|
السودان ..النفق المظلم ..بعد اغتيال محمد طه محمد أحمد
|
السودان ..النفق المظلم ..بعد اغتيال محمد طه محمد أحمد حقيقية ونحن أمام هذا المشهد الحزين (اغتيال الصحافي محمد طه ) ..لا أدري من أين أبدأ , ولا أدري كيف أتناول وأتفاعل مع هذا الحدث الجسيم الماثل أمامنا ..ولا أدري من أرثي ولمن أرثي ..أأرثي زملائي الصحافيين وهم قبيلة يهتز كيانها وعرشها بفقدان أحد أعمدتها والمرحوم الأستاذ محمد طه محمد أحمد احد أعمدتها الراسخين في حياته ومماته دون شك في ذلك, أم أرثي السودان لحاله ولما آل إليه؟ بعد أن كنا:- كقوم إذا الشر أبدى ناجذيه **لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا وكقوم إذا سمعوا الصراخ رأيتهم **من بين ملجم مهره أو سافع السودان ذاك الوطن الحدادي مدادي قبل أن يتفتت و يتجذر..السودان دولة التسامح والتعايش الديني والسلمي, قبل أن يغتاله ثقافة الهوس الديني.. السودان دولة الهدف الواحد والصف الواحد في كرري وفي شيكان وفي كورتي وثورة 24 ومؤتمر الخريجين والاستقلال وانتفاضة ابريل الباسلة قبل أن تمزقه فن السياسة :- ولم أر كالسياسة في أذاها **وفي أعذارها تزجي المبينا تغيرعلى الأسود فتحتويها **وتزعم أنها تحمي العرينا تزيد فتخلق الأصباغ شتى ** وتبتدع الطرائف والفنونا وتتخذ الدم المسكوب وردا** تظن زعافه الماء المعينا وبذلك تسربلت البلاد بثقافات جديدة , وتوشحت بثقافات التهميش ورفض الآخر حتى في جالية الرياض (مثالا), وبانت ثقافات الجهويات والقبائل في ظل ثقافة الجاه والسلطة والولاء قبل الكفاءة, وظهرت ثقافة النكران للسلطة الرابعة(الصحافة) ولدورها, وثقافة الإقصاء ورفض الحوار وتهميش دور منظمات المجتمع المدني (السلطة الخامسة) و الذي من المفترض أن يتعاظم سنويا لأهمية دوره في الحاكمية الجيدة. وتوالت الأحداث عاصفة بظهور وبروز ثقافة الرؤية الأحادية في التعامل واتخاذ القرار والتي أدت إلي انفجارالمقاومة في أنحاء البلاد في جنوبه وغربه وشرقه والشمال يتململ وآت عن قريب,مما يجعل من البلاد عرضة لمخاطر التمزق والصوملة ..كما أدت نفس هذه الثقافات (الغير محمودة) والتي لم تكن معروفة من ذي قبل لتدويل شأن السودان الذي سيصبح قريبا محمية دولية ودونكم القرار1706. إن حادثة اغتيال الصحافي محمد طه محمد أحمد بهذه الصورة البشعة وبهذا الأسلوب الإجرامي الذي لا يشبه طبيعة الشعب السوداني وتقاليده, يوجب التنديد والاستنكار, كما أنها ليست الأولى في تاريخ السودان الجديد كما يشاع ويدعي إلا إذا تجاوزنا أو تجاوزت ذاكرة همومنا الأحداث المؤلمة التي راح ضحيتها مجدي محمد أحمد وشهداء حركة 28رمضان وحادثة مسجد الجرافة في ديسمبر من عام 2005م وحادثة الشهيد الفنان خوجلي عثمان وحادثة مسجد الحارة الأولى بالثورة, وأكاد أجزم في هذا الإطار بأن ذلك المناخ سيصبح ثقافة وفكرا جديدا في تاريخ امتنا في المرحلة القادمة بصورة كبيرة ومعنى أشمل في ظل استخدام أجهزة الأمن والشرطة في الخرطوم بطشها وقوتها وقنابلها المسيلة للدموع في فض تظاهرات سلمية خرجت (فقط) احتجاجا لزيادة الأسعار في المحروقات والسكر ولم تخرج طلبا لسيادة أو جاه أو كرسي في الحكم , كما أنها وفي ذات الوقت (أي الشرطة والأجهزة الأمنية في الخرطوم) ظلت تمارس اعتقالاتها التعسفية للصحافيين الذين يشاركون في تغطية التظاهرات السلمية وتصادر أجهزتهم حتى اليوم , بالإضافة إلي أنها ظلت تمنع الأحزاب السياسية من عقد لقاءاتها وندواتها واجتماعاتها العادية وكل ذلك في وقت يتحدث فيه القائمون على أمر الدولة على حرية التعبير والتحول الديمقراطي الذي ينعم به شعب الله المختار في السودان.0 وفي ظل كل هذه الممارسات و التداعيات نرى السودان تحت رماده وميض نار قد يأتي على الأخضر واليابس وهنالك بارقة أمل في الأفق وفرصة أخيرة لجمع أهل السودان إلي كلمة سواء بلا إقصاء أواستثناء إن وعت القيادة وتجاوزت تلك الثقافات وتجاوبت بكل مصداقية ونكران ذات مع كياناتنا وأحزابنا السياسية ومنظمات مجتمعنا المدني , فهلا وعت القيادة وأدركت المخاطر قبل أن يداهمها الطوفان؟؟
|
|
|
|
|
|