الحكم الشمولي: الطرق والأساليب للبقاء في الحكم/د. سعد عثمان مدني

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 09:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بكرى ابوبكر(بكرى ابوبكر)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-13-2007, 03:28 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18779

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحكم الشمولي: الطرق والأساليب للبقاء في الحكم/د. سعد عثمان مدني

    الحكم الشمولي: الطرق والأساليب للبقاء في الحكم

    تمثل الانقلابات العسكرية التي تحدث عادة في العالم الثالث بداية لعهد التدهور و الانحطاط في الحياة السياسية و الاجتماعية والثقافية في الدولة التي قام بها الانقلاب. و كمثل كل الانقلابات العسكرية التي تؤسس لحكم شمولي - خاصة أذا ساعد على قيامها احد الأحزاب الإيديولوجية و قدم لها الدعم غير المحدود - تُلاقى هذه الانقلابات في مراحلها الأولى التأييد الشعبي غير المحدود من الشعب، يساعد في ذلك أن الشعوب في العالم الثالث معظمها أُمي، وتتحرك عن طريق العاطفة الجياشة و الانصياع الأعمى لأوامر القادة و الزعماء، ويسود بينهم الانبهار بكاريزما القائد لا ببرنامجه التنموي. وكشعب كهذا غير متجذر فيه الوعي الديمقراطي، و طرق عمل الأنظمة الديمقراطية، يمكن خداعه و تضليله بالشعارات والدعاية المتكررة التي تطرح يوميا على الجماهير. و الشعب في هذه الحالة يفرح بكل ما هو جديد، ويهلل للأنظمة الجديدة التي تطرح نفسها على أنها المنقذ الوحيد لمشاكل البلاد. و الحكم الشمولي دائما ما يميل إلى إن يكسب ود الشعب في بداياته لتثبيت أركان الدولة الشمولية وكسب الزمن لصالح بقائه، و في هذه الآونة تقوم الفئة الحاكمة تغبيش الوعي العام عن الكثير من القضايا التي تهم الشعب. و تستخدم الدولة كل السبل من أجل تحريك الجماهير و استمالتهم للوقوف مع النظام، وطرح الكثير من شعارات التغيير و الثورة. وهذه الشعارات تعتمد في معظمها على دغدغة العواطف الوطنية و الدينية، واستغلال سحر كلمات عامة عن العدل و التقوى و الاعتماد على الذات لاستمالة العقول و الأفئدة، هذه الشعارات تختزل كل المشاكل القومية السياسية والاقتصادية و الاجتماعية في عدة عبارات عامة، لا تعبر عن برامج شاملة بتفاصيلها العلمية و الضرورية لتطبيق خطط تحقق التنمية للموطن، يكررها النظام صباحا و مساءا حتى ترسخ في ذهنية المواطن على إن هذه الشعارات العامة هي المفتاح السحري لكل المشكل القومي . و ذلك بان يتبنى النظام مثلا شعارات الاكتفاء الذاتي من السلع الضرورية، و الوعود البراقة و الزاهية التي تبشر بتحويل المجتمع إلى مجتمع الكفاية و الهداية و التقوى، و إقامة دولة عظمى. و يطلب من الجميع الاستعداد للوقوف صفا واحدا مع هذه الدولة المزعومة والتي سوف تهزم كل الأعداء و المستكبرين في العالم. و أدوات النظام في هذا النصر هو الهتافات العالية والمسيرات الضخمة التي يصاحبها هستيريا الأصوات الباكية و اللعب على الأوتار الدينية، و استحضار وقائع تاريخية مماثلة يحفظها الوعي العام بأن التاريخ سوف يكرر نفسه و إن الدول الطغاة سوف يندثرون تحت ضربات الدولة التي ترفع هذه الشعارات، دون الاستعداد المادي والتقني لتلك الحروب المزعومة. تعرف الأنظمة الشمولية إن هذه الشعارات التي تملا الأفق سوف تدغدغ المشاعر و تجعل الشعب يمنى نفسه بتحقيقها على ارض الواقع. و الشعب يحلم بالرخاء الاقتصادي و الانضباط الأمني و تامين وظيفته و غذائه و كسائه، و هو يميل بطبعه إلى التفاؤل و يحسن الظن بكل عهد جديد. و طوال هذه الفترة التي ينتظر فيها الشعب من الانقلابيين تنفيذ الوعود التي قطعوها على أنفسهم بالإصلاحات المرجوة، نجد في الاتجاه الأخر إنه يبدأ في الاستحواذ على الدولة و ابتلاعها لصالحه، و ضرب معارضيه باسم الثورة وأحيانا باسم الله. ويمكّن أجهزته المتعددة من تنظيمات شعبية و امن و مخابرات وشركات خاصة من الاستحواذ على الدولة. كالاستحواذ على السياسة وتحويلها إلى سياسة الحزب الحاكم، والاستحواذ على الاقتصاد القومي و تحويله إلى اقتصاد الحزب الحاكم. ويخطط الحزب الأوحد خلال هذه الفترة على ضرب كل القوة المعارضة في الساحة و تشويه سمعتها، كما يخطط على الاستحواذ على الخدمة المدنية وفصل غير المنتمى له، و إنشاء الاتحادات والنقابات الديكورية التي تجمل وجه السلطة الحاكمة والتحدث- زورا- عن رضي القوي العاملة من النظام، كما ينظّر مفكري الحزب الشمولي على تغيير المناهج التعليمية حتى تتوافق مع نظرة زعيم الحزب الإيديولوجية.و النظام الشمولي الذي يأتي عن طريق القوة بالانقلاب العسكري لا يثق في احد غير كوادره، و يميل إلى سياسة الإقصاء لكل القوى الأخرى و محاربتها، و ذلك عن طريق القتل و التشريد و التعذيب و الفصل للصالح العام. و يعمد النظام الشمولي إلى تمليك منسوبي الحزب كل الأدوات اللازمة لتحقيق بناء راسماليى الحزب الجدد، و التمكين للسيطرة على القطاع الخاص و إقامة مؤسسات مالية تدعم تجار الحزب . كما يتم توظيف كوادر الحزب في مؤسسات الدولة المالية المختلفة بالدولة. و كل هذا يساهم مساهمة كبيرة في السيطرة الكاملة على الاقتصاد القومي و توجيهه لبناء مؤسسات الحزب الاقتصادية و الأمنية و التنظيمية على حساب التنمية المتوازنة والمساواة في العمل الاقتصادي وحرية الآخر الاقتصادية، مما يؤدى بدوره إلى تدهور مريع في حياة الموطنين و إفلاس الرأسمالية الوطنية و إحلالها بالرأسمالية الحزبية التي تجد الدعم غير المحدود من الحزب الشمولي.

    الاقتصاد القومي في ظل الأنظمة الشمولية:

    · ضرب الرأسمالية القديمة التي لا تنتمي للحزب الشمولي، و ذلك عن طريق تضييق الخناق عليها من خلال الضرائب الباهظة و الجبايات المتعددة والمنافسة غير الحرة من تجار الحزب الشمولي.

    · خلق رأسمالية جديدة تتبع للحزب الشمولي و تقويتها عن طريق الإعفاءات الضريبية و الجمركية و التمويل غير المحدود من مؤسسات الحزب المالية، للسيطرة على السوق واحتكار المؤسسات الخدمية مثل إلا اتصالات و الشركات الخدمية العامة.

    · السيطرة على مؤسسات التمويل العامة مثل البنك المركزي و وزارات المالية و الطاقة، و التحكم في سياسات هذه المؤسسات لصالح تجار الحزب وشركاتهم. و بالسيطرة على هذه الموسسات العامة، يتمكن النظام الشمولي من التحكم في مصادر الأموال العامة و توزيعها، و فرض الضرائب و الجبايات المتعددة التي تساعد الحزب في تمويل برامجه المختلفة.

    · خلق وظائف عامة لكوادر الحزب في جسم الخدمة العامة المدنية من وزراء و وزراء دولة وقيادات عليا و مستشارين و كوارد وسيطة، تتحكم في الخدمة العامة من توظيف لأفراد الحزب الجدد و إقصاء و فصل الموظفين غير الموالين للحزب.

    · بيع القطاع العام الخاسر منه و الرابح لشركات الحزب المختلفة أو شركات خارجية تساند الحكم الشمولي.

    بعد أن يستولى النظام على الخدمة المدنية و المحليات و إدارة حكومات الولايات المختلفة فان بعض متنفذى النظام في داخل هذه الإدارات يقوم بالاتفاق مع بعض راسماليى الحزب لتكوين شركات خاصة، يقوم التعاون اللصيق بين المجموعتين ( المجوعة داخل الإدارات الحكومية و الأخرى داخل الشركات الخاصة ) على الاستحواذ على كل العطاءات التي تطرحها الحكومة لتنفيذ بعض الخطط التنموية. فمثلا إذا أرادت الحكومة تنفيذ مباني حكومية تابعة لوزارة من الوزارات، فان اللجان الهندسية بهذه الوزارة ترسى العطاء على شركة خاصة تكون معروفة بالولاء للحزب الحاكم، ويكون لقيادي الوزارة نصيب من إرباح هذه الشركة، هذا إذا أدركنا بأنه في جل الحالات لا يكون هناك عطاءات سليمة مطروحة في الصحف السيارة في الدولة من اجل المنافسة العادلة للقطاع الخاص ككل. و كمثال آخر إذا أرادت الدولة تنفيذ برنامج قومي لشراء أجهزة طبية مختلفة للمستشفيات في الدولة، فان بعض متنفذى النظام الذين لهم شركات خاصة، يقوموا بالاستحواذ الكامل على تنفيذ البرنامج التنموي، ويمكن من خلاله التلاعب بالفواتير أو إحضار معدات لا تخضع للمواصفات و المقاييس المطلوبة طالما ليس هناك محاسبة لأعضاء الحزب.

    والبرامج التنموية التي تطرح على أنها خطط تنموية، كبناء المدارس والمستشفيات أو إقامة طرق إسفلت داخل المدن الرئيسة، أو طرق تربط المدن بعضها البعض، نجدها عادة ما تنفذ بواسطة الشركات الموالية للنظام، وتحت ظروف انعدام الشفافية في فزر العطاءات، لذا فان معظم البرامج المنفذة، تجدها تنقصها السلامة المهنية المطلوبة لذلك، و انعدام مبدأ المحاسبة، و عدم وجود الشفافية المطلوبة في تحديد الجودة ومقاييس السلامة، و بروز الولاء السياسي مقدما على النزاهة و إتقان العمل. و سرعان ما يتضح الضعف الهندسي وانعدام الجودة في العمل المنفذ، لانعدام المنافسة الحقيقية، و تورط لجان المعاينة- إن وجدت- في كتمان الخلل الموجود في التنفيذ، لذا تجد الطرق الداخلية والبرية قد تآكلت وتهدمت في فتره وجيزة بعد التنفيذ، والمباني الحكومية تكون آيلة للسقوط في اى لحظة .

    يبحث أعضاء النظام الشمولي عن الإعفاءات الضرائبية و الجمركية من نظامهم الشمولي تحت مسميات المنظمات الخيرية أو دعم الشهداء أو الوعد بتقديم عمولة لدعم الحزب، و الاستفادة من هذه الإعفاءات في نمو العمل الخاص لإفراد التنظيم الحاكم.

    و هكذا نجد إن كل الأموال الموجهة للتنمية قد دخلت جيوب متنفذى النظام وقياداته عبر شركاتهم الخاصة المتعددة داخل جسم الدولة، و يترتب على ذلك ضرب القطاع الخاص غير الموالى للنظام، وذلك يتمثل في عدم إعطاءه اى عطاء حكومي لتنفيذه، مما يودى إلى ضموره أو انهياره بالكامل وإعلانه الإفلاس وتصفية أعماله.

    الانتهازيون و الوصوليون:

    عند توسع الحكم الشمولي و سيطرته على الدولة فانه سرعان ما ينضم إليه عدد كبير من الانتهازيين و المتسلقين والمنافقين لهم أغراض و منافع ذاتية يريدون إن يجنوها من وراء انضمامهم هذا.و يشمل ذلك وزراء و قياديين سابقين في عهود شمولية سابقة وسماسرة السوق و بعض الفئات التي تبحث عن الغنى السريع. وسرعان ما يدعّّى كل هؤلاء حرصهم الشديد على النظام، و أنهم يسيرون بمبادئه العامة، و أنهم مقسمون على حماية النظام. وهذه اللغة ضرورية لكسب ثقة النظام و الوصول سريعا إلى أهدفهم الذاتية في الحصول على المال و الثروة و ممارسة السلطة واستغلالها لصالحهم. لذا تجدهم يسايرون الأعمال العامة التي تجلب لهم المال و التميز وسط المجتمع. والحكم الشمولي بعد إن يتأكد من تأييدهم الأعمى له. يؤمن النظام لهؤلاء النفوذ السلطوي و المالي والتي تجعلهم يتحدثون باسم النظام و يدافعون عنه و التحدث بشعاراته، مع غض النظر من جانب النظام عن أساليب غشهم و خداعهم للمواطن أو التستر عليهم في جرائم الفساد. فيعمد هؤلاء الانتهازيين على غزو كل المواقع بالدولة الشمولية التي تجلب لهم المصالح. مثل أن يقوم سماسرة النظام في التصدي لإقامة المسيرات العامة التي تندد بالعدو و المعارضة أو يقوم هؤلاء السماسرة بإعداد و جلب الجماهير الغافلة لاستقبال قيادات الحكم الشمولي في مختلف البقاع. و عادة ما يرفعون هؤلاء التكاليف المالية و التلاعب بالفواتير اللازمة لقيام هذه التظاهرات السياسية. ويسعي هولاء دوما ألي اكتساب المال عير الشرعي و ملء جيوبهم و التظاهر بالطاعة العمياء لقيادي النظام وإظهار تفانيهم في خدمة الحزب الشمولي. ويعتبر النفاق و التملق السياسي لدى هؤلاء الوصوليون تجارة رابحة فى ظل الأنظمة الشمولية، فما عليهم إلا إن يرددوا الشعارات بأعلى الأصوات وسط الجماهير و في قاعات المؤتمرات المغلقة أو الوقوف في المنصة ومدح الرئيس على انه المنقذ والوطني العظيم الذي لا ينوم الليل سهرا لراحة رعاياه. وتشعر القيادات الشمولية بالغبطة و السرور لهذا المديح و الثناء، فتجزل للوصوليين العطاء، و توصى لهم بالكثير من الامتيازات خصما من المال العام. و يتغلغل المتسلقين في الدولة الشمولية في كل الاتجاهات، من قيادات وسيطة في أجهزة الدولة إلى أصحاب إعمال حرة و شركات صغيرة. يكون همهم الأول هو الحصول على الامتيازات السلطوية و المالية والبحث عن الإعفاءات الجمركية والضرائبية. و بهذا يتكون جيش كبير من السماسرة و الرأسماليين الجدد و حارقي البخور في جسد الدولة. يتسبب هذا في تدهور الخدمات المقدمة للمواطن، وسرقة الميزانيات الموجهة للتنمية في مختلف الولايات، و تثبيت مبدأ النفاق و التملق وسط العامة و الأجيال الناشئة على أنها الطريقة السريعة للغنى و الحظوة و الوصول إلى السلطة. والحكم الشمولي بحكم حاجته الماسة لأعضائه القدامى و المنافقين الجدد في تثبيت الحكم الشمولي، فانه لا يألوا جهدا في الدفاع عنهم و حمايتهم و توفير التغطية اللازمة لممارسة كل نشاطاتهم، حتى و لو كانت هدامة وهناك أدلة قوية على تدمير الخطط التنمية واختلاس الأموال العامة. فإذا أكتشف عن طريق المراجعة العامة أو الإعلام بان احدهم فاسد وان إدارته للمال العام غير رشيدة، فان بعض قيادي الحزب الشمولي يبدأون في الهمس في أذن القيادي الفاسد بان يرجع إلى الله وان يكف حاليا عن هذا السلوك الذميم. وبدلا من محاكمته، وجعل العدالة تأخذ مجراها ، فانه في العادة يُتبع هذا الأسلوب من الهمس في الآذان والتوبيخ للمفسدين، وسرعان ما ينتقل الهمس إلى كافة المفسدين في دواوين الدولة بان يكفوا عن ذلك الفساد، حتى إن بعض المفسدين غير المعروفين يقدموا العظة لمفسدين فضح أمرهم. و في أحيان أخرى تقوم بعض القيادات المتورطة في الفساد بالدفاع عن صغار المفسدين و تبرير هذا السلوك بأنه ابتلاءات من الله عز و جل، سوف تنتهي بالتوبة النصوحة! أو يذكر إن اتهامات الفساد يطلقها أعداء الله و الوطن من المعارضين لتشويه صورة قيادات الحزب الشمولي النقية المؤمنة. وتتم الدعاية أن أعضاء النظام لا يوجد من بينهم خائن للأمانة أو سارق لأموال الشعب، وأن الوطن يحكمه عقد فريد من الشرفاء و الانقياء. لأن محاكمة اى مفسد، و ثبوت التهمة عليه تؤدى إلى تشويه صورة النظام في عيون المواطن، وهذا يشوه المكانة النظام الزاهية التي يبثها يوميا عبر إعلامه. إما إذا ابعد القيادي الذي تحوم حوله تهم الفساد من المنصب الذي فيه، فانه سرعان ما يتم تعيينه في منصب اعلي و ارفع من السابق الذي اختلس فيه أموال المواطن. و ذلك مكافئة له لغيابه عن العمل العام لأشهر كثيرة.

    أما الذين يتم اكتشاف فسادهم ولا تتم محاكمتهم فأنهم يمثلون قوة و دعامة للنظام، يستغلها القيادات العليا في توجيه هؤلاء المفسدين كيفما شاءوا، و يصبحون لعبة في يد النظام يستفيد منهم في الأوقات الحرجة للنظام. ويتم التخوف الكبير عادة من محاكمة المفسدين في الانظمه الشمولية، وذلك لان المذنب يكون عادة متورطا مع قياديين في الدولة في الفساد، ومحاكمته تعنى جر سلسة طويلة من المفسدين تحرج النظام كثيرا، لذا يقوم النظام في بعض الأحيان بتكوين لجان للتحقيق في الفساد يكون غرضها الأول كسب الزمن حتى يتناسوه العامة ويتم تمييع القضية، حتى وان كانت هذه اللجان تهدف فعليا إلى معرفة الجناة، فإنها تواجه بعقبه كبار المتنفذين الذين يقفون سدا منيعا لكل نشاطات اللجنة في معرفة المعلومات الصحيحة التي تكمل التحقيق، و ذلك لتخوفهم من جرهم هم أنفسهم إلى ساحات العدالة. . وهكذا يتم التكتم على المفسدين في الدولة الشمولية و عدم تقديمهم لاى محاكمات عادلة، يتم فيها استرداد أموال المواطن إلى الخزينة العامة. لذا يندر إن يحاكم فاسد أو مختلس للأموال العامة في ظل الحكومات الشمولية، لانتشار الفساد المحمى على كل الصعود في الدولة الشمولية وحماية المفسدين لبعضهم البعض.

    الخدمة العامة:

    يتم التحكم في الخدمة العامة بالتوظيف عن طريق الولاء السياسي للحزب، و الوساطة من قيادات الحزب و كوادره الأمنية. و يتم مضايقة أو إقصاء غير المنتمى و تحويله إلى مجرد تابع هزيل في جسم الخدمة المدنية و إشعاره بالخوف المستمر من الفصل للصالح العام، أو التلويح بنقله إلى مناطق نائية في الدولة.

    وتقوم كوادر الحزب الشمولي المعيّنة في الخدمة المدنية بتنفيذ سياسات النظام الشمولي التي يخطط لها عن طريق القيادات العليا للحزب، و هذا التنفيذ يتم لصالح أحادية النظرة الاقتصادية، و هزيمة الآخر اقتصاديا و نفسيا، و تشريده و قتل روح المبادرة فيه. كل هذا يؤدى إلى إحلال الكفاءات الوطنية القديمة في الخدمة العامة التي تمرست على العمل العام لسنين طويلة، واكتسبت الخبرة اللازمة لإدارتها، مثل الوزارات المختلفة و المحليات و الجامعات، و استبدالها بكوادر الحزب الشمولي، والتي لا يكون لها الرصيد الكافي من الكفاءة الأكاديمية، أو الخبرة العملية لإدارة دولاب الخدمة العامة. و يمثل هذا الأمر ضربة قوية للخدمة المدنية و لحيادها الوظيفي، مما يؤدى إلى انهيارها و عدم قيامها بدورها الطبيعي في خدمة المواطنين بالسرعة و الكفاءة اللازمة لذلك . وينتج من ذلك إن كل كوادر الحزب التي يتم تعيينها في هذه المناصب بقرارات عليا وعن طريق وساطات قيادات الحزب، تصبح هذه الكوادر الجديدة غير مبالية بمبدأ المحاسبة الوظيفية، و لا تخاف الفصل طالما الأمر كله بيد الحزب الذي هم أعضاءه الوفيين. ينتج عن ذلك إلى فرض هؤلاء الجدد لقراراتهم التعسفية في العمل الادارى، و إلزام الآخرين غير التابعين للنظام. وغالبا ما تكون هذه الرؤى و القرارات ما تنقصها الخبرة اللازمة و الكفاءة الإدارية العلمية، مما يقود إلى إضعاف المؤسسة الإدارية من الداخل، و إلى غياب مبدأ الشفافية في العمل العام، وخفوت صوت الآراء النقدية الحرة. وللسيطرة على كل الخدمة المدنية عادة ما يكون هنالك نقص كبير لكوادر الحزب الشمولي لشغل كل مناصب الخدمة العامة، لذا يقوم الحزب بالاستفادة من الدورات التدريبية بالداخل و البعثات الخارجية للتدريب، و خصها فقط لشباب الحزب، و إعطاءهم كل الامتيازات المالية اللازمة من المال العام. وعندما تتدرب و تعود كوادر الحزب من الخارج تعطى الأولوية في المناصب المتوسطة و القيادية بالخدمة العامة، و تقوم الحكومة الشمولية باستبدال من بقى من القيادات غير الموالية و ذلك عن طريق نقلها للأطراف القصية أو فصلها للصالح العام. كما يتم أيضا تقزيم القيادات القديمة عبر جعلها في ادني من الكادر الحزبي، و يمثل هذا المسلك دعوة غير رسمية للاستقالة لما يجده هذا الأخير من ضغط نفسي رهيب في موقعه الجديد من مرؤوسه كادر الحزب الذي هو ادني درجة وظيفية منه، و اقل كفاءة و خبرة. يحاول الحزب في هذا الشأن من رفع كفاءة كوادره، و إقصاء الآخر من نيل فرصته في الترقي و التدريب، و هذا الآخر هو الموظف بالدولة الذي له أولوية التدريب و البعثات الخارجية على حسب التسلسل الوظيفي و لوائح العمل. وهذا الآخر رغم إخلاصه في العمل و تفانيه في خدمة المواطن، فانه في ظل هذه السياسات غير المنصفة له، نجده قد جثم على صدره الإحباط، و تزايد لديه الشعور بعدم المساواة، والشعور النفسي السيئ بمحاولات الإقصاء المتكررة. لذا تجده قد أصابه الإحباط الشديد، و انخفضت قيمه المعنوية، لذا تجده يؤتى للعمل متكاسلا، ويتظاهر باستمرار بالمرض، وغلب عليه التفكير المتكرر بالاغتراب و ترك العمل.

    أما كوادر الحزب الشمولي القديمة العليا أو التي في خارج الوطن فانه يتم استدعاءها للعمل. و يوظف كل هؤلاء في وظائف قيادية بالدولة أو خلق وظائف جديدة، مثل مستشارين في دواوين الدولة المختلفة. و يكون الهدف من هذه الوظائف هو الاستيعاب الوظيفي لكوادر الحزب الشمولي، و مكافأتها بالتمتع بكل الامتيازات الكبيرة المصاحبة لهذه الوظائف، و التي تمثل المنزل و العربة و المرتب العالي و الخدمات المجانية للعلاج والاتصالات عن طريق الموبايل أو التلفون الثابت، أو المخصصات المالية للرحلات الخارجية بالعملة الحرة أو الحج على حساب المال العام. و في الغالب العام لا تكون هناك حوجة فعلية لكل هذا الجيش الجرار من المستشارين وموظفي الدولة، إنما يعتبر هذا وفاء من الحكم الشمولي للقيادات القديمة بالحزب، و مزيدا من سياسات التمكين لإفراد الحزب، وبالتالي تقوم هذه القيادات بالدفاع القوى عن الحكم الشمولي، بغض النظر عن أوجه الحق في هذا الدفاع، و تجميل وجهه القبيح، و سب كل قيادات المعارضة. وتتم هذا الامتيازات خصما على الصرف على برامج التنمية المختلفة في الدولة، و تثبيت لمبدأ أولوية توظيف كوادر الحزب، والصرف عليهم من أموال دافعي الضرائب و الجبايات، و الذين هم في الواقع شرائح الشعب المختلفة، من عمال في المزارع وأصحاب إعمال تجارية صغيرة و غيرهم . وهكذا تتحول الخدمة العامة من مؤسسة عامة لخدمة المواطن، و تبسيط الإجراءات له، تتحول إلى مؤسسة خاصة للحزب الشمولي، يستوعب فيها كوادره، ليتنعموا بالامتيازات المالية و السلطوية و النفسية، وإقصاء الآخر غير المنتمى لهم.

    امن النظام الشمولي :

    أجهزة الأمن التي من المفترض إن تقوم بحماية الوطن والمواطن، ويكون دورها الرئيس هو جمع المعلومات حول كل المخاطر التي تحيط بالبلاد، ومن ثم إعداد التقارير الأمنية وتسليمها إلى السلطة التنفيذية بالدولة حتى يمكن الاستفادة منها في صنع قرارات صحيحة تحمى الوطن والمواطن. ولكن أجهزة الأمن في ظل الحكومات الشمولية تصبح مُسخرة بشكل كامل للدفاع عن الأنظمة القهرية، وهى تعتبر المواطن عدوها الأول، وتتم تربية إفراد الأمن فيها على كراهية الشعب واستحقاره، والنظرة الدونية لكل إشكال التنظيمات المعارضة وقادتها، والعمل دوماً على إتباع أساليب التعذيب والتنكيل والسجن، وحتى القتل في بعض الأحيان، لحماية النظام.

    تقوم الحكومات الشمولية بخلق أجهزة أمنية متعددة داخل جسم الدولة تعمل على استدامة النظام الحاكم، فهناك الأمن العام و الاقتصادي وامن المجتمع وامن الحزب وامن الإفراد، إلى آخره من مسميات الأمن في ظل النظام الشمولي. تعمل كل هذه الأجهزة الأمنية على حماية النظام ، وضرب المعارضين، وإرهاب وبث الرعب و الذعر في قلوب المواطنين، كما تقوم الأجهزة الأمنية بتجنيد كوادر لها لخدمة النظام في كل الأجهزة الرسمية وغير الرسمية؛ في داخل الخدمة المدنية، بين طلاب الجامعات والمدارس الثانوية، والجيش والشرطة و حتى في داخل الأحياء السكنية. وتقوم الكوادر الأمنية تحت كل هذه المسميات المختلفة للأمن، بقمع الحريات العامة وإرهاب المجتمع.و تستفيد في ذلك من كتابة التقارير السرية عن كل أنشطة المجتمع، وإفراده غير المنتمين للحزب الشمولي، ومتابعة تحركاتهم واجتماعاتهم، وتسجيل كل ذلك و رفعه للجهات الأمنية العليا . فقد نجد أن نصف طلاب النظام الشمولي في الجامعات، يتبع للأجهزة الأمنية، ويكتب هؤلاء الطلاب التقارير اليومية عن حركات وسكنات زملائهم في ساحات النشاط الطلابي، وداخل الداخليات. كما يقوم أيضا بعض الكوادر في الخدمة المدنية بالتجسس على زملائهم في العمل. هذا غير أجهزة الأمن الأخرى التي تقوم بنفس المهام والمنتشرة في كل بقاع الدولة. تكون هذه التقارير المكتوبة رصيدا ضخما من المعلومات، يقوم النظام بفرزها وتحليلها، ثم الاستفادة من ذلك في إبعاد الإفراد الذين يعترضون طريق الدولة الشمولية، عن طريق الفصل من الخدمة العامة، أو السجن، أو التعذيب أو الترهيب. ويصب ذلك كله في استدامة النظام الشمولي وتقويته و في الجانب الآخر قمع الصوت الحر و إضعاف القوى المعارضة عبر تنظيف مؤسسات الدولة جميعها من جميع المعارضين لسياساتها التعسفية والقهرية. كما يتم إدخال روح الخوف الدائم والذعر لدى المواطن و موظفي الدولة وطلابها من جهاز الأمن الاخطبوطى المنتشر بينهم. والخوف الدائم عامل مهم لاستقرار النظام الشمولي، ويهدف إلى إرهاب المعارضين وإبعادهم من دائرة حرية الآراء النقدية ضد النظام وسياساته المختلفة، وبذلك يتم خلق مجتمع مذعور ومقهور غير قادر على فعل شئ يصلح فيه أحواله، أو يعترض على القرارات الظالمة التي تتحكم في حياته اليومية واكله ومعاشه. و من حين لأخر يتم إخراج (تمثيليات) وبثها في الإعلام - حيث يتم الإعلان عن القبض علي بعض الإفراد يعدون العدة لعمل محاولة انقلاب عسكري او تخريب للمنشات العامة. وهذه (التمثيلية) ضرورية لتشديد القبضة الأمنية علي المجتمع والتبرير لذلك بان هذا يحافظ علي امن المجتمع، الذي هو بشكل أخر امن دولة النظام الشمولي. والنظام الشمولي يضع في قمة أولوياته حماية أمنه. لذا يقوم بالدعم المالي و النفسي لإفراد الأمن بمختلف رتبهم، وتوفير السكن المريح لهم، و منحهم الامتيازات الكبيرة، مثل إتاحة الفرصة لهم لإنشاء شركاتهم الخاصة، التي يمول النظام، ويختار لها وضع مقبول وسط المجتمع، مثل شركات بيع الأجهزة الكهربائية المستوردة، والمجمعات الخدمية العامة، أو شركات السفر والسياحة الخ...توفر هذه الشركات الدعم المادي للقيادات الأمنية العليا، كما تقوم بمهامها الأخرى في التجسس على الشركات الأخرى غير تابعة للنظام، وإلحاق الخسائر المادية بتا متى ما بدر منهم معارضة للنظام الشمولي. و في أحيان أخري يتم (تبيض) وجه مؤسسة الأمن- الذي ارتبط اسمه في مخيلة العامة بالبطش و القهر- وذلك عن طريق الإعلان أن الأمن يقيم مأدبة عشاء للصحافيين لمناقشة أرائهم حول الأمور العامة، او أن يقوم الأمن بدعم الرياضة والفرق الرياضية الكبيرة او إن الأمن قد ساهم في إعداد وجبات للفقراء والمساكين المنتشرين في الشوارع. والمثير للسخرية هنا، إن الأموال التي تؤخذ من المواطن في شكل ضرائب وجنايات وزكاة، تتحول معظمها إلى مرتبات لإفراد امن النظام بمختلف رتبهم. وهم الذين يقومون بدورهم بضرب المواطن و سحقه.

    الانقلابيون و رفاقهم من العسكريين:

    والفئة الانقلابية من الضباط التي تؤسس للحكم الشمولي، فإنها تهتم برفاق السلاح من ضباط الجيش، وتوليهم العناية الكاملة، من حيث تحسين أوضاعهم المعيشية، بزيادة الرواتب والعلاوة والقروض طويلة الأجل، فضلاً عما يصبح لهم من النفوذ الادبى والسياسي في قمة الدولة وأجهزتها وبين المواطنين.

    والضباط الانقلابيون يدركون خطر حركة ضباط آخرين في الجيش يريدون الانقلاب على السلطة. وهؤلاء يدركون جيدا بعضهم البعض، فهم الذين يعرفون إسرار الانقلابات، وكيفية التحرك نحو السلطة. لذا يقوم الانقلابيون بمراقبة حركة ضباط الجيش في الرتب العليا، ومراقبتهم بواسطة الجواسيس الأمنية في أماكن عملهم، أو قرب بيوتهم، وتتم إحالة الكثيرين منهم إلى المعاش، أو إن استدعى الأمر سجنهم أو إعدامهم إذا ظهرت اى بوادر لحركة انقلابية جديدة. و تكون المحصلة النهائية هي تنقية الجيش وتسريح غير الموالين للنظام الشمولي، حتى لو كانوا من أكفأ الضباط، أو المشهود لهم بالشجاعة والإقدام في ميادين القتال. و يتم نقل الضباط غير الموالين للنظام الحاكم إلى ولايات طرفية، لا يشكلون فيها خطراً على النظام، أو يتم بعثهم إلى الخارج للعمل بالملحقات العسكرية بسفارات الدولة بالخارج، أو إرسالهم إلى جحيم الحروب المحلية، أو الخارجية مع دول الجوار. فان انتصروا فلقد ساعدوا في بقاء النظام الشمولي، و إذا تم قتلهم قي المعركة يكون النظام قد امن شرهم .و في جانب آخر تتم ترقية الضباط الموالين للنظام، المسبحين بحمده و يوفر لهم الكثير من الامتيازات المادية و الأدبية، أو حتى إذا أحيلوا للمعاش يتم إعطاءهم وظائف سياسية أو خدمية في الدولة، مثل ولاة ولايات، أو رواء محليات، أو محافظين، أو مديري للشركات التابعة للنظام. و للحفاظ على ولاء الجيش الأعمى للنظام الشمولي، يتم التحكم في قبول الضباط الجدد في الجيش بعدة طرق. فان كل متقدم للجيش، لابد للنظام من إن يضمن ولاءه له، ويتم ذلك عن طريق التقارير السرية عن نشاطه السياسي و توجهه العام، وفى العادة تصلهم هذه التقارير من زملائه- كوادر النظام - في المدارس الثانوية، أو إن يتم سنده بوصاية احد قيادات الحزب الشمولي. و ينتج من هذا إن الحكومة الشمولية تريد إن تبقى الجيش في جيبها، و مده بالضباط أصحاب الولاء المطلق لها، حتى يتسنى لهم قطع الطريق إمام الانقلابات العسكرية المضادة. و الانقلابيين الذين مارسوا العمل السياسي، وذاق نعمة السلطة، يولوا اهتمامهم الأول لأمن النظام. و يقوم النظام الشمولي بتقوية الجيش و دعمه و رفع كفاءته، لا بغرض الحس القومي، أو المحافظة على تراب الوطن، وإنما يتم ذلك لتقوية النظام الشمولي، ورد أعدائه من الحركات الداخلية المسلحة، أو الدفاع ضد العدوان الخارجي الذي يهدد النظام. لذا فان النظام يقوم بشراء صفقات السلاح الحديث، و إقامة المصانع الحربية، و رفع كفاءة الضباط الموالين للنظام لهذا الغرض. و بذلك يبتعد الجيش عن مبادئه العليا في الانحياز للمواطن و الدفاع عن أرضه والدفاع عن نظام حكم المواطن الذي اختاره .

    القضاء على الأحزاب المعارضة :

    و الحزب الشمولي في سنينه الأولى يعمل بكل قوة ممكنة على ضرب كل المواقع التي يؤتى من خلالها معارضة النظام، مثل النقابات واتحادات الطلاب و الأحزاب السياسية القديمة.فتقوم السلطة الحاكمة بوضع الخطط لإضعاف الأحزاب المعارضة لها. فتعمل على تجفيف مصادر تمول و ملاحقه أعضاءها، و تشريدهم من الخدمة العامة، و اعتقالهم و تعذيبهم أو قتلهم. كما يتم مصادرة مقرات إعمال الأحزاب المعارضة، و السخرية المتكررة منها في أجهزة الدولة الإعلامية، وعبر الخطب الجماهيرية. تتم السخرية من قادة الأحزاب، ونعتهم بكافة الكلمات المسيئة لهم، مثل إطلاق عبارات اتهامها بالعمالة الخارجية، و تسميتهم بالخونة، وأشباه الرجال، و سكارى الفنادق الأجنبية، و تسفيه برامج أحزابهم.وذلك حتى يستطيع النظام الشمولي من الانفراد بالحكم، وتزييف وعى المواطن عن الأحزاب المعارضة، والتأثير النفسي الكبير على المواطن بان الحزب الشمولي هو النظام الوحيد القادر على حل مشاكله، وهو النظام الأوحد المنقذ للبلاد، ويجب على الشعب عدم الالتفات إلى هذه الأحزاب المعارضة، وعدم الركون إليها أو الاعتماد عليها في بناء الوطن. و عادة ما تجمع كوادر الحزب الشمولي الأمنية المعلومات الكافية عن الأحزاب المعارضة، وطرق تمويلها من مصادر داخلية و خارجية، وتقوم بعد ذلك بإعداد الخطط اللازمة لمحو وجود المعارضة، وتأثيرها في الساحة السياسية، والقيام بتفكيكها، و ذلك عبر ذرع الكوادر الأمنية في جسمها، و التجسس عليها، وإغراء بعض أعضائها بالانضمام إلى الحزب الشمولي، وإعطائهم الامتيازات الجيدة و الوظائف القيادية في الدولة. وعادة ما تكون هذه الوظائف المستقطعة لكوادر المعارضة هامشية التأثير على قرارات النظام الشمولي أو سياساته الإستراتيجية. والقرارات المهمة تصدر فقط من قيادات الحزب الشمولي في مجالسهم العليا الخاصة فقط بالأعضاء القدامى للحزب الشمولي. أما هؤلاء الذين تم استقطابهم من أحزاب المعارضة، فأنهم يكملون الشكل الديكوري للحكومة القومية المتنوعة. هذا غير الدور المخطط له أيضا بغرض ضرب أحزاب المعارضة، و سرقة كوادرها، و بث الفتنة في داخل مجالسها. كما يتم الاستفادة منهم في خداع الشعب بان النظام الشمولي ليس هو ذلك النظام القابض على السلطة لوحده، وإنما هنالك كوادر أخرى قومية تعمل في الجهاز التنفيذي للدولة. وبهذا أيضا يتم خداع بعض قيادات أحزاب المعارضة الملحقين بالنظام الشمولي، وخداع للشعب بأسره بهذه الطريقة.

    والنظام الشمولي الذي يأتي إلى السلطة بالقوة، لا يخاف كثيرا من الأحزاب أو الجماعات المعارضة التي لا تحمل السلاح، ولإدراكه لخطورة القوة في التأثير على السلطة، فانه يولى العناية الكافية للجماعات المسلحة التي تحاربه، و يعطى الأمر أولوية قصوى في ترتيب أولوياته لمجابهتها. ويعمل على تنفيذ خططه التي تحاول إما القضاء على الحركات المسلحة الداخلية بقوة السلاح ما أمكن ذلك، و إذا تعذر ذلك فانه يلجا للمفاوضات التي تمكنه من عقد اتفاقيات شكلية، يتم بموجبها استقطاب قيادي الحركات المسلحة في الحكم الشمولي، و خلق وظائف قيادية عليا كثيرة تستوعب هؤلاء، مثل وزراء ومستشارين أو مساعدين لرئيس الحكومة الشمولية. وهؤلاء في وظائفهم الجديدة لا يتم استشارتهم في الأمور الهامة، و لأيتم طلب مساعدتهم في إصدار القرارات التي توثر على حياة المواطن أو الوطن. و غالبا ما يكون هؤلاء المستقطبين فاقدي لمهمة الاستشارة الحقيقية، لأنهم لا يملكون أدواتها المعرفية الصحيحة. و يتم إغداق الأموال عليهم، و توفير أقصى ما يمكن من وسائل الراحة الجسدية و النفسية لهم، وبذلك يتم تخديرهم وإفراغ مطالبهم الوطنية من محتواها، و عزلهم عن جماهيرهم الذين رفعوا السلاح من اجلهم، وختام حياتهم بان يصبحوا ديكورا تجميلي للسلطة الحاكمة، يحتفل باسمهم في المنابر العامة بإقامة السلام، وتحقيق مطالب المهمشين في الوطن . والنظام الشمولي يدرك جيدا سايكلوجية البقاء في السلطة والتمتع بالامتيازات المصاحبة لذلك، فإننا نجد إن هؤلاء المعارضين الذين تم استقطابهم، سرعان ما يتحولون إلى طيور داجنة، تتلقى الهبات من النظام الشمولي، و تستمتع بالاقامه في المساكن الفارهه، وتتحرك في السيارات الحكومية الفخمة المحروسة بالقوات النظامية. و رويدا رويدا يتم تناسى الغرض الاساسى الذي من اجله رفعوا السلاح ، أو عارضو فيه النظام. إما الاتفاقيات التي تبرم بين الطرفين، فان السلطة الشمولية تحاول تنفيذ البنود التي لا توثر على بقائها في السلطة، والمماطلة في تنفيذ البنود التي توثر على مصادر القوة لديها، مثل التخلي عن وزارات المالية و والداخلية و الدفاع والطاقة أو البنك المركزي . و يتم التماطل والتسويف في تنفيذ الاتفاقيات، حتى تفقد النصوص ألموقعه جاذبيتها، أو يحصل تكاسل للقيادات الموقعة عن ألمطالبه بذلك، بعد إن ذاقوا حلاوة السلطة، و أصبحوا جزئا من مواعين الفساد في الدولة، عن طريق اختلاس الأموال الطائلة التي تعطى لهم لإقامة مشاريع تنموية في مناطقهم الفقيرة. بل يستفيد النظام الشمولي من هذه الاتفاقيات الموقعة مع الحركات المسلحة المعارضة، في البقاء في السلطة لفترات زمنية جديدة، وترويج إن تنفيذ هذه الاتفاقيات يحتاج لان يكون النظام الشمولي في موقعه، وان هذا التنفيذ لا يتم إلا من خلاله.

    والنظام الشمولي يطلق بين الحين والأخر شعارات الوفاق الوطني، ويكون اللجان المتعددة لذلك، و ذلك حتى يتم تنفيس غضب الشعب المتراكم من سياسات السلطة القهرية. وذلك بايهام الشعب بان النظام يسعى إلى لم الصف الوطني، وتوسيع قاعدة المشاركة في السلطة، والتحدث مع قيادات المعارضة عن ضرورة ذلك . و بذلك يتم تلطيف الأجواء المحتقنة في الشارع و وسط بعض المعارضين. و اللجان المكونة لذلك غالبا ما تأخذ وقتا طويلا في ذلك الأمر حتى يضمن النظام الشمولي مزيدا من الوقت لبقائه في السلطة و يمكن من خلال هذه اللجان استقطاب المزيد من قيادات الأحزاب المعارضة وجرهم إلى الارتماء في أحضان النظام الشمولي و بقائهم فيه بصورة ديكورية تجمل وجه النظام.

    استغلال الدين لصالح السلطة و الجاه:

    و الحكم الشمولي الباحث عن دوام بقاءه فى السلطة وصبغ قراراته بالقدسية و ضرب أعداءه باسم ضرب أعداء الدين، خاصة إذا كان المجتمع الذي يود حكمه يشكل الدين مخزونا نفسيا ضخما فى النفوس وطاقة كامنة هائلة لدى العامة. فالحزب الشمولي عندما يتمسح بالدين ويجعل ذلك شعارا ثابتا فانه من خلال ذلك يبرز نفسه على انه وكيلا من الله على الأرض، ويصبح مفكريه هم فقهاء فى أمور الدين والدنيا، ويتحكم فى تفسير النصوص الدينية لصالح تبرير بقاءه و للدفاع عن سياساته القاهرة. ويصبح الحزب بذلك وصيا على المواطنين يتدخل فى حياتهم الخاصة و العامة باسم تطبيق أوامر قادته التي تعتبر مقدسة، بينما هي فى ألأصل اجتهادات مفكر الحزب الأوحد و رؤيته للمحافظة على السلطة و جلب الجاه. و يتم استفراغ الدين فى شكل سياسي و صيغة حزبية . ونقل ساحة الدين و حركته من إكمال مكارم الأخلاق و عبادة الله ومساعدة الفقراء والمساكين، إلى ساحة المكائد السياسة و صنع المؤامرات الحزبية. و الحاكم يبرز على انه صورة الله على الأرض و أرائه شبه قدسية و تحوم هالات القداسة حول قياديي و مفكري الحزب. ويصور الحاكم- طالما مستغلا الشعارات الدينية – على انه معصوما من الخطأ فى سياساته اليومية، و هو الآمر الناهي المتحكم برقاب الناس و رزقهم ، يقتل ما شاء له من معارضيه و يشرد البقية من العمل العام، و يعطى السلطة لاعضاءه الوفيين و يهب المال لمن شاء. والحزب يعتمد فى كل ذلك على خداع العقلية الجمعية الدينية، والنفاذ والاستحواذ عليها عبر صبغة كل قرارات الحكم الشمولي بالدين. و يتم استغلال الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية على حسب الحوجة لها فى تبرير موقف الحكومة الشمولية و سياساته التعسفية. ويتم تأويلها و إخراجها من سياقها ألزماني و المكاني و أسباب النزول حتى تزين أفعال الحكم الشمولي القبيحة، و اختراق الذهنية المسلمة على إن قرارات الحزب تستمد من السماء و إن من يعارضها إنما يعارض الله و رسوله. وعندما يكثر الفساد والإفساد على مستوى قيادات الحزب التي تدعى النقاء الديني ، تنزعج القيادات من هذا الأمر، وبدلا من إصلاح حالهم و محاسبة المفسدين ورد الحق لأهله، فأنهم يجدون طريقا آخر على إظهار أنهم حملة لواء الدين، فيتم الالتفاف علي فسادهم بالحكم بمعاكسة المجتمع، وإصدار القرارات التي تستخدم اللغة الدينية الساحرة، والخطب الرنانة على إن الفساد قد عم في المجتمع ويتم تناسي فساد السلطة الذي هو أس البلاء و السبب الحقيقي في تدهور الأخلاق و القيم العامة. ولمعالجة فساد المجتمع فأنهم يبدأون في تشريع بما يسمي قوانين تزكية المجتمع من دنس الجاهلية ويتم الالتفات إلي الفئات الضعيفة في المجتمع مثل النساء و تحميلهم كل هذا. وتوجه القوانين المشرعة إلي محاربة النساء . وتبرير الفساد الأخلاقي الموجود بالمجتمع علي انه من فعل هؤلاء الفاسقات، فهن الذين يغوين رجال المجتمع المؤمنين إلي ارتكاب المعاصي والآثام العظيمة. ويشرع القانون حتي يتم فيه ملاحقتهن فى الشوارع بواسطة رجال امن المجتمع و ضربهن بسياط النظام العام. و لربما تمثل هذه الطريقة- في وجهة نظرهم - تكفيرا عن ذنوب القيادات بالدولة. و هي ذنوب سرقة المال العام و تعذيب المعارضين وقتلهم أحيانا. ولتبرير انتشار الفساد و تدهور المرافق العامة في الدولة، فان الحكم الشمولي عوضا من نقد الذات وتقبل النقد من الفئات خارج الحكم، فانه يعلق إخفاقاته علي أعداء وهميين. و الأعداء في هذه الحالة هم الصهيونية العالمية و الصليبية الدولية. ويصور للشعب إن هؤلاء وراء كل الإخفاقات التي تحدث في الدولة، حتي يخرج سليما من حرج الفشل الداخلي. ويبث في أجهزته الإعلامية إن هؤلاء (الكفار) لا يريدون لهذه الدولة المؤمنة إن تتقدم في مسيرة التنمية. ويتم الهاء الرأي العام عن أسباب الفشل الحقيقية التي تلازم عادة الأنظمة الشمولية وتوجيه الأنظار إلي عدو خارجي هو المتسبب الأول فيها. وان النظام يسير نحو الاتجاه الصحيح فهو قد استعد للتنمية علميا و إداريا وانه امتلك الأدوات اللازمة لذلك.



    ادلجة التعليم العام:

    الحكم الشمولي ذو العقلية التآمرية و الاقصائية، فبعد إنفاذ خططه لتشتيت أحزاب المعارضة و تامين الخدمة المدنية لكوادره وإنشاء الموسوسات الاقتصادية التي تصب في دعم إفراد الحزب ماديا وإنشاء الموسوسات الامنيه والعسكرية التي تحينه، يتحرك النظام إلى التأثير على الناشئة و صبغهم بأيدلوجية الحزب الاحاديه وحشو عقولهم بشعارات النظام . أو بعبارة أخرى محاولة خلق وعى جدي لدى الأجيال الناشئة؛ وعى يمجد فيه حكم الفرد و يقوم بتبرير الظلم والقهر تحت شعار ضرب أعداء الدين و الوطن و سلب الحريات العامة باسم قوانين الطوارئ التي تحمى الوطن من الأعداء. ويتم بث كل ذلك من خلال التعليم والإعلام.

    و للتعليم له دوره الكبير في تنشئة الأجيال الجديدة ومدها بالمعرفة اللازمة لدخول الحياة العملية .فالحكم الشمولي بعد الاستعلاء على الموسوسات العامة يحاول كذلك التأثير على عقول الناشئة وتوجيهها نحو الدفاع عن رؤية الحزب الإيديولوجية و الأحادية في الحكم و التفكير. يقوم الحزب الشمولي بتغيير كل المناهج التربوية الموجودة في مؤسسات التعليم المختلفة لصالح أقامه منهج جديد يوجه من منظري الحزب الشمولي. يقع عبء تغيير المناهج على قيادات الحزب ذوى التفكير الايديولوجى الأوحد وعلى بعض كوادره الأكاديمية. وهذه المناهج الجديدة نجدها تفتقد للموضوعية العلمية وتفتقد للنقاشات النقدية التي تجدد آليات التفكير، وترسخ مبدأ حرية التفكير العلمي والمنطقي. وتنعدم في متون المنهج من الاستفادة من كل الخبرة الإنسانية في عملية التعلم. كما يبتعد المنهج عن النظرة الشاملة لوضع المناهج التربوية، والتي تستفيد من كل البحوث العالمية و المحلية الخاصة بتطوير المناهج التربوية، أو دراسة ما يكمن إن يقدم في هذا المجال من دراسات علمية يكون نتاجها تخليص المنهج من القوالب الجامدة للتعليم و الابتعاد عن التلقين و الحفظ و الترديد، و استبدالها بعقليه البحث و الحوار العلمي. وبالتالي زرع عقلية المبدع والباحث العلمي. ولكن لأن العقلية المهتمة بالتعليم في الأنظمة الشمولية خاضعة تماما لمفاهيم الحكم الشمولي في السيطرة و فرض الأمر الواقع بكل السبل، فإنها تؤسس تعليما مُحملا بكل الرؤى الإيديولوجية الخاصة بمفكري الحزب الشمولي و غرس هذه الأفكار في عقول الطلاب على انه هذا هو الفكر الأوحد الذي لا يأتيه الباطل و إن الحقيقة الكاملة هي لدى مفكري النظام و ما عداه لا يصب إلا في خانة أعداء الدين و الوطن .وهكذا يُؤسس منهج تربوي جامد يحنط عقلية الطلاب بأفكار مفكري الحزب الشمولي مشبعا بمواد الحفظ و الترديد غائصا في إشكاليات خارج الواقع تزحم بتا عقول الطلاب. ولان مفكري الأنظمة الشمولية دائما ما يعتقدون أنهم هم الوحيدين القادرين على فهم الحياة و معرفة إسرارها فأنهم لا يخضعون أرائهم و قراراتهم التي تهم عامة الشعب للرؤى الآخر، للاستفادة من جدل الآراء والمنطق. فكم من الخبراء التربيون في الدولة لا يتم استشارتهم أو مشاركتهم في المناهج التعليمية، بل يتم في العادة إقصائهم وتشريدهم تحت طائلة الفصل العام.و يتم تدريس الدين على حسب فهم شيخ النظام له، واعتبار أن هذا هو الدين و لا شئ غيره، رغم اختلاف الاجتهادات وأراء الفقه الاسلامى في كثير من المسائل الدينية فان الحكم عن طريق ترسيخ مبدأ عظمة مفكر الحزب الأوحد و هو في الغالب فهم ديني محدد لا يمكن تسميته بأنه هو الدين نفسه، و إنما فهم بشرى قابل للخطأ و الصواب، تحت قاعدة نقصان الفهم البشرى للقصد الآلهى مهما أوتى من علم، وانه لا يمكن لنا إن نقول إن القصد الآلهى قد تنزل في عقله لإحداث الاجتهاد الذي هو صحيح بكامله.



    طلاب النظام:

    أما في الجامعات فيتم إبراز طلاب الحزب الحاكم على أنهم القيادات الطلابية القوية التي تستقطب معظم الطلاب و على أنهم وقود الثورة وسلاحها الموجه إلى أعدائها. لذا يعمل النظام الشمولي على تقوية طلابه بمدهم بالمال و دعمهم عن طريق الإعلام بتصويرهم على أنهم شباب الوطن المؤمن، حملة شعلة العلم و التقوى، و وقود المستقبل الباهر. ويتم تزوير الانتخابات الطلابية في الجامعات لصالحهم. والاستيلاء بدون انتخابات على الاتحادات العامة للطلاب لصالحهم، مثل الاتحاد العام للجامعات و اتحاد المدارس الثانوية. ولتنفيذ سيطرة الحزب المطلقة في الجامعات يتم فصل كثير من أساتذتها للصالح العام، خاصة الذين في وظائف إدارية. و يتم تعيين أستاذة موالين للنظام في مواقع بالجامعات لها علاقة بالإشراف على الطلاب و إدارة العمليات الانتخابية. تقوم هذه الإدارة الجديدة التابعة للنظام بالقيام بكل الحيل و الأساليب الملتوية حتى تمكن طلاب الحزب الحاكم من الفوز بانتخابات الجامعة، ومعاكسة الاتحادات التي لا تتبع للنظام. و الأساليب التي تستخدم لتمكين طلاب النظام كثيرة ومتنوعة، فيها يعكف طلاب الحزب الحاكم و من وراءه الإدارة الجامعية المحسوبة على النظام و أفراد الأمن على التخطيط بشكل سرى لدعم قائمة طلاب الحزب الحاكم. وذلك يتم بعدة طرق أهمها دعمهم ماليا لإقامة برامجهم المختلفة التي تستقطب الطلاب الجدد من مخيمات صيفية و إقامة معارض عامة وطرح برامج لدعم الطلاب عبر مسمى الطالب المنتج و زواج البركة و غيرها.

    كما يتم وضع الخطط الذكية والماكرة لتزوير الانتخابات الجامعية للفوز بالاتحاد. ويتم التزوير بالتحكم في عدد الطلاب المسجلين الذين يحق لهم التصويت من داخل الجامعة، أو عبر ملء صناديق الاقتراع باستمارات الترشيح الخاصة بطلاب الحزب الحاكم قبل التصويت، أو استجلاب طلاب موالين للحزب الحاكم من جامعات أخرى و إعطائهم بطاقات مزيفة للجامعة التي يتم فيها الانتخاب للتصويت لصالحهم، أو وقف العملية الانتخابية في حالة الإحساس بالهزيمة و الاستعانة بإدارة الجامعة في تأجيل الانتخاب حتى يمكن لطلاب النظام من تجميع صفوفهم مرة أخرى، و التفكير في طرق أقوى وأجدى للتزوير، أو التباطؤ في إعلان مواعيد الانتخاب من قبل الإدارة الداعمة لطلاب النظام وإعلان الزمن في وقت يكون فيه بقية الطلاب في بداية أجازة أو عطلة رسمية. وغيرها من الأساليب التي تصب جميعها في محاولة الفوز بالاتحاد بالى طريقة و هزيمة الآخر حتى و لو بطرق ملتوية بعيده عن العدل و النزاهة المطلوبة في هذه الأحوال.

    وبعد الفوز بالاتحاد من قبل طلاب النظام عن طريق التزوير والترهيب الادارى ، يتفاخر النظام الشمولي وسط الإعلام وفى الخطب العامة إن قطاع الطلاب هو المقياس الحقيقي لشعبية النظام الحاكم وان شباب المستقبل جميعهم مع مبادا الدولة الشمولية.

    و نجد إن هؤلاء الشباب الذين يخدمون النظام داخل الجامعات في الغالب العام يكون قد تمت تغذية عقولهم بأنهم هم الأجدر للفوز بالاتحادات الجامعية، وان كل التنظيمات الأخرى وسط الطلاب هي ضد المشروع الحضاري وهى ضد الدين وعميلة لجهات خارجية، وان التزوير و العنف الذي يمارس في هذه الحالات لهو من فقه الضرورة التي تمّكن للدين و ضرب أعداء الله و الوطن. وان استخدام العنف الطلابي ضدهم من اجل إظهار القوة ونصرة الدين و الوطن وتثبيت أركان النظام الذي يقيم العدل ويمثل النقاء الديني الوهاج و الدفاع عن قيادات النظام التي تمثل صورة التقوى و الالتزام الديني الصحيح. لذا يُمد الطلاب بمعدات العنف مثل الهراوات والسيخ أو الأسلحة النارية لضرب- بما يقال لهم - أعداء الله و الوطن وسط الطلاب. وفى أحيان كثيرة تكون القوى الأمنية في الدولة مستعدة للدخول في الجامعة للدفاع عن طلاب النظام في حالة الاشتباكات الطلابية وضرب و اعتقال قادة التنظيمات الأخرى و تعذيبهم. كما تقوم القوى الأمنية بحرق منشات الجامعة و نسب ذلك للتنظيمات المعارضة حتى يتم تشويه صورتها وسط الطلاب و الرأي العام. و يتم تحريك الطلاب على أنهم صحابة هذا الزمان، و استلاب عقولهم بمقولات أن كل من ليس معنا فهو ضدنا، و بالتالي هو ضد الدين و الله، و يريد إن يهدم دولة التقوى و الإيمان ويشرخ المجتمع الرباني. و يتم الاستفادة منهم بعد عمليات غسل الأدمغة السابقة في الحروب الداخلية و الخارجية للنظام. ولا يجد النظام حرجا كبيرا في استثمار دمائهم للبقاء طويلا في السلطة، و ذلك بإرسالهم – بعد إعدادهم نفسيا وبدنيا - إلي أهوال الحروب. و وصف هذه النزاعات المسلحة بالحروب الدينية، حتي وان كانت الرصاصات موجهة نحو مواطنين آخرين في الدولة .

















































































































                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de