سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (2)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 12:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-23-2007, 09:03 PM

د.ناهد محمد الحسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (2)

    سيرة القهر ... مقاربة لشخصية سودانية (2)

    د. ناهد محمد الحسن

    فى محاولتنا لتتبع التداعيات النفسية للقهر التاريخى توقفنا فى المقال السابق عند الحكم التركى الذى دشن عهدا دمويا من العنف الامحدود للسلطة .. قصدت به الحكومة الانتقام لدم اسماعيل باشا , وارهاب من تسول له نفسه بالوقوف فى وجه القادمين الجدد . ولقد ناقشنا مردودات العنف على الذات الانسانية وتمظهراته الانسحابية والعنيفة وخرجنا بسؤال : من اين اتت فكرة ملاءمة طبيعتنا للانظمة العسكرية دون غيرها , ومالذى افشل التجارب الديموقراطية ؟
    حين اقرأ للشاعر الرقيق الصادق الرضى :
    سوف نصلبهم عرايا بالمسامير
    على بوابة التاريخ
    ونعبئ الايام فى الصمت الهلامى الرهيب
    فى هذا النص , طاقة القهر = طاقة الفعل , لذلك انتهينا خائرى القوى- الى الصمت الرهيب ! والذى يعتقد ان الصلب على بوابة التاريخ فعلا ذهنيا لشاعر سبق ووصفته بالرقة وبالتالى لا يمكن ان يكون مساويا لطاقة القهر ..اقول ..ان الصياغة الذهنية لصورة بهذا العنف اللغوى والشكلى تمتلك بعدا آخراً اكثر خطورة من التصفية الجسدية , وهى التعرية الفاضحة امام التاريخ ...وما تقدمه المانيا اليوم من تنازلات , انما نتيجة محاكمتها تاريخيا بالهولوكوست (المحرقة النازية ), وما تكسبه اسرائيل نتيجة ابتزاز مشاعر البشرية لذات السبب لايمكن عده . فالمحاكمات التاريخية لها جدواها لتجريم الافعال حتى لاتتكرر . والانتهاء الى الصمت الرهيب هو ما يعنينى هنا كطبيبة نفسية ,اذ يندرج هذا النوع من الصمت تحت اسم الاكتئاب , والذى ينطوى الصمت فيه على سوء تقدير للذات , فالثورة لاتعنى استعادة عافية الذات بقدر ما تعنى انها ردة فعل عنيفة للذات التى اشبعت قهرا الى حد الامراض . وكباحثة فى الانثربولوجيا النفسية يعتبر هذا الصمت مفتاح لتحليل السمات العامة للشخصية السودانية ومدخل للتنبؤ بردود افعالها المستقبلية ومآلاتها..ووقفة ضرورية من اجل الشعور بضرورة ترميم الذات , حتى نوقف مسلسل الاذعان للقهر _الفعل _ الافعل_ الذى تتسلمنا فيه سلطة قاهرة لاخرى فنذعن .
    اما استذكار سيرة القهرالبعيدة والقريبة فتأتى اهميته من انه يقف خلف انظمتنا التربوية الآنية ..وسيرة القهر القريبة ضرورية لخلخلة وعى الفشل الذى نرزح تحته. فى السودان حدثت وتحدث اخطاء قاتلة ...لكنها تمر دون ان يعتذر ويستغفر الذين صاغوها فكرا وممارسة ..بل لدى ابعضهم القدرة على اعادة طرح نفسه مرارا وتكرارا على الساحة السياسية والفكرية , مرتديا حللا تنكرية اخرى لمشاريع بالية ومهترئة ..تنتظر فقط دابة الارض لتفضح غيبوبتها وغيبوبتنا ! وهذا الرهان على الذاكرة السودانية الخربة والخوف الذى عشعش وفرخ ..موقف يصدر من اناس درجوا على احتقار الشعب السودانى والاستخفاف بمقدراته وهو انسان لم يجد تحت ظل المداهمات المرضية لنقاهته الفرصة ليجمع حطام ذاته ويورق من جديد .ومن هنا اعود الى ممارسات العهد التركى المصرى من الابادة الجماعية الى الاعدام والاغتيال الوقائى وغيرها من الممارسات , واحب ان اذكركم هنا ان المادة التى اخضعها للتحليل هنا , هى جهدوعرق الاستاذ محمد عبد الخالق بكرى , فى كتابه المهم _سيرة الاعدام السياسى فى السودان 1821 _1898 .
    عمدت الحكومة التركية فى حالات كثيرة الى اعدام اشخاص لمجرد احتمال تشكيلهم خطراً على السلطة فى المستقبل , ففى هذه الحالة يغلب على ممارسة السلطة السلوك التآمرى وبالطبع لا يتعرض المعارض المحتمل الى اى تهمة او يخضع لمحاكمة , وانما يؤخذ على حين غرة وينفذ عليه حكم الاعدام او الاغتيال فى بعض الاحيان . وكان اسماعيل باشا اول من استن هذه السنة فى العهد التركى , فلقد اشيع انه قتل فى جبال فازوغلى فتحرك اهل سنار للثورة تخلصا من عبء الضرائب التى فرضت عليهم فاسرع الى سنار وهدأ البلاد ولم يقتل احدا الا ود عجيلاوى . لكن بعد مضى فترة من الزمن قام ببعض الاغتيالات الوقائية ومنها مقتل رجب ود عدلان على فراشه وشنق اخيه بعد اسره . وهذا الاجراء الوقائى طال حتى حلفاء السلطة , وهذا ما فعله احمد باشا ابو ودان بالمك كمبال بن المك شاويش احد زعماء الشايقية حيث امر احد جنوده باغتياله من الخلف . ويدخل تحت القتل الوقائى ماحدث لبعض اقارب الشيخ سليمان ابن ابى روف زعيم قبيلة رفاعة عام 1841 . فقد اشيع ان سليمان مات مسموما وان للحكومة يد فى قتله فثارت موجة من التذمر وسط رجاله ورغم عدم تعرضهم لاحد بسوء ..تم استدعاءهم تحت وعود كاذبة وعندما حضروا جميعا اوثقوهم بالقيود وقتل منهم سبعة رجال . لم تكف الحكومة هذا النوع من الضربات الوقائية حتى وهى تلفظ انفاسها الاخيرة ابان حصار الخرطوم ..فقد كان يقيم منفيا بها احمد العوام وهو احد خطباء الثورة العرابية والذى اعلن تعاطفه مع الثورة المهدية فأمر غردون بقتله فى سراى الشرق فى 1884 .بالاضافة الى القتل الوقائى , هنالك حالات اعدام بالشبهة مثل اغراق الزبير ود ضوة فى النيل لشبهة مساندته للمهدية . والرجل احد العلماء الاجلاء وهو كاتب مخطوطة ملوك السودان التى حققها ونقحها مكى شبيكة . كما شملت الممارسات العنيفة للسلطة اخذ البرئ بذنب المذنب كالنيل من اقارب الخارجين ومن ذلك نكبة اسرة المكاشفى الذى هاجر الى المهدى . بالاضافة الى ذلك , قامت السلطة التركية بالضرب بقوة على ايدى الثوّار حتى لاتسرى عدواهم الى الاخرين ومن ذلك موقفها من الالاى الرابع فى كسلا ( ما عرف فى التاريخ السودانى بثورة الجهادية السود )والذى بلغ عددهم اربعة الاف جندى , قسموا فى المحاكمة الى ثلاثة فئات, تم اعدام الفئة الاولى رميا بالرصاص والفئة الثانية بالحبس المؤبد والفئة الثالثة اعيد استيعابها بعد ان تعلمت من موت الضبع . ومن الفئات التى قصدت الحكومة التنكيل بها فئة الفقهاء ورجال الطرق الصوفية وذلك لوعى السلطة بالدور الذى كانوا يلعبونه فى السلطنة الزرقاء ومنهم الشيخ محمد ود عبد العليم والشيخ صالح ولد بانقا والفقيه السيد ولد زين العابدين والفقيه الارباب ود الكامل ...وان كان حدس السلطة صدق بشأن الطرق الصوفية فلأن الدين كان ولا يزال طاقة قصوى تحتمل الشفاء والعافية والدعم للنضال الجسدى والمعنوى . لم تقف السلطة فى طغيانها عند حد , اذ قامت بقتل الاسرى والتمثيل بجثث الضحايا ومن ذلك التمثيل بجسد الشريف احمد طه وقطع رأس الفقيه محمد زين وبتر اعضاء عدد من انصار المهدى . وتفنن الاتراك فى ارهاب الانسان السودانى عبر ابتداع وسائل مريعة للقتل بواسطة الخازوق وقذيفة المدفع . كما مارست الاعدام بالشنق والحرق والاغراق والرصاص .هل اعتذرت الحكومة التركية عن هذا التاريخ لاحد؟ وهل طالبنا نحن الاخرين بالاعتذار ؟ لان هذه الاحداث تمر دون وقفة مساءلة يستلهم الاخرون افكارها الدموية وهم واثقون انهم لن يجّرموا . والا من اين اتت الانظمة العسكرية السابقة والانية بفكرة التصفيات الجسدية للثوار وكل ديموقراطية تأتى يمضى منها العسكر دون مساءلة فى حين اى انقلاب عسكرى لايتهاون مع المحاولات الانقلابية فى نظامه لذلك تطول سنين الانظمة العسكرية فى السودان . ربما يسأل سائل ما هى مردودات هذا القهر على اجيال لايعرف بعضها ان كان العهد التركى حقبة تاريخية استعمارية فى السودان ام مخبزا للحلويات !؟ ...
    سؤال اخير لعزة :
    لم انا مفتون بامرأة مثلك
    لاتفتح بابها للشمس
    للمحصن الآتى صباحا
    لاحظ معها الا للذى يأتى
    سفاحاً...؟!
    نواصل الجمعة القادمة باذن الله .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de