|
تـداعـيـات يـحــيي فـضـــل الـلــه
|
إخترت لكم بعض من تداعيات الرائع يحيي قضل الله من موقع الجالية السودنية في امريكا
مخدة مجوك الخشبية
طريقة زي دا اصلو ما معقول يا تنوم ساكت ولا تاكل فول ويصمت مجوك فترة هي اشبه بالسكتة داخل مقام موسيقي بعدها يعود مجوك الي حالة غنائه المنتشي ويرفع عقيرته بالغناء ويتراقص علي طريقته الخاصة كلام طواري والله امرو غريب يا تنوم بدري ولا تركب جيب عادة ما كان مجوك يمر بنا و نحن متحلقين حول عامود النور و في هذه الايام دائما ما يكون عامود النور بدون نور ، يمر مجوك عائدا من قيلولته هناك في المسح بعد سوق ام دفسو في الحارة خمستاسر ، يمر بنا مجوك وهو في طريقه الي الفرن كي يتولي مهام ورديته الليلية تلك التي يقضيها امام فوهة الفرن الملتهبة وهو يدخل او يخرج الصواني , كنا نعرف ميعاد عودته تلك و ننتظرها وعادة ما كان صوت غنائه يختلط بصوت أذان جامع الحارة الرابعة واذكر ان حمدين دخل مرة في رهان مع ازهري حول ذلك الخلط بين الصوتين ، صوت الاذان و صوت مجوك و كسب ازهري الرهان لانه راهن علي الميعاد المحدد لعودة مجوك الغنائية ، فهي عودة دائما في زمن آذان العشاء و لكنها عودة تتنوع فيها اصوات مجوك المترنمة بعدة السن فمرة يغني بلغته الدينكا ويحاول ان يغني اغنية ـ شايل المنقا ـ بعربية فيها شئ من لطافة عربي جوبا واحيانا يكتفي برقص صاخب علي طول شارع عودته وذلك حين يعود من قيلولته لا ليعمل بل لينثر نشوته في تفاصيل ليل شارع الجميعاب و خاصة مع رواد كافتريا الشرق الاوسط ويكون ذلك ذلك دائما في ايام الخميس حيث يستغرق مجوك في الاستمتاع بعطلته الاسبوعية ولا ينسي مجوك في ذلك المساء ان يخصنا بعشرة ونسة ممتعة قبل ان ينسرب الي تفاصيل مرتبة لاحقة تخص جولاته قبل النوم . كان مجوك ينام في الفرن بعد ان يقلب طاولة الرغيف محولا اياها الي سرير بعد ان يفرش عليها الكراتين و من ثم بطانية عليها خطوط حمراء ، هكذا كل يوم ما عدي ليلة الخميس حيث مسموح له بالنوم علي عنقريب حاج سعد الذي عادة ما كان ينام عليه اب شاخوره زميله في الوظيفة الذي يفضل ان يعمل ليلة الخميس كي يقضي ليلة الجمعة مع اسرته بالكاملين . سوقني بعجله نمشي كمبو نساهر الليل كانت المخدة التي يضع عليها رأسه حين ينام ومن ثم يسند همومه عليها مخدة من خشب واضح عليه شغل اليد وهي جذع منحوت علي شكل مثلثين بدون قواعد لان القاعدة هي الارض ويربط بين المثلثين عامود خشبي مصقول وهنا علي هذا العامود يمكن لمجوك ان يسند رأسه ، وكانت المخدة من خشب براق يخلط بين البني والاصفر و لا يستطيع مجوك ان ينام الا حين يسند رأسه علي هذه المخدة التي هي اشبه بالككر وقبل ان يقلب الطاولة كان لابد لمجوك من وضع يده علي تلك المخدة اولا لذلك هي دائما ما تكون معه اينما ذهب يضعها في ركن داخل الفرن حين يعمل و احيانا يحولها الي مقعد ودائما ما يشاهد مجوك في حالة جلوسه علي مخدته امام ست النفر بائعة ام فتفت والصباح يخلط نهاياته مع بداية ظهيرة كل جمعة وكأنه يجلس علي عرش و فعلا لجلسته تلك وضع مميز من حيث انه جالس علي شاهق وفايت الناس مسافة و لمجوك طول مميز ويمشي كسهم وانه دائما ما يجلس و كأنه ينظر للناس من فوق لا علي طريقة السياسيين التكنوقراط و لكن علي طريقة مجوك . جوبا بعيده نمشي كمبو نساهر الليل جوبا بلدنا نمشي كمبو نساهر الليل كان مجوك يدخل منطقة نومه و هو يذهب اليها متسلحا بهذه الاهزوجة التي حرضته علي اقامة احتفالية صاخبة وراقصة لجمهور كافتريا الشرق الاوسط بشارع الجميعاب و كان ذلك في مساء مبكر طبعا يوم الخميس ، في تفاصيل حياد العصر اعلن مجوك رقصته وهو يغني سوقني بعجله نمشي كمبو نساهر الليل و كان ان فقد ذلك العصر حياده و اكتظت الكافتريا بالجمهور وقيل ان الشيخ ودتندلتي قد شطب خشافه المتبقي من تحلية وجبة الغداء و قيل ان رواد الكافتريا قد تعشوا مبكرا هذا المساء ورقص مجوك رقصته وذهب . حمل مجوك رقصته وذهب مترنما باغنيته الي درجة الصخب وهو يحمل مخدته الخشبية متجها الي الفرن ولم نترك مجوك يذهب هكذا دون رفقة فرافقناه ولكن دون جدوي في ان يحكي لنا احدي حكاياته الغريبة وتجربته مع حركة الانانيا لانه كان هناك بعيدا حيث تخلي عن ترنمه ودخل في رقص طقسي حيث اصوات الطبول تحتشد في دواخله و كان وحده هو الذي يسمعها . جاء مجوك الي الخرطوم بعد ان سلم سلاحه بموجب اتفاقية اديس اببا ولم تفارقه مخدته الخشبية مطلقا ، كان يسند عليها سنواته الاكثر من خمسين . لم نستطع ان نخرجه من تلك الحالة الراقصة التي سكنته و كان يرقص وهو يجهز عنقريب الحاج سعد ـ عنقريب الخميس ـ ولم ينسي ان يضع مخدته الخشبية في اتجاه مرقده علي العنقريب وكان شعاع من القمر قد غمر وجهه وهو يسند رأسه و يذهب الي النوم و معه اغنيةدينكاوية شجية خافتة و متلاشية . في نومه يستدعي مجوك عوالم قديمة و يخلط في احلامه بين الاماكن فهاهي الملكية جوبا تتبرج في احلامه و يخلط في الرؤي البعيدة بين لهب الفرن و لهب تلك النيران التي تمد السنتها الحمراء الي درجة الاصفرار في ليل معطر برائحة حريق روث البقر و للروائح براح من الخلط و الاشتباكات في احلام مجوك ، يخلط رائحة الرغيف الخارج توا من الفرن و مذاق لبن يأتي بكل روائح المراح و من ثم تأتي تفاصيل المراح والتي قد تتحول الي المطاعم التي في الموردة و مع كل هذا الذي تتباهي به ذاكرة مجوك تدخل شخوص في احلامه ، تظهر و تتلاشي وتسرب معها التحريض علي اتخاذ موقف اخلاقي تجاهها ، تجاه شخوص احلام مجوك ، قد يلجأ الي ذاكرة محارب قديم فيقتل اعدائه الذين لاحظ مجوك حين تذكر لمحة من ذلك الحلم ، لاحظ انهم في تزايد مستمر ولاحظ ايضا ان الاعداء لا يموتون حتي في الاحلام وعادة ما يحاول مجوك ان يهرب من الاحلام التي تنبع من ذاكرة الحرب ولمجوك ايضا احلام جميلة فيها تفاصيل الطفولة والصبا وفيهاذلك العبور الاحتفالي الي مرحلة الرجولة ، فيها رائحة المنقا والباباي و لوتلصصت علي مجوك وهو يدخل نومته الصباحية حتما ستسمعه يغني و لو صبرت حتي يستغرق في النوم ستري احلامه وهي تلون وجهه بالتعابير المختلفة وكان الاحيمر يفعل ذلك ويتحفنا بحكاياته علي عامود النور ولمجوك احلام ضائعة تناوشه باستمرار منها ان يصبح ترزي علي برندات سوق جوبا و ان يلتقي بماري الزانداوية في عتمة من عتمات فريق اطلع بره و لمجوك حلم صغير لكنه مرعب وهو ان يعرف هل امه يار ماتت ام لازالت تعيش وخاصة ان الحرب التي كان قد تركها وراءه حين سلم بندقيته واتجه الي مدينة جوبا ليعيش فيها بفكرة محارب من حقه ان يجني ثمار السلام ، تلك الحرب فقد توسعت الي درجة ان الاهالي توزعت بهم المعسكرات والغابات واللامعسكرات ولم يعد احد يعرف اين الاخر . تفرقت شلة عامود النور ، كل في بيدائه واحيانا تلتقي الشلة في الاجازات، وحين عدت مرة في منتصف التسعينات في احدي عطلاتي من الاسكندرية حيث كنت ادرس هنا و كان لابد من المرور علي عامود النور، علي الاطلال ، فوجدت العامود و قدتغيرت شخوصه فقد شب جيل جديد متحلق حول عامود النور فسألتهم عن الاحمير فقالوا انه يأتي الي البيت عادة في ليل متأخر ، وتحركت مسافة من عامود النور و هي حتما مسافة اجيال وكنت مصرا علي مراقبة شباب عامود النور الجديد وعلي حضور عودة مجوك و حين ختم مؤذن جامع الحارة الرابعة آذان العشاء تيقنت ان هنالك خلل في مكان ما اذ ان مجوك لم يرجع من قيلولته ولم يختلط صوت صخبه المنتشي بالآذان . قيل ان اللجنة الشعبية اشتبكت مع مجوك وذلك حين كانت اللجنة تراقب الافران وتستلم الرغيف لتوزعه علي المواطن بدفاتر وبطاقات وكان وقتها مجوك داخل الفرن ينتهي من اخر التفاصيل كي يقلب طاولته بالقرب من المزير ة وحين انتهي خرج من الفرن وهو يحمل مخدته الخشبية وكان اعضاء اللجنة الشعبية يتلقون حول طاولات الرغيف يحسبون عدد الارغفة ، انحني مجوك علي احدي الطاولات وتناول رغيفا و فجأءة صرخ فيه احد اعضاء اللجنة رجع الرغيفة دي نظر مجوك الي ذلك الصارخ من موقع المسئولية المتوهم ببرود و كأن الامر لا يهمه وقضم من الرغيفة بارتياح تام الامر الذي جعل عضو اللجنة الصارخ يندفع نحو مجوك بعنف ويريد ان يرجع الرغيفة من يد مجوك وحين اقترب عضو اللجنة المندفع نحو مجوك لم يتردد مجوك في ان يضرب عضو اللجنة علي رأسه بمخدته الخشبية التي تحطمت الي قطعتين بينما خر عضو اللجنة صريعا وحوله بقية الاعضاء بينما تناول مجوك القطعتين من مخدته المتحطمة وخرج وسط صيحات تطالبه بالتوقف ولكن مجوك لم يتوقف واتجه نحو المسح وهو يحمل في يده ما تبقي من مخدته الخشبية وحين بحثت عنهه الشرطة لم تجده . هكذا حدثني الاحيمر عن تفاصيل غياب مجوك النهائي، هكذا حمل معه مخدته الخشبية ، قطعة في اليد اليمني و الاخري في اليسري و خرج من الفرن يمشي كسهم في اتجاه اللاعودة ، ولم ينس الاحمير ان يهمس في اذني تعرف يا حافظ مجوك بكون رجع الغابة و حاولنا في الليلة ان نترنم علي طريقة مجوك كلام دي ياهو حرقو ملكية فوقو ولكنا كنا نحس بنوع من ذلك الغبن السياسي ونتسأل عن تلك الغابة التي رجع اليها مجوك اليست هي نفس الغابة التي نعيش فيها الان؟؟؟؟؟ وسوقني بعجله نمشي كمبو نساهر الليل ************************************************************************************** تداعيات
كما لو ان كل شئ قد تلاشي ، بهذا الشعور خرج ميرغني من المستشفي، تتشبث انامله بكف ابنته لبني ، تلك التي لم تتجاوز السابعة، من اين يبدأ البحث ؟ ، يتشبث اكثر بتلك الكف الصغيرة حين يرن في دواخله ذلك الصوت اللامبالي ـ ,, للاسف يا استاذ ما عندنا مصل ,, ـ ,, وبعدين ؟ ، اتصرف كيف ؟ ,, ـ ,, فتشوا ,, ـ ,, افتش وين ؟ ,, ـ ,, في الاجزخانات ، شوف علاقاتك ،الامدادات ، المهم انك تفتش ,, خرج ميرغني مواجها بكل حيرة تلك الاسئلة الكبري ، يخاف علي لبني ، لا يتصور ابدا ان يحدث لها ما حدث ، نظر اليها ، شروخ عميقة ومتزايدة في نسيج عواطفه التي تحاول الهروب ، هروب نحو كل شئ يلوح بأمل و لو قليل ـ ,, فتشوا ,, ميرغني " تصرخ دواخله ، تتعب روحه التي شفت إزاء امتصاصها لواقع ما حدث لـ "لبني"، ينتقل بين الاحتمالات ، يرتجف بدنه حين يذهب الاحتمال نحو اللاجدوي ، هكذا ،كان لابد من البحث ،لا يملك الا البحث ، ليس هناك خيار أخر ، من أين يبدا ؟ تتقاذفه الأسئلة و تعريد به الاحتمالات ، يتشبث بانامل "لبني" ، يلوذ بكفها الصغير ، يبحث في عينيها عن اجابة ، تصرخ دواخله رافضة لذلك الشعور المميت و الخفي ، شعور بالأبوة مكثف يحاول أن يتصدي لامر . " فتشو " " افتشو وين ؟ " في الأجزخانات ، شوف العلاقات ، الإمدادات ، المهم انك تفتش" تعذبه لا مبالاة ذلك الصوت الذي أحال الأمر كله إلى حالة من البحث ، يرد علي ذلك الصوت بهذيان داخلي عميق : " افتش ، اعمل شنو ؟ ، بس افتش كيف ؟، ابدأ من وين، من وين ؟ المودر فتش خشم البقرة ، لكن ، وين البقرة ووين خشما ؟ " ضغط "مرغني" علي كف " لبني " بحميمية تحاول أن تنفي كل ماهو مأساوي ، اجتاحته رغبة في البكاء ،حرض ذهنه تجاه مهمة البحث ؛ البحث خارج كل المستشفيات التي دخلها وخرج منها دون جدوي " بابا اشتري لي لبانه " احتضنها بعنف ، خلخل بأصابعه علي شعرها ، تحسس رغبتها في الحياة ، نظر في عينيها ، اغرورقت عيناه بالدموع ، من بين دموعه شع في عينيه بريق من أمل و إصرار ، إصرار علي البحث . كعادتها خرجت " لبني " من البيت كما كل صباح ، نظرت إلى هناك ، إلى الشارع فرحت حين رأت صديقتها "ريم " تقف في انتظارها الصباحي لعربة المدرسة ، ركضت نحوها قبل أن تصل إليها ، خرج من أحد الأزقة كلب مهتاج يطارده رجل و بعض الصبية ، التقي الكلب ب "لبني " في طريقه ، عضها في ساقها الأيمن وكأنه اخذ منها قطعة لحم وجري ، صرخت " لبني " و انتابتها ارتعاشات من جراء الصدمة و الخوف ، التف حولها الناس ، رفعها الرجل من علي الأرض ، تبرع أحد الأطفال بالمعلومات : - " يا هو داك بيتم ، أبوها أسمو مرغني وامها اسمها هدى " رجعت "لبنى " إلى البيت وكان أن فقد الصف الأول في مدرسة البندر الابتدائية في ذلك الصباح صوتها وحيويتها العالية . تحري "ميرغني" عن ذلك الكلب ، بدأ يبحث عنه ، ذهب إلى أصحابه - أصحاب الكلب ، تبودلت كلمات الأسف و الاعتذار ، ضاع الكلب حتى من أصحابه ، سأل في الشوارع التي مر الكلب بها ، في الأحياء القربية والبعيدة ، خرج "ميرغني" وراء ذلك الكلب منذ الصباح يسال ويبحث مؤملا أن يكون الكلب معافي من السعر .. يتمني أن يكون الكلب قد فعل ب"لبني" ما فعل وهو مستثار فقط ، قبل غروب الشمس دله أحد الناس ، علي كلب ميت في إحدى الكوش ، نظر إلى الكلب بغباء من لا يستطيع أن يحدد ما إذا كان الكلب هو نفس الكلب الذي نهش ساق " لبني"، رجع إلى "الكوشة" ومعه شاب مهمته أن يتعرف علي الكلب ، حين وصلا إلى " الكوشة" كانت الرؤية قد تعذرت مما جعل "ميرغني" يطرق أبواب المنازل القريبة للحصول علي بطارية أو لمبة بعد أن فشل في التعرف علي الكلب بواسطة أعواد الكبريت وإشعال الورق ، أخيرا عثر "ميرغني" علي "بطارية"، أخذ الشاب يتفحص جثة الكلب، استقرت البقعة الضوئية علي عنق الكلب ، أطفا الشاب البطارية قائلاً : - " يا هو ركس ذاتو،للآسف لازم بعد ده البت تأخذ الحقن" ولم يجد "ميرغني" البقرة حتي يفتش خشمها" ، المستشفيات عجزت عن توفير المصل ، دار "ميرغني" حول الأجزخانات مخازن الأدوية ، الإمدادات الطبية ، المستشفيات الخاصة ، أطباء وممرضين، وظف كل علاقاته دون جدوي ، و الأيام تمر وبمرورها يلهث "ميرغني" في بحث محموم و أزلي ، يخرج فجراً ليعود ليلاً ، حمل مذكرات إلى بعض المختصين ، أحدهم قرأ مذكرة من صديق له يوصي بالعناية بالموضوع ، طبق المذكرة بين أصابعه ونظر إلى "ميرغني" بشهوة مطلقة في عينيه وقال :" المصل ده الحصول عليه صعب ، لكن نحاول ، بس نحتاج لمبلغ بسيط.
