|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: محمد الطيب يوسف)
|
استهلال: إلى ابني القاص الماهر محمد الطيب يوسف (رجل بلا ظل) محاولة جادة لتأكيد الهوية وتأصيل الانتماء، وليست محاولة لتعريب قصة دارجة، وآمل أن تكون نصيرًا للضمة المرفوعة والفتحة المستقيمة، وأن تحافظ على الجر بالكسر، لأن اجتماع الجر مع الانكسار، هو الواقع البدهي.. وازدراء الرفع والضم والجر والجزم هزيمة ذاتية مُرَّة.. هوَّن عليك يا بنيَّ الاستخفاف بالفصيحة فهي وعاء الإيمان وسرَّ خلود التنزيل.. أما إصراري أنا على الضمة والفتحة فهو مصدر اعتزاز لي لا مناط تبخيس.
قصة سياسية في قالب رمزي انتقادي ساخر، تصطبغ بصراع داخلي تستحكم فيه نوازع النفس وآمالها بمثبطات الرقابة الخارجية (الصحافة)، وتترابط بين أجزائه خيوطُ الجُرمِ أحيانًا ثم تنتقض اعتمادًا على إمكانية الإفلات (تأكيدات عبد الستار كبير خواصه: إنها مجرد زوبعة صغيرة وسأنتهي منها اليوم‘ لا تنشغل بهذا الأمر)، وربما يرمز الظل هنا إلى (جهاز المراقبة الذاتي) أو القرين سيئ الطويَّة الذي ما انفك يُراقب ويُزيِّن ويشمت على صاحبه الرابض فوق مقعد وثير دوار يلعق عرق الآخرين ويتلمَّظ حلاوة ملوحته على غفلة من ذاته ومن المجتمع.. إنه يتوهَّم أن مكتبه يُشكل ستارًا كثيفًا يحول بينه وبين الضوء الذي تتباين عنده ضروراته، فتارة يحكم إغلاق النوافذ ليحس بالهدأة والسكينة في العتمة، وتارة يتملَّكه الذعرُ ويسري في عروقه سريان الكهرباء في أسلاكها النحاسية؛ فينتفض من نومه هلعًا جزعًا من الظلام، ويصيح في زوجته آمرًا بإضاءة الأنوار ليخرج من الكابوس وكتلة الظلام التي أخفت ظله الذي يقف بمثابة المحفِّز.. وهَمٌ بحجم البالون الضخم دفعه إلى الاستمتاع بالقدرة على الاستغفال الذي يرفع صاحبه إلى درجة التعالي والاستكبار وشموخ الأنف دون استبصار لما يمكن أن يتمخض فيه من فضيحة تؤدي إلى نهاية مفجعة.. كان يتأرجح بين الخوف والطمأنينة، القلق والراحة، ولِمَ لا؟ أليست تطمينات عبد الستار مكمن ثقته كافية لتهدئ من روعه: "قلت لك لا تشغل بالك بهذا الأمر.. سأحسمه اليوم بإذن الله"، وفي إذن الله هنا إيحاء بأن للرجل علاقة بربِّه تضاعف حجم الثقة فيه والاعتماد عليه!! ومع ذلك فإن (معاليه) لا يجهل سرَّ ذلك الخاطر الذي يضطره إلى استدعاء سيرة ابن أبي سلول كلما أطل عليه عبد الستار، واستقر في قرارة نفسه أن هذا الشخص لا ضير أن يلحق به وصف (شيطان الإنس) والاستعانة بالشيطان يُمثِّل أحيانًا بوابة إلى إشباع هوى النفس وإسكان نهمها. "إذا فاتك الميري تمرَّغ في ترابه"... فَهْمٌ سقيمٌ وخطلٌ بيِّنٌ متوارث خلَّفته لنا دولة الاستعمار، حتى صارت هذه المقولة متقبلة؛ بل تحفيزية لضعاف النفوس، واستحلال المال العام في كثير من بلدان العالم الثالث التي رزحت تحت وطأة الاستعمار الأوروبي أفرز شريحة عريضة من (التماسيح) أو طبقة من (القطط السمان) بتعبير إخوتنا في شمال الوادي، وهذه الأجسام المُتورِّمة ذات الخزائن المُكتنزة هم شُرَّار الذي يتلذَّذون بامتصاص دماء الحزانى والبؤساء والمنكسرين، هم (دراكولا) العصر.. شخصيات بليدة الإحساس، ونفوس ضعيفة منكسرة أمام إغراءات المال (السائب)، ويتحدَّر من بين شفتيها (اللعاب) كلما ارتفعت بنود ميزانية دائرتها، لم يعد انتهاب الذخائر والنفائس عندها خيانة للأمانة، ولا يراودها إحساس بالذنب أو الجُرم وهي تملأ جرارها من المال المنسكب والمؤتمن عليه.. إنه اختفاء الظل و(موت الضمير).. كم في تلك البلاد (الجالسة) من استغلال لسماحة نفوس البسطاء، والاجتراء على الحق العام، واستباحة للأمانة؛ بل والتلذذ بما يتيسر نهبُه.. فقط من أجل صلف زائف وكبرياء مصطنع يتجلَّى في سيارة فارهة وثياب ناصعة البياض وشالات فاخرة وعطر سان ديور وعصاة الأبنوس والأباجورات الكريستال وكاسات الـ (كابتشينو) أو الشراب البارد على النجيل في المساءات الحالمة.. يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من ضيع الأمانة ورضي بالخيانة؛ فقد تبرأ من الديانة" إضاءة الأنوار تكشف الخوف من الظلام؛ رغم أن (معاليه) بنى نفسه وارتفع بشخصيته إلى أعلى درجات سُّلَّم نُصب في ركن مُعتم أو على ظهر حائط بلا ظل. هاجس الخوف يسكن قلب الرجل.. وعبد الستار أنموذج متكرر لذات الشخصية التي تحيط بالمسؤول إحاطة السوار بالمعصم.. فهو مايسترو الحاشية أو البُطانة التي تجمع أفرادها طموحاتٌ متشابهة ويلتقون على أطماع متماثلة، وهم يجيدون لانحناء لوليِّ النعمة الزائفة.. وإن نُحِر الثورُ فهي أول الشاربين من دمه (إفك وخداع ونفاق وطمع وشماتة).. وهذه القيم ذاتها هي التي تتركَّب منها نفسية (معاليه) وتصوغ منهجه في الحياة، ولا عجب أن يُتقنَ مداهنة (الكبير) ويلعق حذاءه، فهو يهابه وإن كان غائبًا، ويرتجف من صوته وإن كانت العين لا تبصره.. (الوقوف اللاشعوري عند اتصال "الرأس الكبيرة" على الهاتف). وخلافًا للقيم يحاول (معاليه) الانتحار، غير أنه نسيَ أن ثلث المجتمع نفسه قد لا ينظر إلى الفاسد نظرة احتقار؛ بل يتقبَّله وكأن شيئًا لم يكن، هذا إن لم يتودَّد إليه لينال مما ناله بكياسته في استثمار أساليب النفاق والمخادعة والمخاتلة.. وهذه نهاية طبيعية ليست مفزعة، فكما رُوي أيضًا عن الخليفة الرابع رضي الله عنه: "موت الصالح راحة لنفسه، وموت الطالح راحة للناس"، ولعل الكاتب أراد هذه النهاية البئيسة لصاحب الظل الخفي ليوحي لنا بأن روحه لن تشهد استقرارًا في الحياتين، وستظل في شقاء أبدي.. ويُلاحظ أن القاص استجمع عناصر القصة القصيرة ابتداء بالمكان (الوزارة) والزمان (ساعات الدوام المكتبي)، وحشد أحداثها في هذه البيئة (الزمكانية) مستخدما مفردات قاموس العمل: (نعم سعادتك، حاضر سعادتك، في شنو معاليك، سيادتو اتصل..) وجعل مشاهدها مترابطة ومتواترة من البداية إلى النهاية مستخدمًا أسلوب التنكيت والتبكيت والسخرية المريرة التي تشدُّ القارئ وتجعله محافظًا على ابتسامه رغم ما قد يحس به من غثيان تجاه مكونات هذه الأشباح المستحوذة على دولاب العمل، والممعنة في ذاتيتها وتحقيق أطماعها دون خوف أو وجل من أحد، ولكنه في الوقت نفسه رفع الصحافة إلى مستوى دورها (سلطة رابعة)، ولم يشأ أن يجعلها مغمضة العين كما هو شأن الصحافة الرسمية في دول العالم المتخلف.. واستطاع استخدام الغمز والتلميح بقدر كبير من الإتقان لبيان عَوَر (صاحب الشأن)، ثم منحه قبسًا من إفاقة أو صحوة أو غيرة وطنية: " إذا كان المنشور في الصحيفة صحيحًا فأنت تعرف ماذا سيحدث لك". وعمومًا فإن الصراع يشكل المحور الرئيس في (رجل بلا ظل)، صراع أظهر التجاذب بين الخوف والطمأنينة، والحلم والواقع، والكبرياء والإذلال.. كان صراعًا نفسيًّا داخليا شديد القوة إلى الدرجة التي جعلت الظل يخالف قواعد الفيزياء فيرى في الظلام ثم يغادر منطقة جسم صاحبه الذي يحجب عنه الضوء، وينفصل عنه في لحظة بالغة الانهزام، وهكذا يمد الضميرُ لسانه ثم يغادر منطقة القفص الصدري تفاديًا لتلك النتيجة المأسوية. والقصة في جوهرها تصوير بليغ لمشهد من مشاهد الحياة في أحد جوانبها المتعددة راعي فيه القاص مقومات القصة المتعارفة بين أساطينها: رسم الشخصيات وبنائها النفسي والسلوكي، الحبكة، الصراع، السرد، عنصري الزمان والمكان، ترابط الأحداث.. فقط كانت تحتاج إلى مزيد من الإدهاش وتكثيف العبارات وحشدها.. وهذا رؤية شخصية يا محمد لم تتبع معايير النقد.. وطابت حياتك.
أبراهيم الزعيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: hani babiker)
|
محمد الطيب قصصك جميلة ومعبرة وفيها ريحة الطين والقرية
بس عشان يقولو ليك كتاب وانت مبدع لا زم تكتبها بالخط الصغار يعنى لا تغط على Bold خليها زى كتبة قلمى دا,,وانت عاوز تشحمها عشان يشوفوها الناس اها ناسنا هنا لا يشوفون الكتابة السمينة,,او ثلاثة سنون اخدصحيتى دى وقرط على كدا
وافر الود كثيف
ابقوتة فى اخر الدوام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: مهيرة)
|
اوووووووووووووووووه من بالدار يا احباب ؟؟؟ والله هلت الانوار .... وفرهد ورق الشجر .... وتفتحت الازهار ....... وحل السعد والفرح مدرار.......... فمحمد الطيب شرف الديار ...........
ياولد خش لي جوة وطلع المكنوز وتقعد عافية اسماء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: محمد الطيب يوسف)
|
عزيزى محمد الطيب يوسف الكتابة عندك لها مكنتها وجدت اجواء من عرس الزين فى القصة الاولى والكتابة عن الشخصيات ذات الجذب الصوفى كثيرة فى الادب السودانى باجناسه كلها ربما هن محاولات لسبر غور الشخصية السودانية فى معركتها مع الزمن والحداثة ارانى احناج ان اعود اليك ثانية فى مهلة وساقرا القصة الثانية ارقد عافية ودمت طيبا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: محمد الطيب يوسف)
|
هل جربت كتابة المسلسل الاذاعى ؟ كل القصص التى هنا تشير الى كاتب درامى من طراز فريد لان روح السرد فيها خيوط من الحوار الدرامى اكثر ما شدنى ربما لان كتابة القصة عندى تحولت الى هذا النوع من الادب حولت كثير من قصصى الى مسلسلات ونجحت حتى فى مصر (اذاعة وادى النيل) ومثل كتابتك هذه جديرة ان تكون مسموعة ايضا بنفس القدر الذى نقراها به مجرد اقتراح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: سلمى الشيخ سلامة)
|
أبشر يا ود الطيب سلمى الشيخ سلامة الرائعةبروعة كتاباتها وروحها الحلوى تطل على خربشاتك قارئة ومشيدة وشكلها اعجبت لدرجة انها تنصح وترشد وهذا دأبها اتابع كتاباتها في صمت مني واندهاش واعجاب . محمد لو عايز نصيحتي سكها وخت كلامها حلقه في ودنك (علي قول المصريين). سلام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: محمد الطيب يوسف)
|
3-تراجيديا الخلاص
--------------------------------------------------------------------------------
مدخل00
من قال أن المعاناة تولد الأبداع أنها أحيانآ تخلف البؤس الذي يقبع بين نظرات العيون وتفاصيل الوجوه البالية وتنهدات الصدور00 نافذة تطل علي جحيم من الكبد اليومي بحثآ عن الأمل 00 رمية لها رام لا يمنح فريسته حق الأستسلام أو حتي الموت00
نص00
بدأت سمية في ممارسة طقسها اليومي الذي يبدأ قبل طلوع الشمس 00 أخرجت بنابر الحديد ووزعتها حولها في شكل مدروس 00أعادت تلميع اكواب الشاي بحثآ عن أرضاء زبائن لا يجيدون سوي الأمتعاض00 تأكدت من كمية الشاي واللبن والسكر وحتي الهبهان والعرق والجنزبيل00
- سمية كيف أصبحتي
-كويسة الحمد لله صبحك الله بالخير
-عليك الله الشاي وبالله ولعي لي السيجارة دي معاك
