|
|
 مشاكوس الي حرب الجامعات
|
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك حرب مدمرة أخري غير الحرب في جنوب السودان يدور رحاها في الجامعات السودانية و أن الأطراف المتحاربة فيها للأسف هم الطلاب أنفسهم . فبدلا أن تكون الجامعات ميادين خاصة بتلقي العلم فقط دون غيره تحولت و منذ عهد ليس بالقريب منذ انتفاضة أكتوبر المجيدة و التي كانت شرارتها الأولي هي جامعة الخرطوم و تأكد الأمر للمرة الثانية في انتفاضة أبريل المباركة و هذه المرة انطلق رأس الرمح من جامعة أم درمان الإسلامية .
و بما أن لهاتين الانتفاضتين اللتين أحدثتا تحوّل في تاريخ المجتمع السوداني ة كدلالة و رمزية علي النضال من أجل الحرية و الديمقراطية و انعكس ذلك أيضا حبا و تقديرا و احتراما للجامعات السودانية عامة و جامعتي الخرطوم و الإسلامية خاصة مما جعل الحركة الطلابية ترتدي وسام الشرف في سبيل ما بزلته من تضحيات جسام حبا للوطن و الشعب .
ظل هذا الوضع علي ذات المنوال ففي ظل الدكتاتورية تنشط الأحزاب السياسية داخل الطلاب و تسند إليهم مهمة التغيير الديمقراطي . فمن قبلها أي الأحزاب لا تخسر الإ النذر اليسير من التكاليف مثل الورق و الأقلام و قليل من الأقمشة و غيرها . أما الطلاب فمن جهتهم يتلقفون هذه المهمة بحماس منقطع النظير ففي سبيل الوطن يهون كل شيء و لتذهب الدراسة إلي الجحيم فهي لا تساوي شيئا مقارنة بمعاناة الشعب متجاهلا عن قصد أو بدونه أن الأحزاب التي انتدبته لهذه المهمة نفسها مسئولة عن معاناة الشعب الذي هو جزء منه . أما نظام الإنقاذ تعامل مع هذه القضية بشكل مختلف فبدلا من الصداع الدائم لهؤلاء الطلاب و إبطالا لمؤامراتهم و تخطيطهم للقيام بمسيرات و اعتصامات و مظاهرات لا خيار له الا مواجهتها بالصرامة و بالحسم لأن أي تهاون تكون نتيجته زوال النظام و هذا يؤدي إلي انتهاكات في حقوق الإنسان و إدانة من قبل منظمات الدولية العاملة في هذا المجال و قفلا لباب الذرائع و تشميعه بالشمع الأحمر جاءت فكرة توظيف طاقات الطلاب في الدفاع عن حياض الوطن و عليهم ببساطة الذهاب إلي الجهاد في جنوب السودان .
إحدى الظواهر الملفتة للنظر في جامعاتنا ما اصطلح عليه باسم " أركان النقاش " و هي ظاهرة تاريخية منذ أيام فلاسفة اليونان الكبار سقراط و أرسطو و أفلاطون .. أن موضوعة أركان النقاش ليست ثقافية ، اجتماعية ، تربوية ، نقابية و لكنها متخصصة فقط في تناول القضايا السياسية ذات الشأن العام أي أنها منبر تستغله الأحزاب السياسية من خلال كوادرها الطلابية لتوصيل مادتها السياسية و توضيح رأيها حول ما يدور من أحداث في المسرح السياسي السوداني .
و لكن الطريقة في حد ذاتها يغلب عليها طابع الغوغائية و غياب تام للموضوعية و العلمية في تناول القضايا و طرحها عاما بأن الذي يتحدث هو طالب جامعي يراد له أن يدير شئون البلاد في المستقبل المنظور .. فالمتحدث في ركن النقاش أشبه بثور هائج يدور داخل الحلبة و من حوله الناس يتفرجون في حركاته و ما يصدره من أصوات . إنه خطاب انفعالي عاطفي مستفز يدغدغ المشاعر و يحركها لتحقيق النصر و الغلبة علي الآخرين . و بما أن الهجوم علي الأحزاب الأخرى لغة الخطاب قد يؤدي ذلك إلي نشوب معركة بالأيدي و يمكن أن تتطور لاحقا بالسيخ و الحجارة في مشهد درامي يسيل الدم من أبطاله الشجعان لا مجال فيه أبدا لخداع الكمرة و المؤثرات الصوتية .
إذاً هل نحن علي استعداد لمراجعة شاملة في الفترة المقبلة " ما بعد السلام " و بدلا من الاحتراب و نفي الآخر و التمتع بمشاعر النصر الزائف إلي الاعتراف بالآخر و احترامه و توقيره و اعتناق مبدأ اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية . و ممارسة نقد الذات لأنه ببساطة إذا كان هذا هو مسلك و تصرف الطالب الجامعي فهل نجرؤ علي لوم رجل الشارع العادي علي أي شيء يفعله . و هل الأحزاب مستعدة لإدانة هذا السلوك و تقع عليها مسئولية تشجيع الطلاب و حثهم علي التفرغ لتحصيل العلم فبدونه لا هم و لا هي ستساوي شيئا . و هناك أسئلة جوهرية علينا الإجابة عليها بوضوح . أيّهما أهم تحصيل العلم أم ممارسة السياسة ؟ و أيّهما يأتي في المقدمة ؟ من هو المسئول عن ظاهرة العنف داخل الجامعات ؟ لماذا الطالب المتحزب أكثر ميلا من غيره لممارسة للعنف ؟ هل هذا النوع من الممارسة السياسية جدير بالاحترام ؟ هل هذه فعلا هي الطريقة المثلى لتشكيل الوعي السياسي لدي طلاب الجامعات و المعاهد العليا ؟
بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد
عضو الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان
|
|
 
|
|
|
|
بكرى ابوبكر
degna
sultan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست