دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الإبحار في محيط صاحب الربابة.. الشيخ إسماعيل أبو رادعة (Re: إسماعيل وراق)
|
الاخ العزيز الاستاذ اسماعيل وراق
هذا سرد ممتع وشيق ومفيد عن احد اهم رموز التصوف في السودان وقد كان هذا الرمز مصدر الهام لكبار الشعراء والفنانين في هذا البلد وما زاد من اهمية هذا السرد وقيمته انه قدم سيرة حية لشيخ حية كما يتمثلها احفاده وانباء منطقته فكل ما كنا نعرفه عنه هو ما دونه الشيخ ود ضيف الله في طبقاته ،
تعرضت لسيرة الشيخ صاحب الربابة في كتاباتي عن الشاعر الكبير محمد عبد الحي سوف اعود لبسط شيء من ذلك هنا
اكرر شكري وتقديري على هذه السياحة المباركة في رحاب صاحب الربابة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الشيخ اسماعيل في منازل الشمس والقمر (Re: إسماعيل وراق)
|
الحبيب اسماعيل وراق
بارك الله فيك على هذه الكلمات الطيبات واجدد الشكر علي هذا السرد القصصي السلس ، كلنا ننهل من نبع هؤلاء القوم ونتنسم طيب نفحاتهم هنا بعض مما جاء عن الشيخ اسماعيل في دراسة طويلة عن شعر محمد عبد الحي*
* *
الشيخ إسماعيل الوجه والقناع
.. في طريق ( العودة إلى سنار ) في مستوياتها الثلاثة من الوجود تتلبس الذات الشاعرة قناعا خفيا . هذا القناع هو شخصية الشيخ صاحب الربابة . وكنا قد أشرنا في حديثنا عن النظم الجمالية التي تتكون منها وحدة الرؤيا ، إلى أسطورة الشيخ إسماعيل كأحد أهم النظم الجمالية لعالم عبد الحي الشعري . الحقيقة أن أسطورة الشيخ إسماعيل هي بالأهمية بمكان بحيث يمكن أن نعتبرها المفتاح الرئيسي ليس لقصيدة ( العودة إلي سنار ) فحسب بل لسائر عوالمه الشعرية .
وكان عبد الحي الناقد قد لفت الأنظار إلى أهمية الدلالة المركزية لشخصية الشيخ إسماعيل في تجربته الشعرية في الدراسة القيمة التي كتبها تحت عنوان " الشيخ إسماعيل صاحب الربابة – التاريخ والنموذج الأسطوري لمفهوم الشاعر " . وبالرغم من أن الدراسة قد كتبت من وجهة نظر ميثلوجية وانثروبولوجية بحتة حيث لم يشر فيها إطلاقا إلى علاقة أسطورة الشيخ إسماعيل بقصيدة ( العودة إلى سنار ) أو بأي قصيدة أخرى من قصائده بل أنه لم يتحدث من قريب أو بعيد عن تجربته الشعرية في هذه الدراسة ، إلا أنه يبدو أن الدافع وراء كتابة هذه المقالة القيمة هو تنبيه الدارسين ولو بطريقة غير مباشرة إلى منابع عالمه الإبداعي .
وعن قصة الشيخ إسماعيل ورد في كتاب ( الطبقات ) لمحمد النور ضيف الله ( 1727 – 1810م ) ما يلي : (13)
"ولد للشيخ مكي الدقلاش ، أحد متصوفة سنار ، ابن من امرأة سقرناوية من تقلي ، اسمه إسماعيل . وقد تكلم الصبي وما يزال في المهد . كبر الصبي وحفظ القرآن وتعلم الفقه والتوحيد وشرع في تدريس علوم الدين .
كان شاعرا وله قصائد في مدح النبي (ص) وله رؤي تجلى له فيـها النبي . وله كلام يتغزل فيه بمدح النساء من قبل تهجة مثل ليلى وسعدى في كلام المتقدمين .
وكان إذا استبدت به حالة النشوة والجذب ، يجمع الصبايا وكل عروس ، للرقص في فناء داره . ويجئ هو بربابته التي عرف بها يضرب عليها ، كل ضربة لها نغمة يفيق بها المجنون ، وتذهل منها العقول وتطرب لها الحيوانات والجمادات . وكانت الربابة إذا تركت في الشمس تحس باقتراب صاحبها منها فترسل أنغامها دون أن يضرب عليها أحد .
وقد يركب الشيخ فرسه المكسوة بالحرير ، المزينة بالأجراس ترقص به ويغنى لها ، وبالجملة هذا الرجل من ( الملاماتيه ) .
وقد قتله الشلك أثناء عبوره نهر النيل الأبيض عند منطقة أليس - الكوه مع بعض مريديه الذين رباهم على نغمته . " وعن رؤيته الفكرية والفنية لشخصية الشيخ إسماعيل يقـول عبـد الحي : " الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، مثل كثير من الشخصيات المذكورة في كتاب الطبقات ، شخصية أمتزج فيها الواقع التاريخي بالأسطورة ، بل هو حقا شخصية كادت أن تتلاشى فيها العناصر إلى شخصية ميثولوجية تكونت في خيال الجماعة وخرجت معبرة عن نوع من التوازن الضروري للحياة واستمرار تلك الثقافة في تلك الجماعة " .
لذلك فهو يقول أن هدفه من هذا البحث " ليس تحقيق الوجود التاريخي للشيخ إسماعيل بإثباته أو نقضه ، بل إظهار الوجود الأسطوري في شخصية واستشفاف الصورة الجوهرية التي تركزت فيها العناصر وأصبحت نموذجا أسطوريا أعلى لها " . (14)
ومن الإشارات والإيحاءات الواردة عن سيرة الشيخ إسماعيل فـي قصيدة ( العودة إلى سنار ) قول الشاعر :
أسمع صوت امرأة
تفتح باب الجبل الصامت
لتولد بين الحرحر والأجراس
شفة ، خمرا ، قيثارا
جسدا ينضج بين ذراعي شيخ
يعرف خمر الله وخمر الناس
وأهم ما يميز الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، هو أنه تجتمع فيه كل الخصائص الرمزية التي تجعله منه معادلا موضوعيا لرؤيا الذات الشاعرة وبالتالي تجعله نموذجا للخيال الجمعي والذاكرة الثقافية للأمة . فهو بجانب أنه صوفي وشاعر ، فأنه بحكم مولده مؤهل أيضا لتجسيد ازدواجية الهوية الأثنية للذات السودانية . فوالده الشيخ مكي الدقلاش من كبار متصوفة سنار وأمه من قبيلة السقارنج من جبال النوبة . وفي هذا النسق الرمزي للقصة ، يقول عبد الحي " يكتسب هذا الزواج العرقي مغزى ثقافيا ذا أهمية . فالثقافة تخلق في أساطيرها المعادلات التي تعبر عن جوهرها ، تكوينها ، وتحفظ التوازن بين عناصرها المختلفة والخروج بها من صراعاتها وتناقضاتها ، وترتفع بها المعادلات الرمزية على تناقضها وعدم النسق فيها " . وعلى هذا المستوى من الفهم نجد " في ميلاد الشيخ إسماعيل صاحب الربابة معادلة رمزية تعبر عن زواج الثقافة العربية بالثقافة الإفريقية الذي أنتج الثقافة السودانية . هذه المعادلة الكبرى يمكن أن تحلل إلي معادلات أصغر منها تعبر كل منها عن جانب من جوانب ذلك الـزواج الثقافي " . (15)
ويقصد عبد الحي بالثقافة الأفريقية مجموع الثقافات التي كانت سائدة قبل الثقافة العربية الإسلامية والتي ما زالت تسود ، ويرى أن شخصية الشيخ إسماعيل نموذج رمزي استوعب كل الثقافات حيث تلتقي وتتقاطع عنده الثقافات النوبية القديمة بالثقافة الإغريقية والرومانية والمسيحية والإسلامية . لذلك فهو يرى أن سيرة الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ترجع إلى أصول في الثقافة السودانية أبعد من الثقافة السنارية . فيقيم الوشائج بينها وبين أسطورة أورفيوس ذات الأصول اليونانية والرومانية ويربط بينها وبين قصة مزامير داوود في ( الكتاب المقدس ) وبينها وبين قصة السيد المسيح في الإنجيل والقرآن الكريم . " فالشيخ إسماعيل صاحب الربابة أورفيوس إفريقي عربي ، تركزت في شخصيته صورة الشاعر في الثقافة السودانية التي الفت بين تلك العناصر المتنافرة المتصارعة وصهرتها حتى التحمت أجزاؤها نموذجا أعلى لها " . (16)
وأورفيوس في الأسطورة اليونانية القديمة هو ابن أبوللو ، إله الشمس والفن وقد أشتهر بقيثارته ( ربابته ) التي أهداها إليه والده وألهمه الشعر والعزف على الموسيقى . كان يعزف على قيثارته فيسحر كل من يسمعه ويروض بها الحيوانات الآبدة ويحرك الأشجار والحجارة الصماء . تزوج أورفيوس من معشوقته ، يوربيدس ، التي ماتت من لدغة حية سامة أثناء هروبها من اريسايوس الذي أراد أن يقضى منا وطرا عنوة . ولكن أورفيوس نزل إلى مملكة الموتى واستطاع بموسيقاه الساحرة الحزينة أن يستميل عطف ملك الموتى فسمح له أن يأخذ يوريديس ويعود بها إلى ( عالم الشمس ) الدنيا مرة أخرى ، ولكن أشترط أن تتبع يوريدس أورفيوس ويسير هو أمامها دون أن يلتفت وراءه أبدا حتى يعبرا مملكة الموت إلى العالم ، ولكن ما أن كادا أن يخرجا إلى عالم الشمس حتى حانت من أورفيوس التفاته خلفه ليتأكد من أنها ما زالت تمشى وراءه ، فما كان منها إلا أن تلاشت من أمام ناظريه واختفت إلى الأبد .
وكان أورفيوس بجانب أنه شاعر وموسيقى ساحر ، كان شيخ ديانـة سرية ( صوفية ) وكان له مريديون وقد وقتله أعداؤه ومزقوا أوصاله وألقوا برأسه في نهر ( هيبروس ) فظل طافيا فوق الأمواج يغنى للبحر العريض . أما بربابته فقد وارتفعت برجا بين أبراج النجوم . (17)
وأوجه الشبه بين أسطورتي أورفيوس والشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، كما يقول عبد الحي ، " قوية ، فكل منهما شاعر وموسيقار ، لفنه قوة سحرية خارقة يسيطر بها على العالم . ولذلك القوة بعد ميتافيزيقي يتجلى في ديانة أورفيوس الصوفية " . أما موت الشيخ إسماعيل فيقول هو في جوهره موت أورفيوس . فالعلاقة بين نهر هيبروس الذي ألقى فيه برأس أورفيوس ونهر النيل الأبيض الذي ضم في أمواجه جسد الشيخ إسماعيل بعد أن قتله الشلك دليلا على الشبه القوى بين الأسطورتين . كما يشير إلى وجه شبه آخر قوى بين القصتين هو الشمس . فربابة الشيخ إسماعيل عندما توضع في الشمس وتسمع صوت صاحبها ترسل أنغامها دون أن يمسها أحد ، وهذا يأخذنا أخذا كما يقول إلى قيثارة أورفيوس التي أهداها له والده أبوللو إله الشمس .
وعن موت الشيخ إسماعيل على النيل الذي يستدعى إلى الذاكرة موت أورفيوس على نهر هيبروس ، تأتي الإشارة في قصيدة ( العودة إلى سنار ) في قول الشاعر :
أرواح جدودي تخرج من
فضة أحلام النهر ومن
ليل الأسماء
تتقمص أجساد الأطفال
تنفخ في رئة المداح
وتضرب بالساعد
عبر ذراع الطبال
وتتكرر هذه الصورة الشعرية أيضا في ديوان ( حديقة الورد الأخيرة ) في قصيدة طويلة تحمل عنوان " حياة وموت الشيخ إسماعيل صاحب الربابة " حيث يقول الشاعر : الفرس البيضاء
تميس في الحرحر والأجراس
على حصى الينبوع يستفيق طفل الماء
ويفتح الحراس
أبواب ( سنار ) لكي يدخل موكب الغناء
ويصعد النهر إلى السماء
عبر براري جرحه الطويل وعلى الرغم من أن عبد الحي يقرر في مقالته أن أسطورة الشيخ إسماعيل أصولها إغريقية ورومانية نتيجة لانفتاح الحضارة المروية القديمة على الحضارة اليونانية إلا أنه يعود ويشير إلى معلومة في غاية الأهمية وهي أن صحت فأنه من شأنها أن تقلب الاعتقاد السائد بأولوية الحضارة اليونانية على الحضارات القديمة ولا سيما حضارات وادي النيل رأسا على عقب . يقول عبد الحي أن هيرودت المؤرخ اليوناني ذكر في تاريخه ، " أن الإله حورس ابن أوزيريس هو نفسه الإله ابوللو عند اليونان . وأوزيريس تقابل في اللغة اليونانية ديونيسوس . ويعتقد اليونان أن زيوس كبير الآلهة ، خاط في فخديه ديونيسوس وكنا وليد أتى به إلى مدينة ( نيسا ) التي تقع ما وراء مصر في نبته ، في جبل البركل المقدس " . ويضيف هيرودت أن سكان " مروي عاصمة الأثيوبيين أي النوبة يعبدون زيوس وديونيسوس المرويين " . (17)
أما عن أثر الثقافة المسيحية التي ازدهرت في عهد مملكتي المقرة وعلوة السودانيتين ، في سيرة الشيخ إسماعيل ، فيقول أنه يظهر في قصتي النبي داوود في ( سفر المزامير ) بالكتاب المقدس وفي قصة تكلم السيد المسيح في المهد . وكذلك يظهر في قصة الشيخ مكي والد الشيخ إسماعيل الذي قطع البحر ( النيل ) مشيا على الماء هو وتلاميذه عندما لم يجد مركبا يعدى به . وقصة المشي على الماء واحدة من معجزات السيد المسيح التي ورد ذكرها في الإنجيل .
أعتقد أنه وضحت الآن الدلالة الرمزية للشيخ إسماعيل كشخصية نموذجية امتزجت فيها كل العناصر الثقافية التي شكلت الثقافة السودانية عبر العصور . لذلك فأن على الذين يظنون أن صاحب ( العودة إلى سنار ) ورفاقه ، يعتقدون أن تاريخ السودان يبدأ مع دخول العرب المسلمين ، عليهم أن يراجعوا مواقفهم . وبالتالي فإن الذين يتساءلون : لماذا العودة إلى سنار وقد عرف تاريخ السودان أكثر من ماضي مجيد مثل مروي ودنقلا وسوبا ، فتساءلهم ليس له ما يبرره فسنار هي اللحظة الثقافية الحاضرة التي استوعبت اللحظات الثقافية السابقة لها اللحظات التي تشكلت والتي ما زالت في التشكل لذلك فإن العودة إلى مروي أو دنقلا أو سوبا المسيحية لا تتم إلا عبر بوابة العودة إلى سنار أولا ، وتجاهل سنار أو القفز فوقها هو تجاهل للحاضر وقفز فوقه ومغالطة للتاريخ والواقع . تقلبات الذات الشاعرة في العوالم
إذا كانت لسنار ، في الرؤيا الشعرية ، ثلاثة معاني تمثل ثلاث مستويات من الوجود ، فإن للشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، بوصفه الناظم الجمالي والمعادل الموضوعي لهذه الرؤيا ، أيضا ثلاثة مستويات من الوجود تتطابق مع المستويات الثلاثة لوجود سنار . ففي المستوى الحرفي هو صاحب السيرة الواردة في كتاب ( الطبقات ) وفي المستوى المجازى يرمز للتنوع الثقافي والاثني في الذات السودانية . أما في مستواه ( الاشراقي ) أو الميتافيزيقي من الوجود فيشير إلى أصل الوجود الإنساني . هذا الوجود الذي قال عنه عبد الحي فـي هوامـش ( العودة إلى سنار ) : " بداءة .. اسما يتجوهر في مملكة البراءة .. الأشياء هي كما في السماء " .
في هذا المستوى الميتافيزيقي ( الاستيطاني ) من سلم الوجود الإنساني يكتب عبد الحي حاشية بمثابة مقدمة تعريفية قصيرة عن القصيدة الطويلة التي تحمل عنوان ( موت وحياة الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ) والتي تحتل نصف مساحة ديوان ( حديقة الورد الأخيرة ) تقريبا ، يقول : " الشيخ إسماعيل .. لعله النموذج الأول للشاعر ، المتجدد عبر العصور تاريخه ومستقبله في ذاته ، أرضه سماؤه ، أسماؤه أفعاله ، تتحد طفولته بطفولة الكون ، ميلاد الحضارة ، يشهد حيويتها وشخوصتها وتجددها .. ذلك المركز الذي يجمع في نفسه دائرة التاريخ الزماني والروحي للإنسان " (19) وهنا يتجاوز الشيخ إسماعيل حدود الزمان والمكان وينفتح على المطلق وهنا عبر قناع الشيخ إسماعيل تتجاوز الذات الشـاعرة ، حدود الزمان والمكان وتنفتح على المطلق وتحقق ، حسب المصطلح الصوفي ، مقام الإنسان الكامل أو الحقيقة المحمدية ، التجلي الأولي للمطلق حيث تستعيد الذات وجودها الأول ، الوجود المحض في عالم الذر، قبل أن تسقط في الجسد الترابي . وتأتي الإشارة إلى ذلك في ( العودة إلى سنار ) في قوله :
خرافة تعود
وهلة وهلة
إلى نطفتها الأشياء
حيث يرجع النشيد
لشكله القديم
قبل أن يسمى أو يسمو
في تجلى ذاته الفريد
من قبل أن يكون
غير ما يكون
قبل أن تجوف الحروف شكله الجديد
كأنما تطمع الذات الشاعرة من خلال تماهيها مع شخصية الشيخ إسماعيل " .. ذلك المركز الذي يجمع في نفسه دائرة التاريخ الزماني والروحي للإنسان " أن تعيد تمثيل واعادة إنتاج قصة خلق العالم حيث تتحول قصة الخلق إلى قصة عن تاريخ الذات الشاعرة تستعيد فيها الوحدة الأصلية للكون حيث تتصل آفاق النفس بآفاق العالم اتصالا خلاقا مستمرا متجددا . وتأتي الإشارة إلى ذلك صريحة في عناوين بعض القصائد بديوان ( حديقة الورد ) مثل قصيدة : ( الشيخ إسماعيل في منازل الشمس والقمر ) . وحتى الأناشيد الخمسة التي تتكون منها قصيدة العودة إلى سنار وهي ، البحر والمدينة والليل والحلم والصبح ، ما هي إلا مراحل مختلفة لأطوار الذات الشاعرة وتقلباتها في العوالم فالبحر ( الماء ) أصل الوجود ، والمدينة إشارة إلى بداية الحياة على الأرض ( اليابسة ) أما الليل والحلم والصبح بجانب أنها تشير إلى حركة الزمن ودورانه إلا أنها توحي في مستوى من مستوياتها إلى سعى الذات الشاعرة وتأرجحها بين النسبي والمطلق فـي طريـق ( العودة ) إلى تحقيق وحدتها الأصلية .
وهنا تلتقي الدلالة الرمزية لأسطورة السمندل مع الدلالة الرمزية لشخصية الشيخ إسماعيل . فالسمندل بما لديه من قدرة على التجدد والاستمرارية يتماهى مع الذات الشاعرة ويتحول إلى نموذج إنساني منسرب في الوجود منذ بدء الخليقة، يشهد موكب الحياة المتدفق أبدا ، في صعوده وانحداره ، يشهد ميلاد الحضارات واندثارها . وتأتي الإشارة إلى ذلك في قصيدة ( السمندل ملك النهار ) من ديوان ( حديقة الورد الأخيرة ) .
أنا السمندل
يعرفني الغابر والحاضر والمستقبل
مغنيا مستهترا بين مغاني
العالم المندثرة
وزهرة دامية
في بطن أنثى في الدجى منتظرة
ولارتباطه المصيري بالنار ( يجدد حياته بالاحتراق بالنار ) ينفتح السمندل في مستوى آخر على رمزية الشيخ إسماعيل حيث يرمز إلى المطلق فالنار في الأدب الصوفي ( نار موسى ) ترمز إلى تجلى الذات الإلهية . فالصوفي ، يفى جوهر ذاته بفناء الجسد واحتراقه بنار العشق الإلهي . والسمندل يجدد حياته ويضمن استمرارية باحتراقه في النار . النار هنا في كل الأحوال جواز ( العودة ) إلى عالم الخلود والحياة الكاملة ، " وأن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا " فإماتة الجسد الترابي وفناء÷ في النار المقدسة ، ثمن الشعر والمعرفة الحقة المفضية إلى الحياة المطلقة ، وإلى ذلك تأتي الإشارة في قصيدة ( الشيخ إسماعيل ) بديوانه ( حديقة الورد ) :
الشعر فقر ، والفقر إشراق
والإشراق معرفة لا تدرك
الا بين النطع والسيف
عبد المنعم عجب الفيا
http://alfaya15.jeeran.com/archive/2007/2/155772.html _____________ * من مقالة نشرت بمجلة " كتابات سودانية"- القاهرة - اغسطس 1999
الهوامش :
(1) الرؤيا والكلمات – محمد عبد الحي – ص 10 .
(2) المصدر السابق ص 47 .
(3) رسالة محمد عبد الحي إلى د. خالد المبارك – مجلة حروف – العدد الأول.
(4) المصدر السابق .
(5) المصدر السابق .
(6) المصدر السابق .
(7) ديوان ( العودة إلى سنار ) ص 50 .
(8) المصدر السابق .
(9) الرؤيا والكلمات – محمد عبد الحي ص 16 .
(10) ديوان ( إشراقة ) – التجاني يوسف بشير – قصيدة الأدب القومي .
(11) الرؤيا والكلمات – محمد عبد الحي ص 10 .
(12) رسالة محمد عبد الحي إلى خالد المبارك .
(13 الشيخ إسماعيل – محمد عبد الحي – مجلة حروف – العدد الأول ص 7 .
(14) المصدر السابق .
(15) المصدر السابق .
(16) المصدر السابق .
(17) المصدر السابق .
(18) أثينا السوداء – مارثن برتال – المجلس الأعلى للثقافة – القاهرة 1997م .
(19) ديوان ( حديقة الورد الأخيرة ) صفحة 33 .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الشيخ اسماعيل في منازل الشمس والقمر (Re: إسماعيل وراق)
|
الشكر موصول لمفردة اللغة التي خرجت من بين بنان إسماعيل وراق ، تورق وهجاً . من يغطس في بحر الأمم يأتي بالجواهر ، وبالمحبة تُنبتُ ألف وردة مورقة . وللكاتب الفيا كثير السلام أن أرخت بنانه السمع لوجد المتصوفة وأقاصيصهم .
أنقل للجميع والأحباب هنا مُداخلة منذ زمان حول موضوع عن الشيخ إسماعيل صاحب الربابة قد بدأ الكاتب الفيا السرد بفخامته المعهودة . ننقل نص المداخلة :
إضاءة حول الشيخ إسماعيل مكي الدقلاش ( صاحب الربابة )
لربما لم أكن صاحب حظ ولكنني تنبهت للبوست والمداخلات . للرجل تاريخ وحكايات ، إلا أن المكتوب من السير أقل من المتناقل شفاهة ، رغم تعرضه للتبديل والتحوير والإضافة كما هي سير كل مواد الفلكلور . هنالك الكثير من الغرائب تحتاج الصبر والرصد وتتبع المنهاج . لكنني سأجنح لمجموعة ربما لا تأتلف ، قد نجد من بينها ما يوسع الحديث حول سيرة الشيخ ، و طبيعة وسطه الذي عاش فيه . ليس لدي الآن الكثير : (1) أورد الدكتور قيصر موسى الزين في سفره : ( فترة انتشار الإسلام والسلطنات " 641 م ـ 1821 م " ) عُدة مفاتيح للنظر للفترة التاريخية التي أنجبت صاحب الربابة ، منها : • ذكر أن تاريخ سلطنة سنار السياسي بدأ من العام 1504 م وإلى العام 1821 م حيث انتهت بالغزو التركي . • أورد أن القوى الفاعلة وذات النفوذ في الدولة السنارية آنذاك هي : ـ السلطان ( جيشه و حاشيته ) ـ المشيخة في الأقاليم ـ التجارة والمؤسسة التجارية ـ الطرق الصوفية بدأ نشاط العلماء المسلمين من صوفية وفقهاء من المهاجرين من قلب العالم الإسلامي في سودان وادي النيل قبل قيام سلطنة سنار . من هؤلاء السابقين غلام الله بن عائد الركابي الذي أنشأ خلوة كبرى في منطقة دنقلا ، وانتشر أحفاده في الفترة السنارية في مناطق الشايقية ثم الجعليين وهم أولاد جابر . من هؤلاء السابقين أيضاً حمد بن دنانة الشاذلي الذي أدخل الطريقة الشاذلية ، واستوطن المحمية . نجد في الفترة السنارية هجرة المتصوفة وفقهاء المحس إلى منطقة الخرطوم الحالية ، مثل الشيخ أرباب العقائد والشيخ إدريس الأرباب في العيلفون والشيخ خوجلي عبد الرحمن والشيخ حمد ود أم مريوم في الخرطوم بحري الحالية ، وقد سبقهم الشيخ محمود العركي الذي أنشأ سبعة عشر خلوة بين الخرطوم وأليس في منطقة الكوة الحالية وغيرهم كُثر ممن ترجم لهم ود ضيف الله في سفره الذي كتبه قبل أكثر من مائتي عام ، والذي يحوي الكثير من السير الشفاهية ، وفي تحقيق البروفيسور يوسف فضل حسن لكتاب طبقات ود ضيف الله الكثير الذي يمكن الرجوع إليه للدراسة العلمية لنصوصه. (2) بناء على السيرة التي ذكرنا أعلاه يمكننا الزعم بهجرة الطرق الصوفية ومؤسسوها من شرق ومن شمال السودان إلي دولة سنار . (3) الربابة كآلة موسيقية ميزت صاحبها حتى تناقلتها الحكايات والأسفار و كتب التاريخ الشعبي لهي دليل غرابة وتميُز لطبيعتها ، شكلها ونغمها. ومن المعروف أنها آلة وفدت من شرق السودان ومن شماله ، مما يُرجِح أصول الشيخ من مناطق شمال السودان وغربه . وأذكر هنا توارد خواطر بين اسم الشيخ ( الدقلاش )، وبين إيقاع مشهور من إيقاعات الشايقية يُطلق عليه ( الدقلاشي )، ومن يستمع لأشعار وطرائق إداء مديح أولاد الشيخ الماحي أو المادح ( الأراقوز ) سيتذوق إيقاع الدقلاش الفرائحي الراقص ربما يكون مفتاحاً لمبحث آخر . (4) لم تسعفني الذاكرة كثيراً ، وقد شهدت محاضرة نيرة ألقاها الموسيقار الراحل ( إسماعيل عبد المعين ) في قاعة ( 102 ) المشهورة في كلية الآداب بجامعة الخرطوم في السبعينات . تنوعت المحاضرة بنماذج مختلفة من أغنيات الماضي ، وقد أسهب الرجل كثيراً حول الجوانب الفنية لموسيقى الشيخ صاحب الربابة ، وقد قدم لنا نماذج من بعض أعمال الشيخ على طبق من ذهب صوته المُنضد وعزفه المُتفرد على آلة العود . ذكر عبد المعين أصول ألحان الشيخ وأشعاره المتواترة والمنقولة عنه . لقد كان الراحل عبد المعين موسوعة موسيقية نهلت من التراث ، وقد أفاض عن تاريخ الشيخ صاحب الربابة والمعروف والمتواتر من مسلكه ولباسه وطرائق صفائه ، وتداخل الوجد الصوفي والرقص والعزف بين الناس والمريدين . عبد الله الشقليني 3/10/2005 م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإبحار في محيط صاحب الربابة.. الشيخ إسماعيل أبو رادعة (Re: إسماعيل وراق)
|
عزيزي اسماعيل وراق
اعبر مجددا عن اعجابي بهذا السرد الرصين عن حياة الشيخ اسماعيل اب رادعة
الذي اضاف الكثير واعطي صورة حية للاثر الذي تركه الشيخ على اهل المنطقة
وقد فاتني ان اشكرك على الاشارة الى بوست " شفرة دافنشي او في انتظار المجدلية"
واسمح لي ان اعيد ما جاء بالبوست عن الشيخ اسماعيل :
* * *
" اما مصادر الهام عبد الحي ، صوفية منفتحة على الميثلوجيا والارث الانساني المشترك . وقد اوجد عبد الحي شخصية صوفية إسلامية تلتقي عندها جميع هذه المصادر الشعرية وهي شخصية الشيخ الصوفي السناري ، اسماعيل صاحب الربابة الوارد ذكره في كتاب طبقات ود ضيف الله . ومن محاسن الصدف الان القصيدة محل الحديث ، عنوانها : ( الشيخ اسماعيل في منازل الشمس والقمر) . ديوان (حديقة الوردة الاخيرة ) يتكون من عدة اقسام ، القسم الاخير من الديوان يحمل عنوان : " حياة وموت الشيخ اسماء صاحب الربابة " ويتالف من قصائد طويلة كل قصيدة تتالف من قصائد قصيرة او سوناتات . القصيدة الاولى : " الشيخ اسماعيل يشهد بدء الخليقة " والقصيدة الثانية : " الشيخ اسماعيل في منازل الشمس والقمر " والتي تتكون من عدد من السوناتات منها : سماء الجسد ، وسماء الخيال ، وسماء الكلام .
ويضع الشاعر في مقدمة هذه القصائد نبذة تعريفية نثرية عن الشيخ اسماعيل عن وظيفته الرمزية في شعره تقول :
" الشيخ اسماعيل صاحب الربابة ذات الانغام السحرية التي يفيق لها المجنون ، وتذهل منها العقول ، وتطرب لها الحيوانات والجمادات . عاش في سنار القديمة . ولعله النموذج الاسطوري الاول للشاعر السوداني، النموذج المتجدد عبر العصور : تاريخه ومستقبله في ذاته ، ارضه سماؤه ، اسماؤه افعاله . تتحدد طفولته بطفولة الكون ميلاد الحضارة ، التي يشهد حيويتها وشيخوختها وتجددها ، ويعيش نظامها الكوني الهائل في وجدانه الشاعر، المتحد بصورته ، وثقافته بداءة . ذلك المركز الذي يجمع في نفسه دائرة التاريخ الزماني والروحاني للانسان . "
وما يميز نصوص محمد عبد الحي الشعرية كونها ، مترابطة ، متواشجة وينتظمها خيط شعري وفكري واحد او يكاد . لذلك افضل طريقة لقراءة شعر ه هو ان نقرأه كوحدة عضوية متكاملة تفسر بعضها بعضا. وهذا ما عبر عنه محمد عبد الحي نفسه ، في كتابه ( الرؤيا والكلمات ) بقوله : " علينا أن ننظر لشعر الشاعر في مجموعه ونقرأه في تكامله نحو نظام لغوى جمالي ، وكأننا نقرأ قصيدة واحدة متصلة ، ليست فروعها إلا مراحل في طريق الكشف . ومهمة الناقد أن يستخلص العناصر التي تتكون منها وحدة الرؤيا " (1) ولعل هذه الفرضية النقدية لا تنطبق على شعر شاعر مثلما تنطبق على شعر محمد عبد الحى ذاته . فوحدة الرؤيا المبثوثة في دواوينه الشعرية تجعلنا نحس ونحن نقرأ قصائده وكأننا نقرأ قصيدة واحدة متصلة الحلقات .
يقول عبد الحي في مقطوعة : " سماء الخيال " التي توقف عندها الاستاذ كمال الجزولي :
الجسد لغة أولى. الجسد حنجرة اللاشيء الجسد قلب الفراغ الجسد مرآة الكواكب
الوردة الالهية تتفتح في رحم العذراء قيثارة الله تغني في اللغة العربية .
قول عبد الحي : " الجسد مرآة الكواكب " ،مستمد من عنوان القصيدة " الشيخ اسماعيل في منازل الشمس والقمر " . فالكواكب عند الصوفية ، منازل او مقامات عرفانية و معارج تترقى فيها الذات في العوالم. والتعبير ، فيه استدعاء لقول احد الصوفية مخاطبا الإنسان : " وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر " . اي ان الانسان يظن انه مجرد كائن صغير ولكن في حقيقته مستودع انطوت فيه اسرار جميع الكواكب والكائنات والمعارف . كأنما الإنسان هو المرآة التي تعكس أسرار الوجود . وهو ما عبر عنه محمد عبد الحي في المقدمة التعريفية بالشيخ اسماعيل : " ..المركز الذي يجمع في نفسه دائرة التاريخ الزماني والروحاني للانسان ." وفي الحديث القدسي " كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني " . كأنما الخليقة مرآة الخالق .
اما قول الشاعر :
الوردة الالهية تتفتح في رحم العذراء قيثارة الله تغني في اللغة العربية .
اشارة الى الشيخ اسماعيل الذي " تتحدد طفولته بطفولة الكون ، ميلاد الحضارة ، التي يشهد حيويتها وشيخوختها وتجددها ، ويعيش نظامها الكوني الهائل في وجدانه الشاعر، المتحد بصورته " كما جاء بمقدمة القصيدة . السطر الثاني يؤكد هذه الاشارة الى الشيخ اسماعيل . فقد كانت له قيثارة/ربابة يغنى عليها كما استبدت به الحال والنشوة . كذلك جاء في سيرته بكتاب الطبقات، انه تكلم في المهد . فهو هنا يتماهي مع المسيح . والعذراء هنا ليست بالضرورة إشارة الى عذراء بعينها ، وإنما رمز عام الى سر الحياة الذي أودعه الله في المرأة /الأرض. في السوناتا التي تسبق " سماء الخيال " مباشرة واسمها "سماء الجسد " يقول:
الأفعى المتوجة تبكي بدمعها اللؤلؤي وهي ترقص أمام النار . ايزيس ،وعبلة وبرسفوني ، عشتار ،تهجة ، وليلى مريم ،وعائشة ،وغلواء . منقارها يقطر حليبا .
تهجة هي معشوقة الشيخ اسماعيل او هي الرمز الانثوي الذي وظفه في الاشارة الى مواجده الصوفية . والاشارة الى مريم التي " يقطر منقارها حليبا " يستدعي قول القرآن الكريم مخاطبا مريم : " يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح " . وكلمة الله فعل وخلق . وهذا معنى قول الشاعر : " الجسد لغة اولى ". اي انه كلمة الله التي ألقاها الروح القدس الى مريم العذراء . بهذا المعنى المسيح/ الكلمة ، هو الوردة التي تتفتح في رحم العذراء . وقد جاء في الإنجيل انه عند ولادة المسيح ظهرت النجمة الشرقية (الزهرة ) كعلامة على ساعة مولده كما هو مذكور في الكتب السابقة له . وهنا تتماهي الوردة بالنجمة (الزهرة ) . اذن الوردة هنا تشير في هذا ، السياق التاويلي ، إلى المسيح ، لا إلى امرأة تطلع من نسله هو نفسه ، كما تزعم جمعية سيون .
والوردة كذلك رمز صوفي يشير الى الذات الالهية المطلقة . والاشارة الى الذات المطلقة باسماء مؤنثة مثل ليلي وسعاد ، معروفة في المواجد الصوفية . وعن رمزية الوردة يقول محمد عبد الحي في كتابه الرؤيا والكلمات : " في الأدب الصوفي لم تزل قصة الوردة التي يسقيها البلبل ، عاشقها من دمه رمزا من رموز الحب وقوة الجمال ، أنها قصة فناء الروح ، العندليب العاشق في وردة المحبوب – كاحتراق فراشة الروح في نار الجمال الجوهري " .
ويجسد عبد الحي ، ذلك شعرا ، في قصيدة " في الحلم رأيت سعدى وحا فظ " من ديوان (حديقة الورد ) :
النار وطن العشاق يتفتح في قلب الظلمة في شجيرة الليل حيث السمندل والفراشة شئ واحد زهرة نارية في الليل الأبدي ..
واحتراق السمندل أو فناء العندليب العاشق في نار الجمال الجوهري إشارة إلى فناء الروح أو الذات الشاعرة في عشق أصلها الإلهي الذي انفصلت عنه بالسقوط في الزمن بالتجربة ، وحلمها باستعادة الاتصال والاتحاد بعالمها الفردوسي الأول . وقوله : " الزهرة النارية في الليلي الأبدي " فيها ظلال من قوله: " الوردة الإلهية تفتح في رحم العذراء " فالليل الابدي اشارة الى رحم الحياة واصل الوجود . والنار ترمز في الأدب الصوفي إلى تجلى الذات الإلهية : " فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ، أنس من جانب الطور نارا، قال لأهله امكثوا أني أنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودى من جانب الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة المباركة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين " القصـص 29 – 30 " .انتهي .
| |
|
|
|
|
|
|
|