عبد الرؤوف زبون قديم وسقيم 00 يملك كشك الجرائد الذي أتخذت ظله مكانآ لعملها00 ناولته السيجارة00 نظراته تخترق ثيابها وتصل حتي العظم 00أصلحت من جلستها وعدلت ثوبها بحثآ عن أمان مفتقد في حضرته00 رجعت بذاكرتها للوراء محمود 00 الزوج 00 الأب 00 والأخ00 الذي أحتواها من عالم ذي أنياب 00 كم هي وحيدة وضعيفة من دونه0 أخبرها جارها فضل السيد
-سمية يا سمية
-أيوة يا فضلو
- والله قالوا محمود قبضوا ناس الألزامية
ذهب الي حيث اللاعودة00ترك لها دراجة رالي وأربعة أطفال
- الجميل سرحان وين
رفعت عيونها
-أهلآ وسهلآ
أشارت ألي بنبر بجوارها 00 ناولته كوب الشاي المعتاد بدون سكر وغرقت في داخلها مرة أخري0 أيام سوداء أعقبت غيابه القصري 00 أنهكت جسدها وجيبها المتعب أصلآ بين المعسكرات ولكن بلا جدوي 00 تفاصيل مؤلمة وجراح لازال دمها نازف 00أسئلة أجاباتها ضاعت بين الجهل والتجاهل
- لو سمحتا راجلي قالوا أخدو ناس الألزامية
- وبعدين
- عاوزة أستفسر أعرف محلو كيف
- ياسعيد ماتجيب الشاي ده 000 نعم ؟؟
- قلتا ليك راجلي أخدو ناس الألزامية
- وبعدين
- عاوزة أعرف محلو وين
- يعني نحن ماعندنا شغلة غيركم
- بس 000000
- شوفي يا أخت نحن جايينا المنسق العام عندو مرور يعني مافاضيين كدي مرينا بكرة
تواترت الأيام عليها تأتيها الاخبار عنه متفرقة من هنا وهناك { مجروح ودو مستشفي الدمازين 00 شفناهو غرب الأستوائية 00 والله عندنا صاحبنا قال شافو في جوبا00}
- بالله ملعقة سكر يا سكر
- حاضر
الجنزبيل ده الليلة كتير كده مالو غيري القهوة دي بالله
- حاضر
- سمية الشاي بارد سخنيهو شوية بالله
- حاضر
سمية خشمنا ده غلاية نزلي الشاي ده من النار
- حاضر
أبتسمت في حزن و طيف عمر أبنها يمر أمام عيناها وسؤاله بألحاح < أنت أبوي وين>
بحثت عن كل فرص العمل الممكنة وغير الممكنة في بلد يحتاج فيه تناول كوب من الماء ألي واسطة00 تذوقت طعم الحاجة الي الآخر الذي لا يعطي ألا بثمن فهربت هروبآ بلا خيارات أنتهي عند ظل كشك عبد الرؤوف0
-سمية أنت مالك الليلة
أنتفض جسدها في قوة
- دي المرة التالتة أقول ليك أعملي لي شاي كركدي
- معليش والله يا أخوي حال الدنيا
مرت الأيام متشايهة 00 فلا أمس يعود ولا حاضر يسعد ولا غد يرتجي 00 أستقرت أوضاعها ألي حد ما 00 يوفر لها عملها الحد الأدني من الأحتياجات الضرورية 00يشدها الحنين الي زوجها 00 الي غياب جميل في حضرته وترجعها متطلباتها الحياتية الي أرض الواقع 00 حتي ظهر صالح في حياتها00 كان الوقت عصرآ عندما أتي
- بالله شاي يا أخت
جلس غير بعيد منها وهو ملتفت أليها كليآ
- الجميل من وين
- 00000000000000
-مابتردو مالكم ولا نحن مابنستاهل
- لا ياخي بس مشغولة شوية أتفضل الشاي
تلفت حوله ثم أقترب منها هامسآ
- بعد المغرب عندكم حاجة
أبتسامة صغيرة علمها لها أكل العيش أرتسمت علي وجهها
-خلاص بمرك بعد المغرب وأوصلك البيت
- لا شكرآ مافي داعي للتعب
-تعب شنو 00 أنتوا تعبكم راحة
- لا شكرآ < قالتها بحسم >
نهض غاضبآ ولم يكمل الشاي 00 تنهدت في عمق 00 تعبت من كل هذا حتي متي الصبر علي هذه اللزوجة00 آآآآآآآآآآآآآآه أين أنت يا محمود
عادت ألي منزلها في قاع المدينة 00 بيئة توفرت فيها كل العوامل اللازمة لحياة الضفادع والبعوض والذباب والصراصير00 نامت بين دموعها والتعب قد أتخذ من جسدها مسكنآ0
