طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 07:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2004, 02:40 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين

    طريق العارف ومسؤؤلية المثقف
    نظرية المعرفة عند الجمهوريين :*


    لا تاتى المعرفة عند الجمهوريين عن طريقها المدرسى ؛ فليست هى معرفة كتب ودراسة وفقهاء ؛ وانما هى معرفة قلب وشعور وحدس ؛ معرفة مجاهدة واستغراق ؛ وشاهدهم فى ذلك الآية ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) . ان المعرفة اذن هى حصيلة ممارسة وجودية ؛ ممارسة طويلة من التقوى والتعبد والسلوك فى دروب التقليد ؛ التقليد الطويل والحرفى والدقيق لسنة الرسول ؛ من قيام الليل والصوم والتحرر التقليدى من قيود الجسد والشهوات ؛ واتقان التقليد وتجويده حتى تكون المعرفة . حتى تكون الاصالة .

    ان المعرفة هنا هى معرفة مباشرة ما بين الله والسالك ؛ وهى بذلك تقتضى ممارسة طويلة ووعيا بهذه الممارسة وتجويدا لها ؛ وهى تجربة حدسية قلبية اكثر منها اكاديمية عقلية ؛ يكتب الاستاذ محمود " النبوة هي أن يكون الرجل منبأ عن الله، ومنبئاً عن الله.. أي متلقياً المعارف عن الله بواسطة الوحي، وملقيا المعارف عن الله إلى الناس، على وفق ما تلقى، وبحسب ما يطيق الناس " كما يكتب : "وأما الحكمة في ختم النبوة فهي أن يتلقى الناس من الله من غير واسطة الملك، جبريل - أن يتلقوا عن الله كفاحا - ذلك أمر يبدو غريبا، للوهلة الأولى، ولكنه الحق الذي تعطيه بدائه العقول، ذلك بأن القرآن هو كلام الله، ونحن كلما نقرؤه إنما يكلمنا الله كفاحا، ولكنا لا نعقل عنه.. السبب؟ أننا عنه مشغولون.." ويحدث فى نفس الموقع من مقدمة كتابه الرسالة الثانية من الاسلام " من رسول الرسالة الثانية؟؟ هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام.. ".

    ان المعرفة عند الجمهوريين ليس هدفها اللة ؛ بل هو وسيلتها ؛ ولذلك كانت فكرتهم " بالتخلق باخلاق الله " . واقصى المعرفة ليست هى معرفة الله ؛ وانما هى محبة الله ؛ وفيها تصبح العلاقة مع اللة خالية من الخوف والخضوع ؛ وترتسم فى شكل الحرية والمحبة ؛ وفى هذه المرحلة يسترجع العبد حريته امام الله ؛ فلا يكون عبدا خاضعا مسيرا ؛ بقدر ما يكون انسانا عارفا مسيرا ؛ يملك نفس صفات الله ؛ ولكنه لا يخرج الى مصاف الالوهية ؛ وقى ذلك يكتب محمود " ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله."

    ان هذه الفقرة المركزية فى نظرية المعرفة عند محمود ؛ قد استغلها غلاظ القوب ومتحجرى العقول من جلاديه ؛ فى محاكمته الشهيرة ؛ الا انهم جهلوا او تجاهلوا ان هذ التشابه بين الرب والانسان هو محدود عند محمود ؛ لان ربوبية الانسان محدودة بحداثته ؛ وربوبية الرب دائمة وقائمة ابدا؛ وهذه اللحظة من المقاربة هى لحظة عابرة ؛ ينبغى الوصول المستمر اليها ؛ حيث يكتب محمود فى الفقرات التالية :" وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه، (( كل يوم هو في شأن)) والى ذلك تهدف العبادة، وقد أوجزها المعصوم في وصيته حين قال (( تخلقوا بأخلاق الله، إن ربي على سراط مستقيم)) وقد قال تعالى (( كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)). "

    كما يمضى الاستاذ قى فقرة لاحقة فيقرر " ههنا منطقة فرديات، والشرائع فيها شرائع فردية، والداعية فيها إلى الله، الله نفسه.. يقوم فيها العبد في مواجهة الرب، وقد سقطت من بينهما الوسائط، ورفعت الحجب - حجب الظلمات وحجب الأنوار- العبادة فيها عبودية، والعمل فيها ملاحظة السابقة، وضبط اللاحقة عليها، حتى يستقيم الوزن بالقسط، إذ محاولة العبد هنا أن يكون لربه كما هو له، وهذا معنى أمر الرب سبحانه حين قال (( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان)) فإذا كان حضور العبد مع الرب كحضور الرب مع العبد، تماما، فقد أقيم الوزن بالقسط.. وهيهات!!

    ان هيهات هنا جوهرية ؛ فالمعرفة بناءا عليها هى مقاربة للرب اذن ؛ وتماهى معه ؛ اذا ما استخدمنا تعابير النقد الادبى ؛ دون الاندماج الكامل به ؛ وفى كل ذلك يظل الانسان انسانا ؛ والرب ربا . ولكنه انسان مختلف ؛ وهو ما يدعوه محمود مع مجمل الصوفية بالانسان الكامل ؛ والذى تناولنا مفهومه فى غير هذا المكان .

    ان العارف عند محمود هو العارف بقلبه قبل عقله ؛ حيث يذهب الى ان العقل حديث ؛ والقلب قديم ؛ وهو المندمج مع الكون كله ؛ بتحقيق الوحدة فى نفسه ؛ وهو اذن " يعرف ربه عن نفسه" ؛وهو " فى عمله بحسب علمه " وهذه مفاهيم ومقولات لاقطاب الصوفية ؛ استوعبها الجمهوريون فى منظومتهم الفكرية ؛ وهى في الحقيقة مقاربه لصورة العارف المتخلق باخلاق الله عند الغزالى (راجع : المقاصد الاسمى فى معرفة اسماء الله الحسنى ) ؛ وهى مقاربة لفكرة الانسان الكامل عند عبد القادر الجيلانى وابن عربى ؛ وتنزل الالهى فى الانسانى فى الفلسفة التاوية !

    ان فى هذا ما يفسر لنا ؛ السهولة والفائقة التى يتعامل بها محمود في تفسير النص القرانى ؛ او الحديث النبوى؛ والتى لا تستند مرات لا على التفسير التقليدى المربوط بواقعة النزول ؛ ولا التاويل المرتبط بامكانيات اللغة ؛ ولا غيرها من ضوابط التفسير التقليدية . وهى تفاسير فى غرابتها مرات وحداثتها ؛ لا يبررها الا ايمان قاطع بهذا الشكل من المعرفة الحدسية ؛ والتى لا تحتاج الى مرجعية اخرى لكيما تبرر قراءتها ؛ ومرجعيتها الوحيدة انها تاتى من رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام..

    ان معرفة هذا شانها ؛ تستعصى على التحليل العلمى ؛ وعلى اثبات صحتها او خطئها ؛ ويكون الحل الوحيد هو الايمان بها ؛ او الكفر بها ؛ ولا مجال وسط ؛ لانها لا تعطى مجالا واسعا للعقل ؛ وان استغلت بعض منجزاته ؛ كما سنجد فى العديد من مصادرات محمود التى يستغل فيها منجزات العلم الحديث لاثبات افكاره . وهذه المعرفة من جهة اخرى عصية على التمحيص ؛ لان هدفها ليس محددا ؛ بل هو مطلق ؛ اى معرفة الحق ؛ والذى هو متغير كل يوم ؛ لا متكرر ولا ثابت ؛ وهم فى ذلك يستندون على الاية " كل يوم هو فى شأن" ؛ الامر الذى يجعل هدفها عصيا على التعريف والتحديد ؛ ونتائجها عصية على ادوات العقل العادية ؛ المائلة للتحديد والتشبيه والتشخيص واستخلاص النتائج وتلخيصها . لا تحديد هنا؛ لانه لا تحديد فى الهدف ؛ ولا تكرار فى الظاهرة قيد البحث يسمح باستخلاص النتائج ؛ لانه لا تكرار فى الوجود ؛ ولا فى ذات الرب؛ وانما وحدة وتماسك واندماج ؛ فى مظاهر من التبدل والتغيير ؛ وهذا النسق يذكرنا ايضا بابن عربى ومنظومته الفكرية –المسلكية .

    المعرفة اذن عند الجمهوريين ؛ مسلكية حدسية ؛ تقوم على اساس التربية الفردية ؛ والمجاهدة ومغالبة النفس والتقوى ؛ وعلى تجويد الشريعة الجماعية حتى تهب لنا الشريعة الفردية ؛ حتى نصل الحقيقة ؛ وندرك الحق ؛ حتى ندرك مرحلة الاصالة والانسانية الكاملة .

    واذا كنا قد اكدنا وجود نظرية للمعرفة كهذه فى كثير من الفلسفات الشرقية والغربية ( ابن عربى وبوذا وتشوانغ تسي شرقا ؛ ونيتشه وكيركغارد وبرجسون غربا ) ؛ الا انها نظرية للمعرفة والحياة فردية ؛ ايمانية لا علمية ؛ وحدسية لا مخبرية ؛ وبذلك فانها تصعب على ان تكون نظرية معرفة لتنظيم وجماعة ومجتمع ؛ حيث التجارب الفردية مختلفة ؛ والقناعات الجماعية ينبغى ان تستند على معلومات قابلة ااتمحيص والنقد ؛ وهذا ما قد يفسر لنا انعدام الاسهام الفكرى للجمهوريين خارج تنظير محمود ؛ والذى ينظروا اليه كحقيقة مطلقة ؛ باعتباره الوحيد الذى وصل مرتبة الاصالة ؛ مرتبة الانسان الكامل ؛ والذى اعطى الفهم واذن له بالكلام . ان طريقة للمعرفة كهذه ؛ كانت لا بد ان تؤدى فى المجال العملى ؛ اى على صعيد اللممارسة السياسية والاجتماعية ؛ او على صعيد قراءة الفكر الدينى نفسه ؛ الى قراءة فردية حدسية ؛ حالمة وطوباوية ؛ الامر الذى ادى الى العديد من الممارسات السلبية ؛ والنتائج الخاطئة فى الممارسة ؛ مما سنتعرض له فى الفقرات اللاحقة .


    --------
    *من دراسة قيد الاعداد عن حركة الاخوان الجمهوريين
                  

01-23-2004, 10:54 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    يقول ابن عربي:
    " ان مرتبة الانسان الكامل هي عبارة عن جميع المراتب الالهية والكونية والتي تضم العقول والنفوس الكلية والجزئية؛ ومراتب الطبيعة الي آخر تنزلات الوجود؛ فهي مرتبة مساوية للالوهية ؛ ولا فرق بينهما الا في الالوهية ؛ لذلك صار الانسان الكامل خليفة الله علي الارض "
                  

01-23-2004, 11:08 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    يقول تشوانغ تسه :
    " كيف ينزل الالهي (في الانسان) عليه ؟ كيف يظهر نور العقل ؟
    الجواب ان ثمة شي ما ؛ هو ما يستدعي الصادقين الي الظهور؛ ومصدر هذا كله هو في الواحد.
    ان تكون علي صلة لا تنقطع مع الارومة الابوينية (لكل الحياة)؛ هذا ما يراد به الانسان السماوي.
    ان تكون علي صلة لا تنقطع مع القوة المنشئة (في كل الطبيعة)؛ هذا ما يراد به (انسان غير طبيعي).
    ان تكون علي صلة لا تنقطع مع الحقيقة <الصادقية> (عن الحياة)؛ هذا هو ما يراد به الانسان الكامل"
                  

01-23-2004, 11:26 PM

Amin Elsayed
<aAmin Elsayed
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 1252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    Quote: وقى ذلك يكتب محمود " ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله."


    الاخ عادل هل يمكن اعطاء المرجع لحديث الاستاذ محمود
                  

01-24-2004, 00:27 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Amin Elsayed)

    الاخ امين السيد

    تحية طيبة

    شكرا لاهتمامك بالمساهمة وبتوثيقها؛ ومعذرة علي عدم ايراد المراجع في متن النص

    الاقتباس المشار اليه اتي من كتاب " الرسالة الثانية من الاسلام" ؛ الباب الثالث؛ والذي عنوانه الرئيسي " الفرد والجماعة في الاسلام" ؛ وتحت العنوان الفرعي " القضاء والقدر"
    في النسخة التي تحت يدي الان؛ وهي من طبعة خاصة اصدرتها المنظمة السودانية لحقوق الانسان؛ بمناسبة الذكري الحادية عشر لاغتيال الكاتب؛ يناير 1996؛ يقع هذا النص في صفحة 78

    ايضا النص متوفر بنسخة الكتاب المنشورة علي موقع الفكرة الجمهورية ؛ في نسخة الهتمل ؛ ورغم ان الموقع لم يفتح معي الان؛ الا ان النص موجود فيه قطعا؛ وذلك بعد مراجعتي لنسخة الكتاب التي حفظتها بالكومبيوتر من هناك - ؛ ونسبة لتصفيف الهتمل فليس هناك ترقيم للصفحات؛ ولكنها اتت في نفس الباب وتحت نفس العنوان الرئيسي والعنوان الفرعي

    عادل
                  

01-24-2004, 00:41 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    فتح معي الان موقع الفكرة الجمهورية ؛
    والنص موجود هناك في كل تصفيفات الكتاب
    وفي تصفيف الصور - قيف- نجد الكتاب مصورا عن الطبعة الثالثة- رجب 1389 اكتوبر 1969

    والنص هناك في الصفحة رقم 103 ؛ ويمكن الوصول الي الكتاب عن طريق هذا الرابط :

    http://www.alfikra.org/books/bk010/index.htm

    ومن بعد كتابة رقم الصفحة في الفراغ الابيض علي اعلي اليمين وضغط ذر " الي صفحة"

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-25-2004, 01:08 PM)

                  

01-24-2004, 03:45 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    الاخ الاستاذ عادل
    احيك مرة اخري علي هذا النهج الحضاري في التعاطي
    مع الفكر الجمهوري بهذا الاسلوب الرصين المبرأ
    من الغرض،حاديه الوحيد حب المعرفة الاخلاص لها
    Quote: وهى مقاربة لفكرة الانسان الكامل عند عبد القادر الجيلانى وابن عربى ؛ وتنزل الالهى فى الانسانى فى الفلسفة التاوية !


    اظنك تقصد هنا يا استاذ عادل عبد الكريم الجيلي
    صاحب كتاب "الانسان الكامل" وه غير عبد القادر الجيلاني
    الولي المعروف
                  

01-24-2004, 11:49 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Agab Alfaya)

    نعم يا استاذ عجب الفيا؛ ملاحظتك صحيحة ؛
    معذرة علي الخلط
                  

01-24-2004, 01:29 PM

abuguta
<aabuguta
تاريخ التسجيل: 04-20-2003
مجموع المشاركات: 8276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    الاستاذ عادل
    تحياتى
    احى فيك هذا الجهد المتواصل وانت تنقل لنا فكرة الجمهوريون بالعين المجردة
    بدون تحيز ولا مجاملة لقد افدت.
    بس نظرية الانسان الكامل دى مش بتاعة محمود وحدة بل اغلب ائمة المتصوفة يزعمون هذا الكمال,ومحمود فى بعد كتبه نقل بالحرف من كتب المتصوفةالصفراء.

    يقول احمد التجانى فى جوهر المعانى:- اعلم عدد الرمل كم هى رملة,واعلم عدد الموج كم هى موجة, اعلم علم الله واحصى حروفه وقولى قول الله اقول للشىء كن فيكون.

    ويقول الخمينى فى كتابه الحكومات الاسلامية:- ائمتنا الاثنى عشر بلغوا مرتبة لم يبلغها نبى مرسل ولا ملك مقرب.
    فهذه كلها عقائد حلول قد سبقهم عليها ائمة المتصوفة.
    فانا من نظرتى الخاصة ارى ان الجمهريين متصوفة خرجوا بفكرة الصوفية من الخلوة الى الشارع ولكن قد اخطاء شخيهم لانه اجهر بعقيدة الخاصة للعامة فقتل.
    فلا ارى انهم اتتوا بجديد فى فكر المتصوفة ما طرقوا باب الا سبقهم متصوف قبلهم
    لو بحثت فى كتب المتصوفة ستجد ان محمود درس وحفظ وهضم كتب المتصوفة كلها واخرج فكر صوفى فى ثوب علمانى جديد استحسنته الطبقة المثقفة بدل دهماء الناس.
    ولك ودى
                  

01-24-2004, 08:56 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: abuguta)

    الاخ ابوقوته

    تحية واحترام

    نعم فكرة الانسان الكامل فكرة سابقة علي االجمهوريين؛ ونجدها في كتابات الصوفية ؛ وقبل كل شي عند الجيلي وابن عربي؛ كما نجدها عند التاويين؛ وقد اشرت في مقال آخر ( فكرة الانسان الكامل بين الدين والعلم والقلسفة ) ؛ الي انها تجد تمثلها في الفكر الغربي في صورة السوبرمان؛ والتي عبر عنها نيتشة في كتاباته؛ كما نجدها في قصص الخيال العلمي؛ ونجدها اخيرا في دعوات علمية تطمح الي بناء انسان متفوق فسيولوجيا وعقليا؛ عن طريق هندسة الجينات الخ الخ

    من الناحية الاخري فتاثر الاستاذ محمود بالصوفية والصوفيين لا شك عندي فيه؛ والمشكلة ان الاستاذ محود لا ياتي باقتباسات منهم ؛ ولا يشير اليهم ؛ الامر الذي يصوره البعض وكان افكاره جديدة كل الجدة ؛ مع ان اغلبها يتماهي مع التراث الصوفي؛ بل ان بعض التعبيرات ماخوذة حرفيا من مقولات الصوفية ؛ الامر الذي اتمني ان نتوفر عليه ذات يوم

    عادل
                  

01-24-2004, 01:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48821

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)
                  

01-24-2004, 03:55 PM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 948

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yasir Elsharif)

    الاخ الفاضل عبد العاطى

    وبما ان هذا النوع من التفكير والاعتقاد الصوفى قد اخرج الى العلن،وصار اتباعه يبشرون به فى المنابر فمن حقنا نحن كمثقفين غير مقتنعين به ان نناقشه وننتقده ونبين ما فيه من اخطاء،لأننا لا نؤمن بأن ذلك الفكر اوحى الى شخص/نبى يتلقى العلم اللدنى من الله كفاحا،ولذلك فيجب علينا تصديقه واتباعه-بدون مناقشة وبدون تفكير مخالف-كما يؤمن به اتباعه الذين يعتقدون انهم لم يصلوا الى مرتبة الاستاذ بعد ولذلك لا يجرؤون على الخروج عن نصوص الاستاذ الموثقة لديهم.اما نحن كمختلفين معهم لا يحجزنا من التفكير الحر ذلك الحجاب-حجاب الاستاذ ونصوصه المقدسة عندهم
    تحياتى
                  

01-24-2004, 07:27 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: مهيرة)

    الأستاذ عادل عبد العاطي

    تحية و سلام

    أرى أن فهمك للفكرة الجمهورية في نواح عدة يختلف عن فهمي .. و الذي أعتقد أنه أصح .. فدعنا نتحاور معا حول هذه المفاهيم .. أما الإستنتاجات فنترك لكل منا إستنتاجاته و إستنباطاته


    لا تاتى المعرفة عند الجمهوريين عن طريقها المدرسى ؛ فليست هى معرفة كتب ودراسة وفقهاء ؛ وانما هى معرفة قلب وشعور وحدس ؛ معرفة مجاهدة واستغراق ؛ وشاهدهم فى ذلك الآية ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) . ان المعرفة اذن هى حصيلة ممارسة وجودية ؛ ممارسة طويلة من التقوى والتعبد والسلوك فى دروب التقليد ؛ التقليد الطويل والحرفى والدقيق لسنة الرسول ؛ من قيام الليل والصوم والتحرر التقليدى من قيود الجسد والشهوات ؛ واتقان التقليد وتجويده حتى تكون المعرفة . حتى تكون الاصالة .


    المعرفة تكون حصيلة ممارسة حضورية بالكلية .. مما رسة طويلة من التقوى و التعبد و السلوك في دروب التقليد .. و أيضا الفكر .. و إنما كان التعبد و كبت الشهوات لتحرير الفكر من النوازع التي تحيد به عن الحياد (الدرب لا يجلى بمطية عجلى فالطف بألطافي).. فالفكر الدقيق أساسا هو الغاية من السلوك في التقليد .. و بالفكر الدقيق تفتح ابواب المعرفة و أبواب الصفاء .. حتى أن الفكر يدق و يدق إلى أن يلغي نفسه .. و ذلك عندما يحتار ... و الحيرة علم .. إذ أن إدراك العقل لعجزه هو في حد ذاته إدراك .. يقول الصوفية ..زدني بفرط الحسن فيك تحيرا .. كما يقول الشاعر الجمهوري ..و تجلت الأسرار في حيرة المحتار و بدا هو الخافي


    ان المعرفة عند الجمهوريين ليس هدفها اللة ؛ بل هو وسيلتها ؛ ولذلك كانت فكرتهم " بالتخلق باخلاق الله " . واقصى المعرفة ليست هى معرفة الله ؛ وانما هى محبة الله ؛ وفيها تصبح العلاقة مع اللة خالية من الخوف والخضوع ؛ وترتسم فى شكل الحرية والمحبة ؛ وفى هذه المرحلة يسترجع العبد حريته امام الله ؛ فلا يكون عبدا خاضعا مسيرا ؛ بقدر ما يكون انسانا عارفا مسيرا ؛ يملك نفس صفات الله ؛ ولكنه لا يخرج الى مصاف الالوهية ؛ وقى ذلك يكتب محمود " ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله."


    إن المعرفة عند الجمهوريين هدفها "الله" بإطلاق الكلمة .. و المعرفة هي الوسيلة .. أنت هنا قد قلبت بين الغاية و الوسيلة .. و أقصى المعرفة أن تكون "الله" .. أي أن تحيا به .. و المعرفة تكون في نطاق العقول .. و الحياة في نطاق القلوب .. و المعرفة ليس لها معنى إن لم تكن موسلة للحياة الكاملة .. و هذه قضية محسومة في عالم الواقع عندنا .. إذ أن العلوم و البحوث العلمية تسعى لرخاء الحياة البشرية .. و ليس العكس .. يقول البسطامي في هذا الشق (ليس الزهد عندي بشيء فقد قضيت فيه ثلاثة أيام .. في الأول زهدت عن الدنيا .. و في الثاني زهدت عن الآخرة ... و في الثالث زهدت عن كل شيء سوى الله .. فقيل لي "ماذا تريد" فقلت "أريد أن لا أريد").. أعتقد أن كلام البسطامي هنا يلخص مسألة الغاية تلخيصا معبرا


    ان فى هذا ما يفسر لنا ؛ السهولة والفائقة التى يتعامل بها محمود في تفسير النص القرانى ؛ او الحديث النبوى؛ والتى لا تستند مرات لا على التفسير التقليدى المربوط بواقعة النزول ؛ ولا التاويل المرتبط بامكانيات اللغة ؛ ولا غيرها من ضوابط التفسير التقليدية . وهى تفاسير فى غرابتها مرات وحداثتها ؛ لا يبررها الا ايمان قاطع بهذا الشكل من المعرفة الحدسية ؛ والتى لا تحتاج الى مرجعية اخرى لكيما تبرر قراءتها ؛ ومرجعيتها الوحيدة انها تاتى من رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام..


    التأويل لم يكن يوما مرتبطا بإمكانيات اللغة .. منذ عرف الناس التأويل .. و يكفي أن نرجع لبعض اقوال إبن عباس في التأويل لنرى أنه لم يعتمد على أي قاعدة لغوية أو نحوية في تأويله .. و ما يفعله الأستاذ محمود من شرح لبعض معاني الآيات في كتبه هو تأويل و ليس تفسيرا .. و التأويل أو باطن القرآن لا ينفصل إنفصالا تاما عن ظاهره .. بل إن الظاهر هو الطرف اللغوي من الباطن .. لهذا تحدث الأستاذ محمود كثيرا عن "حجاب اللغة" و عن أن اللغة قد يذهل بها الناس عن جوهر القرآن إذا أصروا على تضييق معاني القرآن في السياق اللغوي .. دليله على ذلك قوله تعالى (حم* والكتاب المبين* انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون* وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) ..فالهدف الأصلي من جعل القرآن باللغة العربية هو أن نعقله نحن .. و لكنه في الأصل في أم الكتاب (لدينا) أي لدى الله .. و الله لا تحيط به اللغة .. و لا يحيط به الزمان أو المكان.. لذا توجب أن أصل القرآن في الإطلاق .. حيث لا حيث و عند لا عند .. و لا تستطيع اللغة إطلاقا أن تبلغ بنا ذلك المبلغ من العلم .. لهذا كانت أداة بدائية من أدوات المعرفة



    ان معرفة هذا شانها ؛ تستعصى على التحليل العلمى ؛ وعلى اثبات صحتها او خطئها ؛ ويكون الحل الوحيد هو الايمان بها ؛ او الكفر بها ؛ ولا مجال وسط ؛ لانها لا تعطى مجالا واسعا للعقل ؛ وان استغلت بعض منجزاته ؛ كما سنجد فى العديد من مصادرات محمود التى يستغل فيها منجزات العلم الحديث لاثبات افكاره . وهذه المعرفة من جهة اخرى عصية على التمحيص ؛ لان هدفها ليس محددا ؛ بل هو مطلق ؛ اى معرفة الحق ؛ والذى هو متغير كل يوم ؛ لا متكرر ولا ثابت ؛ وهم فى ذلك يستندون على الاية " كل يوم هو فى شأن" ؛ الامر الذى يجعل هدفها عصيا على التعريف والتحديد ؛ ونتائجها عصية على ادوات العقل العادية ؛ المائلة للتحديد والتشبيه والتشخيص واستخلاص النتائج وتلخيصها . لا تحديد هنا؛ لانه لا تحديد فى الهدف ؛ ولا تكرار فى الظاهرة قيد البحث يسمح باستخلاص النتائج ؛ لانه لا تكرار فى الوجود ؛ ولا فى ذات الرب؛ وانما وحدة وتماسك واندماج ؛ فى مظاهر من التبدل والتغيير ؛ وهذا النسق يذكرنا ايضا بابن عربى ومنظومته الفكرية –المسلكية .


