|
شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3
|
وصلتنى هذه الرساله الكريمة من صديقى اسماعيل محمد سعيد العباسى وهو ابن الشاعر الضخم الفخم محمد سعيد العباسى ،ومرفق معهامقال كتبه ابن اخيه اسعد الطيب العباسى ،واسعد اديب اريب وابن اديب فوالده هو مولانا الطيب محمد سعيد العباسى شاعر يا فتاتى..وها انا انشر الرساله والقطعة الادبيه لتشاركونى افتتانى بالعباسى وهو من الشعراء المجيدين فى العالم العربى..وارجو من الاخوة ان يثروا النقاش للتوثيق لهذا الشاعر الفحل،،،،
أخي الأديب المتأدب دوما والصديق الصدوق / صديق الموج بعد التحايا الطيبات والشوق الغزير أبعث إليكم بثلاث مقالات أسماها ( شذور متفرقة حول الأدب ) - من أشعار / محمد سعيد العباسي في مدحه ووصفه بعض المدن السودانية في ثلاث أجزاء ، ومن أشعار / محمد الواثق يوسف المصطفى أيضا وهجائه عن المدن السودانية في جزئين ) كتبها ابن أخي الحبيب العزيز جدا زميلي / أسعد الطيب العباسي ، وقد تم النشر في بضع لأعداد بصحيفة السودانى الدولية ، وما أود الإشارة إليه يا أخي / صديق وهو القاسم المشترك بين الشاعرين في حبهما وولائهما المنقطع النظير للسودان ومدنه ، رغم البون الشاسع الظاهري فقط في تناولهما ، فالأول أظهر محاسن المدن وصوّرها تصويرا ( كاميرا ديجيتال ما بتلحقوا ) وذلك من منظوره ومقاصده الأخرى الباطنة ما أكثرها ( السياسية طبعا ) بينما الأخير فقد أبرزها بصورة منافية لحقيقتها ، وهدفه من ذلك بكل تأكيد ( سياسي دون أدنى شك ) ولكن ولهذا الظاهر فقد جرّت بلاوي ما أنزل الله بها من سلطان أرجو أن تنال رضاك مع تحياتي للأسرة قاطبة أخوكم / اسماعيل العباسي
---------------
شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 بقلم :أسعد الطيب العباسي
إن تخليد ذكرى شاعر الصولة والجولة وباعث نهضة الشعر العربي في السودان الشاعر المقدم والضخم محمد سعيد العباسي كانت من الأهداف التي احتلت صدارة أجندة مركز محمد سعيد العباسي الثقافي الذي أسسته في فبراير من العام 2005 بجهد أعانني عليه نفر يحملون في قلوبهم وفي عقولهم مشروعاً ثقافياً براقاً، وفي إطار هذا الهدف أشار إليّ الصديق الشاعر المرموق محي الدين الفاتح - باعتباري الأمين العام للمركز - أن نقوم بشرح ديوان العباسي شرحاً وافياً على ان يقع على أجزاء متسلسلة تستقل كل حلقة منه بغرض من أغراض العباسي الشعرية تسهيلاً لهذا الجيل ليكتسب وجداناً كالوجدان الذي اكتسبته الأجيال السابقة خاصة وان هذا الجيل بدأت إهتماماته تتضاءل بالشعر العربي والأصيل وأخذ يتخبط تخبط العشواء وهو يبحث عن مناهل تتسق مع حالته الانزوائية بسبب مؤثراته الواقعية وهذه الحالة لم تُصب هذا الجيل وحده من أبنائنا إنما أخذت تحتوش القارئ العربي على وجه العموم وبدأت الهوة تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم بينه وبين قراءة الشعر، وهذه مأساة حقيقية لأنه بدون الدربة العالية على قراءة الشعر وابتكار طرق جديدة لإضاءته وتحليله لن نرى العالم رؤية شعرية وسيظل المجتمع قاصراً في مناطق حيوية من حياته وسيفقد الطاقة المتخيلة والفاعلة وسيظل أسير الواقع يضغط عليه بمنطقه القاسي فارضاً عليه توفير إجابات لمتطلبات الحياة وبالتالي لن يسيطر على واقعه وسيعجز عن توجيه مسار مستقبله، وهنا أسأل وبكل أمانة من يقرأ الشعر في عالمنا العربي؟ باستثناء فئة قليلة أقول وبكل أسف لا نجد هناك من يعتد بقراءة الشعر وأقول من يعتد بقراءة الشعر لأننا نجد هناك من يمرون على صفحات دواوينه ملتقطين بيتاً أو مقطعاً شعرياً يرددونه بأخطاء أو دون دوافع شعرية ودون ان يفعل الذي التقطوه شيئاً مما ينبغي للشعر ان يفعله في النفس مشكلين بذلك خطراً على الشعر وعلى أذهان الناس فنحن لسنا بحاجة لهؤلاء ولا لأولئك الذين يقتنون دواوين الشعر لتزيين دورهم وليس وجدانهم أو عقولهم ويستصحبون أهل الشعر ويحضرون جلساته مباهاة وفخراً وتعوزهم المقاصد الشعرية إنما نحن بحاجة لمن يعتقد في قيمة الشعر إعتقاداً مبنياً على المعرفة والقدرة على قراءته وتحليله فالشعر ناتج انساني داخلي معقد ومدهش ذلك لأن صانعه قد لا يملك من الوسائل المادية أكثر من ما يملكه أغلب الناس من أبناء عصره وقد لا يعرف من الحقائق أوفى مما يعرفون ولكنه حين يؤلف بين هذه وتلك ينشئ قولاً فذاً لا يستطيعه غيره وهذا التميز لقوة مفرطة في الإحساس وبصيرة نافذة في الرؤية وخصوصية خاصة في اللغة وشمولية في التصدي وهذا ما دعا اليه الأديب الفرنسي شارل بودلير لأن يقول إن الشاعر كأمير الغيوم الذي يطارد العاصفة ويهزأ من رامي النبال.. وللعرب القدامى إعتقاد حيال الظاهرة الشعرية فقد اعتقدوا بدور الشياطين في عملية الإبداع الشعري وعبر عن ذلك أبو النجم العجلي بقوله -: إني وكل شاعر من البشر ** شيطانه أنثى وشيطاني ذكر والذي يقرأ التاريخ سيعلم ان هذا الإعتقاد انسحب على (إفلاطون) الذي أخرج الشعراء من دائرة جمهوريته الفاضلة وأوصى بإبعادهم عنها ونظراً لهيامه بأشعار (هوميروس) خاصة والشعر عامة كان يظن ان الابداع الشعري ليس من إنتاج الإنسان بل تحركه