وصلنى بالبريد الالكترونى اليوم هذا النقد من عراقى مقيم باستراليا لرواية الزين و قد ارسلت الى الاستاذ طالبانى نيابة عنكم دعوة للانضمام للمنتدى
عودة الى .." الزين" وعالم الطيب صالح قبل سنين عديدة سنحت الفرصة لي لأقرأ رواية" الزين" الشهيرة للطيب صالح ، ثم قرأت اعماله الأبداعية الأخرى وعندما رمتني اقدار الهروب من الكابوس الجاثم على صدر العراق الى هذا الصقع البعيد من العالم ، وبحثي عن الكتاب العربي وجدت نفسي مرة اخرى امام "الزين" لأقرأها للمرة الثانية بذائقتي الكردية ، وكأنني ادخل نفقا لا مخرج منه الا الى عالم للميثولوجيا السودانية ، لأكتشفت حكايات تتوغل عميقا في التاريخ والجغرافيا وتراكيب الأزمنة التراثية والعرقية والدينيةالسودانية ، وتعريفات مصورة في صيغ تشكل احدى القمم الأبداعية في ادب الرواية العربية السابحة في عمق الشخصية السودانية بكل تلاوينهاوانتماءاتها الأجتماعية والأقتصادية والسياسية..والتي تجسد خلجات وطبائع وتشنجات وافراح والام أناس يضيئون على جباههم ولونهم الأسمر المنبعث من زخارف الألوان الأفريقية ؛فوانيس تكشف الحالة الأنسانية التي عاشتها وتعيشها تلك البلاد ، وفوران الفرح الكامن في عمق الماسي ، وقصص الصراع الأزلي للانسان في سبيل البقاء، والتاثيرات البيئية واللاهوتية و الأقتصاديةعلى معتقدات وحركات وعادات وطقوس الحب والكراهية لدى شعبها . في قراءتي الثانية ل"الزين" ،عرفت ان ثقافتي الاتية اساسا من عوالم ثقافة انسانية اخرى هي الثقافة الكردية كانت تنقصه هذا الأكتشاف الجديد – القديم لرواية انسانية متفردة تعيش اهوال عذابات غائرة في الزمن ، وادب رائع اضاف للأدب الأنساني عموما تجارب سخية وغنية، والى الرواية العربية كنزا ثمينا وهي التي اعطت، من خلال القدرة الفائقة للمبدع الطيب صالح الصورة الأدبية، صعقتها الكهربائية ، واعطت العبارة الشعبية الدارجة قوة الأيصال ، وهي تناطح المفردة الفصحى ، والجملة النحوية الصارمة. فأذا كان هناك من يهتم بالاعمال الأبداعية العالمية ومنها العربية ، ولم يكن ملما بعالم الطيب صالح ، فهذا يعني بالتأكيد انة غير ملم بغرائب طقس له امطاره ورعوده وعواصفه ووزمهريره ونهره العظيم وصحراؤه الممتدة عبر المدى ، وفيضاناته ، ومواسم جدب ، وفصول خير ، وشمس لافحة ، وقمر مضئ ، واغنيات ودفوف وطبول..ونساء حسناوات ، وحكايات للحب ونماذج من ملح الأرض مثل " ود الريس" و " حسنة بت محمود" ، وخمارات القرية وسكاراها ، والمؤمنون، وحقول للقمح ، وغابات اشجار وعصافير وطيور، ، وحيوانات مفترسة ، وأحداق ملؤها الدموع الحارة وقلوب محبطة ، ، والكثير من العسل والتمر ، وحيل ساذجة ، وقصص حب تهد الجبال ، وخناجر مضرجة بالدماء تنتمي الى ازمنة التخلف ، ونساء يقعن في الحب من اول نظرة ولا يفصحن عنه ، وأخريات يفضلن الموت على معاشرة غير الحبيب . هذه الطقوس السودانية التي يتداخل فيها ، بصورة طبيعية وغير مصطنعة ، رحيق العديد من الثقافات الأخرى ، ومنها المسحة الأفريقانية الفطرية ، ولكن ببلورات تكتنز الكثير من المفاهيم العربية و الأسلامية العفوية .. كل هذه الأشياء هي التي تكون الأصداء الداخلية لروايات الطيب صالح .. والطيب صالح في رواياته لايدخل مجالس الجدل حول الفقر والقمع واسبابهما بعبارات السياسيين وشعاراتهم ، انما يعطي الصورة العارية التي تفضح كل اللااكتراث الذي يمارسه السياسي الحاكم ، وهو يقترب في صوره المعمقة كثيرا من اسلوب تولستوي المعروف بتعمقه في في وصف المشاعر الأنسانية وكأنة يمارس مهنة الطبيب النفساني . في قراءتي للطيب صالح اتوه بين الكردي سليم بركات الأحدث منه ، والغارق في تفاصيل التراجيديا الكردية التي تحاول قوى مختلفةاخفاء او تهميش ماسيها ، واراهما قريبين ، الى بعضهما في كثير من المضامين ، خصوصا الأنسانية عدا كون سليم بركات اسير لغة جاحظية "معاصرة"ان صح التعبير ، وعند الطيب اللغة الوسطى ولكن المشحونة بكل ادوات الصعق . إقرأ معي الفقرة المقتبسة التالية من رواية " عرس الزين" التي تصور حدث ليلة زفاف "الزين " ، الفقير والمسكين الذي يتحول متحديا كصواري المراكب .. كلمات بسيطة عادية ، ولكنها مشحونة بمعان وايحاءات تختصر الصورة الأنسانية العميقة لبعض المتعة القليلة التي يمكن ان يعيشها" الزين" ومجتمعه المتروك لمأساته في ذلك الركن البعيد من ارض السودان : " انفلت الزين ، وقفز قفزة عالية في الهواء فاستقر في وسط الدائرة ، ولمع ضوء المصابيح على وجهه ، فكان ما يزال مبللا بالدموع ، صاح بأعلى صوته ، ويده مشهورة فوق رأس الراقصة : " أبشروا بالخير .. أبشروا بالخير " وفار المكان ، فكأنة قدر يغلي ، لقد نفث فيه الزين طاقة جديدة ، وكانت الدائرة تتسع وتضيق ، تتسع وتضيق ، والاصوات تغطس وتطفو ، والطبول ترعد وتزمجر ، والزين واقف في مكانه في قلب الدائرة ، بقامته الطويلة ، وجسمه النحيل ، فكأنه صاري المركب ..". عبدالوهاب طالباني سيدني الأخوة الأعزاء السلام عليكم ارجو التفضل بنشر هذا المقال مع شكري الجزيل لكم اخوكم عبدالوهاب طالباني العنوان ABDULAHAB TALABANI POBOX 723 FAIRFIELD NSW 2165 ASTRALIA E-MAIL : [email protected]
شكرا لك وللاخ طالبانى ؛ والذى ارجو ان اراه قريبا على صفحات هذا البورد
ان معرفتنا نحن السودانيون بالقضية الكردية والادب الكردى جد ضعيفة ؛ وذلك لطبيعة الحصار الممارسة على الشعب الكردى ؛ صاحب الفلكلور الغنى والادب الشعبى القديم والاسهامات الرائدة فى العديد من المجالات
ان واقع التخلف الذى حاولت به مختلف القوى المهيمنة على الشعب الكردى تكريسه ؛ وواقع توزع الشعب الكردى ما بين 5 دول ؛ هى تركيا وايران والعراق وسوريا وارمينيا ؛ هى عوامل لا بد مقيدة لابداعات الشعب الكردى ؛ هذا بالاضافة الى الحرب الاستعمارية التى تشن ضده كل يوم ؛ والتى تخصص فيها فاشيى العراق وعسكريي تركيا ؛ لكن الابداعات الكردية لا تزال تقاوم الظروف وتفرض نفسها
لقد اتيحت لى الظروف ان اتعرف عن طريق صديقى دجوار كرد على ثقافة الشعب الكردى ؛ وحضرت احتفالات عديدة للطلية الاكراد بمناسبة عيد النوروز ؛ وهو بمثابة العيد القومى للاكراد ؛ كما قرات ما تيسر من الاصدارات الكردية وخصوصا ما يصدره المعهد الكردى فى باريس ؛ من اجل حفظ التراث والثقافة الكردية فى وجه جحافل البربرية من تلاميذ عفلق واتاتورك
وقد لا يعلم الكثيرون انه قد كانت هناك جاليات كردية بالسودان ؛ وخصوصا فى مدينتى سواكن وبورتسودان ؛ ولا اعلم ماذا حل بهذه الجاليات ؛ كما ان اهل بورتسودان يمكن ان ينورونا بذلك
لقد حاول صديقى دجوار ان يربط السودان والاكراد اكثر ؛ حينما بحث عن اصل كردى لتسمية كردفان ؛ الا انى اخاله مخطئا فى ذلك ؛ ولعل الاخ طالبانى وشباب كردفان يدلونا هل من جامع ما بين كردفان وكردستان ؟
الشعب الكردي و قصته هي إحدى القصص التي تخفف وطء قصة المأساة السودانية عند الإحاطة بها .. لا أعني المقارنة .. و لكن اعني مشاركة الاحاسيس و الإبداع وليد الإضطهاد.. بعيدة عن أي وجه شبه من ثقافة أو تاريخ أو لون ...أو لغة .. مع التحفظ على الأخيرة
مبادرة طالباني هذه ربما تكون بادرة لإقبال الشعبين على التعرف على نتاج بعضهما البعض .. أدبيا بالمكان الأول
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بكرى ابوبكر
أحمد أمين
Abdel Aati
Yaho_Zato
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست