الروائى / عبد العزيز بركة ساكن للـ(الأحداث الثقافي) أعداد /مامون التلب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 02:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-27-2007, 10:36 AM

salah awad allah
<asalah awad allah
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 2298

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الروائى / عبد العزيز بركة ساكن للـ(الأحداث الثقافي) أعداد /مامون التلب

    عبد العزيز بركة ساكن للـ(الأحداث الثقافي)
    السحرية الواقعية تُبطل سحرية الواقع السوداني
    عبد العزيز بركة ساكن الروائي والقاص، حققت أعماله المنشورة ضمن كتب عديدة الانتشار والاقبال من القراء، كما أن اسمه الآن يعتبر من أبرز الأسماء السودانية في الكتابة القصصية والروائية داخل وخارج السودان. أصدر عبد العزيز بركة ساكن روايتين (الطواحين)، الطبعة الأولى عن مكتبة الشريف الأكاديمية والثانية عن مبادرة (برانا) الثقافية، ورواية (رماد الماء) عن مكتبة الشريف الأكاديمية وهذه الروايات هي أجزاء من (ثلاثية البلاد الكبيرة).كما صدرت له مجموعتان قصصيتان تحت العناوين (امرأة من كمبو كديس) و(على هامش الأرصفة)، والأخيرة تمت مصادرتها من قبل (الخرطوم عاصمة للثقافة العربية) النَّاشرة للكتاب. نشر عبد العزيز قصصه القصيرة عبر الملاحق الثقافية والمجلات والدوريات الثقافية، كما شارك بثلاث قصص قصيرة في كتاب (نادي القصة السوداني) الأول (دروب جديدة-أفق أول) بمشاركة العديد من كتاب القصة القصيرة. يستعد الروائي أيضاً لطباعة روايته الثالثة (زوج امرأة الرصاص وإبنته الجميلة) وهي الجزء الثالث والأخير من ثلاثية البلاد الكبيرة، والجدير بالذكر أنه نشر أجزاء من مخطوطة الرواية الجديدة عبر مواقع الانترنت السودانية.
    مؤخراً، أحرز عبد العزيز جائزة إذاعة BBC لندن للقصة القصيرة العربية الإسبوعية، وكانت القصة قد نُشرت بمجلة (العربي) الكويتية. الناقد والقاص عيسى الحلو طرح عبر سلسلة من المقالات فرضية تقول بأن عبد العزيز بركة ساكن، بجانب عدد من الكتاب السودانيين، تؤسس أعمالهم لمدرسة أدبية جديدة أطلق عليها الأستاذ عيسى اسم (السحرية الواقعية) عكس مدرسة الواقعية السحرية التي ازدهرت عبر أدب أمريكا الجنوبية. (الأحدث الثقافي) تحصلت على هذه الشهادة من الكاتب عبد العزيز حول رأيه في أمر المدرسة الجديدة، ورؤيته للواقع السوداني المنتج من خلال الأدب.
    إعداد: مأمون التلب
    قد أجدني متفقاً مع أستاذي عيسى الحلو لما ذهب إليه من اصطلاح (السحرية الواقعية)، وقد تجدني هنا في هذه الكتابة، رداً على سؤالكم حول هذه القضية، أنحو لسحرية هي سودانية بصورة كبيرة و متجذرة في المكان(السحرية السودانية)، سوف نحاول قراءة هذه المقتطفات من بعض الشعر، القصة، الحكايات والطبقات، ونحلل هذه النصوص لنتوصل إلى بعض الأسس لهذه المدرسة.
    (1)
    (عليك الميــرغني والمرغنابي
    عليكَ الـمَرَّة زُول، والـمَرَّة دَابِـي)

    الشعر للمدني عبد الله الكردوسي البوادري(1910-1937)، وهو شاعر فحل من القضارف، يترجى حبيبة صاحبه بألا تهجر صديقه، محلِّفاً إياها بالسيد الميرغني، وهو شيخها و شيخه، مدعِّماً حليفته بشيخ آخر شهير يتحول إلى ثعبان مرَّة، و مرة إلي (زول)، فقَبِلَت البنت وعادت إلى صديقه، وذلك لحبها الكبير وتقديرها لشيخها (المرة زول و المرة دابي) (ثعبان)، وهذا ليس وهماً أو تخيلاً من الشاعر ولا مجازاً، ولكن كان هذا هو الواقع بشحمه ولحمه وليس كما يراه الشاعر بل كما هو واقع بالفعل، هو ما يراه الجميع ويتعايشون معه يومياً في قريته ، فهذا البيت الشعري اطلاقاً لا يشبه بيتاً آخر استخدم فيه المجاز حيث قال:
    (الليلة الغرام في قلبي عامل كبري)
    أو:
    (في جوفي عاملات مَطْبَخِن)
    أو عندما يطرب قائلاً:
    (الليلة شقلبنا الغنا).