قوة إلهية عظيمة توحي اليه كل ما يكتب أو ينطق من شعر لأن الشاعر كائن أثيري مقدس وهذا القول الجميل الذي يسمى شعراً ليس من صنع الإنسان ولا من نظم البشر ولكنه سماوي من صنع الآلهة. إن كان الاستاذ الشاعر محي الدين الفاتح قد ألقى علينا بهذه الفكرة فقد ظل استاذي وصديقي الشاعر والأديب الأريب كامل عبد الماجد أحمد زين يرسخها في أذهاننا دوماً بقسوة شديدة عندما يقول إننا أمة لا تعظم مبدعيها وفي بعض من ذلك كان العباسي بن محمد شريف بن نور الدائم بن أحمد الطيب البشير منشئ الطريقة السمانية بمصر والسودان ولد بعراديب ولد نور الدائم في العام 1880م وتوفي العام 1963م .. عندما شبت الثورة المهدية انتقل به والده الى قرية جده الشيخ الطيب (أم مرحي) بمديرية الخرطوم شمالاً أدخله والده خلوة عمه الشيخ زين العابدين الشيخ أبي صالح عندما بلغ من العمر سبعة أعوام ثم خلوة الشيخ عوض الكريم الأزهري وتنقل بين الخلوات حتى بلغت العشرين عداً وفي التاسعة كان يحفظ القرآن الكريم كاملاً وكان والده محمد شريف أستاذ الإمام محمد أحمد المهدي يأمره بحفظ متن الأجرومية ويحثه على قراءة متن الكافي في علمي العروض والقوافي ويجلب له بعض العلماء فيأخذ منهم ما تيسر وبعد استرجاع السودان ودخول الجيش المصري طلب كتشنر باشا من والده ان يلحقه بالمدرسة الحربية المصرية فدخلها في 28 مارس من العام 1899 وبعد انتظامه فيها لعامين قدم طلباً للاستعفاء منها وان كان أول الناجحين في الامتحانات والسبب كما يقول العباسي ان نظام الترقي للسودانيين هو الأقدمية لا بالتفوق العلمي كنظام التلامذة المصريين. تأثر العباسي بأستاذ اللغة العربية بالمدرسة الحربية وهو الاستاذ عثمان زناتي الذي أهدى اليه ديوانه فيما بعد وقال عنه: - فيا رحمة الله حُلِّي بمصر ** ضريح الزناتي عثمانيه غذاني بآدابه يافعاً ** وقد شاد بي دون أترابية ويا شيبة الحمد ان القريض ** أعجز طوقي وأعنانيه أعِرني بيانك أسمع به ** الأصم وانطق به الراغيه وعثمان زناتي من رجالات التعليم الكبار في مصر ومن أدبائها الكبار وشعرائها المرموقين وقد سارت الركبان بأبياته الرائعة التي يقول فيها-: أرقت وأصحابي خليون نوم ** فما أنا ذو ثأر ولا أنا مغرم ولكن هماً بين جنبي هاجه ** ذوي القربى، عفا الله عنهم هم ثلموا عرضي لغير جريرة ** سوى انهم مني وأنا منهم وينكر أدناهم علي فضائلي ** وما ضرني إنكاره وهو يعلم أوطئ أكنافي لهم وأحوطهم ** من الدهر لا أشكو ولا أتبرم عاد العباسي للسودان مخيباً ظن الانجليز فيه وعند وفاة والده في العام 1906م خلفه في السجادة السمانية إلا ان دراسته بمصر تركت أثراً عميقاً في نفسه صاحبه طيلة حياته، ثم غزاه حب البادية وعشقها فأخذ في اجتياب سهوب غرب السودان وكردفان على ظهر ناقته فينيخ في مواضعها ومدنها وادي هور، وادي الربدة، الأبيض، مليط، النهود، دارة الحمراء، ومنها يعود الى سنار وقد كان لهذه المدن والمواضع حظها الماسي عندما وقعت بين يدي العباسي وفي هواه فأصابها منه الخلود عندما أجزل لها عطاءه الشعري بمحبة ومودة وقد ألحت عليّ قصائده في هذه المدن إلحاحاً شديداً لأجعلها إحدى الحلقات التي أشار اليها الشاعر محي الدين الفاتح وأخذت تلح عليّ أكثر بعد ان كتبت في مقالي السابق عن الشاعر محمد الواثق وهجائه للمدن السودانية فكلا الشاعرين يحبان وطنهما كل بطريقته الخاصة وقد قال الشاعر والناثر العملاق نزار قباني ان حب الأوطان هو الدرس رقم واحد في مدرسة الحب ومن لا يحب وطنه فهو أمي ولم يدخل المدرسة ! المعروف ان العباسي تقليدي النزعة في تراكيبه الشعرية ويبدو للناظر التزامه الصارم بشكل القصيدة العربية الاصيلة غير ان مبعث ذلك لم يكن من نظرة الى الأوائل إنما كان من شكل حياته التي عاشها بين البوادي والتي تشبه في بيئتها بيئة الجزيرة العربية، فعندما يتحدث العباسي عن الناقة يتحدث عن تجربة حقيقية وليست مجازية أو تقليدية فقد كان الأيانق هي وسيلته في التنقل وقد مازجت تجربته الشخصية الأطلال والأطيار ووعورة الدرب ولعل الاستاذ الناقد عبد القدوس الخاتم تحدث بإفاضة في شأن هذه التجربة وقد عدّ الأستاذ مصعب الصاوي العباسي شاعراً محدثاً وليس تقليدياً وعلى كلٍ فإن العباسي في شأن تجربته الشعرية عن المدن تتعدد أغراضه في القصيدة الواحدة وكثيراً ما تصاحبها ديباجات عند الإفتراع والإبتدار متفق على قوّتها وعلى جزالتها وروعة نسيبها وغزلها. يقول في قصيدته النهود-: باتت تبالغ في عزلي وتفنيدي ** وتقتضيني عهود الخرد الغيد وقد نضوت الصبا عني فما أنا في ** إسار سعدى ولا أجفانها السود سئمت من شرعة الحب اثنيتن هما ** هجر الدلال وإخلاف المواعيد لا تعزليني فأني اليوم منصرف ** يا هذه لهوى المهرية القود لم يبق غير السرى ما تسر له ** نفسي وغير بنات الصيد من عيد المدنياتي من رهطي ومن نفري ** والمبعداتي عن أسري وتقييدي أثرتها وهي بالخرطوم فانتبذت ** تكاد تقذف جلموداً بجلمود تؤم تلقاء من نهوى وكم قطعت ** بنا بطاحاً وكم جابت لصيخود نجد يرفعنا آل ويخفضنا آل ** وتلفظنا بيد الى بيد وشد ما عانقت بالليل من عنق ** يضنى ومن حيف أخدود فأخدود معالم قد أثارت في جوانحنا ** شوق الغرير لمهضوم الحشا الرود استغفر الله لي شوق يجدد ** ذكر الصبا والمغاني أي تجديد وتلك فضلة كأس ما ذممت لها ** طعماً على كِبرٍ برح وتأويد وبعدها يبرز العباسي في معاطف عمرو بن أبي ربيعة فيدهشنا بما لم تأت به الأوائل.