|
"بينظير" لا الانتحاري..هي من مضت في سبيل الله !
|
عمود "حروف حرة" المنشور بعدد اليوم الأربعاء 2/1/2007م بصحيفة صوت الأمة
حروف حرة لنا مهدي عبدالله [email protected]
ومضت "بينظير" في سبيل الله..لا الانتحاري!!
• قطرات الدماء التي تناثرت لحظة اغتيال فقيدة الديمقراطية "بينظير بوتو" رئيسة حزب الشعب الباكستاني الراحلة و رئيسة الوزراء السابقة لباكستان يوم الخميس الماضي و أشلاء جسدها الذي ضم روحاً تواقة للحرية و قلباً مفعماً بالقيم الداعية لحياة الكرامة و العزة و حفنات من تراب وطنها الذي احتضنته في لحظاتها الأخيرة تماماً كما احتضنته طوال فترة منفاها غير الاختياري كلها قرابين كانت تعرف سلفاً أنها قد تقدمها فداءً للحرية و الديمقراطية..ولم تبالي!
• "بينظير"..حلوة العينين ذات الوجه النحيل المستطيل و الأنف المستقيم و الخط المستقيم نحو الديمقراطية التي آمنت بأنها السبيل الوحيد نحو نور باكستان مهما اشتعلت على جوانب طريقها النيران، اختطف الصراع على تثبيت أركانها أباها رئيس الوزراء الباكستاني الراحل "ذو الفقار علي بوتو" الذي أعدم بعد عامين من انقلاب "ضياء الحق" الذي لم يكن ضياءً ولا حقاً، كما اختطف شقيقيها "شاهنواز" و "مرتضى"، تعرضت لمحاولة اغتيال عجت بتداعياتها الأيام القليلة التي تلت عودتها لوطنها في منتصف أكتوبر الماضي بعد طول غياب و كانت تعرف أنها لن تكون المحاولة الأخيرة..ولم تبالي!
• ذاك الانتحاري الذي فجر نفسه بعد إطلاق النار على "بينظير"..ترى ماذا سيكون شعوره لو كان نجا من الموت و علم أن مسالة انتياش طلقاته أو عبوته الناسفة ل "بينظير" محل شك كأسباب لوفاتها حيث أعلن المتحدث بوزارة الداخلية الباكستانية "جويد شيما" أن ارتطام رأسها (القوي) بسقف السيارة كان سبباً مباشراً للوفاة؟! فلو كان التطرف الإسلامي وراء العملية –كما يؤكد مراقبون و محللون سياسيون- سيكون مسكيناً حقاً ذاك الذي حشوْ تلافيف رأسه بأن الجنة عند فتيل العبوة الناسفة التي (سيعدم بها الكافرة بينظير) و يعبّد طريقه للجنان بأشلائها المتناثرة!
• المتطرفون باسم الإسلام لا يعلمون أن الطريق إلى الجنة معبد بالعقل و التفكير و التجارب المفضية للإيمان، لقد خلت سورة واحدة من الجملة المهدئة (بسم الله الرحمن الرحيم) و هي سورة التوبة أو إعلان ال"براءة" من العهود مع المشركين، بينما امتلأت ال113 سورة قرآنية الباقية بالبسملة المهدئة وبالدعوة للتفكير و إعمال العقل والتدبر و الذي هو في الأصل عملية عقلية، عبر الاستفهام المجازي الذي يفيد التقرير (أفلا تعقلون)، (أفلا تفكرون) (أفلا يتدبرون)؛ لم يكن المولى عز و جل ينتظر من المتلقي أن يجيب ب(نعم نعقل) أو (لا..لا نعقل) و لكنه قصد الحث على إعمال العقل الذي له بداية الطريق إلى الإيمان الحقيقي!!
• أمضى ذاك الانتحاري (في سبيل الله) أم مضت "بينظير"؟! و ما سبيل الله إن لم يكن رأس الجهاد الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه و سلم :"رأس الجهاد كلمة حق في وجه إمام جائر"، فقالتها "بينظير"؟ و ما سبيل الله إن لم يكن دعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة امتثالاً لقوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة) فدعتها "بينظير"؟! و ما سبيل الله إن لم يكن مجادلة بالتي هي أحسن (وجادلهم بالتي هي أحسن) جادلتها "بينظير"؟!
• التحقيق في اغتيال "بينظير" لا زال مستمراً و سينقضي وقت ليس باليسير للوصول للحقيقة و هوية القتلة، خاصة في بلد كباكستان، ولكن يكفي "بينظير" فخراً أنها سجلت اسمها بأحرف من نور في سجل شهداء الديمقراطية و الحريات، هؤلاء لا تتقاصر قامات مهامهم السامية على أدائهم الدنيوي و لكن تمتد بعد رحيلهم، هامات دائمة التحليق نحو الثريا لتترك لمن هم في الثرى خيارين: السير على نفس الدروب المفضية للثريا؛ أو الالتصاق بالثرى..لا يرومون منه و لا يروم منهم فكاكاً!!
مع محبتي لنا مهدي؛
|
|
|
|
|
|