تعالوا نقرأ ماذا قال الأستاذ غازي في الحلقة الثانية..-آخر لحظة

Quote: عرف عن الأستاذ غازي سليمان تشدده تجاه حكومة (الإنقاذ) إبان عهدها الأول لدرجةأنه كان من أكثر الذين أطلقوا عليها أقبح الاوصاف لدرجة أن الرجل فتح أول قناة إتصال بين الحركة الشعبية وكل المعارضين حينما إستقبل صوت الراحل د. جون قرنق عبر هاتف مكتبه في وقت كان قرنق يحمل راية التمرد والعصيان في غابات الإستوائية. ولكن «غازي سليمان» دخل أخيراً البرلمان ضمن عضوية الحركة الشعبية وصار من أكثر المدافعين عن الشراكة مع (المؤتمر الوطني) خاصة فيما يتصل بإتفاقية نيفاشا. بل إن البعض وصل درجة وصفه فيها بأنه الأقرب إلى (المؤتمر الوطني) وأنه (مزروع) داخل الحركة الشعبية. فكان لنا هذا اللقاء مع الرجل المثير للجدل في مكتبه فكان إيقاعه ساخرا ًومضحكاً لدرجة جعلت الأخ المصور «سفيان البشرى» يغرق في الضحك!! تعالوا نقرأ ماذا قال الأستاذ غازي في الحلقة الثانية.. كيف تقرأ الواقع السياسي بعد تجاوز الأزمة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وكيف تنظر لمستقبل علاقتهما؟ - أولاً أنا أختلف مع كل القوى التي سَّمت الخلاف بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بـ(الأزمة). فأنا أعتقد أنه ليست هناك أزمة، وإنما هنالك خلاف بسيط جداً حول بعض التدابير، وحول تنفيذ بعض بنود إتفاقية السلام الشامل، وعلى رأسها قضية أبيي، لكن بالضرورة هي لا ترقى لأزمة، فكلمة أزمة في القاموس الإنجليزي لا تنطبق على ما يحدث في بلادنا فالنمو الإقتصادي اليوم في البلاد تجاوز 9% ، والبلاد تفتتح كل يوم مشاريع جديدة، وتبحث عن موارد لتنمية جنوب السودان، وأوقفت حرب استمرت منذ العام 1955م، وبدأت مفاوضات جادة لأجل حل مشكلة دارفور، و يوجد اليوم بداخل الخرطوم أحد أكبر فصائلها، مشاركاً في السلطة والثروة، وهو فصيل مناوي. وأنا بالمناسبة لدي تقييم إيجابي للأخ أركو مناوي، وأعتبره (جون قرنق) الأصغر. وذلك لأنه فهم روح الأصل، وضرورة الحوار والعمل من الداخل، ووقع على إتفاق أبوجا. وأعود فأكرر بأنني لا أوافق على وصف (أزمة) هذه، وأذكر أنني إنسحبت من فوري، والسيد رئيس الجمهورية يصف ما يحدث في أحد خطاباته (بالأزمة)، وأحسب أنه على السيد رئيس الجمهورية، ونائبه الأول أن يدركا أنهما يقودان عملية تغيير في أفريقيا، هي بكل المقاييس عظيمة، ويقومان ببناء وطني، وهي أول محاولة في التاريخ لبناء هذا الوطن فقد فشلت كل الأجيال السابقة في صياغته وعجزت من تحويل الدولة التي ورثناها عن الإنجليز إلى وطن. فنحن قد ورثنا دولة بحدود سياسية وضعها الإنجليز، وأن كنا قد فشلنا في تحويلها إلى وطن حتى 9/ يناير/2005م، وهو التاريخ الذي يعد علامة في تاريخ السودان الحديث لكونه أول محاولة لبناء وطن يجد فيه كل سوداني نفسه، وذلك عندما إعترفنا بالتعدد العرقي والديني والثقافي. وهذا تحول تاريخي لأنه منذ الإستقلال وحتى 9/ يناير/2005م، كانت اللغة العربية هي السائدة والأساسية في السودان، وكذلك الدين الإسلامي هو الديانة الرسمية للبلاد. وهذا ما استطعنا تجاوزه، فلأول مرة في تاريخ السودان يتم إقرار دستور يعترف بالتعدد، ويدعو إلى إحترامه، وهو الدستور الإنتقالي الحالي. وتم أيضاً النص في إتفاقية نيفاشا على أن يكون الحكم في السودان حكما لامركزياً ، وتم تحديد مستويات الحكم بدءاً من الحكومة القومية، وهي ما تعرف بحكومة الوحدة الوطنية، ومستوى حكومة جنوب السودان، إضافة إلى حكومات الولايات، ولكل مستوى من هذه المستويات دستور خاص به، وهذا منصوص عليه في الإتفاق، إضافة إلى مستوى رابع، وهو حكومة العاصمة القومية. و أحسب أنه، ومما يجعل من إتفاقية نيفاشا إنجازاً، هو نقلها للسلطات