يقول:- إن زرت حياً أطافت بي ولائده ** يفديني فعل مودود بمودود وكم برزن الى لقياي في مرح ** وكم ثنين الى نجواي من جيد لو إستطعن وهن السافحات دمي ** رشفنني رشف معسول العناقيد يا دار لهوي على النأي أسلمي وعمي ** ويا لذاذة أيامي بهم عودي المدينة عند العباسي إلهام عشق ومحبة وكنز من الذكريات والهوى ورهط من الأصدقاء والمحبين فلا يقع نظره فيها إلا على الحسن والجمال بأنواعه جمال الوفاء وجمال الطبيعة وجمال الكرم وقد قال العباسي عن عروس الرمال (الأبيض) في الحاشية الأولى لقصيدته (عروس الرمال) :- عروس الرمال هي مدينة الابيض لأن أرضها بيضاء رملية وأجمل ما تكون في أيام الخريف بعد نزول الأمطار فتخضر الأرض وتنبت بها الأعشاب ويكون لأشجارها خصوصاً التبلدي جمال وروعة. يقول العباسي في عصمائه عروس الرمال وذكرياته فيها : - أرى النوى أكثرت وجدي وتذكاري وباعدت بين أوطاني وأوطاري وألزمتني عن كره مصائرها هذا الترحل من دار الى دار فارقت بالأمس فتياناً كانهمو في الجود إما تباروا خيل مضمار كأنما أرضعتهم أمهاتهم غيظ العدو وبر الضيف والجار أفدي الأبيض أفدي النازلين بها مثوى الأكارم أشياعي وأنصاري شادوا بذكري ولولاهم لما عشقت هذي المحافل آدابي واشعاري من كل ندب كريم الطبع ذي خلق سمح وليس بنمام ولا زاري أوفي الأخلاء في الجلى يضاق بها ذرعاً وان هيج فهو الضيغم الضاري شروا من الحمد ما يبقى وغيرهم باع الكرامة عن زهدٍ بدينار لو كنت كإبن الحسين اليوم صغت لكم ما قد أفاء على بدر بن عمار إن الذي قد كساكم من صنائعه ثوب الفضيلة عراكم عن العار ثم ينزلق العباسي الى ذكريات حملت من العشق والغزل والوله فألبسها ثوباً شعرياً منمقاً ومموسقاً يطرب له الوجدان وتهتز له الأفئدة ففيه من صور التشبيه وإفصاح المباشرة الكثير والعجيب وهو يتحدث عن ليلى تلك السيدة المهذبة والأديبة التي التقاها بالأبيض حيث موطنها كما يقول في قصيدته وفي إحدى حواشيها يقول:- هل من رسولٍ الى ليلى فيبلغها عني تحية إعظام وإكبار لم أنسها إذ سعت نحوي تودعني أستودع الله منها خير مختار في ليلة لم ينم إلا الخلي بها ألقت على الناس والدنيا بأستار سعت إليّ وفي لألاء غرتها نور ذممت لديه الكوكب الساري فيالها زورة جاد الحبيب بها وساعة تشترى منه بإعمار ورد حبتنا به الجنات مؤتلقاً من صنع ربك لا من صنع آذار وقد ظلمناه ان جئنا نشبهه بفارة المسك أو بالمندل الداري يا قبلة ما أحيلاها بهمهمة فيها معاني ابن زيدون وبشار فهل لليلاي ان تولى الجميل بها ولو كنغبة عصفور بمنقار مُنىً قضينا ولم نظفر بها ولقد كانت ترى وهي مناقيد أشبار ونلتقي مع العباسي ومدنه مليط وسنار ووادي هور ودارة الحمراء والربدة وهي قصائده تحدث كل واحدة منها الأخريات عن روعتها وجمالها وفيها يظل العباسي متشبثاً بغزله ونسيبه فالقصيدة العربية تمتاز دون غيرها من قصائد الغزل فمنذ الجاهلية وحتى فترة متأخرة من تاريخ تطورها كانت تأبى على الشاعر ان يذهب الى موضوعه دون ان يبدأ بالغزل أو بالأحرى بالوقفة الطللية المرفقة بالغزل أو النسيب وقد روى ابن رشيق القيرواني في كتابه المهم (العمدة) ان الشاعر المعروف (ذو الرمة) سئل كيف يعمل إذا انقفل دونه باب الشعر؟ قال كيف ينقفل دوني باب الشعر وعندي مفتاحه وهو الخلوة بذكر الأحباب.
((((( الجزء الثاني )))))) كان شاعرنا محمد سعيد العباسي مولعاً بحياة البادية ويحمل نفساً تعلّقت منذ نشأته الباكرة بكل ما يتصل بالحياة الفسيحة المبرأة من القيود والأسوار، فأحب التنقل والأسفار، وعشق الفروسية، ومارس الصيد فاقتنى كلاب الصيد الجيدة، ومنها (ام سُوق) التي جاءته هدية من صديقه شيخ العرب السر علي التوم ناظر عموم الكبابيش، فبقيت معه ورعاها ورعى سلالتها على مدى عشرات السنين، ومن أشهر سلالاتها الكلبة (دولات) التي ذاع صيتها في منطقة الريف الشمالي، وقد كان العباسي فارساً يحب الخيل ويتملكه، ولعل مهرته الرشيقة (كيلوباترا) التي كانت تحوز قصب السبق في المضامير أهم وأشهر ما امتلكه من الخيل، أما الأيانق فكان لها في قلبه مكانة لا تعدلها إلا مكانة المودود والمحبوب، فهي رفيقته ونجيته في الفلوات وحاملة أثقاله وعلى ظهورها يسافر ويقطع السهوب والوديان وينزل الوهاد ويعتلي النهاد الى حيث الأحبة وديارهم وريح الصبا، يدفعه الشوق وتحمله متون المطايا. وتحيةً حملتها ريحَ الصبا * ممزوجةً برقائقِ التشويقِ ما البانُ إما بنتمُ بانٌ ولا * ذاك العقيقُ المشتهى بعقيقِ أوطانكم وطني وإنَّ فريقكم * أفديه دونَ العالمين فريقي ياهل تهب لديَّ من تلقائكم * ريحُ الرضا ونسائمُ التوفيقِ فأروح أدَّرع الفلاةَ يقودني * شوقي الصحيحُ وفعلُ أيدي النوقِ وأفيق من جهد الصبابة مبرداً * منكم غليلَ فؤاديَ المحروق وفي ذات يومٍ أسرج العباسي رحله صوب (مليط) تلك المدينة الدارفورية