    أوعندما يخاطب حبيبته حواء:
    (خليت روحي عند اختك تعذّب فيها).
    (2)
    ومن طبقات ود ضيف الله نقرأ: (سليمان الطوالي)
    (فإن الشيخ سليمان الزغرات طال عمره حتى عَمِيَ وتكسَّر، فلما دنوا منه (الشيخ عبد القادر ابن الشيخ ادريس وحيرانه) أمر بذبح بقرة سمينة وفرَّق لحمها على أهل البيوت وقال نجضوه وجيبوه، عنده قدحاً كبير له خروس، جمع اللحم سوُه فيه، فلما سمع بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم زغرت وعيناه انفتحتا وزال عنه التكسُّر ، وشال القدح فوق رأسه وتلقاهم و ختَّاه في وجوههم، وسلم عليهم . أول ما وصل إلى فراشه عاد عليه عماه و قُعاده).
    وهذا النص في خصوص الأولياء و الصالحين و العلماء و الشعراء في السودان لمحمد النور بن ضيف الله، وهو الكتاب الذي يصور الواقع الروحي و الأطر المعرفية في الدولة السنارية، هي إحدى كرامات الشيخ سليمان الزغرات الذي كان يعمل بابكولاً للمراسة قبل أن تملأه دعوة الشيخ محمد الهميم دينا، وهو يصور لنا كيف قام الشيخ سليمان الزغرات من فراش المرض وهو أعمى و مكسر وقد بلغ به الكبر عتياً فحمل قدحاً يحتوي على بقرة كاملة سمينة مطبوخة، وقد ذهب عنه العمي و التكسر والوهن ، تنزلت عليه قوة تمكنه من حمل ما لا يقل عن ثلاثمئة رطلاً وذلك بمجرد أن زغرت، وسليمان الزغرات هذا يفعل المعجزات إذا زغرت، ولولا أنه يتقي الله ويخشى أن يختل الكون فبإمكانه أن يزغرت للشمس في منتصف النهار فتغرب.
    (3)
    ومن قصتي ميلاده من مجموعة (على هامش الرصفة):
    (عندما باعدت بين ساقيها المتسختين البنيتين المنقطتين بآثار الدمامل، وغابت في شبه اغماءة مستسلمة لآلآم المخاض ولذة وجع الطلق، حينما ظهرت مخالبه الأمامية، صغيرة، بيضاء، طرية وناعمة، كنا أنا والفراشة مندهشين وغارقين في غيبوبة فنطازية لزجة موقعةً في وعينا بموسيقى الـ"Reggae" المتسربة إلينا من مكتب الصحة المجاور، صرير الجرذان، هدير البحر، نعيق الغربان السوداء، هفهفة شجرة النخيل الباسقة المتشامخة خلف شباك المكان، رعد مفاجئ، ثرثرة هلامية تنبعث من مسام الجدران وفراغات الاسرة، قطع الأقمشة الثقيلة البيضاء، القطن الدامي المتناثر هنا وهناك. فجأة أحسسنا بالبرد ونحن نرى رأسه المستطيلة تعانق فراغ الحجرة، عليها شواربه السوداء الدقيقة غارقة في مخاط لزج شفيف وهلامي، قالت لى الفراشة فيما بعد: كنت أحس بالأشياء تتوهج وكأنما ركَّت عليها أقمار مضيئة صغيرة
    قلت: امتلأت حينها بكلام غريب ثقيل غير مفهوم، كان يخنقني. بطلق أخير قفز خارجاً. رشيقاً، نشطاً، وكأنما نغمات (موسيقى الـ"Reggae) كانت توقع جريان الدم في شرايينه البكر. أثبتُّ في أقوالي لإدارة المباحث الجنائية أن التراتيل القرآنية، هديل الحمائم أناشيد المحبة.. ما كانت تأتي من مصدر محدد ولا يمكن أن ندعي في امكان واحد منا أن يموسق جمود الزمن في تلك اللحظة، تساقط رطب النخلة، غرد عندليب، هوت نجمة أضاءت مشارق الدنيا، عندها فتح عيينين سوداوين متفائلين نفض عن نفسه المخاط بهزات عنيفة متتالية (نَبَح) وذلك أمر مؤكد قبل أن يقفز عبر النافذة إلى الرصيف).