والتي كانت محتكرة سابقاً في بيوتات معينة، إلى الأقاليم، وكذلك إلى الجنوب، والذي صار أهله اليوم يحكمونه 100%، وأهل الولايات يحكمون ولاياتهم أيضاً 100%. وتأسيساً على تأكيدك هذا على عظمة الإتفاقية.. كيف تنظر إلى دعوة بعض الأصوات الشمالية- في منبر السلام مثلاً إلى قيام دولة شمالية منفصلة عن الجنوب..؟!! - أنا شخصياً أحترم هذا الرأي، وأي رأي آخر، ودستور السودان الإنتقالي، وعلى الرغم من كونه يحترم الإختلاف في الرأي، وحرية التعبير، لكن إتفاقية السلام لا تجيز أي عمل يسعى لتقويضها.. و.. - مقاطعاً: وكيف ترى أنت الطرح هذا، وهل هو وجه من وجوه الديمقراطية، أن يطالب الجنوبيون بتقرير مصيرهم، ويأتي منبر آخر يطالب عبره الشماليون بذات الأمر..؟!! - يا أخي نحن في القرن الواحد والعشرين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تفرض الوحدة على أي مجموعة عرقية في السودان بقوة السلاح، واذا ما اختار الجنوبيون في العام 2011م أن ينفصلوا، فيجب علينا أن نحترم هذا. وكذلك الحال بالنسبة لأهلنا في الشرق والغرب. ولكن الناس يطمعون في بلد واحد، كبير.. و...؟ - قاطعني محتداً: وما فائدة بلد كبير (منكفئ)، ويعاني من الحروب الأهلية..؟! ثم واصل قائلاً وأنا شخصياً أناضل من أجل وحدة السودان، لأني أعتقد أن الوحدة هي الأفضل للشماليين والجنوبيين على حد سواء. لكن تحديد هذا، وإتخاذ القرار بشأنه ليس بيدي وإنما هو خيار منصوص عليه في الإتفاق، وتقع مسؤوليته المباشرة على شعب الجنوب. والذي اذا ما صوَّت للإنفصال، فإني سأقف معه وأؤيده، لأن هذا خياره. وفي نفس الوقت ليس بمقدوري أن أفرض عليه الوحدة بالقوة. وأي حديث الآن عن الوحدة أو الإنفصال من أي سياسي، محض إبتزاز. وأعتقد بأنه لا جدوى للحديث عن هذا الأمر، خاصة وأن الإتفاقية تلزمنا بالعمل من أجل الوحدة (جاذبة). وأنا أختلف مع كثير من الناس الذين يروجون (أن كل، أو معظم قيادات الحركة الشعبية إنفصاليون)!! - (قاطعته): عفواًعفواً، ولكن هذا هو الواقع الآن..؟ - يا أخي الحركة الشعبية هذه حركة قومية، وتضم بالضرورة تيارات تختلف وتتباين مواقفها، ووجهات نظرها. فأنا غازي سليمان مثلاً مع الوحدة الطوعية القائمة على إحترام التنوع الديني والعرقي والسياسي في السودان، والوحدة التي يقتسم فيها أبناء السودان الثروة والسلطة بلا تسلط من منبر، أو جماعة. ولكن الواضح للناس أنه لا المؤتمر الوطني، ولا كذلك بعض عناصر الحركة، يهتمون بالوحدة..؟ - لا.. لا.. أولاً أنا أعتقد أن المؤتمر الوطني تهمه وحدة البلاد، ذلك لأن أعضاء الحزب الحاكم هذا، ليسوا بأعداء للسودان. ونحن في الحركة الشعبية، وكذلك الإخوة في المؤتمر الوطني، مواطنون، وتهمنا بالضرورة مصلحة البلاد، وليست هنالك حكمة في أن نرمي بعضنا بالإتهام (بالخيانة). لكن هنالك مجموعات هنا، وهناك، مثل منبر السلام العادل بقيادة الأخ الطيب مصطفى تعمل خارج هذا السياق. وما هي تقديراتكم لطرحهم هذا..؟!! - هذا رأيهم، ولا نملك في ظل مناخ حرية التعبير الحالي، أن نمنعهم من طرحه، والترويج له.. ولكن هذا لا يعني أن نقبل منهم الإساءة للإتفاقية، ذلك لأن هذا عمل غير دستوري، ويستوجب المساءلة الجنائية. وأعتقد بأننا اذا ما تبعنا رأي الطيب مصطفى هذا ومجموعته، فسيتحول السودان إلى دويلات صغيرة. ألا ترى أن مؤشرات تحول السودان إلى دويلات صغيرة، قد بدأت تلوح..؟! - يا أخي ما يحدث الآن هو بالضبط (مخاض) ولادة جديدة. فالسودان منذ العام 1956م غارق في الحروب، وكون أن غرب البلاد مثلاً كان صامتاً، رغم هضم حقوقه، فهل هذه ظاهرة صحية؟! صمت برهة ثم أجاب على سؤاله طبعاً لا، فهذا سرطان كان نائماً.. و.. - (قاطعته): أستاذي غازي، تبدو وكأنك متفائل..؟! - أجاب بسرعة: طبعاً أنا متفائل، لأن لدي وثيقة عظيمة هي وثيقة إتفاق السلام الشامل، والتي ابدعتها عبقرية الدكتور جون قرنق دي مبيور، وجعلتها شجاعة أهل الإنقاذ واقعاً بعد أن وقعوا عليها. كأنك تريد الإقرار بعبقرية د. جون، وفي الوقت نفسه تلغي دور علي عثمان محمد طه..؟! - أبداً.. أبداً، فعلي عثمان يعتبر رمزاً لشجاعة أهل (الإنقاذ)، الذين تفهموا روح السلام، ووقعوا على هذه الوثيقة التاريخية. ألا ترى أن روح التنافر والتشاكس السائدة الآن بين شريكي الإتفاق، ستؤدي إلى إنهياره..؟! - أي شخص يعمل على إنهيار الإتفاق هو شخص (خائن)، وليس هنالك خونة في الحركة الشعبية، أو المؤتمر الوطني لن تنهار هذه الإتفاقية إطلاقاً. ونحن نعلم أن هنالك قوى خارجية، وأخرى داخلية تتمنى، بل وتعمل لأجل إنهيار الإتفاق، ولهؤلاء نقول (حلم الجيعان عيش)!! ولكن السيد النائب الأول الفريق سلفاكير أن صرَّح بأنه لا يثق في السيد رئيس الجمهورية..؟!! - الفريق سلفاكير ميارديت في هذا التصريح بالذات، والذي اذا تابعت حديثه هذا، ستجد أنه ليست هنالك علاقة بين النص الإنجليزي، وما تناقلته وكالات الأنباء العربية بخصوص التصريح.. و... - (قاطعته): عفواً.. ولكنه صرَّح لإذاعة الـ (بي بي سي) بالعربية، وقد سمعته بأذني هاتين..؟ - يا أخي زعيم الحركة الشعبية يعرف متى يتحدث، ومتى يصمت. وأود أن أوكد هنا أن كل التصريحات التي تبدو في مظهرها (سالبة)، لا تعني بأي حال أن الحركة الشعبية تريد تدمير إتفاق السلام، مهما كان. فالحركة هي أكثر الجهات السياسية في البلاد، حرصاً على الإتفاق هذا، وسنحارب من داخل الخرطوم من أجل تنفيذه. قلت بأن هنالك قوى (داخلية) تعمل على إنهيار إتفاق السلام ما هي هذه القوى تحديداً..؟! - يا أخي هنالك قوى تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعنا- وترجو الا يصبح الصبح على هذا الإتفاق والقائمين على أمره. وأود هنا أن أشير إلى أنني قد توصلت وبعد متابعات طويلة ومضنية لمسيرته، إلى أن (الميرغني) يعتبر من أعظم الشخصيات التي مرت على هذا الوطن، ويتمتع بروح (الأبوة)، وليست لديه تطلعات شخصية، ويعمل من أجل المصلحة العامة. وأظنكم تذكرون إتفاقية (الميرغني- قرنق) لذا فهو شخصية ممتازة. ويجب أن يحظى بإحترام كل أهل السودان. وماذا عن الصادق المهدي..؟!! - السيد الصادق أكثر شخصية مؤدبة، وتربطني به صلات عميقة، وهو رجل ذو صفات جميلة، ومن أكثر الشخصيات ذكاءً وحكمة، ويقيس كلامه بميزان الذهب، الا فيما يتعلق بإتفاقية السلام!! وهو رجل مفكر، وأنا على المستوى الشخصي أنحني إحتراماً له. وقد لخص لي موقف السيد الصادق من الإتفاق عامل بسيط في سوق (السجانة) يدعى (حبيب)، حيث قال لي إن بعض الساسة في بلادنا لا يقبلون أن نرتدي (لباساً) إن لم يكن هو من قام بتفصيله لنا، حتى وأن إضطرنا هذا إلى أن نمضي (عُراة)..!! أخيراً، برزت كتابات في الأونة الأخيرة تشكك في تاريخك السياسي، وتقول بأنك (مدسوس) من قبل المؤتمر الوطني في «الحركة الشعبية»..؟! ما رأيك في هذا القول..؟ - (أنا سعري غالي جداً)..!!.. والسؤال هو لماذا يتم شرائي..؟! أنا لست في حاجة إلى أموال من أحد، ولا مناصب، ولا حتى (فاتحة) من أي كائن. ويا أخي دعك مما تشير إليه من أقوال، فهي كتابات (مدفوعة الأجر) من عناصر تتخوف من منافستي لها في القيادة ولكل شخص الحق في أن يكتب ما يشاء، والحكم أولاً وأخيراً للتاريخ، و (الحساب ولد). وأنا لعلمك ليس لدي أي طموح سياسي، ولا أتطلع إلى أي منصب سياسي، أو تنفيذي.

Quote: وأنا بالمناسبة لدي تقييم إيجابي للأخ أركو مناوي، وأعتبره (جون قرنق) الأصغر. وذلك لأنه فهم روح الأصل، وضرورة الحوار والعمل من الداخل، ووقع على إتفاق أبوجا.