دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق
|
الخرطوم ... نشأتها و تاريخها ... توثيق مقدمة : ونحن في بداية مشروعنا الهام والضروري للتوثيق لمدينتنا الأم الخرطوم ، كان لابد من ضرورة البحث و التمحيص من اجل الحصول على المعلومة الدقيقة والصحيحة حول نشأت و تاريخ هذه المدينة العريقة . مع ضرورة التركيز على الأسباب التاريخية من الناحية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الطبوغرافية . و التي أسهمت بقدر كبير في اختيارها و إنشائها في موقعها الحالي . لذلك ولربط المعلومة قديما وحديثا - من اجل التوثيق الكامل - كان لابد من التركيز أولا على الفترة التاريخية للمنطقة التي أنشئت فيها المدينة بعد الفتح التركي للسودان . إلى أن سقطت في أيدي ثوار المهدية بقيادة الإمام محمد احمد المهدى و نعنى فترة الحكم التركي السابق للسودان (1820- 1885 م ) . و للأمانة لابد هنا من الإشارة إلى أن كل ما سيرد ذكره هنا من معلومات تاريخية عن مدينة الخرطوم ، كانت مصادرها ( الروايات الشفوية – الوثائق – المخطوطات – المراجع العربية – المراجع الغربية ) و التي بلغ عددها ما يقارب الآلف مرجع . ولابد من الإشارة بصفة خاصة و كمرجع أساسي في فيما سيلي من معلومات عن تاريخ مدينة الخرطوم و نشأتها ، لرسالة الدكتوراه ( تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري 1820 – 1885 م ) و التي حصل بها صاحبها الدكتور / أحمد أحمد سيد أحمد على درجة الدكتوراه من كلية الآداب قسم التاريخ – جامعة القاهرة عام 1963م . ولهذه الرسالة (المرجع) قصة لا تخلو من طرافة ، إذ أنها أخرجت إلى النور في السلسلة المجيدة ( سلسلة تاريخ المصريين ) بالرقم ( 185) . ويقول عنها رئيس تحرير سلسلة تاريخ المصريين الدكتور / عبد العظيم رمضان ، انه لا يعرف الكاتب ( الدكتور / أحمد احمد سيد احمد ) ولا يعرف إن كان حيا أو ميتا ، وقد عرف الرسالة حين اشتراها من سور الازبكية بطريق الصدفة . وقد اعجب بها بعد قراءتها و رأى أن يخرجها إلي النور ضمن هذه السلسلة المميزة . ونسبة لكثرة المراجع التي اعتمد عليها هذا التوثيق ، فسنشير إلى المصدر في سياق هذا التوثيق متى ما كان ذلك ضروريا ، و سنشير لها كاملة في باب منفصل في نهاية هذا التوثيق حفظا لحقوق الموثقين و الرواة . رأينا التركيز على هذه الفترة من تاريخ الخرطوم لأهميتها ، حيث كان فيها مولد الخرطوم كمدينة و من ثم عاصمة للسودان . و إن التركيز على هذه الفترة من الأهمية بمكان ، لتضاف للمجهودات القيمة التي قام بها وما زال يقوم بها الكثيرون من أعضاء هذا المنبر ( الوطن ) ، وهم يوثقون لمدينتهم وعاصمتهم الخرطوم في أزمان مختلفة و لشتى ضروب الحياة فيها . و التي سنستفيد منها أيما استفادة ونحن نجمع كل معلومة مهما صغر حجمها حتى يخرج التوثيق الكامل لمدينة الخرطوم بالمستوى المطلوب .. يشرف كل أبناء السودان و أبنائها بصفة خاصة . فلنبدا هذا السفر الهام و الله المستعان . مدخل : دراسة تاريخ المدن – النشأة والتكوين والتأثير – ليست بالأمر السهل . فإلى جانب إنها يجب أن يتوفر فيها الإلمام بالنواحي السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في البلاد ثم بالحوادث التي تردد المدينة بلا شك أفعالها . لذلك فان تلك الدراسة لابد أن تجنح جنوحا معينا يؤدى الغرض المقصود من دراسة تاريخ مدينة بذاتها و ما كان أو مازال لها من تأثير . و يزيد من صعوبة الأمر أن المقالات التي كتبت بشكل خاص عن مدينة الخرطوم ، و تأثيرها في الماضي أو الحاضر لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة . مما حمل على ضرورة التنقيب و التمحيص عن كل ما ذكر عن المدينة في كل الكتب و المراجع المعاصرة . و خاصة – كتب الرحالة و المستكشفين الذين زاروها و رأوها رأى العين - أو جاء ذكرهم لها في كثير من الأحيان ذكرا عابرا و متناثرا و غير مترابط . وعلاوة على ذلك فان الموضوع لم تكن تستقيم معالجته دون الاستعانة بكثير من الروايات الشفوية ، و التي استقيت من رجال مسنين من سكان القرى المحيطة بالمدينة رأوا المدينة بأعينهم قبل خرابها أو سمعوا أخبارها من ثقاة .
نواصل
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
نواصل
تاريخ منطقة التقاء النيلين قبل قيام مدينة ( الخرطوم ) :
مع إن مدينة الخرطوم خلق ( تركي / مصري ) و هذا ليس يعنى حقيقة خلو موقع الخرطوم من أي مدينة أو قرية أو خالية من الاستقرار قبل الفتح التركي . فقد قامت حلال في المنطقة منذ التاريخ القديم و أثبتت ذلك الحفريات التي قامت فيها : ( Addison F.: Antiquities found near Gordon’s Tree - ) كما كشف في منطقة ( شجرة محو بك ) المجاورة للخرطوم عن حلة ترجع آثارها إلى ما بين 400– 500 م وقد ثبت أيضا عن قيام عدة قرى في - العصر المسيحي - في المنطقة . منها واحدة بالقرب من قرية ( برى ) الحالية و أخرى في جزيرة ( توتى ) ، يرجع تاريخهما إلى القرن السابع الميلادي . ما كانت عليه منطقة التقاء النيليين من الناحتين - الطبوغرافية و الديموغرافية - عند وصول الحملة التركية إليها ، فهو من نتاج العرب في المنطقة منذ حلوا بها في القرن الرابع عشر على الأقل . و تتمثل هجراتهم إلى السودان الأوسط و منطقة الالتقاء في مجموعة الجعليين و الكواهلة وهم من العدنانيين ، و مجموعة جهينة من القحطانيين ، و المحس الذين حلوا بالمنطقة متأخرين عن هاتين المجموعتين . وقد تركز الجعليون على نهر النيل فيما بين مقرن النيليين جنوبا و بلاد النوبة شمالا . ثم انتشروا من هذا المركز العظيم في ( شعب و فروع ) نحو البطانة و النيليين الأزرق و الأبيض . و للكواهل كذلك أثرهم الكبير في الاستقرار العربي على ضفاف النيل من خط عرض 92 جنوبا حتى جنوب مقرن النيليين بقليل شمالا . ومنهم الكواهلة الاصليون الذين يقيم جزء كبير منهم حول منطقة ( جبل الأولياء ) وهم بذلك لم يكونوا بعيدين عن المقرن . أما جهينة فاهم ما يسكن من قبائلهم السودان الأوسط قبيلتا ( الشكرية و رفاعة ) في منطقتي البطانة و جانبي النيل الأزرق . أما ما أعطى منطقة التقاء النيليين الملامح العمرانية التي كانت لها عند وصول الحملة التركية فهما بلا شك ( الجعليون و المحس ) . أما الجعليون فمنهم الجموعية و الجميعاب و فروعهم المختلفة ، و يقيمون إلى الغرب من النيل الأبيض و النيل الرئيسي من جبل الأولياء جنوبا إلى شلال السبلوقة شمالا . و كان يحكمهم ( مكوك ) من بينهم ، إلا انهم جميعا خاضعون لملك الجموعية المقيم بالقرب من جبل ( حنيك ) و الذي تمتد سلطته من ( حجر العسل ) شمالا إلى حجر ( البصل ) جنوبا . و المعروف أن الجعليين هم اقدم السكان العرب في منطقة الالتقاء . و من آثارهم فيها حلة ( الفتيحاب ) التي قامت على يد الفتيحاب منهم ، و حلة ( المقرن ) التي نشأت منذ القرن السادس جنوب نقطة الالتقاء ، على يد ( الصواردة و الدرايسة ) منهم . و كانت جزيرة ( توتى ) آهلة أيضا بالجعليين و بخاصة الفتيحاب . و المحس هم شركاء الجلعيين في تعمير منطقة الالتقاء ، و قد انتقلوا إليها و إلى غيرها من مناطق السودان المختلفة من موطنهم الأصل عند الشلال الثالث بسبب فقر منطقتهم و غارات بدو الصحراء الغربية و مزاحمة بعض القبائل المغربية لهم . و يرجع المؤرخ ( سيرسفيلد هول ) تاريخ وصول المحس إلى منطقة الالتقاء إلى النصف الثاني من القرن السادس عشر . ولكن إذا كان ( الشيخ / إدريس ود الأرباب ) – اقدم المحسيين المشهورين في المنطقة – قد ولد سنة 960 هـ (1504م) بجهة ( حلفاية الملوك ) . و عاش والداه أيضا و ماتا في نفس المنطقة ، بل و ينسب إلى والده ( محمد الأرباب ) تأسيس مدينة ( العيلفون ) - حوالي سنة 1500م – يتضح أن وصول المحس إلى المنطقة كان في النصف الثاني من القرن الخامس عشر. و لما كان المحس شعبا زراعيا - الأمر الذي يثبته الكثير من تقاليدهم في الزراعة – فقد اقتنصوا فرصة جهل سكان منطقة الالتقاء و ما حولها بالري الصناعي و احتقار العمل اليدوي ، فوضعوا أيديهم على الأراضي الزراعية الجيدة في المنطقة . و مما ساعدهم و رفع شانهم في نفس الوقت عند ملوك الفونج و القبائل التي كانت تخضع لهم – قيامهم بدور الفقهاء و المعلمين أصحاب الخلاوى و المعجزات – و اعتقاد الناس فيهم وفى شفاعتهم . و لهذا كثيرا ما منح ملوك الفونج مشايخهم الأراضي ، وهذا الأمر تثبته الكثير من الوقائع . نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
وعند وصول المحس إلى منطقة الالتقاء نزلوا أول ما نزلوا في نقطة ( شمبات ) شمال نقطة الالتقاء . ولم يلبث أن تقدموا بمحاذاة الضفة الشرقية للنيل الأزرق حتى وصلوا تجاه جزيرة ( توتى ) . فعبر فرع منهم إلى الجزيرة و استوطنوا فيها . أما الفرع الآخر فقد عبر النيل الأزرق إلى الضفة الجنوبية منه و أسسوا قرية ( برى المحس ) . و هكذا يتضح أن المحس اصبح لهم المركز الأول في تعمير منطقة الالتقاء . و كان ذلك على حساب الفتيحاب اكثر من غيرهم من فروع قبيلة الجموعية . فعند وصول المحس لجزيرة توتى كان الفتيحاب يقيمون فيها ويزرعون جروفها ، و لكن لم يلبث أن اصبحوا على قدم المساواة معهم في امتلاك الأرض ثم سرعان ما سبقوهم في ذلك . و مما ساعدهم على ذلك أن الخلوة و التدريس – و هما أهم ما ارتبطت به حياة المحس حيثما حلوا – كانا قد صهرا سكان منطقة الالتقاء في المحسية . و أن كثيرا من الفتيحاب تزوجوا من محسيات . وقد ظهر في المحس الكثير من الفقهاء الكبار الذين كان لتقواهم و ورعهم و إقامتهم لخلاوى العلم تأثير كبير في تعمير الجهات التي أقاموا فيها : فمن ( الغرد قاب ) نجد الفكي المشهور إدريس ود الأرباب - الذي أسس والده مدينة ( العيلفون ) – و اتسعت على أيامه و جذب إليها الكثير من المحس . ومن ( الخوجلاب ) الشيخ / خوجلى عبد الرحمن و الذي تنسب إليه ( حلة خوجلى ) . و اشتهر ( البد ناب ) بتأسيس ( برى المحس ) ، أما نسل ( زيد بن عجم ) فقد عمروا منطقة ( شمبات ) و ما حولها . و يرجع الفضل إلى ( العوناب) في تعمير منطقة البشاقرة و قد ظهر فيهم الشيخ الكبير / أرباب العقائد بن عون الذي شدت إليه الرحال في علم التوحيد والتصوف ، وفاق عدد تلامذته الألف طالب . كان لأرباب العقائد مسيد ( مسجد و خلوة ) بجزيرة توتى استمر قائما بالتدريس فيهما حتى انتقل إلى بر الخرطوم . حيث أقام مسيدا و خلوة كانا في أول الأمر من الرواكيب ثم بنيا باللبن و كان ذلك قبل 1691م. ووجه الأهمية في هذا الانتقال أن أرباب – بعد أن استمر فترة من الزمن يتنقل بين الجزيرة و بر الخرطوم – استقر نهائيا بهذا البر و بنى لنفسه منزلا من اللبن جوار الخلوة . ولم يلبث أن انتقل بعض مريده من الجعليين و المحس و بنوا منازلهم حول منزله فظهر إلى الوجود ( محل أرباب ) . الذي كان على شئ من الأهمية العمرانية قياسا إلى محلات الإقامة التي تجاوره بأكواخها المقامة من القش و جلود الأبقار ، و التي كانت تتكون منها أيضا حلة ( المقرن ) . وهذا ما حمل البعض على القول بان ( محل أرباب ) ربما كان يعرف باسم ( الخرطوم ) ، و بالتالي هو الذي أعطى مدينة الخرطوم اسمها . وفى الواقع لا يمكن اعتبار ( محل أرباب ) أو حلة ( المقرن ) بلدة قديمة أعيد تأسيسها في شكل مدينة الخرطوم . ويعزز هذا الرأي أن منازل اللبن بمحل أرباب كانت محدودة العدد . و لم تكن تتعدى ما لأولاد الفقيه / حمدنا لله و أولاد القاضي و ضاحية ( أبو المعلا ) و هو - أحد المجاورين من صعيد مصر - و بعض محس برى . كما انه لا يمكن اعتبارهم المقصودين بقول ( برون روليت ) عند حديثه عن المدينة العظيمة التي كانت تقوم في موقع الخرطوم ، و كانت نهايتها على يد ( الشلك ) سنة 1772م .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
وعند وصول المحس إلى منطقة الالتقاء نزلوا أول ما نزلوا في نقطة ( شمبات ) شمال نقطة الالتقاء . ولم يلبث أن تقدموا بمحاذاة الضفة الشرقية للنيل الأزرق حتى وصلوا تجاه جزيرة ( توتى ) . فعبر فرع منهم إلى الجزيرة و استوطنوا فيها . أما الفرع الآخر فقد عبر النيل الأزرق إلى الضفة الجنوبية منه و أسسوا قرية ( برى المحس ) . و هكذا يتضح أن المحس اصبح لهم المركز الأول في تعمير منطقة الالتقاء . و كان ذلك على حساب الفتيحاب اكثر من غيرهم من فروع قبيلة الجموعية . فعند وصول المحس لجزيرة توتى كان الفتيحاب يقيمون فيها ويزرعون جروفها ، و لكن لم يلبث أن اصبحوا على قدم المساواة معهم في امتلاك الأرض ثم سرعان ما سبقوهم في ذلك . و مما ساعدهم على ذلك أن الخلوة و التدريس – و هما أهم ما ارتبطت به حياة المحس حيثما حلوا – كانا قد صهرا سكان منطقة الالتقاء في المحسية . و أن كثيرا من الفتيحاب تزوجوا من محسيات . وقد ظهر في المحس الكثير من الفقهاء الكبار الذين كان لتقواهم و ورعهم و إقامتهم لخلاوى العلم تأثير كبير في تعمير الجهات التي أقاموا فيها : فمن ( الغرد قاب ) نجد الفكي المشهور إدريس ود الأرباب - الذي أسس والده مدينة ( العيلفون ) – و اتسعت على أيامه و جذب إليها الكثير من المحس . ومن ( الخوجلاب ) الشيخ / خوجلى عبد الرحمن و الذي تنسب إليه ( حلة خوجلى ) . و اشتهر ( البد ناب ) بتأسيس ( برى المحس ) ، أما نسل ( زيد بن عجم ) فقد عمروا منطقة ( شمبات ) و ما حولها . و يرجع الفضل إلى ( العوناب) في تعمير منطقة البشاقرة و قد ظهر فيهم الشيخ الكبير / أرباب العقائد بن عون الذي شدت إليه الرحال في علم التوحيد والتصوف ، وفاق عدد تلامذته الألف طالب . كان لأرباب العقائد مسيد ( مسجد و خلوة ) بجزيرة توتى استمر قائما بالتدريس فيهما حتى انتقل إلى بر الخرطوم . حيث أقام مسيدا و خلوة كانا في أول الأمر من الرواكيب ثم بنيا باللبن و كان ذلك قبل 1691م. ووجه الأهمية في هذا الانتقال أن أرباب – بعد أن استمر فترة من الزمن يتنقل بين الجزيرة و بر الخرطوم – استقر نهائيا بهذا البر و بنى لنفسه منزلا من اللبن جوار الخلوة . ولم يلبث أن انتقل بعض مريده من الجعليين و المحس و بنوا منازلهم حول منزله فظهر إلى الوجود ( محل أرباب ) . الذي كان على شئ من الأهمية العمرانية قياسا إلى محلات الإقامة التي تجاوره بأكواخها المقامة من القش و جلود الأبقار ، و التي كانت تتكون منها أيضا حلة ( المقرن ) . وهذا ما حمل البعض على القول بان ( محل أرباب ) ربما كان يعرف باسم ( الخرطوم ) ، و بالتالي هو الذي أعطى مدينة الخرطوم اسمها . وفى الواقع لا يمكن اعتبار ( محل أرباب ) أو حلة ( المقرن ) بلدة قديمة أعيد تأسيسها في شكل مدينة الخرطوم . ويعزز هذا الرأي أن منازل اللبن بمحل أرباب كانت محدودة العدد . و لم تكن تتعدى ما لأولاد الفقيه / حمدنا لله و أولاد القاضي و ضاحية ( أبو المعلا ) و هو - أحد المجاورين من صعيد مصر - و بعض محس برى . كما انه لا يمكن اعتبارهم المقصودين بقول ( برون روليت ) عند حديثه عن المدينة العظيمة التي كانت تقوم في موقع الخرطوم ، و كانت نهايتها على يد ( الشلك ) سنة 1772م .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
تشير المراجع إلى أن منطقة ( مقرن النيلين ) كانت تقع طوال العصور القديمة فى وطن عنصر ( النيليين ) . فقد كشفت الحفائر الأثرية سنة 1945م عن وطن للنيليين في الطرف الجنوبي لمدينة الخرطوم الحالية ترجع حضارته إلى عصر ما قبل الأسرات ، كما ثبت انه كان مأهولا في عصر مملكتي ( نبتة ) و ( مروى ) 750ق م – 350م . وقد عثر أيضا على اكثر من أثنى عشر موضعا حول مقرن النيلين لسكن هؤلاء ( النيليين ) . و نجد في روايات أهالي توتى من المحس أن أجدادهم عندما وصلوا من موطنهم في الشمالية إلى منطقة الالتقاء وجدوا ( الجانقية ) في بر الخرطوم ، وان هؤلاء ( الجانقية ) منذئذ اخذوا في الانسحاب إلى الجنوب تدريجيا . و ( الجانقية ) كلمة معروفة عند ( الدينكا ) و تعنى عندهم اسم عام يشمل كل فصائل الدينكا . وقد حرفها عرب كردفان ودار فور إلى ( دينكا ) و اصبح الدينكا يعرفون بهذا الاسم عند عرب البلاد جميعا . هل يمكن اعتمادا على هذا كله أن نقرر أن منطقة ( الخرطوم ) كانت وطنا للدينكا قبل مجيء العرب إليها و أن الدينكا هم الذين أعطوها هذا الاسم ، خاصة إن أقوال علماء التاريخ و الروايات الوطنية و روايات الدينكا أنفسهم كلها تعززه . لذلك فان تفسير اسم ( الخرطوم على الأساس ( الدينكاوى ) يبدو محتملا ، و هو الأمر الذي يميل إليه الأكثرية من تفسير التسمية على أساس التخريج اللغوي . نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
تاريخ نشأة و تسمية مدينة الخرطوم :
يرتبط إنشاء مدينة الخرطوم ارتباطا وثيقا بالفتح التركي للسودان في عهد السلطان محمد على باشا والذي بدا في عام 1820 م حيث تم إخضاع السودان للحكم المصري على يد أبنائه ( إسماعيل و إبراهيم ) وصهره محمد بك الدفتردار . لذلك لابد من المرور السريع على الظروف و الأسباب التي أدت إلى الفتح التركي للسودان في عام 1820م وما صاحب ذلك من تسلسل للأحداث و أسباب دفعت بهم لاختيار موقع الخرطوم الحالي لتكون عاصمة حكمهم للسودان والتي استمر ما بين 1820-1885م . كان هدف السلطان التركي محمد على باشا - كما هو معلوم - من فتح السودان في ظاهره هو المال ... الرجال و كشف منابع النيل .. وان كان قنص الرقيق كان هو الهدف الأساسي من الحملة . تحركت حملة الجيش التركي من القاهرة في 20 يوليو 1820 م و كانت بقيادة إسماعيل كامل بن محمد على باشا . في أغسطس من تلك السنة عبرت ( أسوان ) إلى بلاد النوبة ، وقد اصطدمت بالمماليك لاول مرة بالقرب من جزيرة ( ساى ) إلا أنها تقدمت في اتجاه ( دنقلا العرضي ) عاصمتهم ، و ما أن سمعوا بقربهم منها حتى فروا منها في اتجاهات مختلفة . في هذا المكان كان الاتفاق بين إسماعيل باشا و قبيلة ( الشايقية ) على أن يدفعوا ضريبة رمزية لاسمأعيل و يقدموا خيلهم لحملته . و تذكر الروايات الوطنية أن الشايقية توقفوا عن تنفيذ شروط الاتفاق و نادوا بالجهاد *( محمد عبد الرحيم – نفثات اليراع – جزء (1) ، ص 17-18)* . وتصدوا لكوكبة من فرسان الترك كانت مهمتها البحث عن خيلهم وقتلها . و هكذا تهيأت الظروف لقيام معركة ( كورتى الكبرى ) في 4 نوفمبر 1820 و التي لم تغن فيها شجاعة الشايقية أمام أسلحة الحملة الحديثة ، و انتهى الأمر بان كل رجل يمتلك حصانا يؤخذ جنديا في الحملة وتصرف له ( جام كية ) كفرسان الترك ، و منح الملك ( جاويش ) – أحد ملوك الشايقية رتبة ( سر سوارى ) على جنود الشايقية .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الكاتب: د. جعفر ميرغني - جزء من محاضرة ألقاها بتوتي أصل اسم الخرطوم وعلاقته بتوتي والمحس 1-2 استمرت مقابر الخرطوم القديمة وهي مقابر أبو جنزير إلى النصف الأول من القرن العشرين ثم اغلقت نهائياً بفتوى من قاضي القضاة والمفتى في ذلك الوقت في أنه يمكن أن تحول المقابر على أنه إن وجدت بالقبر بقايا تدفن في مكان آخر وبنيت مستشفى الخرطوم وسائر المباني على اساس هذه الفتوى لكن كانت مستمرة حتى النصف الأول من القرن العشرين ووالدة الامام المهدي مدفونة داخل مستشفى الصدر الآن بالقرب من قبر الشيخ وراق وهو من المشاهير المدفونين في هذه المقابر. والذي أحببت أنه أنبه اليه أنه اذا وجدنا دفن على الطريقة المسيحية وتحته دفن على حسب المرويين وتحته دفن مستمر على مدى عشرة آلاف عام الى العصر الحجري في ذات المكان نجد مقابر كما هو حال مقبرة الخرطوم القديمة مكان ضريح أبو جنزير ، فهذا لا يدل على أن الخرطوم كانت مسكونة من زمن سحيق فحسب بل فيها تنبيه على اتصال السكنى واتصال الثقافة عبر الاجيال لأن المنطقة المخصصة للدفن ظلت هي نفس المنطقة تدفن فيها الاجيال جيلاً بعد جيل أي أن الخلف يعرف مخصصات المنطقة السكنية وبالتالي هنا توارث للعادات والتقاليد وربما حتى اسماء الامكنة ومخصصاتها وهذا له دلالات عظيمة لأن اسماء البلدان مثل المخلفات المادية من بقايا عظام أو اواني أو كذا المفردات القديمة ومنها اسماء الاماكن احياناً اذا وصل الانسان الى تفسير اسم المكان قد يكون بالضبط كمن اكتشف كنزاً مخفياً منذ قديم الزمان لذلك ادخلنا دراسة اسماء الاماكن المحيطة بملتقى البحرين أو هذين النيلين العميقين الكبيرين العظيمين واذا بدأنا بهذا وطبقنا القواعد العلمية لأن تفسير أسماء البلدان يفتح شهيتين شهية البحث العلمي وشهية النوادر والطرف لأن كل انسان يشتهي أن يتدخل في تفسير اسماء البلدان لذلك توجد تفسيرات علمية وتفسيرات شعبية كما يقسمها العلماء التفسيرات الشعبية هي التي يذهب اليها ظنون الناس ولديها قيمتها ونحن نسجلها على سبيل المثال قالت امرأة من الشلك أن الخرطوم ملكهم. فقلت لها كيف؟ فقالت إن اصلها كار توم وكار كما في لغتهم تعنى حلة فقلت لها قد عرفت كار فما معنى توم فقالت لا تعرف ايقاع التوم أي التوم توم أي الدلوكة أي أن معنى الخرطوم بلد الدلاليك والغناء وقد سجلت هذا الكلام لأن له موقعه. وقد كتب أحد الزوار الاجانب في عهد التركية أن أهل الخرطوم يحبون الطرب جداً فكل يوم تسمع الغناء الدلوكة في الخرطوم القديمة وهناك منتديات غنائية فهذه المرأة تصورها الشعبي هو الذي دفعها إلى أن تفسير هذا التفسير لأن الخرطوم كانت ولا تزال بلد أغاني وساحات للغناء كثيرة ولذلك محمد عمر البنا في الرهد في قصيدته التي مدح فيها المهدي يقول له:- وانهض إلى الخرطوم إن فيه أهل الغواية والمفاسد باتوا وكان التجار عندما يفتحون التاية أو المنزلة وهي مثل السوق المركزي الآن في خارج الخرطوم وكانت المحلات تنصب على أطراف السوق ولم تكن في السودان القديم محلات بيع الأكل الطبيخ لأنه كان يوزع مجاناً لكن المدن التي بناها الاتراك هي التي علمت السودانيين بيع المأكولات والمشروبات فكان في المنزلة محلات للبيع وأنادي ودلوكة وغناء ليكون هناك دفع ويغنون لهم : رجال تشكيله جابوا الدهب بالكيلة ورجال شنقول الخاتيين القول وعندما يقارب الزير الذي يشربون منه على الإنتهاء ويريدونهم ان يدفعوا ليملؤه لهم مرة أخرى يغنون لهم: ( الله لينا الله لينا الله لينا الدن تكينا) وهذا نموذج للتفسيرات الشعبية. ونموذج آخر من بعض المثقفين من إخواننا من جنوب السودان ذكر أن الخرطوم أصلها كرتوم وهي تعني فرعين أي المقصود فرعي النيل فقلت له لو سلمنا بأن أصلها من لغة أهلنا في الجنوب فكم من فرعين لهذا النيل في الجنوب يلتقيان فنجد أن عشرات الأنهر تلتقي في جنوب السودان لو نظرنا إلى خريطة السودان فهل تستطيع أن تجد لي مكان واحد في جنوب السودان يسمى بكرتوم وهذه إحدى الطرف العلمية التي تقدمها الدراسة لكونها علمية أو غير علمية . الأمر الآخر قد لا تعلم أن هناك مناطق أخرى تسمى بالخرطوم وأنا شخصياً أعرف سبع مناطق تسمى بالخرطوم متراوحة بين الخرتوم والكرتوم على امتداد نهر النيل في كلبشة وهي الآن داخل الحدود المصرية لكن منطقة نوبة بالمعنى العريض للكلمة أو منطقة محس بالمعنى الأدق للكلمة وكلبشة بين حلفا وأسوان وفي الدامر كذلك وعند الملتقى في النيل الأبيض لايوجد مكان جنوب الخرطوم يسمى بالخرتوم لكن في النيل الأزرق هناك أكثر من موقع في العيلفون وفي أم دوم وفي البشاقرة وفي رفاعة أحياناً كرتوم واحياناً خرتوم وهذا مفيد لأنه من الأسس العلمية لدراسة أو تفسيرات البلدان أن تجمع كل الصيغ المختلفة التي يكتب أو ينطق بها الإسم وبعد ذلك تجمع تاريخ المنطقة جيلاً بعد جيل أي سكانها والاوصاف الطبيعية للمنطقة من أشجار وانواعها ونوعية التربة والجبال الموجودة والغير موجودة . ثم تحاول أن تعرف أقدم صيغة لكتابة الاسم ونطقه وأقدم اللغات الموجودة في المنطقة وتحاول أن تصل إلى دلالة الاسم والمقارنة بين المعنى وبين اوصاف المكان وهي عملية شاقة لأن تفسير اسم واحد قد يستغرق سنة او سنتين أو عمراً كاملاً وان تحاول الوصول وأنت تجمع القرائن والدلائل والشاهد في الخرطوم كنا أكثر حظا لأن الحملة التركية المصرية بقيادة إسماعيل باشا كان من بينهم اوربيين ومن بينهم فرنسي يسمى فريدرك كايو كان له كتاب كبير فيه تاريخ هذه الحملة وقد ضمن كتابه هذا معلومات كثيرة جداً من السودان ومن الأشياء التي اعتنى بها تسجيل أسماء كل البلدان ورسم خريطة للسودان ورَسَم أسماء البلدان بالحروف اللاتينية وبالحروف العربية حتى يكون دقيقاً وعندما حضر إلى الخرطوم دون التاريخ وذكر أنهم عسكروا في أم درمان ودون أسم ام درمان قال : وقطعنا إلى منطقة تعرف برأس الخرتوم أو رأس الكرتوم وذكر أن السكان بعضهم ينطقها بالكاف والبعض الأخر بالخاء وأخيراً في الخرتوم العاصمة أختفت كرتوم فأصبحوا يستعملون خرتوم لكن في الأماكن الباقية التي ذكرتها بالتناوب ففي العيلفون يقال كرتوم وفي البشاقرة الخرتوم وهكذا. فهو ذكر الخرطوم والكرتوم فلأول مرة نتنبه لذكرها بالكاف فهو مصدر أخذها عن السودانيين بالتواتر في ذلك الوقت . وفي طبقات ود ضيف الله مذكورة الخرطوم مكتوبة بالطاء والخاء مضمومة وكايو كتبها بالخاء المفتوحة والكاف المفتوحة والتاء وكتب رأس الكرتوم وخرتوم توتي كتب كل هذه الأسماء ، طبعاً طبقات ود ضيف الله أقدم لكن جميع النسخ تعود إلى ما بعد العصر التركي وليس لدينا نسخة من أيام السلطنة الزرقاء حتى نتأكد من أن المؤلف أو الناسخ القديم كتب أسم هذه البلدة على أي شاكلة وهذا مهم جداَ ولذلك أصبحت نسخة كايو الأصلية أقدم من الطبقات وإن كان كتاب الطبقات أقدم من كتاب كايو بكثير. أول ما وجدنا من تفسير وجد عند المحس أنفسهم في كل هذه البلدان فهم يفهمون أن هذا الكرتوم هو جبل قصير او حجر قصير في مجرى النيل يتجمع فيه الطين ويصبح جزيرة . وكما أذكر عندما ذهبت إلى جزيرة العيلفون وجدت مرزاعاً يبلغ من العمر تسعين عاماً فقلت له الكرتوم وين؟ فقال : الجزيرة هذه قديمه ولكن الكرتوم في مكان أشجار الليمون تلك ، فقلت له هل هناك حجر ؟ فقال لي أن هناك حجراً كبيراً جداً ولهذا السبب كل خرتوم أضيف إلى اسم آخر للتمييز فيقال خرطوم البشاقرة وخرطوم توتي وفي بعض النسخ من وثائق السلطنة الزرقاء يكتب خرتوم توتي أو خرتوم جزيرة سنار لأن المنطقة بين النيلين الأبيض والأزرق تسمى بسنار .ودائماً الخرطوم أو الكرتوم يكون في رأس الجزيرة والسبب في ذلك أن النيل الأزرق مجراه قوى ولا تقوم جزيرة إلا إذا كان هناك شيء يمسك الطمي والطين وأول ما يترسب هو الرمل ثم الطين وتوتي قائمة على صخرة كبيرة جداً تمتد حتى المقرن وأم درمان وهذا هو الوصف الحقيقي للمنطقة وهذه الصخرة تظهر جنوب المسجد مباشرة وبدأت تختفي عندما كنار صغاراً كانت هذه الحجارة ظاهرة جداً وهذه الحجارة ممتدة حتى حي الشكرتاب وكان المشرع قديماً في الشكرتاب وقد أخذ الطين في التراكم حتى غطى هذه المنطقة . ورأس الجزيرة كان عبارة عن رمال وهذا ما تعلل به الإنجليز عندما أرادوا أن يدخلوا توتي فقد قالوا إن الهواء يأخذ هذه الرمال ويغطي بها المباني في الخرطوم فمن المستحسن أن يستفيد من الإنجليز في بنائها . لكن اليوم أصبح هذا الرأس عبارة عن طين وذلك أن بعض الناس قد رموا بسيارات مكسرة ورموا الأشواك ليمسك الطين ومنذ ذلك الحين تحول الرأس إلى طين والسر في هذا إلى معرفة السلف بأن الطين سوف يتراكم ، وما جرنا إلى هذا الحديث هو الخرتوم أو الكرتوم -وهو الحجر الذي يبرز احياناً- هو السر في وجود جزيرة طينية في هذا الموقع وهي جزيرة قائمة على صخرة وهذا الكرتوم موجود أيضاً في المقرن في منطقة البساتين والحديقة النباتية لا تستطيع الحفر عميقاً لأن الصخر تحته تحجز ماء النيل وكذلك في الشاطئ الغربي لتوتي يستحيل أن تحفر وإن كنت تريد أن تسقي فلابد أن تأخذ من ماء النيل . وأنا أذكر أن بعض قدامى توتي قد ذكر لي أنهم صمموا أن يحفروا بالألات وحفروا حتى عمق ثلاثين متراً ولكنهم لم يصلوا إلى الماء فاخبروا خواجة فقال لهم بان الصخرة تعمل كحاجز دون وصول الماء فلا تتعب وقد يكون بعضهم قد جرب هذا. وهذه الخراتيم السبعة التي ذكرناها وذكرنا معناها والذي يعرفة السكان الأصليون والذي لا يختلفون فيه وهناك بعض المسنين يقولون أن الفتاة إذا أصابها مرض فتساقط شعرها فإذا تشاجرت مع إحدى أخواتها قالت لها : أمشي يا أم كرتوم أي مثل الصخرة التي في الجزيرة التي لا ينمو عليها أي نبات فهم واعون جداً لهذا المعنى والمدهش أنه لو رجعت إلى المراجع العربية القديمة مثل القاموس المحيط أو لسان العرب وكلمة كرتوم تبدو وكأنها ليست عربية – تجد أن قدامى اللغويون العرب قد فسروها بأنها الجبل القصير أو صخرة في مسير الماء ينصب عنها الماء وحرّة بني عذرة. والحرّة هي الحجارة البركانية وهي دائمة تكون قصيرة مثلها في المدينة المنورة توجد حرتان صخور أعلى ما تكون في قامة الإنسان أو الجبل البادي وحرة بني عزرة تسمى الكرتوم شمال المدينة وفيها اودية سيول فيها جبال الحرة هذه وفيها عيون ماء وتسمى وادي القرى . وإذا كان منذ العصر الجاهلي وفي جزيرة العرب هذه المنطقة تسمى الكرتوم فقد رجعت إنا للتركيبة السكانية القديمة لسكان بني عزرة فهي بعد الإسلام تكاد تكون هجرت لأن معظم سكانها هاجروا فعندما راجعت الكتب القديمة وجدت سكانها من اليهود لأن شمال المدينة المنورة كانت هناك قرى كثيرة لليهود وهذا له أهمية في حديثنا فالحرة تركيب سكانها كان فيه الكثير من اليهود كما هو معروف في كتب السيرة والتواريخ فكان فيها أناس من بني هلال بن عامر من بني سليم وفيها قبيلة رفاعة وسكنها عدد كبير من الخزرج ومن فزارة وفيها جماعة من اليهود وهذا له صلة وثيقة لمزيد من الدلالة على توثيق الاسم لأنه كلما وجدت كلمة كرتوم في السودان وجدت نفس التركيبة النوعية للسكان وهم المحس من كلبشة إلى البشاقرة حتى الهلالية وكما هو معلوم المحس ينتمون إلى الخزرج وينتسبون إلى رفاعة وهناك تداخل في شجرة النسب الرفاعية المحسية. وفي أعالي النيل الأزرق توجد منطقة رفاعة التي سميت بذلك لأن السكان رفاعيين وفي منطقة البشاقرة يوجد تداخل بين البشاقرة والرفاعيين. والهلاليين موجودين بدليل مدينة الهلالية التي لم تسمى بذلك من فراغ وينتسب الذين أنشأؤها إلى قبيلة هلال بن عامر وإذاً هذا الإسم جاء مع هذه المجموعة السكانية حيثما سكنوا وحيثما وجدوا هذه الصفة الطبيعية للمكان سموه الكرتوم وهذه مثل الماركة التجارية للمحس لدعواهم في أنهم خزرج وأنهم رفاعيين وقد ذكرت أن التركيبة السكانية فيها يهود واللغة العبرية الكاف في اللغة العربية تقابلها خاء كما تقابل القاف في لغتنا الهمزة عند المصريين وبالتالي كلمة ملك تصير ملخ وحكام تقابلها حاخام وبالتالي كرتوم تقابلها خرتوم وهذا من الارتباط السكاني هناك والدليل على أن نفس الصخور التي تجري فيها الماء تسمى الخرتوم أن الماء الصافي كان العرب يسمونه خرتوم وهذا فيه دلالة على الذين عدلوا كرتوم إلى خرطوم لأنه أحياناً البنية الصرفية تقول على الاكثر فتقال ماء خرطوم إذا كان صافياً وخمر خرطوم والماء إذا رسب فوق الصخور أصبح صافياً جداً وهذه كما قال شاعر الجاهلية الأعشى: كبردية الغيل وسط الغريف ادَّ الرصاف إليها الغرير البردية هي القصبة نبات البرد والغريف هو الماء الكثير والغيل النبات الكثير والرصاف هو الحجارة المرصوفة والغدير هو الماء الذي ينقطع بعد المطر. فهي كقصبة أي البنت ريانة التي يصفها وهو يريد أن يقول أن يصف صفاء لونها فخطر بباله أن الماء الذي يسقي هذه القصبة لكون ماء نقي جداً . وللمقال بقية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: عزيز)
|
الكاتب: د. جعفر ميرغني - جزء من محاضرة ألقاها بتوتي أصل اسم الخرطوم وعلاقته بتوتي والمحس 2-2 للسائل أن يسأل سؤالاً وهو هل أن استخدام المفردة العربية قديم في هذا المكان – وهو مكان الخرطوم - وهذا سؤال مهم جداً بعد أن تبينا أن الكلمة – كلمة كرتوم - موجودة في اللغة العربية القديمة فهل المعنى القديم نفسه والمفردة القديمة مفهوم في السودان نفسه هنا حجة قوية وهي أنه عام 360 هـ زار منطقة الخرطوم احمد بن حوقل وفي كتابه صورة الأرض وهو كتاب مطبوع وقد تجول في منطقة الخرطوم وسوبا ووصف سوبا كأقدم وصف لمدينة سوبا ووصف منطقة النيل الابيض لأول مرة ولم يكن معروفاً في ذلك الوقت النيل الابيض وكان هناك جدل بين اليونانيين بأنه هل هناك نيل بعد النيل الازرق ام لا ؟ وقد كان للعرب عقيدة أن النيل هو النيل الازرق وكلمة نيل معناها أخضر فكتب (ومن وراء النيل نهر عظيم يسمى النيل الابيض). وهذا معناه أن النيل الابيض قد أسماه سكان المنطقة وهذا دليل على أن كل ذلك التاريخ البعيد كان هناك تداخل لغوي بين عربي وغير عربي وقد اضاف أحمد بن حوقل اضافة هامة عندما قال (سكانه جنس من النوبة) وهذا هام جداً لأن من الضبابية في التاريخ وما يذكره الناس ان الشلك كانوا يسكنون بحر اًبيض وهذا هام جداً أيضاً لأنه كما اختلطت شجرة النسب محسية خزرجية هي بلاشك فيها دماء نوبة وهذا معروف في الشمالية فهم يقولون نحن محس ونحن نوبة ونحن خزرج فهذا واضح في كتاب الطبقات كما ذكر ود ضيف الله عندما ذكر أن الفونج استدلوا على مدينة سنار كتب أعلموا أن الفونج غلبت على ارض النوبة وملكتها فالمنطقة كان فيها اللسان المحسي وابن حوقل نفسه قال (سوبا لها ريا الضواحي وبه جماعة من المسلمين) أي أن فيها جوامع ومسلمين تحيط بالفونج وبالتالي هي باللغة العربية وعلى تلك الايام نفسها وبعده بحوالي 150 عام اكتشف نقش في مدينة سوبا يعود إلى 900 عام يعود إلى عصر الفاطميين إلى عصر الخليفة الثالث أو الرابع عزيز هذا النقش مهم جداً لأن له دلالة ثقافية عظمى وهو بحجم كف الانسان ونقش في حجر الدواس وهذا النقش او هذا الحجر عبارة عن قالب يصب فيه الصائغ الذهب اما ختم أو قلادات وأهمية هذا أنه يدل على أنه في دكان صائغ في سوبا القديمة قبل قرابة الف عام وفي وجه هذا الحجر ما كان يسمى في السودان قديماً الحفيظة وهي حلي في شكل حلقة كبيرة وينقش فيها أيات من كتاب الله ولذلك تسمى بالحفيظة لأنها تحفظ الانسان واذا بحث بعضكم فيما ترك آل موسى وهارون من حلي الحبوبات القدماء فربما يجدونها وكانت من لاتجد فيهم حفيظة فانها تأخذ الريال ابوعشرين وتعمل له علاقة ويسمى بالحفيظة لأنه توجد فيه البسملة. وهذه الحفيظة التي وجدت في سوبا منقوش فيها (تحصنت بذى العزة والجبروت وتوكلت على الحي الذي لا يموت) باللغة العربية وهي موجودة في المتحف وهذه الحفيظة تدل دلالة قاطعة على أن الناس مثلما كانت لهم رطانتهم فانهم كانوا يعرفون اللغة العربية ايضاً بدليل الحفيظة التي كتب عليه (تحصنت بذي العزة والجبروت وتوكلت على الحي الذي لا يموت) وذلك قبل الف سنة. فلم يكن هذا بحروف يونانية وكانت اللغة اليونانية مستعملة وليس بحروف نوبية كذلك وكانت اللغة النوبية مستمدة من المروية القديمة واليونانية القبطية. إذاً أحمد بن حوقل عندما يقول (من وراء النيل نهر عظيم يسمى النيل الابيض) ، هذا يعنى أن الكلمة متداولة وهذا يعزز تداولهم لكلمة كرتوم وإدراكهم لمعناها وتناقلهم لهذا المعنى جيلاً بعد جيل. هذا بالنسبة لأمر الكرتوم. وقد أستوقفتي كتابة لرجل ألماني كتب عن توتي والخرطوم وهذه المنطقة كثيراً جداً وهو أول من أقترح أن يعمل بالخرطوم رصيف مبني بالحجارة لأنه قال أنه لا يأمن للبحر وأن هذا البحر يتغير كثيراًَ جداً وهذه الجزيرة قائمة على صخرة وطرف الخرطوم أيضاً صخرة فهو لا يأمن أنه في فيضانه أو سيله أن يقتلع توتي كلها ويترك الصخرة فقط وقد يقتلع الخرطوم فلكي تحصن الخرطوم لابد أن يبنى رصيف وقد قدم هذا الإقتراح للحكمدار أحمد أبو دان عام 1840م . فقام الحكمدار بالتفكير وتسأل لماذا لا يبني الرصيف في توتي وينقل قصر الرئاسة إليها . ولكي يخفف الضغط فكر أن يحفر قنال من سوبا غرب إلى النيل الأبيض ، لأن فيرني والذي درس المساحة وجد أن هناك قناة وقد أخبره السكان أن هناك ترعة تأتي من النيل الأزرق من جهة سوبا لتلاقي النيل الأبيض قبل الخرطوم بقليل وهنا أنا لا أشك فيه لأني رأيت أن الكثير من الناس الذين قاموا بالحفر في الصحافة في مناطق معينة يبلغون طين بحر بما فيه من قراقير وواضح أن هناك مجرى. على كل حال أنا ذكرت هذا الرجل لأنه ساهم في إكتشاف الجبلين وفي إكتشاف النيل الأزرق لصالح حكومة محمد علي باشا عام 1840م وكتب عن هذه الرحلات . وعندما قرات الكتاب لأول مرة ذكر أنه عندما أرادوا دخول الخرطوم ما كانوا يدخلوها إلا إذا قابلوا مكان الإذاعة حالياً لأنه في الخرائط القديمة معظم النواحي الغربية من توتي كانت مع المقرن لأن المقرن كانت مثل القرن الطويل حتى مكان الطابية . فهم يمشون مع النيل الأبيض ثم يدخلون النيل الأزرق بين توتي وبين هذا القرن ليدخلوا الخرطوم . فآخر ما ذكر في النيل الأبيض الصخور وهي صخور في البر الشرقي وفي البر الغربي وفي توتي أو في لسان المقرن . وصخور في مجرى الماء تصنع شلالات وذكر أنه جبل كبير ممتد في الماء وقد أحترت في هذا الجبل ولكنني أخيراً وجدت الإجابة في توتي من عدد من المسنين ولم يتذكرها سوى عمنا رحمة الله عليه سراج النور بعد أن سرح قال لي أنه كان هناك جبل كبير يسمى أب دبر وهذا الجبل نصفه في الماء ونصفه في البر وكنت لم أذكر له أنني قرأت هذا وصف هذا الجبل في كتاب فوصف هذا الجبل وصفاً دقيقاً كما وصفه الألماني وحتى أنه ذكر لي أن الفتيات كن ينشرن الغسيل فيه في أم درمان قديماً وكنا نحن صغار وكان يؤذي المراكب كثيراً وقد ذكر الألماني في كتابه ذلك وقال أن الأنكليز أتو بباخرة وأزالوا هذا الجبل بالديناميت وهو موجود الأن تحت في مكان سوق السمك والشلالات موجودة تحت الماء وحتى الأن يمكن أن تغرق المركب إذا كان البحر ضحلاً جداً . هذا فيما يتعلق بالجبلين و أب دبرين ونحن قد أطلنا الحديث فيهما ونعود للحديث عن الصخرة وهذ الجبل قد أدخلنا توتي وهذا الجبل يربط بين توتي والخرطوم . وهذا اللسان هو الذي ترك بعض الناس في كتب علمية أن يكتبوا تفسير شعبي باسم الخرطوم وهي مأخوذة من خرطوم الفيل وبعد أن عمل الأنجليز شعار الخرطوم رأس فيل أصبح الكل مؤمناً بأن الخرطوم سميت بهذا الإسم من خرطوم الفيل . ولكن حتى عام 1883م لم يكن هناك إنسان ربط بين كلمة الخرطوم وخرطوم الفيل حتى السكان الاجانب كانوا يسألون السكان الأصليين ويدونون في كتبهم وأول من كتب هذا الكلام يسمى جونكر وهو رحالة روسي جاء إلى هنا وقال أنها سميت على رأس الفيل وهو اول من كتب هذا الكلام قبل المهدية بسنتين تقريباً ومن هناك سرت الإشاعة مثلما سميت شجرة غردون بهذا الإسم وهي أصلاً شجرة ماحي بي وهو شجر النقارة . وكتشنر بعد أن فتح أم درمان مباشرة فوجئ بسياح أوربيين يأتون لزيارة البلاد فوضعهم تحت حراسة مشددة وقال لهم نحن لم نؤمن البلد حتى الأن فالخليفة حي والجيوش ما زالت موجودة فلا تتحركوا سنتمتراً واحداً خارج أم درمان أبداً . وعندما رأى أن الملك قد ملكهم فأركبهم في باخرة وأمر ضابطاً مصرياً بأن يأخذهم في جولة في النيل ، ولأن المصرين يحبون التفخيم فعندما وصلوا إلى الشجرة قالوا لهم إن هذه شجرة غردون لأن غردون باشا كان يجلس هنا وعندما عاد الأوربيون إلى بلادهم أسموها شجرة غردون في الصحف وأصبح يسمونها في أوروبا بشجرة غردون بينما السودانيون يسمونها شجرة ماحي بي. على أي حال هذه هي قصة الصخرة وأخبار من توتي وسيرتها والأخبار دائماً لاحقة بسيرتها والهجرات اللاحقة بالمكان تأتي مكان السابقة فالمحس الذين يسكنون مقرن النيلين والذين يسكنون توتي يرجعون مجيئهم إلى سبعة قرون وليس خمسة قرون قبل قرنين من قيام السلطنة السنارية وهذا ما كتبه الاوروبيون عن المحس . لكن كلام إبن حوقل من أن هناك نوبة يسكنون والنوبة الذين يسكنون في المنطقة الشمالية سواء كان نوبي قح أو مختلط وهذا يظهر جيداً في منطقة بحري فليس المحس فقط هم من يسكنونها ولكن المصرين أيضاً سكنوها والدليل على ذلك تسميتهم لها بالخرطوم بحري فهم من يسمون قبلي وبحري ويطلقون على الجهة الشمالية بحري وأسمها القديم الحلفاية وقد سكنها مصريون قديماً وعندما أتى من بعدهم بحثوا عن المنطقة التي سكنها أسلافهم المصريين ومن الناس القدامى الذين سكنوها يعقوب بن الشيخ المجلي جد المريوماب في أوائل السلطنة السنارية جاء من صعيد مصر من منطقة أسنا ووالده لدية قبة وضريح هناك فسكن هناك ولن يكون قد سكنها من فراغ فلابد أن يكون هناك من سبقه إليها وجيلاً بعد جيل وجاء الجيش الإنجليزي المصري بقيادة كتشنر واختارت منطقة الخرطوم بحري وقد ذكرنا هذا للدلالة على أن الهجرة المحسية قد جاءت قبل سبع قرون قد تكون بنت على وجود سكاني ملائم في ذلك الزمن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: عزيز)
|
اخى الكريم ..عزيز
عظيم شكرى و تقديرى على هذه المداخلة الثرة و القيمة .. وهى بلا شك اضافة ثمينة لهذا التوثيق لاحب مدينة لقلوبنا الخرطوم ( مؤخرا ) .. اواى اسم كتب او نطق واشار اليها قديما او حديثا اشار اليها فهى بالنسبة لنا كما الجمال .. تراه كل عين بمقياس و يبدع فى وصفه و تسميته كل لسان .. فهى معشوقتنا التى نسعى بشقف فى البحث عن منبتها و اصلها و وصف مأثرها و تأثيرها علينا.. بعد ان احتضنتنا منذ مولد اجدادنا و اباءنا ثم مولدنا و ما لها من افضال علينا..
فى انتظار المزيد اخى عزبز
مودتى و احترامى
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: نوفل عبد الرحيم حسن)
|
اخى نوفل
مرور الكرام يثلج الصدور ..
الجزء الاخير للخرطوم ما قبل الحكم التركى جاهز .. انشاء الله اليوم
ثم يليهاالخرطوم خلال الحكم التركى الى قيام الثورة المهدية و سقوط الخرطوم ..
حقيقة نسعى بشدة لمداخلات الاخوة - فى هذه المرحلة - للحصول منهم على اى معلومة او مرجع
تكون فيه اضافة لهذا التوثيق الهام و الشاق فى نفس الوقت .. و لكنا انشاء الله ماضون ..
مواصلتكم معنا تسعدنا
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: Al-Shaygi)
|
حبيبنا شايقينا
يفرحنا المرور و هناك الكثير .. بس ساعدونا بما لديكم ان كان هناك معلومة غائبة او تصحيح لاخرى ... حتى يكون التوثيق " بلا زعل "
تحية لشجاعة اهلنا الذين وقفوا فى وجه كل مستعمر قديما و حديثا و ما زالوا حتى الان يقفون فى وجه مهما تستر !!
تقديرى
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
لم تكن الخرطوم هي عاصمة السودان بعد الفتح التركي للسودان حيث كانت ( سنار ) هي العاصمة الأولى لهم . ونسبة لتعرض جند الترك إلى الإصابات الكبيرة بمرضى ( الملاريا – البلهارسيا ) فقد قرروا نقل العاصمة منها إلى مكان اكثر أمانا من الناحية الصحية . كان هناك مقترحين لمدينتي ( ود مدني ) و ( شندى) ، و قد استقر قرارهم على ود مدني و استبعدت مدينة شندى . حيث كانت ود مدني تتوسط منطقة نفوذ حكمهم في السودان . و التي امتدت إلى كردفان و بعض أجزاء دار فور غربا و إلى الحدود الأثيوبية شرقا ثم إلى أعالي النيل و بحر الغزال جنوبا . لم يستمر مقامهم في ( ود مدنى ) لفترة طويلة لتشابه طبيعتها إلى حد ما مع طبيعة عاصمتهم السابقة سنار ، لذلك كان قرارهم ضرورة الاتجاه شمالا في اختيار موقع مناسب يتوفر فيه اكبر قدر من الملاءمة من حيث المناخ و الحماية و طبوغرافية الأرض . حيث كان قرارهم الانتقال إلى منطقة التقاء النيلين ( الخرطوم ) لصلاحية المنطقة للسكن وتوفر الأراضي الزراعية للزراعة و تربية المواشي و توفر الأسماك على النيلين وخاصة النيل الأبيض . إذن فهي منطقة تتوفر فيها كل مقومات الحياة المطلوبة لجندهم . لذلك تم اختيارها رسميا في عام 1830 عاصمة لدولتهم في عهد الحاكم التركي / احمد خور شيد . وفد سبق لهم بعض توج ( عسكرى ) فى هذه المنطقة فبل اعلانها كعاصمة رسمية للسودان فى ظل حكمهم و التى استمرت حتى عام 1885م .
*( يقول بعض التجار الاجانب ان الخرطوم مدينة قديمة و كانت قائمة قبل الفتح التركى بعدة قرون . ولم يتم تشيدها لاول مرة فى ظل الحكم التركى للسودان . فقد سكنها قبلهم مجموعات من القبائل السودانية كان اغلبهم من المحس اللذين يجيدون الزراعة المطرية و النيلية ( المروية ) و كان منهم الفقهاء و علماء الدين ، كما سكنها أيضا الشايقية و الجعلييون اللذين اشتهروا بالتجارة . حيث مثلت الخرطوم بالنسبة لهم مركزا ترد إليه البضائع من مصر شمالا و الحبشة شرقا ، و كانوا يقومون بتصريفها في كل أنحاء السودان . ثم بعد ذلك قدم إليها الترك و في معييتهم المصريون و الأوربيون .)*
نواصل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الخرطوم عاصمة للسودان :
عندما وصل عثمان بك - حاكم سنار فى ذلك الوقت - فى منتصف سبتمبر 1824م الى موضع الخرطوم لم يكن به اثأر للتواجد التركى و حكومته الا معسكر للجند و سوف القش . وقد ادى قصر عهده كحاكم لسنار – والذى انتهى فى مايو 1825م – الى جانب انه كا استمرارا لفترة حكم ( الدفتردار بك ) من حيث العمل على تثبيت سلطان الادارة التركية الجديدة – بما صاحب ذلك من العنف – الى خلو ذلك العهد من وسائل الاصلاح و التعمير فى منطقة الخرطوم . كما كان من نتاج تحطيم الدفتردار لجامع ( ارباب العقائد ) و قتل عثمان بك للفكى ( ارباب ود كامل ) خليفة الجامع ، ان توقف سيل المريدين الذى كان منصبا على جامع وخلوة ( ارباب العقائد ) بعد تدمير سكنهم و جامعهم . و هى التى كانت قد اعطت محل ارباب و حلة المفرن الشكل العمرانى الذى كانا عليه قبل الفتح التركى . ومع ذلك فان فترة حكم عثمان بك كانت بداية عهد جديد فى تاريخ البلاد ، والتى كان من خصائصه العمرانية قيام مدينة ( الخرطوم ) نتيجة لتوجيه الادارة بدلا عن تأثير الجامع و الخلوة . فقد نقل عثمان بك اقلام الحكومة و المخازن من ( ود مدنى ) اليها و اقام بها بعض المنازل للموظفين . و اكثر من ذلك كسبت الخرطوم فى عهده بعض الاهمية التجارية بين مدن و قرى السودان . بعد وفاة عثمان بك بالخرطوم فى ادارة اقليم سنار محو بك ( مايو 1825 – يناير 1836م ) و كان قبلها حاكما ( لبربر و شندى و منطقة الرباطاب ) . فحضر بجميع العساكر و اقام بالخرطوم بالقرب من القبة . ومن مأثره منعه الجند من التعدى على الاهالى ، و مع ذلك لم تسلم قبة ( خوجلى ) من تعديهم عليها . و مع قصر عهد ( محو بك ) الذى لم يتعدى الشهور الثمانية فقد اقام بناء من اللبن خصصه لاقلام الحكومة و لسكنه فى نفس الوقت . و اذا كانت يد التغيير فد اصابت هذا البناء طوال فترة الحكم التركى فان وجه الاهمية التى ظلت له ان *( سراى حاكم البلاد )* طوال هذا الحكم – وحتى الان – قد قامت محل هذا البناء و الذى اصبح الان ( القصر الجمهورى ) . وحتى اخر عهد ( محو بك ) لم تكن الخرطوم قد ظهرت بمظهر المدن ، حيث لم يتعدى عدد سكانها ( الستمائة نسمة ) بالاضافة الى الجند الاتراك . توفى ( محو بك ) بالخرطوم ، ودفن فى منطقة ( شجرة محو بك ) * تقوم شجرة محو بك الان محل ورش تفتش الرى المصرى بالسودان ( سابقا ) و الحلة المجاورة لها و التى تقع على الضفة الشرقية للنيل الابيض – جنوب منطقة المقرن – بحوالى خمسة اميال . و كان يلز لمحو بك اثناء فترة حكمه التنزه فى تلك المنطقة ، و عند وفاته دفن بها تحت شجرة ( حراز ) كبيرة . فعرفت المنطقة بـ ( شجرة محو بك ) و كانت تقوم فى تلك المنطقة حلة ( الحماداب ) التى انتقلت قليلا الى الشرق بعد قيام ورش تفتيش الرى المصرى عام 1900م . اما الانجليز فكانوا يتطلقون عليها ( شجرة غردون ) : * من رواية للشيخ ( نور الله على الحماداب ) فى ابريل 1958م . كم ذكرها ( احمد كاتب الشونة)
و يرجع الفضل إلى ( خور شيد بك ) في تأسيس مدينة الخرطوم . وان في طول فترة حكمه ( يناير 1826 – أبريل 1838م) و بهمته و نشاطه اخرج ( الخرطوم ) إلى حيز الوجود . بل إن هذا الأمر لم يستغرق في حقيقة الأمر إلا السنوات الثماني الأخيرة من مدة حكمه . إذا كان خور شيد قبل أن يشمر عن ساعده لتأسيس العاصمة . أن يمسح عن سكان البلاد ما خلفه فيهم حكم ( الدفتر دار و عثمان بك ) من آثار عنيفة ، بعد مقتل إسماعيل – حرقا – بمدينة شندى حتى يرجعوا إلى أوطانهم بعد هروب الكثيرون منهم الى حدود الحبشة .
وقد أمضى خور شيد بك السنوات الأربعة الأولى من حكمه في هذا الأمر ، فأرسل الخطابات إلى سائر الجهات مبشرا بالأمان لكل الناس . فرجع كثير من الأهالي إلى أوطان هم و قراهم ، و كان من وسائل خور شيد في ذلك إعفاء كبارهم من الضرائب المفروضة على أراضيهم الزراعية و مواشيهم .
ولم يكن بالخرطوم - قبل أن تمتد إليها عصاه السحرية – اكثر من ثلاثين منزلا من الطوب اللبن إلي جوار المساكن التي كانت مشيدة من القش . و ثكنة العسكر و التي كانت تضم حوالي ثمانمائة من الجند و سوقا و سراي للحكومة – من إنشاء محو بك – و التى لم تكن بها شجرة واحدة تظلها و وصفت في ذلك الوقت بأنها " منزل مربع من الطين " .
وقد بدء في بناء الخرطوم عندما شرع خورشيد في تشييد الجامع أواخر سنة 1829م . و منذئذ شرع الأهالي في العمارة و اخذ خور شيد بك يمدهم بالألواح الخشبية ترغيبا لهم فيها . وقد قام بإصدار أمر بإزالة كل بيوت الشكاب و القطاطى و الزرائب . و بعد مضى سنة ونصف كانت المدينة لا تعدوا أن تكون - على حد وصف فون كالوت – مجموعة من الأكواخ . و قد اسهم خلو السهل قامت عليه المباني من مواد البناء في إصابة عمارتها من جمود فى تلك الفترة مما دفع ( خورشيد بك ) إلى إصدار أوامره إلى الشيخ / عبد السلام ( زعيم المغاربة ) في ( حلة كوكو ) بالقيام بالحفر في بقايا مدينة ( سوبا القديمة ) و نقل ما يتم العثور عليه من مواد بناء و إرساله بالمراكب إلى الخرطوم . وقد استدعى الشيخ / عبد السلام أهله و ما لهم من عبيد و قاموا بالمهمة المطلوبة . و من ثم قامت المباني في الخرطوم .
استعان (خورشيد بك) بطوب سوبا في تشييد مبنى المديرية الواقع غرب السراي مباشرة ( مبنى مديرية الخرطوم سابقا و مجلس الوزراء حاليا ) وكذلك قام ببناء الجامع . و لم تلبث أن قامت مباني الحكومة حول ( السراي ) من جميع الجهات فيما عدا الجهة الشمالية حيث مجرى النيل . و قد أضفى ذلك على تلك المنطقة اسم ( حي المباني الحكومية ) . و عند الطرف الغربي من ذلك الحي قامت منازل موظفي الإدارة و قد عرفت بعد عهد (خورشيد بك) بـ ( محل موسى بك ) . و إلى الغرب من المحل قام الجامع و حوله قام السوق ( سوق الدكاكين ) كما كان يسميه الأهالي . و ذلك للتفريق بينه و بين ( سوق الشمس ) الواقع جنوب الثكنة القديمة و الخالي من المباني و الذي يجرى البيع فيه تحت (الرواكيب) المقامة من أغصان الأشجار المغطاة بحصير أوراق الدوم والنخيل . و لم يكن بالخرطوم فى أول عهد (خورشيد بك) غيره – برواكيبه العشرين *Prudhe, Lord - p. 263 * . وفى ظل تلك الرواكيب أينعت المعاملات التجارية ، فكان الجند يبادلون مصنوعات مصر بما يأخذون من الأهالي من طعام و مصنوعات جلدية .
و هكذا ظهرت المنطقة الممتدة من ( حي المباني الحكومية ) شرقا إلى ( السوق غربا ) بمثابة القلب للمدينة . وهى المنطقة التي بدأ فيها العمران بالخرطوم ، و قامت فيها اقدم أحيائها و عرفت في أواخر الحكم التركي ( بقسم الجامع أو الخرطوم ) ، و اقدم حي فيها هو ( محل موسى بك ) ، و لذلك يسميه المؤرخ / ليجان ( الخرطوم القديم ) او ( خرطوم 1830م ) . * Lejean, G. : P. 26 * .
وقد امتدت مباني السكان في حركة مزدوجة : أولهما من الحلقة الخارجية للقلب نحو الخارج . و الثانية من أطراف المدينة نحو الداخل . و قد مر وقت قبل أن تلتقي كتل المباني وهى في حركتي تقدمها ، فتكون بذلك ما عرف بـ ( الفريق ) ، حيث كانت متباعدة في أول الأمر و تفصلها مساحات من الأرض الفضاء . و لكنها تلاقت في اكثر من موضع مع الحلقة الخارجية للقلب في آخر عهد (خورشيد بك ) .
مما يجب ملاحظته أن هذه الحركة المزدوجة لم تكن متساوية في جميع الجهات لطبيعة السهل الذي قامت عليه المدينة . فقد كان الامتداد ناحية الجنوب مهددا بفيضان النيل الأبيض و عرف بمنطقة ( المواطى ) و تعنى عند الأهالي بالأرض المنخفضة عموما . و امتداد القلب لم يتم دفعة واحدة ، فقد امتد أول الأمر جنوبا من أراضى سواقي المحس في (محل موسى بك) بالقدر الذي يتماشى مع احتياجات الإدارة الحكومية و موظفيها من مكاتب و مساكن . ثم تم الامتداد الثاني بعد ذلك عندما قامت بطانة للحكم الجديد من كافة الأجناس الأخرى ببناء منازل لها جنوب منطقة مباني الإدارة ، فامتدت بالقلب حتى اطل على منطقة المواطى . * يمكن تحديد الامتداد الأول للقلب ناحية الجنوب بشارع ( الجامعة ) و الامتداد الثاني بشارع ( الجمهورية ) إلى الشرق من ( السراي ) أقام خورشيد بك المستشفى العسكري ( مستشفى العيون حاليا ) . و إلى الشرق أيضا و بعيدا عن ضفة النيل الأزرق ( مكان مخازن و سلاح الأسلحة حاليا ) بنى ثكنة جديدة و بذلك اصبح الجند يقيمون (السراى) من الشرق والغرب . و قد استمر اتساع الثكنات في اتجاه الشرق على يد خورشيد بك بعد أن نقل إليها نقاط الحراسة التي كانت تكتنف حي المباني الحكومية و بعد ازياد عدد الجند في البلاد في أخر عهده . و أن منعها في الواقع التقدم اكثر مما امتدت إليه هو وجود حلة ( برى المحس ) الى جوارها في تلك المنطقة ، و قد عرف الحي ( بالعرض ) أو حي الثكنات أو المعسكرات .
و بينما الامتداد من القلب نحو الشرق كان مجهودا حكوميا ، كانت حركة التعمير على يد الأهالي قائمة حول القلب من ناحية الجنوب والغرب . ففي الجنوب الشرق امتدت حتى منطقة الموطى ، و معظم سكانها من الدناقلة الذين يعملون بالتجارة و التي كانت تتسع كلما تقدم الزمن بالحكم التركي ، و عرفت تلك الجهة من الخرطوم بـ ( حلة المراكبية ) نسبة إلى المهنة التي اشتهروا بها وهى قيادة السفن . و جنوب منطقة المواطى كانت حركة البناء قائمة في اتجاه الحلقة الخارجية للقلب ، و نحو الجنوب في نفس الوقت . عرفت تلك المنطقة بـ ( سلامة الباشا ) اعترافا بما أسداه الباشا لسكانها من تسهيلات في وسائل البناء . و هو نفس حال الكثيرين ممن هجروا أوطانهم و فقدوا ثرواتهم أثناء فترة الفتح التركي .
و كان يقف دون سكنى المنطقة الغربية للقلب تعرضها لفيضانات النيل الأبيض ذي الضفة المنخفضة . و من اجل ذلك أقام خورشيد بك سدا ترابيا في تلك الجهة حتى يمنع انسياب المياه إلى المدينة و يوفر الإقامة للجماعات المتفرقة التي كانت تعمل بالزراعة على السواقي بالمعالي – أي الجهة العليا – فيما بين النيل الأبيض و الحافة الغربية للمدينة . و لما كان المواطنون يعرفون السد بـ ( الترس ) فقد سميت تلك الجهة ( بفريق الترس ) حيث كانت الإقامة على طول حافته الداخلية للمدينة .
و سكان ( فريق الترس ) من الجعليين و خاصة الفتيحاب ، كان على إدارة الحكم التركي أن تسهل إسكانهم بعد أن ظلوا زمنا موضع تعديها أيام الفتح و أثناء رحلة الدفتردار الانتقامية . و خاصة بعد أن انتقلت حلة ( المقرن ) – التي كان يقيم فيها عدد كبير منهم – بعد إقامة الترس إلى مكانها الجديد في منتصف المسافة تقريبا بين نقطة ( المقرن ) و الطرف الغربي للمدينة. و لقد كان أيضا من آثار إقامة الترس القضاء على ( محل أرباب ) و تفرق سكانه بين حلة المقرن و فريق الترس و المدينة الجديدة بعد ان قام القسم الشمالى من الترس فوقه .
و بالقرب من الحافة الشمالية للترس كان يقيم عدد من الأقباط العاملين في الإدارة المالية الحكومية ، و قد عرف محل إقامتهم بعد عهد خورشيد – حينما زاد عددهم بـ ( حس القبط ) ، و لا يزال جزء من هذا الحس موجود حتى الآن جنوب غرب مبنى المديرية ( مجلس الوزراء حاليا ) على شارع ( الحرية) .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
و قد امتدت الخرطوم في أواخر عهد خورشيد بك على طول الضفة لمسافة قدرها حوالي الميل و بعمق إلى الداخل قدره ثلاثة أرباع الميل . و كانت تضم حوالي الخمسمائة منزل بالإضافة إلى الثكنات و المخازن و المستشفى . و مع إنها كانت وقتئذ تفوق مدن السودان القديمة قاطبة إلا أن مظهرها عن كثب لم يكن ينبئ بعلو شان ، إذ كانت عمارتها من الطين ، و جدران منازلها بغير طلاء لندرة الجير في المنطقة المحيطة بالمدينة . و كانت ( السراي ) من الطين أيضا و تشبه الحصن في بنايتها ، و هي البناء الوحيد – إلى جانب منزل قائد الحامية – الذي كان الزجاج مستعملا في نوافذهما . كما وصفت الثكنات و المستشفى بالقذارة ، و كانت زينة المدينة هما المسجد و السوق ، و هما البناءان الوحيدان المقامان من ( الآجر ) المنقول من مدينة ( سوبا القديمة ) . و إذا كان خرطوم خورشيد قد امتد في آخر عهده إلى الحدود الخارجية التي أصبحت عليها تقريبا في آخر العهد التركي ، فليس معنى ذلك إن عمارتها لم يصبه التغيير منذ ذلك العهد . فقد كانت هناك عدة عوامل دفعت عجلة تطورها إلى الأمام منها: السياسة العمرانية للإدارة التركية في البلاد . و شخصية بعض الحكمداريين اللامعين الذين عملوا للوصول بالمدينة إلى مستوى المدن الكبيرة . ثم يضاف إلى ذلك التقدم في العمل التجاري الذي كان في تطور مستمر كلما تقدمت السنون بحكم العهد التركي . و لما كان قيام المنازل في معظم أنحاء المدينة عشوائيا فقد أدى ذلك إلى تداخل أسوارها و أفنيتها . كما أصبحت المدينة تقطعها المناطق الفضاء هنا و هناك و تمتد على مساحة كبيرة من الأرض مقارنة بما تضمه من وحدات طبوغرافية و سكنية . و هذا مما جعل الفرصة سانحة لقيام عمارة مستمرة فيها من الداخل بعد عهد خورسيد بك . فبدا قيام منازل جديدة من الأجر في مكان أخرى قديمة من اللبن كما كان يحدث في حيى ( محل موسى و الجامع ) . و بينما نرى منزلا من اللبن قد انهار في غير هذين الحيين فان تعليمات الإدارة كانت تفرض قيام منزلا جديدا بما وضعته من مواصفات ، فإذا بمنازل جديدة تظهر هنا و هناك في المساحات الفضاء و في الأحياء التي سمحت ظروف سكانها الاقتصادية و الاجتماعية بذلك – كما في حركة حي ( المراكبية ) و الذي تغيرت فيه الظروف الاجتماعية لسكانه – اغلبهم من الدناقلة - لازدهار التجارة و خاصة مع الجنوب . كما أصاب حي ( العرضي ) الذي كانت توجد فيه الثكنات تغير كبير بعد عهد خورشيد بك ، في شكل إعادة بناء الثكنات و إنشاء أخرى جديدة . و سار ذلك التغيير مع اتساع حجم القوة العسكرية في البلاد ، و أصاب الحي اكثر ما أصاب منذ سنة 1850م حيث بلغ امتداده أقصى حد له في اتجاه الجنوب الغربي . و يرجع ذلك إلى أن جيش السودان بعد تلك السنة اصبح معظمه من العنصر الزنجي ، حيث أضيفت إلى تلك الثكنات سكنى ( الحريمات ) أو ( القشلقات ) وهو الأمر الذي كان يحرص عليه الجند أيما حرص لتظل عوائلهم إلى جانبهم . وقد ترتب على التوسع في استخدام العنصر الزنجي في الجيش أن ظهر بأقصى جنوب هذا الحي قسم سمى بـ ( فريق النوبة ) و يقيم فيه الجند المرافيت – وهم الذين تركوا الخدمة في الجيش – و كان معظمهم من النوبة سكان جنوب كردفان . وفى عام 1860م بدأ في الظهور بحي ( العرضي ) قسم آخر عرف بـ ( فريق الطوبجية ) – أفراد سلاح المدفعية – و ذلك بعد أن فصلت قوات المدفعية و التي كانت ملحقة بكل ألاى مشاة الجيش بعد ثورة الشرق ( كسلا ) ، و أصبحت منذ ذلك التاريخ تكون تشكيلا قائما بذاته : بضباطه من الترك و المصريين بقيادة أمره و الذي لم يكن غير الحكمدار أو نائبه و قاعدته الكائنة في الخرطوم . و قد اتسع ( فريق الطبجية ) تدريجيا بازدياد قوة المدفعية في الجيش ، ووصل إلى أقصى اتساع له في السنوات الأخيرة من عهد الحكم التركي .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: تاج السر محمد حامد)
|
تاجو .. كيف الحال
شكرا على المرور ..
اولاد الخرطوم راح يجو ورى !!
حقيقة الامر هذه المرحلة و التى نسعى للتوثيق لها هامة جدا فى تاريخ قيام مدينة الخرطوم ! و لربط هذه الفترة تاريخيا مع التاريخ الحديث للخرطوم حتى يكتمل التوثيق والذى نتمنى ان يشتمل على كل ضروب الحياة منذ قيامها و حتى الان . هنلك الكثير من البوستات عن الخرطوم او بعض احيائها المتفردة ، سنعمل مستقبلا من الاستفادة منها طبعا بعد موافقة اصحابها " حفظ الحقوق " لكل من سعى للتوثيق لهده المدينة او اى من احيائها. المشوار ما زال فى بدايته .. نرجو من الله التوفيق كل الود يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الأخ يوسف: تحيه طيبه,, سعيده جدا بقراءة هذا النص الجميل.. فعلا أهلنا المحس هم من أقدم سكان الخرطوم وأعرقهم.. والحق أننا نعتبر أنفسنا سكان الخرطوم الأصليين ..
Quote: ومن ( الخوجلاب ) الشيخ / خوجلى عبد الرحمن و الذي تنسب إليه ( حلة خوجلى ) . |
بس وصلتنا..
تحياتي..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: Amany Elamin)
|
الاخت امانى
سعادة لا تقدر بالمرور الكريم ..
يبدو ان " المحسية " قاسم مشترك بين كثير من ابناء الخرطوم وهذا شرف كبير ! فانا مثلا كنت اتسأل كثيرا عن سر العلاقة التى ربطت بين والديى ( لهما الرحمة ) و كنت انا ثمارها؟ فوالدى من ( بربر ) من اصول تركية .. و والدتى محسية من ( بدين ) !! استقرت اسرة والدى بالخرطوم ( الخرطوم القديم ) فى العهد التركى !! اما اسرت والدتى فاستقرت فى ( ام درمان - الركابية ) بعد سقوط الخرطوم و قيام العاصمة الوطنية (ام درمان) !! حقيقة فوجئت كثيرا و انا انقب لهذا التوثيق عن دور المحس الكبير فى عمارة الخرطوم اهنئى اختى امانى ... انت خرطومية ( اصل ..و.. فصل )
دمتى لنا
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
وقد حافظت حلة ( سلامة الباشا ) على مظهرها العام طوال فترة الحكم التركي . و كانت اقل الأحياء تقدما في العمران فأكثرها من حيث سيطرة عشوائية العمران و تشابك الطرق و المسالك فيها . ومع ذلك اصابها شئ من التغيير : ففي المنطقة المطلة على ( سوق الشمس ) كانت تقوم منازل جديدة من ( الأجر ) محل المباني القديمة و المهدمة المبنية من اللبن . و الثانية في الطرف الجنوبي الشرقي حيث كانت تقيم بعض اسر الجند الزنوج في أواخر العهد التركي . و لامتداد ( حلة سلامة الباشا ) من الناحية الجنوبية الغربية قامت فيها منطقة ( عصارات الزيت ) لما تستلزمه من زرائب للجمال المستخدمة فيها – استمرت فى مكانها حتى بداية ستينات القرن الماضي - كما قامت أيضا في نفس المنطقة ( جزارة ) لبيع اللحوم . و ظل ( محل موسى بك ) طوال تاريخ المدينة هو محلا لسكنى ( الطبقة الراقية ) من الأتراك و الأجانب و الموظفين . و قد أصابه الكثير من التغيير و التنظيم بعد عهد خورسيد بك ، فأصبحت الطرق التي تشقه اكثر طولا اكثر طرق المدينة استقامة و تخطيطا . و تم استبدال منازل اللبن الأولى فيه بمنازل من (الأجر) المحاطة بالأفنية الخضراء و الحدائق الزاهرة التي تروى من الآبار المحفورة في هذه المنطقة . و كانت تقوم بها بعض القنصليات الأجنبية و دار الإرسالية الكاثوليكية . و ظل هذا المكان طوال عهد خورشيد بك يفصله منخفض كبير عن حي المباني الحكومية ولكن في حوالي 1860م احتلت المباني المنطقة الوسطى من هذا المنخفض بعد تم رفع مستواها . و لم يأخذ ( الحي القبطي ) صورته العمرانية النهائية إلا بعد عهد خورشيد بك حينما زاد عدد الموظفين القبط العاملين في الإدارات المالية و الأعمال الكتابية الحكومية . و ظل الحي طوال العهد التركي حيا صغيرا مع رقى عمارته إذ ما قورنت بعمارة ( فريق الترس ) المجاور له . و يرجع الفضل لما أصاب ( فريق الترس ) إلى الحكمدار ( إسماعيل أيوب ) نوفمبر 1873 – فبراير 1877م . و الذي قام بإرجاع الترس قليلا إلي الخلف في اتجاه الغرب ، مع إنشاء قاعدة عريضة له في جزئه الشمالي حيث كانت اكثر المناطق تعرضا للفيضان . و كان يضف كلما اتجه ناحية الجنوب ، وقد اقام إسماعيل أيوب في بعض أجزائه خطين أو ثلاثة لدرء خطر الفيضانات . كما كان يداوم على تقويته و باستمرار ، وقد كانت دوريات الجيش تقوم فى موسم الفيضان بمراقبته من الخلف ليلا و نهارا ، فإذا لاحظت خطرا يهدده أخطرت الأهالي بـ ( فريق الترس ) و الذين كانوا يبادرون توا لدرء الخطر . و كانوا يرمون كل ما يقع تحت أيديهم لمنع اختراق الماء ، و عندما يزول الخطر كانت الإدارة تعاين مدى ما اسهم به كل موطن في درء الخطر و عوضته . يعرف عن إسماعيل أيوب انه وضع خطوطا عريضة و كريمة فى هذا المجال . و ما بين ( محل موسى ) و ( فريق الترس ) كان يقوم قسم ( الجامع ) – مكان الجامع الكبير بالخرطوم الآن - ومن المعالم الطبوغرافية المهمة فيه السوق ( سوق الدكاكين ) و الجامع وبعض المنازل الكبيرة لكبار الموظفين و التجار . و قد ظل هذا القسم هو القلب التجاري للمدينة و موضع عناية الإدارة طوال الحكم التركي ، حيث التقت مع إمكانيات أهله الكبيرة في ميدان البناء و التعمير . و كانت الطرق تتقاطر إليه من جميع أنحاء المدينة و تلتقي في ميدان الجامع ( ميدان الأمم المتحدة سابقا ) . يتضح مما سبق عرضه أن الخرطوم قد أصاب عمارتها الكثير من التغيير بعد عهد خورشيد بك لدرجة بدت معها المدينة – منذ سنة 1850م – مركزا للمدنية كبيرا وسط محيط لا نهائي من الصحراء القفر . و قد كانت ابرز علامات هذه المدينة : السوق الكبيرة و الجامع بمئذنته الكبيرة و سراي حاكم البلاد الضخمة الملفوفة في بياض الجير . و قد وصفت المدينة في ذلك الوقت بأنها اكبر وانظف من كل مدن مصر العليا ما عدا ( أسيوط ) * Melly, G. : Khartoum and the Blue and white niles * و من الملاحظ ان اتساعها كان هو العامل الأول في تثبيت أو إطلاق اسمها ( الخرطوم ) عليها حيث كانت طلعتها من الضفة الشمالية للنيل الأزرق خادعة للبصر اكثر حين رؤيتها عيانا .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
حوالي عام 1855 م ظهرت في المدينة معالم معمارية لم تكن معروفة في البلاد . يتضح ذلك جليا في إقامة بعض المنازل من ( طابقين ) و ظهور ( الشرفات ) .. و تواجد البوابين على أبواب تلك المنازل في حيى ( الجامع ) و ( محل موسى بك ) و توفر كل وسائل الراحة و النوافذ الواسعة و الأبواب العالية . في الوقت الذي كانت فيه المنازل المجاورة لهما تفتقر إلى التناسق من حيث الضخامة و الفخامة و الدخول و البروز بالنسبة للشوارع المقامة فيها ، حيث كانت غالبيتها من اللبن وخالية من النوافذ . منازل الطبقة الممتازة من السكان كانت كبيرة ذات غرف واسعة و أسقف مرتفعة ، تنتهي بأعشاش العصافير و الطيور . و كانت تشغل واجهاتها الحدائق الواسعة ذات الأفنية ، و تقوم في أطرافها دورات المياه و المطابخ و المخازن وسكن الخدم . و القاعدة في عمارة تلك المنازل أن تستقل غرف ( الضيافة ) و تنعزل عن مساكن آهل المنزل كما كان حال مساكن الأوربيين . كان الزجاج قليل الاستعمال في تلك المنازل لغلو ثمنه و صعوبة نقاه و إحضاره من مصر ، لذلك لم يكن مستعملا حتى آخر العهد التركي إلا في بعض مساكن القادرين من السكان خاصة الأوربيين . كما كان مستعملا فقط في دار الإرسالية الكاثوليكية و بعض الحجرات فيها . كان القماش هو بديل الزجاج في غير هذه المنازل . أما منازل الطبقة الفقيرة من المواطنين فهي مربعة الشكل ، ذات أفنية ضيقة متربة تحيط بها أسوار منخفضة من الطين تتواري تدريجيا تحت وطأة المطر ، الأمر الذي يستلزم إصلاحها سنة بعد أخرى . أما الغرف فضيقة مظلمة سقوفها منخفضة لا تتعدى محتوياتها في معظم الأحيان أدوات الطبخ . و كانت واجهات المنازل تطل على جميع الجهات و لا يفصلها عن بعضها الأزقة ملتوية . مادة البناء الرئيسية في المدينة حتى 1844م هي الطين و لم يكن يصنع في البلاد إلا ( اللبن ) أما غير ذلك فكان يؤتى به من منطقة سوبا القديمة و المدن الأخرى التي ترجع إلى العهد المسيحي . بعد ذلك قامت ( كمائن الطوب ) بحرق اللبن في القرى المحيطة بالخرطوم : التمانيات ، كرري ، حلفاية الملوك ، برى المحس و الجريف .. و كانت الخرطوم هي المستهلكة وحدها لانتاج تلك المناطق . وفرة هذا الطوب و عمله على ترطيب الجو داخل المنازل جعل منه مادة ضرورية و أساسية في بناء المنازل بسيطها و عظيمها على السواء . وقد لعب السكان الأجانب من الأوربيين دورا كبيرا في تعريف الأهالي بصناعة الأجر و قطع الأحجار و حرق الجير . كما أبرزت لهم بالدليل القاطع انه مهما استفلحت سوءات المكان الطبيعة فان من الممكن توفير كل وسائل الإقامة الطيبة فيه إذا صلحت نية كل فرد و تكاملت جهود الأفراد لبلوغ هذا الأمر . وهنا كان للإرسالية الكاثوليكية دور هام في هذا الشأن . ومما سهمت به الإدارة التركية في الارتفاع بعمارة المدينة سماحها للأوربيين بالتنقيب عن مواد البناء في المنطقة المحيطة بها . و كان من نتاج ذلك التوصل إلى استخراج الأحجار من تلال أم درمان و استخدامها في البناء اعتبارا من سنة 1850م . كما اخذ عدد المنازل المطلية بالجير في الزيادة تدريجيا بعد تلك السنة فإذا كانت سنة 1870م أصبحت كل المنازل الجديدة وعدد كبير من القديمة تطلى به بالرغم من ارتفاع ثمنه لقلة محاجره في المنطقة .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الانسان الرائع يوسف لك التحية والف شكر على هذا الابداع التاريخي... لو فاكر التقينا في الخرطوم زمان ... ووعدنا بالحديث الموثق عن الخرطوم زمان... وللاسف تم ترشيف الخرطوم زمان... والان هنا تقوم بتنفيذ وعدك لنا وللخرطوم لك احباء الخرطوم... لك التحية والتقدير .... والشكر موصول للمداخلة الاخ عزيز لحديث الدكتور جعفر ميرغني... علما ان الدكتور له اعمال مقدرة في تاريخ السودان..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: حسن عبدالله)
|
آخي الفاضل حسن تحية ( خرطوميه ) صادقة من القلب
سنين مضت و أنا مهموم بالتوثيق لوردة المدائن ( الخرطوم ) ، كنت اعلم جيدا بان ذلك ليس بالعمل السهل و لا يمكن لشخص بمفرده إنجازه . في زيارتي الأخيرة للسودان - ديسمبر الماضي - ناقشت الأمر مع اخوة أعزاء من أبناء الخرطوم - من مؤسسي نادى الخرطوم الاجتماعي - فإذا بي أفاجأ بان لديهم الرغبة الأكيدة في هذا التوثيق . بل أن هناك بدايات في هذا الأمر تمت و تم جمع كثير من المعلومات من روايات شفهية لعدد من أبناء الخرطوم الذين مازالوا على قيد الحياة . و قد سرني ذلك كثيرا و حفزني للمضى قدما في هذا التوثيق الهام و الضروري . كما عرضت عليهم أن يكون ( نادى الخرطوم الاجتماعي ) هو الراعي لهذا التوثيق ، و قد وعدوني بذلك . الفترة التي أوثق لها الآن بمساعدة آخي ( فهد عوض معلا ) مهمة للغاية في تاريخ مدينة الخرطوم لأنها تبرز مولدها و نشأتها و تاريخها و اصل سكانها و من اسهم في عمارتها . بالرغم من المشقة في الحصول على المعلومة و إعدادها و دمجها في هذا التوثيق إلا أن هناك سعادة بالغة في ذلك تصل إلى ذروتها كلما أنزلنا جزء منها للقراء . لابد من الإشارة أيضا أنني قصدت أن أخص ( سودانيز اون لاين - المنبر العام ) بهذا التوثيق لعدة أسباب أولها اعتزازي بعضوية هذا المنبر و هو الأحق بهذا التوثيق ، ثم غزارة المعلومة عن أحياء عدة من أحياء الخرطوم في هذا المنبر بذل فيها نفر من أبناء الخرطوم جهد كبير لابرازها ، و سنناقش معهم أمر تجميع كل هذه المعلومات لنضعها في قالب واحد حتى يبرز التوثيق شاملا و كاملا . و لا بد من الإشارة هنا إلى أن اكتمال التوثيق لن يتم دون إبراز كل اوجه الحياة التي عاشها أبناء الخرطوم منذ نشأتها و حتى الآن ، لذلك فالأمر شاق و طويل و متشعب و يحتاج لجهود كبيرة و قد تكون مضنية ، بالرغم من ذلك فنحن ماضون بعزيمة أبناء الخرطوم . كل التقدير
أخوك / يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: الرشيد ابراهيم احمد)
|
عزيزي، واخي يوسف
عميق محبتي.
لهذا التاريخ المحب، لجسد مدينة نحبها، ونتمنى أن تتماثل للشفاء، وتجسد بروحها، وطرقها واحيائها روح شعبنا الصابر، وهي تتقلب في الصور، والحكام، والشعوب، وللحق مدينة تستحق الدرس، والتفهم، والتأمل، والتأريخ..
سعيد بهذا البوست، لأني برضو مؤرق بتاريخها، وساكنيها، عبر الحقب..
ياريت كمان لو في صور للخرطوم..
ومتابعين، كعادة الكثير، من المتداخلين، ولكني مجبر على المتابعة، لشي في نفسي، وأقصد مشروع روائي مسرحه مدينة الخرطوم..
تسلم على هذا المجهود، وكل الاخوة من شارك، ، ولي قدام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: عبدالغني كرم الله)
|
اخى عبد الغنى كرم الله
عاطر تحياتى
ما نحاول نقدمه هنا من معلومات للتوثيق لهذه المدينة الفاضلة هو اقل ما يمكن تقديمه وفاءا و عرفانا لها ، و نتوق الى كل عمل مهما صغر يمجد تاريخها و تاريخ ابنائه . لن نبخل بابراز كلما لدينا من معلومة تخصها .. بالتوفيق
لك مودتى
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: الرشيد ابراهيم احمد)
|
الاخ الرشيد
لك منى كل الشكر على المتابعة ..
حقا نحن نهدف الى توثيق حقيقى و امين لهذه المدينة العريقة لمالها من تأثير واضح فى الماضى و الحاضر على مجريات احداث تاريخ السودان !
تخريمة : عارف يا الرشيد يظهر ان الاتراك هم سبب كل الانقلابات العسكرية الحصلت فى السودان لانهم اول من بنى " الثكنات العسكرية " فى الخرطوم !!!
كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
إنشاء الطرق بمدينة الخرطوم :
وإذا كانت العشوائية في إقامة المباني قد أدت إلى قيام التنافر بين أنحاء المدينة المختلفة من حيث التنظيم والتخطيط ، فليس معنى ذلك أن المدينة قد خلت من الطرق أو الشوارع كما نعرفها اليوم . و كانت الطرق في أحياء فريق الترس ، سلامة الباشا وحي ( المراكبية ) تتعرج بين المنازل و تنتهي عند فضاء كبير أو سور منزل في تتابع غير منتظم ، و تتردى هنا في حفرة و ترتفع هناك نتيجة تله أو منزل منهار . أما في الخرطوم المستطيلة – المنطقة الممتدة شرقا بمحاذاة النيل الأزرق - فكان الأمر جد مختلف و خاصة في حي المباني الحكومية و قسم الجامع . فانه لما كان للنيل الأزرق من أهمية بمكان عند الأهالي – منه زادهم من المياه و سوقى بعض حدائق و تجاه تطل منازلهم - و على ضفته تقوم ( المشارع ) حيث محاط العابرين له من بر أم درمان و الحلفاية و جزيرة توتى إلى بر الخرطوم . و لما كانت المدينة قد قامت من منذ أول بدايات تكوينها طبق للخطة المستطيلة – الامتداد شرق - بمحاذاة النيل الأزرق إلى أقصى ما مكنتها ضفته . و قد ترتب على ذلك كله أن أصبحت الطرق تغطى المدينة من الشمال إلى الجنوب مبتدئة من ضفة النيل حيث تقوم ( المشارع ) و هي نقاط العبور و متجهة بعد ذلك جنوبا إلى داخل المدينة . و قد عرفت المدينة بدء تأسيس هذه الطرق منذ عهد ( خورشيد بك ) وهى نفس اغلب الطرق الموجودة اليوم في مدينة الخرطوم مع بعض التعديلات الطفيفة في اتجاهاتها كما سنرى . كانت هذه الطرق تعبر – و هي متجهة إلى المدينة – منطقة سواقي المحس في خطوط مستقيمة ، حتى اذا تم ذلك التقت بشارع رئيسي شرقي غربي و لتوضيح الصورة اكثر فبعد الدراسة والمراجعة و بمقارنة ما ذكر في الكثير من المراجع . وضح لنا أن الطرق التي كانت تتفرع من سواقي المحس فى اتجاه المدينة هى الأساس للطرق الموجودة الآن حسب التسلسل ( شارع النيل – الجامعة – الجمهورية – البلدية – شارع المستشفى ) وما تفرع منها و كانت كالتالي : الشارع الممتد من سواقي المحس جنوب ( السراي ) إلى آخر المدينة غربا ( شارع الجامعة ) و فى عام 1860م و اكمل امتداده من ناحية الشرق حتى أقصى طرف المدينة . و تمتد الطرق الفرعية منه الى داخل المدينة إلى قسم الجامع و السوق ( سوق الدكاكين ) ثم ميدان الجامع . وهذا الشارع أطول شوارع الخرطوم و أكثرها استقامة و اتساعا . و تقوم به الكثير من منازل علية القوم من الوطنين و الترك و القبط . و بعد التقاء شوارع ( المشارع ) بهذا الشارع تكمل امتدادها داخل المدينة حيث تستقيم هنا و تلتوي هناك ، و لكنها تمتد على وجه العموم في استقامة في الجزء الأوسط من الخرطوم حيث حي المباني الإدارية الحكومية و محل موسى . و اقدم طرق ( المشارع ) الطريق الممتد من مشروع ( أرباب ) وهو أول طريق يدخل المدينة من ناحية الغرب ( شارع الجمهورية الآن ) و هو شارع سكان جزيرة توتى و مدخلهم الذي يوصلهم إلى منطقة قسم الجامع حيث الجامع و السوق . طريق مشرع ( التبيداب ) إلى الشرق من الطريق السابق . و سمى هذا المشرع بذلك الاسم نسبة لجماعة ( التبيداب ) الذي كانت مساكنهم في فريق ( الترس ) و محلاتهم في سوق الخرطوم ، و كانوا امهر صياغ للذهب و الفضة في البلاد . و كان من مميزات هذا الطريق انه و يوصل إلى محلاتهم . ثم طريق مشرع ( القاضي ) إلى الشرق من الطريق السابق و يمثل هذان الطريقان اقصر الطرق التي توصل أهل توتى إلى سوق الخرطوم و الجامع . ثم طريق مشرع ( موسى بك ) إلى الشرق من الطريق السابق و يمتد من النيل الأزرق إلى الثكنة القديمة فى خط مستقيم و كان يستخدم في نقل المياه من النيل إلى ثكنات الجند . ثم طريق مشرع ( الشونة ) و هو يوصل بين ضفة النيل و مخازن الحكومة حيث ( الشونتان) الكبيرتان كما يربط بين الضفة و جنوب المدينة في خط مستقيم . ثم طريق مشرع ( المديرية ) وهو يمر بين مبنى ( الحكمدارية و السراي ) إلى ميدان المديرية و يمتد بعد ذلك في خط مستقيم إلى جنوب المدينة و ينتهي عند الميدان . ثم طرق مشرع ( المستشفى ) وهو طريق أهل بر الحلفاية إلى الخرطوم بعد أن يعبروا النيل . أخر طرق المشارع هو طريق مشرع ( المحس ) ، هو محط عبور محس برى وجند الثكنات إلى بر بحري أو إلى داخل الخرطوم . حيث كان أهالي حلة ( برى ) يأخذون طريق ضفة النيل عند انتقالهم إلى داخل الخرطوم . و بعد امتداد الطريق الرئيسي ( مكان شارع الجامعة الآن ) إلى أقصي الشرق ، اصبح دخولهم إلى الخرطوم بهذا الطريق مما وفر عليهم بعض الوقت و خاصة ان ارتباطهم بسوق الخرطوم كان قويا و بصفة يومية . مما سبق ذكره أن كل طرق ( المشارع ) القديمة كلها كانت طرق طولية – تمتد من ضفة النيل الأزرق شمالا إلى داخل الخرطوم جنوبا – وبذل تكون هي الأساس لطرق الخرطوم الطولية الحالية نذكر منها ( شارع الحرية – شارع على عبد اللطيف – شارع القصر – شارع المك نمر – شارع القيادة العامة ) و غيرها من الطرق الطولية الفرعية الممتدة دخل مدينة الخرطوم وما أكثرها . و قد وصفت طرق الخرطوم بعد عهد ( خورشيد بك ) بأنها اعرض و اكثر استقامة مما يتوقع أن تكون عليه في ذلك الوقت مما وضعها في مصاف شوارع المدن الثانية في مصر . و لم ترف هذه الطرق الرصف أو الدك و إن كانت الإدارة تعتني بنظافتها و خاصة ما كان منها بالسوق حيث كانت تكنس و ترش بالماء صباح كل يوم . و قد وصلت نظافة بعض الطرق حدا دعا ( بايارد تيلر ) إلى أن يتمنى أن تكون طرق ( روما) و ( فلورنسة ) في مثل نظافتها * Op. city, p 278 * . و كانت طرق الخرطوم حتى آخر العهد التركي تخلو من الظل و الأشجار و يختلف عن ذلك الطريق المطل على النيل ( شارع النيل حاليا ) . و هو الطريق الوحيد في المدينة الذي تظله أشجار النخيل في حدائق المنازل المطلة عليه . ويتألق طريق النيل ( بالسراي ) التي تبرز للناظر من الضفة الشمالية للنهر متوسطة كتلتين عظيمتين من الأشجار تمتدان إلى يمينها و يسارها حتى أقصى طرفي المدينة . و يقوم مبنى الحكمدارية ( مكان مبنى مجلس الوزراء الحالي ) إلى الغرب من السراي مباشرة . و يليه إلى الغرب مباشرة اثنا عشر مبنى من بينها المكاتب الحكومية و دار القنصل النمساوي و عدة منازل للتجار اليونان . ويلي ذلك حديقة الإرسالية الكاثوليكية و بعدها تتوالى الحدائق على المساكن التي تلي مبنى الإرسالية في اتجاه ضفة النيل أو بالقرب منها . أدى ذلك إلى ارتفاع قيمة الأراضي المطلة على النيل أو بالقرب منه ، إذ كانت مرغوبة في أول الأمر لغرس البساتين لسد حاجة السكان من الفاكهة و الخضروات . و عندما كثر عدد الأجانب من ثراة الأوربيين انقلبت الرغبة في هذه الأراضي إلى تشييد المنازل . و ظهرت في هذه المنطقة و لاول مرة بمدينة الخرطوم المساكن ذات الطابقين و الشرفات . يرجع الفضل في عمارة الخرطوم و تنظيمها إلى الإدارة ، و يعتبر (خورشيد بك ) هو أول من كتب الصفحة الأولى في هذا المجال . و من بعده كان للإدارة أيدي بيضاء بان سارت على نهجه في تقديم أقصى ما يمكن تقديمه للسكان في مساعدة منها في إقامة منازلهم و ذلك بتوزيع الأراضي بأسعار رمزية ( قرش صاغ ) للمتر و كانت تعاونهم بإمدادهم بالأخشاب اللازمة للسقوف . كما كانت تشدد على تعميق أسس المباني و زيادة عرض الجدران و لا تسمح فيه بأقل من ذراع و نصف ذراع معماري .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)
|
هذا عمل وطنى رائع. وهذا هو دور المثقف المحقق والمدقق الذى يقدم لوطنه وشعبه ما ينفع ويمكث فى الارض وفى والوجدان. انا انسان شغوف بالتاريخ القديم وبالشق الاجتماعى منه خاصة . وما ان وقعت عينى على هذا البوست الشيق حتى تركت كل شئ وانصرفت اليه تماما . ارجو تطوير الفكرة الى كتاب تاريخى ويجزيك الله خيرا عنا وعن الوطن على حمد ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: Ali Hamad)
|
المكرم اخى على حمد
دفىء كلماتك يبعث فى النفس قدرة جبارة للمواصلة فى هذا التوثيق .. و نراه واجب وطنى مقدس ! هذه المرحلة من التوثيق هامة جدا لانها الاساس للتوثيق الكامل لمعشوقتى الخرطوم !
بحول الله و قوته اعدك بان التوثيق سيشمل كل صغيرة و كبيرة كان مسرحها المفتوح مدينتنا "الجامعة " الخرطوم .
احترامى و تقديرى لشخصكم الاصيل
كل الود
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
طبوغرافية منطقة الخرطوم و أثرها على العمارة :
اهتمت الإدارة منذ عهد ( سعيد باشا ) بتنظيم خطة البناء في المدينة . و يتضح ذلك فيما تضمنته ( المراسيم الأربعة ) التي أصدرها هذا الوالي في الخرطوم أثناء رحلته للسودان سنة 1857م . ووجهها إلى الحكام باثا فيها الرسائل التي يمكن باتباعها الارتفاع بمستوى البلاد في جميع النواحي . فمن بين ما اهتم به المرسوم الأول من هذه المراسيم وضع القواعد والأحكام التي يجب أن تسير عليها العمارة في البلاد . و قد جاء فيه : *( انه مما يوطد الرخاء في بلد ما بناء المنازل في المدن ، و لكن عليكم أن تنتبهوا حتى لا تبنى في الطرق من غير نظام بارزة أو مختفية كما هو الحال اليوم ، بل الواجب ان تكون البنايات الجديدة في صف واحد و دون أن تضطروا إلى هدم المنازل الموجودة ، فالبنايات الجديدة فقط هي التي يجب أن تشيد وفق هذه القاعدة الجديدة . كما يجب أن يكون لكل منزل حديقة ذات اتساع كاف تستقى من مياه ساقية أو شادوف أو ما هو اقل من ذلك إذا لزم الأمر ، حتى تكون الأمور بهذه الواسطة منظمة تنظيما طيبا و الهواء أنقى و احسن . )* انتهى المرسوم . و كانت الإدارة تهتم اهتماما دائما بحماية ضفة النيل من نحت النهر و غارات فيضاناته العالية و ذلك بتحصين الضفة بسيقان الأشجار التي تثبت عليها هنا و هناك بلا نظام هندسي في المناطق الضعيفة قبيل موسم الفيضان . ثم ترمى وراءها من ناحية المدينة الحجارة والأتربة و بقايا الزراعة . و يشترك سكان الضفة في هذه الأعمال و كثيرا ما يقدمون خدمات خدمهم في هذه الناحية بل كانوا أحيانا يدفعون أجور عمال الحكومة لتلك الأعمال . و قد اهتم ( محمد بك راسخ ) مدير الخرطوم ( يونيو 1861 - مايو 1862م ) بعمل رصيف للمدينة لوقايتها من غارات النيل . كان ذلك بعد التلف الذي أصاب بعض المحلات التجارية نتيجة لفيضان ذلك العام . وقد استجابت ( القاهرة ) لطلب المدير بإرسال مهندس - متخصص في إنشاء الأرصفة - إلى الخرطوم لاقامة هذا الرصيف و الذي اكتمل إنشائه في عهد الحكمدار ( جعفر مظهر : 1865 - 1871م ) . و لقد كانت تقوية ضفة النيل و رأم الصدوع التي تصيب الرصيف موضع عناية كل الحكمداريين بعد عهد ( جعفر مظهر ) و خاصة الحكمدار ( إسماعيل أيوب ) . كان ميناء الخرطوم يقوم على ضفة النيل الأزرق في أقصى غرب الخرطوم ، و هناك سلم حجري ينزل من الضفة إلي السفن الراسية على طولها . ومهما يكن أمر التقدم الذي كانت تحرزه عمارة مدينة الخرطوم كلما تقدم العهد التركي ، فان العيب كل العيب الذي استمرت تشكو منه المدينة طوال هذا العهد هو انخفاض سطحها و ما ينتج عنه من تجمع لمياه الأمطار في المنخفضان التي تتخلل الكثير من المناطق في المدينة . و قد كان الأهالي يستعدون لاستقبال فصل الأمطار بطلاء منازلهم من الخارج بـ ( الزبالة ) – خليط لرث الحيوانات مع بعض الحجر الجيري و اللبن . و مع ذلك و بالرغم من أن المطر لم يكن يسقط سوى خمس أو ست مرات في السنة كان الكثير من المنازل يسقط ، و هذا ما جعل السكان يفزعون عند سقوط الأمطار . إذ كان من المحتمل أن يتحول المنزل بعد سقوط المطر إلى بقايا بناء . و مما زاد من مصاعب السكان أن الأمطار كانت تسقط فجأة و بلا مقدمات . و تبدو المدينة بعد المطر كأنها خارجة للتو من طوفان . و كان على الفرد أن لا يغادر منزله أثناء المطر ، فإذا كان وقتها في منزل آخر فعليه أن لا يغادر هذا المكان قبل ثلاثة أو أربعة أيام خشية على حياته من التردي في حفرة ضاعت معالمها وسط خضم المياه ، و نفس الخطر قائما إذما امتطى دابة . فإذا أثر الفرد أن ينتقل إلى منزله مع تلك الصعاب فعليه أن يستعين في رحلته بعصا متينة و أقدام عارية حتى لا يفقد حذائه في قاع فجوة عميقة . و كثيرا ما تغلق المصالح الحكومية و الأسواق أبوابها بعد أول بادرة للمطر . و من الآثار الطبوغرافية المؤثرة لفعل الأمطار هو انه ونتيجة لامتدادات المدينة في نواحي مختلفة و هو قيام منازل جديدة بجوار حطام المنازل القديمة التي هدمتها الأمطار . كان نتاجا لغزارة الأمطار في خريف ( أغسطس 1866م ) وما صاحبه من فيضان للنيل في نفس الشهر أديا إلى إصابة المدينة بالكثير من الأضرار . ففكر الخديوي ( إسماعيل : 1865 - 1871م ) في نقل العاصمة إلى جزيرة ( توتى ) و التي تتمتع بمميزات موقع الخرطوم و تتميز بارتفاعها و لا تصلها مياه الفيضان مهما زاد خطره إلى وسط المدينة . كم إن ارتفاعها يسمح دائما بتسرب مياه الأمطار إلى النيل . و من اجل ذلك كتب الخديوي ( إسماعيل ) إلى الحكمدار ( جعفر مظهر ) بنقل العاصمة تدريجيا إلى جزيرة توتى : * إذا كان الأمر من الهين و فيه فوائد جمة . و كانت الجزيرة المذكورة تصلح اكثر من الخرطوم لاتخاذها مركزا * . و لكن الحكمدار رأى أن دواعي النقل غير كافية ما دام قادرا على إصلاح ما أفسدته الطبيعة و تجديد كل المباني الحكومية فيها . و خاصة انه يمكن الاستعانة في تنفيذ برنامجه بـ ( محاجر ) جديدة اكتشفت وقتئذ على ضفاف النيليين بالقرب من الخرطوم و باستخدام عمال الحكومة في إقامة و تجديد المباني الحكومية . و حتى ما أتموها اسهموا بعد ذلك في مساعدة الأهالي في إقامة منازلهم المدمرة . و قد كتب الحكمدار بوجهة نظره تلك إلى الخديوي و الذي أجازها بدوره و التقت أفكارهما حول و سائل إصلاح ( بندر الخرطوم ) . وعلى راس تلك الوسائل التي تضمنتها توجيهات الخديوي للحكمدار : ( * أن لا يدع مياه الأمطار تتراكم في المدينة بل عليه أن يجعل لها مصارف تسيل منها إلى النهر ... و إنشاء قوة من القواصة الضبطية برئاسة مأمور للإشراف على نظافة المدينة ) * * ( دفتر تركي 558 قسم ثان ، ص 19 - وثيقة رقم 9 بتاريخ 23 شوال 1283هـ ) *
كانت توجيهات الخديوي نقطة البدء في سياسة تنظيم المدينة على أسس جديدة ، الأمر الذي أضاف إليها في سنوات قليلة كثيرا من الإصلاحات المعمارية و المباني الجديدة . و قد افتتح ( جعفر مظهر ) تلك السياسة سنة 1867م . و داوم طوال السنوات الثلاث التالية يعمل في جد لاستيفائها . و من وسائله في ذلك إعادة بناء المنشات الحكومية بالآجر و الجير . و قام بشق طرق جديدة و توسيع الطرق القائمة ، و ردم الحفر التي تقطع سطح المدينة . و قد لمس الرحالة ( شو ينفر ) سنة 1871 آثار الحكمدار في إصلاح العاصمة . وشهد بحدوث تغيير كبير أصاب عمارتها و كان قد غادرها منذ ثلاث سنوات فقط و عند رجوعه إليها وجد مباني جديدة عديدة بل كان العمران قد امتد إلى الضفة الشمالية للنيل الأزرق ( الخرطوم بحري ) المواجهة للخرطوم . و قد كان عهد الحكمدار ( احمد ممتاز: 1871 - 1873م ) و الحكمدار ( إسماعيل أيوب : 1873 - 1877م ) امتدادا لعهد ( جعفر مظهر ) من حيث العناية بأعمار الخرطوم . و الخلاصة أن الخرطوم كما ظهرت في آخر العهد التركي ، كانت من نتاج مجهودات الحكمدارين ( جعفر مظهر و إسماعيل أيوب ) على وجه الخصوص . و كان لهذين الحكمدارين كل الفضل في إعطائها الصورة الجميلة التي أصبحت عليها في ذلك الوقت . و التي افاض في وصفها الرحالة زوار الخرطوم في السنوات الأخيرة من الحكم التركي . وقد بلغ العجب بتقدم العمارة عند بعضهم حدا قالوا فيه إن المدينة بمرور الزمن سوف تصبح لا محالة ( قاهرة ) ثانية . بأحيائها التي تضم مبان حديثة يسيطر عليها التخطيط و النظام الهندسي . و أحيائها ذات المباني من الطراز القديم الذي لم يصبه تغيير منذ إنشاء المدينة . و حقا فقد ظهرت مدينة الخرطوم في سنة 1880 بمظهر المدن الكبيرة . فبينما كانت سنة 1830 لا تضم غير ثلاثين منزلا من الطين و الباقي من أكواخ القش ، و في سنة 1844 إذا بها تصبح و كل منازلها من اللبن وليس بها من الأكواخ غير كوخ واحد . فإذا كانت سنة 1880 أصبحت المدينة تضم ثلاثة ألف منزل الكثير منها يضم الأشجار و الحدائق المزهرة .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
أهم معالم الخرطوم أبان الحكم التركي :
مبنى الحكمدار ( السراي ) :
لم تكن السراي كما ظهرت في أخر الحكم التركي هي سراي ( عبد اللطيف ) ، فان الحكمدار ( احمد ممتاز باشا ) قد ادخل في بنائها الكثير من العمارة و التي لم تتم في الواقع إلا في عهد خلفه الحكمدار ( إسماعيل أيوب ) . و السراي ( القصر الجمهوري حاليا ) بناء ضخم من طابقين مكحل بالحجارة ، به أجنحة خاصة بالحريم و جناح خاص للزوار . و هو يطل على النيل من الأمام و على ميدان المديرية من الخلف ( حديقة الشهداء الآن ) . و تحيط به الأشجار من الشرق و الغرب و الجنوب الذي تحتله حديقة تعج بالنخيل و الأعناب و أنواع شتى من النجيل الأزهار . و يقوم بجواره من الجهة المواجهة للمدينة ( حصن ) مزود ببعض المدافع للحماية يقف بينه و بين شارع المديرية – الذي يفصل بينه و بين مبنى الحكمدارية – حائط حجري كبير .
مبنى الحكمدارية :
يصف ( القباني ) مبنى المديرية ( مكان وزارة المالية الحالية ) بأنه من الحجارة البيضاء الجميلة المنحوتة وذو منظر يضارع اعظم مباني ( القاهرة ) . بنوافذه الشمالية التي تطل على النهر و حولها العديد من الأشجار الباسقة ، و يرتفع عن سطح الأرض بأكثر من ثلاثة أمتار . و مدخل ( ديوان ) الحكمدار من الجهة الجنوبية بثلاث أبواب كبيرة يدخل منها الأهالي لمقابلته . وفى شرق ( الديوان ) رواق مستطيل تصطف الغرف على جانبيه ، و له باب شرقي يدخل منه الحكمدار من و إلى السراي و يعرف بـ ( باب السر ) ، و الغرف التي بجانب هذا المدخل أحدها مكتبه والأخرى مكاتب القلمين ( التركي و الإفرنجي ) . وفى المبنى جناح غربي يضم غرفة وكيل الحكمدار و الأقلام العربية .
قصر راسخ بك : أقام ( محمد راسخ بك ) مدير الخرطوم ( يونيو 1861 - مايو 1862م ) بناء لسكنه على الضفة الشمالية للنيل الأزرق ( الخرطوم بحري ) لطيب جو تلك الجهة فقد كان " صاحب حظ و انشراح ... و لم ينشغل بشيء سوى إنشاء القصر الكائن على شاطئ النيل بالجانب الشرقي في اتجاه ( سراي ) الحكمدارية ( موقع الوابورات الحالي ) .. و عرف هذا البناء طوال عهد الحكم التركي بـ ( قصر راسخ بك ) و كانت تقوم فيه محطة الإرسال البرق للعاصمة الخرطوم ، بل اشتهر بها في السنوات الأخيرة من الحكم التركي .
دار الصناعة أو ( الترسانة ) : من أهم المباني الحكومية الخرطوم وقتها دار الصناعة أو ( الترسانة ) ، وهى من العلامات المميزة للمدينة في العهد التركي . لان السودانيين لم يكونوا يعرفون بناء السفن قبل العهد التركي . كانت الترسانة مسئولة عن صيانة أسطول الحكومة و الذي كان له أهمية كبرى في بلاد واسعة يشقها النيليين الأزرق والأبيض ثم النيل و افرعهم لمسافات بعيدة . وقد زادت أهميتها عند مجيء حملة ( صمويل بيكر ) لاكتشاف منابع النيل بما صحبته من سفن . و عندما امتدت الإمبراطورية التركية الى جنوب السودان في عهد الخديوي ( إسماعيل ) . و هذا مما اكبر من واجباتها نحو مؤزرة الادارة فى ربط جهات البلاد المختلفة . كانت الترسانة تعرف حتى حكمدارية ( غردون باشا : فبراير 1877 – يناير 1880م ) ـ ( إدارة النيل الأبيض ) حين غير الاسم إلى ( ترسانة الخرطوم ) .. في حين الاسم الغالب عليها عند الأهالي بالخرطوم ( المنجرة ) نسبة لنجارة السفن . كانت الترسانة مقامة غرب الخرطوم في المنطقة بينها و بين حلة المقرن و أن كانت اقرب إلى الحلة من المدينة . و ما بين الخرطوم و الترسانة قامت حلة لعمال الترسانة عرفت بحلة ( الريس عمر ) و يبدو ان عمر هذا كان رئيسا للترسانة عند إنشائها لاول مرة . و الترسانة كانت مجهزة تجهيزا تاما بالمدقات و المخارم و غيرها من الأدوات و الآلات ووقودها من البخار الخشبي مما مكنها من أداء مهامها بالصورة المطلوبة . وقد جاء في كتابات بعض الرحالة الأجانب أن بعض الفرنسيين و الإنجليز كانوا يعملون بها . حيث كان مدير الترسانة في السنين الأخيرة للحكم التركي هو المهندس ( سبادا Spada - ) الإيطالي الجنسية . وقد انتقلت الترسانة أيام حكمدارية ( غردون باشا : 1877- 1880م ) إلى شرق السراي ( مكان ورش سلاح الأسلحة الحالية ) و ذلك لتعرضها اكثر من مرة لفيضان النيل الأزرق .
أماكن العبادة :
تتكون أماكن العبادة وقتها في الخرطوم من الجامع ، الكنيسة القبطية ، و دار الإرسالية الكاثوليكية . جامع الخرطوم ( الجامع الكبير حاليا ) : شرع خورشيد بك في بناء الجامع سنة 1845م ، و لما زادت العمارة في الخرطوم وكثرت السكان هده من أساسه و ذلك في سنة 1837م ، و انشأ في مكانه جامعا أوسع منه استعان في بنائه بالأجر المنقول من بقايا مملكة سوبا . ولما كان خورشيد بك قد غادر البلاد قبل الانتهاء منه فقد أكمله الحكمدار ( احمد ابو ودان ) . ولكن يبدو ان المئذنة لم يتم بناؤها إلا حوالي سنة 1860م . و قد قام الحكمدار ( إسماعيل أيوب ) ببعض الإصلاحات في عمارته . و في سنة 1880م هدمه الحكمدار ( محمد رؤوف ) حين وجده لا يليق بعاصمة بلاده . و بدأ في بناء أخر أوسع منه و في نفس المكان . و لكن قيام الثورة المهدية و حصار الخرطوم حالا دون قيامه و خلفائه من بعده بإتمامه . و قد اسماه غردون باشا ( جامع السودان ) بعد كان يعرف باسم جامع رؤوف باشا . و يحيط بالجامع ميدان جميل من معالمه ( السبيل ) و مجموعة من أشجار ( اللبخ ) و يتجه بناؤه إلى جهة الشمال الشرقي نحو ( الكعبة ) مما جعله يختلف عن كل مباني المدينة و التي يتفق اتجاهها مع الجهات الأصلية . وهو نظيف حسن التهوية كاف لمن يؤمه من المصليين في يوم الجمعة . و هو الجامع الوحيد بالمدينة طوال فترة الحكم التركي . و كانت تقام فيه الصلوات كما كان مكان للعلم و مقام للذكر . وقد قام بالتدريس فيه الكثير من كبار المشايخ المقيمين فى الخرطوم .
الكنيسة القبطية :
ما أن فتح السودان حتى رسم البطريرك ( بطرس السابع ) المعروف ( بالجاولى ) سنة 1823م الأساقفة له . و أثناء زيارة ( محمد على باشا ) للسودان أمر ببناء كنيسة للمسيحيين من سكان الخرطوم . و لكنهم رأوا استمرار اجتماع كل طائفة منهم اينما تشاء حتى يتم بناء كنيسة لكل طائفة . و لا يعرف متى اقام القبط كنيستهم ولكن من المرجح انها اقيمت بين سنتى 1850 – 1860م . يقرر ( جرانت ) ان الكنيسة كانت ضرورية فى ذلك الوقت ، حيث ان عدد القبط فى المدينة بلغ اكثر من خمسمائة قبطى . كانت الكنيسة هى اهم ما يميز حى القبط و ذات ( قباب ) ثلاثة الا ان مظهرها كان متواضعا و تبدو منخفضة عن المنازل المجاورة لها .
الارسالية الكاثوليكية :
فى ابريل سنة 1846 اصدر البابا ( جريجورى السادس عشر ) قرارا بتاسيس ( النيابة الرسولية لافريقيا الوسطى ) . و اهداف هذه النيابة رفع مستوى الاهالى علميا و صحيا ، و مساعدة المسيحيين العاملين فى القطاع التجارى فى السودان و القضاء على تجارة الرقيق . اما حدود عملها فكانت واسعة تشمل مصر الى الحبشة شرقا ثم غربا الى الجزائر و الصحراء الكبرى . ولم يمانع ( محمد على باشا ) من قدومها الى السودان . فى فبراير سنة 1848م وصل رجال البعثة الى الخرطوم لتكون قاعدة لهم . و قامت بشراء قطعة ارض الى الغرب من المدينة – اقرب الى وسطها – و بدأ البناء سنة 1850م و انتهى فى يوليو سنة 1852م على يد اباء من الايطاليين . و كان هذا البناء هو البناء الحجرى الوحيد فى المدينة ، و يضم كنيسة صغيرة مؤقتة يشغل الرجال مقاعدها الامامية و النساء مقاعدها الخلفية ، و مدرسة من غرفة واحدة تلاميذها من الاطفال ( الزنوج ) القانطين حول النيل الابيض و المشترين من سوق ( النخاسة ) .
المدافن ( المقابر ) :
كانت مدافن سكان الخرطوم قبل الفتح التركى فى منطقة الشيخ ( امام بن محمد ) الفيه المحسى الذى عاش فى هذه المنطقة و دفن بها ايام مملكة الفونج ، و بعد تاسيس مدينة الخرطوم بعد الفتح التركى استمر الدفن فى هذه المقابر و التى لم تلبث ان امتدت الى الشرق قليلا بازدياد اتساع المدينة و قامت فى طرفها مدافن للموظفين الاتراك و المصريين والسودانيين . ومن معالم هذه المدافن ( قبتان ) كبيرتان ( الجزء الشرقى لميدان ابو جنزير و مازالتا حتى الان ) دفن تحتهما بعض حكمدارى السودان المتوفين بالخرطوم . ثم انتقلت الى مكانها الجديد جنوب شرق المدينة و لا يعرف متى تم هذا النقل . قامت المقبرة المسيحية سنة 1843م جنوب المدينة عند اقصى الطرف الجنوبى الشرقى لحلة (سلامة الباشا ) و كانت مساحتها لا تتعدى الاربعمائة متر و لكنها اتسعت بزيادة عدد الاوربيين فى المدينة ، كما قامت بها كنيسة صغيرة . و ممن دفن فيها ( اراكيل بك ) مدير الخرطوم : 1857 – 1859م و عند قيام الثورة المهدية و سقوط الخرطوم حطمت الكنيسة ، كما عبث بقبور الموظفين تحت القبتين الكبيرتين وما حولهما. و من المدافن التى كان لاصحابها شهرة اثناء الحكم التركى ، و من الذين عرفوا بالتقوى و منح البركة فى حياتهم قبر الشيخ ( امام بن محمد ) ، و قد أثر عن الشيخ ان جنديا اغتصب فتاة بالقرب من قبره ، فعاقبه الشيخ بان عاش بقية حياته مجنونا يذرع شوارع الخرطوم ذهابا و ايابا ( و الله اعلم ) . ومن هذه المدافن قبر الشيخ ( محمد المبارك ) مات حوالى سنة 1876م و دفن فى حلة برى المحس ز و من مأثر صاحب القبر ابتدأ اهل برى المحس فى دفن موتاهم فى منطقتهم بعد ان كان محل الدفن مقصورا على مقبرة ( ابونجيلة ) على ضفة النيل الازرق الشمالية ( الخرطوم بحرى ) . و من المدافن ايضا قبر الشيخ ( فايد ) - يوجد هذا القبر حاليا شارع الجامعة فى احد المكاتب الحكومية التابعة لجامعة الخرطوم – اتى الشيخ ( فايد ) الى السودان من ( قليوب ) فى مصر ايام الحكم التركى و قتل عند دخول ثوار المهدية الى الخرطوم ، و هو جد اسرة ( عمر المهندس ) المعروفة الان بالخرطوم . و مما يحكى عن مأثر الشيخ ( فايد ) ان احد الموظفين البريطانيين الكبار فى ظل الحكم الثنائى للخرطوم : 1898 – 1955م كان يسكن فى هذا المنزل ، قام باحضار عمال من الحكومية لازالت هذا القبر من المنزل و عندما هموا بازالته ظهر لهم ( اسد ) ضخم فهربوا جميعا ، و بعدها امرهم باقامة سياج حول القبر مما حافظ على بقائة حتى اليوم ( و الله اعلم ) .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الخرطوم مركز تجارى : قد جرت العادة عند تقسيم المدن حسب التركيب الوظيفى ان تعتبر نواة المدينة قلبها التجارى ، و هو فى الخرطوم عبارة عن منطقة السوق و بالتحديد ( منطقة سوق الدكاكين ) . و قد نشأ السوق عند اول تأسيس له مع تأسيس المدينةحول ( قسم الجامع ) فى عهد خورشيد بك . ثم امتد بعد ذلك فى كافة الاتجاهات . و لكن لم تلبث مبانى الاحياء ( محل موشى بك ) و الثكنات القديمة و مبانى ( فريق الترس ) و حى ( سلامة الباشا ) و مبانى الادارة الحكومية ان وقفت حائلا دون امتداده اكثر مما امتد اليه ناحية الشمال و الشرق و الجنوب الشرقى و الغرب و الجنوب الغربى على الترتيب . و قد ترتب على ذلك انحسار السوق فى رقعة محددة من الارض طوال فترة الحكم التركى . و قد ثبتت حدود السوق الخاجية منذ 1860م . و قد خلا السوق من مخازن البضائع التجارية الكبيرة منذ اول انشائه حتى 1851م ، فقبل تلك السنة و منذ فتح النيل الابيض للتجارة فى حوالى سنة 1841م ، احتكر حكمدارو السودان تجارة الصادرات بالبلاد . ومع ذلك كانت مبانى السوق فى توسع مستمر بسبب نشاط التجارة فى الواردات اللازمة لسد مطالب مجتمع الخرطوم الكبير . مما ادى الى اضافة محلات جديدة الى مبانى السوق فى سنة 1851م ، على عهد الحكمدار (عبداللطيف باشا : اكتوبر 1849 - 1851م ) . و ما ان اعلنت حرية التجارة فى النيل الابيض فى تلك السنة حتى تردد صداها فى ( طبوغرافية السوق ) حتى اتخذت شكلها النهائى سنة 1862 . حين قدر عدد محلاته بالف محل تجارى ذات انشطة تجارية متعددة . و ذلك عندما وصلت علاقة الخرطوم التجارية مع جنوب السودان - بخيراته العديدة - الى اقصى درجة من التقدم . و من أثار نمو تجارة الخرطوم مع الجنوب ، و اتساع حلة ( المراكبية ) فى ذلك الوقت ان قام بالحلة سوق يسد مطالب اهلها من الطعام و لوازم الحملات عموما و حملات الجنوب على وجه الخصوص . و قد عرف هذا السوق باسم ( بت عينة ) و يبدو ان هذا الاسم لاول سيدة عملت فيه بالتجارة .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: حيدر امين)
|
اخى الكريم حيدر
كل الامتنان و التقدير لهذه الاضافة القيمة و الهامة لهذا التوثيق و الذى نسعى الى ان يرى النور كاملا محتويا على كل معلومة مهما كان حجمها .. و نحن نطمع فى المزيد لا المسئولية مشتركة و على عواتق ابناء الخرطوم . صلتى ببرى بدأت و انا طالب فى المتوسط ( الخرطوم الاهلية الوسطى : 1962 - 1966 ) حيث جمعتنى اولى صداقاتى بها مع اخى و صديقى ( المرحوم / الواثق مبارك امان - طيب الله ثراه ) و سعادتى التى لا توصف بان صداقتى و صلتى بهذه الاسرة ( اسرة المرحوم مبارك امان ) ما زالت قوية و مستمرة حتى الان . ثم توطددت علاقتى بعد ذلك بكل ابناء برى بعد انتقالى الى المرحلة الثانوية ( الخرطوم الثانوية القديمة : 1966- 1970 ) ثم التنافس فى مجال كرة القدم - كنت لاعبا لنادى النيل العاصمى و الفريق القومى - حتى 1976 . و افخر كثيرا بعلاقاتى الحميمة مع ابناء جميع ابناء برى .
تخريمة: كنت اتحدث مع اخى و صديقى ( متوكل مبارك امان ) عن مداخلتك فحدثنى : اولا ان ابلغ تحياته ، و قال ليك تذكر يوم قفز على اسوار المدرسة ( الخرطوم الاهلية ) و جاء الاستاذ ( حسن عبدالعزيز ) يبحث عن هذا الطالب ( الفوضجى ) و عندما هممت انت لتخبر الاستاذ حسن .. رمقك اخونا متوكل بنظرة حادة ( حميرة ) يعنى فصمت انت . لك تحياته و تحياتى و اطال الله عمر استاذنا الفاضل حسن عبدالعزيز .
كل الود يوسف ( ابوصلعة )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
و يقوم السوق حول الجامع و تتخرج من ميدانه مجمعيين كان يطلق عليهم اسم ( قصيريتان ) إحداهما تعرف ( بالقصيرية الكبيرة ) و الأخرى ( القصيرية الصغيرة ) . و كل منها تضم ثلاثة أو أربعة ممرات مغطاة أسقفها بالحصير و القش و أغصان الأشجار و القماش السميك . و تضم القصيرية الكبيرة المحلات الفاخرة والتي تزخر بالبضائع التركية والمصرية و الهندية بل أيضا الأمريكية . و من هذه البضائع المنسوجات و الملابس الجاهزة و الأحذية و الأوعية من الصيني و الأدوية . و كان الهدوء يسيطر على تلك القصيرية و يجرى فيها الهواء الطلق المعطر بالبخور لان مرتاديها كانوا من طبقة الثراه . أما القصيرية الصغرى فاكثر محلاتها تتاجر في البقالة بجميع أصنافها و كذلك الخمور وهى اكثر حياة و صخبا من زميلتها الكبيرة لتردد الكثير من الأسر المتوسطة و الفقيرة عليها . * (Lejean G, : op, cit. p 20 / Petheric, J. : OP, CIT. P 132 )* و محلات السوق صغيرة بشكل عام ، وهى تتجاوز على كل جانبي الممرات ، و أمام كل منها ( مصطبة ) ارتفاعها حوالي القدمين . و كان صاحب المحل يجلس على عتبته و حوله البضائع مكومة في داخل المحل وعلى المصطبة مما كان يزيد من ضيق ممرات السوق . ومن سمات التجارة في السوق إن البضائع المستوردة غالية الثمن و من الأنواع الرديئة في اغلب الأحيان . وكان المضاربين يستغلون فرصة نضوب معينها من السوق – خاصة موسم الأمطار – و يرفعون أسعارها بدرجة جنونية . كان اليونانيون هم سادة تجارة البقالة ، و كانت محلاتهم تتقدمها صالات مسقوفة يسمرون فيها مع الأصدقاء و يشربون الخمر . و إلى الجنوب الشرقي من ( سوق الدكاكين ) كان يقوم ( سوق الشمس ) وهو في العراء بلا مظلات و كان يباع فيه ( القش ) و أخشاب التطيب ( الصندل و الشاف و الطلح ) و خشب الحريق و الصمغ و الجلود و التمر هندي . و تخرج من سوق الشمس أربعة مسالك على جانبيها رواكيب من فروع الشجر تظللها الحصائر و البروش و التي يمكن تغير اتجاها تبعا لحركة الشمس الظاهرية . و كان هذا السوق المظلل يعرف ( بسوق البقالة ) وفيه تباع الأطعمة من الأسماك مطبوخة و غير مطبوخة و الزبد و اللبن و الحلوى و المشروبات المحلية ( المريسة و عرق السوس ) و الدهن لتمشيط الشعر و الأدوات المنزلية الخشبية و النحاسية و المصنوعة من رقائق الألمنيوم . ثم الحبال و لوازم المرأة من الأقراط و الخواتم و الأساور و الكحل و الحنة . و أهم ما يباع في سوق البقالة الخضراوات و الفاكهة ، و كانت كلها متوفرة دائما و تسد مطالب مجتمع الخرطوم الكبير . و مصدرها حدائق المدينة و المنطقة الزراعية الواقعة حولها و قرى ضفتي النيليين الغير بعيدة منها ثم المناطق الزراعية في منطقة الجزيرة . ومن مآثر العهد التركي تعريف السكان بأصناف كثيرة من الخضراوات ، و نشر زراعتها في حدائق المنازل التسعة في غرب المدينة . ومن المصادر الأخرى التي تمد السوق بالخضراوات ( جزر النيل الأبيض و الأزرق ) التي تزرع بعد الفيضان و خاصة القائمة منها بجزر النيل الأبيض في منطقة المقرن ثم على الضفة الشمالية للنيل الأزرق – فيما بين جزيرة توتى و حلة خوجلى و الصبابى - . كما أن القرى جنوب الخرطوم – كالجريف و غيرها – كانت تزرع الخضراوات من اجل سوق الخرطوم . و من الحبوب التي كانت متوفرة في سوق الخرطوم الذرة و السمسم و القمح و الشعير ، و كانت الذرة أهمهم لأنها طعام السكان الرئيسي . و إذا كانت التنظيمات الضرائبية قد ساعدت أحيانا على عدم انتظام وصول الأطعمة إلى سوق الخرطوم ، و إذا كانت الزيادة التي وضعها الحكمدار ( جعفر مظهر ) على ضرائب السوق تعد مثالا في هذا المجال فان معين الذرة لم يكن لينقطع حيث انه – علاوة على إنتاجه الكبير - لان زراعتها كانت تتم بواسطة المطر لا بالسواقي . كانت اللحوم متوفرة في سوق الخرطوم حيث كانت ترد إليه حية من المناطق المجاورة و خاصة منطقة ( الجريف ) التي تتركز ثروة أهلها في القطعان الكبيرة من الخراف و الأغنام . و مما ساعد على توافر اللحوم بصفة دائمة توقف الحكومة المصرية عن استيراد الماشية و الأغنام من كردفان منذ حوالي العام 1835م . كان هناك ( مجزر الخرطوم ) و يقع في أقصى جنوب حي ( سلامة الباشا ) وقد بنى بين عامي 1840 – 1860م . كما قام بجواره سوق صغير للماشية و الأغنام بجواره . أما الألبان والجبن والزبد فقد كانت متوفرة في السوق و ترد إليه من المناطق الجنوبية للمدينة بعد ان عرف السكان صناعة مشتقاتها على يد الترك والمصريين والأجانب .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
Quote: تخريمة: كنت اتحدث مع اخى و صديقى ( متوكل مبارك امان ) عن مداخلتك فحدثنى : اولا ان ابلغ تحياته ، و قال ليك تذكر يوم قفز على اسوار المدرسة ( الخرطوم الاهلية ) و جاء الاستاذ ( حسن عبدالعزيز ) يبحث عن هذا الطالب ( الفوضجى ) و عندما هممت انت لتخبر الاستاذ حسن .. رمقك اخونا متوكل بنظرة حادة ( حميرة ) يعنى فصمت انت . لك تحياته و تحياتى و اطال الله عمر استاذنا الفاضل حسن عبدالعزيز . |
يوسف ابوصلعه,, متوكل مبارك أمان ,, ياخى بالغتو ده كان زمن عجيب وين حسع انتو فى الخرطوم ولا زينا كده نزازى فى الغربه البطاله تحياتى للاخ متوكل والله سنين طويله ولو مريت على البوست المفتوح عن برى واديتنا شوية ذكريات عن برى وشلتك فى مدرسة محمد حمزه والقديمه وبالمره فى اليوتيوب حتلاقى صور نزلتها من فترة باسم مدرسة الخرطوم الاهليةالوسطى وشوف براك حجم الكارثه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: حيدر امين)
|
العزيز حيدر ... لك منا عاطر التحايا
انا " عشان انا الكبير " ومتوكل امان موجودان بالمملكة العربية السعودية - جدة . و طبعا من زمن طويل . حالنا لا يفرق كثيرا عن حال ابناء الخرطوم الذين تشتتوا فى كل اصقاع الكرة الارضية - بعد هجمات التتر - على مهبط وحينا " الخرطوم " . نجتمع كل يوم فى حى " بنى مالك " و لا تخلو جلسة من ملتقياتنا من الكثير من الذكريات عن الخرطوم و برى و الخرطوم الاهلية و الخرطوم القديمة و ميادين الكرة و كل حياتنا الزاخرة بأجمل الذكريات وما اكثرها و ما احلاها .
فلنتواصل اخى .. فلم يبقى غير حديث الذكريات
متوكل : 00966564920572 يوسف : 00966540325353
كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
التشجير و الحدائق يزدهران في مدينة الخرطوم :
كتب الخديوي ( محمد على باشا ) إلى المختصين استجابة لطلب ( خور شيد بك ) من مصر أن ترسل له من أشجارها المثمرة ما يمكن غرسه في السودان عامة و الخرطوم خاصة :
*( بما أن طلب الاغا المومى إليه أمر خير فاجمعوا ما يمكن جمعه من الأشجار المثمرة من جنينة شبرا و من غيرها ، و ضعوها في قارب و اعتنوا في وضعها و سلموها لجانب الاغا المومى إليه وفقا لمطلوبنا ) * . شجع ( سعيد باشا ) خديوي مصر على إقامة الحدائق بالبلاد و زراعة أصناف جديدة من الأشجار المثمرة . و كان من وسائله في ذلك إعفاء الحدائق من الضرائب ، حيث " انه من البديهي في حالة إعفاء الحدائق الموجودة بالأراضي السودانية من أموال الضرائب سيرغب كل شخص في غرس تلك الأشجار ، و سيكون ذلك سببا في ازدياد الحدائق يوما فيوما . و في انتظام و عمران الأقاليم السودانية ، و الإكثار من إصلاحها و مدنيتها . كما طلب ( سعيد باشا ) من حكام السودان تشجيع الأهالي على زراعة الأشجار في الطرقات و على ضفاف النيل ، ليستفيدوا أولا من إنتاجها و ثانيا بالأثر الطيب الذي تحدثه بامتدادها على طول الطرق و الشواطئ . وقد ظهرت الخرطوم بعد عهد سعيد – نتيجة لذلك – و حدائق المباني الحكومية و المنازل تمتد على ضفة النيل الأزرق زاهية باخضرار الحدائق . فإذا كان المساء و عندما تهب على المدينة ريح الشمال العليلة انتقل معها إلى المدينة أريج حدائقها : * ( Millais, J. G. : Far away up the Nile - p 146-47 ) * و قد افاض الرحالة زوار الخرطوم في الحديث عن ثمار حدائقها من حيث أصنافها و جودتها و فصول أثمارها . و أضافوا إلى ذلك انه لم يكن يخلو فصل من فصول السنة من بعض أصنافها ، و أن بعضها يتوافر في المدينة على مدار السنة ، وان أشجار الموز و البرتقال و العنب و نخيل البلح تثمر مرتين في العام مرة في الصيف و أخرى في الشتاء . بل أن القمح – و كان يزرع - في بعض الحدائق ينبت أربعة مرات في السنة . و مما كان يزرع أيضا من أصناف في حدائق الخرطوم و ما جاورها الدخن والبطيخ و قد اشتهرت بذلك جزيرة توتى . كان اشهر حدائق الخرطوم حديقة دار الإرسالية الكاثوليكية و تختلط فيها المزروعات الأوربية بالمزروعات المدارية . فقد كان الرهبان كلما أتيحت لهم من فرص و ينبتونها فيها . و قد تمكنوا بذلك من زراعة بعض أنواع الخضراوات الأوربية و إن تغيرت بعض صفاتها . و سار في هذا الطريق أيضا كبار الأجانب في المدينة مما جعل من حدائقهم حقول تجارب زراعية في الواقع . و قد كانت حدائق دار الإرسالية و بعض كبار الأجانب تطاول حدائق السراي كما كانت محط أنظار الأجانب الزائرين و النازلين بالمدينة . و كانت الحدائق على ضفة النيل الأزرق تسقى بالسواقي القائمة على طول ضفته على أبعاد طولها حوالي المائتى خطوة . ترفع تلك السواقي الماء من النيل إلى قنوات ضيقة مكشوفة تقطع الضفة إلى الحدائق الممتدة عليها . فإذا كانت مياه النيل منخفضة و عجزت ساقية واحدة عن رفعها ركبت ساقية أخرى فوقها آو ( شادوف ) أو اكثر من شادوف واحد حتى يمكن رفع الماء إلى الضفة . أما الحدائق التي تبعد عن الضفة فكانت تسقى بمياه الآبار المحفورة فيها . كانت حدائق الخرطوم مسرحا لدراسة طبيعة الحيوانات و الطيور و هو الأمر الذي كان يهتم به الكثير الأوربيين و خاصة الرحالة منهم . و من اجل ذلك كانت الحدائق ميدانا لجمع الحيوانات و طيور البيئة المحيطة بالخرطوم و البيئات الأخرى التي كانت تطالها زياراتهم لها . و من فضل الإدارة التركية على البلاد تعريفها للأهالي بحدائق الميادين ، و كان ذلك عندما انشأ ( إسماعيل أيوب ) حديقة في ميدان المديرية و صفت بغنى أشجارها و زهورها و استقامة المسالك فيها . كما كانت موسيقى الجيش تعزف فيها كل مساء ، فكانت الأولى من نوعها في السودان .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الاخ يوسف محمد يوسف و المتداخلين لكم التحية و أنتم تسلكون هذا المسلك الوعر بشح مصادره الموتوقة و تداخل رواياته الممزوجة بالاهواء و الامانى . أسمحوا لى ان أناقش بعض النقاط الواردة فى هذا السفر الشيق منوها على أن ما سأذكره من الذاكرة فقط لبعدى عن الوطن و بالتالى و بكل أسف عدم توفر المراجع، فهو من قرآت من هنا و هناك و مما ذكره بعض أهلنا من كبار السن فى برى المحس و الخرطوم و القوز و الفتيحاب.. ذكرت بعضه فى بعض بوستاتى السابقة و بوستات أخرى أخص بالذكر بوست (برى) الاخ (اساسى) و بوست (معاني و اسباب اسماء هذه المدن)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: Zomrawi Alweli)
|
الاخ الكريم زمراوى
عاطر تحياتى و انت تشرفنا بالمرور الكريم
رأينا و نحن نعد لهذا التوثيق ان نربط اهم الاحداث التاريخية و التى كان لها تأثير مباشر فى نشأة الخرطوم و ان تصبح عاصمة للسودان و ما صاحب ذلك من احداث تاريخية و ديموغرافية و طبوغرافية كان لها القدح المعلى فى هذا الاختيار . اعدك بمراجعة هذه الاتفاقية لنضيف منها ما له صلة بقيام الخرطوم !
بالمناسبة كتر الورق لسه جايك الكتير !
تقديرى و احترامى لشخصك الكريم
دمت اخى
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: ماضي ابو العزائم)
|
الاخ ماضى ود ابو العزائم
معزتى لكم و لاسرتكم العريقة لها تاريخ طويل
اسعد جدا بكل مشاركة من ابناء الخرطوم الاصيلين فهم المعنيين فى المفام الاول بهذا التوثيق - الذى ما زال فى بداياته . مشقته تكمن فى عدم توفر المعلومة المثبت تأكيد صحتها . خاصة و ان التوثيق للخرطوم حتى الان لم يأخذ بالاهمية المطلوبة من ابنائها . وهذا ما دفعنا بقوة من ان تكون هناك بداية وهذا ما نصبو اليه . تعدد المصادر فى هذا المنحى قادنا الى التركيز على اهم ما كتب ونوعية مصادره ثم طرحه للمتداخلين للتعديل او الاضافة متى ما كان هناك من معلومات لدى البعض و لم يشار اليها .. و هذا ما نتمناه . ستكون لنا انشاء جلسات و جلسات مع كل من كتب عن الخرطوم و طبعا اولهم الصديق الصدوق " اساسى "
نتوق لمساهمتك معنا
كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
ود القبائل ... ماضى ابوالعزائم
اعود لك مرة اخرى لاثمن هذه المداخلة القيمة و الثرة . هى بلا شك اضافة لا تقدر لهذا التوثيق ، و انشاء الله ستكون من المعلومات المضمنة فى هذا التوثيق بلا جدال . فى انتظار المزيد منك و من كل ابناء برى الميامين فانتم الاصل .
وافر الشكر و كل التقدير
اخوك
(ع/م) يوسف محمد يوسف ( ابو صلعة )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: ماضي ابو العزائم)
|
اخى ماضى
تحية مودة و اخاء
اضم صوتى الى دعوتكم الى ابناء توتى بضرورة الاسهام فى هذا التوثيق ، خاصة و ان توتى كان لها دور هام فى تاريخ منطقة ما بين النيلين ، بل هى الاساس فيما اصاب هذه المنطقة من عمارة و نهضة كان لها ما بعدها . احتفاظ توتى و مجتمعها الاصيل بتراث هذه الجزيرة نقيا معافى طوال هذه الفترة لهو جدير بالتوثيق ، و اخاف عليه من الضياع ما بين و تحت " الجسر المعلق " . دعوتكم اخى ماضى الى ابناء توتى هى فى الصميم فهلا تكرم ابنائها .. اتمنى ذلك فهم الاحق ،
شكرا على هذه اللفته الرائعة
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الصناعة في الخرطوم :
لم تكن متاجر سوق الشمس تقتصر على ما سبق ذكره من الأعلاف و الأخشاب و أصناف الأطعمة و الفاكهة ، فقد كان من ضمن هذه المتاجر أيضا المصنوعات المحلية ، و كان أكثرها يباع في سوق القش . و كانت تلك المصنوعات قليلة للغاية لقلة حوجة السكان إلى المصنوعات عموما . فينما المواطن السوداني في معظم الأحيان في غير حاجة إلا لعدة أوعية من الفخار لطهى الطعام ، مع عدة أواني من ( القرع ) لأغراض أخرى ، والقليل من الأقمشة القطنية الخشنة و الحصير و الآسرة و بعض الأدوات الزراعية . كان في نفس الوقت الأتراك و الأجانب عموما يعتمدون اعتمادا كليا على المصنوعات المستوردة . و لم يكن يسعفهم إلى جانب ذلك إلا خدمات بعض صناع الأحذية و الثياب من المصريين و خياط المانى و ساعاتي سويسري استوطنا الخرطوم منذ مدة طويلة . و أهم الصناعات التي قامت في المناطق المحيطة بالخرطوم و كذلك في حي ( سلامة الباشا ) - و كان سوقها المختار هو سوق الخرطوم - صناعة الأقمشة القطنية الخشنة المعروفة ( بالدمور ) و كانت النساء يقمن بصناعاتها في البيوت على ( أنوال ) بسيطة بعد غزل خيوط القطن الذي تنتجه الأراضي المطرية بالبلاد . و قد حاول ( إسماعيل أيوب ) إدخال صناعات القطن الآلية في كسلا و الخرطوم . حيث وصلت فعلا الآلات اللازمة لتلك الصناعة إلى هاتين المدينتين ، و لكن لما كان وقود الآلات من الأخشاب المحلية فقد توقفت عن العمل بعد سنوات قليلة بعد استنفاد كمية الأخشاب المتوفرة في المنطقتين علاوة على عدم توفر إمكانات الصيانة . و من الصناعات التي قامت في المنطقة الريفية المحيطة بالخرطوم صناعة ( الحصائر ) و التي منها الحصير الخشن المستخدم في سقوف الرواكيب و المظلات والحواجز . ثم الحصير الدقيق أو الناعم و المستخدم في فرش الآسرة ، و صناعة السلال من أوراق شجر الدوم بعد تقطيعها إلى شرائح ، و قد برعت المرأة السودانية في ذلك لدرجة كان تحمل فيها الألبان و المياه دون أن ترشح . و صناعة الأوعية الفخارية و الأدوات الزراعية و رؤوس الحراب ة السكاكين من الحديد و أيضا صناعة ( العنقريب ) . و من أهم الصناعات أيضا المصنوعات الجلدية التي كانت تقوم على ما يدبغ من الجلود في الخرطوم و مناطقها الريفية . على أن أجود أصنافها كان يعتمد على أنواع الجلود المستجلبة من ( شندى و المتمة ) عاصمتي دباغة الجلود في البلاد في تلك الحقبة . و من الصناعات التي قامت في الخرطوم صناعة عصر بذرة السمسم و صناعة الصابون . و قد تركزت صناعة عصر الزيوت في منطقة ( العصارات ) أقصى جنوب المدينة و على الأطراف الغربية لحى ( سلامة الباشا ) . و قد أقيمت في هذا الطرف البعيد لأنها كانت تصدر أصوات عالية – حيث إنها ذات هياكل خشبية كبيرة كالسواقي – و تلزمها زرائب بالقرب منها لأنها كانت تدار بالجمال . و من المعاصر المشهورة حينها معصرة ( ود الجار كوك ) و معصرة ( إبراهيم خليل القبطي ) . و كان أيضا بمنطقة العصارات أيضا طاحونة لصاحبها ( زنوبة بك ) تدار بواسطة الأبقار . كانت صناعة الصابون لا تتركز في منطقة معينة بالمدينة . و أهم مصنع صابون كان يملكه في ذلك الوقت ( شنودة القبطي ) و يقوم في منطقة ( سوق الدكاكين ) . و لما كان إنتاج الصابون في الخرطوم عاجزا عن سد حاجة الاستهلاك المحلى للمدينة فان سوقها كان يستمد باقي حاجته من هذا الصنف من مدينة الكاملين أهم مدينة في البلاد تميزت في صناعة الصابون بعد الخرطوم . كانت محلات صياغة الذهب و الفضة في الخرطوم من أهم ما يطالعه الرحالة والزور عند أول نزولهم بالمدينة . و قد ازدحمت كتبهم بوصف تلك المحلات و عمالها المهرة و المصنوعات التي تنجها من حلى للنساء و أدوات للموائد والزينة . و من الأعمال الممتازة لقلة من الصاغة بالخرطوم تطعيم و زخرفة مقابض السيوف و أغمادها بالفضة و نقش الآيات القرآنية على أنصالها . و قد اشتهر بهذا الأمر صائغ عجوز من أسرة ( التبيداب ) كانت زيارته ضرورة مهمة تتضمنها برامج زيارات الرحالة الأجانب لمعالم المدينة . يعتبر جماعة ( التبيداب ) احسن صاغه في البلاد – و ما زالوا حتى الآن – و كانت محلاتهم فى سوق الدكاكين اشهر أسواق المدينة . كما قامت صناعات أخرى في الخرطوم : صناعة تنظيف و تصنيف الصمغ العربي حسب نوعه و حجمه ، و قد عمل في هذه الصناعة بعض النساء و الصبية . و قد استقدم ( المسيو ماركيت ) الفرنسي الجنسية آلة من أوربا لهذا الغرض . و ينسب إليه أيضا تطوير صناعة تصنيف ريش النعام حسب جودته و نواحي استعماله مما رفع من أسعاره . و قد قامت بالخرطوم أيضا صناعات على بعض الأجزاء الحيوانية مثل قرون ( الخرتيت ) و أنياب القيل ( العاج ) و أسنان فرس البحر ( القرنتى ) . و قد اطلع العالم الخارجي على مصنوعات السودان و الخرطوم بصفة خاصة عندما تم عرض تلك المصنوعات – إلى جانب الأدوات التي يستخدمها الأهالي – في معرض باريس الدولي سنة 1867م . و قد حازت المشغولات الذهبية والفضية الدقيقة المصنوعة بالخرطوم إعجاب كل المشاهدين . كما احتوى المعرض الذي أقامته الجمعية الجغرافية الفرنسية فى باريس سنة 1882م على خمسين مجموعة من مصنوعات السودان و الخرطوم بصفة خاصة . * ( Casa, I. Magor : op. cit. p. 27 ) * -- ( ( Vossion, L. : Khartoum et le Soudan * * ( بنولا بك : المصدر السابق ، ص 71 ) *
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
العملة المتداولة / الموازين / المقاييس : بالخرطوم في العهد التركي :
كانت العملة المتداولة في سوق الخرطوم هي نفسها المتداولة في مصر . كانت النقود المصكوكة تضرب في مصر و تركيا و النمسا و فرنسا و إنجلترا . و قد أدى تعدد مصادرها إلى تعدد أصنافها و تغير قيمتها و اختلاف أسمائها . بل و اختلاف قيمة القطعة نفسها من وقت لاخر في المكان الواحد و من مكان لأخر في نفس الوقت . و ابخس عملة في السوق كانت قيمتها ( خمس بارات ) و هي تعادل ( ثمن قرش ) و أكبرها قيمة هو ( الجنيه المصري ) و اشهر عملتين كانتا الريال و القرش . و كانت الموازين و المكاييل و المقاييس في السوق هي مثيلاتها في مصر . فكانت وحدة الموازين هي : ( القنطار ) ، و ( الأقة ) و ( الرطل ) . ووحدة المكاييل هي ( الإردب ) ، أما وحدة المقاييس فكانت هي ( الذراع ) . ثم دخلت للخرطوم لأول مرة _ لم تكن معروفة من قبل للأهالي - بعض انواع من المكاييل مثال ذلك ( الكوم ) و ( الطاقية المكاوي ) . كان من اثر احتكاك تجار الخرطوم بأفراد المجتمع الكبير في المدينة – و بخاصة الأتراك و المصريين و الأجانب – اختصار كثير من العملات و الموازين و المكاييل و المقاييس بعد أن ظلت فترو طويلة بعد الفتح تحت الاختبار . و كان من نتيجة ذلك أن اصبح سوق الخرطوم لا يعتمد من هذه المقاييس جميعا إلا ذوات القيمة المحددة . علما بان جهات عديدة في لبلاد كانت تعتمد مقاييس أخرى . كان مدير الخرطوم يزور السوق من حين لاخر – خاصة يوم الجمعة – لمراقبة عمليات البيع و الشراء و ضمان دقة الموازين و المقاييس. وفى عهد الحكمدار ( جعفر مظهر ) أنشئت قوة من ( القواصة الضبطية ) كان من مهامها مراقبة هذا الأمر . إذا كان السوق علما من معالم المدينة ، الأمر الذي أجرى السنة الأهالي بعبارة ( ايش معدوم في سوق الخرطوم ) ، و أجرى السنت الأجانب بالعجب مما جاء بكل تلك البضائع إلى منطقة كالخرطوم – تقوم في داخل أفريقيا – فان علاقة سوق الخرطوم التجارية بخارج البلاد لم تكن مقصورة على الواردات . بل كان هناك – إلى جانب ذلك – عمل كبير يقوم به هذا السوق في مجال تجارة الصادرات . فقد لعب دوره كاملا طوال العهد التركي كمحطة لتسويق تلك الصادرات من جميع جنبات البلاد و توزيعها على العالم الخارجي في مصر و أوروبا و غيرهما . و هو الدور الذي كان لبعض مدن السودان قبل قيام العاصمة الخرطوم .
