لا للعنـــــــــــــصرية ، لا وألف لا للعنصرية

Quote: الشعب الكوري شعب يتمتع بدرجة عالية جدا من التجانس العرقي والإثني ، بل أن كبار علماء الأجناس والمتخصصين في علوم الأنثروبولوجيا يعتقدون أن كوريا من الدول القليلة جدا في العالم التي تتمتع بهذه الخاصية. الشعب الكوري شعب لا يحمل أي نوع من التمايز أو التباين العرقي بشكل يذكر ، بل أنه شعب يتمتع بتجانس عرقي ملحوظ وتوافق إثني واضح للعيان وتوحد لغوي كامل . من الأشياء الجديرة بالملاحظة ، ان الشعب الكوري ، رغم بعض أوجه التشابه الجسدي مع الصينيين واليابانيين ، إلا أن كل علماء الأجناس والأنثروبولجيا مجمعون على وجود تمايز واضح بين الكوريين وكل من الصينيين واليابانيين . الكوريون هم من سلالة القبائل المنغولية القديمة من الذين هاجروا لشبه الجزيرة الكورية من آسيا الوسطى ، وقد اكتسب الشعب الكوري خاصية التجانس منذ بداية العصر المسيحي ، وتوحدوا سياسيا منذ القرن السابع الميلادي بواسطة مملكة شيللا. الكوريون ، على مر العهود ، كافحوا وبنجاح من أجل الحفاظ على هوية ثقافية وسياسية متميزة رغم النفوذ العظيم للدول المجاورة العظمى مثل الصين وروسيا واليابان. وقد لعب التجانس العرقي والانتماء القومي في الواقع دورا كبيرا في تحرير كوريا من الاستعمار والاحتلال الياباني. يبلغ تعداد السكان في كوريا الجنوبية حوالي 45 مليون نسمة بينما يصل عدد سكان كوريا الشمالية نحو 25 مليون أي أن جملة عدد السكان يقارب أو يزيد عن 80 مليون ولكن رغم التجانس العرقي فإن المؤسف أن هناك تفاوت اجتماعي وثقافي كبير جدا بين الكوريين الجنوبيين والشماليين وكأنهم ينتمون لشعوب مختلفة وقد لا تصدق أن الأطفال الكوريين الجنوبيين الذين تبدو عليهم مظاهر الترف والنعمة هم نفس الأطفال الكوريين الشماليين الذين يعنون من سوء التغذية وشظف العيش. كانت كوريا الجنوبية مشهورة حتى وقت ليس بالطويل بأنها بلد يتمتع بنمو سكاني عالي وسريع حتى بالمقارنة مع بقية الدول النامية من العالم الثالث ، وقد كان البعض يعتبر ذلك مشكلة اجتماعية خطيرة ومشروع انفجار سكاني قادم لا محالة ، إلا أن كوريا نجحت بشكل كبير في تطوير خطط لتحديد النسل وتنظيم الأسرة ، وقامت بحملات توعية شاملة تمكنت من خلالها من تغيير السلوك الاجتماعي في وقت قصير بحيث أمكن المحافظة في سنوات قليلة على نمو سكاني معتدل حتى صار معدل الزيادة السنوية أقل من 1% وصار معدل الإنجاب لا يتعدى طفل أو 2 بينما كان 5 و7 في الماضي. ورغم أن الأمر بدا وكأنه ميزة في البداية إلا أن الأمر تغير الآن حيث أن كوريا صارت أوفي طريقها لأن تصير دولة شائخة أو عجوز ، فكل الإحصائيات تؤكد أن نسبة الشباب والأطفال في المجتمع الكوري هي في حالة تقلص وتناقص مستمر في حين أن نسبة الكبار والمسنين في تزايد ، وهذا ربما لا يمثل مشكلة في الوقت الراهن ولكن ربما يكون أمرا ذا مردود سلبي في المستقبل القريب بسبب تدني حجم القوى المنتجة. من الظواهر السلبية الأخرى للتركيبة السكانية في كوريا الجنوبية ، الهجرة المتزايدة من الأرياف للمدن ، فأغلب سكان كوريا يتكدسون الآن في العاصمة سيؤول وغيرها من المدن الكبرى في حين ما هجرت أعداد ضخمة القرى والأرياف . ربع وربما يزيد عن ذلك من سكان كوريا الجنوبية يعيشون الآن في العاصمة سيؤول ، وهذا يمثل بالطبع اختلال كبير في التركيبة السكانية ، وأدى إلى تقلص ملحوظ في القطاعي الزراعي والفلاحي الريفي التقليدي ، وأسهم في خلق الكثير من المشاكل الاجتماعية مثل الازدحام والاختناقات المرورية وارتفاع أسعار العقارات وتفشي الجريمة والتلوث البيئي وغيرها وهذا ما حدا ببعض المسئولين للتفكير الجدي في نقل العاصمة من سئيول واستبدالها بعاصمة إدارية هادئة وعملية مثل ما حدث في بعض الدول المتضخمة سكانيا مثل البرازيل ونيجريا والباكستان على نحو ما أوضحنا في حلقة سابقة قبل بضعة أسابيع.