وعندما أشرقت شمس كان صالح واقفآ أمامها 00 ركل منضدتها المتواضعة في قوة 00 تناثرت علب البن والشاي علي الارض 00 ركلة أخري علي كفتيرة الشاي00 صرخت في جزع 00أنثنت علي المتانثر من رزقها محاولة جمعه 00 أمسكها من ذراعها ورفعها في قوة
- ليه حرام عليكم
- ارفع العدة دي معاك
- سافل حقير أنا عملتا ليك شنو؟
صفعة داوية هوت علي وجهها وتلقفها كومر الكشة 00 اغلق صالح الرقيب في شرطة القسم الأوسط باب الكومر خلفها0
أفرج عنها آخر اليوم مكسورة الخاطر موهنة الجسد شربت من دموعها حد الظمأ طعم الظلم حارق في حلقها ونظراتها خابية0
مرت علي عبد الرؤوف في الكشك
- أسمعني يا عبد الرؤوف
- أول شي حمد لله علي السلامة
- الله يسلمك عاوزة لي قروش أمشي بيها حالي لما تفرج
وقف عند باب الكشك بحثا عن تضييق المسافة بينهما
- لكن أنت حسابك ما كتر
- مامشكلة بتتعدل بكرة وبديك قروشك كلها
- القروش ما مشكلة
قالها وهو يقترب منها أكثر حتي أحست بأنفاسه علي عنقها00أبتعدت عنه ممتعضة 00علا صوتها قليلآ
- عاوز تديني ولا أشوف زول غيرك
دخل الي الكشك00 ناولها النقود وأبتسامة ماكرة ترتسم علي جانب فمه
تلقفها الشارع 00 وحيدة 00 مهيضة الجناح 00 خطواتها مرتعشة في أتجاه البيت 00 نحيبها المكتوم يفتت الأكباد تكومت في فراشها متدثرة بغطائها بحثآ عن أمان يهديها الدفء كان صالح أول زبائنها صباحآ 00 أبتسامته اللزجة ملتصقة بشفتيه 00 جلس بالقرب منها 00 نفث دخان التبغ في وجهها 00 ناولته الشاي في صمت
- أها اصبحتي كيف بعد يوم أمس
شعرت بحنجرتها مثقلة بالكلام 00 دموعها المنحدرة حتي صدرها كانت هي ردها البليغ
- بغشاك بعدين عشان نطلع سوا
أومأت برأسها في أنكسار
تركت باب منزلها مواربآ عند آخر الليل00 صراخ صرصور يخترق السكون00 دخل صالح وأغلق الباب خلفه بحرص بالغ
كان لابد أن تنثني كي تستمر الحياة
محمد الطيب يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: محمد الطيب يوسف)
|
Quote:
هل جربت كتابة المسلسل الاذاعى ؟ كل القصص التى هنا تشير الى كاتب درامى من طراز فريد لان روح السرد فيها خيوط من الحوار الدرامى
|
عزيزي الدكتور/ محمد الطيب
(أنت مجرد كاتب مبتديء؟). لنصدق ما قلت، و هل هنالك مبدع ، لم يبدأ؟ أستاذة سلمى ( متعها الله بالصحة)، ذات أنف يشتم رائحة الياسمين؛ و لو غلفته بآلاف الروائح. سمت ما قالت اقتراحا، و لكنه وصية درامية من مجربة، و أكرم بالتجربة، التي قد تكون أغلى من كل (أكاديميات) جافة. الذي يهمني هنا هو شهادتهابالحركة الحية من خلال النصوص. و كم من نصوص ، قتلها أصحابها بجمود مريع. أخي محمد دخول الأستاذة سلمى إلى هذه الخربشات، كسب و تعليقها فوز. ربما رأت شيئا من الشبه، بين خربشاتك و تداعيات الأستاذ المبدع يحي فضل الله (متعه الله بالصحة). و التحية لكليهما. أرجو أن يكون رأي الأستاذة سلمى، محركا حقيقيا، لرؤية محمد الطيب، كل يوم في ثوب جديد، من خلال منهج كتابي،سيتفرد لا محالة يوما بسمة خاصة، و يكون مدرسته الكتابية. و سيستطيع بعدها الصيدلي القاص، أن يغوص في كيمياء المجتمع، مشيرا إلى العلة و وصف الدواء معا. و لن يجرعنا الدواء كرها، لأن ( الدراما)، ستحبب لمتلقيها، أن يفتح فمه للشرب من كوثرها. و كوثر الدرا ما مُغرٍ، كالخمر الذي لا يرتوي شاربه؛ حتى بعد الثمالة.
اسمح لي أن أشكر الأستاذة سلمى و في انتظار المزيد و لك ودي كله
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: ممدوح أبارو)
|
Quote: الاستاذ محمد الطيب تحية بقدر حب اهل قرية فضل الله له استمتعت جداَ بالسرد وعشت وكأنني احد افراد تلك القرية لك مودتي
ممدوح أبارو |
شكرآ مدوح لحضورك هنا وأتمني باقي القصص تكون نالت أعجابك كمان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: ابي عزالدين البشري)
|
Quote: أرجو أن يكون رأي الأستاذة سلمى، محركا حقيقيا، لرؤية محمد الطيب، كل يوم في ثوب جديد، من خلال منهج كتابي،سيتفرد لا محالة يوما بسمة خاصة، و يكون مدرسته الكتابية. و سيستطيع بعدها الصيدلي القاص، أن يغوص في كيمياء المجتمع، مشيرا إلى العلة و وصف الدواء معا. و لن يجرعنا الدواء كرها، لأن ( الدراما)، ستحبب لمتلقيها، أن يفتح فمه للشرب من كوثرها. و كوثر الدرا ما مُغرٍ، كالخمر الذي لا يرتوي شاربه؛ حتى بعد الثمالة. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشات علي جدار القصة القصيرة (Re: محمد الطيب يوسف)
|
4-الغرفة رقم [38]
يقسم أنه يستطيع أنه يراها من وراء أجفانه في زيها الأبيض وهي تقوم بعملها بآلية فيها شئ من الملل حولته الي جانبه الأيمن 00 أحس بقطعة الشاش تمر من أعلي ظهره وصولآ ال أليتيه تأوه في صمت من الألم 00 هذه التقرحات التي تغطي أعلي فخذيه 00 تمني لو يستطيع ان يلمسها ويزيل القشور التي علقت بها 00 مسحت الدهان ليشمله من أسفل قدميه حتي عنقه 00 يكاد يتلظي من النار التي أشتعلت في جسده 00 متي يدرك هؤلا الحمقي أنه يتالم 00 آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه أطلقها في داخله عالية وأن لم تعبر حاجز شفتيه 00 اعادته الي وضعه الأول وسمع صوت الباب وهو يغلق00 ماهذا الذي يجثم علي وجهه 00 ليته يستطيع أن يزيحه ليستنشق الهواء فقط دفقة من الهواء تعبرالي داخل رئتيه بسعتهما ثم ليعيدوا هذا الشئ الي وجهه0
حسنآ 00 هو يعلم أنه ميت أكلينيكيآ كما سمع الطبيب وهو يخبر زوجته بذلك تمني لو يستطيع أن يصرخ حينها ليخبره بأنه حي وأنه يسمع حماقاته بكل وضوح 00 أصرت زوجته علي أبقائه تحت رحمة الأجهزة التي تحيط به 00 حمد لها ذلك أول الأمر ولكنه الأن ساخط عليها الي أبعد حد ليته يستطيع أن يفصل كل هذه الأسلاك عن جسده 00 في خاطره تقطيبة ملل رفضت كالعادة العبور الي ملامح وجهه00 بعد قليل ستدخل الممرضة لتناوله وجبته عبر الأسلاك 00أبتسم وهو يسمع تكة الباب وهو يفتح 00 ساعته الداخلية تعمل علي أدق مايكون 00 لا يعلم من أين أكتسب هذه الخاصية أفترض أنها من طول الترقب وأنتظار الموت أو اللاشئ هو لا يدري ولكنه يتحسس ساعات اليوم بمخيلته وكأنها كرات تنس تتراقص أمام عينيه0
تابعها وهي تنزع الأبره من الفراشة التي علقت علي ذراعه وتستبدلها بواحدة أخري 00 تناولت من الطاولة ماكينة الحلاقة 00 عرف الأن أن زوجته ستأتي لزيارته فهم لا يشذبون لحيته الا حين تكون هناك زيارة 00أمسكت بفكه وهي ترفع رأسه من الوسادة 00 صرخ في قوة -[ لالالالا] لازال يذكر آخر حلاقة وقد خلفت شظيات من الألم علي خده ومسحت عنها الدم بلا مبالاة ثم أضافت الكولونيا وهي تهز كتفيها بلا مبالاة مغمغمة -[ علي كل حال هو لا يشعر] علا صوته وهو يسبها بكلمات نابية وخذيه يشتعلان نارآ وهي لا تشعر
هرب الي داخل عقلها00 بين تلافيف خلاياها الرمادية أستقر00 تتبع نبضاتها الكهربائية 00 تسرب الي داخل أفكارها في هدوء00 خاصية أخري أكتسبها بطول رقاده هنا 00 من ضمن مميزات كثيرة 00 بدأ يشعر أنه يتحول الي سوبرمان عاجز 00
- علي كل حال رقدته هنا ليست كلها مساوئ
قالها في سخرية مريرة
تري من هذا الطفل الذي يحتل ذاكرتك كلها ؟؟ سأل نفسه في حيرة وهو يغوص في افكارها أكثر وأكثر 00 هي مطلقة منذ أربعة أعوام 00 لابد أن هذا الرجل ضخم الجثة الذي يركلها في عنف هو زوجها وقد تكومت عند قدمية في استسلام تام 00 الطفل هناك يتابع مايحدث في عجز وقد أغرورقت عيناه بالدموع0 مشهد آخر وهي تجمع ملابسها في حقيبة والطفل متشبث بثيابها 00 مسحت دموعها بظهر يدها00
- ماهذه الورقة التي تحملها في يدها
أشتد فضوله وهو يحاول أن يقرأ مافيها قبل أن تبتلعها الحقيبة
- أهااا أنها ورقة طلاق 00 مابالك تبكين أيتها المأفونة 00 حمدآ لله علي سلامتك وأنت تتخلصين من هذا الكابوس الجاثم عل صدرك
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآى صرخ في ألم والموساة تخترق لحم خده 00 -عليك اللعنة تشردين مع ذكرياتك البغيضة وأنت ممسكة بالموساة علي خدي
تناولت زجاجة الكولونيا وأغرقت بها خده 00 خيل له أن جسده تحول الي عضلة واحدة متقلصة من الالم 00 متي ينتهي هذا الالم 00 التقرحات تنبض في جنون 00 حلقه تحول الي قطعة من الخشب 00 قلبه ينبض في عنف 00اثقال وأثقال وضغت في جفنيه وهو يحاول فتحهما ليسمح لعبرة طال حبسها بالأنطلاق 00 حبات من العرق أنعقدت اعلي جبينه 00 حاول الاسترخاء وتجاهل آلامه التي لا تنتهي 00 خاطرة طريفة طرأت له 00 سيبحث أين هو من ذاكرتها 00 أبتسامة تحدي غمرت دواخله 00 تري هل يستطيع ؟؟ تسلل الي داخلها مرة أخري 00 أبواق السيارات تصم أذنيه 00 شارات المرور تعبر بسرعة مجنونة 00 نظر الي اسفل 00 هاهو ممدد علي الأريكة وجهاز التنفس مطبق علي وجهه
لالا هذا ليس هو هذا أكثر شبابآ لابد أنه تعيس آخر 00 الأن فهم أنها في سيارة اسعاف00 ذكري غير مفيدة له 00 تراجع في هدوء ثم بدأ رحلة بحث جديدة 00 مبني من ثلاثة طوابق 00 موظف استقبال 00 ممرات مزدحمة بعاملات النظافة 00 ممرضات يتضاحكن بلا سبب 00أطباء علقت سماعات علي أعناقهم ومؤخراتها تتراقص علي صدورهم 00 المصعد يتجه الي أعلي 00 أنزاح بابه في بطء وأمامه ظهرت الغرفة رقم [38]00 أنه هنا 00 قلبه ينبض في عنف وهو يفتح الباب في لهفة
الرقم [38] هو أول ما رآه في الغرفة كتب علي النافذة غطيت به أرضية الغرفة 00 لمح
طرف السرير وهو محاط بالأجهزة 00 لابد أنه هناك 00 تحرك نحوه في لهفة 00 هاهو ممدد علي
الفراش 00 بضعة أسلاك موصلة في مناطق مختلفة من جسده 00 غلالة رقيقة تحيط بجسده فلا
يستطيع أن يري التغيرات التي طرأت عليه في دقة 00 رفع رأسه ليري وجهه الرقم [38] 00
أبتسم في حزن وهو ينسحب من ذاكرتها في هدوء 00 أحس بها وهي تدلك في جسده بعد
أنتهائها من الحلاقة 00 أصابعها قوية وهي تمر علي عضلاته الذابلة 00 مازالت نظراتها
ساهمة وهي تؤدي في عملها فهو بالنسبة لها مجرد المريض قي الغرفة رقم [38]
سمع صوت الباب وهو يفتح لابد أنها زوجته 00 وصله صوتها بلا ملامح وهي تسال الممرضة
- كيف هو الأن
