|
ملكة النوبة ,,( ولا فضل لثقافة نوبية على ثقافة فوراوية ) ,,
|
حاطب ليـــــــل عبد اللطيف البوني
ملكة النوبة قبل عدة سنوات كان اول الشهادة السودانية من شندي ولكن اصوله نوبية فاحتفلت به الجالية «النوبية» في الخرطوم ووصلتني بطاقة دعوة لحضور المناسبة ولكن عوضاً عن تلبية الدعوة كتبت في هذا المكان وفي هذه الصحيفة ان الولد ولد في شندي وتربى في شندي ولم يخرج منها إلا الى اليمن عندما انتدب ابواه للتدريس فيها، فوالدته ووالده معلمان وقلت انه لا داعي للرجوع لهذه الاثنية في هذا السودان لحم الرأس وان كان هناك فضل لثقافة معينة على الشاب فلتكن الجعلية لانه نشأ في حاضرتها بعبارة اخرى طالبت بتغليب الجغرافيا على التاريخ فكان رد الفعل لما كتبت قوياً إذ ارسل لي احد المنظمين للاحتفال خطاباً حاداً وطالبني بالاعتذار عما كتبت إلا وان جميع النوبة سوف يقاطعون كتاباتي بل سألني انت عارف نحن دعيناك ليه؟؟ اجاب دعوناك لان المحتفى به عندما سئل عن قراءته قال انه مواظب على قراءة «حاطب ليل» واختتم رسالته بالتساؤل « انا ما عارف الولد دا العاجبو في الكلام الفارغ بتاعك ده شنو؟؟».
لقد ذكرت هذه الرمية من قبل ولكنني اود التوسل بها اليوم للدخول فيما جاء في صحف الاسبوع المنصرم من ان رابطة ابناء حلفا والمحس والسكوت قد احتفلت في النادي النوبي بالخرطوم بتتويج الطالبة شيماء أولى الشهادة السودانية لهذا العام «2007م» ملكة نوبية والمعلوم ان شيماء درست كل مراحلها بالخرطوم وسبق ان هنأتها في هذا الباب عند ظهور النتيجة لا سيما وانها كانت ادبية، فالحصول على الدرجات القصوى في المواد الادبية ليس سهلاً مثل المواد العلمية كما انها كانت تربية والدتها المعلمة لوفاة والدها.
لو وجهت لي الدعوة لحضور هذا الاحتفال لذهبت دون تردد ولن اقول ان شيماء غير نوبية بل خرطومية بل اقول الآن انها نوبية وملكة نوبية كما اراد لها اهلها وكنت سوف اهتز طرباً مع «ايقن كلك كمشكة» و«يا سمارة الليلة يا سمرة» وكنت سوف اصعد إلى المسرح مع طارات النوبة فالعودة للاصول اصبحت ظاهرة سودانية معترفاً بها فلماذا لا يرجع النوبة الى اصولهم ويحتلفون بابنائهم المتفوقين وكمان الحكاية جابت ليها كجبار وسدود ومناصير فالسياسات الرعناء جعلت الجميع يلوذون باصولهم الاثنية طلباً للامان. نعم يا جماعة الخير لقد تغيرت الاحوال في السودان وتدحرجنا لمكوناتنا الاولية فلو طالبت الجالية النوبية في الخرطوم بحكم ذاتي في الكلاكلة فلن نستغرب بل سنغني معهم كلاكلة لفة لفة لفة «افoh yeeh« .
يجب ان نعترف بهذا الواقع الجديد ولا نكابر بنكرانه ولكن يمكن تجميله بل يمكن تحويله من خانة السلب الى خانة الايجاب، فالثقافة النوبية مثلاً مكون أساسي من مكونات الثقافة السودانية العامة فلها ما للثقافات الاخرى من حضور وعليها ما عليها من واجبات ولا فضل لثقافة نوبية على ثقافة فوراوية فكلها روافد لثقافة سودانية يجب ان تبرز وتتداخل وتتكامل وتصبح خليطاً كيميائياً يصعب فرز عناصره الاولية بعبارة اخرى يجب الاعتراف بالتكوينات الثقافية وتجريدها من البعد العنصري ما امكن. فالسياسة التي ادت الى هذا الواقع المؤلم بعشوائيتها يمكن ان تجعل منه شيئاً ايجابياً بتنظيمها و«الهاء» هنا راجعة للسياسة.
|
|
|
|
|
|