالة «ترانزيت»؛ لذا لم يأبهوا باللغة الألمانية ولم يعطوها أدني اهتمام، وهم بالتالي بعيدون عن الحياة، ناهيك من البعد عن الصورة الثقافية المتوافرة الفياضة من معارض ومسارح أو سينما أو قراءات أو فنون تشكيلية. هم بالأحرى بعيدون عن جيرانهم مستغربون للحي الذي فيه يعيشون، وبالتالي لم يكسروا حدة وحدود الاغتراب ليكونوا جزءا من نسيج هذا المجتمع. لكني أعول كثيرا على الجيل الثاني والثالث؛ فقد بدأت بوادر جميلة في هذا الاتجاه، أتمنى أن يأخذوا فرصة هذا «الفيض الثقافي» بقوة، ليكون لهم تأثيرهم المفيد لمجتمعهم الذي ولدوا فيه، وليكون في بذرتهم التفهم الأرحب والمحبة للجذور دون التنطع بوطنية خائبة يتوارثها الأبناء والأحفاد دون أي أمارة.

    > الأدب العربي يميل إلى الحشو والوصف، هكذا يعلّق النقاد الغربيون! هل ترى أن نحتفظ بتلك «الخصوصية» أم أن الاحتكاك بالثقافات وتفاعلها سيغيّر منه ويفك طوق العزلة عن الأدب العربي؟

    ـ الحشو والوصف عانى منهما الأدب العربي حتى منتصف القرن الماضي، حاليا بات الأدب يتمتع بخصائص فريدة وجميلة وتخفف من التكرار. لكن مشكلة الترجمات إلى اللغات الغربية هي الاختيار الصحيح والمناسب. ليس كل ما يلمع عربيًّا يقبل الترجمة. الترجمة تحتاج إلى خيانة، حتى تصل في اللغة الجديدة كما أراد صاحبها في فكرتها الأصلية.

    أنا أميل إلى تحرير العمل عند الترجمة من كثير من الشوائب بموافقة الأديب ومراجعته، فبعض السطور الوصفية التي ربما تمثل قوة الرواية عربيا تنقلب في ترجمتها لتكون هي بالضبط مناطق الضعف. لا عيب في وجود محرر أدبي يخلّص العمل من شوائبه التي ستعيق القارئ الأجنبي دون المبالغة ودون ضياع أصل العمل ودون التشويش بتغيير من النص، بل بتوصيله.

    > تمسكك بأصولك السودانية يبرز في كل حواراتك رغم ميلادك ودراستك بمصر؟ هل هو رد فعل لعدم اندماج أو ذوبان في المجتمع المصري؟

    ـ تمسكي ليس بأصول اسم الدولة: مصر أو السودان أو «بلدستان»، وأنا بالمناسبة شخص يكره الأعلام (وليس الإعلام) بامتياز! تمسكي الحقيقي هو بأصول المكان وبالأهل أينما أتوا، وأنا مكاني كان القاهرة وعين شمس تحديدا التي كانت في ذاك الحين مثل حي من السودان. والدي كان يتكلم اللهجة السودانية ووالدتي تتكلم القاهرية الدارجة بامتياز، لهجتي الدارجة هي القاهرية المصرية وما زال حتى الآن، عدد أصدقائي المصريين هو الغالب. محبتي كانت وما زالت لهذا المكان الكبير الممتد من جنوب السودان حتى مصب النيل في البحر. لا أحب التقسيمات ولن أفعل، ولعل البعض ـ سواء في السودان أو في مصر ـ يحبّذون هذه الحدود ويؤكدون على هذه الفوارق. كما قلت من قبل فيما يتعلق باللغة: إن تعلم لغة جديدة لا يعني إزاحة أو إلغاء اللغة القديمة، والأمر بالنسبة للمكان والانتماء والمحبة أكبر كثيرا من هذه الحدود التي صنعناها، فالتاريخ الاجتماعي الحقيقي أقوى من الجغرافيا المعلبة، والجغرافيا الطبيعة التي خلقها الله أقوى من التواريخ المزيفة. سأضيف إلى ذلك محبتي وانتمائي العميق لفيينا مدينتي الأثيرة التي أعيش فيها منذ ربع قرن وما زلت.

    > ما كمية توزيع أعمالك العربية مقارنة باللغات الثانية؟

    ـ للأسف لا أعلم الكثير عن توزيع أعمالي بالعربية، إلا من ناشر وحيد في مصر هو إلهامي لطفي بولس، صاحب «دار الحضارة للنشر والتوزيع». أما الآخَرون ـ ثلاث دور نشر أخرى ـ فلا علم لديَّ بما يبيعون أو يوزعون، والتواصل للأسف شبه منعدم وإن وجِد، فهو لا بد وأن يكون بمبادرة من مؤلف الكتاب.

    روايتي الأخيرة «بيت النخيل» المنشورة عام 2006 كُتِب عنها عربيا من المحيط إلى الخليج حتى الآن مرتين، ولم يكن المكتوب نقدا من أي ناقد. «بيت النخيل» المترجمة للألمانية والمنشورة هذا العام قبل ستة شهور في برلين كُتِب عنها سبع مرات حتى الآن وعرضت كمادة توثيقية لمدة سبع عشرة دقيقة في التلفزيون النمساوي، وأراها في واجهات أهم المكتبات في فيينا ودعيت من أجلها حتى الآن لأكثر من عشر قراءات في الداخل والخارج.

    الناشر في أوروبا يعطيني فقط عشر نسخ من كتابي المنشور. يوزع هو بنفسه ما يقرب من مائة نسخة للصحافة والإعلام، وهناك عقود بيننا تحدد كل كبيرة وصغيرة، وهو ملتزم بطباعة الكتاب مجددا بعد نفاده. وهذا ما يحدث حاليا مع «مدن بلا نخيل» بالألمانية. وهو مهتم بتجهيز ندوات لي لترويج الكتاب مدفوعة التكلفة من سفر وإقامة ومقابل للقراءة من المؤسسات المهتمَّة. توجد أيضا استثناءات سلبية من ناشرين آخرين.
                  

01-06-2008, 08:17 PM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Faisal Al Zubeir)

    طارق الطيب: نشأت في مكان طقوسه
    سودانية مصرية إسلامية وقبطية

    حوار: أحمد ضحية
    نقلا عن جهة الشعر

    دكتور طارق الطيب مبدع متمرس وفنان متميز , متعدد المواهب والإمكانات . فقد أبدع في أجناس الكتابة المختلفة - الشعر/ القصة /المسرحية /الرواية - إلى جانب عشقه الخاص - التشكيل - ويأتي تميز طارق من كونه فنان كوني الهوية الثقافية , إذ تأخذ هذه الهوية كونيتها من تلاقي حضارة وادي النيل العريقة - السودان ومصر - مع الميراث الثقافي الأوروبي الخصب .. هذا التلاقي بين إنسان الحضارة النيلية وثقافة أوروبا ., انعكس على الحقول الإبداعية المختلفة التي يكتب فيها الطيب أو يشكل, فجاء إبداعه متميزا وثريا بالإيحاءات وغنيا بالدلالات والرموز, فضلا عن الحرفية العالية. ما حفز العديد من النقاد وكبار المبدعين العرب والنمساويين يقرظون هذا التفرد في النهج والرؤية.. ودكتور طارق الطيب غني عن التعريف, لولا مقتضى هذا الحوار..
    يقول عنه عبقري الرواية العربية الكاتب السوداني الكبير "الطيب صالح": كون طارق الطيب مغتربا فهذه ميزة للكاتب المرهف الحساسية, أما ان يكون مغتربا ليس في باريس أو لندن بل في فيينا, فهذه في ظني ميزة عظيمة , ذلك ان الأدب العربي قد عرف كتابا تأثروا لا بالثقافة الفرنسية والثقافة الانجلوسكسونية لكنه لم يعرف إلا نادرا - حسب علمي - كتابا تأثروا بالثقافة الألمانية وهي ثقافة لا تقل ثراء وأهمية . ومن حسن حظ هذا الكاتب انه يستطيع ان يقرأ في أصولها الألمانية الأعمال الروائية العظيمة لكتاب مثل توماس مان وهيرمان هيسة وقنتر قراس ناهيك بالشعراء الكلاسيكيين العمالقة أمثال قوتة وشلر . ناهيك بالتراث الإنساني الألماني الضخم في الفكر والفلسفة.ز هذه المؤثرات المتعددة المتباينة من شأنها توسيع إدراك الكاتب وتذكي جذوة الإبداع لديه وعلينا ان نتابع أطوار هذا الكاتب الشاب لنرى كيف ينعكس كل هذا في إنتاجه ..
    ينهض إبداع الطيب في الحنين الذي يقتفي أثر القلب وهو يتلفت باحثا عن الفاصل بين السردي والشعري والتشكيلي البصري والدرامي الينامي. ففي منتصف المسافة بين هذه الأجناس تنهض الرؤية متسعة في ضيق العبارة, وترتسم إحداثيات بنية الحكي كصدي متلاش للموسيقى الداخلية العذبة واللون المرهف الناضح بالإحساس والحساسية, حيث يتكثف الصوت السردي بين الأنا والأخر مؤكدا على الحضور الإنساني العالي للنص وفي النص .. ومن هنا تأتي كونية الطيب كتشكيلي روائي وشاعر وقاص, فيتسامى اللون والسرد والشعر بالذات إلى رحاب الوجود ليتوحد مع كائناته وموجوداته مؤكدا على مقولة ماركيز حول مائة عام من العزلة (لولا جنون الشعر وكيمياء الحنين..), ليبقى التجلي والتمظهر تعبيرا عن المغزى الأزلي للوجود الإنساني (كيف يصبح الإنسان أكثر إنسانية ..) ..
    ربما يسمع الكثيرون في السودان - احد انتماءات طارق - الذي تردد كثيرا في الملفات الثقافية في الصحافة السودانية , كأحد الأسماء الإبداعية البارزة والمشرقة في وسط أوروبا عن اسم طارق الطيب والعالم العربي . لكن للأسف - لا يتردد الاسم إلا اثر كل مرة يحصل فيها دكتور طارق على جائزة على إبداعاته المتنوعة - كخبر منقول من وسائط الإعلام المختلفة - فقط - دون محاولة التعريف به على نحو أكثر وضوحا.. نحاول في هذا الحوار التعرف على دكتور طارق الطيب الإنسان والفنان متعدد الإمكانات والمواهب :

    حوار: أحمد ضحية

    القاهرة
    المحور الأول: طارق الطيب الكاتب:

    كيف بدأت الكتابة (أو كيف بدأتك الكتابة) وكيف تعرفت عليك الحركة الأدبية (أو كيف تعرفت عليها) في مصر والعالم العربي وأوروبا؟

    جميل أن تطرح جملة: (كيف بدأتك الكتابة) التي تبدو كأنها إصابة بدواعي حمّى أو وقوع في الحب. فقد بدأت محبتي للحرف العربي منذ الرابعة؛ منذ أن دخلت كتاب الشيخ علي بمسجد الزهراء بعين شمس في القاهرة في أوائل الستينات، تلتها محاولات التقليد الأولى في المدرسة الابتدائية. وحين اكتشفَتْ مُدرّسة العربي أن خطي جميل. بدأت تمرّنني على كتابة الخطوط المختلفة، بقصّ العناوين العريضة للصحف والمجلات في ذاك الوقت والتي كانت تُكتَب في هذا الجيل بخط اليد في حدّ علمي (أتحدث عن منتصف الستينات؛ فأنا من مواليد 1959) وأن ألصقها في كشكول خاص وأعيد تقليد المكتوب، ثم صرت أقرأ نشرة الأخبار الصباحية في طابور الصباح في مدرسة الإمام محمد عبده الابتدائية. كانت حصتي المفضلة هي حصة العربي؛ خاصة حصتيّ التعبير والقراءة.
    لما اكتشف الدكتور عبد الغفار إبراهيم صالح أستاذ الشريعة والقانون (الذي عمل في السودان فترة طويلة في جامعة القاهرة فرع الخرطوم- أرجو أن أسرد المعلومة صحيحة فيما يتعلق بالجامعة) وكان جارنا يسكن في الدور الثاني من المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق- اكتشف محبتي للغة العربية، فصار يخصص لي وقتاً لتعليمي بعض أسرارها. ممنون له جداً على هذه العناية.
    حمى القراءة :

    ممنون أيضاً لوالدي الذي كان من عاشقاً للقراءة واكتظت مكتبته الصغيرة بكمّ كبير من الروايات (إلى جانب الكتب الدينية والحربية) لنجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وطه حسين والعقاد وإحسان عبد القدوس وعبد الحليم عبد الله ويوسف السباعي.. إلى آخر هذه القائمة الطويلة. قام والدي بتجليد هذه الكتب في مجموعات عَنوَن المجموعات بالنوع والرقم وطبع اسمه هو عليها كمالك للمجلد؛ فكنت في صغري أعتقد أن والدي هو مؤلف كل هذه الكتب.

    بدأتني الكتابة، يا صديق الدرب، بأعراض حمّى القراءة وارتفاع في درجة الاهتمام بالكتاب، مع أعراض جانبية بمحاولات التقليد المعتادة، خصوصاً الأعراض الشعرية.

    وبما أنني "طفل راديو" كما أذكر دائماً، أي نشأت على الاستماع للراديو، فلم يكن لدينا تلفزيون إلا في وقت متأخر ربما أواخر الستينات أو أوائل السبعينات، ربما جعل هذا الأمر ذاكرتي تحتشد بمئات الأصوات الهامة مع قدرة أوسع للخيال. وأعتقد أنني تعلمت الحكي بسبب امرأتين: جدتي لأمي ومدرّستي في المدرسة الابتدائية.
    كانت جدتي تطلب في غيابها أن نستمع نحن الأخوة والأخوات إلى الخماسية أو السباعية وهي مسلسل بالراديو، على أن نحكي لها الحلقة التي فاتتها. كان كل منا يحكي لها حكاية مختلفة تماماً وكل واحد يقاطع الآخر بأن المجرم مثلا ليس هو الزوج بل الأخ أو الأخت أو الجار أو أو.. كانت تضحك بعد الاستماع إلى هذه الجوقة المغردة بمسلسل واحد أصبح لها عدة مسلسلات.
    مدرستي في المدرسة الابتدائية كان لديها طفل في الرابعة تقريباً. كان عنيداً مزعجاً شرساً لا يهدأ. تركته لي لإلهائه؛ بأن أسير معه في حوش المدرسة في وقت الفراغ لانشغالها بالتدريس. هذا إن كانت لديّ حصة زراعة مثلاً (التي كنا نجمع فيها أوراق الأشجار من الحوش ولم نتعلم يوماً الفرق بين الملوخية والبرسيم أو بين الوردة والبصلة) أو حصة غابت فيها مدرسة زميلة أو حصة الألعاب. كنت أسير مع هذا العنيد، فيبدأ في العصلجة والعفرتة ويتعبني كثيراً. يضرب شبابيك الفصول والأولاد والبنات بالزلط والطوب ويتشعبط على كل ما يراه. كان الوقت يمرّ عليّ ثقيلاً عسيراً وأنا لا أدري كيف أتخلص من هذه المهمة الشاقة التي وقعت على طفل صغير مثلي.

    حين وقعت في الحب للمرة الأولى:
    لجأت إلى حيلة ذات مرة وكانت ناجعة. بدأت أحكي له حكايات اخترعتها من الخيال، مثلاً عن أن هذه النخلة التي أمامه تسلقتها يوماً سحلية، فلما رأتها العنزة أرادت أن تتسلق بدورها النخلة وفعلت ذلك. لكنها لم تجرؤ على النزول، فطارت إليها الحمامة وقالت أنها ستعيرها جناحيها شرط أن تعطيها بعض شعرها لتصنع عشاً دافئاً لصغارها، وهكذا. مع الوقت بدأ الطفل يميل إليّ ويستسلم لسطوة الحكايات، وفور أن يراني، يخلع يده من يد أمه ويطلب إليّ أن أكمل حكاية اليوم الفائت. فكنت أخلط الحكاية فتصبح السحلية برصاً والعنزة خروفاً والحمامة يمامة. وهكذا تعلمت معه التحايل والتخايل في آن لإخراج حكايات مقنعة.

    بدأت الكتابة الذاتية، حين وقعت في الحب للمرة الأولى، كالعادة باللجوء إلى كتابات شعرية. كتبت أول قصائدي فيمن أحببت. ولما كنت جاداً رزيناً- كأنّ الإحساس العاطفي والحب قلة أدب- أوهمتُ أصدقائي أن القصائد لصديق لي لا يرغب في أن يكشف عن نفسه واستأمنني في ألا أبلغ أحداً باسمه. استحسن أصدقائي هذه الكتابات لكني أخفيت صاحبها، الذي كان أنا، حتى اليوم. قبل أول سفر لي وأنا في الثانية والعشرين، أعدمت هذه الكتابات للأسف في ترعة قريبة من محل السكن.
    في الفترة الجامعية كنت معجباً بالكتابات الفلسفية ومتابعاً لها خصوصاً لجانب كبير من كتابات زكي نجيب محمود، وبدأ اهتمامي بكتابة المقالة الأدبية موازياً لهذه القراءات وللقراءات الأدبية الغزيرة بالطبع. لم أفكر أبداً في نشر أيّ شيء من هذه الكتابات.
    لم تنشر لي أيّ مجلة سودانية !!:

    ثم جاء السفر إلى أوروبا؛ إلى فيينا تحديداً، التي عانيت في بداية وصولي إليها بصدمتين قويتين. لم تكن الصدمة الحضارية واحدة منهما، بل صدمة مناخية من هذا البرد القاسي وكمّ الثلوج التي لم أتخيل أن أراها يوماً بهذا الشكل إلا في الأفلام. أما الصدمة الثانية فكانت صدمة لغوية؛ إذ أصبح للساني العربي لا قيمة في بلد يرطن بالألمانية. لجأت لتخفيف غربتي ووحدتي بتدفئة حالي بالكتابة، باستعادة الخزين الذي تركته في تلك البلاد المشمسة البعيدة. كتبت وكتبت وكتبت، ولم أفكر في النشر إلا حينما قرأت إعلاناً- في مجلة لا أذكر اسمها الآن- عن طلب إرسال نصوص من الكتّاب المقيمين في أوروبا أو في المغترب أو من يشعر بأنه مغترباً أينما كان، من أجل نشرها في مجلة "الاغتراب الأدبي" التي كان يشرف عليها الشاعر والدكتور صلاح نيازي. أرسلت له ونشر لي الرجل واستحسن كتابتي وطلب المزيد. في الوقت نفسه نشرت لي الأهرام في القاهرة قصة قصيرة على إثرها تعرفت على ناشري وصديقي الحالي في مصر إلهامي لطفي بولس وعلى الصديق الشاعر عادل عزت. وتوالى النشر في القدس العربي والحياة والناقد والقاهرة والنهار والوحدة وشؤون أدبية وكلمات وفراديس (كما تلاحظ لم تنشر أيّ مجلة سودانية أي نص لي) وبعدها نشرت روايتي الأولى "مدن بلا نخيل" في كولونيا بألمانيا، ثم في طبعة ثانية في القاهرة وهذا العام ستصدر الطبعة الثالثة عن دار الحضارة مجدداً، ثم توالى النشر بعد ذلك في القاهرة. بهذا وصلت تقريباً من بُعد وعلى استحياء إلى بعض عواصم الوطن العربي.

    في أوروبا أو في فيينا بالتحديد كنت قد بدأت الكتابة في عام 1988 تقريباً، ونشرت أول نص في يناير 90 في القاهرة وفي شهر مايو من نفس العام في "مجلة الاغتراب الأدبي" في لندن.
    دار نشر سيلينه النمساوية:
    بدأت أقرأ في فيينا للجمهور من قصائدي ومن روايتي التي صدرت مع بعض الترجمات القليلة إلى الألمانية. وبعد فترة وجدت أن الجمهور النمساوي يريد أن يقتني هذه النصوص في كتاب، والكتاب غير موجود.
    في أحد الأيام قررت أن أرسل النصوص القليلة المترجمة للألمانية إلى بعض دور النشر. أرسلت إلى أربع منها، اثنتان في النمسا واثنتان في ألمانيا، وفي الوقت نفسه إلى مجلات أدبية متخصصة. جاءني رد إيجابي من دار نشر في النمسا وردّ آخر من ألمانيا، فضّلت الدار النمساوية "سيلينه" لأنها في فيينا وقريبة مني، وهذا ما كان. أراد الناشر أن ينشر لي أول كتاب في غضون عشرة أسابيع من ذاك التاريخ؛ أي في ربيع 1999، ذكرت له أن هذه النصوص القليلة التي بحوزته هي كل نصوصي المترجمة إلى الألمانية. لكن لدي الكثير بالعربية لدي ما يترجم لأكثر من كتاب. اتفقنا على أن يصير نشر أول كتاب في خريف 1999. صدر كتاب "حقيبة مملوءة بحمام وهديل" باللغتين الألمانية والعربية، ثم توالى النشر بالألمانية في الدار نفسها التي تولت نشر أعمالي منذ عام 1999 فنشرت لي ثلاثة كتب أدخلتني على العالم الألماني بشكل أوسع وكتابي الرابع في الطريق. في الفترة نفسها نشرت لي أهم المجلات النمساوية المتخصصة في الأدب: "مانوسكريبته"، أول نص طويل، فجاءتني إثر ذلك دعوة من أهم مؤسسة أدبية في النمسا، لعمل أول قراءة كبيرة بمقابل محترم وكانت هذه هي بداية القراءة والنشر في الألمانية.
    والحديث سيطول إن لم أتوقف هنا.

    يلاحظ على شخوصك أنهم يحملون ملامح وقسمات الحياة السودانية والمصرية. حدثنا عن هذه الذاكرة المشتركة التي ينهض فيها وادي النيل على المستوى الإبداعي؟

    أنها أثار النشأة والمكان:
    كما تعرف إنني من مواليد القاهرة لأب سوداني من كوستي، نزح للقاهرة لأنه أحب فتاة جميلة من أصول سودانية مصرية، فترك الجمل بما حمل في السودان، وقرر السفر إلى مصر للزواج. تزوج وأنجب ستة من البنين والبنات وعمل في مصر إلى أن توفي في العام 1994.
    كانت أم جدتي- وكنا نقول لها "نينه"- فاتحة اللون جداً أو بيضاء، حيث تنبع أصولها من مدينة دمياط في أقصى الشمال من مصر، فكنا نتعجّب من هذا اكتشاف هذا اللون في العائلة مع أنها أمنا الكبرى. تعودنا بعد ذلك على وصول أقاربنا من أقصى الشمال بلون ومن أقصى الجنوب بلون آخر، مع الوقت لم يعد هذا شيئاً عجيباً لنا.
    نشأت أيضاً في عين شمس في أوائل الستينات. كانت هذه المنطقة شبه منعزلة وبعيدة عن العمران الكثيف، قريبة من أول الدلتا ومتاخمة لأول الصحراء وتقع في ذيل المدينة الشمالي الشرقي. في هذه البقعة من مصر تجمّعت جالية سودانية كبيرة؛ فهم كالعادة في كل مكان يأنسون لبعضهم البعض ويجدون العزوة والارتياح في هذه القربى السكنية. لذا نشأت أنا في مكان طقوسه سودانية مصرية إسلامية وقبطية لوجود عدد كبير من الأقباط سكنوا في هذا المكان. ثم صار المكان فيما بعد أول من استقبل النازحين إلى القاهرة من فلسطين ثم النازحين أو المهجّرين بعد حرب 67 من السويس والإسماعيلية وبورسعيد.
    نشأت بين هذا الخليط الكبير الذي تآلف وتناغم في المصير، رغم الاختلافات المظهرية والأصولية. خليط مركّب من دم يسري من الجنوب إلى الشمال على المستوى الذاتي وخليط آخر على مستوى المكان الثري بتنوع أهله، فضلاً عن ذلك عشت أصيافاً طويلة من إجازتي المدرسية في العريش بشمال سيناء محل عمل والدي، ثم لدى جدتي لأمي التي كانت تقطن في الجمالية المتاخمة للحسينية فعشت طقوس قلب القاهرة القديمة النابض الأصيل بكل سهولة. لذا كتبت وما زلت عن كل ما هو قريب لي وكل ما أعرفه عن القاهرة القديمة وعن أطرافها وعن خارجها الممتد شمالاً وعن جنوبها أيضاً.

    الفكرة عند طارق الطيب تنطلق من موقع نقيضي لصراع الشمال- الجنوب الذي وسم كثير من كتابات المبدعين العالمثالثيين المهاجرين خاصة جيل المبدعين الذين عاصروا حركات التحرر في العالم الثالث "مصطفى سعيد في موسم الهجرة كنموذج للجنوبي ضد الشمالي"؟

    أعتبر نفسي من الجيل النازح إلى أوروبا في أواسط الثمانينات، وهو كما تعرف جيل ورث هزائم متكررة وانتصارات مؤقتة، تبعها خلخلة اقتصادية اجتماعية عنيفة؛ مع تغبُّش الصورة تدريجياً بعد التخرّج الجامعي للدخول في عالم البطالة الرحب؛ فأصبح الشاب جاهلاً بمستقبله المأمول. تبع ذلك انتهاء فترة الصلاحية على أرض الوطن، وبدأ زمن الهروب إلى مآل المال في دول النفط أو مآل الحظ والتجريب على أوروبا.
    جيل مصطفي سعيد في "موسم الهجرة إلى الشمال" وجيل "عصفور من الشرق" و "قنديل أم هاشم" كان جيلا نِدّاً للغرب. خرج مستنداً على لغة أجنبية أو أكثر أو مدعوماً بيسر مالي ومؤهلاً بنديّة ثقافية. أما نحن اللاحقون فخرجنا بلا مال ولا لغة أما نديتنا الثقافية فلم يكن لها محل من الإعراب لصورتنا المهتزة ثقافياً وسياسياً في ذاك الزمن الكئيب. لذا حين وصلنا نزلنا إلى قاع المدينة أولاً. المرتاحون من أبناء جلدتنا في هذه البلاد أصابهم الانزعاج من هذه القافلة الآتية والمحملة بالفقر. لم تكن هناك جالية متنورة حداثية تستطيع أن تستوعب أو توفر عزاء أو سترة للقادمين بل بالعكس كانت الجالية طاردة لكل طارق طارئ وأكثر تهميشاً له اجتماعياً ونفسياً واقتصادياً.
    حياتنا الأولى في قاع المدينة علمتنا أشياء لم نكن لننتبه إليها لو وصلنا في راحة كما وصل السابقون. كانت هناك أواصر مشتركة بين المطحونين في أوروبا في أسفل الدرك وبين الأغراب الواصلين من هذه الأمكنة البعيدة من أسيا وأفريقيا وشرق أوروبا. لذا بدأت مسيرتنا من القبو. صرنا نتعلم الحياة رويداً، تلك التي تلوكنا ببطء. تعلمنا اللغة على أرضها. درسنا فيها تخرجنا فيها. سكنا فيها وسكنتنا وتزوجنا منها وعشنا.
    لم يعد للعربي القادم إلى أوروبا تلك الصورة الخارقة الفحولية المزيفة وهذه البطولات العنترية الكاذبة التي ما زال يتشدق بها البعض في المقاهي. ما زال الكثيرون ممّن لم يخبروا الغرب عن كثب يدلون بدلاء الوهم في الذكورية العرقية والشوفينية الوطنية والعقائدية بمنتهى السذاجة وكسل النفكير. كل يرد عليك في النهاية: " ولا يهمك، نحن أحسن ناس، والله!".
    الأرضية المشتركة التي أحاول المرور إليها أدبياً وثقافياً، رحبة ومفتوحة لكثير من التأمل وللحوار والاتفاق والاختلاف. المجال أكثر رحابة لو أردنا ألا نتقوقع داخل أصداف الاغتراب. الصورة القديمة لأبطال الروايات الأولى للرواد خلقت عقدة لنا وسبّبت أزمة تواصل ثم عدم فهم أو سوء فهم أو في أغلب الأحيان أحكام مسبقة.

    ماذا عن التراث والحداثة في نسيج تجربتك الإبداعية؟

    هذا السؤال يتكرر كثيراً حتى نكاد تدريجياً أن نضع حداً فاصلاً بين التراث والحداثة، وأنا لا أرى ذلك. التراث يحمل طيّه الكثير من الحداثة؛ الحداثة ينبغي ان تخرج من الفكرة أولاً، والتراث ما زال يحمل أفكاراً حداثية لم تكتشف بعد. كما أن هناك حداثة شكلية فقط، سطحية قشرية هشه ينجذب لها البعض كأنها صرعة تغيير. وأسميها "تحديثاً" لا حداثة. لأن الحداثة تجديد للقديم وتطوير للموجود واختراع غير الموجود، والتحديث هو مجرد نقل وتقليد ومحاكاة لأفكار وأعمال الآخرين.

    ما أكتبه- كما اعتقد- هو استمرار لما كتب السابقون، لكني معني بحياتي الحالية، أريد أن أصوّرها وأتصوّرها كما عشتها أريد أن استنتج الأسباب من التاريخ كما أريد أن أستنتج التاريخ من الظواهر.
    لا أفكر كثيراً في شأن التراث أو الحداثة حينما أكتب. وإلا صرت مثل شخص يفكر في شكل ونوع الكوب الذي سيشرب فيه دون أن يفكر ماذا سيشرب.

    الحنين احد ابرز مفردات الرواية مدن بلا نخيل. الحنين إلى ماذا؟ وما الذي يثير الحنين عند طارق الطيب ؟ هل للأمر علاقة بالغربة. وماذا عن كون أن الكتابة هي وطن الكاتب؟

    في رواية "مدن بلا نخيل" التي بطلها حمزة الشاب المسكين الذي لم يتلقَ قدراً كافياً من التعليم الذي يسرح في الدنيا دون أن يدري إلى أين المسير أو المصير. هذا القروي اليافع يعبر البحار ليذهب إلى أوروبا حتى أقصى الشمال، يخرج من قريته المتداعية مهمّشاً مرغماً ويعود إليها مهمشاً مسحوقاً ولا يجدها.
    الحنين عند حمزة هو حنين للزمن الجميل القديم الذي عاش منه طفولة مرت كالبرق. وطأة الحاضر تجعل المقارنة مع أي زمن فائت أفضل. في وضعه السيّئ هذا يرغب في العودة إلى بيت وأهل و"مكان" يتسامح معه؛ إلى مكان يحب هذا الحمزة وأمثاله. لكن الزمن يستعصي عليه وتصير مسألة البحث عن هذا الوضع البسيط المعتاد ضرباً من الوهم والخيال.

    * * *

    الطفولة تثير عندي حنيناً لا حدّ له وفترة الشباب أيضاً. المكان الذي اكتمل في الذاكرة واستوى ثم بقي بعيد المنال هو ما يثير لديّ الحنين. الحنين في الغالب يكون للبحث عن حالة رضا عن الحال وتسامح مع الذات والمكان.
    الغربة قد تثير لواعج الحنين أكثر بسبب القطع الزمني الحادث بالخروج. قد يختلف الحنين قليلاً بين المقيم والبعيد. لكن البعيد تكون حساباته بجانب العمق الزمني- والبيئة الجديدة غير المهضومة للكثيرين في أغلب الأحيان- حسابات أخري جغرافية تنتمي للمسافة؛ فالروح لا تغادر المكان بسهولة كالجسد. لكن من المفترض مع مرور وقت معين أن تخف حدة الغربة لدى الناس بتعلمهم لغة جديدة وثقافة جديدة، من المفترض أن يكون في هذا الانتقال إضافات وليس استبدالات كما يهيّأ للبعض.
    أما كون الكتابة وطن الكاتب. فربما يكون هذا للبعض وارداً لكن ليس في حالتي. الكتابة يمكن أن تكون بيتاً أو عزلة أو حماية أو بالعكس قد تكون تشريداً وتعريضاً للخطر. الوطن في حالتي يختلف توصيفه؛ فكل مكان آنس إليه وأرتاح فيه هو وطن لي. وكل مكان أتسامح معه ويتسامح معي هو وطن لي. وطن هنا بمعنى الإحساس بالطمأنينة الحقة. ومحبة المكان بحق دون شوفينية وطنية مجوفة تخرّب في المكان أكثر مما تعمّر وتتخايل كبراً بالمولد المكاني.
    الكتابة هي وطن الكاتب في حال القهر!
    الكاتب هو وطن الكتابة في حال الإبداع!

    صلاح النوبي شخصية استيهامية تترسخ بكل حميميتها في الذاكرة والوجدان. بكل ما للنخيل من رمزية هيمنت على فضاء روايتك و نصوصك القصصية.. هل عبر صلاح النوبي عن رؤيا العالم كما تصورتها و هو يتخلق من تلافيف أفكارك؟ هذا السؤال على خلفية النخيل/ التاريخ/ رمسيس؟

    صلاح الدين النوبي وهي قصة، لمن لم يقرأها، منشورة في مجلة "أمكنة" الفصلية في الإسكندرية وقد لاقت هذه القصة صدىً طيباً من القارئ، ولا أخفيك أنها مشروع رواية أعمل عليه أيضاً منذ سنوات. صلاح الدين النوبي هذا المنسي الجنوبي الذي من المفترض أن تكون حياته نموذجاً رائعا ومثالاً فذاً صلباً لا ينكسر؛ تستلب موهبته الفطرية في صوته الجميل المتميز بسبب لونه الأسود (وهنا تعبير مجازي مركّب ومقصود) ثم يزجّ به في حرب يكون هو وقودها (كأحد أبناء المساكين والمغضوب عليهم) وفي النهاية يلقى حتفه بعيداً عن ساحة الحرب في مستشفي حقير وفي صمت سخيف. يروح صلاح الدين النوبي كأنه لم يكن.
    صلاح الدين النوبي هو تلك النخلة غير المرئية. النخلة التي يعبرها الجميع آلاف المرات. وحين تختفي لا ينشغل الناس في اختفاءها بل في تضارب الأحاديث حولها: هل كانت نخلة بالفعل، أم شجرة، أم لم تكن موجودة أصلا؟
    صلاح الدين النوبي هو رمسيس الذي يُعامَل كحجر يفتتن به السائح بينما نحن نفتتن بالنظر لعيون السائح ومحاولة معرفة سبب الافتتان دون أن نكلف أنفسنا عناء النظر لرمسيس.
    أتمنى أن يلقي هذا العمل القارئ المنتظر لهذا النوع من تحريض الوعي وتمرين الذات على حكّ الصدأ عن التفكير وعن الحق.

    المحور الثاني. طارق الطيب الشاعر:

    مجموعتك الشعرية "تخليصات حِسّ" أثارت ما أثارت من أسئلة حول السردي والشعرية والتشكيل.. كيف تجيب على هذه الأسئلة؟

    هذه المجموعة الشعرية التي صدرت في كتاب واحد عن دار ميريت في القاهرة، هي في الحقيقة ثلاثة كتب في كتاب، وهي في عناوين ثلاثة تمثل مقاطع فاصلة ومستمرة في آن: حس إدراك-الخافت/ حس إرباك- الخاطف/ حس استدراك- الخافي.
    الكتاب يمثل نصوصي التي كتبها خلال عشر سنوات من 1992 حتى 2001، الجزء الأول "الخافت" يمثل عالمي الجديد؛ عالم أوروبا والغرب (العالم الذي أعيش فيه الآن). الجزء الثالث "الخافي" يمثل عالمي القديم؛ عالم أفريقيا والشرق (العالم الذي أتيت منه) والجز الثاني "الخاطف" الذي بينهما يمثل ما بينهما، ما يشبه الفراغ الذي ليس بفراغ (العالم الذي أفكر فيه).
    لا أخطئك القول بأن النصوص تقع بين السردي والشعري، وهذا أمر لا غبار عليه وربما تشكيل النص أيضاً أو تلويحه (من لوحة) بجعله في شكل لوحة كتابية. لا أرى غضاضة في الأمر في أن يخترق النثر الشعر أو العكس، لكن ألا يكون الأمر تعسفاً وكيفما اتفق. قد يجد البعض صعوبة في تطويع قراءة النص لأن الذائقة السابقة تأسر.
    على القارئ أن يتعوّد على التخلّي عن هذا الحذر في مقاربة النصوص الشعرية؛ فبينما يستطيع أن يفعل هذا مع النص النثري الصرف في الرواية والقصة بقبوله ما سيأتي به الكتاب، فهو يتلعثم غالباً حين يقرأ كلمة شعر حديث أو شعر منثور أو نثر شعري أو ما شئت من المسميات. لذا سميت أيضاً كتابي بـ "حس" آملاً أن يقرأ القارئ النص متخلّصاً الجمود الذي يسبق القراءة؛ مع إنها حيلة مكشوفة.
    تعوّدت هنا في فيينا على قراءة واستماع أغرب النصوص وأدهشها ولصاحب النص أن يسمي نصه كما يشاء، وعليّ أنا كقارئ أن أجد مفاتيحي لقراءة النص ويجوز لي أيضاً أن أراه في النهاية قصة أو شعراً أو مشهداً مسرحياً على غير ما رأى كاتبه لكن هذا لن يفسد استمتاعي بالعمل ورأيي الثانوي.
    نحن في حالة حرجة من الحرب على مسميات النصوص: هل هي قصيدة؟ هل هي شعر منثور؟ وهل هي قصة؟ .. الخ. أراها كلها كتابات لنصوص تستسمح عين القارئ وأذنه، تقتحم وعيه ولا تستأذن بالعنوان.

    المحور الثالث: طارق الطيب الفنان متعدد المواهب

    قمت بكتابة المسرحية والقصة القصيرة والرواية والشعر فضلا عن كونك تشكيلي. كيف تقيم تجربة طارق الطيب الفنان متعدد المواهب؟

    أشكرك على كلمة "متعدد المواهب" التي أراها تمدحني حتى تجعلني هشا قابلا للكسر عند البعض. كل ما أكتبه لا أسعى عادة لإعطائه الاسم قبل الولادة. المسألة أنني أجد أن كل هذه الفنون الكتابية والبصرية والتشكيلية.. إلى أخره، مكملة لبعضها البعض. لا أستطيع وضع فواصل بينها كما يفعل البعض. وإن سمحت لي سوف أسمّي هذا "تنوّعاً" لأن في التنوّع تباين وثراء وفي التعدّد يكمن ربما التكرار.
    يمكننا أن نحول قصة إلى مسرحية أو إلى فيلم أو نعبّر عنها برقصة أو بلوحة أو منحوتة فنية دون أن نشعر أننا نغتال العمل الأدبي أو نجبره على ما لا "طاعة" له به.

    * * *

    لا أستطيع أن أقيّم تجربتي وأنا ما زلت أجرّب. لم أخرج بعد من دور الأديب المتبجّح بممارسة الرسم. سأقول لك أن المعارض الفنية والكونسرت الموسيقي والباليه والنحت والتصوير وغيره من الفنون تلهمني في الكتابة. المسرح قد يلهمني بقصة أو قصيدة أو رواية، والرواية قد تلهمني بالمزيد من التبحر في القراءة. الشعر قد يلهمني بمزيد من الوعي والتأني في الفهم والاستيعاب. كل هذا يصب في رأسي ليسير عبر يدي ليخرج العمل عفوياً كيفما يشاء؛ إن شاء قصة فلتكن أولتكن لوحة أو مقطعاً من رواية.. إلخ.
    لا إكراه في الأدب.

    المحور الرابع: طارق الطيب الفنان التشكيلي:

    حدثنا عن تجربتك التشكيلية في السودان والعالم
    - مدرسة الخرطوم التشكيلية نعتبرها في السودان احد روافع حركة الثقافة السودانية، اهتمت هذه المدرسة باستلهام التنوع الثقافي والبيئي في السودان وعبرت عن ذلك جماليا بصورة عكست خصوصية وعالمية التجربة التشكيلية السودانية وأكثر النماذج إشعارا بذلك هي تجربة بروفيسور شبرين رائد هذه المدرسة.. من موقعك الثقافي دكتور طارق، الذي هو كما أتصور موقع تنهض فيه الذاكرة السودانية عبر التواتر (على المستوى الذهني) وجدل التلاحم بين التجربة المصرية (بحكم النشأة والميلاد والتجربة الأوروبية (بحكم الحياة في النمسا)؟

    يؤسفني أن أبوح لك بتواضع معرفتي عن عمق الحركة التشكيلية السودانية التي أدرك كم هي عريضة ومهمة رغم أنها غير ظاهرة بالشكل الذي تستحقه. والعيب ليس كله منّي كما ستكتشف في ثنايا ردّي، فغياب النقد الفني الموازي للأعمال التشكيلية على وجه الخصوص يشكّل عقبة في تتبع ما يحدث على الساحة الفنية برمتها في السودان. هذا ينسحب على المجال الإبداعي ككل.
    هذا العيب الكبير هو تقصير من قِبَل المؤسسة الرسمية التي لا تدعم هذا المجال الهامّ، لكننا لن نقف أيضاً هنا للبكاء على أطلال الفن؛ فالأمر يسحبنا بالضرورة إلى البيت السوداني. هل مثلاً تعتاد البيوت السودانية اقتناء اللوحات وتعليقها والاهتمام بها؟ هل هناك معارض ومتاحف لهذا الفن الثري في السودان؟ لا أدري ربما يوجد ذلك! فلا أريد أن أتجنّى. لكني خلال عمري الطويل في فيينا أكثر من عشرين عاماً. لم ألتقِ يوماً في أيّ من متاحف فيينا العملاقة أو النمسا وأوروبا طولاً وعرضاً بأحد من العرب. لا أحد يعير الفن همّاً أو اهتماماً. ثلاثة أشخاص فقط طلبوا مني زيارة متحف - في عمري الطويل لأكثر من عشرين عاما من وجودي في هذه المدينة. الشاعرة اللبنانية صباح الخراط زوين قبل سنوات والشاعر اللبناني عباس بيضون في العام الماضي وأخيرا إدوار الخراط، أثناء دعوته للمشاركة لمهرجان أدب مارس في فيينا. ورغم أنه كان متوعكاً قليلاً في تلك الفترة، إلا أنه أصرّ على زيارة المتحف وتفرّج بمتعة وانسجام شديدين. واستمتعت معهم؛ لأنني اكتشفت أنني في هذه المرات القليلة أتكلم داخل متحف في فيينا باللغة العربية.

    * * *

    أعود للتساؤل: هل لدينا مراجع وكتب وكتالوجات تتحدث عن الفن التشكيلي السوداني؟ وهل نقدّر الفن فعلاً؟ أم نحاكي الغرب في أغلب الأحيان في سطحية غير منتجة. الشوارع هنا يا صديقي وحدها متاحف بحدائقها وزينتها ونظافتها. الملصقات الفنية تكتظ بها الشوارع، الدعوات التي تصلني في شهر واحد فقط لحضور مناسبات فنية وأدبية، لن أستطيع أن ألبيها خلال عام لو حضرت مناسبتين يومياً وهذا في فيينا وحدها. أنا أسكن في حي من أصغر أحياء فيينا، في هذا الحي يوجد حوالي سبعة متاحف وأربعة مسارح والعديد من دور السينما. لن أستمر في الكلام حتى لا أثير الأسى لمشاعري ولمشاعر القارئ.
    لعل الانترنت يوفر لي الآن مجالاً خصباً لتتبع أعمال بعض الفنانين البارزين مثل إبراهيم الصلحي وعثمان وقيع الله وراشد دياب وغيرهم ممّن للأسف لا تحضرني أسماءهم الآن. هذه الأسماء بالتأكيد قطرة في نهر الإبداع السوداني الغائب والمغيّب. لأن هذا الهجين الأفريقي المعتمد على الخامات والألوان الأفريقية والضوء الإفريقي الخارج من نسيج الكاليغرافيا العربية الشديدة الثراء، الساحب من النسيج الأوروبي المتعدد المدارس والمذاهب والمبتكر دوماً، كل هذا الهجين يشكل دفقاً متميزاً ونبعاً طازجاً في الفن، ليتنا نقدره ونقدر أهله كما هم هنا يقدّرون!

    * * *

    موقعي الثقافي والمكاني يحمل بالتأكيد ذاكرة إفريقية على المستوى الذهني. إفريقي أعني بها أيضاً إلى جانب السودان كل الشريط الشمالي المتوسطي؛ فالبعض ينسى أن الدول من مصر حتى المغرب هي دول أفريقية. البعض يلعب بخبث أحياناً لخلعها إلى نطاق أعلى.
    هذه الذاكرة الأفريقية والنشأة المصرية تركزت في ذاكرتي واتخذت لها الأساس الأول لكنها سمحت أيضاً بمكان رحب لما تراكم في مخيلتي عبر عشرين عاماً في أوروبا على وجه الخصوص وخارجها أحياناً.
    الفنون لا جنسية لها بل هي عابرة للأمكنة والأزمنة مهما حاول المتطرفون المنغلقون أو أصحاب البهجة الاستعمارية.
    حين أحاول خلق لوحة تمر بذاكرتي عشرات الأمكنة في لحظة وتمر عبر يدي عشرات اللوحات وحين تسير الفرشاة أو القلم على اللوحة لا أجد معاناة في ذلك بل أشعر بطريقة طفولية بشيء من اللعب، لأنني أول من يبتهج أيضاً باللوحة بعد انتهاءها. ولا أعترف بكل من يدعى المعاناة في عمله الأدبي فالعازف الذي يعاني في عزفه لن يمتعنا بالتأكيد، والرسام الذي يعاني في تخطيطاته ورسمه لن يخرج لوحة عفوية ملفتة، كذا كل مبدع وعامل في حقله. المعاناة في الحياة واردة وبسببها يخرج الإبداع، لكن المعاناة في تنفيذ الفن في حد ذاته- في رأيي ضرب المازوخية أو الكذب وطلب العطف.

    بعد هذه التجربة الثرة في مصر وأوروبا.. في مصاحبة الكتابة والكتاب والفنانين التشكيليين والتشكيل والشعر والشعراء. والتعرف الحميم على تجارب إبداعية مختلفة ومتنوعة. كيف ترى المشهد الثقافي في مصر والعالم العربي وأوروبا. وأين يقع المشهد الثقافي السوداني عند طارق الطيب من كل ذلك ؟
    المشهد الثقافي في مصر من وجهة نظري فيه كثير من التفاؤل لكنه يعمل بطاقة أقل بكثير من قدراته ولهذا أسباب كثيرة، فالدعم الحكومي له في أغلبه شروط بعضها واضح وبعضها خفي. الكاتب أو الشاعر الحر يجازف من خلال اختياره لحريته، بإبعاده إلى خارج الجماعة المرضي عنها؛ هذا جيد لخلاصة فنه بالتأكيد، لكنه مؤلم لأوضاعه الملازمة لأن المعاناة ستكون مضاعفة.
    الأوضاع في الدول العربية الأخرى تتراوح إذا بين الغل الشديد والانفتاح المقيّد. هناك دول ما زالت لا تسمح مثلاً بصورة عادية لوجه كاتبة أو امرأة في مجلة (نحن في عام 2005 الآن لمن سيقرأ هذه المقالة بعد عقود قليلة). بينما تكتظ المجلة بوجوه الرجال في أشكال متعددة من بروفيل ومقطع أمامي ومقطع فوقي وهلم جرا. هناك دول- صدق أو لا تصدق- تطالب بحجب النساء عن استعمال الانترنت بوقاحة الحجة التي تقول بأن المرأة أكثر فساداً من الرجل. درجة متناهية من الخبل المركب.

    * * *

    المشهد الأوروبي قريب مني جداً وأتعامل معه يومياً على صعيد أكاديمي أو فني أدبي دون فواصل وقد استفدت كثيراً من هذا الرافد الأوروبي الذي أعيشه هنا وهذا الثراء المجاني المتاح لي بصرياً وسمعياً وذوقياً على كافة الأصعدة. أيضاً حرية أن تكون مواطن من أهل البلد تعنّف المخطئ بوضوح ولك نفس الحقوق والواجبات (هناك بعض الانحرافات بالطبع لكنها ليست القاعدة).
    يُسمَح لك في الدولة الأوروبية بحقوق المواطنة ويُسمَح لك بالسكن والعمل والزواج من بناتهم والحصول على جنسياتهم مع حقوق المساواة (أقول مع قليل من الانحرافات)، لكن أي دولة عربية هذه التي تسمح لك بالحصول على جنسيتها رغم الحياة الطويلة فيها والمولد ودحر العمر فيها؟ يتشدقون أمامك بالقول المجاني: نحن أخوة ولا فرق بين عربي وأعجمي. لكنك ترى بأم عينك وأبيها الفرق بين عربي وعربي!
    المشهد السوداني بعيد عني نسبياً أتابعه من بعيد بقدر ما يتاح لي من استماع أو قراءة أو مشاهدة. يمكنني الآن عبر القنوات الفضائية والانترنت أن أكون قريباً من المشهد الاجتماعي السياسي، لكن تختفي عني بالتأكيد حميمية المشاركة الحية والمتابعة عن كثب.

    في حوارك المطول والمميز لمجلة سطور يونيو الماضي قلت في معرض حديثك عن الإهمال الثقافي السوداني من قبل المؤسسة الرسمية أو الإعلامية السودانية سواء كانت داخل أو خارج السودان قلت :" فأنا لا أنتظر من الهيئة السودانية الرسمية أن تقدم دعوة لي للذهاب إلى السودان. لم أطلب ولن أطلب ولا أنتظر ولا أتوقع".. لماذا هذه الحدة وأنت العليم بأن السودان يمر بمرحلة انتقالية في السلوك والمجتمع والفكر والثقافة.. ولمراحل الانتقال وما يسبقها ويتلوها من تمزقات آثار كبيرة, ربما احد مظاهرها الطريقة التي تصرف بها سفيرنا في النمسا كما حكيت أو ما تناقلته احدي الصحف عن جهل "(طالب سوداني يحصل على منحة الأدب في فيينا)".. أتصور ان كل ذلك لا يعبر عن جوهر السودان كشعب يحب أبناءه سواء نجحوا في مشاريعهم أم لم ينجحوا يظلون أبناءه وقدرهم من قدره.. سؤالي هو كيف شاركت كسوداني. بل لثلاث مرات في مهرجان مقدونيا العالمي للشعر في ستروجا كما قلت في الحوار الذي اشرنا إليه :" وتعجبت في زيارتي الأولى لها- مقدونيا - عام 2002 حين سألت الشاعر المقدوني بوجوميل المسؤول آنذاك عن المهرجان عن علم السودان الذي يرفرف في الأسفل عند ضفة النهر والذي رأيته من غرفتي بالفندق من الدور الخامس. سألته: "هل هناك مؤتمر ما هنا في الفندق؟". قال لي: "هذا العلم هو لك ويمثلك وقد تعبنا في الحصول عليه!"
    اقترب على الخمسين ولا يعرفني أحد في السودان أو ربما القليليون. ".. كيف تمت هذه المشاركة؟

    كل ما أخشاه أن تحذف أو تحور الإجابة على هذا السؤال الهام.
    أراك الآن في النهاية تخلط بين رفضي لمن يرفضني ويحجبني ومحبتي لمن لا تصل إليه رسالتي دون ذنب جناه. وأنا لا أفضل أن ألعب في ملعب الجناة. بل في ملعب الضحايا، ولست ممن يهرولون خلف الوعود ويغيرون جلودهم أربع مرات في العام حسب كل فصل إغراء.
    كل شعوب الدنيا تحب أبناءها الذين يحبونها لكنها تكره طغاتها الذين ينفون خيراتها البشرية خلف الحدود كالنفايات.
    ربما بدا من ردي بهذه الحدة:[" أنني لا أنتظر من الهيئة السودانية الرسمية أن تقدم دعوة لي للذهاب إلى السودان. لم أطلب ولن أطلب ولا أنتظر ولا أتوقع"]؛ لأن الزميلة التي نشرت الخبر وكانت قد أجرت حواراً تليفونياً مطوّلاً معي في القاهرة بعد منتصف الليل بُعيد عودتي من قراءة الإسكندرية آنذاك- فبدا الخبر منقوصاً وفيه كثير من الأخطاء والأقوال التي لم ترد على لساني بهذا الشكل.
    كان نص كلامي كالتالي:
    [فقد قدمني الدكتور كورت شبارلنجر سفير النمسا للجمهور في القاهرة في مقدمة طويلة غير مكتوبة باعتباري كاتباً أفريقياً نمساوياً تقدّره النمسا وتعتزّ به وبكتاباته المنشورة بالألمانية، ولم تنتهز السفارة وجودي صدفة بالقاهرة لتقيم هذه القراءات في مصر: في جامعة عين شمس وفي مركز الصاوي وفي المدرسة الألمانية ثم في معهد جوته بالإسكندرية ثم في جامعة أسيوط، قسم اللغة العربية وقسم اللغة الألمانية- هكذا بالصدفة- كما ذكرت مقالتها هذا الخبر.]

    [لم يكن كما ذكرت المحاورة أن الحضور (هو عدد من السودانيين والأجانب) بل كان في معظمه جمع كبير من النقاد والأدباء المصريين ومن الصحفيين والصحفيات والجمهور المصري في الغالب؛ فكان من الحاضرين الأستاذ الدكتور محمود الربيعي أستاذ الأدب الحديث بالجامعة الأمريكية الذي قدم تعقيباً جميلاً والدكتور العالم أحمد مستجير والكاتب المسرحي الساخر عادل سالم والشاعر المصري المميز عبد المنعم رمضان الذي قدم بعض الأسئلة والكاتبة المعروفة سلوى بكر التي عقبت مرتين والروائي منتصر القفاش والمستشار الثقافي المصري السابق في فيينا الدكتور حلمي عمران والأخير هو الوحيد كل العرب الموجودين في فيينا الذي خصص لي يوماً في فيينا قبل عام ونصف ودعا جمهوراً كبيراً) وأقل من حضر حقا كان من السودانيين وللحق فقد حضر المستشار الثقافي السوداني بالقاهرة.]

    [البعض الآخر يلومني أنني لم أتوسل للسودان أو مصر من أجل تقديمي وتلميعي. بل لقد استأت بالفعل من المقالة المذكورة التي صدرت على لساني بكلام لم أتفوه به، فلم يرد على لساني هذه الجملة المحوّرة (ألا يفكر السودان في تقديم دعوة؟ لماذا!!!) التي صدرت في المقالة المنقوصة هكذا بثلاث أو أربع علامات تعجّب لإعلاء الصوت؛ فأنا لا أنتظر من الهيئة السودانية الرسمية أن تقدم دعوة لي للذهاب إلى السودان. لم أطلب ولن أطلب ولا أنتظر ولا أتوقع.]

    وجملة (لم أطلب) هي حقيقة (ولن أطلب) هي أيضاً حقيقة؛ فلم افعل هذا في حياتي حتى الآن. وجملة (لا أنتظر ولا أتوقع) ليس فيها حدة؛ بل هذا هو الواقع. منذ عام 1988 وأنا أنشر بالعربية ومنذ 1999 وأنا أنشر بالألمانية، انظر بنفسك الفارق في قراءة السيرة الذاتية. سأذكر لك واقعة هذا الأسبوع: حصلت هذا الأسبوع الذي أردّ فيه على أسئلة الحوار، على منحة أدبية سنوية جديدة لم أكن أتوقعها. شهرية لمدة عام كامل تبدأ من هذا الشهر من مؤسسة "ليترار ميكانا" وإليك الرسالة كما جاءتني بنصها بعد الترجمة:

    [مؤسسة ليترار ميكانا

    الأستاذ الدكتور طارق الطيب
    30 يونيو 2005

    الأستاذ المحترم دكتور طارق الطيب

    يسعدنا أن نزف إليكم خبراً؛ بأن المجلس الاستشاري للهيئة في جلسته رقم 252 يوم 29 يونيو 2005 قد قرر منحكم منحة أدبية من صندوق اليوبيل بقيمة قدرها كذا (لمدة أثني عشر شهراً بقيمة كذا شهرياً) وذلك تقديراً لإبداعكم الأدبي. هذه المنحة الأدبية نرجو أن تمكنكم في خلال فترة زمنية قادمة من خدمة مشروعاتكم الأدبية الكبيرة.
    وقد قرر المجلس الاستشاري هذا القرار بالإجماع بناء على اقتراح المجلس الاستشاري المستقل، وفي غضون الأيام القليلة القادمة سيصلكم مبلغ بقيمة (كذا) ثم بعد ذلك أيضاً لمدة أحد عشر شهرا بقيمة (كذا شهرياً) تُحوّل إليكم عند منتصف كل شهر.

    يسعدني أن أهنئكم شخصياً من القلب بالاعتراف بإبداعكم الذي قررته الهيئة.

    مع أطيب التحيات

    ليترار ميكانا
    أمضاء
    (......)

    وسبب دهشتي أن قيمة هذه المنحة كبيرة, أنها سنوية أي تقدّم للأديب أثني عشرة مرة خلال عام كامل للتفرغ للكتابة، وتعادل قيمة جوائز الإبداع السنوية في النمسا، كما تعادل تقريباً قيمة جائزة الرواية العربية.
    وللعلم فـ "ليترار ميكانا"، هيئة مستقلة تتابع ما يُنشر أو يُذاع أو يُبثّ للأديب في النطاق الألماني وربما الأوروبي، وترسل للأديب حقوقه سنوياً عن أشياء أذيعت أو نُشرت له أو بُثّت تلفزيونياً أو في أي وسيط فني أو أدبي أو غير ذلك، قد يكون صاحب العمل عالماً بشأنها أو لا، وقد حدث خلال السنوات الماضية أن وصلتني بعض القيم المالية على حسابي بالبنك، تراوحت في قيمها، لأشياء نشرت لي هنا وهناك دون علمي، مرسلة بالتاريخ واسم الوسيط الذي نشر ومستحقاتي المالية عن هذا النشر. الأديب أو الفنان لا يحتاج إلى عضوية، فقط ملأ استمارة المؤسسة باسمه وعنوانه ورقم حسابه في البنك.
    لم أكن أدري أن هذه الهيئة تقدم أيضا منحاً بهذا الشكل وهذه القيمة ولهذه الفترة الزمنية الطويلة ودون شروط لاحقة. فقط بحسن المتابعة منهم والتقدير.

    * * *

    لم أكن يوماً من المتشائمين. لكني تعوّدت أن أكون حذرا في تفاؤلي فأنت ترى [أن السودان يمر بمرحلة انتقالية في السلوك والمجتمع والفكر والثقافة.. ولمراحل الانتقال وما يسبقها ويتلوها من تمزقات آثار كبيرة]. لست ضد هذا ولا أتمنى أن يحدث العكس. لكني فقط أتمنى دائماً أن يؤدي التغيير فعلاً إلى تغيير.

    * * *

    أما عن المشاركة في مهرجان ستروجا العالمي للشعر (بدأ عام 1962) فقد وصلتني دعوة من الشاعر المقدوني المعروف بوجوميل مباشرة وهو المسئول أيضاً عن المهرجان، بناء على نصيحة الصديق الشاعر النمساوي برنهارد فيدر. جاءتني الدعوة قبلها بخمسة شهور. وهم لا يستطيعون دفع تكلفة الطيران لدول أوروبا الغربية لكنهم يتحملون كافة التكاليف خلال فترة المهرجان من لإقامة وطعام وسفر داخلي.. إلخ. ومع ذلك فقد دفعت لي وزارة الثقافة في النمسا قيمة التذكرة كاملة رغم أنني مثلت السودان هناك. جاءتني الدعوة في العام التالي وذهبت، ثم تكررت في العام الثالث مع طلب توصية بأسماء بعض الشعراء لدعوتهم للحضور وقد فعلت. وفي هذا العام 2005 جاءتني الدعوة مجدداً، وهي هذه المرة دعوة خاصة لأنم ترجموا كتاباً لي إلى المقدونية ضمن أربعة شعراء من العالم وسيتم تقديمهم بشكل مميز في هذه الدورة رقم 44.
    هذا المهرجان العالمي أستطاع خلال دوراته الثلاث والأربعين استضافة أربعة آلاف شاعر ومترجم وكاتب أدبي وناقد من خمس وتسعين دولة من كل أنحاء العالم.

    طارق الطيب الفعاليات الأدبية والتشكيلية الدولية التي شاركت فيها حتى الآن؟ وما هي اللغات التي ترجمت إليها أعمالك؟

    شاركت في العديد من الفعاليات والمهرجانات والأنشطة الثقافية في داخل النمسا وخارجها. المشاركة الأولى كانت في فرانكفورت عام 1995 وكانت النمسا هي ضيف الشرف وهو العام الذي حصلت (أنا) فيه على الجنسية النمساوية، فذهبت إلى هناك ممثلاً عن النمساويين من أصل غير أوروبي.
    ثم شاركت في دورة "أوفيس دو ليفر" في خريف عام 1999 بجامعة بواتيه إثر ترجمة "مدن بلا نخيل" إلى الفرنسية. كنت مدعواً مع الصديق الحميم إبراهيم الكوني من العرب وأقمت على هامشها ست قراءات أخرى في المدارس الثانوية بمدينة لاروشيل بعد أن قرروا روايتي في هذا العام على المدارس الثانوية هناك. ثم بعدها شاركت في مهرجان ستروجا العالمي في مقدونيا أعوام 2002، 2003، 2004، وسأشارك في هذا العام 2005 كما ذكرت، كانت لي أيضاً قراءات متعددة في مدن ألمانية مثل آخن وكريفيلد ونويس وشوبف-فيلد وقراءة في هولندا في العام الماضي. في النمسا أيضاً العديد من القراءات في جراتس وسالزبورج وفي المهرجان العالمي في مدينة "دورن-برن" بالنمسا أيضاً في العام نفسه. ثم فرانكفورت عام 2004.
    وفي هذا العام 2005 بدأ بمهرجان "أدب مارس في فيينا" في شهر مارس بالمشاركة العربية مع إدوار الخراط وإبراهيم الكوني وزكريا تامر وميرال الطحاوي ونجم والي وإيمان حميدان يونس وأتيل عدنان وأمل الجبوري إلى جانب كتاب وشعراء آخرين من آسيا وأوروبا.
    وفي أبريل من العام نفسه جاءت مشاركتي ممثلاً للنمسا في "مهرجان الفرانكو أيرلندي الأدبي السادس" في دبلن بأيرلندا، وهو تمثيل للنمسا للمرة الأولى.
    جاءت بعدها الرحلة الأدبية الكبيرة لمصر في مايو من هذا العام في القاهرة بساقية الصاوي وجامعة عين شمس والمدرسة الألمانية ومعهد جوته بالإسكندرية ثم جامعة أسيوط.
    يتبقى من هذا العام دعوة مهرجان ستروجا العالمي للشعر في مقدونيا في أغسطس القادم، ثم في سبتمبر في مهرجان أوكرانيا الأدبي وهو مهرجان صغير نسبيا وسأشارك فيه بعد أن ترجموا لي عددا من النصوص في انطولوجيا عن الأدب النمساوي الحديث.

    * * *

    أما اللغات التي ترجت إليها فهي اللغة الألمانية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والمقدونية والأوكرانية.
                  

01-06-2008, 08:22 PM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Faisal Al Zubeir)

    ترجمة- خبر: أكاديمية (شرق- غرب) العالمية، ”كورتا دي آرجيش“، رومانيا

    طارق الطيب يحصد الجائزة العالمية الكبرى للشعر لعام 2007 في رومانيا

    THE INTERNATIONAL GRAND PRIZE FOR POETRY 2007 for Tarek Eltayeb

    حصل طارق الطيب في رومانيا هذا الأسبوع على الجائزة العالمية الكبرى للشعر لهذا العام 2007 التي أقيمت في الفترة من 18 حتى 24 من يوليو 2007 في مدينة ”كورتا دي آرجيش“، وهي الدورة الحادية عشرة التي شارك فيها عدد كبير من الكاتبات والكتاب من النمسا وفرنسا وألبانيا وبلغاريا والسويد والبرتغال وأوكرانيا وروسيا وكرواتيا واليونان وبلجيكا وغيرها، وعدد كبير من كاتبات وكتاب رومانيا الراسخين والجدد.
    وقد أسس هذه الأكاديمية الدولية (شرق - غرب) الشاعر دوميترو ايون مع زوجته الشاعرة كارولينا إليكا.
    أقيم الاحتفال في قاعة الكبرى بمتحف المدينة في ”كورتا دي آرجيش“ بحضور محافظ المدينة وقد وزعت جوائزها المقررة في هذا اليوم وهي جائزة الدولة الكبرى للأدب وجائزة فالنسيا للترجمة وجائزة البلقان الكبرى للشعر والجائزة الأوربية الكبرى للشعر وجائزة (شرق- غرب) للفنون ثم أخيرا الجائزة العالمية الكبرى للشعر.
    يقول دوميترو ايون رئيس الأكاديمية والمهرجان ورئيس أكاديمية (شرق- غرب) أن هناك قائمة كانت موجودة لبعض الشعراء المرشحين من قبل اللجنة وأن الطيب أضيف إليها بعد أول قراءة له، تلك التي لاقت استحسان الحاضرين، قرأها بالعربية والانجليزية وقرأتها بعده الفنانة ”دوينا جيتسيسكو“ باللغة الرومانية، ثم بعد القراءات في الأيام التالية ظل الطيب يتقدم القائمة ليتصدرها فائزا بالجائزة الكبرى في اليوم الأخير.
    اختتمت الدورة بتقديم الجائزة والشهادة واضطر الطيب لأن يرتجل كلمة أمام اللجنة والحاضرين وللتلفزيون الروماني الذي كان قد أجرى معه حوارا في صباح ذات اليوم - عن الجائزة التي لم يكن يتوقعها قال في كلمته المرتجلة:
    ”لم أكن أتوقع أن أفوز بجائزة على الإطلاق ويذكرني هذا الموقف بالفائزين بأوسكار هوليوود. الفرق بيني وبينهم هو أنني أولا: لم أكن مستعدا على الإطلاق من قريب أو بعيد للفوز بهذه الجائزة الكبرى بالذات، وثانيا: أنني لم أضع ورقة في جيبي لأقرأ منها في حال فوزي.
    والمرء حين يسافر يشتري في الغالب بعض التذكارات التي تذكره بالمكان وأهل المكان وقد فعلت بالأمس هذا ونحن في ترانسلفانيا في قلعة دراكولا، لكن هذا التذكار الجميل المميز سيبقي في ذاكرتي للأبد. أنا سعيد بهذا التقدير وسعيد لوجودي الدائم في تلك الانطولوجيا التي تمثل بالنسبة لي جواز سفر جديد عبر اللغة كمواطن جديد في رومانيا، أشكركم وأشكر اللجنة وأشكر السادة الحضور. “

    كانت هناك عدة قراءات بدأت أولها في قاعة المرايا باتحاد الكتاب في بوخارست بعد أن قدمت للأنطولوجيا الشاعرة الرومانية والمديرة الفنية للأكاديمية كارولينا أليكا والشاعر رئيس الأكاديمية والمهرجان دوميترو ايون. في اليوم التالي تم افتتاح المعرض الفني في القاعة الكبرى لمتحف مدينة ”كورتا دي آرجيش“ بحضور محافظ المدينة وقدمت الانطولوجيا من جديد والتي شملت ما يقرب 440 صفحة ضمت الكتاب المشاركين، إضافة لبعض الكتاب الذين اضطرتهم ظروفهم لعدم الحضور.
    أما الشاعر والمسرحي ميشيل جلوك من فرنسا فقد تم تكريمه بعضوية دائمة بالأكاديمية في احتفال خاص.
    جدير بالذكر أن الدورة الأولى للمهرجان أقيمت في عام 1977 وحضرها ما يقرب من أربعين شاعرا من 15 دولة. فاز بالجائزة في ذاك العام الشاعر المقدوني مخايل رينجيوف من مقدونيا، ثم توقفت الدورة لمدة 21 لتعود بالدورة الثانية عام 1998 وتستمر سنويا في الموعد نفسه دون توقف. وقد فاز في أعوامها السابقة الكثير من شعراء العالم مثل الشاعر الأيرلندي جون إف دين والياباني ساتوكو تامورا والكوبي مانويل دياز مارتينيز.
    وبانتهاء الدورة الحادية عشرة يكون قد شارك في هذا المهرجان منذ بدايته ما يقرب من 650 شاعرا من مختلف أنحاء العالم من أكثر من 75 دولة.

    دروب 27 يوليو 20
                  

01-06-2008, 08:51 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10844

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Faisal Al Zubeir)

    تهانينا الحارة
    وسوداني آخر يشرفنا في هذا العالم
                  

01-07-2008, 04:10 AM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Nasr)

    شكرا يا فيصل الزبير
                  

01-07-2008, 06:54 AM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Tragie Mustafa)

    الزميلة : تراجي

    هنا فجر جديد ، وإذا ما توفرت بيئة الابداع تقدم ابناء بلادي الى الامام .
    فوق
                  

01-07-2008, 07:09 AM

Ahmed Elmardi
<aAhmed Elmardi
تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 1663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Faisal Al Zubeir)

    Dears Faisal and As3ad


    This is great , I am quite impressed
    I will be looking for his books.

    Thanks
                  

01-07-2008, 09:37 AM

Elawad Eltayeb
<aElawad Eltayeb
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 5319

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Ahmed Elmardi)

    Quote: كل شعوب الدنيا تحب أبناءها الذين يحبونها لكنها تكره طغاتها الذين ينفون خيراتها البشرية خلف الحدود كالنفايات.
                  

01-07-2008, 11:08 AM

محمد سنى دفع الله
<aمحمد سنى دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-10-2005
مجموع المشاركات: 10986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Elawad Eltayeb)

    نتشرف ونفخر ونفاخر به
    الكاتب الرائع والإنسان
    طارق الطيب
    مزيدا من التقدم وزالنجاحات
    شكرا فيصل
                  

01-07-2008, 11:50 AM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: محمد سنى دفع الله)

    شكرا يافيصل على عكس وجه مشرق فعلا، الصديق الجميل طارق الطيب وشكرا لندائى لاكتب عن طارق الذى اعرف



    طارق ليس كاتبا واديبا بل هناك الكثير الذى يشدك له ولانسانه، عرفته فى بدايات 93 بعد اقل من اسبوع من حضورى للنمسا اتانى يومها محملا بمدن بلا نخيل، قصاصات واشعار وتلوين، التقينا على نهر الدانوب وحسيت يومها وانا ابدأ غربتى بانه يمسح عليها بانسانيته وقلبه الطيب، حسيت بالفته خاصة وعم الطيب يتنمى الى كوستى قبل هجرته واسرته الى مصر فى عين شمس حيث تقيم الاسرة... طارق تشكيلى لايشق له غبار عرفته كثير من دور التشيكلين النمساويين.



    انسان لدرجة مذهلة، خفيف الروح وسريع النكتة، شقته متحف راقى وهادىء ومريح تضئيه اورسولا بابتسامتها وطيبتها وانسانها البديع ترافقه من سنين طويلة واياديهما تتشابك بحنية وحب يحرضك لفعل الجمال..تتحدث العربية بطريقة تحببك فى اللغة العربية..
    طارق اكاديمى ويعمل استاذا بجامعة كريمز بعد ان اكمل الدكتوراه فى جامعة الاقتصاد بفييناومحبوب جدا ومريح فى تعامله ومهذب لدرجة مذهلة,,, صعب ان احكى عن طارق وعن انسانيته وعن تجارب كفاحه وهو يشق طريقه يدء من بائعا للجرايد لمدة تزيد عن العام وذلك اثناء دراساتة العليا فى مجال الاقتصاد وانتهاء باستاذا جامعيا فى اجود جامعات العالم..

    رغم ان بيتهم لايبعد الا مسافة خمسة محطات من بيتنا الا اننا نلتقى لماما نتيجة لظروف البلد والجرى الشديد، نلتقى مرات دون ترتيب فى ندوات تقع ضمن اهتمامه واهتمامى كان آخرها قبل عام، نتراسل واورسولا واتابع اخبارهما كما يفعلا خاصة تجاه واصل ومرافىء..


    _________________________________________

    التعديل لاضافة معلومة

    انتم على موعد مع حورا مطولا معه ساقوم بنشره حالما يكتمل والى حين ذلك سابلغه بمعزتكم له

    (عدل بواسطة Ishraga Mustafa on 01-07-2008, 05:28 PM)

                  

01-07-2008, 04:53 PM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني سفيرا للنمسا ! (Re: Ishraga Mustafa)

    الزميلة : اشراقة
    ازززززيك

    ناس الدوحة طارينك وجلسة صالون ابنوسة وروايتك خاصة بطعم الجيك ، لا تزال في الذاكرة .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de