الاهمية التجارية للخرطوم :
كانت التجارة هي عصب الحياة في السودان منذ قيام مملكة ( الفونج ) و عاصمتها سنار ، و ظل حالها كذلك حتى بعد أن تدهورت السلطنة و ضعفت . و كان وقوع السلطنة على الطريق الرئيسي بيم مصر و الحبشة اعظم الأثر في انتعاش التجارة في عهدها . و لما جاء الحكم التركي اصبح الحال غير الحال و فتحت مناطق بعيدة للتجارة في البلاد ، و عرفت النقود في أماكن لم تكن تعرف عن فائدتها شئ . و أضيفت محلات جديدة و أسماء جديدة لقائمة صادرات البلاد ، و تدفق على البلاد تجار من الأجانب لم ترهم من قبل . و ساد الأمن كل أنحائها و أصبحت القوافل الجالبة للبضائع مؤمنة لتوزيعها إلى سائر الأقطار . كان من أوائل نتاج العهد التركي بالسودان هو قيام مدينة الخرطوم الشيء الذي أدى إلى تغير في أهمية المراكز التجارية من حيث الأهمية و إلى قيام مراكز جديدة اكتسبت لها بعض من أهمية تجارية . كل ذلك في الوقت الذي فيه الخرطوم السوق التجاري الأول بالبلاد في ميادين التسويق و التوزيع و الاستيراد ، بل سوق كل المنطقة الممتدة بين وسط أفريقيا و بحيرة تشاد و البحر الأحمر . أما أسواق السودان القديمة في عهد سلطنة الفونج مثل بربر و شندى فقد أصبحت تدور في فلك النشاط التجاري لسوق الخرطوم و تقوم على خدمته . بل أصبحت مجرد محطات على طول طرق القوافل الممتدة بين الخرطوم و جهات البلاد المختلفة . بعد قيام الخرطوم ازدادت العلاقة التجارية بينها و بين جنوب السودان لم تكن معروفة قبل العهد التركي . وقد لعبت الرحلات العديدة إلى استكشاف منابع النيل الدور الرئيسي لازدهار العلاقة التجارية ما بينهما و بذلك امتلأت أسواق الخرطوم بالمنتجات الوافرة و المتوفرة على ضفاف النيل الأبيض كان أهمها تجارة العاج .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
عودة اخرى
Quote: كانت الترسانة تعرف حتى حكمدارية ( غردون باشا : فبراير 1877 – يناير 1880م ) ـ ( إدارة النيل الأبيض ( حين غير الاسم إلى ( ترسانة الخرطوم ) .. في حين الاسم الغالب عليها عند الأهالي بالخرطوم ( المنجرة ) نسبة لنجارة السفن . كانت الترسانة مقامة غرب الخرطوم في المنطقة بينها و بين حلة المقرن و أن كانت اقرب إلى الحلة من المدينة . و ما بين الخرطوم و الترسانة قامت حلة لعمال الترسانة عرفت بحلة ( الريس عمر ) و يبدو ان عمر هذا كان رئيسا للترسانة عند إنشائها لاول مرة .
|
حسب ابوسليم فى كتايه(الخرطوم) أن ماذكر اعلاه هو موقع المنجرة(حدائق 6 ابيل الحالية) أما الاسكلة فهى حوض بناء السفن الشراعية و تقع فى الجانب المقابل من النهر(بحرى الوابورات) لم يسبق لى معرفة اسم (حلة عمر) لكن الثابت ان الاتراك جلبو عمال من جنوب دارفور و جنوب كردفان للعمل بالمنجرة و اقامو لهم (حلة) ما بين المنجرة و حلة المقرن رحلوا فى وقت متاخر و بعد أن استقرت برى فى مكانها الحالى و بعد توزيع بعض القطع السكنبة لعمال الدريسة (برى الدرايسة) أن سكن عمال المنجرة مابين الدرايسة و الاماب و إن كانو اقرب الى الدرايسة فكان ديم ابو حشيش نسبة الاحد جنود جيش محمد على باشا من السود (و علية أيضا سمى ديم ابوحشيش ببورتسودان) وهو الجد للفنانة المعروفة منى الخير (أمونة خيرالله) لاحقا تبدلت تسمية ديم ابوحشيش الى برى ابوحشيش ((ربما كان إسمه الاول عمر... حقيقة لا أدرى))
Quote: كانت مدافن سكان الخرطوم قبل الفتح التركى فى منطقة الشيخ ( امام بن محمد ) الفيه المحسى الذى عاش فى هذه المنطقة و دفن بها ايام مملكة الفونج ، و بعد تاسيس مدينة الخرطوم بعد الفتح التركى استمر الدفن فى هذه المقابر و التى لم تلبث ان امتدت الى الشرق قليلا بازدياد اتساع المدينة و قامت فى طرفها مدافن للموظفين الاتراك و المصريين والسودانيين . ومن معالم هذه المدافن ( قبتا كبيرتان فى الجزء الشرقى لميدان ابو جنزير و مازالتا حتى الان ) دفن تحتهما بعض حكمدارى السودان المتوفين بالخرطوم |
نعم كان بر الخرتوم و بالتحديد وسط المدينة الحالى مدافن لاهلنا فى توتى و حلة المقرن, فقير ابوجنزير معروف و فى مستشفى الصدر هناك مدفن و فى مكتب البريد الواقع غرب مدرسة الخرطوم الاهلية سابقا و شمال شرق موقف البصات هناك مدفن و كما ورد ففى شارع الجامعة هناك مدفن (الشيخ فايد) أما الجانب الشمالى الشرقى (ركن البنك العقارى) فخصص كما تفضلت لكبار رجالات الدولة من الاتراك و هناك مقولة متداولة أن فى إحدى هذه القباب مدفون جد آل قبانى و الله اعلم. (إمام بن محمد) أو (محمد بن إمام) هكذا أعرفه هو نفس الشبخ المسمى حاليا بابوجنزير (رغم ان ما مكتوب على القبر حاليا مخالف ذلك) و سبب التسمية ان كتشنر عندما أراد إعادة تخطيط الخرطوم قرر ازالة كل المقابر بالمنطقة لكنه كان حريصا الا يمس مقابر الاولياء لاعتقاد الناس فيهم و لحداثة عهدهم بالمهدية و كان هذا سبب بقاء قبور الاولياء و إزالة مادونها من قبور. المشكلة كانت فى قبر الفقيه محمد بن إمان و الذى كان مستقرا فى وسط شارع القصر المقرر إنشائة , قرر كتشنر نقل القبر إلى جانب الشارع و حتى لا يثير حفيظة معتقدية (و ثورة ود حبوبة ليس ببعيدة) أحاط القبر بسياج من الجنازير كتميز له فاطلق عليه الناس (الفكى أبوجنزير)
Quote: ومن هذه المدافن قبر الشيخ ( محمد المبارك ) مات حوالى سنة 1876م و دفن فى حلة برى المحس |
نعم أخى (ود المبارك) هى مقابر برى و إلى وقت قريب لم نكن نذكر كلمة مقابر قاسم ودالمبارك كان كافيا و هذا الاسم لا يعرفة إلا سكان برى الاصلين , و أيضا فى مكان القرين فليدج الحالية كاتت هناك غابة تسمى (غابة ود النور) نسبة لفقية مدفون فى وسطها فازيل كل هذا قبل بناء الفندق مباشرة.
Quote: و من المدافن ايضا قبر الشيخ ( فايد ) - يوجد هذا القبر حاليا شارع الجامعة فى احد المكاتب الحكومية التابعة لجامعة الخرطوم |
و أيضا وضعت علية لوحة كتبت عليها العبارة الشهيرة و التى أثارة مخيلة عدد من الشعراء و الادباء (( هذا الولى مسموح بزيارتة))
و لنا عودة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
مجتمع الخرطوم : تركيبة السكان / النشاط الاجتماعي :
اختلط السكان في السودان الشمالي طوال الأزمنة التاريخية اختلاطا كبيرا . مما يصعب معه تحديد الصفات العرقية لسكانه الأصليين قبل تعرضه لانسيال الأجناس المحيطة به طوال تلك الحقب التاريخية . فلما جاء الفتح التركي زاد تلون دماء السكان بسبب ما دخلته من أجناس عديدة من الأتراك و المصريين و سائر الغربيين و الشرقيين من رعايا الإمبراطورية العثمانية . كانوا يشكلون مجموعات العسكر و المستكشفين و الرحالة بالإضافة إلى الخبراء و التجار . كما عرف السودان فى تلك الحقبة دخول ( الجوارى ) اللاتى ازداد الطلب عليهن فى مجتمع ما بعد الفتح . و ما صاحب الفتح ايضا من قيام مدن جديدة و ذبول اخرى قديمة . كان الأمر في الخرطوم اكثر صحة و رسوخا . فإذا أضفنا إلى ذلك منطقة الانتقال بين الأجناس البيضاء و السمراء ( السوداء ) . و ضحت صعوبة التميز الدقيق بين الأصول الجنسية لسكان الخرطوم في ذلك الوقت إذ استثنينا من ذلك المحس و الدناقلة و الشايقية و الجعليين و بقية القبائل الأخرى من السكان الأصليين و الذي نزحوا من أراضيهم الأصلية و استقروا في منطقة الالتقاء . كان لسكان البلاد طريقتهم في التمييز بين أصناف السكان ، اعتمد ذلك على لون البشرة و الذي كان ينفرد به كل عنصر من عناصر التركيبة السكانية في هذه المنطقة . كانت ألوان بشرة هذا الخليط من الناس تتفاوت من اللون الأبيض و متدرجة نحو السواد بدرجاته المختلفة حتى تنتهي إلى احلك ألوانه . فالأتراك و الأوربيين عموما كانوا في نظر السكان هم أصحاب اللون ( الأبيض ) . المصريين و المولدين هم أصحاب اللون ( الأحمر ) ، آما العرب البدو هم أصحاب اللون ( الأصفر ) في حين سكان البلاد الأصليين – السودانيين – هم أصحاب اللون ( الأخضر ) و هم اللون العادي لكل السودانيين من القبائل الشمالية . ا ما الفونج و النوبه فلونهم هو ( الأزرق ) في حين اللون الأسود هو ما تتميز به القبائل الزنجية و قد ظهر إلى جانب هذا التقسيم تقسيم آخر كان اكثر شمولا و سهولة : فأهل البلاد – مهما كانت ألوانه – (عربا أو زنوجا ) . أما المسلمين من الأتراك و غيرهم ( ابيض ) و كل مسيحي ابيض ( نصراني ) . و هذا التصنيف كان اكثر شمولا عند وصف سكان الخرطوم فى ذلك العهد . و العرب من سكان الخرطوم – على هذا الأساس – هم السودانيون من القبائل الشمالية ، و يضم إليهم (المولدون ) – من أم سودانية و أب غير سوداني - ، سكان البلد من الأجانب غير البيض ممن تشبه الوانهم ألوان السودانيين ، ثم المغاربة الذين استقروا في السودان منذ مدة طويلة ما قبل الفتح التركي و إن كانوا اكثر بياضا من السودانيين . و من هذا التصنيف الأخير يتضح أن الغالبية العظمى من سكان الخرطوم كانت تتكون من خليط من كافة قبائل السودان . و إن معظمهم كان من المحس و الدناقلة و الجعليين و الشايقية و المغاربة و فروعهم من القبائل العربية الأخرى . يضاف إلى ذلك مجموعات كثيرة من قبائل أخرى كانت تتشكل منها مجموعات ( الفقرا ) و ( الدراويش ) في مسيد و خلاوى مشائخ الطرق الصوفية و المشائخ المعروفين .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الحياة الاجتماعية في الخرطوم :
كانت الطبقة الغنية من سكان الخرطوم ( العرب ) حالهم غير حال الطبقات المتوسط و الفقيرة – التي غلب عليها نمط الحياة المتوارث من ثقافة القبيلة و المنبع – فكان غالبيتهم من كبار التجار محل احترام و تبجيل جميع السكان و طنيين و أجانب . و كانت أسماؤهم على كل لسان في المدينة ، و مركزهم الاجتماعي يفوق كثيرا مركز كبار الموظفين . كان لديهم الكثير من الاتباع – الذين يقعدون عند قعودهم و يقفون عند وقوفهم . و كان أصدقائهم من كبار رجالات الخرطوم بأجناسهم المختلفة و كانوا يرتبطون بهم بأكثر من رباط . كانوا يعيشون في منازل كبيرة ذات حدائق و أعداد كبيرة الخدم . و كان من ضمن هذه الطبقة الغنية جماعة الموظفين و هي من خلق الحكم التركي و كان بالمدينة إعداد كبيرة منهم . فقد كان من وجوه الإصلاح التي انتهجتها الإدارة التركية منذ بدايات الفتح التركي إشراكها للعناصر الوطنية في الحكم و الإدارة و سودنة الوظائف . يتضح ذلك في المركز الكبير الذي شغله الشيخ ( عبد القادر بن الشيخ الزين ) أيام ( محو بك ) و طوال الحكم التركي بعد ذلك و إلى حين وفاته . و قد عينه ( خورشيد باشا ) شيخا لمشايخ الخرطوم . و لم يكن ( احمد أبو ودان ) يقطع أمر إلا بمشورته . ثم أعطاه بعد ذلك ( عبد اللطيف باشا ) معاونة الحكمدارية . و من بعد ذلك أصبحت ( السودنة ) أمرا مخطط له و مرسوما حيث تم تعين عدد من الوطنيين في مناصب نظار أقسام وحكام و جعل ناظر عموم لهم ( الزبير عبد القادر باشا ) و الذي كان شيخ مشايخ ، كما أمرتهم الإدارة بلبس الهيئة التركية هم و كتابهم . كان لكثير من الموظفين السودانيين – بحكم أن اغلبهم أصلا من المناطق المحيطة – منازل في جزيرة توتى و حلة خوجلى و الصبابى بالإضافة إلى منازلهم في الخرطوم ، مما أضاف أسباب أخرى إلى نمو تلك المناطق و نشاط معدية العبور إلى تلك المناطق . و الشيء الذي أدى إلى يكون لسكان تلك المناطق وجود وكيان كبير في مجتمع الخرطوم ، و كان لبعض منهم علاقات متينة بينهم و بين بعض الحكمدارين و مثال لذلك الرابطة القوية ما بين ( جعفر مظهر ) - الذي حدثت في عهده نهضة فكرية بين علماء السودان - و الشيخ ( الآمين الضرير ) شيخ الإسلام من رابطة ( حب العلم و الاطلاع ) . كان موظفو الحكومة يعملون منذ الصباح حتى قبل غروب الشمس بساعة ، و كانوا يتناولون طعام الغداء في المطاعم المنتشرة وهم جلوس على الأرض المفروشة بالبروش . ثم يقومون إلى صلاة العصر و بعدها يستأنفون أعمالهم . كان بديوان الحكمدارية منبر و مؤذن تقام فيه الصلوات الخمس ما عدا صلاة الجمعة إذ كانت تقام في جامع ( الخرطوم ) الكبير . كان الكثير من الحكمدارين من المثقفين ثقافة عالية و المطلعين و العالمين بكل الأحداث الجارية خارج البلاد و ذو إلمام باللغات الأجنبية و يحدثونها بطلاقة كالإنجليزية و الفرنسية و الألمانية . و كان منهم من زار أوربا و احتك بأهلها مثل ( عبد اللطيف باشا و جعفر مظهر و إسماعيل أيوب ) . كان لكل حكمدار صفوة من الأصدقاء – معظمهم من الأوربيين – اصطفوهم لعلمهم و ثقافتهم . و كان لنسائهم نفس أسلوب الحياة . كان الحكمدار يعيش مع أسرته في ترف في ( السراي ) الفخم يحيط به الكثير من الأعوان و الخدم ، و كان لهم بعض المركبات التي تجرها الخيول . و أمام السراي ناحية النيل كان الحاكم يقضى بعض الأوقات تحت أشجار ( الجميز ) مع ضيوفه في الحديث و احتساء القهوة و التدخين . كما يقضى بعض الأوقات على مركبه الفخم الراسي أمام السراي . كان الحكمدار يرحب بضيوفه من الزوار و السائحين و المستكشفين و كبار الموظفين بإقامة حفلات الاستقبال حيث تزين السراي و ما حولها بالمصابيح الملونة . و تتضمن هذه الحفلات لبرامج الغنائية الراقصة و العزف من موسيقى الجيش و كانت عادة ما تنتهي بوليمة عشاء . و كانوا أيضا يلبون ما تقدم لهم من دعوات عشاء في منازل كبار رجالات المدينة في المناسبات العامة و الخاصة . كما درج الحكمدارين على إقامة حفلات الذكر في المناسبات الدينية يدعوا لها الطرق الصوفية بالخرطوم . كانت حكومة الخرطوم – على رأسها الحكمدار – تحتفل بالأعياد الرسمية و المناسبات الرسمية . فقد كان يحتفل بثبوت هلال رمضان بمرور موكب رسمي في شوارع المدينة الرئيسية يضم الأعيان و مدير الخرطوم و الجند و بعض كبار الموظفين فوق صهوة جيادهم و وراءهم جماعات كبيرة من الطرق الصوفية و الفقهاء و السكان – رجالا و نساء – . ترفرف فوق الجميع الأعلام التركية وتملأ الجو أصوات الذكر و موسيقى الجيش . و كان يقام نفس الموكب في بداية الاحتفال بمولد النبي محمد ( ص ) ، حيث كان الاحتفال يستمر لمدة ( ثمانية أيام ) تقيم خلالها كل مصلحة سرداقا لها في ميدان سوق ( البقالة ) . و تزين السرداقات بالأعلام والمصابيح ، و فيها يتبادل كبار الموظفين الزيارة و يتناولون القهوة و الشربات على أنغام موسيقى الجيش و التي كانت تبدأ عزفها من بعد غروب الشمس إلى و قت متأخر من الليل . و فى الليلة الأخيرة من الاحتفال يتم عرض الألعاب النارية . و من الأعياد الرسمية التي يحتفل بها الذكرى السنوية لاعتلاء الخديوي للعرش . فكانت الخرطوم تزين و تجرى الاحتفالات لمدة ثلاث أيام بلياليها ، و كانت تقام السرادق و يدعى أيليها وجهاء و أعيان البلد من كل الأجناس . كما كان يحتفل بقراءة فرمان تولية الحكمدار و بالمناسبات المهمة مثل ولادة وزواج أبناء الوالي و السلطان و انتصارات جيش الحكومة . كان للمرأة الوطنية دورها في المجتمع ، فمن كبار النساء السودانيات في الخرطوم كانت من المبادرين لاستقبال كبار الزوار . فها هي السلطانة ( نصرة ) ابنة أخر ملوك الفونج - كانت من المقيمات بالخرطوم – تقيم حفل عشاء احتفالا بمقدم الرحالة الأمريكي ( بايارد تيلر ) أثناء زيارته للخرطوم سنة 1852م ، و تدعو إليه نائب القنصل ( النمساوي ) و بعض من أصحابه إلى مأدبة عشاء فاخرة . تقدم فيها المأكولات و المشروبات الوطنية ، فإذا انتهى الحفل أتحفت كل منهم بهدية قيمة . و مهما تكن الشوائب التي شابت الاستقرار التركي بالخرطوم ، فقد كان لهم بعض الأثر في نواح لم يكن يعرفها أهل السودان . منها المنتديات تضم بعض الجماعات المتجانسة من أعيان المدينة ، كمنتدى ( رفاعة الطهطاوى ) ناظر المدرسة الأميرية . و منتدى ( إبراهيم بك مرزوق ) رئيس القلم الإفرنجي بالحكمدارية . ثم منتدى الحكمدارية ، في كل تلك المنتديات كان يتم النقاش حول الحوادث الجارية في السودان وخارجه و انطباعات الجماعة عن البلاد و الحكم التركي . و كان أعضاء هذه المنتديات من المثقفين الوطنيين و الأجانب و كبار التجار الذين كانت خبرتهم بالبلاد – خاصة جنوبها – هم مرتادي هذه المنتديات حيث يتم فيها من دراسة و تشاور . و كان من المنتديات الهامة منتدى ( احمد أفندي العوام ) المصري ( العرابى ) النزعة و الذي ابعد من مصر بعد الاحتلال البريطاني لها ، و كان يتم فيه الدعوة للمهدى و الدعاية النشطة ضد الخديوي و الإنجليز . ومن النواحي التي كان للأتراك فيها اثر ما يمكن أن يكون قد تركوه في السودانيين من اثر شمل الطعام و الشراب و اللبس و قضاء أوقات الفراغ و إدخال المدنية إلى البلاد .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
أخونا الشايقى سلام
Quote: من المراجع الهامة أيضاً: كتاب تاريخ الخرطوم للراحل الدكتور محمد إبراهيم أبوسليم الصادر عن دار الجيل ببيروت وطبعته الثالثة (التي أملك) طبعت عام 1991م. |
الكتاب ده مادام عندك ،فيهو عدة خرائط لمدينة الخرطوم فى أزمنة مختلفة.. ياريت تقوم بتنزيلها حتى تتضح الصورة ودى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
Quote: نعم أخى (ود المبارك) هى مقابر برى و إلى وقت قريب لم نكن نذكر كلمة مقابر قاسم ودالمبارك كان كافيا و هذا الاسم لا يعرفة إلا سكان برى الاصلين , و أيضا فى مكان القرين فليدج الحالية كاتت هناك غابة تسمى (غابة ود النور) نسبة لفقية مدفون فى وسطها فازيل كل هذا قبل بناء الفندق مباشرة. |
كما قال اخى ماضى ازيل معظم ماكانت تسمى غابة ود النور عند بناء القرين فليدج والجزء الباقى تم ازالته مع بناء الفلل الرئاسيه ويلاحظ القادم شارع النيل عن طريق الفلل الى اللاماب وجود قبر محاط بالاعلام على يسار الشارع وشرق الفلل فهو قبرالفقيه المعنى,,,
تخريمه ... ماضى عرفت يوسف ولا لسه,,,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: Ehab Eltayeb)
|
العزيز ايهاب
اسعدنى تواجدك معنا و متابعتكم لهذا التوثيق ساعين بشدة لتنزيل اى مجموعة صور توثق لهذه المرحلة الهامة لنشأة الخرطوم و نأمل مشاركة كل سودانى بما لديه فى هذا التوثيق الهام .. فالخرطوم ليست حكرا لنا نحن ابنائها و ان كان واجبنا و مسئوليتنا التوثيق لها .. المشروع كبير و شاق و محتاج للمشاركة من اجل تنقيح المعلومة قبل تثبيتها .. نسأل الله التوفيق
تقديرى و احترامى لكم اخى ايهاب .. دمت
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: حيدر امين)
|
الاعزاء ماضى و حيدر
انا سعيد جدا بالاضافات الثمينة .. تواجدكم معى فى هذا التوثيق اضاف له الكثير .. ثم لى اتمنى ان نوفق فى اعداد هذا التوثيق وفقا للمعلومة الصحيحة و الموثقة حتى يكون مرجعا للاجيال القادمة .. وهذا واجبنا جميعا .