    قلنا بوضوح أن الهدف هو "الله" و الهدف هو نفس الإنسان العليا .. و الهدف هو الإنسان .. و هو الغاية .. و هل هناك غاية سواه؟ .. أما تحليل الأستاذ العلمي للأمور فهو موجود و متحدث عن نفسه .. خصوصا في القضايا الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية .. و لسنا بحاجة إلى التصديق بما يأتي به الأستاذ من المعارف اللدنية لنرى أنه كان ثاقب النظر في تلك المجالات التي تمس واقع حياتنا .. فها هو التاريخ اليوم يجري تحديدا كما تنبأ به هو قبل سنين .. و يسير و كأنه يحاول أن يقول أنه (التاريخ) تلميذ للأستاذ محمود .. لا يحيد عن ما قال به قيد أنملة .. و الباب مفتوح للنقد و رؤية هذا الأمر دون أن يكون عند الباحث أدنى إيمان بمقام الأستاذ محمود الروحي .. و قد نذكر هنا التقرير الذي قرره الأستاذ محمود في إحدى محاضراته قبل الإستقلال ردا على أحد المتسائلين ... قال بلهجة واضحة (أن الإستقلال سيعلن من داخل البرلمان) حتى ان بعض الناس إستنكروا عليه أن يضع نفسه في ذلك الموقف الحرج إذا لم يحدث ما قال به .. و لكنه كان واثقا تماما بسبب من دقة فكره و دقة تحليله للواقع .. و قد كان ما قال .. كم انه قال في الزمان الغابر أن إسرائيل ستنال الإعتراف بها على أرض الشرق الأوسط دون أن تدفع أي مقابل لذلك الإعتراف بسبب من تعنت العرب و طيشهم السياسي .. و قد قال ذلك و إسرائيل كانت ما تزال (دويلة) يرى الكثير أن العرب قادرين على سحقها بقليل جهد متوهم


    واذا كنا قد اكدنا وجود نظرية للمعرفة كهذه فى كثير من الفلسفات الشرقية والغربية ( ابن عربى وبوذا وتشوانغ تسي شرقا ؛ ونيتشه وكيركغارد وبرجسون غربا ) ؛ الا انها نظرية للمعرفة والحياة فردية ؛ ايمانية لا علمية ؛ وحدسية لا مخبرية ؛ وبذلك فانها تصعب على ان تكون نظرية معرفة لتنظيم وجماعة ومجتمع ؛ حيث التجارب الفردية مختلفة ؛ والقناعات الجماعية ينبغى ان تستند على معلومات قابلة ااتمحيص والنقد ؛ وهذا ما قد يفسر لنا انعدام الاسهام الفكرى للجمهوريين خارج تنظير محمود ؛ والذى ينظروا اليه كحقيقة مطلقة ؛ باعتباره الوحيد الذى وصل مرتبة الاصالة ؛ مرتبة الانسان الكامل ؛ والذى اعطى الفهم واذن له بالكلام . ان طريقة للمعرفة كهذه ؛ كانت لا بد ان تؤدى فى المجال العملى ؛ اى على صعيد اللممارسة السياسية والاجتماعية ؛ او على صعيد قراءة الفكر الدينى نفسه ؛ الى قراءة فردية حدسية ؛ حالمة وطوباوية ؛ الامر الذى ادى الى العديد من الممارسات السلبية ؛ والنتائج الخاطئة فى الممارسة ؛ مما سنتعرض له فى الفقرات اللاحقة .


    سمعت ركنا مسجلا من أركان النقاش التي كان يديرها الأستاذ عمر القراي في جامعة الخرطوم .. و كان هناك رجل يصر على أن الفكرة الجمهورية عمرها ألفين سنة .. و هي كلها موجودة في المكتبة لمن أراد أن يطلع عليها .. و حين جاء وقت الرد من الأستاذ القراي كان رده كالآتي (في الحقيقة الموضوع ده أقدم من كده بي كتير) .. هنا نرى الفهم العميق لمسألة الفكرة الجمهورية .. فالفكرة الجمهورية لم تدع أنها ولدت من العدم .. حيث أنها تقول أن (لا عدم) في الوجود أساسا .. بل هي ببساطة تشكل حصيلة و خلاصة التجربة الإنسانية من لدن آدم و إلى الآن .. و ضعت في مواعين زمانها و مكانها لتقدم للبشرية لتبلغ بها مرحلة الإنسانية .. مرحلة المجتمع الإنساني الكوني .. و قد كانت كل تلك الفلسفات الروحية أمثال التاوية و الهندوسية و البوذية .. و من ثم الديانات السماوية الثلاث تزعم أنها هي الخلاصة .. هو أمر صحيح بإعتبار زمانها و مكانها .. و الفكرة الجمهورية فكرة مفتوحة على الأطلاق .. لهذا فهي أكثر قبولا للتتطور من غيرها .. و هي قد دعت له إيتداءا .. و إستخلصت من جميع الفلسفات بعبرة أن ( لا شر مطلق في الوجود) .. و لكن الإستخلاص هنا لم يتم بالقراءة و التلقين .. و إنما بالأدوات التي تشحذ الفكر و تجعله الاداة المتكنة لمثل هذه المهمة .. يقول الأستاذ في هذا المعنى (• أسمعــوا ، لا تقـدســوا القـرأن إلا بالقــدر الذى يـوصلكم إلى معانيـه ، ولا تقـدسـوا محمــداً إلا بالقــدر الذى يحفزكــم إلى إتباعـه ... وأعلمــوا أن أكرم مخلـوق عنــد الله العقل ، فمن عطلــه بـدعـوى بتقـديس كائن من يـكــون فقـد سـعى إلى الله بغيــر نـــور.. ) .. كما قد قال أيضا (• و لسنا ندعو ، أول ما ندعو ، إلى شئ ، أكثر و لا أقل ، من إعمال الفكر الحر فيما نأتي ، و ماندع من أمورنا ـ الفكر الحر الذي يضيق بكل قيد ، و يسأل عن قيمة كل شئ ، و في قيمة كل شئ .. فليس شئ عنده بمفلت عن البحث ، وليس شئ عنده بمفلت عن التشكيك .. فلا يظنن أحد أن النهضة الدينية ممكنة بغير الفكر الحر .. و لا يظنن أحد أن النهضة الإقتصادية ممكنة بغير الفكر الحر .. و لا يظنن أحد أن الحياة نفسها يمكن أن تكون منتجة ممتعة بغير الفكر الحر .. ) ... فهل يقال عن منهج مثل هذا أنه منهج غير عقلي ؟ .. أعتقد أن الأمر أوسع أفقا بكثير من ما تظنه يا أستاذ عادل .. و الأستاذ قد تحدث بتفصيل شديد عن المزاوجة بين العقل و القلب و بين الروح و المادة .. و المنهاج العلمي يقتضي أن لا ينكر المرء ما لا يعلمه فقط لأنه لا يعلمه .. لأنه يذلك يجعل من جهله فضيلة .. و ذلك ينافي المنهاج العلمي بشكل سافر

    كما أن هناك تعليق بسيط .. فما اعرفه أنا عن الفيلسوف نيتشه أنه صاحب مذهب تشكيكي .. و قد قام بتمييز أنواع الناس إلى "عبيد و أسياد" بالمعنى الفكري .. و نظرته للاخلاق كانت هلامية و متشككة جدا لا تفيد القارئ و لا تخرج له بموقف معين منها .. و هو صاحب مذهب تشكيكي لا توجد معه أداة معرفية معينة .. و فلسفته لا تشبه المدارس الفلسفية الروحية في شيء .. بل هي تنتقدها بشدة .. و في الحقيقة فإنه ندر وجود (إن لم يكن موجودا أصلا) فلسفة غربية تضاهي الفلسفات الشرقية في مجال المعرفة أو تتفق معها في الطروحات الروحية .. فديكارت مثلا كأحد عمالقة الفلسفة في الغرب و كاحد الذين تناولوا موضوع المعرفة بإسهاب .. لم يذهب يوما إلى وجود قوى وراء إدراك العقل .. قمذهبه كان عقليا بحتا.. و الفلسفات الغربية كلها قصاراها كان في أن تدعم بعضها وجود وسيلة (الإيمان) كخطوة في طريق المعرفة.. و لكن المعرفة عندهم لا سبيل لها سوى بالعقل و لا شيء سواه .. إلا إذا إعتبرنا أن "كانط" مثلا كان مثالا على الإيمان الشديد بوجود قيمة مطلقة يحاول الإنسان بلوغها .. و لكن بعض الفلاسفة الغربيين كماركس إشتط في هذه القيمة رغم تأييده لها .. فمن الفلاسفة الغربيين من يذهب إلى أن "المنطق مطلق" .. بل يضع المنطق بحياد عن التجربة رغم أن المنطق لم يولد إلا من كنف التجربة .. و يقول أيضا أن الناس يتطورون في فهم المنطق و تحصيله و لكنه موجود إبتذاءا .. إن هذا الشطط (العقلي) عند الفلاسفة الغربيين جعلهم يتبنون مواقف الفلسفات الشرقية بعد أن يضفوا عليها لمسة مشوهة من إعتبار سلطة العقل المطلقة.. هذا برغم أن "سقراط" أبو الفلسفة الغربية ( و ليس أفلاطون) كان يعتقد إعتقادا راسخا أنه مرسل من قبل الآلهة في مهمة روحية

    أما الأخطاء التي تتحدث عنها في الممارسات السياسية .. فهي إستنتاجات لقراءتك للفكرة و ممارساتها .. و هذه تختلف عندي .. و لكنها ليست موضوع النقاش هنا حسب ما أرى .. لهذا لن أتناولها الآن .. و قد سبق أن تناولنا منها طرفا في إحدى حواراتنا و ساحاول أن أفرد له الوصلة حتى يتمكن القراء من المتابعة الأجدى

    هذا و لك كل الإحترام و التقدير


    قصي همرور
                  

01-24-2004, 09:44 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yaho_Zato)

    العزيز قصي (ياهو ذاتو)

    لو لم يكن لهذا البوست من فائدة؛ الا قراءة تعليقاتك؛ لكفاه ذلك

    حديثك عن المعرفة - عند الجمهوريين والصوفية - لا يختلف كثيرا عن ما قلته انا؛ سوي انك اضفت كلمة الفكر؛ كاحد مكونات او ادوات المعرفة ؛ ويبدو لي ان هذا القول فيه نظر؛ حيث ان المعرفة عند الصوفية - والجمهوريين - ؛ انما هي حصيلة ممارسة وتعبد وتقوي ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) ؛ او كما قال ابايزيد البسطامي: ( جلست علي هذا الدرج عشرين عاما؛ لا اسمع شيئا الا من قلبي؛ ثم جلست عليه عشرين عاما اخري؛ لا اسمع شيئا الا عن ربي ) ؛ او كما قال .

    من الناحية الاخري؛ فان الفكر عند الصوفية؛ او قل النظر العقلي؛ هو ثانوي وليس اساسي؛ وهو يعبر عن تاثرهم بالفلسفة ؛ وليس اصيلا في دعواهم؛ وقد انطبق نفس الامر علي الشيعة وغلاتهم ؛ وهم اصحاب نظرة يحيلون فيها المعرفة لآل البيت؛ وكذلك النقليين النصيين من السلفيين؛ ممن حاربوا الاتجاه العقلي في الفلسفة الاسلامية؛ ولكنهم مع ذلك استخدموا المنطق الشكلي في محاججاتهم؛ وبذلك فان الصوفية هنا؛ او الجمهوريين؛ في تطعيمهم لطريق المعرفة السلوكي القلبي عندهم؛ ببعض الفكر او النظر العقلي ؛ ليسوا استثناء.

    ما يثبت ان الصوفية - والجمهوريين في زعمي يسيرون علي طريقهم- ؛ لا يؤمنوا حتي في امكانية ان تصل بهم المعرقة الي غايتها؛ اي معرفة الله ؛ او الحق؛ او الحقيقة؛ ما قاله مثلا ذو النون المصري؛ وهو يعد من فلاسفة المتصوفة ؛ ومستخدمي الحجج العقلية وسطهم؛ حينما سئل عن التوحيد فقال" هو ان تعلم ان قدرة الله تعالي في الاشياء بلا مزاج؛ وصنعه للاشياء بلا علاج؛ وعله كل شي صنعه؛ ومهما تصور في نفسك شي؛ فالله خلافه".
    كما يقول احمد ابن عطاء:" المعرفة معرفتان؛ معرفة حق؛ ومعرفة حقيقة. فمعرفة الحق معرفة وحدانيته؛ علي ما ابرز للخلق من الاسامي والصفات. ومعرفة الحقيقة علي ان لا سبيل اليها؛ لامتناع الصمدية وتحقيق الربوبية". وقد استشهد الاخير بالاية :"ولا يحيطون به علما" .

    هذا ما يوصلنا الي ما قلته انت عن ان " الحيرة علم .. إذ أن إدراك العقل لعجزه هو في حد ذاته إدراك .. يقول الصوفية ..زدني بفرط الحسن فيك تحيرا .. كما يقول الشاعر الجمهوري ..و تجلت الأسرار في حيرة المحتار و بدا هو الخافي" ؛ وهذا عندي من تناقضات الجمهوريين والصوفية ؛ حيث ان الحيرة والشك ليست علما؛ وان كانت تحض علي العلم ؛ وقد تمت الاشارة الي كل هذا في حوار الاستاذ محمد محمد علي؛ مع الاستاذ محمود؛ والذي تابعناه علي بوست مجاور؛ ولا اعلن لك سرا اذا قلت اني في ذلك الحوار اقف في جانب محمد محمد علي؛ اكثر مما اقف بجانب الاستاذ محمود

    واواصل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-25-2004, 04:53 PM)

                  

01-24-2004, 10:42 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    اما حديثك يا قصي عن جملتي التي اوردت فيها ان المعرفة عند الجمهوريين ليس هدفها الله؛ وانما هو وسيلتها؛ وان الهدف هو محبة الله .. فاقول ان نقدك صحيح ؛ فالجملة كما اتت عندي غير دقيقة ؛ وهذه مشكلة الكتابة المستعجلة ؛ ولو اعدت صياغة الفقرة لقلت : " ان المعرفة عند الجمهوريين ليس غرضها الله فحسب؛ وانما هو كذلك وسيلتها؛ وان اقصي الغاية عندهم بعد معرفة الله ؛ هي محبة الله ؛ الخ الخ"

    هذه الاخطاء بسقوط بعض الكلمات ؛ او الاتيان بكلمات لا نقصدها؛ تتكرر عندي؛ وفي نفس هذا النص وجدت جملة " والتحرر التقليدى من قيود الجسد والشهوات " ؛ واندهشت لها؛ حيث اني كنت اقصد "والتحرر التدريجي من قيود الجسد والشهوات " ؛ ولا اعلم من اين اتت كلمة التقليدي؛ ولاني في الفترة الاخيرة اكتب علي الكومبيوتر مباشرة ؛ ومرات تكون سرعة الافكار اكبر من سرعة الكتابة؛ فتاتي كلمات من جمل اخري؛ او تسقط كلمات الخ الخ ؛ وعلي كل حال فعند فرويد نظرية كاملة حول اخطاء الكلام والكتابة غير المقصودة ؛ لها طرافتها ودرجة من الصحة

    اما تفسير الاستاذ محمود؛ للعديد من ايات القران؛ تفسيرا - او تاويلا - لا يجد له سندا من اسباب النزول؛ ولا من مقتضيات اللغة ؛ فهو يسير في ذلك في طريق الصوفية ؛ وبعض الشيعة ؛ واصحاب المعرفة الباطنية ( الغنوصية) ؛ وهو كما قلت تاويل ؛ لا تفسير. وكل هؤلاء اعتمدوا علي الاية التي تقول: "وما يعلم تأويله الا الله؛ والراسخون في العلم" . وانت طبعا فوق ما ذكرت؛ ممما اوردته عن القرآن ( الكتاب) ؛ تعلم ان البعض قد ذهب في تعظيمه للقران؛ حد ايصاله الي درجة استحاله فهمه للعوام؛ ومن هذا التقسيم للقران الي ظاهر وباطن؛ وحقيقة وشريعة الخ الخ ؛

    من الناحية الاخري؛ فان منهج كهذا؛ يؤدي الي تغريب الانسان؛ وقبل كل شي الانسان البسيط؛ عن النص (الكتاب) ؛ وتركه حكرا للراسخين في العلم؛ يؤولوه كما يشاؤون؛ بما وهبوا من العلم اللدني؛ ويذهب كل منهم الي تاويله؛ بما بناسب رؤيته؛ وقد ذهب غلاة الشيعة من الاسماعيلية وغيرهم؛ مذاهب شتي في تاويل الكتاب؛ وفي غياب المعايير الموضوعية - اسباب النزول؛ تفسير الرسول ومقتضيات اللغة - ؛ فان القران بهذه الطريقة يستحيل سرا مغلقا؛ ما علينا الا اتباع احد الراسخين في العلم ؛ كيما يؤوله لنا؛ وهذا منهج غير علمي وغير تاريخي في التعامل مع النص القراني؛ الذي جاء مخاطبا للناس كافة ؛ في ظل ظروف معروفة رصدت في الكتب التي تحدثت عن اسباب النزول؛ وفسر ما اغتلق منها؛ باحاديث النبي الكريم؛ ولا يمكن له ان يخرج عن حدود ومعاني الزمن الذي اتي فيه؛ واللغة التي نزل بها؛ وهي لغة لها ضوابطها؛ كاي لغة اخري

    الشاهد هنا؛ انك لا تنفي صحة تحليلي؛ بان تفسير ( او تأويل ) الاستاذ محمود للنص القراني ؛ او الحديث النبوي؛ لا يعتمد لا علي مرجعية اسباب النزول؛ ولا علي مرجعية اللغة ؛ بل علي مرجعية اتيان الفهم من الله ؛ والاذن له في الكلام .. وهي مرجعية اذا كانت مقبولة عندك؛ بالتصورات التي تحملها عن الاسلام والقران؛ فهي غير مقبولة عندنا؛ طالما كنا ننظر للنص ؛ بما فيه النص الديني؛ كونه نص للانسان؛ يمكن فهمه وتفسيره في اطره التاريخية واللغوية والمنطقية ؛ ويكون هذا التفسير ممكنا للجميع؛ طالما عرفوا هذه الاطر؛ دون حاجة الي علم لدني لهم؛ لا سبيل لتاطيره او التاكد منه ؛ بحال من الاحوال.

    واواصل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-25-2004, 04:48 PM)

                  

01-25-2004, 00:31 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    وتتحدث يا قصي عن التحليلات العلمية في اسهام الاستاذ محمود؛ ومن بينها تنبؤه بان الاستقلال سيعلن من داخل البرلمان. وانا هنا لا انفيها؛ ولا انفي ذكاء الاستاذ محمود؛ ولا سعة اطلاعه؛ ولا حتي عبقريته الفذة .. ويمكنني فضلا عن ذلك؛ ان اتي لك باستشهادات عديدة؛ عن موقفه من الاستقلال السياسي الشكلي؛ والحرب الاهلية التي ستندلع ؛ ورايه حول تنظيم الاخوان المسليمين وكيف سيصل الي السلطة ويسوم الشعب العذاب؛ وكيف سينشق علي نفسه؛ الخ الخ من هذه التنبؤات السياسية العبقرية ؛ والتي اثبت التاريخ صدقها

    ولكن هذه التنبؤات؛ ليست قاصرة علي الاستاذ محمود؛ بل هي خاصية لكل من امتلك سعة الافق وعمق المعرفة وبعد الرؤية ؛ وقد كان الشهيد علي عبداللطيف؛ يقول في الثلاثينات والاربعينات؛ ان موقع قناة السويس سيكون موضع حرب؛ وقد تم هذا الامر في 1956 ؛ الامر الذي يوضح سعة افقه ونظرته الاستراتيجية ؛ ولكن كل هذا يبقي في اطار العلم المكتسب بالوعي والتجربة وتمحيص المعلومة المتوفرة والقدرة التحليلية ؛ وهي امور لا علاقة لها بالعلم اللدني

    من الناحية الثانية ؛ فانت تشير الي ما نتفق عليه - عبقرية محمود وسعة افقه وقوة تحليله - وتتجاهل ما لا نتفق عليه ؛ وما اثبتناه بقول محمود وكتابته ؛ من ان العلم الاساسي عنده هو علم ياخذه الانسان كفاحا عن الرب - او القران- ؛ وان الرسالة الثانية يقوم بها "رجل اتاه الله عنه الفهم للقران؛ واذن له بالكلام" ؛ وهذه افكار مركزية عند محمود؛ بدليل انه اتي بها في مقدمة واحد من اهم كتبه؛ فهل اخطأنا اذن عندما زعمنا بان طريق المعرفة عند الاستاذ هو طريق حدسي قلبي؛ اكثر منه عقلي مخبري ؟

    الثابت عندي ان قوة تحليل الاستاذ محمود؛ في المسائل الدنيوية ؛ لا تثبت باي حال صحة المعارف اللدنية ؛ واذا اتفقنا - او اختلفنا - في الاولي؛ كونها خاضعة للبحث والنقاش والبرهان الخ الخ .. فان لا سبيل لنا مطلقا؛ لان نتاكد من الثانية ؛ وليس لنا الا ان نؤمن بانه هو ذاك الرجل الذي اذن له بالكلام ؛ او نحاجج في ذلك ؛ ونطالب بالاثبات؛ حيث الموقع موقع ايمان لا اثبات؛ وموقع قلب لا عقل .. ومما لا شك فيه ان من يؤمن بالثانية - اي معارف الاستاذ اللدنية - سيؤمن قطعا بكل اجتهادات الاستاذ الدنيوية - وما هي مقارنة بالعلم اللدني ؟ - ؛ وسيذهب الي المبالغة بان التاريخ كانما كان يتبع الاستاذ كتلميذ؛ ونحن نزعم ان الاستاذ ونحن والدين والانسان؛ خاضعة جميعها لقوانين الكون والتاريخ .

    تفسير اراء الاستاذ الدينية بالعلم اللدني ؛ من قبيل رجل اتاه الله عنه فهم القران؛ واذن له بالكلام؛ تتجاهل ما اشار له الكثيرون؛ من تاثر الاستاذ محمود بالفكر الصوفي؛ بل وتاثره ببعض المناهج الغربية ؛ كما تتجاهل تاثر الفكر الصوفي نفسه؛ بالفلسفات القديمة من اغريقية وهندية وصينية الخ الخ ؛ وعلاقته بالتشيع ؛ وعلاقته حتي بالانجاهات العقلية التي رفضت الطريق السلفي - فلسفية كانت كمحاولات الفارابي ؛ او موسوعية عقلية صرفة كاخوان الصفا؛ او عقلية اسلامية كالمعتزلة - ؛ وتقطع الفكر عن جذوره ؛ وتجعله معلقا في الفضاء؛ وعندها لا يمكن تفسيره الا من كون عبقرية صاحبه؛ او توفر المعارف اللدنية له .

    ان البوستات التي نشرت خلال الاسبوعين الاخيرين ؛ تثبت ان الاستاذ محمود كان متابعا جيدا للمشهد الثقافي المحلي والعالمي؛ وانه قد نهل عميقا من نهر الصوفية ؛ وانه قد جود ادوات المعرفة التقليدية من معرفة وضعية او دينية ؛ ثم عاد وسكب كل هذا ؛ في بنيان خاص به؛ دون ان يشير للاسف للمؤثرات الفكرية التي احتكم لها؛ ولا ان يرجع بعض الافكار الي اول من قال بها؛ فكان ان ظن البعض؛ ولم يمنعهم من ذلك منهج الاستاذ محمود؛ انه قد توفر علي العلم اللدني؛ مع ان القراءة التاريخية النقدية لكتابات الاستاذ؛ يمكن ان ترجع كل فكرة ؛ بل كل جملة فيها؛ الي اصلها الاول في تاريخ الافكار؛ دون ان يعني هذا انتقاصا من عبقرية الاستاذ؛ او تقليلا من جهده العظيم .

    ان مفكرا آخر ؛ هو ماركس؛ قد اعلن صراحه ان منهجه قائم علي ثلاث دعامات سابقة له: الاقتصاد السياسي الانجليزي؛ والفلسفة الالمانية - الهيجيلية -؛ ومدارس الاشتراكية الفرنسية ؛ ويمكن ان نري في كل عمل له؛ وفكرة ؛ وجملة ؛ اثرا من احدي هذه المكونات الثلاثة ؛ ولكن هذا ايضا لا يقلل من قيمة الرجل؛ وكونه من هذه الدعائم ؛ قد خلق بنيانا جديدا؛ اصبح ينسب اليه ؛ مع معرفة الجميع بجذوره والمكونات الثقافية والتاريخية له .

    يبقي اذن من واجب العاملين بتاصيل تاريخ الافكار؛ اكتشاف دعائم الفكر الجمهوري؛ ونزع الغلالة الغيبية التي رسمها مؤسسه وتابعيه حوله؛ وارجاع هذا الفكر لاصوله التاريخية والمرجعية ؛ ولظروفه الاجتماعية والثقافية التي نما فيها وتطور ؛ حتي نكتسب الحكمة الكامنة من هذه التجربة ؛ وحتي نقيم حواراتنا علي اساس من العقل ؛ والتقييم السليم للاشياء والمواقف والاشخاص .


    ونواصل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-25-2004, 04:43 PM)

                  

01-25-2004, 00:59 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    ناتي بعد هذا يا قصي لما اوردته من مقتطفات من اقوال وكتابات الاستاذ محمود؛ والتي يحث فيها اتباعه علي احترام العقل؛ واعمال الفكر الحر .. ومما لا ريب عندي؛ ان الاستاذ محمود قد كان ذلك المفكر الحر؛ والانسان الحر؛ الذي يفكر كما يريد؛ ويقول كما يفكر ؛ ويعمل كما يقول؛ ثم لا يكون من عمله الا الخير للاشياء والاحياء

    هذه الدعوة مع ذلك ؛ تتناقض مع مبدأ العلم اللدني؛ وتتناقض مع فكرة اتيان العلم عن الله ؛ ثم اتيان الاذن منه .. فمن يجعل حرية الفكر ؛ واحترام العقل مبدأه ؛ لا يجعل لاحكامه مصدرا غير العقل؛ ولا يرجعها لعالم الشعور؛ او قل هو يتخذ من هذا العقل منطلقا؛ ومما لا ريب فيه؛ ان مقولات الاستاذ محمود عن النبوة ؛ وعن صاحب الرسالة الثانية ؛ توضح انه يقف مع المنهج الشعوري -اللدني في اصل المعرفة ؛ لا المنهج العقلي الفكري .. او علي الاقل هناك تناقض ما بين اقواله التي اوردتها هنا؛ وتلك التي اوردناها اعلاه

    من الناحية الاخري؛ فان اعمال الغكر الحر؛ يجعلنا نذهب الي الفكرة الجمهورية لا يمكن ان تكون خلاصة التجربة الانسانية ؛ ما دامت التجربة الانسانية مستمرة في سيرورتها ؛ وما دام مصدر التجربة عند الجمهوريين ؛ الذي هو الله ؛ " كل يوم هو في شان" . ان اعتبار فكرة ما هي الخلاصة ؛ انما هي ايقاف لحركة الفكر ؛ ولحركة الحياة التي تدير عجلة الفكر ؛ وفي هذا السياق اتذكر تناقض الماركسيين؛ والذين يقيمون دعواهم علي نظرية تقول بديمومة التطور والتغيير ؛ ثم ارادوا للتاريخ نهاية واحدة ليس بعدها شي - مرحلة الشيوعية - ؛ ضاربين بذلك منهجهم في الصميم ؛ ولا يختلف عنهم مدعي الليبرالية قوكوياما؛ والذي اعلن نهاية التاريخ ؛ ومجئ الانسان الاخير؛ ولم يكن يعلن الا نهاية تاريخه هو ؛ وان الانسان لا يزال في كدحه يسعي؛ ولا انسان اخير الا ببلوغ الخلود؛ او نهاية الكون.

    ان اعمال العمل ؛ والفكر الحر؛ يجعل من الفكرة الجمهورية ذاتها؛ هدفا للدراسة ؛ ومن كتابات الاستاذ؛ هدفا للنقد والتحليل ؛ الامر الذي لم نلحظه وسط الجمهوريين؛ حيث انهم علي استعداد لنقد كل شي؛ ما عدا اسهامات الاستاذ؛ او مواقفه المختلفة ؛ مهما بلغت درجة وضوح خطلها - من ذلك تاييد الجمهوريون لمايو طيلة 14 عاما الا قليلا - ؛ بل حتي انعكس الامر في عدم نقد قيادات الجمهوريون ؛ والتي قادت الجماعة بعد الاستاذ؛ والتي توقفت بالحركة اوالتنظيم عند حدود جد متواضعة ؛ علي صعيدي الفكر والممارسة العامة ؛ مما جري الحديث عنه في بوست مجاور - الجمهوريون : الفكرة والمجتمع -

    اضافة الي كل ذلك؛ فان اعمال الفكر الحر؛ ينبغي ان يخلق مفكرين احرار؛ يفكروا بانفسهم لانفسهم ؛ ويتساوون في الاجتهاد والمقام ؛ ويحترموا انفسهم فيما بينهم في اطار التجربة والخطأ ؛ ومبلغ علمي ان الاستاذ بعد اربعين عاما من النشاط؛ لم ينشئ من بين تنظيمه مثل هذا المفكر الحر؛ بقدر ما خرج تلاميذ مؤمنين بالفكرة ؛ ومكررين لها؛ ومدافعين عنها ؛ الامر الذي جعله يقول ان قيادات الجمهوريين اقزام؛.. اما من فكر لنفسه بنفسه؛ فاما ابعد عن اطار الجماعة ؛ او ابتعد بنفسه عناها ؛ وهذا ما يوضح لك اي الجانبين كان اقوي في حركة الجمهوريين : العلم اللدني والايمان ؛ ام اتباع العقل والفكر الحر

    ان احترام العقل يا قصي؛ واعمال الفكر الحر؛ ليست اقوال مبتسرة ؛ تاتي ضمن منهج غيبي متكامل؛ وانما هي منهج مختلف؛ يقوم علي الفكردية والتساؤل والنقد والمراجعة المستمرة ؛ وقد مثله في الثقافة العربية الاسلامية مثلا اخوان الصفا؛ ومثله في الادب ابو العلاء المعري؛ ومثلته في الفلسفة الحديثة افكار اوغست كومت .. ان ايراد جمل عن اعلاء العقل واعمال الفكر الحر ؛ في تنظيم يؤمن بالعلم اللدني لقائده؛ انما يعني مباشرة ؛ ان المعني بهذا الكلام من احترام العقل واعمال الفكر الحر انما هو صاحبها؛ اما الاتباع فلا حظ لهم من ذلك ؛ بدليل الممارسة .

    واواصل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-25-2004, 04:33 PM)

                  

01-25-2004, 01:18 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    اما عن نيتشه ؛ فصحيح ما قلته عنه ؛ وانا هنا اوردت برجسون وكيركغارد ؛ باعتبارهما من المدافعين عن المعرفة الحدسية الداخلية ؛ وهما في طرحهما قريبين من اطروحات التصوف الشرقي؛ وان كان في قالب فلسفي ؛ وليس ديني واضح ؛ وان لا ننفي تاثير الدين عليهما .

    اما الاشارة الي نيتشه ؛ رغم انه من المتشككين؛ بل الداعين الي اعلان " موت الاله" ؛ فينتج من انه دعا الي نظرية الانسان الكامل ؛ او السوبرمان ؛ حيث اراد ان يحل الانسان محل الله؛ ولكنه في ذلك لم يعتقد بان هذا الاحلال قابل له كل الجنس البشري ؛ اي مطلق انسان؛ بل اناس مختارون؛ لهم ارادة الفكر والفعل ؛ وهو في هذا قريب من شوبنهاور؛ والذي دعا الي ارادة القوة ؛ وقد زعم البعض ان في افكار الرجلين بذور النازية ؛ وهذا غير صحيح عندي؛ حيث ان النازية قد ابتذلت اعمالهما؛ وفسرتها وفق ايدلوجيتها المريضة ؛ واضافت اليها طابعا عنفيا لم يطرحاه؛ وفهمت معني ارادة القوة وفق مقامها المنخقض ؛ ولكن هذا مقام حوار اخر؛ قد نتوفر له ذات يوم

    في النهاية لا اري اننا نختلف كثيرا في مجال تثبيت الحقائق؛ وان كنا نختلف في الاستنتاجات ؛ والاختلاف خير؛ وانا اقول لك ان من وحي الحوار معك ؛ قد استفدت كثيرا؛ وبهذا فان المقتال اعلاه سياخذ سيغة جديدة عند كتابته مرة اخري؛ اعتمادا علي زخم هذا الحوار؛ وما يليه ..

    مع التقدير

    عادل
                  

01-24-2004, 09:07 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: مهيرة)

    الاخت العزيزة دكتورة مهيرة

    نعم من حقنا ومن حق كل شخص مناقشة الفكرة الجمهورية وغيرها من الافكار؛ وقد اعجبني لك قولك انك تري ان الاسنتاذ محود قد اعدم لاسباب سياسية؛ وكنت اتمني لو ذهبت خطوة للامام وادنت ذلك الاعدام؛ دون ان يعني هذا توقف نقدك للفكرة الجمهورية ؛ وفي الحقيقة فانا اعتبرك من افضل المخالفين للفكرة الجمهورية ؛ حيث تحاوري باحترام للاخر؛ وفي دائرة المنطق؛ الامر الذي لا نجده عند الكثيرين ؛ واعتبرك من افضل ممثلي التيار السلفي - الثوري او المعارض- ؛ رغم اختلافي التام مع المنهج السلفي
    اعتقد انه في وسط الجمهوريين ؛ هناك تيار غالب ينظر الي انتاج الاستاذ محمود كما وصفت ؛ ولكن هناك قلة ؛ اتمني ان تتزايد ؛ قد بدأت في الوعي بتاريخية وبشرية انتاج الاستاذ محود؛ ولكن للاسف يبدو ان هذا الوصول؛ يوصلهم تلقائيا للخروج من الدائرة الجمهورية

    عادل
                  

01-24-2004, 08:59 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yasir Elsharif)

    الاخ العزيز ياسر الشريف

    التحية لك ولمجهوداتك الجمة للتعريف بافكار الاستاذ محمود وتوثيقها
    اتابع باهتمام البوست الذي اشرت اليه ؛ واتمني ان اسهم فيه لو توفر وقت ..

    مع وافر التقدير

    عادل
                  

01-24-2004, 06:01 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)


    الأخ الكريم عادل عبد العاطي
    أبدأ بتصحيح قولك:
    Quote: ان المعرفة عند الجمهوريين ليس هدفها اللة ؛ بل هو وسيلتها ؛ ولذلك كانت فكرتهم "بالتخلق باخلاق الله"

    إذ أن الله هو غاية الغايات ونهاية النهايات (إن الى ربك المنتهى) ولا منتهى فهو سبحانه وتعالى هدف المعرفة كما جرى التعبير في كثير من كتب الأستاذ محمود وكتب تلاميذه الجمهوريين ولا أدرى من أين جئت بهذا المفهوم الذي قررت فيه أن الله "وسيلة" المعرفة وليس غايتها.. ويبدو أنك ومن مثل هذا التقرير الخاطي قفزت الى حقيقة أن العلم اللدني الذي تحدث عنه الأستاذ كنتيجة للعبادة والتقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله) يلغى العقل والتفكير وكأنما الفكرة الجمهورية قامت على الأدعاء ومطالبة الناس بالتسليم لما يقول به الأستاذ محمود لأن علمه علم لدني أخذ من الله بغير حجاب .. الشاهد في الأمر أنه لم يأت داعي أو مفكر على مر التاريخ ليطرح أفكاره ويجري النقاش حولها ويأخذ ويرد فيها بمنطق العقل والحجة كما فعل الأستاذ محمود ودونك الكتب الكثيرة التي كتبها والمحاضرات والندوات التي أقامها هو وتلاميذه على مدى ثلاثين عاما أو يزيد وهي بحمد الله موثقة بصورة جيدة ..
    وكون أن الجمهوريين لا يناقضون فكر الأستاذ محمود فسببه بسيط وبديهي وهو أنهم مقتنعون بكل ما جاء فيه فهو عندهم فكر مسدد وقوي لأنه أتى نتيجة تقوى صحيحة ولم يلحظوا فيه تناقض ولكن بطبيعة الحال فإن الفرصة عندك ، أخي عادل ، وعند غيرك لتبيين ما تراه من خطأ أو أخطاء في هذه الفكرة وأوكد لك أنك لن تجد غير الرد بالحجة والمنطق لا المطالبة بالتسليم والإذعان .. وأرى أن هذا ربما يكون أفيد من مطالبتك الجمهوريين بأن ينظروا لفكرتهم بالطريقة التي تنظر اليها أنت لها ..
    موضوع الإنسان الكامل من الموضوعات التي يمكن أن يتم حولها مثل هذا الجدل وأنا الآن بصدد مراجعة أحد الكتب التي تناولت هذا الموضوع بغرض نشره على موقع الفكرة الجمهورية قريبا بعون الله ..
    هذا ولك جزيل الشكر على افتراعك هذا الخيط التام
    عمر

    (عدل بواسطة Omer Abdalla on 01-24-2004, 06:03 PM)
    (عدل بواسطة Omer Abdalla on 01-24-2004, 06:07 PM)

                  

01-24-2004, 09:09 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Omer Abdalla)
                  

01-25-2004, 01:25 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Omer Abdalla)

    الاخ عمر عبدالله

    شكرا للتصحيح الذي هو في محله ؛ وقد اشرت الي ذلك في سياق ردي علي ياهو ذاتي؛ وشكرا علي كل التعليقات والتصحيحات والمعلومات التي تضيفها لي كل مرة ؛ تعليقا علي كتاباتي المتواضعة حول الفكر الجمهوري .

    مناقشة الاستاذ محود وحواره الفكري الهام؛ طيلة 40 عاما من النشاط ؛ هي محل تقدير كبير عندي؛ ولا شك عندي ان الرجل مثقف حر ؛ ولكن من الناخية الثانية ؛ فلا شك عندي انه يدعو الينوع من المعرفة الباطنية ؛ تتناثر الدعوة اليها في كل كتبه ؛ ويبني عليها اساس دعوته الرئيسي ؛ كما اوضحنا في اقتباسات سابقة

    اما موقف الجمهوريون فراجع اليهم ؛ ولكن لا يتطور فكر الا عن طريق المراجعة والنقد والتطوير؛ ولو لم يقم الجمهوريون بهذا الجهد في مجال فكرهم ؛ فسيقوم به اخرون ؛ ثم لن يجد الجمهوريون نفسهم الا طائفة دينية صغيرة ومعزولة ومتعصبة ؛ ويكونوا بذلك شر خلف؛ لخير سلف؛ ويكونوا بذلك قد اهدروا للمرة الثانية ؛ تراث الاستاذ محود وقيمه العظيمة

    مع تقديري

    عادل
                  

01-24-2004, 09:44 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)


    شكرا يا قصي
    في الحقيقة لم أقرأ تعليقك الوافي أعلاه حينما كتبت ردي والا لكنت اكتفيت به فهو قد أوفي وجهة نظري في هذا الموضوع حقها وإني لأرجو مثلك أن يناقش الأخ الأستاذ عادل عبد العاطي نقاط خلافه مع الفكر الجمهوري كفكر مطروح ومبوب بدل إطلاق الإنطباعات المعممة بهذه الصورة عن طرائق تفكير الجمهوريين ..
    وأحب أن أضيف هنا أن الجمهوريين لم يولدوا كذلك بل أن جلهم لم يتعرف على الأستاذ محمود قبل اقتناعه بالفكرة الجمهورية وتقليب أوجه القضايا المختلفة فيها وعرضها على شاشة العقل .. ويكفى أن أقول أن أعداد كبيرة من الجمهوريين جاءوا من خلفيات شيوعية أو إسلامية تقليدية ولكن نصاعة حجة الفكرة الجمهورية جعلتهم يتخلصون من عقابيل تجاربهم الماضية ومن مواجهة نظرة المجتمع المتشكك من حولهم فالأمر ليس بالبساطة التي حاول أن يصورها به الأستاذ عادل ..
    عمر

    (عدل بواسطة Omer Abdalla on 01-24-2004, 09:56 PM)

                  

01-24-2004, 10:22 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Omer Abdalla)

    شكرا يا أستاذ عمر

    الأستاذ عادل

    أنا أعتقد أن موضوع الفكر محسوم في المقتطفات التي إقتطفتها لك من مقولات الأستاذ محمود عن الفكر و العقل ... و إذا كنت تحاكم الفكر الجمهوري على أنه صوفية بحتة دون تجديد .. فهذا يجعلك لا تنتقد الفكرة الجمهورية و إنما تنتقد الصوفية .. و بمقاييس هذا العصر.. فالفكرة الجمهورية فيها الكثير من الخروج عن منهج الصوفية القديم .. و الأستاذ تحدث عن الفكر بشكل لا يدع مجالا لتصوراتك أعلاه

    مع عميق إحترامي
                  

01-25-2004, 04:46 AM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yaho_Zato)

    الأستاذ عادل .. لك التحية

    بدءا أقول و أوضح نفطة مهمة جدا .. هي ان الجمهوريين ليسوا مكلفين بإخراج تناقضات فكر أستاذهم .. ذلك لأمر بديهي .. هو أنهم لا يرون تلك التناقضات .. بل إن واجبهم يكمن في أن يوضحوا الأمور للذين يتخيلون وجود تناقضات في فكر الأستاذ محمود.. وأن ينشروا فكره و يبرزوا قوته و قدرته للناس .. أنا من جانبي لا أتحدث بصفتي جمهوريا و لا أسمي نفسي جمهوريا ... و لكني اتحدث من واقع قناعاتي الفكرية و أدافع عنها بالمنهج السليم . .إن ما أستغربه منك يا أستاذ عادل أنك تكاد تقول أن الجمهوريين عقائديين إذا لم يتفقوا معك في نقدك .. أنت تمارس نوعا لطيفا من الإقصاء الفكري دون أن تدري ...فانظر مثلا إلى إصرارك على أن ما تفهمه أنت مما قرأته هو الكلام الواضح الذي به الحجة البائنة .. إنني كل ما أقرأ لك نقدا للفكرة الجمهورية يزداد إيماني بها .. لماذا؟ .. لأن نقدك الذي يعتبره الكثير في الصميم أنا لا أراه إلا محاولة تستحق الإحترام و لكنها قاصرة أشد القصور عن فهم الفكرة .. و أنت بطبيعة الحال لا ترى ذلك ,.. و عندك مفاهيمك الخاصة التي إستنتجتها من قراءتك لكتب الفكرة و كتب الصوفية .. و هي مفاهيم تقام بها الحجة عليك و لا تقام بها الحجة على الجمهوريين أو حتى الصوفية .. لانها فهمك أنت لما قرأت و ليست فهم من قرات عنهم

    كمثال نتحدث مرارا عن المنهجية العقلية عند الأستاذ محمود .. و نتحدث عن مزاوجته بين الروح و المادة و بين العقل و القلب .. و قد قلنا قبل اليوم أن المزاوجة تعني إيجاد التجانس .. و الأستاذ محمود قد أوجد هذا التجانس .. و لم يسبقه أحد عليه على مر التاريخ .. و دون المطلعين الكتب لياتوا لنا بمثل التجانس الموجود في الفكرة الجمهورية ... فحقيقة أن العلم التحليلي العقلي قادر على التجانس مع العلم الروحي هو أمر قد تجسد في شخص الأستاذ محمود .. لهذا فهو ليس خطلا .. و ضربت لك قبل اليوم مثالا عن الجدول الدوري للعناصر الكيميائية .. و كيف أنه قد كان موجودا و مرسوما بشكل يصح أن نقول عنه عقائديا قبل أن تكتشف معظم العناصر الموجودة فيه .. و لكن تلك العقيدة و ذلك الإيمان قد أفضى بالناس إلى الحقائق العلمية الماثلة اليوم .. و العلم النظري في حد ذاته يا أستاذ عادل علم لا يخلو من العامل الإيماني الغير عقلي .. و كثيرا ما حدثنا عمالقة العلم النظري و التجريبي عبر التاريخ عن (إيحاءات ) تأتيهم لنظرياتهم العلمية .. نذكر منهم أينشتاين .. لهذا فإن الإعتماد الكلي على العقل .. و الزعم بأنه هو الفيصل الوحيد في الأمور يجعل هذه النظرة دينا جديدا .. و فيه عقائدية غريبة .. هي عقائدية في قدرة العقل المحدودة .. و الافضل منها العقائدية في قدرة اللامحدود كما هو الحال في أكثر الأديان بدائية .. فلسان حال صاحب العقيدة العقلية يقول (جنا تعرفو و لا جنا ما تعرفو)...فالإرتكان إلى العقل كليا هو في الواقع إرتكان إلى ركن غير شديد .. كماان الإرتكان إلى القلب كليا ليس له معنى عندما يكون قلبالم يصفو بعد من جراء ترويض العقل ليهيأالوضع له

    إن حديث الأستاذ عن الفكر لم يكن كلاما مبتسرا بقدر ما كان نهجا يوميا ربى عليه تلاميذه ... فقد كانت تقام الجلسات الصباحية و المسائية و المحاضرات و الندوات و المؤتمرات الجمهورية .. و كلها كان فيها الأستاذ يستمع لآراء الناس أكثر مما يتكلم .. و من ثم فهو لا يتكلم عندما يتكلم إلا بميزان واضح و قيم .. و قد كان يعترض عليه تلاميذه في مفاهيم كثيرة في نقاشات كثيرة .. و كان يقابل الإعتراض بالترحيب التام و المفاكرة الدقيقة .. و ربما لو عرفت يا أستاذ عادل كيف كانت تدار تلك الجلسات لما ظننت في الأستاذ أو تلاميذه ما تظنه في شيخ الطريقة الصوفية و مريديه .. و الأمر فيها واضح بشكل لا يقبل التخفي .. كما أرجو منك أن تنتبه لقضية أن الأستاذ لم يجمع حوله التلاميذ بكرامات أو بوراثة كما هو عند الصوفية .. بل جمعهم حوله بفكره السديد الذي دلف إلى عقولهم .. و بتجسيده لفكرته في الدم و اللحم .... و يجدر هنا أن نشير أيضا أن شيوخ الصوفية لم يجمعوا حولهم المريدين بالطريقتين السابقتين فقط و إنما كانت الوسيلة الأغلب هو التجسيد لأخلاق القرآن .. نجد على ذلك مثالا في قول جلال الدين الرومي في شيخه شمس التبريز (كل ما سمعته عن الله .. رأيته في ذلك الرجل)

    أنا أعتقد أن الأمر في هذه القضية واضح يا أستاذ عادل .. و الأستاذ محمود لم تعرف عنه كهنوتية إطلاقا... فإذا كنت تظن ان هناك جمهوريين قد أصبحوا عقائديين في الفكرة .. فأنا أيضا أعتقد ذلك .. و لكن ذلك لا ينسحب بحال من الأحوال على جميع الجمهوريين .. كما أن الحقيقة الظاهرة أن الجمهوريين أنفسهم ليسوا حجة على الفكرة .. وإنما هو صاحبها الحجة الوحيدة عليها .. و الجمهوريين إنما يسعون جهدهم للتأسي بذلك النموذج

    كما أن قولك عن موضوع التأويل .. وأن علينا أن نسلم فقط للخاصة من الناس الذين يقولون أن عندهم فضل من الله في التأويل .. و يصبح القرآن للخاصة و ليس للعامة .. فهذا كلام يدل على ما قلته لك منذ البداية بأن إنما تتحدث عن مفاهيمك أنت فقط .. فالقرآن و نهجه مبذول لكل ذي همة.. و لكل منا الحق في التأويل .. فأنت يا أستاذ عادل عندك الحق في التأويل .. و المتلقي سوف يعرض كلامك على عقله و يرى إن كان يقبله أم لا .. تماما هو الأمر مع تأويل الأستاذ محمود ... و العارف يعرف تأويله من تناسقه و دقته و لا يعرف بغير ذلك

    أنا أعتقد أن الكلام المردود في كتابك اعلاه كثير .. منه مثلا قولك أن الجمهوريين يسيرون خلف أستاذهم بلا بصيرة .. لان الحق أن البصيرة هي التي تجعلهم يسيرون خلفه بأدب و إجلال .. و هذا لا يضرك أنت في شيء طالما أن تلاميذ الأستاذ يجادلونك و يواجهون نقدك بنقد مثله .. و بفكر لا بعقيدة

    أنا أعتقد أن إيراد الوصلةأعلاه لنقاشنا الذي كان في فترة ماضية سيكفيني الإستمرار في الكتابة الآن .. و ربما سنحت لي الفرصة لتناول موضوع المعرفة بين العقل و القلب

    و لك مني عاطر التحايا

    قصي همرور

    (عدل بواسطة Yaho_Zato on 01-25-2004, 06:13 AM)

                  

01-25-2004, 12:09 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yaho_Zato)

    الاستاذين قصي وعمر عبدالله

    لم يكن غرض المقال اعلاه نقاش موقف الجمهوريين من الاستاذ؛ بل نقاش موقف الاستاذ والجمهوريين من المعرفة ؛ او ما اسميناه نظرية المعرفة عند الجمهوريين؛ وانا سوف اواصل في هذا الباب؛ ولا شك عندي انما اقول انما هي افكاري وقرائتي .
    من الناحية الاخري؛ فان الموضوع يجرنا حتما ؛ لمناقشة موقف الجمهوريين من المعرفة وطريقها؛ وبالتالي من فكر الاستاذ؛ ولست هنا احرض الجمهوريين لنقد فكرهم؛ مع ان كل فكر يمكن ان يكون مادة للنقد؛ وانما اوضح اطروحتي ببعض الامثلة ؛ ولا ادري ما سبب ضيق الصدر الذي احسسته من حديثكما؛ رغم الترحيب الاول؛ واتمني ان اكون مخطئا في احساسي
    ساعود اليوم للموضوع تفصيل لكبر

    عادل
                  

01-25-2004, 04:15 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yaho_Zato)

    العزيز قصي :

    ليكن ان لا يخرج الجمهوريون تناقضات فكرهم؛ اذا كانوا لا يروها؛ ولكن هل هم مطالبين بتطويره؛ والذهاب به الي الامام ؛ ام انه القول الفصل؛ لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ رفعت فيه الاقلام وجفت الصحف؛ وما عاد للجمهوريين وغيرهم من واجب الا الدفاع عنه وتوضيحه؛ حتي لو اسبغوا عليه من افكارهم هم ؛ وهم بذلك لا يشعرون .

    اذا كنت من انصار الراي الاول؛ فانت اذن متفق معي؛ ان هذا الفكر هو انتاج بشري؛ مربوط بمعارف وتجربة منتجه؛ وبالظروف الاجتماعية التي انتج فيها؛ وبحدود الزمان والمكان؛ اما اذا كنت من اصحاب الراي الثاني؛ فهذا ما يدخلك في دائرة العقائديين والمؤمنين؛ والذين ينظروا لهذا الفكر كفكر ملهم؛ اخذ من علم لدني؛ وبذلك فهو خال من التناقض والنقص؛ وليس هناك امكانية لتطويره؛ الا بالعزف علي ذات النغم ؛ غض النظر عن دعوة اعمال العقل او اسهامات محمود الدنيوية ؛ والتي في هذا الاطار تثبت الاصل اللدني لاسهام محمود؛ ولا تنفيه

    اما حديثك عن العلم؛ وكيف يتحول مرات الي عقيدة جديدة؛ فصحيح ؛ وقد سمي البعض ذلك العلموية .. ولكن من الناحية الاخري؛ اذا ما اتفقنا علي ان العقل والعلم لم يصلا الي كل المعارف بعد؛ فانهما في سير حثيث علي هذا الطريق؛ وهما في كل يوم يكشفان كشفا جديدا؛ ومما لا ريب عندي انهما اكثر قيمة واعمق اثرا من اتباع النص؛ او من الاعتماد علي "علم" لدني ليس هناك ضوابط له ؛ ياتي بالفيض او الاشراق او الحضرة الخ الخ؛ او غيرها من امتيازات الخاصة

    هذا ما يوصلني لموضوع التاويل؛ وقد قلت انه يمكنني تاويل النص القراني؛ وجميع الناس يمكنهم ذلك . ولا ريب عندي ان هذا اتجاه ديمقراطي وتنويري ؛ في التعامل مع النص الديني؛ يجب العض عليه بالنواجز .. ولكن بنفس القدر الذي احجم فيه عن اجراء تجارب كيمائية ؛ في داخل معمل وانا غير ملم بادوات الكيمياء؛ فانا لن اشرع في تاويل النص القراني - او اي نص تاريخي اخر - وانا غير ملم جيدا بأدوات هذا التاويل؛ وهذه الأدوات عندي ثلاث:

    1- معرفة الواقع الاجتماعي الفكري الذي اتي فيه النص ( اسباب النزول هنا)؛
    2- معرفة التفسيرات التي اتت علي النص من ناقله او مؤلفه ( في هذه الحالة احاديث الرسول) ؛
    3- معرفة جيدة بلغة النص (وهو في هذه الحالة اللغة العربية وكذلك المعرفة بحالتها آنذاك ومعاني الكلمات في وقتها ) .

    دون ذلك فان تفسيري – او تاويلي – للنص سيكون خبط عشواء ؛ وربما آتي منه بنتائج لا تكون قد عنت من قريب او بعيد لمنتج النص ؛ وتكون حينئذ مجرد انطباعات فطيرة؛ لا حظ لها من العلمية او الموضوعية او الصدق في التعامل مع النص؛ او ادني درجة من الاحترام له .

    ليس هناك من داع لان أقول؛ أنني رغم تشددي في ضرورة توفر الأدوات سالفة الذكر عند من يشرع بتفسير او تاويل النص؛ الا اني ارفض تماما دعوات بعض السلفيين والتي تجعل تفسير النص حكرا علي مجموعات قليلة من الفقهاء؛ تزعم انها وحدها لها حق الاجتهاد ؛ كما أني ارفض دعوات الصوفية والباطنيين ؛ والذين يحيلوا تاويل النص للي الراسخين في العلم من زعمائهم ؛ وفق مفاتيح من الرؤية والحضرة والعلم اللدني الخ ؛ لا تتاح بطبعها الا للقلة؛ وليس من التاكد منها وعليها من سبيل؛ وتلغي هي في الاساس الدعوة الديمقراطية والانسانية والطبيعية ؛ لانفتاح النص علي الناس والناس علي النص؛ والتي اكدتها انت حينما قلت ان كل انسان يمكن له تاويل القران.

    طبعا في القضية التي انحرف اليها النقاش الان ؛ والخاصة بموقف الجمهوريون من الأستاذ؛ فانا لم اقل مطلقا " أن الجمهوريين يسيرون خلف أستاذهم بلا بصيرة" ؛ ولم اقم باستخدام هذه الكلمات؛ او ما يشابهها؛ بل اني في النص الاساسي الذي كتبته؛ لم اتطرق قط لموقف الجمهوريين من الاستاذ؛ وانما لموقفهم من طريقالمعرفة ؛ وما اتي موقف الجمهوريين من الاستاذ ؛ الا عرضا بعد ذلك؛ وليس في صميم النقاش؛ وهوامر اري انكما انت والاخ عمر عبدالله قد جعلتماه محوريا؛ لسبب ما؛ وقد جعل بعض المرارة والحدة تدخل الي مساهماتكما؛ بعد كتاباتكما الجميلة الاولي .

    ما قلته هو ان طريق المعرفة سلوكي حدسي عند الجمهوريون ؛ واتيت في سبيل اثبات ذلك بنصوص عديدة ؛ ولا انت او غيرك قد نفيت ذلك؛ بل قد اكدته في حديثك عن تجسيد الفكرة في الشخص؛ من منهج الصوفية والاستاذ؛ او ما يسمي بالتعلم بقوة المثال؛ والذي اسميته انا بالمنهج السلوكي. وان كنت انت قد اضفت ان اعمال الفكر والعقل كجزء من مناهج الجمهوريين؛ فانا ازعم انه في غير حالة الأستاذ؛ فان هذه المناهج في هذا التنظيم ليست الأساسية؛ بقدر ما الأساسي هو الإيمان بصاحب الرسالة الثانية ؛ الذي أعطاه الله العلم عنه بالقران؛ وأذن له بالكلام .