" ما في مشكلة زي كم كده ؟ " " و الله يعني زي 120 ألف جنيه" دارت الغرفة ب "ميرغني" ،دارت كل الدنيا أمام عينيه ، كاد ان يسقط من علي الكرسي لولا ان امسك بيديه علي تربيزة المكتب التي امامه. وسط صويحباتها تجلس " لبنى "، تقاوم ذلك الصداع وتلك الحمى الخفيفة مشاركة بضحكتها المميزة وسط ضحكاتهن ، تحس بألم حاد في ساقها خاصة في موضع الجرح ، وحين خرجت صديقاتها لم تنس " لبنى " أن تسألهن قائلة : " العندها علبة ألوان تديني ليها " . حاول " ميرغني " الحصول على ذلك المبلغ الذي يبدو مستحيلا بالذات لموظف ، علاقاته عجزت تماماً عن توفير لك المبلغ ، بحث في كل مكان ،حاول كل المحاولات التي يمكن بها أن يحصل على مصل دون دفع ذلك المبلغ، يلهث، تركض دواخله دون جدوى . " هدى " والدة " لبنى " تضع على جبهة صغيرتها " كمادات " باستمرار رغبة منها في التخفيف عنها .. تلك الحمى التي أخذت في الازدياد ، تصرخ " لبنى " من الألم ، صداع يفقدها شهية أن تأكل . فتور متزايد ، تحاول " لبنى " أن تقاومه فتشخبط على كراستها باللون البنفسجي خطوطاً متعرجة ومرتجفة ، تغير البنفسجي بالأخضر دون أن تتخلى خطوطها عن التعرج والارتجاف . دخل " ميرغني " السوق الشعبي ، اتجه نحو إحدى الدكاكين التي تبيع البهارات ، سأل صاحب الدكان بلهفة . " ما بلقى عندك المصل بتاع السعر " " نعم ؟ " " عايز مصل ، مصل السعر " " يا راجل أنت ما نصيح ولا شنو ؟ كيف يعني ؟ روح يا راجل بلاش كلام فارغ " . نظر " ميرغني " إلى صاحب الدكان بكل ذلك العمق الشفيف ، واتجه نحو زنك اللحم . " هدى " تحاول أن تسقي " لبنى " الماء، " لبنى " تصرخ وتقذف بإناء الماء بعيداً ، غثيان، تتقيأ " لبنى " كل شئ، " هدى " لم تتحمل ذلك ، بكت بعنف وضربت رأسها على الحائط .. " ميرغني " يسأل عن مصل السعر في إحدى طلمبات البنزين . " لبنى " ترتعد عند رؤية الماء ، تتشنج ، تطالب والدتها بقفل باب الغرفة ،والنوافذ ، رعب حقيقي يرتسم في وجه " لبنى " الطفولي حين تهب أي نسمة هواء ولو خفيفة ، بدافع غريزي حملت " هدى " ابنتها وركضت نحو أقرب مستشفى . وصل ميرغي بنك السودان اقترب من إحدى الصرافات وسأل ذلك السؤال الذي عجز عن إجابته ، أشار الموظف إلي أحد العاملين الذي أبعد " ميرغنى " عن المكان . " لبنى " تصدر أصواتاً فقدت معنى الحروف ، تتشنج وينتابها ذلك الهيجان المدمر و" هدى " تصرخ . " ميرغني " يبحث عن المصل في كل مكان . تنتاب " لبنى " فترة هدوء غريب ، عيناها تنظر هناك إلي حيث لا أمل ويعاودها الهيجان والتشنج، بين هذا وذلك انسحبت " لبنى" من الحياة ولم تقو حتى على الهيجان والتشنج . بينما كان " ميرغني " يركض دون توقف في الشوارع والأسواق مستعيرا من الكلاب نباحها كانت الريح تحمل ورقة عليها خطوط بنفسجية و خضراء متعرجة و مرتجفة .
*****************************************************************************************
هذيان نهائي البداية في شتاء إنقاذي بارد برودة حكامة تجاه كل المشكلات اقتلع عبد الصبور المروحة من سقف حجرته الوحيدة وخرج بها إلى دلالة الجمعة وباعها لتهرب منه الدينارات محولة نفسها إلى أصناف بسيطة داخل كيس بلاستيكي يعلن عن عصر الشختفة لم يكن عبد القادر يتوقع أن يحدث ما حدث ، كانت عيونه تتابع حركات القط علي حائط الجالوص القريب من عنقريبه المهتوك وكان القط يتحرك علي الحائط باسترخاء ويمؤ بكسل يدل علي جوعه وعبد القادر يذهب به جوعه إلى أن يتحسس تلك الفكرة وهكذا حدث ما حدث . هذا المساء احتج برشم علي سلوك اللجنة الشعبية بالحي وامتد هذا الاحتجاج إلى درجة أن استقبلت المنضدة التي يجلس وراءها سكرتير اللجنة الشعبية ضربات قاسية من كف برشم هذا بالإضافة الي صرخاته ، كل ما في الأمر هو أن القادم الجديد علي أسرة برشم رفضت اللجنة أدراج اسمه علي بطاقة التموين بحجة أن الإضافة إضافة المواليد الجدد لابد أن تكون في نهاية العام، الأمر الذي جعل برشم يستعين ببعض الألفاظ البذئية معلنا تدخل اللجنة الشعبية في مواعيد تخلق الأجنة . وقف عبد القادر ينظر إلى القط ، تحرك نحوه ببطء شديد ، القط كان يمؤ مجادلا جوعه لذلك تمكن عبد القادر من القبض عليه وما هي ألا ساعة حتى تحول فيها ذلك القط الي وجبة دسمة دعا أليها عبد القادر بعض ندمائه الذين تولوا المهام الأخرى التي تستدعيها ولابد منها كي تكون هناك حلة ،طبعا دون أن يعرفوا بمصير ذلك القط ومن ذلك اليوم الذي حدث فيه ما حدث ظل عبد القادر يهتم اهتماما خاصا بالقطط. عبد الصبور استطاع أن يتخلص من شبابيك حجرته مستغلا ذلك الصيف الإنقاذي، خلع الشبابيك من الجدران وحملها علي كارو يقوده حمار اقل ما يمكن أن يوصف به هو انه مصاب بسوء تغذية كما انك لا تستطيع أن توصف مطلقا صاحب الحمار ، قبل دخوله ألي حيث زحمة الدلالة فاجأه جباة ضرائب شرهين ، اشهروا في وجهه إيصالا تهم ، لم يستطيع عبد الصبور أن يدفع ضريبة علي شبابيكه تلك التي اقتلعها من جدران حجرته فرجع بها خوفا من مصادرتها أشجار المهوقني فقدت لحالها والسبب في ذلك وصفة عملية تقول أن لحى أشجار المهوقني حين تغلي علي النار تستطيع أن تعالج داء الملاريا الذي هو منتشر وله حق المواطنة منذ أزمان بعيدة ، ولم تملك بعدها اشجار المهوقني الا ان تحقق تلك المقولة التي تقول أن الأشجار تموت واقفة . أثناء ثورة برشم كان سليمان يضحك في داخله لان اللجنة الشعبية لم تمهل حذف سبع أوقيات من السكر من بطاقته التموينية شاطبة اسم ابنه بخيت الذي توفي الاسبوع الماضي بخبث من الملاريا . حين كانت الصحف والإذاعة والتلفزيون مهتمة إلى درجة من التعب في تحليل تفاصيل الغلاء واصبح ذلك السؤال الذي يقول : هل هو غلاء ندرة أم غلاء وفرة ؟ بمثابة سؤال أزلي تنافس المتشدقون في الإجابة عليه من خلال ندوات ومؤتمرات وسنمارات ومهاترات رسمية وشعبية، حين كان يحدث كل ذلك الذي يحدث كاد متوكل أن يموت وهو يبحث عن ذلك النادر جدا واخيرا ذهب إلى أحد الخبراء الذين بفضلهم اكتسب ت الأسواق لون السواد ، اخذ ذلك الخبير متوكل إلى ركن قصي في زقاق مهجور وقال له ــ شوف يا متوكل أنا عايز أخدمك توعدني الموضوع دة يكون سر بيني وبينك ــ. ــ جدا سرك في بير .ــ ــ يا راجل بير شنوا أنت من زمن الآبار بتحفظ سر، مافي زول يعرف يا متوكل ، لانو السرية مهمة جدا وعلي الطلاق لو أنت ما راجل أخو أخوان وتستحق الخدمة ــ ــ مشكور، مشكور جدا ربنا يقدرنا علي جزاك.ــ ــ اها خلي بالك معاي وتركب تمشي حي البروش بعد الحارة 63ولا أقول ليك يستحسن تركب تاكسي وتقول لي بتاع التاكسي ينزلك في سوق ارفع سدرك شوفت سوق خمس دقائق بس بعدو اها الأكشاك العلي يدك اليمين تخليها، في أكشاك علي يدك الشمال تمشي عليها تعد الأكشاك الكشك السادس خلي بلك السادس، آخر كشك وراهو في ميدان بتاع كوره القون القريب ليك تخليهو، تمشي علي القون التأني اها القائم العالي يدك اليمين قصادو طوالي في زقاق تدخل بالزقاق ده تمشي طوالي لحدي تلقي قدامك بيت قدامو في ثلاثة لساتك خلي بالك ثلاث لساتك، اها تدق الباب حتلقي الراجل العندو الموضوع. ــ ـ اسمو منو ؟ــ ــ يا أخي عايز بي أسمو شنو؟ ما قلت ليك يا متوكل المسألة دي سرية للغاية المهم أقول لكن عشان اساعدك حاكتب ليك مذكرة هو حيتصرف معاك .ــ ــ كتر خيرك ــ ــ بعد ذلك وريهو أنت عايز قدر شنو وما تتكلم معا هو كتير يا متوكل خلي بالك الموضوع غاية السرية ــ وتقود خطوات اللهفة متوكل إلى حيث تلك الأوصاف التي حددها ذلك الخبير . قلم الحبر السائل من نوع ابوشفاطة أو أبو أمبوبة أو أي نوع من تلك الأقلام التي أصبح وجود أوعيتها تلك الصغيرة بمثابة ميزانية مالية قد تتفوق أحيانا على سعر القلم نفسه ، هؤلاء هم أطفال الابتدائية يملأون أقلامهم من محبرة على الدكاكين الصغيرة في الأحياء بمبلغ 50 جنيها ،آسف خمسة دينارات في الحي الذي يسكنه عبد القادر لوحظ ان القطط بدأت تختفي رويدا رويدا ، بينما ظلت فكرة الأمن الغذائي تسيطر على أعضاء المجلس الوطني حتي انها بتلقائية ماكرة و ملتبسة بعض الشئ قد تحولت من كثرة تكرارها الي ـ الغذاء الامني ـ لاسيما ان مسئولا كبيرا في الامن كان نال درجة الدكتوراة في موضوع الامن الغذائي . ها هي القرود في جنوب السودان تتقدم المجاهدين في حربهم ضد الكفار كي تفجر الألغام منحازة الى كل ذلك النقاء الديني الذي يشع من وجود المجاهدين منيرا ظلمة تلك الغابات الحالكة . " عبد الصبور " استطاع أن يتخلص من شبابيكه بأن باعها لاحد النجارين الذي جردها في عقله إلي الخشب ونزع عنها كل ذكريات " عبد الصبور " معها مقابل دينارات لا تسمن ولا تغني من جوع . تهرب الحافلات من أفواج الطلبة والطالبات الخارجين والخارجات من المدارس في تلك الظهيرة الحارقة لان نصف قيمة التذكرة التي يدفعها الطلبة والطالبات بمثابة خسارة لا تستطيع مطلقا ان تنحاز للتعليم الذي فقد مجانيته . التلفزيون يعلن عن قبر يتكلم في منطقة الدخينات ،تناقلت هذا الخبر و من ثم تنافست حول نشره الصحف ، قبلها كانت هناك صورة في احدي الصحف تظهر فيها لافتة مكتوب عليها ـ الدخينات تحذر امريكا وللمرة الثانية قاضي محكمة شوهد وهو يتسول في شارع خفي ، كان في حاجة إلي مائة دينار آسف ألف جنيه . بوليس حركة يفتعل مشكلة في موقف الحافلات أمام بوستة أم درمان كي يتم تغطية المشكلة بعدد من الدينارات ،في مستشفى التجاني الماحي واجه أحد اولئك المجانين الظرفاء عدد من طالبات الأحفاد اللاتي قد تم تقديمه اليهن كنموذج للدراسة ، نظر المجنون في وجوههن وبعقلية حسابية دقيقة قال : السؤال بي ميتين دينار . خرج عصام من الحافلة مقذوفا وبشدة لانه كان متآلفا مع هروبه من أن يدفع أجرة جارتهم وبنتها كما يفعل عادة السودانيون . اقتحمت عربة البوليس فناء كلية الأحفاد الجامعية للبنات وطارد أفراد ما يسمى بالشرطة الشعبية ، الطالبات اللاتي يلبسن أزياء لا تنتمي الى فكرة التوجه الحضاري كما أن الطالبات اللاتي اطلقن شعورهن داخل فناء الجامعة قد عوملن معاملة خاصة من أفراد الشرطة الشعبية التي أصبحت مهام الحشمة هي إحدى مهامها الحضارية وتحركت تلك العربة الدخيلة على فناء الكلية وصرخات الطالبات والسافرات اللواتي على ظهرها تختلط بصيحات الناجيات من تهمة السفور ومما لا شك فيه أن قسم البوليس الذي وصلت إليه العربة قد ضج بكل ذلك الحضور النهاري الجميل . " عبد الصبور" يتخلص من سجادة قديمة ومكواة وتلفزيون معطوب . سريرين وسجادة كانت لجدته من وراءه زوجته كان قد تخلص من دبلة خطوبته مقايضاً لها بكيلو لحم ضان تلك الفتاة بت القبايل ، بت الأصول التي أشارت للعربة الكريسيدا المتهادية في أحد شوارع الخرطوم ، الخرطوم بالليل على طريقة ياعم معاك كإشارة حميمة بمعنى autostop لم تعد هي تلك الفتاة لانها أدمنت انتظار تلك الكريسيدا فخرجت من زمرة ناس " يا عم معاك " وتنوعت على أناملها الرقيقة الدينارات . اهتزت الأرض من إحدى الساعات الأولى من إحدى صباحات 1993م ، أنها الأرض قد زلزل زلزالها، علق أحدهم قائلا : ما هي الأرض قد اهتزت فمتى يهتز هؤلاء البشر ؟ نفس ذلك المذياع الذي وصف الزلزال الذي حدث في مصر أنه غضب من الله وصف ذلك الذي حدث في السودان وبدون خجل أنه امتحان من الله . وصل متوكل الى سوق ارفع سدرك وتابع وصف ذلك الخيبر حتى وصل الى حيث ذلك الباب الذي أمامه اللساتك التلاتة ، طرق الباب .. طرق حتى جاءه ذلك الرجل ،أعطاه متوكل المذكرة التي كتبها ذلك الخبير ، قرأ الرجل المذكرة ونظر الى متوكل مليا ونظر اليه شذرا وقال ــ عارف انو الموضوع ده سري جداً ؟ ــ ــ أيوة جداًــ ــ طيب عايز كم ؟ ــ ــ عايز عشرة ــ ــ لا عشرة كتيرة خمسة وبس ، بعدين القطعة بعشرين دينار ــ ــ يعني ميتين جنيه ــ ــ عليك نور ــ ــ طيب ما في مشكلة ــ كل الأحياء السكنية في العاصمة القومية نتثر الرماد قبل الغروب على عتبات الأبواب وعلى الحوائط أسفلها في شكل شريط من الرماد وذلك لان هناك وحش بستة أرجل ووجه غريب وأيادي اخطبوطية ورأس ذئب وذنب تمساح يتجول داخل العاصمة القومية ، يشاهد في امبدة بينما يكون في نفس الوقت في الدروشاب حتي الاحياء العشوائية تلك التي تختفي فيها الأبواب وعتباتها وتأخذ فيها الحوائط أشكالا من الكرتون والجوالات لم تنس أن تنثر الرماد كي يحيط بمساحتها المتواضعة ، قيل أن الوحش يخاف من رؤية الرماد ، الرماد هو الشيء الوحيد الذي يجعل هذا الوحش بعيدا عن الناس ، سمع أحد أصحاب المزاج عن هذا الوحش الذي يخاف من الرماد فعلق قائلا : هو ده أصلو وحش ولا حماد استنادا على المقولة التي تقول : الرماد كال حماد طبعا الخيل تجقلب والشكر لي حماد . أقسم " عباس الوناس " أنه شاهد فرح ود تكتوك والحنين والخضر وبلة يقفون في صف التأشيرة ، سأله نديم حميم في مجلسه ـ ود تكتوك والخضر والحنين ديل عرفناهم بلة ده منو ؟ رد عليه عباس الوناس قائلا : مش في مثل بقول يحلنا الحل بلة من القيد والمذلة بس بلة ده ذاتو . دخل الرجل الى الداخل وجاء يحمل كيسا في يده ، متوكل أعطاه 1000 جنيه يعني مية دينار ، وقبل أن يعطيه الرجل ذلك الكيس ، نظر إليه شذرا وبعيون تحاول أن تكثف ذلك الحذر ، وقال الرجل ــ متوكل خلي بالك الموضوع ده سري جداً لأنو الرغيف ما بنبيعو لأي زول . " عبد الصبور " تخلص من كل شئ وها هو أخيرا يبحث عن عتلة لدى الجيران كي يهدم حائط منزله الجانبي لجمع الطوب بين ذلك الركام ويتخلص منه لان ألف الطوب قد تجاوز العشرة آلاف دينار ، يعني مية ألف جنيه ، حتما " عبد الصبور " لا يمكنه أن يعيش بلا طعام هو ليس نورانيا . ها قد جاء اوائك الذين يحولون المأتم الى أفراح ، الى أعراس ،جاءوا الي الحي بعرباتهم و هتافاتهم ،لا بأس أنها سيرة عرس الشهيد ،اقتحموا صيوان العزاء ، دخلوا الى داخل المنزل وأخيرا استطاع المذيع التلفزيوني أن يقتلع زغرودة من أم الشهيد تبعها تشنج من الهتافات ، حاجه ـ آمنة ـ لم تستطع أن تزغرد على موت ابنها ولكنها بدلا من ذلك كالت التراب على رأسها الكاشف الأمر الذي جعل المذيع يهرب من أمامها وهي تلاحقه بالشتائم . بدا وجه " عبد القادر " يتحور تدريجيا حتى انه اصبح يشبه وجوه القطط التي أكلها بينما تناثرت في الشوارع لافتات ضخمة مكتوب عليها ، من يملك قوته لا يملك قراره ، أشهر " عبد القادر " ابتسامة قططية الأمر الذي جعله حين دخل بسبب فضول رخيص لا يملك القدرة على تنفيذ حتى التجارة البكماء ، دخل " عبد القادر " السوبر ماركت وحين نظر الى رجل بدين وعمامته تعلن وبشكل واضح عن وضعه الاقتصادي ، كان ذلك الرجل يشتري ويشتري ويشتري بينما " عبد القادر " ينظر إليه وبتلك الذاكرة القططية ويراه ووجه قد تحول الى وجه قط ولكنه أليف برغم ذلك بدأ يستأنس فكرته امام هذا القط الذي أمامه . *********************************************************************************************
هجمة خميس الشرهة
بنات الحلة الصغيرات كنسن الساحة في ذلك العصر الاطفال الصغار بمتعة متناهية تنتمي الي اللعب رشوا رمل تلك الساحة بالماء داخل البيوت كانت النسوة يقمن بتجهيز تفاصيل الافطار الذي سيخرج الي تلك الساحة في الصواني المغطاة بالاطباق الملونة دائما النسوة يتنافسن في افطار يوم الجمعة يوم الجمعة يوم خاص في ايام رمضان لذلك لابد من توسيعة فيه اطباق طعام خاصة في ذلك اليوم مشروبات خاصة تكسر ديمومة مشروب الحلومر و الابري الابيض في الايام العادية . اقتربت الشمس من مغيبها و قد رصت البروش علي تلك الساحة بدأت صواني الطعام تتوافد من داخل البيوت الي الساحة الشيخ عبد التواب كان اول من جلس في الساحة يعترض طريق المارين في الشارع داعيا اياهم للافطار و بالحاح سوداني تلقائي لا علاقة له بالموائد المفتعلة جدا هذه الايام آذن الاذان و بدأت الحلوق تستقبل المشروبات الرمضانية الاصابع تتلقف البلح الملين بالماء و كعادة الشيخ عبد التواب اكل بلحتين و شرب القليل من الماء و نادي في ذلك الجمع و كأنه يحاول التخلص من عبء الامامة الصلاه يا اخوانا وهم الجميع ابعدت صواني المشروبات ووضعت بجانب صواني الاكل المتنوع و الشهي في ذلك اليوم الجمعة رصت كل الصواني خلف البروش و اقام محمدين الصلاة بصوت قوي . اثناء اصطفاف الجمع و حين كبر الشيخ عبد التواب التكبيرة الاولي كان خميس قد اقترب من تلك الساحة بعد ان خرج من مخبئه خلف صريف بيت صلحة الدلالية خميس عادة ما يداهم موائد الافطار في رمضان و يداهم ملمات العوازيم بمناسباتها المختلفة كان خميس ابله لا يؤاخذ علي افعاله و هي افعال ادمنت اقتحام العزائم لان به شرها مجنونا للطعام يستطيع خميس ان يقضي علي عزومة كاملة تكفيلاكثر من عشرين شخصا المهم اقترب خميس من صواني الطعام و المشروبات و المصلون كانوا ينحنون للسجدة الاولي من صلاة المغرب القريبون من تلك الصواني الموضوعة خلف البروش احسوا باقتراب خميس هكذا كان الوضع خميس خلف المصلين و امامه الصواني متاحة خميس يقترب اولا من الصواني التي بها ال مشروبات الرمضانية يرفع غطاء كورة و يصيح بانفعال كركدي لا اله الا الله و يسمع المصلون حركة مشروب الكركدي و هو يمر بحلق خميس بقرطعة عالية الشيخ عبد التواب يحس بمداهمة خميس و يرفع صوته عاليا بالتكبير و محمدين يكرر ذلك بصوت اعلي و كأنه يحاول بذلك ايقاف فعل خميس خميس يرفع غطاء سلطانية و يصيح فرحا قمر دين لا اله الا الله و يعلو صوت الشيخ عبد التواب بالتكبيرمتماهيا مع محاولة ابعاد خميس و يعلو بدرجة اعلي صوت محمدين مقيم الصلاة و هي محاولة ايضا لابعاد خميس عن الصواني و لكن علي طريقة اياك اعني يا جارة قدو قدو لا اله الا الله المصلين يتململ منهم من يتململ برية داخلية تحاول ادعاء الخشوع خميس ينتقل الي صواني الطعام يرفع طبقا عن صينية و يصيح متهللا لحمه محمره لا اله الا الله و يتداخل صوت الشيخ عبد التواب العالي اكثر من اللازم وهو يقرأ سورة صغيرة من القران مع صوت مضغ خميس النهم حمام محشي لا اله الا الله محمدين يهدد بصوته خميس و هو يقول سمع الله لمن حمده كمونية لا اله الا الله الصلاة تضطرب و الخشوع بهتز بهذا المهدد الخطير باميه مفروكة لا اله الا الله احدهم في الصف الاخير لا يملك الا ان يلتفت ليري خميس و هو يشرب ملاح البامية بطريقة غريبة و يرجع الي صلاته خائفا من فضيحة انفلات خشوعه جداده محمره لا اله الا الله و هنا لم يحتمل الامام الشيخ عبد التواب هجمة خميس الشرسة و الشرهة علي صواني الطعام و بعد ان فقد خشوعه ما كان منه الا ان قطع الصلاة صائحا ما ما معقول يا خميس و هجم بقية المصلين علي خميس الذي فر و هويحمل بين يديه صحن فته كبير مزينا بالارز و اللحوم و كان يضحك بطريقة غريبة و بغضب جائع قال نور العين الترزي للشيخ عبد التواب يا شيخ عبد التواب تاني ناكل اول حتي نصلي و هكذا تغيرت طريقة الشيخ عبد التواب في اداء صلاة المغرب في رمضان و ذلك خوفا من هجمة خميس الشرهة **************************************************************************************** حبوبه شان تونغ
ارفع رجلي علي سياج البلكونة ، لحسن حظي ان العمارة التي اسكن فيها تطل علي حدائق فسيحة ، ارفع رجلي علي سياج البلكونة الحديدي و احاول تفريغ ذهني ، احتاج الان الي ذهن خال تماما هذا المساء ، مساء يبدو لي محايدا ، اعزو ذلك لخلوه من نديم صديق او برنامج قراءة او محاولات شحذ الخيال لكتابة نص قصصي ، مساء خاليا من كل هذا ، هل تراني ساجده ؟ ، مساء محايد ، هل سيتوفر لي مساءمن هذا النوع ، اتذكر ان لي عيونا زجاجية تقرب لي ماهو بعيد و تجعلني اكثر تركيزا في الرؤية ، انزل رجلاي من علي السياج ، ادخل الي الغرفة و اضع العيون الزجاجيةعلي عيني ، اعود الي البلكونة ، ارفع رجلاي علي ، هل هذ هو الوضع المريح لاسترخائي وبذهن خالي ؟ ، يخيل ي ذلك او هكذا اظن ، الان بدأت اضواء الشوارع البعيدة تفقد اهتزازها و شحوبها و كأني استطيع ان اتحسس خطوات الليل و هي تخطو نحو الكثافة ، هكذا ، برنامج يتعدي التحديق في كل شئ و في لاشئ ، ضجة حسن و داليا ومصطفي اتغاضي عنها وازعم انها لا تزعجني ، احدق في السيارات الماره بالشارع الذي يفصل الحدائق الفسيحة عن العمارة التي اسكنها ، عربات انيقة تركن بالقرب مني او بتحديداكثر تحتي ، شباب من الجنسين يهربون من الاضواء الكاشفة و يمارسون نوع من الانفلات ، يلوذون بالعتمة ، عتمة ذلك الشارع ، تنبعث موسيقي صاخبة حين يفتحون ابواب سياراتهم و ينزلون منها و يستندون عليها و هم وقوف ، بعضهم يلعبون بسياراتهم في هذا الشارع محاولين تقليد مطاردات السيارات في الافلام . اهرب بهذاالتحديق من تلك الثلاجة التي تعطلت ، من الغسالة التي شاركت الثلاجة في العطل ، من هم ايجار الشهر القادم ، من تبعات مصروفات المدارس التي علي الابواب، من هموم اعادة التوطين ، من مشاريع في لكتابة ، من ديون البقالة التي تراكمت ، من طقوس وداع المهاجرين الي امريكاو كندا واستراليا ، مني و من ذلك الشجن الذي يحرض حنيني ، اهرب بهذا التحديق من كل شئ يخصني و يدفع بي الي نوع م تلك العلائق المتعبة بين تفاصيل الحاضر اللزج و انسجة الذاكرة والتذكر . اتابع اشاات السيارات الحمراء في ذلك المتصل بشارع الطيران ، كتيبة من الكلاب الضالة تتناثر بنباحها علي تلك الحدائق عابرة اياها الي الشارع الذي تحتي ، ثلاثةمن رجال الشرطة بزيهم الابيض يخترقون سهوي و تحديقي بلكنتهم الصعيدية ، يعبرون دائما هذا الشارع ، يذهبون الي اين ، لا ادري ، و يرجعون الي اين ، لا ادري . لا زالت رجلاي علي سياج البلكونة و احدق بعيوني الزجاجية الحريفة في كل شئ امامي او يمر تحتي ، اذني تلتقط هذا الصوت الاليف ،اليف علي الذاكرة ، صوت الضفادع ، ها هي الضفادع تجادل هذا الليل باوركسترا نقيقها و تجادلني و يعيدني صوتها ذلك الاليف الي اماكن و ازمنة قديمة ، قبل شهور تحالف صوت الضفادع مع اصوات لا املك معها الي احالتي شعوريا الي جبال النوبه، اذ كان يسكن في الشقة المجاورة للشقة التي اسكنها ـ انا لا استطيع ان اسخدم التعبير ـ شقتي ـ و ذلك لمشقة تخص تعقيد التفاصيل ـ كان يسكن جاري ـ كريم ـ من ابناء جبال النوبه ، قرية ام دورين ، يسكن هو واسرته الممتدة من الجده وحتي الابناء ، حدث انهم كانوا يتسامرون ليلا باحدي لهجات جبال النوبه و كانت الضفادع تنثر نقيقها في ذلك الليل وكنت اجلس ساهيا علي نفس البلكونة فاذا بي اسمع هذا التألف الحميم بين هذه الاصوات . اختلطت عندي الازمنةو الامكنة بثاثير درامي من قبل هذا الخليط الاليف من الاصوات علي الذاكرة ، فما كان مني الا ان احس والي درجة الشم بزيفة خريف جبال النوبه المترع واستخرج من ذاكرتي تفاصيل و تفاصيل في الزمان و المكان ، وكنت اتسأل ، هل انا مستهدف بحصار هذه التفاصيل ، ان يكون جيراني من ابناء جبال النوبه ـ هكذا مصادفة ـ علي شارع صغير يسمي ـ الصداقة ـ في منطقة ـ حسب الرسول ـ و في مدينة نصر بالقاهرة ـ لا اعرف من هو عبد الرسول هذا ـ و ان تختلط اصوات الضفادع باصوات سمرهم ذات الطقس العفوي الخاص . ها هي اصوات الضفادع الان تنتشلني ن رغبتي في التحديق المبعثر و تعيدني الي شجن خاص كنت احاول الهروب منه ، تتململ مني الدواخل محرضة علي التأمل ، ذلك التأمل المتعب في التفاصيل ، اعيد عيوني الزجاجية الي الحقيبة الجلدية الصغيرة و اضعها فوق الدولاب داخل الغرفة اتناول كتاب الهلال الذي اصدر هذا الشهر رواية ـ مالون يموت ـ لكاتب ـ انتظار جودو ـ صموئيل بيكيت وارجع الي جلستي علي البلكونة و حين هممت بالقراءة رن جرس الباب ، هاهم اطفالي يركضون نحو الباب ،يتسابقون لفتحه ، قبل ان اعرف من هو القادم جاءني مصطفي اصغر ابنائي مهرولا و مقررا ان يسبق الاخرين في تبليغ النبأ ــ بابا بابا ، حبوبه شان تونغ جات حبوبه شان تونغ امراة صينية عجوز سكنت في الشقةالمجاورة ـ شقة كريم الذي هاجر هو واسرته الي امريكاـ ويعيد مصطفي تبليغي مرة اخري و هو يلفتني بيديه الصغيرتين محركا وجهي تجاه وجهه الضاج بالفرح ــ بابا ، حبوبه شان تونغ جات .
