التحيه لك اخي بكري الصايغ هذا هو قمة الاحساس برمضان ان نلتفت للمحتاجين و المسحوقين. بالله في احزان اكثر من كده؟؟ ان نعرف بانهم غرباء ومسحوقين لهذه الدرجه
Quote: 4ـ يـقول صـديـقي فـي رسـالته ( والعـهـدة عـلي الراوي ) انه سـمع ومـن أفـواه بعـض اللاجـئييـن ان عـدد السـودانييـن الذيـن باعـوا كـلياتهـم" فـي القاهرة وحـدها قـد بلغ نـحـو 20 ألف حـالة بيـع " كـلي" وقـد بيعـت لـسعودييـن وقطـرييـن وسـودانييـن!!.
تخيل الفرق ما بين البائع و المشتري عشان تعرفوا معنى التهميش اغلب البائعين من الهامش واغلب المشترين من الوسط واحتمال بعض المشترين هم ايضا طالبين لجؤ لكن اللجؤ نفسه خشم بيوت بقى. عشان كده كانوا اغلب الموتى في ميدان مصطفى محمود من اهل الهامش واغلب الذين يحصلون على فرص لجؤ من اهل الوسط الحروب تدور يا اخي في الجنوب و الغرب واللجؤ يذهب لاهل الوسط!!
شفت الغبن ده قدر شنو يا بكري يا اخوي؟؟؟ وكان اتكلمنا اتقلمنا واسمنا عنصريه مضاده وغيرها.....
الحمدلله الذي جعل رمضان رحمة علي المشردين السودانيين في بقاع العالم المختلفة والحمدلله الذي جعل قلوب الانقاذيين كالحجارة بل اشد قسوة ليستبين خيط الحق للشعب السوداني كافة .
وقفت فى الحلقة السادسة من قصة رحلتنا الى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء انا و بولس لوال ، مندوب الحركة الشعبية ، و السلطان ،اواو ارياط ، سلطان اويل ببحر الغزال ، و فاولينو ، قريب احد السودانيين المحتجزين من قبل السلطات المصرية بحراسات العريش بتهمة محاولة التسلل غير المشروع الى اسرائيل ، وقفت عند حواراتى من وراء القضبان داخل قسم شرطة اول العريش مع عدد من السودانيين من كافة الاعراق و السحنات و الجهات ، و الذين ذكروا لى ان الدافع الرئيس وراء مغامرتهم بمحاولة التسلل الى اسرائيل هو ظروفهم الحياتية القاسية فى مصر، و انسداد الافق امام امكانية عودتهم الى البلاد ، وفى نفس الوقت انقطاع اى امل لاعادة توطينهم بأمريكا او كندا او استراليا او اوربا عن طريق مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة كما كانوا يمنون انفسهم لدى قدومهم الى مصر قبل سنوات ، و كشفوا لى ان سماسرة سودانيين و مصريين هم من يسر لهم طريقة التسلل الى اسرائيل بالاتفاق مع مهربين من بدو سيناء لقاء 400 دولار للفرد الواحد ، و انتهيت عند الشاب الدارفورى الغاضب الذى اعتبرنى بوقا للسلطة و اكد على انه اختار اسرائيل موطنا لانها تعامل السودانيين افضل من معاملة حكومتهم ومن معاملة السلطات المصرية لهم ، و دلل على افتراضاته تلك بتلقيهم مكالمات من اقارب و اصدقاء لهم استطاعوا التسلل الى هناك نقلوا لهم صورة مشرقة لحقيقة اوضاع القادمين من السودانيين عبر الحدود المصرية .
دفاع ! ---------- علمت من احد الشباب المحكومين فى انتظار الترحيل من حراسة قسم شرطة اول العريش الى سجن بورسعيد او القناطر ، ان الاحكام الصادرة بحقهم من المحكمة العسكرية تراوحت ما بين عام و عام ونصف. سألته عن ما اذا كان سمح لهم بتعيين محامين للدفاع عنهم ، فرد على بأن البعض طلب محامين و لكن لا جدوى من ذلك لان المحكمة عسكرية و العقوبة لا مهرب منها ، وان من عينوا محامين (وهم قلة)، خسروا ما بين الف و الف و خمسمائة جنيه فى لا شئ ، و ان المحامى يكون مدركا سلفا ان القضية خاسرة لانه يعلم جيدا طبيعة القضاء العسكرى، ولكنه يستلم القضية بعد دفع مقدم مالى 500 جنيه ليترافع فى محكمة تستغرق كل و قائعها ساعات فقط ... و تابع : غالبيتنا لا يمتلك مالا و حتى ما تسنى لنا دفعه كتكاليف للتهريب كنا نتحصل عليه بشق الانفس: جزء منه يكون تحويلات من اصدقاء و اقارب تم توطينهم ببلدان التوطين تكفى بالكاد لتدبير المأكل و المسكن، و جزء اخر نتاج كد مضنٍ فى الاعمال الشاقة ، واردف : لو كان لدينا مال لما كنا الآن فى الحراسة بل كنا دخلنا اسرائيل .. زميلنا ديفيد، هو من يصرف الآن على اكلنا و شربنا داخل الحراسة .
كنا تجاوزنا نصف الساعة و نحن نتحدث الى نزلاء الحراسة من السودانيين .. بدأ عساكر القسم فى تنبيهنا بهدوء و تهذيب الى ان الزمن المسموح به لزيارتنا انتهى . سلم السلطان و فاولينو الامتعة و الطعام الذى بحوزتهم للاشخاص المعنيين بعد فحصها من قبل شرطة القسم ، وودعنا الجميع على امل لقاء اخر .. طلب بولس، من العساكر الذين كانوا برفقتنا السماح لنا بزيارة حراسة النساء ، فتقدمنا احدهم اليها ثم وقف ليقول لنا تفضلوا على ان تنتهوا فى ربع ساعة .
داخل حراسة النساء ! --------------------- و على غير زيارتنا الاولى ، لم يكن حديثنا للمحتجزات من وراء القضبان ، بل سمح لنا بالجلوس اليهن داخل حراستهن .. حاولت فى الثوانى التى تفصلنا قبل عبور البوابة ان اشحذ خيالى لرسم صورة عن الاوضاع تعتاد عليها نفسى حتى لا اتفاجأ بشئ يصدمنى ... دلفنا الى الداخل .. كان هناك اربع نساء شابات و قفن لمصافحتنا و هن يدنين اغطيتهن التى كادت تسقط منهن اثناء قيامهن .. كن سودانيتين و اثيوبيتين يعرفن بولس جيدا ... هممنا بالجلوس اليهن ارضا حيث كن يفرشن بطاطين و ملايات و لكنهما و فى اباء طارف و تليد، طلبن منا الجلوس على اربعة كراسٍ فى طرف الحراسة ، و مضت من بدت لنا اصغرهن سنا (روز) لتصب لنا ماء و مياها غازية من حاجتهن الخاصة .. هزنى و اطربنى موقفهن، يكرمننا حتى فى ظرفهن الحالك هذا . بدأ بولس بتعريفنا اليهن .. كن كسيرات مطرقات .. رجعت الاثيوبيتان بعد الانتهاء من طقوس السلام و التحايا الى حيث كن يقبعن فى احد اركان الحراسة .. تمددت روز و روضة وهما اسما السودانيتين على الارض امامنا .. بدأت روز تحكى لى وهى تحكم لف الملاءة جيدا عليها حتى لا تسقط عنها فتكشف اجزاء من جسدها تحت الفستان الخفيف قصير الاكمام، و الذى كانت ترتديه داخل الحراسة نتيجة للحرارة العالية داخلها : انا من ابيى جئنا الى مصر منذ سبعة اعوام ، التقيت زوجى بالقاهرة و تزوجنا قبل ستة اعوام و كنا فى انتظار ان تفتح لنا دول التوطين ابوابها للهجرة و بداية مستقبل مشترك اكثر اشراقا فيها ، ظللنا ننتظر حاملين بطاقات مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة و فى نفس الوقت طفلينا دون ان نظفر بشيئ .. ضاقت بنا الدنيا فى مصر ، فالاوضاع المعيشية غاية فى السوء و تأكد لنا بعد مذبحة ميدان مصطفى محمود بالمهندسين ان لا امل مطلقا فى التوطين او البقاء بمصر ... اخبرنى زوجى قبل شهرين بأن استعد للهجرة الى اسرائيل عبر الحدود ... كان الخبر بالنسبة لي مزلزلا ، اسرائيل و بالتسلل عبر الحدود !! . امتلأت رعبا من الفكرة و رفضت و حاولت ان اثنيه عن المخاطرة و لكن عبثا ، و يبدو انه و تحت تصميمى على الرفض قد بدأ يعد لمغامرته بعيدا عنى .. وقبل شهرين فقط عدت من مكان عملى لاجده هو والاطفال اختفوا تماما .. سألت عنهم فى كل مكان و اى شخص له صلة بنا و لكنى لم اعثر لهم على اثر .. كاد القلق يقتلنى عليهم .. بدأ بعض الناس يشيرون لى بأنهم ربما تسللوا الى اسرائيل عبر الحدود لان هناك حالات اختفاء فجأة مشابهة . كانت روز تحكى و هى مطرقة . فجأة رفعت رأسها وهى ترسل نظرة حائرة غير محددة الاتجاه و تواصل : بعد نحو اسبوع تلقيت اتصالا من رقم غريب .. كان المتحدث من الطرف الاخر هو زوجى و قال لى : اتحدث اليك من اسرائيل .. انا و الاطفال بخير و كل الامور تمام ، تلقيت وعدا بإدخالهم مدارس و سأستلم عمل مجزٍ فى غضون ايام ، فقط نتمنى ان تكونى بيننا اذا رغبتى و غيرتى رأيك ، و اعطانى اطفالى لاتحدث معهم .. لم اتمالك نفسى و انا استمع اليهم و أصواتهم يغازل اذنى : ماما ماما تعالى لينا ... اجهشت ببكاء حار فى ذلك اليوم ، و لكنى لم التزم لهم بوعد ان آتى اليهم .
من أجل أبنائي !! ---------------------
و تستطرد روز : ظلت صوراطفالى وزوجى تطارد مخيلتى دائما ، وفاقم ازمتى ان كل الذين اعرفهم من مجتمع السودانيين بالقاهرة هولوا لى الامر بأننى قد لا ارى زوجى و ابنائى مرة اخرى .. احسست بوحشة قاسية اذ ليس لى اقارب او اخوان هناك .. بدأت اقتنع بأن اغامر بالذهاب اليهم . قالوا لى ان السماسرة الذين يسهلون التهريب الى اسرائيل يتواجدون بأحد المقاهى فى عين شمس . اتصلت بأحدهم فأعطى رقمى لاحد بدو سيناء صار يتابع معى و انا بدورى تابعت مع بعض السودانيين الذين قرروا التسلل ايضا ليتم تهريبنا جميعا الى سيناء بطريق غير طريق السفر المعروف ، بينما دخل بعضنا اليها بدعوى انه قادم للمصيف . و تواصل روز السرد : وصلنا الى سيناء واستلمنا بعض البدو ليسيروا بنا فى دروب عبر الصحراء ، و عندما حل الظلام اشاروا الى طريق قريب قالوا انه سينتهى بنا الى السلك الشائك الذى يفصل بين مصر و اسرائيل ، و ان ذلك المكان بعيد عن اعين دوريات حرس الحدود المصرى، و كانوا يأخذوننا على دفعات لعبور السلك الشائك. كنا اكثر من عشرين شخصا ، و لكن فجأة و جدنا انفسنا وسط كماشة من الجنود المصريين، فأضطر البدو للهرب و تركنا ليلقى القبض علينا و يتم اقتيادنا الى حيث نحن الآن .
صمتت روز عند هذه النقطة و ملأت العبرات حلقها، و بدأت الدموع تلمع فى عينيها .. تحولت بحديثى الى روضة قالت لى انها من دارفور و قصتها نفس قصة رفيقتها فى الزنزانة و فى مغامرة التسلل الى اسرائيل روز . مع الفارق ان ليس لديها اطفال و انها كانت برفقة زوجها فى مغامرتها هذه، و لكنها اغمى عليها نتيجة للاجهاد والخوف الشديدين خاصة و انها فى شهور حملها الاولى، فالقى القبض عليها بينما استطاع زوجها الدخول الى اسرائيل .