    من هذا المنطلق؛ فليس مهما هنا أن اعرف شخصية الأستاذ؛ او ان اعرف طبيعة الجلسات التي كان يديرها؛ او احضرها . فانا أحاكم الفكر من نصوصه المطروحة ؛ كما احاكم الجمهوريون من نصوصهم المطروحة . وفي هذا المجال فقد اكد الكثيرون غيري؛ إن إسهام الجمهوريون الفكري ؛ خارج ترديد مقولات وأفكار الأستاذ؛ هو اسهام ضعيف؛ الأمر الذي يوضح حجم إعمال الفكر والعقل عندهم وفي منهجهم ؛ والذي دعاهم إليه الأستاذ كما تقول؛ والذي اعتقد انا انه هامشي في هذه الفكرة ؛ ولذلك انعدم الإسهام الجمهوري المستقل خارج كتابات الأستاذ؛ ومن ثمارهم تعرفهم .

    وبعد هذا؛ فاذا كانت هناك ضرورة للاستشهاد بمعطيات من خارج النص؛ فانا آتيك بالقصة التالية؛ دون ان احدد ان كانت صحيحة ام كاذبة ؛ وان كان مجرد ترديدها يعني شيئا :
    قيل ان احد مناهضي الفكرة الجمهورية ؛ قد قال للاستاذ دالي: ما انت الا مكرفون او شريط مسجل يردد كلمات الاستاذ محمود .. فقال الاستاذ دالي: نعم انا مكرفون وشريط مسجل؛ وقد كنت وددت ان انقل كلمات الاستاذ كما هي؛ اذ ان المكرفون والشريط يغيران قليلا في الصوت ؛ وودي ان انقل هذه الكلمات حتي دون التغيير الذي يحدثه الشريط -المكرفون فيها؛ ولكني للاسف لا استطيع !!

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-25-2004, 04:23 PM)

                  

01-25-2004, 02:20 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Omer Abdalla)

    الاخ عمر

    تحية مرة اخري

    اكرر مرة ثانية ان الهدف الاساسي من هذه القراءة ليس نفد مواقف الجمهوريين؛ وانما ايضاح نظرية المعرفة في الفكر الجمهوري
    اما نقاط خلافي واتفاقي مع الفكر الجمهوري؛ فانا اوالي طرحها منذ سنوات؛ ومنها قضايا منهجية ؛ تجد جزءا منها هنا؛ ولا اعتقد انها معممة ؛ بل احاول دائما توثيقها والاتيان باقتباسات من كتابات الاستاذ محود والجمهوريين اري انها تشرح وجهة نظري او تؤكدها
    بالنسبة للجمهوريين؛ فجلهم مؤمنين بالفكرة ؛ ولا يقفوا فقط عند الاقتناع بها؛ كما فيهم من اخذ الفكرة اخذا اسريا. وكما هناك جمهوريون انوا من المواقع اليسارية والسلفية ؛ فهناك جمهوريون ابتعدوا لمواقع سلفية او يسارية ؛ واعلم انك نعرف ذلك افضل مني؛ وهذا شي طبيعي في الحراك الفكري والسياسي في السودان.

    عادل
                  

01-25-2004, 12:22 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مداخلة الاستاذ سيف الدولة احمد خليل (Re: Abdel Aati)

    وهذا ما وصلني من الاستاذ سيف الدولة احمد خليل؛ فله الشكر علي المداخلة القيمة

    ------

    العزيز عادل
    تحياتي
    لولا المشاغيل لاسهمت معك في جهدك الرائع حول نظرية المعرفة عند الجمهوريين،فلهؤلاء السادة تقدير خاص في نفسي،وما فاتني شئ كتبوه اوقالوه ،وبيني وبينهم حوارات ومساجلات استطالت بدءا وانتهاء منذ كنت يافعا متتلمذا علي يد استاذي الباهر النور محمد حمد في خورطقت،الي ان رقيت مرقى صعبا بادارة حوارات وتساؤلات مباشرة مع فخر المفكرين الحاضر ابدا الاستاذ محمود محمد طه،وكذلك الاخوة دالي ،القراي ،الباقر العفيف،هرون حميدان..الخ
    امرين اود الاشارة اليهما في مداخلتي هذه
    1/الفكرة الجمهورية اتفقنا معها اواختلفنا فكرة جديدة ومتكاملة ،وكون انها تستند علي الرصيد المعرفي للمتصوفة فهذا لا ينفي جدتها ولا هي انكرت استنادها الي ذلك،فالحق واحد وطريق محمد واحد ومن سار علي الدرب وصل،جديد الفكرة انها استجمعت ما تعارف عليه الناس بانه تهويمات صوفية شاطحة ،وخلقت له العمق الفكري والفلسفي ليخرج للناس فكرا ورسالة تعالج العقيدة ،السياسة ،الاجتماع ،الاقتصاد
    2/مناقشة الفكرة الجمهورية يحتاج الي المام بمعارف العصر ،طرف من الشريعة وقدم في التصوف
    ما اشرت اليه لا يقدح في اسهامك ،والحق يقال انه اروع ما قرأت في معارضة الفكر الجمهوري او قل مناقشته حتي اكون اكثر تحديدا،ومهما اختلفت او اتفقت معك فلا سبيل لي الا ان احترمك واشيد بجهدك البهير
    مساهمة المناقشين ايضا لا تقل ابهارا عما ارفدتنا به ،وليت كل ما يأتي في البورد يكون علي هذه الشاكلة ,وآمل مخلصا الايخترق موسوس ،مهووس او متنطع رحابكم هذا فههنا يمتنع القصر والايفاع...ليتهم لايعكرون هذا الصفاء
    فعلا تظل الفكرة الجمهورية للاذكياء فقط واحسبك واحدا منهم
    اكتفي بهذا القدر ولك وللمتداخلين كل الود

    سيف الدولة احمد خليل
                  

01-25-2004, 08:38 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة الاستاذ سيف الدولة احمد خليل (Re: Abdel Aati)

    الأستاذ عادل

    تعلم أنني قد أشدت بكتاباتك النقدية للفكرةالجمهورية منذ زمان بعيد .. و لم يجد جديد يجعلني أتحول عن موقفي ذاك .. وأنا أدرك تماما أن محاولات نقدك هذه و محاولات غيرك مهمة جدا للفكرة الجمهورية نفسها .. و إذا أحسست بضيق صدر مني فهو غير صحيح .. و أرجو أن تصفح عني إذا لمست في كلماتي ما أودى بك إلى هذا الفهم

    أنت قلت أن مقالك هذا إنما يتحدث عن موضوع المعرفة عند الجمهوريين.. و قد خالفتك فيه في نقاط معينة .. و أبرزت لك ذلك في مداخلاتي أعلاه .. فأنا لم أحد عن موضوع النقاش .. و لكنك في الحقيقة تناولت موضوع علاقة الجمهوريين بالأستاذ بصورة واضحة كان لا بد معها أن أرد عليك فيها.. و قد فعلت و قد فعل الأستاذ عمر .. و هنا يمكن أن تعود أنت لمقالك لتدرك أن الردود عليك لم تكن من مجرد إنطباع .. إنما هو فعلا رد على كلامك أنت

    أما حديثك عن التأويل فهو غريب بعض الشيء عندي .. إذ أنك تبدو و كأنك تتفق معي ثم تزال مصرا على رأيك بنفس النقاط التي تكلمنا فيها سابقا ... و سأحاول تلخيص القضية في نظري هنا مرة أخرى و لا أدري إن كنت فهمت نقاطك بالشكل الصحيح أم لا .. الشاهد يا أستاذ عادل أن لا شيء يمنعك و لا يمنعني من ممارسة التأويل لأنفسنا أو حتى نشره على الملأ .. و كذا التفسير .. و أنا شخصيا أمارس التأويل و التفسير لآيات الكتاب ... و الكثير من الجمهوريين يفعلون ذلك .. و أنا شخصيا لا أنشر تأويلي على الملأ لعدم ثقتي التامة فيه .. و لكن المهم هنا أنه حق مكفول و ممارس عندي .. و أنت عندما ترى أنك غير مؤهل له فهذا أيضا يندرج تحت دائرة ممارسة حقك هذا .. و قد كان هناك جمهوريون يمارسون التأويل في حضرة الأستاذ محمود و بطلبه .. و قد كان يفاكرهم في تأويلهم إما بالتأكيد عليه أو تصحيحه .. لهذا فليس هناك مجال للقول بأن الجمهوريين كالصوفية في هذه النقطة .. و لكن إعلاء الجمهوريين لتأويل الأستاذ على تأويلهم آت من كون إيمانهم بمقام الأستاذ الروحي .. و هو أمر ليس فيه فرض على أحد

    أنا عن موضوع تطوير الفكرة عند الجمهوريين .. فأقول لك أن الجمهوريين من واجبهم عندي أن يستنبطوا من فكرتهم ما يجعلها مواكبة لعصرهم .. و هذا شيء بديهي .. و الجمهوريون سيجدون أنفسهم ملزمين بهذا الفعل عاجلا أم آجلا .. و لكن المهم هنا أنهم فعلا يمارسوه .. و أنت تقول أنهم لا يفعلون .. و لكن هذا غير مستند للواقع .. و الأستاذ محمود لم يتحدث يوما عن كون الفكرة الجمهورية حجر ثابت لا يتحرك من مكانه .. بل إنه ركز على أنها فكرة "مائية" .. تأخذ شكل الإناء الزماني و المكاني لها لتملأه بالنور و "الماء" الذي هو أصل الحياة

    أخيرا .. ليس هناك أي ضيق يا أستاذ عادل من نقدك للفكرة الجمهورية .. بل إني أؤيدك فيه كما قد قلت من قبل .. و أرجو أن لا تحس مرة أخرى بأننا نضيق بنقدك عندما نرد عليه و ننتقده أيضا

    قد لا أستطيع المواصلة في الكتابة في هذا الطرف في الأيام المقبلة لأن المشاركة فيه تتطلب زمنا طويلا ليس بحوزتي الآن .. فأرجو المعذرة إن لم أتابع هنا ... رغم أنه من المحتمل جدا أن أتابع

    و لك مني التحية و الإحترام
                  

01-25-2004, 08:57 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة الاستاذ سيف الدولة احمد خليل (Re: Abdel Aati)

    أخي الكريم الأستاذ عادل،
    أحييك على مساهمتك المتميزة في نقد نظرية المعرفة لدي الجمهوريين، فهي، كما أشار الأخ الكريم سيف الدولة أحمد خليل، من أميز ما قرأته في هذا الباب. كما أحيي عبرك الأخوين الكريمين عمر هواري وقصي همرور، وكل من ساهم بالكتابة الخاصة أو العامة، أو القراءة لإثراء هذا الحوار العميق.

    لم يترك لي العزيزين عمر وقصي الكثير مما يمكن إضافته، ولكني أحب أن أعلق على نقطة يهمني تأكيدها. تلك النقطة هي أنك تتعامل مع نظرية المعرفة، من حيث هي، وكانها نتاج لتجربة منفصلة عن التجربة الدينية. ويبدو لي من قراءتي لك أنك لا ترى التداخل العميق، منذ سحيق الآماد، بين الدين والعلم، بحيث أن العلم نفسه ما كان ليكون لولا الدين. هذه نقطة هامة للغاية، في تقديري.
    الفصل القسري الذي حدث بين العلم والدين، يا عزيزي، هو نتاج لحقبة ما بعد ثورة الإصلاح، وما تلاها في عصر التنوير، مروراً باالثورة الصناعية. بعد ذلك بدت "الحداثة" -وترجيحها للقيم المادية، أي قيم الأشياء، على القيم التي وراءها- وكانها هي المنتصر على ماسواه من أنساق فلسفية ودينية.
    أما الآن فقد بدا واضحاً للكثير من مفكري ما بعد الحداثة قصور المنهج الحداثي ونظرية المعرفة الحداثية. بل وضح للكثيرين منهم بأن حقبة الحداثة شوهت التاريخ نفسه، بما في ذلك تاريخ "نظرية المعرفة" نفسها بحيث صبغت هذه، وتاريخها، بالصبغة المادية. نسلم بأن لمفكري ما بعد الحداثة قصورهم في الكثير من أوجه التفكير، ولكن ههنا أراهم مصيبون. وبما أن قصور تفكيرهم لا يعنينا الآن فإنني لن أنفق وقتاً في محاولة تناوله.
    ما يهمني توكيده هو أن نظرية المعرفة عند الجمهوريين أوضحت، في نسق متوازن توازنا تاماً، بأن المعرفة بحقائق العصر تتطلب تطبيق مناهج العلم التجريبي الروحي، وتطبيق مناهج العلم التجريبي. وذلك لأن المادة والروح في حقيقة الأمر هما، كلاهما، لدي التحليل الأخير طاقة تدفع وتجذب في الفضاء. فإنه معلوم لديك بأننا بتحليلنا لكل المواد إلى عناصرها الأولية نخلص إلى إلتكترونات وبروتونات ونيوترونات. وقد تم مؤخراً التوصل إلى وحدات في الطاقة أصغر من هذه فيما يسمي بنظرية الخيط string theory، ولكن الشاهد هو أننا لدي التحليل الأخير نخلص إلى طاقة تدفع وتجذب في الفضاء. والروح كذلك طاقة. كل ما هنالك هو أن الروح مادة في حالة من الاهتزاز لا تتأثر بها الحواس الخمسة المعروفة، في حين أن المادة روح في حالة من الاهتزاز تتأثر بها هذه الحواس.
    وبما أن الغاية من المعرفة هي تعميق حياة الفكر وحياة الشعور فينا ومن حولنا، بالسعي إلى الله، أي إلى الكمال المطلق، فإننا نحتاج إلى المزاوجة الحكيمة بين العلم المادي التجريبي والعلم الروحي التجريبي. السيرورة ههنا سيرورة غير متناهية، لأن الله دائماث في منتهى الكمال، في حين يكون العبد في طرف النقص. وهنا يأتي طرح الأستاذ محمود عن الحرية الفردية المطلقة. وهي مطلقة لأنها تطلب الله المطلق. والمطلق لا ينقضي الفراغ من طلبه. بالطبع، يتم ذلك لكلٍ حسب طاقته وحسب حاجته.
    وهذا هو نفسه معنى أن الله هو الغاية، وذلك لأن الوجود المادي كله، علويه وسفليه -أي ماتدركه أنظارنا وما لا تدركه منه- إنما هو مظهر لله نفسه. فهو تعالي الحي، العالم، المريد، القادر، والسميع، والبصير، والمتكلم. ونحن بدورنا أحياء، وعالمون، وقادرون، ومريدون، وسميعون، وبصيرون، ومتكلمون. ولكن صفاتنا ناقصة في حين أن صفاته هو في منتهي الكمال، ولا منتهى.
    في هذه المنطقة تتم المزاوجة، الواعية، لأول مرة في التاريخ بين العلم المادي التجريبي، والعلم الروحي التجريبي في نسق لم تعرفه الأديان ولا الفسلفات الاجتماعية.