************************************************************************************** ابرة حين زغردت البقيع زغرودتها الاولي ،هي زغردت ثلاث مرات ، الاولي مشروخة و مرتجفة بعض الشئ لكنها كانت مسموعة لدرجة ان شوارع الحلة و ازقتها امتلأت بالنساء المهرولات صوب بيت البقيع بالقرب من الدونكي و حين دخلت البقيع في زغرودتها الثانية هرب زوجها عبدالعزيز الي داخل الغرفة دون ان يمسح عن اصابعه اثار ملاح الخضرة بينما الجيران القريبين يمارسون تفاصيل فضولهم في الحوش و كانت الطاحونة تنثر الدقيق خارج القفة لان ادم الطحان هرول بين الزغرودة الاولي و الثانية بعد ان لاحظ ان المكان خال من الزبائن ، وحين نظر زوجها من شباك الغرفة كانت البقيع قد تهيأت لزغرودتها الثالثة والاخيرة بينما همست رقية جارتها في اذن كلتوم المشاطة ،، يا اختي ما كان اخير ليها الزار ،، و زغردت البقيع زغرودتها الاخيرة و تمايلت مع الزغرودة الطويلة و المتقطعة بمعيار ما يتناسب مع حركة عنقها الراقصة وصفقت بيديها و قالت ،، راجلي عبد العزيز حيعرس و انا قبلانا ،، و جرت كلتوم المشاطة رقية من يدها متجهة نحو الباب ،، ياختي ها ,نمشي نكمل ليك المشاط ده ،، كان عبد العزيز زوجها داخل الغرفة يتابع تفاصيل خروج كل هولاء البشر الذين جمعتهم البقيع بالزغاريد من خلال الشباك منتظرا ان يخلو الحوش من كل الحلة كي يفكر في موضوع اخر و كانت البقيع توزع ابتساماتها علي الجميع و قد تم ترتيب جلسة قهوة تحت الراكوبة و اطفال يتراكضون في الحوش و سماسرة السوق بضجتهم العالية حول الربح و الخسارة ، بطة الجيران و معها صغارها تستبيح طشت الغسيل قرب الحمام ، شلة من الشباب يتلصصون علي اجساد النساء ، لعبة بلي يتحلق حولها عدد من الصبية ، كديسة ناس حسين تحاول اصطياد عصافير ودابرق من عشها في تفاصيل ما قبل المغرب ، جمع من الفتيات يلعبن نط الحبل ، عبدالله الحلاق يستمتع بذقن الحاج هارون تحت شجرة النيم ، الدومة بائع الاقاشي في غلاط ومغالطة مع سميرالحلبي بينما يحاول تيه فض النزاع ، الضي كاتب الدونكي في عالم من النظرات و الابتسامات مع خديجة البقارية ، اتيم قاك يسرب خطاب عشق ملتهب بعد ان دسه بين اصابع كاكا التي عادت اليه بعد قليل لتقذف امامه علي الارض بخاتم علي شكل قلبين ، آدم خجيجة يشعل ضحكات النساء و هو يتوسط جلسة القهوة بحرفة واضحة بالتظاهر بالانوثة ، البقيع تصر ان تودع كل الحلة حتي الباب ذاهبة راجعة راجعة ذاهبة و ابتسامتها تحاول ان تؤكد معني القبول ، تضايق عبد العزيز حين رأي بريمه بائع الطايوق و الكرشة مخمورا يتلذذ بالتفاصيل و قرر ان يخرج من الغرفة حين رأي الحاج هارون بائع البصل و البهارات و مؤذن الجامع و قد هئي له مرقد مريح علي عنقريب مفرش تحت شجرة النيم مع مده سريعا بالخدمات و البقيع انضمت الي جلسة القهوة تحت الراكوبة و اشتعل في المكان نقاش انثوي حميم و متألف قادته البقيع مؤكدة علي ضرورة الانجاب وان الدنيا بدون اطفال لاتحتمل تؤكد ذلك بين فترة و اخري و هي تضرب بالهاون علي الفندك تؤكد قبولها لزواج زوجها لانها هي العقيم و كان عبد العزيز وقتها قد تسلل الي الخارج دون ان يحس به احد . ،، يوم داك تخلي لينا بيتك و تمشي ،، داهمه حاج هارون بعد يومين من ذلك الحدث الزعرودة ، همس عبد العزيز لنفسه ـ فتاح يا عليم رزاق ياكريم ـ ،، ما قلت ما في داعي الزول يظهر و كده ،، و تحرك عبد العزيز بهمة مفتعلة و خرج من داخل الدكان و هو يحمل صندوق خشبي ليضعه امام حاج هارون الذي جلس بعد ان تجشأ و هو يمضغ القورو الذي يبين لونه البرتقالي في شفتيه واسنانه و يمكنك ملاحظة ان الحاج هارون يملك في هذه اللحظة لسانا برتقاليا و تخرج الكلمات من فمه في ذات اللحظة التي يمضغ فيها ،، يا هو رجيناك بالعشاء و بعد داك قلنا نمشو ،، احضر عبد العزيز صندوقا ليجلس عليه بنصف مواجهة مع حاج هارون ، ساد الصمت فترة طويلة احتلها صوت مضغ الحاج هارون مع همسات داخلية لعبد العزيز يلعن فيها هذا الصباح النحس و خرجت جملة بين المضغ ،، اها يعني نويتو علي شنو ؟ ،، ،، والله ياحاج هارون البقيع مره ممتازة و ذات خلق لكن كمان انا عايز الجنا ،، ،، اي نعم ،، ،، اها و هي قبلانا ،، ،، نعم نعم هي قبلانا ،، ،، وانا ما بعمل حاجه خارج الشرع ،، ،، اي نعم صدقت ، المال و البنون زينة الحياة الدنيا ، يعني خلاص نويت ؟ ،، ،، انشا الله ،، ،، يعني نقيت ،، ،، والله لسه في مشاورات ،، ،، ما هي يعني بنيه من الحله ،، و قبل ان يرد عبد العزيز ظهر الاستاذ صابر المدرس بمدرسة الحلة فدخل معه عبد العزيز الي الداخل بعد ان اكتفي الاستاذ صابر بان يلقي بالسلام الذي رد عليه الحاج هارون بحياد ،، و رحمتو و بركاتو ،، الاستاذ صابر و علي عجلة من امره تناول سيجائر بحاري ليترك عبد العزيز يقيد تمنه علي الدفتر و خرج مسرعا خوفا من مداهمة حاج هارون الثرثارة و استطاع ان يتفادي جملة ذات تجشأماضغ ،، متين اجتماع مجلس اباء ،، ،، بكره ،، وحين التفت الحاج هارون ليتابع الاستاذ وجده سريعا ما انحرف نحو الزقاق . عبد العزيز يحاول التظاهر بالكتابة علي الدفتر و ظهره في اتجاه الحاج هارون ليوحي له بانه مشغول و لكن الحاج هارون كان قد تحرك من مكانه و انضم الي وقفته تلك داخل الدكان و احس عبد العزيز بصوت المضغ قريبا من اذنه ،، انت مش داير حنان بت رحمه ؟ ،، ،، ايوه , انت عرفت كيف ؟ ،، ،، فوق كل ذي علم عليم , ما كلمتني القبلانا ،، و خرج الحاج هارون من داخل الدكان بينما عبد العزيز يتشاغل بترتيب الرفوف و قبل ان يصل الحاج هارون باب الدكان التفت اليه قائلا ،، خلاص نتغدو الليلة معاك و نشوف ،، اخرج عبد العزيز الحقة و كشح علي فمه سفة الصباح التي اضاعها الحاج هارون بمداهمته المبكرة و خرج من الداخل و جلس علي الصندوق منتظرا ان يمر ودامروابة بائع الشاي المتجول . من ذلك اليوم الذي اشهرت فيه البقيع قبولها بزواج زوجها اصبحت الحلة تناديها بلقب القبلانا ، في البداية كانت الحلة تناديها بالبقيع القبلانا و رويدا رويد اصبح اسم القبلانا يكفي تماما لتحمل عبء شخصيتها . في ذلك العصر الذي زغردت فيه البقيع تلك الثلاث زغودات كانت قد عبرت العشر سنوات و بضعة اشهر و هي زوجة لعبد العزيز و لم تستطع هذه المدة ان تمنحها الولد و كانت قد جربت كل الوسائل و الطرق المحتملة لتبديل عقمها الي خصوبة حتي الوسائل الحديثة من فحوصات و اطباء لم تفعل شئ سوي تاكيد انها العاقر و ليس زوجها و كان ذلك في عامها الثامن من الزواج و كانت قد جربت قبل ذلك كل شئ ، شربت لبن الحمير بفتوي من الفكي نورين كلفتها عدة زيارات الي الحلة المجاورة ، كانت حفلات الزار تخصها البقيع بتلك القدرات الفنية العالية في الرقص و الرقص الحر المنفلت و البقيع فارعة و ممشوقة كسهم و كان قياس عمرها يرتبك لدي الذين يشاهدونها لاول مرة فيظنون انها في العشرين بينما هي قد تعدت الاربعين بقليل ، اختلطت الدروب علي البقيع كي توصلها خصوبتها ، كانت تقاتل العقم و هي تستحم بجردل من المحاية و تغسل مكامن انوثتها بتعوذتين من مختارات الحاج هارون ، ركبت البقيع اللواري نحو الصعيد كي تدخل كركور في جبل كي يذبح امامها تيس اسود بغرة بيضاء كي تشرب من دمه بينما الشيخة العجوز صاحبة الكركور تستعد لدلك جسدها بخلطة من الاعشاب و في السافل كويت بالنار في مناطق غريبة من جسمها مثل كيها في الابطين . وفي غمرة بحثها عن خصوبتها لم تنس البقيع ان تتولي ردود افعال عبد العزيز بل انها كانت ان سقته الشاي مع اضافة قطرتين من زجاجة عطر صغيرة قال حاج هارون ان بها عطر سحري من بلاد شمهروش و حين سألته البقع عن من هو شمهروش قال انه صاحبي من الجان المسلم و احيانا كانت تلقم الشاي علي المحاية كما اوصتها كلتوم المشاطة و تولت البقيع مظاهر قلق عبد العزيز بنوع من الحنية وجميل التعامل . كانت البقيع حين تخرج لكنتين الحلة لشراء حوائجها تتابعها العيون المتلصصة و البعض يلوذ بانفه ليشم رائحة الكبريت المنسربة مع النسمة ، كانت البقيع جميلة و لكنها تحس بانها ناقصة و عقيمة لا تملك ان تعطي الحياة لطفل و لكنها توحي بالحياة . قال عبد العزيز بعد ان تمت اجراءات اتفاقه مع رحمة الله النجار و بعد ان تم تحديد موعد زواجه من حنان رحمة الله ،، انا قلت يا البقيع ما نعمل حفلة،، ،، ليه مالك ما بتعمل حفلة ، تعملها و انا ارقص ليك كمان ،، ،، لا ما بس .... ،، ،، بعدين البنيه ذنبها شنو ؟ يا اخوي يا دوبك عشرين سنه و دايره تفرح بي عرسها ،، ،، ما شكلها كدي يا البقيع ما ..... ،، ،، هي يا عزو ابعد لي انت من العرس ده ، بس استلم مرتك و انا الباقي بجيهو ،، و جيهت البقيع حفلة زواج زوجها و رقصت حد الانتشاء ولم تنس ان تلاحق تحركات زوجها بزغاريد و زغاريد ، رقصت علي السباتة رقصة الرقبة مع عروس زوجها التي لم تستطع ان تجاريها في رقصها المنساب فهرولت من السباتة وسط استمتاع جمهور الحفل برقص القبلانا و تمايلات قوامها الرشيق و اغماضة عينيها و هي تروض الايقاع بعنقها و الوجه الاسمر الجميل يحتفي بمسيرتين كترميز لشعرها الغزير و الطويل . حين انتهي الحفل احست البقيع بانها وحيدة و ان البيت فارغ و خالي من عبد العزيز الذي ذهب الي دخلته علي زوجته الجديدة و داخل غرفتها في الساعات الاولي من الصباح كانت البقيع تحاول التألف مع بكاء عميق و متهدج . في ليلة خريفية و القمر يمارس تسلله خلف و بين السحب و اصوات الضفادع في طقس الخصوبة الاحتفالي كانت البقيع قد جلست علي الارض و ظهرها علي حائط غرفة زوجهاو ضرتها حنان و الشباك فوق رأسها تماما والليل قد دخل الي منتصفه بزيفة باردة و كلما تعالت الهمسات من داخل الغرفة كانت البقيع تقف و تحاول ان تري بدلا ان تسمع و تتهاوي باعياء حين تنخفض الهمسات و يلفح وجهها الباكي شعاع من القمر و تختفي البقيع خلف الحائط الاخر الخلفي للغرفة حين خرج عبد العزيز و هو يحمل معه الابريق متجها الي الادبخانة ، كانت البقيع تختفي خلف الغرفة و انفاسها تلهث من الخلعة ، تحس بوخز الحائط علي ظهرها من شدة ما التصقت به و سمعت عبد العزيز يدندن باغنية و هو يخرج من الادبخانة ، مدت رأسها قليلا بجانب الحائط لتلاحظ انه يرتدي عراقي خفيف و ضوء القمر اكد انه لا يلبس لباس داخلي و حين اختفي عبد العزيز عن زاوية نظرها قبعت البقيع في مكانها لانها توقعت ان تخرج حنان الي الادبخانة و قد كان ان خرجت بعد ثوان من دخول عبد العزيز ، تتابع البقيع من خلف ذلك الحائط حنان و هي تتهادي في غلالة شفيفة تمتص و تعكس احيانا ضوء القمر تذكرت انها كانت قد اختارت لها فستان النوم هذا حين جهزت مع عزيز الشيلة ، تتنهد البقيع و تجلس باسترخاء متوتر علي الارض منتظرة نوبة جديدة من تلك الهمسات . البقيع القبلانا تستقبل وفود الحلة المهنئة بتوقع مولود لزوجها و حنان بابتسامة واضحة و معلنة بل ان حنان تركت لها هذه المراسم لترقد باسترخاء كاميرة علي عنقريب المخرطة المفرش بالقرمصيص تحت الراكوبة و قد بدأت الاستعدادت لجلسة قهوة و جاء الحاج هارون قبل الغداء بقليل و جلس كما دائما تحت شجرة النيم لتصله المشروبات الباردة كمشهيات لغداء لن يشاركه فيه حتما عبد العزيز صاحب البيت . تابعت البقيع القبلانة مراحل حنان الحبلي بعناية مكثفة فكانت تطبخ و تنظف و تقش الحوش و تغسل ملابس زوجها و ملابس زوجته و كانت سرعان ما تستجيب لطلبات الوحم من حنان و كانت تؤانس حنان في القيلولة و هي تفصل ملابس المولود القادم من قماش ساكوبيس ابيض و تستمر تحيك بالابرة الخيوط و حنان تدخل منطقة نومها و تبقي البقيع تخيط بالابرة علي قطعة القماش الابيض الصغيرة في يدها و حين حدقت مرة في وجه حنان النائم المطمئن و خزتها الابرة في اصبعها فخرجت من الراكوبة . البقيع القبلانا توزع ابتساماتها و ضحكاتها الصاخبة علي الجميع في يوم السماية ، كانت الحلة كلها في حوش البقيع و اتحفت عفاف الغنايه تلك الظهيرة بغناء عذب و منفلت علي الدلوكة و رقصت القبلانا كما لم ترقص من قبل و كان ادم خجيجه قد كشف و رجف و اخذ الدلوكة من عفاف الغنايه ليدخل الجميع في رقص جنوني وهستيري قادته القبلانا و كان الرجال في الديوان وخارجه يتناثرون علي الجانب الاخر من الحوش و قد يتجرأ بعضهم يتحلق حول الراكوبة للاستمتاع بالرقص و الغناء و بحرفة مدربة كان الحاج هارون يجلس باسترخاء علي العنقريب تحت شجرة النيم في المنطقة الوسط بين تجمع النساء و تجمع الرجال و استطاع ان يطرد بعض الاطفال الذين حاولوا مزاحمته علي ظل النيمة ليلعبون صفرجت و كان وقتها يلتهم بنشوة صحن كبير من المرارة كاستعداد للغداء . حين كانت الراكوبة تضج بالصخب و دخل الغناء النسائي مراحله الحرة الي درجة الارتجال كان عثمان المولود الجديد يصرخ بشدة و كانت البقيع قد تخلت عن رقصتها لتنبه حنان لبكاء الطفل و من ثم عادت لرقصتها و ادم خجيجه يتابع حركات جسدها مستنطقا الدلوكة . عثمان يصرخ و يصرخ ، صرخات حادة و يتلقفه عبد العزيز كي يسكت ،ارتبك الاحتفال ، استيقظ الحاج هارون من غفوته المتخمة ، الطفل يصرخ و يصرخ ، تهدهده امه لايسكت ، البقيع حاولت اسكاته لا فائدة ، ارقدوه علي بطنه ليتجشأ اللبن و لا فائدة و اخيرا تشنج و صمت فجأة و فارق الحياة بين يدي امه ، مات عثمان في يوم سمايته بهذه الطريقة الغريبة و المفاجئة حين كان الناس يحاولون امتصاص هذا الموت المفاجئ و الفجائي ، يدخلون ويخرجون و حنان تحتضن ابنها الميت بعنف بينما يحاول البعض اخذ الطفل ولكنها تتشبث به و كأنها تحاول ان تعيد اليه الحياة و لا تملك الا بكاءها المتشنج المتواصل و عبد العزيز صامت كتمثال و البقيع لا تعرف السكون تتحرك هنا هناك بلا هدف ،تدخل و تخرج من غرفتها ، تدور في الحوش ، ترجع لتدخل مرة اخري و اختفت فجأة داخل المطبخ وماهي الا دقائق حتي سمع الناس صرخة حادة و طويلة و حين تبينوا مصدر الصرخة وجدوا البقيع تقف امام باب المطبخ و قد اشعلت النار علي جسدها و كانت تصرخ وقد بدأت تركض ي الحوش ، تركض مشتعلة، ركضها يزيد النار اشتعالا ، تركض متحدة مع النار و كان البعض يركض وراءها ، يحاولون الامساك بها كي يغطونها بالهدوم و الملاءات و كانت النيران قد تمكنت من شعرها الممشط الغزير و حين دمدموها بالملابس كانت البقيع القبلانا قد اشتعلت حتي الموت . قبل موت عثمان و قبل اشتعالها كانت البقيع قد تركت حضورها الراقص و ابتسامها الواضحة و ضحكتها المميزة في تفاصيل ذلك الاحتفال و تسللت الي غرفة حنان و عبد العزيز حيث يرقد عثمان المحتفي به ، جلست بقربه علي السرير ، اخرجت من بين شعرها الممشط ابرة ، وقفت لتغلق الباب ، عادت لجلستها علي السرير و هي تمسك الابرة في يدها اليمني و تتحسس رأس الطفل باليد اليسري ، غرست الابرة في الرأس اللين ، غرستها كلها بحيث اختفت داخل الرأس تماما و لم تنس ان تكتم علي صوت الطفل ، فتحت الباب ، خرجت كقذيفة لتدور حول الجهة الاخري بحيث لا يراها احد و عادت البقيع القبلانا الي حلقة الرقص و كانت ترقص بصخب و بابتسامة واضحة . ************************************************************************************** حارس الهذيان هانذا اطل علي مدينة هاملتون من الغرفة 12 في الطابق السادس في الجناح الغربي بمستشفي ماكماستر التعليمي ، احس ان الصباح يسرب تفاصيله ببطء علي المدينة التي غمرها الضباب ، والمريض الذي احرسه ـ دونسكي جرجوري ـ نائم و به من هواجسه هذيان و همهمات وآنات ، اقف امام النافذة من ضجر بي فقد اكملت وانا في نوبة حراستي هذي المجموعة القصصية للكاتب المصري الراحل عبد الحكيم قاسم ـ ديوان الملحقات ـ و اكملت ايضا رواية الكاتب الايرلندي جيمس جويس ـ صورة الفنان في شبابه ـ النسخة الانجليزية ـ التي كنت قد بدأت قراءتها قبل ايام في ورديات حراسة ليلية سابقة واكملت و بتداعي متنوع حالات سرحاني و تجولاتي في الذاكرة و عنادي الوظيفي المكتسب ضد النعاس ، واثناء كل ذلك اسجل علي ورقة التقرير حالة المريض ـ دونسكي جرجوري ـ الذي نجا من محاولة انتحار بقذف نفسه من شاهق و كانت النتيجة كسور في القدمين و اليد اليسري و اصابة خطيرة في السلسلة الفقرية ، حاولت ان اعرف لماذا فعل ذلك ولكنه قال لي وبحرقة واضحة انه غبي لانه اختار طريقة غبية لانهاءحياته انظر الي ساعتي ، انها الثالثة و دقيقتين ، ها هي هاملتون تتهيأ لصباح غائم وبه برودة بداية الشتاء الكندي و اكون قد قضيت ثلاث ساعات من ورديتي التي تمتد الي الثانيةعشر من ظهر اليوم و قد كانت بدأت في الثانيةعشر ليلا ، زمن طويل وكثيف و ممتد امامي ، وعلي ان ابحث عن ما يشغلني غير كتابة التقرير و متابعة مريضي الذي احرس الان هذيانه ، انظر الي وجهه ، اراه يبتسم ، اتحرك من النافذة ، واجلس علي الكرسي القريب من سرير المريض ، اتناول ورقة التقرير وقبل ان اسجل انه نائم نظرت الي وجهه فوجدت تلك الابتسامة قد تحولت الي تجهم ، بعد ان سجلت ان مريضي نائم فتحت حقيبتي التي تسع بداخلها الكثير من التفاصيل علني اجد ما يشغلني ، وجدت مفكرتي للعام 1998 التي كنت قد حملتها معي قبل ايام دون ان انفذ غرضي نها و هو البحث عن يوم محدد من ايامي في القاهرة ، وحين شرعت في تقليب صفحات المفكرة سقطت منها ورقة جريدة مطبقة بعناية ، التقطتها من ارضية الغرفة اللامعة و فردتها فوجدت انها الصفحة الاولي من جريدة الخرطوم التي كانت تصدرمن القاهرة ، العدد 1885 ليوم الخميس 20 ـ 8 ـ 1998 و حاولت ان اتذكر لماذا احتفظت بها مطبقة داخل المفكرة دون جدوي ، علي كل ساشغل نفسي بها هاربا من كثافةو بطء زمن الوردية ، نظرت الي وجه مريضي النائم فوجدته محايدا هذه المرة فشرعت في قراءة الصفحة ــ وزراء سابقون ـ 70 وزيرا يتجمهرون امام وزارة المالية يطالبون بفوائد ما بعد الخدمة وافاد بعضهم علي مدخل الوزارة ان وزارة المالية قد تأخرت في سداد المبالغ المصدقة لهم رغم اكتمال الاجراءات من جهات الاختصاص في رئاسة الجمهورية ديوان الحكم الاتحادي ، محافظة النهود تعلن انها تتوقع بحلول منتف اكتوبر القادم ان تحدث وفيات كثيرة بمحلية ريفي النهود بسبب المجاعة الناجمة عن الفر اضافة لظهور بعض الامراض الوبائية وامراض سوء التغذية في هذه الفترة و ان المواطنين ان لم يجدوا الاغاثة خلال شهر اغسطس الجاري فانهم سيخرجون دائرة الانتاج وتصبح كل المحلية عالة علي المجتمع وهناك دراسة اعدتها محلية ريفي النهود عن المجاعة تقول ان اسبابها ناجمة عن الفقر و ليس ندرة الحبوب الغذائية حيث بدأت المعاناة الحقيقية عندما وصل 50 في المائة من مواطني المحلية الي مرحلة الفقر المدقع في مايو الماضي مما اضطر الاهالي لاكل ثمار المخيط و هي ثمار شديدة المرارة حيث يقومون بغمر هذه الثمار لمدة 3 ايامفي الماء و تجفف ثم تطحن و تطهي بعد ذلك و اعلنت الدراسة ان هذه الثمار ذاتها نفدت بنهاية يوليو الماضي ــ يتوجع دونسكي جرجوري بآهة عميقة ، اقف بعد ان لاحظت انني كنت كنت قد وضعت خطا بقلم احمر علي كلمة ـ ثمرة المخيط ـ اقف و اقترب من المريض ، لا زال نائما ، اقف امام سريره حتي اتاكد من ضرورة استدعاء الممرض ام لا ، ارجع الي جلستي و اسجل علي التقرير انه نائم وان الامر مستقر ، اصب قهوة من السرميس علي الكوب ، فكرت في ان سبب احتفاظي بهذه الصفحة الاولي من جريدة الخرطوم هو ثمرة المخيط ، اغلق السرميس و ارشف من القهوة و اتابع قراءتي المتجولةعلي صفحة الجريدة ــ احصائية رسمية تكشف ان عدد الذين فصلوا من الخدمة واحيلوا الي مركز فائض العمالة منذ العام1990 وحتي الان بلغ حوالي 2400 عامل بالقطاع العام ، الفان منهم في الفترة من ـ 90 ـ 1994 ، واحيل 70 بالمائة بالغاء وظائفهم واستوعب الثلاثون بالمائة الاخرون في المرافق العامة بالخدمة المدنية و لم تشمل الاحصائية المفصولين للصالح العام الذينتم فصلهم و تسوية حقوقهم بعيدا عن اجراءات تحويلهم الي فائض عمالة . المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات عمال السودان يعلن رفضه لقرار وزير الطرق والاتصالات الهادي بشري بفصل 200 عامل و انتقد المجلس الفردية التي تعامل بها الوزير في اتخاذ مثل هذا القرار دون اشراك الاتحاد في الامر ـ ضحكة ضاخبة تنبعث من احلام دونسكي جرجوري و حين اقف واقترب منه يصمت فجأة و يتجهم منه الوجه ، اعود الي جلستي و اسجل في التقرير انه نائم واعود لقراءة . ـ ــ المياه تغمر اكثر من خمسين محلا تجاريا بسوق ابو حمد و حاصرت محطة مياه ابوحمد مما ادي الي توقف المحطة تماما ، كما غمرت المياه مشروعات زراعية بالمنطقة الي جانب محاصرتها لمشروع خلاوي الفكي علي اثر ارتفاع مناسيب النيل بولاية نهر النيل و اكد نائب مديرادارة الدفاع المدني ان الوضع بمدينة ابي حمد سيئ للغاية و ان قوات الدفاع المدني بادرت بالمساهمة لاحتواء الكارثة وتم ارسال 205 الف جوال فارغ لمجابهة الخطر و عمل الردميات ، الفيضان بمحافظة الدامر يغمر مشروع الكتياب الزراعي وتم ارسال 25 الف جوال من قبل الدفاع المدني ، مصادراخري توضح ان احوال ولاية كسلا مطمئنة بعد انحسار المياه بنهر القاش و معالجة الكسر الذي حدث بالجسر الواقي جنوب غرب القاش ، قوات الدفاع المدني قد تأهبت لمواجهة الموقف بولاية الخرطوم بالمراقبة المستمرة خلال ال24 ساعة في نقاط الارتكاز بكل من توتي والكلاكلات و ابوروف وابو سعد التي زودت بجوالات الخيش و معدات الحفر والردم ، الوالي د. رياك قاي لا يستبعد ان تكون هذه الفيضانات التي غمرت مناطق بور و كنقور و جزء من مناطق نهر البيبور بولاية جونقلي ، لايستبعد ان تكون هذه الفيضانات المفاجئة بسبب الامطار الغزيرة قد ادت الي وفيات وسط المواطنين الذين فقدوا مساكنهم و مواشيهم و قال ان مثل هذه الحالات قد حدثت بالفعل و لكن لم يصلحتي الان رصد حقيقي لاعداد الضحايا ، وكشف الوالي ان الفيضانات ادت الي غمر مطار بور علي مستوي يقارب المتر تحت الماء الامر الذي تسبب في توقف حركة النقل الجوي والاعتماد علي المروحيات التي تدهم بها القياة العسكرية و قال رياك قاي عقب محادثة لاسلكية مع نائبه المقيم ببور ان الاف الاسر قد تضررت بقدانها لمأواها و مواشيها وان الزراعة قد تلفت تماما ووجه الوالي نداء عاجلا للمنظمات الطوعية الوطنية والاجنبية بدعم الموقف في جونقلي موضحا ان المواطن يحتاج الي خيام و ادوية بشرية وبيطرية و غذاء و قال انه .... يدخل الممرض الفلبيني الاصل الي الغرفة يوقظ دونسكي جرجوري كي يعطيه جرعة دواء و انتهز وجوده و اخرج الي دورة المياه القريبة و في طريقي الي هناك يصادفني زميلي الهندي الاصل كي يحل محلي حتي اخذ استراحة لمدة نصف ساعة ، ارجع معه الي الغرفة و اسلمه ورقة التقرير وارتدي الجاكت الثقيل واحمل طاقيتي الصوفية و الحقيبة معي و ادخل صفحة الجريدة داخل المفكرة اخرج الي الحمام و من هناك الي المصعد لاصل الطابق الاول كي اخرج الي المنطقة المخصصة للتدخين ، اجلس علي مقعد خشبي واشعل سيجارتي بعد تناولي لسندوتش فول بالبصل والتوم ،مع كل نفس من السيجارة اتامل حالي ، هانذا اعمل حارس مع شركة امن ، احرس بنايات قيد التشييد و احيانا كاميرات تلفزيونية مثبتة علي شوارع في احتفالية هاملتون وهي تستضيف هذا العام منافسة سباق الدراجات العالمي و مرة احرس مدرسة شيدوك المتوسطة ، واستمتع احيانا وانا احرس مدرجات دار الرياضة اثناءمباريات كرة القدم الامريكية كي امنع الجمهور من التدخين والمسموح له قانونيا باحتساء البيرة و هانذا الان احرس هذيان مريض من اصل اوكراني فاشل في الانتحار ، لا ادري لماذا اخترت ان اعمل ف ورديات ليلية ، لعلي احاول ان ابيع لشركة الامن قدرتي علي السهر الذي علمتني اياه القاهرة ،هانذا ابيع سهري و احرس قبل كل شئ و باستراتيجية حاذقة نفسي من مغبة الجنون والحنين ، اكمل سيجارتي واتشبع بضباب هذا الصباح و ادلف الي داخلالمستشفي وبي رعشة من برد واصل الي غرفةمريضي استلم مهامي من بديلي ، اسجل في التقرير ان دونسكي جرجوري نائما ، واخرج صفحة الجريدة من المفكرة و ادخل في نسيج هذا الفلاش باك الذي داهمني مصادفة ــ وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم محمد الشيخ مدني بصرح ان ان مدارس الاساس في الولاية تعاني نقصا حادا في المعلمين نتيجة للهجرة ، و زاد ان 310 فقط تقدموا لشغل وظائف المعلمين الشاغرة بالولاية و التي تقدر بحوالي 1400 وظيفة ، واوضح الوزير في لقاء بوزارة الثقافة و الاعلام حول استراتجية وزارته ان وزارته استعانت بطلاب الخدمة الالزامية و خريجي الجامعات في تدريس طلاب مرحلة الاساس بالولاية و اشار الي تخوف المحليات من عدم امكانية توفير مرتبات المعلمين و تسربهم ـ اسجل ان دونسكي جرجوري نائم و اقف واتمشي في الغرفة لانفض عني النعاس ، الساعة الان تقترب من الخامسة صباحا . ــ مصادر صحف تعلن ان قوات الشرطة ما زالت ترابط في جامعة الجزيرة تحسبا لاي طارئ قد يحدث بعد الجولة السابقة من المظاهرات و الاحتجاجات الطلابية ، واكد البروفسور محمد علي المجذوب مدير جامعة الجزيرة استقرار الاحوال الامنية بالجامعة بعد ما وصفه بحوادث الشغب التي وقعت الاسبوع الماضي بعد احداث جامعة الخرطوم الاخيرة و زيادة الرسوم الدراسية و قال انه تم اطلاق سراح كل الطلاب الذين تم اعتقالهم مبينا ان الدراسةو الامتحانات تستمر بصورة عادية ، ورفض مدير الجامعة ان يدلي باي معلومات عن التقريرالذي رفعته لجنة تقصي الحقائق في احداث الجامعة التي كونها و تجدر الاشارة الي ان الاشتباكات التي حدثت قد ادت الي اصابة 23 طالبا و 15 طالبة وقد تلقوا العلاج بمستشفي الشرطة بودمدني و اضاف انه تم تعليق موضوع الرس ...... صرخة مدوية ، يستيقظ دونسكي جرجوري مفروعا ، حين اقتربت منه قال لي و بحدة ـ اريد ان اري وجهي . احترت فيما افعل تجاه هذا الطلب ـ قلت لك اريد ان اري وجهي هرعت الي المرض و اخبرته بطلب دونسكي ، ضحك الممرض و جاء معي ، من ركن الغرفة جاء بمنضدة بعجلات وقربها من سرير دونسكي و بحرفة واضحة رفع مستوي ارتفاع المنضدة حتي تناسب ارتفاع السرير بواسطة رافعة مثبتة علي المنضدة تشبه مبراة الاقلام و اخرج مرآة من وسط المنضدة و قربها من وجه دونسكي ، مرت اكثر من ربع الساعة ودونسكي ينظر الي وجهه و بتمهل وانا و الممرض ننتظر النتيجة و فجأة صرخ دونسكي و بصوت باكي و عميق ــ لا ، هذا ليس وجهي و اقترب الممرض منه و بحنو و تهذيب واضح قال ــ لا يا صديقي ، هذا وجهك ــ لا ، لأ ، ليس وجهي ، ليس وجهي ، اريد ان اري وجهي ، هذا ليس وجهي ، ليس وجهي و دخل دونسكي في نوبة بكاء متشنج استدعي ذلك حقنه بمهدئ حتي نام تدريجيا كي اسجل ذلك في التقرير واتابع القراءة في صفحة الجريدة ــ المؤتمر الوطني ، التنظيم الحاكم في السودان يعلن التعبئة العامة كرد فعل مباشر علي اجتماع هيئة التجمع الوطني و صدور اعلان القاهرة و قال بيان صادر من المؤتمر الذي يتولي الدكتور حسن الترابي قيادته ـ ان اعلان التعبئة العامة يجئ لمواجهة التحديات التي تواجه الامة ــ وصلت الي البيت بعد انتهاء ورديتي و تركت دونسكي جرجوري مستمرا في البحث عن وجهه ، لم اجد احدا في البيت ، دخلت علي الانترنت ، لا رسائل جديدة علي الاميل و اثناء تجوالي السريع في الصفحة السودانية صادفني خبر ضحايا حوش البربري ببورتسودان ، 31 فردا يموتون اختناقا لنيل زكاة الفطر ، 10 اطفال ،16 من النساء ، 5 من الرجال ، وها هو وزير الداخلية يترحم علي الاروا الضحايا ويتمني لمصابين ـ46ـ عاجل الشفاء و يدعو اسرة البربري وكل المسئولين للتوسع في اعمال الخير و دعم الفقراء والمحتاجين مع اخذ الحيطة والحذر و عمل التدابير اللازمة في هذا المجال؛؛؛؛؛ خرجت من الانترنت واغلقت الجهاز بعد ان سجلت في مفكرتي هذا الحدث ليوم الاثنين العاشرمن نوفمبر للعام 2003 و صعدت الي الغرفة و قذفت باليونفورم الاسود علي ارضية الغرفة وقذفت بنفسي علي السرير . يدخلني النعاس وادخله بتوتراسمع معه جرس التلفون يرن، يرن ، يرن هناك في البعيد ، يبتعد الصوت ويتحولالي ولولة و عويل و تمتزج اصوات العويل و الولولة بغبار كثيف لان موتي ينهضون من قبورهم ، يتجمهرون امام القصر الجمهوري ، حشد من الهياكل العظمية تحمل لافتات مضيئة تطالب بمتأخرات رواتب تعدت الخمس سنوات ، دونسكي جرجوري معلقا في الهواء ، لا المح وجهه ، بدون وجه يسقط علي فيضان من الدماء ، سيل عنيف من الدماء يهدم بيوت الجالوس والحوانيت والاكشاك و يحتل الشوارع و يصبغ الاشجار بالاحمر القاني و يلطخ وجوه البشر، زحمة من البشر يتخاطفون ثمرة المخيط ، كلهم بلا وجوه ،مكان الوجوه جماجم ولكن بعيون حمراء تبرق من الجوع ، عساكر بهراوات ضخمة يضربون بها اجساد نساء عجفاوات وهن يتزاحمن علي باب حوش البربري ، دونسكي جرجوري يسقط من مبني البنتاغون ، طفل يمضغ ثمرة المخيط و تتساقط من الاسنان ، شيخ بلحية تصل اخمس قديميه بزي راقصة خليعة يتراقص بخلاعة علي انغام نشيد جهادي و بين اقدامه الراقصة جماجم متناثرة وسط ثمار المانجو المتساقطة من اشجارها في جنوب السودان ، اقف خلف مرآة دونسكي جرجوري واري و جهي في هيئة غريبة ، الفم في مكان العيون و الاذن في مكان الانف و الانف علي الجبهة والاسنان في مكان الحنك و وجه دونسكي يختفيو يبين، اقدام جنود تسحق اطفال تحتها، دونسكي طائر في الهواء ، لا اري وجهي في المرآة ، وجوه بلحي كثيفة تهدر بضحك عالي و اقدامهم تبعثر الجماجم و تدوس علي ثمار المانجو ، صقر ينهش جثة طفل، ثمرة المخيط تتضخم وتتبتلع في جوفهااللزج كتل من البشر المح بينهم دونسكي و اراني اسقط من علو شاهق في لزوجة ثمرة المخيط واختنق باللزوجة و احاول الانفلات ، اختنق ، اختنق ، اختنق ، اخت..... و استيقظ مفزوعا، انهض من السرير ، اهرع نحو المرآة ، لا زلت احس بالاختناق اتأكد تماما من وجهي ، اتحسسه جيدا و اتسأل ـ هل استطيع ان احرس هذياني؟؟ ***************************************************************************************** معادلات الكائن السياسي الصعبة
الساعة كانت قد تجاوزت الساعة الحادية عشر ليلا بكثير حين سمعت طرقا علي الباب كنت وقتها استعين علي ارقي بالقراءة حين فتحت الباب جاءني صوت الكائن السياسي عميقا وحميماكايامه تلك الخوالي التي دائما ما يتحدث عنها انا آسف للازعاج لكن ما في طريقة بعدين انا جيت متاخر لقيت العالم دي كلها نامت شباب خامل لا ما في اي ازعاج اتفضل ما انت عارف انا ما بقدر انوم لو ما هرجت في الناس ديل و فشيت غبينتي بالكلام انها معادلات الكائن السياسي الصعبة هو كائن خرج من بين فصول رواية ملحمية و قرر ان يتجول في زمن ضاعت فيه السير و الملاحم و اختلطت فيه الهواجس بالاحلام زمن تكلمت فيه القبور قبر يتكلم في الدخينات و كانت العاصمة المثلثة تنثر الرماد علي عتبات البيوت لان مخلوقا غريبا قد ظهر مخلوق غريب بستة ارجل و وجوه لا تحصي تجرد الرعب و عيون نارية و يملك قدرة ان يجري و يطير و يسبح و قيل انه بسهولة ! يستطيع ان يتسلق الهواء و يمكنه ان يكون في اكثر من مكان في ذات اللحظة قيل انه شوهد في الدروشاب في نفس اللحظة التي كان فيها بحي الشوالات بالقرب من سوق ليبيا في زمن فيه جافت القوانين و التشريعات امزجة الناس بظلومات و ظلمات و تعلق فيه الطموحين من العشاق بالحور العين و ها هو الكائن السياسي بفوز و بعقل تقدمي متفتح بوظيفة غفير لدار حزب الامة بشارع الجميعاب بالقرب من اجزخانة ابن ابي الدنيا تلك المغلقة دائما . انا افخر انو انا اول زول يوصل كتاب ارنست فيشر ضرورة الفن لبلدنا هكذا يقول الكائن السياسي حين يفخر بنفسه و لم يكن الكائن السياسي من خريجي كلية غردون انه رجل عادي كان يعمل نقاشا و اظنه لا زال ولكن تعلم القراءة و الكتابة علي ايدي و عقول مستنيرة و كان كثيرا ما يحكي تفاصيل حميمة عن حركة جماعة ابادماك الفنية و الثقافية . امتلك هذا الرجل حساسية التحليل و القدرة علي وزن الامور اي انه كان لا يد س في المكيال و امتلك مع ذلك مفردات كائن سياسي ضليع في السخرية . انفجرنا ذات ليل ثرثار بالضحك لان الكائن السياسي دخل في تحليل الراهن السياسي مستعينا بنكتة جماعة وضعت ث قتها كلها في تيس فحل فدخلوهو زريبة الغنم يعني الجماعة عايزين الجنا عايزين التيس يعشر الغنم و المسالة دي كانت بالمساء فلما رجعوا الصباح للزريبة لقوا التيس رضع لبن كل الاغنام الوالده وجفف ضروعها وبعد ان يسمح الكائن السياسي للحاضرين ان ياخذوا راحتهم في الضحك يبدأ يمارس تأويله الممتع للنكتة ديل يا شباب يقضوا علي الاخضر واليابس ديل حيوانات سياسية من النوع الطماع كان الكائن السياسي لا يخالط انداده لا يحب الجلوس معهم لا يسامرهم وله اسباب تكتكية لذلك مملين ما عندهم افكار جديدة بعدين بذكروني باليأس انا عايز حيوية انا عايز اعيش و هم بذكروني بالآخرة دخل معي الكائن السياسي الي الداخل جلس علي السرير و قال لي ممكن ربع ساعة بس و لا اقول ليك خليها نص ساعة اخد راحتك انا اساسا مساهر جاءني الكائن السياسي في تلك الليلة لان اهم ما في تصرفاته و التي هي اقرب للحكمة هي حدته تجاه ما يحدث ودعنا مرة في الصباح كي يسافر الي بلده قرية من قري النيل الابيض كي يحضر سماية حفيده من بنته الكبري سافر الكائن السياسي في ذلك الصباح برغبة حقيقية كي يقضي اسبوعا بين اهله و لكنا فؤجئنا به قد عاد في اواخر الليل و السبب في ذلك ان الرئيس قرر ان يزور قريته في نفس يوم السماية فهرب من قريته عائدا وتاركا سماية حفيده كرها في تلك الضجة من الاناشيد الزائفة و الهتافات ذات الهوس المخيف التي تتابع الرئيس اينما ذهب . الكائن السياسي له ذائقة متفردة في تذوق الادب و له اصدقاء في هذا المجال فكان ان اكسبته هذه الصداقة حرفية المقارنات والتأمل فيما وراء النص فكان حين يتحدث عن رواية عرس الزين للطيب صالح تراه يركز علي موقف امام المسجد من الزين مقارنا اياه بموقف الشيخ الحنين امام دكان احد الاصدقاء كنا نجلس ومعنا الكائن السياسي بتعليقاته العذبة حول كل الامور جاء ابو طاقيه سمسار تشاشه بالسوق الشعبي امدرمان كان ابو طاقية قد ادمن اغنيات مصطفي سيد احمد و كان دكان صديقي يتميز بتلك الاغنيات جاء ابو طاقية وهو يغني واقف براك و الهم عصب هكذا عصب بدلا عن عصف فما كان من الكائن السياسي الا ان قال لي شايف الهم عصب اقوي من الهم عصف عليك الله اكتب لي مصطفي ! قول ليهو يغنيها كده واقف براك والهم عصب لانو فعلا الهم عصب كان الكائن السياسي يحاول ان يتذوق حالة كونه غفير لدار حزب الامة بامدرمان الجديدة ايام الديمقراطية الثالثة بعلائق في التضاد ولمقاربات وكان عادة ماتكون الدار خالية و يستانس الكائن السياسي بفكرة كان للمهدي داك ولدا قدل فوق عزه و يخاف من فكرة تلك الوزه و يلوذ ببعض جمل من قصص قديمة للكاتب عبد الله علي ابراهيم و يغني قصيدة محجوب شريف مشتاق كتير والله للجيران و للحله يغنيها علي لحن اغنية اسحاق الحلنقي لمحمد وردي يلا و تعال يلا نهاجر في بلاد الله فقد كان يملك مرجعية تسمح له بهذا الابدال لان اللحن كان في الاول علي كلمات محجوب شريف كان الكائن السياسي الغفير لدار حزب الامة يجادل وضعيته بين الانتماء و الوظيفة و علي منضدة صغيرة بثلاث ارجل تحت لمبة نيون خارج الخدمة كان هنالك كتاب مكفئ هو رواية فرسان الرمال للكاتب البرازيلي جورجي امادو . الكائن السياسي عادة ما يستخدم تلك الجمل الشهيرة باسلوب مميز اشتبك صديقان في مشاجرة من تلك المشاجرات التي تمايز بين جلسة واخري واستعلت حدة احدهم علي الاخر مال الكائن السياسي علي ذلك اشتد عليه الخناق قائلا و بهمس لطيف انحني يا صديقي حتي تمر العاصفة في رمضان الرابع و التسعين من القرن السابق كان الكائن السياسي حريصا علي متابعة مسلسل النوه لاسامه انور عكاشة و محمد فاضل و ذات حلقة و قد كنا كلنا نتحلق حول التلفزيون و فجأة قطع التلفزيون المسلسل لينقل خطاب الرئيس و هو يعلن اعادة تقسيم الولايات قفز الكائن السياسي كالملدوغ و قذف بمركوبه علي عتبة الغرفة و لحق به هاربا وقذف لنا بوداعه دون ان ينظر الينا تصبحوا علي خير وذهب تاركا لبقية الليل مهمة امتصاص تفاصيله و حين سألناه عن ذلك الهروب في الصباح قال ما ما معقول حكومة كاملة تتضاري وراء فردوس عبد الحميد حين كان الكائن السياسي يجرب خلطة الالوان بخربشات من الفرشاة علي الجدار الذي تم طلاه بالبوماستك الابيض كنا شلة من الاصدقاء نساعده كنفير لطلاء غرفة نوم صديق لتتحول الي قفص ذهبي كان الكائن السياسي يتحسس و بمتعة تفاصيل مهنته كنقاش كان يحاول ان يحصل من خلال الخلط علي لون قرمزي وكلما يلطش علي الجدار الابيض بالفرشاة! يسأل العريس المرتقب تفتكر اللون ده رومانسي خالص ومن تجاربه علي اللون كان قد كتب علي طول الحائط الابيض هذه الجملة لا الحاد و لاشيوعية الفانوس حرق القطية وكان هذا الجدار اخر ما تم طلاءه . احد الاصدقاء ادمن و بحرفية عمل شوربة الخضار ليست هي المشكلة ولكن المشكلة انه يسجن كل الحديث داخل الموضوع يعني بستلم المايك وكنا نثور علي ذلك حتي ننتقل الي مواضيع اخري و حين تكررت ثورتنا تلك قذف الكائن السياسي في آذاننا بحكمة نفعية و عملية جدا يا شباب اجروا اضانكم و بعدين انتو حقو تستغلوا الوعي الغذائي الحاد ده بدل ما تقيفوا ضدو مش احسن ليكم من الفول اتكأ الكائن السياسي علي السرير بعد ان اشعل سيجارته و قال لي انت عارف انا ما بقدر انوم لو ما اتكلمت عن الخمج ده انا جيت لقيت الشباب كلو نايم وبعدين كمان انا اتكلم براي مع انو مرات بعملها اها انا قلت اجيك ناخد و ندي مع بعض نشتم مره و نحلل مره عشان عمك يعرف ينوم تخيل ده مش ادمان غريب؟ و تحدث الكائن السياسي في تلك الليلة و افاض و نزع عن نفسه همومه الصغيرة و الكبيرة يشتم احيانا يسخر و ينثر نكاته العميقة و حين احس انه صافي من شوائب الراهن اللزج و المظلم ودعني و خرج و من بعض حديثه في تلك الليلة قال تعرف الشيخ فرح ودتكتوك و سيدنا الخضر و بله قالوا و اقفين في صف التأشيرة فسالته اها فرح ود تكتوك معروف و سيدنا الخضر معروف بس بله ده منو ؟ و ضحك الكائن السياسي ضحكته الهامسة و قال مش الناس بتقول يحلنا الحل بله من القيد و المذله بس بله ده ذاتو في مساء اليوم التالي جاءني الكائن السياسي مبكرا في تفاصيل ما بعد المغرب و خرجنا من سأم بنا الي اخر محطة بالجميعاب كانت المدينة قد قاطعتها الكهرباء و كانت اكشاك المحطة تتباهي باضواء الرتائن وحتي اللمبات الصغيرة امام ستات الشاي لها في الاضواء نصيب و انحزنا الي فكرة ان ندخل الي راكوبة مسورة بالشوالات و الكراتين لنشاهد شريط فيديو لفلم هندي وكان صوت الجنريتر مرغما علي التداخل في النسيج الصوتي للفلم اهم ما في الامر ان الكائن السياسي كان يتابع الجمهور اكثر من الفيلم بل كان يحرضني بهمس متأمر اسمع سيبك من الفيلم الهندي شوف الفيلم السوداني ده وكان يلكزني بكتفه كي الاحظ الجمهور الذي كان يجلس علي بروش و طوب وجلوس كما اتفق و لا اتفق علي الارض و هنالك واقفون واثقون من لياقتهم البد نية وخرجنا من الفيلم سعيدين بانتصار البطل و وثقنا هذا الانتصار بصحن فول مصلح وكانت حافلات امدرمان الجميعاب تقترب من هجعتها الليلية بعد ان منحت المحطة الاخيرة ما يعزز نموها في تفاصيل المدينة والكائن السياسي يشعل سيجارة الطريق الي البيت و يغالط فكرة ترييف المدن و يكاد يدحضها حين يقول بطرب واثق و صوت جهوري نمشي في كل الدروب الواسعة ديك والرواكيب الصغيرة تبقي اكبر من مد ن و بعدها مباشرة يدخل منطقة همسه ياتو حزب ممكن يتحمل المسئولية دي حزب يقوم بالمهمة دي الرواكيب الصغيرة تبقي اكبر من مدن حزب يؤمن بنظرية الدروب الواسعة و يعود مرة اخري الي صوته الواثق الجسور مكان الطلقة عصفورة تغرد حول نافورة و تمازح شفع الروضة و يقذف الكائن السياسي بسيجارته الي البعيد و يزفر زفرة متحسرة استوقفتنا زحمة امام الخيمة التي هي امام المحطة الاخيرة القديمة ذات الاربع اكشاك خيمة العساكر كان اثنان من العساكر احدهم يحمل باقة بلاستيكية بيضاء كانت فيما مضي باقة عصير و الثاني يجرجر شاب يبدو عليه الاحترام الذي ربما كان قد تملص منه لولا ان عكشه العساكر حين اقتربنا كان العساكر دخلا بالشاب داخل الخيمة و حين تفرق الجمع تاركين الشاب لمصيره و بهمة اليفة دخل الكائن السياسي الخيمة و لم املك الا ان ادخل بعده لنجد الشاب المحترم و قد اعيدت اليه الباقة و العساكر يبدو عليهم الود و قد تخلي احدهم عن ضحكته حين لاحظ وجودنا و هب الثاني نحونا قائلا في شنو نظر اليه الكائن السياسي في وجهه و نظر الي الشاب و الي القاطع ضحكته و قذف بسؤال مباشر يعني عملتو تسويه و خرج بنا الشاب قبل ان يرد العساكر علي السؤال و ربت الشاب علي كتف الكائن وهو يحاول ان يخفي الباقة في المنطقة بين القميص وبطنه ونحن خارج الخيمة قائلا ما في مشكلة اتخارجت ولما وصلنا باب البيت كنا لا نملك ان نفارق بعض و الليل به شئ من حتي و بيننا شبكة طويلة اشتعلت حين ذكرت له مقطع من قصيدة للقدال يوثق لترييف المدن كلما امتداد يمتد نبني جواهو كرتونه و زرايب ناس اشعل الكائن السياسي سيجارته و وعد ني بالمجئ بعد نصف ساعة و اكد ذلك و هو يذهب في اتجاه الدار قائلا في كلام كتير و انا لازم ابلع المنوم . ***************************************************************************************** اللافتة صباح لا يراهن إلا على التعاسة ، هكذا كان هذا الصباح بخطوات تحاول أن تجد لها مبرراً من الذهاب في الاتجاه الذي سجنه الملل وافقده التكرار معنى أن يتجدد ، بهذه الخطوات المرغمة جداً على فعل متكرر خرج " يوسف " من المنزل متجهاً إلي حيث يعمل ، على شارع متسع وفي ركن يتميز بحسن تجاري يوجد كشك الجرائد الذي يديره شراكه مع صديق قديم لم يفعل شيئاً سوى أنه تخلى عن جزء من ماله كي يكون " يوسف " سجيناً مثالياً لهذا الكشك الذي أعلن عن نفسه بلافتة متواضعة تقول " مكتبة الأمل " . اكثر ما يغيظ يوسف هو اختياره هذا الاسم . عادة ما يضحك " يوسف " ضحكة مكتومة كل صباح حين يفتح الكشك وتلقائياً تقع نظراته على هذه اللافتة ، يضحك تلك الضحكة المكتومة لانه يتذوق بلسانه حروف كلمة "الأمل" بينما تتذوق دواخله اليائسة تناقضها مع هذا المعنى المشرق ، يفكر " يوسف " في أنه ستتبدل كلمة " الأمل " بكلمة أخرى تعمل على الأقل على نفي هذا العكس وتذوقه الداخلي لمعنى النقيض . لم ينس " يوسف " أن يضحك ضحكته المكتومة تلك وهو يفتح باب الكشك هذا الصباح ، ألقى نظرة عميقة على اللافتة الجديدة التي تقع في زاوية من زوايا الكشك بالداخل ، رتب بعض الترتيبات ، نفض الغبار ، رفع باب الكشك . وثبت عليه القوائم بحيث تسلل الضوء إلي الداخل ، أعاد مرة أخرى نفض الغبار تلك العملية التي فعلها من قبل كعملية سابقة لأوانها مستسلماً إلى مهمته الصباحية المعتادة ، رفع اللافتة الجديدة ونظر إليها ملياً وكأنه يتحسس خروجه المنفلت من سجن ذلك المعنى ، معنى الأمل الذي فقد الرغبة في أن يتالف معه ، ارتاحت نظراته على اللون الأخضر الذى سيطر على اللافتة الجديدة ، أشعل سيجارة " برنجي " اشتراها بـ "150" جنيهاً ، إنها سيجارته الوحيدة خلال اليوم وهذا ليس اقتناعاً بتلك الحكمة الصحية التي تقول أن التدخين ضار جداً بالصحة ولكن لأسباب تتعلق بضيق ذات اليد ، تلك التي فقدت مساماتها روح الاحتفاء بالحياة ، هكذا تخلص " يوسف " من إدمانه الممتع للتدخين واكتفى بسيجارته الصباحية المكلفة جداً ، ومن بين فتحة أنفه يخرج دخان " البر نجي " متمهلاً حذراً من مغبة أن تضيع منه متعته المختزلة كلها في سيجارة واحدة فقط في اليوم ، عادة ما يحس " يوسف " حين يطفئ هذه السيجارة أنه سيواجه صداعه الخاص بالحرمان حتى يأتي صباح جديد بسيجارة جديدة . زحمة قراء الصحف الرياضية على باب الكشك ، عادة ما تتواري الصحف السياسية خجلاً أمام الصحف الرياضية خاصة حين يكون الدوري في حرارة التنافس · " أخبار الرياضة لو سمحت " · " الشبكة من فضلك " · " احجز لي نجوم الرياضة بمر عليك بعدين " · " حوار كاريكا نزل لو سمحت " زحمة لا تفعل في دواخله سوى الغثيان ولا يملك إزائها إلا وضع ابتسامة زائفة على فمه لزوم مواجهة " الزبائن "، من بين زحمة هذا الصباح لمحه " يوسف " بزيه الكاكي على كتفيه علامة تعلن عن رتبة " صول " في البوليس ، وجه وقور تدل ملامحه على تجاوزه الخمسين ، يقف بعيداً عن الزحمة بصرامة عسكرية معروفة ، حاول " يوسف " ان يخصه باحترام خاص : · " أيوة يا حضرة الصول " · " معليش يا بني مش الناس ديل " · " ما في مشكلة ينتظروا " · " أنا عايزك أنت " ورجع " يوسف " إلي زحمة الطلبيات بينما ازدحم عقله بالتساؤلات تلك التي تحاول ان تفسر أن يقف صول في البوليس ويطلب شخصاً بعينه وسط زحمة المشترين في هذا الصباح وان يكون هو ذلك الشخص ، كان يلبي طلبات الزبائن بالية مألوفة ذهنه يمارس شروده الذي يتحد مع الخوف من حالة كونه مطلوبا من البوليس ، تتقاطع أصوات المشترين مع تساؤلات " يوسف " الداخلية · " النجوم لو سمحت " · " يا ربي في مشكلة ولا شنوا ؟ " · " خليك معاي بقولك الكورة " · في زول اشتكاني للبوليس " · يابني آدم بقولك الهدف تديني ألوان ؟ " · " أكون عامل مشكلة وما عارف ؟ " · " خفف يدك يا ابن العم نجوم الرياضة " · " معقول بس ، بوليس عديل كدة " · أنا ما عايز الأنباء ، أديني القون ، القون يا راجل " · " منو الممكن يشتكيني للبوليس ؟ " · " ما تفوتني يا أخوي ، أي الكورة " وتختلط الطلبات ويفقد يوسف " تركيزه والصول لا يزال يقف هناك محرضاً " يوسف على التساؤلات الداخلية التي أورثته هذا الشرود ، ينظر "يوسف " خلسة إلي وقفته العسكرية الصارمة ، ويلاحظ أن الصول يحمل في يده اليمنى ملفاً يعلن عن ضخامته فيزداد شعوره بالخوف من أن يكون ملفا للقضايا ، يحاول " يوسف " مرة أخري أن يخرج حضرة الصول من جمود هذا الانتظار المخيف . · " طلباتك يا حضرة الصول " · " معليش عايزك براك " وتضج دواخل " يوسف " بالخوف ويتصبب منه العرق ، ترتجف أصابعه وهو يناول الزبائن ما يريدون ، يستسلم لفكرة واحدة وهي أنه مطلوب للذهاب إلى القسم ، تعزيه رغبته في معرفة أسباب ذهابه إلي هناك . حين بدأت الزحمة في التلاشي ، لم يبق أمام " يوسف " سوى ثلاثة أشخاص ، حاول يوسف الصول مرة أخرى كي يخرج عن هذا الانتظار المخيف . · " وقفت كثير يا حضرة الصول " · " ما في مشكلة ، أنا عايزك براك " ألان لم يعد هناك أحد أمام الكشك ، نظر " يوسف " إلي حضرة الصول نظرة لم تستطع التخلص عن معان متعددة للخوف والتساؤلات ، اقترب الصول بهدوء نحو " يوسف " حاول أن يتكلم لاذ بصمت مريب لبرهة قليلة " يوسف " يتكثف الخوف في دواخله كنتيجة حتمية لهذا الصمت ، الصول ينظر إلى " يوسف " وتتراجع نظراته عنه بطريقة غريبة . · " أبوة طلباتك يا حضرة الصول " · " معليش يا أبني بس " · " ما في مشكلة . عايز حاجة " · " بس الحقيقة يا أبني أنا " · " عايزني في القسم ولا حاجة " · " لا أبدا .. بس لو سمحت يعني . لو ممكن بس .. أنا عايز .. معليش ب أنت عارف الظروف .. أنا يعني .. عايز .. آسف للإزعاج يا ابني ، لكن .. أنا .. محتاج .. بس معليش أوع أكون أزعجتك ؟ " · " ما في إزعاج أبدا ما في إزعاج " · " شكرا يا أبني . الحقيقة أنا انقطعت وعايز لو ممكن يعني .. ألف جنيه " · " جداً ما في مشكلة " ببقية ارتجاف في اليدين ناول "يوسف " حضرة الصول ورقة من فئة الألف جنيه ، وتبدد ذلك الخوف الغريب ليحتل مكانه وبكثافة متناهية وممتدة ذلك الأسى العميق ، نظر "يوسف " إلي حضرة الصول وهو يذهب متباعدا ويتلاشى في تقاطع ذلك الشارع البائس بؤس هذا الصباح ، طاقة غريبة تلك التي دفعت بـ يوسف كي ينزع تلك اللافتة التي تقول " مكتبة الأمل " وبطاقة أزيد وتقترب من الحماقة يعلق في مكانها لافتة تقول " مكتبة الشتات " في صباح البوم التالي استطاع " يوسف " أن يتخلص من ضحكته تلك المكتومة وذلك حين مر به أحد الأصدقاء ، لاحظ الصديق اللافتة الجديدة وضحك بمتعة وصرخ في وجه " يوسف " بنفس تلك المتعة قائلاً :"- * " شتات يا فردة " ********************************************************************************* هكذا ـ بتلقائية ببغاء
رن جرس التلفون في مكتب المسئول الكبير عن ما يسمي بالامن الايجابي وحين التقط هذا المسئول السماعة ، لم تمضي بره حتي جحظت منه العيون و هتف متسائلا ببغاء ؟؟ دخل احد افراد الامن الذاتي علي المكتب التنفيذي ، دخل مهرولا حتي انه كاد ان يسقط امام مكتب المسئول الكبير المنتفخ الاوداج الذي تلقي الخبر من ذلك المهرول بدهشة كبيرة و لم يملك الا ان يتجول بقلق كثيف و ملاحظ داخل المكتب الانيق ولم يستطع هذا التجوال ان يمتص انفعالاته تجاه ما سمع فعاد الي ذلك المخبر المهرول ووضع يديه علي كتفه و هزه متسائلا بتقول ببغاء ؟ ، معقول ببغاء ؟ دار همس و صراخ وصمت في اروقة مكاتب الامن الوقائي ، رنت تلفونات ، اجهزة اللاسلكي تناقلت الحدث ، اوراق حبرت بالاوامر ، تقارير تنوعت في تحليلها للحدث ، وصرخ مسئول كبير بالاوامر بعد ان اكد في خطبة عصماء علي الانتباه و الانتباه الشديد وتوخي الحذر فيما يتعلق بالطابور الخامس الذي يحاول دائما استهداف المشروع الحضاري ، صرخ ذلك المسئول باغلظ الاوامر في اجتماع ضم اميز المخبرين اقبضوا علي هذا الببغاء و حين سأل احد المخبرين قائلا سعادتك عايزو حي و لاميت ؟ صرخ المسئول الكبير حتي تطاير لعابه من فمه انت غبي ، ميت نعمل بيهو شنو ؟ ، حي طبعا ، دايرنو حي و ما ينقص ريشة مسئول في الامن التنفيذي ، لاحظت زوجته هذيانه وهو نائم حتي انها شكت في ان ما يهذي به شفرة خاصة لامرأة اخري قد دخلت قلبه و استوطنت بدلا عنها فزوجة المخبر دائما ما تخاف من الاحلام المشفرة ، كل ما في الامر ان ذلك المسئول كان يهذي و ويكرر في هذيانه كلمة ـ ببغاء ـ في سياقات مختلفة مثل الببغاء دي جات من وين زوجة المخبر بكت بجرح الانثي حين كان زوجها يهمس كعاشق ببغاء ببغاء اه ببغاء في الصباح قدمت زوجة مسئول الامن التنفيذي الشاي وتسلحت بالشك في يونها و قذفت بسؤالها تجاه زوجها الهاذئ ليلا الببغاء دي منو ؟ فانتفض زوجها و ترك كوب الشاي مهرولا الي الخارج سيطر الببغاء علي كل مكاتب الامن ، شغل الحواس الي ان وصل الامر الي مستشار رئيس الجمهورية لامن البلاد الذي استنفر كل الطاقات الامنية امرا بالقب علي الببغاء و في اسرع وقت ممكن فكان ان انتشر رجالات الامن ظاهرين ومتخفين ومختفين في الاسواق و الشوارع و الاحياء والمطاعم والزقاقات وفي اي اماكن يكون فيها ناس وكانوا يبحثون عن ذلك الببغاء كل ما في الامر ان عباس الوناس و في هروبه من مغبة القبض عليه بفعل احاديثه الهوجاء و نكاته الساخرة والتي يؤلفها في محاولة للتنفيس السياسي ، قبض عليه مرة بسب نكتة عن وزير المالية و حرم تماما من ان يحادث الناس و قد وقع علي تعهد بذلك ، لذلك امتلك عباس الوناس ببغاء و صار يحادثه و يحكي له وبعشرة من الحكي اصب الببغاء يعيد حكايات عباس الوناس لذلك وضع الببغاء في حجرة بعيدة وههجورة امعانا في السرية ، يغلق عليه تلك الحجرة ويحادث ذلك الببغاء الذي يحفظ ما يقوله عباس الوناس بتلقائية ببغاء ، الي ان حدث ما حدث فقدهرب الببغاء و طار وطارت معهحكايات و احاديث عباس الوناس طار البغاء وطار ولكنه ما ان يحط علي مكان حتي يتحدث بما كان يحادثه به عباس الوناس حط الببغاء علي عامود كهرباء في شارع عام وعامر و قال بصوت واضح خلاص ؟ الجنة وزعتوها في الخطة الاسكانية حط الببغاء علي غصن شجرة في حديقة عامة وقال بلا توالي بلا كلام فارغ بلا لمة واصبح برنامجا ترفيهيا لزوار تلك الحديقة في السوق الشعبي تجمع الناس حول الببغاء الذي كان بين لحظة واخري يقذف بجمل تكلف سكيرا اهوجا السجن مدي الحياة ، بل تمادي ووصف شخصيات سياسية كبيرة بكل انواع الانحرافات وهكذا يطير الببغاء يحط الببغاء ويقذف كلماته وجمله الملتهبة وكان ان تفجرت حيوية اخري و هي ان الناس اصبحت تتابعه حين يطير و حين يحط بدأت اجهزة الامن تمنع الناس بكل الوسائل حتي لاتتابع و تتجمع حول الببغاء و تم اعتقال بعض المصرين علي المتابعة و التجمع ومن ثم شاهد الناس فريقا من المخبرين يتابع ذلك الببغاء الثرثار حتي ان احدهم اكتشف ان جاره ذاك الذي كان يأتي اليه و يجلس معه ويشتم الحكومة ماهو الا احد رجال الامن طارد فريق المخبرين ذلك الببغاء ، طاردوه وحاولوا الامساك به بينما لازال رنين التلفونات مستمرا في مكاتب الامن ، التلفونات المحمولة علي ايدي كبار المسئولي الامن تتابع محاةلات القبض علي الببغاء ، احد رجال الامن ذلك الذي انبت له الوسواس الديني لحية مميزة قد كسرت رجله حين حاول ان يمارس تراث الدبابين في الانقضاض علي الببغاء وهكذا تتغير الورديات وهي تطارد ذلك الببغاء ، وردية نهارية و وردية ليليه وبين الورديتين وردية ثالثة ولكن الببغاء يطير و يحط دون ان تمسك به اجهزة الامن واخيرا و بعد جهد جهيد استطاعت الاجهزة الامنية ان تقبض علي الببغاء و بدأت التحريات عن صاحب الببغاء وهكذا في مساء كئيب سمع عباس الوناس طرقا عنيفا علي الباب وحين فتح الباب لمعت منه العيون رعبا فهاهو يواجه ثلاثة من الرجال ـرجال الامن ـ وهم يلوحون في وجهه بالببغاء بينما قذف احدهم بهذا السؤال الببغاء ده حقك ؟ و هكذا سارع عباس الوناس معلنا تملصه من الامر وقال ايوه الببغاء ده بتاعي بس انا مختلف معاهو سياسيا.