رفعت كتفيها وهي تبتعد عن فراشه كي تسمح لزوجته بالأقتراب منه 00 دنت منه في بطء 00 أحساس فظيع باللوم والعتاب غمره00 الشوق وعظم الافتقاد 00 خفقات قلبه تزداد سرعتها وهو يرحل بذاكرته للوراء
ممدد علي الأريكة 00 عويل الأسعاف يصل اليه من بعيد وهي تجلس بجوار كتفه الأيمن ممسكة بيده ودموعها تنهمر علي صدره بغزارة 00 صوتها يصله متقطعآ وكأنها تحدثه من أعماق سحيقة
- أرجوك لا ترحل 00 لا تستسلم 00 من لي بعدك 00 ابقي معي
آلاف الأيادي تمتد أليه وهي تشده الي حيث لا يدري 00 الي المجهول ومن أجلها قاوم 00 كان الأمر يحتاج الي قوة جبارة حتي يبقي بقربها 00 رغب في الأستسلام لهم حتي يرتاح من هذا الالم الذي يخترق صدره كالخنجر ولكن صوتها كان يشده اليها00 كم يحبها 00 لحظتها تمني لو يستطيع أن يمسح دموعها وأن يربت علي خدها كي يطمئنها بأنه بخير ولكن يده كانت لا تطيعه ولسانه ألتصق بقاع فمه في عناد غريب 00 كانت يدها تمسك بيده في أصرا ر وهم يدفعونه في ممرات المستشفي 00 وخزات من الابر أخترقت لحم ذراعه 00 أصوات الأطباء تصل الي أذنيه بعيدة بعيدة كأنها حلم
- لابد أن نقصان أمداد الدم الي رأسه أدي الي ضرر بالغ
- لابد من أجراء مزيد من الفحوصات
يستسلم لنوم يأتي بلا أستئذان لفترات قد تطول أو تقصر ولكن عندما يعي ماحوله يجدها بجواره وصوت بكاؤها يمزق نياط قلبه 0
أيام وليالي مرت عليه وهو علي هذا الحال ثم تم نقله الي هذه الغرفة 00 كانت تزوره كل
يوم 00 تجلس عنده ساعات طوال 00 تقرأ له من كتاب يحبه 00 تخبره بتفاصيل يومها 00
تبثه شوقها وحبها له 00 تعلم في ذلك الوقت لعبة الأنتظار والترقب لمواعيد زيارتها 00
كان يعود للحياة وصوتها يعبر الي أذنيه مليئآ بالحب والحنان 0
رويدآ رويدآ أصبحت تغيب يومآ أو يومين ثم تحولت الزيارة الي اسبوعية 00 تأتي فتسال
عن صحته التي لا جديد فيها ثم تنصرف في سرعة وكأنها علي موعد عاجل 00 لم يغفر لها
غيابة من أجندتها اليومية 00 ثم قليلآ قليلآ تحولت الزيارة الي نصف شهرية فشهرية 00
تعلم معني أن ينتظر فلا تأتي 00 يترقب مواعيد زيارتها كأنه موعده الأول معها 00 فتمر
الساعات بطيئة جدآ وحين يزف موعد حضورها 00 لا تأتي 00 وأن أتت تمسك بيده في عجلة
تضغط عليها ضغطات متوالية لا يفهم ماذا تعني بها فأن يدها أصبحت لا تجيد الكلام
وصله صوت تنهدها اليائس مليئآ بالملل 00 الدموع تكثفت عند عيناه00 لابد لها من الهطول 00 يكاد حلقه أن يحترق00 خفقات قلبه تتزايد وهو يجاهد كي يرفع جفنيه قليلآ00 صوت جهاز رسم القلب وصل لأذنيه في وضوح 00 أحس بالدموع تهرب من عينيه في غزارة 00 تلامس أذنيه في طريقها للوسادة 00 أتسعت عيناها في هلع وهي تركض منادية علي الطبيب00 صوت تنفسه يعلو 00 شعر بالسرير يهتز من تحته أو أن جسده يهتز 00 كان يرتفع من الفراش في بطء شعر بالذعر وهو يبتعد من الفراش 00 باب الغرفة يفتح 00 دخل الطبيب وأنقض علي صدره يدلكه في عنف 00 كان ينظر من اعلي والطبيب يبذل محاولات يائسة لأعادة النبض الي قلبه 00 جهاز رسم القلب كان يعطي خطآ مستقيمآ دلالة علي توقفه تمامآ وزوجته وضعت يدها في فمها وهي تتابع مايحدث في هلع [ لابد أنها مازالت تحبه بطريقة ما] 0
تراجع الطبيب في يأس وهو يمسح عرقى وهميآ عن وجهه وكان جسده مسجآ هناك في دعة غريبة
سال نفسه في دهشة
- تري هل مات ؟؟
تمت
محمد الطيب
مكة المكرمة
2008
| |
|
|
|
|
|
|
|