|
عثمان ميرغني .... لا فض فوك
|
الرأي العام
حديث المدينة عقدة الجيش..!!
عثمان ميرغني كُتب في: 2007-08-14 [email protected]
تمنيت لو أن مؤرخاً حصيفاً وصادقاً يعيد كتابة تاريخ الجيش السوداني.. ليرفع عن جيشنا الغبن التاريخي الملفق زوراً وبهتاناً.. عندما يتحدث البعض عن الدورة الخبيثة.. دورة حكومة ديموقراطية تتبعها (عسكرية!!).. لنسأل أنفسنا هل صحيح أن الجيش السوداني.. وطوال عمره الثلاث وخمسيني.. هل دبر انقلاباً أو أطاح بالدستور أو انقلب على حكومة ديموقراطية؟؟ غير مرة واحدة.. هل انقلب الفريق ابراهيم عبود على حكومة عبدالله خليل في 17 نوفمبر عام 1958.. أم أن رئيس الوزراء بنفسه ذهب إلى الجيش وترجاهم ثم توسل اليهم أن يتدخلوا (للحفاظ على استقرار البلاد!) ورفض عبود فألح عليه السيد عبدالله خليل.. ولم يكن في النهاية دستورياً وقانونياً سوى أن يستجيب الجيش للحكومة ورئيس وزرائها طالما ألح وأصر على أن البلاد في مهب الريح إذا لم يتدخل الجيش.. لم يكن انقلاباً.. كان عملاً دستورياً بطلب رسمي من الحكومة (الديموقراطية!!) نفسها.. وفي 25 مايو 1969.. أولئك الشباب الذين كانوا حتى قبل أسبوع من انقلابهم في رتبة (النقيب).. هل كانوا يمثلون الجيش.. ذات الجيش الذي كان فيه مئات الضباط برتب أعلى.. وكان قائدهم العام محمد أحمد الخواض برتبة الفريق.. هل كانت زمرة الضباط النقباء يمثلون الجيش السوداني أم كانوا أصالة عن أحزابهم السياسية.. ونيابة عنها يقومون بعمل حزبي محض وإن تدثر باليونيفورم الكاكي.. وفي 19 يوليو عام 1971.. هل كان الضباط الذين نفذوا ذلك الانقلاب الفاشل يمثلون الجيش؟؟ وهل يعقل أن يقوم ضباط يمثلون الجيش بقتل أربعين من زملائهم العزل المحبوسين في بيت الضيافة.. بلا أدنى ذنب.. سوى أنهم – ويا لقدرهم – مجرد ضباط يؤدون عملهم العسكري العادي بلا أي أحاسيس سياسية.. لم يحدث في تاريخ السودان منذ بعانخي أن قُتل لجيشنا أربعون ضابطاً بهذه الرتب الرفيعة في معركة واحدة.. إسرائيل نفسها لم تفعل بنا ذلك. وفي 30 يونيو 1989.. هل كان الجيش منفذ ذلك الانقلاب؟؟ الإجابة أنقلها على لسان الرئيس البشير نفسه.. بعد أن أذاع بيانه الشهير في ليلة الرابع من رمضان 12 ديسمبر عام 2000.. فعقد مؤتمراً صحفياً في اليوم التالي في مقر حزب المؤتمر الوطني وقال إن انقلابه كان عملاً حزبياً محضاً كُلف هو بقيادته.. قامت به الجبهة القومية الإسلامية.. لم تكن دورة خبيثة بين حكومات حزبية تعقبها عسكرية.. بل كانت دورة بين حكومات حزبية تلبس الجلابية.. وحزبية تلبس اليونفورم.. أحزاب تنقلب على الأحزاب.. للدقة والحقيقة والتاريخ.. لم ينفذ الجيش في تاريخه سوى انقلاب واحد.. هو ما قامت به قيادة القوات المسلحة في 6 أبريل 1985.. باسم الجيش وفي رابعة النهار.. استجابت للانتفاضة الشعبية وتسلم الجيش الحكم بناء على طلب الشعب.. وأعادته قيادة الجيش نظيفاً (كالزجاج لا فيهو طق ولا شق) على قول الزعيم الأزهري.. أعادته للشعب.. في التاريخ المحدد.. وخرج أعضاء المجلس العسكري إلى الشارع يعيشون حياة المواطن العادي.. لا تجري من خلفهم ولا أمامهم الصافرات.. يأكلون كما يأكل الناس بل أقل.. ويمشون في الأسواق.. بأرجلهم فليس لدى غالبيتهم سيارات.. لا تظلموا الجيش وتتحدثون عن دورة حكومات ديموقراطية وأخرى عسكرية.. هي حكومات حزبية تنقلب عليها حكومات حزبية.. ويبقى الجيش هم أولئك الرجال الذين لا يذكرهم الناس إلا حين البأس.. رجال حرفتهم الموت من أجل الوطن.. واليوم هو عيد الجيش.. جيشنا.. هل عيب أن نفخر بجيشنا؟؟
|
|
|
|
|
|