وحاضرة قبيلة (البرتي) التي يشقها واديها العظيم الذي تنساب إليه المياه من مرتفعات مدينة (كُتُم) وتلتقي بمياه الوديان الصغيرة المنحدرة من جبلي (كَلُّوْ) و(كَلُّويَاتْ) المشرفان على بوابة المدينة الشرقية وسد وادي مليط الحجري، وعندما حط رحله فيها راعه منها جمال الطبيعة وقبل أن ينيخ بدار مأمورها وصديقه (نصر بن شداد) بعد سير شاق وسفر طويل ألجمه حسنها وألهمه سحرها، فبدت مليط في تلك اللحظة تتهيأ لوعدٍ مع التاريخ والخلود متزينة بكثبانها العفر ونخيلها الباسق ومياهها الجارية ورمالها الناعمة وظلالها الوارفة ويماماتها الهادلة والمغنية ونسائمها الغادية والرائحة. حيَّاكِ مليطُ صوب العارض الغادي * وجاد واديك ذا الجنات من وادِ فكم جلوت لنا من منظرٍ عجيب * يشجي الخلَّي ويروي غلة الصادي أنسيتني برح آلامي وما أخذت * منا المطايا بإيجافٍ وإيخادِ كثبانك العُفرُ ما أبهى مناظرها * أنسٌ لذي وحشة رزق لمرتادِ فباسق النخل ملء الطرف يلثم من * ذيل السحاب بلا كدٍّ وإجهادِ كأنه ورمالاً حوله ارتفعت * أعلام جيش بناها فوق أطوارِ وأعين الماء تجري من جداولها * صوارِماً عرضوها غير أغمادِ والورق تهتف والأظلال وارفة * والريحُ تدفع ميَّاداً لميادِ لو إستطعت لأهديت الخلود لها * لو كان شيء على الدنيا لإخلادِ وفي جنان مليط أطربت الحمائم العباسي وأشجته وقذفت به الى اتون السعادة والهوى، هوى الأوطان، وهوى النيل. فاقتادت اللبَّ مِني قودَ ذي رسن * ورقاءُ أهدت لنا لحناً بتردادِ هاتي الحديث رعاك الله مسعفة * وأسعدي، فكلانا ذو هوىً بادي فحرّكت لهوى الأوطان أفئدة * وأحرقت نضو أحشاءٍ وأكبادِ هوىً الى النيل يصبيني وساكنه * أجله اليوم عن حصرٍ وتعدادِ وحاجةٍ ما يغيني تطلبها * لولا زماني ولولا ضيق أصفادي أي حبٍ هذا الذي يسبغه العباسي على الأشياء من حوله، وأي جمال هذا الذي تهتف به نفسه من أغوارها، وأي استبطان رائع للوفاء ودواعي الصداقة التي يكنها هذا الشاعر في أعماقه. أنت المطيرة في ظل وفي شجرٍ * فقدت أصوات رهبان وعُبادِ أعيذ حسنك بالرحمن مبدعة * يا غرة العين من عينٍ وحُسادِ وضعت رحلي منها بالكرامة * في دار ابن بجدتها نصر بن شداد وحتى هذه الورقاء التي دخل عليها في كنفها ففزعت منه خاطبها مخاطبة لا تقع إلا بين أنيس وأنيس. ورقاء إنك قد أسمعتني حسناً * هيا أسمعي فضل إنشائي وإنشادي إنا نديمان في شرع النوى * فخذي يا بنت ذي الطوق لحناً من بني الضادِ فربما تجمع الآلام إن نزلت * ضدين في الشكل والأخلاق والعادِ لا تنكريني فحالي كلها كرمٌ * ولا يريبك اتهامي وانجادي إنه يبث شكاته لورقاء في ربوع ملهمته مليط، وبث الشكاة للرفقة الأنيسة وغيرها تخفف من ربقة الهوى وسطوة الفراق وعذاب النأي والحاح الأسواق المقيمة، وهي المتنفس عندما تعانق النفوس وتمازجها وطأة الآلام وهي تعافر المنى المستحيلة والأماني البعيدة والعسيرة المنال، وقد جنح الشعراء وكيفما كان، والعباسي عندما أعادته هذه الورقاء إلى حالةٍ شعورية وعاطفية عميقة خاطبها مخاطبةً أعادت إلى أذهاننا ما قاله الشاعر القديم الطفرائي بن الحسين بن محمد الأصفهاني الذي ارتفع بنا إلى آفاقِ من الشجو الجميل وهو يخاطب حمامة نائحة أشعلت ما خبأ من نار أشجانه وجددت فيه وجد الموثق العاني. يقول: أيكية صدحت شجوناً على فننِ * فاشعلت ما خبأ من نار أشجاني ناحت وما فقدت إنساً ولا * فجعت فذكرتني أوطاري وأوطاني طليقة من إسار الهم ناعمة * أضحت تجدد وجد الموثق العاني تشبهت بي في وجدٍ وفي طربٍ * هيهات ما نحن في الحالين سيانِ ما في حشها ولا في جفنها أثر * من نار قلبي ولا من ماء أجفاني يا ربة البانة الغناء تحضنها * خضراء تلتف أغصاناً بأغصانِ إن كان نوحك إسعاداً لمغتربٍ * ناءٍ عن الأهلِ ممنىً بهجرانِ فقارضيني إذا ما اعتادني طرب * وجداً بوجد وسلواناً بسلوان ما أنت مني ولا يعنيك ما أخذت * مني الليالي ولا تدرين ما شاني كلي للسحب إسعادي فإن لها * دمعاً كدمعي وإدناناً كإدناني إن المعالم والمواضع والأماكن التي اختزلناها في مقالنا إلى كلمة المدن ما هي إلا قصص إلهام وحكايات حب وحديث وفاء وصدق عند العباسي كما أوردنا، وعندما يضع العباسي رجله في ركابها تتقافز لتخطو إلى مناح أخرى تتعلق كما أبان قبلنا الدتور حسن أبشر الطيب في كتابه (العباسي التقليدي المجدد) إلى ما يتصل بآماله وأمانيه وعقيدته الدينية والسياسية أو شكواه من الزمان واقفاً موقف الفخر والاعتزاز هاجياً خصومه. يقول في ذات قصيدته مليط وقد أدركه فيها العيد وانتابته الهواجس وذكريات سنة 1924م، وكيف أخرج الإنجليز الجيش المصري من السودان، وقد كان به ضباط مصريون من الطراز الأول علماً ومعرفة وأخلاقاً وللشاعر صلة بهم ترجع إلى سنة 1898م عندما كان تلميذاً بالمدرسة الحربية. وأنت يا عيدُ ليت الله أبدلني * منك الغداة بعوادٍ وأعوادِ مالي وللعيد والدنيا وبهجهتا * وقد مضى أمس أترابي وأندادي أولئك الغر إخواني ومن ذهبت * بهم مواسم أفراحي وأعيادي مضوا فهل علموا أني شفيت * بمن ألبسته ثوب إعزازٍ وإسعادِ وتتصل شكوى العباسي وهو بين رُبا مليط حينما حنَّ الى تلك الأيام التي لم يخش فيها بأس القاهر العادي، أيام كان الشمل مجتمعاً وهو يرى اليوم ما تفعله العداوة والأحقاد وما ينتجه التفريق والإبعاد. تحية الله يا أيام ذي سلم * أيام لم نخش بأس القاهر العادي أيام كنا وكان الشمل مجتمعاً * وحيُّنا حيُّ طُلابٍ وقصادِ فإن جرى ذكر أرباب السماحة * أو نادى الكرام فإنا بهجة النادي لنا الكؤوس ونحن المنتشون بها * منا السقاةُ ومنا الصادح الشادي واليوم أبدت لنا الدنيا عجائبها * بما نقاسيه من حربٍ وأحقادِ وما رمى الدهر وادينا بداهية * مثل الأليمين تفريق وإبعادِ مليط أعادت للعباسي وجدان المقاومة، مقاومة المستعمر الإنجليزي الذي كان يكن له كراهية شديدة وقد جاء في كتاب (العباسي التقليدي المجدد) أن من الأسباب التي ربما جعلت العباسي مفتوناً بالبادية ما رآه في البدو وما يكنون له من محبة وثقة، جماعة مؤمنة يمكن أن يستنهضها ويكون قائد لوائها في محاربة المستعمرين. وهذا القول يسانده مساندة كاملة ما ذكره الشيخ الشاعر الورع العالم ضياء الدين العباسي في مقاله: (من حياة والدي) الذي نشر ضمن كتاب (نظرات في شعر العباسي) الذي صدر عن جماعة الأدب المتجدد، إذ يقول [والشيء المعروف أنه كان يهيء الأذهان ضد المستعمر ولكنه كان يبالغ في كتمان ما أضمر والشيء الذي حصل فعلاً ان الانجليز بعثوا بقوة صغيرة بقيادة أحد المفتشين لتترسم خطى العباسي فوجوده بين قبيلة حمر ودار الكبابيش في جمع كبير فأحضروه الى الخرطوم ثم اعتقلوه اعتقالاً تحفظياً ببلدته]. ولعلنا واجدون في قصيدته سنار التي تعد من اهم قصائده إشارة واضحة وجلية ورغبة جامحة في جلاء المستعمر وهو يخاطب المهندس الانجليزي (جبسن) باني خزان سنار كما سنرى من خلال استعراضنا لقصيدة سنار باعتبار ان سنار من المدن التي ألهمت الشاعر، وسنار مهد صوفية الفونج التي لونت المزاج الديني السوداني تعتبر وصاحب الربابة الرمز الذي رجع إليه شعراء السودان في القرن العشرين على اختلاف ايديولوجياتهم. كعادته يبهرنا العباسي بديباجة غزلية رفيعة المستوى في قصيدته (سنار بين القديم والحديث) ولا يقدح في معناها الغزلي الشفيف الرمزية التي تكفلت الحاشية الأولى بشرحها وردتها الى أنها أبيات تقرر حال القائمين بالأمر بالسودان وبين الشعب، فكثيراً ما أعطوا الشعب العهود والوعود بأنهم سيسيرون به إلى طريق الحكم الذاتي وطريق الحرية، وعلى كل سنورد ما سنختاره من الديباجة وليغني كلٌ على ليلاه. خان عهد الهوى وأخلف وعدا * ظالم أحرق الحشاشة صدا ماطل لا يرى الوفاء فإمَّا * جاد يوماً أعطى قليلاً وأكدى إن سألت النوال ضنَّ وإن * عبت تجني تيهاً وإن زرت صدا من معيني؟ هذا الحبيب جفاني * ومعيري ثوب الشباب استردا أنا وحدي الملوم أنزلت آمالي * بمولى لم يرع مذ كان عهدا خل هذا الصدود وأدن أحاجيك * ومهلاً زين الملاح رويدا قلت عندي روض هو الخلد يؤتي * أكله طيباً ويعبق رندا ورحيق خبأنه لك مما * كان قِدماً الى الخواقين يهدى هاته انه المنى واذقني * إن تفضلت من ثناياك بردا انا رق الهوى وبي ظمأ بَرْحٌ * وشوق ابلي اصطباري وأدى يجيد العباسي فن التخلص من خلال القصيدة الواحدة أيما إجادة، فينتقل من غرض شعري فيها إلى آخر بتسلسل منتظم وانسياب لطيف فحينها يعتلي بالمتلقي من مرتفع إلى قمة أو عندما يهبط به من سهلٍ الى وادٍ لا ينتابه شعور الإرتفاع ولا تتبعه أحاسيس الهبوط فكأنه مُساق وسط دائرة شعرية تعرف جيداً مناطق انعدام الوزن ففي ديباجة سنار الغزلية يستمر العباسي ليقول لمحبوبة: فتعجل لا تشمتن بي فتياناً * بذاك الحمى بهاليل لُدَّا كان لي عنهم نزوع * لم أجد يا بدر الدجى عنه بُدا ثم بعد حين يعود ليتخذ من أولئك الفتيان البهاليل -يقصد بهم ملوك سنار في الزمان الأول- مرتكزاً يتغيّر به غرض القصيدة من الغزل إلى ذكر التاريخ والعلائق التي أحالته إليها وقفته بأطلال قصرٍ كان يسكنه ملك سنار (بادي أبو شلوخ) فتذكر فضائلهم على أوائله وأياديهم البيضاء ومنزلة جده الولي الصالح الشيخ أحمد الطيب البشير في قلوبهم وكيف أنهم أقطعوه أراضٍ كثيرة. يا رفاقاً فديتهم هل معيد * لي منكم ذكرى خليطٍ أجدَّا وربوعاً أحالها عنت الدهر * مَراحاً للحادثات ومغدى أسعدتنا فيها الغداة دموع * لم تخنّا بالأمس في دار سُعدي ويميناً لو استزادت لزدناها * قلوباً تسيل كالدمع وجدا وتستمر أنشودة الوفاء عند العباسي وسنار ترفده بمزيد من الإلهام، وهو يصف ما علق بنفسه في زيارته لها عندما يقول: زرت سنار والجوانح أسرى * زفرات هدَّت قوى الصبر هدَّا إن محا الدهرُ حسنها فقد كانت * مُراداً للمعتفين وخُلدا كم لها في الرقاب مناديون * وعزيز علىَّ ألا تؤدي وجميل لأهلها عند أهلي * ويد بالصنائع الغرّ تندى فافعل الخير ما استطعت تجده * سبباً جاعلاً من الحُرِ عبرا نقف هنا لنستمر في حلقتنا الأخيرة في هذا المقال مع العباسي في مدينة سنار وسدها العظيم وقصته مع بانيه المهندس الانجليزي (جبسن) وقوافيه عن دارة الحمراء ووادي الربدة ووادي هور وعن ذلك الحب القوي والعنيف الذي نبت في قلبه بدار الكبابيش كما قال صديقه الأديب حسن نجيلة في كتابه (ذكرياتي في البادية).
(((( الجزء الثالث )))))
رأينا كيف وقف العباسي بأطلال قصر بادي أبوشلوخ بمدينة سنار، وكيف أن هذه الوقفة قد أعادت إلى ذهنه تلك العلائق التاريخية الحميمة التي كانت تجمع بين أجداده وملوك سنار فتحرّكت في نفسه دواعي الوفاء عندما أخذت الذكرى تنتابه وتأخذ من أحاسيسه شيئاً فشيئاً. وها هو يرى سنار الحديثة وفي خاطره تختال أطياف غابرة فبدى له عزها القديم وتراءت له القباب المزدانة والأعلام الخفاقة والخيول الضامرة والصاهلة في ميادينها ورحابها، غير أن اللحظة أحالته إلى أسى عميق فغلبت على نفسه لهفة أخاذة وهي تسلك في حقيقة الزمان الذي أفنى ملوك سنار فأصاب وارثيهم الشقاء والهول وتبدل العز هوناً ونعيم الحياة بطشاً وكداً، ومن بعد ركوب عشواء ضالةٍ لا يرشدها الضياء ولا يقودها النور فأنشأ يقول وكان يُرى في بعض قوله وكأنه حفيد سناري: لهف نفسي فقدت يا قبلة الخير * كهولاً حموا حماك ومردا كنت مثوى للأكرمين وميداناً * رخيّاً لخيلهم ومندى ورحاباً قد زينت وقباباً * زان أرجاءها مليك مفدي عاش ما عاش وهو جد أبي * لم يعفر لغير مولاه خدا عجمته الخطوب وهي شداد * فأثارت منه الخشاش الأشدا وبنوداً تهفو وخيلاً تنزي * بالأناسي سادةً وعبدا أرخصوا في هواك كل عزيز * فتباروا في الحرب والسلم جندا فرقتهم يد الزمان أناديد * وما خلفوا لعمري ندا قد شقينا من بعدكم فوردنا * يا كرام الحمى من الهول وردا واستعضنا من ذلك العز هوناً * ونعيم الحياة بطشاً وكدا وركبنا عشواء لا يأمن الركب * عثاراً ولا يؤمّل رشدا قدر غالب وهل يملك الناس * جميعاً لقدرة الله رداً؟ ثم تحين من العباسي إلتفاتة لسنار الحديثة فيتفوق على نفسه وهو يصف خزانها بأبيات يفسدها الشرح والتحليل.. قال فيها: قف تأمل هذي العجائب وانظر * شامخاً يحسر العيون استجدا واجل ناظريك فيما اصطفى العلم * لأحباره وما قد أمدا غاص بناؤهم فأخرج بالفن * وآياته من النيل طودا بفؤاد لم يدرع هيبة الروع * كأن سل أو من صخر قدا وانسياب المياه بيضاً عراباً * صيرتها عجاجة الحرب ربدا بإنحدار كأنه غير منقوص * أكف الكرام واصلن رفدا ثم تستمر قافية العباسي الدالية لتقف على المردود العظيم لسد سنار الذي بفضله ارتوت من النيل السهول واخضرت الجزيرة فبدا له السد كإنجاز علمي بشري كبير وضخم دفعه دفعاً ليلج إلى منبع مهم من منابع الرمز ليستلهم التراث الديني والتاريخي والأسطوري فبدأ يشبه السد بسد ياجوج وصانعوه بجن سليمان وانتهى بتقرير أفاد فيه أن ما رآه أحكم صنعاً. مد للناس من رواقيه فأعجب * لمنيل أفاد جزراً ومدا غمر السهل بالجزيرة حتى * لتراءت في زيِّ حسناء غيدا زارها النيل وهي قفر يباب * فاكتست من نسيج يمناه بردا كم بها من ندىً ومن بركات * قد بدت للعفاة لما تبدى لا أقول: الصناع جن سليمان * ولا السد سد ياجوج مدا فلعمري هذا لأحكم صنعاً * شاده اليوم أعظم الناس أيدا ورغم إعجاب العباسي بالسد إلا أنه ومن خلال ومضة شعرية رائقة فيها ما فيها من أسرار الإبداع التي تجلب الدهشة والإعجاب يحني على النيل عندما بدا له كحبيس يعاني من القيد وككريم معطاء علموه الشح والتقتير وبذلك جعل العباسي للتعارض والتناقض ألقاً وسحراً فالنيل تارة يزور الأرض اليباب ويمنحها ماء الحياة فتكتسي بالخضرة الزاهية وتارة يحبس ماءه فيبدو شحيحاً ونحيلاً وهذه ليست صفة النيل وسمته إنما هي عمل السد ودوره. نحن جيرانك الضعاف عنانا * ما تعاني يا نيل حبساً وقيدا كنت فينا بالأمس براً حافياً * ما لهم علموك شحاً وقصدا ثم بدأت مخاطبة العباسي للمهندس الإنجليزي (جبسن) الذي بنى السد وهي مخاطبة أخذت تعلو بعيداً في مدارج الرقي عالج فيها الشاعر معتقدين اصابهما الواقع بحرج التعارض، فالمعروف ان العباسي يعتقد في قيمة العلم والتعليم اعتقاداً راسخاً وما قصيدته (يوم التعليم) ببعيدة عن الأذهان. فيها يقول: العلم يا قوم ينبوع السعادة * كم هدى وكم فك أغلالاً وأطواقا فعلموا النشء علماً يستبين به * سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا أقسمت لو كان لي مال لكنت به * للصالحات وفعل الخير سباقا ولا رضيت لكم بالغيث منهمراً * مني ولا النيل دفاعاً ودفاقا إن الشعوب بنور العلم مؤتلقاً * سارت وتحت لواء العلم خفاقا كما ان عقيدته تنطوي على كراهية عظيمة للمستعمر الإنجليزي، غير أن العلم الذي أحبّه العباسي اجتمع في المستعمر الذي لا يحبه العباسي وبالعلم شيّد سد سنار، وهذا ما عنيت عندما قلت حرج التعارض ودعونا نتأمل كيف استطاع العباسي أن يعالج الأمر وهو يوقِّر ويحترم العلم وفي ذات الوقت يتمنى الرحيل لهؤلاء الإنجليز البغاة، وذلك من خلال مقطع شعري ضمنه قصيدة سنار وهو مخاطبته لجبسن وكأنما أراد العباسي بهذا المقطع أن يصنع معجزة يقول: جبسن إسمع أوليت قومك فخراً * وثناءً يروي وأوريت زندا نحن من قد علمت وداً وأنت * المرء يولي الإحسان بدءاً وعودا جئت في السد بالعجاب فهلا * شدت بين البغاة والناس سدا؟!! بعد حين ترجمت هذه الأبيات ونشرت في كل الصحف الإنجليزية آنذاك بلندن بعد أن أوهم أعضاء من حزب الأمة المستر جبسن وهم يزورونه بضاحية من ضواحي لندن بأن العباسي معجب به وأنه قد ذكره في شعره مادحاً، وقد أراد بالبغاة المصريين، فعلّق العباسي على هذا الأمر مخاطباً رئيس حزب الأمة قائلاً له: أتوسل إليك بكل من تحب ألا جمعتني بأكبر رأس إنجليزية في هذا البلد أي الخرطوم لأفهمه إنما عنيت الإنجليز، أما المصريون فإنهم اخوتنا الأقربون. فصمت رئيس الحزب ولم يجب. ومن بعد تسير قصيدة سنار إلى انتهاء لتحمل في طياتها نصح الشاعر لقادة البلاد والرأي وتمتلئ بالحكم ودعاوى الإئتلاف ونبذ الخلاف وبذل المال للعلوم والإخلاص للوطن. كانت سنار هي المدينة الوحيدة في شعر محمد سعيد العباسي التي تقع جغرافياً خارج بادية الكبابيش فقد عرف العباسي بحبه الجارف لبادية الكبابيش، ولهذا الحب أسباب تتسق ونفس العباسي التواقة للحرية والانعتاق من القيود والأسوار والباحثة عن البساطة والصدق والمبتعدة عن التكلفة والصنعة اللذين يعتوران حياة المدن الاجتماعية، وقد وقعنا على ما يدل على ذلك من خلال ما أورده الأستاذ حسن نجيلة في كتابه (ذكرياتي في البادية) إذ يقول: [وفي حي (أولاد طريف) حيث يعيش عدد كبير من أحبابه ومريديه، كنا نجلس مع أولئك الأحباب وهم يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم وكانت نساؤهم وبناتهم من حولنا، في براءة يتقدمن إلى الشيخ العباسي ويقبلن يده في إكبار واحترام]. وقد بحث الباحثون والنقاد عن أسباب حب العباسي العميق لبادية الكبابيش وقدروا عدداً من الأسباب أجملوها في ميله الطبيعي للفروسية وحبه للمغامرة والصيد والأسفار والتنقل يساعده على ذلك فتوته البادية وقوته الظاهرة اللتان تتلاءمان وخشونة الحياة في البادية، هذا وأن البادية قد بدت له كبديل جغرافي مناسب يبعده عن أجواء الخلافات مع بني عمومته في شأن خلافة السجادة السمانية ومن ضمن تلك الأسباب كراهيته للإنجليز الذين جعلوا من المدن ديار هونٍ وقهر لا بد أن تقاوم بالثورة التي قد يعينه عليها البدو الذين أحبوه وأحبهم، خاصة وأنه مؤهل للقيام بذلك لما يمتلكه من مزايا القيادة ولما ناله من العلوم العسكرية. الحقيقة التي لا مراء فيها أن الإنجليز قد خاب ظنهم في العباسي، وعندما رأوا فيه شخصية مهمة ومؤثرة تتسم بالوقار والعلم والثقافة العالية والأدب الرفيع أرادوا أن يستميلوه فعرضوا عليه منصب قاضي مديرية الخرطوم وهو عرض لاقى من العباسي رفضاً تاماً، لأن العباسي كان يستهجن كل من يقبل من السودانيين منصباً يمنحه الإنجليز زلفى وفي هذا الشأن قال العباسي: فما بي ظمأ لهذي الكؤوس * فطوفي بغيري يا ساقية على نفر ما أرى همهم * كهمي ولا شأنهم شانيه طلبت الحياة كما أشتهي * وهم لبسوها على ماهيه شروا بالهوان وعيش الأذل * ما استمرأوا من يد الطاهيه فباتوا يجورن ضافي الدمقس * وبت أجرجر أسماليه على أنهم - أي النقاد - رأوا أن استمرار حب البادية في نفس العباسي والذي لازمه طيلة حياته يعود أيضاً لذلك الحب العنيف الذي نبت في قلبه عندما كان يتنقل بين أرجاء بادية الكبابيش. وفي هذا الصدد يقول نجيلة: [ بين ربوع الحمراء وأحيائها نبت في قلبه حب قوي عنيف ، وما كان لقلبٍ كقلب العباسي ووجدان كوجدانه المشبوب إلا أن ينفعل بهذا الجمال البدوي الساحر من حوله]. ولعلنا واجدون إشارات ملفتة لهذا الحب في قصيدته (دارة الحمراء) إذ يقول في ديباجتها: قل للغمام الأربد * لا تعد غور السند وحيّ عني دارة الحمرا * وقل لا تبتعدي منازل يا برق أروت * أمس غلة الصدى يا ويحها كم نظمت * شمل هوىً مُبدد قالوا غداً يوم الفراق * قلت بُعداً لغدٍ يا متهمون هل لكم * علم بحال المنجد صب بكم أمسي يعاني * صرف دهر أنكد عطفاً مليكي إن في * كفيك ثني المقود وعندما نأت الديار ديار الحبيب في الحمراء بأرض بادية الكبابيش ثارت أشواق شاعرنا فأخذ يقول في قصيدته (ذكرى حبيب) :- فيا دارة الحمراء بالله بلغي * هناك حبيباً بين كثبانك الرُّبد بأني لا أنسى وإن شطت النوى * ليالي وصال غير مذمومة العهد منىً قد أخذناها من الدهر خلسة * بزهرة ذاك الحي في عيشة رغد فلم يبق منها اليوم إلا حديثها * وطيف يريني الرد في صورة الوعد أحن إليهم والديار بعيدة * وإن كان لا يدني الحنين ولا يجدي ولا تني دارة الحمراء تحط في أشعار العباسي كفراشة ناعسة وتذكرة بطبيعتها الساحرة كالحتان جبل البادية والمناشط مراعي إبلها وحشائشها ونبتها من القصيوم والطباق وحبيبة غابت في ظلمة السنين والفراق، فيقول في ديباجة قصيدته العصماء، (يوم التعليم( :- يا برق طالع ربا الحمرا وزهرتها * وأسق المنازل غيداقاً فغيداقا وإن مررت على الحتّان حيِّ به * من المناشط قيصوماً وطُباقا ومن إذا سمعوا من نحونا خبراً * والليل داج وأقاموا الليل إيراقا إنا محيوك يا أيام ذي سلم * وإن جنى القلب ذاكراك إعلاقا واليوم قصَّر بي عما أحاوله * وعاقني عن لحاق الركب ما عاقا وأنكر القلب لذات الصبا وسلا * حتى النديمين: أقداحاً وأحداقا غير أن العباسي لا يعميه هوىً يثور في الأضلاع عن أن ينفعل بتلك الحضارة القديمة التي تشي بها الآثار الموجودة بوادي هور. ووادي هور كما أشار العباسي يقع غربي السودان وحوله من الآثار ما يدل على أنه كان مثوى حضارة قديمة، فقد وجدت به حجارة منحوتة منها ما هو على صورة الناس وما هو على صورة القدح الكبير، وقد يسع الواحد منها ثلاثة أشخاص. وشرقي هذا الوادي عثر على كتابات وصور للناس والحيوان منقوشة على صخور، كما عثر على أوانٍ خزفية مختلفة الأشكال والأحجام.. كل هذا ألهم العباسي، الشعر والقصيد فكانت قصيدته (وادي هور) التي انتظمت في ثمانية وتسعين بيتاً ابتدرها كعادته بالنسيب وتعددت فيها الأغراض الشعرية من غزل ومدح وحكمة وسياسة وذكريات، بيد أن العباسي خص في القصيدة وادي هور بصفةٍ عزيزة إذ فضله على وادي النيل الذي أحبه ومثل عقيدته السياسية، ولم ينس العباسي صناع الحضارة في هذا الوادي من الأوائل. يقول: سبحان ربي أين وادي النيل * من وادي هورْ وادي الجحاجحة الأُلي * عمّروه في خالي العُصُرْ وعواصم القوم الذين * بذكرهم تحلو السيرْ من ذللو أصعب الزمان * وكم أقاموا من صعرْ درجوا فما رد الردى * بيض الصفائح السمرْ متكافئين وربما * فضل العزيز المحتقر فكأن عهد فخارهم * يا قوم بدر فاستتره أو أنه عقد فخان * العقد سلك فانتثره ولم تكن قصيدة (وادي الربدة) لتختلف كثيراً عن قصيدة (وادي هور) غير أن الشاعر أكثر فيها من الهجاء ومن ذكرى مصر، وقد حوت هذه القصيدة الرائعة التي رفلت في واحد وسبعين بيتاً، شعراً غزلياً قصصياً رقيقاً ومدهشاً، رأيت أن أختم به مقالي هذا عن المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي يقول: مررت بالحيِّ ضحى * أروض مُهراً أدهما مرتدياً من الثياب * ضافياً منمنما لعيتُه في أربع * بيض كأمثال الدمى شابهن أزهار الربيع * وحكين الأنجما أو الجمان نظموا * فريدة فانتظما وقفت فاستسقيته * وشد ما بي منظما جاء بماء قلت هل * حاجة مثلي منك ما؟! أنشدته من فاخر * الشعر رصينا مُحكما فرق لي مستسلما * ومال نحوي منعّما طويته طي الردا * منعتُ من فمٍ فما نصرم الوصل وكيف * ردّ ما تصرما؟