    في قصة ميلاده المنشورة ضمن مجموعة على هامش الأرصفة التي طبعتها الحكومة عبر مشروعها (الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005م) وصادرتها ذات الحكومة في ذات السنة وبواسطة ذات الأشخاص، حيث أن امراة مشردة تلد جرواً!، ولست هنا أرمز أو أمجز أو أسحر الواقع، ولكن _مع احترامي لكل القراآت واعترافي بصحتها جميعاً حتى ولو تناقضت_ إنني أعني أنها أنجبت جرواً حقيقياً، وأنه قفز من على النافذة و هرب ساعة ميلاده وما الذي يمنع ذلك؟ ويمكن تكرار ذات القول في شأن الرسام الذي أكلته طيوره في قصة فيزياء اللون، والشخص الذي صحي من الموت، قتل قاتله ثم مات مرة أخرى (موسيقي العظم)، و الحكاية التي قصتها لي إحدى حبوباتي الأحياء عن حبوبتها (سلمتا)، حدثت بالفعل على شاطيء نهر (شاري) قبل سنوات تزيد عن المائة، وهي كالآتي: (كانت حبوبة سلمتا في ذلك الوقت لم تبلغ الحلم بعد، ولأنها من أسرة كثيرة الأبقار كثيرة الاغنام، كانت تتمتع بصحة جيدة وتبدو أكبر من عمرها الحقيقي بسنوات كثيرة مما شجَّع والدها على أن يوكل إليها مهمة رعي الأغنام في الغابة المجاورة على تخوم نهر شاري، وفي يوم من الأيام وبينما كانت أغنامها ترعى العشب، فإذا بأسدٍ أحمرِ اللون، كبير الرأس، كبير الصدر، ضخم، يطارد أسداً آخر أصغر منه حجماً، ففرت أغنامها في كل صوبٍ وجهة، أما هي فصعدت على شجرة عرد عملاقة كانت تستظلُّ بها خوفاً من الأسدين الذين لم يهتما بالأغنام أو بها وأخذا يتصارعان بالقرب من الشجرة، وكاد الأسد الكبير أن يصرع الأصغر حجماً لولا أن الأخير تحول إلى رجل وتسلق شجرة العرد ذاتها حيث تختفي هي، وبقي الأسد الكبير تحت الشجرة ينتظر بغضب الأسد الآخر الذي تحول إلى رجل وصعد الشجرة، عندما هدأ قليلاً الرجل وجمع أنفاسه، انتبه لوجود حبوبة سلمتا قربه على فرع يعلوه قليلاً، ابتسم وقال لها وهو يجرحها بظفره على فخذها متذوقاً الدم الذي بدأ يسيل منها:
    - هششش، خلي أبو كبير دا _مشيراً للأسد الضخم الذي ينتظره تحت الشجرة_ يمشي عشان ناكوليك كَرَشَم كَرَشَم كَرَشَم.
    بالرغم من أنها خافت إلا أن حبوبة سلمتا تصرفت بحكمة و شجاعة، قامت بفك رحطها، وهي قطعة الملابس الوحيدة التي تحيط بخصرها متدلية إلى قرب الركبة، ظلت عارية، ربطت الرحط حول خصرها وشدت نهايته على فرعٍ للشجرة قربها من ثم قامت برفس الرجل برجليها بكل ما تستطيع من قوة فصرخ وهو يهوي نحو الأرض
    - رودي رودي رودي (لماذا لماذا لماذا)؟
    وعندما سقط على الأرض، خطفه الأسد و ذهب به نحو الفولة ليأكله، فهربت سلمتا إلى الحلة).
    و ايضا، في مجتمعي، هنالك ما يعرف بقصة: تيراب البنية، وهي أن رجلاً ينوي الذهاب إلي الجهاد في سبيل الله ولكنه اشترط علي (النبي) بأن يقوم برعاية ابنته الوحيدة إلى أن يحضر، وهي عنده أمانة، فقبل الرسول الأمانة، وقد ذهب الرجل وجاهد وعاد من الحرب ظافراً و متشوقاً لرؤية بنته، إلا أن الرسول أخبره بأنها أصيبت بمرض قاتل وتوفيت، فقال الرجل للرسول:
    - لقد تركت ابنتي عندك حية في سبيل الأمانة، ولن اقبل إلا أن تسلمني لها حية!.
    وبقدر ما كان الرسول يحاول إقناعه، كان هو يزداد تشدداً وعناداً، فذهب معه الرسول إلى قبر بنته ونادا إليها فخرجت حية تلتف بكفنها و تنبعث منها رائحةً تدل على تعفنها، ولكن الرجل قبل بها و أخذها، فقال له الرسول:
    - وجعلناها تيراب البنية.
    أي أن كل سلالتها سوف يقومون من الموت: هذه المرأة هي حبوبة البعاعيت.
    أريد ان أقول ان الواقع هنا في السودان واقع سحري، وهو أكثر شططاً من الخيال، وأكثر عبثيةً من الجنون، ونحن إذ نعالج هذا الواقع فنياً نحاول من خلال الأدوات الفنية أن نجعله مقبولاً و مصدقاً، ويستطيع الآخر أن يتعايش معه، وقد لاحظنا أن( الواقعية السحرية) تنحو أن تجعل الواقع سحرياً، أما في هذه السحرية السودانية (السحرية الواقعية) فإنها تنحو لعمل العكس: أن تنمِّطَ سحرية الواقع _حيث أنه سحري بالسليقة_ و بتعبير آخر أن تبطل سحريته.
    وسحرية الواقع لا تتمظهر على مستوي الروح والحكايات، بل على مستوى السياسة أيضاً، وسوف لا أذهب بعيداً في التاريخ والوثائق، ولكن حادثة قريبة تبرهن ذلك، مثل خطاب الرئيس الأخير في مدينة القضارف، حيث أنه ذكر أن (كل سكان محلية القضارف الآن هم جميعاً تحت مظلة التأمين الصحي)، فالرئيس هنا لا يكذب وفي نفس الوقت فقوله هذا ليس صحيحاً، فأنا وحدي أعرف الكثيرين بمحلية القضارف وهم خارج إطار التأمين الصحي، بل إن أكثرهم لم يسمع بالتأمين الصحي، فهذه سحرية سودانية سياسية وسيلتها الخطاب السياسي و فنياته، وهنالك سردية سحرية سياسية أخرى لا تقل جمالاً عن فكرة البعاتي وهي: أن الحرب الدائرة الآن في دارفور هي حرب مابين عرب (قبائل عربية) وزرقة (قبائل سوداء غير عربية) فلا يستطيع أحد أن يقول أن هذا ليس صحيحاً، ولكنه أبعد مايكون عن الواقع، وقد عَمِلَت عليه آليات السياسة وفنياتاها لتأكيده وإخماد سحريته حتى يصبح واقعاً يمكن التعايش معه، بل وبحث الحلول له، وهذا هو السر الذي يجعل من مشكلة دارفور مشكلة _حتي اللحظة_ بلا حل، لأن السياسي يتعامل مع، ويبحث الحلول؛ للقرين (السحري) تاركاً الأصل (الواقع).
    وهنالك سحريات شتي علي مستوي اليومي، و تحضرني هنا عشرات النماذج عن سلوك يومي لأفراد عاديين و طبيعيين ولكن إذا تناوله كاتب ما في قصة او رواية فإن الآخرين سيندهشون لشططه وشطح خياله، اذا لم يكن ماهرا في ابطال سحرية هذا السلوك، فهنالك قصة الجندي الذي يعمل بالقوات المسلحة في الدمازين الذي توفيت زوجته فتولي رعاية طفلهما الرضيع، وليس بطعامه و شرابه بل انه كان يربطه علي ظهره وهو في مكان العمل في المعسكر لأنه ليس له أقارب يرعونه، ثم فاجأ الجميع عندما ذهب الي ميدان القتال في الكرمك و علي ظهره الطفل وخاض به المعركة تلو المعركة و لحسن الحظ لم يصيبا، وظل علي هذه الحال الي ان دخل طفله المدرسة: فأية سحرية تفوق ذلك؟
    فنحن محاطون بهذه العوالم الجميلة الساحرة ونحن أيضا جذء من سحريتها و جنونها وما علينا سوي أن نثقف أدواتنا الفنية و نطور مقدراتنا في الشوف و السمع و التذوق و التحسس و الشم : أن نكون أنفسنا.
    نماذج إضافية من أعمال عبد العزيز بركة
    من قصة (فيزياء اللون) نقرأ:
    (عندما جاءت حبيبته في ذلك الصباح وجدت الباب مغلقاً كالعادة، فاستخدمت مفتاحها الخاص، لما ولجت البرندة الكبيرة سمعت جلبة غير معتادة في داخل المرسم، بل ضجيجاً، تعرف عن حبيبها الهدوء، لكنه أيضاً قد يمارس الفوضى، حيث أنه كثيراً ما يقوم بتحطيم أعماله الفنية بعنف و همجية إذا لم يرض عنها، وأحياناً يستخدم في ذلك فأساً ورثها عن جده، أو عصاً أو حجراً أو كرسياً أو ما شاء، صاحت فيه أن يكف، ظلت الجلبة باقية، فقامت بدفع باب المرسم بكل ما أوتيت من قوة، فلقد كانت من نوع تلك البِنَيّاتِ جيدات التغذية: فانفتح.
    لم يمض وقت طويل على حضور الجيران عندما علا صراخها، بل أن البعض قد شاهد النسور الضخمة تخرج مندفعةً من باب البرندة لتحلق في السماء فاردة أجنحتها الذهبية اللامعة في هواء يناير الساخن، وفي الداخل كان الهيكل العظمي الحزين يرقد مبللاً بالدم الطازج، يحملق عبر خواء العينين الفي الجمجمة نحو: الفراغ.)

    من قصة (موسيقي العظم)
    (عندما رفع المهدي رجله من رأس الأسير الجريح الميت، نهض الأسير الجريح الميت، أغبر أشعث طويلاً مرعباً و صامتاً، و قف المهدي مندهشاً، فاغراً فاه في بلادةٍ بينةٍ بائسة، مع عجز كاملٍ عن النطق أو التعبير، عاجل الأسير الجريح الميت المهدي بلكمةٍ واحدة قوية في رأسه، فأرداه صريعاً على الأرض، بحركةٍ أخرى جيدة، قام الأسير الجريح الميت بقلب المهدي علي ظهره، ببطء وضع رجله اليمني علي ظهر المهدي، أحنى الأسير الجريح الميت جسده في شكل قوس عملاق رهيب فوق جسد المهدي المسجي على الرمال، أمسك الرأس، بكفتيه الكبيرتين الملوثتين بالتراب، أدارها ناحية اليمين في رفقٍ وعنايةٍ فائقتين، ثم بذات الرفق والعناية الفائقتين، أدار الرأس ناحية الشمال، بهدوء وصبر، كأنه نطاسي عليم يدرس حركة عنقٍ مريضة، ثم في سرعة البرق، وبمهارة شيطان رجيم، حنى الرأس للوراء في زاويةٍ حادة، ليجعلنا نستمع إلى فرقعة عظام رقبة المهدي وهي تتحطم مصحوبة بشخيرٍعميقٍ وقح، وما يشبه نغمة دو وازا منفلتة ظلَّ طنينها عالقاً في الهواء لزمنٍ طويل، بينما كانت بعض أطيار الكلج كلج تغرد عابرة السماء العارية نحو الشرق، رقد الرجل الأسير الجريح الميت، تمطَّى في متعةٍ خاصة، وضع يديه في حزيةٍ مع جسده الطويل الثقيل الهادئ: ثم مات مرة أخرى).
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de