مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - بائعة الكسري

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-05-2007, 12:29 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - بائعة الكسري

    قصة قصيرة
    بائعة الكسرة

    ذبالة المصباح تتمايل كأرجوحة للصغار ولا يكاد ضوءها يبين في احتضاره عبر زجاجة المصباح المكسورة فيلقى ظلالاً كئيبة على جدران الحجرة العارية من الأثاث عدا ثلاث عنقريبات بائسة فرشها من ملاءات مهترئة , ويرقد على واحد منها الأم ست أبوها وفي الاثنين الآخرين ابنتاها مريم وحليمة , وكان زفيف الهواء عبر كوتين في أعلا جدار الحجرة أتخذا كنافذتين لها يكون مع صرير الصراصير في الأركان أنغاماً مزعجة ولكن قاطني الحجرة تعودوا على هذه الأصوات المنفرة وربما استعذبوا النوم على إيقاعاتها القبيحة .. وربما أضافوا إليها من حين لآخر أصوات شخيرهم المتقطع , فهم يرقدون كالأموات جراء السعى المجهد و الكدح المتواصل بالنهار في سبيل توفير لقمة العيش . وما أن يسفر الصبح عن وجه النهار أو قبيل ذلك عندما يصيح منبه الفقراء الديك رافعاً عقيرته بالزعيق تهب الأم من مرقدها وتصيح في البنتين ليستيقظا وتسمعها تقول : ( يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم , يا بنات قومن الدنيا اصبحت , يا مريم ولعي النار تحت ( الدوكة ) , وسوي لينا كباية شاي , وأنت يا حليمة لخي العجين وحضري الطبق , ولكن البنت الصغرى حليمة تتلكأ وتتقلب في الفراش حتى يجيئها صوت أمها الغاضب (( انت يا بت , اللكاعة والكسل ده ما دايره تخلي , قومي تقوم قيامتك . )) , وتقوم البنت متكاسلة وهي تبرطم , ويتكرر هذا المشهد في مطلع كل يوم جديد .. وتجلس الأم إلى الدوكة وتشرع في عمل الكسرة طرقة طرقة وتلقي بها في الطبق إلى أن تفرغ جرة العجين من محتوياتها وإلى أن يمتلىء الطبق أو يكاد , وصهد النار المتأججة من الحطب المشتعل تحت صاج الدوكة يلفح وجه الأم وساقيها , فيدر العرق من وجهها المعروق ويسيل على صفحتي وجهها المتغضن الذي حفر الدهر مع الفقر شوارعاً فيه صارت الان مجارى للعرق المتدفق , وهذا الوجه نفسه يسيل عليه الدمع في نفس المجاري عند الحزن أو موت قريب أو عزاء في ميت وكأن صاحبته تندب سواد حظها في الدنيا .. وعندما تفرغ من عمل الكسرة تضع كل طرقتين في كيس من البلاستيك وترصها فوق بعضها البعض وتضعها في قفة لتحملها إلى السوق وذلك بعد أن تضع بعض الكسرة جانباً لغذائها هي والبنتين , فيفطرن بقليل منها بعد عجنها بالماء ووضع شيء من الملح عليها , أو إذا تيسر لها بعض الطماطم مع ( الدكوة ) , وربما توفر الأم هذه الوجبة للغذاء , وبعد ذلك تتوجه الأم و معها ابنتها الصغرى من منزلهم الصغير الحقير في أطراف المدينة والذي يسمونه السكن العشوائي , الأولى إلى السوق والثانية إلى مدرستها , واما البنت الكبرى فقد اكتفت الأم بإكمالها مرحلة الأساس وأبقتها في المنزل بعد أن عجزت عن تدبير مصاريفها الدراسية , مع أنها كانت تتلقى العلم في مدرسة حكومية مجانية , ولكن القائمين على أمر هذه المدرسة ونظيراتها كانوا يطالبون بمساهمات مالية بشتى المعاذير لا يقدر على دفعها المساكين , فيكفي مريم ما تلقته من تعليم إلى أن يفتح الله عليها بابن الحلال الذي يتخذها زوجة له .. وكان الحمل الثقيل قد حط بغتة على كاهل الأم كصاعقة اصابت شجرة وعرتها من أوراقها بعد حرقها , وذلك بعد أن تلقت نعي زوجها الجندي الذي لاقى منيته في حرب الجنوب وترك لها بنتين في ميعة الصبا .. و أحتارت ماذا تفعل ولا معين لها من أهل الزوج أو من أهلها فكلاهما سواء في الفقر والمسكنة وكلاهما في حاجة إلى من يعينهما في زمن بلغت المعيشة فيه حد الكرب , وعزت فيه لقمة العيش وحبة الدواء بل جرعة الماء في أحيان كثيرة .. وفي غمرة أحزانها حدثت ست أبوها نفسها قائلة :
    ( والله كان نأكلها بموية ما بمد يدي لزول وطول ما فوقي عافية إن شاء الله أشيل المونة وأعيش نفسي وبناتي ) , وصارت ست أبوها تشتري الذرة وتصنع منها الكسرة , واتخذت لها موقعاً في السوق الكبير تبيعها فيه , ولكن في كل بضعة أسابيع أو أشهر صار ثمن الذرة يرتفع ويزداد ثمن الوقود من حطب وفحم مما يزيد تكلفة الكسرة , وتضطر إلى رفع ثمنها , ولكن الناس رغم حبهم وتفضيلهم للكسرة يجدون أن ثمن خبز القمح ارخص ثمناً منها فيتحولون إليه , واضطرت ست أبوها مرة اثر أخرى إلى تقليل ما تصنعه من الكسرة حتى لا تبور وتزيد خسارتها , وقل العائد من بيع الكسرة .. وسألتها ابنتها الصغرى بإمتعاض :
    ( يا أمي ليه بتقللي العجين في كل مرة ؟ تعبتي من العواسة ولا شنو ؟ ) , و أجابتها بنبرة حزينة : ( أنا ما فيني عوجه لكن العيش و الحاجات البنعمل بيها الكسرة غلت شديد ) .
    طيب يا أمي ما تشتكوا للحكومة عشان ترخس ليكم الحاجات .
    وأجابتها الأم وفي صوتها رنة يأس : (( والله يا بنتي شكينا لمن حسنا أنقرش ومافي زول جايب خبرنا .. بس الله لينا وهو العالم بحالنا )) , واستفهمت البنت محتجة : (( لكن يا أمي الناس ديل ما بياكلوا كسرة ولا بياكلوا عيش فينو وباسطة ؟! ))
    وردت عليها بغضب ممزوج بضيق عديم الحيلة العاجز : (( يا بتي ديل دنيتهم دنيا ثانية , ديل ما عايشين معانا , الله يلطف بينا ويورينا فوقهم يوم .. كدي خلي الكلام وقومي لخي العجين )) . واضطرت ست أبوها إلى تقليل ما تصنعه من الكسرة مرة أخرى , وقل ما يأكلونه منها ولكنها أبت أن تمد يدها وأصبحت هي وأبنتاها يتقوتون بالكسرة والماء والملح وحسب .

    هلال زاهر الساداتي
                  

09-05-2007, 12:42 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - بائعة الكسري (Re: هلال زاهر الساداتي)

    ______________________

    الأخ : هلال زاهر

    لم أقرأ القصة بعد ، ولكني أتمنى أن تزور هذا البوست ( انطولوجيا للقصة القصيرة العربية ) للأهمية. وسوف أعود إليك بعد قراءة قصة (بائعة الكسرى).

    مودتي وتقديري
                  

09-05-2007, 12:48 PM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - بائعة الكسري (Re: هلال زاهر الساداتي)




    الأخ الكريم هلال زاهر

    لك التحية والود

    قرأت القصة وكأننى اعيش احداثها وتفصيلاتها وكأننى اجالس شخوصها وارى قلة حيلتهم فتملكنى حزن كبير وانا اعلم علم اليقين ان اكثر من نصف سكان السودان اصبحوا فى هذه الحالة من الفاقة وقلة الحيلة .....
    قصة رائعة وجميلة سيدى وهى تصحى فينا شعورنا المتبلد بالاخرين فبين ظهرانينا كثر يعجزون عن توفير لقمة الكسرة لذويهم ناهيك عن اكمال الدراسة الجامعية التى يعتبرونها ترف لا تليق بهم بينما آخرون يرون فى الجامعات السودانية مذلة واهانة وانحطاط لا يليق بابنائهم فيرسلونهم الى المملكة المتحدة والولايات المتحدة لاكمال تعليمهم الجامعى وما فوق الجامعى ....

    يا رب نسألك الستر والنجاة والرأفة بأهلنا الاوفياء ورفع حالهم الى الافضل ....
                  

09-05-2007, 05:18 PM

ابو خالد

تاريخ التسجيل: 02-11-2007
مجموع المشاركات: 217

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - بائعة الكسري (Re: هلال زاهر الساداتي)

    أخونا هلال

    سلام كتير

    إستمتعت بقراءة قصتك المعبرة

    يعجبني الإهتمام بالتفاصيل الصغيرة, لانها بتضفي حميمية شديدة

    على المشهد في القصة فتبعث فيها الحياة والإلفة لدى المتلقي.

    الحكي عن الفقراء والمساكين أظنه بقى في نهاياتو في الزمن

    الأمريكي الفينا دا وأصبح بالنسبة للبعض ,وكما تروج له دعاية الأفلام الأمريكية,

    نوع من الفشل المسؤل عنه سيده والمجتمع والحكومة منه براءة.

    ذكرتني ,وإنت طبعا ود الموردة, والدي الله يرحمه كان بيحكي دائما عن

    والدة المرحوم أخصائي الأمراض النفسية دكتور حسبو اللي كان سكنهم بجوارنا

    (خلف شواية الموردة الحالية) وكيف كانت أمه بتكدح من بيع الطعمية واللقيمات الى

    أن تخرج إبنها الوحيد طبيبا لكنها رحمها الله توفيت عند تخرجه.

    يمكن الدكتورة خالدة تكون عاصرت الأيام ديك.

    لكن تصور نجي في يوم من الأيام نسمع بإنو والي الخرطوم طلع تعميم بمنع مزوالة

    النساء لمثل هذه الخدمات..... وهو لا يدري كم طبيب ومهندس وعالم وفنان ورجال

    ونساء بسطاء إتربو بعائدات الكسرة والطعمية....

    أتشوق لمعرفة باقي الحكي في كتابك الظريف.

    واصل

    تحياتي لحسام وعدنان.
                  

09-06-2007, 11:06 AM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - بائعة الكسري (Re: هلال زاهر الساداتي)

    الاخ هشام آدم
    اشكرك علي تفضلك بالمرور ولفت انتباهي الي بوست انطولوجيا للقصة القصيرة العربية , فنحن الكتاب السودانين قد حان لنا ان نخرج من محليتنا وان نعرف العالم بثقافتنا من ادب وشعر وفن , وان ننبذ التواضع المثبط كقولنا (شكار نفسه ابليس) , فنحن لنا مبدعون لا يقلون شأوا عن كتاب العربية الاخرين .
    ويسعدني ان اخبرك بأن البروفسير خافير لوفان استاذ الادب العربي بجامعة بروكسل في بلجيكا قد ترجم لي قصة الي الفرنسية ونشرها في النت وهي قصة (ذيل الاسد) , كما كلف طالب له بترجمة قصتي (عند حلاق) الي الفرنسية ايضاً لنشرها , كما اخبرني بأنه بدأ في قراءة كتابي (امدرمانيات وقصص قصيرة اخري) , واخبرني بأنه سيصدر كتاباً يضم فيه قصصاً قصيرة لكتاب سودانيين بعد ترجمتها للغة الفرنسية . وسأبعث ببعض قصصي الي منير مزيد .
    وفي انتظار عودتك بعد قراءة بائعة الكسرة كما اوعدت .

    الاخ الكريم قرشو
    لك التحية والمحبة
    لك الشكر علي كلماتك الطيبة , ويحز في النفس ان 95 % من الشعب السوداني صار تحت مستوي الفقر بفضل هذا النظام المستبد الظالم الذي لا قلب له ولا احساس , بينما هم يغرقون في النعيم علي حساب هذا الشعب المسكين . ولنا ان نحارب , كل منا بما تيسر له , بالكلمة الصادقة التي تفضح وتعري هذه الطغمة الفاسدة الطاغوتية وبكل ما اوتينا من قوة .
    لا تحزن يا اخي , اليس الصبح بقريب !

    الاخ ابو خالد
    جزيل السلام والمحبة
    اسعدني ما تركت فيك قصة بائعة الكسرة من اثر طيب , واعتقد ان اي كاتب يسعده ان تلقي كتابته صدي خسناً لدي المتلقي , فانه يشعر بالرضا وان الرسالة قد وصلت مبتغاها , وسيظل قلمي دوماً منحازاً الي البسطاء والكادحين , وسيفاً مسلطا علي الظلمة والفاسدين .
    لا تستبعد ان يصدر الوالي امراً بمنع النساء من عمل الشاي واللقيمات والطعمية , فقد فعلها وال له من قبل بمنع النساء من العمل في طلمبات البنزين وفي الفنادق ! فيكون بذلك قد تنكر لآهله الجزارين في الدويم الذين اوصلوه ليكون دكتوراً , كما تنكر الانقاذيون الذين صاروا دكاترة وبروفسيرات لنشأتهم بين اهلهم البسطاء الفقراء , بل تنكروا للشعب السوداني بأسره , فقد انفق علي تعليمهم في كل المراحل الدراسية في الداخليات المدرسية , ثم ابتعثهم للخارج للحصول علي اعلي الشهادات , فكان جزاء هذا الشعب ان جوعوه واهانوه ونكلوا به !
    احييك يا ابن الموردة واحيي ناس الموردة واهل امدرمان واهل السودان كافة الصابرين والممسكين علي الجمر .
    سأبعث بتحياتك الي عدنان وحسام فهما في كندا , ويهمني ان ابعث بأسمك الي جانب كنيتك .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de