|
الكمدة ... بالرمدة ...!!
|
لا أجد تفسيراً منطقياً مقبولاً لإجتهادات أبناء جلدتي في حقل الطب من غير المختصين فيه ولا يكاد يمر عليك يوماً واحداً إلا وتسمع من يوصف تلك الروشته البلدية أوالكيماوية لأحدهم دون حرج أو خوف من نتائج ما يتفضل به ! ولعل ما دعاني الى الكتابة في هذا الموضوع ما شهدته منذ أيام في أحد المساجد حيث كانت الصدفة أن جعلتني أقف بجوار شيخ سوداني بلغ من العمر الستين وما فوقها وهو كما تراءى لي قد دعاه ابنه لقضاء بعض الوقت في غربته تلك كغيره من أبناء السودان البارين جداً بوالديهم في العموم !
وقفت الى يمينه ووقف رجل من دولة باكستان(الإسلامية) عن يساره وهو يكاد صدره ينخلع من مكانه من شدة ما تهزه ( القحة) هزاً بالحانٍ تعلو وتهبط دون انسجام ولولا أننا في بيت من بيوت الله لأنفجرت ضاحكاً مما سمعته من العم السوداني العزيز : ـ
: ـ أمشي شيل ليك زيت سمسم من المحمصة البي هناك ديك شفتها ؟؟
: ـ (هازاً رأسه في غباء السنين وعدم استيعابه لما يقوله شيخنا السوداني )
إيش قول انت ؟؟
: ـ يازول قت لك شيلك زيت سمسم من المحمصة البي هناك ديك ! والله الكمدة بالرمدة في ساعتك تبقى كويس !!!!!
كثيرون أمثال شيخنا المذكور فتجد من يغوص معك في التفاصيل (معاها طمام ولا مافي ؟ أيوه في المكان دا ولا تحت شويه ؟ زي في لفت راس كدا معاها ؟ وحينما تجد علامة الإستفهام هنا تكون الوصفة الدقيقة لمرضك العضال ممن تحدثه !!!! تارةً بزيت السمسم وأخرى (بي صفق الشاي) وهناك من يدعوك الى الحجامة أو آخر العلاج (الكي) !!!!!
لتجارب السنين الطويلة حتماً ثقافة مقدرة بما المت بها وهي في إطار المقبول (ما قلنا حاجه) ولكن أن يتعدى الأمر لهذا الحال المنتشر في كل مكان!! فقط عليك أن تراقب نادراً ما تجد مجموعة من ابناء السودان فيه أو خارجه حينما تشكو شيئاً ينصحونك بالطبيب المداويا فكلهم أطباء ويسحبون تجربة أمراضهم أو ما تناقلوه بينهم على من يصادفهم ويبدأون بما يعرفه أهل القانون (بطلب التفاصيل) :ـ
- من متين الحالة دي معاك ؟
- إنت أكلت أسود ولا قرع ؟
- التدخين دا والله ما كويس معاك بدخن كم سيجارة ؟
- بجيك رجفة الصباح وزغللة في عينيك ؟
والكثير من الأسئلة التي تعينهم على الإستنتاج المريح حسبما يصورهـ خيالهم الخصيب !!
أما عن السيدات فحدث ولا حرج :ـ
يا بت أمي شفتي فلانة ديك والله كان عندها نفس الحاجة دي وعملت ...... وتظهر الروشته في لحظتها !! ما بين الحرجل وطين البحر والحلبه والجردقه ودخان الطلح....الخ كان الله في عون الجميع !!
في المجال العام سياسياً واقتصادياً ... تعبت كمدتنا من رمدتنا ... فما انفكت الإنقاذ تكمد في سنينها العجاف .. برؤية ظلامية ..فأرمدتنا ..وقادتنا ومن معها الى ما هو أسود من الليل البهيم .. ! ألم تحلظون كمدتهم في مواجهة الخريف المفاجئ هذا .. كيف كانت رامدة ..!!؟ ألا ... سحقاً لهم أجمعين ...!
|
|
|
|
|
|