الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 11:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة إسماعيل فتح الرحمن وراق(إسماعيل وراق)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-22-2003, 04:00 PM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي

    هذا المقال نشر بجرية الحياة – الأربعاء 22/10/2003م

    الدور الأميركي في الشأن السوداني من عرقلة الديموقراطية إلى دعم الشمولية

    ما ظهرتُ في فضائية عربية أتحدث في الشأن السوداني إلا انبرى لي معلقون ناصحون أو متعجبون أو مستنكرون، كيف يقبل السودانيون بالتدخل الأميركي في شؤونهم وهم يعلمون أن أميركا هي حليف إسرائيل وعدو العرب وعدو المسلمين. فأعمالها كلها تتطابق مع وصفها "الشيطان الأكبر". هذه المنطلقات تكمن وراء فتوى "القاعدة" الصادرة في شباط (فبراير) 1998م أن قتل الأميركيين رجالاً ونساءً مدنيين وعسكريين، فرض عين على كل مسلم. آخرون في المنطقة يرون أن الأوراق الدولية كافة في يد الولايات المتحدة: كل الصيد في جوف الفرا، ويرون أن التسليم للأجندات الأميركية هو الخيار الوحيد المعقول والممكن. هنالك منطقة وسطى بين شيطنة أميركا وتأليهها، وقبل أن أفصل مقولتي، أمهد ببعض التجربة الذاتيـة مع السياسة الأميركية، لكوني فاعلاً وشاهداً لصيقاً في تجربة عامة وهي تجربة الحكم الديموقراطي الأخير في السودان.

    في كانون الأول (ديسمبر) من عام 1985 وأثناء الحكم الانتقالي الذي أعقب سقوط نظام جعفر نميري رتبت السفارة الأميركية في باريس لقاءً بيني وبين مسؤولين أميركيين يمثلون البيت الأبيض، والخارجية، والدفاع ووكالة الاستخبارات، ليعرفوا مني ماهية سياسة حزب الأمة نحو الولايات المتحدة. في ذلك الاجتماع انتقدت السياسة الأميركية الداعمة للديكتاتورية في السودان، وأكدتُ لهم استعدادنا للتعاون في ما يحقق المصلحة المشتركة، وأوضحت أننا كحزب سياسي ديموقراطي نعطي أولوية لمثل ناخبينا ومصالحهم، فلا تنتظر من الولايات المتحدة امتثالا لسياساتها القومية مثل ترحيل اليهود الفلاشا، ولا أن يكون موقفنا من الدول المنبوذة في نظر أميركا مطابقاً للموقف الأميركي. قال لي المسؤولون الأميركيون إنهم يقدرون هذه الصراحة ويقبلون ما أوضحت.

    يبدو أنهم لم يرحبوا بهذا الموقف. والدليل على ذلك هو أنني بعد الانتخابات العامة في السودان في آيار (مايو) 1986 انتخبت رئيساً للوزراء وفي أول لقاء جمع بيني وبين السفير الأميركي قال لي: إن الولايات المتحدة غير راضية عن حجم التمثيل الديبلوماسي في السفارة الليبية في الخرطوم. فليبيا دولة ترعى الإرهاب وهذا العدد الكبير في سفارتها يهدد أمن ديبلوماسيينا. قلت له إن ليبيا حرة في حجم سفارتها وهي ملتزمة القوانين السودانية. قال إذا بقي العدد كما هو، فإن تعليماته أن يقلص السفارة الأميركية وأن يذهب هو وآخرون إلى نيروبي. قلت له علم، وأضفت ان الخرطوم أكثر أمناً لكم من نيروبي ولكن يبدو أن الأمن "حالة نفسية".

    عند تأملي الموقف الأميركي من فترة الحكم الديموقراطي، وفي ضوء تصرفات الديبلوماسية الأميركية وإفادات أصدقاء لصيقين بدوائر الخارجية الأميركية اتضح لي أن الموقف الأميركي الرسمي يأخذ على الحكومة الانتقالية وحكومتي مآخذ عدة. ظهرت تلك المآخذ بثوب لوم الحكم الديموقراطي في الكتاب الذي أصدره أخيراً السفير الأميركي الأسبق في السودان إبان الديموقراطية نورمان أندرسون في عنوان "السودان في أزمة: فشل الديموقراطية". حفل ذلك الكتاب بمرارة تفتقر الى الموضوعية إزاء الحكم الديموقراطي انتقدتها حتى الدوائر الغربية نفسها، مثلاً جاء في موسوعة المعارف البريطانية عن ذلك الكتاب: "هذا الكتاب هو المثل الذي يؤكد بصورة مثالية حاجة السفراء الى كبح مجهوداتهم في تصوير إدارتهم لمهامهم عبر البحار"، إلى أن تقول الموسوعة: "وينطبق هذا بصورة خاصة على تركيزه على فشل الديموقراطية الذي يفترض أنه حدث نتيجة لأخطاء القيادة السياسية. أما اعتماد المفهوم على ثقافة سياسية ومدنية كدعامة جماهيرية عامة فمفقود تماماً". ولا شك عندي في أن التعلل بفشل الديموقراطية وآلياتها كمنت وراءه المآخذ الحقيقية وأهمها أن الحكومة الديموقراطية أوقفت التسهيلات كافة التي أعطاها نظام جعفر نميري لهم وهي:

    - تحالف أمني في البحر الأحمر.
    - تسهيلات تخزين معدّات عسكرية في بورتسودان ومحطات تنصت.
    - التعاون لترحيل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل.
    - التعاون ضد الدول المعادية لأميركا مثل ليبيا وإيران.

    هذا إضافة الى تحفظاتهم على شخصي، إذ إن سياساتي لا تتناسب مع تصنيفي المحافظ، كما أن عالمنا الثالث لا يسمح فيه لقيادات سياسية بأن تتخذ مواقف مستقلة بل يجب أن تراعي سلم الامتثال. وبدت آرائي مزعجة لهم خصوصاً بسبب الجمع بين الإسلام والاستنارة، وهذا أيضاً غير مسموح به لأنه يهزم الحجة العلمانية. لكل ذلك عوقبنا بأن اتخذت الولايات المتحدة موقفاً سالباً من الديموقراطية الثالثة. أما شخصي فقد سلطت عليّ مخالب القط فانبرى لي الكثيرون بألسنة حداد وأقلام لا يجف لها مداد. وهؤلاء كانوا يفتعلون معي المعارك ولا يزالون بلا مبررات اللهم إلا إرضاء للباب العالي. أما حارس الباب "السفير الأميركي" فقد ركز في إفاداته وكتاباته ليس على التركيبة السودانية التي تشارك فيها أحزاب ونقابات وصحافة وخدمة مدنية وجماهير، بل على شخصي، ولذلك قال شاهد أهله منتقداً تركيزه على دور القيادة السياسية في ما يراه من فشل: "كان من الأجدى لأندرسون الحديث عن إطار للتنمية السياسية يركز على محاولة "دمقرطة" السودان، بدلاً من افتراض أن انتخابات تنافسية دورية أجريت لمرة واحدة هي شيء مساو للديموقراطية".

    تلك المآخذ ترجمت في شكل عداء سافر لحكومتنا الديموقراطية ظهر في الملفات الديبلوماسية والاقتصادية والتجارية، وكمثل لذلك فإن الحكومة الأميركية كانت تطلب من الحكومة الديموقراطية أن ترد لها ديونها وفوائدها التي أقرضتها لنظام جعفر النميري ليقهر الشعب ويعوق الهبة الديموقراطية، كشرط للحكومة الديموقراطية كي تتلقى معونات تصل إلى 1 في المئة من حظ حكومة النميري. فتكون الحكومة الديموقراطية هي الممول لأميركا في الناتج النهائي: تدفع 44 مليون دولار مثلاً لتتلقى 25 مليون دولار، وكان منتظراً عشية انقلاب "الإنقاذ" أن يهبط المبلغ الأميركي الى خمسة ملايين فقط!

    ومع كل ذلك، فبعد وقوع انقلاب "الإنقاذ" رحبنا بالسفير الأميركي الذي زارنا في السجن ليقول هو وسفراء الاتحاد الأوروبي إن حكوماتهم تريد أن تتأكد من أن السجناء يعاملون معاملة حسنة وسيلقون محاكمات عادلة. وكان من ثمار الزيارة أن أدخلت سلطات السجن لنا في الزنزانات مكيفات هواء!

    الولايات المتحدة رحبت بانقلاب الإنقاذ جهلاً بهويته الأيديولوجية وظنته نظاماً عسكرياً عادياً يمكن أن يصبح نسخة من نظام جعفر نميري يسهل ترويضه ما دامت نوافذ الحريات مغلقة والصفقات تدار وراء الكواليس. الولايات المتحدة في عالم الجنوب تجد التعامل مع النظم الديكتاتورية أفضل من الديموقراطية للأسباب الآتية:

    - الحكومات المنتخبة تراعي مواقف ناخبيها، وبالتالي فهي ليست مطيعة.
    - الحكومات المنتخبة تحرص على أن تقوم العلاقات على مصالح متبادلة، والديكتاتورية يمكن أن تضحي بمصالح وطنية في مقابل الاستمرار في الحكم.

    ولكن بعد فترة قصيرة اكتشفت الولايات المتحدة أن للنظام الجديد أجندة إسلامية راديكالية. اتضح أن أجهزة الأمن العربية والغربية - باستثناءات قليلة - كانت غائبة عن الحقائق، فاندفعوا يدعمون نظاماً تبينوا بعد حين خطره. فسرعان ما أعلن النظام سياسة دولية عدائية، وكون المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي كبؤرة لتجميع الناقمين عبر العالم، وصدحت أبواقه الإعلامية بشعارات وأناشيد حربية عدوانية على أميركا لم يكن أوحدها:
    اميركا روسيا قد دنا عذابها
    عليّ إن لاقيتها ضرابها!

    وحتى على الصعيد الإقليمي فقد اتخذ النظام نهجاً أيديولوجياً توسعياً ودعم الحركات الراديكالية المعادية لدول الجوار وفتح البلاد لها. أما داخلياً، فقد تبنى النظام الجديد توجهات سياسية ثقافية أحادية واتخذ أجندة ووسائل قمعية استئصالية وطبقها بقسوة شديدة، فأدى ذلك إلى توحيد القوى السياسية ضده. هكذا تكوَّن تحالف عريض مضاد له: وطني، إقليمي ودولي.

    رحبنا بالدور الأميركي في تأييد التجمع الوطني الديموقراطي والسعي الى عزل النظام واحتوائه عبر مواقف مضادة أهمها:
    - إدراج النظام ضمن الدول الراعية للإرهاب في العام 1993.
    - تأييد قرارات مجلس الأمن بإدانة النظام السوداني وتطبيق عقوبات عليه 1996.
    - إصدار قرارات دولية من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تدين سجل النظام السوداني في مجال حقوق الإنسان.
    - تطبيق عقوبات اقتصادية أميركية على النظام السوداني في العام 1997.

    ولكن حتى في هذه الفترة التي سعينا الى دفع المجتمع الدولي نحو محاصرة النظام لم نقر كل أنماط الإدارة الأميركية ومنها الغارة على مصنع الشفاء في آب (أغسطس) 1998. فمع إقرارنا بوجود معلومات عن رعاية النظام للإرهاب وضلوعه في أنشطة مشبوهة كثيرة، إلا أننا كنا نرى تلك الغارة تحقق نقيض ما رمت إليه: فهي أقرب الى العدوان المرفوض من الضغط المقبول تحت ظلال الشرعية الدولية، وقد خدمت النظام في حينه أكثر مما اضرته، لذلك وصفنا أثرها في النظام بقولنا: رب غارة نافعة.

    في تلك الأثناء كان النظام أدرك تفاقم الضغط الشعبي والإقليمي والدولي عليه واستحالة بقائه معه، فأجرى تعديلات مثل اتفاقية السلام من الداخل والدستور المحتوي على نوع من التعددية السياسية كانت دون المطلوب، كما أنها كانت مشكوكاً في صدقيتها وجديتها، وأجرى تعديلات لسياساته الدولية والإقليمية وجدت استجابة مقدرة إقليمية ولدى الاتحاد الأوروبي، أما داخلياً فقد أبدى استعداده للحوار والحل السلمي عبر التفاوض وأكد قبوله مبدأ التعددية السياسية والثقافية وأتاح هامشاً نسبياً من الحريات... تجاوبنا مع تلك المراجعات، ما أدى الى نداء الوطن في تشرين الثاني (نوفمبر) 1999.

    وبدلاً من التجاوب مع مراجعة النظام لسياساته على غرار ما فعل الاتحاد الأوروبي وبعض دول الإقليم وكما فعلنا، فإن الموقف الأميركي لم يأبه للمستجدات وظل على ما كان عليه ملتزماً موقفاً محدداً، هو عزل النظام واحتواؤه، فقررنا القيام بحملة توضيح ونقد للسياسة الأميركية استمرت عاماً من الزمن.

    نتيجة لعوامل عدة إقليمية ودولية وسودانية فشلت سياسة العزل والاحتواء الأميركية تجاه النظام في تحقيق أهدافها. وفي تموز (يوليو) 2000، شرع مركز الدراسات الدولية الاستراتيجية في واشنطن في دراسة ملف الحرب الأهلية في السودان وفي شباط (فبراير) 2001 أصدر تقريره الشهير الذي أوصى بسياسة أميركية جديدة نحو السودان تقوم على التواصل الإيجابي وتهدف إلى تحقيق السلام ضمن معادلة جديدة: نظامان قانونيان في دولة واحدة.

    ثم جرت الانتخابات الرئاسية في أميركا وانتخب جورج بوش الابن وقبلت حكومته جوهر توصيات التقرير وغيرت سياسة العزل والاحتواء التي ألحت عليها إدارة بل كلنتون.

    من توصيات التقرير أن يعين الرئيس الأميركي مندوباً خاصاً للسودان. قبل الرئيس الأميركي التوصية وعين الديبلوماسي الشهير غستر كروكر، ولكنه بعد القبول المبدئي اعتذر فعين السناتور السابق جون دانفورث في 1/9/2001. كنا نعارض سياسة كلنتون في شدة عام 2000، ولكن لما اتخذت الإدارة الجديدة سياسة أقرب ما تكون لرؤانا أيدناها.

    التعامل بالمطلقات مع السياسة الأميركية لا يجدي، لأن السياسة الأميركية نفسها لا تقوم على مطلقات، بل مراكز اتخاذ القرار تصدر عن توجهات مختلفة:

    - أكثرها تعسفاً وقصر نظر القرارات الصادرة عن الكونغرس لتأثرها باللوبيات المدفوعة بمصالح مدفوعة الثمن.
    - ثم تأتي سياسات البنتاغون (وزارة الدفاع) المتأثرة بلوبيات ما سماه أيزنهاور عنقود الصناعات العسكرية.
    - ثم تأتي وكالة الاستخبارات المركزية ذات الأفق الأوسع وإن كانت مركزة على القضايا الأمنية.
    - ثم يأتي مجلس الأمن القومي الأوسع أفقاً.
    - ثم تأتي وزارة الخارجية التي ترفدها مساهمات الديبلوماسية المؤهلة والمتصلة بالعالم، فآراؤاها أكثر سعة أفق.

    هذه المراكز تؤثر بدرجة ما في القرار الأميركي، فهو قرار هجين.

    المواقف الأميركية الدولية ليست كلها على وتيرة واحدة:
    - فمواقف أميركا في البوسنة وكوسوفو وهاييتي مواقف صحيحة أخلاقياً وقانونياً.
    - وفي أفغانستان الحرب التي شنتها الولايات المتحدة مفهومة أخلاقياً ومبررة قانونياً، وإن وجدت تحفظات على الكيفية التي شنت بها الحرب وخروقات القانون الدولي بالغارات على المدنيين، إضافة الى التحفظات على الوضع البديل الذي ارتبط بأميركا في شكل مستفز لمشاعر الأفغان الدينية والوطنية.
    - أما الحرب على العراق فهي غير قانونية وإن كانت تجد مبرراً أخلاقياً في الإطاحة بنظام طاغوتي كريه ويمكنها ان تجد قبولاً بعدياً إذا مكنت الشعب العراقي من حكم نفسه والأمم المتحدة من الإشراف على البلاد.
    - أما الموقف من النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي فهو غير قانوني وغير أخلاقي ويمثل قمة الانحياز المغرض.

    ينبغي أن نفهم أسس هذا الانحياز ونتبين الآثار التي يفرضها على سياسات أميركا:
    المنطقة العربية ذات أهمية استراتيجية للغرب: النفط، والموقع، والسوق، ولأسباب معلومة نشأ - إبان الحرب الباردة - تحالف بين القومية العربية والاتحاد السوفياتي، بينما مثلت إسرائيل حليفاً موثوقاً للغرب في منطقة بالغة الأهمية.

    منذ نهاية الحرب الباردة نشأ في المنطقة تيار إسلامي متشدد ومعاد للغرب. إسرائيل جيرت نفسها حليفاً موثوقاً ضده.

    ثم كانت الحرب على الإرهاب التي اكتسبت زخماً خاصاً منذ الحادي عشر من ايلول 2001. الإرهاب بالتعريف الأميركي يجد في إسرائيل حليفاً قوياً ضده.

    إن عدد اليهود في أميركا قليل يبلغ 2 في المئة ولكن وجودهم مميز: دخل الفرد منهم بلغ ضعف دخل الفرد الأميركي - نسبتهم بين أغنى الأغنياء عالية هي 16 من أغنى 40، أي 40 في المئة، نسبتهم بين أساتذة الجامعات في مجالات مهمة كالعلوم والاقتصاد 20 في المئة، ونسبتهم في الشركات القانونية الكبيرة 40 في المئة وكذلك وجودهم الإعلامي كبير.

    ليس صحيحاً أن كل اليهود يؤيدون الصهيونية، فإن أهم ناقدي الصهاينة من اليهود المستنيرين مثلاً: أزايا برلين، ونورمان فنكلستاين، وغيرهما. ولكن هنالك لوبيات صهيونية قوية فاعلة في الولايات المتحدة.

    نظام "الإنقاذ" في السودان اتخذ نهجاً ايديولوجياً متطرفاً وحاول فرضه بالقوة فما افلح إلا في زيادة حدة الاستقطاب. واندفع في تصعيد جهادي فأعطى الحرب صفة دينية وزاد من مراراتها.

    إن فجوة الثقة بين السودانيين المحتربين من أصلها واسعة، ومع ذلك أمكن أطراف النزاع السودانية قبل انقلاب "الإنقاذ" في العام 1989 أن تلتقي مباشرة ومن دون تسهيلات وسطاء. ولكن سياسات أو ممارسات نظام "الإنقاذ" وسعت فجوة الثقة لدرجة جعلت الحاجة معها ماسة الى طرف ثالث. هكذا تعاقب الوسطاء.

    أهم هؤلاء الوسطاء إبراهيم بابانجيدا الرئيس النيجيري الذي رتب لقاءات أبوجا الأولى والثانية والثالثة، فانتهت إلى لا شيء. وإلى ذلك أيضاً انتهت وساطة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر.

    ثم جاءت وساطة دول الإيغاد التي بدأت في العام 1994 وحتى العام 1999 ولم تحقق شيئاً يذكر. ثم وساطة المبادرة المشتركة المصرية - الليبية التي عاشت فترة قصيرة (1998- 2001).

    أثارت انتهاكات حقوق الإنسان في السودان اهتمام المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان، كما أثارت آثار الحرب الأهلية اهتمام المجموعات الكنسية والملونة (السود الأميركيون) ومنظمات الإغاثة الإنسانية، فأصبح الشأن السوداني جزءاً من السياسة الداخلية الأميركية. دخلت الولايات المتحدة في التوسط عبر مبادرة الإيغاد وشكلت ضمن دول غربية أخرى رافعاً دولياً هو منبر شركاء الإيغاد. لكي يكون الوسيط نافذاً ينبغي أن تثق فيه أطراف النزاع أو أن تطمع في وعده وتخشى وعيده. هذه الصفات لم تتوافر للوسطاء الإقليميين.

    المندوب الأميركي اتخذ نهجاً براغماتياً تشاورياً، فاتصل بأطراف النزاع وممثلي الحركة السياسية الآخرين. وبعد تداول الرأي اقترح أربع نقاط لاختبار حسن النيات. قدم اقتراحاته في كانون الثاني (يناير) 2002. وبعد دراستها قبلتها الحكومة والحركة الشعبية وأيدها الآخرون وحققت هذه النقاط أول خطوة عملية نحو السلام. وكانت نتائجها الملموسة في جبال النوبة حيث توقفت الحرب وتنفس المواطنون الصعداء وانسابت الإغاثات وبدأت عمليات التطبيع.

    الرافع الدولي بقيادة الولايات المتحدة نشط آليات الإيغاد، ما أدى إلى لقاء ميشاكوس والتوقيع على بروتوكول ميشاكوس في تموز 2002. وتم بعد ذلك توقيع مذكرة تفاهم ثم جرى الإعداد لمحادثات نيفاشا التي أدت إلى التوقيع على اتفاق في شأن الترتيبات الأمنية حسم وضع القوات المسلحة في الفترة الانتقالية في 25/9/ 2003. هذه التطورات تمت برعاية أميركية واضحة: فإن كانت إيجابية ينبغي أن ينسب الى الولايات المتحدة نصيبها من الفضل.

    لماذا صار الموقف الأميركي في بعض أوجهه مطابقاً لمصالح الوطنية السودانية؟

    - إن إيقاف الحرب والتخلص من آثارها السالبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وغيرها عمل يصب في المصلحة الوطنية السودانية، كما أن الوصول الى السلام عبر التفاوض هو الطريق الأسلم الذي نادى به كل من يحمل ولو ذرة عقل في السودان. أميركا كانت في عهد كلنتون تدفع في اتجاه المواجهة، وكان كلنتون يتطلع الى قرن إفريقي كبير يقوده قادة جدد ولكن هذه التطلعات خابت، وصارت التوجهات الأميركية أكثر واقعية.
    - التوجهات العدائية في الخليج جعلت الأميركيين ينظرون الى القرن الأفريقي كخط دفاع ثان للخليج. هذا يوجب أن يعم السلام القرن الأفريقي.
    - كانت بريطانيا - إبان العهد الاستعماري - تهدف الى فصل جنوب السودان عن الشمال. ولكن بعد ذلك رأت سلبيات تلك السياسة فعدَّلتها وأيدت وحدة السودان. لتلك الأسباب القديمة نفسها ولأسباب جديدة، أميركا اليوم تفضل أن يكون السودان موحداً.
    - أميركا تتطلع ليسد بترول أفريقيا 20 في المئة من احتياجاتها، والسودان جزء من معادلة البترول، كذلك لا يصفو لأميركا انفراد الصين بنصيب الأسد من بترول السودان الحالي والمنتظر.
    هذه الأهداف تتقاطع ولا تتناقض مع المصالح الوطنية السودانية.

    ما يريده السودانيون من أميركا هو:

    - أن تواصل أميركا دورها كوسيط لتحقيق السلام في السودان على أن تراعي حيادها لإنجاح مهمتها. سياسات النظام القديمة كونت لوبيات معادية في الكونغرس، ما أدى الى إصداره قانون سلام السودان في تشرين الثاني 2002. هذا القانون غير ملزم للإدارة الأميركية، ويؤثر سلباً في حياد الموقف الأميركي. ولكن هناك حاجة الى مواقف دولية تؤكد ان الذين يسعون الى السلام سيجدون تقديراً مثلما يجد الذين يعرقلون السلام عقاباً. على حيدة الموقف الأميركي. ولكن هناك حاجة لمواقف دولية تؤكد أن الذين يسعون للسلام سوف يجدون تقديرا مثلما يجد الذين يعرقلون السلام عقابا.
    - أن تواصل دورها بعد الاتفاق لضمان تنفيذ ما يتفق عليه.
    - أن تساهم في استقطاب الدعم لإعادة التعمير والتنمية في السودان بعد أن يتحقق السلام.
    - أن تقبل الشركات الأميركية على الاستثمار في السودان، لا سيما في مجال صناعة النفط.
    - أن ينتسب السودان الى القرن الأفريقي لا الى الشرق الأوسط.
    - أن يكون السودان موحداً بأسس جديدة، لأن في شمال مستقل احتمالات تكوين قنبلة أيديولوجية تؤثر في الاستقرار الجيو - سياسي شرقاً وغرباً وشمالاً. كما أن في جنوب مستقل متفجرات تؤدي الى مزيد من الاضطرابات في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.
    - أن يستدام السلام لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي: الخط الثاني لأمن الخليج.
    - أن يحظى الجنوبيون في السودان بوضع يرضي أهم مطالبهم ومطالب اللوبيات المسيحية والإنسانية والأفراد في أميركا.
    - أن يقوم السودان بدور في حرب الإرهاب.
    - أن ينأى السودان بنفسه عن التيارات الراديكالية الإسلامية والقومية في المنطقة.
    - احتواء العلاقات السودانية الصينية، لا سيما في مجال صناعة البترول.
    - مراعاة حقوق الإنسان والتزام التوجه الديموقراطي.

    لن يجد السودانيون كل ما يريدون من أميركا، ولن تجد أميركا كل ما تريد من السودان، ولا يخلو الدور الأميركي في السودان الآن من مآخذ، فهي تبسط أموالاً لأطراف سياسية سودانية تشوه الجسم السياسي السوداني لأنها تدعم قوى سياسية ذات رؤية أيديولوجية ضيقة، وقوى أخرى ليس لها وزن حقيقي. وستستمر الأجندة الوطنية السودانية بالترحيب بإيجابيات الدور الأميركي، ومتابعته بدقة ويقظة بحيث تقبل النافع وترفض الضار.

    إن مصلحة السودان الوطنية هي ألا تكون العلاقة مع أميركا عدائية ولا أن تكون إملائية بل على اساس البراغماتية والمنافع المتبادلة.

    هنالك ملفات ساخنة أميركا طرف فيها: الملف الإسلامي، والملف العربي، والملف العراقي، والملف الفلسطيني. وهي ملفات أقرب إلى مواقف استقطابية، والسودان بتكوينه الحضاري لن يكون بعيداً عنها، ولكنه في الوقت نفسه لن يعتبر مواقف أميركا في تلك الملفات مانعاً من دور لها في الشأن السوداني تؤهله ظروفه لأن يكون إيجابياً وأن يحقق مصالح وطنية للسودان. ربما كان دور أميركا في السودان هو الوحيد من بين أدوارها في المنطقة الذي يمكن أن تطلق عليه صفات إيجابية، وربما وحده يكون قصة نجاح لأميركا فيها دور مرموق. ففي الشأن السوداني حرصت أميركا - حتى الآن - على التعامل عبر وساطة إقليمية وحرصت على التشاور مع كل الأطراف السياسية السودانية، وحرصت على إشراك لا استبعاد دول غربية أخرى، وتجنبت أن تأتي بحلول جاهزة بل تستصحب حلولاً سودانية، وحرصت على أن يكون دورها مع أهميته في الحقيقة حيياً في الظاهر... هذا الدور أقرب إلى الأميركي الوسيم وأبعد عن الأميركي القبيح.

    من الصعب أن يقال شيء ايجابي عن سياسة الولايات المتحدة الآن في وقت بدا فيه واضحاً أن سياستها الخارجية قد اختطفها لفيف من الكواسر الذين يصدق في وصفهم عمرو بن كلثوم فى نونيته الشهيرة:

    "لنا الدنيا ومن أضحى عليها ونبطش حين نبطش قادرينا"

    ولكن يجب ألا ننسى أن الرئيس بوش في حملته الانتخابية كان ينتقد سياسات الرئيس السابق كلنتون ويتعهد سياسة خارجية متواضعة يتم بناؤها على اساس من التحالفات الدولية.
    ولكنه عدل عن ذلك لأن حادث 11/9/2001 خلق مناخاً جديداً فتح لبوش ابواباً شعبية نادرة وللكواسر فرصه ذهبية. ولكن ها هي القوة العسكرية تكتشف حدودها في افغانستان وفي العراق. وها هو النقد يطل برأسه داخل الادارة وفي حملة الديموقراطيين وفي اعمدة الرأي في الصحافة الاميركية. والكواسر سيكسرون. وخطهم مهما دعمته القدرات العسكرية التى لا مثيل لها سيهزم. هذه المكارثية الجديدة ستكون حالاً طارئة مثل المكارثية القديمة ويمكننا بوسائل مختلفة والرشد الدولي معنا أن نعجل بتلك الهزيمة.

    * إمام الانصار المنتخب كانون الأول (ديسمبر) 2002. رئيس حزب الأمة القومي المنتخب نيسان (ابريل) 2003. رئيس وزراء السودان المنتخب نيسان 1986.
                  

10-22-2003, 06:12 PM

Abdelaziz

تاريخ التسجيل: 11-04-2002
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    الاخ العزيز اسماعيل
    شكراَ لك على مدنا بهذا المقال الجيد
    احلم بأن يترجم هذا المقال الى اللغة الانجليزية ( أسف الامريكية) ويرسل الى مراكز إتخاذ القرار فى أمريكا لعل وعسى ان تفهم هذه الإدارة ان الحلول الجزئية لازمة السودان ستعيد أنتاج الازمة
                  

10-23-2003, 07:10 AM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: Abdelaziz)

    شكراً لك أخي عبد العزيز
    نعم المقال جيد لأن كاتبه رجل شاهد على الأحداث وهو جزء منها ولذا تأتي شهادته مماثلة للواقع.
    وددت أن يرفد هذا المقال بالتعليق، لأهميته.. أما بخصوص الترجمة هناك قسم دراسات وأبحاث يقوم بترجمة كل مقالات وكتب السيد الصادق المهدي.
    لك مودتي
                  

10-23-2003, 07:41 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    يعجبني في الصادق المهدي أنه رجل يمارس السياسة بوعي تام ، وبعقل ناقد , بفكر ثاقب
    الصادق المهدي مثال للمثقف المستنير المنتمي للوسط السياسي السوداني الذي يجمع بين العلم والخلق السوداني الأصيل .
    شكرا لك اسماعيل على نقل المقال ،
                  

10-23-2003, 10:30 AM

AbuSarah

تاريخ التسجيل: 05-27-2003
مجموع المشاركات: 667

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    اخي الحبيب اسماعيل وراق
    الاحاطة، والوعي بالشؤن الدولية بخلفيةعلمية وتجربة عملية ومتابعة بل معايشة بل مساهمة في صناعة الاحداث الكونية انطلاقا من هذا الحيز الذي اسمه السودان... جميعها جعلت السيد الصادق المهدي رئيس حزب الحركة الاستقلالية العريق حزب الامة ، جعلته من العلماء بل الخبراء بالسياسة الدولية.
    المقال المنشور هو زبدة لاجتهادات حزب الامة طيلة الاربع عشر عاما الماضية والتي سعى وهو خارج السلطة لتشذيب بل تقريب الاجندات المتصارعة حول وطننا السودان ، اجندة امريكية خاصة جدا ، اخرى اوروبية ، اشواق افريقية واخرى عربية اسلامية،.. انظر ما جعل الله في جوف امرئ من قلبين ولكن نحن اهل السودان في قلوبنا حب لكل ما ذكر هنا.
    بلد يحتل موقعا استرتيجيا تحده ثماني دول تلعب دورا اساسيا في الاستقرار الاقليمي اوزعزته بالاضافة الى ما يحتله من مساحة على اهم ممر مائي في العالم هو البحر الاحمر...
    امريكا تريد لنا سوداننا يلعب دورا حياديا بين كل مكونات جوارنا....تريدنا ان نكون يابانا اخرى بلا انياب و لا اظافر ... تريدنا ان نكون جزء اساسي من معادلة التجارة الدولية في ميزان مدفوعاتها ... تريدنانتزعم كتلة دول القرن الافريقي في تكتل يبعدنا تدريجيا عن هوس اننا شرق اوسطيون واننا مشدودون نحو الشرق دون ادنى رغبة في ان نلتفت غربا او جنوبا اوحتى الى الجنوب الشرقي حيث القرن الافريقي.
    امريكا تريد سودانا منزوعا من اسباب الارهاب المتدثر بشعارات الدين الاسلامي ، تريدنا دولة علمانية تتصالح مع كافة الاديان ان استطاعت الى ذلك سبيلا.
    وبتركيبة اهل السودان المعروفة الى تاريخ كتابة هذه السطور ليس من السهل ان يتحقق كل ما تريد امريكا فلا بد لها ان تتعامل بقدر من البرغماتية مع واقعنا الثقافي والسياسي وهذا ما جنحت له سياسة بوش الابن بعد ان قدمت نقدها لسياسية كلينتون تجاه السودان الذي بنتة على مفهوم الاحتواء - والياته من حصار او دعم عسكري سياسي للحركة الشعبية ادانات في لجان حقوق الانسان وغيره.
    كان السيد الصادق المهدي وحزبه دوما يبحث عن كوة من نور في عتمة الاحداث ، كان دوما يبحث عن نقطة التعادل بين الاستراتيجية الامريكية الكونية والاشواق السودانية العربية- الاسلامية- الافريقية ... هذه الحالة ينظر لها البعض بانها مثالية في السياسية لا وجود لها....وان افكار كهذه مكانها المحاضرات والندوات وليس دواليب لعبة الامم.... في لعبة الامم اما ان تكون مع او ضد وليس هناك منزلة بين منزلتين!!!.
    امريكا لم تدعم حكومة المهدي في الديمقراطية الثالثة لانها تأثرت بتقارير كتبت حول المهدي في زيارته الاولى الى طهران بدلا عن القاهرة فنشطت الدبلوماسية العربية التي كانت تؤيد العراق في حينها بوصف المهدي بانه شيعي وانه ينحاز في جوهر فكره المهدي الى معسكر الشيعة الامامية وغيره.... هذه المثالية في الاداء السياسي النابعة من فكرة التوفيق بين اهل القبلة شيعة وسنة" على نحو ما كان يحاضر فيها السيد الصادق المهدي في منتديات ومؤتمرات رابطة العالم الاسلامي ووجدت قبولا لدى الشرائح المثقفة المعنية بامر العالم الاسلامي ... كان التعاطي السياسي معها مختلفا في كواليس الدبلوماسية العربية والغربية..... حتى لاذكر يوما قرأت في جريدة الثورة العراقية حديث للدكتور حسن الترابي وهو يزور العراق ...ومن ثم الكويت قال انهم كاسلاميين اقرب الى العراق من حزب الامة لانهم لاقرب الى القومية ا لعربية ... وبينما الصادق المهدي اقرب الى الشيعةو بالتالي للتحالف مع ايران على حساب العراق....حتما هذا نابع من صراع الاحزاب السودانية التي لا تدرك خطورة مثل هذه التصريحات على مصالح وغايات الدولة السودانية ولكن يهمها فقط هو اعائقة الخصم حتى ولو على حساب الوطن الكبير!!

    السودان كدولة الى اليوم يفتقر الى مراكز الدراسات والبحوث الاستراتيجية التي تحول اراء وافكار كالتي يطرحها السيد الصادق المهدي وغيرها من الباحثين الشرفاء والامينين مع قضايا وطنها ... اهمية مراكز الدراسات على نحو ما نرى في امريكا وبريطانيا هي تزود مراكز صنع القرار بالمعلومة بل تمدها بالخطط العملية في اي مسألة او اشكال قد يطرأ ... نحن امة تدار بلا مرجعية فكر و لاسياسة ....

    المهم في الامر مطلوب من حزب الامة ان يلعب لعبة الامم على اصولها، فان ظللنا في مربع المطالبة بدور مصري او ليبي في عملية السلام سنغضب الامريكان ، ولن تنتظرنا مصر حتى ننسق لها دورا فهي ركبة الموجة في الوقت الذي كان حزب الامة يبحث لها عن دور.....السباحة مع التيار بحذر ووعي شئ مطلوب ، لان هناك من المسارات لا يمكن تغير اتجاهها.
    مصر كانت تعلم بدبلوماسيتها واجهزتها الاستخبارية ومراكز ابحاثها بان حرب الخليخ الثانية وحرب تحرير العراق الاخيرة واقعة لا محالة... مصر الرسمية والشعبية غير راضية عن كل ذلك ولكن مصر الاسترايجية كان وينبغي لها ان تقف الى جانب امريكا لتدرأ عن نفسها شرور كثيرة اقلها تجويع شعبها!!!!
    السيد الصادق المهدي رجل سياسية عميق ومنظر تشربنا فكره بقوة ، ذي ما قال لي حبيب ايام الجامعة يا ابوساره انت يا اخي حفظتنا كلام السيد دا والله الواحد بقى ذي "الساعة المنبه" عبوه وخلوه مما يجي وقته يسوي زنننننننننن... نحن كما بقينا من نشوف لينا واحد يقول حاجه خاتية الدرب في الحزب دا منبهنا بتفك من غير كنترول!!!
    ولكني اذكر كلمة للرئيس حسني مبارك في ثورة غضبه ضد السيد الصادق المهدي وايام مذكرة الجيش الشهيرة.... قال انا اعملوا ايه ... هو مش عايز يبقى رجل دولة.........

    وكلمة رجل دولة عند البعض تعني ان الانشغال بالاشواق الفكرية اكثر من تحويلها الى تطبيق يجعل منك شخصية هاملتية ...تأملية... وهذه تنتقص من قدر رجل الدولة المطلوب منه اليقظة والحزم والاجرائية الحاسمة في الامور التي تتعلق بامن الوطن والمواطن.

    ولكن تحية اسماعيل وسوف نواصل
    اخوكم
    ابوساره بابكر حسن صالح
    ****************************************************************
    مكتوب لك الدهب المجمر تتحرق بالنار دوام
                  

10-23-2003, 06:36 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52687

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)


    عندما أتحدث عن الصادق المهدي حديثي دائماً يكون مشحون بالغبن والحسرة من تلك الشخصية. ويبدو لي بأن الصادق المهدي لم ينسي التصريح الأمريكي الذي صدر في منتصف التسعينات عقب هروب الصادق المهدي من السودان وزيارته الأولى للولايات المتحدة. كان محتوي التصريح " أن الصادق المهدي هو أحد أسباب المشكلة في السودان فبالتالي لا يمكن أن يكون جزء من الحل" هذا التصريح أغضب كثير من أقطاب المعارضة في الولايات المتحدة. لكن مع مرور الزمن وضح لنا ما هو هدف الصادق المهدي عندما خرج من السودان وما حدث في التجمع بعد ذلك.

    في زيارة أخري للصادق المهدي لواشنطن بعد انتخابه رئيس لوزراء السودان بعد الفترة الانتقالية استضافة قناة ABC الصادق المهدي في برنامج Nightline الشهير. أحتوي حديث الصادق المهدي في ذلك اللقاء أشاد شديدة من الصادق المهدي بالنظام الإيراني والليبي. وبعد زيارته للولايات المتحدة توجه لطهران وطرابلس. أني أذكركم فقط للحقيقة والتاريخ.

    عندما ذكر الصادق المهدي حديث السفير الأمريكي في الخرطوم, لم يذكر لنا الصادق المهدي متى تم هذا الحديث, هل هو تم قبل أم بعد محاولة اغتيال موظف السفارة الأمريكية في حي العمارات بالقرب من النادي القبطي. شئ أخر ذكر الصادق المهدي بأن الحكومة الأمريكية باركت نظام الانقاذ عندما استولوا على السلطة, هذا حديث غير صحيح ويمكن أن نرجع لوسائل الأعلام في تلك الفترة 1998م . هناك قانون أمريكي يمنع المعونات عن البلاد التي تحدث بها انقلابات عسكرية, وذلك هو الذي حصل لنظام الجبهة وتم تطبيق هذا القانون في حالة السودان.

    الغبن والحسرة التي أتحدث بها على الصادق المهدي نابعة من أيمان عميق بأن الصادق المهدي هو كان أكثر السودانيين حظاً في حكم السودان, ولكنه فشل فشلاً ذريعا وأدخل البلاد في ورطة بعد ورطة, والشي المؤسف أنه مازال يمارس هوايته القديمة وهي التخبط والارتجال.

    Deng.
                  

10-23-2003, 06:53 PM

lana mahdi
<alana mahdi
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 16049

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    شكرا للحبيب اسماعيل و الاحباب المداخلين على اثراء البوست و تعميم الفائدة
    اخى دينق
    سؤال بسيط
    الصادق المهدى و منذ 14 سنة ليس فى الحكم فلماذا لم تحل مشاكل السودان؟؟؟؟
    اليس ظلما تحميل رجل واحد مهما كانت مقدراته و حجمه و جلده مصير دولة قارية كالسودان؟؟؟
    وهل كان الصادق المهدى يحكم وحده ام كان معه اخرون يتحملون الفشل كما النجاحات؟؟؟
    اصبحنا {نتلمظ}بتلك العبارات التى تنتاش الصادق المهدى و تعلق على رقبته اوزارنا و مشكلاتنا و همومناوكوارثنا و احباطاتنا
    اما النجاحات و الانتصارات
    فليرضى المهدى من الغنيمة بالاياب
    مع محبتى
                  

10-24-2003, 04:08 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52687

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)


    الأخت/ لنا مهدي.

    أن الذي كتبته عن الصادق المهدي هو جزء بسيط من الأخطاء الكبيرة التي أرتكبها الرجل في حق السودان. دعني أعطيك المزيد منها.
    خلال فترة حكومة الصادق المهدي الأخيرة كان الصادق المهدي مصر إصرار غريب على شراكه الجبهة الإسلامية وليس الحزب الاتحادي الديمقراطي. لقد ترك الصادق المهدي رئيس الوزراء ووزير الدفاع آنذاك ترك على عثمان زعيم المعارضة في البرلمان آنذاك, يمرح كما يريد وسط الجيش السوداني ومسيرة أمان السودان خير شاهد على ذلك العبث. وذلك كان تقارب وتغلل واضح لحزب الجبهة الإسلامية داخل المؤسسة العسكرية. وهناك أيضاً التماطل الذي كان يتبعه مع اتفاقية السلام السودانية ( الميرغني, قرنق) هناك الكثير والمثير يا عزيزتي لنا ولكني أكتفي بهذا ألان.

    Deng.
                  

10-24-2003, 11:41 PM

سونيل


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: Deng)

    اخي العزيز دينق
    اذا كان التحالف مع الجبهة في ظل نظام ديموقراطي تراه عيبا وخطا في سياسة السيد الصادق جلب لك الغبن وووو فماذا تسمي من يتحالف مع الجبهة الاسلامية في ظل نظام شمولي ؟؟؟؟
    واذا كان السيد تراه بجيبوتي قد اعاق التجمع فماذا تسمي ايضا من جلس بنيفاشا ونيروبي وناكورو
    ان السيد قد رجع بنداء الوطن الى طاولة التجمع ولكن الحركة الشعبية رجعت بنيفاشا الى الخرطوم ضاربة بكل ادبيات السودان الجديد عرض الحائض تاركة التجمع عاريا متسولا بصالات نيروبي واسمرا
    اخي دع عنك هذا الضعف الفكري والسياسي ومارس الوعي السياسي او اتركها واذهب الى نيفاشا لعلك تلحق ببعض القسمة وحقا انها قسمة ضيزا



    محمد حسن

    (عدل بواسطة سونيل on 10-25-2003, 00:02 AM)

                  

10-25-2003, 03:09 AM

omdurmani

تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 1245

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    مقال يعبر تماما عن الاحداث ، ويظل الصادق يمد شعبنا باجمل واعمق المقالات .
    ....................
    اختى لنا واخى سونيل
    اعذروا اخانا دينق ..... ولعله بكلماته هذه قد ازاح غبنا ......فدعوه يفرغ ما في صدره كما يشاء....ويبقي
    اخا كريما........وتظل اراؤه تعبر عنه ....ولا تعبر عن
    الملايين من السودانيين... فله العتبي.
                  

10-25-2003, 01:22 PM

democracy
<ademocracy
تاريخ التسجيل: 06-18-2002
مجموع المشاركات: 1707

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدور الأمريكي فى الشأن السوداني- الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    موضوع جدير بالبحث والتحليل

    (عدل بواسطة democracy on 10-25-2003, 01:30 PM)

                  

11-09-2003, 00:20 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52687

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدور الأميركي في الشأن السوداني ـ الصادق المهدي (Re: إسماعيل وراق)

