دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الفرعون وردى ..والغزالة .. والحفيد
|
فى رحاب الفرعون ...الغزالة ..والحفيد
اتصل أحد اصدقاء الصحيفة برئيس التحرير مبديا انزعاجه من التعليق على الصورة التى درجنا على تثبيتها فى الصفحة الاخيرة تحت عنوان صيد الكاميرا، واحيانا رصد الكاميرا كانت الصورة للعملاق النوبفيىفي رحاب الفرعون والغزالة والحفيد (فنان افريقيا و فنان عموم السودان) محمد وردى كان محمد الوردى فى الصورة مطرقا مهموما ويبدو عليه حزن خبىء وجاء تعليقى عليها (الفرعون فى متاهته.. ازمة وطن!!). ربطنا بين الوطن المحزون وصداحه الشامخ و استعرنا فى التعليق عنوان رواية غارسيا ماركيز (الجنرال فى متاهته) وكان الذى هاتف صديقى الاستاذ عروة يرى فى ذلك تجنياً على مطرب الشعب محمد وردى، وكان ردى على ذلك اننى عنيت بالفرعون تهراقا او بعانخى وليس فرعون وقلة عقله.. تعتبر صورة الصفحة الاخيرة فى العدد الاسبوعى من السودانى مقالا بحاله، تأخذ منى جهدا ذهنيا ووقتا وعناية كبيرة فى اختيارها وكتابة التعليق المناسب لها الذى يجب ان يكون مختصرا ومعبرا لمحتوى الصورة التى يجب ان تكون ذات دلالة ورؤية عميقة وليس مجرد صورة وتعليق. وكنت متأكدا ان وردى سيكون سعيدا بالتعليق وقد سبقنى بعض الكتاب والنقاد فى اطلاق اسم الفرعون على وردى اجلالا له ورأيت ان اتلمس وقع الصورة والتعليق على وردى شخصيا وقادتنى خطاي الى منزله العامر بالمعمورة فى امسية الاحد الماضى ووجدته جالسا فى حديقته الانيقة التى انشأها امام منزله وكان جالسا على كرسيه باسطا ذراعيه كما رمسيس الجالس على مدخل معبد ابى سمبل وكان برفقتى مراسلنا بكسلا الحلفاوى الظريف عبد الجليل محمد عبد الجليل، وهو الشقيق الاصغر لاحد رواد النقد الفنى فى السودان الشاعر سليمان عبد الجليل وترتبط اسرته بمحمد وردى بعلاقة وثيقة اصلها وشائج النوبة الحميمة وكان منزل المرحوم كمال احمد عبد الكريم وزوجته علوية عبد الجليل بكسلا منزلة يطيب لوردى فيها المقام كلما زار (الاغنية الخضراء). و(علوية الحلفاوية) امرأة موزونة بالرِّجال، طيبة المعشر، أنجبت المناضلين و الـ(عزاز) و يكفي انها رعت صديقي النوبي المنفلت عبد الجليل، واختارت كسلا مستقرا لها بعد رحيل زوجها (هاتفت وردى اثناء جلوسنا معه) وانبسطت اساريره وانطلق لسانه بنوبية رصينة. واللغة عند النوبة ثرية بمفرداتها وعراقتها الممتدة عبر عبق التاريخ والمعروف ان وردى احد اساطينها الذين سبروا اغوارها وجعلوا منها لغة تنضح بالابداع وقد اقيم مركز للغة النوبية فى القاهرة له اسهامات عظيمة من ضمنها مجلة تهتم باللغة والتراث النوبي.. وردى واصدقائى ميرغنى بيشاب وكمال حليم اللذين ابدعا شعرا و نثرا بالفصحى و العامية، هم ابلغ الرطانين عندى بعد (جمال) اذ استطاعوا ان يبدعوا فى مجال الشعر والقصة مستخدمين رطانتهم كاداة لابداعهم وهم يسعون الان للكتابة بها فطوبى لاهل كوش وهم يبعثون من جديد من خلال مبدعيهم الذين قاوموا الطوفان والطغيان ما وجدا الى ذلك سبيلا. ظلموه اولئك الذين (نقرو طارو) وهم يقدحون ويزمون (عنجهيته) لان قلوبهم وبصائرهم قد اصابتها غشاوة حجبت عنهم هذا الانسان الوديع البديع وهناك خيط رفيع بين التعالى والاعتداد بالنفس ولدى وردى ما يستحق الاعتداد به فهو الذى تربع على وجداننا الغنائى لنصف قرن ونيف من الزمان (علمنا الحب والريدة ) وعلمنا ان نودع (الطير المهاجر) شجوننا وحبنا لوطن النيل الذى هو(كالسيف المطرز بالنجوم من غير نظام) وحملت الينا حنجرته صهيلا يرتعد عند سماعه السلاطين وحراس ابوابهم واقزامهم ومهرجوهم. كان الفرعون جالسا فى حديقته ترقد امام قدميه غزالة جاء بها حظها السعيد لترافقه وتؤانسه ويطعمها بيديه حكى لى ان احدى قريباته الحلفاويات صادفت الغزالة تأكل قطعة من التفاح فخاطبته مستغربة بلهجة نوبية (يا مهمد اذا القزالة بياكل تفاها ومال انتو بتاكلوا ايه؟؟).. وجلجل ضاحكا. غزالة محمد وردى هى من سلالة (ام خدود) وقبيلتها التى تغنى بحسنهم الحردلو وشيخ احمد والقرشى وذلك الرهط الشفيف من المبدعين غاب عن وجدانها سهول البطانة ومراتعها ورشاشها وخريفها واستأنست بمقامها الوادع امام قدمى الفرعون. (الحوار بين وردى وحفيده يدعو للتأمل) العلاقة بينهما ذكرتنى جدى فى زمن كان فيه الجد ملازما لحفيده وابا واما ورفيقا يلاعبه كأطفال الروضة الذين يتحدثون عن عنجهيته ارجو ان يصمتوا.. وكفى. تحدثنا فى الشعر والغناء والسياسة والوطن والاصدقاء المشتركين امثال الاستاذ المحامى العملاق حسن عبد الماجد الذى كان رئيسا لاتحاد جامعة القاهرة فرع الخرطوم ابان ثورة اكتوبر اعاده الله للوطن سالما و معافى الذى طالما حظيت بحفاوته وسخريته و كرمه الفياض فى خواتيم عام 1977 بمدينة دنقلا وجمعنى صالونه العامر بكوكبة من المبدعين منهم الشاعر الراحل اسماعيل حسن ود حد الزين ومغنى الطمبور النوبى العملاق (حسين لالا) الذى كان مستودعا لتراث النوبة والذى رحل الى الرفيق الاعلى فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى كان حسين ضريرا ولكنه كان مبصرا ببصيرة ثاقبة ويتجلى ذلك من خلال غنائه وعزفه على الطمبور الذى لم اشهد له مثيلاً ولم نغفل الباشمهندس وردى صالح والذى رافقنى فى ايامى العصيبة وخفف ثقلها بسخريته ونقائه كلاهما المحامى و المهندس المدهشان النوبيان تربطهما اواصر القربى من الدرجة الاولى بوردى ويجمعنى بهما حب والفة ولكن باعدت بيننا الايام. كان وردى سعيداً باختياره للمشاركة فى افتتاح احتفالات الكاف بمناسبة الاحتفال بيوبيلها الذهبى الذى شهد انطلاق الاتحاد الافريقى عام 1957 والمعروف ان الدول المحترمة تحتفى بمبدعيها فى مثل تلك الاحتفالات والفعاليات العالمية وتجعل من مشاركاتهم رمزا وطنيا يجلب الفخار للبلدان المضيفة لمثل هذه الفعاليات. مرورا بالعديد من المغنين المبدعين الذين شاركوا فى افتتاح فعاليات كاس العالم فى كثير من البلاد طافت بخاطرى صورة عازف الساكسفون الايطالى فاستو بابتى (fasto papetti) وهو شيخ يقترب من التسعين جالسا فى المقصورة الرئيسية مع الرئيس الايطالى حيث اعلن عن افتتاح تلك الدورة لكاس العالم بانغام ساكسفون فاستو بابيتى طالما رافقتنى شرائط هذا المبدع لاكثر من ربع قرن فى السفر وطالما طوت نغمات (الالطو) المسافات بين المدن الآفاق. صدح وردي في (دائرة السنتر) باستاد المريخ، مفتتحاً احتفالات (الكاف) بيوبيله الذهبي، وكان الجمهور يلوِّح بأعلام المريخ، ببلاهة خارج التون، دون أن يتجاوب مع صادحٍ يغني لوطنٍ حبوب، سمحاً وزين، وكان الكبار في المقصورة يتآنسون حول مسوخٍ يظنونهم نجوماً، فجاءت النتيجة هزيمة موجعة للكرة السودانية. حمدت الله أنني قد ابتعدت عن هذا العالم بمشيئتي، وتركت مجلس إدارة نادي الميرغني الذي كان مؤسسة تتوهَّجُ بشدو العصافير الصدَّاحة قبل أن تحوم حولها (الجِراء النبَّاحة).. عفواً للخروج عن النص. الذين ينكرون على وردى وطنيته ويشككون فى انتمائه لليسار ويقربونه من الانقاذ فهو لا يتنصل عنها وحكاية منزله الذى منحه للحزب الشيوعى فى الكلاكلة هو منحة اصلا الى جمعية ابناء صواردة بالمنطقة ليقيموا به نشاطهم وكان جلهم من المنضوين تحت راية الحزب الشيوعى وعندما اعلنوا ذلك لم يشأ ان يصحح المعلومة رغم ان له رأيا جدليا وفكريا حول تجربة الحزب الشيوعى السودانى ولاغرو انه انتخب سكرتيرا عاما لاهم روافد الحزب (اتحاد الشباب السودانى) وكان خلال مسيرته الفنية رمزا سياسيا وطنيا يساريا جلب عليه انتماؤه غضب الحكام و السلاطين وجنى من جراء ذلك التشرد والاعتقال واستطيع ان اقول (ومن خشم سيدو) ان وردى لم يتنصل من ماضيه السياسي وسمعتها منه وهو منفرج الاسارير وهو يردد بعفوية النوبة المنفلتين (يعنى نسيب اليسار حنمشى وين!؟) مؤكدا بقاءه على مبدئه الذى لم يكن سبة لشرفاء المبدعين من قبيلة اليسار. ومحتفظا ببعض التحفظات الناقده لتجربة الحزب خلال مسيرته السياسيه خاصة في الآونة الأخيره. خمسون عاما من الابداع قد مضت والهرم النوبى راسخ فى مكانه متربع على القمه بين مبدعى بلادى في (وطن البوبا وزنقار المغنى ) و ظل نجما ساطعا فى القارة السمراء خاصة في بلاد سنغور وسمبين وسوينكا وفي شرقها في ارض بلقيس حيث صدح اسفا اباتي وتلاهون وتربع علي قلوب اهلها واستاد اديس شاهدا علي ذلك الحفل الباهي الطروب.. الذين صوروا ذلك الحفل ومخرجه وجميع الفنيين الذين ساهموا في انتاج ذلك الفيديو تيب كانوا من(الانقليز).. هكذا قالها وردى وفي ذلك دلالة علي تجويده لما يقدمه لجمهوره فهو لايحب الارتجال.. و(الخمج). يستعد الفرعون للاحتفال بيوبيله الذهبي في التاسع عشر من يونيو القادم، والذي سيكون يومه الختامي بالنادي القبطي بالخرطوم ترسيخاً لقيم التسامح والمحبة، (ما نحن النوبا أجدادنا كانوا قبل الإسلام مسيحيين على حد قول الفنان الذهبي)، وأراه يوماً ذهبيَّاً للغناء السوداني، وتكريماً لعملاقه الشامخ محمد عثمان وردي. وها نحنُ من الآن نمدُّ أيدينا ونَهيب بالجميع من مثقفين وفنانين نَهلو من تجربته الثريَّة، وقوَّموا أرواحهم بصوته المؤثِّر، أن يلتفوا حوله ردَّاً لجميله الخالد والممتد عبر الأجيال. ودَّعناهُ بعد جلسةٍ حميميَّة حضرتها (جوليا) صديقة بناته وحَرَمها (ناجي) وشقيقها مُظفَّر وطفلها المشاغب وراعيات الدَّار الأثيوبيَّة والأريتريَّة.... والغزالة. والشكر لابنتي الصحفية المتدربة ابتهال عبد الرحمن التي أعارتني أناملها وأنا أملي عليها هذه المادة.
أحمد طه
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الفرعون وردى ..والغزالة .. والحفيد (Re: أحمد طه)
|
الأستاذ أحمد طه.. سلام وإحترام.. اتفق معك في فلتان العبقرية الوردية.. وكلمة هرم -في تقديري- لا تفي هذا الرجل ولو جزء من حقه
رغم تفسيرك العميق... أجدني still لا استسيغ فكرة إطلاق لقب فرعون على الأستاذ وذلك للدلالات السلبية المعروفة المرتبطة بفرعون (الأصلي.. سيد الاسم).. وأراه مشوار كثير التعرّجات.. كي يصل القارئ للمعنى الذي تقصده.. (هذا إن إستطاع القارئ الوصول)
وايضا... لأن الأستاذ وردي كان ،ولا يزال، هدفا لإنتقادات تتمحور حول إعتداده بنفسه.. وخروجه عن القوالب التقليدية للمبدعين السودانيين.. خصوصا في مجال الفن الغنائي..
وتلك النزعة لدينا (كمتلّقين).. في أن نرى المبدع، ليس مبدعا فقط في مجاله.. بل أيضا.. قدّيسا..
مشكور على المقال.. ولنا عودة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفرعون وردى ..والغزالة .. والحفيد (Re: أحمد طه)
|
الاخت نجوى لك التقد ير وخالص شكرى علي مرورك علي البوست .. وعلي رؤيتك للفرعون ورأيك الذى يجد منى كل تقدير....ليتك شاهدتيه وهو يرتدى زى ملوك الفراعنه فى افتتاح الخرطوم عاصمة الثقافه.. طبعا وردى وعموم أهلنا في منطقة النوبه يعتبرون انفسهم احفاد الفراعين ويعتبروننا نحن اهل الوسط لاننتمي لاصولهم الملوكيه
تايخيا تعتبر منطقة النوبه هى ارض الملوك في طيبه والاقصر ووادى الملوك وفيها اهم معابدهم مثل ابى سمبل والكرنك ..الخ .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفرعون وردى ..والغزالة .. والحفيد (Re: أحمد طه)
|
Quote: فى رحاب الفرعون ...الغزالة ..والحفيد
اتصل أحد اصدقاء الصحيفة برئيس التحرير مبديا انزعاجه من التعليق على الصورة التى درجنا على تثبيتها فى الصفحة الاخيرة تحت عنوان صيد الكاميرا، واحيانا رصد الكاميرا كانت الصورة للعملاق النوبفيىفي رحاب الفرعون والغزالة والحفيد (فنان افريقيا و فنان عموم السودان) محمد وردى كان محمد الوردى فى الصورة مطرقا مهموما ويبدو عليه حزن خبىء وجاء تعليقى عليها (الفرعون فى متاهته.. ازمة وطن!!). ربطنا بين الوطن المحزون وصداحه الشامخ و استعرنا فى التعليق عنوان رواية غارسيا ماركيز (الجنرال فى متاهته) وكان الذى هاتف صديقى الاستاذ عروة يرى فى ذلك تجنياً على مطرب الشعب محمد وردى، وكان ردى على ذلك اننى عنيت بالفرعون تهراقا او بعانخى وليس فرعون وقلة عقله.. |
انة ابن الشمس وابن عم القمر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفرعون وردى ..والغزالة .. والحفيد (Re: أحمد طه)
|
الجنرال .. تحية وفي كتابك هذا دليل شفاء يدك من غدر امجاد فالت ... نوبيتي وسودانيتي متلازمتان وعليه انا غير منحاز -كما ذكرت في مداخلات سابقة- فيما يخص المغني والطرب .. عرفت وردي بحكم علاقات كثيرة وانا طفل في سنتي الثانية الاولية في النصف الثاني من الخمسينات وتشكلت معرفة فيها ما كان حميميا في وقت ما بعيد وفيها ما يشبه ما لكل اهل السودان من عشاق فنه وفيه ما فيه من نوبيه فينا معا لاخيار لكلينا الا نكون غيرها ... لست متعصبا لفنه ولكن اعشق الكثير من اعماله وفي اسرنا من هو متعصب لوردي لا يقبل فيه حتي تعليقا عابرا وما زال بن خالتي لي من هؤلاء لم يعجبه انني يوما لم انتقد احدي قامتنا النوبية والسودانية التي عبرت عن سخطها منه لتعامله مع الانقاذ كما رات هي ..ما زال مجافيا حتي اعتذر عن خطا يراه عظيما ... لا احب المتعاليين وولكن احب المعتديين بانفسهم بحق ووردي كثير الاعتداد بنفسه وتاريخه له الحق في ذلك ...
في سردك الجميل تناولت اسماء تربطني بهم ارحام ولكن تباعدت المسافات فلهم ولك التحية
لك مودتي ابوبكر
| |
|
|
|
|
|
|
|