    وهنا تأتي إضافة الأستاذ محمود الكبرى لنظرية المعرفة، في هذه المزاوجة الخلاقة المبدعة.

    هناك الكثير ياعادل مما يمكن أن يقال. ولكن أحب في هذه العجالة أن أطلب منك أن تجلس بتأن لقراءة الفكرة الجمهورية من جديد. فإن نضجك الفكري الراهن سيجعلك تقرأها بفهم أعمق. أقول ذلك لأنني أشعر، أحياناً، بأن عقلك الوثاب يستعجل الاستنتاج قبل التمحيص الدقيق. وهذه المسألة لا تعيبك لوحدك. كلنا أحياناً نقع في نفس الخطأ، بسبب تعجلنا لمشاركة الغير بما نعرف.

    صدقني إذ أقول لك بأنني أنصح نفسي كل يوم جديد بنفس النصيحة. وصدقني إذ أقول لك بأنني كلما قرأت كتابات الأستاذ محمود كلما أشعر بالحسرة بأنني لم أعرف أبي هذا الهمام وأبيك، بالقدر الكافي، مما يزيد من الارتباط الفكري والشعوري به. بطبيعة الحال فإنني ألاحظ أن نفس الأمر يتم معك، ولكني ألاحظ بأن نتاج فترة الحداثة المعرفي يسيطر على بعض منافذ التفكير الحر عندك.

    هذه بالطبع مرحلة هامة من مراحل تعاطينا مع الفكر الغربي، وإني أشهد لك بالتميز الشديد في هذا الباب. ولكني على يقين بأن الفكر الغربي يحتاجنا الآن أكثر مما نحتاجه. نعم نحتاجه. ولكنه يحتاجنا أكثر مما نحتاجه. الثغرات فيه كبيرة، ومثلك يجب أن يكون قد أدركها. وحين تفعل، فإن الأستاذ محمود سيبرز عندك كمفكر حر، بأكثر مما هو بارز، وذلك بأن يبرز لك منه المفكر العالمي، الذي يستطيع فكره أن يثري الفكري البشري برمته. وهذا هو دوري ودورك، ودور كل مفكر سوداني حر. ههنا تأتي إضافتي وإضافتك، وإضافة قصي، وغيرنا من الأحرار. وإني لأرجو أن نصبح مفكرين أحرار بهذا المعني. ولم يعد لدي شك بأن الفكرة الجمهورية لو لم تأتي من السودان، ولم يأتي الأستاذ محمود، من صميم شعبنا وعميق جذوره الحضارية، لما تأخر هذا الشعب عن أنجابه. ولكن من حسن التوفيق الإلهي أننا سودانيون، ومن حسن التوفيق أننا ولدنا في حقبة عاضرنا فيها هذه المفكر الفذ. والحال كذلك، ألا يجدر بنا أن نقدمه للعالم بدلاً من أن ننظر إليه بمنظار الآخرين؟

    أنت بالطبع تؤكد بعض ذلك حين تقول:
    ... ومما لا ريب عندي؛ ان الاستاذ محمود قد كان ذلك المفكر الحر؛ والانسان الحر؛ الذي يفكر كما يريد؛ ويقول كما يفكر ؛ ويعمل كما يقول؛ ثم لا يكون من عمله الا الخير للاشياء والاحياء


    ولكني لا أرك محقاً حين تقول:
    هذه الدعوة مع ذلك ؛ تتناقض مع مبدأ العلم اللدني؛ وتتناقض مع فكرة اتيان العلم عن الله ؛ ثم اتيان الاذن منه .. فمن يجعل حرية الفكر ؛ واحترام العقل مبدأه ؛ لا يجعل لاحكامه مصدرا غير العقل؛ ولا يرجعها لعالم الشعور؛ او قل هو يتخذ من هذا العقل منطلقا؛ ومما لا ريب فيه؛ ان مقولات الاستاذ محمود عن النبوة ؛ وعن صاحب الرسالة الثانية ؛ توضح انه يقف مع المنهج الشعوري -اللدني في اصل المعرفة ؛ لا المنهج العقلي الفكري .. او علي الاقل هناك تناقض ما بين اقواله التي اوردتها هنا؛ وتلك التي اوردناها اعلاه


    فإنك ههنا، شأن كل مفكري حقبة الحداثة، لا ترى أن الوجود الحادث، الذي تمخض عنه العقل الحادث، مسبوق بالعقل الكلي القديم، أي مسبوق بالله. وههنا تورط ماركس ونيتشة وسارتر، وغيرهم، في نفس المأزق، الذي تورط فيه أنت.
    عند الأستاذ محمود لا تناقض بين الروح والمادة، ولا تناقض بين العقل الحادث و العقل القديم. ولذلك فإن الأستاذ محمود يتحدث "بتفصيل دقيق" عن قصة الخلق، وعن الأمر التكويني والأمر التشريعي، وعن الذات الإلهية والإنسان الكامل، وعن االحقيقة والشريعة، وعن التسيير والتخيير، في علمية لا تعرف التناقض إلا لدى النظرة العجلى.
    وأستطيع أن أقول بأن التناقضات في المناهج الحداثية تجد فض علمي لها، وتجد أجوبتها الشافية عند الأستاذ محمود. وهذه التناقضات كثيرة بصورة تكاد تخرج عن العد. ومثلك يرتجى منه الكثير في سبر غور الفكرة الجمهورية، وفي إجراء دراسات مقارنة في هذا الباب، من داخلها، أو خارجها.

    أقترح عليك ياأستاذ عادل قراءة كتاب "رسالة الصلاة،" مرة أخرى، فإنه يتحدث عن قصة الخلق بصورة لم تألفها الأديان، وبصورة تقبلها العلوم المادية التجريبية بدون عناء. وههنا معجزة الفكرة الجمهورية في المزاوجة بين العلم المادي التجريبي والعلم الروحي التجريبي!

    ولك مني عاطر الاحترام والمحبة والود.
                  

01-25-2004, 09:29 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة الاستاذ سيف الدولة احمد خليل (Re: Haydar Badawi Sadig)

    أخي الأستاذ عادل،

    بعد بث ردي بعاليه مباشرة، دخلت خيطاً رائعاً للأخ كمال "بشاشة،" يكاد يكون مكملاً لهذا الخيط بصورة تامة. فالأخ كمال ينظر إلى المسألة من زاوية من ساقه العلم المادي التجريبي نفسه إلى القناعة بأن الفكرة الجمهورية، ونبعها الصوفي، تستحق منا أكثر مما أعطيناه لها من إهتمام بكثير. بل يذهب إلى أبعد من ذلك في التأسيس التاريخي لنظرية المعرفة عند الجمهوريين، بصورة بديعة. أرجو، مخلصاً، أن تعطي خيط بشاشة هذا، وكتاب "رسالة الصلاة" ما يستحقانه من وقتك القيم.

    وهاك خيط الأخ بشاشة:

    الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري.
                  

01-26-2004, 03:02 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Abdel Aati)

    سلام يا عادل.

    وينك؟ من ديك وعيك!

    بعدين ياخي كل الاسماء والثقافات الاشرت ليها كمراجع للمعرفة العرفانية او اللدنية، ليست بالمصدر الاساسي لهذا النمط المعرفي السوداني 100%.

    هذه بضاعتنا ياحبييب وان لم ترد الينا بعد، كما اثبتنا انا واخوي طناش، في بوست الاصل السوداني للتصوف.

    هذا العلم المادي العلماني التجريبي الغربي افتراضا، توصل اليه اجدادنا علي نحو روحاني عرفاني باطني لدني!

    فرسل حداثة اليوم الغربية كانوا "حيران" في خلاوي ذلك الزمان، حيث اخذوا عن اجدادنا، علوم الرياضيات، الفلك، الفيزيا، الكيميا..الخ.

    مافي اي فرق ما بين البرهانية الالمان في شوارع امبدة اليوم، وبين "حوارنا" فيثاقورث مثلا.

    العاش وسط اجدادنا "في منطقة اسوان الحالية" ل22سنة، حيث لقن حساب المثلثات الحالي، منذ اكثر من 2500سنة مضت!

    ده كلام الاغاريق نفسهم!

    هييرودتس قال علي فيثاغورث:

    A simple plagiarist of the Egyptions

    واحد من تلاميذ فيثاقورث اسمو Hippasus يروي انو مات في مجمع للسفن المهجورة، كدليل علي اللعنة اللتي اصابتو، لافشاءوا "السر الالهي"!

    تقولوا لي الحلاج؟

    وهذا دليل قاطع ان لافرق بين العلم وما نسميه "دين".

    مفهوم العلمانية غربي، ولا معني له خارج تربة الثقافة الغربية المادية.

    كقاعدة السوداني لا يمكن يكون علماني حتي لوشاء وسعي لذلك!

    لهذا تجد السوداني "الماركسي" اقرب لي روح التصوف من الاخ المسلم او السلفية، رغم ان المفترض هو العكس!

    تأمينا علي حديث دكتور حيدر، الحداثة الغربية انتهت بالمعرفة الي طريق مسدود يشهادة النسبية والكوانتم اللتي دفعت بالفيزياء، كاول علم "طبيعي" ينسلخ عن الفلسفة "التصوف"، للعودة مرة اخري الي احضان امها الرؤوم "الفلسفة"!

    لانو اتضح وجود قدر من التقدير الذاتي، في عملية الملاحظة داخل المعمل!

    واضح تماما ان البشرية لا بد ثائبة للمعرفة "اللدنية"!

    عندما نضع في الحسبان، نظرية محمود في التطور الحلزوني للتاريخ، فواضح ان البشرية لن تعود الي عصر الاهرامات لتنهل من معين المعرفة العرفانية، كما كان اول مرة، وانما ستستأنف دورة المعرفة الجديدة من نقطة اعلي، تمثل فيه فكرة محمود كمزاوجة للمنهجين، نقطة ارتكاز اساسية.

    هذا هو الاسهام الحقيقي لمحمود.

    المطلوب من الجمهوريين التصدي لقيادة الثورة الثقافية القادمة بتاصيل دراسة التصوف في مصادروا الحقيقة، باحياء الهيروغلوفية وتحقيق النصوص بتنقيتها من شوائب العلمانية الغربية، التي افسدت المقاصد العرفانية فيها.

    يجب ان لا يغيب عن وعينا ان السبب الاساسي لانهيار حضارتنا العرفانية هو الغلو في الروحانية ثم السرية او الصفوية.

    من جانب اخر واضح عوامل ضعفنا هي ذاتها عوامل القوة والتفرد في الحضارة الغربية"الحداثة":

    الجماهرية "العلنية" والعقلانية او العلمانية! لاحظ المعاوضة والمزاوجة لعاملي الضعف والقوة في الحضارتين!!
                  

01-26-2004, 05:36 AM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Bashasha)

    الأستاذ بشاشة

    لك التحية

    في الحقيقة نبهني كلامك هذا لأمر قرأته و تعجبت منه غاية العجب .. فقد قرأت لأحد الجمهوريين مقالا يتحدث فيه بعمق غريب عن الثالوث في الأديان .. و مفهوم الثالوث . .. و قد بدأ بالديانات المصرية القديمة .. و صاحبها إلى مفهوم الثالوث عند جميع الأديان البارزة عبر العصور حتى إنتهى بمفهوم الثالوث الإسلامي الذي بينه الأستاذ محمود .. و المقال في عمقه يعود بكل تلك الأديان إلى منبع واحد .. فبعد الإنتهاء من قراءة ذلك المقال أصبحت أرى بوضوح معنى ما كان يقصد الأستاذ محمود عندما قال أن جميع الأديان من لدن آدم و إلى الآن إنما هي الإسلام في صور مختلفة بسبب مواعين الزمان و المكان

    الديانات المصرية القديمة كانت عميقة جدا و سامية جدا من الناحية العرفانية للكون و الإنسان .. و أتمنى حقا لو أستطيع التحصل على هذا المقال الآن و أنشره هنا بعد أن آخذ الإذن من صاحبه .. فهو يسير في نفس السياق الذي تتحدث عنه أنت الآن ... و لكن من ناحية توحيدية صوفية لا تعطي إعتبارا كبيرا للوثائق التاريخية لإنتقال تلك العلوم عبر الحضارات .. و إنما تتعمق في تلك العلوم مباشرة بغض النظر عن مصدرها

    و لك وافر المودة

    (عدل بواسطة Yaho_Zato on 01-26-2004, 05:45 AM)

                  

01-26-2004, 11:47 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريق العارف ومسؤولية المثقف: نظرية المعرفة عند الجمهوريين (Re: Yaho_Zato)

    هذه مساهمات ممتازة
    ساعود اليها بالتعقيب قريبا ...

    عادل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de