************************************************************************************ ارتباكات لا كثر من شهر لم يكن الوالد يستطيع النظر في عيني الابن. لاكثر من شهر لم يكن الابن يستطيع النظر في عيني الوالد . لاكثر من شهر كان الوالد حين يدخل البيت يخرج منه الابن. لاكثر من شهر كان الابن حين يدخل البيت يخرج منه الوالد. لاكثر من شهر كان الوالد يتحاشي الابن و الابن يتحاشي الوالد. لاكثر من شهر كان يحدث ما يحدث بين قسم السيد النعيم المهندس الميكانيكي بالمحلج التابع لمؤسسة جبال النوبة الزراعية وبين ابنه عطا الطالب في الصف الثاني في مدرسة كادقلي الثانوية العليا ـ تلو ـ لاكثرمن شهر كان كل منهما يهرب من الاخر. لاحظت علوية زوجة قسم السيد ووالدة عطاهذه الهروبية الواضحة وهذا التفادي المعلن الي درجة انها افتقدت نوع م ذلك الاحساس بالسعادة حين كان قسم السيد يحكي لابنه حكايات متفرقات متنوعات عن طفولته وصباه في الصعيد ،كان ذلك يحدث دائما وهما يرتشفان شاي ما بعد الغداء. لاحظت علوية ولاكثر من شهر ان صينية الغداء قد فشلت تماما في ان تجمع بين الوالد والابن ، وجبة الغداء هي الوجبة الوحيدة التي تجتمع فيها الاسرة وحين تساءلت ذات غداء ابنتها زلفي عن حالة كون عطا غائب دائما عن وجبة الغداء لاحظت علوية ارتباك قسم السيد وذلك حين ارتجفت يده وسقطت منه اللقمة ليتسخ جلبابه الابيض بلزوجة ملاح الورق الاخضر فكان ان هرب من المائدة و عرفت علويةان قسم السيد قد هرب من تساؤل زلفي التي لاحظت ايضا ارتباك والدها فهمست لامها ـ يمه هو في شنو؟ ـ فردت علوية وهي تتابع هروب قسم السيد بحيرة واضحة في عينيها ـ يخربني يا بتي كان عارفا حاجه ـ المرة الوحيدة التي كان فيها عطا حاضرا وجبة الغداء في البيت ـ هكذا لاحظت علوية ـ حين كان والده مدعو لغداء خاج البيت . تاكدت علوية تماما من هنالك امر خطير بين ابتها و زوجها و ذلك حين تصادفا امام باب الحوش ، كان قسم السيد خارجا وعطا كان داخلاوبين هذا الخروج وذاك الدخول حدث ذلك التدافع الهروبي بينهما فالتحما متصادمين فتخلي باب الصفيح عن مكانه وسقط علي الارض بدوي ارتجفت له علوية التي كانت وقتهاتغسل الملابس تحت شجرة النيم الكبيرة فلاحظت ان الاب استمر مهرولا الي الخارج والابن استمرمهرولا الي الداخل و لم ينشغل اي منهما بامر الباب المنكفي علي الارض مما جعل علوية تترك مكانها امام طشت الغسيل لانها اصبحت مكشوفة امام الغاشي والماشي علي الشارع. بينما كان قسم السيد يحاول ان يعيد الباب الي مكانه مر به جاره سليمان الشيخ فساله ـ الرمي الباب شنو يا قسم ؟ ـ فرد عليه قسمالسيد ـ تصور ضربتو صاعقة ياود الشيخ ـ فهز سليمان رأسه متعجبا من تلك الصاعقة التي هي خارج سياق الطقس لم يترك قسم السيد الحال كماهو عليه بعد الذي كان قد حدث بينه وبين ابنه عطا ، حاول ان يتخلص من هذا التوتر الهروبي كان يحس بان الامر لايستحق كل الذي يحدث ، كان يفكر في مواجهة ابنه و حين مرحلة الفعل يتردد و من ثم يتراجع عن المواجهة. داهم مرة غرفة ابنه في الصباح و كان صباحا فيه من ملامح الشتاء بداياته ، دخل قسم السيد غرفة عطا مقررا ان يوقظه من النوم ويساوي معه الامر قبل ان تصحو علوية التي ادمنت ارهاقه بملاحظاتهاالمتسائلة و قد كلفه هذا القرار الكثيف من الارق ، وقف قسم السيد بقرب سريرعطا و لكنه تراجع فجأة عن ما كان ينوي فعله وخرج من الغرفة و لكنه حين عاد الي الغرفة محرضا قراره بسجارة الصباح وجدعطا قد هرب و حين كان خارجا للعمل صادفه عطا و هو راجع الي البيت و لكن ما ان لمحه سرعان ما تواري عطاعن انظاره بحركة مفاجئة. في ذلك الصباح حين داهم والده الغرفة كان عطا قد احس بدخوله و حين كان قسم السيد يقف بالقربمن سريره بذلك التردد كان عطا قد تصبب منه غزير العرق ،كان يعرف تماما انه لا يستطيع مواجهة والده بعد ذلك الذي حدث فكان ان هب عطا من سريره و فرهاربا الي الخارج. حكي قسم السيد لصديقه و زميله في العمل جبرئيل التوم ماحدث بينه وبين ابنه و كيف انه حاول التخلص من تلك الحالة الهروبية ، اوصاه صديقه بان يكتب مذكرة ويدسها تحت مخدة ابنه ربما حين يقرأ ابنه تلك المذكرة تكون بمثابة خطوة اولي للمواجهة و لم ينس جبرئيل التوم ان يعلق علي الحدث قائلا ـ بعدين يا قسم بصراحة كده، انت دنيء ـ . حاول عطا ان يؤسس لذلك الهروب فقابل مدير المدرسة كي يتم قبوله للسكن بالداخلية الا ان مدير المدرسة رفض طلبه متعللا بان اسرته تقيم في المدينة ولكن اصبح عطا ضفا مؤقتا علي منزل صديقه كودي بحي الرديف ، اصبح يقضي الليل هناك خوفا من ان يكرر والده مداهمته الصباحية ويأتي الي البيت في اوقات يتاكد فيها تماما ان والده خارج البيت. كانت تلك المذكرة التي كتبها قسم السيد لابنه قد اتعبته كثيرا , كتبها عدة مرات لانه كان مرتبكا و لايدري بجدوي ما يكتب فكان ان كتب و مزق كثيرا حتي استقر اخيرا علي صياغة اعتبرها مناسبة وفي غياب عطا وضع قسم السيد المذكرة تحت المخدة وحرص ان يظهرجانب منها حتي يراها عطا ولكنه اكتشف في اليوم التالي ان المذكرة كانت في مكانها لان عطا قد تمادي في هروبه الي درجة عدم المبيت في البيت و حمد الله ان المذكرة لم تقع علوية او زلفي ، وفي الصباح مر علي جاره سليمان الشيخ ليعطي ابنه الشيخ الذي يزامل في المدرسة الثانوية تلك المذكرة ليوصلها لابنه بعد ان سجنها داخل مظروف ابيض. سافرت علوية الي قرية ـ البرداب ـ شمال كادقلي لمقابلة فكي موسي كي يخلص بيتها من ذلك الارتباك في التفاصيل وتلك الجفوة بين الزوج والابن الذي خافت ان تفقده وهو متمادي في هروبه اولا من والده واخيرا من البيت ، لجأت علوية الي ذلك الحل بعد ان فشلت تماما في حل ذلك الاشكال وبل في معرفة السبب وراء الذي يحدث ، اعطاها فكي موسي بخرات و محاية وحجاب اوصاها بان يعلق علي مكان في وسط البيت و في اتجاه القبلة . قبل اكثرمن شهرين ونصف و في ليلة ساهرة بحي السوق ، حفل زواج ، وحين كان يغني المغني وثيردباك فريق الهلال الفنان ـ آدم علي انقاطو ـ في اغنية امانة عليك يا تايه الخصل كانت نوال تشعل دواخل عطا بنظراتها الملغزة ، كان عطا علي جانب الحائط من حيث كانت نوال تجلس علي كرسي ملتصق بذلك الحائط وحينترجع برأسها الي الوراء ـ رأسها المتفي بذنب حصان ـ و تدير وجهها ناحية اليمين وترسل نظراتها وابتساماتها نحو عطا وهكذاحتي لمح عطا اشارة خفية من نوال بعدان وقفت وهمت بالتحرك بين الكراسي و اكدت نوال اشارتها لعطا ودخلت بباب يؤدي الي اقرب بيت من حيث مكان جلوس البنات في الحفل
تردد عطا في ان يلحق بنوال ولكنه هزم تردده ودخل وراءها ليجدها تقف امام راكوبة امام مطبخ البيت واشتبكت بينهما التفاصيل وعرف انها من بنات ـ ابو كرشوله ـ وانها طالبة تقيم بالداخلية في مدرسة كادقلي الثانوية للبنات الواقعة بين حي الرديف وحي الموظفين حيث يسكن عطاوانها جاءت الي هذا الحفل بدعوة من صديقتها التي تسكن حي السوق واشتبكت بينهما حمي التفاصيل وافترقاعلي موعد هو يوم الخميس اليوم المتاح لخروج طالبات الداخلية وبعد تكررت وتراكمت بينهما اللقاءات وتنوعت بينهما خطابات و مذكرات والكتب المتبادلة , قبل اكثرمن شهر و في مساء يقترب كثيرامن تفاصيل الليل تعطر عطا بعطر واضح الرجولة و خرج ليلتقي بنوال بالقرب من دروة ضرب نار خلف مصلحة الاشغال ، هكذا كانت لقاءتهما مختلفة الاماكن حسب خروج نوال من الداخلية مع صديقة كل خميس و هذه المة لانهاخرجت مع صديقة لها تسكن حي الموظفين فكان الاتفاق علي اللقاء في هذا المكان ـ دروة ضرب نار حيث يتدرب الجيش علي النيشان ـ وكان علي نوال ان تنتظره خلف مصلحة الاشغال . حين اقترب عطا من حيث يجب ان تنتظره نوال في ذلك الشارع المظلم خلف مصلحة الاشغال ، لاحظ عطا ان نوال ليست وحدها ، كان هنالك شخص يتحدث معها ، احس عطا بان هنالك مشكة ، وهو يقترب سمع نوال تقول بحدة لذلك الشخص ـ لو سمحت انا ما بعرفك ـ طيب مالو ما ممكن نتعارف هسه رد ذلك الشخص بينما عطا قرر ان يقترب اكثر ويحسم الامر وحين اقترب اكثر قالت نوال لذلك الشخص ـ لو سمحت ما عايزين مشاكل اهو اخوي جاء وداهم عطا ذلك الشخص ليجد ان ذلك الشخص الملحاح ما هو الا قسم السيد النعيم ، والده الذي كان في طريقه الي استراحة الزراعة القريبة من موقع المشكلة حيث يجب ان ينضم الي شلة انسه لقعدة الخميس المعتادة . نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا قائلا باستنكار الواثق ـ ده اخوك ؛؛؛؟ وخرج عطا مضطرا من هامد ارتباكه و بتحدي اجاب علي سؤال والده الواثق جدا ـ ايوه اخوها عندك شك ؟؟ نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا وقذف بجملة تعلن عن هزيمة معلنة ـ لا ابدا ما عندي شك ، ماعندي شك مطلقا و ترك قسم السيد ابنه عطامع نوال واتجه نحو استراحة الزراعة . و هكذا لاكثر من شهركان الاب يتفادي الابن و كان الابن يتفادي الاب . في الظهيرة التي كانت فيها علوية تبخر البيت بعد ان علقت الحجاب علي سقف الراكوبة في ناحية اختارها لانها في اتجاه القبلة ، في تلك الظهيرة سلم الشيخ سليمان الشيخ عطا المظروف الذي بداخله المذكرة التي كتبها قم السيد الي ابنه. فض عطا المظروف ليجد ورقة صغيرة مكتوب عليها الاتي ـ ابني عطا انا فخور لانك حسمتني وبعدين انت عزال و بدون حرج ارجع البيت ياود يا فتك والدك قسم السيد ـ و فجر عطا ضحكة صاخبة و ممتدة .
(عدل بواسطة ابو يسرا on 09-18-2007, 07:42 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تـداعـيـات يـحــيي فـضـــل الـلــه (Re: ابو يسرا)
|
Quote: هلا شيكو والتحايا للاولاد وامهم يااخي تعال اجازة وسوف نعدل الصورة |
باقي ليك في طريقة تعديل تاني
والله ما اظن تعرف انا خايف ارجع
إجازة الصورة تبقى ابهت من كده
بعدين نزوغ بوشنا عديل.
الكلام ده ما تحكيه لاولاد العجمي
تحياتي للعيال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تـداعـيـات يـحــيي فـضـــل الـلــه (Re: الشيخ إبراهيم الشيخ)
|
الاخ /ابويسرا الانسان يحمل كثير من المتناقضات داخلة فتجعله يتارجح معها شمال ويمين حتي يقدر علي اتخاذ قرار معين في حياته ... ولكن الله قد وهب بعض العباد القدرة علي التكيف مع واقع الحياة بصورة مزهلة -- فنجدا اناسا مثل الاديب /يحي فضل الله قد حول هذه المتناقضات والمعانات لشخصيات تحاور معها فصرعها فكريا ودراميا ليخرجها معالجات إفادت كثير المجتمع ... شكرا يحي فضل الله رد الله قربتك. شكر اابويسرالاتاحة مساحة لهذا الشاعر المرهف. مودتي ورمضان كريم منتظرين ترتيب الافطار .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تـداعـيـات يـحــيي فـضـــل الـلــه (Re: ناهد علي)
|
شكراً شيكو وياراجل تعال علي مسؤليتي وسيب الخوف من اولاد العجمي وتاكد بانهم لن يدخلوا هذا البوست لان بكوري اصبح لايهتم بالادب لاسباب خليها ساكت اما خالد فانت عارفوا شكراً عزيزتي ناهد علي المداخلة ويحيي فضل الله مبدع مدهش يطوع شخوصة ويستنطقهم ويجعل القاريء وكانة مشارك او شاهد على الحالة المسرودة وهو طبعاً من اولاد حارتنا سابقاً فله التحية
| |
|
|
|
|
|
|
|