السيد أمين النفيدي
مر عامان و ثلاثة أشهر على فقيد الوطن ورجل البر و الإحسان ، المغفور له بإذن الله الراحل المقيم الحاج بشير النفيدي , ماذلت أذكر ذلك اليوم وهيبته وما نال الناس من المنال ما بين صدمة الخبر و التسليم قضاء الله وقدره .... .فبكته القلوب والجوارح وسال الدمع بفقده مدراراً من أعين الكل... لما عرف عن الفقيد من صفات جليلة ومزايا حميدة،توشحت البلاد بالسواد برحيل أحد خيرة رجالاتها ... سلم الروح و هو على متن الطائرة و بقدر هامته العالية أبى إلا ان يسلمها وهو في سموه وسط السحب
فجعنا بتلقي الخبر وقد عايشنا معكم رحلة العلاج منذ أن بدأت بالقاهرة و المكوث الطويل بها , و كيف كان بركم بأبيكم عندما كان يسافر في كل فترة أحد اخوتك المقيمين بالخرطوم كل من السادة (عمر - صلاح – مأمون – أحمد – جمال - طارق) ليمكث معه بعض الوقت ممارضا له و باراً به و هذا لم يأتي من فراغ فالراحل المقيم كان قد غرس فيكم منذ البدء طيب الخصال و مكارم الأخلاق. فجعنا و كلنا نعلم كم كان تلهفكم الى التجمع سويا حوله للم الشمل و استعادة ما كان في السابق خصوصا بعد أن تتابعت رحلة العلاج إلى الولايات المتحدة
ترك فيكم الوالد بصمته الواضحة في التواضع و الحكمة و البصيرة النافذة , فأضاف لكم عصارة تجربته و خبرته طوال حياته الزاخرة بالخير , فالراحل المقيم كان مدرسة متفردة في العصامية و بناء الذات و من خلال ذلك استطاع ان يكون إمبراطوريته التي عرف في مجال النقل البري و الترحيل فكانت الطفرة الكبرى هي إنجاز مشروع البترول السوداني الأول عام 1999 في تحد و اضح كنتم أهل له فكتب له النجاح بقيادته الواعية و الحكيمة وانتم من خلفه يساندكم إخلاص و نكران ذات من طاقم و موظفين
أعود لذلك اليوم ...... تجمع الحشد بمطار الخرطوم لإستقبال الجثمان الطاهر مهللين, مكبرين و محتسبين و وانطلق الركب بعد الوداع الأخير من الدار العامرة بالخرطوم 3 إلى مثواه الأخير جوار ضريح السيد على الميرغني بالخرطوم بحري و سط موكب مهيب يحكي عظمة الراحل المقيم . اجتمع في تشييع جنازته والصلاة عليه والمشاركة في دفنه الكثير من معارفه القاصي و الداني و سائر افراد المجتمع من عامة الناس.... فتلك هي المحبة يهبها الله لعباده لمن يشاء ، فالراحل المقيم من الذين وهبهم الله القدرة على أعمال البر ومساعدة كل من يحتاج إليه دون تصنُّع أو رياء ولكنها سجيته التي خلق بها ، ومنها دمغ بها عليكم....... تقاطر الناس بسياراتهم حتى امتلأ شارع القيادة العامة بعد أن تم تغيير إتجاه الحركة إلي الخرطوم بحري تسهيلا لمرور الموكب نظرا لتدافع ذلك العدد الكبير من السيارات
ولا أملك في الختام إلا أن اسألكم ان نرفع الأكف مبتهلين و مؤمنين ... اللهم اغفر له ، وارحمه ، وأكرم نزله ، ووسَّع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس ، وألهم أهله وذويه ومحبيه وعارفي فضله الصبر والاحتساب اللهم اخلف لهم فيمن بعده خلف خير، اللهم اجعل ما عاناه من مرض كفارة له ، ان العين لتدمع وان القلب ليحزن ، ولكن لا نقول الا ما يرضي الله ، عظم الله اجركم يا آل النفيدي ، انا لله وانا اليه راجعون.
أحمد محمد الحسن أحمد عبدالله
النورس لخدمات البترول