فى انتظار المزيد من الاضافات و تصحيح المعلومات او تاكيدها حتى نسير فى الاتجاه الصحيح
مودتى
ملاقات التخريمه:
حيدر.. ماضى اصغر منى طبعا .. انا دفعة اخى و صديقى الراحل المقيم فى وجداننا ( محى الدين ابو العزائم ) طيب الله ثراه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
تأثير الجنسيات المختلفة على الحياة الاجتماعية بالخرطوم :
صاحب الفتح التركي للسودان دخول جنسيات عدة و لم يقتصر ذلك على الأتراك فقط . بل صاحب ذلك دخول أجناس مختلفة من دول عربية و أفريقية و أوربية و غيرها أثناء و بعد الفتح التركي و بقائه في حكم السودان ( 1820 – 1885م ) . هذا التمازج و الاختلاط ما بين تلك الجنسيات كان له بصماته و تأثيره على نوعية الحياة بكل نواحيها على مدينة الخرطوم الشيء على ميزها عن كل مدن السودان بل وخلق واقع جديد كان له ما بعده من تأثير على تاريخ السودان الحديث : أقوى علاقة نمت في ظل الحكم التركي كانت ما بين السودانيين و المصريين و خاصة العمال منهم . فقد كان العمل المصريين يقيمون بين السودانيين في أحيائهم الوطنية ، و يرتبطون معهم بالزواج الذي كان يثمر أسرة مستقرة دائما بحكم أن العمال كانوا في الغالب لا يرجون إلى مصر مهما تقلب بهم الحال . و لم يكن لهم من عيش إلا في كنف زوجاتهم السودانيات بعكس الفئات الأخرى من الموظفين و التجار – كانوا في كثير من الأحيان يصحبون معهم زوجاتهم - . كان العمال المصريين يخالطون السودانيين و يشاركوهم منتدياتهم و سهراتهم بمشاركة زوجاتهم و أبنائهم و غوائل زوجاتهم مما كان يظهر جو الآسرة المترابطة و السعيدة . و كان أولاد العمال المصريين بحكم ارتباطهم القوى بعائلات أمهاتهم سودانيين لحما ودما و عادات و تقاليد مما كان يقوى الرابطة بين المصريين و سائر السودانيين . دخل العمال المصريون السودان مع بداية الفتح التركي للسودان . كانت الصناعة و العمالة الماهرة من مميزات العمال المصريين ، و لم يكن بين السودانيين إلا القلة . كان معظم العمال المصريين يعملون في إدارة المقاهي و المطاعم و كخبازين و صانعي أحذية و خياطين و حلاقين كما كانوا يعملون في ورش إصلاح أسلحة الجيش . السوريين أهم اكثر أجناس المسلمين البيض عددا بعد المصريين و المغاربة الذين رافقوا الفتح التركي و ما تلاه من حكم . كان عددهم قليل و يسكنون الأحياء الراقية في المدينة . كان اغلبهم موظفين في الحكومة و خاصة في ( القلم الإفرنجي ) ولم يكن منهم أفراد في الجيش التركي . كان منهم تجارا كبار و معظم تجارتهم مع مصر و يشرف على قوافلهم إليها و منها وكلاء سودانيين و قليل منهم من ارتبط بتجارة الجنوب . بالرغم من قلتهم و انكماشهم و ابتعادهم عن السكان الوطنيين – لمصاحبة أسرهم لهم - إلا إن آثرهم أصاب شئ من التأثير على مجتمع المدينة خاصة في المجال التجاري عموما . المغاربة من سكان الخرطوم كانوا جماعة كبيرة . و يقصد بهم في السودان وقتها بدو الصحراء الكبرى الواقعة على طول الحدود المصرية الغربية و الذين دخلوا السودان قبل الفتح التركي و أقاموا فيه على ضفاف النيل الأزرق على مسافات غير بعيدة من منطقة الالتقاء . حيث كان تواجدهم وقتها في مناطق سوبا ود الشايب و الكاملين و أبو عشر ، كما انتشروا بين قبائل البدو في ارض البطانة . كان جيش الأتراك يضم عند دخوله السودان عددا كبيرا من المغاربة و على هذا الأساس يمكن التمييز بين صنفين منهم في الخرطوم : الأول هم المغاربة القدامى و أعدادهم في الخرطوم قليلة ، كان اغلبهم يعملون بالتجارة و كانت علاقتهم طيبة بسائر سكان المدينة . و ارتبطوا مع السكان بالتزاوج الشيء الذي أدى إلى اكتساب لونهم الأبيض بعض السمرة و كان ذلك واضحا في ذريتهم . الصنف الثاني من المغاربة دخلوا البلاد مع الفتح التركي و بعده فكانوا هم جند الحكومة و شرطتها و جامعي الضرائب . ومن اجل ذلك ساءت العلاقة بينهم و بين سكان البلاد والخرطوم بوجه خاص . و كان عددهم في الخرطوم اكبر من المغاربة القدامى . لم يكن للمغاربة في الخرطوم مكان خاص أو محدد إذ كانوا يقيمون مع الأهالي في كل أحيائها . كان العرب عموما من سكان الخرطوم يسكنون كل أحياء المدينة . فأثرياؤهم يقيمون في قسم ( الجامع ) مع الترك و الأوربيين . كانت حياتهم هادئة تسير على وتيرة واحدة ، فهم طوال النهار في أعمالهم فإذا حل المساء – بعد صلاة العشاء – اجتمع الرجال من الجيران أمام منازلهم حيث تدور الأحاديث عن شئون العمل و تناقل القصص عن رجالات البلاد أو فض النزاعات بين الأفراد . أما النساء فان ملتقياتهن تتم أيضا في منزل إحداهن حيث يكون الرقص و الغناء . كان عامل اللغة ( العربية ) المشتركة هو العامل الأساسي الذي قرب بين الجنسيات العربية المختلفة و بين سكان الخرطوم الوطنيين و هذا ما آثري الحياة الاجتماعية بالخرطوم بصورة مؤثرة أضفت عليها طابع المدنية و التحضر . النصارى عند أهالي الخرطوم هم كل البيض من غير المسلمين . من قبط و سائر رعايا الإمبراطورية العثمانية و أوربيين و أجانب على وجه العموم . و قد قدر عددهم سنة 1883م بألف و خمسمائة إلى ألفين و مع إن هذا العدد لم يكن كبيرا - إلا انهم و خاصة الأوربيين – استرعوا انتباه كل الرحالة و المستكشفين فاكثروا من الحديث عنهم في كتب رحلاتهم . القبط كانوا قبل كل شئ موظفين في الحكومة – الإدارات المالية – و قد عرفتهم البلاد منذ الفتح كمأموري ضرائب و كتبة عند التجار . كما كان منهم بالخرطوم عدد من التجار اغلبهم من (مصر) ، وهم اكثر الطوائف المصرية كانوا محبين للاستقرار و لذلك كان عددهم اكثر ثباتا من أي طائفة أخرى . كان يقيم معظمهم في الحي ( القبطي ) حول الكنيسة القبطية و التي افتتحوا بها مدرسة في أخر العهد التركي . و من مميزات المجتمع القبطي في الخرطوم ، أن الموظفين الأقباط كانوا يحاولون الارتباط بالموظفين السودانيين بأقوى ارتباط . و من وسائلهم في ذلك دعوتهم إلى موائد الطعام في مناسبتهم المختلفة و كان سكان الخرطوم يردون دعواتهم و خاصة في شهر رمضان . كانت موائد الأقباط تزدحم بأصناف الطعام المصري و إن المائدة التي كانت تقام لعشرة تشبع العشرين أو الثلاثين . كان القبط يعانون كثيرا في الحفاظ على أسرهم و تأمينها منعا للاختلاط القوى بينها وبين الأسر من غير الأقباط ، و مثال ذلك كانوا عند مغادرتهم في الصباح لمنازلهم يقفلون أبوابها و يحملون مفاتيحها معهم لتطمئن قلوبهم على منازلهم حتى عودتهم في المساء . و عرف عنهم انهم يقومون بأي عمل مهما تعارضت ظروف هذا العمل مع مؤهلاتهم . فقد كان ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في الخرطوم كان قبطا لا يعرف أي كلمة من اللغة الإنجليزية . لم يكن عدد القبط في الخرطوم كبيرا ، فقد قدر عددهم في سنة 1834م بمائتين فقط ، ارتفع إلى خمسمائة بعد عشرين سنة من ذلك التاريخ . فقد هاجر كثير منهم إلى مصر مع بداية الثورة المهدية ، و قدر عدد اسر في الخرطوم بحوالي تسع و ستون أسرة . نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
أما النصارى من الأوربيين فقد كان عددهم في الخرطوم قليل إلا أن مركزهم الاجتماعي كان ممتازا . و معظمهم تجار كما كان منهم موظفين في الحكومة و رجال دين في البعثات الكاثوليكية و بعض المقيمين بصفة مؤقتة من الرحالة و المستكشفين وبعض الأشخاص في الأعمال الحرة . كانوا من جنسيات متعددة أكثرهم عددا ( اليونانيون ) يليهم الإيطاليون ثم يتأتى بعد ذلك الفرنسيون و النمساويون و الألمان و أخيرا الإنجليز وهم الأقل عددا . و لما كان الأوربيين تجارا فان عددهم كان قليلا قبل سنة 1852م و هي السنة التي افتتحت فيها التجارة مع مناطق النيل الأبيض ( الجنوب ) و كان عددهم لا يتجاوز العشرة حتى اصبح يتراوح ما بين عشرين و ثلاثين فردا سنة 1860م . ثم اخذ عددهم في الزيادة حتى قدر بالمائة سنة 1883م . و كانت هذه الأعداد لا تضم البعثة الكاثوليكية بالمدينة. كان التجار الأوربيين يعملون في تجارة النيل الأبيض ، حيث يمضون خمسة اشهر في رحلة الجنوب و باقي السنة في الخرطوم . ينعمون بخيراتها بينما يستعدون لرحلتهم الجديدة . و اشتهر التجار الأوربيون - غير العاملين في تجارة الرقيق - من اليونانيين و الإيطاليين . و الكثرة كانت لليونانيين لمقدرتهم على تحمل جو البلاد الحار . وهم سادة تجار البقالة في الخرطوم ، كما يتاجرون في الملابس و الأواني المنزلية و كان أيضا منهم من يبيع اللحوم و الخضراوات . و المعروف عنهم و عند حصار الخرطوم على يد قوات المهدية وضع ( غردون باشا ) سفينة تحت تصرفهم للهرب من المدينة و لكنهم امتنعوا عن يستقلوا السفينة . وقد وصف موقفهم هذا بأنه لما كانت الخرطوم وطنا ثانيا لهم فليس عندهم ما يؤرقهم سوى بقى الأتراك في السودان أو انتقل الأمر إلى المهدى . ولما كان مجتمع الأوربيين في الخرطوم مجتمعا تجاريا قبل كل شئ فقد ظهر بينهم من يقوم بعمليات ( تسليف النقود ) أو تحويلها إلى خارج البلاد . و اشتهر منهم اليونانيين بهذه الأعمال ، و كان عمولة التحويل تتراوح ما بين ( 5- 10 % ) ، أما السلف فكانت فوائده باهظة فكانت في بعض الأحيان تصل إلى 400% . و بالخرطوم كان هناك عدد من الموظفين الأوربيين حيث كانت الحكومة تستعين بهم دائما في إنجاز الكثير من الأعمال الخاصة بإدارة البلاد . و قد اشتهروا في السودان و الخرطوم بصف خاصة بجميع أجناسهم كأطباء حكوميين . فمن الإيطاليين كان الطبيب و الصيدلي منذ عهد خورشيد بك . و كان من الألمان الطبيب ( الدكتور / فرن ) مدير القسم الطبي بالبلاد و جراح المستشفى العسكري و الطبيب الخاص لعائلة الحكمدار ( احمد باشا أبو ودان ) . و من الأطباء الفرنسيين كان ( الدكتور / برون ) عالما و باحثا ومن اشهر أعماله في تلك الفترة قيامه بترجمة رحلة ( الشيخ / محمد بن عمر التونسي ) من دارفور إلى الفرنسية . و اشترك ( الدكتور / كاستللى ) في الغزوة التركية التي تقدمت حتى وصلت إلى نهر ( السوباط ) سنة 1844م . و حاول ( الدكتور / بنى ) أن يدلى بدلوه في كشف منابع النيل الأبيض و لكنه مات سنة 1860م في منطقة ( غندو كرو ) بعد أن أمضى في الخرطوم حوالي العشرين سنة و اصبح اسمه على كل لسان نسبة لاخلاصه في عمله الطبي . و كان في الخرطوم أوربيون يعملون في وظائف حكومية أخرى ، فكان منهم المهندسون من جنسيات مختلفة عملوا في ( الترسانة ) و الورش العسكرية . و قد زاد عددهم على عهد (غردون باشا : 1877 – 1880م ) عندما عين عددا كبيرا منهم مديرين للمديريات بعد عزل الأتراك و السودانيين . لقد كانت الخرطوم بالنسبة لكثير من الأوربيين مقرا دائما ووطنا ثانيا ، و منهم من عاش بها مدة طويلة مثل ( كلين ) الخياط الألماني و ( هنزل ) نائب القنصل النمساوي اللذين عاشا بها حوالي الثلاثين عاما انتهت بقتلهما عند سقوط الخرطوم 1885م .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
سعادة العميد يوسف محمد يوسف نرفع التمام بالاعتراف الكامل في ان هذا عمل يليق برجل اداري في حنكة وانضباط سعادتك لك المودة والتقدير كم اتمنى ان يتواصل هذا البوست حتى يصلنا بتاريخ قريب سمعناه عن رجالات في قامة السيد عبدالمنعم محمد ولا يغفل البوست محطات مهمة في تاريخ الخرطوم يجب للأمانة ذكرها والتوثيق لها كما جاء في الأنداية للطيب محمد الطيب فنحتاج بحق الى توثيق في هذا الجانب لمقارنة الحياة الاجتماعية في تلك الزمانات والان لنعرف اين كانت الردة من هنا ابايعك زعيم حقيقي لنا نحن ابناء الخرطوم ندعي اننا ابناء الخرطوم بحكم التواجد منذ قديم ولكنا نجهل كثيرا عن تاريخها التليد لك التحية مجددا وارجو ان يتصل الحديث رابطا غالب فترات التاريخ الخرطوم القديم بالحديث .
مودتي لك وماضي وحيدر وكل من يسهم في هذا البوست المهم جدا.
.........................................................................................حجر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: الرفاعي عبدالعاطي حجر)
|
الاصيل الرفاعى
المرور السامى .. اضفى على البوست رونق و بهاء
صمود الخرطوم مستمد من عظمة ابنائها ووعيهم .. و محاولات الهيمنة و احلال التخلف الفكرى لمسخ تاريخها المزان بالوعى و عبقرية النضال .. لن يجديان .. فهم لذلك بالمرصاد لقد ألينا على انفسنا ان ندافع عن اسمها و نرفع راياتها و نعلو من شأنها .. فهى الزاد و بها الملاذ و منها يكون الخلاص ..باذن الله سيتواصل السرد التوثيقى لكل لحظة عاشتها الخرطوم منذ نشأتها .. حتى تعلم الغربان ان لا غصن لها فى حدائق الخرطوم الوارفة !!
كل الود
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
احبتى
نتوقف الخميس و الجمعة .. فقد عزمنا النية ان نسير الى ( طيبة ) الطيبة .. نزور الحبيب المصطفى عليه افضل الصلوات والتسليم .. نسلم عليه و نغريه سلامكم نستزيد من نفحات قبره الطاهر .. نصلى فى روضة مسجده الحرام .. و ندعو للسودان ولكم ولانفسنا
فادعوا لنا بسلامة الوصول
الى لقاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
ماضى ابو العزائم
تحياتى يا ابن برى السمحة
قلنا للاخ حيدر انك اصغر منا عشان الناس لمن تشوف ( صلعتك ) الفى الصورة ما تفتكرك ( ماضى ) صح صح !!
يا حليل ( الخرطوم الاهلية ) و ايامها الخالدات و ذكرى لـ : محمد حمزة، عيسى ، منزول ، قرنى ، الضرير ، سليم ، على مرجان ، محمد نور ، خضر ، الامين ، المصرى ، حسن عبد العزيز ، احمد محمد الحسن ، سرور ، عبدالباسط ، الناير ، الدود ، يعقوب و على ( بتاع التسالى ) و حاجة ( مريم ) سندوتشات .. الرحمة و المغفرة لمن مضى و طول العمر لمن بقى . طبعا يا ماضى اخوك كان ( العمدة ) بتاع الطلاب وقتها ( 1962-1966 ) و افتخر باننى كنت ( كابتن ) الفريق الذى حقق لها كاس المدارس الوسطى ( 1966 ) .. و كانت ايام اخى ماضى ! لا يمكنك اخى ماضى تخيل ما اصابنى من الم و انا اطالع البوست الخاص بمدرسة الخرطوم الاهلية فى هذا المنبر .. و لم استطع التداخل فيه لاننى كنت كمن يقف فى عزائه يستقبل المعزين ! لقد كان جزء من الدمار الذى اصاب الخرطوم فى عصر ( المشروع الحضارى ) .. و هذا ما دفعنا على العمل بجد للتوثيق لها .. حتى يعلم كل دخيل عليها اين يضع اقدامه !! التحية لك و كل ابناء الخرطوم الذين يدافعون عنها بالقلم و ليس البندقية
دمت
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الاستاذ يوسف
اشكر لك هذا الجهد الجبار والضخم اصعب شئ ان تكتب و توثق لتاريخ المدن و المناطق فما بالك اذا كانت هذه المدينة هى الخرطوم عاصمة البلاد و اذا اضفنا شح المعلومات و ضعف التوثيق و سيادة ثقافة المشافهة و الرواية عوضاً عن التدوين. و لذلك فكتابة و توثيق تاريخ مدينة ضخمة مثل الخرطوم يتطلب جهداً خرافياًو لذلك فما تقوم به جهد كبير و تشكر عليه كثير الشكر. فى اطراف الخرطوم بمساحات تاريخ نشأة الخرطوم ، كانت الكلاكلة ترتسم على الضفة الشرقية للنيل الابيض و تتواصل بالخرطوم فى العديد من المناحى الحياتية. و لعراقة مدينة الكلاكلة تاريخياً - و يمكن العديد من الناس يعتقدون ان الكلاكلة لم تنشا الا قبل خمسين او ستين عاماً- احببت ان اساهم مع جهدكم الضخم هذا بايراد شوارد متتالية و متسلسلة من تاريخ الكلاكلة.
المرجع : كتاب حصاد القرون( جزئين) من تأليف الدكتور سعدالدين محمد احمد
تاريخ الكلاكلة :
يرجع تاريخ الكلاكلة إلي حوالي 450 سنة تقريبا منذ قدوم الشيخ علي بن محمد بن كنه المشهور بـ(فتاي العلوم) إلى منطقة المنجزة ( المقرن حاليا ) قادما من الأزهر الشريف وهو من أصل ( كاهلي حميداني ) وأولاده يسمون الفتاياب ويرجع نسبه إلي الزبير بن العوام كما جاء في نفس العصر إلى هذه البقعة حمد الله بن محمد العوضي ( أولاده يسمون الكلاكلة ) ووطنه الأصلي جوير العوضية – غرب شندى فرع الجعليين الحميراب وتصاهر الاثنان وصار يشملهم اسم الكلاكلة. نزح الكلاكلة القدماء من المنجرة قبل اتخاذ الأتراك الخرطوم عاصمة لهم وحلوا بالأرض التي تسمى بالحصى والواقعة جنوب الحماداب وشجرة غردون وكانت خالية تقريبا إلا من بعض قبائل الكواهلة والصواردة الذين كانوا من الرعاة فحل عليهم الكلاكلة وقاموا بالزراعة وقطع الأشجار وعمروها برا وبحرا ونزح عنها الكواهلة والصواردة وبقي بها الكلاكلة. أصل التسمية :
سبب تسمية الجعليين العوضية بالكلاكلة تعود هذه التسمية إلى ( كلكلة) وهي أسيرة عاد بها ( حمد الله بن محمد العوضي ) من إحدى رحلاته إلى المنجرة أثناء متاجرته بالتمور وروي عنها أنها كانت مسترجلة وفارسة وهى بنت الملك حسب الله الذي كان يسكن غرب النيل الأبيض قبالة منطقة الكلاكلة التي كانت تسمى قديما (جبل المى ضحى) وتسمى حاليا ( فتاشة) وقد جعلها (حمد الله) لكي تدرب أولاده على ركوب الخيل وكانت تقول لهم (كلكلوا الخيل) وهى جملة تدل على إبراز الصدر للقوة والجري ولما سمع الناس منها ذلك أصبحوا يقولون لأولاد ( حمد الله ) أولاد كلكلة وهى فى الحقيقة ليست أمهم إنما أمهم هي فاطمة من بني الصفر الجعليين .
الكلاكلة فى عهد المهدية :
لما ظهر الإمام محمد احمد المهدي فى السودان وأعلن دولة المهدية كان بالكلاكلة العالمان الشهيران الشيخ عبد القادر ود أم مريوم بالكلاكلة القلعة والشيخ النذير خالد الماحي بالكلاكلة القبة ولما كان الشيخ عبد القادر اكبر سنا وأكثر شهرة في ذلك الحين من الشيخ النذير فقد عينه دولة المهدية أميرا وقاضيا بها وقام بدوره بإحضار الشيخ النذير للخليفة عبد الله التعايشي اثر معضلة علمية معينة فظهر علمه في حل تلك المعضلة فعينه الخليفة قاضيا ورفعه في سلك القضاة إلى أن وصل في أواخر دولة المهدية إلى مرتبة قاضيا للقضاة وبذلك أصبح في الكلاكلة قاضيان بدولة المهدية وعدد من الأمراء منهم على سبيل المثال العالم الأمير الفكي دفع الله بالكلاكلة قطعية الذي حشد قبيلة الكلاكلة حشدا في ميدان الجهاد . وتجدر الإشارة هنا إلى أن موقع الكلاكلة القريب من الخرطوم وشهرتها بين القبائل في عهد الأتراك العثمانيون جعل الأتراك يصنعون بوابة للقيقر ( الخندق الواقي) للخرطوم من الناحية الجنوبية الغربية أسموها بوابة الكلاكلة وقد عسكر جيش المهدي بقيادة النجومي في هذا المكان وانطلق منه ليلاً ليفتح الخرطوم وموضع بوابة الكلاكلة اليوم هو ( كبري الحرية) والبوابة الأخرى كانت (بوابة المسلمية) ومكانها اليوم كبرى المسلمية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: KOSTA)
|
الاخ KOSTA
الكلاكلة من الاماكن القديمة بولاية الخرطوم و لها دورها فى التاريخ " الحديث " لمدينة الخرطوم . المراجع المتوفرة لدينا تشير الاحياء الفديمة التى لعبت دور مؤثر فى عمارة و تطور الخرطوم و كان لها اثر واضح فى تحضر و رقى مواطنيها . سنضم هذه المعلومة عندما نتكلم عن احياء الخرطوم بشكل مفصل . نتوقع مشاركة ابناء الكلاكلة خاصة بعد تكوينهم لرابطة الخرطوم بمنطقة مكة المكرمة " اليوم الجمعة " بالمساهمة فى هذا التوثيق !
PONOO KOSTA GRATCE
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الاخ يوسف بوست الخرطوم الاهليه فعلا كان شئ مؤلم , ويعلم الله فى اللحظات التى كنت اصور الموقع كنت فى لحظة غضب بل وصوتى كان عاليا وانا اعبر عن استيائى مما لفت نظر الماره والباعه فى ممرات المدرسه, ويمكن واضح فى احد اللقطات عندما كان مرافقى الاخ فيصل حمدتو يطلب منى الهدوء.
وكان تعبير الاخ المهندس/ سيف الدوله محمد احمد الامين(العضو الجديد بالمنبر )تعبير معبر للحالة اصبحت عليها خرطومنا, للاسف عندما قال لى انا واحد من الناس الان لا استطيع ان استخرج بدل فاقد لشهاداتى الدراسيه نسبة لعدم وجود المدارس اصلا, وهو يعنى..... مدرسة الخرطوم شرق الاوليه مدرسة الخرطوم الاهليه الوسطى و مدرسة الخرطوم القديمه
و معه حق
ساحاول انزال الرابط الخاص بمدرسة الخرطوم الاهليه من الارشيف انشاء الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: حيدر امين)
|
الاخوين ماضى و حيدر
فجيعتنا فى كل الاماكن التى كان لها فى حياتنا اثر بالغ لا توصف و المؤلم حفا انها ازيلت عن قصد .. و لكن هل ازالة الاماكن تلغى التاريخ ؟؟ لذلك نحن نجتهد للتوثيق لتاريخ مدينتنا من اجل أبنائنا و الاجيال القادمة .. سنوثق لكل معلم من معالمها و لكل مؤسسة او تجمع و لكل فرد من مواطنيها .. ممن منحوها الريادة و وهبونا و زرعوا فينا المعرفة و الخلق القويم و محبة هذا الوطن فكانت هى فى الريادة و كنا نحن حملة اعلامها .. اخوتى كل رابط عن الخرطوم مهم .. و كل معلومة او صورة تعضد مكانتها و دورها التاريخى مهمة للغاية .. ارجو ان تعملوا على توفيرها لهذا التوثيق .. و لنتضامن حتى يعرف الناس الخرطوم و اهلها " الاصليين " مش " التجاريين "
مودتى
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
التمثيل الدبلوماسي :
لما كان معظم الأوربيين في الخرطوم من التجار كان لابد من وجود ممثلين سياسيين لبلادهم لرعاية مصالحهم و تذليل الصعاب التي تقوم بينهم و بين حكومة الخرطوم . و ما الاحتجاج الذي تقدم به نواب القناصل الأوربيين في الخرطوم برئاسة قنصل ( النمسا ) إلى الخديوي ( عباس باشا ) ضد الحكمدار ( عبد اللطيف باشا ) – الذي كان يحتكر تجارة النيل الأبيض – إلا مثالا لهذه الرعاية التي كانت مطلوبة لادارة شئون الأجانب و مصالحهم . كما كان الموظفين و الرحالة و المستكشفين هم أيضا في حوجة لمثل هذه الرعايا . و من مظاهر التمثيل الدبلوماسي في الخرطوم إن الممثل السياسي كان بدرجة ( نائب قنصل ) حيث كانت مقر القناصل بمصر . على أن بعض نواب القناصل كانوا لا يمتون بصلة بالدولة التي يمثلونها ، فهم ليسوا منها و أحيانا لا يعرفون لغتها . كما أن بعضهم كان الوحيد من أبناء وطنه بالخرطوم . في نفس الوقت كانت المدينة تخلو فيه من ممثل سياسي لحكومة لها في المدينة عدة أفراد . و من اجل ذلك كان بعض القناصل يمثلون اكثر من دولة لدى حكومة الخرطوم . كان معظم نواب القناصل من التجار في العادة ، و ممن أقاموا في المدينة مدة طويلة . و كان يعيب الجمع بين عملهم القنصلي و اشتغالهم بالتجارة تغيبهم لفترات طويلة خارج الخرطوم لدواعي عملها التجاري . كما كان يعيب بعض نواب القناصل جمعهم بين تمثيلهم لبلادهم و شغلهم لبعض الوظائف في حكومة الخرطوم . كان يبدو انه لم تكن هناك سياسة مرسومة تخطط لدورهم و عملهم بالانضباط المعروف . و مثال لذلك انه في الوقت الذي كان بعضهم يتاجر بالرقيق و يحمى رعاياه العاملين في تلك التجارة ، كان يلجأ إلى مقاومة هذه التجارة عند أهل البلاد ، بل اكثر من ذلك كان يتعرض لاملاك البعض بتشجيع رقيقهم على الهرب أو التحرر . و لما كان معظم القناصل ممن طالت مدة إقامتهم بالسودان فقد أدى ذلك لانفعالهم و اهتمامهم بالقضايا و المسائل التي تهم البلاد . فقد وضح ذلك في اهتمام نائب القنصل الفرنسي ( لويس فرسيون ) بربط السودان بالخارج بالسكة الحديد اهتماما حمله على عرض وجهة نظره في هذا الموضوع على وجهاء الخرطوم و شيوخ القبائل المتوقع مرور خط السكة الحديد بمناطقهم و رفع بذلك التماس إلى الخديوي و قنصل عام فرنسا بمصر . حيث عرض عليهم أن تمر السكة الحديد بطريق بربر – سواكن . كما أن بعض نواب القناصل اسهموا بشكل واضح في الكشف عن بعض الجهات و التي كانت مجهولة في البلاد . كما ساعدوا في طبع و نشر الكثير من الكتب و المقالات عن طبيعة الجهات التي كانت جابوها في البلاد . منهم ( فثيبو ) نائب القنصل الفرنسي و الذي صحب القبطان ( سليم ) التركي في رحلة أعالي النيل الأبيض الاستكشافية . ثم أيضا ( بترك ) و ( هجلن ) نائبا القنصل الإنجليزي و النمساوي على الترتيب كان لهما الفضل فى اكتشاف بعض جهات بحر الغزال . أول قنصلية افتتحت في الخرطوم كانت القنصلية ( الفرنسية ) و كان ذلك في سنة 1830م ، و كان أول قنصل بها هو التاجر الفرنسي ( ثيبو ) و الذي بقى ممثلا لبلاده حتى سنة 1869م حين توفى . و خلفه مواطنه ( لافار ) الطبيب البيطري و تاجر الصمغ العربي الناجح ، و استمر يمثل بلاده حتى وفاته سنة 1871م . و جاء بعده ( فوسيون ) و الذي مثل بلاده سنتي 1881 – 1882م ، و كان هو الوحيد بين رجال البعثات الأجنبية الذي أرسل خصيصا مباشرة كقنصل لحكومته بالخرطوم . و ما بين سنتي 1882 – 1884 قام كل من التاجر الفرنسى المشهور ( البير ماركيت ) و ( مسيو هربن ) بتمثيل بلدهما لدى حكومة الخرطوم بالترتيب . تأخر افتتاح القنصلية البريطانية في الخرطوم حتى سنة 1849م و كان سبب ذلك انه لم يكن في الخرطوم وقتئذ غير إنجليزي واحد هو التاجر ( بترك ) . و علاوة على ذلك كانت مصالحها التجارية في السودان كانت تجرى في سهولة و يسر . حيث كانت تجارة ( العاج ) أهم مصادر التجارة بالدولة في العهد التركي و كانت محتكرة بواسطة الحكومة إلا أنها كانت تهرب و تتلقفها الشركات الإنجليزية في الهند عن طريق سفنها الراسية بالقرب من ميناء ( سواكن ) و هذا ما حمل بريطانيا على عدم الاهتمام بافتتاح قنصلية لها بالخرطوم وقتها . و لكن سنة 1848م و بعد تحرير تجارة العاج و معها تحرير كل التجارة بالسودان رأت بريطانيا أن هناك ما يبشر بتقدم التجارة و نموها بدرجة كبيرة بالخرطوم . و كان اهتمام بريطانيا كبيرا بالقضاء على تجارة الرقيق خاصة بعد زيارة الرحالة الإنجليزي ( هولرويد ) إلى السودان في سنة 1837م و نشره تقريرا عن هذه التجارة . و نتيجة لكل هذه الظروف افتتحت القنصلية البريطانية في الخرطوم سنة 1849م . و كان أول نائب قنصل لها هو ( بلودن ) ثم خلفه التاجر ( بثرك ) سنة 1859م ، و استمر يمثل بلاده حتى 1864م حيث لغلقت القنصلية بسبب الشكوك التي حامت حول اشتراكه في تجارة الرقيق . إلا أن النمو المطرد للتجارة في السودان كان موضع اهتمام الكثير من رجالات بريطانيا ، و مع ذلك لم يعاد افتتاح القنصلية البريطانية إلا سنة 1882م بعد احتلال بريطانيا لمصر 1882م . وطول هذه الفترة كان ( روسى ) نائب قنصل ألمانيا هو الذي يقوم بالاعتناء بمصالح بريطانيا بالسودان . و بعد افتتاح القنصلية عين لها كل من ( بيكر ) و ( ميفيل ) نائبين للقنصل على الترتيب إلا انهما لم يصلا إلى الخرطوم لقيام الثورة المهدية في البلاد . مما دفع بريطانيا على تعيين ( باو ) نائبا للقنصل سنة 1883م و كان وقتها مراسلا لجريدة ( التيمز ) البريطانية و مقيما بالخرطوم . أما القنصلية النمساوية فقد ارتبط افتتاحها بقصد مساعدة الإرسالية الكاثوليكية بالبلاد . وهكذا افتتحت القنصلية النمساوية سنة 1851م وخاصة إن البضائع التي كانت ترسل و توزع عن طريق الإرسالية الكاثوليكية كانت تغطى جهات واسعة من أفريقيا . أول نائب قنصل للنمسا كان هو ( الدكتور / رتز ) و مع انه توفى سنة 1853م إلا انه استطاع أن يوثق صلته مع كثير من مشائخ القبائل العربية بمنطقة الخرطوم . أما في فيما بين عامي 1853 – 1862 فقد ملأ المنصب ( هجلن ) عالم الطبيعة و المستكشف . 1862م عين ( هنزل ) نائبا للقنصل – كان أول مجيء له سنة 1853م – ضمن بعثة الإرسالية الكاثوليكية حيث درس في مدرستها حيث كانت له أبحاث قيمة عن جنوب السودان نشرت في كثير من المجلات الأوربية . حيث كان منزله محط السائحين و المستكشفين ، و عرف عنه تحدثه للعربية بلسان قبيلة ( البارى ) . و قد ظل كأهم شخصية أوربية في الخرطوم حتى وفاته سنة 1885م عند سقوط الخرطوم . كان لدول أوربية أخري عديدة تمثيل قنصلي بالخرطوم كالمانيا و سردينيا و إيطاليا و اليونان كما كان للولايات المتحدة الأمريكية ممثل سياسي بالخرطوم . و بذلك يكون الأوربيين بالخرطوم يكونون كما قال ( ليجان : أوربا صغيرة غير فاضلة ) و عند ( هجلن : جمهورية صغيرة قامت تحت ظروف اجتماعية بسيطة غير محددة ، يحيا فيها الفرد بلا مسئوليات كبيرة و مطالب روحية ) . فقد كانت الجماعات الأولى من الأوربيين التي وصلت إلى الخرطوم بعد الفتح التركي : تجارا مفلسين و مجرمين عتاة جاءوا ليجربوا حظهم في جمع الثروة أو ليحفروا قبورهم بأيدهم غير خائفين من خسارة شئ لانهم لا يملكون شئ . مما زاد من انزلاقهم إلى كل ما هو بعيد عن الفضيلة و اتصاف نفوسهم بصفات الفساد و الغش و العنف .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
الخرطوم : مزيجا من مجتمعات متباينة فى العادات و التقاليد :
كانت الخرطوم طوال عهد الحكم التركي و البريطاني قبل أعوام قليلة من انتصار الثورة المهدية لا تخلوا الحياة فيها من ملامح المستعمرة الأوربية ، و هو ما كان سائدا في كثير من الأقطار الأفريقية بعد الغزو الأوربي لها و استعمارها . كان لدخول الأتراك إلى السودان و كما ابنا فقد دخل معهم العديد من الجنسيات الأوربية و العربية ، صاحب ذلك دخول العديد من العادات و التقاليد و الممارسات الحياتية و التي كانت في اغلب الأحيان لا تخلو من السلبيات أو مظاهر الفسق و الانحلال . كانت منازل الأجانب في الخرطوم واسعة تزدحم جدرانها بمجموعات من التحف و الأوان و الأسلحة كان اغلبها من منتجات جنوب السودان . معظم هذه المنازل كان يطل على ضفة النيل الأزرق أو غير بعيدة منه وفى أجزاء من هذه المنازل كانت تقام الحدائق وكانت فى الحقيقة عبارة عن متحف للنباتات و الحيوانات علاوة على أنها ركن مريح يضم شمل أهل المنازل و ضيوفهم في الأمسيات . و بينما النسوة يمضين اكثر الأوقات فيها كانت أروع الأوقات عند الرجال عندما يتجهون بخيولهم بآلاتها المجرورة المختلفة من تركية و سودانية و إفرنجية – قبيل شروق الشمس و غروبها – إلى السهل الواقع جنوب الخرطوم حيث الراحة و المتعة . كانت دار الإرسالية الكاثوليكية محل أفراحهم جميعا و باختلاف مذاهبهم ، حيث كانت موسيقى الجيش من ضرورات هذه الأفراح . و كان لكل جماعة من الأوربيين ( صالونها ) ، و قد عرفت هذه الصالونات أوراق اليانصيب ( اللوترى ) و كثيرا ما كانت تعج بها الموائد في المناسبات المختلفة بالمدينة . كانت هذه الصالونات تقدم فيها الخدمات بكل أنواعها طبقا للعادات و التقاليد الأوربية . كانت هذه الصالونات تتلقف النزيل الجديد لتتعرف منه على أخبار العالم الخارجي . و كان كبار الترك و المصريين و كبار التجار السودانيين رؤوسا مهمة في تلك الصالونات . لم يكن يفوت هذه الصالونات الإحساس بالحوادث الجارية كالاحتفال بذكرى عزيز مات أو الاحتفال بوداع أخر . كما لم يكن يفوتها الاحتفال بالمناسبات المهمة . فقد احتفل المكتشف الروسي ( يونكر ) سنة 1879م بعيد راس السنة الميلادية و ازدان الحفل ببنود من بلاده على ضوء المصابيح الملونة . وفى نفس العام أقامت القنصلية النمساوية حفلا كبيرا بمناسبة ذكرى ميلاد الإمبراطور ( فرنسوا جوزيف ) ازدان الحفل بالغناء و الموسيقى و مآدب الأكل من مختلف الأنواع . كان ذلك هو أول عهد للخرطوم بهذا النوع الاحتفالات و المناسبات المختلفة التي جلبها الأجانب مع دخولهم للمدينة . كانت العلاقة بين الأوربيين – خاصة الكبار منهم – و المواطنين طيبة و ممتدة ، فهاهو ( الدكتور ريتز ) نائب قنصل النمسا يستضيف مشايخ المنطقة ما بين البحر الأحمر و النيل بدار القنصلية سنة 1852م . و عند وصولهم إلى الدار رحب بهم على الطريقة السودانية وسط عزف الموسيقى واستعراض للألعاب النارية و تقديم المشروبات و الطعام . و مما ساعد على تقوية أواصر العلاقة هذه انه كان من بين الأوربيين من تعود عاى العادات المحلية و تعلم شئ من اللغة العربية بحكم طول الإقامة في الخرطوم . و ان الوطنيين ألفوا رؤيتهم في كل مكان بل كانوا يرون نسائهم غير متورعات عن السير بينهم في الأسواق و طرقات المدينة . ولم يكن اختلاف الدين بين الأوربيين و المواطنين يخلف شئ في نفوسهم . فقد كان ( الآباء) الكاثوليك محل احترامهم و كانوا ينادون الأب ( منتورى ) – أبونا الخواجة - و ( الدكتور نوبلخر ) رئيس البعثة الكاثوليكية – أبونا سليمان - . و لم يحدث طوال الحكم التركي ما أساء إلى مشاعر المسيحيين ، إلا حادثا رأى فيه الأوربيون اعتداء على عقيدتهم . فقد حدث سنة 1880 ان اسلم طالب – من قبائل الجنوب – كان من تلاميذ مدرسة الإرسالية الكاثوليكية و احتفلت الخرطوم بهذه المناسبة احتفالا كبيرا . و أهدى أعيان المدينة الطالب الذي اسلم الهدايا و اعدوا موكبا كبيرا يتوسطه الطالب المسلم مرتديا الملابس العربية و راكبا حصانا مزينا يتقدمه الراقصون و من ورائهم جمع كبير من المواطنين على رأسهم رجال الدين و الطرق الصوفية . ومما زاد من استياء الأوربيين ان مدير الخرطوم رخص بخروج الموكب . يتضح مما سبق عرضه ان مجتمع الخرطوم كان – في الواقع – مزيجا من مجتمعات متباينة فى العادات و التقاليد . وما أزياء أهل المدينة إلا مظهرا من مظاهر هذا التباين . فقد كان معرضا لأزياء أهل الأرض . فهذا يلبس زيا إفرنجيا مع ( الطربوش ) و ذاك يلبس الزي التركي القديم ، و يرتدى رجال البعثة الكاثوليكية ( القفطان ) الأبيض المزرر من الجانبين و فوقه سترة طويلة سماوية اللون بأكمام واسعة . أما ( القساوسة القبط ) فيرتدون القفطان و الجبة أو ( الزعبوط ) . أما لباس الرأس فقد كان اكثر تباينا ، فرجال البعثة الكاثوليكية يضعون فوق رؤوسهم ( طربوشا ) بزر ازرق حريري يبدل عند الزيارات بعمامة بيضاء . و لباس الجند ( الباشبوزق ) هو الطربوش المضلع ، أما لباس الأهالي ( العمامة ) و هي كانت متباينة فمنها العمائم المصرية و السودانية و السورية و الهندية و التركية و البخارية .. إلى غير ذلك من ألبسة الرأس لبعض الجنسيات الأخرى . مر الرحالة ( بايارد تيلر ) ذات يوم بهذا الشريط من التباين في الخرطوم . فقد تناول الطعام على الطريقة العربية عند مضيفته السلطانة ( نصرة ) - ابنة آخر ملوك الفونج – و الشراب و القهوة على الطريقة التركية عند الحكمدار ، أما الشاي المهيأ على الطريقة الإنجليزية الصحيحة فكان لدى أحد اصدقاه من البريطانيين . ومع ان مجتمع الخرطوم يضم هذا المزيج المتباين من السكان إلا انه كان يربط بين أخلاقهم جميعا التنكب عن طريق الفضيلة و الانطلاق الخالي من الضوابط الاجتماعية . و يرجع ذلك قبل كل شئ لازدهار ( تجارة الرقيق ) ، ثم الشعور بالوحدة و الوحشة عند معظم البيض من الأجانب ، و خلو الحياة من نواحي قضاء أوقات الفراغ بشكل مجد . و أدى ذلك إلى ظهور بعض الممارسات اللا أخلاقية لم تكن معروفة للسكان الأصليين لمنطقة الخرطوم ذوى الخلق الديني القويم .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: عبدالرحمن عبدالله أبوشيبة)
|
اخى عبدالرحمن
شكرا على المرور الكريم
هناك روايتان لهذه التسمية :
الاولى تنسب الاسم الى حاج الامين ود " تمساح الكدرو " عندما تصدى للانجليز عند محاولتهم للاستيلاء على منطقتى " الكدرو " و جزيرة " توتى " و كانتا من المناطق المميزة للسكن فى منطقة الخرطوم و عرفتا ايضا بجوهما الصحى و قابليتهما الى التحول الى مناطق سياحية. اما الثانية فتنسب الى الشيخ الجليل المرحوم / الشيخ مصطفى الامين رجل الاعمال و التاجر الكبير بعد ان ذاع صيته بين تجار الخرطوم . و المعروف ان الشيخ / مصطفى الامين من اهلنا الجعليين ، لذلك كان اهله الجعليين عند سفرهم الى الخرطوم يقولون " ماشين خرطوم ود الامين " نحن الان نسعى لتأكيد الروايتان او اذا كانت هناك مناسبة اخرى لهذه التسمية . يعمل على هذه المعلومة الان استاذ الاجيال و المربى الكبير / الغالى عبد الحافظ الاصم و سنفيدك اخى عبد الرحمن بما هو اكيد .
شكرا على هذه المداخلة القيمة و هذه الصور القيمة لعملتنا عندما كانت بحق عملة محترمة و ملزمة للسداد .
كامل احترامى يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
فى نفس الوقت تصوير غردون باشا على انة يمثل الحضارة الاوربية فى رفضها لتجارة الرقيق و تصويره المبادر فى إقاف هذه التجارة فى السودان و يتجاهلون دوره القمئ فى حرب الافيون عندما إستعصت علية إخماد الثورة فى الصين فحاربهم بتوفير الافيون للشعب الصينى حتى صارو شعب من المدمنين و لعقود حتى قامت الثورة الصينية بقيادة - ماو تسي تونق - فحاربت الادمان و قضت على تجارة الافيون – و قد رشح غردون باشا لتولى مقاليد الحكم فى السودان لنجاحه فى اخماد ثورة الصين بهذه الريقة (الحضارية) و لنا أن نتخيل مصير الشعب السودانى لولا أن ثورته(المهدية) لم تقم إلاعلى أساس دينى , و ما قبل المهدية و بحسب طبقات ود ضيف الله فدور الفقهاء فى المملكة الزرقاء فى محاربة التمباك واضح (ظهر التمباك فى بدايات السلطنة الزرقاء قادما من اليمن فتصدى الصوفية لهذه الظاهرة و قد حرمه الشيخ إدريس ود الارباب)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: ماضي ابو العزائم)
|
كتب الاخ KOSTA
Quote: وتجدر الإشارة هنا إلى أن موقع الكلاكلة القريب من الخرطوم وشهرتها بين القبائل في عهد الأتراك العثمانيون جعل الأتراك يصنعون بوابة للقيقر ( الخندق الواقي) للخرطوم من الناحية الجنوبية الغربية أسموها بوابة الكلاكلة وقد عسكر جيش المهدي بقيادة النجومي في هذا المكان وانطلق منه ليلاً ليفتح الخرطوم وموضع بوابة الكلاكلة اليوم هو ( كبري الحرية) والبوابة الأخرى كانت (بوابة المسلمية) ومكانها اليوم كبرى المسلمية. |
تشكر أخى الايراد هذه المعلومة و إن كنت أعتقد ان التسلسل فى السرد الذى إنتهجه الاخ يوسف لم يصل لهذه الجزئية بعد , لكن لا باس أن نورد حولها بعض كلمات :- بعد إكتمال شكل الخرطوم (فى العهد التركى) بنى حولها سور يبدأ غرب حلة برى على النيل الازرق فى شكل قوس نصف دائرى إلى الحدود الغربية من غابة الخرطوم على النيل الابيض و كانت له ثلاثة بوابات , بوابة الكلاكلة و بوابة المسلمية و بوابة برى , هذا السور كان من تحصينات غردون الاساسية حيث ركز على مناطق الضعف فية وهو منطقة التقاء السور بالنيل الازرق و النيل الابيض حيث إعتمد فى تحصين المدينة على وجود النهرين ، المنطقة الاضعف كانت على النيل الابيض و ذلك لسببين:- إتساع الشاطئ فى هذه المنطقه. جرف النيل الابيض أقل عمقا من النيل الازرق. قربها من معسكر جيش المهدى بعد الفتح الثنائى و إنشاء السكك الحديدية(وقد كانت جزء اساسى فى إستراتيجية كتشنر العسكرية) ازيل سور الخرطوم و اقيم مكانه سد ترابى ثبتت فيه قطبان السكه حديد(وهو القائم إلى اليوم و المشاهد بوضوح شرق الجامعة و غرب البرارى) و محل البوابات أنشأت الانفاق و الكبارى فكان نفق برى القديم و الاقرب الى النهر محل بوابة برى و كبرى المسلمية مكان بوابة المسلمية(الاتجاهها على مدينة المسلمية) و كبرى الكلاكلة مكان بوابة الكلاكلة , فى فترة حكم عبود اختط شارع الحرية و سمى الشارع و الكبرى بنفس الاسم
من الشهادات السماعية و التى ذكرت لى مباشرة من الخال أحمد حسن الضو أمد الله فى عمرة أن كبرى المسلمية لم يوضع بالضبط فى مكان بوابة المسلمية و ذلك مراعاة لبعض المتنفذين و القاطنين قرب المكان التاريخى للكبرى فحول غرب مكانة الاساسى فلو لاحظتم أن الحركة فى الكبرى محدودة بالمستشفى و المطافى من الجانبين ودى ماضى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: ماضي ابو العزائم)
|
شكراً للاخ ماضى على المداخلة و الاضافة الثرة يبدو اننى لم الحظ ان الاخ يوسف يسير بتسلسل مقصود فى سرد تاريخ المدينة فلى و له و لك العذر يعجبنى هذا الدمج ما بين تاريخ و جغرافية و ديمغرافية المدينةالعريقة ارجو ان نمضى جميعاًبهذا البوست نحو غاياته السامية من التوثيق لهذه المدينة الأم
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: KOSTA)
|
الاخ كوستا
تحية خرطومية متجددة
حقيقة و كما اشرت فى بداية هذا التوثيق انه سيغطى الفترة ما بين 1820-1885م . لان البنية التحتية لمدينة الخرطوم بدأ لها و بقوة فى العهد التركى . كما ان السمات العامة لمجتمع الخرطوم بدأت فى التبلور ايضا فى هذا العهد . ثم ان الكثير من عادات و تقاليد اهل الخرطوم اكتسبوها من خلال هذه الفترة . هذا المزيج الكثيف للاعراق و الجنسيات المختلفة ثم دخول ثقافات و عادات و تقاليد جديدة واختلاطها بالدم العربى و الزنجى و ثقافة اهل السودان اوجد دماء و عناصر جديدة ، و بالتالى ثقافة حياة جديدة كان لها اثرها و دورها الكبير جدا فى تشكيل الشخصية الخرطومية المتفردة . بالرغم من تعدد المراجع التى وثقت لهذه المرحلة الا اننا ركزنا على الاكثر حيدة منها حتى نكون بقدر الامكان بجانب المعلومة الصحيحة . و بما ان هذه المرحلة من التوثيق شارفت على نهايتها - من جانبنا فقط - الا ان النقاش سيستمر فيها لاضافة و تصحيح و تعديل كل ما ذكر و اتمنى مشاركة كل سودانى و ابناء الخرطوم بصفة خاصة حتى يرى هذا التوثيق النور وهو اكثر شمولا و دقة . المرحلة القادمة من التوثيق ستشمل تاريخ الخرطوم 1885 - 1955م . وهى من الفترات الهامة فى تاريخ السودان عامة و الخرطوم بصفة خاصة و قد يحتاج الاعداد لها زمن و جهد كبيرين .
ارجو ان نبقى معا جميعا لاكمال هذا العمل القومى الهام
ودى و مودتى للجميع
(ع/ م)
يوسف محمد يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
ملامح من مجتمع الخرطوم :
من الملامح الواضحة لمجتمع الخرطوم أن ليلة من لياليه لا يمكن أن تمر دون أن تحييها جماعة من ( العوالم ) . و قد زاد عدد هذه الجماعات منذ عهد الخديوي ( عباس باشا ) الذي طرد من القاهرة إلى الخرطوم الكثير منهن . وقد افاض الرحالة و المستكشفون من زوار الخرطوم في وصف الحفلات التي تحييها هذه الجماعات من حيث أنواع القص و الغناء و جنسيات أفرادها وما ترتدينه من ملابس و طريقة تصفيف شعورهن و ما إلى غير ذلك . كانت هذه الجماعات تدعى لاحياء حفلات الزواج و الولادة و الطهور أو الترحيب بضيف أو وداع آخر كما كانت تدعى في المناسبات العامة . و كان يشترك جميع سكان الخرطوم من أفقر فقير حتى الحكمدار في الاستمتاع بمثل هذه الحفلات . كانت هذه الجماعات تعمل تحت رئاسة متعهد متخصص بشئونها المالية أما الناحية الفنية فكانت هناك ( عالمة ) مختصة . كانت ( الغوازي ) من القبائل الزنجية يرقصن و هن مرتديات ( الرحط ) ، أما المصريات فرداؤهن السترات الحريرية و البنطلونات الواسعة الزاهية الألوان . و كن جميعا يرقصن على أنغام الآلات موسيقية عرفت في تلك الأيام ، و يقدمن من الرقص أنواعا عديدة منها المصري و التركي و الأوربي ، و لكل نوع من هذه الرقصات ( بدلته ) أو زيه الخاص . أما المغنيات فكن يغنين الأغاني المصرية و السودانية و أحيانا الحبشية . و في السنوات الأخيرة من الحكم التركي كانت هذه الجماعات – علاوة على ذلك – بعض فصول من التمثيل و الأدوار المضحكة في بيوت كبار رجالات المدينة . كانت الحفلات تقام في الحدائق و الأفنية داخل المنازل أو في الساحات أمامها . و كان مكان الحفل في الأوساط الراقية يحاط ( بالعناقريب ) التي يضجع عليها المدعوون في جوانب ثلاثة أما الجانب الرابع فكان يخصص لمسرح الغناء و الرقص . و مع هذا الدوي الذي كان يملأ المدينة بمجتمعها الكبير كانت خالية من الفنادق و المطاعم . فإذا كان النزيل غير ذي مال فلعيه أن يتجه إلى ( بيت الاضياف ) الذي أقيم في جنوب المدينة و كان يعرف ( بسبيل عبده أفندي ) و قد عرف هذا المكان بفنائه الكبير الحاوي لبئر ماء و بعض الحجرات . أما الرحالة الأجانب فعليهم أن يقيموا عند أحد مواطنيهم من سكان مدينة الخرطوم ، أو يستأجروا منزلا مهما صغرت فترة بقائهم بالمدينة . أما الموظف الحكومي فكانت الإدارة مسئولة عن إسكانه . كان مدير الخرطوم يهتم جدا بإسكان نزلاء المدينة ، فيشهد على عقود الإيجار أو يحل ( شيخ الربع ) محله في هذا الأمر . وقد دعت أزمة السكن في الخرطوم التاجر الفرنسي ( البير ماركيت ) إلى بناء عمارة كبيرة في شارع النيل غرب مباني الحكمدارية و قسمها إلى مساكن ( شقق ) و عرضها للإيجار و كانت بذلك أول عمارة سكنية تقام بمدينة الخرطوم . و بسوق المدينة كانت توجد بعض (المقاهي ) كان روادها من كبار التجار و الجلابة و الموظفين ، على إن معظم روادها كانوا من الترك والمصريين و خاصة الكبار منهم . كان المقهى مكان لتقصى الأخبار الجارية في البلاد و في مصر . كما كانت مكانا لعقد الاتفاقات التجارية بين رؤساء القوافل التجارية و الرحالة الأجانب . تقدم في هذه المقاهي المشروبات و المأكولات ، و بعض الألعاب مما لم تكن تعرفه البلاد قبل الفتح كالبلياردو و الشطرنج و النرد . اشهر مقهى كان و في السنوات العشر الأخيرة من الحكم التركي هو مقهى اليوناني ( جورجى تنسيارى ) بشارع النيل ، وبه بار و كان المحل المختار الذي يجتمع فيه الأوربيون خارج منازلهم . كانت ضفة النيل الأزرق تقدم لاهل الخرطوم متعة كبيرة . فهو لحلاوة مائه مصدرا لمياه الشرب عند القادرين منهم بالرغم من توفر الآبار في المنازل و غنائها بالماء طوال العام . كان الماء ينقل من النيل الأزرق إلى المنازل على ( قرب ) مصنوعة من جلود الحيوانات . و يتوقف نقل الماء منه إلى المدينة تماما يوم الأربعاء من كل أسبوع لاعتقاد الأهالي في نكدها – خاصة - الأربعاء الأخيرة من الشهر ، أما الأربعاء الأخيرة من نهاية السنة فهي انكدها و أسوؤها جميعا . لذلك فان الأهالي كانوا يزدحمون على الشاطئ في أيام الثلاثاء للتمون بالماء بما يكفيه لمدة يومين . و من المتع التي كان يوفرها النيل الأزرق انزلاق زوارق النزهة لبعض القادرين على مياهه ، بالإضافة إلى استحمام الجميع فيه و طنين و أجانب ذكورا و إناثا بالرغم من خطر التماسيح . و أهم مكان للزيارة في المدينة هو السوق ، و هو أول ما يزوره نزلاء المدينة من الأجانب . ما انه وسيلة طيبة بالنسبة للمواطنين لقضاء نزهو و\موفقة مع عوائلهم . أما زوار العاصمة من زعماء الجنوب فزياراتهم لمخازن السلاح و المطبعة و إدارة البرق و الترسانة كانت من الأهمية بمكان حيث كان هناك كل ما هو جديد . كانت فرقة الجيش تتقدم حامية الخرطوم أيام السبت والأحد و الاثنين من كل أسبوع في استعراض يخترق شوارع المدينة الرئيسية . كما تجرى في اغلب أيام الأسبوع لعبة ( الجريد ) التي يقوم بها الجند من ( الباشبوزق ) من الأتراك و المغاربة و الشايقية ، وهى تمثل مبارزات الحروب و الترامي بالسهام . و كان يحضر لمشاهدتها الكبار من أهل المدينة و أحيانا الحكمدار و نواب قناصل الدول . كما عرفت الخرطوم في الأيام الأخيرة من الحكم التركي حلقات ( الحاوي ) بألعابه المدهشة .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: يوسف محمد يوسف)
|
كتبالاخ يوسف
Quote: كان يبدو انه لم تكن هناك سياسة مرسومة تخطط لدورهم و عملهم بالانضباط المعروف . و مثال لذلك انه في الوقت الذي كان بعضهم يتاجر بالرقيق و يحمى رعاياه العاملين في تلك التجارة ، كان يلجأ إلى مقاومة هذه التجارة عند أهل البلاد ، بل اكثر من ذلك كان يتعرض لاملاك البعض بتشجيع رقيقهم على الهرب أو التحرر . |
Quote: و كان اهتمام بريطانيا كبيرا بالقضاء على تجارة الرقيق خاصة بعد زيارة الرحالة الإنجليزي ( هولرويد ) إلى السودان في سنة 1837م و نشره تقريرا عن هذه التجارة . و نتيجة لكل هذه الظروف افتتحت القنصلية البريطانية في الخرطوم سنة 1849م . و كان أول نائب قنصل لها هو ( بلودن ) ثم خلفه التاجر ( بثرك ) سنة 1859م ، و استمر يمثل بلاده حتى 1864م حيث لغلقت القنصلية بسبب الشكوك التي حامت حول اشتراكه في تجارة الرقيق
|
Quote: فقد كانت الجماعات الأولى من الأوربيين التي وصلت إلى الخرطوم بعد الفتح التركي : تجارا مفلسين و مجرمين عتاة جاءوا ليجربوا حظهم في جمع الثروة أو ليحفروا قبورهم بأيدهم غير خائفين من خسارة شئ لانهم لا يملكون شئ . مما زاد من انزلاقهم إلى كل ما هو بعيد عن الفضيلة و اتصاف نفوسهم بصفات الفساد و الغش و العنف . |
أعتقد يجب أن يفرد باب لهذا الموضوع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: ماضي ابو العزائم)
|
Quote: ملاقات التخريمه:
حيدر.. ماضى اصغر منى طبعا .. انا دفعة اخى و صديقى الراحل المقيم فى وجداننا ( محى الدين ابو العزائم ) طيب الله ثراه |
عذرا اخى يوسف اليوم فقط قرأت ماكتبته عن اخى الاكبر وإبن خالتى المرحوم محى الدين والذى مر على فراقه ثلاثة وثلاثون عاما ومازالت العيون تدمع حين نتذكره ونتذكر مواقف معينه و لانملك الا ان نقول انا لله وانا اليه راجعون.
وعذرا مرة اخرى على قطع تسلسل التوثيق المهم,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: حيدر امين)
|
تعداد السكان :
من الصعب تحيد عدد السكان في الفترات المختلفة من عهد الحكم التركي للسودان و يرجع ذلك لأنه لم يحدث أن تم تعداد لهم طوال الحكم التركي . هذا علاوة على تعرض المدينة دائما لغارات الأمراض و الأوبئة ، و للتذبذب الحتمي في عدد السكان عندما كانت تلغى الحكمدارية فتصبح الخرطوم عاصمة لمديرية كسائر المديريات ثم ترجع الحكمدارية مرة أخرى لتعود عاصمة للبلاد كلها . و لهذا كانت الأعداد التي قدرها الرحالة و غيرهم من زوار المدينة أعداد تقديرية بحتة . وأية ذلك التباين الكبير بين التقديرات و من أمثلتها إن الرحالة ( بثرك ) قدر العدد سنة 1849م بستن ألفا ، في الوقت الذي قدره الرحالة ( مللي ) تلك السنة بحوالي ثلاثين ألفا بينهم اثنا عشر ألفا من الجنود . و بالنظر لهذه التقديرات نجد أن سكان المدينة من المدنيين كانوا ستمائة فقط سنة 1827م . ثم ارتفع هذا العدد في أخر عهد خورشيد بك إلى خمسة عشر ألفا . و استمر العدد ثابتا حتى انخفض إلى ثلاثة عشر ألفا سنة 1843م ، وهى الفترة ما بين 1843 إلى 1845م و التي أصبحت فيها الخرطوم عاصمة لمديرية بعد أن كانت عاصمة لكل البلاد . و بعد رجوع الحكمدارية إلى الخرطوم بدأ عدد السكان في الزيادة تدريجيا . و لم يزيد هذا العدد عند رجوعها مرة أخري كعاصمة لمديرية ما بين 1857 – 1862م إلا انه و قبل نهاية هذه الفترة ازداد عدد السكان حتى وصل إلى الأربعين ألفا . وذلك لاتجاه أعداد كبيرة من التجار و البحارة و المغامرين ، ثم ازداد هذا العدد في السنوات الأخيرة من عهد الحكم التركي حتى بلغ حوالي السبعين ألفا سنة 1882م . و التعداد الوحيد الذي تم لسكان المدينة كان في سبتمبر 1884م و كان التعداد لربعة و ثلاثين ألفا ، مع اعتبار أن عدد كبير من الأجانب غادر الخرطوم منذ أن قامت الثورة المهدية . و كان من الصعوبات التي تواجه التعداد السليم للسكان هي تعرض أعدادهم للتغيير سنة بعد أخرى بسبب الهجمات المرضية و الاؤبئة التي كانت مظهرا حتميا من مظاهر الحياة في مجتمع الخرطوم . و قد قيل في ذلك أن أمراض الصيف كانت تحصد بشكل منتظم نصف سكان المدينة من البيض كل عام . نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخرطوم .. نشأتها و تاريخها ... للتوثيق (Re: ماضي ابو العزائم)
|
اخى ماضى
تحية طيبة
نعم أن هذا الموضوع يجب ان نفرد له باب كامل . فمن خلال مرورى على الكثير من المراجع وضح ان الاجانب و خاصة الاوربيين كان لهم دور كبير فى تجارة الرقيق . وبالرغم من ان الاتراك هم من بدأ هذا النشاط بقصد تجنيدهم فى جيوش الامبراطورية العثمانية هذا بالنسبة الى الرجال ، اما النساء فكن يتخذن كجوارى . بالنسبة لمدينة الخرطوم فهناك الكثير من المعلومات عن هذا الامر رايت ان لا اطرق لها لانها محزن . على سبيل المثال كان بعض الاجانب يملكون من الرقيق ما يفوق عددهم الاربعين فى كل منزل بالاضافة الى الاثر الاجتماعلى الخطير الذى خلفه انجاب بعض الاجانب من النساء (الجوارى ) . المعلومة متوفرة بغزارة لهذا الموضوع المحزن و الذى تسبب فيه الاجنبى بعد دخوله السودان و ان كان ذلك لا يعفى بعض الوطنيين ممن شاركوا فى هذا العمل .
فائق احترامى
يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
|