حض الحيض على الطيران

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2007, 02:56 PM

Maysoon Nigoumi

تاريخ التسجيل: 03-04-2004
مجموع المشاركات: 492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
حض الحيض على الطيران





    حض الحيض على الطيران
    عملية النقد هي فتح النص على الإحتمالات، لا تفسيره وبالتالي حصره في دائرة احتمال واحدة. وإلا لماذا ابتدعت مدارس نقدية كالبنيوية، والتفكيكية والتحليلية النفسانية؟ والخ من المدارس النقدية التي حرصت على دفع كاتب النص بعيدا عن سلطة احتكار النص بسحب ملكيته عن تفسير النص أو مجرد توجيه الإشارة لمسار تفسيره. لا أعني أنه لا يعتد برأي كاتب في نصه، لكنه يكون مجرد رأي للكاتب، احتمال وسط احتمالات أخرى.

    لطالما لفتت نظري مفردة "حيض" عندما ترد في نص ما (خاصة عندما ترد من كاتب رجل) وما تحمل به هذه المفردة من دلالات، والسياق الذي يتم وضعها فيه. كإمرأة أجد نفسي دوما مدفوعة للإبتسام كلما قرأت الدلالات الملحقة بهذه المفردة، إذ أنها غالبا ما تبدو كدلالات مقحمة على الحيض الفعلي..لكن أوليست كل الدلالات كذلك..أعني مقحمة؟
    لماذا اخص الكتاب من الجنس الاخر في عرض دلالات الحيض في نصوصهم؟ في الحقيقة أنا لا أخص الذكور دونا عن الإناث، فاللغة أيضا مذكرة (فمثلا: ألا تحمل مفردة أنثى دلالات لا تمت للأنوثة بصلة؟) ، لكن الحيض هو تلك التجربة التي يرى الرجل أنه خارجها تماما..لأنه لا يمر بها فعليا. ولأن الأنثى وحدها هي من تمر بتلك التجربة تم اضفاء الغموض على الحيض. وكلنا يعرف ما يحضه الغموض من توليد احتمالات، سنستعرض بعض منها في هذا المقال.
    فونيميا: في النص الأدبي عموما ، دلالة الصوت للمفردة هي ذات اهمية بالغة في خلق دلالة المعنى. وقد اخترت المفردتين: حيض وطمث. جذرا الكلمة الثابتين الحاء والضاد يوحيان بالكثير: حض، حوض، حضيض، الحاء والضاد صوتان قويان (الحاء أقوى من نظيرتها الهاء، الضاد هي الأقوى وسط نظيراتها الطاء والدال والتاء) والكلمات المشتقة من الحرفين توحي بالإندفاع (حض، حرض) أو الإمتلاء (حوض، حضيض)
    بالنسبة لمفردة طمث، فأحب ان أركز على الطاء والثاء، فهما حرفين يندر التقائهما في كلمة واحدة ، وهذه الندرة الصوتية تعطي دلالة الخصوصية كمعنى لكلمة طمث. مشتقات الطاء والميم توحيان دوما بالفيض والزيادة: طمي، طمر، طمع، طمس.
    سيميولوجي: دلالات المعنى التي اكتسبتها الطمث والحيض على مر العصور هي كثيرة.
    فهي دال الخصوبة، الخلق، الحياة وبالتالي دال القداسة وهي دال مرتبط بالنضج الجنسي، والجنس، والشهوة ، والألم ،الخطيئة،الإمتناع عن الجنس، فهي دال النجس نقيض القداسة. فلأن الحيض مرتبط ارتباطا وثيقا بالدم وهو في حد ذاته مفردة محملة بالنقائض: الحياة والموت، فكذلك الحيض والطمث. فهي دال الخير والشر، القداسة والنجاسة، أعلى مقام الألوهية(في الخلق) وأدناها في البشرية (النزف والدماء).
    بيولوجي: لا غرابة في الدلالات المتباينة حد التناقض الذي يوحي به الحيض، فالعملية الحيوية ذاتها تجمع النقائض، فعملية الحيض التي تمثل أعلى حالات اهدار الحياة بنزف البويضات واعلان مواتها، تتبعها أعلى حالات الخصوبة في المرأة وهي مرحلة التبويض ، أنسب الأوقات لعملية الخلق والولادة
    سوسيولوجي: حيض المرأة تم التعبير عنه بطرق متباينة في الديانات و في العادات المجتمعية. في الديانات الطبيعية أو الأرضية فأن حيض الفتاة الأول يمنحها حالة القداسة لأنها تصبح بذلك مؤهلة لمنح الحياة. الديانات السماوية تحمل الدلالة المناقضة لذلك تماما، فهي "مانع" الإكتمال البشري ، الذي منح الرجل حق الإقتراب من الإلوهية حصرا عليه دونا عن المرأة. العزلة هو أحد العادات المجتمعية المفروضة على المرأة.

    نعود إلى موضوع المقال وورود مفردة الحيض في النص الادبي . اخترت كتابا سودانيين، واخترت مجموعة متقاربة "عمريا" وأعني بالتقارب العمري، مجموعة من الكتاب امتلكت القدرة على الكتابة والخلق الأدبي بعد انقلاب 89
    كتبت في محاولة ما كنت أحاول فيها تعريف أبناء جيلي بعدة خصائص كانت هذه احداهما :
    رأيتهم
    يحتمون بالأنثى
    لأن طمثها
    لا ينازعها عليه أحد

    سواء حالة قداسة أم نجاسة ، فمجموعة الكتاب الذين اخترتهم تتطرق إلى الحيض من جهة خصوصيته، فلأنه تجربة خارج التجربة المذكرة (بالتالي التجربة العامة)، يكتسب الحيض خصائص الفردانية - مفارقة النمط - الخروج عن المتفق عليه . ثم أن مجرد المساس بمسألة الحيض هو طرق حاد في التابو الذي يعني قلب المفاهيم العامة والمتوارثة. بالنسبة للكاتب السوداني المذكر تحديدا في الفترة الزمنية التي حددتها (انقلاب 89) فإن ورود هذه الكلمة في أي سياق كانت (النجاسة أم القداسة) يعني أن تضع يدك في تقاطع ثالوث الكتابة (او هكذا يحلو للبعض تسميته) السياسة ، الجنس، الدين.
    عندما تتطرقت إلى خصائص الحيض بالخروج عن النمط والسائد..الخ، قد يظن البعض أني أشير إلى أن "التمرد" أو "التفرد"هو ما يسعى إليه أبناء هذا الجيل. ليس ذلك على الإطلاق فالتفرد ليس غاية بقدر ما هو وسيلة للخروج عن النمط (الـ stereotype) الذي سعت حكومة 89 إلى فرضه على المجتمع السوداني، بإعادة صياغته وفق نموذج محدد أو مشروع محدد. وانقلاب 89 يختلف عن نظيره من الإنقلابات العسكرية السابقة التي لم تكن تحمل ايدلوجيا واضحة الملامح ، وتبعا لذلك فإن المواطن الفرد أيا كان معتقده أو شكله لا يشكل تهديدا للسلطة، لأنها سلطة تعتمد على القوة الفعلية في استمراريتها، لذا لم تحمل مشاريعا لإعادة صياغة المواطن السوداني او المجتمع السوداني. بعكس انقلاب 89 الذي اعتمد الأيدولوجيا كأحد وسائط القوة التي ستستمد منها السلطة استمراريتها. لفرض هذه الأيدلوجيا كان لا بد من إعادة صياغة المجتمع السوداني من جديد، وأكبر مهدد لعملية إعادة الصياغة هذه هو "الفرد"، لذا ليس عبثا أن تكون هذه الأيدلوجيا ذات صبغة دينية، فالأيدولوجيا ذات الأصول الوضعية تمنح رقابة على المجتمع لا الفرد، لكن الدين يفرض السيطرة على الإثنين : الجماعة والفرد.
    مجموعة الكتاب هذه راهقت (من مراهقة) في هذه الفترة ، في فترة التنميط ومشروع الصياغة الجاهز. المراهقة هي أول علامات الوعي بشيء اسمه "الفرد". و فعل المراهقة هو في تجريب الإحتمالات و فحصها، ولكن الإحتمالات هي محددة مسبقا من قبل السلطة الأيدلوجيا سواءا كانت احتمالات الماضي، الحاضر أو المستقبل. حتى التمرد المرتبط بالمراهقة محدد سلفا بطبيعة النظام الأيديولوجي.(!!).
    لذا كان التحدي الذي واجه جيل الكتاب هذا مضاعفا، إذ أنه تطلب
    2 مفارقة النمط، كخطوة أولى للتعبير عن الفردية
    3 مفارقة نمط الخروج عن النمط، للوصول إلى فردانية حقيقية
    4 التوصل إلى كتابة تكسر الرقابة المفروضة على محدودية الماضي والحاضر والمستقبل.
    عودة إلى الحيض والطمث في النصوص لمجموعة الكتاب هذه على ضوء ما شرحته سلفا. فاستخدام مفردة الحيض سواء وردت في سياق أن ينسب كاتب النص فعل الحيض إلى ذاته، أو وردت في تصور يخص الكاتب (في مقام القداسة أم النجاسة). فقد اكتسبت و أكسبت مفردة الحيض والطمث، وما تحمله من دلالات شيء أشبه بالطقوسية لدى الكتاب cult ، كطقس دين سري ينتمون إليه دونا عن سواهم، تكون مفردة طمث ككلمة العبور إلى عوالم هذا الدين الخاص وطقوسه.

    أيُُّها الَّلامرْئيُّ
    الشِّعرُ المُلْتصقُ بملابسِكَ كالقرادِ وَشَى بي.
    الأوهامُ السَّائلةُ من رموشك عَصَّرتِ النَّظْرَة.
    الخارجون من هلالِكَ الثعلبِ يحيضون كلامي.
    الحضيضُ الأزرقُ، رسولُكَ لأنحائي

    أمير شمعون في قصيدته (الذعر في قبضة التصور) يورد هنا الحيض في سياق مألوف، كإفراز يحمل سمات الإمتلاء في مقام النجس، إذ تابعت المفردات الواردة في السطور السابقة واللاحقة لمفردة حيض ( الملتصق، كالقراد، الحضيض)،إلا ان ربط مخرج الحيض بالفم( يحيضون كلامي) هو السياق المختلف قليلا.
    ثم في موضع اخر لنفس القصيدة:

    دعني رجوعي، دعني لأسقي الهواءَ سَبِيبي، فهكذا يبحثُ
    البعضُ عن بَعْضِهِ، وهكذا كعراءٍ يطمثُ بين العينِ والصوابِ،
    جَرَحْتُهُ وجرحني.

    سياق اخر مألوف للحيض والطمث في ارتباطه بمفهوم الألم (جرحته وجرحني)، ولأني قلت أن صوت الكلمة يشير إلى الندرة، فوضع فعل الطمث للعراء بين الصواب وعين الصواب هو إشارة لوروده في حيز ضيق. وربما يشير أيضا لفعل الطمث في مقام النجاسة الذي فصل عين الصواب عن الصواب، والطمث في العقلية الإسلامية، عملية فصل عن حالة الطهارة المفترضة، وهو تلك اللحظة المعلقة suspended للمرأة من حالتها السليمة المفترضة (حالة الطهر). السياق المختلف هو نسبة فعل الطمث للمذكر من الأسماء :العراء، والمجرد: العراء.

    المثير للإهتمام عند محمد الصادق الحاج، والذي يكثر من إيراد مفردة الحيض والطمث ، حتى يكاد لا يخلو نص منهما، هو ارتباط المفهوم لديه بطقوس الديانات الطبيعية، فهو فعل خصوبة، خلق، حياة، في روايته المعنونة بـ(جمعة المسبوق)

    طلاقةُ النماء الهندسيّ الكتيمةُ المتخلِّقةُ من مادَّة المجهول المتلاشي والمسترسلةُ حيضاً زهرياً حيَّاً في العالَم من مركز كل دائرة صمَّاء.

    الحيض هنا سائل حر (مسترسل)، ثم هو "حي" ،ثم مرتبط بفعل الولادة والخلق من العدم "المتخلقة من مادة المجهول"، زهريا سواءا كانت تشير إلى اللون أو الورد، فهي مرتبطة بالحياة. الإشارة الهامة هو ورود فعل الحيض قريبا من كلمة مركز (مركز الدائرة الصماء)، مفهوم إيلوسي الدلالة لكنه يتضح أكثر في موضع اخر من الرواية معنون ب(خيوط الخالة بورخيس):
    بِمِثْلِ ما تتخلَّق بيضةٌ مَرْيَمِيَّةٌ في أحشاءِ دجاجة، أقْمَرَ ذلك "الكيان" بسيطاً أوَّلَ أمرِه في (بِرْكَة رنين الجاذبيات الناشئة). نَبَعَ، وسط حركات راعنة ونوازع مُشْتَدَّةٍ بأنحاء قُوَى النداءِ، يَحْكِي فَجْرُهُ الوليدُ شَكْلَ الحضور العضليّ لرقبة صلبة تنبت بلا رأس من تحت أكداس أشعة سمراء. إستطال جِرْمُهُ في الحيض المنطوق جَمَالاً، وارتعَشَ من ذبذبةِ التيارات المتضاعفة
    ارتباط الحيض بحركة الأجرام (معتقد قديم). أما السياق الذي وردت فيه كلمة حيض (بيضة تتخلق في أحشاء دجاجة) مقام الخلق ،الأهم من ذلك وصف البيضة "بالمريمية" وما مريم مادونا الديانة المسيحية، يرى كثيرون أنها ترمز إلى اخر ما تبقى من سلالة الالهة الأنثى. ثم ارتباط الحيض بالقمر، و الفجر الوليد. أيكفي هذا من دلالات إيلوسية• وبورخيس في نص محمد الحاج هو في مقام الانوثة "الخالة"، وقد وضعه في ذلك المقام بنص يتحدث عن الحيض، هنا استخدم الحيض كطقس العبور إلى الأنوثة.
    وأيضا لمحمد الصادق في قصيدة (في مصحف النظرة) :

    الأرضيُّ مطروحٌ على عدمِ الزَّيادة.
    لذلك الأرضُ حَاضَت
    نقاطاً جوفاءَ
    في الأفقِ الأعلى.
    أول الملاحظات، هو ورود مفردة حيض في أول مقطع بعد عنوان القصيدة (مصحف النظرة) والمسافة المفترضة يبن الحائض والمصحف في العقيدة الإسلامية هي بمقدار الإبتعاد واللا مساس، فالتقارب الذي حدث ببنهما في القصيدة تقارب متعمد ربما لكسر مفهوم النجاسة المفترض للحيض. ثم المزيد من الإشارات الإيلوسية الطابع فالحيض فعل الأرض المؤنثة. ثم مسقط الحيض هو في الأعلى مقام القداسة في الأفق، والنقاط المحاضة جوفاء خالقة لعمق ما في الافق الأعلى، مرة أخرى ربط لمقام النجاسة المفترض للحيض بمقام القداسة للأفق الأعلى.

    عند أحمد النشادر الأمر مختلف بعض الشيء، فمقامي القداسة أو النجاسة ليسا من الأمور التي عنيت بها نصوصه، أعني أن نصوصه ليست معنية بالتقسيم إلى مقدس وأرضي. لكنه يتناول الحيض أيضا بشيء من الطقسية للتعبير عن الفردانية والعزلة في ان واحد. سمى بها مجموعة قصائد له عنوانها (حيضتي) نسب الفعل إلى ذاته، إلا أن أحمد النشادر ربما أراد أيضا ان يشير إلى أن النسب ليس أصلا فيه لذلك لم يختر النسب إلى حيض لتصبح "حيضي" لكنه قرر النسبة إلى "حيضة" واحدة ، أي فعل حادث غير متكرر. بعد العنوان الرئيسي حيضتي ترد مباشرة عنوان أول القصائد : لا مساس. وهي حالة تخص الحائض (تحديدا في الديانة الإسلامية)، ان لا تمس ولا تمس. حالة العزلة التي تتيح التأمل والتساؤل عن كل شيء ربما، فالنص لا يتناول التقسيم الذي تحثت عنه القداسة والنجاسة. بل هو تساؤلات وجودية . وربما لا مساس أيضا مرتبطة بحال السامري المعاقب إلى الأبد بالتيه في الأرض.
    يورد أحمد النشادر كلمة حيض وطمث في مقام الجسد والشهوة والجنس، وهي موضوعات تأمل وتساؤل رئيسية في نصوصه. في (نزاهة) تجد النص منذ البداية يجبرك أن تمر بالجسد أولا قبل ان تبدي أي تساؤل عن المفاهيم المجردة (رحلة مضنية!) بدءا من قطعة الغائط اللين التي يبدأ بها قصيدته. وصولا بنا إلى :

    أقْتَاتُ من مَوْعِدِ الدَّمَارِ الرَّغيفةَ؛ الرَّغيفةُ الوحيدةُ التي مَجْمُوعَ البَشَرِيَّةِ مَبْشُوراً معجوناً بِظَمَأِي؛ معجوناً بِخَوْفِهم ومُسَوَّىً بِفَنٍّ حَاذِقٍ كلاسيكيٍّ وتَرَفٍ حاقِدٍ ولامُبَالٍ في نفسِ الوقتِ، معجونٌ معجونٌ، ولِسَانَانِ مِن فكرةِ البَشَرِ والوجودِ والزَّرْطَةِ؛ لسانٌ أعلى الرَّغيفةِ برائحةِ تَكَثُّفِ روائحِ البَشَرَ منذ الأزل؛ ولسانٌ في الأسفلِ مِن تَعَرُّقِهِم وخَرَائِهِم وبَوْلِهِم ومَنِيِّهِم وحَيْضِهِم وبَوْلِهِم ولُعَابِهِم وفَسَوَاتِهِم؛

    متعة النشادر أن يجرجرك عبر الجسد وكل ما تود أن تتجنبه فيه عندما تكون في حالة تأمل أثيرية، الإشارة واضحة إلى الجسد في حالة الكثافة لا اللطف (رائحة تكثف روائح البشر) و الإشارة إلى الرغيف•- الجسد . وهنا الحيض يرد وسط إخوته من مفرزات الجسد الكثيفة التي تنزع عنه الحالة الأثيرية عرق- خراء- بول- مني - حيض – بول مرة أخرى – لعاب- فسوات. لا بد أن أثر اللزوجة والعفن هو ما كان يود أن يثيره. لكن الإشارة للحيض لن تمر هكذا سريعا، فالإشارة إليها جاءت متبوعة بعد كلمة (مني) الذي ربما يرى أن الحيض هو مقابلها عند الأنثى. فالحيض هنا في مقام الجنس والخصوبة.
    في قصيدة (بحر الخفيف) للنشادر نفسه نجد:
    العاشقةُ تغسلُ قلبَ عاشقِهَا بإخلاصٍ في طمثِها
    هو ينـزفُ كلمةَ "تَعَالَي"
    هي تذرف "لا فائدة"
    العاشقةُ تغسلُ قلبَ عاشقِها في حليبِها
    يلمعُ أمامَها
    "لكنَّه لا يزال ينضَحُ بتلك الرائحة"
    العاشقُ يملأُ البانيو بِمَنِيِّهِ
    تنـزلقُ العاشقةُ في كثافتِها تَغْرَق.

    العاشقة تغسل قلب الحبيب في الطمث والحليب، الإشارة جنسية وكذلك مقام المقطع الذي يملأ فيه العاشق البانيو بمنيه، سبق وأن أسلفت ان النشادر يحب أن يصرف القارئ عن التشبث بأثيرية وجود الإنسان بأن يجره في الجسد ، فالعاشقة تغسل "القلب" في الطمث والحليب. والحليب والمني والطمث كلها سوئل كثيفة لا بد أن تغرق فيها العاشقة.

    مأمون التلب في قصيدة (كلمات: أطوار تخرق أصلها في المضيق الأخير) يورد الحيض في سياق الخصوبة والطبيعة البكر.
    ((قَلْبٌ مَفْطُورٌ عَلَى اللَّوْعَةِ....))
    كَمْ مِنْ طُيُورٍ تَتَعَارَكُ عُجِنَتْ لِصِنَاعَةِ القَلْبِ،
    كَمْ مِنْ أَهْدَابٍ كَسَّرَتْهَا نَظَرَاتُ التَّوَهَان،
    أَلْقَابُ وُحُوشٍ سَكَّرَتْهَا رَعَشَاتُ التَّحَفُّزِ فِي اللَّيْل،
    سَتَائِرَ لَحَمَتْهَا إِنَاثُ الْجِبَالِ والكُهُوفِ الْمَنْسُوْفَةِ بِخُيُوطِ خِيَانَةِ الْحَيْضِ لِبُوْيضَاتِهِنَّ النَّاشِفَةِ...
    عنيت بالطيبعة البكر أي البدائية وتوحش ما قبل الحضارة (او هكذا درجت التسمية والإصطلاح)، ففعل الحيض هو لإناث الجبال والكهوف، لكن السياق الذي وردت فيه مثير للإهتمام، فالحيض فعل خيانة للخلق ، اهدار حياة. إراقة دماء للبويضات الناشفة. والمقام مقام رثاء وحزن بـ (قلب مقطور على اللوعة) وهو سياق إلتزم بالوصف البيولوجي للحيض.
    ثم مأمون التلب في طينيا في مقطع (قلب الجنة)

    عِنْدَ حُدُودِ الكَوَارِثِ
    أُقَبِّلُ الْمَارِدَ القَبِيْحَ فِي جُرْحِهِ البَارِزِ ذِي الصَّدِيد،
    ذِي الأنْهَارِ اللَّزِجَةِ مِن سَيَلانِ الطَّمْثِ ومَسَاحِيْقِ الرُّصَاصِ التَجْمِيْلِيَّةِ

    الحيض هنا من مفرزات الجسد المنجسة: الصديد- الطمث، والطمث هنا لزج ويرتبط بمساحيق الرصاص التجميلية التي ليست هنا لوصف جمال ما. لكنه يقبل المارد في مقام المفرزات المنجسة في الجرح الصديدي النازف لا بالدم بل النازف بالحيض (مقام النجس واضح لفكرة دم الحيض المفارق للدم عموما) ، لكن الفعل فعل تقبيل، دمج لفعل أثيري و جسدي.

    أخيرا اود أن اورد سياقا مختلفا للحيض من رندا محجوب، وهو ما عنيت به من اقحام مفردة "كالحيض" بالدلالات، فرندا محجوب (كإمرأة) توردها بعيدا عن كل الدلالات المقحمة على الحيض الفعلي:

    الصورة التقليدية الباردة لوصف الوضع هي صورة على زجاج لتجديف طيور في بحر من دماء الطمث لنساء مزاجيات .. ويكون المد بوادر محنة جديرة بأن تدخلك كتب التاريخ بعيدا عن الانتفاضات القصيرة لأحلام اليقظة ..

    من خصر التمرة، الحالة المزاجية المتقلبة للمرأة والطمث هو تصور لن تجده كثيرا في النصوص، التي لا تتناول الحيض من أي مقام، بل عبر تأملات شخضية ذاتية.
    ملحوظة/ كل المقتطفات من نصوص تحت أو في انتظار الطبع والنشر (!!)



                  

07-07-2007, 03:35 PM

عدلان أحمد عبدالعزيز

تاريخ التسجيل: 02-03-2004
مجموع المشاركات: 2227

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: Maysoon Nigoumi)

    يا ميسون.. والله دي كتابة متفردة و "فارقة" في نضد عقدها، وفي مضمون تناولها وزاوية النظر.. ومبروك مرتين، الأولى مقدم الوليد ويتربى في كنف أمو وأبو، والثانية خلقك الفكري، الحِـدانا ده.. ومازلت، في جواي، بتأمل في نصِّك البديع والمكثف بالمضامين ده، مفاهيم سياسية، وجنسية، ودينية، في قالب أدبي رفيع! إنتِ شنو ياآخ؟

    التحيات الطيبات الزاكيات لكم.

    عدلان.
                  

07-07-2007, 03:58 PM

Giwey
<aGiwey
تاريخ التسجيل: 09-03-2003
مجموع المشاركات: 2130

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: عدلان أحمد عبدالعزيز)

    ميسون النجومى


    تحياتى نديّات

    وآمل أن يتسع (صدر) المنبر لإستيعاب
    هذا (الحفر) الحاذق .. كتابتك هذى عسيرة
    الهضم على منبر (مخطوف) غالبا بالأفكار السهلة
    والكتابة (الفطيرة) .. تعبت وأنا (أظبط) نظرى على
    زاوية (شوفك) لهذا الموضوع .. وخرجت برؤيا جديدة
    من مرحلة (القراءة الأولى) .. خرجت وأنا على يقين
    من ضرورة العودة لهذه الكتابة لأنها (ماقضت منى وطرا) بعد..
    لك التحية على صبرك على (الحفر) فى هذه المواضيع بأدوات
    تلامس الفكر والأدب على حد إشارة الأخ عدلان عبد العزيز....



    لك الود

    عبد الرحمن قوى
                  

07-07-2007, 04:48 PM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: Maysoon Nigoumi)

    اثارني العنوان ..مؤخرا كانت مساجلان ونقاشات نارية(تنته برماد) ارتبطت بالحيض( في محيط اسرتي ومن اعرف وصديقات وزميلات عمل من كل الاجناس كتر فهي العادة الشهرية وقيل ان الرجل في زمن قمري معين تاتيه حالة مماثلة لجوانبها النفسية للعادة الشهرية والله واهل الطب والعلم اعلم .. ) .. خشيت ان تحرق ايدينا مرة اخري بعد ان هدء الوضع تقريبا ...دخلت وجلا ..رغم صعوبة في قراءة ما سماها الاخوة نحتا فلساني ومخزوني من الكلمات العربية محدود مثلي مثل بقية اهلي-العامة وليس الخاصة المتفقهيين فيها- من غير الناطقيين بها تبين لي ان مناهضة ما تعود عليه مجتمعنا الذكوري من ربط خصوصية للانثي برؤي له خاطئة او قصد بها تقليل لشان الانثي او مفهوم قاصر عنها ياخذ عندك منحي عميق "حفر" في تبعات الفهم الذكوري في ارقي او ما يجب ان يكون ارقي انتاجه الفكري (الشعر)...
    ميسون (عاشت الاسامي) واصلي حفرا فيما ابتدرتيه رائدة لمناهضة لا تنته برماد فالحفر وحده يبقي ...

    لك مودتي

    ابوبكر

    (عدل بواسطة abubakr on 07-09-2007, 07:26 AM)

                  

07-09-2007, 07:03 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: Maysoon Nigoumi)

    Quote: حض الحيض على الطيران

    شفت كيف تجربة الامومة دي بتحلق بالزول بعيد كيف ؟!!
    _____

    اتمنى كما قال صديقي عبد الرحمن قوي ان يتسع صدر المنبر لهذا "التحليق "،
                  

07-09-2007, 01:59 PM

معتز تروتسكى
<aمعتز تروتسكى
تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 9839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: Agab Alfaya)

    خالص التحايا
    الاستاذة
    Maysoon Nigoumi
    ولكل الذين هنا في هذه الخلوه من الاساتذه؛ مكان جميل وحُلو

    اولا حمد الله على السلامه والف مبروك..
    اما بخصوص ما كُتب في لى رجعة لا اعلم مداها..
    العزيزة ميسون تحياتي الي اللقيا...
    واطمح برؤيتك هنا ...
    النقد مابين الوعي الحقيقي و الوعي الإنطباعي...


    التحايا النواضر..

    (عدل بواسطة معتز تروتسكى on 07-09-2007, 02:00 PM)

                  

07-12-2007, 12:03 PM

معتز تروتسكى
<aمعتز تروتسكى
تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 9839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: معتز تروتسكى)

    Up
                  

07-12-2007, 01:23 PM

Abdalla aidros

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: معتز تروتسكى)

    (شفت كيف تجربة الامومة دي بتحلق بالزول بعيد كيف ؟!!)

                  

08-18-2007, 10:44 AM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حض الحيض على الطيران (Re: Abdalla aidros)

    دائماً جسورة يا ميسون النجومي في الذهابِ الى ألق الكتابةِ الحي
    بمهارة جميلة ومختلفة،
    تقترحين نصك وقراءاتك المختلفة

    (عدل بواسطة nassar elhaj on 08-18-2007, 10:46 AM)
    (عدل بواسطة nassar elhaj on 08-18-2007, 10:46 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de