فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!!

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 04:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-05-2007, 04:19 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!!


    فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!!


    نظرت الآنسة الجميلة سحر عبد الرحيم * الطالبة الجامعية و هي من سكان أحد ارقى أحياء العاصمة الخرطوم الى محدثها الطبيب الشاب عبد الرحمن مختار و الدهشة تطل من عينيها العسليتين و تمتمت بصوت خافت "قارديا معقول يا دكتور و دي جاتني من وين دي" و تحدث زميلي عبد الرحمن بلهجة لا تخلو من سخرية لاذعة، "فعلا قارديا اقول ليك شنو انتي قايله القارديا دي بتجي للناس الفترانين بس، ما بلدنا الحالة مايل دي الامراض (و لحسن الحظ) ما بتفرق بين غني وفقران، أكان بتفرق كان الشعب ده 95% منو انقرض ما أصلو حد الفقر حصل النسبة دي من زمان شديد على كل حال دي ما مشكلة كبيرة و علاجاتها سهلة جدا بكتب ليك روشتة لبعض الحبوب و إنشاء الله خير".

    هذا هو حال الخرطوم اليوم مدينة مليئة بالأمراض المعدية التي توجد فقط في أكثر مناطق العالم تخلفا، و قد تخلصت منها معظم عواصم العالم و مدنه المتحضرة، واقع الخرطوم اليوم يذكر بمدن أوروبا في العصور الوسطى حيث تخلو من دورات المياه العامة، وتتكاثر الفضلات الإنسانية فيها على الطرقات، و تنتشر فيها الاوبئة و الأمراض. و كيف لا و العاصمة تعتمد في بنيتها التحتية على ما قام ببناءه الإنجليز و من حكم بعدهم في بدايات الحكم الوطني الذي كانت يسير آنذاك بقوة الدفع الحضارية التي خلفها الإستعمار، و منذ أمد بعيد توقفت عجلة الاستثمار في البنية التحتية من مشاريع صرف صحي و شوارع و إنارة و كباري، كما قلصت الحكومات المتتالية من بنود صرفها على المؤسسات الصحية و المستشفيات و الوقاية، و كل ما يحدث هنا و هناك يصب في الخانة الدعائية لهذه الحكومة أو تلك، كأن تبنى شوارع دون مصارف تصبح وبالا على الساكنين بجانبها، أو أن تبنى كباري أو أنفاق دون مخارج حقيقية تصبح به تلك المنشآت عبئاً ثقيلا على مستخدميها في غياب خطة عمل كاملة للتنمية و التخطيط.

    المسافر إلى الخرطوم اليوم من أية دولة تحترم مواطنيها يجد نصائح طبية عديدة في مراكز الرعاية الصحية المختلفة، أولا يجب عليك أن تتناول حبوب الملاريا للوقاية قبيل عدة أسابيع أو أيام من سفرك حسب نوع العقار المستخدم، أيضا يجب عليك حمل أدوية و مسحوقات مكافحة الإسهالات خاصة إذا كنت مسافرا بمعية أطفال، عند العودة من السودان يجب فحص الفسحة و الاستمرار في بلع حبوب الملاريا لعدة ايام أو أسابيع تجنبا لاستفحال أية اصابة في آخر أيام الاجازة، و تختلف أنواع النصائح حسب المكان الذي ستذهب إليه في السودان، فإذا كنت تنوي الترحال إلى جنوب السودان فيجب عليك التطعيم إضافيا ضد الحمى الصفراء، ناهيك عن النصائح الشديدة بعدم تناول الخضروات الغير مطهية ما لم تكن تعرف بشكل دقيق من هو القائم على عملية نظافتها و إعدادها، هذه النصائح اعلاه هي أمر حقيقي لكل مسافر للسودان من مختلف الدول الغربية.

    و الواقع إن القائمين على أمر تطوير هذه النصائح الطبية بإستمرار لكانوا سيصعقون حقا لو قاموا بزيارة الخرطوم في هذه الأيام و لربما أعلنوها منطقة ممنوعة من الزيارة ككرنتينة ضخمة يوجد بها 10 مليون من البشر أو يزيد. فتلك المدينة التي تعج بالسكان في كل شبر منها تنعدم فيها المراحيض العامة و إن وجدت فهي بأسعار كبيرة لا أخال المساكين الذين لا يحتكمون إلى قوت يوم أو ثمن رغيف لمضيعين فيها مبالغ تصل إلى ثمن عدة أرغفة للزيارة الواحدة لهذه المراحيض القذرة أصلا. و يستعيض العديد من زوار العاصمة و ساكنوها بالأزقة و الخيران لقضاء حوائجهم، بل أن هناك من يستعين بأسطح بعض البنايات لفعل ذلك بعيدا عن أعين المتطفلين، و من واتته فرصة الصعود و التفرج على أسطح البنايات الممتدة ما بين القنصلية المصرية وصيدلية كمبال سيتفاجاء بكمية الفضلات الإنسانية الموجودة على أسطح تلك البنايات. ناهيك عن تلوث مياه الشرب بصورة غير مسبوقة في الكثير من المناطق السكنية، بل إن بعض أحياء العاصمة الخرطوم يستخدم الحمير للحصول على المياه التي تنقل في بعض الأحيان مباشرة من النيل دون أي معالجة ميكانيكية كانت أو كيميائية.

    و لكن الخطر القادم لا محالة هو تلوث المياه الجوفية في العاصمة و المدن الكبيرة بمياه المجاري، و قد تزايدت بشدة في السنوات الماضية أعداد السيفونات في كل الأحياء في كل المدن مدني الأبيض الخرطوم شندي.. إلخ، مما ينبئ بكارثة بدأت نذرها في الافق حيث تتعدد الإصابات بالأمراض المختلفة بصورة كبيرة دون أبحاث حقيقية في الأسباب بل و بمحاولة اطلاق عموميات من قبل السلطات الصحية و الادارية كتعبير إسهالات مائية لتغبيش الرؤية و الهروب من الملاحقة الأخلاقية و القانونية. و على حد تعبير خبير جيولوجي فضل عدم ذكر إسمه، إن إشكال تلوث مياه الآبار و الشرب هو كارثة تنتظر الحدوث و هو يرجح أنها قد حدثت و إن كانت فداحتها ستظهر بأحجام وبائية قريبا.

    الإشكال الأكبر بالطبع يقع في ذهنية القائمين على أمور الحكم في سودان اليوم، فبذهنية التفوق الديني و من ثم الإقليمي و أخيرا القبلي فلا مكان آمن تحت شمس الإنقاذيين الحارقة، فالآخرون مخلوقات إضافية خلقت لتحكم و تستعبد و تستنزف لآخر قطرة دماء أو تسحق كالحشرات، فمن الجبايات إلى الزكاة التي تخرج شهريا و ليس سنويا، إلى رفع الدعم عن السلع الضرورية و رفع مجانية العلاج و التعليم يصير المواطن في مواجهة حقيقية مع كل إشكالاته الحياتية الآنية و يتراجع دور الدولة إلى حد بعيد بحيث تبقى وظيفتها الامنية (في الواقع القمعية) هي القائمة، و قد يتساءل المرء كمواطن في دولة كهذه ما هي أهمية مؤسسة الدولة بالنسبة له على أية حال. و هل لها ضرورة كي يواصل في دفع ضرائبها و تحمل اعباء قواتها المسلحة و الغير مسلحة و لأي مدى و إلى متى.

    و يبقى السؤال قائما ما هي الحلول الحقيقية للإشكالات الصحية القائمة الآن، و هل هناك من حلول أخرى غير الإهتمام بالبنية التحتية من قبل الدولة بوصفها من القطاعات التي لا ينفق فيها المستثمرون نسبة لعائدها المتأخر و لكنها أساسية في خلق البيئة المناسبة لذلك الإستثمار مستقبلا، و إلى ذلك الحين الذي تضطلع فيه دولتنا بغض النظر عمن هو في رأسها بمسئولياتها الأساسية تجاه شعبها، فسيستحم مئات الألوف من مشردي هذا الشعب و سيقضون حاجاتهم على شاطيء النيل و قبالة القصر الجمهوري ليتمرغ فيها ذباب بلادنا المسكينة تلك و ليحط دون إذن في أو دعوة في وجبات غداء رئيسنا الموقر و ضيوفه الكرام ليصيبهم بمختلف الأمراض... و لذلك لا تفرق قارديتنا ( و لحسن الحظ ) بين الإغنياء و الفقراء، ففقرائنا الذين لا يدعون الى مائدة رئيسهم مطلقا سبقهم إليها و منذ زمن بعيد رذاذ فضلاتهم.




    أمجد إبراهيم سلمان
    [email protected]

    * القصة حقيقية و الأسماء الواردة للمريضة و الطبيب خيالية.
                  

08-05-2007, 07:06 AM

الطاهر عثمان
<aالطاهر عثمان
تاريخ التسجيل: 03-09-2007
مجموع المشاركات: 141

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)

    الأستاذ/ أمجد تحياتي

    حال البيئة وحال الصحة living condition واحدة من الهموم الكبيرة التي تواجه كل من يفكر بالتوجه للسودان سواء ان كان من الدول الغربية كما تفضلت او من قبيلة السودانيين الذين جربوا العيش خارج السودان لفترة من الزمن ...

    وتجد مغتربي الدول الخليجية كاقرب مثال يحمل الواحد منهم شنطة صغيرة او كيس كامل بالادوية تحسبا للامراض التي تصيبهم وتصيب ابناءهم في فترة الاجازة البسيطة التي تتراوح الشهر بقليل..

    لك الله يابلدي !!!

    أعتقد ان واحدة من أهم الاسباب للتلوث الحاصل في الخرطوم الان هو التكدس السكاني والازدحام كنتيجة للهجرة من الريف للعاصمة وذلك طبعا كنتيجة طبيعية لاهمال الريف وتوفر جزء من الخدمات في العاصمة وفي راي ان بداية الحل لو كان هناك تخطيط لخطة عشرينية او ثلاثينية هو محاولة إفراغ الخرطوم وذلك بتنمية الريف وفتح فرص للعمل وتقديم قروض وفتح مصانع جديدة او نقل جزء من المصانع الموجودة حاليا بالخرطوم وعودة السكة حديد...

    عندما يتعلق الامر بالصحة وبالبيئة فيجب علي الجميع الوقوف ضد هذا الوضع الذي لن يفرق بين غني وبين فقير وبين ظلامي ومستنير..
                  

08-05-2007, 07:30 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)


    فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!!

    نظرت الآنسة الجميلة سحر عبد الرحيم * الطالبة الجامعية و هي من سكان أحد ارقى أحياء العاصمة الخرطوم الى محدثها الطبيب الشاب عبد الرحمن مختار و الدهشة تطل من عينيها العسليتين و تمتمت بصوت خافت "قارديا ..! معقول يا دكتور و دي جاتني من وين دي" و تحدث زميلي عبد الرحمن بلهجة لا تخلو من سخرية لاذعة، "فعلا قارديا اقول ليك شنو انتي قايله القارديا دي بتجي للناس الفترانين بس، ما بلدنا الحالة مايل دي الامراض (و لحسن الحظ) ما بتفرق بين غني وفقران، أكان بتفرق كان الشعب ده 95% منو انقرض ما أصلو حد الفقر حصل النسبة دي من زمان شديد على كل حال دي ما مشكلة كبيرة و علاجاتها سهلة جدا بكتب ليك روشتة لبعض الحبوب و إنشاء الله خير".

    هذا هو حال الخرطوم اليوم مدينة مليئة بالأمراض المعدية التي توجد فقط في أكثر مناطق العالم تخلفا، و قد تخلصت منها معظم عواصم العالم و مدنه المتحضرة، واقع الخرطوم اليوم يذكر بمدن أوروبا في العصور الوسطى حيث تخلو من دورات المياه العامة، وتتكاثر الفضلات الإنسانية فيها على الطرقات، و تنتشر فيها الاوبئة و الأمراض. و كيف لا و العاصمة تعتمد في بنيتها التحتية على ما قام ببناءه الإنجليز و من حكم بعدهم في بدايات الحكم الوطني الذي كانت يسير آنذاك بقوة الدفع الحضارية التي خلفها الإستعمار، و منذ أمد بعيد توقفت عجلة الاستثمار في البنية التحتية من مشاريع صرف صحي و شوارع و إنارة و كباري، كما قلصت الحكومات المتتالية من بنود صرفها على المؤسسات الصحية و المستشفيات و الوقاية، و كل ما يحدث هنا و هناك يصب في الخانة الدعائية لهذه الحكومة أو تلك، كأن تبنى شوارع دون مصارف تصبح وبالا على الساكنين بجانبها، أو أن تبنى كباري أو أنفاق دون مخارج حقيقية تصبح به تلك المنشآت عبئاً ثقيلا على مستخدميها في غياب خطة عمل كاملة للتنمية و التخطيط.

    المسافر إلى الخرطوم اليوم من أية دولة تحترم مواطنيها يجد نصائح طبية عديدة في مراكز الرعاية الصحية المختلفة، أولا يجب عليك أن تتناول حبوب الملاريا للوقاية قبيل عدة أسابيع أو أيام من سفرك حسب نوع العقار المستخدم، أيضا يجب عليك حمل أدوية و مسحوقات مكافحة الإسهالات خاصة إذا كنت مسافرا بمعية أطفال، عند العودة من السودان يجب فحص الفسحة و الاستمرار في بلع حبوب الملاريا لعدة ايام أو أسابيع تجنبا لاستفحال أية اصابة في آخر أيام الاجازة، و تختلف أنواع النصائح حسب المكان الذي ستذهب إليه في السودان، فإذا كنت تنوي الترحال إلى جنوب السودان فيجب عليك التطعيم إضافيا ضد الحمى الصفراء، ناهيك عن النصائح الشديدة بعدم تناول الخضروات الغير مطهية ما لم تكن تعرف بشكل دقيق من هو القائم على عملية نظافتها و إعدادها، هذه النصائح اعلاه هي أمر حقيقي لكل مسافر للسودان من مختلف الدول الغربية. و الواقع إن القائمين على أمر تطوير هذه النصائح الطبية بإستمرار لكانوا سيصعقون حقا لو قاموا بزيارة الخرطوم في هذه الأيام و لربما أعلنوها منطقة ممنوعة من الزيارة ككرنتينة ضخمة يوجد بها 10 مليون من البشر أو يزيد. فتلك المدينة التي تعج بالسكان في كل شبر منها تنعدم فيها المراحيض العامة و إن وجدت فهي بأسعار كبيرة لا أخال المساكين الذين لا يحتكمون إلى قوت يوم أو ثمن رغيف لمضيعين فيها مبالغ تصل إلى ثمن عدة أرغفة للزيارة الواحدة لهذه المراحيض القذرة أصلا. و يستعيض العديد من زوار العاصمة و ساكنوها بالأزقة و الخيران لقضاء حوائجهم، بل أن هناك من يستعين بأسطح بعض البنايات لفعل ذلك بعيدا عن أعين المتطفلين، و من واتته فرصة الصعود و التفرج على أسطح البنايات الممتدة ما بين القنصلية المصرية وصيدلية كمبال سيتفاجاء بكمية الفضلات الإنسانية الموجودة على أسطح تلك البنايات. ناهيك عن تلوث مياه الشرب بصورة غير مسبوقة في الكثير من المناطق السكنية، بل إن بعض أحياء العاصمة الخرطوم يستخدم الحمير للحصول على المياه التي تنقل في بعض الأحيان مباشرة من النيل دون أي معالجة ميكانيكية كانت أو كيميائية.

    و لكن الخطر القادم لا محالة هو تلوث المياه الجوفية في العاصمة و المدن الكبيرة بمياه المجاري، و قد تزايدت بشدة في السنوات الماضية أعداد السيفونات في كل الأحياء في كل المدن مدني الأبيض الخرطوم شندي.. إلخ، مما ينبئ بكارثة بدأت نذرها في الافق حيث تتعدد الإصابات بالأمراض المختلفة بصورة كبيرة دون أبحاث حقيقية في الأسباب بل و بمحاولة اطلاق عموميات من قبل السلطات الصحية و الادارية كتعبير إسهالات مائية لتغبيش الرؤية و الهروب من الملاحقة الأخلاقية و القانونية. و على حد تعبير خبير جيولوجي فضل عدم ذكر إسمه، إن إشكال تلوث مياه الآبار و الشرب هو كارثة تنتظر الحدوث و هو يرجح أنها قد حدثت و إن كانت فداحتها ستظهر بأحجام وبائية قريبا.

    الإشكال الأكبر بالطبع يقع في ذهنية القائمين على أمور الحكم في سودان اليوم، فبذهنية التفوق الديني و من ثم الإقليمي و أخيرا القبلي فلا مكان آمن تحت شمس الإنقاذيين الحارقة، فالآخرون مخلوقات إضافية خلقت لتـُحكَم و تُستـَعبَد و تُستنـَزف لآخر قطرة دماء أو تُسحَـق كالحشرات، فمن الجبايات إلى الزكاة التي تخرج شهريا و ليس سنويا، إلى رفع الدعم عن السلع الضرورية و رفع مجانية العلاج و التعليم يصير المواطن في مواجهة حقيقية مع كل إشكالاته الحياتية الآنية و يتراجع دور الدولة إلى حد بعيد بحيث تبقى وظيفتها الامنية (في الواقع القمعية) هي القائمة، و قد يتساءل المرء كمواطن في دولة كهذه : ما هي أهمية مؤسسة الدولة بالنسبة له على أية حال ؟ و هل لها ضرورة كي يواصل في دفع ضرائبها و تحمل اعباء قواتها المسلحة و الغير مسلحة و لأي مدى و إلى متى ..؟

    و يبقى السؤال قائما ما هي الحلول الحقيقية للإشكالات الصحية القائمة الآن، و هل هناك من حلول أخرى غير الإهتمام بالبنية التحتية من قبل الدولة بوصفها من القطاعات التي لا ينفق فيها المستثمرون نسبة لعائدها المتأخر و لكنها أساسية في خلق البيئة المناسبة لذلك الإستثمار مستقبلا، و إلى ذلك الحين الذي تضطلع فيه دولتنا بغض النظر عمـَّن هو في رأسها بمسئولياتها الأساسية تجاه شعبها، فسيستحم مئات الألوف من مشردي هذا الشعب و سيقضون حاجاتهم على شاطيء النيل و قبالة القصر الجمهوري ليتمرغ فيها ذباب بلادنا المسكينة تلك و ليحط دون إذن في أو دعوة في وجبات غداء رئيسنا الموقر و ضيوفه الكرام ليصيبهم بمختلف الأمراض... و لذلك لا تفرق قارديتنا ( و لحسن الحظ ) بين الإغنياء و الفقراء، ففقرائنا الذين لا يدعون الى مائدة رئيسهم مطلقا سبقهم إليها و منذ زمن بعيد رذاذ فضلاتهم.


    أمجد إبراهيم سلمان
    [email protected]
    * القصة حقيقية و الأسماء الواردة للمريضة و الطبيب خيالية.




    ---------

    سلام يا أمجـد ،،

    وأريتا المأساة تقيف على القارديا الهوينة دي ؟ ولكن للأسف ، القارديا هيَ رأس جبل الأمراض المتكوِّمة في كلّ جسمٍ خرطومي – بلا شك – جرّاء هذا الواقع غير الصـِّحـِّي ! ويا ما في الخفاء قوارض ومصائب ! وكلـّو من جنس هذا العمل ! لكأنّما سُـقَي المرءُ بطنه !

    مصيبة المصائب، أنّ مُـتـَـنـَـفـذِّي الإنغاص! تُعجِـبك أجسامهم ، كالخُشُب المُسَـنـَّدة ! تريانين وعليهم دلائل الدسم والشـَّحم (ده ..آآي يا ) خصوصاً المُفتين منهم ، الواعظين بضرورة تخيـُّر الحلال .. من المطعم والملبس ! أؤلئك الذين يقودون مراكز الجبايات بمنهجية الجيب الواحد ! والحساب يجمع ! ترى الواحد فيهم يتحدّث عن المليار والدورار واليورار والبوبار ! ولا تثق في أيِّ كلمة من حديثه مهما امتلأ بالموعظات وساعدته جَكـَّة الإشارات باليدين وبالفَـمِ !






    ----------
    ياخوي ، قبل كدا ، ما قالولك : كبـّر حجم الحرف؟ ..
    يتهيـّـأ لي بأنّ حساب البكسِل عندك عايز يتوضع بين 800 و600 ..أو
    سـتضطر ، بين حين وآخر أن تقوم بفرض حجم الخط بالمعقوفتين ..



    مـــودتي ..
                  

08-05-2007, 10:31 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)


    الاخوة الطاهر عثمان و محمد أبو جودة
    شكرا لكم على المرور، و فعلا الامر يحتاج الى علاج كبير خاصة ان الامور تسير من سيء الى اسواء و تنمية الريف من الامور التي دعى لها الحريصون و الوطنيون منذ زمن بعيد، و لكن هل نتوقع ممن لم يستطيعوا تقديم اعانات لفقراء على بعد بضعة كيلومترات من القصر الجمهوري و البرلمان ان يرسلوا هذه المساعدات الى الاقاليم، هذه الحقيقة يعيها الوعي الجمعي السوداني جيدا، لذا ترى الناس قد أتوا الى الخرطوم زرافاتا و وحدانا كي يشاركوا و لو قليلا في فتات الثروة المزعومة الذي لا يسقط الى داخل دائرة العاصمة على الرغم من بؤسها، و الواقع يفيد أن اعدادا أخرى ضخمة في طريقها الى القدوم... فتلك ليست هي نهاية المطاف بعد...

    المؤلم و لسخرية القدر ان قادة السودان اليوم و مسئوليه بعيدين كل البعد عن تخيل حجم المسألة و لسخرية القدر نشرت السوداني اليوم حوارا لمسئول التخطيط العمراني عبد الوهاب عثمان يقول فيه أن اقرب مجاري للخرطوم ستظهر بعد 15 عاما تخيلوا فقط 15 عاما آخرى من الملاريا و الكثير من الامراض الاخرى... لماذا لانعدام التمويل.... لكن لماذا الخص ذلك الموضوع و هو يتحدث عن نفسه


    وزير التخطيط و المرافق العامة عبد الوهاب محمد عثمان يقول
    شبكة الصرف الصحي سيبداء انشاءها في العام 2022 بعد 15 عاما من اليوم

    اقتصادنا:وزارة التخطيط مرة أخرى
    الحديث الذي أدلى به وزير التخطيط العمراني والمرافق العامة عبد الوهاب محمد عثمان أمام أعضاء المجلس التشريعي بولاية الخرطوم حول إنشاء شبكة الصرف الصحي ومصارف لمياه الأمطار يشي بواحد من احتمالين هما ان الوزير المعني غير قادر على أداء مهامه أو غير راغب ومتقاعس عن أداء مهامه.
    فقد أشرنا من قبل في نفس هذه المساحة إلى حديث الوزير المتكرر وفي فترات زمنية متباعدة فيما يتعلق بإنشاء الوزارة لشبكة صرف صحي وشبكة لتصريف مياه الأمطار وامنا وقتها على ان هذا العمل يحتاج لمبالغ طائلة وميزانيات كبيرة.
    ويبدو متناقضاً جداً حديث الوزير عن عدم توفر المال اللازم في الوقت الذي تخطط فيه وزارته مع كل صباح جديد لعشرات المخططات السكنية الاستثمارية فمن باب أولى ان يطالب الوزير بتخصيص جزء من عائدات الأراضي الاستثمارية لإنشاء المشاريع التنموية الخاصة بالوزارة ان وجدت.. ان حديث الوزير عن ان الميزانية المخصصة لوزارته هي (200) مليون دولار فقط في العام وبالتالي هي غير كافية لإنشاء مثل هذه المشاريع يأتي في خانة الخصم ويدعم ريح التقاعس لأن هذا المبلغ قد لا يكفي للتسيير ناهيك عن إقامة مشاريع وكان الأحرى بالوزير ان يطالب وزيري المالية الاتحادي والولائي بادراج هذه المشاريع ضمن بند التنمية المخصص للولاية.
    أما قول الوزير ان بعض الشركات ستبدأ بأخذ صور للولاية على ان يبدأ تنفيذ مشروع الصرف الصحي بعد (15) عاماً فهو حديث غاية في الغرابة فمن أين سيوفر الوزير الميزانية لهذه المشروعات بعد (15) عاماً؟ وإذا كان هذا المشروع الآن يحتاج لمليار دولار مثلاً فكم مليار دولار سيحتاجه بعد هذه الفترة؟ ومن قال للسيد الوزير ان الولاية ستحتفظ بشكلها الحالي بعد (15) عاماً وان لا تطالها جرافات الازالة التي أعملت عملها بشراسة في الآونة الأخيرة في تهديم بيوت الله أو ان تتوسع الامتدادات السكنية العشوائية، وهل سيظل الشعب السوداني يمارس رياضة القفز فوق برك المياه والانزلاق في الطين لـ (15) سنة قادمة؟ وهل ستظل مدننا وقرانا تعاني الانهيارات لـ (15) سنة أخرى؟ وهل ستواصل الملاريا مداهمتها للأبرياء لـ(15) عاماً أخرى؟.
    حدثني مهندس مصري متخصص في إنشاء شبكات الصرف الصحي والتصريف بأن مصر أنشأت شبكة صرف ضخمة في القاهرة عام 1980 عمرها (100) سنة تستوعب خلالها كل المتغيرات التي يمكن ان تحدث خلال هذه الفترة من توسع وغيره لكنه اندهش كثيراً عندما فاجأ اليابانيون العالم في عام 2003 بعد ان ابتكروا أحدث الوسائل لإنشاء شبكات الصرف الصحي وقال لي مثل هذه التطورات لابد من مواكبتها وملاحقتها لكي لا يفوتك قطار التقدم والتنمية.
                  

08-05-2007, 07:25 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)

    up
                  

08-05-2007, 09:42 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)


    مساء الخير يا صاحبي الجميل ..

    الله عليك يا أمجد ياخ ..
    السرد الحلو , و اللغة الوقور المحتشدة بجميل المفردة و سلاسة الجملة و الفكرة التي تتزيا بالأدب .
    ثم ..
    ضحكت أقرأك و أنا أستمتع - كأغبش لعين - حال تبوأ فضلات الغبش مكاناً ما كان لهم ان يحلموا واطئيه حتى في أسوأ كوابيسهم ( وهم يعلم الله لا عندهم أب كباس و لا يحزنون .. فصاحبنا أب كباس ينام حيث المتخمون .. مالو و مال الهم ) .
    و عنّ لي أن أوسع الحكاية شوية - أيضاً كحال الغلابة الحاقدين - و أن امسرحها ( كوميديا سوداء ) ..
    فسرحت فيما سرحت فيه و رحلة لصديقتنا الـ " قارديا " ..
    مسحوقة صاحبتنا و ميتين أبو أهلها طالع هناك في أطراف المدن , تساكن الغلابة و تعاشرهم و تشاركهم فتات العيش و تزهج و تزهج و تزهج من قلة " العضة " فتقرر إنتهاز أول فرصة ( خروجٍ ) من هذه الإمعاء التعسة , فتنال مرادها قبالة القصر الأبيض على النيل الأزرق , حيث انزنق " الحاضن " الطيب هناك , و لم يسعفه القدر و لا الوالي ولا القيصر ولا أبو النوم بمكان يليق " مستراحا " يستريح فيه , فبهلها حيث هي بحمولاتها الآيدلوجية .. و إتفك ياخ .
    ثم تقوم المسكينة بعقد اتفاقا ( هجينا ) مع إحدى " الناقلات " المجنحة ..
    فتطير تلك الآفة بالآفة .. و تطير تطير حاملة لها ..
    و ترك حاطةٌ فوق أم رأس ذلك " الما لذ و طاب " ..
    و من ثم واجدة نفسها مبلوعة مُزدَردة هنيئا مريئا إلى حيث " مستقر و مكمن " .
    ( أحدهم جاء يوما بقائمة طعام قصرية جمهورية مهربة سرا إبان حكم المشير القائد الملهم أب عاج أخونا ..
    و كان بها أحجية قالوا أنها إحدى وجبات العشاء الرئاسية , و تحمل الرقم سبعة في قائمة الشرف الغذائي للرئيس الملهم ..
    تقول تلك الطلاسم الغذائية : بيض الأوز في أحشاء الكراكي ) .
    أي و الله .. أوز و كراكي .

    نعود لصديقتنا القارديا سعيدة الحظ ..
    فنهنئها على إنتصاراتها الساحقة بالتخلص من طاغوت الفقر , و جلافيط المصارين التي استهلكها الفول و لواييق الملاحات و أطنان الأميبا و الفيروسات و السركارياز و أخواتها الكائنات الجرثومية ..
    تلك التي ما عادت مجهرية و لا دقيقة .. بل أليفة أليفة ..
    بعد أن دجنها الغُلب و العشرة الطويلة الممتازة في كنف أصحابها المواطنين الصالحين الصابرين القانتين المعدمين إلا العزة .

    أما أمر صحة البيئة فهو من حال البلاد التي كل شأنها وباء .. يا كافي البلا .

    شكرا للمتعة الموجعة يا أمجد ياخ ..
    و لا تحرمنا من هكذا حديثٌ في السياسة و أحوال العباد ..
    خفيفٌ على الوجدان .. ثقيلٌ في الميزان .

    (عدل بواسطة Emad Abdulla on 08-06-2007, 12:06 PM)

                  

08-06-2007, 00:04 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Emad Abdulla)

    أستميح الأخ عماد عزرا ..
    إذ ليس عندي أبلغ منها
    Quote: خفيفٌ على الوجدان .. ثقيلٌ في الميزان

    شكرا يا دكتور .
                  

08-06-2007, 11:56 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)


    العزيز عماد عبد الله
    كيفك و كيف ايامك
    تعرف يا عمدة لمن اشوف كتابتك دي بتذكر دايما ناس بيت المال و ابروف المقرمين، و كيف لا و زي ما قال البروفسر علي المك في لقاء مع "الديم حي تائه من احياء امدرمان.. في "

    شايفك حسدت القارديا على حريتها في التنقل دون جواز سفر من قطاطي السكن العشوائي لقباب السلطان و دي حسادة محمودة على اية حال،
    والدي ابراهيم سلمان رجل ساخر للغاية في اول ايام وجوده معنا هنا في هولندا مررنا بالسيارة في حقول خضراء يمرح فيها بقر فريزياني ماكن الضرع، فقال و الله تعرف "... بقرة في هولندا و لا انسان في السودان" البقر هنا بعلفوه و بحلبوه الزول في السودان بحلبوه بدون علف...

    أما عن القارديا و اخواتها فحدث و لا حرج... حاولت القيام مرة بتجميع عينات من الموية من عدة احياء من العاصمة عشان أوديها لمعمل يشوف دي موية و لا حاجة تانية و الحايم فيها شنو... قتل الله الزمن السارق، و تخيل جبت معاي الانابيب لكن لا زم طبعا تلمها في آخر يوم عشان تشوف ليك معمل ود ناس يفحصها ليك خارج السودان و دي مسألة بتتطلب شوية حرفنة ووقت، لكنني ساعملها انشاء الله و لعل ذكرها في هذا الموقع يلهم شخص آخر ان يقوم بهذه العملية و يقيني سنذهل جميعا من النتائج...

    مولانا محمد علي
    مرحبا بك في هذا البوست المليء بالقارديا
    نحاول جميعا ان نخرج الحقائق و صياغتها بطريقة سهلة تجعلها تصل الى الجميع بلغة مباشرة في العام الماضي كتبت مقال مشابه كان بطله الوزير عوض الجاز و عاد علي ببعض التعليقات الغير لطيفة لبعض من أخطاءوا قرائة المقال بفهم انني كنت افول على الوزير الهمام
    و اعيد نشره هنا حتى تكتمل صورة الوضع الصحي المتأزم في السودان

    تحياتي للاسرة الكريمة
                  

08-06-2007, 12:01 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضلات إنسانية في غداء السيد الرئيس !!!! (Re: Amjad ibrahim)


    هل يمكن إنقاذ الوزير عوض الجاز إذا ما أصيب بنوبة قلبية؟

    في نوفمبر الماضي توجه إلينا في الجمعية العلمية السودانية بهولندا احد المحامين بكتابة تقرير عن الأحوال و الضمانات الصحية لمرضى القلب و مقارنتها بالأوضاع و البروتوكولات الصحية للدولة الهولندية، الطلب جاء لإيقاف ترحيل طالب لجوء سوداني أصيب بجلطة قلبية أثناء فترة بقاءه في هذه البلاد. الواقع إن الأمر صعب جدا لكون المقارنة بين دولة أوروبية متطورة و السودان أمر بديهي و صعب في نفس الوقت، و لان الأمر فيه خطورة حقيقية على حياة الرجل فيجب الاستناد إلى معلومات دقيقة و حيادية، أيضا وجدت نفسي مضطرا لأعقد المقارنة ليس بالسودان ككل بل بالعاصمة بوصفها مكان إقامة الشخص المعني في هذا الصدد.

    البروتكولات الهولندية الصحية في هذا الصدد تلزم الدولة بوصول إسعاف إلى المواطن في فترة لا تتعدى الـ 15 دقيقة من الإبلاغ بالخطر الصحي المعين تلفونيا، و في الأعوام الثلاثة الماضية ثار لغط كبير في البرلمان نسبة لان الفترة الزمنية لوصول الإسعاف في بعض الأقاليم الهولندية قد بلغ 25 دقيقة و اعتبر ذلك تجاوزا كبيرا للبروتوكولات المتفق عليها.

    في شهادتي أمام المحكمة التي عقدت للبت في هذا الصدد ذكرت أن المواطن المعني بهذا الأمر من عامة الشعب، و في غياب التأمين الصحي المتكامل للسكان في السودان، و في غياب التأهيل اللازم للكوادر الطبية المساعدة فان مسألة وصول إسعاف إليه في حالة تعرضه لنوبة قلبية في خلال نصف ساعة أمرا بعيد المنال، حتى و إن وصل هذا الإسعاف فإنه سيكون في الغالب خاليا من الأجهزة اللازمة لإنقاذ مريض مصاب بنوبة قلبية، ناهيك عن وجود الكادر الصحي المؤهل للقيام بهذه المهمة حتى إيصال المريض إلى المستشفي المناسب الذي سيتابع إجراءات و تفاصيل علاجه لاحقا، و هذا مسألة أخرى لم أود الخوض في تفاصيلها المعقدة.

    تلك القضية ساقتني إلى الاسترسال في هذه المسألة، و تتبعت حتى إبان زيارتي الأخيرة في ديسمبر الماضي إمكانية إنقاذ حياة حتى مسئول حكومي مقتدر مثل د.عوض الجاز أو علي عثمان محمد طه، أو حتى الرئيس نفسه و قد أوردت نموذج وزير الطاقة لأنه الأكبر سنا، و إحصائيا فإنه الأكثر تعرضا لهذا الخطر. و حتى لا نفوّل على الرجل فسأعقد بقية مقارنتي هذه بشخص الرئيس الاعتباري بوصفه أهم شخصية في الدولة السودانية حاليا على الأقل نظريا.

    فإذا أصيب الرئيس بجلطة قلبية مثلا في منزله في كوبر و لنقل الساعة الثامنة صباحا مثلا فانه من العسير جدا إيصاله إلى مستشفى القوات المسلحة في أمدرمان خاصة عبر الكباري المزدحمة، و إذا حالفه الحظ و تجاوز بسيارات الأمن كل الحواجز و العوائق فان مسألة الربع ساعة التي وضعت من أخصائيي القلب كفترة حاسمة تصبح بعيدة المنال حتى بالنسبة لرئيس الدولة السودانية،

    لقد تركزت سياسات الإنقاذ على التسليح و تمويل الأمن و تكديس الأموال بافتراض انه في حالة الحوجة الصحية فان الأردن و بلاد أخرى للعلاج قريبة و لكن هناك أمور قد لا تتيح للشخص المعين مهما بلغ ماله حتى إمكانية استقلال طائرة، لان حالته الصحية لا تسمح بذلك و منها السكتات الدماغية و إشكالات النزيف الداخلي... الخ فهل فكر هؤلاء و غيرهم من الحكام بذلك.

    في حوار سابق مع البروفسر عبد الرحمن التوم النقيب السابق لأطباء السودان، ذكر أن هجرة الأطباء و العقول المهنية السودانية السبب الأساسي وراء تدهور المهنة فإلى متى هذا التعامل السطحي مع بديهيات الأشياء من قبل الدولة و إلى متى عدم النظر إلى هذه المسالة بعين الاعتبار و دراسة ظاهرة الهجرة هذه بصورة جيدة، إن عدم تطوير الصحة في السودان و عدم إعطائها الأولوية اللازمة لها يؤدي إلى عدم توفر الآليات اللازمة لها، ويؤدي بالتالي على عدم القدرة على تدريب الكوادر على التعامل مع الحالات الطارئة لانعدام الوسائل اللازمة لذلك.

    في فبراير الماضي توفى إلى رحمة الله والد صديق طبيب بعيد نوبة قلبية لان مستشفى النيل الأزرق الخاص لم تكن عنده أماكن شاغرة لاستقباله، و لم ينصحه الطبيب المختص بالنصائح اللازمة للتعامل مع المرض حيث حوله إلى مستشفى أمدرمان التعليمي سائرا على قدميه و هو المصاب بنوبة قلبية لاعتبارات قرب المسافة... أيضا توفى العام الماضي احد أقربائي بعيد نوبة قلبية و المؤلم انه حينها كان نزيل في مستشفى حكومي وفي قسم القلب حيث تنعدم حتى ابسط الأجهزة لإنذار الأطباء و العاملين بتدهور حالته حينئذ.

    إن التعامل السطحي و السياسي مع أمور مهنية متخصصة مثل الصحة أمر خطير نرى بأم أعيننا نتائجه يوميا، الأوبئة و الجراثيم لا تفرق بين الأغنياء و الفقراء، و إذا انعدمت الخدمات الصحية حتى بالنسبة لسكان العاصمة القومية فإن الحال في الأقاليم يمكن تصوره قياسا، و سنكون موعودين بالمزيد من الهجرات من الأقاليم في الفترة القادمة لانعدام الخدمات الأساسية مثل العلاج و التعليم و العمل. مما سيفاقم تعقيدات العلاج حتى في العاصمة نفسها لوجود ضغط رهيب على مستشفياتها المتهالكة و التي تعاني من مخططات تهدف إلى تصفيتها لحساب القطاع الخاص و تعاني من ضعف مؤسس و مقصود في التمويل و الإدارة.

    أمجد إبراهيم سلمان
    [email protected]
    طبيب سوداني مهاجر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de