عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 12:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-19-2007, 11:56 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين



    عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين


    وبقية العقد الفريد

    سلاما أيها الشرفاء..



    متى ستنصفون????
                  

07-19-2007, 12:25 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    مازلتم ملح الارض...
    نهشت اجسادكم الرصاصات الاثمة...
    وأحكم حبل الجلاد قبضتة حول الرقاب المشرئبة...إلى النور...
    بقدر ما استطاعت..
    وعويل الذئاب المخمورة متوجفا..
    يغطية نحيب ثكلى ...


    سؤال ملح ..متى سيأتى أبى...
    هل سافر أبى..لماذا لم يأخذنى معة..ولماذا تأخر..هل سيحضر معة الحلوى والقميص الجديد...
    وهمس خافت بين الرفاق..
    نحن لاننكر التهم...
    نحن لاندعى الشرف...


    والجلاد يوزع الحلوى...ويصرخ فرحا...
    ها قد غطينا ...آخر النور..
    آخر طاقات النور...
                  

07-19-2007, 12:25 PM

ABU QUSAI
<aABU QUSAI
تاريخ التسجيل: 08-31-2003
مجموع المشاركات: 1863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    التجلة والإنحناءة لهم ....

    ولهم العهد بأن نبقى دائما مع جماهير شعبنا حتى الانتصار وإنصافهم مهما كانت التضحيات ....

    أبو قصي
                  

07-19-2007, 12:32 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    Quote: التجلة والإنحناءة لهم ....

    ولهم العهد بأن نبقى دائما مع جماهير شعبنا حتى الانتصار وإنصافهم مهما كانت التضحيات ....

    أبو قصي

    أبو قصى
    التحيات الناضرات
    وهكذا دائما على العهد...
    كن بالف خير
                  

07-19-2007, 12:43 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    "وغطى الجبال الليل...
    لكن صهيل الخيل...
    تحت الجبل مسموع...
    نار الغضب و الجوع ...
    تضوى عز الليل.."


    ويبقى الليل ...
    كالح الظلام..
    وريح هوجاء..
    تعصف بكل شئ...
    والانسان...
                  

07-19-2007, 12:49 PM

BAKTASH
<aBAKTASH
تاريخ التسجيل: 02-21-2003
مجموع المشاركات: 2522

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    سيظلوا احياء في ذاكرة وتاريخ هذا الشعب ... والى مزبلة التاريخ الاموات من امثال النميري وابو القاسم وخالد حسن عباس وغيرهم من السفلة القتلة.... لهؤلاء الشهداء الخلود والتجلة وانا على الدرب لسائرون... تحياتي ود المكي .
                  

07-19-2007, 01:18 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)



    قتلة : لكي لاننسى : بمناسبة 19يوليو
    سفاحون وقتلة مأجورين
    مارسوا القتل والتعذيب والتنكيل.
    ---------------------------------------------------
    المنتدى العام ل " سودانيز أون لاين " دوت كوم
    مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م.



    أبو ساندرا

    18-07-2005, 01:56 م

    1- جعفر نميري :تدخل أكثر من مرة لتغيير حكم المحكمة ليصير إعدام
    في محاكمة الشهيد المقدم بابكر النور رفض رئيس المحكمة الحكم بإلإعدام وفقآ لرغبة السفاح ، وكذلك رفض جميع الضباط الذين كلفوا بذلك بعد إعتذار العميد تاج السر المقبول ، وظل السفاح يردد في كل مرة رفع له فيها الحكم بالسجن قائلآ :{ ده رئيس مجلس ثورة تحاكموه كده } كان الحكم الأول السجن 12 سنة عدل بعد تدخل السفاح إلى 20سنة وفي المرة الثالثة إعتذر العميد المقبول.

    وكذلك فعل السفاح في محاكمة الشهيد الملازم أحمد عثمان الحاردلو ، حيث صدر الحكم بالسجن ثلاث سنوات ولكن السفاح نميري كان مصرآ على عادة المحاكمة وإصدار حكم الإعدام ، وتم له ما أرد

    وصدر الحكم على النقيب عبدالرحمن مصطفى خليل ب 7سنوات وأعاد السفاح الحكم حتى عدل إلى 14سنة
    -في محاكمة الملازم هاشم مبارك صدر حكم المحكمة التي ترأسها العقيد فابيان لونق غير أن الفاح نميري أعاده ثلاث مرات طالبآ تشديد الحكم

    2- الرائد أبوالقاسم محمد إبراهيم:
    3- الرائد علي حسين اليماني
    4- الرائد عبدالقادر جني
    5- النقيب محمد إبراهيم الشايقي
    قامت هذه المجموعة بقيادة ابوالقاسم بتعذيب الشهيد الشفيع أحمد الشيخ بالسحل والطعن بالسونكي والركل بالأحذية وبكعب البنادق ،

    6- العميد أحمد محمد الحسن :
    ترأئس معظم المحاكمات ، ومنها محاكمة الشهيد عبدالخالق محجوب وضايق الشهيد بالإستعجال والمقاطعة ، غير أن الشهيد البطل أصر على إكمال دفاعه قائلآ للسفاح أحمد محمد الحسن :{ أنت من هنا وإلى البيت أما أنا إلى الإعدام فتمهل لأكمل دفاعي } أو مامعناه
    -أشرف على التنفيذ في بعض المحاكمات وكان برفقة نميري طول الوقت
    -أجهز على الشهيد أحمد جبارة بمسدسه بعد أن ظل الشهيد البطل يهتف والرصاص يلعلع

    7- اللواء خالد الأمين الحاجشقيق اللواء المقبول عضو مجلس إنقلاب عبود
    8-الرائد شرف الدين أحمد مالك { إستخبارات سلاح المهندسين}
    9-الرائد فتحي أبوزيد
    10-الرائد تاور
    وحفنة من الجنود
    قام اللواء خالد الحاج بالإعتداء على الملازم صلاح بشير الذي كان في سرير السلاح الطبي بعد أصابته بجرح كبير وكان الجماعة يظنونه معهم حينما نقلوه إلى السلاح الطبي ، عندما عرفوا إنه شارك في 19يوليو قام اللواء خالد بنزع الدرب الموصل بين زجاجة الدم ووريد صلاح بشير بعنف وقسوة ووجه ضربات للملازم صلاح في مكان الجرح
    الرائد شرف الدين لم يشارك في حفلة التعذيب وكان متفرجآ

    11- اللواء خالد حسن عباس :قام بمساعدة الرائد أبوالقاسم محمد إبراهيم بتعذيب الدكتور مصطفى خوجلي
    الرائد فتحي أبوزيد { 9} شارك خالد وأبوالقاسم في تدذيب دكتور خوجليوكذلك صرح في وجه الملازم هاشم مبارك الذي حكم عليه بالسجن قائلآ: { كنا عايزنها إعدام }

    12-النقيب { مظلات} محمد إبراهيم
    شارك في معظم عمليات الإعدام وكان بادي السعادة ، شارك في تنفيذ حكم إعدام الشهيد هاشم العطا ، كان معه:
    13-الملازم عبدالعزيز عوض
    14-الملازم الهادي محمود جمعة
    أطلقوا أكثر من 800 طلقة على الرائد القائد هاشم العطا وشاركوا في كل عمليات التعذيب والإعدام
    15-الملازم كمال سعيد صبرة
    حاول إستفزاز الرائد هاشم العطا وقام بتهشيم نظارة الشهيد هاشم الذي قال له وبرجولة فائقة : { شوف الرجال بيثبتو كيف }
    16- المقدم صلاح عبدالعال مبروك :
    حينما رفض العميد تاج السر المقبول تنفيذ رغبة السفاح بإعدام المقدم بابكر النور ، ورفض كل الضباط الذين كلفوا قام نميري بإستدعاء صلاح عبدالعال تلفونيآ فحضر وإستلم اوراق المحاكمة وحكم بإعدام الشهيد بابكر النور
    17- المقدم عبدالقادر محمد احمد :
    -نسف المكتب الذي واصل منه الشهيد محمد أحمد الريح المقاومة في القيادة العامة مما أدى لإستشهاد ودالريح
    - شارك وبتلذذ في معظم عمليات التعذيب والإعدام
    18-الملازم حسب الله نوح { المظلات }
    قام وجنوده بتعذيب الشهيد معاوية عبدالحي
    19- الرائد كمال خضر
    حضر كل المحاكمات وقام بضرب الشهيد أحمد جبارة
    20- الملازم فضل شريف:
    وجه لكمات للشهيد أحمد جبارة الذي كانت يداه مقيدتان للخلف
    21- الرائد عمر محقر:تدخل في محاكمة النقيب محمد أحمد محجوب قائلآ أنه شتم مجلس الثورة المنحل وسب نميري وبسبب هذه الإفادة عدل حكم البرآة إلى السجن
    عمر محقر عمل ياور للسفاح نميري ونشر بعض من مذكراته المليئة بالثقوب في جريدة البيان الأماراتية ونفى أن السفاح تدخل في المحاكمات ، الكذاب

    22- العقيد عبدالوهاب البكري :
    كان ممثل الإتهام في معظم المحاكمات ومن ضمنها محاكمة الشهيد عبدالخالق محجوب
    نذل ووضيع طلب ملابس أحد الضباط الشهداء
    يكتب في بعض الصحف السودانية
    مارس مهامه بخسة ووضاعة وتشفي ومازال يفاخر بفعائله الذميمة

    23-العقيد علي علي صالح :{ قائد مدرسة المدرعات }طلب النقيب عبدالرحمن مصطفى خليل إستدعائه للشهادة كشاهد دفاع ، فقال له لو حضرت كشاهد دفاع فانني سوف أعجل باعدامك
    24- العقيد قسم الله الحوري
    25-المقدم مهدي المرضي
    26-النقيب كامل مساعد
    27-المقدم عبدالله الياس { ممثل الإتهام }
    شاركوا في محاكمة الدكتور مصطفى خوجلي
    28- الرقيب إسماعيل سعيد :شارك في حملات إعتقال الضباط المشاركين في 19يوليو
    29- العقيد الطاهر محيي الدين
    30- العقيد احمد يحيي عمرانفي محاكمة الملازم فيصل كبلو التي ترأسها توفيق أبوكدوك { فريق لاحقآ ونائب رئيس هيئة الآركان } صدر الحكم بخمس سنوات سجن ولكن السفاح نميري هاج وطالب بتكوين محكمة أخرى بعد إعتذار أبوكدوك وشكلت المحكمة برئاسة العقيد الطاهر محيي الدين وكان العقيد عمران ممثل الإتهام وأصدرت المحكمة البديلة حكمآ بالسجن 15عامآ
    31- فتحيي عبدالغفور
    قام بتوجيه أساءة للملازم فيصل كبلو ومعه المقدم عبدالقادر محمد أحمد المذكور أعلاه
    32- النقيب علم الهدى شريف
    33-النقيب مختار زين العابدين
    34-الرائد صديق السيد
    35-الرائد عثمان محمد الحسن
    شاركوا في ماحدث في معسكر المدرعات في الشجرة

    36- العقيد محمد حسين طاهر:في محاكمة النقيب محيي الدين ساتي ذكر ممثل الإتهام العقيد {لواء} صديق البنا بانه ليس لديه ادعاءات ولايوجد شهود إتهام ولكن رئيس المحكمة العقيد محمد حسين طاهر قرر الإدانة وعندما سأله النقيب محيي الدين كيف توصلت للإدانة ولا إدعاء ضدي ولايوجد شهود إتهام ؟ أجاب العقيد طاهر بأن الموضوع ليس في يده وطلب منه ان يدل بأي شيء يخفف عنه الحكم ورفض النقيب محيي الدين فحكم عليه ب 6سنوات وأذيع الحكم في الإذاعة وفي اليوم التالي أعلن رسميآ أن الحكم 10سنوات
    وحكم العقيد طاهر على هاشم مبارك

    و
    37-الرائد مامون عوض أبوزيد38-الرائد زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر
    39-اللواء أحمد عبدالحليم { قائد المدرعات }
    40—العميد محمد عبدالحليم { شقيق أعلاه } ووزير الخزانة وكلاهما في المخابرات المصرية
    41-عميد عمر الحاج موسى { وزير الثقافة حينها وعراب نميري وحاميه }
    42-مقدم قاسم موسى نوري
    43-مقدم يعقوب إسماعيل
    وخونة :
    44- أحمد سليمان المحامي المنشق عن الحزب الشيوعي
    45-معاوية إبراهيم سورج
    قدما معلومات ووشايات وكان معاوية سورج شاهد إتهام ضد الشهيد الشفيع أحمد الشيخ وضد الشهيد جوزيف قرنق والدكتور مصطفى خوجلي
    عاش منبوذآ وغرق في إدمان الخمر قبل موته

    وخونة على مستوى:
    46- الهالك انور السادات : الذي لقى جزاؤه العادل صريعآ بين جنوده
    47-المعتوه الصحراوي : مازال ينتظر بعد ان إنحنى لأمريكا ودفع مال الشعب تعويضآ عن جرائمه
                  

07-19-2007, 01:31 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    Quote: سيظلوا احياء في ذاكرة وتاريخ هذا الشعب ... والى مزبلة التاريخ الاموات من امثال النميري وابو القاسم وخالد حسن عباس وغيرهم من السفلة القتلة.... لهؤلاء الشهداء الخلود والتجلة وانا على الدرب لسائرون... تحياتي ود المكي .



    العزيز بكتاش
    ونحن ايضا عل الدرب سائرون...
    لك التحية وفائق الود
                  

07-19-2007, 01:36 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    العريس وطحالب القاع.
    -----------------------------------

    الى الشهيد عبدالخالق محجوب.

    د. جيلى عبدالرحمن.


    وانتظرناك على الشوك طويلا

    ولهثنا فى حقول القيظ،

    سنطاً ونخيلا

    كنت تزهو فى ذراع الثائر المهدى،

    سيفاً

    يحتسى المحروم منه،

    قطرات الشهد صيفا

    كان سيفاً... أحمر الحد... صقيلا

    وعباباً من جماهير تغنى للنسائم

    كيف سال الحزن مهراقا

    على زغب الحمائم؟

    وارتعدنا... وانتفضنا

    حين أزمعت الرحيلا

    * * *

    خوذة الجندى

    قيظ، مثل دبابة نار

    تنفث الشمس لظاها

    فوق أشلاء النهار

    فى بيوت القش

    والطين،

    وأسفلت الشوارع

    تفغر الظلمة فاها

    والمتاريس،

    المدافع

    وافتديناك... إختفينا

    واحتفينا بالبنادق

    وادخرناك نشيداً

    وشهيداً وبيارق!

    واقتلعت الطحلب القاعى

    والصمت الجذورا

    والصمت،

    الجذورا

    وامتشقت الرايَّة الشماء

    غضبان

    جسورا

    * * *

    أيها المصلوبُ،

    والعرق الخرافى... يرود

    ملحمات العصر

    والأيام للدنيا... وقود

    القرابين تطوف

    والمزامير، الدفوف

    يا عريس الغُبش

    والحزب

    أمانيك القطوف

    قبضة السيف تقاس

    هزها الشعب... فقاما

    فى شفاف القلب وسّدناك سهماً،

    وحساماً

    هل ترى ريح الهبوب؟

    أم قناديل الغروب؟

    أم مرايا... الماء؟

    تسقيهن بالورد الخضيب!

    ذاك تموز الدفئ

    مرة أخرى يجئ

    يا رياح الشهداء

    أقشعى الحزن القمئ!

    * * *

    شامخ الجبهة مزموم الشفة

    فى جدار الغرفة المرتجفة

    أتملاك إذا ما الشوق يهطل فى دمائى

    يختلى اليتم، ويجفل

    كارتعاش الأرصفة

    فى العيون الواجفة

    * * *

    أعولت ريح تسف

    ذكريات لا تجف

    أسطر دوَّت كطلقات،

    وأطياف تدفُ

    يا يناير

    يا هزيج الشعب "يا أم الضفائر"

    رحت ترنو

    تبسم الشفتان

    والدنيا بشائر!

    * * *

    لا تقولوا

    أخطأ الحزبُ

    وهاشم

    لم يساوم

    غير أن الغفلة الكبرى!

    وأشياء طلاسم

    لا تقولوا

    يستحى القول الجميل

    قطرة الدمع تقاوم

    قطرة الدمع تقاوم

    * * *

    بأبى أنت وأمى

    أتزيح اليوم... همى

    - يا عمادى

    كيف يهوى مرة... طود أشم؟

    كان ثورياً شيوعى القلم

    - انه صخر أصم

    - والمنايا... حينما العمر ارتضم

    - خضت بحر الموت نسرا،

    يتهادى للقمم

    عُم مساءً

    أوغل الليل

    فنم

    * * *

    وانتظرناك على الشوك المُدمى

    مثلما يشتاق فى الظلمات أعمى

    يا عريس الشهداء

    طفلك المطعون يوليو فى السماء

    صانك المجد، وحب الفقراء

    وافتداك الشعب... دوما
    ----------------------------------------------------------
                  

07-19-2007, 01:41 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الغالى جدا بكرى الصايغ
    سعدت بحضوركم البهى..
    نعاهدهم ما بقينا..نورهم يعم الارجاء
    ودمائم ليست بماء..
    الود كله
                  

07-19-2007, 02:27 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    فوق السحاب...
    ومن خلف الغمام...
    نظر الهمام...
    وصاح..هلموا يا رفاق..
    إفتحوا الباب..
    الفجر قادم..
    الامل قادم...
    وألقى باعواد الثقاب..
                  

07-19-2007, 03:31 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    بقي الامل....

    "بنادق وين...
    مدافع وين...
    بتمنعنا العديل والزين.."

    وبقى الامل...
                  

07-19-2007, 04:38 PM

hamid murahid
<ahamid murahid
تاريخ التسجيل: 07-17-2007
مجموع المشاركات: 283

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    التحية و الانحناءة لهم جميعا و إن اختلفنا في الكثير أو القليل . يكفي أن نقول أنهم قد طعنوا غدرا و رحلوا عن دنيانا و هاماتهم مرفوعة. في هذه اللحظات تمر بخاطري بعض أبيات الشاعر (الرائد وقتها) إبراهيم سيد أحمد يلقيها من خلف قضبان زنزانته في سجن الأبيض مرحلا من سجن شالا إلي سجن كوبر:

    "أيها الظالم المصعر خدك...
    قف رويدا فأنت تجهل قصدك
    قد ملأت البلاد فسقا و جورا
    و تجاوزت في الصفاقة حدك
    كم صغير رميته لا تبالي
    كم صغير قتلته لا تبالي
    إنه العقم بالقصور أمدك *
    يا جرادا نهبت حقل بلادي
    قد تعري و ما توقع رغدك
    فالشعارات كلها زائفات
    لست حرا فكيف تنجز وعدك
    و البطون الخواء تصرخ جوعا
    أنت أدري بما يضاعف سهدك
    إن أكتوبر العظيم بخير
    سائل عنك و هو يعلم ردك"

    التحية و الإجلال مرات و مرات و معذرة فالقصيدة عدد أبياتها 42 بيت.
    ___________
    * ( أهلنا عندهم مثل بقول : كان حكمك العاقر ... يحلك القادر)
    ___________

    حامد موسي
                  

07-19-2007, 04:43 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: hamid murahid)


    لكي لا ننسي

    فالنطالب بالكشف عن قبور الشهداء ووصاياهم الأخيرة
    مجداً وخلود شهداء الثورة الوطنية الديمقراطية والسلام
                  

07-19-2007, 05:17 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    Quote: التحية و الإجلال مرات و مرات و معذرة فالقصيدة عدد أبياتها 42 بيت.


    العزيز حامد موسى



    صوتك وصل والتحية والاجلال لكل شهداء الحرية..
    شكرا على المرور الكريم
                  

07-19-2007, 05:44 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    د.مصطفى
    الرجل القامة...خاتى الملامة
    وانا أيضا أطالب بهذا المطلب العادل
    لكم الود
                  

07-19-2007, 05:52 PM

مدثر محمد ادم

تاريخ التسجيل: 12-17-2005
مجموع المشاركات: 3016

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الاستاذ ود المكي تسلم يارائع

    بهديك الخاطرة دي

    كانو يتعزبون من
    اجلنا
    ويضحون في سبيلنا
    ويتالمون لي بكاء
    اطفالنا
    من هم؟
    ولماذا؟
    ومن اين ياتون
    لست ادري
    ولكن يحين رايت
    دمائهم تسيل لي
    تروي
    ارض الفقراء
    ايقنت ان اللون
    الاحمر
    لون الشرفاء
    وانهم شوعيون
    ياتون من ذاتنا
    لانهم ثوريين
    اذن شوعي انا
                  

07-19-2007, 07:02 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: مدثر محمد ادم)



    ..غني يا خرطوم غني




                  

07-19-2007, 07:03 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: مدثر محمد ادم)

    Joseph Garang .. Sudanese Communist Party Martyr

                  

07-19-2007, 07:12 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    أخــر كلماتهـم قبـل الاعـدامات....عبد الخـالـق الشـفيع واخـرون.
    --------------------------------------------------------------
    آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور).

    1/-
    عبد الخالق محجوب:قالوا له ماذا قدمت لشعبك؟
    أجاب في هدوء: الوعي.. بقدر ما استطعت...
    وشهد الصحفيون الذين حضروا الجلسة الأولى من محاكمته، أنه كسب تلك الجولة دون منازع، فكان هو القاضي..
    طردوا الصحفيين، وأصدروا عليه الحكم بالإعدام وهم يرتجفون. صعد إلى المشنقة وهو يهتف:

    المجد لشعب السودان.. المجد لثوار السودان..
    أثار استشهاده، موجة عالية من الغضب العالمي الجبار، وألهم كثيرا من الأدباء والشعراء والفنانين على مستوى العالم، وكان مصدر للفخر والاعتزاز من قبل كل الشيوعيين والوطنيين.

    2/-
    الشفيع أحمد الشيخ:
    بكل صبر وشجاعة الثوار الكبار تحمل الضرب والركل والسحل، ولم يتمكن النزيف من إطفاء ابتسامته المشرقة.) قال لجلاديه: "لم نرتكب أي خيانة ضد الوطن وشعبه، ووقفنا مع التقدم ومصالح الناس. وإذا متنا فالمهم أن يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التي اشتركنا في بنائها مع آلاف الناس." ــ إزاءه ارتد أبو القاسم محمد إبراهيم إلى أصوله الحيوانية ومعه تابعه اليماني، وإزاءهم تسامى إلى مجد الإنسان المناضل الشيوعي. نعاه الشاعر الكبير جيلي عبد الرحمن فكتب:
    في السهد ما انتحبت ما بكيت..
    حين ضم مأتم النهار بيت
    ما بكينا رهبة أو شفقة
    لكن عينيك الكحيلتين
    بالنور.. والنبيلتين
    تسامتا كراية ممزقة
    تقاوم السقوط في الوحول المطبقة
    أوّاه.. ما ركعت ما انحيت
    وحينما اعتدى المرتزقة
    عليك قبل الموت.. فافتديت
    مرتين... يا شفيع الطبقة.

    تعذيب الشهيد الشفيع احمد الشيخ :مساء الاحد ۲٥∕٧ خرج الشهيد الشفيع احمد الشيخ من المكتبة حيث كانت تجرى محاكمته، فوجد الشهيد جوزيف قرنق ودكتور مصطفى خوجلى جالسين علىالتربيزة المخصصــة للتحقيق فى البرندة. وقف بضع دقائق مع دكتور مصطفى، وقال له : " تصور أن شاهد الاتهــام ضدى هو معاوية إبراهيم سورج . سمعت انه سيحضر شاهد إتهام ضدك". وكانت شهادة معاوية كما ارادها السفاح نميرى وزمرته تنصــب على اثبات أن الشهيد الشفيع عضو سكرتارية الحزب الشيوعى وبالتالى فأنه يعرف التنظيم العسكرى للحزب ومكان إخفاء أسلحة الحزب.
    بعد قليل تم إستدعاء الشفيع مرة اخرى للمحكمة داخل المكتبة. وحوالى الساعة العاشرة إلا ربع خرج من المحكمة وجلس على الكرسى امام البرندة. حضر الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم مخموراً وفى حالة هياج شرس. وقف أمام دكتور مصطفى وسأله: أين مكان عبد الخالق، لأننا علمنا أنه شوهد معك مساء يوم الثلاثاء الماشى. نفى دكتور مصطفى علمه بمكان عبد الخالق. هدده أبو القاسم بقوله : أمامك ۱۰ دقائق لتخبرنا بمكانه. ثم اتجه نحو الشهيد جوزيف قرنق وكرر عليه نفس السؤال. نفى جوزيف علمه بمكان عبد الخالق. هدده ابو القاسم بقوله : امامك ٥ دقائق لتخبرنا بمكانه.
    ثم نزل من البرندة واتجه نحو الشفيع الذى بادره بالتحية. ولكن ابو القاسم عاجل الشهيد الشفيع بلكمات متتابعة على وجهه ورأسه، وبصق على وجهه وواصل عدوانه ضرباً بقبضته ورفساً بأقدامه. تجمع حول الشهيد الشفيع اثنا عشر شخصاً من جنود وضباط وصف ضباط المظلات المشرفين على التعذيب والأعدام. وكان بينهم الرائد على حسين اليمانى والنقيب محمد إبراهيم الشايقى والرائد عبد القادر جنى وشاركوا ابو القاسم رقصة وحوش الغاب. عندما شعروا بأن عيون كثيرة تنظر اليهم فى استنكار، سحلوا الشهيد سحلاً لمسافة ٤۰ ياردة خلف شجيرات صغيرة وواصلوا التعذيب. استخدموا سنان السنكى للطعن، ومؤخرة البنادق، والاحذية ذات الكعب الحديدى، وابو القاسم يقودهم ويتقدمهم.
    رغم كل ما حدث، كان الشهيد الشفيع عندما أعادوه لغرفة الإعتقال يكتم اَلامه بصبر. كان على وجهه جرح غائر سالت منه الدماء على حاجبه، وجروح اخرى تنزف على جسده، وفى محسنه نزيف داخلى وعلى رأسه دماء وجلد تسلخ. نظر اليه أحد الضباط فى فزع - فجمع كل قوته ليطمئنه بقوله : ولا يهمك. نتقابل فى كوبر – حمل حقيبة ملابسه الصغيرة، وأتجه نحو الحمام وإستبدل ملابسه وهو لا يسطيع الحركة الا فى عناء.
    أعادوه الى غرفة المعتقلين حيث عاد المعتقلين من التحقيقات والمحاكم. أخبر المعتقلين وهو يجاهد ليحافظ على ابتسامته المشرقة على وجهه : " عذبونى ابو القاسم وجماعته. لكن المعنويات عالية وانا ما متوقع شئ غير الأعدام ولا يهمكم". وقد رد عليه بعض الضباط المعتقلين : " طبعا انتو ما ليكم دخل بكل الموضوع دا، وما حتجيكم حاجة." رد عليه بقوله :" يا أبنائى نحن من سنة ۱۹٤۸ نتوقع الموت فى أى لحظة. ولو نحن متنا الحياة حتمشى."
    كان الشهيد بعد التعذيب يرفع عينه بصعوبة لمن حوله من الضباط يسألهم عن الذين اشتركوا فى تعذيبه، وعندما يحددون له اسماء من شاهدوه منهم يسجل اسمه فى ورقة صغيرة ويقول لأحد الضباط : باله بعدين كلم الاخوان.
    بعد عودته من الحمام، ومحاولته مواصلة الحديث مع الضباط المعتقلين استلقى ونام نوماً عميقاً.
    كان الشهيد خلال وجوده فى المعتقل، يصحو مبكراً وطلب من الحرس مكنسة وأصر حتى حصل عليها، فقام بنظافة بلاط الغرفة، وطلب من المعتقلين المحافظة على نظافتها وكان يباشر ذلك اكثر من مرة فى اليوم. وعندما احضروا الملازم صلاح بشير وجراحه تنزف، باشر الشهيد مهمة تمريضه والعناية به – طعامه وشرابه ومحاولة تنظيف جراحه.
    طيلة حديثه مع الضباط كان يكرر : نحن لم نرتكب خيانة ضد الوطن وشعبه. وقفنا مع التقدم ومصالح الناس. واذا رحنا المهم ان يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التى اشتركنا فى بنائها مع اَلاف الناس.
    انتهت محاكمة الشهيد يوم الاثنين ۲٦∕٧∕ ١٩٧١ ، وساقوه الى كوبر مساء ذلك اليوم وهناك اعدم شنقاً.

    3-
    جـــوزيــف قــرنــق:

    عندما استدعوه من سجن كوبر، قال لرفاقه المعتقلين، سأعود إليكم سريعاً وعاد بالفعل، لينفذ فيه

    حكم الإعدام دون محاكمة.

    كتب لأسـرته..

    دقائق وينتهى الأمر, مثل طائرة هوت فى عرض البحر.

    ناضل حتى الرمق الأخير من أجل وحدة الوطن،
    وتماسك قومياته، وتقدم شعبه.


    رساله ألى جوزيف قرنق

    يامسجى فى ألمدارين
    وخط الإستوء
    نم
    توسد كل شبر
    فى
    بلادك
    والسماء
    نجمة
    عند ألمساء
    وبذرة فى
    الإرض
    تنبت كبرياء
    لك من أسى
    وطنى عليك
    ومن دمى
    ياتوأمى
    هذا ألغناء
    فصدوا جبين ألشمس
    فيك
    ولوعوا
    كبد
    الصباح
    ياللذئاب
    لو لم يكن
    لصا
    غريب
    الوجه
    واليد واللسان
    ما إستباح دمك
    العزيز
    على
    ألتراب
    ياسكتى عبرالظلام
    وسلمى
    نحو
    الضياء
    فصدوا جبين ألشمس
    فيك
    ولوعوا
    كبد الصباح
    ياللذئاب

    محجوب شريف.










                  

07-19-2007, 07:50 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    المنتدى العام ل " سودانيز أون لاين " دوت كوممكتبة أحمد طه(أحمد طه):


    بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر.
    --------------------------------------------------------
    18-07-2004, 11:42 م

    أحمد طه


    هى ارادة الرحمن ..أبقت على أب عاج وزينكو وابليس ..... وأتت بالذين لاندرى من اين أتوا ..وحرمت السودان من ابناءه الاوفياء
    هاشم وفاروق وبابكر وبقية العقد الفريد . ليتكم شهدتموهم وهم يواجهون الموت النبيل لتعرفوا قدر أولئك الرجال .
    عندما حانت لحظة الاعدام العشوائى الذى لم يراعى فيه ابسط الاجراءات القانونيه والانسانيه المفروض اتباعها عند تنفيذ حكم الاعدام .. مثل عصب العيون ..وتحديد مكان القلب بشارة ملونه ..وربط المحكوم عليه على عمود ..وتحديد سلاح واحد يلقم بالذخيره الحيه لايعرفه حتى فريق تنفيذ الاعدام الذى يكون بقيادة ضابط يحمل مسدسا محشوا للاجهاز على المحكوم عليه .. ويكون التنفيذ بحضور قاضى ورجل دين .. هكذا ينفذ حكم الاعدام حتى عند النازيين والفاشست .
    أخذوا هاشم الى ميدان الرمايه < الدروه> .. كانت السماء ملبدة بالغيوم و الشمس مائلة للغروب والارض معطنة با لطين الممزوج برائحة الموت الذى شهده نفس المكان الذى تم فيه اعدام الذين سبقواهاشم ..الهاموش ..اب شيبه..بشير عبد الرازق... ودالزين.... أحمد جباره .. الحردلو
    كلهم أدهشوا الموت وجلاديهم بثباتهم الخرافى .
    وسط صراخ الجند الهستيرى وولولتهم وزعيقهم واطلاق زخات الذخيره فى السماء فى جو احتفالى يذكرنى بطقوسيةالقتل عندالقبائل البدائيه.
    طلبوا من هاشم التوجه نحو الدروه.. ردد هاشم الشهادتين بصوت خفيت
    واخرج علبة سجائر اشعل منها سيجاره اخذ منها نفسا عميقا واستدار نحو الدروه .....................................

    وما أن أعطاهم ظهره حتى انطلق الرصاص من كل حدب وصوب نو البطل

    الشامخ ... شارك معظم الحضور من الجند فى المجزره حرصا منهم على تلطيخ اياديهم بدماءه الطاهره
    أول الزخات هشمت فكه ..وقبل ان يسقط على الارض كانت آلاف الطلقات قد اصابت جسم الشهيد واستمر الضرب عليه حتى بعد موته حتى لم يبق مكان فى جسمه لم تطالهرصاصات الجند حدث ذلك فىمعسكرالمدرعات بالشجره

    أما فاروق وبابكر.. أخذوا صباح اليوم التالى فى عربة جيب روسى
    متهالك تحت حراسه مشدده الى منطقة الحزام الاخضر يصحبهم بعربة
    أخرى فريق الاعدام المكون من جمهرة من الجند ومعهم ضابط نبيل اجبرته ظروف مهنتهعلى مواجهة هذا الموقف ..طالما تعاطف هذا الضابط مع الشهيدين عندما كانا تحت حراسته اثناء فترة اعتقالهما فى مكتب بقيادة المدرعات وامنوه على كثير من اسرارهم التى لم يفصح عنها حتى الآن.... بل وحمل بعد ذلك كل علب السجائر الفارغه التى كتب عليها بابكر رسائله الى ابنته وسلمها للاسره .
    طلب منهما التوجه نحو الحزام الاخضر فرفضا المثول للامر ورفضا اعطاء ظهورهم لجلاديهماوطلبا أن تطلق النار على صدورهما .. فلما تردد الجند- انفعل فاروق ومزق زراير قميصه وهو يصرخ ويتقهقر للخلف مواجها الجند ويشير الى صدره.. أضرب هنا ..أضرب هنا .. أضرب هنا
    وصار يهتف عاش السودان حرا مستقلا.. عاش السودان حرا مستقلا .....
    عاش ا ل س ود ان... ح ر ا ...م س ت ق لا ....حتى اسكتت صوته زخات الرصاص تماما .. وكانت قدقضت على رفيقه بابكر فى نفس الوقت ...

    _____________________________________________________________________


    بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر .
    --------------------------------------------------------
    Ali Mahgoub

    19-07-2004, 09:47 ص

    فى الذكرى الثالثة والثلاثين لذكرى لثورة ١٩ يوليو أعاد فرع الحزب الشيوعى بهولندا طباعة هذه الوثيقة إسهاماً فى التوثيق لمسارات العمل السياسى وحركة التغيير فى السودان.

    ثورة ١٩ يوليو
    مجازر معسكر الشجرة
    حقائق ووقائع
    الجزء الأول
    الحزب الشيوعى السودانى
    يوليو ١٩٧۳

    مقدمة:
    --------------

    الحقائق والوقائع ـ عارية باردة مجردة ـ نطرحها أمام جماهير الشعب السودانى حول مادار فى معسكر الشجرة منذ مساء الثانى والعشرين من يوليو ١٩٧١ حتى أواخر اغسطس من نفس العام حيث اسدل الستار على المجزرة، حمامات الدم، حفلة الأعدامات، انفلات الغرائز الوحشية، وتصفية الحسابات مع ربع قرن من تراث وأمجاد الثورة السودانية الوطنية الديمقراطية.
    الحقائق والوقائع، لا سواها، نسجلها بعد الفحص والمقارنة والتدقيق وما أثبته اكثر من شاهد عيان. وهذا أضعف الأيمان تجاه تاريخ السودان الحديث، وجهد المقل تجاه ثوار يوليو، أحرار يوليو، أبطال يوليو – شهداء وسجناء ومعتقلين ومشردين.
    فالثورة السودانية فى مسارها الحديث قدمت مئات الشهداء منذ عام ١٩٢٤، ولكن حقائق أستشهادهم ظلت تتناقلها الألسن فترة من الزمن ثم يطويها النسيان، ويعانى المؤرخون عنتاً فى استقصائها واستجلائها، وتظل وثائق المحاكمات وسجلات التحقيق حبيسة الأركان المظلمة فى اجهزة الدولة المختصة. ورويداً رويدا تختلط الوقائع، ويذهب الجانى والمجرم والخائن طليقاً بغير حساب، بغير عقاب، بغير قصاص. هكذا كان مع شهداء ١٩٢٤، شهداء الجمعية التشريعية، شهداء جودة، شهداء ساحة المولد، شهداء اكتوبر. ضرب الناس بعدهم فى متاهات الزمن ولفتهم مشاغل الحياة، وملأت مهام النضال اليومى عليهم الجوانح، فلم يأبهوا للتسجيل والتوثيق – وهذا ضعف فى حركتنا الثورية الديمقراطية أستغله ويستغله أعداؤها والمتربصون بها بذكاء وخبث. على أن تاريخ الثورة السودانية قد بدأ صفحة جديدة بعد ١٩ يوليو. وعلى قمة تلك الصفحة لا بد من تسجيل وتوثيق سيرة شهدائها وقادتها، ليس للتاريخ فقط بل وللحساب والعقاب والقصاص، والتحرر النهائى من داء التسامح مع اعداء الثورة. لقد أثبت أعداء الثورة كل يوم أنهم اكثر حسماً وجدية فى مواجهة وسفك دم الثوار!
    الجزء الأول من سجل الحقائق والوقائع الذى نصدره اليوم على شرف الذكرى الثانية للتاسع عشر من يوليو، يحوى النزر اليسير البسيط، ولكنه القدر الذى تأكدنا من تمحيصه ومقارنته لدرجة اليقين. وما يتوفر بين ايدينا من حقائق ووقائع يواصل رجال ونساء مخلصون أكفاء وأمناء تصنيفه ومراجعته، ونناشد المئات والاَلاف من ثوار يوليو أداء الأمانة فى أستكمال تسجيل كل شاردة وواردة.
    وبصدور هذا الجزء الأول من السجل، نعمل على إصدار الاجزاء الأخرى تباعاً : كل ما دار فى المحاكم، كل ما دار فى ساحة الأعدام، كل ما دار فى المعتقلات والسجون، كل ما دار فى هتك العرض واستباحة الدار فى الاحياء السكنية، كل ما دار فى مجلس الوزراء ومجلس الثورة، ما دار بين الخرطوم والقاهرة وطرابلس ولندن والسفارات المعادية لثورة السودان، واخيراً وليس اَخراً المقاومة الجسورة فى الحرس الجمهورى وكتيبة جعفر والقيادة العامة وشوارع الخرطوم.
    نهيب بكل ذى ضمير حى من أبناء وبنات شعبنا، نهيب بكل ثوار يوليو مدنيين وعسكريين أن يجهدوا النفس والذاكرة لتسجيل الأحداث التى مرت بهم وكل ما شاهدوه وسمعوه وعاشوه ... ومن سمحت ظروفه منهم فليسلمها لنا، ومن حالت ظروفه فليحتفظ بها فى حرز أمين حتى تنجلى سحابة القهر القبيح اللئيم. ولا نشك لحظة انهم جميعاً، يمتلكون القدرة على لجم الانفعال وضبط النفس لتسجيل الوقائع والحقائق كما هى، عارية وباردة ومجردة – دون تهويل أو انسياق بعاطفة الحماس – فلكل مقام مقال : رسم المشاهد الاسطورية وروعة الشجاعة والاستبسال والصمود للشهداء والثوار، والوحشة والسقوط لقوى الردة – رسم هذه الصورة له مقامه ومجاله وسيتناوله، وتناول طرفاً منه النابهون من رواد الكلمة " بالقلم الفحل والصفحات العذراء والفكر المترع بالاخصاب". الا اننا بصدد سجل للحقائق والوقائع – سجل وأن بدأ من منتصف الصفحات لن يتوقف أو يترك حدثاً أو يهفوا عن حقيقة وواقعة بلا تدوين.
    الكثير من الحقائق والوقائع التى سجلناها بعد التدقيق، معروف وأكثر منه. فقد كان المجتمع السودانى، بل والعالم يصغ السمع لما يدور فى معسكر الشجرة، وعجزت حواجز الرصاص الأحمق أن تعتقل الحقيقة أو توئدها. ولكن التسجيل والنشر والتوثيق واجب تاريخى على كل ابناء شعبنا تجاه شهداء وثوار ۱٩ يوليو الذين دفعوا مؤشر الثورة السودانية نحو النظام الوطنى الديمقراطى ورحاب الاشتراكية. والقضية التى ثاروا واستشهدوا فى سبيلها هى قضية ملايين الناس فى سوداننا المتمرد على كل ضيم وقهر ومذلة، وشعبنا الذى ارتبط مصير معاشه اليومى واهدافه ومطامحه بأنتصار الثورة الوطنية الديمقراطية.
    واذا تخطى السجل بعض المشاهد، أو بتر جزء منها، فلم يكن دافعه التجاهل أو الإهمال. الا أن الأهم والعاجل هو سرد ورصد الحقائق والوقائع، ثم بعد ذلك الجو العام أو الاطار الذى تمت فيه. فكيف يمكن للسجل فى اجزائه المقبلة، أو فيما يكتبه المبدعون، تجاهل مشهد الشهيد جوزيف قرنق بعد ان احضروه من سجن كوبر، وهو يحاول ان يبث نسمة من المرح فى ذلك الجو المتوتر، فيخاطب الجنود والضباط المعتقلين:" حتجوا كوبر وتلقونى هناك وتاكلوا معاى الجراية وتلقوا ملاح شوية لكن اصله ما بكمل. نغمس فيه الجراية تطلع ناشفة".! أو مشهده أمام حكمدار سجن كوبر الذى فض الظرف واطلع على الحكم وسأل جوزيف الهادى الملئ باليقين والسكينة أن كان يعرف الحكم. فأجابه جوزيف : لكن أنا ما اتحاكمت – ما كان فى محكمة. وبنفس الهدوء تناول قلماً وورقة وكتب رسالة لصديقه جيرفس ياك ... من بين كلماتها : " ثوانى وينتهى الأمر، تماماً مثل طائرة تهوى فى البحر".
    وكيف يمكن للزمن أن يمحو مشهد الشهيد عبد الخالق وهو يرفض دخول قاعة المحكمة الا بعد أن يأتوه بملابس وأدوات حلاقة وحذاء وعطر من منزله. ويقول للجنود والضباط:" دا مش عشانى أنا، أنا اصلى حأعدم، دا عشان سمعة السودان والجيش لأنه فى صحفيين اجانب". ثم مشهده وهو يجيب على أسئلة الصحفيين الذين ألتفوا حوله وهو مبتسم رابط الجأش كأنه يمارس نشاطه السياسي اليومى! أو مشهده وهو يداعب الجندى المسئول من الشنق : يا زول حبلك دا قوى ؟ أنا وزنى تقيل !.
    كيف لاى مراقب أو محقق أو مؤرخ أن يغفل مشهد الشهيد الشفيع وهو يروى قصة الحركة الوطنية والنقابية منذ نشأتها خلال التحقيق، أو مشهد عبد الخالق وهو يقدم تقييماً لتطور الأحداث وانقلاب ٢٥ مايو ومقدمة ۱٩ يوليو، ويزجر احمد محمد الحسن رئيس المحكمة عندما كان يستعجله بقوله : " ما تسرع يا محجوب، يا محجوب الليل حيروح. " فيرد عليه : انت حتمشى تتعشى مع اولادك وانا على المشنقة. لازم اقول كل ما أريد قوله."
    كيف يمكن لجدران معسكر الشجرة الصماء أن لا تحفظ فى جوفها مشاهد ثوار يوليو من الضباط والجنود والصف، وهم يواجهون قوات الردة الحاقدة بثبات وبرود وشموخ فى اَن معاً – الذين ذهبوا الدروة* كانوا أرسخ قدماً واعلى هامة من الذين اطلقوا الرصاص من الخلف، والذين واجهوا السجون الطويلة والطرد من الخدمة والتجريد من الرتبة، استمعوا للحكم بثبات وشجاعة لم يمتلكها الذين نطقوا به.
    أمام هذه المشاهد الوضاءة تطل صورة القبح والبشاعة والدمامة من منظر السفاح نميرى وهو يقدم أسئلته البلهاء للشهيد عبد الخالق محجوب، والشهيد يستخف بعقل السفاح ويضحك عليه فى اجاباته ذات المدلول والإيحاء. أو منظر خالد حسن عباس – اللواء اَنذاك والقائد العام والمدعى للبطولات والذكاء – وهو يندهش وقفل فاه كلما رأى ضابطاً من المعتقلين – " وأنت كمان معاهم !؟". كم كان قادة الردة وجنودها صغاراً، كم كانوا ضعافاً حتى فى أوج انتصارهم.
    ولم يفت الصحفيون الأجانب التقاط المشهد. فقد إحتار أحد الصحفيين الالمان فى منظر السفاح نميرى وهو يعب الخمر وبجانبه عمر حاج موسى يملأ الفارغ – وخجل صحفى سودانى من نظرات الصحفى الالمانى فقال مخاطباً كل الصحفيين الاجانب من حوله : أعزرونا فالرئيس تعبان شوية. وكانت المرة الوحيدة التى صدق فيها صحفى مصرى من الذين تابعوا الأحداث فعلق قائلاً : لا ، دا تعبان أوى!.
    وأى بشاعة اكثر من من مشهد السفاح نميرى واحمد عبد الحليم واحمد محمد الحسن واعضاء مجلس الثورة وهم يصدرون الاحكام سلفاً ثم يأمرون بتكوين المحاكم لأعلانها وتنفيذها ؟ او محمد عبد الحليم ويصرح للصحفيين انهم سيعدمون كل اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعى السودانى. ثم يأتى نفس السفاح وأجهزة أعلامه ليعلنا أن المحاكم كانت عادلة وأن الاحكام صدرت من محاكم سودانية!.
    كل هذا له وقته وساحته فيما يكتب. نبدأ الاَن بتقديم الجزء الاول من الحقائق والوقائع عن المحاكمات، ونواصل نشر ما تبقى منها. فهى اول محاكم عسكرية فى تاريخ الجيش السودانى بلا قضاء وقانون، وهى فى الوقت نفسه أول محاكم فى تاريخ ذلك الجيش بلا شاهد ملك ! ومن صمود الماثلين امامها أستمدت الحركة الثورية فى السودان صمودها وثباتها فى وجه الردة وجحالها الغاشمة – صمدت وجمعت قواها ووجدت من الوقت ما يكفى لتسجيل الوقائع والحقائق، وتواصل صمودها لتنتصر وتقتص.

    * * * * * *

    الشهيد هاشم العطا :
    ---------------------------

    فى غرفة قرقول سلاح المدرعات قضى الشهيد هاشم الساعات الأولى لإعتقاله موثوق اليدين، مستلقياً على ظهره. كان رغم الارهاق ثابتاً، هادئاً ومبتسماً كعادته. وعندما حانت منه التفاته نحو بعض الضباط المعتقلين ، خاطب أحدهم – الملازم هاشم مبارك – فى مزاج قائلاً: " هارد لك يا هاشم ." وبعد لحظات دخل الغرفة الملازم كمال سعيد صبرة وبدأ يستفز الشهيد الذى نظر اليه فى سخرية واستخفاف. فوطأ الملازم نظارة الشهيد التى كانت ملقاة على الارض بجانبه وحطمها.
    ... حاول السفاح نميرى أن يبدأ التحقيق مع الشهيد هاشم، فرفض واعلن انه لن يدلى بأى أقوال الا أمام محكمة علنية " لأنكم ستشوهون أقوالى وتحرفونها." واضاف:" أنا أتحمل كل المسئولية وليس لديكم حجة فى محاكمة الضباط والجنود والصف." وعندما حاول السفاح نميرى ان يستفز الشهيد، زجره واوقفه عند حده، وقال له :" لست نادماً على ما قمت به، وأن كان لى أن أندم، فأننى تركتك ثلاثة أيام وعاملتك معاملة كريمة."
    كان الشهيد هاشم خلال الساعات التى قضاها قبل اعدامه، وفى طريقه الى الاعدام، يردد مقطعاً من نشيد الشهيد صلاح بشري،ويضيف الى المقطع : جاءكم هاشم اعدوا المقصلة ........ وظل المعتقلون من الضباط يرددون المقطع خلفه.
    زجر هاشم كل الضباط والجنود الذين حاولوا الاعتداء عليه، وكان مهاباً شجاعاً وهو فى قبضتهم. كان يضحك وهو فى طريقه الى ساحة الاعدام، فسخر منه أحد الجنود قائلاً : وتضحك كمان. فضحك هاشم ضحكة عالية وقال له :يا أبنى الميت ما ببكى.
    اتجهوا بالشهيد هاشم نحو دروة المورس لتنفيذ الإعدام، ولكنهم كانوا – جميعاً – فى حالة فزع واضطراب، فلم ينتظروا وصوله للدروة، بل عاجلوه ومن الخلف باطلاق ٨۰۰ طلقة على ظهره حتى أنفصل نصفه الأعلى قبل أن يسقط على الارض. وظلوا يطلقون الرصاص عليه حتى بعد استشهاده. وواصلوا اطلاق الرصاص على جثته وحولها وفى الهواء حتى افرغوا اربعة صناديق من الجبخانة (الصندوق يحوى ألف طلقة) من بنادقهم الاربعمائة بما فيها المدافع الصغيرة.
    حدث هذا والسفاح نميرى يترنح من الخمر وهو يقف على سطح عربة لاندروفر، والعميد احمد محمد الحسن رئيس فرع القضاء العسكرى والمسئول من إعلان الأحكام وتنفيذها يشرف على التنفيذ، ومحترف القتل النقيب احمد إبراهيم من سلاح المظلات يوجه ويقود مجموعات الغوغاء وحثالة المجتمع – يعاونه الملازم عبد العزيز عوض والملازم الهادى محمود جمعة من سلاح المظلات، وظل اطلاق الرصاص متصلاً بغير توقف حتى اقتنعوا أن الشهيد قد تحول الى كومة من شرائح اللحم والعظام المهشمة وانه لن يعود للحياة ليلحق بهم الهزيمة!

    * * * * * *
    الشهيد عثمان حاج حسين ابشيبة:
    --------------------------------

    تردد المقدم اسماعيل يعقوب لأكثر من ساعة قبل أن يقدم على اعتقال الشهيد عثمان، الذى استقر فى غرفة من ميز الحرس الجمهورى، واخيراً خرج الشهيد وسلم نفسه.
    تجمعت مجموعات من جنود المظلات والمدرعات محاولة الاعتداء على الشهيد، بعضهم بالسباب والإستفزاز وبعض اَخر بالايدى. وعندما استقبله السفاح نميرى قال له ضمن ما قال : " كل المسئولية مسئوليتى وعبد المنعم ومعاوية عبد الحى. نحن قادة القوى التى تحركت، بقية الضباط والجنود نفزوا الأوامر. هاشم العطا نحن الذين اشركناه معنا فهو ليست له قوات يحركها".
    لم يقدم لمحكمة، بل اكتفوا بالتحقيق الذى جرى معه وعلى اساسه صدر الحكم.
    دخل على مجموعة الضباط المعتقلين، ونصحهم : ما فى زول يجيب سيرة زول. ما ليكم دخل. ثم ضحك وقال : تصور نميرى سألنى : لماذا عملت كده يا عثمان، فرديت عليه : ما ممكن امثل سنتين". اكد للضباط المعتقلين أنه سيعدم وأشرف للانسان أن يموت كرجل من أن يعيش ذليلاً. وكان الشهيد قد زجر محى الدين صابر – وزير التربية اَنذاك – الذى حاول أن يتوسط لدى النميرى للابقاء على حياته ورفض الشهيد وصاطته.
    قضى الشهيد بقية الوقت مع المعتقلين هادئاً، وكان يتناول وجبة الافطار عندما استدعوه لساحة الاعدام. فترك بقية الساندوتش ونهض مودعاً زملائه فى مرح وشجاعة، وبعد قليل سمعوا ازير الرصاص الذى وصفه احد الضباط بأنه كان يكفى لأبادة كتيبة كاملة.

    * * * * * *

    الشهيد عبد المنعم محمد احمد :
    ------------------------------

    انقض عليه جنود اللواء الثانى دبابات، ونقلوه الى زنازين اللواء مع عدد من الضباط المعتقلين. وعندما استعاد وعيه صرح لضباطه : " أعفو عنى يا جماعة، أنا بتحمل كل المسئولية. خلصوا انفسكم وارموا المسئولية كلها على، وما عليكم إلا التمسك بأنكم نفذتم اوامر عسكرية واضحة ما عندكم يد بمعارضتها."
    ثم ارسل لمقابلة مامون عوض ابوزيد، وقال له : " ارجو تقديمى للمحكمة قبل كل الضباط لأننى اتحمل كل هذه المسئولية لأنى صرفت تعليمات التحرك." وظل يردد طيلة بقائه مع الضابط أنه يتحمل كل المسئولية.
    لم تعقد له محكمة، واصر فى التحقيق أنه المسئول عن الحركة. وانه تحرك لأسباب سياسية واضحة بسبب تردى السلطة وفسادها والتدخل الاجنبى والانهيار الاقتصادى والسير فى ركاب ميثاق طرابلس الخ وانه تحرك لينقذ البلاد وان تقوم فى البلاد سلطة وطنية ديمقراطية.
    ظل يهتف فى طريقه الى ساحة الاعدام بحياة الشعب السودانى والجبهة الوطنية الديمقراطية. وقف لحظة ليودع ضباطه وجنوده، طلب من أحدهم سيجارة، واتجه فى ثبات الى مكان الاعدام، ولكن الغوغاء – بتوجيه نميرى واحمد محمد الحسن - اطلقوا على ظهره سيلاً طويلاً متصلاً من النيران، وقال شهود عيان انه تمزق ارباً وسقط على الارض قبل ان تسقط السجارة التى القاها من يده بعيداً. ولاحق جثته الغوغاء يركلونها ويسحلونها قبل حملها على عربة عسكرية الى مكان الدفن.

    * * * * * *

    الشهيد بابكر النور :
    ------------------------

    تمت محاكمته فى البداية برئاسة العميــد تاج السر المقبول، واصدرت المحكمة حكمها عليه ١٢ عاماً سجناً. رفض السفاح نميـري نتيجة الحكم واعاد الاوراق مرة اخرى. ثم اعيدت المحاكمة وصدر الحكم ٢۰عاماً.وعندما اعاد السفاح نميرى الحكم للمــرة الثالثة رفض العميد تاج السر أن يتــرأس المحكمة. ورفض كل الضباط الذين كلفـوا
    برئاسة المحكمة على اعتبار أن السفاح نميرى يريد فرض حكم الاعدام، لأنه كان كل مرة يعيد الاوراق قائلاً: "دا رئيس مجلس ثورة تحاكموه كدا."؟ ثم اتصل السفاح نميرى بالمقدم صلاح عبد العال تلفونياً، فحضر وتسلم اوراق المحاكمة، وحكم على الشهيد بالأعدام. عندما اقتيد الشهيد لتنفيذ حكم الاعدام، كادت كلماته وخطبته فى الجنود ان تعطل حكم الاعدام حتى تدخل النميرى وزمرته. وفى ساحة الاعدام تراجع بخطواته الى الوراء كيلا يطلق الرصاص على ظهره.
    وكان الشهيد قد أرسل قبل يوم من اعدامه خطاباً صغيراً فى علبة سجاير لأسرته يؤكد فيها أن النميرى سيعدمه.

    * * * * * *

    الشهيد محمد احمد الريح :
    ------------------------------

    كان يقود المقاومة داخل القيادة العامة، ثم احتمى بأحد مكاتب سلاح الطيران وظل يقاتل من خلف استحكام اقامة فى المكتب. ثم حاصرته قوات الردة بقيادة المقدم عبد القادر محمد احمد الذى طلب منه تسليم نفسه فرفض وظل يقاتل، حتى اطلقوا على المكتب دانة ثقيلة نسفت المكتب بما فيه وصوبوا نحوه الرشاشات. فأستشهد وهو ممسك بسلاحه وقد اخترقت الشظايا صدره.

    * * * * * *

    الشهيد فاروق عثمان حمد الله :
    -------------------------------

    عندما نزل من الطائرة فى مطار الخرطوم، وحوله الحرس الليبى، قال للضباط والجنود السودانيين الذين حضروا لإستلامه : " ازيكم يا شباب، الغريبة اللبيين حاقدين علينا اكثر منكم. " ثم ضحك ونقلوه الى معسكر الشجرة. وخلال حديث نميرى معه قال للنميرى :" يا نميرى انت فى ٢٥ مايو دورك كان صفر، وما كان عندك دور. نحن النظمنا ۲٥ مايو وجبناك عشان رتبتك وكان ممكن نجيب غيرك. وكنا حا نجيب احمد الشريف الحبيب او مزمل غندور. لكن وزير دفاعك خالد حسن عباس الجالس جنبك ده، قال يا جماعة مزمل غندور طموح وحيسيطر علينا أحسن نجيب نميرى لأنه بليد ونقدر نمشيه زي ما عايزين. وحاول النميرى أن يساومه ليتبرأ من صلته بجماعة ۱٩ يوليو فرفض. طلب منه أن يدلى له بما لديه من معلومات فرفض.
    وعندما اقتادوه الى منطقة الحزام الاخضر لأعدامه استفزه النقيب محمد إبراهيم وقال له يا جبان. فرد عليه الشهيد بقوله : " انت كمان تقول لى يا جبان ؟ شوف الرجال بموتوا كيف الليلة، ولما يجبوك لمحل الموت اثبت زيهم. ثم التفت للجنود وقال لهم الراجل ما بضربوه فى ضهره، وانا ما بديكم ضهرى، وظل يتراجع فى خطوات ثابتة للخلف فاتحاً ازرار القميص كاشفاً صدره للرصاص وهو يهتف بحياة الشعب السودانى وسلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية.

    * * * * * *

    الشهيد محمد احمد الزين :
    --------------------------

    بعد انتهاء المقاومة فى ام درمان، اتجه الشهيد الى الخرطوم. وهناك عرج على منزله بحى الامتداد. ودع والده ووالدته، وقبل طفله الوليد الصغير واستغل عربة اجرة الى حى الشجرة، واتصل تلفونياً بمعسكر الشجرة واخبر مامون عوض ابوزيد انه فى طريقه اليهم.
    حاول السفاح أن يساومه ليقف شاهد ملك فى المحكمة ويضمن له سلامة عنقه فرفض. ودامت المساومة ثلاثة ايام متصلة. واخيراً أنعقدت محكمته برئاسة محمود عبد الرحمن الفكى وعضوية العقيد فضل المولى إبراهيم واَخر. وحكم عليه بالأعدام. وبعد صدور الحكم جدد السفاح نميرى محاولته فى المساومة. ولكن الشهيد رفض.
    وقبل اعدامه دخل على غرفة المعتقلين. وجلس الى جانب صهره من الضباط يوصيه ببعض ما يخص اسرته. ولما سأله المعتقلون عن الحكم قال فى هدوء: حكموا على بالأعدام. ولكنهم أمهلونى حتى صباح الغد لكى اوافق على طلبهم بأن اكون شاهد ملك. ولكنى ارفض هذا الطلب. واضاف : الحياة فعلاً مغرية ولذيذة، لكن لو قبل الانسان أن يكون شاهد ملك سيعيش معذباً طول حياته. أوعى اى واحد فيكم يقبل اى عرض من هذا النوع. الجماعة ديل قرروا يعدموا ۲٥ واحد مننا."
    ثم قال للضباط انه شاهد العميل معاوية إبراهيم يشهد ضد الشفيع ومصطفى خوجلى، وأن العميل معاوية كان قد ارسال برقية تأييد طويلة لهاشم العطا ومجلس الثورة ........... واتفق معهم بشأنها."
    وقال للضباط من حوله : ما فى واحد يدلى بأى معلومات او حقائق. لأن الواحد لو اعترف او ما اعترف حيعدموه. وحيجى يوم الناس تقرأ المحاكمات تعرف الحقائق.
    كان ثبات الشهيد ود الزين فى ساحة الأعدام مضرباً للأمثال وحديث الجنود لفترة طويلة.

    * * * * * * *

    الشهيد معاوية عبد الحى :
    -----------------------------

    سلم الشهيد معاوية نفسه فى القيادة العامة للمقدم عبد القادر محمد احمد، الذى سلمه للملازم حسب الله نوج من جنود المظلات. وقد قام هذا الملازم مع بقية جنود المظلات بتعذيب الشهيد تعذيباً وحشياَ، ومزقوا ملابسه ونقلوه الى معسكر الشجرة بالملابس الداخلية فاقد الوعى مكتوفاً تسيل منه الدماء والقوا به فى غرفة قذرة. ثم حملوه الى المحكمة وقد تهشمت عظام رأسه، ومنها الى ساحات الأعدام بعد لحظات وجيزة.

    * * * * * *

    الشهيد محجوب إبراهيم :
    ------------------------------

    عندما كان الشهيد محجوب بغرفة القرقول مع المعتقلين، حضر السفاح نميرى وبدأ يستفزه، وخاطب الضباط قائلاً : ما غشوكم الصعاليك ديل، ديل عملاء. الشارع بطالب بأعدامكم وأنا حأعدمكم كلكم." لم يرد الشهيد على عبارات السفاح البلهاء، بل التفت لأحد الضباط وقال له : " نميرى وجد فرصته فينى وحيعدمنى ويعدم اكبر عدد من الناس. وأنا بالذات لو اشتركت فى الحركة أو ما اشتركت حيعدمنى لأسباب شخصية. ودى فرصته وما ممكن يضيعها."
    وفى هذه اللحظات وصلت وصية من الشهيد ابشيبة للضباط : " اثبتوا، لا تذكروا اسم اى شخص معتقل أو غير معتقل فى التحقيقات. وكل واحد يحافظ على كرامته ولا يقبل اى مذلة من انســان. ولو اعــدم اى مــنكم يعــــدم بكل شــــــــرف وكرامــة."
    وتناول الشــــهيد محجوب وصية أبشيبة مع بقية المعتقلين. وعندما دخل الرائد فتحى ابوزيد وبدأ يســـتفز بعض الضباط زجره الشهيد محجوب " ما تســتفز الناس، الناس ديل لســـع المحـاكم ما ادانتهم."
    وعندما استدعوا الشهيد لساحة الاعدام ودع زملاءه وأخرج مــالديه من سجائر وكبريت وقدمها لهم قائلاً " هاكم سجائر وكبريت بنفعكم هنا، بس ادونى ســـجارة واحــدة اصل بيها الدروة" وقف الشــــهيد مبتســماً واصلح هندامــه ومســـح حـذاءه وخـرج وهـو يهتف بحياة الشعب السودانى وثورته.

    الشهيد احمد جبارة مختار:
    ------------------------------

    فى معســـكر الشــجرة اقتادوا الشهيد احمد جبارة الى مكتب السـفاح نميرى بادره بقوله " ياجبان" فلم يســـكت الشــهيد بل اجاب السفاح فى شجاعة وسط الجنود المتحفزين "اسكت يابليد ياحمار أنت مجرد تور بس، وتاكد انك حتمــوت وحيجى يومك." وقام الســـفاح بصفع الشــهيد، فهجم الشــهيد على احد الجـنود لينتزع منه مدفعاً رشـــاشاً يجيب به على الســفاح. فأنقض عليه الجـنود وهو مشـتبك مع الرائد كمال خضر، فأوســـعوه ضرباً وركـلاً حتى لطخت دماءه جـــدران الغرفة.
    بعد التحـقيق معه اقتيد الى غــرفة مــجاورة لغــرفة المعتقلين، ومن خلال الباب ســـألوه عن الحـكم، فأجابهم بالاشــــــارات ان الحــــكم اعــدام. وفى تلك الحـظة دخل خالد حســن عباس ومعه شـرذمة من جنوده، فأستفز الشـهيد بقوله "ايه يابطل" فرد عليه الشهيد مما جعل جنود خالد يهجمون من جديد على الشهيد، وبدأ الملازم فضل شريف يوجه لكماته للشهيد الذى كانت يداه مقيدتان من الخلف.
    عندما اخذ الشهيد لســـاحة الاعدام، ظل يهاجم ويفضح النقيب محمد ابراهيم ومجموعة المــظلات المشرفة على تنفيذ الاعدام واتجه نحو الجنود وقال لهم "غشــوكم وحتعرفوا الكلام ده فى المسـتقبل. ونحن ماحاقدين على اى واحد فيكم !
    بدأوا يطلـقون عليه مـجموعات مـــتصلة من الرصاص، ورغم ذلك ظل واقفاً لفـــــترة مــن الزمن حتى ذهلوا وتوقــفوا عن الضـرب.ثم عاودوا الضــرب حتى سـقط على الارض وهو يهتف ويتكلم بأعلى صوته. وهنا تقدم منه احمـد محمـــد الحسن واخـرج مسدسه واجهز عليه.
    وقد بدأ القلق يســاور نميرى وزمرته بسب تغيير الجـــو بين الجنود الذين تأثروا ببســـألة الشــهداء وصمـــودهم بعد اعــدام احمد جبارة مما ادى الى استعجال ببقية المحاكم وتنفيذ حكم الاعدام.


    الشهيد احمد عثمان عبد الرحمن الحردلو:
    -----------------------------------

    قدم للمحاكمة وصدر ضده الحكم بالسجن ثلاث سنوات ولكن السفاح نميرى كان مصراً على إعادة المحاكمة وأصدار حـكم الإعدام ضده بتهمة أنه أطـلق النار على الضباط المـعتقلين فى بيت الضيافة. لهذا حشـــدوا عدداً من جنود المظلات والمدرعات الذين لم يكونوا اصلا فى بيت الضيافة وشــــهدوا زوراً انه أطـلق النيران على الضباط المعتقلين. حــدث هذا رغم أن ضابطين مـن بين الذين كانوا معتقلين فى بيت الضيافة أكدا انهما لم يشـاهدا الحردلو فى منطقة الضرب ولم يشاهداه يطـلق النار على اى مــن الضباط المعـتقلين.
    وعــندما اعيدت محاكمته من جديد قال لأعضاء المحكمة "انتو عايزين تدينونى بأى طــريقة ،وانا زهجت من
    أمش وتعال،خلصونا بقى."
    وعنــــــدما رجــــع للضباط المعــتقلين كـــان يسخر من المحكمة والمحاكمات. والتفت لأحــد اصدقاءه مـن الضباط وقــال له " بالله لو أى واحد منكم طلــع وده ما اظـن يحصل يمشى يزور الجمـاعـة
    فى البيت." ثم ســـــأل بقية المعـــتقلين ضاحكاً عن عـــدد الطلقات التى سيــــعدمونه بها فرد عليه احد زملائه " والله عاد انت وحظك امكن يمشى معـــاك صف وامكن تمشى معـــاك كتيبة كامــــلة واى واحد حــــــيفرغ فيك الخـــــــزنة. فضـــحك الشــهيد ومعه بقية المعتقلين.
    تناول الشـــــهيد عشــاءه بشهية عادية مع زملائه ونام مبكراً. وكان الشــــهيد ود الزين قد اخبر المعتقلين انه ســـيعدم ومعه الحردلو فى الصاح الباكر.
    وفى صباح الاحـــد ۲٦/۷ اســـــتيقظ الضاط المعتقلين غلى صوت وازيز مجـــموعات الرصاص فعلموا ان الحردلوا قد تم اعدامه كما علمـوا انه عندما جاء الحرس لاســـتدعائه قـال لأحـد زملائه " قول للجماعة لما يصحوا مع السلامة، خليهم نايمين وياخــذوا راحتهم ما تزعجهم."

    * * * * *


    الشهيد بشير عبد الرازق:
    ---------------------------

    دخل الشــــهيد بشير الى غرفة المعتقلين بالقيادة العامة وهو مصاب بجروح فى رأســه. كان ثابتاً متماســـكاً. أعلن للمعتقلين انه سيتحمل مســـئولية تحريك كتيبة المدرعات فى القيادة العامة وطلب منهم بحزم " خليكم ثابتين، مافى زول يجيب ســــيرة زول، موتوا رجال، وكل زول يقول الحاجات العملها بس."
    بعد لحظات وصل بعض الجنود يســـــوقون الشـــهيد الحردلوا وهو مــــكتوف ومــــوثوق بالحبال. فأنفجر فيهم الشـــهيد بشير وقال لهم بصوت حاد "فكوه رابطنو كده اصلو حيوان؟"
    وعندما تم توصيله لمعسكر الشجرة، اشاع جوا من المرح فى غرفة المــعتقلين، وظل يردد "الجــوه جــوه والبره بره." ثم التفت لأحـــد زملائه وخاطبه مـــداعباً "انت ما بتسلم على عمك ليه؟"
    قبل ان يـقـــــتاد لســـاحة الاعـــدام توضأ وادى الصــــــلاة، ولكنهم لم يمهلوه لكتابة وصيته.
    * * * * * *
    الشهيد الجندى احمد ابراهيم:
    -----------------------------

    اعتقل مع عدد من الجنود من الحرس الجمهورى والذخيرة ومدرسة المشاة كانوا يحرسون منطقة بيت الضيافة وســـلموا اسلحتهم بكامل ذخيرتها. وخلال المحاكمات قضى الفترة فى معســـكر الشجرة. وقد تعـــرض مع زمــلائه الجنود لضغوط وتهديد من جنـــود المـظلات ليشــــهد ضد الضابط مدنى على مدنى بأنه اطلق النار على الضباط المعتقلين فى بيت الضـــيافة. ولكنه فى المـحكمة وفى كل التحقيقات اصــر هـو وزملائه ان الدبابات المــهاجمة هى التى اطلقت مدافعها على بيت الضيافة وان ضباط يوليو لم يقتلوا المعتقلين.
    بعد ذلك ارســـــــل الى كوبر حيث قضى قرابة الاسبوعين. ثم اعلن واشـــــيع ان احد الضاط تعــرف عليه وبدأ معه تحقيق لم يصل الى نتيجة. وعندما زار الســـفاح نميرى ســجن كوبر، سأل عنه وحاول تهــديده وقال له انت ســـــفاح بيت الضيافة. فغضب الشــهيد وهاجم الســـــفاح نميرى وقال له "انت السـفاح والقاتل وتتحمل مسؤلية كل ماحدث." فأمــر الســـفاح نميرى بتقديمه للمحاكمة. وتعرض الشهيد لتعذيب قاس وضغــط ليعـــلن انه مع بقية الجــــنود تلقى اوامر بقتل الضباط او شـــــاهد احد الضباط يطـلق النار على المعتقلين ليضمن النجاة من حكم الاعدام فرفض.
    ومن ابشع صور الاسـتهتار والتلفيق، ان زمرة السفاح اخذت الشهيد لتعرضه على العقيد سعد بحر ( قائد لواء المدرعات الثانى الذى نجا من بيت الضيافة وكان جريحاً فى المستشفى العســـــكرى ) وعندما احضروا الشهيد امامه قال له قول "ودالكلب".
    وكان القصد من ذلك ما ذكره ســـــعد بحر من قبل انه خلال اطلاق النار على بيت الضيافة ســــمع احد الجــنود ينطق هذه الفقرة بلهجة ابناء غرب الســــودان حيث يدغمون حرف اللام فتصبح "ودالكب"
    وبما ان الشـــهيد من ابناء الغــرب نطــق هذه الكلمــات وبكل براءة بلهجته. وهنا قال ســــعد بحر هذا هو الجندى. وهكذا وبلا ادى جهد حكموا على الشـهيد بالاعدام – واعدموه شنقاً خلافاً للعرف والتقاليد والقانون العسكرى-.
    وعندما اقتيد الشهيد الى المشنقة، ضرب على لوحتها الخشبية بقدمه وقال "يامشـــنقة جال راجل، انا ما قتلت زول وحقى مابروح!"
    * * * * *

    الملازم صلاح بشير عبد الرحمن:
    ----------------------------

    بعد توقف القتال فى كتيبة جـــعفر فى جنوب غـــرب ام درمان كان الملازم صـــلاح مــصاباً بجرح، فأتجه تحو منازل قشـلاق المنطقة العســــكرية لأســعاف جرحه. ولكن الجندى صاحب المنزل كان قد سمع نداء السـفاح نميرى من راديو ام درمان بضرب كل من اشترك فى الحركة وســحق الشـــــيوعيين. فحاول ارغام صلاح على تسليم نفســــه، ولما رفض صـــلاح بدأ صاحب المنزل يتصرف بحركات متشنجة فـزعة. فحمـــل بندقيته الخــــرطوش وخــرج من داره وبدأ يصيح باعلى صــوته بضرب الخــونة المتمردين والشيوعيين. وبدأ صلاح فى مقاومته فأطـلق عياراً من بندفيته اصابة صلاح فى فخذه الايمن، وقبل ان يطــلق العيار الثانى هجــم عليه صلاح وبدأ يقاومه رغم جراحه فأمســك مــوخرة البندقية، ولكن الطـلقة الثانية اصابت صـلاح فى ذراعـه الايمن ففقد وعيه. بعد ذلك تعاون الجـــــندى مع بعض المــارة وجنــــود الردة وحملوه الى المستشفى العسكرى فى السلاح الطبى. وعندما استعاد وعيه صباح الجمعة ۲۳∕۷ ســأل احد الممرضات المشرفات على علاجه عن تطور الاحـداث فأخبرته ان السفاح نميرى عاد للسلطة وتم ضرب الشيوعيين.
    حتى تلك الحــظة كانت قوات الـردة لا تعرف مــن هو صــلاح لهذا اعتنوا بعـــلاجه وحـولوه الى عنابر الدرجة الاولى فى غرفة واحدة مع مــــزمل غندور الذى كان معتقلاً قبل ۱۹ يوليو. واســتمر علاج صـــلاح بعناية فائقة طــــيلة نهار الجمعة والسبت. فعندما جاء خالد حسن عباس ومجمـوعة من بطانته لتفقد الجرحى هنأ صلاح بالنجاة ظنا من انه من قــواته وقال له " مــــــبروك مايهمك برضو راجل"
    طيلة هذه الفترة كانت قوات الردة تعلن عن بحثها عن صلاج بشير. وفى الخامســة من مســاء السبت حضــر للمستشفى عدد من ضباط الصـــف بالمدرعات وتعـــرفوا على شــــخصية صلاح بشير. وفى الســـــابعة والنصف احاطوا الحجرة بحراســة مشددة من احد عشر جندياً من المــدرعات يقفون على مــدار الســــاعة وعلى كل ابواب الغرفة ونوافــذها. حتى ذلك الوقت كان الغيار يتم كل نصف ســاعة و٢ حقنة مضــادات حيوية على رأس كل سـاعة مع استمرار عملية نقل الدم المستمرة.
    فى الســــاعة التاسعة مســاء حضر الضاط خالد الامين الحاج – اخ اللواء السابق مقبول الامين الحاج وقريب خالد حسن عباس - ومعه الرائد شرف الدين احمد مالك من الاستخبارات بالمهندسين، والرائد فتحى ابوزيد، والرائد تاور، وحفنة من الجنود، واحد ضباط الصف يحمل قيداً حديدياً للايدى وحبل تيل. وهجم خالد الامين على صلاح وقال "عــلاج كمان؟ قــوم على حيلك" وانتزع الدرب الموصل بين زجاجة الدم ووريد صلاح بعنف وقســـــوة. تتدخل الممرض واخبر خالد الامين ان صلاح واهن القـــوى لأنه مــصاب اصابات خطيرة ولا يســــتطيع الحـــركة. فامر خالد الجنود بقـوله "كتفوه"! فأوثقوا الحبل حول رجليه ووضعوا القيد على معصمه. ثم امرهم "شــيلوه" ! وبدأ الجند بلا رحمــة او شـــفقة فى تنفيذ الامـــــر وبصورة قبيحة ومشينة ، فحمـلوا صلاح كألخروف المذبوح عارياً حتى من الغطاء الابيض ، والقوه فى قاع عربة عســــكرية على فخذه المصاب حتى فقد وعيه. واستيقظ فى اليوم التالى وعلم أنه بغرفة فى سلاح المهندسين. وكان خالد وجنوده قد انزلوا صلاح من العــربة بنفس العنف امام جمــهرة من الجند والقوا به فى غرفة القرقول مما تســـبب فى نزيف حاد ثم فكــوا القــيود عنه وتركــوه ينزف. وكان فى الغـرفة فى ذلك الوقت الصول المعتقل عثمان بشير من الحرس الجمهورى.
    مرة اخــرى حضر خالد الامــــين ومعه زبانيته. وبدون مقدمات بدأ يرفس صلاح بقــــدمه وبضربات قاسية ( خالد الحاج فى حجم اخيه المــــقبول – اى فى حجــم فـــرس البــحر – القرنتية ) وكان يوجـه ضـــــــرباته نحـــو الجرح، ثم على الراس والوجه حتى اغمى على صلاح وفـقــد وعيه مرة اخرى. وعندما استعاد صلاح وعيه قال له خالد "شــــــــوف ياابن الكلب حتلاقى نفس الضرب والتعذيب واسوأ مـــن ذلك اذا ما اجـــبتنا على الاسئلة الحنســالك لها فقال له صلاح "انت اســأل وحاجاوبك على ما اعرفه". وكانت اسئلة خالد مثل كل اسئلة تلك الايام تدورتنظيم الضباط الاحرار، والخلايا الشـــيوعية فى الجيش، كيفــية تنظيم الحــــركة، الســــلاح المفقود من كتيبة ام درمان وســلاح المظلات، المصير الذى حدده قادة الحركة لأعضاء مجلس ۲۵ مايو الخ. فأجــاب صــلاح بأنه ليس عضـــــواً فى تنظيم الضباط الاحرار وانه فصل من القوات المسلحة بدون اسباب يعلمها قبل فترة وانه لا يعــرف شيئاً عن الخلايا الشــيوعية ولا يعرف كلمة خلية . اما كيفية تنظيم الحـــــركة فأنا لست قائد الحركة لأعرف كل تفاصيلها. انا اعادونى للقوات المســــلحة وكلفونى بواجب عسـكرى معين نفذته كعســـكرى. والســـلاح المفقود لابد ان يكون قد اخـــــذه مدنيون من الشــوارع. اما مــصير اعضاء مجلس ۲۵ مايو فقد كان معروفاً لكل الناس انهم سيقدمون لمحاكمة مفتوحة للشعب، ولو كان هنال اتجاه لأعدامهم كان من الممكن لأى جندى ان يطلق رصاصة على كل منهم منـذ الســـــاعات الاولى بعد ۱۹ يوليو. وعندما انتهى صلاح، قال خالد "يعنى ما عاوز تقول الحـــقيقة، طيب" وبدأ يكرر الرفس والضــــــرب والتعـذيب حتى اوقفه الضباط الذين كانوا معه وقالوا له "سيبو كفاه خليهو لينا" فخرج من الغرفة وهو يهدد صلاح بقوله " تانى الشـــمس ماحتشــوفها بعينك". بعد ذلك اخرج الضباط احذيتهم الثقيلة وبـدأوا يضـــربون صــلاح حتى اصيبت اذنه اصابة خطـــيرة . وكان الضابط شـــــرف الدين يقف بعـيداً ولا يشترك فى الضرب فقالوا له " تعال هنا يا شـــرف اتسـلى". اشتد التعذيب على صلاح ، صاح فيهم اوقفوا الضرب عشان اتكلم. فتوقفوا. ولكن بعد ان استعاد صلاج انفاسه قال لهم"شوفوا انا عارف كل حاجة لكن ما حاتكلم ، اشوف حتعملوا شنو؟" فخرج احد الضباط واحضر بندقية ج ۳ وضعها على جبين صــــلاح وراح يضـغط بشدة مهدداً صلاح بالضــرب اذا لم يتكلم فقال له صـــلاح "اضرب عشــان نموت ذى الرجال الاستشــــهدوا". ولكنهم قالوا له "لا ما حنكتلك بالسرعة دى لازم تتعذب وتموت موت بطيى". ثم خرجوا متوعدين بالعودة مرة اخرى.
    ثم قام أحد ضباط الاستخبارات بمحاولة جديدة ناعمة، فقال لصـــلاح انهم مســتعدون لتقديم ضمان كتابى من نـمـيرى وخالد حسن عباس بالبرأة واحتلال منصب كبير، شــريطة ان يقدم مالديه من معلومات ويصبح شاهد ملك. شـــــكره صلاح على ذلك وقال له "ضع نفاسك فى مكانى، فهل يمــكن ان ترتكب مثل هـــذه الخيانة لكى تعــيش؟".
    عادت مجموعة من صف الضباط مرة اخرى تحمل الحبال والـقـــيد الحـــديدى، كان صلاح فى هــذه الفترة قد فقـــد كمـية هائلة من دمه وتحولت الملابس البيضاء التى تستر جسده الى قطعة حمراء لزجة، وبقع الدم على بلاط الغرفة اشبه بالسلخانة. اوثق الجند الحبال حول قدمــيه والقــيد على يديه وطلبوا منه ان ينقلوه للعــــــربة العسكرية. فرفض واكد لهم انه لن يتحرك مالم يرتدى ملابســــه العســكرية او المــدنية وســـوف يقاوم حتى المـــوت. فأنصاعوا لرغبته واعادوا له ملابسه العسكرية وحملوه الى معســـكر الشـجرة، ووضعوه مع بقية المعتقلين. ورغم حالة صلاح المتدهورة، اصر السـفاح نميرى على تقديمه للمحاكمة. وبالفعل بدأت المحاكمة بان احضروا ثلاثين جندياً كشـــــــهود أتهام وكان صلاح واثقاً من حكم الاعدام. فأستجمع قواه وقال لهيئة المــحكمة "لا داعى لكل هولاء الشـهود وقد قمت بدورى فى الحركة وفى المقاومة ورفضت الاستســـــــلام. وكانت المحكمة تطمع فى اســـتخلاص بعـض الحقائق مما جعلها تستمر لمدة يومين۲۵ و۲٦/۷. وتحت الحاح الضــباط المــــــعتقلين، وتعفن الجــروح والنزيف المتواصل، اضطرت المحكمـــــة التى كان تحاكــم صلاح وهو محمـــول على النقالة، أو مســنوداً على كرسى، ان توافق على ارسال صــلاح للمستشفى العســـكرى ولكنه لرفض طالباً ان يعرف نتيجة الحكم اولاً فان كانت اعــدام فليعدم على حالته تلك، وان كانت ســجناً فليذهب على نفس الحالة للسجن ويعالج بعدها كسجين. ولكن استــــمرار النزيف والارهاق فى المحــكمة وانعــدم العلاج والعناية الطــبية جعل صـلاح يدخل من جديد فى حالة الاغماء وفقد الوعى، وقد نقلوه الى الســــلاح الطبى وهو فاقد الوعى، فوضعوه فى غرفة القـــــرقول واقفلوه عليه دون عــلاج او اكل لفترة من الزمن، حتى تدخل بعض الاطباء فأوصوا له بســـــرير وانتظام الغذاء والعـــلاج . ولكن شــيئاً من ذلك لم يحــدث. واستمر على هذه الحالة حتى قرر طبيب جراح اجراء عمــلية للجــراحة، ونقل الى غـــرفة العمليات . وبعد لحظات حضر اربعة اطباء يرتدون الروب الابيض ووجوههم مقنعة بالكمــامات الطبية وقـالوا لصلاح "عايزين نتكلم مع الضمير الداخلى بتاعك عشــــان تورين بعض الحـاجات لانك فى المـــحكمة ماقلت اى حاجه خاصة عن السلاح المفقود وتنظيم الضباط الاحرار الخ." ثم بدأ صلاح يشعر بالدوار، فسألوه "هل شـــعرت بانك عاوز تنوم ؟" فقال نعــم فقالوا له طيب جــاوب على اسـئلتنا فقال لهم "ان ثورة ۱۹ يوليو،" وقبل ان يتم حديثه قاطــعوه بقـولهم "لكن هل هى ثـــورة ام انقــــلاب؟" فقال لهم "فى وجهة نظرى هى ثورة، وطبعاً الثورات خشم بيوت وتوقف عن الحديث.
    بقى صلاح٦۵ يوماً فى غرفة قذرة مليئة بالفيران والحشرات دون ان تنظف الغرفة او جســـم المـــريض. اتصل صلاح بقائد الســلاح الطبى وطلب منه ان يتصل بالجهات المختصة لتبلغه الحكم لينفذ ان كان اعداماً او سجناً بدلاً من الانتظار على تلك الحالة غير الانسانية وانه يرفض مواصلة العلاج بذلك المستوى.
    واخيراً حضر احمد محمد الحســن واخبر صلاح ان الحكم قد صدر عليه بالاعدام ولكنه طلب من نميرى تخفيضه الى ۲۰ سنة سجناً الا ان نمــيرى رفض لان صــلاح لم يدلى باى معـــلومات عن الحركة والســـــلاح المفقود والخلايا الشــــيوعية فى الجيش وتنظيم الضاط الاحرار. فطلب منه صــــــــلاح ان يعجل بتنفيذ الحكم لأنه لن يتكلم . فقال له احمد محمــــد الحســـن "سوف نعطيك فرصة ثلاثة ايام " فرفض صلاح. وظل احمد محمـــــد الحســن يتردد عليه طيلة الايام الثلاثة، ولكن بلا جدوى.
    اعــلن صـــلاح بالحــكم ۲۰ ســنة، ونقل الى سجن كوبر فى اواخر سبتمــــــبر ۱۹۷۱، وظل يعانى من الجــــروح الثلاث وبقايا شظايا الخرطوش فى فخذه واصابه اذنه.
    * * * * *

    الـمـصـدر:
    _________________

    المنتدى العام لسودانيز أون لاين دوت كوممكتبة أحمد طه(أحمد طه):
    بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر.
    18-07-2004,
    أحمد طه
    Adil Ali

    ونـواصــل......
                  

07-19-2007, 08:53 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر .
    -----------------------------------------------------------
    Ali Mahgoub

    19-07-2004

    محاكمة الدكتور مصطفى خوجلى:
    -----------------------------

    تم اعتقال الدكتور مصطــفى فى صباح الجمـعة ۲۳∕٧∕۱٩۷۱ وتم نقله الى معسكر الشجرة، ثم اعيد لوزارة الداخلية لترحيله الى سجن كوبر. ثم اعيد من جديد لمعسكر الشجرة بطلب من السفاح نمـيرى ، فوضع فى الغـــرفة رقم (۱ مع ۲۳ ضابطاً مـــعتقلاً. كان النهار قد انتصف وبدأت الاعـــــدامات. الا ان روح الضباط المــعتقلين كانت عالية، ومســــــتوى ثباتهم وشــــجاعتهم تفوق كل تصور. وكان فى الغرفى المجاوؤة قادة ۱۹ يوليو.
    وفى صباح السبت ۲٤/۷، حوالى التاسعة ، اقتحم خالد حسن عباس الغــرفة متهيجاً ومعــه الضابط فتحى ابوزيد، فتوجــه نحو دكتــــور مصطفى وبدأ يكيل له الاتهامات والاستفزاز، وقال له انت السب فى كل هذه الحوادث وقتل الابرياء. وبعد لحظات دخل الغــرفة محترف القتل ضابط المظـــــلات محمـــد ابراهيم واقتاد مصطفى الى مكتب الســــفاح نمـــــيرى الذى كان يجلس على يساره خالد حسن عباس وعلى يمينه ابو القاسم محمد ابراهيم وفتحى ابوزيد. انتفض السفاح نمــيرى مـن مقعده واتجه نحــو مصطفى وبدأ يضــــربه بقبضة يده ويكيل له ســباباً بذيئاً. وقال لــه انت عايز تبقى رئيس وزراء ، انت تعرف ايه عن السودان. وعندما عاد السـفاح الى مجلسه قال له خالد "افتكــر احســن نلحقة اصــحابه عشان يعالجهم فى الاخرة" وكانت امام السفاح ورقة عليها اسماء الذين سيعدمون مكتوبة بقلم رصاص فأمسك السفاح بقلم الرصاص واضاف اســم مصطفى خوجلى لآخر القائمة بكل برود. خــرج مــصطفى من المـــكتب وقد تاكد من حكم الاعدام. وتمكن من ارسال رسالة صغيرة لزوجته يخبرها بأحتمال الاعدام ... على خفيف حسب تعبيره.
    وفى المساء حوالى الساعة الخامسة والنصف، اســــتدعى مصطفى لتحقيق امام المقــدم عبـد الله الياس الذى ادار التحـــــقيق ليبرهن ان مصطفى خـوجــلى عضــــو فى اللجنة المـركزية للحـزب الشيوعى الســـــودانى، وانه اشـترك فى التخطيط، اجاب مصطفى "انه كان مــعتقلاً منذ ۳۰ مايو ۱۹۷۱ وخــرج مــن المعتقل صباح ۲۰ يوليو ،وبالتالى فكل التهم غـــــير ذات مــوضوع. بالاضــافة الى انه ليس عضواً باللجنة المـــــركزية للحزب الشيوعى. فقال له المحقق هناك شــاهد يثت عضويتك فى اللجنــة المـــــركزية للحــــزب الشـيوعى الســــودانى فتأجل التحقيق. عاد مصطفى لغرفة المعتقلين فوجد بها الشهيد جوزيف قرنق الذى احضر من كوبر.
    صباح الاحد ۲۵/۷، استدعى دكــتور مصطفى للتحقيق، الذى تأجل لعدم حضور الشاهد. ثم استدعاء فى المساء بواسطة المــقدم عبد الله الياس. فدخل المدعو معاوية ابراهيم مخموراً، وبادر مصطفى بقوله "ازيك يا ابوخوجلى. لســع فى حركاتك دى؟" ثم توجه ممثل الاتهام بســــؤال لمعاوية عن معرفته للمتهم فقال "انه يعرفه منذ عام ۱۹۵٦ وعملا سنوياً فى الحزب الشـــيوعى خلال سـنوات الحكم العسكرى وما بعده، ثم فى مـــكتب العـــلاقات الخارجية. ولكن بعد ثورة مايو اصبح من جناح عبد الخالق الذى بدأ يعمـــل لتحطيم ثورة مايو " ثم انهى حديثه واقسم على المصحف ووقع على اقواله. ورفض دكتور مصطفى ان يتوجه اليه بأى سؤال.
    وفى مساء الاثنين ۲٦/۷ اخذ مصطفى الى المحكمة وكانت برئاسة العقيد قســم الله الحـورى وعضوية المقدم مــهدى المرضى والنقيب كامل مســـاعد. وكان ممثل الاتهام المقــدم عبد الله الياس. فوجــهت المحكمـــة تهمتان لمصطفى: العضـــوية فى قيادة الحزب الشـيوعى الســــودانى الذى كان يعمــل للاطاحة بالسـلطة، وتحطيم ثورة مايو والوحدة الوطنية... الخ والثانية قيام الحزب الشيوعى بانقلاب مسلح لأستلام الســـلطة والعقــوبة الاعدام. كرر مصطفى اقواله التى ادلى بها فى التحقيق. ولكن المحكمة اجابت بانها ســــوف تسـتدعى شاهد الاتهام. وحضر المــــــــدعو معاوية ابراهيم مرة اخرى وكرر نفس اقـواله، ولكنه اضاف اليها ان مـــصطفى كان مســ،ئولا عن عمـــل الحـــزب فى الجامعــة لتنفيذ مـخططات عبد الخالق محجوب، وعن العمل وســــط الاطباء لتنفيذ المخطط وكلا المسئولتين مركزية. بعد ذلك توجه دكتور مصطفى بســـؤال واحد للمحكمة "اذا اراد شخص ما ان يثبت انك عضـــو فى تنظيم مـعين ناهيك عن قيادته فلابد لهذا الشــــخص ان يثبت اولاً انه عضــو وقيـــادى فى ذلك التنظيم. فهل الشـــاهد عضــو فى الحزب الشـــيوعى السودانى حتى ۱۹ يوليو؟" رفض رئيس المحــكمة الســــؤال على اعتبار انه تجـريمى. واخيراً رفض دكتور مــصطفى الادلاء باقوال او تقديم ســؤال ووجه حديثه للمحكمـــة "الواضح ان مهمـــة المحكمــة صورية واننى اعرف ان الحكم مقرر ســلفاً لذلك يصبح من العبث دخولى فى مناقشــــة معكم الثلاثة ولنا لقاء قريب." ثم القاء المقدم عبد الله الياس مرافعة الاتهام وانقضت المحكمة.
    وفى الســـاعة العاشرة مساء استدعى دكتور مصطفى لمكتب العقيد احمــد محمــد الحســن رئيس القضاء العســــكرى وتلى عليه الحكم بالسجن عشـرين عاماً. وفى حوالى الرابعة صباحاً حضر ابو القاسم محمد ابراهيم مــخموراً الى الغــرفة وكان الدكتور مــصطفى نائماً. فأيقظه احد جنود المظــلات وامره بالخروج، وعندما قابل ابوالقاسم ابتدره قائلاً "حصل ايه؟" فســأله مصطفى فى أيه؟ قال "فى الحكم" قال مصطفى "عشرين سنة" قال له مبروك وانصرف. وفى صباح الثلاثاء ۲۷/۷تم نقل دكتور مصطفى الى ســـــجن كوبر. ولما فض ضابط السـجن الظرف المختوم بالاحمر والذى يحوى الحكم، ووجد العقوبة سجناً نهض وعانق دكتور مصطفى.
    * * * * *

    رائد مبارك حسن فريجون:
    ------------------------------

    بعد مقاومة كتيبة جعفر البطولية بأمدرمان، تم اعتقال الرائد فريجون. ومنذ لحظة اعتقاله حاول جنود المظلات اطلاق النار عليه واعدامه واطلقوا بالفعل عدة اعيرة فى اتجاهه لولا تدخل عريف من المدرعات طلب من الجند اخذه حياً لانه مطلوب فى معسكر الشجرة، وعندما اوصلوه الى سلاح المهندسين حاول الرائد فتحى ابوزيد ان يتفرسن ويتجاسر فاصدر الاوامر للجند باعدام مبارك ومن معه من الضباط والجنود، ومرة اخرى تدخل ضباط من سلاح المهندسين وحالوا دون ذلك. وفى صبيحة يوم ۳۰/۷ نقل مبارك الى الشجرة حيث قوبل بحشد من الجنود الذين صرفت لهم الاوامر من مجلس الثورة للارهاب والاستفزاز وتحقير ثوار يوليو.
    فى نفس اليوم اخذت له خلاصة البينات، ثم تجمع حوله عدد من الصحفين الليبين والمصريين ومعهم العميد احمد محمد الحسن الذى اعلن لهم "هذا هو الرائد فريجون من الخونة" وردح على الطريقة المصرية، بينما كان الصحفيون يلتقطون الصور . بعد ذلك استدعى السفاح نميرى الرائد مبارك وطلب من ان يوضح له الدوافع الحقيقية لتلك الخيانة حسب تعبيره. فأجاب مبارك "انا ما خائن" فرد عليه نميرى "كل من اشترك فى الحركة خائن حتى تثبت براءته."
    وفى يوم السبت ۲٤ يوليو بدأت المحاكمة التى كان يتشوق لأصدار حكمها بالاعدام كل من احمد عبد الحليم واحمد محمد الحسن. وبدأت المسرحية بتلفيق تهم غير محددة واحضار شهود من الضباط والجنود الموالين للردة لطبخ الاقوال واثبات الاتهامات وتصوير تطور الاحداث بطريقة تخدم اهداف مجلس ثورة السفاح نميرى. وفى صبيحة ۲۵ يوليو، اعلن احمد محمد الحسن ان الحكم هو ۷ سنوات سجن وتم ترحيله الى سجن كوبر، وبعد عشرة ايام تم استدعاء الرائد فريجون الى وزارة الداخلية وفتح ضده بلاغ جديد بنفس التهمة التى سبق وحوكم بها امام المحكمة العسكرية بحجة ان الحكم الذى صدر كان خفيفا نسبة للمعلومات التى توفرت فيما بعد رغم مخالفة ذلك للقانون العسكرى. وبعد تحقيق دام ۱۵ يوماً وشهرين من الانتظار، اخطر الرائد فريجون بشطب القضية لأسباب سياسية.

    * * * * *

    النقيب عبد الرحمن مصطفى خليل:
    -------------------------------------

    تم اعتقاله عصر ۲۲ يوليو فى مكاتب لواء المدرعات الاول، بواسطة مجموعة من الجنود يتقدمهم الرقيب اسماعيل سعيد فى دبابة. بدأ الجنود يطلقون الرصاص حول قدميه ويهددون بقتله ويضربونه من الخلف بموخرة رشاشاتهم حتى اوصلوه الى مدرسة المدرعات وادخلوه مع بقية المعتقلين وعددهم عشرون فى مخزن مهجور للسلاح مساحته اربعة امتار مربعة، ثم نقلوه الى مكاتب سلاح المدرعات. وطيلة الليل ظل الجنود يحيطون بالمكتب يتفوهون بعبارات نابية واستفزازية، ويتوعدونه بالاعدام فى الصباح.
    بقى عبد الرحمن فى غرفة المعتقلبن، وهناك تأكد لهم منذ الليلة الاولى ان المحكمة الفعلية التى تصدر الاحكام مكونة من مجلس الثورة واحمد عبد الحليم قائد سلاح المدرعات، واحمد محمد الحسن قائد فرع القضاء العسكرى، وان المجالس التى يقف امامها المتهمون صورية. وفى صباح الخامس والعشرين من يوليو خضر ابو القاسم محمد ابراهيم لغرفة الضباط المعتقلين وهدد كل الضباط بالاعدام مؤكداً ان اى ضابط اشترك فى الحركة سوف بعدم ثم امر الجنود بتشديد الحراسة ومنع اى ضابط او جندى من الاقتراب من المعتقلين.
    بعد اخذ خلاصة البينات وقف عبد الرحمن امام المحكمة التى استمرت لمدة خمس دقائق فقط واعيد لغرفة الاعتقال. وعندما حاول الاتصال بالعقيد على على صالح قائد مدرسة المدرعات كشاهد دفاع، قال له "لو حضرت كشاهد دفاع فأننى سوف اعجل بأعدامك" بعد ذلك حضر المقدم عبد القادر احمد محمد ومعه بعض جنود المظلات ووقف خارج الغرفة وبدأ يكيل السباب والاستفزاز لعبد الرحمن، وحاول ان يطلق عليه الرصاص من مدفع صغير يحمله، ثم توعده بالاعدام فى الصباح الباكر. وعلم بعض الضباط العاملين انذاك ان القائمة التى حدد فيها السفاح نميرى احكام الاعدام تحوى اسم عبد الرحمن. فظل يتوقع تنفيذ الاعدام فى اى لحظة.
    وفى يوم ۲٦/۷ اعلنته المحمة انها حكمت عليه بالسجن ۷ سنوات، وعلم فيما بعد ان احمد عد الحليم اخذ ورقة الحكم وقدمها للسفاح نميرى واحمد محمد الحسن واعادة الحكم مرة اخرى للمحكمة لأعادة المحاكمة. فأعادتها المحكمة مرة اخرى بنفس الحكم السابق . فأخذ احمد عبد الحليم الاوراق ووجه السباب لضباط المحكمة ووصفهم بالجبن واتجه من جديد نحو احمد محمد الحسن ونميرى، وبقيت اوراق الحكم فى مكتب احمد عبد الحليم حتى يوم ۳۰∕٧ حيث حضر احد الضاط برتبة ملازم واعلن عبد الرحمن ان الحكم ۱٤ سنة سجناً وان ضباط المحكمة رفضوا الانصياع لضغوط احمد عبد الحليم بأصدار الحمك بالاعدام – (كانت المحكمة مكونة من العقيد محمد ميرغنى قائد سلاح المقاتلات، يعاونه الرائد فاروق خوجلى والرائد عثمان السيد. وكان ممثل الاتهام بابكر عبد المجيد الذى رفض دخول اى شاهد اتهام احضرته قوات المظلات والمدرعات."
    بعد ذلك اقتاد الحرس عبد الرحمن الى مكتب احمد محمد الحسن الذى اعلنه بالحكم النهائى وتم نقله لسجن كوبر بحراسة مشددة ومنه نقل الى سجن شالا.

    * * * * *
    نقيب محمد احمد محجوب:
    -----------------------

    اعتقل بالقصر الجمهورى مساء ۲۲ يوليو مع عدد من الجنود والضباط بينهم الشهيد احمد جبارة ونقل الى معسكر الشجرة. ووضع فى غرفة القرقول الرئيسية حتى الثانية صباحاً حيث انضم اليه عدد من ثوار يوليو منهم الشهيد محمد احمد الزين، ثم نقلوا جميعاً الى الغرفة رقم (۱ التى كان بها الشهيد محجوب ابراهيم وبقية المعتقلين. بقى محمد احمد محجوب فى هذه الغرفة اسبوعاً كاملاً وشهد كل الاحدلث لحظة بلحظة. وكان آخر من ودع الشهيد الشفيع عندما احضروه بعد التعذيب مضرجاً بدمائه متورم الوجه وعلى عينه اليمنى فوق الحاجب جرح غائر وسأل الدم على وجهه وعنقه وبلل ملابسه. فلما انزعج محمد احمد محجوب من هذا المنظر جمع الشفيع كل قواه، وقال له "ولا يهمك نتقابل فى كوبر" فساعده محمد احمد على حمل حقيبته الصغيرة التى تحوى بعض الملابس وفرشة الاسنان ومعدات الحلاقة.
    بدأ التحقيق بعد اربعة ايام وكان ممثل الاتهام العقيد عبد الوهاب البكرى الذى لم يخفى حماسه لأنزال حكم رادع على المتهم. لم يكن هناك شاهد اتهام سوى الرائد يعقوب اسماعيل الذى اعتقل محمد احمد بالقصر. ولما تضاربت اقواله طلب ممثل الاتهام تحويله الى شاهد عدائى او شاهد دفاع. ولما فشلت المحكم فى تحديد جريمة حسب الاتهامات، اصر احمد محمد الحسن على اصدار الحكم باى شكل. وقال محمد احمد محجوب لأعضاء المحكمة:"انا هناك اوامر بتوقيع اى عقوبة وانا مستعد لهذه العقوبة واقدر للمحكمة موقفها.
    بعد ذلك اعلن محمد احمد بأن الحكم هو عامين سجن، وفى المساء وصله اعلان اخرى بان الحكم هو عشر سنوات سجناً، وكانت الاذاعة قد اذاعت ان الحكم خمس سنوات وكذلك الصحف ولم يبلغ بالحكم الحقيقى الا فى سجن كوبر.
    وخلال فترة انتظاره للنطق بالحكم، أستدعاه السفاح نميرى وحاول ان يستلخص منه معلومات عن معاملته للشهيد عبد الخالق محجوب ودكتور عزالدين على عامر عندما كانا تحت حراسته فى السجن الحربى. وعندما انتهى السفاح نميرى من حديثه مع محمد احمد تدخل الرائد عمر على محقر – سكرتير السفاح- وقال ان محمد احمد محجوب شتم مجلس الثورة المنحل بعد ۱۹ يوليو وشتم السفاح نميرى وسعى الى ضم القوات الخاصة بحراسة السفاح لقواته فى يوم ۲۰∕٧ فاعيدت المحاكمة من جديد وسألته المحكمة عن الصور التى التقطت له فى قاعة الاجتماعات بالقيادة العامة مع وفد الهيئات النقابية التى ايدت سلطة ۱۹ يوليو. واخيراً حكمت المحكمة ببراءة المتهم ولكن احمد محمد الحسن اصر على اصدار حكم بالسجن.

    * * * * *
    نقيب محى الدين ساتى:
    ------------------------

    اوقف فى قاعة ناصر الجوية مساء ۲۲ يوليو تم اعتقال بالكلية الحربية ووصل الى معسكر الشجرة صباح ۲۳ يوليو.
    اخذ خلالصة البينات العقيد صديق البناء ومثل للاتهام امام المحكمة التى ترأسها العقيد محمد حسين طاهر. قال ممثل الاتهام انه ليست لديه ادعاءات ولا يوجد شهود اتهام. ولكن رئيس المحكمة قرر الادانة. فثار محى الدين وطلب من رئيس المحكمة ان يحدد له كيف توصل للادانة دون تهمة مثبة ودون الاستماع لشهود اتهام. فأجاب الرئيس بأن الموضوع ليس فى يده، وطلب منه ان يدلى بأى أشياء تخفف عليه الحكم والعقوبة. فرفض محى الدين الادلاء بأى شئ. وفى مساء نفس اليوم اعلنت الاذاعة ان محى الدين حوكم بالسجن ٦ سنوات وفى صباح اليوم التالى اعلن رسمياً ان الحكم ۱۰سنوات سجناً.

    * * * * *
    محاكمة الملازم عبد العظيم عوض سرور:
    ------------------------------------

    تم اعتقاله مساء ۲۲ يوليو، ونقلوه الى معسكر الشجرة. عرضوا عليه ان يصبح شاهد ملك، ثم نقلوه الى معتقل سلاح المهندسين، وكان يحضر اليه مامون عوض ابوزيد لثلاثة ايام متتالية عله سيحصل منه على معلومات عن التنظيم العسكرى وعن الحركة. وبدأ مامون بأسلوب الصديق الحادب، والاغراء الناعم بأنه سيضمن له البراءة والبقاء فى الجيش وحياة عظيمة. ثم قدم له ورقاً واقلام ليكتب. رفض عبد العظيم الاستجابة. لجأ مامون لأسلوب التهديد، وقال له سوف تعدم اذا لم تكتب وتعترف. وبعد ثلاثة ايام اخذه مامون الى معسكر الشجرة واخده وبلا حراسة وكان يحاول اقناعه انه صديق حادب على مصلحته وعندما وصل الى الشجرة ادخلوه الى السفاح نميرى الذى حاول ان يظهر بمظهر الصديق الودود. وقال له السفاح نميرى " اريد ان تساعدنا فى معرفة الحقيقة لاننى لا اعرف شيئاً حتى الان .. واشياء كثيرة تبدو غير واضحة، وانك تستطيع ان تدلى بما يمكننا من توجيه هذه المحاكمات المضطربة وانقاذ الكثيرين من الابرياء وان توضح من هو المجرم الطليق. ثم وعده بالبراءة ومكافأة عظيمة. رد عليه عبدالعظيم بأنه لا يعرف شيئاً. فقال له السفاح نميرى انك تعرف كل شئ. ثم امر الجنود بارجاعه الى معتقل سلاح المهندسين وطلب منه ان يفكر ويكتب ويعود مساء الغد.
    وفى الطريق الى سلاح المهندسين كان مامون عوض ابوزيد يكرر عليه ان يكون عاقلاً ولا يرفض تقديم المعلومات. وكان مامون يشك فى موقف المقدم صلاح عبدالعال، ويقول لعبدالعظيم : هو معاكم ولازم تكشفه. فرد عليه عبدالعظيم انه لايعرف صلاح عبدالعال ولم يشاهده ابداً.
    فى الغد اخذوا عبدالعظيم مرة اخرى الى الشجرة لمقابة السفاح نميرى الذى كان نائماً. فقابله العميد احمد عبدالحليم الذى بدأ يحدثه عن رحمة الرئيس وشفقته وسموه، وكذلك مدى بطشه وقسوته وجبروته اذا لم ينفذ طلبه. وطلب منه ضرورة كشف المخطط لأن الرفض معناه الاعدام. وهنا استيقظ السفاح نميرى وبدأ يواصل الحديث. فطلب من عبدالعظيم المعلومات التى كتبها. فقال عبدالعظيم :لم اكتب لأننى لا اعرف شيئاً. واثناء الحديث دخل خمس من الوزراء سمح لهم السفاح بالدخول والبقاء. وفجأة غير السفاح اسلوبه وبدأ يصيح كالمجنون ويضرب على المكتب بقبضته ويرغى ويزبد، واخيراً هدد عبدالعظيم :عندك فرصة لغاية باكر، اما تكتب المطلوب وبالتفاصيل، او تكون جاهز للدروة. وخرج عبدالعظيم لينتظر الدروة باكر. حسب ما قال لاصدقائه المعتقلين من الضباط.
    بدأت محاكمة عبدالعظيم بأخذ خلاصة البينات بدون مجلس تحقيق، وقدم لمحكمة برئاسة العقيد حينذاك محمود عبدالرحمن الفكى، وذلك بعد اتصالات قام بها احمد محمد الحسن رئيس فرع القضاء العسكرى الذى اعد المحكمة اعداداً خاصاً حيث وضع رئيس واعضاء مجلس الثورة كشهود اتهام وبالتالى لا يحضرون للمحكمة. ولم ينكر عبد العظيم التهم التى وجهت اليه، واعلن انه يعرف طبيعة المحكمة ونوع الحكم. وحوكم بعشرين سنة سجناً.

    * * * * *
    الملازم فيصل مصطفى:
    -------------------------

    تم اعتقاله فى مدينة الجنينة يوم ۱٥∕۸∕۱۹٧۱ نتيجة وشاية بعد ساعة من وصوله المدينة. اخذ الى مركز البوليس وكشف عن هويته ووضعه، حيث كانت الاذاعة والصحف تكرر النداء بالقبض عليه . ثم حولوه الى حامية الجيش وبدأ معه التحقيق ووضع فى غرفة ضيقة اشبه بالزنزانة واقفلت نوافذها بالسلك الشائك، وفى صباح ۱٦/۸ اخطره قائد الحامية المقدم ارباب بترحيله للخرطوم بطائرة حربية، وان يحكم كتاف يديه ورجليه بالحديد وصحبة حراسة من ضابط وعشرة جنود بالطائرة وعند وصول الطائرة لمطار الخرطوم تم ترحيله الى القيادة العامة وهناك احيط باعداد كبيرة من الجنود بكامل اسلحتهم وعشرات الجنرالات، وتعرض لأستفزاز وسباب ووعيد بالانتقام. ثم بدأ معه التحقيق فى الاستخبارات العسكرية، ثم نقل الى معتقل سلاح المهندسين وبقى فيه حتى ۲۳∕۸ حيث قدم للمجلس العسكرى الايجازى العالى برئاسة العقيد فابيان اقام لونق، وممثل الاتهام المقدم عبد الوهاب البكرى الذى حدد التهم تحت الامر الجمهورى الثانى والرابع والمادة ۹٦ من قانون العقوبات والمادة ۲۱ والمادة ۲۷ من قانون القوات المسلحة. لم يكن بالمحكمة شاهد اتهام ولم يسمحوا للمتهم أحضار شاهد دفاع او صديق. استغرقت المحكمة نصف ساعة. نصفها لخطبة الاتهام ونصفها لأسئلة المجلس. ثم رفعت الجلسة واعلن بالحكم فى سلاح المهندسين يوم۱۸∕۸ - حيث استدعاه ضابط امن - ان الحكم عشرون عاماً، واضاف "جاءت خفيفة، كنا عايزنها دروة"

    * * * * *
    الملازم هاشم مبارك:
    --------------------------------

    تم اعتقاله عصر ۲۲ يوليو وتم نقله الى معسكر الشجرة. وبعد بضعة ايام استدعاه السفاح نميرى الذى كان يعرف الكثير عنه مثل الوحدة التى كان يعمل بها والدور الذى قام به. وحاول ان يدخل معه فى حوار عن اسباب اشتراكه فى حركة ۱۹ يوليو. وخلال الحديث وقف احد الضباط الذين تم اعتقالهم فى ۱۹ يوليو وقال للسفاح نميرى لقد اعتقلنى هذا الضابط. ولم يكن هذا صحيحاً. ولكن السفاح نميرى كان يحتاج لمثل هذه الشهادات المزورة لتدبير الحكم. ثم قدم هاشم لمجلس عسكرى برئاسة العقيد فابيان لونق. ولكن السفاح اعادة الحكم للمحكمة ثلاثة مرات لأنه اعتبره خفيفاً، حتى صدر عليه الحكم فى ۱∕۸ وارسل الى سجن كوبر.

    * * * * *

    ملازم على محمد زروق:
    -----------------------

    تم اعتقاله فى ۱٥∕۸ بمدينة الجنينة فى منزل احد زملائه فى الدراسة بعد ان بلغ عليه والد زميله. وقد تعرض لنفس الاجراءات التى تعرض الملاوم فيصل مصطفى. ثم اخذوه لمقابلة مجلس الثورة، وكان فى المقابلة السفاح نميرى، وزين العابدين محمد احمد وابو القاسم هاشم وابو القاسم محمد ابراهيم، كما حضر المقابلة منصور خالد وبعض كبار ضباط القوات المسلحة. وعندما واجهه السفاح نميرى هو وزميله فيصل، بادرهم بالصياح المسعور: خونه متامرين ثم تلفظ زين العابدين بالفاظ بذيئة نابية، وشاركه السفاح نميرى فى السباب المبتذل الذى يعف لسان الرجال عن التلفظ به. ثم اضاف زين العابدين " يوليو بتاعتكم دى لحم راس" شى استخبارات بريطانيا وامريكانية وشيوعية، جايطه " ثم نهض واخذ يرقص بحركات مستهجنة حول الملازم على وهو يغنى "مادوامة". بعد ذلك امر السفاح بأجراء التحقيق فوراً وتشكل مجلس عسكرى للمحاكمة. وقد تم ذلك فى الاستخبارات العسكرية. ثم نقل الى سلاح المهندسين وهناك تعرض لأستفزازات وسباب من بعض الجنود والرائد فتحى ابوزيد.
    انعقدت المحكمة يوم ۲۳∕۸ برئاسة المقدم فيبين ومثل الاتهام العقيد عبد الوهاب البكرى. كانت المحكمة صورية لم تستمع لشاهد أتهام ورفضت طلب المتهم بأحضار شاهد دفاع او صديق او كتابة خطبة دفاع او حتى استجواب ممثل الاتهام فى اقواله المتناقضة. وفى ۲۸∕۸ اعلن بالحكم ۱۵ عاماً سجناً، وعلق ضابط امن المهندسين واسمه الرائد شرف الدين " جات خفيفة. كنا عاوزنها دروة "

    * * * * *

    ملازم احمد الحسين:
    ---------------------

    تم اعتقاله فى الساعة التاسعة مساء ۲۲ يوليو فى الخرطوم من وزارة الداخلية وقام باعتقاله بعض جنود المظلات واحد الضباط وقوة اخرى يقودها المقدم زياده صالح الشيخ. ومن وزارة الداخلية اقتادوه سيراً على الاقدام حتى السفارة المصرية حيث تم حجزه مع ضباط آجرين معتقلين. فاحتج احمد الحسين على حجزهم واعتقالهم فى السفارة المصرية وطلب من الضابط المسئول تفسير ذلك. وكانت مجموعة من الجنود الموالية لقوات الردة ملتفة حول احد رجال السفارة المصرية يتحدث فيهم ( اوصاف المصرى من رجال السفارة، ممتلى الجسم، على رأسه صلعة خفيفة وجلحات وبجواره عربة سوداء).
    من السفارة المصرية نقلوه وبقية المعتقلين الى الشجرة، وادخلوهم فى قرقول اللواء الثانى، فوجدواهناك الشهيد عبد المنعم محمد احمد محتجز داخل زنزانة، ومجموعة من الضباط المعتقلين بينهم الشهيد احمد جبارة الذى كان نائماً. وفى نفس الليلة تم ترحيل احمد الحسين الى مكتب رئاسة سلاح المدرعات حيث تعرض ومن معه للاستفزاز والاهانة وللسلب والسرقة فنهبوا ساعاتهم وما معهم من نقود. استلقى احمد الحسين ونام حتى ساعة متاخرة من الليل حيث استيقظ فوجد الشهيد محجوب ابراهيم، وسمع صوت الشهيد عبد المنعم فى الغرفة المجاورة يتحدث بثبات أثناء استخوابه. وفى صبيحة يوم ۲۳ احضروا لنفس الغرفة الشهيد ابو شيبة والشهيد بشير عبد الرازق والشهيد الحردلو والشهيد ود الزين والشهيد احمد جبارة ثم حضر الشهيد الشفيع.
    بعد اخذ خلاصة البينات، توجه احمد الحسين للمحكمة ، وكان حسبما اعلن ان رئيسها المقدم عبد المنعم حسين، ولكن احمد محمد الحسن رئيس فرع القضاء العسكرى تدخل وغير رئاسة المحكمة وفرض نفسه رئيساً عليها، كما غير الرائد الذى اخذ خلاصة البينان وكان مفروضاً ان يتولى مهمة ممثل الاتهام، واستبدله بالعقيد احمد يحيى عمران. وتحولت كل هيئة المحكمة الى ممثل اتهام. وكان احمد محمد الحسن يسرد على المتهم فقرات وحقائق دارت بينه وبين قائد سلاح المدرعات احمد عبد الحليم منذ امد بعيد. وظل ممثل الاتهام يكرر اكثر من مرة مطالبته بانزال أقصى العقوبة على المتهم ليكون عظة للاخرين . وكان احمد محمد الحسن يتظاهر خلال المحكمة بانه نعسان وتعبان، ويغفو وينام من حين لآخر، ثم يوجه اسئلته بطريقة مسرحية واستفزازية للمتهم. ورفضت المحكمة فى النهاية ان تسمح للمتهم بتقديم خطبة دفاع شفوية او مكتوبة.

    * * * * *
    نقيب صلاح السماني:
    ------------------------

    بعد اعتقاله فى موقع كتيبة جعفر، تم نقله الى سلاح المهندسين، وهناك تعرض مع بقية الضباط للتحرشات من حثالة القوات المسلحة والشعب السودانى من جنود المظلات يقودهم ويوجههم فى جبن وخسة الرائد فتحى ابو زيد. وفى سرعة محمومة اخذت له خلاصة البينات ومثل امام المحكمة التى ترأسها العقيد الطاهر محى الدين، ولم تستمر المحكمة اكثر من ربع ساعة دون ان تتاح لصلاح فرصة الدفاع او التقيد بابسط قواعد القانون العسكرى واجراءات المحاكم. وظل فى معتقل الشجرة حتى يوم ۲۸∕۷∕۱٩۷١ حيث حضر السفاح نميرى وهو فى حالة هستريا وتشنج حيوانى ومخمور بدرجة لا تليق بالمدمنين ومرتادى الانادى، وكان بصحبته احمد محمد الحسن، واخطرا صلاح بالحكم وهو ۱۵ عاماً سجناً. وتم نقله الى سجن كوبر الذى تحول الى معتقل للشرف والبطولة.

    * * * * *
    نقيب عباس عبد الرحيم الاحمدي:
    --------------------------------

    بعد اعتقاله فى مكاتب لواء المدرعات الاول، تم ترحيله فى عربة سكارت تحت حراسة مجموعة من الجنود يحملون اسلحة معمرة وجاهزة للضرب. وبعد مناقشات بين الحرس واحد ضباط المدرعات تم ترحيل عباس الى مكتب مدرسة المدرعات. وبعد ساعة من الزمن حضر رقيب من سلاح المظلات واقتحم المكتب ووجه البندقية ج ۳ التى كان يحملها لابادة كل الضباط المعتقلين. وهنا اسرع رقيب من سلاح المدرعات وامسك بالبندقية ورفعها نحو سقف القرفة واخرجه من المكتب. وكان رقيب المظلات يسب ويستفز ويلعن ويتوعد بالقتل والثأر لمن ماتوا فى بيت الضيافة. وفى مساء نفس اليوم حوالى الساعة التاسعة مساء حضر نقيب علم الهدى محمد شريف ومعه الملازم كمال سعيد صبره يحملان ورقة عليها ۲۱۵ اسماً للذين تقرر سلفاً اعدامهم حسب ترتيب الاسماء. ثم اشرف على توزيع المعتقلين.
    فى يوم ۲۳ يوليو حضر ابو القاسم محمد اراهيم ومعه ضابطان من المظلات وعدد من الحرس وسأل المعتقلين " شى غريب، شنو الحاصل " ثم سأل من جديد " هل تحرك اللواء الاول ام اللواء الثانى؟".
    ثم بدأت الاعدامات فى الدروة الداخلية لمعسكر الشجرة وكان الجنود المكلفون بالحراسة يهرعون الى ساحة الاعدام " ليتفرجوا". وكانوا يحاولون ادخال الرعب فى نفوس المعتقلين بعد كل اعدام ولكن دون جدوى مما اثار حنقهم على المعتقلين حتى انهارت اعصابهم. وذات مرة بعد ان عادوا من مشاهدة الاعدام ، سألهم احد الحرس " كيف الضرب؟ اجابوا" يا سلام ياخى حاجة جميلة، خلو لك ضهورهم زى الغربال. وسألهم جندى اخرى " الدور على منو حسع ؟" اجابوا " الدور على عمر وقيع الله " ( الذى كان مع النقيب عباس فى غرفة واحدة). كان الجنود يتفوهون بهذه العبارات لبعضهم البعض الا ان هدفهم كان اياك اعنى واسمعى ياجارة.
    بعد خلاصة البينات، وقف نقيب عباس امام محكمة برئاسة المقدم عبد المنعم حسين. وقد حكمت المحكمة ببراءته. ولكن احمد عبد الحليم اصر على اعادة المحكمة، وطلب من احمد محمد الحسن استدعاء شهود اضافين من لواء المدرعات الاول. وبالفعل حضر الشهود ولكنهم انقلبوا الى شهود دفاع. ولم يقتنع احمد عبد الحليم واحمد محمد الحسن فوضعا حكم من عندهما وهو ٦ سنوات على ان يرفع الى السفاح نميرى، لأن احمد عبد الحليم صرح بان الاحمدى لا يمكن ان يكون بريئاً ولسؤ حظ احمد عبد الحليم واحمد محمد الحسن، حضر السفاح نميرى فى حوالى الرابعة فجراً فى حالة سكر شاذة، فقدمت له الاوراق ووقع على الحكم وهو ست سنوات كما وضعه احمد عبد الحليم. وفى الصباح حضر احمد محمد الحسن وعرضت عليه الاوراق لأعلان الاحكام بوصفه رئيسا لفرع القضاء العسكرى. فهاج وازبد وسأل مين الى وقع على الاوراق دى. فقيل له الرئيس نميرى. فتراجع وقال بلهجته المصرية: دا محظوظ أوى، كان لازم يأخذ خمستاشر سنة على الاقل – خلاص نادوه.
    ونودى على عباس واعلنوه بالحكم وارسل الى السجن.

    * * * * *
    ملازم فيصل محجوب كبلو:
    --------------------------

    قضى ليلة ۲۲ يوليو فى الاعتقال بمعسكر سلاح المظلات، ونقل يوم ۲۳يوليو لمعسكر الشجرة، وهناك استقبله المقدم عبد القادر احمد محمد وملازم يدعى فتحى عبد الغفور (من اقارب مامون عوض ابوزيد ) بالاستفزاز والسباب. وكلاهما جبان لا يجرو فى الظروف العادية على رد التحية كاملة.
    كان المعتقل فى الشجرة اشبه بما تصوره القصص عن معسكرات الاعتقال النازية: الارهاب والاحقاد والفوضى والتعذيب وانعدام كل صلة بما هو إنسانى.
    بعد فترة تم استدعاء فيصل امام السفاح نميرى الذى كان مخموراً. فسأل فيصل " ضربتنى ليه "، فرد عليه فيصل: انا ما ضربتك لأنى ما شفتك وما قابلتك. فرد عليه السفاح: " يعنى انا كذاب ؟ انا حأنادى ثلاثة شهود يشهدوا ضدك " فقال له فيصل: ما فى داعى للشهود. وفى تلك اللحظة دخل احمد محمد الحسن: فسأله السفاح نميرى مشيراً الى فيصل: دا منتظرين بيهو شنو؟ فاجاب احمد محمد الحسن: محكمته جاهزة ياريس.
    وفى تلك المحكمة التى انعقدت برئاسة ابكدوك، لم تجد المحكمة ما يبرر اصدار حكم رادع بالمستوى الذى طلبه السفاح نميرى، فأصدرت حكمها بالسجن خمس سنوات. ولكن السفاح تهيج وطالب بتكوين محكمة اخرى برئاسة العقيد الطاهر محى الدين، وممثل الاتهام احمد يحي عمران، فأصدرت حكمها بالسجن ۱٥عاماً ، ولم تستمر الا عشرة دقائق فقط.

    * * * * *
    ملازم مدني علي مدني:
    --------------------------

    بعد اعتقاله صباح الجمعة ۲۳بمعسكر الحرس الجمهورى بالخرطوم، نقل الى معتقل القيادة العامة ثم الى سلاح المهندسين. وفى معتقل القيادة العامة جاء الرائد على حسين اليمانى ومعه جمهرة من الجنود واخذ يصيح بأعلى صوته: " اتفرجنا على الجماعة للاعدموهم، عايزين كمان نتفرج على الحيعدموهم. " فزجره بعض الضباط وارغموه على الصمت والتراجع. وفى معتقل سلاح المهندسين، جاء خالد حسن عباس وبصحبته بعض الجنود والضباط من بطانته، بينهم الرائد فتحى ابوزيد الذى بدأ يكيل السباب لمدنى مدعياً انه هو الذى اعتقله، ولم يكن ذلك صحيحاً، ولكن الرائد فتحى كان قد فقد توازنه من الخوف واصبح يعتبر كل واحد من ثوار يوليو هو الذى اعتقله.
    فى يوم الاثنين ۲٦/۷ بدأ التحقيق مع مدنى ونقل الى معسكر الشجرة. وهنال بعد فترة استدعاه السفاح نميرى الى مكتبه، وكان معه نفر من بطانته من ضباط الصف الذين ترقوا الى ضباط بعد ۲٥مايو، ومعه ايضاً جندى مستجد عمره ۱۸عاماً يدعى محمود عبد الله. توجه السفاح نميرى بسؤال لمدنى ان كان يعرف الجندى المستجد محمود عبد الله. فأجاب بالنفى. فقال السفاح ان الجندى ادلى بأقوال تفيد ان مدنى اشترك فى ضرب الضباط فى بيت الضيافة. نفى مدنى ذلك لأنه كان يوم ۲۲كله بعيداً عن منطقة القصر والحرس. وحاولت بطانة السفاح ان تهجم على مدنى وتفتك به. ولكن مدنى اصر على نفى صلته بحادث بيت الضيافة رغم اصرار السفاح على مواصلة الاستجواب وتأكيد مدنى انه لم يسمع بحادث بيت الضيافة الا بعد اعتقاله. فذكر له السفاح ان هناك شهود آخرين، وقد تم استدعاءهم. وهم الجندى الشهيد محمد ابراهيم، والوكيل عريف النور من مدرسة المشاة، والوكيل عريف من الذخيرة. وقد نفوا جميعاً صلة مدنى بحادث بيت الضيافة. فأمر السفاح بتشكيل محكمة واضافة المادة ۲٥۱القتل العمد من قانون العقوبات. فتشكلت المحكمة برئاسة المقدم المهدى المرضى وعضوية الرواد صديق السيد وعلى حسين اليمانى، وشكل الاتهام الرائد عثمان محمد الحسن.
    وجهت المحكمة لمـدنى المـواد ۲۱من قانون القوات المسـلحة ( التمرد ) و ۹٦ من قانون دفاع السودان ( اثارة الحرب ضد الحكومة )، والامر الجمهورى الرابع، والفقرة الثانية من الامر الجمهورى الثانى، والمادة ۲۵ من قواعد القوات المسلحة لعام ۱۹٥۷ ( معاملة الضباط المعتقلين معاملة مخلة بالضبط والربط ) نسبة لأن مدنى كان حرساً على المعتقلين يوم۲۱∕۷.
    انعقدت المحكمة فى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، واحضروا كشاهد اتهام النقيب مختار زين العابدين ليثبت ان مدمنى عامل المعتقلين معاملة سيئة. ولكنه لم ينجح. وبالرغم من ان ضباط الحرس فى السلاح الطبى قد شهدوا بان مدنى عاملهم معاملة كريمة خلال حراسه لهم الا ان المحكمة لم تشطب هذه التهمة .
    ثم استدعت المحكمة الجنود السابق ذكرهم للشهادة. فأعلنوا جميعاً انه ليس لمدنى صلة بحادث بيت الضيافة. وكانت المفاجأة عندما اعلن الجندى محمود عبد الله انه تعرض لضغط شديد وتهديد من جنود سلاح المظلات والمدرعات ليشهد ضد مدنى والا فأنهم سيقتلونه.
    وعندما رفعت المحكمة حكمها للسفاح نميرى تهيج وقذف بالاوراق بعيداً وصاح بأعلى صوته " ناس الحرس الجمهورى ديل الا اشهد انا ضدهم " ثم جمع الاوراق مرة اخرى ووقع عليها. والغريب فى الامر ان بينها كانت اوراق الملازمين فيصل مصطفى وعلى محمد زروق قبل اعتقالهما فى الجنينة.
    وهكذا استمرت محكمة مدنى ٤٥ دقيقة وهى من اطول المحاكمات، ولكنه لم يتحدث خلالها الا عشر دقائق فقط ... ودون ان توخذ له خلاصة البينان.

    * * * * *
    حسن سيد قطان – عامل بشركة الرش:
    --------------------------------

    فى يوم ۱∕۸، اتصل ضابط من القيادة العامة بمكتب الشركة يطلب حضور حسن سيد الى القيادة العامة لأن المتهم برير محمد حامد طلبه كشاهد دفاع لأنه يسكن معه فى نفس المنزل. وحضر الرائد سليمان العاقب ومعه آخرين واخذ حسن سيد لمكاتب الاستخبارات العسكرية بالقيادة العامة.
    وبلا مقدمات بدأ التحقيق مع حسن حول هروب الشهيد عبد الخالق محجوب واشتراكه فى عملية الهروب وأخفاء العريف عثمان. وفى ۳∕۸ ارسل حسن سيد الى سجن كوبر وانضم الى بقية المعتقلين حتى يوم ۱۱∕۸ حيث تم نقله الى معسكر الشجرة للتحقيق ومعه برير محمد حامد والعريف عثمان. وبعد اخذ خلاصة البينات قدموا لمحكمة ليلاً برئاسة المقدم الحسين الحسن. طلبت المحكمة من حسن سيد وبقية المتهمين اذا كانت لديهم اقوال جديدة ام يكتفون بما ادلوا به فى التحقيق. قال حسن انه يكتفى بما ادلى به من اقوال. لم تقدم المحكمة اى فرصة للدفاع. ولكنها طلبت من حسن ان يستدعى اى شخص يدلى بشهادة اخلاقية لمصلحته. فرفض. وبقى حسن فى المعتقل حتى يوم ۱٥∕۸ حيث اعلن بالحكم، وحول الى سجن كوبر، ثم الى بورتسودان.

    * * * * * المنتدى العام ل " سودانيز أون لاين " دوت كوممكتبة أحمد طه(أحمد طه).
    بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر.
                  

07-20-2007, 09:52 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: بكري الصايغ)

    الصـحافة تكشـف قبور عبدالخالق،والشفيع،وجوزيف قرنق بالخطوم بحـري.
    -----------------------------------------------------------------------
    ahmed haneen

    21-07-2004,

    بـث الاخ،أحـمد حنيــن،وعـبر منـبر (سـودانيـزاونلايـــن)، بتـاريـخ 21يــولـيـو2004، خـبـرآ مـثـيرآ اسـتقاه من عدد جـريـدة (الـصحافة ) السـودانيـة،والـصـادرة ايـضآ بتـاريـخ نفـس زمـان نشـره للـخـبر 21يــوليــو 2004،ولــما كان الخــبر واصـلآ موجــودآ بإرشـــيف (سـودانيـزاونلايــن)، فـقد رآيت وان الـقـي عليه الضــوء مجددآ،لان لـةعـلاقـة مباشــرة ووطـيدة بـما اقــوم به هذه الايــآم من فـتح مـلفـات (19يــــوليــو1971،).

    ورآيـت وان انـزل الـخبـر وتـمامآ كـم ورد فـي الـمنـبـر.....


    الصحافة تكشف : قبور عبد الخالق والشفيع وقرنق بالخرطوم بحري.
    ---------------------------------------------------------------

    في خبر قصير وخجول جدا ومختصر
    نشرت الصحافة اليوم نباء كشفها عن
    قبور المدنين شهداء حركة 19يوليو

    جاء الخبر كالأتي:
    قبور عبدالخالق والشفيع وقرنق بالخرطوم بحري الخرطوم : الفاتح عباس
    كشفت (الصحافة) لأول مرة، قبور ضحايا 19 يوليو 1971 من المدنيين وهم:
    عبدالخالق محجوب
    الشفيع احمد الشيخ
    جوزيف قرنق
    وتقع تلك القبور بمقابر حلة خوجلي بالخرطوم بحري.
                  

07-20-2007, 10:39 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الرفيع مدثر
    مروكم اثلج الصدور وإن كانت نار الحشى مستعرة...ونحن دائما على الدرب...
    كل الود
                  

07-20-2007, 10:56 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الاعزاء جدا
    د.مصطفى وبكرى
    مروركم البهى ..رونق هذا البوست وكل بوست..
    الشكر والتقدير لايفيان..
                  

07-20-2007, 04:48 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    يبقى الامل...ما بقينا ..وما بقى النضال..وما بقيت جذوة الثورة فينا

    "وسجل انحنا ...برغم جرحنا ...اجتزنا المحنة..ونحن الليلة أشد ثبات"
                  

07-20-2007, 05:07 PM

Amira Osman

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 1348

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الاخ محمد،
    شكرا علي هذا البوست،
    متابعين،
    و لي عوده
                  

07-20-2007, 05:44 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    اميرة الاميرة وبنتنا الزينة
    شكرا كثيرا على مرورك الجميل وفى انتظار مساهمتك...
    كل والود والاعزاز
                  

07-20-2007, 11:28 PM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    العزيز جدا مكي
    تحياتي

    يا له من بوست يا مكي
    حتما اعود للمشاركة بما املك عن هذا العقد الفريد
    والبطولات النادرة
    مودتي
                  

07-21-2007, 00:06 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الموضوع: مذبحة بيت الضيافة بين الأسطورة وأحلام العسكرومكرالسياسة.


    الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام
    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة ..
    ---------------------------------------------

    الانقلابات العسكرية في السودان .
    ------------------------------
    محمد محمد احمد كرار..

    Source Al-Ayaam September 5, 2005.

    في كتابه "الانقلابات العسكرية في السودان" الصادر عن دار البلد بالخرطوم 1988 أورد الاستاذ محمد محمد احمد كرار الكثير من التفاصيل عن حركة 19 يوليو 1971, وبالرغم من انه كاتب سوداني عاش في مسرح الاحداث وكان بأستطاعته الحصول علي أدق المعلومات والتفاصيل الا انه لم يبذل جهدا مسئولا في البحث عن الحقائق. وفي هذا الجزء الزاخر بالتفاصيل وضح ان الكاتب قد "لملم" اي معلومات أطلع عليها او سمعها دون اهتمام بما اذا كانت تلك المعلومات صحيحة او غير ذلك, لهذا فقد جاء ذلك الجزء من كتابه مليئا بالاكاذيب والتناقضات.

    في بداية تناوله لحركة 19 يوليو, بعد عدة اعوام من قيامها نراه لا يزال مصرا علي ان تلك الحركة كانت انقلابا دبره الحزب الشيوعي السوداني فهو يقول في صفحة 49 من كتابه "...لان هذا الانقلاب ثبت بأعتراف الادلة أنه من تدبير الحزب الشيوعي السوداني...الخ" هكذا ببساطة ودون ان يقدم لنا شيئا من تلك الادلة التي أشار اليها! وأسترسل الكاتب يتحدث عن الماركسية الليننية والانقلابات العسكرية فقال: " لم يوضح الادب الماركسي اللينيني موقفا مفصلا عن الانقلابات العسكرية اذا ما توفرت ظروف الثورة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسم مسلح للحزب الطبقي الطليعي, لكن الواقع المعاش في أكثر الدول المعاصرة أكد ان الانقلاب كان الوسيلة المستخدمة للوصول الشيوعي للسلطة. ففي افغانستان وكمبوديا ولاوس واليمن الجنوبي والسودان وبولندا ونيكاراجوا وكوبا وكثير من الدول سلك الشيوعيون هذا الطريق سواء وصلوا ام فشلوا".

    مما تقدم يتأكد لنا ان الكاتب لم يقرأ الماركسية اللينينية جيدا فنراه لا يفرق بين الانقلاب العسكري الذي عادة ما تنفذه القوات المسلحة او الجيش في بلد ما - وغالبا ما يكون ضد أنظمة ديمقراطية - والكفاح المسلح... وهو النضال الذي قوامه الجماهير المسلحة المصممة علي الاطاحة بالنظم الاستعمارية والديكتاتورية والرجعية والعميلة. وبغض النظر عن افغانستان وبولندا نراه يحاول ان يصف أروع ملاحم النضال الانساني في كوبا وكمبوديا ولاوس ونيكاراجوا واليمن الجنوبي بأنها انقلابات عسكرية!

    ومن كتابة "سنة اولي مايو " ص51 وما بعدها نقل لنا: "لكي تتضح الرؤية حول التورط الشيوعي في بركة الانقلاب العسكري, لا بد من اعطاء صورة مختصرة عن علاقة الحزب الشيوعي السوداني بالجيش أو بالأحري بتنظيم الضباط الاحرار بؤرة الانبعاث الانقلابي. بدأ الحزب عام 1957 يتجه نحو اختراق الجيش السوداني وبتكتيك متقدم صار يوزع منشورات بأسم الضباط الاحرار دون أن يكون التنظيم الوليد يعلم بهذا, وقد أستغل الحزب حصوله بطريقته الخاصة علي كشف اقدمية الضباط وأخذ يرسل اليهم المنشورات.

    بعد 1957 صار كل من العقيد "عبدالهادي" وأظنه يقصد العقيد عبدالله الهادي, المقدم حسن ادريس, الرائد مصطفي النديم, الملازم حسن مكي, الملازم محمد محجوب (شقيق عبدالخالق محجوب - سكرتير الحزب), النقيب بابكر النور سوارالدهب (كان عضوا بالحزب الشيوعي منذ المدرسة الثأنوية في حنتوب), الملازم عبدالمنعم محمد احمد, الملازم محجوب طلقة, الملازم هاشم العطا والملازم الحاردلو) ص49...ولم يكن الحاردلو ضمن تلك المجموعة اذ انه تخرج من الكلية الحربية 1968 وتم أعدامه في يوليو 1971.
    لم ينكر الحزب الشيوعي أنه عمل في أوساط الجيش فقد كانت له خلايا منظمة فيه, ولم ينكر اشتراكه في المحاولات الانقلابية الفاشلة ضد نظام الجنرال عبود:"... فقد عارضنا انقلاب نوفمبر 1958 بوصفه انقلابا رجعيا, وأيدنا وشاركنا في محاولات الانقلاب الاربع التي قام بها ضباط وجنود وطنيون لاسقاط الفريق عبود في أول مارس 1959 وفي 4 مارس 1959 وفي 22 مايو 1959" وثيقة تقييم حركة 19 يوليو ص5.

    اما توزيع المنشورات بدون علم التنظيم فذلك غير حقيقي اذ ان الضباط الشيوعيين والديمقراطيين كانوا يشكلون اساس ذلك التنظيم وكانت منشورات التنظيم تطبع بمطابع الحزب الشيوعي السرية.
    تحدث الكاتب عن تردد الحزب الشيوعي في الاشتراك في انقلاب 25 مايو 1969, وعن بداية الخلافات بين الحزب الشيوعي ونظام 25 مايو وقال: " كانت اول بادرة من النظام المايوي ضد الحزب الشيوعي هي موقف مايو من تصريح رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة بابكر عوض الله الذي صرح في زيارته لالمانيا الشرقية حيث قال: "أن ثورة مايو لم ولن تنجح الا في ظل تعاونها مع الشيوعيين" غضب النظام من تصريح بابكر عوض الله وكلفه ذلك منصبه الذي تولاه اللواء نميري بنفسه وأقصي بعض الوزراء ذوي التوجه الشيوعي من مجلسه وابدلهم بآخرين غير يساريين وفيهم من اهل اليمين عدد "ص50".

    وتعرض الكاتب لاسباب الانقسام في صفوف الحزب الشيوعي حينذاك ولم يخطئ كثيرا في ذكر تلك الاسباب ولكن نراه لم يفرق بين الانقساميين والقسم الاساسي في الحزب الذي رفض حل الحزب وتذويبه في نظام 25 مايو وأعتبر كل ما فعله الانقساميون مع مايو هو من فعل الحزب الشيوعي السوداني.
    أورد الكاتب رواية ملفقة حول اعتقال جعفر النميري وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة فقال: "فجأة يقتحم المنزل الملازم عبدالعظيم عوض سرور شاهرا سلاحه مدفع رشاش وخلفه كوكبة من الجنود المدججين بالاسلحة في حالة استعداد لاطلاق النار. تأهب ابوالقاسم محمد ابراهيم علي الفور للمقاومة ولكن نميري قال له: "تأخر الوقت قليلا..كانت اعصاب المجموعة متوترة ومتحفرة بحيث يمكنهم التصرف بأطلاق النار لاي مبادرة حماقة من المجموعة المراد اعتقالها. سأل نميري اقرب الجنود اليه :"ألم تكن في حراسة المنزل هذا الصباح؟ فرد بصورة تلقائية :"بل منذ الخامسة من مساء أمس "هنا تنبه الملازم للحوار فطلب من الجميع التحرك فورا امامهم. كان اول ما خطر لنميري ان هذا التحرك تم بواسطة الاحزاب التقليدية, ولكن الملازم عند الباب الخارجي سأل نميري: "لعلك تذكر الاساءات التي وجهتها لحزبنا؟ فسأله نميري كمن وجد ضالته: أي حزب؟ فقال الملازم:" الحزب الشيوعي" فهتف نميري علي الفور يا للحماقة" ص54".

    هذه الرواية تثير الضحك والسخرية معا..فالحقيقة الوحيدة هنا هي وجود الملازم وليس الملازم اول عبدالعظيم عوض سرور مع الملازم احمد جبارة في ذلك الوقت. الضابط الذي اقتحم المنزل هو الملازم احمد جبارة الذي كان مكلفا باعتقال جعفر النميري وقد فوجئ بوجود بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة معه, ثم حضر بعد ذلك الملازم عبدالعظيم عوض سرور لمساعدته. اما تأهب ابي القاسم محمد ابراهيم للمقاومة ومنع نميري له وذلك الحديث الذي دار بين النميري واقرب الجنود اليه وبينه وبين الملازم فذلك منطقيا غير صحيح, فقد كان اعضاء المجلس المعتقلين في منتهي الذعر والرعب خصوصا الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم الذي كانت يداه المرفوعتان ترتجفان وعيناه مغرورغتين بالدموع. أما النميري فقد كان في حالة ذهول كامل وعاجز عن النطق تماما. ثم ان الوقت والموقف لم يكونا مناسبين لمثل تلك الاسئلة والاجوبة وذلك النقاش الهادي والمرتب!

    وتحت عنوان :"كيف تمت السيطرة علي اجزاء العاصمة "الحساسة" والحساسة هذه من عند الكاتب! شبه تحركات قوات 19 يوليو لاحتلال بعض المواقع الاساسية في العاصمة المثلثة بتحرك قوات 25 مايو التي كانت مرابطة بخور عمر "لاداء بعض التدريبات كستار للتحرك وتنفيذ الانقلاب فذكر: "القوى الضاربة الاساسية بجبال المرخيات والتي كمنت تحت ستار التدريب, وتحركت صوب العاصمة في الساعة الرابعة ظهرا..جزء منها احتل مدرسة المشاه بكرري وأمن جزء آخر الكلية الحربية وتوجه قسم آخر الي الاذاعة...الخ" ص54".

    بالتأكيد ان ما ذكره الكاتب لا يمت الي الحقيقة بصلة وقد أشرت في الفصل الاول من هذا الكتيب الي كيفية التحرك لتنفيذ الانقلاب وقد كانت قاعدة التجمع والانطلاق الاساسية هو رئاسة الحرس الجمهوري المجاورة للقصر الجمهوري بالخرطوم ورئاسة اللواء الاول مدرعات بالشجرة.
    ذكر الكاتب روي فؤاد مطر في كتابه الحزب الشيوعي السوداني, نحروه ام أنتحر؟) ان الكلية الحربية المصرية التي كانت ترابط بطلابها وقواتها الادارية بجبل اولياء جنوب الخرطوم بدأت بالتدخل وفي طريقها لقلب الخرطوم انضمت اليها بعض الوحدات المواليه لنميري وقد لعبت المخابرات المصرية دورا كبيرا في هذا التحرك) ص60.

    بالطبع لم يكن ما ذكره الكاتب نقلاً عن الكاتب المصري فؤاد مطر صحيحا فالكلية الحربية المصرية لم تتدخل مطلقا, ولم تكن لتقدم علي ذلك في وقت لم يكن فيه توازن القوي واضحا. أن القوات التي تحركت فعلا هي قوات اللواء الثاني مدرعات يدعمها بعض المسرحين من جنود المظلات وكما أشرت في اكثر من موقع في هذا الكثيب ان الهدف من التحرك لم يكن اعادة جعفر نميري للسلطة. ولا أعتقد ان للمخابرات المصرية دور في ذلك التحرك لكن لا يستبعد مطلقا انها كانت تخطط للتدخل.

    ومن التلفيقات التي يزخر بها الكتاب حكاية هروب جعفر النميري من المعتقل, يقول الكاتب: (..بعد ساعة عاد الهدير الذي سمعه من جديد وهو صوت مدافع ودبابات وأزيز رصاص يتداخل مع صوت جماهيري يتوالي مع ايقاع منتظم. ثم صوت جنازير الدبابات يتضح..فجأة انفتح الباب واقتحم مع انفتاح الغرفة هتاف جماهيري: عائد عائد يا نميري... وانتفض الرجل كمن به مس من الجنون وامتلا جسده بروح وعنفوان مهووس..لم يعبأ وراح مندفعا يلقي بالجنود والحراس وكل من يعترضه ارضا وازاحهم عن طريقه وعبر السور المواجه لوزارة المواصلات والبوسته وبقفزة واحدة بحائط ارتفاعه أكثر من اربعة امتار به سلك شائك قفز نميري قفزة واحدة الي الطريق العام...الخ) ص60.

    لا شك ان رواية الكاتب لحكاية "الهروب الكبير" الذي نفذه النميري يثير الضحك والسخرية ايضا, فقد وصف الكاتب نميري وكأنه قد اكتسب فجأة قوى خارقة وحقق رقما قياسيا في القفز العالي اذ قفز ما يزيد علي اربعة امتار قفزة واحدة...بالتأكيد القصة ملفقة وركيكة الصياغة ولا يصدقها احد حتي السذج. والحقيقة ان نميري الذي كان منهارا طيلة ايام اعتقاله لم يكن ليمتلك تلك القوة في ذلك الوقت... ثم ان السور الذي أشار اليه الكاتب لم يكن بذلك العلو الشاهق!
    أقدر محاولة الكاتب في بحثه عن حقيقة ما جري في بيت الضيافة ولكني أري أنه لم يبذل جهدا كافيا او مناسبا في ذلك البحث الذي بدأه باتصاله ببعض شهود العيان ويبدو انه اكتفي بما توصل اليه من افادات ترسخ اعتقاده الشخصي بأن الشيوعيين وحدهم وليس غيرهم نفذوا مجزرة بيت الضيافة. فلو أجتهد في بحثه وتحرياته وجمع أدلة موثوقة المصادر, لكان من الممكن أن يقدم لنا شيئا مفيدا ومقنعا أو اقرب الي ذلك حول حقيقة ما حدث.

    يقول الكاتب: (في يوم الخميس 22 يوليو الساعة الخامسة مساء تقريبا سمع هؤلاء المعتقلون صوت دبابة وسمعوا احدهم يقول: أضربهم كلهم ويجيب عليه شخص آخر: نعم كلهم ولا تترك احدا منهم حيا. وأشتد الضرب في الخارج ثم فجأة انهال عليهم مدفع رشاش...أغلبهم انبطح ارضا وآخرين لاذوا بحمامات الدار وغرفها. وبد قليل تكونت بركة من الدماء في وسط الحجرة التي كانت تجمعهم .. ثم هرب الجناة... ولكنهم عادوا بعد قليل وأخذوا يجهزون علي من لم يمت بأسلحتهم الشخصية . كان من ضمن الضباط العقيد سعد بحر قائد ثاني المدرعات والذي اصيب ولكنه لم يمت ولما فطن لعودة القتله رش جسده بالدمات حتي تبدو أصابته كبيره وكأنها قاتله.. ونجا من الموث ليحكي صحة مسؤولية الانقلابيين عن المذبحة ثم شاهدهم مرة اخري يهرولون خارجين.)

    ويقول كما روي العميد عبدالرؤوف عبدالرازق في رسالة الماجستير التي أعدها بمعهد الدراسات الافريقية والاسيوية ص 103 ان العميد أ.ح. عبدالقادر وأظنه يقصد محمد عبدالقادر, قد أكد في مقابلة معه يوم 31|8|1983 أنه لا صحة لما تردد بأن هناك جهة ثالثة هي التي قامت بذلك بل هم ضباط انقلاب 19 يوليو. والمذكور كان ضمن الضباط المعتقلين بمنزل الضيافة واستطاع الخروج وتمكن من السيطرة علي القيادة العامة في مساء يوم 22 يوليو 1971.)

    ويقول دار الاتهام مباشرة للمقدم عثمان حسين أبوشيبه بأنه أصدر أوامر التخلص من الضباط, كما وجه النظام الاتهام للمقدم محمد احمد الزين, وقيل انه الملازم احمد عبدالرحمن الحاردلو وقيل انه الملازم احمد جباره مختار, وقيل الرائد بشير عبدالرازق وكلهم تم اعدامهم)

    ويقول لقد أثبت التقرير الطبي الاصابات الناتجة عن رصاص من علي بعد قريب ووجد داخل اجسام الموتي رصاصات من النوع المستعمل في السلاح الشخصي لضباط الانقلاب والاسلحة الرشاشة التي عند الجيش السوداني ولم يعط التقرير اي أشارات الي ان بعض الضرب قد تم بواسطة دانات الدبابات او المدافع, كما حاول التنصل من المذبحة مدعياً بأن قوة ثالثة قتلتهم حيث كان هناك انقلاب عسكري داخل محاولة أعادة نميري للسلطة.)

    وتحت عنوان "روايات الشهود عن مذبحة بيت الضيافة يوم الخميس 22|7|1971" ذكر الكاتب نقلا عن العقيد حمدون: (ونحن في غرفتنا يوم الخميس سمعنا صوت الدبابات, كان واضحا انها دبابات اللواء الثاني, ولما اقترب الصوت قلت لهم "ديل دبابات" وفجأة انطلق الرصاص في الغرفة واول مجموعة كانت في رأس العقيد حمودي وكنا علي الارض لا نعرف من الداخل.. سمعنا صوت باب الغرفة فد فتح وكان هناك صوت طلقات متفرقة تطلق علي الجثث حتي يتأكدوا من موتهم وبعد ذلك تناهي الي اسماعنا اصوات نعرفها هي اصوات زملائنا في اللواء الثاني... وركبت دبابة وذهبت الي القيادة العامة.) ص64.

    ويروي الكاتب: (اما الملازم محمد علي كباشي الذي كان معتقلا في بيت الضيافة فيقول: "قابلت في بيت الضيافة عقيد سعد بحر وارتشي واحمد الصادق والملازم اول احمد ابراهيم والرائد سيد المبارك والنقيب سيداحمد وكثير منهم. وقد اجتمع بنا العقيد سعد بحر وقال ان اللواء الثاني غير راضي بالموضوع الحاصل وانهم مجردون من السلاح. ومتوقع اطلاق سراح بعض الضباط الصغار منا , فمن يطلق سراحه عليه الاتصال باللواء الثاني. وقد كنت اول من اطلق سراحه. واتصلت باللواء الثاني وبعض الرقباء والجنود من اللواء الثاني واخبروني انهم علي استعداد للقيام بالحركة. وفي يوم 22 يوليو وفي طريقي الي الشجرة سمعت صوت ضرب وقابلتني دبابة بها الرقيب احمد جبريل وركبت فيها وذهبت الي بيت الضافة. وجددت دبابة قد ذهبت من قبل وضربت القصر. وعندما دخلنا القصر وجدنا بعض المصابين وقد ضربهم الحرس ووجدت العقيد سعد بحر مصابا وأخذته الي الشجرة.) ص64.
    وأورد الكاتب رواية للحاج عبدالرحمن الذي قال: (كنت وأبني محتمين بمكاتب الاتحاد وأتت دبابة اتجهت شرقا في اتجاه بيت الضيافة, وانطلق الرصاص. ومن مكاني شاهدت احد الاشخاص يرتدي فنله خارجا من بيت الضيافة فحصدته الدبابه وأتي آخر وقتلته وبعد ذلك اتجهت الدبابة غربا وانا علي هذه الحاله سمعت صوت سواق تاكسي يهتف : عائد عائد يا نميري).

    وينقل لنا الكاتب رواية العقيد عثمان محمد احمد كنب قائد كتيبة جعفر بامدرمان الذي قال: (أنه اعتقل في تمام الحادية عشر ليلا يوم الانقلاب. ويقول قد تم ترحيلي بواسطة عربة كومر بالمقدمة الملازم احمد حباره وملازم آخر, وكان معي سته من العساكر شاهرين بنادقهم امامي وكانت رائحة البارود تملا المكان مما يوضح بأن هناك ضربا قد حدث... وتحت نور الكبري لاحظت سطح العربة عليه دماء. وأعتقلت في بيت الضيافة. وكان هناك المرحوم سعد بحر وارتشي وسيد المبارك وسألوني يا عثمان الحاصل شنو؟ قلت لا أعرف...الهادي المامون وفتحي ابوزيد اخبروني بأن هناك انقلاب ويظهر ان هناك ضحايا لانه يوجد دم في العربة التي أتت بي واريتهم الدم في حذائي...وفي حوالي الساعة الثانية والنصف كان هناك صوت تعمير للسلاح واحضروا للجنود جبخانة زيادة وكانت هناك حركة غير عادية.. وأخذ الجنود في الخارج ساتر دفاعي وسمعنا ضرب الرشاش في الخارج مما أدي الي تساقط زجاج الغرفة للداخل. وهنا أخذنا نتلو الشهادة ودخل احدهم الغرفة وأخذ يضرب علينا مباشرة..الخ.) ص65

    اما النقيب اسحق ابراهيم عمر فقد ذكر: (..سمعنا صوت قصف من الدبابات وعلمنا بأن المقاومة من جماعتنا باللواء الثاني. وفي هذه اللحظة فوجئنا بأحد الضباط الحراس يدخل الغرفة ويضرب علينا مجموعات من سلاحه... وكان الضرب أشد بالغرفة الثالثة.. وبعد هذا سمعت صوت دبابة تدخل بيت الضيافة وبعدها سمعت صوت يقول الله اكبر...انتصرنا.) ص67.

    ويقول الرائد عبدالقادر احمد محمد: (..وفي اليوم الثالث سمعنا اصوات ضرب عنيفة وأستبشرنا خيرا وأستمر الضرب حتي الساعة الرابعة. وفي ذلك الوقت سمعنا شخصاً بدار الضيافة يصدر أوامر للضباط باعدام جمبع المعتقلين الموجودين بدار الضيافة وفي هذه اللحظات دخل ضابط بسرعة مذهلة الي حجرتنا وبدأ في أطلاق النار من مدفع رشاش..الخ) ص67 - 68.

    تنوية: قبل ان أستطرد في الكتابة رأيت ان أوضح للقراء الكرام ان المقتطفات المتقدمة اخذت من الكتاب مباشرة ودون تصرف منا ولا علاقة لنا بكثرة الاخطاء وسوء الصياغة.‍‍

    بأختصار شديد سأحاول التعليق علي بعض ما نقله الكاتب من اقوال صدرت منه او علي لسان بعض شهود العيان الذين نقل لنا رواياتهم المتضاربة او المتناقضة. أشار الكاتب الي ان المقدم عثمان حاج حسين قد أتهم بأنه هو الذي أصدر الامر بتصفية الضباط المعتقلين جسديا. وان الاتهام قد شمل ايضا المقدم محمد احمد الزين والملازم الحاردلو والملازم احمد جباره والرائد بشير عبدالرازق..قد يكون مقبولا ان يوجه الاتهام بشأن المجزرة للمقدم عثمان بحكم انه كان قائد الحرس الجمهوري الذي كانت قوة منه تقوم بحراسة المعتقلين في بيت الضيافة, في ذلك الوقت, ولكن توجيه الاتهام للرائد محمد احمد الزين والنقيب بشير عبدالرازق فغير منطقي لان كل من ودالزين وبشير كانا لحظة وقوع ذلك الحدث بالقيادة العامة للقوات المسلحة يقودان اشتباكا ضد القوات المعادية ولم يقتربا من الحرس الجمهوري او بيت الضيافة طيلة ايام الثلاثة الي عاشها الانقلاب.

    يقول الكاتب: (أن المعتقلين قد سمعوا صوت دبابة..وان الضرب قد اشتد بالخارج وان الجناة قد هربوا ثم عادوا) ولم يشر الي اي جهة كانت تتبع تلك الدبابة, او بين من ومن اشتد الضري بالخارج. او لماذا هرب الجناة ثم عادوا لتكملة المجزرة؟‍ ان وصول دبابة الي بيت الضيافة في ذلك الوقت يؤكد ان تلك الدبابة لم تكن تتبع لقوات حركة 19 يوليو, فلقد كانت قواتنا في الحرس الجمهوري تنقصها الدبابات, وفي الوقت الذي وقعت فيه المجزرة كان كل من القصر والحرس الجمهوري محاصرين بثمان دبابات تقريبا, ثم انه لم يكن هناك ما يستدعي ارسال دبابة الي بيت الضيافة اذ كانت قوات الحراسة المكونة من (جماعة )بقيادة ملازم كافيه جدا لتغطية الحراسة والقيام بأي مهام أخري.

    من رواية العقيد حمدون يتضح ان اول ما وصل لبيت الضيافة قبل وقوع المجزرة دبابة او دبابات تابعة للواء الثاني مدرعات: (.. ونحن في غرفتنا يوم الخميس سمعنا الدبابات.. كانت واضحة انها دبابات اللواء الثاني..) ثم يقول ان الرصاص اطلق فجأة من الغرفة واول مجموعة كانت في رأس العقيد حمودي. ويقول حمدون انهم كانوا علي الارض ولا يعرفون من الدخل ولم يحدد لنا حمدون من الذي بدأ باطلاق الرصاص الذي كانت اول مجموعة منه في رأس العقيد حمودي.

    نقل لنا الكاتب رواية الملازم محمد علي كباشي وهي بعد رواية العقيد "كنب" التي سيأتي ذكرها اكثر الروايات كذبا وتلفيقا, ولا شك انه في قمة تلك الفوضي وذلك الاضطراب وحب البعض انتهاز الفرصة وادعاء البطولة يمكن نسج الكثير من القصص الخيالية الممعنة في المبالغة, لكن وبقليل من الجهد يمكن كشف ما في تلك الروايات من تناقض وكذب. ذكر الملازم كباشي وحسب رواية الكاتب, ان العقيد سعد بحر قال فيما قال انه من المتوقع اطلاق سراح بعض الضباط الصغار, وان من يطلق سراحه عليه الاتصال باللواء الثاني وانه اول من اطلق سراحه, واتصل باللواء الثاني وبعض الرقباء والجنود.. الخ. والحقيقة المؤكدة مائة بالمائة انه لم يطلق سراح احد في تلك الايام الثلاثة ولا حتي ضباط الصف ناهيك عن الضباط, فالوقت لم يكن يسمح باجراء اي تحقيقات او اطلاق سراح. ويقول كباشي ان دبابه بها الرقيب احمد حبريل قابلته وذهب بها الي بيت الضيافة ووجد ان دبابة قد ذهبت قبله وضربت القصر. الذي يهمنا هنا ان كباشي قد وجد دبابة ذهبت قبله وضربت القصر ويقصد بالقصر قصر الضيافة او بيت الضيافة ولم يشر كباشي الي اي اشتباك بين الدبابة او الدبابات المهاجمة والحراس. وحتي يثبت تلفيق هذه الروايه يحق لنا ان نسأل:
    * كيف علم سعد بحر بعدم رضاء اللواء الثاني وانه مجرد من السلاح وهو تحت حراسة مشددة جدا؟
    * متي اطلق سراح كباشي وكيف أنجز كل تلك الاتصالات باللواء الثاني وبضباط الصف والجنود؟
    حسب رواية الحاج عبدالرحمن الذي وصفه الكاتب بسكرتير اتحاد العمال السابق وعضو الحزب الشيوعي السوداني ان دبابة اتجهت شرقا في اتجاه بيت الضيافة, وانطلق الرصاص ومن مكاني شاهدت احد الاشخاص يرتدي فنله خارجا من بيت الضيافة فحصدته الدبابة وأتي آخر وقتلته وبد ذلك اتجهت الدبابة غربا..الخ) وهنا نري ايضا ان الحاج عبدالرحمن الذي كان محتميا بمباني اتحاد العمال القريب جدا من بيت الضيافة يؤكد ان دبابة قد حصدت وقتلت.
    اما رواية العقيد "كنب" وقد كانت أكثر الروايات كذبا وتلفيقا فهو
    يقول : (...وكانت رائحة البارود تملأ المكان مما يوضح ان هناك ضربا قد حدث...وتحت تور الكبري لاحظت سطح العربة وعليه دماء..) بالرغم من ان العقيد "كنب" عسكريا قديما نراه يتحدث عن رائحة بارود تملأ المكان والمعروف أن رائحة البارود لا تبقي طويلا ويمكن شمها أثناء الضرب وبعده لاقل من دقيقة ولا يمكن شم رائحة البارود بعد ذلك الا اذا وضعت فتحة الانف علي فم ماسورة ضربنار. أما الدماء التي أدعي انه رأها علي سطح العربة فهي من نسج خياله. ولكي تبقي روايته قابله للتصديق نراه قد ربط بين رائحة البارود والدماء ليخرج بنتيجة ان هناك ضربا قد تم. وكما هو معلوم ان اطلاق النار لم يتم في ذلك اليوم الا مرة واحدة وكان عبارة عن طلقة واحدة اطلقها الرائد هاشم من رشاشه علي يد احد ضباط صف سلاح المظلات عندما حاول المقاومة في القيادة العامة. اما حكاية التعمير واحضار الجبخانة منذ الساعة الثانية فهي حكاية ساذجة لانه في ذلك الوقت لم يبدأ التحرك المضاد ولم يفكر احد في تصفية احد جسديا ثم لماذا احضار المزيد من الجبخانة او الذخيرة؟ فالتحرك المضاد بدأ في حوالي الساعة الرابعة مساءا وما حدث قد تم بعد الساعة السادسة. ويقول كنب أخذ الجنود في الخارج ساترا دفاعيا وسمعنا ضرب الرشاش الخارج مما أدي الي تساقط زجاج الغرفة بالداخل) من هذا الجزء من الرواية يتضح بلا أدني شك أن قوة هاجمت بيت الضيافة مستخدمة مدفعا رشاشا ونتيجة لذلك الهجوم اتخذ الجنود ساترا دفاعيا... والدليل الاكيد أن تلك القوة المهاجمة كانت تستهدف الضباط المعتقلين وان الضرب قد ركز علي النوافذ مما أدي الس تساقط زجاج الغرفة بالداخل.

    من هذه الروايات المختلفه ورغم التلفيق والتناقض يؤكد الكاتب نفسه وتؤكد اقوال العقيد حمدون والملازم كباشي والعقيد كنب والحاج عبدالرحمن, ان دبابة واحدة علي الاقل قد هاجمت بيت الضيافة اولا وقد استخدم المهاجمون اسلحة نارية اقلها رشاشات وقد أتخذ الحراس ساترا دفاعيا لمواجهة ذلك الهجوم. وتجدر الاشارة الي ان بالدبابة رشاشان احدهما قرينوف والآخر رشاش من نفس عيار البندقية الكلاشنكوف 7.62ملم.
                  

07-21-2007, 09:42 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الشهيد عبدالخالق أثناء المهزلة(المحكمة)..



    [هادئا كان أمام الموت عاديا تماما...
    وتماما كالذى يمشى بخطو مطمئن كى يناما...

    (عدل بواسطة محمد مكى محمد on 07-21-2007, 09:45 AM)

                  

07-21-2007, 09:51 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    ونحن بى سنكيهو والزنزانة والسجن السميك....
    منك قراب...يا شعبنا...






    خطاى المزالق اب قلبا حجر...لحظة إقتيادة
                  

07-21-2007, 10:11 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    الهمام خالد العبيد
    الف شكر على مرورك الجميل...وبكل تأكيد مسهامتك ستكون قيمة...وهى دائما مطلوبة..ونتشوق لها...
    كل الود
                  

07-21-2007, 10:48 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)




    من غيرنا يعطى لهذا الشعب معنى ان يعيش وينتصر
                  

07-21-2007, 11:04 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    "وكيف يمكن للزمن أن يمحو مشهد الشهيد عبد الخالق وهو يرفض دخول قاعة المحكمة الا بعد أن يأتوه بملابس وأدوات حلاقة وحذاء وعطر من منزله. ويقول للجنود والضباط:" دا مش عشانى أنا، أنا اصلى حأعدم، دا عشان سمعة السودان والجيش لأنه فى صحفيين اجانب". ثم مشهده وهو يجيب على أسئلة الصحفيين الذين ألتفوا حوله وهو مبتسم رابط الجأش كأنه يمارس نشاطه السياسي اليومى! أو مشهده وهو يداعب الجندى المسئول من الشنق : يا زول حبلك دا قوى ؟ أنا وزنى تقيل !."
                  

07-21-2007, 01:00 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    هاشم يا عشايا

                  

07-21-2007, 01:03 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    فاروق يا منايا
                  

07-21-2007, 01:08 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    المنتدى العام ل " سودانيز أون لاين" دوت كوم,
    مـواضيع توثيقية متميِّزة : " شهادة من شهادات التاريخ عن ما حدث فى19/22يوليو71محاكمة واعدام الشهيدين بابكر النو والرائد فاروق ".


    شهادة من شهادات التاريخ عن ما حدث فى 19/22 يوليو 1971م
    محاكمة واعدام الشهيدين المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله.
    -----------------------------------------------------------------

    عقيد حقوقي (م)
    عبد المنعم حسين عبد الله .

    04-08-2006,


    لقد مضت ثلاثة عقود ونيف من الزمان على أحداث 19/22 يوليو 1976م كنت خلالها ارزح تحت وطأة الحاجز النفسي وكان ذلك هو دأب الذين صنعوا تلك الأحداث كما هو أيضا بالنسبة للذين كانوا طرفاً أصيلا وفاعلاً في مجرياتها وقد اقتصر التداول على المشافهة ومن ثم الانصراف دونما تسجيل أو توثيق بيد إننا كنا نجد عذرنا في الملاحقات والاعتقالات والتي استمرت حتى نهاية العام 1977م ثم جاء الخروج إلى المهجر الطوعي لتبدأ مكابدة من نوع أخر مرارة الاغتراب وصعوبة المقارنة بين الرمضاء والنار وانتهي العهد المايوي لتطل علينا الديمقراطية الثالثة المقهورة ولم يتمكن المرء من استعادة أنفاسه ويستوعب التغير الذي حدث وإذا بها تمضي كالطيف العابر.
    وفي السنوات الأخيرة علمت بان بعض الصحف المتخصصة في الإثارة قامت باستكتاب بعض الأشخاص من غير المعنيين وكانت لهم أجندتهم الخاصة ويبدو أن البعض افترض موت صناع تلك الأحداث والفئة الفاعلة الأخرى.

    اختم هذه المقدمة والتي قصدت ان تكون قصيرة قبل الدخول في شهادة التاريخ والتي نحن بصددها واذكر بان هناك عقبة كبرى وصعوبة لا يمكن انكارها تتمثل في كيف يتسنى لنا الحصول على اصدارات رصينة وتتمتع بمهنية عالية لنشر التسجيل والتوثيق الامين والمتجرد.
    هذه شهادة من شهادات التاريخ والتي لم تستكمل بعد هذه الشهادة في جملتها تتناول بعض التفاصيل التي صاحبت محاكمة وإعدام الأخوين الشهيدين بابكر النور وفاروق حمد الله وجاء السعي من اجل نشرها في هذا الوقت عندما عملت بان عدد يوم الجمعة من هذه الصحيفة المقرؤة " السوداني" وردت به بعض الافادات التي ادلى الملازم ( وقتها) صديق عبد العزيز محمد عن وقائع اعدام الاخوين ( طيب الله ثراهم). وقد ورد اسمي في ذلك السرد وهنا اعتقد صادقاً بان الاخ صديق يجد العذر الكافي لي لاني مهما شحذت ذاكرتي واستعدت ذلك الشريط لن اتمكن من تذكر صورته او اسمه بعد كل تلك العقود من الزمان الحافلة بوقائع واحداث لا حصر لها وقد سالت عنه من افادني بانه ينتمي الى الدفعة (23) وانه من الضباط الوطنيين النابهين – له مني صادق التحايا واخلصها – وسوف اعقب على افاداته في سياق هذه الشهادة.
    تبدا هذه الشهادة بصبيحة يوم 23 يوليو 1971م عندما وصلت الى مكاتب القضاء العسكري علمت ما يفيد بتعليمات صادرة من رئيس القضاء العسكري العقيد احمد محمد الحسن بذهاب الضباط من منسوبي القسم الى معسكر الشجرة كنت في ذلك الوقت ومنذ قرابة العامين منتدباً بوزارة العدل للعمل في التحقيقات المتعلقة بالفساد عند وصولي الى معسكر الشجرة لم اجد سوى العقيد احمد محمد الحسن بمفرده وهكذا اتضح لي بان ضباط القسم اخذتهم الرهبة وفروا بجلودهم وقد خطر ببالي وللحظة واحدة خاطر يقول بانه كان الاحرى بي انا ومن باب اولى وانا منتدب خارج القسم ان اتوارى كما توارى غيري وسرعان ما طردت ذلك الخاطر وعدت الى استشعار مسؤوليتي وكانت البداية كفراً وشراً مستطيراً نطق به الرئيس الاسبق جعفر نميري امامي – لن استخدم هنا نعتاً من النعوت التي يستخدمها الناس في حقه – فقد شاهدت احد الضباط مخفوراً وبصحبته ثلاثة ضباط يمثلون مجلساً عسكرياً هم في طريقهم الى احد المكاتب لمحاكمته فقلت وبصوت واضح اين الشهود في هذه المحاكمة فرد علي النميري ساخراً ( أنت لا تعرف مثل هذه المحاكمات والشهود هم المحكمة نفسها تشهد على ما فعل هؤلاء).

    هكذا تحسرت على ما اطلعت عليه من موروث القضاء العسكري محكمات شنان ومحي الدين ومجموعة علي حامد الخ. عليهم رحمة الله الواسعة. واصبحث على يقين ان الرئيس الاسبق قد تغمصته الرغبة فى الانتقام وأخذ منه الحقد الدفين مأخذاً عظيماً .. فى هذا الوقت كانت سلطة الصف الضباط هي صاحب اليد العليا ومارس الصف ضباط كل ما لديهم من ابتزاز وانتهازية وانتهاكات لمقتضيات الضبط والربط وأصول العسكرية باعتبار كونهم أصحاب الحق وهم الذين أعادوا السلطة المايوية ويتطلعون الى ما يعتبرونه حقاً مستحقاً لهم هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كانت الأغلبية من الضباط الذين جرى استدعاهم للسير بالمحاكمات غير مهتمين بالذي يحدث وينظرون اليه فى سلبية وتقاعس وكان بينهم ضباط عظام وجنرالات وأذكر تماماً عندما أقترب منهم وأقول بأن الجيش لن يصلح حاله بعد الآن لا أحصل على أي تعليق بالموافقة ولا بالمخالفة وكنت لا أجد سبيل للمقارنة بين سلوك هؤلاء وبين سلوك شخص مدني وجد نفسه فى خضم الأحداث بصفته المهنية ذلكم هو الأخ الصديق ادريس حسن الكاتب الصحفي والذي لم يشغل نفسه فى القيام بواجباته من تغطية ومتابعة الأحداث فحسب بل كان وطنياً استخدم حسه الوطني فى الانفعال والتفاعل مع الأحداث. وتقتضي الأمانة ان نقول بأن هذا لم يكن دأب جميع الضباط فهناك ثلة من الضباط اثرت الالتزام وتوخي مقتضيات العدالة هؤلاء ثم حصرهم فى قائمة شرف نخصص لها فقرة فى شهادة أخرى من شهادات التاريخ التالية انشاء الله.

    ننتقل الآن الى اجراءات ومجريات محاكمة الشهيدين المقدم بابكر والرائد فاروق.

    أولاً : محاكمة المقدم بابكر طيب الله ثراه :-
    --------------------------------------

    جرت المحاكمة على مرحلتين :-
    المرحلة الأولى :
    -----------------------
    تم تكليف العميد تاج السر المقبول برئاسة المجلس. التقيت العميد تاج السر وذكرت له لا يمكن بحال اصدار حكم الاعدام فى حق بابكر وفاروق فهما لم يشتركا فى تفكير ولا تخطيط ولا تنفيذ كما لا أنسى باني قلت له ان السابقة الوحيدة فى حكم الاعدام بالنسبة للبكباشي علي حامد وأخوانه خلفت المزيد من الأسى والندم والخسران واتفقنا على التدرج بالحكم وفعلاً ذهب العميد تاج السر وأحضر حكم مجلسه بـ 15 سنة وكما كان متوقعاً ثار الرئيس الأسبق وأخذ يقول هذا رئيس مجلس الانقلاب .. الخ رجع العميد تاج السر على عجل وتدرج بحكمه كما كان مرسوماً له ويصل به الى نهايته القصوى عشرون عاماً وذكرت له بأن الرئيس الأسبق – اذا طبق القانون – سوف يستدعي مجلساً جديداً وهذا ما حدث فعلاً وانصرف العميد تاج السر وقد زادت قامته طولاً وارتفعت مكانته رفعة وشموخاً



    المرحلة الثانية من محاكمة الشهيد بابكر :-
    -----------------------------------------
    كما توقعنا كان لا مناص من احضار شخص يناط به القيام بالمهمه وهكذا جرى استدعاء الشخص المعني بعد تعرضه لكل صنوف الضغوط والابتزاز وأنا هنا أمسك عن ذكر اسمه فقد تواثقنا منذ زمن بعيد على مراعاة مشاعر الأسر والأبناء الذين صاروا رجالاً الآن. فى ايجاز أقول بمجرد حضوره أخذته جانباً بعيداً عن الآخرين وسردت له ما قام به العميد تاج السر وأذكر تماماً – والله على ما أقول شهيد – بأني ذكرت له التزامه نحو بابكر كما ذكرت له مستخدماً اللغة الانجليزية ( This trend of blood shed must be stopped ) ولكنه وقف محتاراً ولم ينطق بكلمة واحدة وذهب ليستكمل اجراءات مجلسه ويسلم حكم الاعدام للرئيس الأسبق.


    محاكمة الرائد فاروق – طيب الله ثراه - :-
    -------------------------------------------
    بداية يجدر بي ان أشير – فى وقفه قصيرة – الى ما ظهر واضحاً ولا يكتنفه أي شك بأن الرئيس الأسبق كان يهدف الى اشراك الرجال الذين يلتفون حوله وتوريط البعض الآخر من الذين يشك فى ولاءتهم فى المحاكمات حسبما خطط لها وبالنسبة للشهيد فاروق وقع اختياره على العميد أحمد عبد الحليم – هنا نشذ عن القاعدة ونذكر اسمه استثناء – بحسب كونه ليس وطنياً صرفاً وبعد انتهاء خدمته ذهب الى من حيث قدم. العميد أحمد عبد الحليم كان صديقاً لفاروق وهو الذي أبعد من الجيش معه فى اواسط الستينات فى حادثة حجز وزير الدفاع والقائد العام فى مدينة جوبا وأعيد الخدمة فى صبيحة يوم 25 مايو. لم تشفع للأخ فاروق عليه رحمة الله أقواله التي اطلعت عليها فى سرعة خاطفة من كونه علم بالانقلاب بعد وقوعه من آخرين كانوا يقيمون فى لندن ومن رأيه الذي احتفظ به ليقوله فى الخرطوم بعد تحديد موقف السلطة الجديده من مايو الأولى .. الخ.

    قام العميد أحمد عبد الحليم بانجاز ما كلف به على عجل وامعاناً فى الاستفزاز كان يرتدي بيجامه الجيش المصري التي تحمل رتبة العميد وشاهدته بعدها وهو فى سبات ونوم عميق ومن جانبي أقول بأنه حدثت مواجهات بيني وبين العميد أحمد عبد الحليم وأذكر بأني نقلت فى احدى المرات ما جرى بيني وبينه للأخوة الضباط الحضور والذين لم أجد منهم ثمة تعليق أو اذن صاغية.

    تنفيذ الأحكام الصادرة فى حق الشهيدين بابكر وفاروق :-
    ---------------------------------------------------
    فى أعقاب توقيع الرئيس الأسبق على الحكمين حضر الى المكتب العقيد أحمد محمد الحسن وهو يحمل الأوراق التي تحمل توقيع النميري واذكر بأنه كان فى حالة من الهلع والجزع – وهذه هي الحالة التي ظل عليها طيلة تلك الفترة – وقال لي بالحرف الواحد بأنه لا يستطيع مواجهة بابكر وفاروق وأنه عاجز عن هذا وأحسبه صادق فى هذا لأنه لا يريد ان يعيد ما حدث له أثناء محاكمة عبد الخالق – طيب الله ثراه – حيث اعترض عبد الخالق على اشتراكه فى المجلس وترأسه له باعتباره قومياً عربياً وبالتالي فهو عدواً سياسياً له.

    وحسبما يقول القانون كان عليه ان يبحث الاعتراض داخل المجلس ومن ثم تكون الموافقة اوالرفض ولكنه بدلاً عن ذلك ذهب للرئيس الأسبق والذي اعاده الى المحاكمة مرة أخرى فى ايجاز أقول بأنه طلب مني الذهاب واعلان الحكم بدلاً عنه – وهذه هي المرة الأولى والوحيده التي يطلب مني القيام بهذا الواجب – لم أتهيب الأمر ليس فقط لأنه أمر صادر من سلطة عليا يجب تنفيذه ولكن اعلان الحكم لا يعني شيئاً بعد صدور الادانة والعقوبة والموافقة عليهما فهو يكون من باب تحصيل الحاصل وفى ظل مثل تلك المحاكمات التي تفتقر لمقتضيات العدالة يمكن القيام بالتنفيذ دون اخطار المتهم وأعتقد بأن هذا الذي حدث عند تنفيذ الاعدامات داخل معسكر الشجرة وربما أيضاً وجدت فى قرارة نفسي رغبة فى الالتقاء بالشهيدين لأني لم أحظى برؤيتهما بعد احضارهما. لم استمع من العقيد أحمد محمد الحسن أي حديث آخر عن ضباط آخرين أو فريق للتنفيذ لذا المرجعية بالنسبة لي هي طلب مدير القضاء العسكري بقراءة الأحكام وأخطاره بعد التنفيذ وما يدل على ذلك اني استخدمت عربتي الخاصة فى الذهاب للموقع. أما عن الضابط محمد ابراهيم لم أشاهده قط إلا فى لحظة خاطفة عندما سمعت الشهيد فاروق ينادي عليه وهو يتوارى خلف العربات وأذكر تماماً ما نطق به الشهيد ( تعال يا محمد ابراهيم وشوف كيف يموت فاروق حمد الله وأخبر أصحابك ).

    أما ما ذكره الأخ صديق من أنه طلب مني الاستماع الى وصيتي الشهيدين فهو لابد ان يكون صادقاً فى هذا ولكنه لم يكون ضرورياً لأني أخذت الوصيتين فى وقت مبكر وذلك بعد تلاوة الحكمين وذلك على النحو التالي بعد ان القيت التحية على الشهيد بابكر تحدث معي حديثاً مقتضباً عن عدم الجزع والثبات وقام بخلع بدلته – البدله الكحلية والتي لن أنساها ما دمت حياً – وذكر لي بأنها تحوي بداخلها وصيته والتي يجب تأمين وصولها للسيدة قرينته زوجة الشهيد وأخت الشهداء الخنساء وبسرعة حملت البدلة وكانت من النوع الذي يمكن تصغيره وتواريت من أعين الجميع وقذفت بها فى درج العربة بعد ان أحكمت أغلاقها.

    أما الشهيد فاروق قال لي : (يا عبد المنعم لا وصية خاصة ولكن يا عبد المنعم اذهب اليهم وقابلهم وقل لهم أنا الذي جمعتهم وأنا الذي صنعت بهم مايو وأنا.........)
    ما ذكره الأخ صديق من أني كنت شارد الذهن وأنظر الى الأرض هو صادق فيه وهذه هي الحالة التي شاهدني عليها الشهيد بابكر وقال أكثر من مره يا عبد المنعم لا تحزن وكيف تحزن علينا هذا ما لم يسمعه الأخ صديق وهل يمكن لأي شخص مهما أوتي من صلابة ووعي ان يستوعب كل شارده ووارده فى ذلك الموقف العصيب.

    أما عن اشارة البدء فقد استخرت الله فى ان يلهمني تفصيل ما حدث وقد استقرت نفسي تماماً الى ان ما جرى هو استمرار هتافات وتحدي الشهيدين وتراخي فرقة الاعدام وفجأة استمعت لصوت الرصاص فادرت ظهري لذلك المشهد وذهبت بعيداً الى العربة وكنت أول من وصل الى المعسكر. وهنا أود أن أقول بكل الصدق والشجاعة المعنوية التي أشكر الله عليها لن أتنكر بقول أوفعل استحضره وأكون طرفاً فيه هذا ومن ناحية أخرى ذلك التصحيح وتلك الاضافات التي أوردتها لا تعتبر انتقاماً أو قدحاً فى افادات الملازم صديق وزميله اسماعيل بل ليس لي إلا أن أشيد بها بوصفها اضافة للتوثيق الأمين والمتجرد كذلك احي فيهما ذلك الحس الوطني العالي الذي تمتعا به فى ذلك الوقت المبكر من حياتهما العسكرية والذي أثلج صدري كثيراً استمراره معهما وكان سبباً فى الخروج من الخدمة وهما فى تلك السن المبكرة وأنا اتطلع الى الالتقاء بهما للتعارف ومعرفة الأحوال الخاصة والعامة. أما ما قام به الضابط محمد ابراهيم من اجهاز على الشهيد بابكر فقد علمته للمرة الأولى من افادة الملازم صديق وهذا الضابط قد استعبده الشيطان وتملكته نوازع الشر منذ بداية مايو وكانت ممارساته ومن هم على شاكلته احد الأسباب فى اقصاء بابكر وفاروق وهاشم فى 16 نوفمبر ومن ثم احد الأسباب أيضاً فى قيام حركة 19 يوليو كما سوف يأتي تفصيله فى شهادة قادمة انشاء الله.

    يجب ألا ينتهي الحديث والتقصي عن محاكمة الشهيدين بابكر وفاروق عند هذا الحد بل لزاماً علينا ان نذكر بأن الظلم الذي حاق بالشهيدين يفوق كيفاً ونوعاً الظلم الذي لحق بالأخوة الشهداء الآخرين وذلك لسببين أولهما ورد فى أقوال الشهيد هاشم – ذلكم الشامخ العالي الهمه – عليه رحمة الله فقد ذكر فى أقواله ما يفيد بأن بابكر وفاروق لم يكونا على علم ومعرفة بنية التحرك ولا موعده ولا تنفيذه والاعلان عن ضمهما للمجلس جاء نتيجة للمبادئ والأهداف المشتركة. أما السبب الثاني يكمن فى تلك الطريقة التي انتهجت فى قسرهما واحضارهما على ذلك النحو المشين وقد صدرت صحيفة جديدة مؤخراً تحمل وجهة نظر القذافي فى اعتبار الذي حدث لا يعد قرصنة !! أما واقع الحال يسجل للتاريخ بأنها ام تكون قرصنة فحسب بل هي قى مضمونها فعل يخالف شرع الله وما جاء به رسوله وهو عمل يجافي الموروث العربي الأصيل فيما يتعلق بالاستجارة وتأمين المطلوب ومنحه الملاذ وهي أيضاً انتهاك للقوانين الوضعية وقوانين الانسانية وحقوق الانسان وقد اصابت لعنة ونقمة الشهيدين ذلك النظام الذي تهاوت وسقطت شعاراته ومبادئه التي أقامت الدنيا ولم تقعدها وأنتهى به الأمر الى الاستكانة ودخول بيت الطاعة.

    كيفية التصرف فى وصيتي الشهيدين?
    ________________________________

    أولاً بالنسبة لوصية الشهيد بابكر:
    والتي كانت داخل البدلة التي أشرت اليها وحمدت الله كثيراً على احتفاظي بها بعد الخروج من معسكر الشجرة. أتيحت لي فرصة نادرة فى ذات الليلة وأنا فى طريقي الى منزلي وبعد عبوري جسر النيل الأزرق من الجنوب الى الشمال التقيت عند نهاية الجسر الأخ الصديق ابن الدفعة المقدم محمد نور عثمان خالد وأنا أعلم رابطة الدم وصلة القرابة الوثيثقة بينه وبين الشهيد وبالتالي مع زوجته السيده الفاضلة وهكذا دفعت له بالبدلة واخبرته بالوصية وشكرت الله على تهيأت هذه الفرصة والشعور بالطمأنينة بتسليم الوصية.
    وهنا يحضرني أن أذكر بأن هناك وصية أخرى كلفت بتسليمها هي وصية الصديق الدكتور مصطفى خوجلي والذي بالرغم من عدم ورود اسمه كرئيس للوزارة المقترحة المزعومة أو اثبات كونه عضواً باللجنة المركزية إلا ان كل هذا لم يعفيه من الحكم عشرون عاماً وبعد صدور الحكم فى ساعة متأخرة من الليل استطعت الوصول اليه وتسلمت وصيته وقمت بتسليمها يداً بيد للسيده زوجته فى منزل والدها.

    ثانياً : وصية الشهيد فاروق:

    لأكثر من عامين وأنا أحمل على كاهلي ذلك العبء الثقيل ايصال وصية فاروق للمعنين الذين ذكرهم. وفى أثناء هذه الفترة قام الرئيس الأسبق بانقلاب داخلي انتصر فيه للخصائص الكامنة فى شخصيته من غدر وعدم وفاء وتنكر وهكذا قام باقصاء الأعضاء الذين اختاروه وآزروه وتركوا مناصبهم من أجل تنصيبه أول رئيس لجمهورية السودان المكانة والموقع الذي لم يتربع عليه أولئك الشوامخ من الوطنيين التاريخيين الذين بذلوا التضحيات من أجل قيام الدولة السودانية فى تجرد وايثار وعزة نفس.

    أتاح لي خروج الأعضاء من السلطة التفكير فى الالتقاء بأحدهم ونقل رسالة الشهيد فاروق وقد اهتديت الى اختيار الأخ اللواء خالد حسن عباس وذلك لجملة أسباب منها كان اللواء خالد ابن دفعه فاروق بل هو صديقه وآخر من التقى به قبل يومين او أكثر فى لندن وهناك سبب آخر دفعني لهذا اوجزه فى سلوك اللواء خالد وكتمان حزنه على ذلك النحو النبيل وذلك وبالرغم من فقدانه لأخيه فى حادثة بيت الضيافة إلا أني أشهد بأنه كظم غيظه ولم يجنح الى التشفي أو اظهار الحقد وتقتضي الأمانة أن أذكر بأن ذلك كان داب بقية ألأعضاء عدا واحداً منهم شارك الرئيس الأسبق فى تجاوزاته واظهار الحقد واللجوء الى أفعال معيبة شاركهم فيها عدد محدود من الضباط المشوهين أخلاقياً.

    اذن حزمت أمري وذهبت الى الأخ اللواء خالد فى منزله وفى مقابلة قصيرة نقلت بايجاز ما ذكره الشهيد فاروق فى أقواله من كونه لم يكن يعلم شيئاً بل لم يصدق قيام حركة مثل هذه وقد ترك البلد هادئة وحديثه عن موقفه الثابت عن مايو والتزامه بالمبادئ الأولى وما ذكره للصحافة من كونه لن يدلي بشئ قبل وصوله السودان وأخيراً ما كلفني به من الذهاب ومقابلة الآخرين وتذكيرهم بدوره هذا ما كان من جانبي أما الأخ خالد أذكر تماماً أنه كان يستمع بانتباه لا يخلو من دهشة ارتسمت على وجهه وذكر لي فى كلمات قليلة أنه لم يكون يعلم بمثل هذا الحديث وهذه هي المرة الأولى هكذا ودعته وانزاح عن كاهلي مرة أخرى حملاً ثقيلاً.

    فى ختام هذه الشهادة أقول بأنه لم تمضي سوى أيام قليلة وبتاريخ 8/8/1971م وفى أثناء سير المحاكمات وجدت نفسي مبعداً من الخدمة ضمن قائمة طويلة فى مقدمتها اللواء مبارك عثمان – طيب الله ثراه – وكانت تحوي أكثر الضباط علماً ومعرفة بأصول العسكرية والتزاماً بقواعد المهنية والاحتراف وأكثرهم شجاعة معنوية وحساً وطنياً ومن المفارقات ان تحوي هذه القائمة أسماء بعض الأخوة الذين سعيت الى تبرئتهم مع الزملاء الآخرين أذكر منهم الزميل الصديق عثمان محمد بركات والأخ أحمد محمد موسى الخير وغيرهم.

    لم أجزع لهذا الابعاد فقد كنت أتوقعه منذ أيام التحاقي بوزارة العدل والذي لم أتصوره هو البقاء فى الخدمة بعد كل ذلك الذي حدث وعايشت احداثه ووقائعه وهكذا شكل هذا نقطة تحول كبرى فى شخصيتي ومعتقداتي وكانت تلك النقلة النوعية الى ساحة الشأن العام والتأثر والتأثير بما يدور فى تلك الساحة حيث الحصول على النضج والصقل وتبلور الأفكار والاعتقاد بل الايمان المطلق بحتمية الديمقراطية ومؤسساتها وسيادة حكم القانون وقيام مجتمع الكفاية والعدل.
    والى شهادة أخرى من شهادات التاريخ انشاء الله.

    عقيد حقوقي (م)
    عبد المنعم حسين عبد الله
    حلفاية الملوك
                  

07-21-2007, 01:09 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    ودالنور حبابك يا سمح السجايا
                  

07-21-2007, 02:42 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)








    الشفيع الخالى من ذم...
    أدو شبال جرن النم...
    هز فوق الدنيا بالدم...
    ...ومات شهيد...
    ....انا واحلالى....
                  

07-21-2007, 03:17 PM

ابراهيم عدلان
<aابراهيم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-04-2007
مجموع المشاركات: 3418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

                  

07-21-2007, 03:42 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    استاذ ابراهيم
    شكرا جزيلا على المرور الرائع والاضافة البهية..
    نطمع فى المزيد والمزيد...إلى حينها الود والاحترام
                  

07-23-2007, 11:15 AM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    مازال الزبانية والقتلة طليقون....
    هانئون..منعمون..
    وبأموال شعب السودان....
    والشرفاء يريقدون ...تحت اطنان من التراب والحجارة...
    ولايملكون...إلا حب وتقدير...
    شعب السودان...
                  

07-24-2007, 10:50 PM

Amira Osman

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 1348

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    قصيده الفداء
    الي شهيد الطبقه العامله...
    الشفيع احمد الشيخ

    ينوء قلب الشاعر
    ان كان دم الشفيع
    تشربته الازاهر
    و اخجلتا..للربيع!

    في السهد ما انتحبت، ما بكيت
    حين ضم ماتم النهار...بيت
    ما بكينا رهبه...او شفقه
    لكن عينيك الكحيلتين
    بالنور، و النبيلتين!
    تسامتا..كرايه ممزقه
    تقاوم السقوط في الوحول المطبقه
    اواه ما ركعت،
    ما انحنيت!
    و حينما اعتدي المرتزقه
    عليك قبل الموت
    فافتديت
    مرتين..يا شفيع الطبقه

    في ساحه الاعدام
    كان الردي..ينام
    توسدت عظامه،
    عبير هذي الزنبقه

    كان الضحي...مناحه
    عمال موسكو...يزرعون الساحه
    دقيقه من الحداد
    رهيبه الابعاد
    صمت تشيب في صخوره الجرداء،
    اضلع الجلاد
    كانما من حقده الكظيم
    جز..عنقه

    و انت عبر كل هامه
    متوج الجبين...بالعمامه
    حمامه..من فوقها حمامه
    و تزدهي علي جبين مطرقه!

    المجد للمسيح
    علي حبال مشنقه
    فلتلعنن الريح
    و الجباه المطرقه
    ان اعولت في صمتها
    تسربلت بموتها
    و لم يضئ خطوها الضرير..رعد صاعقه!

    جيلي عبد الرحمن
                  

07-24-2007, 11:06 PM

BAKTASH
<aBAKTASH
تاريخ التسجيل: 02-21-2003
مجموع المشاركات: 2522

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    Quote: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين


    وبقية العقد الفريد

    سلاما أيها الشرفاء..



    متى ستنصفون????
                  

07-25-2007, 12:12 PM

محمد مكى محمد
<aمحمد مكى محمد
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 4082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالخالق الشفيع جوزيف ودالنور هاشم ابوشيبة طلقة ودالريح عبدالحى ود الزين (Re: محمد مكى محمد)

    العزيز بكتاش
    جزيل الشكر مرة أخرى ...ويظل السؤال قائما ...متى ستنصفون?
    خالص التقدير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de