|
ثُـقـُوبٌ بَـيْـضـَــاءٌ علـى شـِــفـَـاهِ قـَـلـْـبـِــيَ اليتــيــمْ .. .. !! ..
|
ثُقُوبٌ بَيْضَـاءٌ على شِفَـاهِ قَلْبِي اليتيــمْ.. !! .
عانقتُ قَبْرِيَ يَوْماً ، حيثُ كانَ المساءُ جميلاً ، وحينَ كنتُ
أمشي على أناملِ روحيَ وشغافِ قلبيَ وحدي ، لا أحدَ
معي غيرَ أنِّي ..
أنا .. هُنا ..
كثيراً ما أجدُ نفسي أمامَ نفسيَ !! فيَنْتَابني الزَّهوُ
أمامَ أنايْ الآخَرْ ،
وأُراني دائماً آتي إلى ذاتي من خلفي لأسبِرَ
أغواري وأرتِّلُ من آيِ الحُزْنِ شيئاً
من فَرَاشْ ..
كانَ لونُ الموتِ جميلاً وأنيقاً وقتَها ،
وأنا أُعاني تَسْيَارَ ألَمِهِ
الغريبْ ، يُشاطرُني اللَّحظاتِ تَوَّ وُجُودِي على
قارعةِ سريرِ الحياةْ ..
تُعاندُني الطريقُ في الذَّهابِ إليهِ ، وبحقٍّ فقدْ كانَ
وجِلاً منِّي ، رآني ذاتَ مرضٍ أبيضٍ على لحافِ أيامي
، هزَّأني جيِّداً وأنا أرتمي بأحضانِهِ ..
هوَ فَارِهِ الدَّورانِ والشُّحُوبْ ..
صدِأتْ من روحي مفرداتيَ وأبتْ إلا التَّشنُّجَ
واتخاذَ العويلْ مَسْنَدَةً ، تَضَعُ عليها
كَتِفَ خُصْلاتِها الحَامِيَ الطُّولِ
والجَمَالْ ،
وسابقني مَوْتي لِحَتْفِي افتداءً وقال
لي : " رُوَيْدَك ، رُوَيْدَكَ يا فتى .. ما اسمُكْ ؟
رددتُ سؤالَهُ بجوابٍ يصْطَنِعُ الحقيقةَ !! قائلاً له:
أنَا هُلامُ الرُّوحِ في الزَّمنِ
الإرتجالْ !
قال : لمْ أعِ ما تقولْ !! .
قلتُ توضيحاً: اسمي بُرتُقالُ العُيُونْ ! .
قالَ : فيكَ غُمُوضٌ !! ما الذي ألَمَّ بكْ ؟ .
قلتُ : هوَ وجَعٌ جميلٌ وقفَ قليلاً وتثاءَبَ ببطءٍ
في ذاكرتي ،
فانعكسَ دوريَّاً على صُعُودِ أيَّامي وبؤرةِ مَنامي .
قالَ : ألا يُمْكِنُكَ عِلاجَهُ بِمَفْهُومِ الطِّب ؟ .
قلتُ : هم يُداوونَ كلَّ الأمراضِ إلا هذا النَّوعَ تحديداً
لمْ يَجِدُوا له دواءً .
قالَ : ولِمَ ذاكْ ؟ .
قلتُ : لأنَّهم يُعانونَ منه مِثْلَما أُعاني !! .
قالَ : ألا يُوجدُ طبيبٌ – البتَّة – لهذا المرضْ ؟ .
قلتُ : بلى .. إنَّهُ موجودٌ ..
قال : ومَنْ ذاك الطبيبْ ؟ !!! .
قلتُ : هِيَ .. هِيَ .. هِيَ ..
هِيَ مَنْ يأتيني بالدَّواءْ !!!..
قالَ : ومَنْ تكونُ هِيَ ؟؟؟ .
قُلتُ : هِيَ .. مَنْ يَخْدِشُها النسيمُ
حَيَاءً !!..
.. وتقولُ لي – يا رفيقي - مَنْ تكونْ ؟ .
هِيَ مَنْ يُسامرُها الخيالُ بُرْهةً في
خلايا احتمالي !! ..
هِيَ مَنْ بحجمِ الكونِ احتشاما ..
وهِيَ مَنْ يستغْفِرُ لها ولحرفِها
الجمالْ ..
.. وتقولُ لي – يا صديقي - مَنْ تكونْ ؟؟ .
هيَ قِدِّيسةُ بَوْحِيَ الأليمْ ،
وهِيَ مَنْ ....
قاطعني قائلاً : " الآنَ فقط عَرِفتُ مرضُكْ ..!
فأعراضُكَ مِنْ جنسِ أعراضي ".
قُلتُ : الكرةُ الأرضيَّةُ يقالُ إنَّها مستديرةٌ
لكنَّها تجعلُها في فكْريَ مستطيلةً وذاتَ تربيعٍ دائريّ ،
تقرِّبُ البعيدَ من حُبِّي ، وتُقْصِيَ الدَّانِ مِنْ عذاباتِهِ ،
تعبثُ بقلبيَ كيفما اتَّفق وبلا اتِّفاقْ ..
.. اتَّحدَ الحُزْنُ على ذاكرةِ قلَمي سنيناً ،
واليومَ شوارعُ قلبي مَلْئَى بها ،
أسْدَلتْ ستارَ قلبِها على مسرحِ حياتي
فكنتُ البطلَ والمُخْرِجَ وجُمْهُورَ الحاضرينْ ،
سَقَتْنِي المُدَامَةَ حُبَّا ، وخَبَّأتني
تحتَ رموشِها الوارفةِ
الظِّلالْ ،
ونَثَرتِ الجمالَ منْ بؤسِ أتْرَاحِي
وَأرْوَتْني ..
، حضرتُ إليْها وأمامَ بابِها المُواربِ
للدُّخُولْ ، لمْ أجدْ نفسيَ هُناك !! ،
بِتُّ أتسكَّعُ تِيهَـاً على جدارِ عاصفتي ،
وثمَّةَ سؤالٍ شرعيِّ الخُرُوج فرضَ نفسَهُ
عليَّ : هلْ أنا هُناكَ أمامَها
أمْ أنا مع نفسيَ هُنا ؟؟ .
.. حقَّاً أمامَها أشعرُ بأنِّيَ معكوسُ الجوانبِ والقَامَة ،
فقد كانَ اسميَ عاديَّاً عندما يُنادونني بهِ زماناً ،
فتستجيبُ جوانحي لحظةَ سماعِها
له ،
لكنَّ معها صِرْتُ لا أعيهِ ، فهو يَخْرُجُ من عندها
على غيرِ ما ألِفتْهُ أُذُنايْ وعُيُوني
وذلك بفعلِ أُكسجينِها الخارجِ في
اعتقادي من قفصِها الصَّدريّ أوْ رئتيْها
، ومِنْ حيثُ لا أدري ..
وكلُّ ما أعلَمُهُ أنَّهُ يأتيني جميلاً
وفريداً وغريباً ،
وكلُّ المفرداتِ تخرُجُ منها بغيرِ علميَ السَّابقِ لها
في كُتُبِ العلومْ ، وكُلِّ أدْمِغَةِ
الخيالْ ..!! ..
.. بارزتُ الغِيَابَ يوماً في دواخلي
لألتقيها ..
فهزمتُه شَرَّ هزيمةٍ ، وصارَ
وديعاً .. بلْ صديقي ، نمشي معاً كجميليْنِ التقيا
وجلسا على حافةِ مَوْعِدٍ قديمْ ،
وقدْ كُنْتُ وسيماً جدَّاً ذاتَ مساءٍ غريبْ ،
عيْنايَ كانتا رَتْقَـاً من فضاءْ ..
مُكْتَحِلَتَيْنِ بِمَرْأى الهمسِ مِنْها .
فقالتْ لي ذاتَ جمالٍ وحيدْ : إنَّ اسمَها كانَ أسماءْ .
فقلتُ لها : كلُّ الأسماءِ لكِ فاختاري منها ما شئتِ ،
فأنتِ تُزَيِّنينَ الأسماءَ ،
فقط أعيدي فيَّ تنضِيدَ الأشياءْ ... ! .
.. وظللْتُ أُمَجِّدُ حُبَّها زمناً في خيالي ، فنصحني أطِبَّاءُ
العُيُونِ بألا أفعلْ ! ،
وإنَّ ذلكَ منِّي مَحْضُ هُرَاءْ .. !! .
.. أيا امرأةً تمشي على قدمي وتنتعِـلُ حُزني
وتجعلُني دَوْماً أرمُقُها بعينيْها النَّجْلاءْ ..
فاعْذُرِي سِرِّيَ الذي سقطَ منِّي جهراً
وأنا إذْ ألْتَحِف فيكِ المساءْ ..
ولكِ اللهُ يا أنْثى هَذَا الزَّمانِ فقدْ
صاحَ قلبيَ فيكِ زَهْرَا :
بأنِّيَ بِدُونِكِ بلاءٌ .. في بلاءْ ...
فكُوني لي سُقْيَا ..
وإنْ ساءَتْنِي أقدَاري يوْماً
وعلى حُبِّكِ مِتُّ شهيداً ،
فَخُذِي على قلبيَ ورِمْسِ
حُبِّيَ جَمِيلَ العَزَاءْ .
محمَّد زين الشَّفيع أحمد ..
الرِّياض ..
06/ 09/ 2007م .
|
|
|
|
|
|