    نوافذ:
    وجهة نظر: بقلم صديق محيسي:
    ما سكت عنه الصادق المهدي:
    لماذا لم يشأن أن يحدثنا عن الفوضى السياسية التي بدأ بها العهد الديمقراطي:
    في ما يقارب الصفحة "الحياة العدد (الحياة العدد 2003-10-22-14821) استعرض الصادق المهدي رئيس وزراء السودان الأسبق الدور الأمريكي في السودان من خلال تجربته الشخصية كمسؤول رفيع مع مسؤولين كبار في الولايات المتحدة، وقسم هذه التجربة إلى مرحلتين من ديسمبر 1985م فترة الحكم الانتقالي الذي أعقب سقوط نظام الديكتاتور نميري، ثم مايو 1986م عندما اختير رئيسا شرعيا للوزراء ومن واقع الفرص المتاحة له كصانع للسياسة الخارجية كشف المهدي خفايا اتصالات تمت بينه وبين الأمريكيين، منها ما هو متعلق بقضايا سيادية كتدخل الأمريكيين في الوجود الليبي الدبلوماسي بالخرطوم ومطالبتهم بتقليصه ومنها ما هو متعلق بوجهة نظرهم في التجربة الديمقراطية نفسها وفي أداء الأحزاب السياسية السودانية التي كان في مقدمتها حزب الأمة الذي يقوده المهدي. وفي أسلوب سلس وذاكرة بصرية أعطى المهدي صورة مفصلة لعلاقته كحاكم سابق للسودان بصناع القرار الأمريكي على عهد ولاية بيل كلينتون وأظهر جانبا من المواقف الأمريكية المتناقضة للفهم الديمقراطي عندما يكون الموضوع المطروح هو الديمقراطية الليبرالية وكيفية التعامل معها غير أن الصادق المهدي ركز على المواقف الأمريكية التي فسرها بالعدائية في قضايا محددة مثل مطالبة واشنطن حكومته بتسديد ديون نظام نميري بفوائدها كشرط لتلقي معونات أمريكية إضافية وكان مطلوبا أن يسدد السودان 44 مليون دورا لتلقي 25 مليون دولار نظير ذلك الأمر الذي هبط إلى خمسة ملايين دولار عند وقوع انقلاب الجبهة القومية الإسلامية وهو ما يفسره المهدي ضمنا بأن الولايات المتحدة لا تهتم كثيرا بشعار الديمقراطية عندما يكون شعار مصالحها هو أحد أهم بنود الأجندة السرية في معاركها في العالم، وأظهر المهدي أيضا كيف رحبت الولايات المتحدة في ظل حكم الديمقراطية بانقلاب الإسلاميين في السودان ويقول واشنطن رحبت بانقلاب الإنقاذ جهلا بهويته الأيدلوجية وظنته نظاما عسكريا عاديا يمكن أن يصبح نسخة من نظام جعفر نميري يسهل ترويضه ما دامت نوافذ الحريات مغلقة والصفقات تدار وراء الكواليس.. الولايات المتحدة في عالم الجنوب لم تجد التعامل مع النظام الديكتاتورية أضل من الديمقراطية للأسباب التالية: الحكومات المنتخبة تراعي مواقف ناخبيها وبالتالي فهي ليست مطيعة كما أن الحكومات المنتخبة تحرص على أن تقوم العلاقات على مصالح متبادلة والديكتاتورية يمكن أن تضحي بمصالح وطنية في مقابل الاستمرار في الحكم على هذا النحور قدم المهدي بإسهاب تجربته مع الأمريكيين خلال فترة الديمقراطية الثالثة ويأخذ على حديثه أهمية قصوى لكونه رئيسا للوزراء مطلعا على خفايا أسرار الدولة وكونه لأنه "شاهد عصر" على ما آلت إليه الأمور في السودان، واللافت في المعلومات التي أطلقها المهدي إنها ظلت حبيسة صدره طوال أربعة عشر عاما هي حكم الإنقاذ للسودان ولم تكن لتظهر الآن لولا استشعار السياسي الحاد بأن الولايات المتحدة تعالج الشأن السوداني ككفيل أوحد لا يشاركها في ذلك أحد وأنها تركت وراء ظهرها أهم حزبين كبيرين هما حزبه والاتحادي الديمقراطي وأن الأمريكيين يبحثون الآن عن أحزاب جديدة غير تلك التي كانت تحكم السودان ما قبل وما بعد ثلاثة أنظمة عسكرية، وهذا ما يفسر كيف أن واشنطن قد قصدت حل أزمة السودان على حزبين وحيدين أحدهما كان عدو لها وانتهى الآن صديقا بالترويض القاسي والثاني يمثل قوة سودانية أفريقية قاتلت الشمال أكثر من أربعة عقود لإثبات هويتها وحقها في الحكم، ونحسب أن أي قارئ لما يجري في السودان حاليا يتعين عليه أن ينظر إلى اللوحة السياسية من كل زواياها وعلى نحو متكامل، والصادق المهدي وهو قارئ جيد للأحداث ولكن بعد فوات الأوان يكشف اليوم لنا أسرار لم يكن يشاء يكشفها لولا تسارع هذه الأحداث التي لم يشارك فيها كما كان يفعل من قبل ثم لولا علمه بأن الخريطة السياسية تتغير كلها بدءا من بوابة العرب الشرقية كما كان يسميها صدام حسين وانتهاء بـ"الحبس العربي الأفريقي" السودان الذي يعوم في بحار من النفط كما أكد ذلك اكتشافات الأقمار الصناعية الأمريكية ومع اتفاقنا مع المهدي على الدور الأمريكي في السودان في عهد آخر ديمقراطية وموقف الديمقراطيين في واشنطن من حكومة الانقلاب العسكري إلا أننا نأخذ عليه أنه قدم جانبا من الصورة وأخفى جانبا آخر مهما منها والجانب المخفي أو المسكوت عنه هو أنه لم يظهر لنا القصور الكبير الذي رافق تجربته في الحكم في المرحلتين الانتقالية والدستورية ولم يشأ أن يحدثنا عن الفوضى السياسية التي بدأ بها العهد الديمقراطي ولا عن مماطلته هو شخصيا في تغيير قوانين سبتمبر سيئة الصيت لأن تلك القوانين التي أطلق عليها قوانين الشريعة كانت ركنا من أركان خطابه السياسي وهو يعمل جيدا أن الحديث عن قوانين علمانية في ذلك الوقت يعد تنكرها صريحا لقاعدته الدينية التي طالما وعدها بإقامة حكم إسلامي مستدعيا في ذلك تجربة الثورة المهدية في القرن التاسع عشر ولا يزال خطاب المهدي ينزع إلى المشاعر الدينية باتجاه أنصاره وهو ما حدا به إلى أن ينصب نفسه إماما وزعيما لحزب ليبرالي في وقت واحد. ومعروف أن مفهوم الإمامة يتناقض مع مفهوم الديمقراطية الليبرالية وتقارب نظرية الإمامة المهدوية الإمامة الشيعية في إيران وجنوب لبنان بل أن فكرة الإمامة نفسها ليست فكرة سنية بقدر ما هي أيدلوجية شيعية وهذا موضوع آخر تماما أما إذا واصلنا نقدنا لمقالة الصادق المهدي من جانب أنها سكتت عن أشياء وذكرت أشياء فإننا نشير إلى أنه تجاوز وجها قبيحا للديمقراطية الثالثة عندما سعى هو وأفراد أسرته وسياسيون من حزب وأحزاب النيل تعويضات قدرت بالملايين في وقت خرج فيه الشعب السوداني من مجاعة تحدث عنها العالم كله في وقت لم ينس فيه الناس ما بدده نظام نميري من ملايين الدولارات في أكبر عملية فساد يشهدها السودان كما أن المهدي في سرده للدور الأمريكي في السودان تعمد إهمال أهم حادثة وقعت له مع إدارة كلينتون ولو كان ذكرها لوفر على نفسه وعلى الآخرين مشقة تفسير الموقف الأمريكي الآن في ظل إدارة الجمهوريين، ففي عام 1997م دعي الصادق المهدي لزيارة واشنطن بوصفه معارضا معروفا لحكومة الجبهة القومية الإسلامية وبوصفه أيضا رئيسا سابقا لحكومة شرعية أطاح بها انقلاب عسكري وجاءت دعوة المهدي ضمن دعوات أخرى شملت عبد العزيز خالد قائد قوات التحالف السودانية وجون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان والسيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي. وكانت إدارة الديمقراطيين تريد يومذاك سماع وجهات نظر هؤلاء حول سودان جديد إذا ما قررت واشنطن إسقاط نظام "الإسلاميين" وقبل ثمان وأربعين ساعة من توجه المهدي إلى واشنطن من لندن نشرت صحيفة الحياة اللندنية خبرا على ثلاثة أعمدة نسب إلى مصدر أمريكي رفيع رفض الكشف عن اسمه يهاجم الصادق المهدي ويصفه بأنه جزء كبير من مشكلة الحكم في السودان ولولا ممارساته السياسي لما استطاع الإسلاميون أن يصلوا إلى السلطة في هذا البلد وقد أصيب المهدي يومذاك بإحباط كبير عند قراءته لذلك الخبر وعلى الفور رد على المصدر الأمريكي الغامض بأن ما ذهب إليه كان غير صحيح ولكن المهدي بذكاء السياسي عرف أن الخبر كان رسالة له قبل أن يركب الطائرة ويتوجه إلى العاصمة الأمريكية، وعرف أيضا أنه جزء من حرب نفسية تهيئة لإعداد نفسه منذ الآن لما تريده إدارة كلينتون، كما عرف أن المقصود من نشر الخبر هو خلق اضطراب نفسي يجعله في حالة تفكير دائم قبل أن يواجه بالأسئلة الأمريكية وبالفعل فإن المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، الذين استقبلوا المهدي كان أول سؤال وجهوه له هو ما تصوركم لطبيعة الحكم القادم في السودان إذا ما قررت إدارة كلينتون إسقاط نظام الجبهة الإسلامية في الخرطوم؟ وهل ستقيمون دولة إسلامية أم دولة علمانية؟ وكان المسؤولين يريدون إجابات محددة للسؤالين وبدلا من أن يجاب المهدي على السؤالين بما يرضي رغبة الأمريكيين راح يحثهم عن أن ما يجري في السودان حاليا لا علاقة له بالإسلام، وأنه يملك مشروعا سياسيا يزاوج بين الحداثة الإسلامية والديمقراطية الليبرالية وطفق يشرح برنامجه "الصحوة الإسلامية" التي لا تتعارض مع أفكار العولمة الغربية إلا أن السائلين لم يكن لديهم وقت لسماع محاضرة في الفكر الإسلامي، واعتبروا المقابلة قد انتهت، لأنها كانت محكومة بمدة زمنية محددة وغادر المهدي واشنطن دون أن يحصل على أية وعود بدعمه شخصيا كما كان يحدث سابقا، وأعطى كلاما غامضا فحواه أن إدارة واشنطن مهتمة جاء بملف السودان وأنها تدرس مساعدة المعارضة ولكن بعد سماع وجهة نظر أطرافها وبعد زيارة الصادق المهدي ونجحت الدعوة إلى كل من عبد العزيز خالد زعيم قوات التحالف السودانية وهو أول تنظيم شمالي مسلح وجون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان، والاستماع إلى خالد كان توجها أمريكيا جديدا لمعرفة أفكار سياسية مغايرة لأفكار المهدي فقد كانت واشنطن تبحث عن وجوه جديدة لحكم السودان غير تلك الوجوه التي يمثله المهدي والميرغني وهي وجوه تقليدية تحمل كما ترى واشنطن نفس الأجندة الإسلامية التي يحملها نظام الحزب الحاكم في الخرطوم وإلى لك فإن الذين سألوا المهدي ولم يحصلوا على إجابات مباشرة منه حصلوا عليها من قرنق وخالد عندما ذكر الاثنان أنهما ضد الدولة الدينية وأنهما يؤيدان قيام سودان جديد يؤمن بتعددية السياسة والثقافة وحقوق الإنسان، وهذا ما يفسر بعد سبعة أعوام من زيارة المهدي لواشنطن لماذا تقصر واشنطن مفاوضات "نيفاشا" على الحركة الشعبية وحكومة "الإنقاذ" حليفا جديدا للمرحلة المقبلة بعد أن كان عدوا لدود في المرحلة السابقة، ولو كان المهدي قد قدم لنا صورة متكاملة للدور الأمريكي في السودان ولم يخف الجانب السلبي من دوره هو كعامل رئيسي في قدوم نظام "الإنقاذ" ثم لم يسكت كل هذه السنوات ليطالعنا بأسرار ليس ذات جدوى الآن.. لو كان فعل ذلك لما احتاج إلى كتابة صفحة كاملة يتحدث فيها عن تجربته مع الأمريكيين، ولكن بعد انسكاب الحليب..!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de