|
لعبة اللص والقاضي والجلاد.. اخر قصة كتبها محمد طه !!
|
عن ذبح الوفاق : من لم يمت بالسيف مات بقلمه!! تقرير وجدي الكردي (1) «لعبة اللص والقاضي والجلاد»، كتبها الشهيد محمد طه محمد أحمد، وأودعها كمبيوتر الوفاق وذهب لحال أسرته في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول ولم يكن يعلم أن ثلاثي الموت: اللص والقاضي والجلاد، سيلعبون معه اللعبة الغادرة: لص ينتزعه من أطفاله ومختل يقضي بذبحه وجلاد منزوع الرحمة يسقي النطع بدمه الطاهر. (2) نعم.. لا حاجة لإطلاق قنبلة واحدة مسيلة للدموع.. ونواصل..! تلك كانت آخر أسطر في مقالة الراحل أمس، لكنه لم يدر أن الصحافيين سيبكونه بالوسيلتين معاً صباح اليوم التالي، الأولى حين دخلت سيارة تحمل جثمانه للمشرحة، والثانية بالبكاء عليه سيراً حتى دار الوفاق المذبوح. (3) لم يكن الشهيد محمد طه محمد أحمد مربكاً لغيره - على سعة قدرته في الإرباك - كما فعل بالناس أمس.. الآلاف من زملائه الصحافيين والسياسيين والقراء والدهماء والمارة والعامة تدافعوا في ثقب باب المشرحة.. الكل يود أن يلقي نظرة على جثمان لم يصل بعد. حتى أنهم كادوا ينقضوا على جثمان إمرأة جاء بها الموت سوقاً الى المشرحة.. وحين لمحوا شقيق الراحل «رحاب» تحت الشجرة ينتحب، تكالبوا عليه بالدموع والنواح، فبكى الاستاذ عادل الباز كما لم يبك رجل من قبل، واختلط نحيب الصحافيين بعويل الصحافيات الثاكلات.. وحتى الكاميرات كانت تبدو منكسرة الفلاش وهي توثق لذبح الوفاق. (4) في منتصف الحزن الدامي والوجوم على الوجوه، وبكتيريا الإشاعات الصغيرة تتوالد وتنتقل من مذهول لآخر، هبط الفريق عبدالرحيم محمد حسين من سيارته، كأول مسؤول حكومي يختلط ركبه بجموع الصحافيين ودموعهم ثم سرعان ما غاب وسط «جثث» السيقان التي ماتت من الحزن في جوف المشرحة. (5) بعد أن بلغ الشارع أقصى درجة ارتباكه من زحام مرور الناس والسيارات عليه حتى اضطر مدير الادارة العامة لشرطة المرور بتنظيم حركة السيارات بنفسه، هبط وزير الداخلية بصحبته مدير الشرطة والفريق محجوب حسن سعد ورهط من جنرالاته في أزياء شرطية شتى، استدارت بعدها سيارة حوادث على قفاها.. وعلي ظهرها يستلقي الشهيد ملتحفاً ملاءة مخططة لم تكن من الطول بما يكفي لتغطية قدميه اللتين مشى بهما بين الناس بالوفاق. (6) منابر خطابية صغيرة نبتت هنا وهناك ابتدرها رئيس تحرير الوطن الاستاذ سيد أحمد خليفة وسرعان ما تنامت المنابر والدموع. الشاعر محمد الحسن سالم حميد، انحسرت عمامته الى الخلف بفعل التدافع والحزن وعبدالحميد موسى كاشا يتلفت في حسرة وذهول. في السادسة والنصف، خرج وزيرا الدفاع والداخلية الى سياراتهم . وسيد أحمد خليفة يطالب بالموت للظلاميين.. وسيارة إسعاف مكتوب عليها: طريق التحدي، شقت طريقها الى بوابة المشرحة لنقل جثمان شهيد الصحافة السودانية والوفاق. (7) الوزيران ذهبا لوالد الراحل في بيت الحزن بحي كوبر ثم عادا الى المشرحة.. أغلقا باب المدير عليهما لدقائق ثم خرجا.. أحد أقرباء الراحل خاطب الجمع مبيناً أن دفن الجثمان سيكون في العاشرة من صباح اليوم الخميس في مقابر حملة حمد بالخرطوم بحري. الوزيران ذهبا لوالد الراحل في بيت الحزن بحي كوبر ثم عادا الى المشرحة.. أغلقا باب المدير عليهما لدقائق ثم خرجا.. أحد أقرباء الراحل خاطب الجمع مبيناً أن دفن الجثمان سيكون في العاشرة من صباح اليوم الخميس في مقابر حملة حمد بالخرطوم بحري. ( خرجت سيارة طريق التحدي ثانية وهي خالية من الجثمان كأنما الراحل يتحدى الجناة ويرجيء غيابه ريثما يتم القبض عليهم. الرأي العام الخميس 7 سبتمبر 2006.
|
|
|
|
|
|