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 (Re: صديق الموج)
|
Quote: أرقت وأصحابي خليون نوم ** فما أنا ذو ثأر ولا أنا مغرم ولكن هماً بين جنبي هاجه ** ذوي القربى، عفا الله عنهم هم ثلموا عرضي لغير جريرة ** سوى انهم مني وأنا منهم وينكر أدناهم علي فضائلي ** وما ضرني إنكاره وهو يعلم أوطئ أكنافي لهم وأحوطهم ** من الدهر لا أشكو ولا أتبرم |
أعجبتني تلك الكلمات وأجد نفسي فيها خاصة في هذه الأيام العجيبة شكرا لك ياصديق الموج
أقترح أن تأخذ هذه القصائد بيتا بيتا وتفتح لها بوست لأن بها كثيرا من المعاني والمقاصد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 (Re: صديق الموج)
|
المدن السودانية فى شعر محمد سعيد العباسى انها محاضرة تستحق ان يدرسها الطلاب فى المنهج الاكاديمى فى المرحلة الثانوية ويمكن ان يتم تلخيصها لطلاب المرحلة المتوسطة ان عادت الى حيز التعليم لكنها لاتقل سعة عن كل ادبيات درسناها فى المرحلة الثانوية ويمكن ايضا ان تكون معينا لطالبى الدراسات العليا لما فيها من توثيق معرفى
لكننا لا نحتفى بمبدعينا شعراء او غير ذلك من صنوف الادب ونلجا دائما لكل ماهو بعيد عن مناخاتنا المعرفية شكرا لكما اخى لكل ما ورد فى هذا السفر المشع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 (Re: صديق الموج)
|
Quote: في حضرة محمد سعيد العباسي لا يصح إلا أن نقرأ ونتأدب .. ونعمل برنت أوت لتقرأ للمرة الثانية والثالثة لأمير الشعراء لولا قصور إعلامنا كما قال بعض فحول الأدب في مربد العراق وتبقى معانى العباسي تتوالد ليظل حضورا على مر الأجيال.
شكرا ليك يا صديق وللأخ إسماعين |
محمد عبد الجليل الاديب محمد عثمان الجعلى ومرة كنا نتجاذب الحديث ووردت سيرة العباسى،وكان الحديث عن قصيدته العصماء عهد جيرون..فعندما وصلنا الى حيث يقول: يقول لى وهو يحكى البرق مبتسما يا انت يا ذا وعمدا لا يسمينى د.الجعلى المشوطن قال لى عارف يا صديق اخوى القصيده دى يحشروها للمتنبى فى ديوانه والا جرير والا الفرزدق ويصحوا اى واحد فيهم لقال تلك القصيدة لى..والرجل محق. فالعباسى امير امراء الشعراء كلهم بلا منازع..ولكن نحن من نفر لا نقيم للمبدعين وزنا.. محمدن سعيد بمرورك هنا ولنحتفل جميعا بما ورد اعلاه،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 (Re: صديق الموج)
|
Quote: المدن السودانية فى شعر محمد سعيد العباسى انها محاضرة تستحق ان يدرسها الطلاب فى المنهج الاكاديمى فى المرحلة الثانوية ويمكن ان يتم تلخيصها لطلاب المرحلة المتوسطة ان عادت الى حيز التعليم لكنها لاتقل سعة عن كل ادبيات درسناها فى المرحلة الثانوية ويمكن ايضا ان تكون معينا لطالبى الدراسات العليا لما فيها من توثيق معرفى
لكننا لا نحتفى بمبدعينا شعراء او غير ذلك من صنوف الادب ونلجا دائما لكل ماهو بعيد عن مناخاتنا المعرفية شكرا لكما اخى لكل ما ورد فى هذا السفر المشع |
سلمى سلامه العلامه..كيفنك ،تحجى، تمدنى، تزورى المصطفى، احوالك كلها، عساها كما نريد ونبتغى.. لمثلك الله نشهد ننقل الى هنا ما نظن انه ذو فائده..اتمنى ان تجدى فيه ما يروقك.. وصادقة مثل هذا يجب ان يدرس.. لكن حليل تعليمنا،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 (Re: صديق الموج)
|
Quote: العلم يا قوم ينبوع السعادة * كم هدى وكم فك أغلالاً وأطواقا فعلموا النشء علماً يستبين به * سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا أقسمت لو كان لي مال لكنت به * للصالحات وفعل الخير سباقا ولا رضيت لكم بالغيث منهمراً * مني ولا النيل دفاعاً ودفاقا إن الشعوب بنور العلم مؤتلقاً * سارت وتحت لواء العلم خفاقا |
عجيب ان يقول العباسى مثل هذا ولا نحفل به كثيرا و90% مدارسنا يزين جدرانها بيت الشعر الذى تاكل من فرط ان علكوه.. قم للعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا اخ من الاوطان التى لاتعرف قدر بنيها،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذور مختلفة حول الأدب : المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3 (Re: صديق الموج)
|
أستاذنا الفاضل صديق الموج هاأنت ذا تنقلنا من عوالم الكآبة إلي عوالم الدهشة والجمال في رحاب الشاعر الفذ محمد سعيد العباسي والذي أعتبره مفخرة للسودان وللعرب..
وتجلي إبداعه في عروس الرمال حين قال عن ليلاه:
Quote: هل من رسولٍ الى ليلى فيبلغها عني تحية إعظام وإكبار لم أنسها إذ سعت نحوي تودعني أستودع الله منها خير مختار في ليلة لم ينم إلا الخلي بها ألقت على الناس والدنيا بأستار سعت إليّ وفي لألاء غرتها نور ذممت لديه الكوكب الساري فيالها زورة جاد الحبيب بها وساعة تشترى منه بإعمار ورد حبتنا به الجنات مؤتلقاً من صنع ربك لا من صنع آذار وقد ظلمناه ان جئنا نشبهه بفارة المسك أو بالمندل الداري يا قبلة ما أحيلاها بهمهمة فيها معاني ابن زيدون وبشار فهل لليلاي ان تولى الجميل بها ولو كنغبة عصفور بمنقار مُنىً قضينا ولم نظفر بها ولقد كانت ترى وهي مناقيد أشبار
|
أسلوب متفرد وظاهر انو متأثر بأسلوب شعراء الجاهلية والعصر الاموي والعباسي... أنا من رأي استاذه سلمي انو المفروض يدرس في المرحلة الثانوية.. شكرا ليك كتير استاذ صديق بالجد بوست ممتع وشيق والواحد مابشبع منو.. مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
|