سألتهما ان كانتا وحدهما النساء المقبوض عليهن فأخبرننى بأنه كان معهن نحو خمس من النساء و لكن اطلق سراحهن لاسباب متعلقة بأطفالهن، وانهن على وشك الولادة ، و اوضحتا لى انهما نالا عقوبة اقل مقارنة بالرجال الذين كانوا معهما حيث صدر الحكم ضدهما بستة اشهر سجنا و الغرامة الف جنيه .
ران الصمت علينا برهة من الزمن ... لم اكن ادرى ما اقوله لمواساتهن . تشجعت و سألتهن من اين يأكلن و يشربن ، فقالتا انهما يشتريان طعامهما و شرابهما من خارج القسم ، و ان افراد الشرطة يتكفلون بالمشوار لجلب كل ما يحتاجان له . و هل معكما نقود ؟ سألت . قالتا لى ان ديفيد اعطاهما مبلغا من المال و كذا الشيخة عوضية زارتهما و اشترت لهما بعض المعلبات و تركت لهما مبلغا من المال . صمتنا مجددا حتى قطعت الصمت روز وهى تسأل بأسى ظاهر : ما الذى سيفعلونه بنا بعد ان نمضى عقوبتنا ، هل سنرحل الى السودان ؟ و اذا رحلنا ماذا ستفعل بنا الحكومة السودانية ؟ . قلت لهما حسب علمى ان من حق الحكومة المصرية ابعادكما من اراضيها بعد انتهاء عقوبتكما لمخالفتكما قوانينها ، ولكن لانكما تحملان بطاقة الامم المتحدة للاجئين و تتمتعان بوضعية اللاجئ و حماية المنظمة الدولية فليس من حقها (مصر) ابعادكما الى السودان ، و لكن اذا ما عدتما الى البلاد فإن هناك مبدأ فى القانون الا يحاكم الشخص على جريمة واحدة مرتين، و انتما نلتما عقوبتكما الان . رددتا معا : و الله ما فى شئ ودانا اسرائيل الا الحالة القاسية .. دايرين نرجع بلدنا و ما قادرين .
كنا تجاوزنا الزمن المحدد لنا بالزيارة .. كان فرد الشرطة يطل علينا كل حين بقصد تنبيهنا لنفاد الزمن دون ان يقاطعنا . قمنا لوداعهما، بدتا غاية فى التأثر و التأثير .. تملكنى احساس بالهوان لاننى لا املك شيئا يقيل عثرتهن . تجاذب بولس الحديث مع الاثيوبيتين اللتين بلغتاه وصية شفاهية لاقاربهما بالقاهرة .
ما بعد العريش ! -----------------
خرجنا من الحراسة ممتلئين بالاسى على هذا الحال البائس .ذهب بولس و السلطان للضابط النبطشى ليسلماه امانات نقدية تخص بعض السودانيين ، و لكنه طلب منهما ان يسلماها لهم بصورة شخصية . سألته فى تلك الاثناء عن طبيعة الجرائم والاحكام الصادرة فى حق السودانيين المحتجزين ، فقال لى ان الجريمة هى محاولة التسلل دون تصريح قانونى و تتفاوت عقوبتها ما بين ستة اشهر الى ثلاث سنوات، مع دفع كفالة الفين جنيه ، و اضاف ان القضايا يتم الفصل فيها بواسطة محاكم عسكرية . سألته عن اعداد المقبوض عليهم ، فقال لى ان الاعداد ضخمة و تزايدت فى الاونة الاخيرة . فى تلك الاثناء عاد بولس و قال لى ان اعداد النساء و الاطفال فى زياراته السابقة كان امرا فاجعا، الامر الذى اضطر ادارة قسم الشرطة لافراغ مكتب كان يعمل به ضباط القسم ليتم استقبال النساء بأطفالهن فيه خوفا على الصغار من الاختناق بالحرارة داخل الحراسة المتكدسة .
خرجنا من القسم بعد ان شكرنا افراده على حسن تعاملهم معنا و تذليل مهمتنا . استغلينا اول تاكسى و جدناه ليوصلنا الى موقف سفريات العريش . كانت الساعة قد تجاوزت السابعة مساء . كان سائق التاكسى من الصعيد و قال لنا انه يعرف السودانيين جيدا من خلال عشرته لهم فى العراق لسنين عددا و اضاف : ديل رجالة بجد و اجدع ناس . ورفض ان يأخذ منا اجرة التاكسى البالغة ثلاثة جنيهات و لكننا اصررنا عليه . ركبنا فى احدى عربات الاجرة المتجهة الى القاهرة و جلست انا الى جوار السائق و معى استاذ من ابناء العريش كان ودودا و واقعيا للغاية ، بعد التعارف رويت له قصتنا و ما اتى بنا الى بلدتهم . فقال لى : يا عم اللى بيلقى فرصة يزوغ على اسرائيل يزوغ على طول ايه اللى يجبر الناس على الهوان فى بلادها ؟. و حكى لى قصة شاب بلدياتهم يعمل فى صناعة الطوب سافر الى اسرائيل بطريقة شرعية و رجع بعد سنة، ولما وصل مصر سأله ضابط الامن المصرى عن اسباب ذهابه الى اسرائيل و بقائه عاما هناك . رد عليه الشاب بكل صدق و تلقائية بأن اجره فى اسرائيل يصل الى مائة وخمسين جنيه مصرى فى اليوم، و اذا مصر وفرت له هذا المبلغ ايه اللى يجبروا على الغربة ؟ . فأعجب الضابط بصراحته و قال له : اتفضل روح .
تناقشنا كثيرا انا و الاستاذ المصرى حول الاوضاع الحياتية فى مصر و قال لى انه معلم قضى اكثر من عشرين عاما فى التعليم، يصل مرتبه بكل بدلاته و علاواته الى 450 جنيها فقط ، وتحدثت له انا عن الاوضاع فى السودان حتى وصلنا الى استراحة بالاسماعيلية كنا توقفنا فيها ايضا اثناء رحلة الذهاب . طلبنا شايا و قهوة انا و بولس و السلطان و فاولينو ، و فى اثناء انسنا جاء سائق عربتنا يحمل لى هاتفه الجوال و يقول الباشا بتاع امن الدولة عاوزك !! .
لااعـرف وان كانت هناك قيـادة " للتـجـمع " فـي القاهـرة أم لا، ولكـن فقـط أسـال.,. لـماذا رفضـت او ابت هـذه القيادة وان تشـارك فـي " يوم دارفور الـدولـي"?.
علـمآ بانه فـي مـصـر مالايـقل عـن نـصـف مليون دارفوري!
خلصت فى الحلقة السابعة من قصة رحلتنا الى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، لتفقد اوضاع السودانيين المحتجزين لدى السلطات المصرية بتهمة محاولة التسلل غير المشروع الى اسرائيل ، انا وبولس لوال ، مندوب مكتب الحركة الشعبية بمصر والسلطان اواو ارياط ، سلطان اويل ببحر الغزال ، وفاولينو ، قريب احد السودانيين المحتجزين هناك وخلصت الى اكمال زيارتنا لحراسة النساء بقسم شرطة اول العريش، و تحدثنا الى «روز» و «روضة» المرأتين الشابتين المحتجزتين، و سماع قصتهما ، وانتهيت عند رحلة عودتنا ليلا الى القاهرة اثناء توقف عربة الاجرة التى اقلتنا ، باستراحة عند بداية الاسماعيلية لتناول بعضا من القهوة و الشاى ومفاجأة السائق لى و هو يأتينى من داخل الاستراحة مادا تلفونه المحمول و هو يقول : الباشا بتاع امن الدولة فى العريش عاوزك !! .
ملاحقة !! ---------- كان الموقف مفاجئاً لى و لم يسمح الزمن القصير ما بين نهاية حديث السائق و تسليمى تلفونه وردي على المتحدث فى الطرف الاخر ، باستيعاب جيد لما يحدث و من ثم بمساحة للتفكير فى ما يمكن ان يقال . جاءنى صوت المتحدث هادئا عبر الاثير : السلام عليكم . رديت التحية . قال صوت المتحدث : معاك امن الدولة بالعريش ، مين معاى لو سمحت ؟ . اجبته بأننى علاء الدين بشير . سألنى : حضرتك الصحفى ؟ . اجبته بنعم . امال فين بقية جماعتك ؟ . موجودين الى جوارى الان . قلت . سألنى اذا ما كنا قمنا بمهمتنا . اجبته بنعم قابلنا السودانيين المحتجزين بقسم شرطة اول العريش . قال : ما قابلتوش السودانيين فى قسم ثانى العريش ؟ . اوضحت له بأننا ذهبنا اليه و وجدنا من به من سودانيين تم ترحيلهم الى سجن بورسعيد . سألنى عما اذا كنا التقينا بكل المحتجزين بقسم اول العريش . اجبته بأننا و صلنا متأخرين، و لكن سمحت لنا ادارة القسم بالالتقاء بالمحتجزين ،و فعلنا ذلك فى حدود ما يسمح الوقت الضيق بذلك . طيب و ليه ما بيتوش بالعريش عشان تكملوا مهمتكم . . رديت عليه بأننا لم نرتب حالنا على المبيت بالعريش و خططنا بان ننهى مهمتنا فى يوم واحد، و لكن الاجراءات الامنية اخرتنا خمس ساعات . و مش حتيجوا تانى ؟ سأل . قلت له اننى اتهيأ للعودة الى السودان و اذا وجدت فرصة مواتية قبل العودة يمكننى ان اتى مجددا ، و لكن بولس و السلطان اواو بحكم مسؤولياتهما حتما سيأتيان مرات اخرى . لازم تيجوا تانى و تمشوا بورسعيد عشان تخلصوا شغلكم . اشرت له الى اننى سأفعل اذا كان لدى وقت . سألنى : و انتو فين دى الوقت ؟ : اجبته بأننا فى استراحة عند بداية الاسماعيلية راجعين الى القاهرة . طيب يا استاذ علاء نحنا حبينا نطمئن عليكم بس و ربنا يوصلكم بالسلامة . شكرته و لم اغلق الخط و لم يغلقه و سلمت التلفون الى السائق الذى عاود الحديث معه و هو ينسحب الى داخل الاستراحة . نقلت و قائع ما دار من حديث مع مسؤول امن الدولة الى رفاقى الثلاثة بولس و السلطان و فاولينو و انتظرت منهم تفسيرا للموقف . سأل السلطان عن الطريقة التى تحصل بها المسؤول على رقم موبايل سائق العربة و كيف علموا اننا نركب معه . رد عليه بولس ان ذلك سهل من خلال موقف العربات السفرية حيث يتم تدوين بيانات سائقى العربات و بقليل من الاستقصاء يمكنهم ان يعرفوا مع اى العربات ركبنا . قال فاولينو : اغلب الظن انهم يشكون بأنه كانت لدينا نوايا بالتسلل الى اسرائيل و انهم يريدون التأكد هل رجعنا ام زوغنا فى اتجاه اخر . قلت لهم اننى اعتقد انهم يريدون تلمس اثار ما جرى علينا من احتجاز و هل نحن غاضبون ام اننا متفهمون لما جرى ، الى جانب ما تركته زيارتنا و لقاءاتنا مع السودانيين المحتجزين من انطباعات فى اذهاننا .
نسينا الامر ، و عدنا الى انسنا العادى .. كنا فى منتهى الجوع و لكن لضيق زمن الاستراحة لم نطلب طعاما و اتفقنا ان نتحمل حتى نصل القاهرة بعد ساعتين ونصف تقريبا ، لكن طال بقاؤنا بالاسماعيلية لما يربو على الساعة حتى شعرنا بالملل و لم ينده علينا السائق لمواصلة الرحلة . قمت من مكانى و ذهبت الى حيث كان يجلس السائق و الاستاذ الذى رافقنا فى الرحلة من العريش و كان يجلس بجوارى داخل العربة . سألته عن اسباب التأخير . رد على بهدوء ساخر : الظاهر بتوع امن الدولة فى العريش عاوزينكم . قال عبارته تلك و هو يشير الى سائق عربتنا الذى كان لا يزال يتحدث عبر الموبايل وهو داخل الاستراحة . قلت للاستاذ : هو الحاصل ايه ؟ فقد تحدثت قبل قليل الى مسؤول امن الدولة بالعريش و احطته بموقفنا وانتهى الامر . نظر الى الاستاذ نظرة ذات مغزى، و لكنه لم يرد . سألته عن الكيفية التى يمكن ان يكونوا تحصلوا بها على رقم سائق عربتنا رغم اننى كنت مقتنعا بتفسير بولس ولكنى اردت ان استزيد اذا كانت للاستاذ اى اضافات . قال لى : يا ابنى ده اسهل شئ يعملوه . اومأت برأسى و كأننى لا افهم شيئا . فزاد الرجل : دى الوقت و نستنا اللى قلناها من العريش و احنا جايين كلها حتكون نزلت عند الجماعة اياهم وافهم انت الباقى براحتك . ضحكت من اعماقى للذى يحدث و عدت ادراجى الى رفاقى الاربعة .
اكمل السائق حديثه و طلب منا الصعود الى العربة لنواصل المسير . لم ابدأ الحديث و انتظرت لارى جرأة الاستاذ على النقاش كما كان فى الاول ، لكن الرجل ادار النقاش الى مسائل اخرى مختلفة تماما عن مسار حديثنا الاول حتى وصلنا القاهرة نحو الواحدة من صباح اليوم التالى . وعندما اشرقت شمس اليوم التالى و انا بالفندق الذى انزل فيه بالقاهرة ، تفاجأت بموظف الاستقبال وهو يسألنى بعد ان القيت تحية الصباح و طلبت الفطور: حضرتك فى اجازة و لا مهمة صحفية ؟ . تعجبت للوهلة الاولى من سؤاله ، ولكنى اجبت عليه بأن الصحفى لا اجازة له وبالتالى انا فى مهمة واجازة معا . رجحت ان يكون امن الدولة اتصل بالفندق ليتأكد من صدق المعلومات التى ادليت بها حول مكان اقامتى فى اثناء تجريدة تحرياتهم حولنا و هو ما اربك موظف الاستقبال .
جثث على الحدود ! ---------------- جلست الى مسؤول المنظمات الفئوية و الجماهيرية ، بالحركة الشعبية بمصر ، و المسؤول المكلف بملف السودانيين المتسللين الى اسرائيل ، مضال اقوير والذى سرد لى وقائع ما يدور حول هذه القضية الشائكة ، خاصة ما يرد فى وسائل الاعلام عن ضرب بالرصاص و قتل لسودانيين حاولوا التسلل الى اسرائيل عبر الحدود المصرية بقوله : ان هناك منطقتين للتسلل عبر الحدود المصرية و احدة فى شمال سيناء عند معبر رفح ، و الثانية جنوب سيناء فى نويبع ، و يوضح ان الضرب بالرصاص والمشاكل بدأت عندما تعدد سماسرة لتهريب و تقاطعت مصالحهم ، و يضيف : اول حادث اغتيال لسوداني قرب الحدود مع اسرائيل بدأ فى نويبع لمواطن اسمه منقو فاسكوالى مقور ، يبلغ من العمر 23 عاما ، كان يعمل مع بدو سيناء و عندما طالب بأجره رفضوا اعطائه له فتشاجر مع احدهم و حاول طعنه بالسكين ولكن لحق به اخوان البدوى و ضربوه بالنار . و يمضى مضال فى حديثه تابعت الجثمان واستلمت نتيجة التشريح التى قالت ان سبب الوفاة هو الاصابة بكسر فى مفصل الفخذ الايمن مع سحجات فى مناطق متفرقة من الجسم .
اما الجثة الثانية ،والحديث لمضال، فهى لشخص من ابناء دارفور اسمه يوسف ، اصيب بطلق نارى بواسطة حرس الحدود المصرى فى منطقة رفح و توفى متأثرا بجراحه فى سجن بورسعيد .
واقعة القتل الثالثة كانت ضحيتها ويل ملونق من بنات اويل ببحر الغزال ، اطلق عليها الرصاص يوم 14 يونيو الماضى، و هى تعبر الحدود، و سقطت داخل الاراضى الاسرائيلية ... رفض الاسرائيليون استلامها فأخذها المصريون وارسلت الى مستشفى نويبع وعند استلامنا لها و جدنا انه اخذت جميع اعضائها ، ارسلنا جثمانها الى السودان .
الجثة الرابعة ،والحديث لمضال اقوير، كانت لامرأة من دارفور ، اسمها حاجة عباس هارون والتى يقول تقرير تشريحها ان سبب وفاتها ناتج عن اصابة فى الرأس تحت الاذن .. استلمت جثتها فى يوليو الماضى من مستشفى رفح المركزى ، وعلمت ان زوجها كان برفقتها والقى عليه القبض ويقضى عقوبته بالسجن لمدة عام فى بورسعيد .
ويحكى مضال وقائع من فصول المأساة التى وقف عليها بنفسه ، ان هناك طفلة صغيرة استطاع والداها العبور الى اسرائيل و تركاها وراءهما و لكن تم الحاقها بهما . كما ان هناك شخصا اخر من ابناء كردفان اسمه فضل الله حسن البنا ، اصيب بطلق نارى فى الساق والقى عليه القبض و يقضى عقوبته الان بسجن بورسعيد . و يخلص مضال الى ان الحوادث متزايدة لان عمليات التسلل فى تزايد مخيف.
الشيخة عوضية تحكي ! ----------------------- و تحكى لى الشيخة عوضية احمد الدرديرى ، عضو المجلس السياسى للحركة الشعبية بمصر ، و هى تدير ايضا خلاوى يدرس بها بعض ابناء السودانيين اللاجئين بمصر ، انها زارت السودانيين المحتجزين فى شمال سيناء عدة مرات برفقة مضال اقوير، وصلا فيها حتى منطقة رفح ، و تقول ان النساء المحتجزات يجدن حرجا فى الحديث الى الرجال فى بعض المسائل الخاصة، لذا ذهبت ووجدت أربع نساء و 8 أطفال فى قسم شرطة ثانى العريش بينهم طفلة المرحومة حاجة عباس هارون ... كانوا محبوسين فى زنزانة ضيقة والطفلة مصابة بين الكتف و الرقبة بالطلق النارى الذى قتل امها ، و لم تجد اى رعاية صحية و الجميع يأكلون وجبة و احدة فى اليوم عبارة عن قطعة جبنة و طحنية ... كان جميع الاطفال مصابين بإسهالات حادة و يعانون من سوء التغذية و لا توجد لديهم غيارات ، و الحر شديد و يفتقرون الى المال بعد ان جردهم السماسرة من كل ما يملكون .. النساء حوامل والاطفال رضع .. سمحت لنا سلطات القسم بتسليم النساء مبالغ فى ايديهن و كانوا يساعدوهن فى شراء المستلزمات الطبية و المواد الغذائية ... طفلة المرحومة حاجة عباس و البالغة من العمر عاما و نصف العام كانت معلقة بوالدها المسجون بعد مقتل امها سمحت لها سلطات القسم بالبقاء مع والدها طوال النهار وعندما تنام تحول الى حراسة النساء.
و تقول الشيخة عوضية، ان المحتجزات بقسم اول العريش قالن لها ان الفلسطينيين المحبوسين ساعدوهم كثيرا ... كان عدد السودانيين المحبوسين 28 . فيما و جدنا اثنين من المصابين فى مستشفى رفح و هما من ابناء دارفور ، احدهما ادم ، مصاب بطلق فى يده ، الثانى ابراهيم مصاب بطلق نارى فى بطنه . الوضع قاسى خلاص يا ولدى ... اختتمت الشيخة عوضية حديثها لى بهذه العبارة و اجهشت بالبكاء !!.
رمضان كريم وكل عام والجميع بخير.. وربي يرفع البلاء عن أهلنا حيثما كانوا
مؤسف حقيقة ما آلت إليه أوضاع السودانيين طالبي ومنتظري اللجوء في القاهرة. مصر لا توجد بها اي فرص عمل كباقي الدول العربية. ويجد السوداني نفسه مجبر على حياة اليوم باليوم. بعد أن ينفد ما أتى به وتبدأ مطالبات الحياة الأساسية من سكن وأكل وبالطبع التعليم للأطفال يعتبر قمة الترف.
أتمنى أن نستطيع المساعدة بتكوين جسم داعم إلى حين. أي إلى حين الفصل في طلبات اللجوء. وأن يتم التحرك القانوني بتوكيل محامين (يمكن الإستعانة بالإساتذة الذين يعملون في منظمات حقوق الإنسان المصرية) للدفاع عن إخواننا القابعين في السجون المصرية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة